باب 20- التوبة و أنواعها و شرائطها

الآيات البقرة فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ و قال تعالى وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ و قال وَ أَرِنا مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ و قال تعالى إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ بَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَ أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ و قال تعالى إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ و قال تعالى وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ آل عمران إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال تعالى لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْ‏ءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ النساء وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَ أَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً و قال تعالى يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَ يَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ و قال تعالى إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ اعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَ أَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ المائدة وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال تعالى فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ  اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال تعالى وَ حَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ و قال تعالى أَ فَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَهُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ الأنعام وَ إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ الأعراف فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ و قال تعالى وَ الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَ آمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ التوبة فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ و قال تعالى فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال تعالى فَإِنْ تابُوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ و قال عز و جل وَ يَتُوبُاللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ و قال تعالى فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ و قال سبحانه وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال جل شأنه أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ و قال تعالى وَ آخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَ إِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ و قال سبحانه التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ و قال تعالى ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ و قال سبحانه ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ هود وَ أَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ و قال تعالى ناقلا عن هود وَ يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَ يَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ و قال ناقلا عن صالح ع فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ

   النحل ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ مريم إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَ لا يُظْلَمُونَ شَيْئاً طه وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى و قال سبحانه ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَ هَدى النور إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال سبحانه 10-  وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ و قال تعالى وَ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ الفرقان إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً وَ مَنْ تابَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتاباً القصص قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ و قال تعالى فَأَمَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ التنزيل قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ وَ لا هُمْ يُنْظَرُونَ الأحزاب وَ يُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً و قال تعالى لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ وَ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً الزمر وَ أَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ المؤمن غافِرِ الذَّنْبِ وَ قابِلِ التَّوْبِ و قال تعالى فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ حمعسق وَ هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ  الأحقاف إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَ إِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ الحجرات وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ و قال تعالى وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ المجادلة فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَ تابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ التحريم إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما و قال تعالى قانِتاتٍ تائِباتٍ و قال سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ يُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ المزمل عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ البروج إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ النصر وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً تفسير قال الطبرسي رحمه الله إِلَّا الَّذِينَ تابُوا أي ندموا على ما قدموا وَ أَصْلَحُوا نياتهم فيما يستقبل من الأوقات وَ بَيَّنُوا اختلف فيه فقال أكثر المفسرين بينوا ما كتموه من البشارة بالنبي ص و قيل بينوا التوبة و إصلاح السريرة بالإظهار لذلك فإن من ارتكب المعصية سرا كفاه التوبة سرا و من أظهر المعصية يجب عليه أن يظهر التوبة و قيل بينوا التوبة بإصلاح العمل فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ أي أقبل توبتهم وَ أَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ هذه اللفظة للمبالغة إما لكثرة ما يقبل التوبة و إما لأنه لا يرد تائبا منيبا أصلا و وصفه نفسه بالرحيم عقيب التواب يدل على أن إسقاط العقاب بعد التوبة تفضل من الله سبحانه و رحمة من جهته على ما قاله أصحابنا و أنه غير واجب عقلا على ما ذهب

   إليه المعتزلة فإن قالوا قد يكون الفعل الواجب نعمة إذا كان منعما بسببه كالثواب و العوض لما كان منعما بالتكليف و بالآلام التي يستحق بها الأعواض جاز أن يطلق عليهما اسم النعمة فالجواب أن ذلك إنما قلناه في الثواب و العوض ضرورة و لا ضرورة هاهنا تدعو إلى ارتكابه. و قال رحمه الله في قوله تعالى إِنَّمَا التَّوْبَةُ معناه لا توبة مقبولة عَلَى اللَّهِ أي عند الله إلا لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ و اختلف في معنى قوله بجهالة على وجوه أحدها أن كل معصية يفعلها العبد جهالة و إن كانت على سبيل العمد لأنه يدعو إليها الجهل و يزينها للعبد عن ابن عباس و عطاء و مجاهد و قتادة و هو المروي عن أبي عبد الله ع. و ثانيها أن معنى قوله تعالى بِجَهالَةٍ أنهم لا يعلمون كنه ما فيه من العقوبة كما يعلم الشي‏ء ضرورة عن الفراء. و ثالثها أن معناه أنهم يجهلون أنها ذنوب و معاص فيفعلونها إما بتأويل يخطئون فيه و إما بأن يفرطوا في الاستدلال على قبحها عن الجبائي و ضعف الرماني هذا القول لأنه بخلاف ما أجمع عليه المفسرون و لأنه يوجب أن لا يكون لمن علم أنها ذنوب توبة لأن قوله إِنَّمَا التَّوْبَةُ يفيد أنها لهؤلاء دون غيرهم و قال أبو العالية و قتادة أجمعت الصحابة على أن كل ذنب أصابه العبد فبجهالة و قال الزجاج إنما قال بجهالة لأنهم في اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية جهال فهو جهل في الاختيار و معنى يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ أي يتوبون قبل الموت لأن ما بين الإنسان و بين الموت قريب فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت و قال الحسن و الضحاك و ابن عمر القريب ما لم يعاين الموت و قال السدي هو ما دام في الصحة قبل المرض و الموت.

 و روي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه قيل فإن عاد و تاب مرارا قال يغفر الله له قيل إلى متى قال حتى يكون الشيطان هو المحسور

 و في كتاب من لا يحضره الفقيه، قال قال رسول الله ص في آخر خطبة خطبها من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه ثم قال و إن السنة لكثيرة من تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه ثم قال  و إن الشهر لكثير من تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه ثم قال و إن يوما لكثير من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه ثم قال و إن الساعة لكثيرة من تاب و قد بلغت نفسه هذه و أهوى بيده إلى حلقه تاب الله عليه

 و روى الثعلبي بإسناده عن عبادة بن الصامت عن النبي ص هذا الخبر بعينه إلا أنه قال في آخره و إن الساعة لكثيرة من تاب قبل أن يغرغر بها تاب الله عليه

 و روي أيضا بإسناده عن الحسن قال قال رسول الله ص لما هبط إبليس قال و عزتك و جلالك و عظمتك لا أفارق ابن آدم حتى تفارق روحه جسده فقال الله سبحانه و عزتي و جلالي و عظمتي لا أحجب التوبة عن عبدي حتى يغرغر بها

 فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي يقبل توبتهم وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً بمصالح العباد حَكِيماً فيما يعاملهم به وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ المقبولة التي تنفع صاحبها لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أي المعاصي و يصرون عليها و يسوفون التوبة حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ أي أسبابه من معاينة ملك الموت و انقطع الرجاء من الحياة و هو حال اليأس التي لا يعلمها أحد غير المحتضر قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ أي فليس عند ذلك توبة و أجمع أهل التأويل على أن هذه قد تناولت عصاة أهل الإسلام إلا ما روي عن الربيع أنه قال إنها في المنافقين و هذا لا يصح لأن المنافقين من جملة الكفار و قد بين الكفار بقوله وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أي و ليست التوبة أيضا للذين يموتون على الكفر ثم يندمون بعد الموت أُولئِكَ أَعْتَدْنا أي هيأنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً أي موجعا إنما لم يقبل الله عز اسمه التوبة في حال البأس و اليأس من الحياة لأنه يكون العبد ملجئا هناك إلى فعل الحسنات و ترك القبائح فيكون خارجا من حد التكليف إذ لا يستحق على فعله المدح و لا الذم و إذا زال عنه التكليف لم تصح منه التوبة و لهذا لم يكن أهل الآخرة مكلفين و لا تقبل توبتهم انتهى كلامه رفع الله مقامه. أقول قال بعض المفسرين و من لطف الله بالعباد أن أمر قابض الأرواح بالابتداء في نزعها من أصابع الرجلين ثم يصعد شيئا فشيئا إلى أن تصل إلى الصدر ثم تنتهي إلى الحلق ليتمكن في هذه المهلة من الإقبال بالقلب على الله تعالى و الوصية و التوبة ما  لم يعاين و الاستحلال و ذكر الله تعالى فيخرج روحه و ذكر الله على لسانه فيرجى بذلك حسن خاتمته رزقنا الله ذلك بمنه و كرمه. قوله تعالى قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ قال المفسرون أي يوم القيامة فإنه يوم نصر المسلمين على الكفرة و الفصل بينهم و قيل يوم بدر أو يوم فتح مكة و المراد بالذين كفروا المقتولون منهم فيه فإنه لا ينفعهم إيمانهم حال القتل و لا يمهلون. ثم اعلم أن المفسرين اختلفوا في تفسير التوبة النصوح على أقوال منها أن المراد توبة تنصح الناس أي تدعوهم إلى أن يأتوا بمثلها لظهور آثارها الجميلة في صاحبها أو ينصح صاحبها فيقلع عن الذنوب ثم لا يعود إليها أبدا. و منها أن النصوح ما كانت خالصة لوجه الله سبحانه من قولهم عسل نصوح إذا كان خالصا من الشمع بأن يندم على الذنوب لقبحها و كونها خلاف رضى الله تعالى لا لخوف النار مثلا. و منها أن النصوح من النصاحة و هي الخياطة لأنها تنصح من الدين ما مزقته الذنوب أو يجمع بين التائب و بين أوليائه و أحبائه كما تجمع الخياطة بين قطع الثوب. و منها أن النصوح وصف للتائب و إسناده إلى التوبة من قبيل الإسناد المجازي أي توبة تنصحون بها أنفسكم بأن تأتوا بها على أكمل ما ينبغي أن تكون عليه حتى تكون قالعة لآثار الذنوب من القلوب بالكلية و سيأتي في الأخبار تفسيرها ببعض تلك الوجوه.  ثم اعلم أن من القوم من استدل بالخبر الذي نقله من الفقيه على جواز النسخ قبل الفعل لأنه ع نسخ السنة بالشهر و الشهر باليوم و فيه نظر إذ يمكن أن يكون هذا التدريج لبيان اختلاف مراتب التوبة فإن التوبة الكاملة هي ما كانت قبل الموت بسنة ليأتي منه تدارك لما فات منه من الطاعات و إزالة لما أثرت فيه الذنوب من الكدورات و الظلمات ثم إن لم يتأت منه و لم يمهل لذلك فلا بد من شهر لتدارك شي‏ء مما فات و إزالة قليل من آثار السيئات و هكذا و أما توبة وقت الاحتضار فهي لأهل الاضطرار و الغرغرة تردد الماء و غيره من الأجسام المائعة في الحلق و المراد هنا تردد الروح وقت النزع

