باب 29- علل اختلاف الأخبار و كيفية الجمع بينها و العمل بها و وجوه الاستنباط و بيان أنواع ما يجوز الاستدلال به

الآيات الأنعام وَ إِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ و قال تعالى وَ إِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ و قال تعالى فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ و قال تعالى قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ الأعراف أَ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ التوبة فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ يونس وَ ما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ و قال تعالى وَ ما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ الأسرى وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا الزخرف ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ  الجاثية وَ ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ الحجرات إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ النجم إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَ إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً

 1-  قال الشيخ الطبرسي في كتاب الاحتجاجات، روي عن الصادق ع أن رسول الله ص قال ما وجدتم في كتاب الله عز و جل فالعمل به لازم و لا عذر لكم في تركه و ما لم يكن في كتاب الله عز و جل و كان في سنة مني فلا عذر لكم في ترك سنتي و ما لم يكن فيه سنة مني فما قال أصحابي فقولوا به فإنما مثل أصحابي فيكم كمثل النجوم بأيها أخذ اهتدي و بأي أقاويل أصحابي أخذتم اهتديتم و اختلاف أصحابي لكم رحمة قيل يا رسول الله من أصحابك قال أهل بيتي

 قال محمد بن الحسين بن بابويه القمي رضوان الله عليه إن أهل البيت لا يختلفون و لكن يفتون الشيعة بمر الحق و ربما أفتوهم بالتقية فما يختلف من قولهم فهو للتقية و التقية رحمة للشيعة. أقول روى الصدوق في كتاب معاني الأخبار عن ابن الوليد عن الصفار عن الخشاب عن ابن كلوب عن إسحاق بن عمار عن الصادق عن آبائه ع إلى آخر ما نقل و رواه الصفار في البصائر ثم قال الطبرسي رحمه الله و يؤيد تأويله رضي الله عنه أخبار كثيرة

 منها ما رواه محمد بن سنان عن نصر الخثعمي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من عرف من أمرنا أن لا نقول إلا حقا فليكتف بما يعلم منا فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك منا دفاع و اختيار له

 و عن عمر بن حنظلة قال سألت أبا عبد الله ع عن رجلين من أصحابنا بينهما  منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة أ يحل ذلك قال ع من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الجبت و الطاغوت المنهي عنه و ما حكم له به فإنما يأخذ سحتا و إن كان حقه ثابتا لأنه أخذه بحكم الطاغوت و من أمر الله عز و جل أن يكفر به قال الله عز و جل يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَ قَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ قلت فكيف يصنعان و قد اختلفا قال ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا فليرض به حكما فإني قد جعلته عليكم حاكما فإذا حكم بحكم و لم يقبله منه فإنما بحكم الله استخف و علينا رد و الراد علينا كافر راد على الله و هو على حد من الشرك بالله فقلت فإن كان كل واحد منهما اختار رجلا من أصحابنا فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما فاختلفا فيما حكما فإن الحكمين اختلفا في حديثكم قال إن الحكم ما حكم به أعدلهما و أفقههما و أصدقهما في الحديث و أورعهما و لا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر قلت فإنهما عدلان مرضيان عرفا بذلك لا يفضل أحدهما صاحبه قال ينظر الآن إلى ما كان من روايتهما عنا في ذلك الذي حكما المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به من حكمهما و يترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإن المجمع عليه لا ريب فيه فإنما الأمور ثلاثة أمر بين رشده فيتبع و أمر بين غيه فيجتنب و أمر مشكل يرد حكمه إلى الله عز و جل و إلى رسوله ص و قد قال رسول الله ص حلال بين و حرام بين و شبهات تتردد بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات و من أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات و هلك من حيث لا يعلم قلت فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم قال ينظر ما وافق حكمه حكم الكتاب و السنة و خالف العامة فيؤخذ به و يترك ما خالف حكمه حكم الكتاب و السنة و وافق العامة قلت جعلت فداك أ رأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب و السنة ثم وجدنا أحد  الخبرين يوافق العامة و الآخر يخالف بأيهما نأخذ من الخبرين قال ينظر إلى ما هم إليه يميلون فإن ما خالف العامة ففيه الرشاد قلت جعلت فداك فإن وافقهم الخبران جميعا قال انظروا إلى ما يميل إليه حكامهم و قضاتهم فاتركوه جانبا و خذوا بغيره قلت فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا قال إذا كان كذلك فارجه و قف عنده حتى تلقى إمامك فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات و الله المرشد

 غو، ]غوالي اللئالي[ روى محمد بن علي بن محبوب عن محمد بن عيسى عن صفوان عن داود بن الحصين عن عمرو بن حنظلة مثله بيان رواه الصدوق في الفقيه و ثقة الإسلام في الكافي بسند موثق لكنه من المشهورات و ضعفه منجبر بعمل الأصحاب قوله تعالى يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ الطاغوت مشتق من الطغيان و هو الشيطان أو الأصنام أو كل ما عبد من دون الله أو صد عن عبادة الله و المراد هنا من يحكم بالباطل و يتصدى للحكم و لا يكون أهلا له سمي به لفرط طغيانه أو لتشبهه بالشيطان أو لأن التحاكم إليه تحاكم إلى الشيطان من حيث إنه الحامل عليه و الآية بتأييد الخبر تدل على عدم جواز الترافع إلى حكام الجور مطلقا قوله ع ممن قد روى حديثنا أي كلها بحسب الإمكان أو القدر الوافي منها أو الحديث المتعلق بتلك الواقعة و كذا في نظائره و الأحوط أن لا يتصدى لذلك إلا من تتبع ما يمكنه الوصول إليه من أخبارهم ليطلع على المعارضات و يجمع بينها بحسب الإمكان قوله ع فإني قد جعلته عليكم حاكما استدل به على أنه نائب للإمام في كل أمر إلا ما أخرجه الدليل و لا يخلو من إشكال بل الظاهر أنه رخص له في الحكم فيما رفع إليه لا أنه يمكنه جبر الناس على الترافع إليه أيضا نعم يجب على الناس الترافع إليه و الرضا بحكمه قوله ع فيما حكما ظاهره أن اختلافهما بحسب اختلاف الرواية لا الفتوى قوله ع أعدلهما و أفقههما في الجواب إشعار بأنه لا بد من كونهما عادلين فقيهين صادقين ورعين و الفقه هو العلم بالأحكام الشرعية كما هو الظاهر و هل يعتبر كونه أفقه في خصوص تلك الواقعة أو في مسائل المرافعة و الحكم أو في مطلق المسائل الأوسط أظهر معنى و إن كان الأخير أظهر لفظا و الظاهر أن مناط الترجيح الفضل  في جميع تلك الخصال و يحتمل أن تكون كلمة الواو بمعنى أو فعلى الأول لا يظهر الحكم فيما إذا كان الفضل في بعضها و على الثاني فيما إذا كان أحدهما فاضلا في إحداهما و الآخر في الأخرى و في سؤال السائل إشعار بفهم المعنى الثاني قوله ع المجمع عليه استدل به على حجية الإجماع و ظاهر السياق أن المراد الاتفاق في النقل لا الفتوى و يدل على أن شهرة الخبر بين الأصحاب و تكرره في الأصول من المرجحات و عليه كان عمل قدماء الأصحاب رضوان الله عليهم قوله ع و شبهات تتردد بين ذلك المراد الأمور التي اشتبه الحكم فيها و يحتمل شموله لما كان فيه احتمال الحرمة و إن كان حلالا بظاهر الشريعة. قوله ع ارتكب المحرمات أي الحرام واقعا فيكون محمولا على الأولوية و الفضل و يحتمل أن يكون المراد الحكم في المشتبهات و يكون الهلاك من حيث الحكم بغير علم و يدل على رجحان الاحتياط بل وجوبه قوله ع قد رواهما الثقات عنكم استدل به على جواز العمل بالخبر الموثق و فيه نظر لانضمام قيد الشهرة و لعل تقريره ع لمجموع القيدين على أنه يمكن أن يقال الكافر لا يوثق بقوله شرعا لكفره و إن كان عادلا بمذهبه قوله ع و السنة أي السنة المتواترة قوله ع فارجه بكسر الجيم و الهاء من أرجيت الأمر بالياء أو من أرجأت الأمر بالهمزة و كلاهما بمعنى أخرته فعلى الأول حذفت الياء في الأمر و على الثاني أبدلت الهمزة ياء إثم حذفت الياء و الهاء ضمير راجع إلى الأخذ بأحد الخبرين أو بسكون الهاء لتشبيه المنفصل بالمتصل أو من أرجه الأمر أي أخره عن وقته كما ذكره الفيروزآبادي لكنه تفرد به و لم أجده في كلام غيره ثم قال الطبرسي رحمه الله جاء هذا الخبر على سبيل التقدير لأنه قل ما يتفق في الآثار أن يرد خبران مختلفان في حكم من الأحكام موافقين للكتاب و السنة و ذلك مثل الحكم في غسل الوجه و اليدين في الوضوء لأن الأخبار جاءت بغسلها مرة مرة و بغسلها مرتين مرتين و ظاهر القرآن لا يقتضي خلاف ذلك بل يحتمل كلتا الروايتين و مثل ذلك يوجد في أحكام الشرع و أما قوله ع للسائل أرجه و قف عنده حتى تلقى إمامك أمره بذلك عند تمكنه من الوصول إلى الإمام فأما إذا كان غائبا و لا  يتمكن من الوصول إليه و الأصحاب كلهم مجمعون على الخبرين و لم يكن هناك رجحان لرواة أحدهما على رواه الآخر بالكثرة و العدالة كان الحكم بهما من باب التخيير يدل على ما قلناه ما

 روي عن الحسن بن جهم عن الرضا ع أنه قال قلت للرضا ع تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة قال ما جاءك عنا فقسه على كتاب الله عز و جل و أحاديثنا فإن كان يشبههما فهو منا و إن لم يشبههما فليس منا قلت يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم أيهما الحق فقال إذا لم تعلم فموسع عليك بأيهما أخذت

 و ما رواه الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله ع قال إذا سمعت من أصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم عجل الله تعالى فرجه فترده إليه

 و روي عن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد الله ع قلت يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به و الآخر ينهانا عنه قال لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسأله قال قلت لا بد من أن نعمل بأحدهما قال خذ بما فيه خلاف العامة

أمر ع بترك ما وافق العامة لأنه يحتمل أن يكون قد ورد مورد التقية و ما خالفهم لا يحتمل ذلك.

