باب 28- ما يكون عند ظهوره ع برواية المفضل بن عمر

 أقول روي في بعض مؤلفات أصحابنا عن الحسين بن حمدان عن محمد بن إسماعيل و علي بن عبد الله الحسني عن أبي شعيب و محمد بن نصير عن عمرو بن الفرات عن محمد بن المفضل عن المفضل بن عمر قال سألت سيدي الصادق ع هل للمأمور المنتظر المهدي ع من وقت موقت يعلمه الناس فقال حاش لله أن يوقت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا قلت يا سيدي و لم ذاك قال لأنه هو الساعة التي قال الله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ   أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ الآية و هو الساعة التي قال الله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها و قال عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ و لم يقل إنها عند أحد و قال فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها الآية و قال اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ و قال ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِها وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ قلت فما معنى يمارون قال يقولون متى ولد و من رأى و أين يكون و متى يظهر و كل ذلك استعجالا لأمر الله و شكا في قضائه و دخولا في قدرته   أولئك الذين خسروا الدنيا و إن للكافرين لشر مآب قلت أ فلا يوقت له وقت فقال يا مفضل لا أوقت له وقتا و لا يوقت له وقت إن من وقت لمهدينا وقتا فقد شارك الله تعالى في علمه و ادعى أنه ظهر على سره و ما لله من سر إلا و قد وقع إلى هذا الخلق المعكوس الضال عن الله الراغب عن أولياء الله و ما لله من خبر إلا و هم أخص به لسره و هو عندهم و إنما ألقى الله إليهم ليكون حجة عليهم قال المفضل يا مولاي فكيف بدء ظهور المهدي ع و إليه التسليم قال ع يا مفضل يظهر في شبهة ليستبين فيعلو ذكره و يظهر أمره و ينادى باسمه و كنيته و نسبه و يكثر ذلك على أفواه المحقين و المبطلين و الموافقين و المخالفين   لتلزمهم الحجة بمعرفتهم به على أنه قد قصصنا و دللنا عليه و نسبناه و سميناه و كنيناه و قلنا سمي جده رسول الله ص و كنيه لئلا يقول الناس ما عرفنا له اسما و لا كنية و لا نسبا و الله ليتحقق الإيضاح به و باسمه و نسبه و كنيته على ألسنتهم حتى ليسميه بعضهم لبعض كل ذلك للزوم الحجة عليهم ثم يظهره الله كما وعد به جده ص في قوله عز و جل هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قال المفضل يا مولاي فما تأويل قوله تعالى لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ قال ع هو قوله تعالى وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فو الله يا مفضل ليرفع عن الملل و الأديان الاختلاف و يكون الدين كله واحدا كما قال جل ذكره إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ و قال الله وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ قال المفضل قلت يا سيدي و مولاي و الدين الذي في آبائه إبراهيم و نوح و موسى و عيسى و محمد ص هو الإسلام قال نعم يا مفضل هو الإسلام لا غير قلت يا مولاي أ تجده في كتاب الله قال نعم من أوله إلى آخره و منه هذه الآية إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ و قوله تعالى مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ و منه قوله تعالى في قصة إبراهيم و إسماعيل وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ و قوله تعالى في قصة فرعون حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ و في قصة سليمان و بلقيس قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ و قولها أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمانَ لِلَّهِ   رَبِّ الْعالَمِينَ

و قول عيسى ع مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ اشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ و قوله جل و عز وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً و قوله في قصة لوط فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ و قوله قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَ ما أُنْزِلَ إِلَيْنا إلى قوله لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ و قوله تعالى أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إلى قوله وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ قلت يا سيدي كم الملل قال أربعة و هي شرائع قال المفضل قلت يا سيدي المجوس لم سموا المجوس قال ع لأنهم تمجسوا في السريانية و ادعوا على آدم و على شيث و هو هبة الله أنهما أطلقا لهم نكاح الأمهات و الأخوات و البنات و الخالات و العمات و المحرمات من النساء و أنهما أمراهم أن يصلوا إلى الشمس حيث وقفت في السماء و لم يجعلا لصلاتهم وقتا و إنما هو افتراء على الله الكذب و على آدم و شيث ع قال المفضل يا مولاي و سيدي لم سمي قوم موسى اليهود قال ع لقول الله عز و جل إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ أي اهتدينا إليك قال فالنصارى قال ع لقول عيسى ع مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ و تلا الآية إلى آخرها فسموا النصارى لنصرة دين الله قال المفضل فقلت يا مولاي فلم سمي الصابئون الصابئين فقال ع إنهم صبوا إلى تعطيل الأنبياء و الرسل و الملل و الشرائع و قالوا كلما جاءوا به باطل فجحدوا توحيد الله تعالى و نبوة الأنبياء و رسالة المرسلين و وصية   الأوصياء فهم بلا شريعة و لا كتاب و لا رسول و هم معطلة العالم قال المفضل سبحان الله ما أجل هذا من علم قال ع نعم يا مفضل فألقه إلى شيعتنا لئلا يشكوا في الدين قال المفضل يا سيدي ففي أي بقعة يظهر المهدي قال ع لا تراه عين في وقت ظهوره إلا رأته كل عين فمن قال لكم غير هذا فكذبوه قال المفضل يا سيدي و لا يرى وقت ولادته قال بلى و الله ليرى من ساعة ولادته إلى ساعة وفاة أبيه سنتين و تسعة أشهر أول ولادته وقت الفجر من ليلة الجمعة لثمان خلون من شعبان سنة سبع و خمسين و مائتين إلى يوم الجمعة لثمان خلون من ربيع الأول من سنة ستين و مائتين و هو يوم وفاة أبيه بالمدينة التي بشاطئ دجلة يبنيها المتكبر الجبار المسمى باسم جعفر الضال الملقب بالمتوكل و هو المتأكل لعنه الله تعالى و هي مدينة تدعى بسرمن‏رأى و هي ساء من رأى يرى شخصه المؤمن المحق سنة ستين و مائتين و لا يراه المشكك المرتاب و ينفذ فيها أمره و نهيه و يغيب عنها فيظهر في القصر بصابر بجانب المدينة في حرم جده رسول الله ص فيلقاه هناك من يسعده الله بالنظر إليه ثم يغيب في آخر يوم من سنة ست و ستين و مائتين فلا تراه عين أحد حتى يراه كل أحد و كل عين قال المفضل قلت يا سيدي فمن يخاطبه و لمن يخاطب قال الصادق ع تخاطبه الملائكة و المؤمنون من الجن و يخرج أمره و نهيه إلى ثقاته و ولاته و وكلائه و يقعد ببابه محمد بن نصير النميري في يوم غيبته بصابر ثم يظهر بمكة و و الله يا مفضل كأني أنظر إليه دخل مكة و عليه بردة رسول الله ص و على رأسه عمامة صفراء و في رجليه نعلا رسول الله ص المخصوفة و في يده هراوته ع يسوق بين يديه عنازا عجافا حتى يصل بها نحو البيت