 1-  ك، ]إكمال الدين[ أبي عن سعد و عبد الله بن جعفر الحميري عن أيوب بن نوح عن الربيع بن محمد المسلي و عبد الله بن سليمان العامري عن أبي عبد الله ع قال ما زالت الأرض إلا و لله تعالى ذكره فيها حجة يعرف الحلال و الحرام و يدعو إلى سبيل الله عز و جل و لا تنقطع الحجة من الأرض إلا أربعين يوما قبل يوم القيامة فإذا رفعت الحجة أغلقت أبواب التوبة و لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أن ترفع الحجة أولئك شرار من خلق الله و هم الذين تقوم عليهم القيامة

 2-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن بكير عن أبي عبد الله أو عن أبي جعفر ع قال إن آدم ع قال يا رب سلطت علي الشيطان و أجريته مني مجرى الدم فاجعل لي شيئا فقال يا آدم جعلت لك أن من هم من  ذريتك بسيئة لم تكتب عليه فإن عملها كتبت عليه سيئة و من هم منهم بحسنة فإن لم يعملها كتبت له حسنة و إن هو عملها كتبت له عشرا قال يا رب زدني قال جعلت لك أن من عمل منهم سيئة ثم استغفر غفرت له قال يا رب زدني قال جعلت لهم التوبة و بسطت لهم التوبة حتى تبلغ النفس هذه قال يا رب حسبي

 ين ابن أبي عمير مثله

 3-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ سئل الصادق ع عن قول الله عز و جل وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ قال ذلك إذا عاين أمر الآخرة

 4-  كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص من تاب قبل موته بسنة قبل الله توبته ثم قال إن السنة لكثيرة من تاب قبل موته بشهر قبل الله توبته ثم قال إن الشهر لكثير من تاب قبل موته بجمعة قبل الله توبته ثم قال إن الجمعة لكثيرة من تاب قبل موته بيوم قبل الله توبته ثم قال إن اليوم لكثير من تاب قبل أن يعاين قبل الله توبته

 5-  دعوات الراوندي، قال النبي ص إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرغر توبوا إلى ربكم قبل أن تموتوا و بادروا بالأعمال الزاكية قبل أن تشتغلوا و صلوا الذي بينكم و بينه بكثرة ذكركم إياه

 6-  ف، ]تحف العقول[ لي، ]الأمالي للصدوق[ عن أمير المؤمنين عليه السلام قال لا شفيع أنجح من التوبة

   -7  لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن المغيرة عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله ع قال مر عيسى ابن مريم ع على قوم يبكون فقال على ما يبكي هؤلاء فقيل يبكون على ذنوبهم قال فليدعوها يغفر لهم

 ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن محمد بن يحيى عن الحسين بن إسحاق عن علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن محمد بن خالد عن ابن المغيرة مثله

 8-  فس، ]تفسير القمي[ الحسين بن محمد عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن ع في قول الله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قال يتوب العبد ثم لا يرجع فيه و أحب عباد الله إلى الله المتقي التائب

 9-  ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن علي الجهضمي عن أبي جعفر ع قال كفى بالندم توبة

 بيان إذ الندامة الصادقة تستلزم العزم على الترك في المستقبل غالبا أو المعنى أنه فرد من التوبة و إن لم يؤثر ما تؤثر التوبة الكاملة

 10-  ل، ]الخصال[ حمزة العلوي عن علي عن أبيه عن ابن معبد عن عبد الله بن القاسم عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال النبي ص يلزم الحق لأمتي في أربع يحبون التائب و يرحمون الضعيف و يعينون المحسن و يستغفرون للمذنب

 11-  ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن النهدي عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن الحلبي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن المؤمن لا تكون سجيته الكذب و لا البخل و لا الفجور و لكن ربما ألم بشي‏ء من هذا لا يدوم عليه فقيل له  أ فيزني قال نعم هو مفتن تواب و لكن لا يولد له من تلك النطفة

 12-  ل، ]الخصال[ العسكري عن بدر بن الهيثم عن علي بن منذر عن محمد بن الفضيل عن أبي الصباح قال قال جعفر بن محمد ع من أعطي أربعا لم يحرم أربعا من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة و من أعطي الاستغفار لم يحرم التوبة و من أعطي الشكر لم يحرم الزيادة و من أعطي الصبر لم يحرم الأجر

 13-  ل، ]الخصال[ العطار عن سعد عن البرقي عن أبيه عن يونس عن عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله عن أبيه ع قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله أربع من كن فيه كان في نور الله الأعظم من كانت عصمة أمره شهادة أن لا إله إلا الله و أني رسول الله و من إذا أصابته مصيبة قال إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ و من إذا أصاب خيرا قال الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و من إذا أصاب خطيئة قال أستغفر الله و أتوب إليه

 14-  ل، ]الخصال[ الأربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلام توبوا إلى الله عز و جل و ادخلوا في محبته ف إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ و المؤمن تواب

 15-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه عليهم السلام قال قال رسول الله ص مثل المؤمن عند الله عز و جل كمثل ملك مقرب و إن المؤمن عند الله عز و جل أعظم من ذلك و ليس شي‏ء أحب إلى الله من مؤمن تائب أو مؤمنة تائبة

 صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عن الرضا عن آبائه ع مثله

 16-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالإسناد إلى دارم عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله التائب من الذنب كمن لا ذنب له

 17-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن محمد بن الحسين المقري عن عبد الله بن محمد البصري عن عبد العزيز بن يحيى عن موسى بن زكريا عن أبي خالد عن العيني عن الشعبي قال  سمعت علي بن أبي طالب ع يقول العجب ممن يقنط و معه الممحاة فقيل له و ما الممحاة قال الاستغفار

 18-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بإسناد أخي دعبل عن الرضا عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين عليه السلام تعطروا بالاستغفار لا تفضحكم روائح الذنوب

 19-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن محمد بن الحسين عن ابن فضال عن ابن عقبة عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز و جل ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ قال هي الإقالة

 20-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن أحمد بن هلال قال سألت أبا الحسن الأخير ع عن التوبة النصوح ما هي فكتب ع أن يكون الباطن كالظاهر و أفضل من ذلك

 21-  مع، ]معاني الأخبار[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن موسى بن القاسم عن البطائني عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قال هو صوم الأربعاء و الخميس و الجمعة

 قال الصدوق رحمه الله معناه أن يصوم هذه الأيام ثم يتوب

 22-  مع، ]معاني الأخبار[ ابن المتوكل عن علي بن إبراهيم عن اليقطيني عن يونس عن عبد الله بن سنان و غيره عن أبي عبد الله ع قال التوبة النصوح هو أن يكون باطن الرجل كظاهره و أفضل

