باب 10- الطينة و الميثاق

الآيات الأعراف وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ كُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ الأحزاب وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَ مِنْكَ وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً

 1-  سن، ]المحاسن[ أبي عن صالح بن سهل قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك من أي شي‏ء خلق الله طينة المؤمن قال من طينة الأنبياء فلن ينجس أبدا

 2-  سن، ]المحاسن[ بهذا الإسناد قال قلت لأبي عبد الله ع المؤمنون من طينة الأنبياء قال نعم

 3-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن محمد بن خالد عن فضالة عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال إنا و شيعتنا خلقنا من طينة من عليين و خلق عدونا من طينة خبال مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ

 بيان قال الجزري فيه من شرب الخمر سقاه الله من طينة الخبال يوم القيامة جاء تفسيره في الحديث أن الخبال عصارة أهل النار و الخبال في الأصل الفساد و قال الفيروزآبادي الخبال كسحاب النقصان و الهلاك و العناء و الكل و العيال و السم القاتل و صديد أهل النار و قال الحمأ محركة الطين الأسود المنتن و قال المسنون المنتن

   -4  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ شيخ الطائفة عن أبي منصور السكري عن جده علي بن عمر عن إسحاق بن مروان القطان عن أبيه عن عبيد بن مهران العطار عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن أبيه و عن جعفر بن محمد ع عن أبيهما عن جدهما قالا قال رسول الله ص إن في الفردوس لعينا أحلى من الشهد و ألين من الزبد و أبرد من الثلج و أطيب من المسك فيها طينة خلقنا الله عز و جل منها و خلق منها شيعتنا فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا و لا من شيعتنا و هي الميثاق الذي أخذ الله عز و جل عليه ولاية علي بن أبي طالب ع قال عبيد فذكرت لمحمد بن علي بن الحسين بن علي ع هذا الحديث فقال صدقك يحيى بن عبد الله هكذا أخبرني أبي عن جدي عن النبي ص

 5-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى و حدثنا أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني قال سمعت أبا جعفر ع يقول إن الله عز و جل لما أخرج ذرية آدم ع من ظهره ليأخذ عليهم الميثاق له بالربوبية و بالنبوة لكل نبي كان أول من أخذ عليهم الميثاق بالنبوة نبوة محمد بن عبد الله ص ثم قال الله جل جلاله لآدم ع انظر ما ذا ترى قال فنظر آدم إلى ذريته و هم ذر قد ملئوا السماء فقال آدم يا رب ما أكثر ذريتي و لأمر ما خلقتهم فما تريد منهم بأخذك الميثاق عليهم فقال الله جل و عز ليعبدونني و لا يشركون بي شيئا و يؤمنون برسلي و يتبعونهم قال آدم ع فما لي أرى بعض الذر أعظم من بعض و بعضهم له نور قليل و بعضهم ليس له نور قال الله عز و جل كذلك خلقتهم لأبلوهم في كل حالاتهم قال آدم ع يا رب فتأذن لي في الكلام فأتكلم قال الله جل جلاله تكلم فإن روحك من روحي و طبيعتك من خلاف كينونتي قال آدم يا رب لو كنت خلقتهم  على مثال واحد و قدر واحد و طبيعة واحدة و جبلة واحدة و ألوان واحدة و أعمار واحدة و أرزاق سواء لم يبغ بعضهم على بعض و لم يكن بينهم تحاسد و لا تباغض و لا اختلاف في شي‏ء من الأشياء فقال الله جل جلاله يا آدم بروحي نطقت و بضعف طبعك تكلفت ما لا علم لك به و أنا الله الخلاق العليم بعلمي خالفت بين خلقهم و بمشيتي أمضي فيهم أمري و إلى تدبيري و تقديري هم صائرون لا تبديل لخلقي و إنما خلقت الجن و الإنس ليعبدوني و خلقت الجنة لمن عبدني و أطاعني منهم و اتبع رسلي و لا أبالي و خلقت النار لمن كفر بي و عصاني و لم يتبع رسلي و لا أبالي و خلقتك و خلقت ذريتك من غير فاقة بي إليك و إليهم و إنما خلقتك و خلقتهم لأبلوك و أبلوهم أيكم أحسن عملا في دار الدنيا في حياتكم و قبل مماتكم و كذلك خلقت الدنيا و الآخرة و الحياة و الموت و الطاعة و المعصية و الجنة و النار و كذلك أردت في تقديري و تدبيري و بعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم و أجسامهم و ألوانهم و أعمارهم و أرزاقهم و طاعتهم و معصيتهم فجعلت منهم السعيد و الشقي و البصير و الأعمى و القصير و الطويل و الجميل و الذميم و العالم و الجاهل و الغني و الفقير و المطيع و العاصي و الصحيح و السقيم و من به الزمانة و من لا عاهة به فينظر الصحيح إلى الذي به العاهة فيحمدني على عافيته و ينظر الذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني و يسألني أن أعافيه و يصبر على بلائه فأثيبه جزيل عطائي و ينظر الغني إلى الفقير فيحمدني و يشكرني و ينظر الفقير إلى الغني فيدعوني و يسألني و ينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ما هديته فلذلك خلقتهم لأبلوهم في السراء و الضراء و فيما عافيتهم و فيما ابتليتهم و فيما أعطيتهم و فيما أمنعهم و أنا الله الملك القادر و لي أن أمضي جميع ما قدرت على ما دبرت و إلى أن أغير عن ذلك ما شئت إلى ما شئت فأقدم من  ذلك ما أخرت و أؤخر من ذلك ما قدمت و أنا الله الفعال لما أريد لا أسأل عما أفعل و أنا أسأل خلقي عما هم فاعلون

 ختص، ]الإختصاص[ هشام بن سالم مثله بيان قوله تعالى من روحي أي من الروح الذي اصطفيته و انتجبته أي من عالم المجردات أو من عالم القدس و طبيعتك من عالم الخلق و الجسمانيات أو مما هو معدن الشهوات و الجهالات فبطبيعتك و بشريتك سألت ما سألت و الذميم و المذموم و في بعض النسخ بالدال المهملة يقال رجل دميم أي قصير قبيح

 6-  ع، ]علل الشرائع[ أبي رحمه الله عن سعد بن عبد الله عن محمد بن أحمد السياري عن محمد بن عبد الله بن مهران الكوفي عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي إسحاق الليثي قال قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر ع يا ابن رسول الله أخبرني عن المؤمن المستبصر إذا بلغ في المعرفة و كمل هل يزني قال اللهم لا قلت فيلوط قال اللهم لا قلت فيسرق قال لا قلت فيشرب الخمر قال لا قلت فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش قال لا قلت فيذنب ذنبا قال نعم و هو مؤمن مذنب مسلم قلت ما معنى مسلم قال المسلم بالذنب لا يلزمه و لا يصير عليه قال فقلت سبحان الله ما أعجب هذا لا يزني و لا يلوط و لا يسرق و لا يشرب الخمر و لا يأتي كبيرة من الكبائر و لا فاحشة فقال لا عجب من أمر الله إن الله عز و جل يَفْعَلُ ما يَشاءُ و لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ فمم عجبت يا إبراهيم سل و لا تستنكف و لا تستحسر فإن هذا العلم لا يتعلمه مستكبر و لا مستحسر قلت يا ابن رسول الله إني أجد من شيعتكم من يشرب و يقطع الطريق و يحيف السبيل و يزني و يلوط و يأكل الربا و يرتكب الفواحش و يتهاون بالصلاة و الصيام و الزكاة و يقطع الرحم و يأتي الكبائر فكيف هذا و لم ذاك فقال يا إبراهيم هل يختلج في صدرك شي‏ء غير هذا قلت نعم يا ابن رسول الله  أخرى أعظم من ذلك فقال و ما هو يا أبا إسحاق قال فقلت يا ابن رسول الله و أجد من أعدائكم و مناصبيكم من يكثر من الصلاة و من الصيام و يخرج الزكاة و يتابع بين الحج و العمرة و يحض على الجهاد و يأثر على البر و على صلة الأرحام و يقضي حقوق إخوانه و يواسيهم من ماله و يتجنب شرب الخمر و الزنا و اللواط و سائر الفواحش فمم ذاك و لم ذاك فسره لي يا ابن رسول الله و برهنه و بينه فقد و الله كثر فكري و أسهر ليلي و ضاق ذرعي قال فتبسم صلوات الله عليه ثم قال يا إبراهيم خذ إليك بيانا شافيا فيما سألت و علما مكنونا من خزائن علم الله و سره أخبرني يا إبراهيم كيف تجد اعتقادهما قلت يا ابن رسول الله أجد محبيكم و شيعتكم على ما هم فيه مما وصفته من أفعالهم لو أعطي أحدهم مما بين المشرق و المغرب ذهبا و فضة أن يزول عن ولايتكم و محبتكم إلى موالاة غيركم و إلى محبتهم ما زال و لو ضربت خياشيمه بالسيوف فيكم و لو قتل فيكم ما ارتدع و لا رجع عن محبتكم و ولايتكم و أرى الناصب على ما هو عليه مما وصفته من أفعالهم لو أعطي أحدهم ما بين المشرق و المغرب ذهبا و فضة أن يزول عن محبة الطواغيت و موالاتهم إلى موالاتكم ما فعل و لا زال و لو ضربت خياشيمه بالسيوف فيهم و لو قتل فيهم ما ارتدع و لا رجع و إذا سمع أحدهم منقبة لكم و فضلا اشمأز من ذلك و تغير لونه و رئي كراهية ذلك في وجهه بغضا لكم و محبة لهم قال فتبسم الباقر ع ثم قال يا إبراهيم هاهنا هلكت العاملة الناصبة تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ و من أجل ذلك قال عز و جل وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً

  ويحك يا إبراهيم أ تدري ما السبب و القصة في ذلك و ما الذي قد خفي على الناس منه قلت يا ابن رسول الله فبينه لي و اشرحه و برهنه قال يا إبراهيم إن الله تبارك و تعالى لم يزل عالما قديما خلق الأشياء لا من شي‏ء و من زعم أن الله عز و جل خلق الأشياء من شي‏ء فقد كفر لأنه لو كان ذلك الشي‏ء الذي خلق منه الأشياء قديما معه في أزليته و هويته كان ذلك أزليا بل خلق الله عز و جل الأشياء كلها لا من شي‏ء فكان مما خلق الله عز و جل أرضا طيبة ثم فجر منها ماء عذبا زلالا فعرض عليها ولايتنا أهل البيت فقبلتها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها و عمها ثم نضب ذلك الماء عنها و أخذ من صفوة ذلك الطين طينا فجعله طين الأئمة ع ثم أخذ ثفل ذلك الطين فخلق منه شيعتنا و لو ترك طينتكم يا إبراهيم على حالة كما ترك طينتنا لكنتم و نحن شيئا واحدا قلت يا ابن رسول الله فما فعل بطينتنا قال أخبرك يا إبراهيم خلق الله عز و جل بعد ذلك أرضا سبخة خبيثة منتنة ثم فجر منها ماء أجاجا آسنا مالحا فعرض عليها ولايتنا أهل البيت و لم تقبلها فأجرى ذلك الماء عليها سبعة أيام حتى طبقها و عمها ثم نضب ذلك الماء عنها ثم أخذ من ذلك الطين فخلق منه الطغاة و أئمتهم ثم مزجه بثفل طينتكم و لو ترك طينتهم على حاله و لم يمزج بطينتكم لم يشهدوا الشهادتين و لا صلوا و لا صاموا و لا زكوا و لا حجوا و لا أدوا أمانة و لا أشبهوكم في الصور و ليس شي‏ء أكبر على المؤمن من أن يرى صورة عدوه مثل صورته قلت يا ابن رسول الله فما صنع بالطينتين قال مزج بينهما بالماء الأول و الماء الثاني ثم عركها عرك الأديم ثم أخذ من ذلك قبضة فقال هذه إلى الجنة و لا أبالي و أخذ قبضة أخرى و قال هذه إلى النار و لا أبالي ثم خلط بينهما فوقع من سنخ المؤمن

