باب 4- حب لقاء الله و ذم الفرار من الموت

الآيات البقرة قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَ لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ وَ لَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَ ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ آل عمران وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ و قال تعالى الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَ قَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ  النساء أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ يونس إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ الأحزاب قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَ إِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا الجمعة قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَ لا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ تفسير خالِصَةً أي خاصة بكم و الخطاب لليهود لقولهم لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ لأنه من أيقن أنه من أهل الجنة اشتاقها و أحب التخلص إليها من الدار ذات الشوائب بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ أي من موجبات النار و روي أنهم لو تمنوا الموت لغص كل إنسان بريقه فمات مكانه و ما بقي على وجه الأرض يهودي وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أي أحرص منهم أو خبر مبتداء محذوف صفته يَوَدُّ أَحَدُهُمْ أي و منهم ناس يود أحدهم و على هذا أيضا يحتمل أن يكون المراد بالمشركين اليهود لقولهم عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ و الزحزحة التبعيد و يحتمل أن يكون المراد عذاب الآخرة أو الأعم فيكون الزحزحة كناية عن رفعه عنهم إذ بمقدار زيادة العمر يبعد عنهم عذاب البرزخ وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ أي الحرب فإنها من أسباب الموت أو الموت بالشهادة و هو توبيخ لمن لم يشهد بدرا و تمنى الجهاد ثم شهد أحدا و فر لا يَرْجُونَ لِقاءَنا أي لا يتوقعونه لإنكارهم البعث أو لا يخافون عقابنا إذ قد يكون الرجاء بمعنى الخوف فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ الخطاب و إن توجه ظاهرا إلى اليهود لكنه تعريض عام لكل من يدعي ولاية الله و يكره الموت

 1-  فس، ]تفسير القمي[ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قال إن في التوراة مكتوب  أولياء الله يتمنون الموت ثم قال إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ

 2-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي عمير عن الحكم بن أيمن عن داود الأبزاري عن أبي جعفر عليه السلام قال ينادي مناد كل يوم لد للموت و اجمع للفناء و ابن للخراب

 3-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن محبوب عن أبي أيوب عن أبي عبيدة قال قلت لأبي جعفر ع جعلت فداك حدثني بما أنتفع به فقال يا أبا عبيدة ما أكثر ذكر الموت إنسان إلا زهد في الدنيا

 4-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ علي بن النعمان عن ابن مسكان عن داود عن زيد بن أبي شيبة الزهري عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص الموت الموت جاء الموت بما فيه جاء بالروح و الراحة و الكرة المباركة إلى جنة عالية لأهل دار الخلود الذين كان لها سعيهم و فيها رغبتهم و جاء الموت بما فيه جاء بالشقوة و الندامة و الكرة الخاسرة إلى نار حامية لأهل دار الغرور الذين كان لها سعيهم و فيها رغبتهم

 5-  و قال إذا استحقت ولاية الشيطان و الشقاوة جاء الأمل بين العينين و ذهب الأجل وراء الظهر

 6-  قال و قال سئل رسول الله ص أي المؤمنين أكيس قال أكثرهم ذكرا للموت و أشدهم استعدادا له

 7-  و قال أمير المؤمنين ع أيها الناس كل امرئ لاق في فراره ما منه يفر و الأجل مساق النفس إليه و الهرب منه موافاته

 أقول سيأتي شرحه في باب شهادة أمير المؤمنين ع

   -8  لي، ]الأمالي للصدوق[ الدقاق عن محمد بن هارون عن عبيد الله بن موسى عن محمد بن الحسين عن محمد بن محصن عن ابن ظبيان عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين ع قال لما أراد الله تبارك و تعالى قبض روح إبراهيم ع أهبط الله ملك الموت فقال السلام عليك يا إبراهيم قال و عليك السلام يا ملك الموت أ داع أم ناع قال بل داع يا إبراهيم فأجب قال إبراهيم فهل رأيت خليلا يميت خليله قال فرجع ملك الموت حتى وقف بين يدي الله جل جلاله فقال إلهي قد سمعت ما قال خليلك إبراهيم فقال الله جل جلاله يا ملك الموت اذهب إليه و قل له هل رأيت حبيبا يكره لقاء حبيبه إن الحبيب يحب لقاء حبيبه

 9-  ل، ]الخصال[ ابن المغيرة عن جده عن جده عن السكوني عن الصادق عن أبيه عليهما السلام قال أتى النبي ص رجل فقال ما لي لا أحب الموت فقال له أ لك مال قال نعم قال فقدمته قال لا قال فمن ثم لا تحب الموت