 23-  و قد روي أن توبة النصوح هو أن يتوب الرجل من ذنب و ينوي أن لا يعود إليه أبدا

 24-  فس، ]تفسير القمي[ وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ  وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً قال من قتل مؤمنا على دينه لم تقبل توبته و من قتل نبيا أو وصي نبي فلا توبة له لأنه لا يكون مثله فيقاد به و قد يكون الرجل بين المشركين و اليهود و النصارى يقتل رجلا من المسلمين على أنه مسلم فإذا دخل في الإسلام محاه الله عنه لقول رسول الله ص الإسلام يجب ما كان قبله أي يمحو لأن أعظم الذنوب عند الله هو الشرك بالله فإذا قبلت توبته في الشرك قبلت فيما سواه فأما قول الصادق ع ليست له توبة فإنه عنى من قتل نبيا أو وصيا فليست له توبة لأنه لا يقاد أحد بالأنبياء و بالأوصياء إلا الأوصياء و الأنبياء و الأنبياء و الأوصياء لا يقتل بعضهم بعضا و غير النبي و الوصي لا يكون مثل النبي و الوصي فيقاد به و قاتلهما لا يوفق بالتوبة

 25-  ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ابن عبدوس عن ابن قتيبة عن حمدان بن سليمان عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال قلت للرضا ع لأي علة أغرق الله فرعون و قد آمن به و أقر بتوحيده قال لأنه آمن عند رؤية البأس و الإيمان عند رؤية البأس غير مقبول و ذلك حكم الله تعالى ذكره في السلف و الخلف قال الله عز و جل فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَ كَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا و قال عز و جل يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً و هكذا فرعون لما أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فقيل له آلْآنَ وَ قَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَ كُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ الخبر

 26-  لي، ]الأمالي للصدوق[ الطالقاني عن أحمد الهمداني عن أحمد بن صالح عن موسى بن داود عن الوليد بن هشام عن هشام بن حسان عن الحسن بن أبي الحسن البصري عن عبد الرحمن بن غنم الدوسي قال دخل معاذ بن جبل على رسول الله ص باكيا فسلم فرد عليه السلام ثم قال ما يبكيك يا معاذ فقال يا رسول الله إن بالباب شابا  طري الجسد نقي اللون حسن الصورة يبكي على شبابه بكاء الثكلى على ولدها يريد الدخول عليك فقال النبي ص أدخل علي الشاب يا معاذ فأدخله عليه فسلم فرد عليه السلام ثم قال ما يبكيك يا شاب قال كيف لا أبكي و قد ركبت ذنوبا إن أخذني الله عز و جل ببعضها أدخلني نار جهنم و لا أراني إلا سيأخذني بها و لا يغفر لي أبدا فقال رسول الله ص هل أشركت بالله شيئا قال أعوذ بالله أن أشرك بربي شيئا قال أ قتلت النفس التي حرم الله قال لا فقال النبي ص يغفر الله لك ذنوبك و إن كانت مثل الجبال الرواسي فقال الشاب فإنها أعظم من الجبال الرواسي فقال النبي ص يغفر الله لك ذنوبك و إن كانت مثل الأرضين السبع و بحارها و رمالها و أشجارها و ما فيها من الخلق قال فإنها أعظم من الأرضين السبع و بحارها و رمالها و أشجارها و ما فيها من الخلق فقال النبي ص يغفر الله لك ذنوبك و إن كانت مثل السماوات و نجومها و مثل العرش و الكرسي قال فإنها أعظم من ذلك قال فنظر النبي ص إليه كهيئة الغضبان ثم قال ويحك يا شاب ذنوبك أعظم أم ربك فخر الشاب لوجهه و هو يقول سبحان ربي ما شي‏ء أعظم من ربي ربي أعظم يا نبي الله من كل عظيم فقال النبي ص فهل يغفر الذنب العظيم إلا الرب العظيم قال الشاب لا و الله يا رسول الله ثم سكت الشاب فقال له النبي ص ويحك يا شاب أ لا تخبرني بذنب واحد من ذنوبك قال بلى أخبرك إني كنت أنبش القبور سبع سنين أخرج الأموات و أنزع الأكفان فماتت جارية من بعض بنات الأنصار فلما حملت إلى قبرها و دفنت و انصرف عنها أهلها و جن عليهم الليل أتيت قبرها فنبشتها ثم استخرجتها و نزعت ما كان عليها من أكفانها و تركتها متجردة على شفير قبرها و مضيت منصرفا

  فأتاني الشيطان فأقبل يزينها لي و يقول أ ما ترى بطنها و بياضها أ ما ترى وركيها فلم يزل يقول لي هذا حتى رجعت إليها و لم أملك نفسي حتى جامعتها و تركتها مكانها فإذا أنا بصوت من ورائي يقول يا شاب ويل لك من ديان يوم الدين يوم يقفني و إياك كما تركتني عريانة في عساكر الموتى و نزعتني من حفرتي و سلبتني أكفاني و تركتني أقوم جنبة إلى حسابي فويل لشبابك من النار فما أظن أني أشم ريح الجنة أبدا فما ترى لي يا رسول الله فقال النبي ص تنح عني يا فاسق إني أخاف أن أحترق بنارك فما أقربك من النار ثم لم يزل ع يقول و يشير إليه حتى أمعن من بين يديه فذهب فأتى المدينة فتزود منها ثم أتى بعض جبالها فتعبد فيها و لبس مسحا و غل يديه جميعا إلى عنقه و نادى يا رب هذا عبدك بهلول بين يديك مغلول يا رب أنت الذي تعرفني و زل مني ما تعلم سيدي يا رب أصبحت من النادمين و أتيت نبيك تائبا فطردني و زادني خوفا فأسألك باسمك و جلالك و عظمة سلطانك أن لا تخيب رجائي سيدي و لا تبطل دعائي و لا تقنطني من رحمتك فلم يزل يقول ذلك أربعين يوما و ليلة تبكي له السباع و الوحوش فلما تمت له أربعون يوما و ليلة رفع يديه إلى السماء و قال اللهم ما فعلت في حاجتي إن كنت استجبت دعائي و غفرت خطيئتي فأوح إلى نبيك و إن لم تستجب لي دعائي و لم تغفر لي خطيئتي و أردت عقوبتي فعجل بنار تحرقني أو عقوبة في الدنيا تهلكني و خلصني من فضيحة يوم القيامة فأنزل الله تبارك و تعالى على نبيه ص وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً يعني الزنا أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ يعني بارتكاب ذنب أعظم من الزنا  و نبش القبور و أخذ الأكفان ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ يقول خافوا الله فعجلوا التوبة وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ يقول عز و جل أتاك عبدي يا محمد تائبا فطردته فأين يذهب و إلى من يقصد و من يسأل أن يغفر له ذنبا غيري ثم قال عز و جل وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ يقول لم يقيموا على الزنا و نبش القبور و أخذ الأكفان أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ فلما نزلت هذه الآية على رسول الله ص خرج و هو يتلوها و يتبسم فقال لأصحابه من يدلني على ذلك الشاب التائب فقال معاذ يا رسول الله بلغنا أنه في موضع كذا و كذا فمضى رسول الله ص بأصحابه حتى انتهوا إلى ذلك الجبل فصعدوا إليه يطلبون الشاب فإذا هم بالشاب قائم بين صخرتين مغلولة يداه إلى عنقه قد اسود وجهه و تساقطت أشفار عينيه من البكاء و هو يقول سيدي قد أحسنت خلقي و أحسنت صورتي فليت شعري ما ذا تريد بي أ في النار تحرقني أو في جوارك تسكنني اللهم إنك قد أكثرت الإحسان إلي و أنعمت علي فليت شعري ما ذا يكون آخر أمري إلى الجنة تزفني أم إلى النار تسوقني اللهم إن خطيئتي أعظم من السماوات و الأرض و من كرسيك الواسع و عرشك العظيم فليت شعري تغفر خطيئتي أم تفضحني بها يوم القيامة فلم يزل يقول نحو هذا و هو يبكي و يحثو التراب على رأسه و قد أحاطت به السباع و صفت فوقه الطير و هم يبكون لبكائه فدنا رسول الله ص فأطلق يديه من عنقه و نفض التراب عن رأسه و قال يا بهلول أبشر فإنك عتيق الله من النار ثم قال ع لأصحابه هكذا تداركوا الذنوب كما تداركها بهلول ثم تلا عليه ما أنزل الله عز و جل فيه و بشره بالجنة