 و روي أيضا عنهم ع أنهم قالوا إذا اختلفت أحاديثنا عليكم فخذوا بما اجتمعت عليه شيعتنا فإنه لا ريب فيه

و أمثال هذه الأخبار كثيرة لا يحتمل ذكره هاهنا و ما أوردناه عارض ليس هذا موضعه إلى هنا كلام الطبرسي و الأخبار التي نقلها مع ما أورد بينها من كلامه. أقول ما ذكره في الجمع بين الخبرين من حمل الإرجاء على ما إذا تمكن من الوصول إلى إمامه و الرجوع إليه و التخيير على عدمه هو أظهر الوجوه و أوجهها و جمع بينهما بعض الأفاضل بحمل التخيير على ما ورد في العبادات و تخصيص الإرجاء بما إذا تعلق بالمعاملات و الأحكام و يمكن الجمع بحمل الإرجاء على عدم الحكم بأحدهما بخصوصه فلا ينافي جواز العمل بأيهما شاء أو بحمل الإرجاء على الاستحباب  و التخيير على الجواز أو بحمل الإرجاء على ما يمكن الإرجاء فيه بأن لا يكون مضطرا إلى العمل بأحدهما و التخيير على ما إذا لم يكن له بد من العمل بأحدهما كما يومئ إليه خبر سماعة و يظهر من خبر الميثمي فيما سيأتي وجه جمع آخر بينهما و سنفصل القول في ذلك في رسالة مفردة إن شاء الله تعالى

 2-  ج، ]الإحتجاج[ عن أبي جعفر الثاني ع في مناظرته مع يحيى بن أكثم و سيجي‏ء بتمامه في موضعه أنه قال قال رسول الله ص في حجة الوداع قد كثرت علي الكذابة و ستكثر فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله و سنتي فما وافق كتاب الله و سنتي فخذوا به و ما خالف كتاب الله و سنتي فلا تأخذوا به الخبر

 بيان الكذابة بكسر الكاف و تخفيف الذال مصدر كذب يكذب أي كثرت علي كذابة الكذابين و يصح أيضا جعل الكذاب بمعنى المكذوب و التاء للتأنيث أي الأحاديث المفتراة أو بفتح الكاف و تشديد الذال بمعنى الواحد الكثير الكذب و التاء لزيادة المبالغة و المعنى كثرت علي أكاذيب الكذابة أو التاء للتأنيث و المعنى كثرت الجماعة الكذابة و لعل الأخير أظهر و على التقادير الظاهر أن الجار و المجرور متعلق بالكذابة و يحتمل تعلقه بكثرت على تضمين اجتمعت و نحوه و هذا الخبر على تقديري صدقه و كذبه يدل على وقوع الكذب عليه ص

 3-  ج، ]الإحتجاج[ و مما أجاب به أبو الحسن علي بن محمد العسكري ع في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر و التفويض أن قال اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون و على تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي ص لا تجتمع أمتي على ضلالة فأخبر ص أن ما اجتمعت عليه الأمة و لم يخالف بعضها بعضا هو الحق فهذا معنى الحديث لا ما تأوله الجاهلون و لا ما قاله المعاندون من إبطال حكم الكتاب و اتباع حكم الأحاديث المزورة و الروايات المزخرفة و اتباع  الأهواء المردية المهلكة التي تخالف نص الكتاب و تحقيق الآيات الواضحات النيرات و نحن نسأل الله أن يوفقنا للثواب و يهدينا إلى الرشاد ثم قال ع فإذا شهد الكتاب بتصديق خبر و تحقيقه فأنكرته طائفة من الأمة و عارضته بحديث من هذه الأحاديث المزورة صارت بإنكارها و دفعها الكتاب كفارا ضلالا و أصح خبر ما عرف تحقيقه من الكتاب مثل الخبر المجمع عليه من رسول الله ص حيث قال إني مستخلف فيكم خليفتين كتاب الله و عترتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض و اللفظة الأخرى عنه في هذا المعنى بعينه قوله ص إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي أهل بيتي و إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ما إن تمسكتم بهما لم تضلوا فلما وجدنا شواهد هذا الحديث نصا في كتاب الله مثل قوله إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ ثم اتفقت روايات العلماء في ذلك لأمير المؤمنين ع أنه تصدق بخاتمه و هو راكع فشكر الله ذلك له و أنزل الآية فيه ثم وجدنا رسول الله ص قد أبانه من أصحابه بهذه اللفظة من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و قوله ص علي يقضي ديني و ينجز موعدي و هو خليفتي عليكم بعدي و قوله ص حيث استخلفه على المدينة فقال يا رسول الله أ تخلفني على النساء و الصبيان فقال أ ما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فعلمنا أن الكتاب شهد بتصديق هذه الأخبار و تحقيق هذه الشواهد فيلزم الأمة الإقرار بها إذ كانت هذه الأخبار وافقت القرآن و وافق القرآن هذه الأخبار فلما وجدنا ذلك موافقا لكتاب الله و وجدنا كتاب الله موافقا لهذه الأخبار و عليها دليلا كان الاقتداء بهذه الأخبار فرضا لا يتعداه إلا أهل العناد و الفساد ثم قال ع و مرادنا و قصدنا الكلام في الجبر و التفويض و شرحهما و بيانهما و إنما قدمنا ما قدمنا لكون اتفاق الكتاب و الخبر إذا اتفقا دليلا لما أردناه و قوة لما نحن مبينوه من ذلك إن شاء الله الخبر طويل  نذكره بتمامه في باب الجبر و التفويض إن شاء الله تعالى

 4-  لي، ]الأمالي للصدوق[ أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ع قال قال علي ع إن على كل حق حقيقة و على كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوه و ما خالف كتاب الله فدعوه

 بيان الحقيقة ماهية الشي‏ء التي بها يتحصل ذلك الشي‏ء و المراد بالحقيقة هنا ما به يتحقق ذلك الشي‏ء من العلة الواقعية كحكمه تعالى و أمره في الأحكام الشرعية و كالتحقق في نفس الأمر في الأحكام الخبرية أطلقت عليه مجازا و النور الدليل و البرهان الذي به يظهر حقيقة الأشياء و الغرض أن الله تعالى جعل لكل شي‏ء دليلا و برهانا في كتابه و سنة نبيه ص فيجب عرض الأخبار على كتاب الله

 5-  ب، ]قرب الإسناد[ ابن ظريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه ع قال قرأت في كتاب لعلي ع أن رسول الله ص قال إنه سيكذب علي كما كذب على من كان قبلي فما جاءكم عني من حديث وافق كتاب الله فهو حديثي و أما ما خالف كتاب الله فليس من حديثي

 6-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن عثمان بن عيسى و الحسن بن محبوب جميعا عن سماعة عن أبي عبد الله ع قال سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه أحدهما يأمر بأخذه و الآخر ينهاه عنه كيف يصنع قال يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو في سعة حتى يلقاه

 و في رواية أخرى بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك

 7-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن عثمان بن عيسى عن الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال أ رأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه فبأيهما كنت تأخذ قال كنت آخذ بالأخير فقال لي رحمك الله

 8-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن مرار عن يونس عن ابن فرقد عن ابن خنيس قال قلت لأبي عبد الله ع إذا جاء حديث عن أولكم و حديث عن آخركم  بأيهما نأخذ قال خذوا به حتى يبلغكم عن الحي فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله قال ثم قال أبو عبد الله ع إنا و الله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم

 و في حديث آخر خذوا بالأحدث

 9-  كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن أبي أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال قلت له ما بال أقوام يروون عن فلان و فلان عن رسول الله ص لا يتهمون بالكذب فيجي‏ء منكم خلافه قال إن الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن

 10-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي نجران عن ابن حميد عن ابن حازم قال قلت لأبي عبد الله ع ما بالي أسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر فقال إنا نجيب الناس على الزيادة و النقصان قال قلت فأخبرني عن أصحاب رسول الله ص صدقوا على محمد ص أم كذبوا قال بل صدقوا قلت فما بالهم اختلفوا فقال أ ما تعلم أن الرجل كان يأتي رسول الله ص فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب ثم يجيبه بعد ذلك بما ينسخ ذلك الجواب فنسخت الأحاديث بعضها بعضا

 11-  كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن سهل عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي عبيدة عن أبي جعفر ع قال قال لي يا زياد ما تقول لو أفتينا رجلا ممن يتولانا بشي‏ء من التقية قال قلت له أنت أعلم جعلت فداك قال إن أخذ به فهو خير له و أعظم أجرا