  و طينته على سنخ الكافر و طينته و وقع من سنخ الكافر و طينته على سنخ المؤمن و طينته فما رأيته من شيعتنا من زنا أو لواط أو ترك صلاة أو صيام أو حج أو جهاد أو خيانة أو كبيرة من هذه الكبائر فهو من طينة الناصب و عنصره الذي قد مزج فيه لأن من سنخ الناصب و عنصره و طينته اكتساب المئاثم و الفواحش و الكبائر و ما رأيت من الناصب و مواظبته على الصلاة و الصيام و الزكاة و الحج و الجهاد و أبواب البر فهو من طينة المؤمن و سنخه الذي قد مزج فيه لأن من سنخ المؤمن و عنصره و طينته اكتساب الحسنات و استعمال الخير و اجتناب المئاثم فإذا عرضت هذه الأعمال كلها على الله عز و جل قال أنا عدل لا أجور و منصف لا أظلم و حكم لا أحيف و لا أميل و لا أشطط ألحقوا الأعمال السيئة التي اجترحها المؤمن بسنخ الناصب و طينته و ألحقوا الأعمال الحسنة التي اكتسبها الناصب بسنخ المؤمن و طينته ردوها كلها إلى أصلها فإني أنا الله لا إله إلا أنا عالم السر و أخفى و أنا المطلع على قلوب عبادي لا أحيف و لا أظلم و لا ألزم أحدا إلا ما عرفته منه قبل أن أخلقه ثم قال الباقر ع يا إبراهيم اقرأ هذه الآية قلت يا ابن رسول الله أية آية قال قوله تعالى قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ هو في الظاهر ما تفهمونه و هو و الله في الباطن هذا بعينه يا إبراهيم إن للقرآن ظاهرا و باطنا و محكما و متشابها و ناسخا و منسوخا ثم قال أخبرني يا إبراهيم عن الشمس إذا طلعت و بدا شعاعها في البلدان أ هو بائن من القرص قلت في حال طلوعه بائن قال أ ليس إذا غابت الشمس اتصل ذلك الشعاع بالقرص حتى يعود إليه قلت نعم قال كذلك يعود كل شي‏ء إلى سنخه و جوهره و أصله فإذا كان يوم القيامة نزع الله عز و جل سنخ الناصب و طينته مع أثقاله و أوزاره من المؤمن فيلحقها كلها بالناصب و ينزع سنخ المؤمن و طينته مع حسناته و أبواب بره و اجتهاده من الناصب فيلحقها كلها بالمؤمن أ فترى هاهنا ظلما و عدوانا قلت لا يا ابن رسول الله قال هذا و الله القضاء الفاصل و الحكم القاطع و العدل البين   لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ هُمْ يُسْئَلُونَ هذا يا إبراهيم الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ هذا من حكم الملكوت قلت يا ابن رسول الله و ما حكم الملكوت قال حكم الله و حكم أنبيائه و قصة الخضر و موسى ع حين استصحبه فقال إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَ كَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً افهم يا إبراهيم و اعقل أنكر موسى على الخضر و استفظع أفعاله حتى قال له الخضر يا موسى ما فعلته عن أمري إنما فعلته عن أمر الله عز و جل من هذا ويحك يا إبراهيم قرآن يتلى و أخبار تؤثرعن الله عز و جل من رد منها حرفا فقد كفر و أشرك و رد على الله عز و جل قال الليثي فكأني لم أعقل الآيات و أنا أقرؤها أربعين سنة إلا ذلك اليوم فقلت يا ابن رسول الله ما أعجب هذا تؤخذ حسنات أعدائكم فترد على شيعتكم و تؤخذ سيئات محبيكم فترد على مبغضيكم قال إي و الله الذي لا إله إلا هو فالق الحبة و بارئ النسمة و فاطر الأرض و السماء ما أخبرتك إلا بالحق و ما أتيتك إلا بالصدق وَ ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ و ما الله بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ و إن ما أخبرتك لموجود في القرآن كله قلت هذا بعينه يوجد في القرآن قال نعم يوجد في أكثر من ثلاثين موضعا في القرآن أ تحب أن أقرأ ذلك عليك قلت بلى يا ابن رسول الله فقال قال الله عز و جل وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَ لْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ وَ ما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ الآية أزيدك يا إبراهيم قلت بلى يا ابن رسول الله قال لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ أ تحب أن أزيدك قلت بلى يا ابن رسول الله قال فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً

  يبدل الله سيئات شيعتنا حسنات و يبدل الله حسنات أعدائنا سيئات و جلال الله و وجه الله إن هذا لمن عدله و إنصافه لا راد لقضائه و لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ أ لم أبين لك أمر المزاج و الطينتين من القرآن قلت بلى يا ابن رسول الله قال اقرأ يا إبراهيم الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ يعني من الأرض الطيبة و الأرض المنتنة فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى يقول لا يفتخر أحدكم بكثرة صلاته و صيامه و زكاته و نسكه لأن الله عز و جل أعلم بمن اتقى منكم فإن ذلك من قبل اللمم و هو المزاج أزيدك يا إبراهيم قلت بلى يا ابن رسول الله قال كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقاً هَدى وَ فَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني أئمة الجور دون أئمة الحق وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ خذها إليك يا أبا إسحاق فو الله إنه لمن غرر أحاديثنا و باطن سرائرنا و مكنون خزائننا و انصرف و لا تطلع على سرنا أحدا إلا مؤمنا مستبصرا فإنك إن أذعت سرنا بليت في نفسك و مالك و أهلك و ولدك

 بيان قال الفيروزآبادي أثر على الأمر كفرح عزم و له تفرغ و قال الأسن من الماء الآجن و قال عركه دلكه و حكه. و لعل المراد بالأديم هنا الطعام المأدوم ثم في قوله ثم أخذ للترتيب الذكري و لتفصيل ما أجمل سابقا.  ثم اعلم أن هذا الخبر و أمثاله مما يصعب على القلوب فهمه و على العقول إدراكه و يمكن أن يكون كناية عما علم الله تعالى و قدره من اختلاط المؤمن و الكافر في الدنيا و استيلاء أئمة الجور و أتباعهم على أئمة الحق و أتباعهم و علم أن المؤمنين إنما يرتكبون الآثام لاستيلاء أهل الباطل عليهم و عدم تولي أئمة الحق بسياستهم فيعذرهم بذلك و يعفو عنهم و يعذب أئمة الجور و أتباعهم بتسببهم لجرائم من خالطهم مع ما يستحقون من جرائم أنفسهم و الله يعلم و حججه ص

 7-  فس، ]تفسير القمي[ علي بن الحسين عن البرقي عن محمد بن علي عن علي بن أسباط عن علي بن معمر عن أبيه قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى قال إن الله تبارك و تعالى لما ذرأ الخلق في الذر الأول فأقامهم صفوفا قدامه بعث الله محمدا ص فآمن به قوم و أنكره قوم فقال الله هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى يعني به محمدا ص حيث دعاهم إلى الله عز و جل في الذر الأول

 8-  فس، ]تفسير القمي[ علي بن الحسين عن البرقي عن ابن محبوب عن الحسين بن نعيم الصحاف قال سألت الصادق ع عن قوله فَمِنْكُمْ كافِرٌ وَ مِنْكُمْ مُؤْمِنٌ فقال عرف الله عز و جل إيمانهم بولايتنا و كفرهم بتركها يوم أخذ عليهم الميثاق و هم ذر في صلب آدم ع

 ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن ابن محبوب مثله

 9-  فس، ]تفسير القمي[ أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جابر قال سمعت أبا جعفر ع يقول هذه الآية وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً يعني من جرى فيه شي‏ء من شرك الشيطان على الطريقة يعني على الولاية في الأصل عند الأظلة حين أخذ الله ميثاق بني آدم لَأَسْقَيْناهُمْ  ماءً غَدَقاً يعني لكنا وضعنا أظلتهم في الماء الفرات العذب

 بيان قوله ع يعني من جرى أي لما كانت لفظة لو دالة على عدم تحقق الاستقامة فالمراد بهم من جرى فيهم شرك الشيطان من المنكرين للولاية و حاصل الخبر أن المراد بالآية أنهم لو كانوا أقروا في عالم الضلال و الأرواح بالولاية لجعلنا أرواحهم في أجساد مخلوقة من الماء العذب فمنشأ اختلاف الطينة هو التكليف الأول في عالم الأرواح عند الميثاق

 10-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن محمد عن محمد بن إسماعيل عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع قال إن الله خلقنا من أعلى عليين و خلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه و خلق أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوي إلينا و إنها خلقت مما خلقنا منه ثم تلا قوله كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ

 11-  ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن أبي نهشل عن محمد بن إسماعيل عن أبيه عن أبي حمزة قال سمعت أبا جعفر ع يقول إن الله عز و جل خلقنا الخبر

 سن، ]المحاسن[ أبي عن أبي نهشل عن محمد بن إسماعيل عن أبي حمزة مثله بيان قد اختلف في تفسير عليين فقيل هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة و قيل السماء السابعة و قيل سدرة المنتهى و قيل الجنة و قيل لوح من زبرجد أخضر معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه و قال الفراء أي في ارتفاع بعد ارتفاع لا غاية له و المراد أن كتابة أعمالهم أو ما يكتب من أعمالهم في عليين أي في دفتر أعمالهم أو المراد أن دفتر أعمالهم في تلك الأمكنة الشريفة و على الأخير فيه حذف مضاف أي و ما أدراك ما كتاب عليين و الظاهر أن مفاد الخبر أن دفتر أعمالهم موضوع في مكان أخذت منه طينتهم و يحتمل أن يكون المراد بالكتاب الروح لأنه محل للعلوم ترتسم فيها

   -12  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن سنان قال قال أبو عبد الله ع أول من سبق من الرسل إلى بلى رسول الله ص و ذلك أنه كان أقرب الخلق إلى الله تبارك و تعالى و كان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلى السماء تقدم يا محمد فقد وطئت موطئا لم تطأه ملك مقرب و لا نبي مرسل و لو لا أن روحه و نفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه فكان من الله عز و جل كما قال الله قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى أي بل أدنى فلما خرج الأمر من الله وقع إلى أوليائه ع فقال الصادق ع كان الميثاق مأخوذا عليهم لله بالربوبية و لرسوله بالنبوة و لأمير المؤمنين و الأئمة بالإمامة فقال أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ و محمد نبيكم و علي إمامكم و الأئمة الهادون أئمتكم ف قالُوا بَلى فقال الله شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ أي لئلا تقولوا يوم القيامة إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ فأول ما أخذ الله عز و جل الميثاق على الأنبياء بالربوبية و هو قوله وَ إِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ فذكر جملة الأنبياء ثم أبرز أفضلهم بالأسامي فقال وَ مِنْكَ يا محمد فقدم رسول الله ص لأنه أفضلهم وَ مِنْ نُوحٍ وَ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فهؤلاء الخمسة أفضل الأنبياء و رسول الله ص أفضلهم ثم أخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله على الأنبياء له بالإيمان به و على أن ينصروا أمير المؤمنين فقال وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ يعني رسول الله ص لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ يعني أمير المؤمنين صلوات الله عليه تخبروا أممكم بخبره و خبر وليه من الأئمة

 13-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله ع  و عن أبي بصير عن أبي جعفر ع في قوله لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ قال ما بعث الله نبيا عن آدم فهلم جرا إلا و يرجع إلى الدنيا فيقاتل و ينصر رسول الله ص و أمير المؤمنين ثم أخذ أيضا ميثاق الأنبياء على رسول الله ص فقال قُلْ يا محمد آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَ ما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ الْأَسْباطِ وَ ما أُوتِيَ مُوسى وَ عِيسى وَ ما أوتي النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ

 14-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله ع في قوله وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا قلت معاينة كان هذا قال نعم فثبتت المعرفة و نسوا الموقف و سيذكرونه و لو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه و رازقه فمنهم من أقر بلسانه في الذر و لم يؤمن بقلبه فقال الله فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ

 15-  أقول روى الشيخ أحمد بن فهد في المهذب و غيره بإسنادهم عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله ع قال قال لي يا معلى يوم النيروز هو اليوم الذي أخذ الله ميثاق العباد أن يعبدوه و لا يشركوا به شيئا و أن يدينوا برسله و حججه و أوليائه ع الخبر

 16-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن ثابت الحداد عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين ع في خبر طويل قال الله تبارك و تعالى للملائكة إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ قال و كان ذلك من الله تقدمه في آدم قبل أن يخلقه و احتجاجا منه عليهم قال فاغترف ربنا تبارك و تعالى غرفة بيمينه من الماء العذب  الفرات و كلتا يديه يمين فصلصلها في كفه فجمدت فقال لها منك أخلق النبيين و المرسلين و عبادي الصالحين و الأئمة المهتدين و الدعاة إلى الجنة و أتباعهم إلى يوم الدين و لا أبالي و لا أسأل عما أفعل وَ هُمْ يُسْئَلُونَ ثم اغترف غرفة أخرى من الماء المالح الأجاج فصلصلها في كفه فجمدت ثم قال لها منك أخلق الجبارين و الفراعنة و العتاة و إخوان الشياطين و الدعاة إلى النار إلى يوم القيامة و أشياعهم و لا أبالي و لا أسأل عما أفعل وَ هُمْ يُسْئَلُونَ قال و شرط في ذلك البداء فيهم و لم يشترط في أصحاب اليمين البداء ثم خلط الماءين جميعا في كفه فصلصلهما ثم كفاهما قدام عرشه و هما سلالة من طين الخبر

 شي، ]تفسير العياشي[ عن جابر عن أبي جعفر ع مثله ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن جابر مثله بيان قال الجزري فيه كلتا يديه يمين أي يديه تبارك و تعالى بصفة الكمال لا نقص في واحدة منهما لأن الشمال ينقص عن اليمين و إطلاق هذه الأسماء إنما هو على سبيل المجاز و الاستعارة و الله منزه من التشبيه و التجسيم انتهى. أقول لما كانت اليد كناية عن القدرة فيحتمل أن يكون المراد باليمين القدرة على الرحمة و النعمة و الفضل و بالشمال القدرة على العذاب و القهر و الابتلاء فالمعنى أن عذابه و قهره و إمراضه و إماتته و سائر المصائب و العقوبات لطف و رحمة لاشتمالها على الحكم الخفية و المصالح العامة و به يمكن أن يفسر ما ورد في الدعاء و الخير في يديك و الصلصال الطين الحر خلط بالرمل فصار يتصلصل إذا جف و سلالة الشي‏ء ما انسل منه و استخرج بجذب و نزع

 17-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الحسن بن فضال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل خلق ماء عذبا فخلق منه أهل طاعته و جعل ماء مرا فخلق منه أهل معصيته ثم أمرهما فاختلطا فلو لا ذلك ما ولد المؤمن إلا مؤمنا و لا الكافر إلا كافرا