 27-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن محمد بن خالد عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال كان غلام من اليهود يأتي النبي ص كثيرا حتى استخفه و ربما أرسله في حاجته و ربما كتب له الكتاب إلى قومه  فافتقده أياما فسأل عنه فقال له قائل تركته في آخر يوم من أيام الدنيا فأتاه النبي ص في أناس من أصحابه و كان له ع بركة لا يكلم أحدا إلا أجابه فقال يا فلان ففتح عينه و قال لبيك يا أبا القاسم قال قل أشهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله فنظر الغلام إلى أبيه فلم يقل له شيئا ثم ناداه رسول الله ص ثانية و قال له مثل قوله الأول فالتفت الغلام إلى أبيه فلم يقل له شيئا ثم ناداه رسول الله ص الثالثة فالتفت الغلام إلى أبيه فقال إن شئت فقل و إن شئت فلا فقال الغلام أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله و مات مكانه فقال رسول الله ص لأبيه اخرج عنا ثم قال ع لأصحابه اغسلوه و كفنوه و آتوني به أصلي عليه ثم خرج و هو يقول الحمد لله الذي أنجى بي اليوم نسمة من النار

 28-  ف، ]تحف العقول[ عن كميل بن زياد قال قلت لأمير المؤمنين ع يا أمير المؤمنين العبد يصيب الذنب فيستغفر الله منه فما حد الاستغفار قال يا ابن زياد التوبة قلت بس قال لا قلت فكيف قال إن العبد إذا أصاب ذنبا يقول أستغفر الله بالتحريك قلت و ما التحريك قال الشفتان و اللسان يريد أن يتبع ذلك بالحقيقة قلت و ما الحقيقة قال تصديق في القلب و إضمار أن لا يعود إلى الذنب الذي استغفر منه قال كميل فإذا فعل ذلك فإنه من المستغفرين قال لا قال كميل فكيف ذاك قال لأنك لم تبلغ إلى الأصل بعد قال كميل فأصل الاستغفار ما هو قال الرجوع إلى التوبة من الذنب الذي استغفرت منه و هي أول درجة العابدين و ترك الذنب و الاستغفار اسم واقع لمعان ست أولها الندم على ما مضى و الثاني العزم على ترك العود أبدا و الثالث أن تؤدي حقوق المخلوقين التي بينك و بينهم و الرابع أن تؤدي حق الله في كل فرض و الخامس أنتذيب اللحم الذي نبت على السحت و الحرام حتى يرجع الجلد إلى عظمه ثم  تنشئ فيما بينهما لحما جديدا و السادس أن تذيق البدن ألم الطاعات كما أذقته لذات المعاصي

 29-  عدة، ]عدة الداعي[ روي عن العالم ع أنه قال و الله ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا و الآخرة إلا بحسن ظنه بالله عز و جل و رجائه له و حسن خلقه و الكف عن اغتياب المؤمنين و الله تعالى لا يعذب عبدا بعد التوبة و الاستغفار إلا بسوء ظنه و تقصيره في رجائه لله عز و جل و سوء خلقه و اغتيابه المؤمنين الخبر

 30-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن المتوكل عن محمد بن جعفر عن موسى بن عمران عن الحسين بن يزيد عن البطائني عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال أوحى الله عز و جل إلى داود النبي على نبينا و آله و عليه السلام يا داود إن عبدي المؤمن إذا أذنب ذنبا ثم رجع و تاب من ذلك الذنب و استحيا مني عند ذكره غفرت له و أنسيته الحفظة و أبدلته الحسنة و لا أبالي و أنا أرحم الراحمين

 31-  ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا تاب العبد المؤمن توبة نصوحا أحبه الله فستر عليه في الدنيا و الآخرة قلت و كيف يستر عليه قال ينسي ملكيه ما كتبا عليه من الذنوب و أوحى إلى جوارحه اكتمي عليه ذنوبه و أوحى إلى بقاع الأرض اكتمي عليه ما كان يعمل عليك من الذنوب فيلقى الله حين يلقاه و ليس شي‏ء يشهد عليه بشي‏ء من الذنوب

 32-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن ابن أسباط عن يحيى بن بشير عن المسعودي قال أمير المؤمنين ع من تاب تاب الله عليه و أمرت جوارحه أن تستر عليه و بقاع الأرض أن تكتم عليه و أنسيت الحفظة ما كانت تكتب عليه

 33-  ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن سلمة بياع  السابري عن رجل عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص من تاب في سنة تاب الله عليه ثم قال إن السنة لكثيرة ثم قال من تاب في شهر تاب الله عليه ثم قال إن الشهر لكثير ثم قال من تاب في يومه تاب الله عليه ثم قال إن يوما لكثير ثم قال من تاب إذا بلغت نفسه هذه يعني حلقه تاب الله عليه

 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي عمير عن سلمة عن جابر عنه ع مثله

 34-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ماجيلويه عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله إن لله عز و جل فضولا من رزقه ينحله من يشاء من خلقه و الله باسط يديه عند كل فجر لمذنب الليل هل يتوب فيغفر له و يبسط يديه عند مغيب الشمس لمذنب النهار هل يتوب فيغفر له

 35-  سن، ]المحاسن[ أبي رفعه قال إن أمير المؤمنين ع صعد المنبر بالكوفة فحمد الله و أثنى عليه ثم قال أيها الناس إن الذنوب ثلاثة ثم أمسك فقال له حبة العرني يا أمير المؤمنين فسرها لي فقال ما ذكرتها إلا و أنا أريد أن أفسرها و لكنه عرض لي بهر حال بيني و بين الكلام نعم الذنوب ثلاثة فذنب مغفور و ذنب غير مغفور و ذنب نرجو لصاحبه و نخاف عليه قيل يا أمير المؤمنين فبينها لنا قال نعم أما الذنب المغفور فعبد عاقبه الله تعالى على ذنبه في الدنيا فالله أحكم و أكرم أن يعاقب عبده مرتين و أما الذنب الذي لا يغفر فظلم العباد بعضهم  لبعض إن الله تبارك و تعالى إذا برز لخلقه أقسم قسما على نفسه فقال و عزتي و جلالي لا يجوزني ظلم ظالم و لو كف بكف و لو مسحة بكف و نطحة ما بين الشاة القرناء إلى الشاة الجماء فيقتص الله للعباد بعضهم من بعض حتى لا يبقى لأحد عند أحد مظلمة ثم يبعثهم الله إلى الحساب و أما الذنب الثالث فذنب ستره الله على عبده و رزقه التوبة فأصبح خاشعا من ذنبه راجيا لربه فنحن له كما هو لنفسه نرجو له الرحمة و نخاف عليه العقاب

 بيان لعل المراد بالكف أولا المنع و الزجر و بالثاني اليد و يحتمل أن يكون المراد بهما معا اليد أي تضرر كف إنسان بكف آخر بغمز و شبهه أو تلذذ كف بكف و المراد بالمسحة بالكف ما يشتمل على إهانة و تحقير أو تلذذ و يمكن حمل التلذذ في الموضعين على ما إذا كان من امرأة ذات بعل أو قهرا بدون رضى الممسوح ليكون من حق الناس و الجماء التي لا قرن لها قال في النهاية فيه إن الله ليدين الجماء من ذوات القرن الجماء التي لا قرن لها و يدين أي يجزي انتهى و أما الخوف بعد التوبة فلعله لاحتمال التقصير في شرائط التوبة

 36-  ف، ]تحف العقول[ عن أبي جعفر الثاني ع قال تأخير التوبة اغترار و طول التسويف حيرة و الاعتلال على الله هلكة و الإصرار على الذنب أمن لمكر الله و لا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ

 37-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن أبا جعفر ع كان في الحج و معه ابنه جعفر ع فأتاه رجل فسلم عليه و جلس بين يديه ثم قال إني أريد أن أسألك قال سل ابني جعفرا قال فتحول الرجل فجلس إليه ثم قال أسألك قال سل عما بدا لك قال أسألك عن رجل أذنب ذنبا عظيما قال أفطر يوما في شهر رمضان متعمدا قال أعظم من ذلك قال زنى في شهر رمضان قال أعظم من ذلك قال قتل النفس قال أعظم من ذلك قال إن كان من شيعة علي ع مشى إلى بيت الله الحرام و حلف أن لا يعود و إن لم يكن من شيعته فلا بأس فقال له الرجل رحمكم الله يا ولد فاطمة ثلاثا هكذا  سمعته من رسول الله ص ثم إن الرجل ذهب فالتفت أبو جعفر فقال عرفت الرجل قال لا قال ذلك الخضر إنما أردت أن أعرفكه

 بيان لعل في الخبر سقطا و إنما أوردته كما وجدته و يحتمل أن يكون السائل غرضه السؤال عن حال من جمع بين تلك الأعمال و يكون سؤاله ع على الإعجاز لعلمه بالمراد و يكون المراد بالجواب أن المقتول إن كان من الشيعة فليمش إلى البيت لكمال قبول التوبة و إلا فلا بأس و لو كان الضمير راجعا إلى القاتل فلا بد من ارتكاب تكلف في قوله ع فلا بأس به

