باب 9- السماوات و كيفياتها و عددها و النجوم و أعدادها و صفاتها و المجرة

الآيات الأنعام وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ   الأعراف إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ الرعد اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ الحجر وَ لَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ إلى قوله تعالى وَ لَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَ زَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ وَ حَفِظْناها مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ النحل خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ و قال وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ طه تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَ السَّماواتِ الْعُلى الأنبياء وَ جَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَ هُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ و قال تعالى يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ الحج وَ يُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ المؤمنون وَ لَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ وَ ما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ   و قال تعالى قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَ فَلا تَتَّقُونَ الفرقان تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً وَ جَعَلَ فِيها سِراجاً وَ قَمَراً مُنِيراً العنكبوت خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ الروم وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ بِأَمْرِهِ لقمان خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها الصافات وَ رَبُّ الْمَشارِقِ إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ إلى قوله تعالى فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ المؤمن اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَ السَّماءَ بِناءً السجدة ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَ أَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها وَ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَ حِفْظاً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ق أَ فَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَ زَيَّنَّاها وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ الذاريات وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ و قال تعالى وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَ   ما تُوعَدُونَ و قال وَ السَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ الطور وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ و قال تعالى يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً النجم وَ النَّجْمِ إِذا هَوى و قال تعالى وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى القمر اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ الرحمن الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ يَسْجُدانِ وَ السَّماءَ رَفَعَها و قال فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ الواقعة فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ الملك الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَ هُوَ حَسِيرٌ وَ لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ وَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ الحاقة وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ المعارج يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ   نوح أَ لَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً الجن وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَ شُهُباً وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً المرسلات فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ النبأ وَ بَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً التكوير وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ إلى قوله تعالى فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ الإنفطار إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ الإنشقاق إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها وَ حُقَّتْ البروج وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ الطارق وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ وَ ما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ النَّجْمُ الثَّاقِبُ إلى قوله تعالى وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ الغاشية وَ إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ الشمس وَ السَّماءِ وَ ما بَناها

    تفسير جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ أي خلقها لمنافعكم لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ قيل أي في ظلمات الليل في البر و البحر و إضافتها إليهما للملابسة أو في مشتبهات الطرق سماها ظلمات على الاستعارة و هو إفراد لبعض منافعها بالذكر بعد أن أجملها بقوله لَكُمُ و أولت النجوم في الأخبار بالأئمة الأخيار ع فإنهم الهداة في ظلمات الفتن و الشبهات و لا ينافي الظاهر قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ بيناها فصلا فصلا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ فإنهم المنتفعون به. لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ أي لأدعيتهم و أعمالهم أو لأرواحهم كما تفتح لأعمال المؤمنين و أرواحهم و يدل على أن للسماء أبوابا و ربما يحمل على المجاز بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها قال الرازي في قوله تَرَوْنَها أقوال الأول أنه كلام مستأنف و المعنى رفع السماوات بغير عمد ثم قال ترونها أي و أنتم ترونها أنها مرفوعة بلا عماد الثاني قال الحسن في الآية تقديم و تأخير تقديره رفع السماوات ترونها بغير عمد الثالث أن قوله تَرَوْنَها صفة للعمد و المعنى بغير عمد مرئية أي للسماوات عمد و لكنا لا نراها قالوا و لها عمد على جبل قاف و هو جبل من زبرجد محيط بالدنيا و لكنكم لا ترونه و هذا التأويل في غاية السقوط لأنه تعالى إنما ذكر هذا الكلام ليكون حجة على وجود الإله القادر و لو كان المراد ما ذكروه ما تمت الحجة لأنه يقال إن السماوات لما كانت مستقرة على جبل فأي دلالة تبقى فيها على وجود الإله. و عندي فيه وجه آخر أحسن من الكل و هو أن العماد ما يعتمد عليه و قد دللنا على أن هذه الأجسام إنما بقيت واقفة في الجو العالي بقدرة الله فحينئذ يكون عمدها هو قدرة الله تعالى فصح أن يقال رفع السماوات بغير عمد ترونها أي   لها عمد في الحقيقة إلا أن تلك العمد هي إمساك الله تعالى و حفظه و تدبيره و إبقاؤه إياها في الجو العالي و أنتم لا ترون ذلك التدبير و لا تعرفون كيفية ذلك الإمساك انتهى. و أقول هذا الوجه الأخير الذي يتبجح به و نسبه إلى نفسه أورده شيخنا الطبرسي ره في مجمع البيان راويا عن ابن عباس و مجاهد. وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ فيه أنواع من الدلالة على وجود الإله الحق و حكمته و قدرته إذ أصل تلك الحركات السريعة و استمرارها و كونها على أقدار مخصوصة و كون بعضها مشرقية و بعضها مغربية و بعضها مائلة إلى الشمال و بعضها مائلة إلى الجنوب مما يدل دلالة قطعية على وجود قادر قاهر كامل في العلم و الحكمة و اللطف و الرحمة كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى قال الرازي فيه قولان الأول قال ابن عباس للشمس مائة و ثمانون منزلا كل يوم لها منزل و ذلك في ستة أشهر ثم إنها تعود مرة أخرى إلى واحد واحد منها في ستة أشهر مرة أخرى و كذلك القمر له ثمانية و عشرون منزلا فالمراد بقوله كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى هذا و تحقيقه أنه تعالى قدر لكل واحد من هذه الكواكب سيرا خاصا إلى جهة خاصة بمقدار خاص من السرعة و البطء و متى كان الأمر كذلك لزم أن يكون لها بحسب كل لحظة و لمحة حال أخرى ما كانت حاصلة قبل ذلك و الثاني المراد كونهما متحركين إلى يوم القيامة و عند مجي‏ء ذلك اليوم تنقطع هذه الحركات كقوله تعالى إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ و إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ و إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ

    يُدَبِّرُ الْأَمْرَ قال البيضاوي أي أمر ملكوته من الإيجاد و الإعدام و الإحياء و الإماتة و غير ذلك يُفَصِّلُ الْآياتِ ينزلها و يبينها مفصلة أو يحدث الدلائل بواحد بعد واحد لَعَلَّكُمْ بِلِقاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ لكي تتفكروا فيها و تتحققوا كمال قدرته فتعلموا أن من قدر على خلق هذه الأشياء و تدبيرها قدر على الإعادة و الجزاء. قوله تعالى وَ لَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً ظاهره جواز الخرق على الأفلاك و إن أمكن أن يكون من قبيل التعليق على المحال وَ لَقَدْ جَعَلْنا فِي السَّماءِ بُرُوجاً أكثر المفسرين حملوه على البروج الاثني عشر المعروفة و قيل هي الكواكب. قال الطبرسي ره أي منازل للشمس و القمر وَ زَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ بالكواكب النيرة عن أبي عبد الله ع و قيل البروج النجوم عن ابن عباس و الحسن و قتادة وَ حَفِظْناها أي السماء مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ رَجِيمٍ أي مرجوم مرمي بالشهاب و قيل ملعون مشئوم و حفظ السماء من الشيطان بالمنع حتى لا يدخلها و لا يبلغ إلى موضع يتمكن فيه من استراق السمع بما أعد له من الشهاب إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ المراد بالسمع المسموع و المعنى إلا من حاول أخذ مسموع من السماء في خفية فَأَتْبَعَهُ أي لحقه شِهابٌ مُبِينٌ أي شعلة نار ظاهر لأهل الأرض بين لمن رآه و نحن في رأي العين نرى كأنهم يرمون بالنجوم و الشهاب عمود من نور يضي‏ء ضياء النار لشدة ضيائه و روي عن ابن عباس أنه قال كان في الجاهلية كهنة و مع كل واحد شيطان فكان يقعد من السماء مقاعد للسمع فيستمع من الملائكة ما هو كائن في الأرض فينزل و يخبر به الكاهن فيفشيه الكاهن إلى الناس فلما بعث الله عيسى ع منعوا من ثلاث سماوات و لما بعث محمدا ص منعوا من السماوات كلها و حرست السماء بالنجوم و الشهاب من معجزات نبينا ص لأنه لم ير   قبل زمانه و قيل إن الشهاب يقتل الشياطين و قيل لا يقتلهم. خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ أي لأمر حق هو العبادة و المعرفة أو على مقدار و شكل و أوضاع و صفات مختلفة قدرها و خصصها بحكمته تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ منها أو مما يفتقر في وجوده أو بقائه إليها و مما لا يقدر على خلقها. وَ عَلاماتٍ عطف على قوله رَواسِيَ في قوله وَ أَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أي ألقى في الأرض و جعل فيها معالم تستدل به السابلة من جبل و منهل و ريح و نحو ذلك وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ بالليل في البراري و البحار و المراد بالنجم الجنس و قيل الثريا و الفرقدان و بنات النعش و الجدي قيل و لعل الضمير لقريش لأنهم كانوا كثير الأسفار للتجارة مشهورين بالاهتداء في مسايرهم بالنجوم و في كثير من الروايات أن العلامات الأئمة ع و النجم رسول الله ص و ضمير هم راجع إلى العلامات باعتبار المعنى و العلى جمع العليا تأنيث الأعلى أي السماوات الرفيعة العالية وَ جَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً أي عن الوقوع بقدرته أو عن الفساد و الانحلال إلى الوقت المعلوم بمشيته أو عن استراق السمع بالشهب وَ هُمْ عَنْ آياتِها أي أحوالها الدالة على وجود الصانع و وحدته و كمال قدرته و تناهي حكمته مُعْرِضُونَ غير متفكرين. يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ قال الطبرسي ره المراد بالطي هنا هو الطي المعروف فإن الله سبحانه يطوي السماء بقدرته و قيل إن طي السماء ذهابها عن الحسن كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ السجل صحيفة فيها الكتب و قيل ملك يكتب أعمال العباد و قيل اسم كاتب كان للنبي ص انتهى. و أقول تدل الآية على حدوث السماوات و إمكان خرقها و زوالها و تغير أحوالها ردا على الحكماء المنكرين لجميع ذلك.

    أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ قال البيضاوي من أن تقع أو كراهة أن تقع بأن خلقها على صورة متداعية إلى الاستمساك إِلَّا بِإِذْنِهِ أي إلا بمشيته و ذلك يوم القيامة و فيه رد لاستمساكها بذاتها فإنها مساوية لسائر الأجسام في الجسمية فتكون قابلة للميل الهابط قبول غيرها انتهى. سَبْعَ طَرائِقَ قال الرازي أي سبع سماوات و إنما قيل طرائق لتطارقها بمعنى كون بعضها فوق بعض يقال طارق الرجل نعليه إذا طبق نعلا على نعل و طارق بين ثوبين إذا لبس ثوبا على ثوب هذا قول الخليل و الزجاج و قال الزجاج هو قوله سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً و قال علي بن عيسى سميت بذلك لأنها طرائق الملائكة في العروج و الهبوط و الطيران و قال آخرون لأنها طرائق الكواكب فيها مسيرها و الوجه في إنعامه علينا بذلك أنه تعالى جعلها موضعا لأرزاقنا بإنزال الماء منها و جعلها مقرا للملائكة و أنها موضع الثواب و لأنها مكان إرسال الأنبياء و نزول الوحي و أما قوله وَ ما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ ففيه وجوه أحدها ما كنا غافلين بل كنا للخلق حافظين من أن تسقط عليهم السبع الطرائق فتهلكهم و ثانيها إنما خلقناها فوقهم لتنزل عليهم الأرزاق و البركات منها و ثالثها أنا خلقنا هذه الأشياء فدل خلقنا لها على كمال قدرتنا ثم بين كمال العلم بقوله وَ ما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ يعني عن أعمالهم و أقوالهم و ضمائرهم و ذلك يفيد نهاية الزجر و رابعها و ما كنا عن خلق السماوات غافلين بل نحن لها حافظون لئلا تخرج عن التقدير الذي أردنا كونها عليه كقوله تعالى ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ انتهى.    تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً قال الرازي البروج هي القصور العالية سميت بروج الكواكب به لأنها لهذه الكواكب كالمنازل لسكانها و اشتقاق البرج من التبرج لظهوره و فيه قول آخر عن ابن عباس أن البروج هي الكواكب العظام و الأول أولى و السراج الشمس انتهى بأمره أي بمحض إرادته وَ رَبُّ الْمَشارِقِ قيل أي مشارق الكواكب أو مشارق الشمس في السنة و هي ثلاثمائة و ستون يشرق كل يوم في واحد و بحسبها تختلف المغارب و لذلك اكتفي بذكرها مع أن الشروق أدل على القدرة و أبلغ في النعمة إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا أي القربى منكم بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ أي بزينة هي الكواكب بالإضافة البيانية أو البدلية على القراءتين وَ حِفْظاً منصوب بإضمار فعله أو العطف على زينة باعتبار المعنى كأنه قال إنا خلقنا الكواكب زينة للسماء وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ خارج من الطاعة يرمى بالشهب. قَراراً أي مستقرا تستقرون عليه وَ السَّماءَ بِناءً أي و جعل السماء بناء مرتفعا فوقها و لو جعلهما رتقا لما أمكن الخلق الانتفاع بما بينهما كَيْفَ بَنَيْناها أي رفعناها بلا عمد وَ زَيَّنَّاها بالكواكب وَ ما لَها مِنْ فُرُوجٍ أي فتوق كسائر الأبنية المبنية من الأحجار و اللبنات بل خلقها ملساء متصلة أو ليس لها فروج ظاهرة مرئية فلا ينافي الأبواب الكائنة فيها و قال الكسائي معناه ليس فيها تفاوت و اختلاف قال الرازي قالت الفلاسفة الآية دالة على أن السماء لا تقبل الخرق و كذلك قالوا في قوله هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ و قوله سَبْعاً شِداداً و تعسفوا فيه لأن قوله تعالى ما لَها مِنْ فُرُوجٍ صريح في عدم ذلك و الإخبار عن عدم شي‏ء لا يكون إخبارا عن عدم إمكانه فإن من قال ما لفلان مال لا يدل على نفي إمكانه ثم إنه تعالى بين خلاف قولهم بقوله وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ و قوله إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ و قوله فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ في مقابلة قوله

    سَبْعاً شِداداً قال فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ إلى غير ذلك و الكل في الرد عليهم صريح و ما ذكروه في الدلالة ليس بظاهر بل و ليس له دلالة خفية أيضا و أما دليلهم المعقول فأضعف و أسخف من تمسكهم بالمنقول. ذاتِ الْحُبُكِ قال البيضاوي ذات الطرائق و المراد إما الطرائق المحسوسة التي هي مسير الكواكب أو المعقولة التي يسلكها النظار و يتوصل بها إلى المعارف أو النجوم فإن لها طرائق أو أنها تزينها كما تزين الموشي طرائق الوشي جمع حبيكة كطريقة و طرق أو حباك كمثال و مثل قال الطبرسي ره أي ذات الطرائق الحسنة لكنا لا نرى تلك الحبك لبعدها عنا و قيل ذات الخلق الحسن المستوي و قيل ذات الحسن و الزينة عن علي ع انتهى. و أقول سيأتي تأويل آخر في الرواية عن الرضا ع. وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ أي أسباب رزقكم أو تقديره و قيل المراد بالسماء السحاب و بالرزق المطر فإنه سبب الأقوات وَ ما تُوعَدُونَ من الثواب لأن الجنة فوق السماء السابعة أو لأن الأعمال و ثوابها مكتوبة مقدرة في السماء بِأَيْدٍ أي بقوة وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ أي لقادرون من الوسع بمعنى الطاقة و الموسع القادر على الإنفاق أو لموسعون السماء أو ما بينها و بين الأرض أو الرزق و قيل أي قادرون على خلق ما هو أعظم منها وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ هو السماء عن علي ع يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً أي تدور دورانا و تضطرب و تموج و تتحرك وَ النَّجْمِ المراد جنس النجم أو الثريا فإنه غلب فيه و أول في بعض الأخبار بالرسول ص إِذا هَوى أي غرب أو انتثر يوم القيامة أو انقض   أو طلع فإنه يقال هوى هويا بالفتح إذا سقط على الأرض أو إذا نمى و ارتفع و على الأخير معراجه أو نزوله ص وَ أَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى إنما خص بالذكر لأن خزاعة كانت تعبدها. وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ قال الرازي المفسرون بأسرهم على أن المراد أن القمر انشق و حصل فيه الانشقاق و دلت الأخبار الصحاح عليه و إمكانه لا يشك فيه و قد أخبر عنه الصادق فيجب اعتقاد وقوعه و حديث امتناع الخرق و الالتئام حديث اللئام و قد ثبت جواز الخرق و التخريب على السماوات انتهى الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ أي يجريان بحساب معلوم مقدر في بروجهما و منازلهما و يتسق بذلك أمور الكائنات السفلية و تختلف الفصول و الأوقات و يعلم السنون و الحساب وَ النَّجْمُ وَ الشَّجَرُ المشهور أن المراد بالنجم النبات الذي ينجم أي يطلع من الأرض و لا ساق له و بالشجر الذي له ساق و قيل المراد بالنجم نجم السماء يَسْجُدانِ أي ينقادان لله فيما يريد بهما طبعا انقياد الساجد من المكلفين طوعا وَ السَّماءَ رَفَعَها خلقها مرفوعة محلا و مرتبة فإنها منشأ أقضيته و منزل أحكامه و محل ملائكته. فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ يعني يوم القيامة فَكانَتْ وَرْدَةً أي فصارت حمراء ثم تجري كَالدِّهانِ و هو جمع الدهن عند انقضاء الأمر و قيل هي كالدهان التي تصب بعضها بألوان مختلفة و قيل الدهان الأديم الأحمر فَلا أُقْسِمُ قيل إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم أو فأقسم و لا مزيدة للتأكيد أو فلأنا أقسم فحذف المبتدأ و أشبع فتحة لام الابتداء بِمَواقِعِ النُّجُومِ أي بمساقطها و تخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها و الدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره أو بمنازلها و مجاريها و قيل النجوم نجوم القرآن و مواقعها أوقات نزولها وَ إِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ لما في المقسم به من الدلالة على عظم القدرة و كمال الحكمة و فرط الرحمة طِباقاً أي مطابقة بعضها فوق بعض مصدر طابقت