   -18  ع، ]علل الشرائع[ ابن اليد عن الصفار عن الحسن بن فضال عن ابن أبي الخطاب عن حماد بن عيسى عن ربعي بن عبد الله بن الجارود عمن ذكره عن علي بن الحسين صلوات الله عليه قال إن الله عز و جل خلق النبيين من طينة عليين قلوبهم و أبدانهم و خلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة و خلق أبدانهم من دون ذلك و خلق الكافرين من طينة سجيل قلوبهم و أبدانهم فخلط بين الطينتين فمن هذا يلد المؤمن الكافر و يلد الكافر المؤمن و من هاهنا يصيب المؤمن السيئة و يصيب الكافر الحسنة فقلوب المؤمنين تحن إلى ما خلقوا منه و قلوب الكافرين تحن إلى ما خلقوا منه

 19-  ع، ]علل الشرائع[ أحمد بن هارون عن محمد الحميري عن أبيه عن ابن يزيد عن حماد بن عيسى عن أبي نعيم الهذلي عن رجل عن علي بن الحسين ع مثله و فيه و خلق أبدان المؤمنين و خلق الكفار و سجين مكان سجيل

 ير، ]بصائر الدرجات[ ابن معروف عن حماد عن ربعي عنه ع مثله

 سن، ]المحاسن[ أبي عن حماد إلى قوله و خلق أبدانهم من دون ذلك

بيان سجين موضع فيه كتاب الفجار و دواوينهم قال أبو عبيد هو فعيل من السجن كالفسيق من الفسق و قيل هو الأرض السابعة أو أسفل منها أو جب في جهنم و السجيل كسكيت حجارة من مدر معرب سنگ گل و السجين أظهر

 20-  ع، ]علل الشرائع[ ماجيلويه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن عمرو بن عثمان عن العبقري عن عمر بن ثابت عن أبيه عن حبة العرني عن علي ع قال إن الله عز و جل خلق آدم ع من أديم الأرض فمنه السباخ و منه الملح و منه الطيب فكذلك في ذرية الصالح و الطالح

   -21  ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن محمد بن سنان عن معاوية بن شريح عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل أجرى ماء فقال له كن عذبا أخلق منك جنتي و أهل طاعتي و إن الله عز و جل أجرى ماء فقال له كن بحرا مالحا أخلق منك ناري و أهل معصيتي ثم خلطهما جميعا فمن ثم يخرج المؤمن من الكافر و يخرج الكافر من المؤمن و لو لم يخلطهما لم يخرج من هذا إلا مثله و لا من هذا إلا مثله

 22-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الحسن بن فضال عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع في حديث طويل يقول في آخره مهما رأيت من نزق أصحابك و خرقهم فهو مما أصابهم من لطخ أصحاب الشمال و ما رأيت من حسن شيم من خالفهم و وقارهم فهو من لطخ أصحاب اليمين

 23-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن أبي عبد الله ع قال سألته عن أول ما خلق الله عز و جل قال إن أول ما خلق الله عز و جل ما خلق منه كل شي‏ء قلت جعلت فداك و ما هو قال الماء قال إن الله تبارك و تعالى خلق الماء بحرين أحدهما عذب و الآخر ملح فلما خلقهما نظر إلى العذب فقال يا بحر فقال لبيك و سعديك قال فيك بركتي و رحمتي و منك أخلق أهل طاعتي و جنتي ثم نظر إلى الآخر فقال يا بحر فلم يجب فأعاد عليه ثلاث مرات يا بحر فلم يجب فقال عليك لعنتي و منك أخلق أهل معصيتي و من أسكنته ناري ثم أمرهما أن يمتزجا فامتزجا قال فمن ثم يخرج المؤمن من الكافر و الكافر من المؤمن

 24-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن البزنطي عن أبان بن عثمان و أبي الربيع يرفعانه قال إن الله عز و جل خلق ماء فجعله عذبا فجعل منه أهل  طاعته و خلق ماء مرا فجعل منه أهل معصيته ثم أمرهما فاختلطا و لو لا ذلك ما ولد المؤمن إلا مؤمنا و لا الكافر إلا كافرا

 25-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب عن جعفر بن بشير عن ابن أبي العلاء عن حبيب قال حدثني الثقة عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى أخذ ميثاق العباد و هم أظلة قبل الميلاد فما تعارف من الأرواح ائتلف و ما تناكر منها اختلف

 26-  ع، ]علل الشرائع[ بهذا الإسناد عن حبيب عمن رواه عن أبي عبد الله ع قال ما تقول في الأرواح أنها جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف قال فقلت إنا نقول ذلك قال فإنه كذلك إن الله عز و جل أخذ من العباد ميثاقهم و هم أظلة قبل الميلاد و هو قوله عز و جل وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ إلى آخر الآية قال فمن أقر له يومئذ جاءت ألفته هاهنا و من أنكره يومئذ جاء خلافه هاهنا

 بيان جاءت ألفته أي ألفته مع أئمته و معرفته لهم أو ألفة المؤمنين بعضهم ببعض من جهة اتفاقهم في المذهب و يحتمل أن يكون التعارف معرفة الشيعة لأئمتهم و الائتلاف ألفة المؤمنين بعضهم ببعض لموافقتهم في المذهب

 27-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبد الله ع قال كنا عنده فذكرنا رجلا من أصحابنا فقلنا فيه حدة فقال من علامة المؤمن أن تكون فيه حدة قال فقلنا له إن عامة أصحابنا فيهم حدة فقال إن الله تبارك و تعالى في وقت ما ذرأهم أمر أصحاب اليمين و أنتم هم أن يدخلوا النار فدخلوها فأصابهم وهج فالحدة من ذلك الوهج و أمر أصحاب الشمال و هم مخالفوهم أن يدخلوا النار فلم يفعلوا فمن ثم لهم سمت و لهم وقار

 28-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الغضائري عن علي بن محمد العلوي عن عبد الله بن محمد عن الحسين  عن أبي عبد الله بن أسباط عن أحمد بن محمد بن زياد العطار عن محمد بن مروان الغزال عن عبيد بن يحيى عن يحيى بن عبد الله بن الحسن عن جده الحسن بن علي ع قال قال رسول الله ص إن في الفردوس لعينا أحلى من الشهد و ألين من الزبد و أبرد من الثلج و أطيب من المسك فيها طينة خلقنا الله عز و جل منها و خلق شيعتنا منها فمن لم يكن من تلك الطينة فليس منا و لا من شيعتنا و هي الميثاق الذي أخذ الله عز و جل على ولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع قال عبيد فذكرت لمحمد بن الحسين هذا الحديث فقال صدقك يحيى بن عبد الله هكذا أخبرني أبي عن جدي عن أبيه عن النبي ص قال عبيد قلت أشتهي أن تفسره لنا إن كان عندك تفسير قال نعم أخبرني أبي عن جدي عن رسول الله ص أنه قال إن لله ملكا رأسه تحت العرش و قدماه في تخوم الأرض السابعة السفلى بين عينيه راحة أحدكم فإذا أراد الله عز و جل أن يخلق خلقا على ولاية علي بن أبي طالب ع أمر ذلك الملك فأخذ من تلك الطينة فرمى بها في النطفة حتى تصير إلى الرحم منها يخلق و هي الميثاق

 29-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن محمد العطار عن جعفر بن محمد بن مالك قال حدثنا أحمد بن مدين من ولد مالك بن الحارث الأشتر عن محمد بن عمار عن أبيه عن أبي بصير قال دخلت على أبي عبد الله و معي رجل من أصحابنا فقلت له جعلت فداك يا ابن رسول الله إني لأغتم و أحزن من غير أن أعرف لذلك سببا فقال أبو عبد الله ع إن ذلك الحزن و الفرح يصل إليكم منا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك داخلا عليكم لأنا و إياكم من نور الله عز و جل فجعلنا و طينتنا و طينتكم واحدة و لو تركت طينتكم كما أخذت لكنا و أنتم سواء و لكن مزجت طينتكم بطينة أعدائكم فلو لا ذلك ما أذنبتم ذنبا أبدا قال قلت جعلت فداك فتعود طينتنا و نورنا كما بدا فقال إي و الله يا عبد الله أخبرني عن هذا الشعاع الزاجر من القرص إذا طلع أ هو متصل به أو بائن منه  فقلت له جعلت فداك بل هو بائن منه فقال أ فليس إذا غابت الشمس و سقط القرص عاد إليه فاتصل به كما بدا منه فقلت له نعم فقال كذلك و الله شيعتنا من نور الله خلقوا و إليه يعودن و الله إنكم لملحقون بنا يوم القيامة و إنا لنشفع فنشفع و و الله إنكم لتشفعون فتشفعون و ما من رجل منكم إلا و سترفع له نار عن شماله و جنة عن يمينه فيدخل أحباءه الجنة و أعداءه النار

 30-  ع، ]علل الشرائع[ الدقاق عن محمد الأسدي عن محمد بن إسماعيل رفعه إلى محمد بن سنان عن زيد الشحام عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى خلقنا من نور مبتدع من نور رسخ ذلك النور في طينة من أعلى عليين و خلق قلوب شيعتنا مما خلق منه أبداننا و خلق أبدانهم من طينة دون ذلك فقلوبهم تهوي إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه ثم قرأ كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ و إن الله تبارك و تعالى خلق قلوب أعدائنا من طينة من سجين و خلق أبدانهم من طينة من دون ذلك و خلق قلوب شيعتهم مما خلق منه أبدانهم فقلوبهم تهوي إليهم ثم قرأ إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ

 31-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن أبي يحيى الواسطي رفعه قال قال أبو عبد الله ع إن الله عز و جل خلقنا من عليين و خلق أرواحنا من فوق ذلك و خلق أرواح شيعتنا من عليين و خلق أجسادهم من دون ذلك فمن أجل ذلك كان القرابة بيننا و بينهم و من ثم تحن قلوبهم إلينا

 32-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن محمد بن عيسى عن الحسن بن فضال عن ابن بكير عن زرارة قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله عز و جل وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى قال ثبتت المعرفة و نسوا الوقت و سيذكرونه يوما و لو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه و لا من رازقه

 شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة مثله

   -33  ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن الحميري عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد الرحمن بن كثير عن داود الرقي عن أبي عبد الله ع قال لما أراد الله عز و جل أن يخلق الخلق خلقهم و نشرهم بين يديه ثم قال لهم من ربكم فأول من نطق رسول الله ص و أمير المؤمنين و الأئمة صلوات الله عليهم أجمعين فقالوا أنت ربنا فحملهم العلم و الدين ثم قال للملائكة هؤلاء حملة ديني و علمي و أمنائي في خلقي و هم المسئولون ثم قال لبني آدم أقروا لله بالربوبية و لهؤلاء النفر بالطاعة و الولاية فقالوا نعم ربنا أقررنا فقال الله جل جلاله للملائكة اشهدوا فقالت الملائكة شهدنا على أن لا يقولوا غدا إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أو يقولوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ كُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ يا داود الأنبياء مؤكدة عليهم في الميثاق

 بيان قوله ع هم المسئولون أي يجب على الناس أن يسألوهم عن أمور دينهم أو فيه حذف و إيصال أي يسأل الناس يوم القيامة عن حبهم و ولايتهم

 34-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن أحمد بن محمد عن ابن بزيع عن صالح بن عقبة عن عبد الله بن محمد الجعفي و عقبة جميعا عن أبي جعفر ع قال إن الله عز و جل خلق الخلق فخلق من أحب مما أحب و كان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة و خلق من أبغض مما أبغض و كان ما أبغض أن خلقه من طينة النار ثم بعثهم في الضلال فقلت و أي شي‏ء الضلال فقال أ لم تر إلى ظلك في الشمس شي‏ء و ليس بشي‏ء ثم بعث منهم النبيين فدعوهم إلى الإقرار بالله و هو قوله عز و جل وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ثم دعوهم إلى الإقرار بالنبيين فأنكر بعض و أقر بعض ثم دعوهم إلى ولايتنا فأقر بها و الله من أحب و أنكرها من أبغض و هو قوله عز و جل فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ ثم قال أبو جعفر ع كان التكذيب ثم

   ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة عن عبد الله بن محمد الجعفي عن أبي جعفر و عن عقبة عن أبي جعفر ع مثله شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الله الجعفي مثله توضيح قوله ع في الضلال أي عالم الأرواح بناء على أنها أجسام لطيفة و يحتمل أن يكون التشبيه للتجرد أيضا تقريبا إلى الأفهام أو عالم المثال على القول به قبل الانتقال إلى الأبدان. قوله ع و هو قوله أي هذه المعرفة الفطرية إنما حصل من أخذ تلك الميثاق