   ليس ثم أحد يعرفه و يظهر و هو شاب قال المفضل يا سيدي يعود شابا أو يظهر في شيبة فقال ع سبحان الله و هل يعرف ذلك يظهر كيف شاء و بأي صورة شاء إذا جاءه الأمر من الله تعالى مجده و جل ذكره قال المفضل يا سيدي فمن أين يظهر و كيف يظهر يا مفضل يظهر وحده و يأتي البيت وحده و يلج الكعبة وحده و يجن عليه الليل وحده فإذا نامت العيون و غسق الليل نزل إليه جبرئيل و ميكائيل ع و الملائكة صفوفا فيقول له جبرئيل يا سيدي قولك مقبول و أمرك جائز فيمسح ع يده على وجهه و يقول الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ و يقف بين الركن و المقام فيصرخ صرخة فيقول يا معاشر نقبائي و أهل خاصتي و من ذخرهم الله لنصرتي قبل ظهوري على وجه الأرض ائتوني طائعين فترد صيحته ع عليهم و هم على محاريبهم و على فرشهم في شرق الأرض و غربها فيسمعونه في صيحة واحدة في أذن كل رجل فيجيئون نحوها و لا يمضي لهم إلا كلمحة بصر حتى يكون كلهم بين يديه ع بين الركن و المقام فيأمر الله عز و جل النور فيصير عمودا من الأرض إلى السماء فيستضي‏ء به كل مؤمن على وجه الأرض و يدخل عليه نور من جوف بيته فتفرح نفوس المؤمنين بذلك النور و هم لا يعلمون بظهور قائمنا أهل البيت ع ثم يصبحون وقوفا بين يديه و هم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا بعده أصحاب رسول الله ص يوم بدر قال المفضل يا مولاي يا سيدي فاثنان و سبعون رجلا الذين قتلوا مع الحسين بن علي ع يظهرون معهم قال يظهر منهم أبو عبد الله الحسين بن علي ع في اثني عشر ألفا مؤمنين من شيعة علي ع و عليه عمامة سوداء   قال المفضل يا سيدي فبغير سنة القائم ع بايعوا له قبل ظهوره و قبل قيامه فقال ع يا مفضل كل بيعة قبل ظهور القائم ع فبيعته كفر و نفاق و خديعة لعن الله المبايع لها و المبايع له بل يا مفضل يسند القائم ع ظهره إلى الحرم و يمد يده فترى بيضاء من غير سوء و يقول هذه يد الله و عن الله و بأمر الله ثم يتلو هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ الآية فيكون أول من يقبل يده جبرئيل ع ثم يبايعه و تبايعه الملائكة و نجباء الجن ثم النقباء و يصبح الناس بمكة فيقولون من هذا الرجل الذي بجانب الكعبة و ما هذا الخلق الذين معه و ما هذه الآية التي رأيناها الليلة و لم تر مثلها فيقول بعضهم لبعض هذا الرجل هو صاحب العنيزات فيقول بعضهم لبعض انظروا هل تعرفون أحدا ممن معه فيقولون لا نعرف أحدا منهم إلا أربعة من أهل مكة و أربعة من أهل المدينة و هم فلان و فلان و يعدونهم بأسمائهم و يكون هذا أول طلوع الشمس في ذلك اليوم فإذا طلعت الشمس و أضاءت صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربي مبين يسمع من في السماوات و الأرضين يا معشر الخلائق هذا مهدي آل محمد و يسميه باسم جده رسول الله ص و يكنيه و ينسبه إلى أبيه الحسن الحادي عشر إلى الحسين بن علي ص بايعوه تهتدوا و لا تخالفوا أمره فتضلوا فأول من يقبل يده الملائكة ثم الجن ثم النقباء و يقولون سمعنا و أطعنا و لا يبقى ذو أذن من الخلائق إلا سمع ذلك النداء و تقبل الخلائق من البدو و الحضر و البر و البحر يحدث بعضهم بعضا و يستفهم بعضهم بعضا ما سمعوا بآذانهم فإذا دنت الشمس للغروب صرخ صارخ من مغربها يا معشر الخلائق قد ظهر ربكم بوادي اليابس من أرض فلسطين و هو عثمان بن عنبسة الأموي من ولد

   يزيد بن معاوية فبايعوه تهتدوا و لا تخالفوا عليه فتضلوا فيرد عليه الملائكة و الجن و النقباء قوله و يكذبونه و يقولون له سمعنا و عصينا و لا يبقى ذو شك و لا مرتاب و لا منافق و لا كافر إلا ضل بالنداء الأخير و سيدنا القائم ع مسند ظهره إلى الكعبة و يقول يا معشر الخلائق ألا و من أراد أن ينظر إلى آدم و شيث فها أنا ذا آدم و شيث ألا و من أراد أن ينظر إلى نوح و ولده سام فها أنا ذا نوح و سام ألا و من أراد أن ينظر إلى إبراهيم و إسماعيل فها أنا ذا إبراهيم و إسماعيل ألا و من أراد أن ينظر إلى موسى و يوشع فها أنا ذا موسى و يوشع ألا و من أراد أن ينظر إلى عيسى و شمعون فها أنا ذا عيسى و شمعون ألا و من أراد أن ينظر إلى محمد و أمير المؤمنين صلوات الله عليهما فها أنا ذا محمد ص و أمير المؤمنين ع ألا و من أراد أن ينظر إلى الحسن و الحسين ع فها أنا ذا الحسن و الحسين ألا و من أراد أن ينظر إلى الأئمة من ولد الحسين ع فها أنا ذا الأئمة ع أجيبوا إلى مسألتي فإني أنبئكم بما نبئتم به و ما لم تنبئوا به و من كان يقرأ الكتب و الصحف فليسمع مني ثم يبتدئ بالصحف التي أنزلها الله على آدم و شيث ع و يقول أمة آدم و شيث هبة الله هذه و الله هي الصحف حقا و لقد أرانا ما لم نكن نعلمه فيها و ما كان خفي علينا و ما كان أسقط منها و بدل و حرف ثم يقرأ صحف نوح و صحف إبراهيم و التوراة و الإنجيل و الزبور فيقول أهل التوراة و الإنجيل و الزبور هذه و الله صحف نوح و إبراهيم ع حقا و ما أسقط منها و بدل حرف منها هذه و الله التوراة الجامعة و الزبور التام و الإنجيل الكامل و إنها أضعاف ما قرأنا منها ثم يتلو القرآن فيقول المسلمون هذا و الله القرآن حقا الذي أنزله الله   على محمد ص و ما أسقط منه و حرف بدل ثم تظهر الدابة بين الركن و المقام فتكتب في وجه المؤمن مؤمن و في وجه الكافر كافر ثم يقبل على القائم ع رجل وجهه إلى قفاه و قفاه إلى صدره و يقف بين يديه فيقول يا سيدي أنا بشير أمرني ملك من الملائكة أن الحق بك و أبشرك بهلاك جيش السفياني بالبيداء فيقول له القائم ع بين قصتك و قصة أخيك فيقول الرجل كنت و أخي في جيش السفياني و خربنا الدنيا من دمشق إلى الزوراء و تركناها جماء و خربنا الكوفة و خربنا المدينة و كسرنا المنبر و راثت بغالنا في مسجد رسول الله ص و خرجنا منها و عددنا ثلاثمائة ألف رجل نريد إخراب البيت و قتل أهله فلما صرنا في البيداء عرسنا فيها فصاح بنا صائح يا بيداء أبيدي القوم الظالمين فانفجرت الأرض و ابتلعت كل الجيش فو الله ما بقي على وجه الأرض عقال ناقة فما سواه غيري و غير أخي فإذا نحن بملك قد ضرب وجوهنا فصارت إلى ورائنا كما ترى فقال لأخي ويلك يا نذير امض إلى الملعون السفياني بدمشق فأنذره بظهور المهدي من آل محمد ع و عرفه أن الله قد أهلك جيشه بالبيداء و قال لي يا بشير الحق بالمهدي بمكة و بشره بهلاك الظالمين و تب على يده فإنه يقبل توبتك فيمر القائم ع يده على وجهه فيرده سويا كما كان و يبايعه و يكون معه قال المفضل يا سيدي و تظهر الملائكة و الجن للناس قال إي و الله يا مفضل و يخاطبونهم كما يكون الرجل مع حاشيته و أهله قلت يا سيدي و يسيرون معه قال إي و الله يا مفضل و لينزلن أرض الهجرة ما بين الكوفة و النجف