    النعل إذا خصفتها طبقا على طبق وصف به أو طوبقت طباقا أو ذات طباق جمع طبق كجبل و جبال و قيل أراد بالمطابقة المشابهة أي يشبه بعضها بعضا في الإحكام و الإتقان ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ أي اختلاف و تناقض من طريق الحكمة بل ترى أفعاله كلها سواء في الحكمة و إن كانت متفاوتة في الصور و الهيئة و قيل معناه ما ترى يا ابن آدم في خلق السماوات من عيب و اعوجاج بل هي مستقيمة مستوية كلها مع عظمها فَارْجِعِ الْبَصَرَ أي فرد البصر و أدرها في خلق الله و استقص في النظر مرة بعد أخرى و التقدير انظر ثم ارجع النظر في السماء و قيل أي قد نظرت إليها مرارا فانظر إليها مرة أخرى متأملا فيها لتعاين ما أخبرت به من تناسبها و استقامتها و استجماعها ما ينبغي لها هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ أي شقوق و فتوق و قيل من وهي و خلل ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ أي ثم كرر النظر مرتين لأن من نظر في الشي‏ء كره بعد أخرى بأن له ما لم يكن بائنا و قيل المراد بالتثنية التكرير و التكثير كما في لبيك و سعديك و لذلك أجاب الأمر بقوله يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً أي بعيدا عن إصابة المطلوب كأنه طرد عنه طردا بالصغار وَ هُوَ حَسِيرٌ كليل من طول المعاودة و كثرة المراجعة وَ لَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ أي بكواكب مضيئة إضاءة السراج. و اعلم أن هاهنا إشكالا مشهورا و هو أنه اتفق أصحاب الهيئة على أنه ليس في السماء الأولى سوى القمر و سائر السيارات كل في فلك و الثوابت كلها في الثامن و الآية الكريمة تدل على أن كلها أو أكثرها في السماء الدنيا و أجيب عنه بوجوه. الأول أن النسبة إليها أنه لما كانت ترى منها فكانت زينة لها كما أن السراج المرئي خلف الزجاج زينة لها أو لأنه بحسب الحس لما كان يتوهم أنه فيها فكأنه زينة لها و هذا الوجه و إن كان أوفق بأصولهم إلا أنه متضمن لتكلف كثير في الآيات. الثاني ما ذكره الرازي في تفسيره و هو أنه لا يبعد وجود كرة تحت كرة   القمر و تكون في البطء مساوية لكرة الثوابت و تكون الكواكب المركوزة فيما يقارن القطبين مركوزة في هذه الكرة السفلية إذ لا يبعد وجود كرتين مختلفتين بالصغر و الكبر مع كونهما متشابهتين في الحركة و على هذا التقدير لا يمتنع أن تكون هذه المصابيح مركوزة في السماء الدنيا فثبت أن مذهب الفلاسفة في هذا الباب ضعيف انتهى. و أقول جملة القول في ذلك أن الحكماء أثبتوا أفلاكا تسعة لأنهم وجدوا أولا لجميع الكواكب حركة سريعة من المشرق إلى المغرب و هي التي بها يتحقق طلوعها و غروبها و بها يتحقق الليل و النهار و هي المسماة بالحركة اليومية و بالحركة الأولى و بحركة الكل فأثبتوا لها فلكا واحدا يشتمل على الجميع ثم وجدوا لكل واحد من الكواكب السبعة المعروفة بالسيارة   حركة من المغرب إلى المشرق مخالفة لحركة آخر منها في السرعة و البطء فأثبتوا لكل واحدة منها فلكا ثم وجدوا لجميع الكواكب التي غير السبعة حركة واحدة غربية بطيئة جدا فأثبتوا لها فلكا على حدة فحصلت تسعة أفلاك لتسعة حركات و هي المسماة بالأفلاك الكلية و أما ترتيب السيارات فالمشهور أن القمر في الفلك الذي هو أقرب إلينا ثم عطارد ثم الزهرة ثم الشمس ثم المريخ ثم المشتري ثم زحل ثم فلك الثوابت ثم الأطلس الذي هو غير مكوكب و ما ورد في لسان الشرع بلفظ السماوات ينزلونها على أفلاك السيارات و بلفظ الكرسي على فلك البروج و هو الثامن و بلفظ العرش على التاسع و استدلوا على الترتيب المذكور بأن زحل يكسف بعض الثوابت فيكون تحتها و ينكسف بالمشتري فيكون فوقه و المشتري ينكسف بالمريخ فهو فوقه و هذه الثلاثة تسمى علوية و أما كون الشمس تحتها فلأن لها اختلاف منظر دون العلوية و أما الزهرة و عطارد فلا جزم بكونهما تحت الشمس أو فوقها إذ لا يكسفها غير القمر و لا يدرك كسفها لشي‏ء من الكواكب لاحتراقها عند مقارنتها و لا يعرف لهما اختلاف منظر أيضا لأنهما لا يبعدان عن الشمس كثيرا و لا يصلان إلى نصف النهار و الآلة التي يعرف بها اختلاف المنظر

    إنما تنصب في سطح دائرة نصف النهار فحكموا بكونهما تحت الشمس استحسانا لتكون متوسطة بين الستة بمنزلة شمسة القلادة و أيدوا ذلك بمناسبات أخر و ذكر الشيخ و بعض من تقدمه أنه رأى الزهرة كشامة على وجه الشمس و بعضهم ادعى أنه رآها و عطارد كشامتين عليها و سميا سفليين لذلك و الزهرة منها فوق عطارد لانكسافها به و القمر تحت الكل لانكساف الكل به. و أما خصوص عدد التسعة فجزم الأكثر بأنه لا أقل منها و المحقق الطوسي ره جوز كونها ثمانية حيث قال في التذكرة و إسناد إحدى الحركتين الأوليين إلى المجموع لا إلى فلك خاص به لم يكن ممتنعا لكنهم لم يذهبوا إلى ذلك و قال صاحب التحفة إني سمعت من الأستاذ أن جواز إسناد إحدى الأوليين إلى المجموع لا إلى فلك خاص بها معلل بجواز اتصال نفس بالثمانية و أخرى بالثامنة و تكون دوائر البروج و المنطقتان مفروضة على محدب الثامنة فقلت فعلى هذا يمكن أن تكون الأفلاك الكلية سبعة فقط بأن تفرض الثوابت مركوزة في ممثل زحل و دوائر البروج على محدبة متحركة بالحركة السريعة دون البطيئة و تتعلق نفس واحدة بمجموع السبعة و تحركه الحركة الأولى و نفس أخرى تعلقت بممثل زحل وحده و تحركه الحركة البطيئة و نفس الثانية تعلقت بخارجه و تحركه الحركة الخاصة و باقي الأفلاك الستة على حالها فاستحسنه و أثنى علي انتهى. و قال المحقق الدواني يجوز أن تكون الأفلاك الكلية اثنين بأن تفرض الأفلاك الخارجة المراكز كلها سوى خارج القمر في ثخن ممثل واحد بحيث لا تكون السطوح التي يثبتونها بين الممثلات إلا بين ذلك الممثل و ممثل القمر فتنحصر الأفلاك الكلية فيهما انتهى هذا هو الكلام في جانب القلة و أما في جانب الكثرة فلا قطع لاحتمال أن يكون كل من الثوابت أو كل طائفة منها في فلك على حدة و أن يكون أفلاكا كثيرة غير مكوكبة هذا ما ذكروه في هذا الباب و لنرجع إلى ما يناسب الكتاب فنقول.   يمكن أن يكون أكثر الكواكب الثابتة و هي التي لم تكن في ممر السيارات في فلك من الأفلاك الجزئية للقمر مساوية حركته لحركة الثوابت فإنهم أثبتوا كلا من تلك الأفلاك الجزئية لدواع دعتهم إلى ذلك مع أنه تلزمهم على ذلك إشكالات لم يمكنهم حلها فلا مانع من إثبات فلك آخر لتصحيح ما في الآيات و الأخبار بحيث لا يخالف قواعدهم المبنية على الظن و التخمين و بالقيد المذكور لا مانع من جهة الانكساف أيضا. الثالث ما خطر بالبال القاصر و هو أن يكون جميع الأفلاك الثمانية التي أثبتوها لجميع الكواكب فلكا واحدا مسمى بالسماء الدنيا و تكون غيرها ستة سماوات أخر غير مكوكبة كما أنهم يثبتون لكل من الكواكب أفلاكا كثيرة جزئية و يعدون الكل فلكا واحدا كليا فلا ينافي شيئا من أصولهم و إنما يخالف مصطلحهم و لا عبرة بمخالفة الاصطلاح و قد ذهب بعض قدماء الحكماء أيضا إلى أن الثوابت في فلك القمر قال بليناس الحكيم في كتاب علل الأشياء هي سبعة أفلاك بعضها في جوف بعض و صارت الأفلاك في كل منها كوكب غير فلك القمر فإن الكواكب تبددت فيه و تقطعت لاختلاطها بكثرة الرياح الصاعدة إليه من قرب الأرض و قال في موضع آخر و أما سماء الدنيا فإنها تبددت كواكبها من قبل حبكها و تدرجها فتقلبت الكواكب فصارت متعلقة بتلك الدرج و قال عند ذكر الملائكة سكان فلك القمر من الروحانيين كثيرة رحمتهم قليلة شرورهم متعطفين على الحيوان مصلحين للنبات دائبين في مسرة بني آدم متصلين بهم فلاتصالهم ربما ظهروا لهم و كلموهم بلا هيبة منهم بالرحمة لهم و بألفة و هم مسلطون على السماء يحرسون السماء من شيطانك و ولده أن يسترقوا السمع من الملائكة الأعلين الروحانيين المتصلين بفلك الشمس و إن الروحانيين الموكلين بالشمس إذا طلعت الشمس من مشرقها كان عندهم الأحداث التي تحدث في العالم في ذلك اليوم كله فشيطانك و ولده يسترقون ما أوحي إلى أولئك الملائكة فالملائكة الذين في فلك القمر يجملون النجوم حتى يصير نارا ثم يرجمونهم بها