 35-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن اليقطيني عن زياد القندي عن عبد الله بن سنان قال بينا نحن في الطواف إذ مر رجل من آل عمر فأخذ بيده رجل فاستلم الحجر فانتهره و أغلظ له و قال له بطل حجك إن الذي تستلمه حجر لا يضر و لا ينفع فقلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك أ ما سمعت قول العمري لهذا الذي استلم الحجر فأصابه ما أصابه فقال و ما الذي قال قلت له قال يا عبد الله بطل حجك إنما هو حجر لا يضر و لا ينفع فقال أبو عبد الله ع كذب ثم كذب ثم كذب إن للحجر لسانا ذلقا يوم القيامة يشهد لمن وافاه بالموافاة ثم قال إن الله تبارك و تعالى لما خلق السماوات و الأرض خلق بحرين بحرا عذبا و بحرا أجاجا فخلق تربة آدم من البحر العذب و شن عليها من البحر الأجاج ثم جبل آدم فعرك عرك الأديم فتركه ما شاء الله فلما أراد أن ينفخ فيه الروح أقامه شبحا فقبض قبضة من كتفه الأيمن فخرجوا كالذر فقال هؤلاء إلى الجنة و قبض قبضة من كتفه الأيسر و قال هؤلاء إلى النار فأنطق الله عز و جل أصحاب اليمين و أصحاب اليسار فقال أهل اليسار يا رب لما خلقت لنا النار و لم تبين لنا و لم تبعث إلينا رسولا فقال الله عز و جل لهم ذلك لعلمي بما أنتم صائرون إليه و إني سأبتليكم فأمر الله عز و جل النار فأسعرت ثم قال لهم تقحموا  جميعا في النار فإني أجعلها عليكم بردا و سلاما فقالوا يا رب إنما سألناك لأي شي‏ء جعلتها لنا هربا منها و لو أمرت أصحاب اليمين ما دخلوا فأمر الله عز و جل النار فأسعرت ثم قال لأصحاب اليمين تقحموا جميعا في النار فتقحموا جميعا فكانت عليهم بردا و سلاما فقال لهم أ لست بربكم قال أصحاب اليمين بلى طوعا و قال أصحاب الشمال بلى كرها فأخذ منهم جميعا ميثاقهم و أشهدهم على أنفسهم قال و كان الحجر في الجنة فأخرجه الله عز و جل فالتقم الميثاق من الخلق كلهم فذلك قوله عز و جل وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ فلما أسكن الله عز و جل آدم الجنة و عصى أهبط الله عز و جل الحجر و جعله في ركن بيته و أهبط آدم ع على الصفا فمكث ما شاء الله ثم رآه في البيت فعرفه و عرف ميثاقه و ذكره فجاء إليه مسرعا فأكب عليه و بكى عليه أربعين صباحا تائبا من خطيئته و نادما على نقضه ميثاقه قال فمن أجل ذلك أمرتم أن تقولوا إذا استلمتم الحجر أمانتي أديتها و ميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة يوم القيامة

 36-  ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن عبد الله بن محمد الهمداني عن إسحاق القمي قال دخلت على أبي جعفر الباقر ع فقلت له جعلت فداك أخبرني عن المؤمن يزني قال لا قلت فيلوط قال لا قلت فيشرب المسكر قال لا قلت فيذنب قال نعم قلت جعلت فداك لا يزني و لا يلوط و لا يرتكب السيئات فأي شي‏ء ذنبه فقال يا إسحاق قال الله تبارك و تعالى الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ و قد يلم المؤمن بالشي‏ء الذي ليس فيه مراد قلت جعلت فداك أخبرني عن الناصب لكم يظهر بشي‏ء أبدا قال لا قلت جعلت فداك فقد أرى المؤمن الموحد الذي يقول بقولي و يدين الله بولايتكم و ليس بيني و بينه خلاف يشرب المسكر و يزني و يلوط و آتيه في حاجة واحدة فأصيبه معبس الوجه كامح اللون ثقيلا في حاجتي بطيئا فيها و قد أرى  الناصب المخالف لما أنا عليه و يعرفني بذلك فآتيه في حاجة فأصيبه طلق الوجه حسن البشر متسرعا في حاجتي فرحا بها يحب قضاءها كثير الصلاة كثير الصوم كثير الصدقة يؤدي الزكاة و يستودع فيؤدي الأمانة قال يا إسحاق ليس تدرون من أين أوتيتم قلت لا و الله جعلت فداك إلا أن تخبرني فقال يا إسحاق إن الله عز و جل لما كان متفردا بالوحدانية ابتدأ الأشياء لا من شي‏ء فأجرى الماء العذب على أرض طيبة طاهرة سبعة أيام مع لياليها ثم نضب الماء عنها فقبض قبضة من صفاوة ذلك الطين و هي طينتنا أهل البيت ثم قبض قبضة من أسفل ذلك الطينة و هي طينة شيعتنا ثم اصطفانا لنفسه فلو أن طينة شيعتنا تركت كما تركت طينتنا لما زنى أحد منهم و لا سرق و لا لاط و لا شرب المسكر و لا اكتسب شيئا مما ذكرت و لكن الله عز و جل أجرى الماء المالح على أرض ملعونة سبعة أيام و لياليها ثم نضب الماء عنها ثم قبض قبضة و هي طينة ملعونة من حمأ مسنون و هي طينة خبال و هي طينة أعدائنا فلو أن الله عز و جل ترك طينتهم كما أخذها لم تروهم في خلق الآدميين و لم يقروا بالشهادتين و لم يصوموا و لم يصلوا و لم يزكوا و لم يحجوا البيت و لم تروا أحدا منهم بحسن خلق و لكن الله تبارك و تعالى جمع الطينتين طينتكم و طينتهم فخلطهما و عركهما عرك الأديم و مزجهما بالماءين فما رأيت من أخيك من شر لفظ أو زنا أو شي‏ء مما ذكرت من شرب مسكر أو غيره فليس من جوهريته و لا من إيمانه إنما هو بمسحه الناصب اجترح هذه السيئات التي ذكرت و ما رأيت من الناصب من حسن وجه و حسن خلق أو صوم أو صلاة أو حج بيت أو صدقة أو معروف فليس من جوهريته إنما تلك الأفاعيل من مسحة الإيمان اكتسبها و هو اكتساب مسحة الإيمان قلت جعلت فداك فإذا كان يوم القيامة فمه قال لي يا إسحاق أ يجمع الله الخير  و الشر في موضع واحد إذا كان يوم القيامة نزع الله عز و جل مسحة الإيمان منهم فردها إلى شيعتنا و نزع مسحة الناصب بجميع ما اكتسبوا من السيئات فردها على أعدائنا و عاد كل شي‏ء إلى عنصره الأول الذي منه ابتدأ أ ما رأيت الشمس إذا هي بدت أ لا ترى لها شعاعا زاجرا متصلا بها أو بائنا منها قلت جعلت فداك الشمس إذا هي غربت بدا إليها الشعاع كما بدا منها و لو كان بائنا منها لما بدا إليها قال نعم يا إسحاق كل شي‏ء يعود إلى جوهره الذي منه بدا قلت جعلت فداك تؤخذ حسناتهم فترد إلينا و تؤخذ سيئاتنا فترد إليهم قال إي و الله الذي لا إله إلا هو قلت جعلت فداك أجدها في كتاب الله عز و جل قال نعم يا إسحاق قلت في أي مكان قال لي يا إسحاق أ ما تتلو هذه الآية فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً فلم يبدل الله سيئاتهم حسنات إلا لكم و الله يبدل لكم

 إيضاح قال الجزري في حديث الإفك و إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله أي قاربت و قيل اللمم مقاربة المعصية من غير إيقاع فعل و قيل هو من اللمم صغار الذنوب قوله يظهر بشي‏ء على البناء للمفعول من أظهره بمعنى أعانه أي هل يعان بشي‏ء من الخير و لعله كان يظفر أو يطهر بالطاء المهملة قوله ع أتيتم أي هلكتم و في بعض النسخ أوتيتم أي أتاكم الذنب قوله ع شعاعا زاجرا أي شديدا يزجر البصر عن النظر قوله بدا إليها لعله ضمن معنى الانتهاء

 37-  ير، ]بصائر الدرجات[ عمران بن موسى عن موسى بن جعفر عن علي بن سعيد عن إبراهيم بن إسحاق عن الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن جده ع قال قال علي بن الحسين ع إن الله بعث جبرئيل إلى الجنة فأتاه بطينة من طينها  و بعث ملك الموت إلى الأرض فجاءه بطينة من طينها فجمع الطينتين ثم قسمها نصفين فجعلنا من خير القسمين و جعل شيعتنا من طينتنا فما كان من شيعتنا مما يرغب بهم عنه من الأعمال القبيحة فذاك مما خالطهم من الطينة الخبيثة و مصيرها إلى الجنة و ما كان في عدونا من بر و صلاة و صوم و من الأعمال الحسنة فذاك لما خالطهم من طينتنا الطيبة و مصيرهم إلى النار

 38-  ير، ]بصائر الدرجات[ عبد الله بن محمد عن إبراهيم بن محمد عن مسعود بن يوسف بن كليب عن الحسن بن حماد عن فضيل بن الزبير عن أبي جعفر ع قال يا فضيل أ ما علمت أن رسول الله ص قال إنا أهل بيت خلقنا من عليين و خلق قلوبنا من الذي خلقنا منه و خلق شيعتنا من أسفل من ذلك و خلق قلوب شيعتنا منه و إن عدونا خلقوا من سجين و خلق قلوبهم من الذي خلقوا منه و خلق شيعتهم من أسفل من ذلك و خلق قلوب شيعتهم من الذي خلقوا منه فهل يستطيع أحد من أهل عليين أن يكون من أهل سجين و هل يستطيع أهل سجين أن يكونوا من أهل عليين

 39-  ير، ]بصائر الدرجات[ عنه عن محمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن علي بن الحسين ع أنه قال أخذ الله ميثاق شيعتنا معنا على ولايتنا لا يزيدون و لا ينقصون إن الله خلقنا من طينة عليين و خلق شيعتنا من طينة أسفل من ذلك و خلق عدونا من طينة سجين و خلق أولياءهم من طينة أسفل من ذلك

 40-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عمن رواه عن أحمد بن عمرو الجبلي عن إبراهيم بن عمران عن محمد بن سوقة عن أبي عبد الله ع قال إن الله خلقنا من طينة عليين و خلق قلوبنا من طينة فوق عليين و خلق شيعتنا من طينة أسفل من ذلك و خلق قلوبهم من طينة عليين فصارت قلوبهم تحن إلينا لأنها منا و خلق عدونا من طينة سجين و خلق قلوبهم من طينة أسفل من سجين و إن الله راد كل طينة إلى معدنها فرادهم إلى عليين و رادهم إلى سجين

   -41  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن الحسن بن موسى عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله ع في قول الله وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ إلى آخر الآية قال أخرج الله من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم نفسه و لو لا ذلك لن يعرف أحد ربه ثم قال أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى و إن هذا محمد رسولي و علي أمير المؤمنين خليفتي و أميني

 42-  ير، ]بصائر الدرجات[ بعض أصحابنا عن محمد بن الحسين عن علي بن أسباط عن علي بن معمر عن أبيه قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله تبارك و تعالى هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى قال يعني به محمدا ص حيث دعاهم إلى الإقرار بالله في الذر الأول

 43-  سن، ]المحاسن[ ابن محبوب عن ابن رئاب عن بكير قال كان أبو جعفر ع يقول إن الله تبارك و تعالى أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا و هم ذر يوم أخذ الميثاق على الذر بالإقرار له بالربوبية و لمحمد بالنبوة و عرض على محمد ص أمته في الظل و هم أظلة و خلقهم من الطينة التي خلق منها آدم و خلق أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام و عرضهم عليه و عرفهم رسول الله ص و علي بن أبي طالب ع و نحن نعرفهم في لحن القول

 و رواه عثمان بن عيسى عن أبي الجراح عن أبي الحسن ع و زاد فيه و كل قلب يحن إلى بدنه

 شي، ]تفسير العياشي[ عن بكير مثله

 44-  سن، ]المحاسن[ أبي عن القاسم بن محمد عن البطائني عن أبي بصير عن أبي جعفر  ع قال لا تخاصموا الناس فإن الناس لو استطاعوا أن يحبونا لأحبونا إن الله أخذ ميثاق النفس فلا يزيد فيهم أحد أبدا و لا ينقص منهم أحد أبدا

 45-  سن، ]المحاسن[ محمد بن علي عن إسماعيل بن يسار عن عثمان بن يوسف عن عبد الله بن كيسان قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك أنا مولاك عبد الله بن كيسان فقال أما النسب فأعرفه و أما أنت فلست أعرفك قال قلت ولدت بالجبل و نشأت بأرض فارس و أنا أخالط الناس في التجارات و غير ذلك فأرى الرجل حسن السمت و حسن الخلق و الأمانة ثم أفتشه فأفتشه عن عداوتكم و أخالط الرجل و أرى فيه سوء الخلق و قلة أمانة و زعارة ثم أفتشه فأفتشه عن ولايتكم فكيف يكون ذلك فقال أ ما علمت يا ابن كيسان أن الله تبارك و تعالى أخذ طينة من الجنة و طينة من النار فخلطهما جميعا ثم نزع هذه من هذه فما رأيت من أولئك من الأمانة و حسن السمت و حسن الخلق فمما مستهم من طينة الجنة و هم يعودون إلى ما خلقوا منه و ما رأيت من هؤلاء من قلة الأمانة و سوء الخلق و الزعارة فمما مستهم من طينة النار و هم يعودون إلى ما خلقوا منه