   و عدد أصحابه ع حينئذ ستة و أربعون ألفا من الملائكة و ستة آلاف من الجن و في رواية أخرى و مثلها من الجن بهم ينصره الله و يفتح على يديه قال المفضل فما يصنع بأهل مكة قال يدعوهم بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ فيطيعونه و يستخلف فيهم رجلا من أهل بيته و يخرج يريد المدينة قال المفضل يا سيدي فما يصنع بالبيت قال ينقضه فلا يدع منه إلا القواعد التي هي أول بيت وضع للناس ببكة في عهد آدم ع و الذي رفعه إبراهيم و إسماعيل ع منها و إن الذي بني بعدهما لم يبنه نبي و لا وصي ثم يبنيه كما يشاء الله و ليعفين آثار الظالمين بمكة و المدينة و العراق و سائر الأقاليم و ليهدمن مسجد الكوفة و ليبنيه على بنيانه الأول و ليهدمن القصر العتيق ملعون ملعون من بناه قال المفضل يا سيدي يقيم بمكة قال لا يا مفضل بل يستخلف منها رجلا من أهله فإذا سار منها وثبوا عليه فيقتلونه فيرجع إليهم فيأتونه مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ يبكون و يتضرعون و يقولون يا مهدي آل محمد التوبة التوبة فيعظهم و ينذرهم و يحذرهم و يستخلف عليهم منهم خليفة و يسير فيثبون عليه بعده فيقتلونه فيرد إليهم أنصاره من الجن و النقباء و يقول لهم ارجعوا فلا تبقوا منهم بشرا إلا من آمن فلو لا أن رحمة ربكم وسعت كل شي‏ء و أنا تلك الرحمة لرجعت إليهم معكم فقد قطعوا الأعذار بينهم و بين الله و بيني و بينهم فيرجعون إليهم فو الله لا يسلم من المائة منهم واحد لا و الله و لا من ألف واحد قال المفضل قلت يا سيدي فأين تكون دار المهدي و مجتمع المؤمنين قال دار ملكه الكوفة و مجلس حكمه جامعها و بيت ماله و مقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة و موضع خلواته الذكوات البيض من الغريين قال المفضل يا مولاي كل المؤمنين يكونون بالكوفة قال إي و الله لا يبقى مؤمن إلا كان بها أو حواليها و ليبلغن مجالة فرس منها ألفي درهم و ليودن أكثر الناس أنه اشترى شبرا من أرض السبع بشبر من ذهب و السبع   خطة من خطط همدان و ليصيرن الكوفة أربعة و خمسين ميلا و ليجاورن قصورها كربلاء و ليصيرن الله كربلاء معقلا و مقاما تختلف فيه الملائكة و المؤمنون و ليكونن لها شأن من الشأن و ليكونن فيها من البركات ما لو وقف مؤمن و دعا ربه بدعوة لأعطاه الله بدعوته الواحدة مثل ملك الدنيا ألف مرة ثم تنفس أبو عبد الله ع و قال يا مفضل إن بقاع الأرض تفاخرت ففخرت كعبة البيت الحرام على بقعة كربلاء فأوحى الله إليها أن اسكتي كعبة البيت الحرام و لا تفتخري على كربلاء فإنها البقعة المباركة التي نودي موسى منها من الشجرة و إنها الربوة التي أوت إليها مريم و المسيح و إنها الدالية التي غسل فيها رأس الحسين ع و فيها غسلت مريم عيسى ع و اغتسلت من ولادتها و إنها خير بقعة عرج رسول الله ص منها وقت غيبته و ليكونن لشيعتنا فيها خيرة إلى ظهور قائمنا ع قال المفضل يا سيدي ثم يسير المهدي إلى أين قال ع إلى مدينة جدي رسول الله ص فإذا وردها كان له فيها مقام عجيب يظهر فيه سرور المؤمنين و خزي الكافرين قال المفضل يا سيدي ما هو ذاك قال يرد إلى قبر جده ص فيقول يا معاشر الخلائق هذا قبر جدي رسول الله ص فيقولون نعم يا مهدي آل محمد فيقول و من معه في القبر فيقولون صاحباه و ضجيعاه أبو بكر و عمر فيقول و هو أعلم بهما و الخلائق كلهم جميعا يسمعون من أبو بكر و عمر و كيف دفنا من بين الخلق مع جدي رسول الله ص و عسى المدفون غيرهما فيقول الناس يا مهدي آل محمد ص ما هاهنا غيرهما إنهما دفنا معه لأنهما خليفتا رسول الله ص و أبوا زوجتيه فيقول للخلق بعد ثلاث أخرجوهما من قبريهما فيخرجان غضين طريين لم يتغير خلقهما و لم يشحب لونهما

   فيقول هل فيكم من يعرفهما فيقولون نعرفهما بالصفة و ليس ضجيعا جدك غيرهما فيقول هل فيكم أحد يقول غير هذا أو يشك فيهما فيقولون لا فيؤخر إخراجهما ثلاثة أيام ثم ينتشر الخبر في الناس و يحضر المهدي و يكشف الجدران عن القبرين و يقول للنقباء ابحثوا عنهما و انبشوهما فيبحثون بأيديهم حتى يصلون إليهما فيخرجان غضين طريين كصورتهما فيكشف عنهما أكفانهما و يأمر برفعهما على دوحة يابسة نخرة فيصلبهما عليها فتحيا الشجرة و تورق و يطول فرعها فيقول المرتابون من أهل ولايتهما هذا و الله الشرف حقا و لقد فزنا بمحبتهما و ولايتهما و يخبر من أخفى نفسه ممن في نفسه مقياس حبة من محبتهما و ولايتهما فيحضرونهما و يرونهما و يفتنون بهما و ينادي منادي المهدي ع كل من أحب صاحبي رسول الله ص و ضجيعيه فلينفرد جانبا فتتجزأ الخلق جزءين أحدهما موال و الآخر متبرئ منهما فيعرض المهدي ع على أوليائهما البراءة منهما فيقولون يا مهدي آل رسول الله ص نحن لم نتبرأ منهما و لسنا نعلم أن لهما عند الله و عندك هذه المنزلة و هذا الذي بدا لنا من فضلهما أ نتبرأ الساعة منهما و قد رأينا منهما ما رأينا في هذا الوقت من نضارتهما و غضاضتهما و حياة الشجرة بهما بل و الله نتبرأ منك و ممن آمن بك و من لا يؤمن بهما و من صلبهما و أخرجهما و فعل بهما ما فعل فيأمر المهدي ع ريحا سوداء فتهب عليهم فتجعلهم كأعجاز نخل خاوية ثم يأمر بإنزالهما فينزلان إليه فيحييهما بإذن الله تعالى و يأمر الخلائق بالاجتماع ثم يقص عليهم قصص فعالهما في كل كور و دور حتى يقص عليهم   قتل هابيل بن آدم ع و جمع النار لإبراهيم ع و طرح يوسف ع في الجب و حبس يونس ع في الحوت و قتل يحيى ع و صلب عيسى ع و عذاب جرجيس و دانيال ع و ضرب سلمان الفارسي و إشعال النار على باب أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين ع لإحراقهم بها و ضرب يد الصديقة الكبرى فاطمة بالسوط و رفس بطنها و إسقاطها محسنا و سم الحسن ع و قتل الحسين ع و ذبح أطفاله و بني عمه و أنصاره و سبي ذراري رسول الله ص و إراقة دماء آل محمد ص و كل دم سفك و كل فرج نكح حراما و كل رين و خبث و فاحشة و إثم و ظلم و جور و غشم منذ عهد آدم ع إلى وقت قيام قائمنا ع كل ذلك يعدده ع عليهما و يلزمهما إياه فيعترفان به ثم يأمر بهما فيقتص منهما في ذلك الوقت بمظالم من حضر ثم يصلبهما على الشجرة و يأمر نارا تخرج من الأرض فتحرقهما و الشجرة ثم يأمر ريحا فتنسفهما فِي الْيَمِّ نَسْفاً قال المفضل يا سيدي ذلك آخر عذابهما قال هيهات يا مفضل و الله ليردن و ليحضرن السيد الأكبر محمد رسول الله ص و الصديق الأكبر أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة ع و كل من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا و ليقتصن منهما لجميعهم حتى إنهما ليقتلان في كل يوم و ليلة ألف قتلة و يردان إلى ما شاء ربهما ثم يسير المهدي ع إلى الكوفة و ينزل ما بين الكوفة و النجف و عنده أصحابه في ذلك اليوم ستة و أربعون ألفا من الملائكة و ستة آلاف من الجن و النقباء ثلاثمائة و ثلاثة عشر نفسا قال المفضل يا سيدي كيف تكون دار الفاسقين في ذلك الوقت قال في لعنة الله و سخطه تخربها الفتن و تتركها جماء فالويل و لمن بها كل الويل من الرايات الصفر و رايات المغرب و من يجلب الجزيرة و من الرايات التي تسير إليها من كل قريب أو بعيد