 38-  مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع التوبة حبل الله و مدد عنايته و لا بد للعبد من مداومة التوبة على كل حال و كل فرقة من العباد لهم توبة فتوبة الأنبياء من اضطراب السر و توبة الأصفياء من التنفس و توبة الأولياء من تلوين الخطرات و توبة الخاص من الاشتغال بغير الله و توبة العام من الذنوب و لكل واحد منهم معرفة و علم في أصل توبته و منتهى أمره و ذلك يطول شرحه هاهنا فأما توبة العام فأن يغسل باطنه بماء الحسرة و الاعتراف بالجناية دائما و اعتقاد الندم على ما مضى و الخوف على ما بقي من عمره و لا يستصغر ذنوبه فيحمله ذلك إلى الكسل و يديم البكاء و الأسف على ما فاته من طاعة الله و يحبس نفسه عن الشهوات و يستغيث إلى الله تعالى ليحفظه على وفاء توبته و يعصمه عن العود إلى ما سلف و يروض نفسه في ميدان الجهد و العبادة و يقضي عن الفوائت من الفرائض و يرد المظالم و يعتزل قرناء السوء ويسهر ليلة و يظمأ نهاره و يتفكر دائما في عاقبته و يستهين بالله سائلا منه الاستقامة في سرائه و ضرائه و يثبت عند المحن و البلاء كيلا يسقط عن درجة التوابين فإن في ذلك طهارة من ذنوبه و زيادة في عمله و رفعة في درجاته قال الله عز و جل فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ

 بيان من التنفس أي بغير ذكر الله و في بعض النسخ على بناء التفعيل من تنفيس الهم أي تفريجه أي من الفرح و النشاط و الظاهر أنه مصحف و تلوين الخطرات إخطار الأمور المتفرقة بالبال و عدم اطمئنان القلب بذكر الله

   -39  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله ع قال رحم الله عبدا لم يرض من نفسه أن يكون إبليس نظيرا له في دينه و في كتاب الله نجاة من الردى و بصيرة من العمى و دليل إلى الهدى و شفاء لما في الصدور فيما أمركم الله به من الاستغفار مع التوبة قال الله وَ الَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ و قال وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً فهذا ما أمر الله به من الاستغفار و اشترط معه بالتوبة و الإقلاع عما حرم الله فإنه يقول إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ و هذه الآية تدل على أن الاستغفار لا يرفعه إلى الله إلا العمل الصالح و التوبة

 40-  شي، ]تفسير العياشي[ عن جابر عن أبي جعفر ع في قول الله وَ مَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ قال الإصرار أن يذنب العبد و لا يستغفر و لا يحدث نفسه بالتوبة فذلك الإصرار

 41-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله ع في قول الله وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى قال لهذه الآية تفسير يدل ذلك التفسير على أن الله لا يقبل من عمل عملا إلا ممن لقيه بالوفاء منه بذلك التفسير و ما اشترط فيه على المؤمنين و قال إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ يعني كل ذنب عمله العبد و إن كان به عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه و قد قال في ذلك تبارك و تعالى يحكي قول يوسف لإخوته هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله

 42-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الحلبي عن أبي عبد الله ع في قول الله وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ قال هو الفرار تاب حين لم ينفعه التوبة و لم يقبل منه

 43-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة عن أبي جعفر ع قال إذا بلغت النفس هذه و أهوى بيده إلى حنجرته لم يكن للعالم توبة و كانت للجاهل توبة

 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عنه ع مثله  بيان ظاهره الفرق بين العالم و الجاهل في قبول التوبة عند مشاهدة أحوال الآخرة و هو مخالف لما ذهب إليه المتكلمون من عدم قبول التوبة في ذلك الوقت مطلقا و عدم الفرق في التوبة مطلقا بين العالم و الجاهل و يمكن توجيهه بوجهين الأول أن يكون المراد بالعالم من شاهد أحوال الآخرة و بالجاهل من لم يشاهدها لأن بلوغ النفس إلى الحنجرة قد ينفك عن المشاهدة. الثاني أن يكون المراد نفي التوبة الكاملة عن العالم في هذا الوقت دون الجاهل مع حمل تلك الحالة على عدم المشاهدة إذ العالم غير معذور في تأخيرها إلى هذا الوقت

 44-  شي، ]تفسير العياشي[ عن جابر عن النبي ص قال كان إبليس أول من ناح و أول من تغنى و أول من حدا قال لما أكل آدم من الشجرة تغنى قال فلما أهبط حدا به قال فلما استقر على الأرض ناح فأذكره ما في الجنة فقال آدم رب هذا الذي جعلت بيني و بينه العداوة لم أقو عليه و أنا في الجنة و إن لم تعني عليه لم أقو عليه فقال الله السيئة بالسيئة و الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة قال رب زدني قال لا يولد لك ولد إلا جعلت معه ملكا أو ملكين يحفظانه قال رب زدني قال التوبة معروضة في الجسد ما دام فيها الروح قال رب زدني قال أغفر الذنوب و لا أبالي قال حسبي

 45-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله عليه السلام قال رحم الله عبدا تاب إلى الله قبل الموت فإن التوبة مطهرة من دنس الخطيئة و منقذة من شفا الهلكة فرض الله بها على نفسه لعباده الصالحين فقال كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً

   -46  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ أتى أعرابي إلى النبي ص فقال أخبرني عن التوبة إلى متى تقبل فقال ص إن بابها مفتوح لابن آدم لا يسد حتى تطلع الشمس من مغربها و ذلك قوله هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ و هي طلوع الشمس من مغربها يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً

 47-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول في قوله فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً قال هم التوابون المتعبدون

 48-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير قال كنت عند أبي عبد الله ع فقال له رجل بأبي و أمي إني أدخل كنيفا لي و لي جيران و عندهم جوار يتغنين و يضربن بالعود فربما أطلت الجلوس استماعا مني لهن فقال لا تفعل فقال الرجل و الله ما هو شي‏ء آتيه برجلي إنما هو سماع أسمعه بأذني فقال له أنت أ ما سمعت الله إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا قال بلى و الله فكأني لم أسمع هذه الآية قط من كتاب الله من عجمي و لا من عربي لا جرم أني لا أعود إن شاء الله و أني أستغفر الله فقال له قم فاغتسل و صل ما بدا لك فإنك كنت مقيما على أمر عظيم ما كان أسوأ حالك لو مت على ذلك احمد الله و سله التوبة من كل ما يكره إنه لا يكره إلا القبيح و القبيح دعه لأهله فإن لكل أهلا

 49-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ بعض أصحابنا عن علي بن شجرة عن عيسى بن راشد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول ما من مؤمن يذنب ذنبا إلا أجل سبع ساعات فإن استغفر الله غفر له و إنه ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة فيستغفر الله فيغفر له و إن الكافر لينسى ذنبه لئلا يستغفر الله

 50-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن ابن عقدة عن محمد بن الفضل بن إبراهيم  الأشعري عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن الصادق عن آبائه عن الحسن بن علي ع في خبر طويل احتج فيه على معاوية قال فأما القرابة فقد نفعت المشرك و هي و الله للمؤمن أنفع قال رسول الله ص لعمه أبي طالب و هو في الموت قل لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة و لم يكن رسول الله ص يقول له و يعد إلا ما يكون منه على يقين و ليس ذلك لأحد من الناس كلهم غير شيخنا أعني أبا طالب يقول الله عز و جل وَ لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَ لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً الخبر

 بيان لعل هذا للإلزام على العامة لقولهم بكفر أبي طالب ع و يحتمل أن يكون المراد أنه لما كان السؤال في ذلك الوقت مع علمه ص بإيمانه لعلم الناس بإيمانه فلو لم يكن للإيمان في هذا الوقت فائدة لم يحصل الغرض

 51-  جع، ]جامع الأخبار[ قال النبي ص التائب إذا لم يستبن أثر التوبة فليس بتائب يرضي الخصماء و يعيد الصلوات و يتواضع بين الخلق و يتقي نفسه عن الشهوات و يهزل رقبته بصيام النهار و يصفر لونه بقيام الليل و يخمص بطنه بقلة الأكل و يقوس ظهره من مخافة النار و يذيب عظامه شوقا إلى الجنة و يرق قلبه من هول ملك الموت و يجفف جلده على بدنه بتفكر الأجل فهذا أثر التوبة و إذا رأيتم العبد على هذه الصورة فهو تائب ناصح لنفسه