    فيهربون منها إلى آخر ما قال. الرابع أن يكون المراد بالكواكب في الآية الكريمة الشهب المنقضة قريبا منها و لما كانت ترى حسا على سطح السماء فهي زينة لها و تؤيده تتمة الآية كما ستعرف. الخامس أن يكون المراد بالدنيا الدنو من الناحية العليا و العرش الأعلى فالمراد بها الفلك الثامن على سياق قوله تعالى دَنا فَتَدَلَّى فإن ترتيب الأفلاك قد يبتدأ مما يلينا فيكون فلك القمر أولها و أدناها و قد يبتدأ به من الجانب الأعلى ففلك الثوابت أول الأفلاك المكوكبة و أدناها من العرش و يرد عليه أن في لسان الشرع يعبر عنه بالكرسي كما مر وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ قال البيضاوي و جعلنا لها فائدة أخرى هي رجم أعدائكم بانقضاض الشهب المسببة عنها و قيل معناها رجوما و ظنونا لشياطين الإنس و هم المنجمون فالرجوم جمع رجم بالفتح و هو مصدر سمي به ما يرجم به وَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ في الآخرة بعد الإحراق بالشهب في الدنيا انتهى و أقول على الاحتمال الرابع لا تحتاج إلى تكلف في ذلك. وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ قال الرازي لنزول الملائكة فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ أي مسترخية ساقطة القوة كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ بعد ما كانت محكمة شديدة كَالْمُهْلِ قيل كدردي الزيت و قيل كعكر القطران سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً قال الرازي هذا يقتضي كون بعضها مطبقا على البعض و هذا يقتضي أن لا يكون هاهنا فرج فالملائكة كيف يسكنون و الجواب أن الملائكة أرواح و أيضا   المراد من كونها طباقا كونها موازية لا أنها متماسة وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً قال البيضاوي أي في السماوات و هو في السماء الدنيا و إنما نسب إليهن لما بينهن من الملابسة وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً مثلها به لأنها تزيل ظلمة الليل عن وجه الأرض كما يزيلها السراج عما حوله وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ أي طلبنا بلوغ السماء أو خبرها و اللمس مستعار من المس للطلب كالجس حَرَساً أي حراسا اسم جمع كالخدم شَدِيداً قويا و هم الملائكة الذين يمنعونهم عنها وَ شُهُباً جمع شهاب و هو المضي‏ء المتولد من النار وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ أي مقاعد خالية عن الحرس و الشهب أو صالحة للرصد و الاستماع و لِلسَّمْعِ صلة لنقعد أو صفة لمقاعد شِهاباً رَصَداً أي شهابا راصدا له و لأجله يمنعه عن الاستماع بالرجم أو ذوي شهاب راصدين على أنه اسم جمع للراصد. طُمِسَتْ أي محقت و أذهب نورها فُرِجَتْ أي شقت سَبْعاً شِداداً أي سبع سماوات أقوياء محكمات لا يؤثر فيها مرور الدهور وَ جَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً متلألئا وقادا أو بالغا في الحرارة و المراد الشمس وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ أي انقضت أو أظلمت وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ أي قلعت و أزيلت كما يكشط الإهاب عن الذبيحة فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ قال الرازي فيه قولان الأول و هو المشهور الظاهر أنها النجوم الخنس جمع خانس و الخنوس الانقباض و الاستخفاء تقول خنس بين القوم و انخنس و الكنس جمع كانس و كانسة يقال كنس إذا دخل الكناس و هو مقر الوحش يقال كنست الظباء في كناسها و تكنست المرأة إذا دخلت هودجها تشبه بالظبي إذا دخل الكناس ثم اختلفوا في خنوس النجوم و كنوسها على ثلاثة أوجه فالقول الأظهر أن ذلك إشارة إلى رجوع الكواكب الخمسة السيارة و استقامتها فرجوعها هو الخنوس و كنوسها اختفاؤها تحت ضوء الشمس و لا شك أن هذه حالة عجيبة و فيها أسرار عظيمة   باهرة

 و القول الثاني ما روي عن علي ع و غيره أنها هي جميع الكواكب

و خنوسها عبارة عن غيبوبتها عن البصر في النهار و كنوسها عن ظهورها للبصر في الليل أي تظهر في أماكنها كالوحش في كنسها و القول الثالث أن السبعة السيارة تختلف مطالعها و مغاربها على ما قال تعالى بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَ الْمَغارِبِ و لا شك أن فيها مطلعا واحدا و مغربا واحدا هما أقرب المطالع و المغارب إلى سمت رأسنا ثم إنها تأخذ في التباعد من ذلك المطلع إلى سائر المطالع طول السنة ثم ترجع إليها فخنوسها عبارة عن تباعدها عن ذلك المطلع و كنوسها عبارة عن عودها إليه فعلى القول الأول يكون القسم واقعا بالخمسة المتحيرة و على الثاني بجميع الكواكب و على الثالث بالسبعة السيارة. و القول الثاني أنها بقر الوحش و قال ابن جبير هي الظباء و على هذا الخنس من الخنس في الأنف و هو تقعير فيه فإن البقر و الظباء أنوفها على هذه الصفة و الكنس جمع كانس و هي التي تدخل الكناس و القول هو الأول لأنه أنسب بما بعده و لأن محل قسم الله كلما كان أعظم و أعلى رتبة كان أولى انتهى. و أقول الخمسة المتحيرة هي ما خلا الشمس و القمر من السبعة السيارة و إنما سميت متحيرة لكونها في حركاتها الخاصة تارة مستقيمة ترى متحركة من المغرب إلى المشرق و تارة واقفة و تارة راجعة كالمتحير في أمره و لذا أثبتوا لها تداوير لظنهم عدم الاختلاف في حركات فلك واحد. قوله تعالى إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ قال الرازي أي انشقت وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ إذ عند انتقاض تركيب السماء لا بد من انتشار الكواكب على تخوم الأرض و الفلاسفة ينكرون إمكان الخرق و الالتئام على الأفلاك و دليلنا على   إمكان ذلك أن الأجسام متماثلة في كونها أجساما فوجب أن يصح على كل واحد منها ما يصح على الآخر و إنما قلنا إنها متماثلة لأنه يصح تقسيمها إلى السماويات و الأرضيات و مورد التقسيم مشترك بين القسمين فالعلويات و السفليات مشتركة في أنها أجسام و إنما قلنا إنه متى كان كذلك وجب أن يصح على العلويات ما يصح على السفليات لأن المتماثلات حكمها واحد فما صح حكمه على كل واحد منها وجب أن يصح على الباقي و قال في قوله سبحانه إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ قد مر شرحه في مواضع

 و عن علي ع أنها تنشق من المجرة

 وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها أي استمعت له و المعنى أنه لم يوجد في جرم السماء ما يمنع من تأثير قدرة الله في شقها و تفريق أجزائها فكانت في قبول ذلك التأثير كالعبد الطائع الذي إذا ولي عليه الأمر من جهة المالك أنصت له و أذعن و لم يمتنع فكذلك قوله قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ يدل على نفوذ القدرة في الإيجاد و الإبداع من غير مانع أصلا كما أن قوله هاهنا وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها يدل على نفوذ القدرة في التفريق و الإعدام و الإفناء من غير ممانعة أصلا و أما قوله وَ حُقَّتْ فهو من قولك هو محقوق بكذا و حقيق به يعني و هي حقيقة بأن تنقاد و لا تمتنع و ذلك لأنه جسم و كل جسم ممكن لذاته و كل ممكن لذاته فإن الوجود و العدم بالنسبة إليه على السوية و كل ما كان كذلك فإن ترجيح عدمه على وجوده لا بد و أن يكون بتأثير واجب الوجود و ترجيحه فيكون تأثير قدرته في إيجاده و إعدامه نافذا ساريا من غير ممانعة أصلا و أما الممكن فليس له إلا القبول و الاستعداد و مثل هذا الشي‏ء حقيق به أن يكون قابلا للوجود تارة و للعدم أخرى من واجب الوجود و قال   في قوله تعالى وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ ثلاثة أقوال أحدها أنها هي البروج الاثنا عشر و إنما حسن القسم بها لما فيها من عجيب الحكمة و ذلك لأن سير الشمس فيها و لا شك أن مصالح العالم السفلي مرتبطة بسير الشمس فدل ذلك على أن لها صانعا حكيما و ثانيها أن البروج هي منازل القمر و إنما حسن القسم بها لما في سير القمر و حركته من الآثار العجيبة و ثالثها أن البروج هي عظام الكواكب سميت بروجا لظهورها انتهى. و أقول في بعض الأخبار تأويل السماء بسيد الأنبياء ص و البروج بالأئمة الاثني عشر ع. وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ قال الرازي أما الطارق فهو كل ما أتاك ليلا سواء كان كوكبا أو غيره وَ ما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ قال سفيان بن عيينة كل شي‏ء في القرآن ما أَدْراكَ فقد أخبر الرسول ص به و كل شي‏ء فيه ما يُدْرِيكَ لم يخبر به كقوله وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ثم قال النَّجْمُ الثَّاقِبُ أي هو طارق رفيع الشأن و هو النجم الذي يهتدى به في ظلمات البر و البحر و يوقف به على أوقات الأمطار و وصف بكونه ثاقبا لوجوه أحدها أنه يثقب الظلام بضوء ينفذ فيه و ثانيها أنه يطلع من المشرق نافذا في الهواء كالشي‏ء الذي يثقب الشي‏ء و ثالثها أنه الذي يرمى به الشيطان فيثقبه أي ينفذ فيه و يحرقه و رابعها قال الفراء هو النجم المرتفع على النجوم و العرب تقول للطائر إذا لحق ببطن السماء ارتفاعا قد ثقب و اختلفوا في النجم قال بعضهم أشير به إلى جماعة النجوم كما قيل إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ و قال آخرون إنه نجم بعينه قال ابن زيد إنه الثريا و قال الفراء إنه زحل لأنه يثقب بنوره سمك سبع سماوات و قال آخرون إنه الشهب التي ترجم بها الشياطين لقوله تعالى فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ

    وَ السَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ قال الطبرسي ره أي ذات المطر عن أكثر المفسرين و قيل يعني بالرجع شمسها و قمرها و نجومها تغيب ثم تطلع و قيل رجع السماء إعطاؤها الخير الذي يكون من جهتها حالا بعد حال على مرور الأزمان فترجع بالغيث و أرزاق العباد و غير ذلك انتهى. و أقول لا يبعد أن يكون إشارة إلى رجوع المتحيرة كما عرفت. وَ إِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ أي رفعا بعيد المدى بلا إمساك و بغير عمد وَ ما بَناها أي و من بناها. تذييل قال الرازي اعلم أن منافع النجوم كثيرة منها أنه زين الله السماء بها و منها أنه يحصل بسببها في الليل قدر من الضوء و لذلك فإنه إذا تكاثفت السحاب في الليل عظمت الظلمة و ذلك بسبب أن السحاب يحجب أنوارها و منها أنه يحصل بسببها تفاوت في أحوال الفصول الأربعة فإنها أجسام عظيمة نورانية فإذا قاربت الشمس كوكبا مسخنا في الصيف صار أقوى حرا و هي مثل نار تضم إلى نار أخرى فإنه لا شك أنه يكون الأثر الحاصل من المجموع أقوى و منها أنه تعالى جعلها علامات يهتدى بها في ظلمات البر و البحر على ما قال تعالى وَ عَلاماتٍ وَ بِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ و منها أنه تعالى جعلها رجوما للشياطين الذين يخرجون الناس من نور الإيمان إلى ظلمة الكفر يروى أن السبب في ذلك أن الجن كانت تسمع بخبر السماء فلما بعث محمد ص حرست السماء و رصدت الشياطين فمن جاء منهم مسترقا للسمع رمي بشهاب فأحرقه لئلا ينزل به إلى الأرض فيلقيه إلى الناس فيخلط على النبي أمره و يرتاب الناس بخبره و هذا هو السبب في انقضاض الشهب فهذا هو المراد من قوله تعالى وَ جَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ و من الناس من طعن في هذا من وجوه.   أحدها أن انقضاض الكواكب مذكور في كتب قدماء الفلاسفة قالوا إن الأرض إذا سخنت بالشمس ارتفع منها بخار يابس فإذا بلغ النار التي دون الفلك احترق بها فتلك الشعلة هي الشهاب. و ثانيها أن هؤلاء الجن كيف يجوز أن يشاهدوا واحدا و ألفا من جنسهم يسترقون السمع فيحترقون ثم إنه مع ذلك يعودون لمثل صفتهم فإن العاقل إذا رأى الهلاك في شي‏ء مرة و مرارا امتنع أن يعود إليه من غير فائدة. و ثالثها أنه يقال في ثخن السماء مسيرة خمسمائة عام فهؤلاء الجن إن نفذوا في جرم السماء و خرقوا اتصاله فهذا باطل لأنه تعالى نفى أن يكون فيها فطور على ما قال فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ و إن كانوا لا ينفذون في جرم السماء فكيف يمكنهم أن يسمعوا أسرار الملائكة من ذلك البعد العظيم فلم لا يسمعون كلام الملائكة حال كونهم في الأرض. و رابعها أن الملائكة إنما اطلعوا على الأحوال المستقبلة إما لأنهم طالعوها من اللوح المحفوظ أو لأنهم يتلقونها من وحي الله تعالى إليهم و على التقديرين فلم لا يمسكون عن ذكرها حتى لا يتمكن الجن من الوقوف عليها. و خامسها أن الشياطين مخلوقون من النار و النار لا تحرق النار بل تقويها فكيف يحتمل أن يقال الشيطان زجر من استراق السمع بهذه الشهب. و سادسها أنه إن كان هذا القذف لأجل النبوة فلم دام بعد وفاة الرسول ص. و سابعها أن هذه الرجوم إنما تحدث بالقرب من الأرض بدليل أنا نشاهد حركاتها بالغة و لو كانت قريبة من الفلك لما شاهدنا حركاتها كما لم نشاهد   حركات الكواكب و إذا ثبت أن هذه الشهب إنما تحدث بالقرب من الأرض فكيف يقال إنها تمنع الشياطين من الوصول إلى الفلك. و ثامنها أن هؤلاء الشياطين لو كان يمكنهم أن ينقلوا أخبار الملائكة من المغيبات إلى الكهنة فلم لا ينقلون أسرار المؤمنين إلى الكفار حتى يتوسل الكفار بواسطة وقوفهم على أسرارهم إلى إلحاق الضرر بهم. و تاسعها لم لم يمنعهم الله ابتداء من الصعود إلى السماء حتى لا يحتاج في دفعهم عن السماء إلى هذه الشهب. و الجواب عن السؤال الأول أنا لا ننكر أن هذه الشهب كانت موجودة قبل مبعث النبي ص و قد يوجد بسبب آخر و هو دفع الجن و زجرهم

 يروى أنه قيل للزهري أ كان يرمى في الجاهلية قال نعم قال أ فرأيت قوله تعالى أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً قال غلظت و شدد أمرها حين بعث النبي ص

و الجواب عن السؤال الثاني أنه إذا جاء القدر عمي البصر فإذا قضى الله على طائفة منهم الحرق لطغيانها و ضلالها قيض لها من الدواعي المطمعة في درك المقصود ما عندها يقدم على العمل المفضي إلى الهلاك و البوار. و الجواب عن السؤال الثالث أن البعد بين الأرض و السماء مسيرة خمسمائة عام فأما ثخن الفلك فلعله لا يكون عظيما. و الجواب عن السؤال الرابع

 ما روى الزهري عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع عن ابن عباس قال بينا رسول الله ص جالسا في نفر من أصحابه إذ رمي بنجم فاستنار فقال ما كنتم تقولون في الجاهلية إذا حدث مثل هذا قالوا كنا نقول يولد عظيم أو يموت عظيم قال النبي ص فإنها لا ترمى لموت أحد و لا لحياته و لكن ربنا تعالى إذا قضى الأمر في السماء سبحت حملة   العرش ثم سبح أهل السماء و سبح كل سماء حتى ينتهي التسبيح إلى هذه السماء و يستخبر أهل السماء حملة العرش ما ذا قال ربكم فيخبرونهم و لا يزال ينتهي ذلك الخبر من سماء إلى سماء إلى أن ينتهي الخبر إلى هذه السماء و يتخطف الجن فيرمون فما جاءوا به فهو حق و لكنهم يزيدون فيه

و الجواب عن السؤال الخامس أن النار قد تكون أقوى من نار أخرى فالأقوى تبطل الأضعف. و الجواب عن السؤال السادس أنه إنما دام لأنه ص أخبر ببطلان الكهانة فلو لم يدم هذا القذف لعادت الكهانة و ذلك يقدح في خبر الرسول ص عن بطلان الكهانة. و الجواب عن السؤال السابع أن البعد على مذهبنا غير مانع من السماع فلعله تعالى أجرى عادته بأنهم إذا وقعوا في تلك المواضع سمعوا كلام الملائكة. و الجواب عن السؤال الثامن لعله تعالى أقدرهم على استماع الغيوب عن الملائكة و أعجزهم عن إيصال أسرار المؤمنين إلى الكافرين. و الجواب عن السؤال التاسع أنه تعالى يَفْعَلُ ما يَشاءُ و يَحْكُمُ ما يُرِيدُ فهذا ما يتعلق بهذا الباب على سبيل الاختصار انتهى.   و أقول الأصوب في الجواب عن الثالث أن يقال قد ظهر أن للسماء أبوابا يصعد منها الملائكة و صعد منها نبينا ص و عيسى و إدريس ع بل أجساد سائر الأنبياء و الأوصياء بعد وفاتهم على قول و قد ورد في الأخبار أن الجن كانوا يصعدون قبل عيسى ع إلى ما تحت العرش و بعد بعثته كانوا يصعدون إلى الرابعة و بعد بعثة النبي ص منعوا عن صعود السماء مطلقا بالشهب فصعودهم إما من أبوابها أو لكونهم أجساما لطيفة يمكنهم النفوذ في جرمها و لعل المراد بالفطور فيها أن ترى فيها شقوق و ثقب أو تنهدم و تنحل أجزاؤها فلا إشكال في ذلك