 10-  ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن حمزة بن حمران عن أبي عبد الله ع قال لم يخلق الله عز و جل يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت

 11-  ل، ]الخصال[ الفامي و ابن مسرور معا عن ابن بطة عن البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن الصادق عن أبيه عن جده ع قال سئل أمير المؤمنين ع بما ذا أحببت لقاء الله قال لما رأيته قد اختار لي دين ملائكته و رسله و أنبيائه علمت أن الذي أكرمني بهذا ليس ينساني فأحببت لقاءه

 12-  يد، ]التوحيد[ الهمداني عن علي عن أبيه عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفر عن آبائه ع مثله

   -13  ل، ]الخصال[ الخليل عن أبي العباس السراج عن قتيبة عن عبد العزيز عن عمرو بن أبي عمرو عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد أن رسول الله ص قال شيئان يكرههما ابن آدم يكره الموت و الموت راحة للمؤمن من الفتنة و يكره قلة المال و قلة المال أقل للحساب

 14-  ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن الأصبهاني عن المنقري عن غير واحد عن أبي عبد الله ع قال من أحب الحياة ذل

 15-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني عن أبي محمد العسكري عن آبائه ع قال جاء رجل إلى الصادق ع فقال قد سئمت الدنيا فأتمنى على الله الموت فقال تمن الحياة لتطيع لا لتعصي فلأن تعيش فتطيع خير لك من أن تموت فلا تعصي و لا تطيع

 16-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن مخلد عن أبي عمرو عن الحارث بن محمد عن الواقدي محمد بن عمر عن عبد الله بن جعفر الزهري عن يزيد بن الهاد عن هند بنت الحارث الفراسية عن أم الفضل قالت دخل رسول الله ص على رجل يعوده و هو شاك فتمنى الموت فقال رسول الله ص لا تتمن الموت فإنك إن تك محسنا تزدد إحسانا إلى إحسانك و إن كنت مسيئا فتؤخر لتستعتب فلا تمنوا الموت

   -17  مع، ]معاني الأخبار[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن علي بن مهزيار عن القاسم بن محمد عن عبد الصمد بن بشير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال قلت له أصلحك الله من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من أبغض لقاء الله أبغض الله لقاءه قال نعم قلت فو الله إنا لنكره الموت فقال ليس ذاك حيث تذهب إنما ذلك عند المعاينة إذا رأى ما يحب فليس شي‏ء أحب إليه من أن يتقدم و الله يحب لقاءه و هو يحب لقاء الله حينئذ و إذا رأى ما يكره فليس شي‏ء أبغض إليه من لقاء الله عز و جل و الله عز و جل يبغض لقاءه

 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ القاسم بن محمد مثله

 18-  مع، ]معاني الأخبار[ محمد بن إبراهيم عن أحمد بن يونس المعاذي عن أحمد الهمداني عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل عن أبيه عن جده عن جعفر بن محمد ع قال كان للحسن بن علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما صديق و كان ماجنا فتباطى عليه أياما فجاءه يوما فقال له الحسن ع كيف أصبحت فقال يا ابن رسول الله أصبحت بخلاف ما أحب و يحب الله و يحب الشيطان فضحك الحسن ع ثم قال و كيف ذاك قال لأن الله عز و جل يحب أن أطيعه و لا أعصيه و لست كذلك و الشيطان يحب أن أعصي الله و لا أطيعه و لست كذلك و أنا أحب أن لا أموت و لست كذلك فقام إليه رجل فقال يا ابن رسول الله ما بالنا نكره الموت و لا نحبه قال فقال الحسن عليه السلام إنكم أخربتم آخرتكم و عمرتم دنياكم فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب

 توضيح الماجن من لا يبالي قولا و فعلا

 19-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن شعيب العقرقوفي قال قلت لأبي عبد الله ع شي‏ء يروى عن أبي ذر رحمه الله  أنه كان يقول ثلاثة يبغضها الناس و أنا أحبها أحب الموت و أحب الفقر و أحب البلاء فقال إن هذا ليس على ما تروون إنما عنى الموت في طاعة الله أحب إلي من الحياة في معصية الله و الفقر في طاعة الله أحب إلي من الغنى في معصية الله و البلاء في طاعة الله أحب إلي من الصحة في معصية الله

 جا، ]المجالس للمفيد[ أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن معروف عن ابن مهزيار عن ابن فضال مثله