 12-  و في رواية أخرى إن أخذ به أوجر و إن تركه و الله أثم

 13-  ل، ]الخصال[ أبي عن علي عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني و عمر بن أذينة عن أبان بن أبي عياش عن سليم بن قيس الهلالي قال قلت لأمير المؤمنين ع يا أمير المؤمنين إني سمعت من سلمان و المقداد و أبي ذر شيئا من تفسير القرآن و أحاديث عن نبي الله ص غير ما في أيدي الناس ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم و رأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن و من الأحاديث عن نبي الله ص أنتم تخالفونهم فيها و تزعمون أن ذلك كله باطل أ فترى الناس يكذبون على رسول الله ص متعمدين  و يفسرون القرآن بآرائهم قال فأقبل علي ع علي فقال قد سألت فافهم الجواب إن في أيدي الناس حقا و باطلا و صدقا و كذبا و ناسخا و منسوخا و عاما و خاصا و محكما و متشابها و حفظا و وهما و قد كذب على رسول الله ص على عهده حتى قام خطيبا فقال أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ثم كذب عليه من بعده إنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس رجل منافق يظهر الإيمان متصنع بالإسلام لا يتأثم و لا يتحرج أن يكذب على رسول الله ص متعمدا فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه و لم يصدقوه و لكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله ص و رآه و سمع منه فأخذوا منه و هم لا يعرفون حاله و قد أخبر الله عز و جل عن المنافقين بما أخبره و وصفهم بما وصفهم فقال عز و جل وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلال و الدعاة إلى النار بالزور و الكذب و البهتان فولوهم الأعمال و حملوهم على رقاب الناس و أكلوا منهم الدنيا و إنما الناس مع الملوك و الدنيا إلا من عصم الله فهذا أحد الأربعة و رجل سمع من رسول الله شيئا لم يحفظه على وجهه و وهم فيه و لم يتعمد كذبا فهو في يده يقول به و يعمل به و يرويه و يقول أنا سمعته من رسول الله ص فلو علم المسلمون أنه وهم لم يقبلوه و لو علم هو أنه وهم لرفضه و رجل ثالث سمع من رسول الله ص شيئا أمر به ثم نهى عنه و هو لا يعلم أو سمعه ينهى عن شي‏ء ثم أمر به و هو لا يعلم فحفظ منسوخه و لم يحفظ الناسخ فلو علم أنه منسوخ لرفضه و لو علم المسلمون أنه منسوخ لرفضوه و آخر رابع لم يكذب على رسول الله ص مبغض للكذب خوفا من الله عز و جل و تعظيما لرسول الله لم يسه بل حفظ ما سمع على وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه و لم ينقص منه و علم الناسخ من المنسوخ فعمل بالناسخ و رفض المنسوخ و إن أمر النبي ص مثل القرآن ناسخ و منسوخ و خاص و عام و محكم و متشابه و قد كان يكون من رسول الله ص الكلام له وجهان و كلام عام و كلام خاص مثل القرآن و قال الله عز و جل في كتابه ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فيشتبه على من لم يعرف و لم يدر ما عنى الله به

  و رسوله و ليس كل أصحاب رسول الله ص يسأله عن الشي‏ء فيفهم كان منهم من يسأله و لا يستفهمه حتى إن كانوا ليحبون أن يجي‏ء الأعرابي و الطاري فيسأل رسول الله ص حتى يسمعوا و كنت أدخل على رسول الله ص كل يوم دخلة و كل ليلة دخلة فيخليني فيها أدور معه حيثما دار و قد علم أصحاب رسول الله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري و ربما كان ذلك في بيتي يأتيني رسول الله ص أكثر ذلك في بيتي و كنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني و أقام عني نساءه فلا يبقى عنده غيري و إذا أتاني للخلوة معي في بيتي لم تقم عنه فاطمة و لا أحد من بني و كنت إذا سألته أجابني و إذا سكت عنه و فنيت مسائلي ابتدأني فما نزلت على رسول الله ص آية من القرآن إلا أقرأنيها و أملاها علي فكتبتها بخطي و علمني تأويلها و تفسيرها و ناسخها و منسوخها و محكمها و متشابهها و خاصها و عامها و دعا الله لي أن يعطيني فهمها و حفظها فما نسيت آية من كتاب الله و لا علما أملاه علي و كتبته منذ دعا الله لي بما دعاه و ما ترك شيئا علمه الله من حلال و لا حرام أمر و لا نهي كان أو يكون و لا كتاب منزل على أحد قبله في أمر بطاعة أو نهي عن معصية إلا علمنيه و حفظنيه فلم أنس حرفا واحدا ثم وضع ص يده على صدري و دعا الله لي أن يملأ قلبي علما و فهما و حكما و نورا فقلت يا نبي الله بأبي أنت و أمي إني منذ دعوت الله عز و جل لي بما دعوت لم أنس شيئا و لم يفتني شي‏ء لم أكتبه أ فتتخوف علي النسيان فيما بعد فقال لا لست أخاف عليك النسيان و لا الجهل

 نهج، ]نهج البلاغة[ ف، ]تحف العقول[ مرسلا مثله ني، ]الغيبة للنعماني[ ابن عقدة و محمد بن همام و عبد العزيز و عبد الواحد ابنا عبد الله بن يونس عن رجالهم عن عبد الرزاق و همام عن معمر بن راشد عن أبان بن أبي عياش عن سليم مثله

 ج، ]الإحتجاج[ عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد ع قال خطب أمير المؤمنين ع و ساق الحديث إلى أن قال فقال له رجل إني سمعت من سلمان و أبي ذر الغفاري  و المقداد أشياء من تفسير القرآن و الأحاديث عن النبي ص ثم ذكر نحوا مما مر إلى قوله حتى إن كانوا ليحبون أن يجي‏ء الأعرابي أو الطاري فيسأله ص حتى يسمعوا و كان لا يمر بي من ذلك شي‏ء إلا سألت عنه و حفظته فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم و عللهم في رواياتهم

إيضاح سيأتي الخبر بتمامه في باب العلة التي من أجلها لم يغير أمير المؤمنين ع بعض البدع قوله ع حقا و باطلا و صدقا و كذبا ذكر الصدق و الكذب بعد الحق و الباطل من قبيل ذكر الخاص بعد العام لأن الصدق و الكذب من خواص الخبر و الحق و الباطل يصدقان على الأفعال أيضا و قيل الحق و الباطل هنا من خواص الرأي و الاعتقاد و الصدق و الكذب من خواص النقل و الرواية قوله ع محكما و متشابها المحكم في اللغة هو المضبوط المتقن و يطلق في الاصطلاح على ما اتضح معناه و على ما كان محفوظا من النسخ أو التخصيص أو منهما معا و على ما كان نظمه مستقيما خاليا عن الخلل و ما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا و يقابله بكل من هذه المعاني المتشابهة قوله ع و وهما بفتح الهاء مصدر قولك وهمت بالكسر أي غلطت و سهوت و قد روي وهما بالتسكين مصدر وهمت بالفتح إذا ذهب وهمك إلى شي‏ء و أنت تريد غيره و المعنى متقارب قوله ع فليتبوأ صيغة الأمر و معناه الخبر كقوله تعالى قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا قوله ع متصنع بالإسلام أي متكلف له و متدلس به غير متصف به في نفس الأمر قوله ع لا يتأثم أي لا يكف نفسه عن موجب الإثم أو لا يعد نفسه آثما بالكذب على رسول الله ص و كذا قوله لا يتحرج من الحرج بمعنى الضيق قوله ع و قد أخبر الله عز و جل عن المنافقين أي كان ظاهرهم ظاهرا حسنا و كلامهم كلاما مزيفا مدلسا يوجب اغترار الناس بهم و تصديقهم فيما ينقلونه عن النبي ص و يرشد إلى ذلك أنه سبحانه خاطب نبيه ص بقوله وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ أي لصباحتهم و حسن منظرهم وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ أي تصغي إليه لذلاقة ألسنتهم قوله ع فولوهم الأعمال أي أئمة الضلال بسبب وضع الأخبار أعطوا هؤلاء المنافقين الولايات و سلطوهم على  الناس و يحتمل العكس أيضا أي بسبب مفتريات هؤلاء المنافقين صاروا والين على الناس و صنعوا ما شاءوا و ابتدعوا ما أرادوا و لكنه بعيد قوله ع ناسخ و منسوخ قال الشيخ البهائي رحمه الله خبر ثان لإن أو خبر مبتدأ محذوف أي بعضه ناسخ و بعضه منسوخ أو بدل من مثل و جره على البدلية من القرآن ممكن فإن قيام البدل مقام المبدل منه غير لازم عند كثير من المحققين قوله ع و قد كان يكون اسم كان ضمير الشأن و يكون تامة و هي مع اسمها الخبر و له وجهان نعت للكلام لأنه في حكم النكرة أو حال منه و إن جعلت يكون ناقصة فهو خبرها قوله ع و قال الله لعل المراد أنهم لما سمعوا هذه الآية علموا وجوب اتباعه ص و لما اشتبه عليهم مراده عملوا بما فهموا منه و أخطئوا فيه فهذا بيان لسبب خطاء الطائفة الثانية و الثالثة و يحتمل أن يكون ذكر الآية لبيان أن هذه الفرقة الرابعة المحقة إنما تتبعوا جميع ما صدر عنه ص من الناسخ و المنسوخ و العام و الخاص لأن الله تعالى أمرهم باتباعه في كل ما يصدر عنه قوله ع فيشتبه متفرع على ما قبل الآية أي كان يشتبه كلام الرسول ص على من لا يعرف و يحتمل أن يكون المراد أن الله تعالى إنما أمرهم بمتابعة الرسول ص فيما يأمرهم به من اتباع أهل بيته و الرجوع إليهم فإنهم كانوا يعرفون كلامه و يعلمون مرامه فاشتبه ذلك على من لم يعرف مراد الله تعالى و ظنوا أنه يجوز لهم العمل بما سمعوا منه بعده ص من غير رجوع إلى أهل بيته قوله ع ما عنى الله به الموصول مفعول لم يدر و يحتمل أن يكون فاعل يشتبه قوله ع و لا يستفهمه أي إعظاما له قوله ع و الطاري أي الغريب الذي أتاه عن قريب من غير أنس به و بكلامه و إنما كانوا يحبون قدومهما إما لاستفهامهم و عدم استعظامهم إياه أو لأنه ص كان يتكلم على وفق عقولهم فيوضحه حتى يفهم غيرهم قوله ع فيخليني فيها من الخلوة يقال استخلى الملك فأخلاه أي سأله أن يجتمع به في خلوة ففعل أو من التخلية أي يتركني أدور معه قوله ع أدور معه حيثما دار أي لا أمنع عن شي‏ء من خلواته أدخل معه أي مدخل يدخل فيه و أسير معه أينما سار أو المراد أني كنت محرما لجميع أسراره قابلا لعلومه أخوض معه في كل ما يخوض فيه من

   المعارف و كنت أوافقه في كل ما يتكلم فيه و أفهم مراده قوله ع تأويلها و تفسيرها أي بطنها و ظهرها