 بيان قوله ع فلست أعرفك أي بالتشيع و الزعارة بالتشديد و قد يخفف شراسة الخلق

 46-  سن، ]المحاسن[ أبي عن عبد الله بن القاسم عمن حدثه قال قلت لأبي عبد الله ع أرى الرجل من أصحابنا ممن يقول بقولنا خبيث اللسان خبيث الخلطة قليل الوفاء بالميعاد فيغمني غما شديدا و أرى الرجل من المخالفين علينا حسن السمت حسن الهدى وفيا بالميعاد فأغتم غما فقال أ و تدري لم ذاك قلت لا قال  إن الله خلق الطينتين فعركهما و قال بيده هكذا راحتيه جميعا واحدة على الأخرى ثم فلقهما فقال هذه إلى الجنة و هذه إلى النار و لا أبالي فالذي رأيت من خبث اللسان و البذاء و سوء الخلطة و قلة الوفاء بالميعاد من الرجل الذي هو من أصحابكم يقول بقولكم فبما التطخ بهذه من الطينة الخبيثة و هو عائد إلى طينته و الذي رأيت من حسن الهدى و حسن السمت و حسن الخلطة و الوفاء بالميعاد من الرجال من المخالفين فبما التطخ به من الطينة فقلت فرجت عني فرج الله عنك

 47-  سن، ]المحاسن[ يحيى بن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن جده عن رجل من أصحابه يقال له عمران أنه خرج في عمرة زمن الحجاج فقلت له هل لقيت أبا جعفر ع قال نعم قلت فما قال لك قال قال لي يا عمران ما خبر الناس فقلت تركت الحجاج يشتم أباك على المنبر أعني علي بن أبي طالب صلوات الله عليه فقال أعداء الله يبدهون سبنا أما إنهم لو استطاعوا أن يكونوا من شيعتنا لكانوا و لكنهم لا يستطيعون إن الله أخذ ميثاقنا و ميثاق شيعتنا و نحن و هم أظلة فلو جهد الناس أن يزيدوا فيه رجلا أو ينقصوا منه رجلا ما قدروا على ذلك

 بيان يبدهون بالباء أي يأتون به بديهة و فجأة بلا روية و في بعض النسخ بالنون يقال ندهت الإبل أي سقتها مجمعة و الندهة بالضم و الفتح الكثرة من المال

 48-  سن، ]المحاسن[ علي بن الحكم عن أبان عن زرارة عن أبي جعفر ع قال لو علم الناس كيف كان ابتداء الخلق لما اختلف اثنان فقال إن الله تبارك و تعالى قبل أن يخلق الخلق قال كن ماء عذبا أخلق منك جنتي و أهل طاعتي و قال كن ماء ملحا أجاجا أخلق منك ناري و أهل معصيتي ثم أمرهما فامتزجا فمن ذلك صار يلد المؤمن كافرا و الكافر مؤمنا ثم أخذ طين آدم من أديم الأرض فعركه عركا شديدا فإذا  هم في الذر يدبون فقال لأصحاب اليمين إلى الجنة بسلام و قال لأصحاب النار إلى النار و لا أبالي ثم أمر نارا فأسعرت فقال لأصحاب الشمال ادخلوها فهابوها و قال لأصحاب اليمين ادخلوها فدخلوها فقال كوني بردا و سلاما فكانت بردا و سلاما فقال أصحاب الشمال يا رب أقلنا فقال قد أقلتكم فادخلوها فذهبوا فهابوها فثم ثبتت الطاعة و المعصية فلا يستطيع هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء و لا هؤلاء أن يكونوا من هؤلاء

 بيان قوله ع لما اختلف اثنان أي في مسألة القضاء و القدر أو لما تنازع اثنان في أمر الدين

 49-  سن، ]المحاسن[ عبد الله بن محمد النهيكي عن حسان عن أبيه عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قالا كان في بدء خلق الله أن خلق أرضا و طينة و فجر منها ماءها و أجرى ذلك الماء على الأرض سبعة أيام و لياليها ثم نضب الماء عنها ثم أخذ من صفوة تلك الطينة و هي طينة الأئمة ثم أخذ قبضة أخرى من أسفل تلك الطينة و هي طينة ذرية الأئمة و شيعتهم فلو تركت طينتكم كما ترك طينتنا لكنتم أنتم و نحن شيئا واحدا قلت فما صنع بطينتنا قال إن الله عز و جل خلق أرضا سبخة ثم أجرى عليها ماء أجاجا أجراها سبعة أيام و لياليها ثم نضب عنها الماء ثم أخذ من صفوة تلك الطينة و هي طينة أئمة الكفر فلو تركت طينة عدونا كما أخذها لم يشهدوا الشهادتين أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و لم يكونوا يحجون البيت و لا يعتمرون و لا يؤتون الزكاة و لا يصدقون و لا يعملون شيئا من أعمال البر ثم قال أخذ الله طينة شيعتنا و طينة عدونا فخلطهما و عركهما عرك الأديم ثم مزجهما بالماء ثم جذب هذه من هذه و قال هذه في الجنة و لا أبالي و هذه في النار و لا أبالي فما رأيت في المؤمن من زعارة و سوء الخلق و اكتساب سيئات فمن تلك  السبخة التي مازجته من الناصب و ما رأيت من حسن خلق الناصب و طلاقة وجهه و حسن بشره و صومه و صلاته فمن تلك السبخة التي أصابته من المؤمن

 50-  نهج، ]نهج البلاغة[ من كلام له روى اليمامي عن أحمد بن قتيبة عن عبد الله بن يزيد عن مالك بن دحية قال كنا عند أمير المؤمنين علي ع و قد ذكر عنده اختلاف الناس إنما فرق بينهم مبادي طينتهم و ذلك أنهم كانوا فلقة من سبخ أرض و عذبها و حزن تربة و سهلها فهم على حسب قرب أرضهم يتقاربون و على قدر اختلافها يتفاوتون فتام الرواء ناقص العقل و ماد القامة قصير الهمة و زاكي العمل قبيح المنظر و قريب القعر بعيد السبر و معروف الضريبة منكر الجليبة و تائه القلب متفرق اللب و طليق اللسان حديد الجنان

 بيان قوله ع إنما فرق بينهم قال ابن ميثم أي تقاربهم في الصور و الأخلاق تابع لتقارب طينهم و تقارب مباديه و هي السهل و الحزن و السبخ و العذب و تفاوتهم فيها لتفاوت طينهم و مباديه المذكورة و قال أهل التأويل الإضافة بمعنى اللام أي المبادي لطينهم كناية عن الأجزاء العنصرية التي هي مبادي المركبات ذوات الأمزجة و السبخ كناية عن الحار اليابس و العذب عن الحار الرطب و السهل عن البارد الرطب و الحزن عن البارد اليابس و الفلقة القطعة و الشق من الشي‏ء و الرواء المنظر الحسن و قريب القعر أي قصير بعيد السبر أي داهية يبعد اختبار باطنه يقال سبرت الرجل أسبره أي اختبرت باطنه و غوره و الضريبة الخلق و الطبيعة و الجليبة ما يجلبه الإنسان و يتكلفه أي خلقه حسن يتكلف فعل القبيح و حمله ابن ميثم على العكس و قال متفرق اللب أي يتبع كل ناعق ثم قال الخمسة الأول ظاهرهم مخالف لباطنهم و الأخيرتان ليستا على تلك الوتيرة ذكرتا لتتميم الأقسام

 51-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة قال قلت لأبي جعفر ع أ رأيت حين أخذ الله الميثاق  على الذر في صلب آدم فعرضهم على نفسه كانت معاينة منهم له قال نعم يا زرارة و هم ذر بين يديه و أخذ عليهم بذلك الميثاق بالربوبية له و لمحمد ص بالنبوة ثم كفل لهم بالأرزاق و أنساهم رؤيته و أثبت في قلوبهم معرفته فلا بد من أن يخرج الله إلى الدنيا كل من أخذ عليه الميثاق فمن جحد ما أخذ عليه الميثاق لمحمد ص لم ينفعه إقراره لربه بالميثاق و من لم يجحد ميثاق محمد نفعه الميثاق لربه

 52-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عمار بن أبي الأحوص عن أبي عبد الله ع أن الله تبارك و تعالى خلق في مبتدإ الخلق بحرين أحدهما عذب فرات و الآخر ملح أجاج ثم خلق تربة آدم من البحر العذب الفرات ثم أجراه على البحر الأجاج فجعله حمأ مسنونا و هو خلق آدم ثم قبض قبضة من كتف آدم الأيمن فذرأها في صلب آدم فقال هؤلاء في الجنة و لا أبالي ثم قبض قبضة من كتف آدم الأيسر فذرأها في صلب آدم فقال هؤلاء في النار و لا أبالي و لا أسأل عما أفعل و لي في هؤلاء البداء بعد و في هؤلاء و هؤلاء سيبتلون قال أبو عبد الله ع فاحتج يومئذ أصحاب الشمال و هم ذر على خالقهم فقالوا يا ربنا بم أوجبت لنا النار و أنت الحكم العدل من قبل أن تحتج علينا و تبلونا بالرسل و تعلم طاعتنا لك و معصيتنا فقال الله تبارك و تعالى فأنا أخبركم بالحجة عليكم الآن في الطاعة و المعصية و الإعذار بعد الإخبار قال أبو عبد الله ع فأوحىالله إلى مالك خازن النار أن مر النار تشهق ثم تخرج عنقا منها فخرجت لهم ثم قال الله لهم ادخلوها طائعين فقالوا لا ندخلها طائعين ثم قال ادخلوها طائعين أو لأعذبنكم بها كارهين قالوا إنا هربنا إليك منها و حاججناك فيها حيث أوجبتها علينا و صيرتنا من أصحاب الشمال فكيف ندخلها  طائعين و لكن ابدأ أصحاب اليمين في دخولها كي تكون قد عدلت فينا و فيهم قال أبو عبد الله ع فأمر أصحاب اليمين و هم ذر بين يديه فقال ادخلوا هذه النار طائعين قال فطفقوا يتبادرون في دخولها فولجوا فيها جميعا فصيرها الله عليهم بردا و سلاما ثم أخرجهم منها ثم إن الله تبارك و تعالى نادى في أصحاب اليمين و أصحاب الشمال أ لست بربكم فقال أصحاب اليمين بلى يا ربنا نحن بريتك و خلقك مقرين طائعين و قال أصحاب الشمال بلى يا ربنا نحن بريتك و خلقك كارهين و ذلك قول الله وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ قال توحيدهم لله

 53-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عثمان بن عيسى عن بعض أصحابه عنه قال إن الله قال لماء كن عذبا فراتا أخلق منك جنتي و أهل طاعتي و قال لماء كن ملحا أجاجا أخلق منك ناري و أهل معصيتي فأجرى الماءين على الطين ثم قبض قبضة بهذه و هي يمين فخلقهم خلقا كالذر ثم أشهدهم على أنفسهم أ لست بربكم و عليكم طاعتي قالوا بلى فقال للنار كوني نارا فإذا نار تأجج و قال لهم قعوا فيها فمنهم من أسرع و منهم من أبطأ في السعي و منهم من لم يرم مجلسه فلما وجدوا حرها رجعوا فلم يدخلها منهم أحد ثم قبض قبضة بهذه فخلقهم خلقا مثل الذر مثل أولئك ثم أشهدهم على أنفسهم مثل ما أشهد الآخرين ثم قال لهم قعوا في هذه النار فمنهم من أبطأ و منهم من أسرع و منهم من مر بطرف العين فوقعوا فيها كلهم فقال اخرجوا منها سالمين فخرجوا لم يصبهم شي‏ء و قال الآخرون يا ربنا أقلنا نفعل كما فعلوا قال قد أقلتكم فمنهم من أسرع في السعي و منهم من أبطأ و منهم من لم يرم مجلسه مثل ما صنعوا في المرة الأولى فذلك قوله وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ

 بيان يقال رام يريم إذا برح و زال من مكانه و أكثر ما يستعمل في النفي

 54-  شي، ]تفسير العياشي[ خالد عن أبي عبد الله ع قال وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ إنهم ملعونون في الأصل

 55-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع   عن قول الله وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصارَهُمْ إلى آخر الآية أما قوله كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فإنه حين أخذ عليهم الميثاق

 56-  شي، ]تفسير العياشي[ عن رفاعة قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ قال نعم أخذ الله الحجة على جميع خلقه يوم الميثاق هكذا و قبض يده

 57-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع كيف أجابوا و هم ذر قال جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه يعني في الميثاق

 بيان أي تعلقت الأرواح بتلك الذر و جعل فيهم العقل و آلة السمع و آلة النطق حتى فهموا الخطاب و أجابوا و هم ذر

 58-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ إلى قالُوا بَلى قال كان محمد عليه و آله السلام أول من قال بلى قلت كانت رؤية معاينة قال ثبتت المعرفة في قلوبهم و أنسوا ذلك الميثاق و سيذكرونه بعد و لو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه و لا من يرزقه

 59-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة أن رجلا سأل أبا عبد الله ع عن قول الله وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ فقال و أبوه يسمع حدثني أبي أن الله تعالى قبض قبضة من تراب التربة التي خلق منها آدم فصب عليها الماء العذب الفرات فتركها أربعين صباحا ثم صب عليها الماء المالح الأجاج فتركها أربعين صباحا فلما اختمرت الطينة أخذها تبارك و تعالى فعركها عركا شديدا ثم هكذا حكى بسط كفيه فخرجوا كالذر من يمينه و شماله فأمرهم جميعا أن يقعوا في النار فدخل أصحاب اليمين فصارت عليهم بردا و سلاما و أبى أصحاب الشمال أن يدخلوها

   بيان قوله ع من يمينه و شماله أي من يمين الملك المأمور بهذا الأمر و شماله أو من يمين العرش و شماله أو استعار اليمين للجهة التي فيها اليمن و البركة و كذا الشمال بعكس ذلك