   و الله لينزلن بها من صنوف العذاب ما نزل بسائر الأمم المتمردة من أول الدهر إلى آخره و لينزلن بها من العذاب ما لا عين رأت و لا أذن سمعت بمثله و لا يكون طوفان أهلها إلا بالسيف فالويل لمن اتخذ بها مسكنا فإن المقيم بها يبقى لشقائه و الخارج منها برحمة الله و الله ليبقى من أهلها في الدنيا حتى يقال إنها هي الدنيا و إن دورها و قصورها هي الجنة و إن بناتها هن الحور العين و إن ولدانها هم الولدان و ليظنن أن الله لم يقسم رزق العباد إلا بها و ليظهرن فيها من الأمراء على الله و على رسوله ص و الحكم بغير كتابه و من شهادات الزور و شرب الخمور و إتيان الفجور و أكل السحت و سفك الدماء ما لا يكون في الدنيا كلها إلا دونه ثم ليخربها الله بتلك الفتن و تلك الرايات حتى ليمر عليها المار فيقول هاهنا كانت الزوراء ثم يخرج الحسني الفتى الصبيح الذي نحو الديلم يصيح بصوت له فصيح يا آل أحمد أجيبوا الملهوف و المنادي من حول الضريح فتجيبه كنوز الله بالطالقان كنوز و أي كنوز ليست من فضة و لا ذهب بل هي رجال كزبر الحديد على البراذين الشهب بأيديهم الحراب و لم يزل يقتل الظلمة حتى يرد الكوفة و قد صفا أكثر الأرض فيجعلها له معقلا فيتصل به و بأصحابه خبر المهدي ع و يقولون يا ابن رسول الله من هذا الذي قد نزل بساحتنا فيقول اخرجوا بنا إليه حتى ننظر من هو و ما يريد و هو و الله يعلم أنه المهدي و إنه ليعرفه و لم يرد بذلك الأمر إلا ليعرف أصحابه من هو فيخرج الحسني فيقول إن كنت مهدي آل محمد فأين هراوة جدك رسول الله ص و خاتمه و بردته و درعه الفاضل و عمامته السحاب و فرسه اليربوع و ناقته العضباء و بغلته الدلدل و حماره اليعفور و نجيبه البراق و مصحف أمير المؤمنين ع فيخرج له ذلك ثم يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد   و تورق و لم يرد ذلك إلا أن يري أصحابه فضل المهدي ع حتى يبايعوه فيقول الحسني الله أكبر مد يدك يا ابن رسول الله حتى نبايعك فيمد يده فيبايعه و يبايعه سائر العسكر الذي مع الحسني إلا أربعين ألفا أصحاب المصاحف المعروفون بالزيدية فإنهم يقولون ما هذا إلا سحر عظيم فيختلط العسكران فيقبل المهدي ع على الطائفة المنحرفة فيعظهم و يدعوهم ثلاثة أيام فلا يزدادون إلا طغيانا و كفرا فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعا ثم يقول لأصحابه لا تأخذوا المصاحف و دعوها تكون عليهم حسرة كما بدلوها و غيروها و حرفوها و لم يعملوا بما فيها قال المفضل يا مولاي ثم ما ذا يصنع المهدي قال يثور سرايا على السفياني إلى دمشق فيأخذونه و يذبحونه على الصخرة ثم يظهر الحسين ع في اثني عشر ألف صديق و اثنين و سبعين رجلا أصحابه يوم كربلاء فيا لك عندها من كرة زهراء بيضاء ثم يخرج الصديق الأكبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع و ينصب له القبة بالنجف و يقام أركانها ركن بالنجف و ركن بهجر و ركن بصنعاء و ركن بأرض طيبة لكأني أنظر إلى مصابيحه تشرق في السماء و الأرض كأضواء من الشمس و القمر فعندها تُبْلَى السَّرائِرُ و تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ إلى آخر الآية ثم يخرج السيد الأكبر محمد رسول الله ص في أنصاره و المهاجرين و من آمن به و صدقه و استشهد معه و يحضر مكذبوه و الشاكون فيه و الرادون عليه و القائلون فيه إنه ساحر و كاهن و مجنون و ناطق عن الهوى و من حاربه و قاتله حتى يقتص منهم بالحق و يجازون بأفعالهم منذ وقت ظهر رسول الله ص إلى

   ظهور المهدي مع إمام إمام و وقت وقت و يحق تأويل هذه الآية وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ قال المفضل يا سيدي و من فرعون و هامان قال أبو بكر و عمر قال المفضل قلت يا سيدي و رسول الله و أمير المؤمنين ص يكونان معه فقال لا بد أن يطأ الأرض إي و الله حتى ما وراء الخاف إي و الله و ما في الظلمات و ما في قعر البحار حتى لا يبقى موضع قدم إلا وطئا و أقاما فيه الدين الواجب لله تعالى ثم لكأني أنظر يا مفضل إلينا معاشر الأئمة بين يدي رسول الله ص نشكو إليه ما نزل بنا من الأمة بعده و ما نالنا من التكذيب و الرد علينا و سبينا و لعننا و تخويفنا بالقتل و قصد طواغيتهم الولاة لأمورهم من دون الأمة بترحيلنا عن الحرمة إلى دار ملكهم و قتلهم إيانا بالسم و الحبس فيبكي رسول الله ص و يقول يا بني ما نزل بكم إلا ما نزل بجدكم قبلكم ثم تبتدئ فاطمة ع و تشكو ما نالها من أبي بكر و عمر و أخذ فدك منها و مشيها إليه في مجمع من المهاجرين و الأنصار و خطابها له في أمر فدك و ما رد عليها من قوله إن الأنبياء لا تورث و احتجاجها بقول زكريا و يحيى ع و قصة داود و سليمان ع و قول عمر هاتي صحيفتك التي ذكرت أن أباك كتبها لك و إخراجها الصحيفة و أخذه إياها منها و نشره لها على رءوس الأشهاد من قريش و المهاجرين و الأنصار و سائر العرب و تفله فيها و تمزيقه إياها و بكائها و رجوعها إلى قبر أبيها رسول الله ص باكية حزينة تمشي على الرمضاء قد أقلقتها و استغاثتها بالله و بأبيها رسول الله ص و تمثلها بقول رقيقة بنت صيفي   

قد كان بعدك أنباء و هنبثة لو كنت شاهدها لم يكبر الخطب‏إنا فقدناك فقد الأرض وابلها و اختل أهلك فاشهدهم فقد لعبواأبدت رجال لنا فحوى صدورهم لما نأيت و حالت دونك الحجب‏لكل قوم لهم قرب و منزلة عند الإله على الأدنين مقترب‏يا ليت قبلك كان الموت حل بنا أملوا أناس ففازوا بالذي طلبوا