 14-  ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ حدثنا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي و محمد بن موسى البرقي و محمد بن علي ماجيلويه و محمد بن علي بن هشام و علي بن عيسى المجاور رضي الله عنهم قالوا حدثنا علي بن محمد ماجيلويه عن أحمد بن محمد بن خالد عن أحمد بن محمد السياري قال حدثنا علي بن أسباط قال قلت للرضا ع يحدث الأمر لا أجد بدا من معرفته و ليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك قال فقال ع ائت فقيه البلد فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشي‏ء فخذ بخلافه فإن الحق فيه

 بيان لعله محمول على ما إذا كان عنده خبران لا يدري بأيهما يأخذ و إن كان بعيدا

 15-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أبي و ابن الوليد عن سعد عن المسمعي عن الميثمي أنه سأل الرضا ع يوما و قد اجتمع عنده قوم من أصحابه و قد كانوا تنازعوا في الحديثين المختلفين عن رسول الله ص في الشي‏ء الواحد فقال ع إن الله عز و جل حرم حراما و أحل حلالا و فرض فرائض فما جاء في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله أو دفع فريضة في كتاب الله رسمها بين قائم بلا ناسخ نسخ ذلك فذلك ما لا يسع الأخذ به لأن رسول الله ص لم يكن ليحرم ما أحل الله و لا ليحلل ما حرم الله عز و جل و لا ليغير فرائض الله و أحكامه كان في ذلك كله متبعا مسلما مؤديا عن الله عز و جل و ذلك قول الله عز و جل إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ فكان ص متبعا لله مؤديا عن الله ما أمره به من تبليغ الرسالة قلت فإنه يرد عنكم الحديث في الشي‏ء عن رسول الله ص مما ليس في الكتاب و هو في السنة ثم يرد خلافه فقال و كذلك قد نهى رسول الله ص عن أشياء نهي حرام فوافق في ذلك نهيه نهي الله تعالى و أمر بأشياء فصار ذلك الأمر واجبا لازما كعدل فرائض الله تعالى و وافق في ذلك أمره أمر الله عز و جل فما جاء في النهي عن رسول الله ص نهي حرام ثم جاء خلافه لم يسع استعمال ذلك و كذلك فيما أمر به لأنا لا نرخص فيما لم يرخص فيه رسول الله ص و لا نأمر بخلاف ما أمر  رسول الله ص إلا لعلة خوف ضرورة فأما أن نستحل ما حرم رسول الله ص أو نحرم ما استحله رسول الله ص فلا يكون ذلك أبدا لأنا تابعون لرسول الله ص مسلمون له كما كان رسول الله ص تابعا لأمر ربه عز و جل مسلما له و قال عز و جل ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا و إن رسول الله ص نهى عن أشياء ليس نهي حرام بل إعافة و كراهة و أمر بأشياء ليس بأمر فرض و لا واجب بل أمر فضل و رجحان في الدين ثم رخص في ذلك للمعلول و غير المعلول فما كان عن رسول الله ص نهي إعافة أو أمر فضل فذلك الذي يسع استعمال الرخص فيه إذا ورد عليكم عنا فيه الخبر باتفاق يرويه من يرويه في النهي و لا ينكره و كان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما يجب الأخذ بأحدهما أو بهما جميعا أو بأيهما شئت و أحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله ص و الرد إليه و إلينا و كان تارك ذلك من باب العناد و الإنكار و ترك التسليم لرسول الله ص مشركا بالله العظيم فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب و ما لم يكن في الكتاب فاعرضوه على سنن رسول الله ص فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهي حرام أو مأمورا به عن رسول الله ص أمر إلزام فاتبعوا مما وافق نهي رسول الله و أمره و ما كان في السنة نهي إعافة أو كراهة ثم كان الخبر الآخر خلافه فذلك رخصة فيما عافه رسول الله ص و كرهه و لم يحرمه فذلك الذي يسع الأخذ بهما جميعا أو بأيهما شئت وسعك الاختيار من باب التسليم و الاتباع و الرد إلى رسول الله ص و ما لم تجدوه في شي‏ء من هذه الوجوه فردوا إلينا علمه فنحن أولى بذلك و لا تقولوا فيه بآرائكم و عليكم بالكف و التثبت و الوقوف و أنتم طالبون باحثون حتى يأتيكم البيان من عندنا

 قال الصدوق رحمه الله كان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه سيئ الرأي في محمد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث و إنما أخرجت هذا الخبر في هذا الكتاب لأنه كان في كتاب الرحمة و قد قرأته عليه فلم ينكره و رواه لي

   -16  يب، ]تهذيب الأحكام[ بسنده الصحيح عن علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب لعبد الله بن محمد إلى أبي الحسن ع اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله ع في ركعتي الفجر في السفر فروى بعضهم أن صلهما في المحمل و روى بعضهم لا تصلهما إلا على الأرض فأعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي به في ذلك فوقع ع موسع عليك بأية عملت

 17-  أقول روى الشيخ قطب الدين الراوندي في رسالة الفقهاء على ما نقل عنه بعض الثقات بإسناده عن الصدوق عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن رجل عن يونس بن عبد الرحمن عن الحسن بن السري قال قال أبو عبد الله ع إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم

 18-  و عنه بإسناده عن الصدوق عن ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن ابن فضال عن الحسن بن جهم قال قلت للعبد الصالح ع هل يسعنا فيما يرد علينا منكم إلا التسليم لكم فقال ع لا و الله لا يسعكم إلا التسليم لنا قلت فيروى عن أبي عبد الله ع شي‏ء و يروى عنه خلافه فبأيهما نأخذ قال خذ بما خالف القوم و ما وافق القوم فاجتنبه

 19-  و بهذا الإسناد عن البرقي عن أبيه عن محمد بن عبد الله قال قلت للرضا ع كيف نصنع بالخبرين المختلفين فقال إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فانظروا ما يخالف منهما العامة فخذوه و انظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه

 20-  و بإسناده عن الصدوق عن أبيه عن سعد عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله ع قال إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه و ما خالف كتاب الله فذروه فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه و ما خالف أخبارهم فخذوه

 عد، ]العقائد[ اعتقادنا في الحديث المفسر أنه يحكم على المجمل كما قال الصادق ع

 21-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن الكليني عن علي عن أبيه عن اليقطيني  عن يونس عن عمرو بن شمر عن جابر قال دخلنا على أبي جعفر محمد بن علي ع و نحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودعناه و قلنا له أوصنا يا ابن رسول الله فقال ليعن قويكم ضعيفكم و ليعطف غنيكم على فقيركم و لينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه و اكتموا أسرارنا و لا تحملوا الناس على أعناقنا و انظروا أمرنا و ما جاءكم عنا فإن وجدتموه للقرآن موافقا فخذوا به و إن لم تجدوه موافقا فردوه و إن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده و ردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا فإذا كنتم كما أوصيناكم لم تعدوا إلى غيره فمات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا عجل الله تعالى فرجه كان شهيدا و من أدرك قائمنا عجل الله فرجه فقتل معه كان له أجر شهيدين و من قتل بين يديه عدوا لنا كان له أجر عشرين شهيدا

 22-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن محمد بن الوليد و السندي عن أبان بن عثمان عن محمد بن بشير و حريز عن أبي عبد الله ع قال قلت له إنه ليس شي‏ء أشد علي من اختلاف أصحابنا قال ذلك من قبلي

 بيان، أي بما أخبرتهم به من جهة التقية و أمرتهم به للمصلحة

 23-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن الخزاز عمن حدثه عن أبي الحسن ع قال اختلاف أصحابي لكم رحمة و قال إذا كان ذلك جمعتكم على أمر واحد و سئل عن اختلاف أصحابنا فقال ع إنا فعلت ذلك بكم لو اجتمعتم على أمر واحد لأخذ برقابكم

 بيان إذا كان ذلك أي ظهور الحق و قيام القائم عجل الله فرجه

 24-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن محمد بن عبد الجبار عن الحسن بن فضال عن ثعلبة عن زرارة عن أبي جعفر ع قال سألته عن مسألة فأجابني قال ثم جاء رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني ثم جاء رجل آخر فأجابه بخلاف ما أجابني و أجاب صاحبي فلما خرج الرجلان قلت يا ابن رسول الله رجلان من أهل العراق من شيعتك قدما يسألان فأجبت كل واحد منهما بغير ما أجبت به الآخر قال فقال يا زرارة إن هذا خير لنا و أبقى لنا و لكم و لو اجتمعتم على أمر واحد لقصدكم الناس و لكان  أقل لبقائنا و بقائكم قال فقلت لأبي عبد الله ع شيعتكم لو حملتموهم على الأسنة أو على النار لمضوا و هم يخرجون من عندكم مختلفين قال فسكت فأعدت عليه ثلاث مرات فأجابني بمثل جواب أبيه

 25-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن أحمد بن إدريس عن أبي إسحاق الأرجائي رفعه قال قال لي أبو عبد الله ع أ تدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقول العامة فقلت لا ندري فقال إن عليا ع لم يكن يدين الله بدين إلا خالف عليه الأمة إلى غيره إرادة لإبطال أمره و كانوا يسألون أمير المؤمنين ع عن الشي‏ء لا يعلمونه فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ليلبسوا على الناس

 26-  ع، ]علل الشرائع[ جعفر بن علي عن علي بن عبد الله عن معاذ قال قلت لأبي عبد الله ع إني أجلس في المجلس فيأتيني الرجل فإذا عرفت أنه يخالفكم أخبرته بقول غيركم و إن كان ممن يقول بقولكم أخبره بقولكم فإن كان ممن لا أدري أخبرته بقولكم و قول غيركم فيختار لنفسه قال رحمك الله هكذا فاصنع

 27-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن عمرو بن أبي المقدام عن علي بن الحسين عن أبي عبد الله ع قال إذا كنتم في أئمة الجور فامضوا في أحكامهم و لا تشهروا أنفسكم فتقتلوا و إن تعاملتم بأحكامهم كان خيرا لكم

 28-  ير، ]بصائر الدرجات[ ابن يزيد عن الوشاء عن محمد بن حمران عن زرارة قال قال أبو جعفر ع حدث عن بني إسرائيل يا زرارة لا حرج فقلت جعلت فداك في حديث الشيعة ما هو أعجب من أحاديثهم قال فأي شي‏ء هو يا زرارة قال فاختلس من قلبي فمكثت ساعة لا أذكر ما أريد قال لعلك تريد التقية قلت نعم قال صدق بها فإنها حق