 20-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن البرقي عن محمد بن علي عن الحارث بن الحسن الطحان عن إبراهيم بن عبد الله عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر ع قال لا يبلغ أحدكم حقيقة الإيمان حتى يكون فيه ثلاث خصال يكون الموت أحب إليه من الحياة و الفقر أحب إليه من الغنى و المرض أحب إليه من الصحة قلنا و من يكون كذلك قال كلكم ثم قال أيما أحب إلى أحدكم يموت في حبنا أو يعيش في بغضنا فقلت نموت و الله في حبكم أحب إلينا قال و كذلك الفقر و الغنى و المرض و الصحة قلت إي و الله

 21-  لي، ]الأمالي للصدوق[ عن الصادق ع قال قال رسول الله ص أكيس الناس من كان أشد ذكرا للموت

 22-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن المغيرة بإسناده عن السكوني عن الصادق عن آبائه عليهم السلام قال قال علي عليه السلام ما أنزل الموت حق منزلته من عد غدا من أجله

 23-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ حماد بن عيسى عن حسين بن المختار رفعه إلى سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قال لو لا السجود لله و مجالسة قوم يتلفظون طيب الكلام كما يتلفظ طيب التمر لتمنيت الموت

 24-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد عن  أبي الحسن العبدي عن الأعمش عن عباية بن ربعي قال إن شابا من الأنصار كان يأتي عبد الله بن العباس و كان عبد الله يكرمه و يدينه فقيل له إنك تكرم هذا الشاب و تدينه و هو شاب سوء يأتي القبور فينبشها بالليالي فقال عبد الله بن العباس إذا كان ذلك فأعلموني قال فخرج الشاب في بعض الليالي يتخلل القبور فأعلم عبد الله بن العباس بذلك فخرج لينظر ما يكون من أمره و وقف ناحية ينظر إليه من حيث لا يراه الشاب قال فدخل قبرا قد حفر ثم اضطجع في اللحد و نادى بأعلى صوته يا ويحي إذا دخلت لحدي وحدي و نطقت الأرض من تحتي فقالت لا مرحبا بك و لا أهلا قد كنت أبغضك و أنت على ظهري فكيف و قد صرت في بطني بل ويحي إذا نظرت إلى الأنبياء وقوفا و الملائكة صفوفا فمن عدلك غدا من يخلصني و من المظلومين من يستنقذني و من عذاب النار من يجيرني عصيت من ليس بأهل أن يعصى عاهدت ربي مرة بعد أخرى فلم يجد عندي صدقا و لا وفاء و جعل يردد هذا الكلام و يبكي فلما خرج من القبر التزمه ابن عباس و عانقه ثم قال له نعم النباش نعم النباش ما أنبشك للذنوب و الخطايا ثم تفرقا

 25-  ب، ]قرب الإسناد[ اليقطيني عن القداح عن الصادق عن أبيه ع قال قال النبي ص استحيوا من الله حق الحياء قالوا و ما نفعل يا رسول الله قال فإن كنتم فاعلين فلا يبيتن أحدكم إلا و أجله بين عينيه و ليحفظ الرأس و ما وعى و البطن و ما حوى و ليذكر القبر و البلى و من أراد الآخرة فليدع زينة الحياة الدنيا

 بيان و ما وعى أي و ليحفظ ما وعاه الرأس من البصر و السمع و اللسان و غيرها من المشاعر عن ارتكاب ما يسخط الله و ليحفظ البطن و ما حواه من الطعام و الشراب أن يكونا من حرام و يمكن أن يعم البطن بحيث يشمل الفرج أيضا

   -26  ل، ]الخصال[ الأربعمائة قال أمير المؤمنين ع أكثروا ذكر الموت و يوم خروجكم من القبور و قيامكم بين يدي الله عز و جل تهون عليكم المصائب

 27-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ المفسر عن أحمد بن الحسن الحسيني عن أبي محمد العسكري عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع كم من غافل ينسج ثوبا ليلبسه و إنما هو كفنه و يبني بيتا ليسكنه و إنما هو موضع قبره

 28-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالإسناد إلى دارم عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص أكثروا من ذكر هادم اللذات

 29-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ فيما أوصى به أمير المؤمنين ع عند وفاته قصر الأمل و اذكر الموت و ازهد في الدنيا فإنك رهن موت و غرض بلاء و صريع سقم