و تقص عليه قصة أبي بكر و إنفاذه خالد بن الوليد و قنفذا و عمر بن الخطاب و جمعه الناس لإخراج أمير المؤمنين ع من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة و اشتغال أمير المؤمنين ع بعد وفاة رسول الله ص بضم أزواجه و قبره و تعزيتهم و جمع القرآن و قضاء دينه و إنجاز عداته و هي ثمانون ألف درهم باع فيها تليده و طارفه و قضاها عن رسول الله ص و قول عمر اخرج يا علي إلى ما أجمع عليه المسلمون و إلا قتلناك و قول فضة جارية فاطمة إن أمير المؤمنين ع مشغول و الحق له إن أنصفتم من أنفسكم و أنصفتموه و جمعهم الجزل و الحطب على الباب لإحراق بيت أمير المؤمنين و فاطمة و الحسن و الحسين و زينب و أم كلثوم و فضة و إضرامهم النار على الباب و خروج فاطمة إليهم و خطابها لهم من وراء الباب و قولها ويحك يا عمر ما هذه الجرأة على الله و على رسوله تريد أن تقطع نسله من الدنيا و تفنيه و تطفئ نور الله وَ اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ و انتهاره لها و قوله كفي يا فاطمة فليس محمد حاضرا و لا الملائكة آتية بالأمر و النهي و الزجر من عند الله و ما علي إلا كأحد المسلمين فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعا   فقالت و هي باكية اللهم إليك نشكو فقد نبيك و رسولك و صفيك و ارتداد أمته علينا و منعهم إيانا حقنا الذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيك المرسل فقال لها عمر دعي عنك يا فاطمة حمقات النساء فلم يكن الله ليجمع لكم النبوة و الخلافة و أخذت النار في خشب الباب و إدخال قنفذ يده لعنه الله يروم فتح الباب و ضرب عمر لها بالسوط على عضدها حتى صار كالدملج الأسود و ركل الباب برجله حتى أصاب بطنها و هي حاملة بالمحسن لستة أشهر و إسقاطها إياه و هجوم عمر و قنفذ و خالد بن الوليد و صفقه خدها حتى بدا قرطاها تحت خمارها و هي تجهر بالبكاء و تقول وا أبتاه وا رسول الله ابنتك فاطمة تكذب و تضرب و يقتل جنين في بطنها و خروج أمير المؤمنين ع من داخل الدار محمر العين حاسرا حتى ألقى ملاءته عليها و ضمها إلى صدره و قوله لها يا بنت رسول الله قد علمتي أن أباك بعثه الله رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ فالله الله أن تكشفي خمارك و ترفعي ناصيتك فو الله يا فاطمة لئن فعلت ذلك لا أبقى الله على الأرض من يشهد أن محمدا رسول الله و لا موسى و لا عيسى و لا إبراهيم و لا نوح و لا آدم و لا دابة تمشي على الأرض و لا طائرا في السماء إلا أهلكه الله ثم قال يا ابن الخطاب لك الويل من يومك هذا و ما بعده و ما يليه اخرج قبل أن أشهر سيفي فأفني غابر الأمة فخرج عمر و خالد بن الوليد و قنفذ و عبد الرحمن بن أبي بكر فصاروا من خارج الدار و صاح أمير المؤمنين بفضة يا فضة مولاتك فاقبلي منها ما تقبله النساء فقد جاءها المخاض من الرفسة و رد الباب فأسقطت محسنا فقال أمير المؤمنين ع فإنه لاحق بجده رسول الله ص فيشكو إليه و حمل أمير المؤمنين لها في سواد الليل و الحسن و الحسين و زينب و أم كلثوم إلى دور المهاجرين و الأنصار يذكرهم بالله و رسوله و عهده الذي بايعوا الله

   و رسوله و بايعوه عليه في أربعة مواطن في حياة رسول الله ص و تسليمهم عليه بإمرة المؤمنين في جميعها فكل يعده بالنصر في يومه المقبل فإذا أصبح قعد جميعهم عنه ثم يشكو إليه أمير المؤمنين ع المحن العظيمة التي امتحن بها بعده و قوله لقد كانت قصتي مثل قصة هارون مع بني إسرائيل و قولي كقوله لموسى يا ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَ لا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ فصبرت محتسبا و سلمت راضيا و كانت الحجة عليهم في خلافي و نقضهم عهدي الذي عاهدتهم عليه يا رسول الله و احتملت يا رسول الله ما لم يحتمل وصي نبي من سائر الأوصياء من سائر الأمم حتى قتلوني بضربة عبد الرحمن بن ملجم و كان الله الرقيب عليهم في نقضهم بيعتي و خروج طلحة و الزبير بعائشة إلى مكة يظهران الحج و العمرة و سيرهم بها إلى البصرة و خروجي إليهم و تذكيري لهم الله و إياك و ما جئت به يا رسول الله فلم يرجعا حتى نصرني الله عليهما حتى أهرقت دماء عشرين ألف من المسلمين و قطعت سبعون كفا على زمام الجمل فما لقيت في غزواتك يا رسول الله و بعدك أصعب يوما منه أبدا لقد كان من أصعب الحروب التي لقيتها و أهولها و أعظمها فصبرت كما أدبني الله بما أدبك به يا رسول الله في قوله عز و جل فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ و قوله وَ اصْبِرْ وَ ما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ و حق و الله يا رسول الله تأويل الآية التي أنزلها الله في الأمة من بعدك في قوله وَ ما مُحَمَّدٌ   إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ يا مفضل و يقوم الحسن ع إلى جده ص فيقول يا جداه كنت مع أمير المؤمنين في دار هجرته بالكوفة حتى استشهد بضربة عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله فوصاني بما وصيته يا جداه و بلغ اللعين معاوية قتل أبي فأنفذ الدعي اللعين زيادا إلى الكوفة في مائة ألف و خمسين ألف مقاتل فأمر بالقبض علي و على أخي الحسين و سائر إخواني و أهل بيتي و شيعتنا و موالينا و أن يأخذ علينا البيعة لمعاوية فمن يأبى منا ضرب عنقه و سير إلى معاوية رأسه فلما علمت ذلك من فعل معاوية خرجت من داري فدخلت جامع الكوفة للصلاة و رقات المنبر و اجتمع الناس فحمدت الله و أثنيت عليه و قلت معشر الناس عفت الديار و محيت الآثار و قل الاصطبار فلا قرار على همزات الشياطين و حكم الخائنين الساعة و الله صحت البراهين و فصلت الآيات و بانت المشكلات و لقد كنا نتوقع تمام هذه الآية تأويلها قال الله عز و جل وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ فلقد مات و الله