 60-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قول الله أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى قلت قالوا بألسنتهم قال نعم و قالوا بقلوبهم فقلت و أي شي‏ء كانوا يومئذ قال صنع منهم ما اكتفى به

 61-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ إلى أَنْفُسِهِمْ قال أخرج الله من ظهر آدم ذريته إلى يوم القيامة فخرجوا كالذر فعرفهم نفسه و أراهم نفسه و لو لا ذلك ما عرف أحد ربه و ذلك قوله وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ

 62-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الأصبغ بن نباتة عن علي ع قال أتاه ابن الكواء فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن الله تبارك و تعالى هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى فقال علي قد كلم الله جميع خلقه برهم و فاجرهم و ردوا عليه الجواب فثقل ذلك على ابن الكواء و لم يعرفه فقال له كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين فقال له أ و ما تقرأ كتاب الله إذ يقول لنبيه وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فقد أسمعكم كلامه و ردوا عليه الجواب كما تسمع في قول الله يا ابن الكواء قالُوا بَلى فقال لهم إني أنا الله لا إله إلا أنا و أنا الرحمن فأقروا له بالطاعة و الربوبية و ميز الرسل و الأنبياء و الأوصياء و أمر الخلق بطاعتهم فأقروا بذلك في الميثاق فقالت الملائكة عند إقرارهم بذلك شَهِدْنا عليكم يا بني آدم أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ

 63-  قال أبو بصير قلت لأبي عبد الله ع أخبرني عن الذر و حيث أشهدهم على أنفسهم أ لست بربكم قالوا بلى و أسر بعضهم خلاف ما أظهر قلت كيف علموا  القول حيث قيل لهم أ لست بربكم قال إن الله جعل فيهم ما إذا سألهم أجابوه

 64-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة و حمران عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قالا إن الله خلق الخلق و هي أظلة فأرسل رسوله محمدا ص فمنهم من آمن به و منهم من كذبه ثم بعثه في الخلق الآخر فآمن به من كان آمن به في الأظلة و جحده من جحد به يومئذ فقال فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ

 65-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قوله ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ إلى بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ قال بعث الله الرسل إلى الخلق و هم في أصلاب الرجال و أرحام النساء فمن صدق حينئذ صدق بعد ذلك و من كذب حينئذ كذب بعد ذلك

 66-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ع قال إن الله تبارك و تعالى هبط إلى الأرض في ظلل من الملائكة على آدم و هو بواد يقال له الروحاء و هو واد بين الطائف و مكة قال فمسح على ظهر آدم ثم صرخ بذريته و هم ذر قال فخرجوا كما يخرج النحل من كورها فاجتمعوا على شفير الوادي فقال الله لآدم انظر ما ذا ترى فقال آدم أرى ذرا كثيرا على شفير الوادي فقال الله يا آدم هؤلاء ذريتك أخرجتهم من ظهرك لأخذ عليهم الميثاق لي بالربوبية و لمحمد بالنبوة كما آخذه عليهم في السماء قال آدم يا رب و كيف وسعتهم ظهري قال الله يا آدم بلطف صنيعي و نافذ قدرتي قال آدم يا رب فما تريد منهم في الميثاق قال الله أن لا يشركوا بي شيئا قال آدم فمن أطاعك منهم يا رب فما جزاؤه قال أسكنه جنتي قال آدم فمن عصاك فما جزاؤه قال أسكنه ناري قال آدم يا رب لقد عدلت فيهم و ليعصينك أكثرهم إن لم تعصمهم

 بيان هبط إلى الأرض أي هبط و نزل أمره و وحيه مع طوائف كثيرة من الملائكة شبههم بالظلل في وفورهم و كثرتهم و تراكمهم و الظلل جمع الظلة و هي ما أظلك من  سحاب و نحوه و هذا مثل قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ و المسح كناية عن شمول اللطف و الرحمة

 67-  كشف، ]كشف الغمة[ من كتاب دلائل الحميري عن أبي هاشم الجعفري قال كنت عند أبي محمد ع فسأله محمد بن صالح الأرمني عن قول الله وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا قال أبو محمد ع ثبتت المعرفة و نسوا ذلك الموقف و سيذكرونه و لو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه و لا من رازقه قال أبو هاشم فجعلت أتعجب في نفسي من عظيم ما أعطى الله وليه و جزيل ما حمله فأقبل أبو محمد علي فقال الأمر أعجب مما عجبت منه يا أبا هاشم و أعظم ما ظنك بقوم من عرفهم عرف الله و من أنكرهم أنكر الله فلا مؤمن إلا و هو بهم مصدق و بمعرفتهم موقن

بيان اعلم أن أخبار هذا الباب من متشابهات الأخبار و معضلات الآثار و لأصحابنا رضي الله عنهم فيها مسالك. منها ما ذهب إليه الأخباريون و هو أنا نؤمن بها مجملا و نعترف بالجهل عن حقيقة معناها و عن أنها من أي جهة صدرت و نرد علمه إلى الأئمة ع. و منها أنها محمولة على التقية لموافقتها لروايات العامة و لما ذهبت إليه الأشاعرة و هم جلهم و لمخالفتها ظاهرا لما مر من أخبار الاختيار و الاستطاعة. و منها أنها كناية عن علمه تعالى بما هم إليه صائرون فإنه تعالى لما خلقهم مع علمه بأحوالهم فكأنه خلقهم من طينات مختلفة. و منها أنها كناية عن اختلاف استعداداتهم و قابلياتهم و هذا أمر بين لا يمكن إنكاره فإنه لا شبهة في أن النبي ص و أبا جهل ليسا في درجة واحدة من الاستعداد و القابلية و هذا لا يستلزم سقوط التكليف فإن الله تعالى كلف النبي ص حسب ما أعطاه من الاستعداد لتحصيل الكمالات و كلف أبا جهل حسب ما أعطاه من ذلك و لم يكلفه ما ليس في وسعه و لم يجبره على شي‏ء من الشر و الفساد.  و منها أنه لما كلف الله تعالى الأرواح أولا في الذر و أخذ ميثاقهم فاختاروا الخير و الشر باختيارهم في ذلك الوقت و تفرع اختلاف الطينة على ما اختاروه باختيارهم كما دل عليه بعض الأخبار السابقة فلا فساد في ذلك. و لا يخفى ما فيه و في كثير من الوجوه السابقة و ترك الخوض في أمثال تلك المسائل الغامضة التي تعجز عقولنا عن الإحاطة بكنهها أولى لا سيما في تلك المسألة التي نهى أئمتنا عن الخوض فيها و لنذكر بعض ما ذكره في ذلك علماؤنا رضوان الله عليهم و مخالفوهم.

فمنها ما ذكره الشيخ المفيد قدس الله روحه في جواب المسائل السروية

حيث سئل ما قوله أدام الله تأييده في معنى الأخبار المروية عن الأئمة الهادية ع في الأشباح و خلق الله تعالى الأرواح قبل خلق آدم ع بألفي عام و إخراج الذرية من صلبه على صور الذر و معنى قول رسول الله ص الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف.

الجواب و بالله التوفيق

أن الأخبار بذكر الأشباح تختلف ألفاظها و تتباين معانيها و قد بنت الغلاة عليها أباطيل كثيرة و صنفوا فيها كتبا لغوا فيها و هزءوا فيما أثبتوه منه في معانيها و أضافوا ما حوته الكتب إلى جماعة من شيوخ أهل الحق و تخرصوا الباطل بإضافتها إليهم من جملتها كتاب سموه كتاب الأشباح و الأظلة نسبوه في تأليفه إلى محمد بن سنان و لسنا نعلم صحة ما ذكروه في هذا الباب عنه و إن كان صحيحا فإن ابن سنان قد طعن عليه و هو متهم بالغلو فإن صدقوا في إضافة هذا الكتاب إليه فهو ضلال لضال عن الحق و إن كذبوا فقد تحملوا أوزار ذلك و الصحيح من حديث الأشباح الرواية التي جاءت عن الثقات بأن آدم ع رأى على العرش أشباحا يلمع نورها فسأل الله تعالى عنها فأوحى إليه أنها أشباح رسول الله ص و أمير المؤمنين و الحسن و الحسين و فاطمة ص و أعلمه أنه لو لا الأشباح التي رآها ما خلقه و لا خلق سماء و لا أرضا و الوجه فيما  أظهره الله تعالى من الأشباح و الصور لآدم أن دله على تعظيمهم و تبجيلهم و جعل ذلك إجلالا لهم و مقدمة لما يفترضه من طاعتهم و دليلا على أن مصالح الدين و الدنيا لا تتم إلا بهم و لم يكونوا في تلك الحال صورا مجيبة و لا أرواحا ناطقة لكنها كانت على مثل صورهم في البشرية يدل على ما يكونوا عليه في المستقبل في الهيئة و النور الذي جعله عليهم يدل على نور الدين بهم و ضياء الحق بحججهم و قد روي أن أسماءهم كانت مكتوبة إذ ذاك على العرش و أن آدم ع لما تاب إلى الله عز و جل و ناجاه بقبول توبته سأله بحقهم عليه و محلهم عنده فأجابه و هذا غير منكر في العقول و لا مضاد للشرع المنقول و قد رواه الصالحون الثقات المأمونون و سلم لروايته طائفة الحق و لا طريق إلى إنكاره و الله ولي التوفيق.

فصل

و مثل ما بشر الله به آدم ع من تأهيله نبيه ص لما أهله له و تأهيل أمير المؤمنين و الحسن و الحسين ع لما أهلهم له و فرض عليه تعظيمهم و إجلالهم كما بشر به في الكتب الأولى من بعثته لنبينا ص فقال في محكم كتابه النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ و قوله تعالى مخبرا عن المسيح ع وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ و قوله سبحانه وَ إِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَ حِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَ لَتَنْصُرُنَّهُ يعني رسول الله ص فحصلت البشائر به من الأنبياء و أممهم قبل إخراجه إلى العالم بالوجود و إنما أراد جل اسمه بذلك إجلاله و إعظامه و أن يأخذ العهد له على الأنبياء و الأمم كلها فلذلك أظهر لآدم ع صورة شخصه و أشخاص أهل بيته ع و أثبت أسماءهم له ليخبره بعاقبتهم و بين له عن محلهم عنده و منزلتهم لديه و لم يكونوا  في تلك الحال أحياء ناطقين و لا أرواحا مكلفين و إنما كانت أشباحهم دالة عليهم حسب ما ذكرناه.

فصل

و قد بشر الله عز و جل بالنبي و الأئمة ع في الكتب الأولى فقال في بعض كتبه التي أنزلها على أنبيائه ع و أهل الكتب يقرءونه و اليهود يعرفونه أنه ناجى إبراهيم الخليل ع في مناجاته إني قد عظمتك و باركت عليك و على إسماعيل و جعلت منه اثني عشر عظيما و كبرتهم جدا جدا و جعلت منهم شعبا عظيما لأمة عظيمة و أشباه ذلك كثير في كتب الله تعالى الأولى.

فصل

فأما الحديث في إخراج الذرية من صلب آدم ع على صورة الذر فقد جاء الحديث بذلك على اختلاف ألفاظه و معانيه و الصحيح أنه أخرج الذرية من ظهره كالذر فملأ بهم الأفق و جعل على بعضهم نورا لا يشوبه ظلمة و على بعضهم ظلمة لا يشوبها نور و على بعضهم نورا و ظلمة فلما رآهم آدم ع عجب من كثرتهم و ما عليهم من النور و الظلمة فقال يا رب ما هؤلاء قال الله عز و جل له هؤلاء ذريتك يريد تعريفه كثرتهم و امتلاء الآفاق بهم و أن نسله يكون في الكثرة كالذر الذي رآه ليعرفه قدرته و يبشره بإفضال نسله و كثرتهم فقال ع يا رب ما لي أرى على بعضهم نورا لا ظلمة فيه و على بعضهم ظلمة لا يشوبها نور و على بعضهم ظلمة و نورا فقال تبارك و تعالى أما الذين عليهم النور منهم بلا ظلمة فهم أصفيائي من ولدك الذي يطيعوني و لا يعصوني في شي‏ء من أمري فأولئك سكان الجنة و أما الذين عليهم ظلمة و لا يشوبها نور فهم الكفار من ولدك الذين يعصوني و لا يطيعوني فأما الذين عليهم نور و ظلمة فأولئك الذين يطيعوني من ولدك و يعصوني فيخلطون أعمالهم السيئة بأعمال حسنة فهؤلاء أمرهم إلي إن شئت عذبتهم فبعدلي و إن شئت عفوت عنهم فبفضلي فأنبأه الله تعالى بما يكون من ولده و شبههم بالذر الذي أخرجهم من ظهره و جعله علامة على كثرة ولده و يحتمل أن يكون ما أخرجه من ظهره و جعل أجسام ذريته دون أرواحهم و إنما فعل الله تعالى ذلك ليدل آدم ع على العاقبة منه و يظهر له من قدرته و سلطانه و عجائب صنعته و أعلمه  بالكائن قبل كونه و ليزداد آدم ع يقينا بربه و يدعوه ذلك إلى التوفر على طاعته و التمسك بأوامره و الاجتناب لزواجره فأما الأخبار التي جاءت بأن ذرية آدم ع استنطقوا في الذر فنطقوا فأخذ عليهم العهد فأقروا فهي من أخبار التناسخية و قد خلطوا فيها و مزجوا الحق بالباطل و المعتمد من إخراج الذرية ما ذكرناه دون ما عداه مما استمر القول به على الأدلة العقلية و الحجج السمعية و إنما هو تخليط لا يثبت به أثر على ما وصفناه.