 29-  كتاب جعفر بن محمد بن شريح، عن حميد بن شعيب عن جابر الجعفي  قال قال أبو عبد الله ع إن القرآن فيه محكم و متشابه فأما المحكم فنؤمن به و نعمل به و ندين به و أما المتشابه فنؤمن به و لا نعمل به و هو قول الله في كتابه فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَ ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ

 30-  كتاب مثنى بن الوليد، عن منصور بن حازم قال سألت أبا عبد الله ع عن مسألة فقلت أسألك عنها ثم يسألك غيري فتجيبه بغير الجواب الذي أجبتني به فقال إن الرجل يسألني عن المسألة يزيد فيها الحرف فأعطيه على قدر ما زاد و ينقص الحرف فأعطيه على قدر ما ينقص

 31-  ف، ]تحف العقول[ كان لأبي يوسف كلام مع موسى بن جعفر ع في مجلس الرشيد فقال الرشيد بعد كلام طويل لموسى بن جعفر ع بحق آبائك لما اختصرت كلمات جامعة لما تجاريناه فقال نعم و أتي بدواة و قرطاس فكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ جميع أمور الأديان أربعة أمر لا اختلاف فيه و هو إجماع الأمة على الضرورة التي يضطرون إليها الأخبار المجمع عليها و هي الغاية المعروض عليها كل شبهة و المستنبط منها كل حادثة و أمر يحتمل الشك و الإنكار فسبيله استنصاح أهله لمنتحليه بحجة من كتاب الله مجمع على تأويلها و سنة مجمع عليها لا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله و لا يسع خاصة الأمة و عامتها الشك فيه و الإنكار له و هذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه و أرش الخدش فما فوقه فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته و ما غمض عليك صوابه نفيته فمن أورد واحدة منهذه  الثلاث فهي الحجة البالغة التي بينها الله في قوله لنبيه قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ يبلغ الحجة البالغة الجاهل فيعلمها بجهله كما يعلمه العالم بعلمه لأن الله عدل لا يجور يحتج على خلقه بما يعلمون يدعوهم إلى ما يعرفون لا إلى ما يجهلون و ينكرون فأجازه الرشيد و رده و الخبر طويل

 توضيح قسم ع أمور الأديان إلى أربعة أقسام ترجع إلى أمرين أحدهما ما لا يكون فيه اختلاف بين جميع الأمة من ضروريات الدين التي لا يحتاج في العلم بها إلى نظر و استدلال و قوله ع على الضرورة إما صلة للإجماع أي على الأمر الضروري أو تعليل له أي إنما أجمعوا للضرورة التي اضطروا إليها و قوله الأخبار بدل من الضرورة و لا يبعد أن يكون في الأصل للأخبار و هي أي الأخبار المجمع عليها كذلك غاية جميع الاستدلالات التي تنتهي إليها و تعرض عليها كل شبهة و تستنبط منها كل حادثة. و ثانيهما ما لا يكون من ضروريات الدين فيحتاج في إثباته إلى نظر و استدلال و مثله يحتمل الشك و الإنكار فسبيل مثل هذا الأمر استنصاح أهل هذا الأمر من العالمين به لمنتحليه أي لمن أذعن به من غير علم و بصيرة و الاستنصاح لعله مبالغة من النصح أي يلزمهم أن يبينوا لهم بالبرهان على سبيل النصح و الإرشاد و يحتمل أن يكون في الأصل الاستيضاح أي طلب الوضوح لهم. ثم قسم ع ذلك الأمر باعتبار ما يستنبط منه إلى ثلاثة أقسام فتصير بانضمام الأول أربعة الأول ما يستنبط بحجة من كتاب الله لكن إذا كانت بحيث أجمعت الأمة على معناها و لم يختلفوا في مدلولها لا من المتشابهات التي تحتمل وجوها و اختلف الأمة في مفادها و الثاني السنة المتواترة التي أجمعت الأمة على نقلها أو على معناها و الثالث قياس عقلي برهاني تعرف العقول عدله أي حقيقته و لا يسع لأحد إنكاره لا القياس الفقهي الذي لا ترتضيه العقول السليمة و هذا إنما يجري في أصول الدين لا في الشرائع و الأحكام التي لا تعلم إلا بنص الشارع و لذا قال ع و هذان الأمران أي بالقسمة الأولية يكون من جميع الأمور دينية أصولها و فروعها من أمر التوحيد الذي هو أعلى المسائل الأصولية إلى أرش الخدش الذي هو أدنى الأحكام الفرعية و الغرض  أن هذا التقسيم يتعلق بمجموع أمور الدين و لا يختص بنوع منها. قوله ع فمن أورد واحدة من هذه الثلاث أي الثلاث الداخلة في القسم الأخير و إنما خصها لأن القسم الأول لا يكون مورد المخاصمة و الاحتجاج و فسر ع الحجة البالغة بما يبلغ كل أحد و يتم الاحتجاج بها على جميع الخلق قوله فأجازه الرشيد أي أعطاه الجائزة. هذا ما خطر بالبال و قرر على الاستعجال في حل هذا الخبر المشتمل على إغلاق و إجمال و الله أعلم بحقيقة الحال. و وجدت هذا الخبر بعد ذلك في كتاب الإختصاص و هو أوضح مما سبق فأوردته

 رواه عن ابن الوليد عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن محمد بن إسماعيل العلوي عن محمد بن الزبرقان الدامغاني عن أبي الحسن موسى ع قال قال لي الرشيد أحببت أن تكتب لي كلاما موجزا له أصول و فروع يفهم تفسيره و يكون ذلك سماعك من أبي عبد الله ع فكتبت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أمور الأديان أمران أمر لا اختلاف فيه و هو إجماع الأمة على الضرورة التي يضطرون إليها و الأخبار المجتمع عليها المعروض عليها كل شبهة و المستنبط منها كل حادثة و أمر يحتمل الشك و الإنكار و سبيل استيضاح أهله الحجة عليه فما ثبت لمنتحليه من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة عن النبي ص لا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله ضاق على من استوضح تلك الحجة ردها و وجب عليه قبولها و الإقرار و الديانة بها و ما لم يثبت لمنتحليه به حجة من كتاب مستجمع على تأويله أو سنة عن النبي ص لا اختلاف فيها أو قياس تعرف العقول عدله وسع خاص الأمة و عامها الشك فيه و الإنكار له كذلك هذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه إلى أرش الخدش فما دونه فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين فما ثبت لك برهانه اصطفيته و ما غمض عنك ضوءه نفيته و لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ و حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ

أقول تمامه في أبواب تاريخه ع

 32-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن أبيه عن ابن المغيرة عن عبد الله بن سنان عن موسى  بن أشيم قال دخلت على أبي عبد الله ع فسألته عن مسألة فأجابني فبينا أنا جالس إذ جاءه رجل فسأله عنها بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني ثم جاءه رجل آخر فسأله عنها بعينها فأجابه بخلاف ما أجابني و أجاب صاحبي ففزعت من ذلك و عظم علي فلما خرج القوم نظر إلي فقال يا ابن أشيم كأنك جزعت قلت جعلني الله فداك إنما جزعت من ثلاث أقاويل في مسألة واحدة فقال يا ابن أشيم إن الله فوض إلى سليمان بن داود أمر ملكه فقال هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ و فوض إلى محمد أمر دينه فقال ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا فإن الله تبارك و تعالى فوض أمره إلى الأئمة منا و إلينا ما فوض إلى محمد ص فلا تجزع

 بيان هذا أحد معاني التفويض و هو أنه فوض الله إليهم بيان الحكم الواقعي في موضعه و بيان حكم التقية في محله و السكوت فيما لم يروا المصلحة في بيان شي‏ء و سيأتي تفصيله في كتاب الإمامة

 33-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن عيسى قال أقرأني داود بن فرقد الفارسي كتابه إلى أبي الحسن الثالث ع و جوابه بخطه فقال نسألك عن العلم المنقول إلينا عن آبائك و أجدادك قد اختلفوا علينا فيه كيف العمل به على اختلافه إذا نرد إليك فقد اختلف فيه فكتب و قرأته ما علمتم أنه قولنا فالزموه و ما لم تعلموا فردوه إلينا

 34-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن عبد الجبار عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن الفضيل عن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله ع يختلف أصحابنا فأقول قولي هذا قول جعفر بن محمد قال بهذا نزل جبرئيل

 بيان بهذا أي بما أقول لك أو بالتسليم الذي صدر منك

   -35  سن، ]المحاسن[ أبي عن سليمان الجعفري رفعه قال قال رسول الله ص إنا معاشر الأنبياء نكلم الناس على قدر عقولهم

 36-  سن، ]المحاسن[ أبو إسحاق عن داود عن أبي عبد الله ع قال من لم يعرف الحق من القرآن لم يتنكب الفتن

 37-  سن، ]المحاسن[ أبي عن علي بن النعمان عن أيوب بن الحر قال سمعت أبا عبد الله ع يقول كل شي‏ء مردود إلى كتاب الله و السنة و كل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف

 شي، ]تفسير العياشي[ عن أيوب مثله

 38-  سن، ]المحاسن[ أبي عن ابن أبي عمير عن كليب بن معاوية عن أبي عبد الله ع قال ما أتاكم عنا من حديث لا يصدقه كتاب الله فهو باطل

 شي، ]تفسير العياشي[ عن كليب مثله

 39-  سن، ]المحاسن[ أبو أيوب عن ابن أبي عمير عن الهشامين جميعا و غيرهما قال خطب النبي ص بمنى فقال أيها الناس ما جاءكم عني فوافق كتاب الله فأنا قلته و ما جاءكم يخالف القرآن فلم أقله

 40-  سن، ]المحاسن[ ابن فضال عن علي بن أيوب عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص إذا حدثتم عني بالحديث فانحلوني أهنأه و أسهله و أرشده فإن وافق كتاب الله فأنا قلته و إن لم يوافق كتاب الله فلم أقله