   جدي رسول الله ص و قتل أبي ع و صاح الوسواس الخناس في قلوب الناس و نعق ناعق الفتنة و خالفتم السنة فيا لها من فتنة صماء عمياء لا يسمع لداعيها و لا يجاب مناديها و لا يخالف واليها ظهرت كلمة النفاق و سيرت رايات أهل الشقاق و تكالبت جيوش أهل المراق من الشام و العراق هلموا رحمكم الله إلى الافتتاح و النور الوضاح و العلم الجحجاح و النور الذي لا يطفى و الحق الذي لا يخفى أيها الناس تيقظوا من رقدة الغفلة و من تكاثف الظلمة فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة و تردى بالعظمة لئن قام إلي منكم عصبة بقلوب صافية و نيات مخلصة لا يكون فيها شوب نفاق و لا نية افتراق لأجاهدن بالسيف قدما قدما و لأضيقن من السيوف جوانبها و من الرماح أطرافها و من الخيل سنابكها فتكلموا رحمكم الله فكأنما ألجموا بلجام الصمت عن إجابة الدعوة إلا عشرون رجلا فإنهم قاموا إلي فقالوا يا ابن رسول الله ما نملك إلا أنفسنا و سيوفنا فها نحن بين يديك لأمرك طائعون و عن رأيك صادرون فمرنا بما شئت فنظرت يمنة و يسرة فلم أر أحدا غيرهم فقلت لي أسوة بجدي رسول الله حين عبد الله سرا و هو يومئذ في تسعة و ثلاثين رجلا فلما أكمل الله له الأربعين صار في عدة و أظهر أمر الله فلو كان معي عدتهم جاهدت في الله حق جهاده ثم رفعت رأسي نحو السماء فقلت اللهم إني قد دعوت و أنذرت و أمرت و نهيت و كانوا عن إجابة الداعي غافلين و عن نصرته قاعدين و عن طاعته مقصرين و لأعدائه ناصرين اللهم فأنزل عليهم رجزك و بأسك و عذابك الذي لا يرد عن القوم الظالمين و نزلت   ثم خرجت من الكوفة راحلا إلى المدينة فجاءوني يقولون إن معاوية أسرى سراياه إلى الأنبار و الكوفة و شن غاراته على المسلمين و قتل من لم يقاتله و قتل النساء و الأطفال فأعلمتهم أنه لا وفاء لهم فأنفذت معهم رجالا و جيوشا و عرفتهم أنهم يستجيبون لمعاوية و ينقضون عهدي و بيعتي فلم يكن إلا ما قلت لهم و أخبرتهم ثم يقوم الحسين ع مخضبا بدمه هو و جميع من قتل معه فإذا رآه رسول الله ص بكى و بكى أهل السماوات و الأرض لبكائه و تصرخ فاطمة ع فتزلزل الأرض و من عليها و يقف أمير المؤمنين و الحسن ع عن يمينه و فاطمة عن شماله و يقبل الحسين ع فيضمه رسول الله ص إلى صدره و يقول يا حسين فديتك قرت عيناك و عيناي فيك و عن يمين الحسين حمزة أسد الله في أرضه و عن شماله جعفر بن أبي طالب الطيار و يأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين ع و هن صارخات و أمه فاطمة تقول هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ اليوم تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً قال فبكى الصادق ع حتى أخضلت لحيته بالدموع ثم قال لا قرت عين لا تبكي عند هذا الذكر قال و بكى المفضل بكاء طويلا ثم قال يا مولاي ما في الدموع يا مولاي فقال ما لا يحصى إذا كان من محق ثم قال المفضل يا مولاي ما تقول في قوله تعالى وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ قال يا مفضل و الموؤدة و الله محسن لأنه منا لا غير فمن قال غير هذا فكذبوه قال المفضل يا مولاي ثم ما ذا قال الصادق ع تقوم فاطمة بنت رسول الله ص فتقول اللهم أنجز وعدك و موعدك لي فيمن ظلمني و غصبني و ضربني و

   جزعني بكل أولادي فتبكيها ملائكة السماوات السبع و حملة العرش و سكان الهواء و من في الدنيا و من تحت أطباق الثرى صائحين صارخين إلى الله تعالى فلا يبقى أحد ممن قاتلنا و ظلمنا و رضي بما جرى علينا إلا قتل في ذلك اليوم ألف قتلة دون من قتل في سبيل الله فإنه لا يذوق الموت و هو كما قال الله عز و جل وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ قال المفضل يا مولاي إن من شيعتكم من لا يقول برجعتكم فقال ع إنما سمعوا قول جدنا رسول الله ص و نحن سائر الأئمة نقول وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ قال الصادق ع العذاب الأدنى عذاب الرجعة و العذاب الأكبر عذاب يوم القيامة الذي تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ وَ بَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ قال المفضل يا مولاي نحن نعلم أنكم اختيار الله في قوله تعالى نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ و قوله اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ و قوله إِنَّ   اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ قال الصادق ع يا مفضل فأين نحن في هذه الآية قال المفضل فو الله إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ و قوله مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ و قوله عن إبراهيم وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ و قد علمنا أن رسول الله ص و أمير المؤمنين ع ما عبدا صنما و لا وثنا و لا أشركا بالله طرفة عين و قوله وَ إِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ و العهد عهد الإمامة لا يناله ظالم قال يا مفضل و ما علمك بأن الظالم لا ينال عهد الإمامة قال المفضل يا مولاي لا تمتحني بما لا طاقة لي به و لا تختبرني و لا تبتلني فمن علمكم علمت و من فضل الله عليكم أخذت قال الصادق ع صدقت يا مفضل و لو لا اعترافك بنعمة الله عليك في ذلك لما كنت هكذا فأين يا مفضل الآيات من القرآن في أن الكافر ظالم قال نعم يا مولاي قوله تعالى وَ الْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ و الكافرون هُمُ الْفاسِقُونَ و من كفر و فسق و ظلم لا يجعله الله للناس إماما قال الصادق ع أحسنت يا مفضل فمن أين قلت برجعتنا و مقصرة   شيعتنا تقول معنى الرجعة أن يرد الله إلينا ملك الدنيا و أن يجعله للمهدي ويحهم متى سلبنا الملك حتى يرد علينا قال المفضل لا و الله و ما سلبتموه و لا تسلبونه لأنه ملك النبوة و الرسالة و الوصية و الإمامة قال الصادق ع يا مفضل لو تدبر القرآن شيعتنا لما شكوا في فضلنا أ ما سمعوا قوله عز و جل وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ و الله يا مفضل إن تنزيل هذه الآية في بني إسرائيل و تأويلها فينا و إن فرعون و هامان تيم و عدي قال المفضل يا مولاي فالمتعة قال المتعة حلال طلق و الشاهد بها قول الله عز و جل وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَ لكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً أي مشهودا و القول المعروف هو المشتهر بالولي و الشهود و إنما احتيج إلى الولي و الشهود في النكاح ليثبت النسل و يصح النسب و يستحق الميراث و قوله وَ آتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً و جعل الطلاق في النساء المزوجات غير جائز إلا بشاهدين ذوي عدل من المسلمين و قال في سائر الشهادات على الدماء و الفروج و الأموال و الأملاك وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ و بين الطلاق عز ذكره فقال يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ و لو كانت المطلقة تبين بثلاث تطليقات

   تجمعها كلمة واحدة أو أكثر منها أو أقل لما قال الله تعالى وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ اتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ إلى قوله تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ و قوله لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً هو نكر يقع بين الزوج و زوجته فيطلق التطليقة الأولى بشهادة ذوي عدل و حد وقت التطليق هو آخر القروء و القرء هو الحيض و الطلاق يجب عند آخر نقطة بيضاء تنزل بعد الصفرة و الحمرة و إلى التطليقة الثانية و الثالثة ما يحدث الله بينهما عطفا أو زوال ما كرهاه و هو قوله وَ الْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَ لا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ هذا لقوله في أن للبعولة مراجعة النساء من تطليقة إلى تطليقة إن أرادوا إصلاحا و للنساء مراجعة الرجال في مثل ذلك ثم بين تبارك و تعالى فقال الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ و في الثالثة فإن طلق الثالثة بانت فهو قوله فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ثم يكون كسائر الخطاب لها و المتعة التي أحلها الله في كتابه و أطلقها الرسول عن الله لسائر المسلمين فهي قوله عز و جل وَ الْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ أُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً و الفرق بين المزوجة و المتعة أن للزوجة   صداقا و للمتعة أجرة فتمتع سائر المسلمين على عهد رسول الله ص في الحج و غيره و أيام أبي بكر و أربع سنين في أيام عمر حتى دخل على أخته عفرا فوجد في حجرها طفلا يرضع من ثديها فنظر إلى درة اللبن في فم الطفل فأغضب و أرعد و اربد و أخذ الطفل على يده و خرج حتى أتى المسجد و رقى المنبر و قال نادوا في الناس أن الصلاة جامعة و كان غير وقت صلاة يعلم الناس أنه لأمر يريده عمر فحضروا فقال معاشر الناس من المهاجرين و الأنصار و أولاد قحطان من منكم يحب أن يرى المحرمات عليه من النساء و لها مثل هذا الطفل قد خرج من أحشائها و هو يرضع على ثديها و هي غير متبعلة فقال بعض القوم ما نحب هذا فقال أ لستم تعلمون أن أختي عفرا بنت خيثمة أمي و أبي الخطاب غير متبعلة قالوا بلى قال فإني دخلت عليها في هذه الساعة فوجدت هذا الطفل في حجرها فناشدتها أنى لك هذا فقالت تمتعت فأعلموا سائر الناس أن هذه المتعة التي كانت حلالا للمسلمين في عهد رسول الله ص قد رأيت تحريمها فمن أبى ضربت جنبيه بالسوط فلم يكن   في القوم منكر قوله و لا راد عليه و لا قائل لا يأتي رسول بعد رسول الله أو كتاب بعد كتاب الله لا نقبل خلافك على الله و على رسوله و كتابه بل سلموا و رضوا قال المفضل يا مولاي فما شرائط المتعة قال يا مفضل لها سبعون شرطا