فصل

فإن تعلق متعلق بقوله تبارك اسمه وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ فظن بظاهر هذا القول تحقق ما رواه أهل التناسخ و الحشوية و العامة في إنطاق الذرية و خطابهم و أنهم كانوا أحياء ناطقين فالجواب عنه أن لهذه الآية من المجاز في اللغة كنظائرها مما هو مجاز و استعارة و المعنى فيها أن الله تبارك و تعالى أخذ من كل مكلف يخرج من ظهر آدم و ظهور ذريته العهد عليه بربوبيته من حيث أكمل عقله و دله بآثار الصنعة على حدثه و أن له محدثا أحدثه لا يشبهه يستحق العبادة منه بنعمة عليه فذلك هو أخذ العهد منهم و آثار الصنعة فيهم و الإشهاد لهم على أنفسهم بأن الله تعالى ربهم و قوله تعالى قالُوا بَلى يريد به أنهم لم يمتنعوا من لزوم آثار الصنعة فيهم و دلائل حدثهم اللازمة لهم و حجة العقل عليهم في إثبات صانعهم فكأنه سبحانه لما ألزمهم الحجة بعقولهم على حدثهم و وجود محدثهم قال لهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ فلما لم يقدروا على الامتناع من لزوم دلائل الحدث لهم كانوا كقائلين بَلى شَهِدْنا و قوله تعالى أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَ كُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَ فَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ أ لا ترى أنه احتج عليهم بما لا يقدرون يوم القيامة أن يتأولوا في إنكاره و لا يستطيعون و قد قال سبحانه وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَ كَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ  الْعَذابُ و لم يرد أن المذكور يسجد كسجود البشر في الصلاة و إنما أراد به غير ممتنع من فعل الله فهو كالمطيع لله و هو معبر عنه بالساجد قال الشاعر.

بجمع تضل البلق في حجراته. ترى الأكم فيها سجدا للحوافر.

يريد أن الحوافر تذل الأكم بوطيها عليها. و قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ و هو سبحانه لم يخاطب السماء بكلام و لا السماء قالت قولا مسموعا و إنما أراد أنه عمد إلى السماء فخلقها و لم يتعذر عليه صنعتها فكأنه لما خلقها فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً فلما تعلقت بقدرته كانتا كالقائل أَتَيْنا طائِعِينَ و كمثل قوله تعالى يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ و الله تعالى يجل عن خطاب النار و هي مما لا يعقل و لا يتكلم و إنما الخبر عن سعتها و أنها لا تضيق بمن يحلها من المعاقبين و ذلك كله على مذهب أهل اللغة و عادتهم في المجاز أ لا ترى إلى قول شاعر.

و قالت له العينان سمعا و طاعة. و أسبلتا كالدر ما لم يثقب.

و العينان لم تقولا قولا مسموعا و لكنه أراد منهما البكاء فكانت كما أراد من غير تعذر عليه و مثله قول عنترة.

فازور من وقع القنا بلبانه. و شكا إلي بعبرة و تحمم.

  و الفرس لا يشتكي قولا لكنه ظهر منه علامة الخوف و الجزع فسمي ذلك قولا و منه قول الآخر. و شكا إلي جملي طول السرى. و الجمل لا يتكلم لكنه لما ظهر منه النصب و الوصب لطول السرى عبر عن هذه العلامة بالشكوى التي تكون كالنطق و الكلام و منه قولهم أيضا.

امتلأ الحوض و قال قطني. حسبك مني قد ملأت بطني.

و الحوض لم يقل قطني لكنه لما امتلأ بالماء عبر عنه بأنه قال حسبي و لذلك أمثال كثيرة في منثور كلام العرب و منظومة و هو من الشواهد على ما ذكرناه في تأويل الآية و الله تعالى نسأل التوفيق.

فصل

فأما الخبر بأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فهو من أخبار الآحاد و قد روته العامة كما روته الخاصة و ليس هو مع ذلك مما يقطع على الله بصحته و إنما نقله رواته لحسن الظن به و إن ثبت القول فالمعنى فيه أن الله تعالى قدر الأرواح في علمه قبل اختراع الأجساد و اخترع الأجساد و اخترع لها الأرواح فالخلق للأرواح قبل الأجساد خلق تقدير في العلم كما قدمناه و ليس بخلق لذواتها كما وصفناه و الخلق لها بالإحداث و الاختراع بعد خلق الأجسام و الصور التي تدبرها الأرواح و لو لا أن ذلك كذلك لكانت الأرواح تقوم بأنفسها و لا تحتاج إلى آلات يعتملها و لكنا نعرف ما سلف لنا من الأحوال قبل خلق الأجساد كما نعلم أحوالنا بعد خلق الأجساد و هذا محال لا خفاء بفساده. و أما الحديث بأن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف فالمعنى فيه أن الأرواح التي هي الجواهر البسائط تتناصر بالجنس و تتخاذل بالعوارض فما تعارف منها باتفاق الرأي و الهوى ائتلف و ما تناكر منها  بمباينة في الرأي و الهوى اختلف و هذا موجود حسا و مشاهد و ليس المراد بذلك أن ما تعارف منها في الذر ائتلف كما يذهب إليه الحشوية كما بيناه من أنه لا علم للإنسان بحال كان عليها قبل ظهوره في هذا العالم و لو ذكر بكل شي‏ء ما ذكر ذلك فوضح بما ذكرناه أن المراد بالخبر ما شرحناه و الله الموفق للصواب انتهى.

أقول 267-  طرح ظواهر الآيات و الأخبار المستفيضة بأمثال تلك الدلائل الضعيفة و الوجوه السخيفة جرأة على الله و على أئمة الدين و لو تأملت فيما يدعوهم إلى ذلك من دلائلهم و ما يرد عليها من الاعتراضات الواردة لعرفت أن بأمثالها لا يمكن الاجتراء على طرح خبر واحد فكيف يمكن طرح تلك الأخبار الكثيرة الموافقة لظاهر الآية الكريمة بها و بأمثالها و سيأتي الأخبار الدالة على تقدم خلق الأرواح على الأجساد في كتاب السماء و العالم و سنتكلم عليها.

و منها ما ذكره السيد المرتضى رضي الله عنه في قوله تعالى وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ الآية

حيث قال و قد ظن بعض من لا بصيرة له و لا فطنة عنده أن تأويل هذه الآية أن الله سبحانه استخرج من ظهر آدم ع جميع ذريته و هم في خلق الذر فقررهم بمعرفته وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ و هذا التأويل مع أن العقل يبطله و يحيله مما يشهد ظاهر القرآن بخلافه لأن الله تعالى قال وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ و لم يقل من آدم و قال من ظُهُورِهِمْ و لم يقل من ظهوره و قال ذُرِّيَّتَهُمْ و لم يقل ذريته ثم أخبر تعالى بأنه فعل ذلك لئلا يقولوا يوم القيامة إنهم كانوا عن هذا غافلين أو يعتذروا بشرك آبائهم و أنهم نشئوا على دينهم و سنتهم و هذا يقتضي أن الآية لم تتناول ولد آدم ع لصلبه و أنها إنما تناولت من كان له آباء مشركون و هذا يدل على اختصاصها ببعض ذرية بني آدم فهذه شهادة الظاهر ببطلان تأويلهم فأما شهادة العقول فمن حيث لا تخلو هذه الذرية التي استخرجت من ظهر آدم ع و خوطبت و قررت من أن تكون كاملة العقول مستوفية بشروط التكليف أو لا تكون كذلك فإن كانت بالصفة الأولى وجب أن يذكر هؤلاء بعد خلقهم و إنشائهم و إكمال عقولهم ما كانوا عليه في تلك الحال و ما قرروا به و استشهدوا عليه لأن العاقل  لا ينسى ما جرى هذا المجرى و إن بعد العهد و طال الزمان و لهذا لا يجوز أن يتصرف أحدنا في بلد من البلدان و هو عاقل كامل فينسى مع بعد العهد جميع تصرفه المتقدم و سائر أحواله و ليس أيضا لتخلل الموت بين الحالين تأثير لأنه لو كان تخلل الموت يزيل الذكر لكان تخلل النوم و السكر و الجنون و الإغماء بين أحوال العقلاء يزيل ذكرهم لما مضى من أحوالهم لأن سائر ما عددناه مما ينفي العلوم يجري مجرى الموت في هذا الباب و ليس لهم أن يقولوا إذا جاز في العاقل الكامل أن ينسى ما كان عليه في حال الطفولية جاز ما ذكرنا و ذلك أنا إنما أوجبنا ذكر العقلاء لما ادعوه إذا كملت عقولهم من حيث جرى عليهم و هم كاملو العقل و لو كانوا بصفة الأطفال في تلك الحال لم نوجب عليهم ما أوجبناه على أن تجويز النسيان عليهم ينقض الغرض في الآية و ذلك أن الله تعالى أخبر بأنه إنما قررهم و أشهدهم لئلا يدعوا يوم القيامة الغفلة عن ذلك و سقوط الحجة عنهم فيه فإذا جاز نسيانهم له عاد الأمر إلى سقوط الحجة عنهم و زواله. و إن كانوا على الصفة الثانية من فقد العلم و شرائط التكليف قبح خطابهم و تقريرهم و إشهادهم و صار ذلك عبثا قبيحا يتعالى الله عنه. فإن قيل قد أبطلتم تأويل مخالفيكم فما تأويلها الصحيح عندكم. قلنا في الآية وجهان أحدهما أن يكون تعالى إنما عنى بها جماعة من ذرية بني آدم خلقهم و بلغهم و أكمل عقولهم و قررهم على ألسن رسله ع بمعرفته و ما يجب من طاعته فأقروا بذلك وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ به لئلا يقولوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ أو يعتذروا بشرك آبائهم و إنما أتي من اشتبه عليه تأويل الآية من حيث ظن أن اسم الذرية لا يقع إلا على من لم يكن كاملا عاقلا و ليس الأمر كما ظن لأنا نسمي جميع البشر بأنهم ذرية آدم و إن دخل فيهم العقلاء الكاملون و قد قال الله تعالى رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ و لفظ الصالح لا يطلق إلا على من كان كاملا عاقلا فإن استبعدوا تأويلنا و حملنا الآية على البالغين المكلفين فهذا جوابهم.

  الجواب الثاني أنه تعالى لما خلقهم و ركبهم تركيبا يدل على معرفته و يشهد بقدرته و وجوب عبادته و أراهم العبر و الآيات و الدلائل في غيرهم و في أنفسهم كان بمنزلة المشهد لهم على أنفسهم و كانوا في مشاهدة ذلك و معرفته و ظهوره فيهم على الوجه الذي أراده الله تعالى و تعذر امتناعهم منه و انفكاكهم من دلالته بمنزلة المقر المعترف و إن لم يكن هناك إشهاد و لا اعتراف على الحقيقة و يجري ذلك مجرى قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ و إن لم يكن منه تعالى قول على الحقيقة و لا منهما جواب و مثله قوله تعالى شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ و نحن نعلم أن الكفار لم يعترفوا بالكفر بألسنتهم و إنما ذلك لما ظهر منهم ظهورا لا يتمكنون من دفعه كانوا بمنزلة المعترفين به و مثل هذا قولهم جوارحي تشهد بنعمتك و حالي معترفة بإحسانك. و ما روي عن بعض الحكماء من قوله سل الأرض من شق أنهارك و غرس أشجارك و جنى ثمارك فإن لم تجبك جؤارا أجابتك اعتبارا و هذا باب كبير و له نظائر كثيرة في النظم و النثر يغني عن ذكر جميعها القدر الذي ذكرناه منها.