1-  العلل، و العيون، و الخصال، في خبر الشامي عن أمير المؤمنين ع أنه سأله مم خلق السماوات قال من بخار الماء و سأله عن سماء الدنيا مما هي قال من موج مكفوف و سأله كم طول الكواكب و عرضه قال اثنا عشر فرسخا في اثني عشر فرسخا و سأله عن ألوان السماوات السبع و أسمائها فقال له اسم السماء الدنيا رفيع و هي من ماء و دخان و اسم السماء الثانية قيدوم و هي على لون النحاس و السماء الثالثة اسمها الماروم و هي على لون الشبه و السماء الرابعة اسمها أرفلون و هي على لون الفضة و السماء الخامسة اسمها هيعون و هي على لون الذهب و السماء السادسة اسمها عروس و هي ياقوتة خضراء و السماء السابعة اسمها عجماء و هي درة بيضاء الخبر

 بيان من موج مكفوف أي من جسم مواج ممنوع من السيلان بقدرته سبحانه أو بأن أجمدها بعد ما كانت سيالة و يحتمل أن يكون كناية عن كونها مخلوقة من جسم لطيف قد استقر في محله و لا ينزل و لا يسيل أو موجها كناية عن تلألؤ الكواكب فيها بناء على أنها فيها و يمكن أن يكون المقدار المذكور للكوكب لأصغر الكواكب التي في المجرة إذ المرصودة منها على المشهور أكبر من ذلك بكثير بل ما سوى القمر و السفليين أكبر من الأرض بأضعافها و   قد أول بعض السالكين مسالك الفلاسفة اختلاف الألوان الوارد في هذا الخبر باختلاف أنواعها و طبائعها فإنهم يقولون ليس للسماوات لون كما ستعرف إن شاء الله و ذكر السيد الداماد ره لتقدير الكواكب تأويلا غريبا أوردته في مقام آخر و إن كانت أقوالهم في أمثال ذلك لم تورث إلا ظنا

2-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لما أسري بي إلى السماء رأيت في السماء السابعة بحارا من نور يتلألأ يكاد تلألؤها يخطف بالأبصار و فيها بحار من ظلمة و بحار ثلج ترعد الخبر

 بيان ترعد أي يظهر منها صوت الرعد أو على بناء المجهول أي تضطرب

3-  العلل، عن علي بن أحمد بن محمد عن الكليني عن علان رفعه قال سأل يهودي أمير المؤمنين ع لم سميت السماء سماء قال لأنها وسم الماء يعني معدن الماء الخبر

 بيان فسر الوسم بالمعدن لأن معدن كل شي‏ء علامة حصوله و لعله مبني على الاشتقاق الكبير لأن الوسم من معتل الفاء و السماء على المشهور من معتل اللام من السمو و هو الرفعة أو هو على القلب كما أن الاسم أيضا من السمو

4-  العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن أحمد بن النضر عن محمد بن مروان عن جرير عن الضحاك بن مزاحم قال سئل علي ع عن الطارق قال هو أحسن نجم في السماء و ليس يعرفه الناس و إنما سمي الطارق لأنه يطرق نوره سماء سماء إلى سبع سماوات ثم يطرق راجعا حتى يرجع إلى مكانه

    -5  الإحتجاج، عن الأصبغ قال سأل ابن الكواء أمير المؤمنين ع عن المجرة التي تكون في السماء قال هي شرج السماء و أمان لأهل الأرض من الغرق و منه أغرق الله قوم نوح بِماءٍ مُنْهَمِرٍ الخبر

 بيان الشرج اسم للمجرة و لعلهم شبهوها بالعرى التي في الكيس و العيبة تشد بها أو بمجرى الماء لأنها مجراه حقيقة كما في الخبر أو لأنها شبيهة بالنهر في وسط الوادي قال الفيروزآبادي الشرج محركة العرى و منفسخ الوادي و مجرة السماء و انشقاق في القوس و الشرج الفرقة و مسيل ماء من الجرة إلى السهل و شد الخريطة و قال الجوهري شرج العيبة بالتحريك عراها و قد أشرجت العيبة إذا داخلت بين أشراجها و مجرة السماء تسمى شرجا

6-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه عن ابن أبي عمير عمن حدثه عن أبي عبد الله ع في خبر إدريس ع أنه قال ملك الموت غلظ السماء الرابعة مسيرة خمسمائة عام و من السماء الرابعة إلى السماء الثالثة مسيرة خمسمائة عام و من السماء الثالثة إلى الثانية مسيرة خمسمائة عام و كل سماء و ما بينهما كذلك الخبر

7-  العلل، في خبر يزيد بن سلام أنه سأل النبي ص ما بال النجوم تستبين صغارا و كبارا و مقدار النجوم كلها سواء قال لأن بينها و بين سماء الدنيا بحارا يضرب الريح أمواجها فلذلك تستبين صغارا و كبارا و مقدار النجوم كلها سواء الخبر

    بيان لعل غرض السائل السؤال عن علة كون النجم الواحد يرى في بعض الأحيان أصغر و في بعضها أكبر مع أن مقداره في جميع الأحوال واحد كما أن كلا من الشمس و القمر إذا كان عند الأفق أو قريبا منه يرى أكبر منه إذا كان في قريب سمت الرأس لكثرة الأبخرة و انعطاف الأشعة البصرية عند وصولها إلى الملإ الغليظ كما بين في علم المناظر و يحتمل أن تكون البحار كناية عن الأبخرة

8-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه و يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع هذه النجوم التي في السماء مدائن مثل المدائن التي في الأرض مربوطة كل مدينة إلى عمود من نور طول ذلك العمود في السماء مسيرة مائتين و خمسين سنة

 أقول سيجي‏ء خبر الحسين بن خالد عن الرضا ع في باب صفة الأرضين

9-  التوحيد، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد الأشعري عن السياري عن عبد الله بن حماد عن جميل قال سألت أبا عبد الله ع هل في السماء بحار قال نعم أخبرني أبي عن أبيه عن جده ع قال قال رسول الله ص إن في السماوات السبع لبحارا عمق أحدها مسيرة خمسمائة عام الخبر

10-  منتخب البصائر، عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن الحسين عن علي بن الريان عن عبيد الله بن عبد الله الدهقان عن أبي الحسن الرضا ع قال سمعته يقول إن لله خلف هذه النطاق زبرجدة خضراء منها اخضرت السماء قلت و ما النطاق قال الحجاب و لله عز و جل وراء ذلك سبعون ألف عالم أكثر من عدد الجن و الإنس و كلهم يلعن فلانا و فلانا

11-  إرشاد المفيد، روى أبو بصير عن أبي جعفر ع في حديث طويل أنه   قال إذا قام القائم ع سار إلى الكوفة فهدم بها أربعة مساجد و لم يبق مسجد على أهل الأرض له شرف إلا هدمها و جعلها جماء و وسع الطريق الأعظم و كسر كل جناح خارج عن الطريق و أبطل الكنف و الميازيب إلى الطرقات و لا يترك بدعة إلا أزالها و لا سنة إلا أقامها و يفتتح قسطنطنية و الصين و جبال الديلم فيمكث على ذلك سبع سنين مقدار كل سنة عشر سنين من سنيكم هذه ثم يفعل الله ما يشاء قال قلت له جعلت فداك فكيف تطول السنون قال يأمر الله تعالى الفلك باللبوث و قلة الحركة فتطول الأيام لذلك و السنون قال قلت له إنهم يقولون إن الفلك إن تغير فسد قال ذلك قول الزنادقة فأما المسلمون فلا سبيل لهم إلى ذلك و قد شق الله القمر لنبيه ص و رد الشمس من قبله ليوشع بن نون و أخبر بطول يوم القيامة و أنه كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ

12-  كتاب النجوم، روى ابن جمهور العمي في كتاب الواحدة في أوائل أخبار مولانا الحسن بن علي ع من خطبة له في صفة النجوم ما هذا لفظه ثم أجرى في السماء مصابيح ضوؤها في مفتحه و حارثها بها و جال شهابها من نجومها الدراري المضيئة التي لو لا ضوؤها ما أنفذت أبصار العباد في ظلم الليل المظلم بأهواله المدلهم بحنادسه و جعل فيها أدلة على منهاج السبل لما أحوج إليه الخليقة من الانتقال و التحول و الإقبال و الإدبار

13-  كتاب الغارات، لإبراهيم الثقفي بإسناده عن أبي عمران الكندي قال سأل ابن الكواء أمير المؤمنين ع عن قوله تعالى وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ قال ذات الخلق الحسن قال فما المجرة قال يا ويلك سل تفقها و لا تسأل   تعنتا يا ويلك سل عما يعنيك قال فو الله إن ما سألتك عنه ليعنيني قال إنها شرج السماء و منها فتحت السماء بِماءٍ مُنْهَمِرٍ زمن الغرق على قوم نوح ع قال فكم بين السماء و الأرض قال مد البصر و دعوة بذكر الله فيسمع لا نقول غير ذلك

 بيان لا نقول غير ذلك أي لا نخبر الخلق بمقدار ذلك إذ لا مصلحة لهم في ذلك فيدل على أن التفكر في أمثال ذلك ممنوع منه و ليس كما تزعمه الفلاسفة أنها كمال النفس و لا بد للإنسان في تحصيل السعادات الأبدية من النظر فيها