   من خالف فيها شرطا واحدا ظَلَمَ نَفْسَهُ قال قلت يا سيدي قد أمرتمونا أن لا نتمتع ببغية و لا مشهورة بفساد و لا مجنونة و أن ندعو المتعة إلى الفاحشة فإن أجابت فقد حرم الاستمتاع بها و أن نسأل أ فارغة أم مشغولة ببعل أو حمل أو بعده فإن شغلت بواحدة من الثلاث فلا تحل و إن خلت فيقول لها متعيني نفسك على كتاب الله عز و جل و سنة نبيه ص نكاحا غير سفاح أجلا معلوما بأجرة معلومة و هي ساعة أو يوم أو يومان أو شهر أو سنة أو ما دون ذلك أو أكثر و الأجرة ما تراضيا عليه من حلقة خاتم أو شسع نعل أو شق تمرة إلى فوق ذلك من الدراهم و الدنانير أو عرض ترضى به فإن وهبت له حل له كالصداق الموهوب من النساء المزوجات الذين قال الله تعالى فيهن فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً ثم يقول لها على ألا ترثيني و لا أرثك و على أن الماء لي أضعه منك حيث أشاء و عليك الاستبراء خمسة و أربعين يوما أو محيضا واحدا فإذا قالت نعم أعدت القول ثانية و عقدت النكاح فإن أحببت و أحبت هي الاستزادة في الأجل زدتما و فيه ما رويناه فإن كانت تفعل فعليها ما تولت من الإخبار عن نفسها و لا   جناح عليك و قول أمير المؤمنين ع لعن الله ابن الخطاب فلولاه ما زنى إلا شقي أو شقية لأنه كان يكون للمسلمين غناء في المتعة عن الزنا ثم تلا وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ وَ إِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ   ثم قال إن من عزل بنطفته عن زوجته فدية النطفة عشرة دنانير كفارة و إن من شرط المتعة أن ماء الرجل يضعه حيث يشاء من المتمتع بها فإذا وضعه في الرحم فخلق منه ولد كان لاحقا بأبيه ثم يقوم جدي علي بن الحسين و أبي الباقر ع فيشكوان إلى جدهما رسول الله ص ما فعل بهما ثم أقوم أنا فأشكو إلى جدي رسول الله ص ما فعل المنصور بي ثم يقوم ابني موسى فيشكو إلى جده رسول الله ص ما فعل به الرشيد ثم يقوم علي بن موسى فيشكو إلى جده رسول الله ص ما فعل به المأمون ثم يقوم محمد بن علي فيشكو إلى جده رسول الله ص ما فعل به المأمون ثم يقوم علي بن محمد فيشكو إلى جده رسول الله ص ما فعل به المتوكل ثم يقوم الحسن بن علي فيشكو إلى جده رسول الله ص ما فعل به المعتز ثم يقوم المهدي سمي جدي رسول الله و عليه قميص رسول الله مضرجا بدم رسول الله يوم شج جبينه و كسرت رباعيته و الملائكة تحفه حتى يقف بين يدي جده رسول الله ص فيقول يا جداه وصفتني و دللت علي و نسبتني و سميتني و كنيتني فجحدتني الأمة و تمردت و قالت ما ولد و لا كان و أين هو و متى كان و أين يكون و قد مات و لم يعقب و لو كان صحيحا ما أخره الله تعالى إلى هذا الوقت المعلوم فصبرت محتسبا و قد أذن الله لي فيها بإذنه يا جداه فيقول رسول الله ص الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ و يقول جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ و حق

   قول الله سبحانه و تعالى هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ و يقرأ إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ ما تَأَخَّرَ وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ يَهْدِيَكَ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَ يَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً فقال المفضل يا مولاي أي ذنب كان لرسول الله ص فقال الصادق ع يا مفضل إن رسول الله ص قال اللهم حملني ذنوب شيعة أخي و أولادي الأوصياء ما تقدم منها و ما تأخر إلى يوم القيامة و لا تفضحني بين النبيين و المرسلين من شيعتنا فحمله الله إياها و غفر جميعها قال المفضل فبكيت بكاء طويلا و قلت يا سيدي هذا بفضل الله علينا فيكم قال الصادق ع يا مفضل ما هو إلا أنت و أمثالك بلى يا مفضل لا تحدث بهذا الحديث أصحاب الرخص من شيعتنا فيتكلون على هذا الفضل و يتركون العمل فلا يغني عنهم من الله شيئا لأنا كما قال الله تبارك و تعالى فينا لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ قال المفضل يا مولاي فقوله لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ما كان رسول الله ص ظهر على الدين كله قال يا مفضل لو كان رسول الله ص ظهر على الدين كله ما كانت مجوسية و لا يهودية و لا صابئية و لا نصرانية و لا فرقة و لا خلاف و لا شك   و لا شرك و لا عبدة أصنام و لا أوثان و لا اللات و العزى و لا عبدة الشمس و القمر و لا النجوم و لا النار و لا الحجارة و إنما قوله لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ في هذا اليوم و هذا المهدي و هذه الرجعة و هو قوله وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فقال المفضل أشهد أنكم من علم الله علمتم و بسلطانه و بقدرته قدرتم و بحكمه نطقتم و بأمره تعملون ثم قال الصادق ع ثم يعود المهدي ع إلى الكوفة و تمطر السماء بها جرادا من ذهب كما أمطره الله في بني إسرائيل على أيوب و يقسم على أصحابه كنوز الأرض من تبرها و لجينها و جوهرها قال المفضل يا مولاي من مات من شيعتكم و عليه دين لإخوانه و لأضداده كيف يكون قال الصادق ع أول ما يبتدئ المهدي ع أن ينادي في جميع العالم ألا من له عند أحد من شيعتنا دين فليذكره حتى يرد الثومة و الخردلة فضلا عن الْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَ الْفِضَّةِ و الأملاك فيوفيه إياه قال المفضل يا مولاي ثم ما ذا يكون قال يأتي القائم ع بعد أن يطأ شرق الأرض و غربها الكوفة و مسجدها و يهدم المسجد الذي بناه يزيد بن معاوية لعنه الله لما قتل الحسين بن علي ع و هو مسجد ليس لله ملعون ملعون من بناه قال المفضل يا مولاي فكم تكون مدة ملكه ع فقال قال الله عز و جل فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ و المجذوذ المقطوع أي عطاء غير مقطوع عنهم بل هو دائم أبدا و ملك