 30-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ فيما كتب أمير المؤمنين ع لمحمد بن أبي بكر عباد الله إن الموت ليس منه فوت فاحذروا قبل وقوعه و أعدوا له عدته فإنكم طرد الموت إن أقمتم له أخذكم و إن فررتم منه أدرككم و هو ألزم لكم من ظلكم الموت معقود بنواصيكم و الدنيا تطوي خلفكم فأكثروا ذكر الموت عند ما تنازعكم إليه أنفسكم من الشهوات و كفى بالموت واعظا و كان رسول الله ص كثيرا ما يوصي أصحابه بذكر الموت فيقول أكثروا ذكر الموت فإنه هادم اللذات حائل بينكم و بين الشهوات

 31-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن أحمد بن عبد الله بن عمار عن علي بن محمد بن سليمان عن محمد بن الحارث بن بشير عن القاسم بن الفضيل عن عباد المنقري  عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص لو أن البهائم يعلمون من الموت ما تعلمون أنتم ما أكلتم منها سمينا

 بيان لا ينافي هذا الخبر ما سيأتي من الأخبار في أن الموت مما لم تبهم عنه البهائم إذ المعنى فيه لو علموا كما تعلمون من خصوصيات الموت و شدائده فلا ينافي علمهم بأصل الموت أو المراد أنهم لو كانوا مكلفين و علموا ما أوعد الله من العقاب لما كانوا غافلين كغفلتكم و لذا قال ص من الموت

 32-  مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع ذكر الموت يميت الشهوات في النفس و يقلع منابت الغفلة و يقوي القلب بمواعد الله و يرق الطبع و يكسر أعلام الهوى و يطفئ نار الحرص و يحقر الدنيا و هو معنى ما قال النبي ص فكر ساعة خير من عبادة سنة و ذلك عند ما يحل أطناب خيام الدنيا و يشدها في الآخرة و لا يشك بنزول الرحمة على ذاكر الموت بهذه الصفة و من لا يعتبر بالموت و قلة حيلته و كثرة عجزه و طول مقامه في القبر و تحيره في القيامة فلا خير فيه

 قال النبي ص اذكروا هادم اللذات فقيل و ما هو يا رسول الله فقال الموت فما ذكره عبد على الحقيقة في سعة إلا ضاقت عليه الدنيا و لا في شدة إلا اتسعت عليه و الموت أول منزل من منازل الآخرة و آخر منزل من منازل الدنيا فطوبى لمن أكرم عند النزول بأولها و طوبى لمن أحسن مشايعته في آخرها و الموت أقرب الأشياء من بني آدم و هو يعده أبعد فما أجرأ الإنسان على نفسه و ما أضعفه من خلق و في الموت نجاة المخلصين و هلاك المجرمين و لذلك اشتاق من اشتاق إلى الموت و كره من كره

 قال النبي ص من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه

   بيان قوله ع و ذلك أي فكر الساعة الذي هو خير من عبادة سنة و حل أطناب خيام الدنيا كناية عن قطع العلائق عنها و عن شهواتها و كذا شدها في الآخرة عبارة عن جعل ما يأخذه و يدعه في الدنيا لتحصيل الآخرة

 33-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال قلت له أخبرني عن الكافر الموت خير له أم الحياة فقال الموت خير للمؤمن و الكافر قلت و لم قال لأن الله يقول وَ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ و يقول وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ

 34-  سر، ]السرائر[ من كتاب أبي القاسم بن قولويه رحمه الله قال قال أبو عبد الله ع بلغ أمير المؤمنين ع موت رجل من أصحابه ثم جاء خبر آخر أنه لم يمت فكتب إليه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أما بعد فإنه قد كان أتانا خبر ارتاع له إخوانك ثم جاء تكذيب الخبر الأول فأنعم ذلك أن سررنا و إن السرور وشيك الانقطاع يبلغه عما قليل تصديق الخبر الأول فهل أنت كائن كرجل قد ذاق الموت ثم عاش بعده فسأل الرجعة فأسعف بطلبته فهو متأهب بنقل ما سره من ماله إلى دار قراره لا يرى أن له مالا غيره و اعلم أن الليل و النهار دائبان في نقص الأعمار و إنفاد الأموال و طي الآجال هيهات هيهات قد صبحا عاداً وَ ثَمُودَ... وَ قُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً فأصبحوا قد وردوا على ربهم و قدموا على أعمالهم و الليل و النهار غضان جديدان لا يبليهما ما مرا به يستعدان لمن بقي بمثل ما أصابا من مضى و اعلم أنما أنت نظير إخوانك و أشباهك مثلك كمثل الجسد قد نزعت قوته فلم يبق إلا حشاشة نفسه ينتظر الداعي فنعوذ بالله مما نعظ به ثم نقصر عنه