 52-  و قال رسول الله ص أ تدرون من التائب قالوا اللهم لا قال إذا تاب العبد و لم يرض الخصماء فليس بتائب و من تاب و لم يزد في العبادة فليس بتائب و من تاب و لم يغير لباسه فليس بتائب و من تاب و لم يغير رفقاءه فليس بتائب و من تاب و لم يغير مجلسه فليس بتائب و من تاب و لم يغير فراشه و وسادته فليس بتائب  و من تاب و لم يغير خلقه و نيته فليس بتائب و من تاب و لم يفتح قلبه و لم يوسع كفه فليس بتائب و من تاب و لم يقصر أمله و لم يحفظ لسانه فليس بتائب و من تاب و لم يقدم فضل قوته من بدنه فليس بتائب و إذا استقام على هذه الخصال فذاك التائب

 53-  نبه، ]تنبيه الخاطر[ جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر ع في قول الله تبارك و تعالى وَ لَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَ هُمْ يَعْلَمُونَ قال الإصرار أن يذنب و لا يحدث نفسه بتوبة فذاك الإصرار

 54-  سيف بن يعقوب عن أبي عبد الله ع المقيم على الذنب و هو منه مستغفر كالمستهزئ

 55-  ابن فضال عمن ذكره عن أبي جعفر ع قال لا و الله ما أراد الله من الناس إلا خصلتين أن يقروا له بالنعم فيزيدهم و بالذنوب فيغفرها لهم

 56-  و عنه ع قال و الله ما ينجو من الذنب إلا من أقر به

 57-  و عن جعفر بن محمد ع قال قال رسول الله ص من أذنب ذنبا و هو ضاحك دخل النار و هو باك

 58-  نهج، ]نهج البلاغة[ ما كان الله ليفتح على عبد باب الشكر و يغلق عنه باب الزيادة و لا ليفتح على عبد باب الدعاء و يغلق عنه باب الإجابة و لا ليفتح على عبد باب التوبة و يغلق عنه باب المغفرة

 59-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال ع لقائل بحضرته أستغفر الله ثكلتك أمك أ تدري ما الاستغفار إن الاستغفار درجة العليين و هو اسم واقع على ستة معان أولها الندم  على ما مضى و الثاني العزم على ترك العود إليه أبدا و الثالث أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم حتى تلقى الله أملس ليس عليك تبعة و الرابع أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيعتها فتؤدي حقها و الخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان حتى يلصق الجلد بالعظم و ينشأ بينهما لحم جديد و السادس أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية فعند ذلك تقول أستغفر الله

 بيان ما سوى الأولين عند جمهور المتكلمين من شرائط كمال التوبة كما ستعرف

 60-  نهج، ]نهج البلاغة[ و قال ع لرجل سأله أن يعظه لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل و يرجئ التوبة بطول الأمل و ساق الكلام إلى أن قال ع إن عرضت له شهوة أسلف المعصية و سوف التوبة

 61-  نهج، ]نهج البلاغة[ و قال ع من أعطي أربعا لم يحرم أربعا من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة و من أعطي التوبة لم يحرم القبول و من أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة و من أعطي الشكر لم يحرم الزيادة

 و تصديق ذلك في كتاب الله سبحانه قال الله عز و جل في الدعاء ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ و قال في الاستغفار وَ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً و قال في الشكر لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ و قال في التوبة إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً

 ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن إبراهيم عن محمد بن وهبان عن محمد بن أحمد بن زكريا عن الحسن بن فضال عن علي بن عقبة عن أبي كهمش عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع مثله

   -62  نهج، ]نهج البلاغة[ و سئل ع عن الخير ما هو فقال ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك و لكن الخير أن يكثر علمك و يعظم حلمك و أن تباهي الناس بعبادة ربك فإن أحسنت حمدت الله و إن أسأت استغفرت الله و لا خير في الدنيا إلا لرجلين رجل أذنب ذنوبا فهو يتداركها بالتوبة و رجل يسارع في الخيرات و لا يقل عمل مع التقوى و كيف يقل ما يتقبل

 63-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ النضر عن ابن سنان عن حفص قال سمعت أبا عبد الله ع يقول ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا إلا أجله الله سبع ساعات من النهار فإن هو تاب لم يكتب عليه شيئا و إن لم يفعل كتبت عليه سيئة فأتاه عباد البصري فقال له بلغنا أنك قلت ما من عبد يذنب ذنبا إلا أجله الله سبع ساعات من النهار فقال ليس هكذا قلت و لكني قلت ما من عبد مؤمن يذنب ذنبا إلا أجله الله سبع ساعات من نهاره هكذا قلت

 64-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ فضالة عن القاسم بن يزيد عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر ع إن من أحب عباد الله إلى الله المفتن التواب

 65-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال من عمل سيئة أجل فيها سبع ساعات من النهار فإن قال أستغفر الله الذي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ثلاث مرات لم يكتب عليه

 66-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي عمير عن علي الأحمسي عمن ذكره عن أبي جعفر ع أنه قال و الله ما ينجو من الذنب إلا من أقر به

 67-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ علي بن المغيرة عن ابن مسكان عن أبي عبيدة الحذاء قال سمعت أبا جعفر ع ألا إن الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب من رجل ضلت راحلته في أرض قفر و عليها طعامه و شرابه فبينما هو كذلك لا يدري ما يصنع و لا أين يتوجه حتى وضع رأسه لينام فأتاه آت فقال له هل لك في راحلتك قال نعم قال هو ذه  فاقبضها فقام إليها فقبضها فقال أبو جعفر ع و الله أفرح بتوبة عبده حين يتوب من ذلك الرجل حين وجد راحلته

 68-  كا، ]الكافي[ العدة عن البرقي عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن الكناني قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قال يتوب العبد من الذنب ثم لا يعود فيه قال محمد بن الفضيل سألت عنها أبا الحسن ع فقال يتوب من الذنب ثم لا يعود فيه و أحب العباد إلى الله المفتنون التوابون

 69-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً قال هو الذنب الذي لا يعود فيه أبدا قلت و أينا لم يعد فقال يا أبا محمد إن الله يحب من عباده المفتن التواب

 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي عمير مثله

 70-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا رفعه قال إن الله عز و جل أعطى التائبين ثلاث خصال لو أعطى خصلة منها جميع أهل السماوات و الأرض لنجوا بها قوله عز و جل إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فمن أحبه الله لم يعذبه و قوله الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَ اتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَ قِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ قِهِمُ السَّيِّئاتِ وَ مَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ و قوله عز و جل وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَ لا يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ  يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً إِلَّا مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلًا صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً

 71-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال يا محمد بن مسلم ذنوب المؤمن إذا تاب منها مغفورة له فليعمل المؤمن لما يستأنف بعد التوبة و المغفرة أما و الله إنها ليست إلا لأهل إيمان قلت فإن عاد بعد التوبة و الاستغفار من الذنوب و عاد في التوبة فقال يا محمد بن مسلم أ ترى العبد المؤمن يندم على ذنبه و يستغفر الله تعالى منه و يتوب ثم لا يقبل الله توبته قلت فإنه فعل ذلك مرارا يذنب ثم يتوب و يستغفر فقال كلما عاد المؤمن بالاستغفار و التوبة عاد الله عليه بالمغفرة و إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ... وَ يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ فإياك أن تقنط المؤمنين من رحمة الله

 72-  كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سألته عن قول الله عز و جل إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ قال هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك فذلك قوله تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ

 73-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن أبي عبيدة قال سمعت أبا جعفر ع يقول إن الله تعالى أشد فرحا بتوبة عبده من رجل أضل راحلته و زاده في ليلة ظلماء فوجدها فالله أشد فرحا بتوبة عبده من ذلك الرجل براحلته حين وجدها

 74-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن عثمان عن أبي جميلة قال قال أبو عبد الله إن الله يحب المفتن التواب  و من لا يكون ذلك منه كان أفضل

 75-  كا، ]الكافي[ محمد عن أحمد عن علي بن النعمان عن محمد بن سنان عن يوسف بن أبي يعقوب بياع الأرز عن جابر عن أبي جعفر ع قال سمعته يقول التائب من الذنب كمن لا ذنب له و المقيم على الذنب و هو مستغفر منه كالمستهزئ

 76-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عن زرارة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن العبد إذا أذنب ذنبا أجل من غداة إلى الليل فإن استغفر الله لم يكتب عليه

 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي عمير مثله

 77-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و أبو علي الأشعري و محمد بن يحيى جميعا عن الحسين بن إسحاق عن علي بن مهزيار عن فضالة عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله ع قال العبد المؤمن إذا أذنب ذنبا أجله الله سبع ساعات فإن استغفر الله لم يكتب عليه و إن مضت الساعات و لم يستغفر كتبت عليه سيئة و إن المؤمن ليذكر ذنبه بعد عشرين سنة حتى يستغفر ربه فيغفر له و إن الكافر لينساه من ساعته