14-  الغارات، بإسناده عن ابن نباتة قال سئل أمير المؤمنين ع كم بين السماء و الأرض قال مد البصر و دعوة المظلوم و سئل كم بين المشرق و المغرب قال يوم طراد الشمس و سئل عن المجرة فقال أبواب السماء فتحها الله على قوم نوح ثم أغلقها فلم يفتحها و سئل عن القوس فقال أمان الأرض كلها من الغرق إذا رأوا ذلك في السماء الخبر

 بيان يوم طراد أي تام أو قصير أو يوم يجري فيه الشمس قال في القاموس الطريد من الأيام الطويل كالطراد و الطريدان الليل و النهار و ككتاب رمح قصير و مطاردة الأقران حمل بعضهم على بعض و هم فرسان الطراد و اطرد الأمر تبع بعضه بعضا و جرى انتهى و اعلم أن الحكماء اختلفوا في المجرة فقيل احتراق حدث من الشمس في تلك الدائرة في بعض الأزمان السالفة و أورد عليه أنه مخالف لقواعدهم التي منها عدم كون الشمس موصوفة بالحرارة   و الإحراق و منها عدم كون الفلك قابلا للتأثر و قيل بخار دخاني واقع في الهواء و أورد عليه بأنه لو كان كذلك لكان يختلف في الصيف و الشتاء و قيل هي كواكب صغار متقاربة متشابكة لا تتمايز حسا بل هي لشدة تكاثفها و صغرها صارت كأنها لطخات سحابية و هذا أقرب الوجوه

15-  العلل، لمحمد بن علي بن إبراهيم معنى السماء أنها ارتفعت أي سمت من السمو و معنى الأرض أنها انخفضت و كل شي‏ء انخفض فهو أرض

16-  النهج، ]نهج البلاغة[ قال ع اللهم رب السقف المرفوع و الجو المكفوف الذي جعلته مغيضا لليل و النهار و مجرى للشمس و القمر و مختلفا للنجوم السيارة و جعلت سكانه سبطا من ملائكتك لا يسأمون من عبادتك و رب هذه الأرض التي جعلتها قرارا للأنام و مدرجا للهوام و الأنعام و ما لا يحصى مما يرى و مما لا يرى و رب الجبال الرواسي التي جعلتها للأرض أوتادا و للخلق اعتمادا

 بيان السقف المرفوع السماء و الجو الهواء و ما بين السماء و الأرض و كفه أي جمعه و ضم بعضه إلى بعض و فسر بعضهم الجو المكفوف بالسماء أيضا و الظاهر أن المراد به هنا الهواء بين السماء و الأرض فإنه مكفوف بالسماء و قد ورد في الدعاء و سد الهواء بالسماء و غاض الماء يغيض غيضا نضب و قل و كون السماء مغيضا لليل و النهار و الشمس و القمر ظاهر لأنها فيها تغيب و أما الجو المكفوف فإن فسر بالسماء فظاهر أيضا و إن فسر بالهواء فلكون آثارها تظهر فيه و يرى بحسب الحس كذلك و قيل المراد به الهواء و الفضاء بين السماوات فإنه مكفوف بها و يمكن حمله على البعد الموجود أو الموهوم الذي هو مكان الفلك و كفها تحديدها و ضبطها بالسماوات و يمكن جعل الموصول صفة لمجموع السقف و الجو لاتصالهما بعدهما شيئا واحدا فإن المجموع محل لتلك الآثار و الأجرام في الجملة و مختلفا للنجوم السيارة و قال ابن ميثم المراد بالجو السماء و كونه   مغيضا لليل و النهار لأن الفلك بحركته المستلزمة لحركة الشمس على وجه الأرض يكون سببا لغيبوبة الليل و عن وجهها لغيبوبة النهار فكان كالمغيض لهما و قيل جعلته مغيضا أي غيضة لهما و هي في الأصل الأجمة كما يجتمع فيها الماء فتسمى غيضة و ينبت فيها الشجر كأنه جعل الفلك كالغيضة و الليل و النهار كالشجر النابت فيها و قال الكيدري في شرحه المغيض الموضع الذي يغيض فيه الماء أي ينضب و يقل و جعل السماء و الفلك مغيضا لليل و النهار مجازا أي ينقص الله الليل مرة و النهار أخرى و إن زاد في الآخر و ذلك بحسب جريان الشمس و قال الجو المكفوف كأنه أراد الهواء المحدود الذي ينتهي حده إلى السماء و الجو ما بين السماء و الأرض كأنه كف أي منع من تجاوز حديه و قال أبو عمرو الجو ما اتسع من الأودية و كل مستدير فهو كفة بالكسر كأنه أراد الهواء الذي هو على هيئة المستدير لأنه داخل الفلك الكروي الشكل أو أراد بالجو الفلك العريض الواسع و بالمكفوف ما كان عليه كفة من المجرة و النيرات فيكون من كفة الثوب أو أراد بالمكفوف الفلك المحكم الخلق الشديد المتبرئ عن الخلل و الفطور من قولهم عيبة مكفوفة أي مشرجة مشدودة انتهى. و الاختلاف التردد و حمله على اختلاف الفصول بعيد و السبط بالكسر الأمة و القبيلة لا يسأمون أي لا يملون قرارا أي محل استقرار و درج كقعد أي مشى و الهوام الحشرات و قال ابن ميثم قال بعض العلماء من أراد أن يعرف حقيقة قوله ع مما يرى و مما لا يرى فليوقد نارا صغيرة في فلاة في ليلة صيفية و ينظر ما يجتمع عليها من غرائب أنواع الحيوان العجيبة الخلق لم يشاهدها هو و لا غيره و أقول يحتمل أن يراد ما ليس من شأنه الرؤية لصغره أو لطافته كالملك و الجن و الاعتماد الاتكاء و الاتكال إذ الجبال مساكن لبعضهم و منها تحصل منافعهم

17-  النهج، ]نهج البلاغة[ عن نوف البكالي عن أمير المؤمنين ع أنه قال في خطبة   فمن شواهد خلقه خلق السماوات موطدات بلا عمد قائمات بلا سند دعاهن فأجبن طائعات مذعنات غير متلكئات و لا مبطئات و لو لا إقرارهن له بالربوبية و إذعانهن بالطواعية لما جعلهن موضعا لعرشه و لا مسكنا لملائكته و لا مصعدا للكلم الطيب و العمل الصالح من خلقه جعل نجومها أعلاما يستدل بها الحيران في مختلف فجاج الأقطار لم يمنع ضوء نورها ادلهمام سجف الليل المظلم و لا استطاعت جلابيب سواد الحنادس أن ترد ما شاع في السماوات من تلألؤ نور القمر إلى آخر الخطبة

 توضيح المراد بشواهد الخلق آيات الإبداع و علامات التدبير المحكم أو ما يشهد من الخلق بوجوده سبحانه و تدبيره و علمه أو ما حضر من خلقه أي ظهر وجوده بحيث لا يمكن لأحد إنكاره من علامات التدبير و وطدت كوعدت أطدها طدة و وطدتها توطيدا إذا أثبتها بالوطء أو غيره حتى تتصلب و توطيد السماوات إحكام خلقها و إقامتها في مقامها على وفق الحكمة و العمد بالتحريك جمع عماد بالكسر و هو ما يسند به أو جمع عمود و السند بالتحريك ما استندت إليه و اتكأت من حائط و غيره و الطائع المنقاد السلس و أذعن أي انقاد و لم يستعص و تلكأ أي توقف و اعتل و الطواعية كثمانية الطاعة و لعل المراد بالملائكة المقربون أو الأكثر لأن منهم من يسكن الهواء و الأرض و الماء و صعود الكلم الطيب و العمل الصالح صعود الكتبة بصحائف أعمال العباد إلى السماوات و فيه إشارة إلى قوله سبحانه إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ و إجابتهن إشارة إلى قوله تعالى ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَ هِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ و قد مر الكلام في تأويل الآية و قيل هنا إقرارهن بالربوبية له راجع إلى شهادة حال الممكن للحاجة إلى الرب و الانقياد لحكم   قدرته و ظاهر أنه لو لا إمكانها و انفعالها عن قدرته و تدبيره لم يكن فيها عرش و لم يكن مسكنا للملائكة و لا مصعدا للكلم الطيب و العمل الصالح من الخلق انتهى. و أما تخصيصه ع السماوات بالطاعة مع اشتراك الأرض لها في ذلك في الآية فلعله لكونها أكثر طاعة لكون مادتها أقبل أو لشرفها و العلم بالتحريك ما يهتدى به و المختلف الاختلاف أي التردد أو موضعه أو هو من المخالفة و الفج الطريق الواسع بين جبلين و القطر الجانب و الناحية فالمعنى يستدل بها الحيارى في التردد في فجاج الأقطار أو في اختلاف الفجاج الموجودة في الأقطار و ذهاب كل منها إلى جهة غير ما يذهب إليه الآخر كاختلاف القوم في الآراء و السجف بالكسر و بالفتح الستر و الجلباب بالكسر ثوب واسع تغطي به المرأة ثيابها كالملحفة و قيل هو الخمار و قيل القميص و الحندس كزبرج الشديد الظلمة و شاع الشي‏ء يشيع أي ظهر و ذاع و فشا و تلألأ القمر و البرق أي لمع