   بيان فأنعم ذلك أي أقر عيون إخوانك يقال نعم الله بك عينا و أنعم الله بك عينا و أنعم صباحا و يقال ما أنعمنا بك أي ما أقدمك فسررنا بلقائك و أنعمت على فلان أي أصرت إليه نعمة و الحشاش و الحشاشة بضمهما بقية الروح في الجسد في المرض

 35-  ضه، ]روضة الواعظين[ قال رسول الله ص أكيس الناس من كان أشد ذكرا للموت

 36-  و قال أمير المؤمنين ع في خطبته فإن الغاية أمامكم و إن وراءكم الساعة تحدوكم تخففوا تلحقوا فإنما ينتظر بأولكم آخركم

   -37  و قال أيضا في خطبته فما ينجو من الموت من يخافه و لا يعطى البقاء من أحبه و من جرى في عنان أمله عثر به أجله و إذا كنت في إدبار و الموت في إقبال فما أسرع الملتقى الحذر الحذر فو الله لقد ستر حتى كأنه غفر

 38-  و تبع أمير المؤمنين جنازة فسمع رجلا يضحك فقال كأن الموت فيها على غيرنا كتب و كأن الحق فيها على غيرنا وجب و كأن الذي نرى من الأموات سفر عما قليل إلينا راجعون نبوئهم أجداثهم و نأكل تراثهم قد نسينا كل واعظ و واعظة و رمينا بكل جائحة و عجبت لمن نسي الموت و هو يرى الموت و من أكثر ذكر الموت رضي من الدنيا باليسير

 39-  قال الصادق ع مكتوب في التوراة نحنا لكم فلم تبكوا و شوقناكم فلم تشتاقوا أعلم القتالين أن لله سيفا لا ينام و هو جهنم أبناء الأربعين أوفوا للحساب أبناء الخمسين زرع قد دنا حصاده أبناء الستين ما ذا قدمتم و ما ذا أخرتم أبناء السبعين عدوا أنفسكم في الموتى أبناء الثمانين تكتب لكم الحسنات و لا تكتب عليكم السيئات أبناء التسعين أنتم أسراء الله في أرضه ثم قال ما يقول كريم أسر رجلا ما ذا يصنع به قلت يطعمه و يسقيه و يفعل به فقال ما ترى الله صانعا بأسيره

 بيان الغاية الموت أو الجنة و النار قوله ع ينتظر بأولكم أي إنما ينتظر ببعث الأولين و نشرهم مجي‏ء الآخرين و موتهم لقد ستر أي الذنوب حتى  كأنه قد غفرها فاحذروا عقاب ما ستره و اشكروه على هذا الستر و يحتمل على بعد أن يكون المعنى ستر الموت عن الخلائق بحيث يظنون أنه رفع عنهم لكثرة غفلتهم عنه قوله أوفوا أي أكملوا و سلموا ما طلب منكم من الأعمال لأنكم تحاسبون عليها قوله زرع أي أنتم أو أعمالكم

 40-  تم، ]فلاح السائل[ في كتاب محمد بن محمد بن الأشعث بإسناده أن مولانا عليا ع قال ما رأيت إيمانا مع يقين أشبه منه بشك على هذا الإنسان إنه كل يوم يودع إلى القبور و يشيع و إلى غرور الدنيا يرجع و عن الشهوة و الذنوب لا يقلع فلو لم يكن لابن آدم المسكين ذنب يتوكفه و لا حساب يقف عليه إلا موت يبدد شمله و يفرق جمعه و يؤتم ولده لكان ينبغي له أن يحاذر ما هو فيه بأشد النصب و التعب و لقد غفلنا عن الموت غفلة أقوام غير نازل بهم و ركنا إلى الدنيا و شهواتها ركون أقوام قد أيقنوا بالمقام و غفلنا عن المعاصي و الذنوب غفلة أقوام لا يرجون حسابا و لا يخافون عقابا

 بيان لعل الضمير في قوله ع منه راجع إلى الموت المتقدم ذكره في الرواية أو المعلوم بقرينة المقام و قوله على الإنسان متعلق بقوله أشبه و الظاهر أنه سقط منه شي‏ء و التوكف التوقع أي يتوقع و ينتظر عقابه