 بيان النحلة العطية و لعل المراد إذا ورد عليكم أخبار مختلفة فخذوا بما هو أهنأ و أسهل و أقرب إلى الرشد و الصواب مما علمتم منا فالنحلة كناية عن قبول قوله ص و الأخذ به و يحتمل أن تكون تلك الصفات قائمة مقام المصدر أي انحلوني أهنأ نحل و أسهله و أرشده و الحاصل أن كل ما يرد مني عليكم فاقبلوه أحسن القبول فيكون ما ذكره بعده في قوة الاستثناء منه

 41-  سن، ]المحاسن[ الواسطي عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر ع في  حديث له قال كل من تعدى السنة رد إلى السنة

 42-  و في حديث آخر قال أبو جعفر ع من جهل السنة رد إلى السنة

 43-  سن، ]المحاسن[ علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن ابن أبي يعفور قال علي و حدثني الحسين بن أبي العلاء أنه حضر ابن أبي يعفور في هذا المجلس قال سألت أبا عبد الله ع عن اختلاف الحديث يرويه من يثق به فقال إذا ورد عليكم حديث فوجدتموه له شاهد من كتاب الله أو من قول رسول الله ص و إلا فالذي جاءكم به أولى

 44-  سن، ]المحاسن[ النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله عن آبائه عن علي ع قال إن على كل حق حقيقة و على كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوا به و ما خالف كتاب الله فدعوه

 شي، ]تفسير العياشي[ عن السكوني مثله

 45-  سن، ]المحاسن[ أبي عن خلف بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر قال قلت لأبي جعفر ع كيف اختلف أصحاب النبي ص في المسح على الخفين فقال كان الرجل منهم يسمع من النبي ص الحديث فيغيب عن الناسخ و لا يعرفه فإذا أنكر ما خالف ما في يديه كبر عليه تركه و قد كان الشي‏ء ينزل على رسول الله ص فعمل به زمانا ثم يؤمر بغيره فيأمر به أصحابه و أمته حتى قال أناس يا رسول الله إنك تأمرنا بالشي‏ء حتى إذا اعتدناه و جرينا عليه أمرتنا بغيره فسكت النبي ص عنهم فأنزل عليه قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ... إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَ ما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ

 46-  سن، ]المحاسن[ علي بن النعمان عن ابن مسكان عن عبد الأعلى قال سأل علي بن حنظلة أبا عبد الله ع عن مسألة و أنا حاضر فأجابه فيها فقال له علي فإن كان كذا و كذا فأجابه بوجه آخر حتى أجابه بأربعة أوجه فقال علي بن حنظلة يا أبا محمد هذا باب قد أحكمناه فسمعه أبو عبد الله ع فقال له لا تقل هكذا يا أبا الحسن فإنك رجل ورع إن من الأشياء أشياء مضيقة ليس تجري إلا على وجه واحد منها وقت الجمعة ليس لوقتها إلا حد واحد حين تزول الشمس و من الأشياء موسعة تجري على وجوه كثيرة و هذا منها و الله إن له عندي لسبعين وجها

   -47  سن، ]المحاسن[ أبي عن محمد بن سنان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من علم أنا لا نقول إلا حقا فليكتف منا بما نقول فإن سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه

 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن سنان عن نصر الخثعمي عنه ع مثله

 48-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع في عهده إلى الأشتر و اردد إلى الله و رسوله ما يضلعك من الخطوب و يشتبه عليك من الأمور فقد قال الله سبحانه لقوم أحب إرشادهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَ أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْ‏ءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَ الرَّسُولِ فالرد إلى الله الأخذ بمحكم كتابه و الرد إلى الرسول الأخذ بسنته الجامعة غير المفرقة

 بيان ما يضلعك أي يثقلك و في بعض النسخ بالظاء أي يميلك و يعجزك و ظلعوا أي تأخروا و انقطعوا و لعل المراد بالجامعة غير المفرقة المتواترة و قيل أي يصير نياتهم بالأخذ بالسنة واحدة

 49-  شي، ]تفسير العياشي[ عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص في خطبة بمنى أو مكة يا أيها الناس ما جاءكم عني يوافق القرآن فأنا قلته و ما جاءكم عني لا يوافق القرآن فلم أقله

 50-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله ع يا محمد ما جاءك في رواية من بر أو فاجر يوافق القرآن فخذ به و ما جاءك في رواية من بر أو فاجر يخالف القرآن فلا تأخذ به

 51-  شي، ]تفسير العياشي[ عن سدير قال قال أبو جعفر و أبو عبد الله ع لا تصدق علينا إلا بما يوافق كتاب الله و سنة نبيه ص

 52-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الحسن بن الجهم عن العبد الصالح ع قال إذا كان جاءك  الحديثان المختلفان فقسهما على كتاب الله و على أحاديثنا فإن أشبههما فهو حق و إن لم يشبههما فهو باطل

 53-  سر، ]السرائر[ من جامع البزنطي عن الرضا ع قال علينا إلقاء الأصول إليكم و عليكم التفرع

 54-  سر، ]السرائر[ من جامع البزنطي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول و عليكم أن تفرعوا

 غو، ]غوالي اللئالي[ روى زرارة و أبو بصير عن الباقر و الصادق ع مثله بيان يدل على جواز استنباط الأحكام من العمومات

 55-  سر، ]السرائر[ من كتاب المسائل من مسائل محمد بن علي بن عيسى حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن زياد و موسى بن محمد بن علي بن موسى قال كتبت إلى أبي الحسن ع أسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك و أجدادك صلوات الله عليهم قد اختلف علينا فيه فكيف العمل به على اختلافه و الرد إليك فيما اختلف فيه فكتب ع ما علمتم أنه قولنا فالزموه و ما لم تعلموه فردوه إلينا

 بيان ظاهره عدم جواز العمل بالأخبار التي هي مظنونة الصدور عن المعصوم لكنه بظاهره مختص بالأخبار المختلفة فيجمع بينه و بين خبر التخيير بما مر على أن إطلاق العلم على ما يعم الظن شائع و عمل أصحاب الأئمة ع على أخبار الآحاد التي لا تفيد العلم في أعصارهم متواتر بالمعنى لا يمكن إنكاره

 56-  نهج، ]نهج البلاغة[ من وصيته ع لابن عباس لما بعثه للاحتجاج على الخوارج لا تخاصمهم بالقرآن فإن القرآن حمال ذو وجوه تقول و يقولون و لكن حاجهم بالسنة فإنهم لن يجدوا عنها محيصا

 57-  غو، ]غوالي اللئالي[ روى العلامة قدست نفسه مرفوعا إلى زرارة بن أعين قال سألت الباقر ع فقلت جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ فقال ع يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك و دع الشاذ النادر فقلت يا  سيدي إنهما معا مشهوران مرويان مأثوران عنكم فقال ع خذ بقول أعدلهما عندك و أوثقهما في نفسك فقلت إنهما معا عدلان مرضيان موثقان فقال انظر ما وافق منهما مذهب العامة فاتركه و خذ بما خالفهم قلت ربما كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع فقال إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك و اترك ما خالف الاحتياط فقلت إنهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف أصنع فقال ع إذن فتخير أحدهما فتأخذ به و تدع الآخر

 و في رواية إنه ع قال إذن فارجه حتى تلقى إمامك فتسأله

بيان هذا الخبر يدل على أن موافقة الاحتياط من جملة مرجحات الخبرين المتعارضين

 58-  كش، ]رجال الكشي[ ابن قولويه عن سعد عن ابن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن المفضل قال سمعت أبا عبد الله ع يوما و دخل عليه الفيض بن المختار فذكر له آية من كتاب الله عز و جل يأولها أبو عبد الله ع فقال له الفيض جعلني الله فداك ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم قال و أي الاختلاف يا فيض فقال له الفيض إني لأجلس في حلقهم بالكوفة فأكاد أن أشك في اختلافهم في حديثهم حتى أرجع إلى المفضل بن عمر فيوقفني من ذلك على ما تستريح إليه نفسي و تطمئن إليه قلبي فقال أبو عبد الله ع أجل هو كما ذكرت يا فيض إن الناس أولعوا بالكذب علينا إن الله افترض عليهم لا يريد منهم غيره و إني أحدث أحدهم بالحديث فلا يخرج من عندي حتى يتأوله على غير تأويله و ذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا و بحبنا ما عند الله و إنما يطلبون الدنيا و كل يحب أن يدعى رأسا إنه ليس من عبد يرفع نفسه إلا وضعه الله و ما من عبد وضع نفسه إلا رفعه الله و شرفه فإذا أردت حديثنا فعليك بهذا الجالس و أومأ بيده إلى رجل من أصحابه فسألت أصحابنا عنه فقالوا زرارة بن أعين