 78-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و العدة عن سهل و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن محمد بن النعمان الأحول عن سلام بن المستنير قال كنت عند أبي جعفر ع فدخل عليه حمران بن أعين و سأله عن أشياء فلما هم حمران بالقيام قال لأبي جعفر ع أخبرك أطال الله بقاءك لنا و أمتعنا بك إنا نأتيك فما نخرج  من عندك حتى ترق قلوبنا و تسلو أنفسنا عن الدنيا و يهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس و التجار أحببنا الدنيا قال فقال أبو جعفر ع إنما هي القلوب مرة تصعب و مرة تسهل ثم قال أبو جعفر ع أما إن أصحاب محمد ص قالوا يا رسول الله نخاف علينا النفاق قال فقال و لم تخافون ذلك قالوا إذا كنا عندك فذكرتنا و رغبتنا وجلنا و نسينا الدنيا و زهدنا حتى كأننا نعاين الآخرة و الجنة و النار و نحن عندك فإذا خرجنا من عندك و دخلنا هذه البيوت و شممنا الأولاد و رأينا العيال و الأهل يكاد أن نحول عن الحالة التي كنا عليها عندك حتى كانا لم نكن على شي‏ء أ فتخاف علينا أن يكون ذلك نفاقا فقال لهم رسول الله ص كلا إن هذه خطوات الشيطان فيرغبكم في الدنيا و الله لو تدوموا على الحالة التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة و مشيتم على الماء و لو لا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق الله خلقا حتى يذنبوا ثم يستغفروا الله فيغفر لهم إن المؤمن مفتن تواب أ ما سمعت قول الله عز و جل إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ و قال اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ

اختتام فيه مباحث رائقة

الأول في وجوب التوبة

و لا خلاف في وجوبها في الجملة و الأظهر أنها إنما تجب لما لم يكفر من الذنوب كالكبائر و الصغائر التي أصرت عليها فإنها ملحقة بالكبائر و الصغائر التي لم يجتنب معها الكبائر فأما مع اجتناب الكبائر فهي مكفرة إذا لم يصر عليها و لا يحتاج إلى التوبة عنها لقوله تعالى إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ و سيأتي تحقيق القول في ذلك في باب الكبائر إن شاء الله تعالى. قال المحقق الطوسي قدس الله روحه في التجريد التوبة واجبة لدفعها الضرر و لوجوب الندم على كل قبيح أو إخلال بواجب.  و قال العلامة رحمه الله في شرحه التوبة هي الندم على المعصية لكونها معصية و العزم على ترك المعاودة في المستقبل لأن ترك العزم يكشف عن نفي الندم و هي واجبة بالإجماع لكن اختلفوا فذهب جماعة من المعتزلة إلى أنها تجب من الكبائر المعلوم كونها كبائر أو المظنون فيها ذلك و لا تجب من الصغائر المعلوم أنها صغائر و قال آخرون إنها لا تجب من ذنوب تاب عنها من قبل و قال آخرون إنها تجب من كل صغير و كبير من المعاصي أو الإخلال بالواجب سواء تاب منها قبل أو لم يتب. و قد استدل المصنف على وجوبها بأمرين الأول أنها دافعة للضرر الذي هو العقاب أو الخوف فيه و دفع الضرر واجب الثاني أنا نعلم قطعا وجوب الندم على فعل القبيح أو الإخلال بالواجب إذا عرفت هذا فنقول إنها تجب من كل ذنب لأنها تجب من المعصية لكونها معصية و من الإخلال بواجب لكونه كذلك و هذا عام في كل ذنب و إخلال بواجب انتهى. أقول ظاهر كلامه وجوب التوبة عن الذنب الذي تاب منه و لعله نظر إلى أن الندم على القبيح واجب في كل حال و كذا ترك العزم على الحرام واجب دائما و فيه أن العزم على الحرام ما لم يأت به لا يترتب عليه إثم كما دلت عليه الأخبار الكثيرة إلا أن يقول إن العفو عنه تفضلا لا ينافي كونه منهيا عنه كالصغائر المكفرة و أما الندم على ما صدر عنه فلا نسلم وجوبه بعد تحقيق الندم سابقا و سقوط العقاب و إن كان القول بوجوبه أقوى.

الثاني اختلف المتكلمون في أنه هل تتبعض التوبة أم لا

و الأول أقوى لعموم النصوص و ضعف المعارض. قال المحقق في التجريد و يندم على القبيح لقبحه و إلا انتفت و خوف النار إن كان الغاية فكذلك و كذا الإخلال فلا تصح من البعض و لا يتم القياس على الواجب و لو اعتقد فيه الحسن صحت و كذا المستحقر و التحقيق أن ترجيح الداعي إلى الندم عن البعض يبعث عليه و إن اشترك الداعي في الندم على القبيح كما في الداعي إلى الفعل و لو اشترك الترجيح اشترك وقوع الندم و به يتأول كلام أمير المؤمنين و أولاده  عليهم السلام و إلا لزم الحكم ببقاء الكفر على التائب منه المقيم على صغيرة. و قال العلامة اختلف شيوخ المعتزلة هنا فذهب أبو هاشم إلى أن التوبة لا تصح من قبيح دون قبيح و ذهب أبو علي إلى جواز ذلك و المصنف رحمه الله استدل على مذهب أبي هاشم بأنا قد بينا بأنه يجب أن يندم على القبيح لقبحه و لو لا ذلك لم تكن مقبولة و القبح حاصل في الجميع فلو تاب من قبيح دون قبيح كشف ذلك عن كونه تائبا عنه لا لقبحه و احتج أبو علي بأنه لو لم تصح التوبة من قبيح دون قبيح لم يصح الإتيان بواجب دون واجب و التالي باطل بيان الشرطية أنه كما يجب عليه ترك القبيح لقبحه كذا بجب عليه فعل الواجب لوجوبه فلو لزم من اشتراك القبائح في القبح عدم صحة التوبة من بعضها لزم من اشتراك الواجبات في الوجوب عدم صحة الإتيان بواجب دون آخر و أما بطلان التالي فبالإجماع إذ لا خلاف في صحة صلاة من أخل بالصوم. و أجاب أبو هاشم بالفرق بين ترك القبيح لقبحه و فعل الواجب لوجوبه بالتعميم في الأول دون الثاني فإن من قال لا آكل الرمانة لحموضتها فإنه لا يقدم على أكل كل حامض لاتحاد الجهة في المنع و لو أكل الرمانة لحموضتها لم يلزم أن يأكل كل رمانة حامضة فافترقا. و إليه أشار المصنف رحمه الله و لا يتم القياس على الواجب أي لا يتم قياس ترك القبيح لقبحه على فعل الواجب لوجوبه و قد تصح التوبة من قبيح دون قبيح إذا اعتقد التائب في بعض القبائح أنها حسنة و تاب عما يعتقده قبيحا فإنه تقبل توبته لحصول الشرط فيه و هو ندمه على القبيح لقبحه و إذا كان هناك فعلان أحدهما عظيم القبح و الآخر صغيره و هو مستحقر بالنسبة إليه حتى لا يكون معتدا به و يكون وجوده بالنسبة إلى

  العظيم كعدمه حتى تاب فاعل القبيح عن العظيم فإنه تقبل توبته و مثال ذلك أن الإنسان إذا قتل ولد غيره و كسر له قلما ثم تاب و أظهر الندم على قتل الولد دون كسر القلم فإنه تقبل توبته و لا يعتد العقلاء بكسر القلم و إن كان لا بد من أن يندم على جميع إساءته و كما أن كسر القلم حال قتل الولد لا يعد إساءة فكذا العزم. ثم قال رحمه الله و لما فرغ من تقرير كلام أبي هاشم ذكر التحقيق في هذا المقام و تقريره أن نقول الحق أنه يجوز التوبة عن قبيح دون قبيح لأن الأفعال تقع بحسب الدواعي و تنتفي الصوارف فإذا ترجح الداعي وقع الفعل إذا عرفت هذا فنقول يجوز أن يرجح فاعل القبائح دواعيه إلى الندم على بعض القبائح دون بعض و إن كانت القبائح مشتركة في أن الداعي يدعو إلى الندم عليها و ذلك بأن يقترن ببعض القبائح قرائن زائدة كعظم الذنب أو كثرة الزواجر عنه أو الشناعة عند العقلاء عند فعله و لا تقترن هذه القرائن ببعض القبائح فلا يندم عليها و هذا كما في دواعي الفعل فإن الأفعال الكثيرة قد تشترك في الدواعي ثم يؤثر صاحب الدواعي بعض تلك الأفعال على بعض بأن يترجح دواعيه إلى ذلك الفعل بما يقترن به من زيادة الدواعي فلا استبعاد في كون قبح الفعل داعيا إلى العدم ثم يقترن ببعض القبائح زيادة الدواعي إلى الندم عليه فيرجح لأجلها الداعي إلى الندم على ذلك البعض و لو اشتركت القبائح في قوة الدواعي اشتركت في وقوع الندم عليها و لم يصح الندم على البعض دون الآخر و على هذا ينبغي أن يحمل كلام أمير المؤمنين علي ع و كلام أولاده كالرضا و غيره ع حيث نقل عنهم نفي تصحيح التوبة عن بعض القبائح دون بعض لأنه لو لا ذلك لزم خرق الإجماع و التالي باطل فالمقدم مثله بيان الملازمة أن الكافر إذا تاب عن كفره و أسلم و هو مقيم على الكذب إما أن يحكم بإسلامه و تقبل توبته من الكفر أو لا و الثاني خرق الإجماع لاتفاق المسلمين على إجراء حكم المسلم عليه و الأول هو المطلوب و قد التزم أبو هاشم استحقاقه عقاب الكفر و عدم قبول توبته و إسلامه و لكن لا يمتنع إطلاق اسم الإسلام عليه.

