باب 15- علة خلق العباد و تكليفهم و العلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات و الآلام و المحن

الآيات الحجر وَ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ الأنبياء وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَ لَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ المؤمن أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ الفرقان قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً الروم أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ و قال تعالى ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ الأحزاب إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا ص وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما باطِلًا ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا الزمر خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ حمعسق وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ  الدخان وَ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ ما خَلَقْناهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ الجاثية وَ خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَ لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ الأحقاف ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى الذاريات وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَ ما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ القيامة أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً تفسير قال البيضاوي في قوله تعالى وَ ما خَلَقْنَا السَّماءَ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما لاعِبِينَ و إنما خلقناها مشحونة بضروب البدائع تبصرة للنظار و تذكرة لذوي الاعتبار و تسبيبا لما ينتظم به أمور العباد في المعاش و المعاد فينبغي أن يتشبثوا بها إلى تحصيل الكمال و لا يغتروا بزخارفها فإنها سريعة الزوال لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً ما يتلهى به و يلعب لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا من جهة قدرتنا أو من عندنا مما يليق بحضرتنا من المجردات لا من الأجسام المرفوعة و الأجرام المبسوطة كعادتكم في رفع السقوف و تزويقها و تسوية الفروش و تزيينها و قيل اللهو الولد بلغة اليمن و قيل الزوجة و المراد الرد على النصارى إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ ذلك و يدل على جوابه الجواب المتقدم و قيل إن نافية و الجملة كالنتيجة للشرطية بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ الذي من عداد اللهو فَيَدْمَغُهُ فيمحقه فَإِذا هُوَ زاهِقٌ هالك انتهى.  قوله تعالى أَ فَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً استدلال على البعث بأن لذات هذه الدار الفانية لا تليق بأن تكون مقصودة لخلق هذه العالم مع هذه الآلام و المشاق و المصائب المشاهدة فيها فلو لم يكن لاستحقاق دار أخرى باقية خالية عن المحن و الآلام لكان الخلق عبثا و لذا قال بعده وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ. قوله تعالى قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي لَوْ لا دُعاؤُكُمْ أي ما يصنع بكم أو لا يعتد بكم لو لا دعاؤكم إلى الدين أو لو لا عبادتكم أو لو لا دعاؤكم لله عند الشدائد و هو المروي عن أبي جعفر ع. قوله تعالى إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ قيل هي التكليف بالأوامر و النواهي و المعنى أنها لعظمة شأنها بحيث لو عرضت على هذه الأجرام و العظام و كانت ذا شعور و إدراك لأبين أن يحملنها و أشفقن منها و حملها الإنسان مع ضعف بنيته و رخاوة قوته لا جرم فإن الراعي لها بخير الدارين إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً حيث لم يراع حقها جَهُولًا بكنه عاقبتها و قيل المراد الطاعة التي تعم الاختيارية و الطبيعية و عرضها استدعاؤها الذي يعم طلب الفعل من المختار و إرادة صدوره من غيره و بحملها الخيانة فيها و الامتناع عن أدائها و الظلم و الجهالة الخيانة و التقصير و قيل إنه تعالى لما خلق هذه الأجرام خلق فيها فهما و قال لها إني فرضت فريضة و نارا لمن عصاني فقلن نحن مسخرات على ما خلقنا لا نحتمل فريضة و لا نبغي ثوابا و لا عقابا و لما خلق آدم عرض عليه مثل ذلك فحمله و كان ظلوما لنفسه بتحمل ما يشق عليها جهولا بوخامة عاقبته و قيل المراد بالأمانة العقل أو التكليف و بعرضها عليهن اعتبارها بالإضافة إلى استعدادهن و بإبائهن الإباء الطبيعي الذي هو عدم اللياقة و الاستعداد و بحمل الإنسان قابليته و استعداده لها و كونه ظلوما جهولا لما غلب عليه من القوة

   الغضبية و الشهوية و قد ورد في بعض الروايات أن المراد بها الخلافة و المراد بالإنسان أبو بكر و سيأتي شرحها في أبواب الآيات النازلة في أمير المؤمنين ع