 41-  جع، ]جامع الأخبار[ قال النبي ص أفضل الزهد في الدنيا ذكر الموت و أفضل العبادة ذكر الموت و أفضل التفكر ذكر الموت فمن أثقله ذكر الموت وجد قبره روضة من رياض الجنة

 42-  و قال رجل لأبي ذر رحمه الله ما لنا نكره الموت قال لأنكم عمرتم الدنيا و خربتم الآخرة فتكرهون أن تنتقلوا من عمران إلى خراب قيل له فكيف ترى قدومنا على الله قال أما المحسن فكالغائب يقدم على أهله و أما المسي‏ء فكالآبق يقدم على مولاه قيل فكيف ترى حالنا عند الله قال اعرضوا أعمالكم على كتاب الله تبارك و تعالى إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ قال الرجل فأين رحمة الله قال إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ

 43-  كتاب الدرة الباهرة، قيل لأمير المؤمنين ع ما الاستعداد للموت  فقال أداء الفرائض و اجتناب المحارم و الاشتمال على المكارم ثم لا يبالي أ وقع على الموت أو وقع الموت عليه و الله لا يبالي ابن أبي طالب أ وقع على الموت أم وقع الموت عليه

 44-  دعوات الراوندي، قال رسول الله ص لا يتمنين أحدكم الموت لفتر نزل به

 45-  و قال لا تتمنوا الموت فإن هول المطلع شديد و إن من سعادة المرء أن يطول عمره و يرزقه الله الإنابة إلى دار الخلود

 46-  و قال أمير المؤمنين ع بقية عمر المرء لا قيمة له يدرك بها ما قد فات و يحيي ما مات

 أقول سيأتي أخبار الاستعداد للموت في باب موضوع له في كتاب المكارم. تحقيق مقام لرفع شكوك و أوهام ربما يتوهم التنافي بين الآيات و الأخبار الدالة على حب لقاء الله و بين ما يدل على ذم طلب الموت و ما ورد في الأدعية من استدعاء طول العمر و بقاء الحياة و ما روي من كراهة الموت عن كثير من الأنبياء و الأولياء و يمكن الجواب عنه بوجوه الأول ما ذكره الشهيد رحمه الله في الذكرى من أن حب لقاء الله غير مقيد بوقت فيحمل على حال الاحتضار و معاينة ما يحب و استشهد لذلك بما مر من خبر عبد الصمد بن بشير. الثاني أن الموت ليس نفس لقاء الله فكراهته من حيث الألم الحاصل منه لا يستلزم كراهة لقاء الله و هذا لا ينفع في كثير من الأخبار. الثالث أن ما ورد في ذم كراهة الموت فهي محمولة على ما إذا كرهه لحب الدنيا و شهواتها و التعلق بملاذها و ما ورد بخلاف ذلك على ما إذا كرهه لطاعة الله تعالى و تحصيل مرضاته و توفير ما يوجب سعادة النشأة الأخرى و يؤيده خبر سلمان. الرابع أن كراهة الموت إنما تذم إذا كانت مانعة من تحصيل السعادات الأخروية بأن يترك الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و هجران الظالمين لحب الحياة  و البقاء و الحاصل أن حب الحياة الفانية الدنيوية إنما يذم إذا آثرها على ما يوجب الحياة الباقية الأخروية و يدل عليه خبر شعيب العقرقوفي و فضيل بن يسار و هذا الوجه قريب من الوجه الثالث. الخامس أن العبد يلزم أن يكون في مقام الرضا بقضاء الله فإذا اختار الله له الحياة فيلزمه الرضا بها و الشكر عليها فلو كره الحياة و الحال هذه فقد سخط ما ارتضاه الله له و علم صلاحه فيه و هذا مما لا يجوز و إذا اختار الله تعالى له الموت يجب أن يرضى بذلك و يعلم أن صلاحه فيما اختاره الله له فلو كره ذلك كان مذموما و أما الدعاء لطلب الحياة و البقاء لأمره تعالى بذلك فلا ينافي الرضاء بالقضاء و كذا في الصحة و المرض و الغنى و الفقر و سائر الأحوال المتضادة يلزم الرضا بكل منها في وقته و أمرنا بالدعاء لطلب خير الأمرين عندنا فما ورد في حب الموت إنما هو إذا أحب الله تعالى ذلك لنا و أما الاقتراح عليه في ذلك و طلب الموت فهو كفر لنعمة الحياة غير ممدوح عقلا و شرعا كطلب المرض و الفقر و أشباه ذلك و هذا وجه قريب و يؤيده كثير من الآيات و الأخبار و الله تعالى يعلم