 59-  كش، ]رجال الكشي[ حمدويه بن نصير عن اليقطيني عن يونس عن عبد الله بن زرارة و حدثنا محمد بن قولويه و الحسين بن الحسن معا عن سعد عن هارون عن الحسن بن  محبوب عن محمد بن عبد الله بن زرارة و ابنيه الحسن و الحسين عن عبد الله بن زرارة قال قال لي أبو عبد الله ع اقرأ مني على والدك السلام و قل له إني أعيبك دفاعا مني عنك فإن الناس و العدو يسارعون إلى كل من قربناه و حمدنا مكانه لإدخال الأذى فيمن نحبه و نقربه و يذمونه لمحبتنا له و قربه و دنوه منا و يرون إدخال الأذى عليه و قتله و يحمدون كل من عيبناه نحن و إن يحمد أمره فإنما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا و بميلك إلينا و أنت في ذلك مذموم عند الناس غير محمود الأثر بمودتك لنا و لميلك إلينا فأحببت أن أعيبك ليحمدوا أمرك في الدين بعيبك و نقصك و يكون بذلك منا دفع شرهم عنك يقول الله جل و عز أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَ كانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً هذا التنزيل من عند الله صالحة لا و الله ما عابها إلا لكي تسلم من الملك و لا تعطب على يديه و لقد كانت صالحة ليس للعيب فيها مساغ و الحمد لله فافهم المثل يرحمك الله فإنك و الله أحب الناس إلي و أحب أصحاب أبي ع حيا و ميتا فإنك أفضل سفن ذلك البحر القمقام الزاخر و إن من ورائك ملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليأخذها غصبا ثم يغصبها و أهلها و رحمة الله عليك حيا و رحمته و رضوانه عليك ميتا و لقد أدى إلي ابناك الحسن و الحسين رسالتك أحاطهما الله و كلأهما و رعاهما و حفظهما بصلاح أبيهما كما حفظ الغلامين فلا يضيقن صدرك من الذي أمرك أبي ع و أمرتك به و أتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك به فلا و الله ما أمرناك و لا أمرناه إلا بأمر وسعنا و وسعكم الأخذ به و لكل ذلك عندنا تصاريف و معان توافق الحق و لو أذن لنا لعلمتم أن الحق في الذي أمرناكم فردوا إلينا الأمر و سلموا لنا و اصبروا لأحكامنا و ارضوا بها و الذي فرق بينكم فهو راعيكم الذي استرعاه الله خلقه و هو أعرف بمصلحة غنمه في فساد أمرها فإن شاء فرق بينها لتسلم ثم يجمع بينها ليأمن من فسادها و خوف عدوها في آثار ما يأذن الله و يأتيها بالأمن من مأمنه و الفرج من عنده عليكم بالتسليم و الرد إلينا و انتظار أمرنا و أمركم و فرجنا و فرجكم فلو قد قام قائمنا عجل الله فرجه و تكلم بتكلمنا ثم استأنف بكم تعليم القرآن و شرائع الدين و الأحكام و الفرائض كما أنزله الله على محمد ص لأنكر أهل التصابر فيكم ذلك اليوم إنكارا شديدا ثم لم تستقيموا  على دين الله و طريقته إلا من تحت حد السيف فوق رقابكم إن الناس بعد نبي الله ص ركب الله به سنة من كان قبلكم فغيروا و بدلوا و حرفوا و زادوا في دين الله و نقصوا منه فما من شي‏ء عليه الناس اليوم إلا و هو محرف عما نزل به الوحي من عند الله فأجب يرحمك الله من حيث تدعى إلى حيث ترعى حتى يأتي من يستأنف بكم دين الله استئنافا و عليك بالصلاة الستة و الأربعين و عليك بالحج أن تهل بالإفراد و تنوي الفسخ إذا قدمت مكة و طفت و سعيت فسخت ما أهللت به و قلبت الحج عمرة أحللت إلى يوم التروية ثم استأنف الإهلال بالحج مفردا إلى منى و تشهد المنافع بعرفات و المزدلفة فكذلك حج رسول الله ص و هكذا أمر أصحابه أن يفعلوا أن يفسخوا ما أهلوا به و يقلبوا الحج عمرة و إنما أقام رسول الله ص على إحرامه ليسوق الذي ساق معه فإن السائق قارن و القارن لا يحل حتى يبلغ هديه محله و محله المنحر بمنى فإذا بلغ أحل فهذا الذي أمرناك به حج التمتع فالزم ذلك و لا يضيقن صدرك و الذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى و خمسين و الإهلال بالتمتع بالعمرة إلى الحج و ما أمرنا به من أن يهل بالتمتع فلذلك عندنا معان و تصاريف لذلك ما يسعنا و يسعكم و لا يخالف شي‏ء منه الحق و لا يضاده وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

 بيان قوله ع و إن يحمد أمره كلمة إن وصلية أي و إن حمد أمره كما في بعض النسخ و في بعض النسخ و إن لم يحمد و هو الظاهر كما لا يخفى قوله هذا التنزيل أي إنما نزل من عند الله كل سفينة صالحة و قد ذكر المفسرون أنها قراءة أهل البيت ع و القمقام البحر و المراد هنا الكبير منه و زخر البحر طمى و تملأ قوله ع في آثار ما يأذن الله أي يجمع الراعي بينها بعد أن يأذن الله له و المرفوع في يأتيها راجع إلى الله أو إلى الراعي و المنصوب إلى الغنم و الباء للتعدية قوله ع لأنكر أهل التصابر في بعض النسخ لأنكم أهل التصابر فيكم ذلك اليوم إنكار شديد و ظاهر أنه تصحيف و يمكن أن يتكلف بتقدير جزاء الشرط أي لرأيتم أمرا عظيما ثم علل ذلك بأنكم تتكلفون الصبر في هذا اليوم و في ذلك اليوم تنكرون إنكارا شديدا و قال السيد الداماد قدس سره لام التعليل الداخلة على أن باسمها و خبرها على ما في أكثر النسخ  متعلقة باستئناف التعليم و فتكم بفتح الفاء و تشديد التاء المثناة من فوق جملة فعلية على جواب لو و ذلك اليوم منصوب على الظرف و إنكار شديد مرفوع على الفاعلية و المعنى شق عصاكم و كسر قوة اعتقادكم و بدد جمعكم و فرق كلمتكم و في بعض النسخ إنكارا شديدا نصبا على التميز أو على نزع الخافض و ذلك اليوم بالرفع على الفاعلية و ربما يوجد في النسخ لأنكر بفتح اللام للتأكيد و أنكر على الفعل من الإنكار و أهل البصائر بالرفع على الفاعلية و فيكم بحرف الجر المتعلقة بمجرورها بأهل البصائر للظرفية أو بمعنى منكم و ذلك اليوم بالنصب على الظرف و إنكارا شديدا منصوبا على المفعول المطلق أو على التميز فليعرف انتهى قوله ع ركب الله به الباء للتعدية و الظاهر بهم كما في بعض النسخ و يحتمل أن يكون إفراد الضمير لإفراد لفظ الناس و الإرجاع إلى النبي بعيد و المعنى أن الله تعالى خلاهم و أنفسهم و فتنهم كما فتن الذين من قبلهم قوله ع لذلك ما يسعنا الموصول مبتدأ و الظرف خبره و سيأتي الكلام في الحج و النوافل في محالهما

 60-  كش، ]رجال الكشي[ محمد بن قولويه عن سعد عن ابن عيسى عن عبد الله الحجال عن العلاء عن ابن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله ع إنه ليس كل ساعة ألقاك و لا يمكن القدوم و يجي‏ء الرجل من أصحابنا فيسألني و ليس عندي كل ما يسألني عنه قال فما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي فإنه قد سمع من أبي و كان عنده وجيها

 61-  كش، ]رجال الكشي[ حمدويه عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن شعيب العقرقوفي قال قلت لأبي عبد الله ع ربما احتجنا أن نسأل عن الشي‏ء فمن نسأل قال عليك بالأسدي يعني أبا بصير

 62-  كش، ]رجال الكشي[ محمد بن قولويه و الحسين بن الحسن بن بندار معا عن سعد عن اليقطيني عن يونس بن عبد الرحمن أن بعض أصحابنا سأله و أنا حاضر فقال له يا أبا محمد ما أشدك في الحديث و أكثر إنكارك لما يرويه أصحابنا فما الذي يحملك على رد الأحاديث  فقال حدثني هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله ع يقول لا تقبلوا علينا حديثنا إلا ما وافق القرآن و السنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة فإن المغيرة بن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبي فاتقوا الله و لا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى و سنة نبينا محمد ص فإنا إذا حدثنا قلنا قال الله عز و جل و قال رسول الله ص

 قال يونس وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر ع و وجدت أصحاب أبي عبد الله ع متوافرين فسمعت منهم و أخذت كتبهم فعرضتها بعد على أبي الحسن الرضا ع فأنكر منها أحاديث كثيرة أن يكون من أحاديث أبي عبد الله ع و قال لي إن أبا الخطاب كذب على أبي عبد الله ع لعن الله أبا الخطاب و كذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله ع فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن فإنا إن تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن و موافقة السنة أنا عن الله و عن رسوله نحدث و لا نقول قال فلان و فلان فيتناقض كلامنا إن كلام آخرنا مثل كلام أولنا و كلام أولنا مصداق لكلام آخرنا و إذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه و قولوا أنت أعلم و ما جئت به فإن مع كل قول منا حقيقة و عليه نور فما لا حقيقة معه و لا نور عليه فذلك قول الشيطان

 63-  كش، ]رجال الكشي[ بهذا الإسناد عن يونس عن هشام بن الحكم أنه سمع أبا عبد الله ع يقول كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي ع و يأخذ كتب أصحابه و كان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون الكتب من أصحاب أبي فيدفعونها إلى المغيرة فكان يدس فيها الكفر و الزندقة و يسندها إلى أبي ع ثم يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يبثوها في الشيعة فكل ما كان في كتب أصحاب أبي ع من الغلو فذاك مما دسه المغيرة بن سعيد في كتبهم

 64-  كش، ]رجال الكشي[ محمد بن مسعود عن ابن المغيرة عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن حريز عن زرارة قال قال يعني أبا عبد الله ع إن أهل الكوفة نزل فيهم كذاب أما المغيرة فإنه يكذب على أبي يعني أبا جعفر ع قال حدثه أن  نساء آل محمد إذا حضن قضين الصلاة و إن و الله عليه لعنة الله ما كان من ذلك شي‏ء و لا حدثه و أما أبو الخطاب فكذب علي و قال إني أمرته أن لا يصلي هو و أصحابه المغرب حتى يروا كواكب كذا فقال القنداني و الله إن ذلك لكوكب ما أعرفه

 65-  كش، ]رجال الكشي[ محمد بن مسعود عن علي بن محمد عن ابن عيسى عن عمر بن عبد العزيز عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله ع قال قال لي يا جميل لا تحدث أصحابنا بما لم يجمعوا عليه فيكذبوك

 66-  كش، ]رجال الكشي[ القتيبي عن الفضل عن عبد العزيز بن المهتدي و كان خير قمي رأيته و كان وكيل الرضا ع و خاصته قال سألت الرضا ع فقلت إني لا ألقاك كل وقت فعمن آخذ معالم ديني قال خذ عن يونس بن عبد الرحمن