 1-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الحسين بن عبيد الله عن الحسن بن علي بن أبي عثمان عن عبد الكريم بن عبيد الله عن سلمة بن عطا عن أبي عبد الله ع قال خرج الحسين بن علي ع على أصحابه فقال أيها الناس إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه فقال له رجل يا ابن رسول الله بأبي أنت و أمي فما معرفة الله قال معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته

 قال الصدوق رحمه الله يعني بذلك أن يعلم أهل كل زمان أن الله هو الذي لا يخليهم في كل زمان من إمام معصوم فمن عبد ربا لم يقم لهم الحجة فإنما عبد غير الله عز و جل. بيان يحتمل أن يكون المراد أن معرفة الله تعالى إنما ينفع مع سائر العقائد التي منها معرفة الإمام أو أن معرفة الله إنما يحصل من معرفة الإمام إذ هو السبيل إلى معرفته تعالى

   -2  ع، ]علل الشرائع[ الطالقاني عن عبد العزيز بن يحيى الجلودي عن محمد بن زكريا الجوهري عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال سألت الصادق جعفر بن محمد ع فقلت له لم خلق الله الخلق فقال إن الله تبارك و تعالى لم يخلق خلقه عبثا و لم يتركهم سدى بل خلقهم لإظهار قدرته و ليكلفهم طاعته فيستوجبوا بذلك رضوانه و ما خلقهم ليجلب منهم منفعة و لا ليدفع بهم مضرة بل خلقهم لينفعهم و يوصلهم إلى نعيم الأبد

 3-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن الحميري عن هارون عن ابن زياد قال قال رجل لجعفر بن محمد ع يا أبا عبد الله إنا خلقنا للعجب قال و ما ذاك الله أنت قال خلقنا للفناء فقال مه يا ابن أخ خلقنا للبقاء و كيف تفنى جنة لا تبيد و نار لا تخمد و لكن قل إنما نتحول من دار إلى دار

 4-  ع، ]علل الشرائع[ الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي عن أبيه عن محمد بن عمارة السكري عن إبراهيم بن عاصم عن عبد الله بن هارون الكرخي عن أحمد بن عبد الله بن يزيد بن سلام بن عبد الله مولى رسول الله ص عن أبيه عبد الله عن أبيه يزيد عن أبيه سلام بن عبد الله أخي عبد الله بن سلام عن عبد الله بن سلام مولى رسول الله ص قال في صحف موسى بن عمران ع يا عبادي إني لم أخلق الخلق لأستكثر بهم من قلة و لا لآنس بهم من وحشة و لا لأستعين بهم على شي‏ء عجزت عنه و لا لجر منفعة و لا لدفع مضرة و لو أن جميع خلقي من أهل السماوات و الأرض اجتمعوا على طاعتي و عبادتي لا يفترون عن ذلك ليلا و لا نهارا ما زاد ذلك في ملكي شيئا سبحاني و تعاليت عن ذلك

 5-  ع، ]علل الشرائع[ السناني عن محمد الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن علي بن سالم  عن أبيه عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله ع عن قوله عز و جل وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ قال خلقهم ليأمرهم بالعبادة قال و سألته عن قوله عز و جل وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ قال خلقهم ليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم

 بيان قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى إِلَّا لِيَعْبُدُونِ أي لم أخلق الجن و الإنس إلا لعبادتهم إياي فإذا عبدوني استحقوا الثواب و قيل إلا لآمرهم و أنهاهم و أطلب منهم العبادة و اللام لام الغرض و المراد أن الغرض في خلقهم تعريض الثواب و ذلك لا يحصل إلا بأداء العبادات فصار كأنه سبحانه خلقهم للعبادة ثم إنه إذا لم يعبده قوم لم يبطل الغرض و يكون كمن هيأ طعاما لقوم و دعاهم ليأكلوه فحضروا و لم يأكله بعضهم فإنه لا ينسب إلى السفه و يصح غرضه فإن الأكل موقوف على اختيار الغير و كذلك المسألة فإن الله إذا أزاح علل المكلفين من القدرة و الآلة و الألطاف و أمرهم بعبادته فمن خالف فقد أتى من قبل نفسه لا من قبله سبحانه و قيل معناه إلا ليقروا بالعبودية طوعا و كرها ثم قال تعالى ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَ ما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ لنفي إيهام أن يكون ذلك لعائدة نفع تعود إليه تعالى فبين أنه لعائدة النفع على الخلق دونه تعالى لأنه غني بنفسه غير محتاج إلى غيره و كل الخلق محتاجون إليه و قيل معناه ما أريد أن يرزقوا أحدا من خلقي و إنما أسند الطعام إلى نفسه لأن الخلق كلهم عيال الله و من أطعم عيال أحد فقد أطعمه

 6-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن البرقي عن عبد الله بن أحمد النهيكي عن علي بن الحسن الطاطري عن درست عن جميل قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك ما معنى قول الله عز و جل وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ فقال خلقهم للعبادة

 7-  ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن الحسن بن فضال عن ثعلبة عن جميل عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله عز و جل وَ ما خَلَقْتُ  الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ قال خلقهم للعبادة قلت خاصة أم عامة قال لا بل عامة

 بيان لما توهم الراوي أن معنى الآية أن الغرض من الخلق حصول نفس العبادة فيلزم تخلف الغرض في الكفار فلهذا سأل ثانيا أن هذا خاص بالمؤمنين أو عام لجميع الخلق فأجاب ع بأنه عام إذ الغرض التكليف بالعبادة و قد حصل من الجميع

 8-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري قال إنما جعلت العاهات في أهل الحاجة لئلا يستتروا و لو جعلت في الأغنياء لسترت

 9-  لي، ]الأمالي للصدوق[ العطار عن سعد عن النهدي عن ابن محبوب عن سماعة عن الصادق جعفر بن محمد ع أنه قال إن العبد إذا كثرت ذنوبه و لم يجد ما يكفرها به ابتلاه الله عز و جل بالحزن في الدنيا ليكفرها فإن فعل ذلك به و إلا أسقم بدنه ليكفرها به فإن فعل ذلك به و إلا شدد عليه عند موته ليكفرها به فإن فعل ذلك به و إلا عذبه في قبره ليلقى الله عز و جل يوم يلقاه و ليس شي‏ء يشهد عليه بشي‏ء من ذنوبه

 10-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الغضائري عن علي بن محمد العلوي عن الحسن بن علي بن صالح عن الكليني عن علي بن محمد عن إسحاق بن إسماعيل النيسابوري عن الصادق عن آبائه ع عن الحسن بن علي ع قال إن الله عز و جل بمنه و رحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليه بل رحمة منه لا إله إلا هو ليميز الخبيث من الطيب و ليبتلي ما في صدوركم وَ لِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ و لتتسابقوا إلى رحمته و لتتفاضل منازلكم في جنته إلى آخر ما سيأتي في كتاب الإمامة

 11-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع في بعض خطبه بعث رسله بما خصهم به من وحيه و جعلهم حجة له على خلقه لئلا تجب الحجة لهم بترك الإعذار إليهم فدعاهم بلسان الصدق إلى سبيل الحق إلا أن الله قد كشف الحق كشفة لا أنه جهل  ما أخفوه من مصون أسرارهم و مكنون ضمائرهم و لكن ليبلوهم أيهم أحسن عملا فيكون الثواب جزاء و العقاب بواء

 بيان قال في النهاية الجراحات بواء أي سواء في القصاص و منه حديث علي ع و العقاب بواء و أصل البوء اللزوم

 12-  ل، ]الخصال[ أبي عن الحميري عن هارون عن ابن زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال رسول الله ص لو لا ثلاث في ابن آدم ما طأطأ رأسه شي‏ء المرض و الفقر و الموت و كلهم فيه و إنه معهم لوثاب