و منها ما ذكره الرازي في تفسير تلك الآية

حيث قال في تفسير تلك الآية قولان مشهوران. الأول و هو مذهب المفسرين و أهل الأثر

 ما روى مسلم بن يسار الجهني أن عمر سئل عن هذه الآية فقال سمعت رسول الله ص سئل عنها فقال إن الله خلق آدم ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة و بعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار و بعمل أهل النار يعملون فقال رجل يا رسول الله ففيم العمل فقال رسول الله ص إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخل الجنة و إذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخل النار

 و عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص لما خلق الله آدم  مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة من ذريته إلى يوم القيامة

و قال مقاتل إن الله مسح صفحة ظهر آدم اليمنى فخرج منه ذرية بيضاء كهيئة الذر تتحرك ثم مسح صفحة ظهره اليسرى فخرج منه ذرية سود كهيئة الذر فقال يا آدم هؤلاء ذريتك ثم قال لهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى فقال للبيض هؤلاء في الجنة برحمتي و هم أصحاب اليمين و قال للسود هؤلاء في النار و لا أبالي و هم أصحاب الشمال و أصحاب المشأمة ثم أعادهم جميعا في صلب آدم فأهل القبور محبوسون حتى يخرج أهل الميثاق كلهم من أصلاب الرجال و أرحام النساء و قال تعالى فيمن نقض العهد الأول وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ و هذا القول قد ذهب إليه كثير من قدماء المفسرين كسعيد بن المسيب و سعيد بن جبير و الضحاك و عكرمة و الكلبي. و أما المعتزلة فقد أطبقوا على أنه لا يجوز تفسير هذه الآية بهذه الوجه و احتجوا على فساد هذا القول بوجوه. الأول أنه قال مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ فقوله مِنْ ظُهُورِهِمْ بدل من قوله بَنِي آدَمَ فلم يذكر الله أنه أخذ من ظهر آدم شيئا. الثاني أنه لو كان كذلك لما قال مِنْ ظُهُورِهِمْ و لا من ذريتهم بل قال من ظهره و ذريته. الثالث أنه تعالى حكى عن أولئك الذرية أنهم قالوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ و هذا الكلام لا يليق بأولاد آدم لأنه ع ما كان مشركا. الرابع أن أخذ الميثاق لا يمكن إلا من العاقل فلو أخذ الله الميثاق من أولئك لكانوا عقلاء و لو كانوا عقلاء و أعطوا ذلك الميثاق حال عقلهم لوجب أن يتذكروا في هذا الوقت أنهم أعطوا الميثاق قبل دخولهم في هذا العالم لأن الإنسان إذا وقعت له واقعة عظيمة مهيبة فإنه لا يجوز مع كونه عاقلا أن ينساها نسيانا كليا لا يتذكر منها  شيئا لا بالقليل و لا بالكثير و بهذا الدليل يبطل القول بالتناسخ فإنا نقول لو كانت أرواحنا قد حصلت قبل هذه الأجساد في أجساد أخرى لوجب أن نتذكر الآن أنا كنا قبل هذا الجسد في أجساد أخرى و حيث لم نتذكر ذلك كان القول بالتناسخ باطلا فإذا كان اعتقادنا في إبطال التناسخ ليس إلا على هذا الدليل و هذا الدليل بعينه قائم في هذه المسألة وجب القول بمقتضاه. الخامس أن جميع الخلق الذين خلقهم الله من أولاد آدم ع عدد عظيم و كثرة كثيرة فالمجموع الحاصل من تلك الذرات تبلغ مبلغا في الحجمية و المقدار و صلب آدم ع على صغره يبعد أن يتسع لهذا المجموع. السادس أن البنية شرط لحصول الحياة و العقل و الفهم إذ لو لم يكن كذلك لم يبعد في كل ذرة من ذرات الهباء أن تكون عاقلا فاهما مصنفا للتصانيف الكثيرة في العلوم الدقيقة و فتح هذا الباب يقتضي إلى التزام الجهالات و إذا ثبت أن البنية شرط لحصول الحياة فكل واحد من تلك الذرات لا يمكن أن يكون فاهما عاقلا إلا إذا حصلت له قدرة من البنية و الجثة و إذا كان كذلك فمجموع تلك الأشخاص الذين خرجوا إلى الوجود من أول تخليق آدم إلى آخر فناء الدنيا لا تحويهم عرصة الدنيا فكيف يمكن أن يقال إنهم بأسرهم حصلوا دفعة واحدة في صلب آدم ع. السابع قالوا هذا الميثاق إما أن يكون قد أخذه الله منهم في ذلك الوقت ليصير حجة عليهم في ذلك الوقت أو ليصير حجة عليهم عند دخولهم في دار الدنيا و الأول باطل لانعقاد الإجماع على أن بسبب ذلك القدر من الميثاق لا يصيرون مستحقين للثواب و العقاب و المدح و الذم و لا يجوز أن يكون المطلوب منه أن يصير ذلك حجة عليهم عند دخولهم في دار الدنيا لأنهم لما لم يذكروا ذلك الميثاق في الدنيا فكيف يصير حجة عليهم في التمسك بالإيمان. الثامن قال الكعبي إن حال أولئك الذرية لا يكون أعلى في الفهم و العلم من حال الأطفال فلما لم يمكن توجيه التكليف على الطفل فكيف يمكن توجيه على أولئك الذر.

  و أجاب الزجاج عنه و قال لما لم يبعد أن يؤتي الله النمل العقل كما قال قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ و أن يعطي الجبل الفهم حتى يسبح كما قال وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ و كما أعطى الله العقل للبعير حتى سجد للرسول ص و للنخلة حتى سمعت و انقادت حين دعيت فكذا هاهنا. التاسع أن أولئك الذر في ذلك الوقت إما أن يكونوا كاملي العقول و القدر أو ما كانوا كذلك فإن كان الأول كانوا مكلفين لا محالة و إنما يبقون مكلفين إذا عرفوا الله بالاستدلال و لو كانوا كذلك لما امتازت أحوالهم في ذلك الوقت عن أحوالهم في هذه الحياة الدنيا فلو افتقر التكليف في الدنيا إلى سبق ذلك الميثاق لافتقر التكليف في وقت ذلك الميثاق إلى سبق ميثاق آخر و لزم التسلسل و هو محال. و أما الثاني و هو أن يقال إنهم في وقت ذلك الميثاق ما كانوا كاملي العقول و لا كامليالقدر فحينئذ يمتنع توجيه الخطاب و التكليف عليهم. العاشرة قوله تعالى فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ و لو كانت تلك الذرات عقلاء فاهمين كاملين لكانوا موجودين قبل هذا الماء الدافق و لا معنى للإنسان إلا ذلك الشي‏ء فحينئذ لا يكون الإنسان مخلوقا من الماء الدافق و ذلك رد لنص القرآن. فإن قالوا لم لا يجوز أن يقال إنه تعالى خلقه كامل العقل و الفهم و القدرة عند الميثاق ثم أزال عقله و فهمه و قدرته ثم إنه خلقه مرة أخرى في رحم الأم و أخرجه إلى هذه الحياة. قلنا هذا باطل لأنه لو كان الأمر كذلك لما كان خلق من النطفة خلقا على سبيل الابتداء بل كان يجب أن يكون خلقا على سبيل الإعادة و أجمع المسلمون على أن خلقه من النطفة هو الخلق المبتدأ فدل هذا على أن ما ذكرتموه باطل. الحادي عشر هي أن تلك الذرات إما أن يقال إنه عين هؤلاء الناس أو غيرهم  و القول الثاني باطل بالإجماع و في القول الأول فنقول إما أن يقال إنهم بقوا فهماء عقلاء قادرين حال ما كانوا نطفة و علقة و مضغة أو ما بقوا كذلك و الأول باطل ببديهة العقل و الثاني يقتضي أن يقال الإنسان حصل له الحياة أربع مرات أولها وقت الميثاق و ثانيها في الدنيا و ثالثها في القبر و رابعها في القيامة و أنه حصل له الموت ثلاث مرات موت بعد الحياة الحاصلة في الميثاق الأول و موت في الدنيا و موت في القبر و هذا العدد مخالف للعدد المذكور في قوله تعالى رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ. الثاني عشر قوله تعالى وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ فلو كان القول بهذا الذر صحيحا لكان ذلك الذر هو الإنسان لأنه هو المكلف المخاطب المثاب المعاقب و ذلك باطل لأن الذر غير مخلوق من النطفة و العلقة و المضغة و نص الكتاب دليل على أن الإنسان مخلوق من النطفة و العلقة و المضغة و هو قوله وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ و قوله قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ مِنْ أَيِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ فهذه جملة الوجوه المذكورة في بيان أن هذا القول ضعيف. و القول الثاني في تفسير هذه الآية قول أصحاب النظر و أرباب المعقولات أنه أخرج الذر و هم الأولاد من أصلاب آبائهم و ذلك الإخراج أنهم كانوا نطفة فأخرجها الله تعالى في أرحام الأمهات و جعلها علقة ثم مضغة ثم جعلهم بشرا سويا و خلقا كاملا ثم أشهدهم على أنفسهم بما ركب فيهم من دلائل وحدانيته و عجائب خلقه و غرائب صنعه فبالإشهاد صاروا كأنهم قالوا بلى و إن لم يكن هناك قول باللسان لذلك نظائر. منها قوله تعالى فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ. و منها قوله تعالى إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْ‏ءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. و قول العرب قال الجدار للوتد لم تشقني قال سل من يدقني فإن الذي ورائي ما خلاني و رأيي و قال الشاعر. امتلأ الحوض و قال قطني.

  فهذا النوع من المجاز و الاستعارة مشهورة في الكلام فوجب حمل الكلام عليه فهذا هو الكلام في تقرير هذين القولين و هذا القول الثاني لا طعن فيه البتة و بتقدير أن يصح هذا القول لم يكن ذلك منافيا لصحة القول الأول إنما الكلام في أن القول الأول هل يصح أم لا. فإن قال قائل فما المختار عندكم فيه قلنا هاهنا مقامان أحدهما أنه هل يصح القول بأخذ الميثاق عن الذر و الثاني أن بتقدير أن يصح القول به فهل يمكن جعله تفسيرا لألفاظ هذه الآية. أما المقام الأول فالمنكرون له قد تمسكوا بالدلائل العقلية التي ذكرناها و قررناها. و يمكن الجواب عن كل واحد منها بوجه مقنع. أما الوجه الأول من الوجوه العقلية المذكورة و هو أنه لو صح القول بأخذ هذا الميثاق لوجب أن نتذكره الآن. قلنا خالق العلم بحصول الأحوال الماضية هو الله تعالى لأن هذه العلوم عقلية ضرورية و العلوم الضروريةخالقها هو الله تعالى و إذا كان كذلك صح منه تعالى أن يخلقها. فإن قالوا فإذا جوزتم هذا فجوزوا أن يقال إن قبل هذا البدن كنا في أبدان أخرى على سبيل التناسخ و إن كنا لا نتذكر الآن أحوال تلك الأبدان قلنا الفرق بين الأمرين ظاهر و ذلك لأنا إذا كنا في أبدان أخرى و بقينا فيها سنين و دهورا امتنع في مجرى العادة نسيانها أما أخذ هذا الميثاق إنما حصل في أسرع زمان و أقل وقت فلم يبعد حصول النسيان و الفرق الظاهر حاكم بصحة هذا الفرق لأن الإنسان إذا بقي على العمل الواحد سنين كثيرة يمتنع أن ينساها أما إذا مارس العمل الواحد لحظة واحدة فقد ينساها فظهر الفرق. و أما الوجه الثاني و هو أن يقال مجموع تلك الذرات يمتنع حصولها بأسرها في  ظهر آدم ع قلنا عندنا البنية ليست شرطا لحصول الحياة و الجوهر الفرد و الجزء الذي لا يتجزى قابل للحياة و العقل فإذا جعلنا كل واحد من تلك الذرات جوهرا فردا فلم قلتم إن ظهر آدم لا يتسع لمجموعها إلا أن هذا الجواب لا يتم إلا إذا قلنا الإنسان جوهر فرد و جزء لا يتجزى في البدن على ما هو مذهب بعض القدماء و أما إذا قلنا الإنسان هو النفس الناطقة و أنه جوهر غير متحيز و لا حال في متحيز فالسؤال زائل. و أما الوجه الثالث و هو قوله فائدة أخذ الميثاق هي أن تكون حجة في ذلك الوقت أو في الحياة الدنيا فجوابنا أن نقول يفعل الله ما يشاء و يحكم ما يريد و أيضا أ ليس أن من المعتزلة إذا أرادوا تصحيح القول بوزن الأعمال و إنطاق الجوارح قالوا لا يبعد أن يكون لبعض المكلفين في إسماع هذه الأشياء لطف فكذا هاهنا لا يبعد أن يكون لبعض الملائكة من تميز السعداء من الأشقياء في وقت أخذ الميثاق لطف و قيل أيضا إن الله تعالى يذكرهم ذلك الميثاق يوم القيامة و بقية الوجوه ضعيفة و الكلام عليها سهل هين. و أما المقام الثاني و هو أن بتقدير أن يصح القول بأخذ الميثاق من الذر فهل يمكن جعله تفسيرا لألفاظ هذه الآية فنقول الوجوه الثلاثة المذكورة أولا دافعة لذلك لأن قوله أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ فقد بينا أن المراد منه و إذ أخذ ربك من ظهور بني آدم و أيضا لو كانت هذه الذرية مأخوذة من ظهر آدم لقال من ظهره ذريته و لم يقل مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ أجاب الناصرون لذلك القول بأنه صحت الرواية عن رسول الله ص أنه فسر هذه الآية بهذا الوجه و الطعن في تفسير رسول الله ص غير ممكن فنقول ظاهر الآية تدل على أنه تعالى أخرج ذرا من ظهور بني آدم فيحمل ذلك على أنه تعالى يعلم أن الشخص الفلاني يتولد منه فلان و من ذلك الفلان فلان آخر فعلى الترتيب الذي علم دخولهم في الوجود يخرجهم و يميز بعضهم من بعض و أما أنه تعالى يخرج كل تلك الذرية من صلب آدم فليس في لفظ الآية ما يدل على ثبوته و ليس في الآية أيضا ما يدل على بطلانه إلا أن الخبر قد دل عليه فثبت

  إخراج الذرية من ظهور بني آدم في القرآن و ثبت إخراج الذرية من ظهر آدم بالخبر و على هذا التقدير فلا منافاة بين الأمرين و لا مدافعة فوجب المصير إليهما معا صونا للآية و الخبر عن الطعن بقدر الإمكان فهذا منتهى الكلام في تقرير هذا المقام انتهى.

و لنكتف بنقل ما نقلناه من غير تعرض لجرح و تعديل فإن من له بصيرة نافذة إذا أحاط بما نقلنا من الأخبار و كلام من تكلم في ذلك يتضح له طريق الوصول إلى ما هو الحق في ذلك بفضله تعالى ثم اعلم أنه سيأتي بعض الأخبار المناسبة لهذا الباب في باب علة استلام الحجر من كتاب الحج و باب خلق الأئمة و باب أخذ ميثاقهم ع من كتاب الإمامة و أبواب أحوال آدم ع من كتاب النبوة