   لا ينفد و حكم لا ينقطع و أمر لا يبطل إلا باختيار الله و مشيته و إرادته التي لا يعلمها إلا هو ثم القيامة و ما وصفه الله عز و جل في كتابه وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و صلى الله على خير خلقه محمد النبي و آله الطيبين الطاهرين و سلم تسليما كثيرا كثيرا أقول روى الشيخ حسن بن سليمان في كتاب منتخب البصائر هذا الخبر هكذا حدثني الأخ الرشيد محمد بن إبراهيم بن محسن الطارآبادي أنه وجد بخط أبيه الرجل الصالح إبراهيم بن محسن هذا الحديث الآتي ذكره و أراني خطه و كتبته منه و صورته الحسين بن حمدان و ساق الحديث كما مر إلى قوله لكأني أنظر إليهم على البراذين الشهب بأيديهم الحراب يتعاوون شوقا إلى الحرب كما تتعاوى الذئاب أميرهم رجل من بني تميم يقال له شعيب بن صالح فيقبل الحسين ع فيهم وجهه كدائرة القمر يروع الناس جمالا فيبقى على أثر الظلمة فيأخذ سيفه الصغير و الكبير و العظيم و الوضيع ثم يسير بتلك الرايات كلها حتى يرد الكوفة و قد جمع بها أكثر أهل الأرض يجعلها له معقلا ثم يتصل به و بأصحابه خبر المهدي فيقولون له يا ابن رسول الله من هذا الذي نزل بساحتنا فيقول الحسين ع اخرجوا بنا إليه حتى تنظروا من هو و ما يريد و هو يعلم و الله أنه المهدي ع و إنه ليعرفه و إنه لم يرد بذلك الأمر إلا الله فيخرج الحسين ع و بين يديه أربعة آلاف رجل في أعناقهم المصاحف و عليهم المسوح مقلدين بسيوفهم فيقبل الحسين ع حتى ينزل بقرب المهدي ع فيقول سائلوا عن هذا الرجل من هو و ما ذا يريد فيخرج بعض أصحاب الحسين ع إلى عسكر المهدي ع فيقول أيها العسكر الجائل من أنتم حياكم الله و من صاحبكم هذا و ما ذا يريد فيقول أصحاب المهدي ع هذا مهدي آل محمد ع و نحن أنصاره من الجن و الإنس و الملائكة ثم يقول الحسين ع خلوا بيني و بين هذا فيخرج إليه المهدي ع فيقفان   بين العسكرين فيقول الحسين ع إن كنت مهدي آل محمد ص فأين هراوة جدي رسول الله ص و خاتمه و بردته و درعه الفاضل و عمامته السحاب و فرسه و ناقته العضباء و بغلته دلدل و حماره يعفور و نجيبه البراق و تاجه و المصحف الذي جمعه أمير المؤمنين ع بغير تغيير و لا تبديل فيحضر له السفط الذي فيه جميع ما طلبه و قال أبو عبد الله ع إنه كان كله في السفط و تركات جميع النبيين حتى عصا آدم و نوح ع و تركة هود و صالح ع و مجموع إبراهيم ع و صاع يوسف ع و مكيال شعيب ع و ميزانه و عصى موسى ع و تابوته الذي فيه بقية ما تَرَكَ آلُ مُوسى وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ و درع داود ع و خاتمه و خاتم سليمان ع و تاجه و رحل عيسى ع و ميراث النبيين و المرسلين في ذلك السفط و عند ذلك يقول الحسين ع يا ابن رسول الله أسألك أن تغرس هراوة رسول الله ص في هذا الحجر الصلد و تسأل الله أن ينبتها فيه و لا يريد بذلك إلا أن يري أصحابه فضل المهدي ع حتى يطيعوه و يبايعوه و يأخذ المهدي ع الهراوة فيغرسها فتنبت فتعلو و تفرع و تورق حتى تظل عسكر الحسين ع فيقول الحسين ع الله أكبر يا ابن رسول الله مد يدك حتى أبايعك فيبايعه الحسين ع و سائر عسكره إلا الأربعة آلاف من أصحاب المصاحف و المسوح الشعر المعروفون بالزيدية فإنهم يقولون ما هذا إلا سحر عظيم أقول ثم ساق الحديث إلى قوله إن أنصفتم من أنفسكم و أنصفتموه نحوا مما مر و لم يذكر بعده شيئا

 بيان الهود التوبة و الرجوع إلى الحق و صبا يصبو أي مال و صبأ بالهمز أي خرج من دين إلى دين.   و اعلم أن تاريخ الولادة مخالف لما مر و المشهور أن سرمن‏رأى بناها المعتصم و لعل المتوكل أتم بناءها و تعميرها فلذا نسبت إليه و قال الفيروزآبادي سرمن‏رأى بضم السين و الراء أي سرور و بفتحهما و بفتح الأول و ضم الثاني و سامرا و مده البحتري في الشعر أو كلاهما لحن و ساء من رأى بلد لما شرع في بنائه المعتصم ثقل ذلك على عسكره فلما انتقل بهم إليها سر كل منهم برؤيتها فلزمها هذا الاسم. قوله فبغير سنة القائم لعل المعنى أن الحسين ع كيف يظهر قبل القائم ع بغير سنته فأجاب ع بأن ظهوره بعد القائم إذ كل بيعة قبله ضلالة قوله ع فها أنا ذا آدم يعني في علمه و فضله و أخلاقه التي بها تتبعونه و تفضلونه و شحب لونه كجمع و نصر و كرم و عني تغير قوله ع و يلزمهما إياه أقول العلة و السبب في إلزام ما تأخر عنهما من الآثام عليهما ظاهر لأنهما بمنع أمير المؤمنين ع عن حقه و دفعه عن مقامه صارا سببين لاختفاء سائر الأئمة و مغلوبيتهم و تسلط أئمة الجور و غلبتهم إلى زمان القائم ع و صار ذلك سببا لكفر من كفر و ضلال من ضل و فسق من فسق لأن الإمام مع اقتداره و استيلائه و بسط يده يمنع من جميع ذلك و عدم تمكن أمير المؤمنين ص من بعض تلك الأمور في أيام خلافته إنما كان لما أسساه من الظلم و الجور. و أما ما تقدم عليهما فلأنهما كانا راضيين بفعل من فعل مثل فعلهما من دفع خلفاء الحق عن مقامهم و ما يترتب على ذلك من الفساد و لو كانا منكرين لذلك لم يفعلا مثل فعلهم و كل من رضي بفعل فهو كمن أتاه كما دلت عليه الآيات الكثيرة حيث نسب الله تعالى فعال آباء اليهود إليهم و ذمهم عليها لرضاهم بها و غير ذلك و استفاضت به أخبار الخاصة و العامة. على أنه لا يبعد أن يكون لأرواحهم الخبيثة مدخلا في صدور تلك الأمور عن الأشقياء كما أن أرواح الطيبين من أهل بيت الرسالة كانت مؤيدة للأنبياء و الرسل معينة لهم في الخيرات شفيعة لهم في رفع الكربات كما مر في كتاب

    الإمامة. و مع صرف النظر عن جميع ذلك يمكن أن يؤول بأن المراد إلزام مثل فعال هؤلاء الأشقياء عليهما و إنهما في الشقاوة مثل جميعهم لصدور مثل أفعال الجميع عنهما. قوله و المنادي من حول الضريح أي أجيبوا و انصروا أولاد الرسول ص الملهوفين المنادين حول ضريح جدهم. قوله ع و الخاف أي الجبل المطيف بالدنيا و لا يبعد أن يكون تصحيف القاف و الجزل بالفتح ما عظم من الحطب و يبس و الركل الضرب بالرجل و كذا الرفس. قوله ع لداعيها أي للداعي فيها إلى الحق و لا يجاب مناديها أي المستغيث فيها و لا يخالف واليها أي يطاع والي تلك الفتنة في كل ما يريد و الجحجاح السيد قوله جوانبها لعله بدل بعض و كذا نظائره. قوله ع قال الله عز و جل فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ لعله ع فسر قوله تعالى إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ بزمان الرجعة بأن يكون المراد بالجنة و النار ما يكون في عالم البرزخ كما ورد في خبر آخر و استدل ع بها على أن هذا الزمان منوط بمشية الله كما قال تعالى غير معلوم للخلق على التعيين و هذا أظهر الوجوه التي ذكروها في تفسير هذه الآية