 13-  ج، ]الإحتجاج[ و روي أنه اتصل بأمير المؤمنين ع أن قوما من أصحابه خاضوا في التعديل و التجوير فخرج حتى صعد المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إن الله تبارك و تعالى لما خلق خلقه أراد أن يكونوا على آداب رفيعة و أخلاق شريفة فعلم أنهم لم يكونوا كذلك إلا بأن يعرفهم ما لهم و ما عليهم و التعريف لا يكون إلا بالأمر و النهي و الأمر و النهي لا يجتمعان إلا بالوعد و الوعيد و الوعد لا يكون إلا بالترغيب و الوعيد لا يكون إلا بالترهيب و الترغيب لا يكون إلا بما تشتهيه أنفسهم و تلذه أعينهم و الترهيب لا يكون إلا بضد ذلك ثم خلقهم في داره و أراهم طرفا من اللذات ليستدلوا به على ما وراءهم من اللذات الخالصة التي لا يشوبها ألم ألا و هي الجنة و أراهم طرفا من الآلام ليستدلوا به على ما وراءهم من الآلام الخالصة التي لا يشوبها لذة ألا و هي النار فمن أجل ذلك ترون نعيم الدنيا مخلوطا بمحنها و سرورها ممزوجا بكدرها و غمومها  قيل فحدث الجاحظ بهذا الحديث فقال هو جماع الكلام الذي دونه الناس في كتبهم و تحاوروه بينهم قيل ثم سمع أبو علي الجبائي بذلك فقال صدق الجاحظ هذا ما لا يحتمله الزيادة و النقصان

 14-  ج، ]الإحتجاج[ روى هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق أبا عبد الله ع لأي علة خلق الخلق و هو غير محتاج إليهم و لا مضطر إلى خلقهم و لا يليق به العبث بنا قال خلقهم لإظهار حكمته و إنفاذ علمه و إمضاء تدبيره قال و كيف لا يقتصر على هذه الدار فيجعلها دار ثوابه و محبس عقابه قال إن هذه دار بلاء و متجر الثواب و مكتسب الرحمة ملئت آفات و طبقت شهوات ليختبر فيها عباده بالطاعة فلا يكون دار عمل دار جزاء الخبر

 15-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن عبد الله بن الحسين العلوي عن عبد العظيم الحسني عن أبي جعفر الجواد عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع المرض لا أجر فيه و لكنه لا يدع على العبد ذنبا إلا حطه و إنما الأجر في القول باللسان و العمل بالجوارح و إن الله بكرمه و فضله يدخل العبد بصدق النية و السريرة الصالحة الجنة

 16-  ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن أحمد بن إدريس و محمد العطار جميعا عن الأشعري عن محمد بن حسان عن الحسين بن محمد النوفلي عن جعفر بن محمد عن محمد بن علي عن عيسى بن عبد الله العمري عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين ع في المرض يصيب الصبي قال كفارة لوالديه

   -17  شي، ]تفسير العياشي[ عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ قال خلقهم للعبادة قال قلت و قوله لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ فقال نزلت هذه بعد تلك

 18-  كشف، ]كشف الغمة[ من كتاب الدلائل للحميري عن داود بن أعين قال تفكرت في قول الله تعالى وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ قلت خلقوا للعبادة و يعصون و يعبدون غيره و الله لأسألن جعفرا عن هذه الآية فأتيت الباب فجلست أريد الدخول عليه إذ رفع صوته فقرأ وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ثم قرأ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً فعرفت أنها منسوخة بيان هذا الخبر و الخبر السابق يدلان على أن آية وَ ما خَلَقْتُ منسوخة و لعل المعنى أنه على تقدير تسليم دلالتها على ما يزعمون فهي منسوخة بآيات معارضة لما نزلت بعدها و يكون المراد بالنسخ البداء أو التخصيص أو التبيين. أقول إقامة البراهين العقلية على حسن التكليف و وقوع الآلام و الأحزان و الأمراض و وجوب العوض على الله تعالى فيها و الفرق بين الثواب و العوض موكول إلى مظانها من الكتب الكلامية و التعرض لها خروج عن مقصود الكتاب