 67-  كش، ]رجال الكشي[ محمد بن يونس عن محمد بن نصير عن محمد بن عيسى عن عبد العزيز بن المهتدي قال محمد بن نصير قال محمد بن عيسى و حدث الحسن بن علي بن يقطين بذلك أيضا قال قلت لأبي الحسن الرضا ع جعلت فداك لا أكاد أصل إليك لأسألك عن كل ما أحتاج إليه من معالم ديني أ فيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه ما أحتاج إليه من معالم ديني فقال نعم

 كش، ]رجال الكشي[ جبرئيل بن أحمد عن محمد بن عيسى عن عبد العزيز مثله

 68-  كش، ]رجال الكشي[ محمد بن قولويه عن سعد عن محمد بن عيسى عن أحمد بن الوليد عن علي بن المسيب قال قلت للرضا ع شقتي بعيدة و لست أصل إليك في كل وقت فممن آخذ معالم ديني قال من زكريا بن آدم القمي المأمون على الدين و الدنيا قال علي بن المسيب فلما انصرفت قدمنا على زكريا بن آدم فسألته عما احتجت إليه

 ختص، ]الإختصاص[ أحمد بن محمد عن أبيه و سعد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن الوليد مثله

 69-  يب، ]تهذيب الأحكام[ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم البجلي  عن سالم أبي خديجة عن أبي عبد الله ع قال سأل إنسان و أنا حاضر فقال ربما دخلت المسجد و بعض أصحابنا يصلي العصر و بعضهم يصلي الظهر فقال أنا أمرتهم بهذا لو صلوا على وقت واحد لعرفوا فأخذ برقابهم

 70-  يب، ]تهذيب الأحكام[ الحسن بن أيوب عن ابن بكير عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله ع قال ما سمعت مني يشبه قول الناس فيه التقية و ما سمعت مني لا يشبه قول الناس فلا تقية فيه

 71-  يب، ]تهذيب الأحكام[ علي بن الحسن بن فضال عن محمد و أحمد ابني الحسن عن أبيهما عن ثعلبة بن ميمون عن معمر بن يحيى بن سالم قال سألت أبا جعفر ع عما يروي الناس عن أمير المؤمنين ع عن أشياء من الفروج لم يكن يأمر بها و لا ينهى عنها إلا نفسه و ولده فقلت كيف يكون ذلك قال أحلتها آية و حرمتها أخرى فقلنا هل إلى أن تكون إحداهما نسخت الأخرى أم هما محكمتان ينبغي أن يعمل بهما فقال قد بين لهم إذ نهى نفسه عنها و ولده قلنا ما منعه أن يبين ذلك للناس قال خشي أن لا يطاع و لو أن أمير المؤمنين ع ثبتت قدماه أقام كتاب الله كله و الحق كله

 كتاب المسائل لعلي بن جعفر، سأل أخاه موسى ع عن الاختلاف في القضاء عن أمير المؤمنين ع في أشياء من المعروف أنه لم يأمر بها و لم ينه عنها إلا أنه نهى عنها نفسه و ولده و ساق الحديث مثل ما مر

 72-  غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ أبو محمد المحمدي عن أبي الحسين محمد بن الفضيل بن تمام عن عبد الله الكوفي خادم الشيخ الحسين بن روح رضي الله عنه قال سئل الشيخ يعني أبا القاسم رضي الله عنه عن كتب ابن أبي العزاقر بعد ما ذم و خرجت فيه اللعنة فقيل له فكيف نعمل  بكتبه و بيوتنا منها ملي‏ء فقال أقول فيها ما قاله أبو محمد الحسن بن علي صلوات الله عليهما و قد سئل عن كتب بني فضال فقالوا كيف نعمل بكتبهم و بيوتنا منها ملي‏ء فقال ع خذوا بما رووا و ذروا ما رأوا

 أقول قال الشيخ رحمة الله عليه في العدة و أما العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين على الآخر فهو أن يكون الراوي معتقدا للحق مستبصرا ثقة في دينه متحرجا عن الكذب غير متهم فيما يرويه فأما إذا كان مخالفا في الاعتقاد لأصل المذهب و روي مع ذلك عن الأئمة ع نظر فيما يرويه فإن كان هناك بالطريق الموثوق به ما يخالفه وجب اطراح خبره و إن لم يكن هناك ما يوجب اطراح خبره و يكون هناك ما يوافقه وجب العمل به و إن لم يكن من الفرقة المحقة خبر يوافق ذلك و لا يخالفه و لا يعرف لهم قول فيه وجب أيضا العمل به لما

 روي عن الصادق ع أنه قال إذا نزلت بكم حادثة لا تجدون حكمها فيما رووا عنا فانظروا إلى ما رووه عن علي ع فاعملوا به

و لأجل ما قلناه عملت الطائفة بما رواه حفص بن غياث و غياث بن كلوب و نوح بن دراج و السكوني و غيرهم من العامة عن أئمتنا ع و لم ينكروه و لم يكن عندهم خلافه و إذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحية و الواقفية و الناووسية و غيرهم نظر فيما يروونه فإن كان هناك قرينة تعضده أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم وجب العمل به و إن كان هناك خبر يخالفه من طرق الموثوقين وجب إطراح ما اختصوا بروايته و العمل بما رواه الثقة و إن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه و لا يعرف من الطائفة العمل بخلافه وجب أيضا العمل به إذا كان متحرجا في روايته موثوقا به في أمانته و إن كان مخطئا في أصل الاعتقاد و لأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير و غيره و أخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران و علي بن أبي حمزة و عثمان بن عيسى و من بعد هؤلاء بما رواه بنو فضال و بنو سماعة و الطاطريون و غيرهم فيما لم يكن عندهم فيه خلافه و أما ما يرويه الغلاة و المتهمون و المضعفون و غير هؤلاء فما يختص الغلاة بروايته فإن كانوا ممن عرف لهم حال الاستقامة و حال الغلو  عمل بما رووه في حال الاستقامة و ترك ما رووه في حال خطائهم و لأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب في حال استقامته و تركوا ما رواه في حال تخليطه و كذا القول في أحمد بن هلال العبرتائي و ابن أبي عزاقر فأما ما يروونه في حال تخليطهم فلا يجوز العمل به على حال و كذا القول فيما يرويه المتهمون و المضعفون إن كان هناك ما يعضد روايتهم و يدل على صحتها وجب العمل به و إن لم يكن هنا ما يشهد لروايتهم بالصحة وجب التوقف في أخبارهم و لأجل ذلك توقف المشايخ في أخبار كثيرة هذه صورتها و لم يرووها و استثنوها في فهارسهم من جملة ما يروونه من المصنفات و أما من كان مخطئا في بعض الأفعال أو فاسقا في أفعال الجوارح و كان ثقة في روايته متحرزا فيها فإن ذلك لا يوجب رد خبره و يجوز العمل به لأن العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه و إنما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته و ليس بمانع من قبول خبره و لأجل ذلك قبلت الطائفة أخبار جماعة هذه صفتهم. ثم قال رحمه الله و إذا كان أحد الراويين مسندا و الآخر مرسلا نظر في حال المرسل فإن كان ممن يعلم أنه لا يرسل إلا عن ثقة يوثق به فلا ترجيح لخبر غيره على خبره و لأجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن أبي عمير و صفوان بن يحيى و أحمد بن محمد بن أبي نصر و غيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون و لا يرسلون إلا ممن يوثق به و بين ما أسنده غيرهم و لذلك عملوا بمرسلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم فأما إذا لم يكن كذلك و يكون لمن يرسل عن ثقة و غير ثقة فإنه يقدم خبر غيره عليه فإذا انفرد وجب التوقف في خبره إلى أن يدل دليل على وجوب العمل به فأما إذا انفردت المراسيل فيجوز العمل بها على الشرط الذي ذكرناه و دليلنا على ذلك الأدلة التي سنذكرها على جواز العمل بأخبار الآحاد فإن الطائفة كما عملت بالمسانيد عملت بالمراسيل فما يطعن في واحد منهما يطعن في الآخر و ما أجاز أحدهما أجاز الآخر فلا فرق بينهما على حال. ثم قال نور الله ضريحه فما اخترته من المذهب و هو أن خبر الواحد إذا كان واردا من طريق أصحابنا القائلين بالإمامة و كان ذلك مرويا عن النبي ص و عن أحد من

   الأئمة ع و كان ممن لا يطعن في روايته و يكون سديدا في نقله و لم يكن هناك قرينة تدل على صحة ما تضمنه الخبر لأنه إذا كان هناك قرينة تدل على صحة ذلك كان الاعتبار بالقرينة و كان ذلك موجبا للعلم كما تقدمت القرائن جاز العمل به و الذي يدل على ذلك إجماع الفرقة المحقة فإني وجدتها مجتمعة على العمل بهذه الأخبار التي رووها في تصانيفهم و دونوها في أصولهم لا يتناكرون ذلك و لا يتدافعون حتى إن واحدا منهم إذا أفتى بشي‏ء لا يعرفونه سألوه من أين قلت هذا فإذا أحالهم على كتاب معروف و أصل مشهور و كان راويه ثقة لا ينكر حديثه سكتوا و سلموا الأمر في ذلك و قبلوا قوله هذه عادتهم و سجيتهم من عهد النبي ص و من بعده من الأئمة ع و من زمان الصادق جعفر بن محمد ع الذي انتشر العلم عنه و كثرت الرواية من جهته فلو لا أن العمل بهذه الأخبار كان جائزا لما أجمعوا على ذلك و لا يكون لأن إجماعهم فيه معصوم لا يجوز عليه الغلط و السهو و الذي يكشف عن ذلك أنه لما كان العمل بالقياس محظورا في الشريعة عندهم لم يعملوا به أصلا و إذا شذ منهم واحد عمل به في بعض المسائل و استعمل على وجه المحاجة لخصمه و إن لم يكن اعتقاده ردوا قوله و أنكروا عليه و تبرءوا من قولهم حتى إنهم يتركون تصانيف من وصفناه و رواياته لما كان عاملا بالقياس فلو كان العمل بخبر الواحد يجري ذلك المجرى لوجب أيضا فيه مثل ذلك و قد علمنا خلافه انتهى كلامه قدس سره و لما كان في غاية المتانة و مشتملا على الفوائد الكثيرة أوردناه و سنفصل القول في ذلك في المجلد الآخر من الكتاب إن شاء الله تعالى