  الثالث

اعلم أن العزم على عدم العود إلى الذنب فيما بقي من العمر لا بد منه في التوبة كما عرفت و هل إمكان صدوره منه في بقية العمر شرط حتى لو زنى ثم جب و عزم على أن يعود إلى الزنا على تقدير قدرته عليه لم تصح توبته أم ليس بشرط فتصح الأكثر على الثاني بل نقل بعض المتكلمين إجماع السلف عليه و أولى من هذا بصحة التوبة من تاب في مرض مخوف غلب على ظنه الموت فيه و أما التوبة عند حضور الموت و تيقن الفوت و هو المعبر عنه بالمعاينة فقد انعقد الإجماع على عدم صحتها و قد مر ما يدل عليه من الآيات و الأخبار.

الرابع في أنواع التوبة

قال العلامة رحمه الله التوبة إما أن تكون من ذنب يتعلق به تعالى خاصة أو يتعلق به حق الآدمي. و الأول إما أن يكون فعل قبيح كشرب الخمر و الزنا أو إخلالا بواجب كترك الزكاة و الصلاة فالأول يكفي في التوبة منه الندم عليه و العزم على ترك العود إليه و أما الثاني فتختلف أحكامه بحسب القوانين الشرعية فمنه ما لا بد مع التوبة من فعله أداء كالزكاة و منه ما يجب معه القضاء كالصلاة و منه ما يسقطان عنه كالعيدين و هذا الأخير يكفي فيه الندم و العزم على ترك المعاودة كما في فعل القبيح و أما ما يتعلق به حق الآدمي فيجب فيه الخروج إليهم منه فإن كان أخذ مال وجب رده على مالكه أو ورثته إن مات و لو لم يتمكن من ذلك وجب العزم عليه و كذا إن كان حد قذف و إن كان قصاصا وجب الخروج إليهم منه بأن يسلم نفسه إلى أولياء المقتول فإما أن يقتلوه أو يعفوا عنه بالدية أو بدونها و إن كان في بعض الأعضاء وجب تسليم نفسه ليقتص منه في ذلك العضو إلى المستحق من المجني عليه أو الورثة و إن كان إضلالا وجب إرشاد من أضله و رجوعه مما اعتقده بسببه من الباطل إن أمكن ذلك و اعلم أن هذه التوابع ليست أجزاء من التوبة فإن العقاب سقط بالتوبة ثم إن قام المكلف بالتبعات كان ذلك إتماما للتوبة من جهة المعنى لأن ترك التبعات لا يمنع من سقوط العقاب بالتوبة عما تاب منه بل يسقط العقاب و يكون ترك القيام بالتبعات بمنزلة ذنوب مستأنفة يلزمه التوبة منها نعم التائب إذا فعل التبعات بعد إظهار توبته كان ذلك دلالة  على صدق الندم و إن لم يقم بها أمكن جعله دلالة على عدم صحة الندم ثم قال رحمه الله المغتاب إما أن يكون قد بلغه اغتيابه أو لا و يلزم الفاعل للغيبة في الأول الاعتذار عنه إليه لأنه أوصل إليه ضرر الغم فوجب عليه الاعتذار منه و الندم عليه و في الثاني لا يلزمه الاعتذار و لا الاستحلال منه لأنه لم يفعل به ألما و في كلا القسمين يجب الندم لله تعالى لمخالفة النهي و العزم على ترك المعاودة. و قال المحقق في التجريد و في إيجاب التفصيل مع الذكر إشكال و قال العلامة ذهب قاضي القضاة إلى أن التائب إن كان عالما بذنوبه على التفصيل وجب عليه التوبة عن كل واحدة منها مفصلا و إن كان يعلمها على الإجمال وجب عليه التوبة كذلك مجملا و إن كان يعلم بعضها على التفصيل و بعضها على الإجمال وجب عليه التوبة عن المفصل بالتفصيل و عن المجمل بالإجمال و استشكل المصنف رحمه الله إيجاب التفصيل مع الذكر لإمكان الاجتزاء بالندم على كل قبيح وقع منه و إن لم يذكره مفصلا. ثم قال المحقق رحمه الله و في وجوب التجديد إشكال و قال العلامة قدس سره إذا تاب المكلف عن معصية ثم ذكرها هل يجب عليه تجديد التوبة قال أبو علي نعم بناء على أن المكلف القادر بقدرة لا ينفك عن الضدين إما الفعل أو الترك فعند ذكر المعصية إما أن يكون نادما عليها أو مصرا عليها و الثاني قبيح فيجب الأول. و قال أبو هاشم لا يجب لجواز خلو القادر بقدرة عنهما. ثم قال المحقق و كذا المعلول مع العلة و قال الشارح إذا فعل المكلف العلة قبل وجود المعلول هل يجب عليه الندم على المعلول أو على العلة أو عليهما مثاله الرامي إذا رمى قبل الإصابة قال الشيوخ عليه الندم على الإصابة لأنها هي القبيح و قد صارت في حكم الموجود لوجوب حصوله عند حصول السبب و قال القاضي يجب عليه ندمان أحدهما على الرمي لأنه قبيح و الثاني على كونه مولدا للقبيح و لا يجوز أن يندم على المعلول لأن الندم على القبيح إنما هو لقبحه و قبل وجوده لا قبح.

  الخامس اعلم أنه لا خلاف بين المتكلمين في وجوب التوبة سمعا

و اختلفوا في وجوبها عقلا فأثبته المعتزلة لدفعها ضرر العقاب قال الشيخ البهائي رحمه الله هذا لا يدل على وجوب التوبة عن الصغائر ممن يجتنب الكبائر لكونها مكفرة و لهذا ذهبت البهشمية إلى وجوبها عن الصغائر سمعا لا عقلا نعم الاستدلال بأن الندم على القبيح من مقتضيات العقل الصحيح يعم القسمين و أما فورية الوجوب فقد صرح بها المعتزلة فقالوا يلزم بتأخيرها ساعة إثم آخر تجب التوبة منه أيضا حتى أن من أخر التوبة عن الكبيرة ساعة واحدة فقد فعل كبيرتين و ساعتين أربع كبائر الأولتان و ترك التوبة عن كل منهما و ثلاث ساعات ثمان كبائر و هكذا و أصحابنا يوافقونهم على الفورية لكنهم لم يذكروا هذا التفصيل فيما رأيته من كتبهم الكلامية.

السادس سقوط العقاب بالتوبة

مما أجمع عليه أهل الإسلام و إنما الخلاف في أنه هل يجب على الله حتى لو عاقب بعد التوبة كان ظلما أو هو تفضل يفعله سبحانه كرما منه و رحمة بعباده فالمعتزلة على الأول و الأشاعرة على الثاني و إلى الثاني ذهب شيخ الطائفة في كتاب الاقتصاد و العلامة الحلي رحمه الله في بعض كتبه الكلامية و توقف المحقق الطوسي طاب ثراه في التجريد و مختار الشيخين هو الظاهر من الأخبار و أدعية الصحيفة الكاملة و غيرها و هو الذي اختاره الشيخ الطبرسي رحمه الله و نسبه إلى أصحابنا كما عرفت و دليل الوجوب ضعيف مدخول كما لا يخفى على من تأمل فيه.

أقول أثبتنا بعض أخبار التوبة في باب الاستغفار و باب صفات المؤمن و باب صفات خيار العباد و باب جوامع المكارم و سيأتي تحقيق الكبائر و الصغائر و الذنوب و أنواعها و حبط الصغائر بترك الكبائر في أبوابها إن شاء الله تعالى