18-  كتاب المثنى بن الوليد الحناط، عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سألته عن السماوات السبع فقال سبع سماوات ليس منها سماء إلا و فيها خلق و بينها و بين الأخرى خلق حتى ينتهي إلى السابعة قلت و الأرض قال سبع منهن خمس فيهن خلق من خلق الرب و اثنتان هواء ليس فيهما شي‏ء

19-  كتاب زيد النرسي، عن أبي عبد الله ع قال إذا نظرت إلى السماء فقل و ذكر الدعاء إلى قوله اللهم رب السقف المرفوع و البحر المكفوف و الفلك المسجور و النجوم المسخرات و رب هور بن   إيسية صل على محمد و آل محمد و عافني من كل عقرب و حية إلى آخر الدعاء قال قلت و ما هور بن إيسية قال كوكبة في السماء خفية تحت الوسطى من الثلاث الكواكب التي في بنات نعش المتفرقات ذلك أمان ما قلت

20-  الدر المنثور، نقلا من سبعة من كتبهم عن ابن مسعود قال ما بين السماء و الأرض مسيرة خمسمائة عام و ما بين كل سماءين خمسمائة عام و غلظ كل سماء و أرض مسيرة خمسمائة عام و ما بين السماء السابعة إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام و ما بين الكرسي و الماء مسيرة خمسمائة عام و العرش على الماء

21-  الكافي، عن علي بن إبراهيم عن صالح بن السندي عن جعفر بن بشير عن عنبسة عن جابر عن أبي جعفر ع قال إن الله عز ذكره إذا أراد فناء دولة قوم أمر الفلك فأسرع السير فكانت على مقدار ما يريد

 بيان أمر الفلك لعله كناية عن تسبيب أسباب زوال دولتهم على الاستعارة التمثيلية و يحتمل أن يكون لكل دولة فلك سوى الأفلاك المعروفة الحركات و قد قدر لدولتهم عدد من الدورات فإذا أراد الله إطالة مدتهم أمر بإبطائه في الحركة و إذا أراد سرعة فنائها أمر بإسراعه

22-  الكافي، عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن عنبسة بن بجاد العابد عن جابر عن أبي جعفر ع قال كنا عنده و ذكروا سلطان بني أمية فقال أبو جعفر ع لا يخرج على هشام أحد إلا قتله قال و ذكر ملكه عشرين سنة قال فجزعنا فقال ما لكم إذا أراد الله عز و جل أن يهلك سلطان قوم أمر الملك فأسرع بسير الفلك فقدر على ما يريد الخبر

23-  توحيد المفضل، قال قال الصادق ع فكر يا مفضل في النجوم   و اختلاف مسيرها فبعضها لا تفارق مراكزها من الفلك و لا تسير إلا مجتمعة و بعضها مطلقة تنتقل في البروج و تفترق في مسيرها فكل واحد منها يسير سيرين مختلفين أحدهما عام مع الفلك نحو المغرب و الآخر خاص لنفسه نحو المشرق كالنملة التي تدور على الرحى فالرحى تدور ذات اليمين و النملة تدور ذات الشمال و النملة في تلك تتحرك حركتين مختلفين إحداهما بنفسها فتتوجه أمامها و الأخرى مستكرهة مع الرحى تجذبها إلى خلفها فاسأل الزاعمين أن النجوم صارت على ما هي عليه بالإهمال من غير عمد و لا صانع لها ما منعها أن تكون كلها راتبة أو تكون كلها متنقلة فإن الإهمال معنى واحد فكيف صار يأتي بحركتين مختلفتين على وزن و تقدير ففي هذا بيان أن مسير الفريقين على ما يسيران عليه بعهد و تدبير و حكمة و تقدير و ليس بإهمال كما تزعمه المعطلة فإن قال قائل و لم صار بعض النجوم راتبا و بعضها متنقلا قلنا إنها لو كانت كلها راتبة لبطلت الدلالات التي يستدل بها من تنقل المتنقلة و مسيرها في كل برج من البروج كما قد يستدل على أشياء مما يحدث في العالم بتنقل الشمس و النجوم في منازلها و لو كانت كلها متنقلة لم يكن لمسيرها منازل تعرف و لا رسم يوقف عليه لأنه إنما يوقف بمسير المتنقلة منها لتنقلها في البروج الراتبة كما يستدل على سير السائر على الأرض بالمنازل التي يجتاز عليها و لو كان تنقلها بحال واحدة لاختلط نظامها و بطلت المآرب فيها و لساغ لقائل أن يقول إن كينونيتها على حال واحدة توجب عليها الإهمال من الجهة التي وصفنا ففي اختلاف سيرها و تصرفها و ما في ذلك من المآرب و المصلحة أبين دليل على العمد و التدبير فيها فكر في هذه النجوم التي تظهر في بعض السنة و تحتجب في بعضها كمثل ثريا و الجوزاء و الشعريين و سهيل فإنها لو كانت بأسرها تظهر في وقت واحد لم تكن لواحد فيها على حياله دلالات يعرفها الناس و يهتدون بها لبعض أمورهم كمعرفتهم الآن بما يكون من طلوع الثور و الجوزاء إذا طلعت و احتجابها إذا احتجبت

   فصار ظهور كل واحد و احتجابه في وقت غير الوقت الآخر لينتفع الناس بما يدل عليه كل واحد منها على حدته و كما جعلت الثريا و أشباهها تظهر حينا و تحجب حينا لضرب من المصلحة كذلك جعلت بنات النعش ظاهرة لا تغيب لضرب آخر من المصلحة فإنها بمنزلة الأعلام التي يهتدي بها الناس في البر و البحر للطرق المجهولة و ذلك أنها لا تغيب و لا تتوارى فهم ينظرون إليها متى أرادوا أن يهتدوا بها إلى حيث شاءوا و صار الأمران جميعا على اختلافهما موجهين نحو الإرب و المصلحة و فيها مآرب أخرى علامات و دلالات على أوقات كثيرة من الأعمال كالزراعة و الغراس و السفر في البر و البحر و أشياء مما يحدث في الأزمنة من الأمطار و الرياح و الحر و البرد و بها يهتدي السائرون في ظلمة الليل لقطع القفار الموحشة و اللجج الهائلة مع ما في ترددها في كبد السماء مقبلة و مدبرة و مشرقة و مغربة من العبر فإنها تسير أسرع السير و أحثه أ رأيت لو كانت الشمس و القمر و النجوم بالقرب منا حتى يتبين لنا سرعة سيرها بكنه ما هي عليه أ لم تكن ستخطف الأبصار بوهجها و شعاعها كالذي يحدث أحيانا من البروق إذا توالت و اضطربت في الجو و كذلك أيضا لو أن أناسا كانوا في قبة مكللة بمصابيح تدور حولهم دورانا حثيثا لحارت أبصارهم حتى يخروا لوجوههم فانظر كيف قدر أن يكون مسيرها في البعد البعيد لكيلا تضر في الأبصار و تنكأ فيها و بأسرع السرعة لكيلا تتخلف عن مقدار الحاجة في مسيرها و جعل فيها جزء يسير من الضوء ليسد مسد الأضواء إذا لم يكن قمر و يمكن فيه الحركة إذا حدثت ضرورة كما قد يحدث الحادث على المرء فيحتاج إلى التجافي في جوف الليل و إن لم يكن شي‏ء من الضوء يهتدي به لم يستطع أن يبرح مكانه فتأمل اللطف و الحكمة في هذا التقدير حين جعل للظلمة دولة و مدة لحاجة إليها و جعل خلالها شي‏ء من الضوء للمآرب التي وصفنا فكر في هذا الفلك بشمسه و قمره و نجومه و بروجه تدور على العالم في هذا الدوران الدائم بهذا التقدير و الوزن لما في اختلاف الليل و النهار و هذه الأزمان الأربعة المتوالية على الأرض و ما عليها من أصناف الحيوان و النبات من ضروب المصلحة كالذي   بينت و لخصت لك آنفا و هل يخفى على ذي لب أن هذا تقدير مقدر و صواب و حكمة من مقدر حكيم فإن قال قائل إن هذا شي‏ء اتفق أن يكون هكذا فما منعه أن يقول مثل هذا في دولاب تراه يدور و يسقي حديقة فيها شجر و نبات فترى كل شي‏ء من آلته مقدرا بعضه يلقى بعضا على ما فيه صلاح تلك الحديقة و ما فيها و بم كان يثبت هذا القول لو قاله و ما ترى الناس كانوا قائلين له لو سمعوه منه فينكر أن يقول في دولاب خشب مصنوع بحيلة قصيرة لمصلحة قطعة من الأرض إنه كان بلا صانع و مقدر و يقدر أن يقول في هذا الدولاب الأعظم المخلوق بحكمة يقصر عنها أذهان البشر لصلاح جميع الأرض و ما عليها إنه شي‏ء اتفق أن يكون بلا صنعة و لا تقدير لو اعتل هذا الفلك كما تعتل الآلات التي تتخذ للصناعات و غيرها أي شي‏ء كان عند الناس من الحيلة في إصلاحه

 بيان قوله ع لا تفارق مراكزها لعل المراد أنه ليس لها حركة بينة ظاهرة كما في السيارات أو لا يختلف نسب بعضها إلى بعض بالقرب و البعد بأن تكون الجملة التالية مفسرة لها و يحتمل أن يكون المراد بمراكزها البروج التي تنسب إليها على ما هو المصطلح بين العرب من اعتبار محاذاة تلك الأشكال في الانتقال إلى البروج و إن انتقلت عن مواضعها و عليه ينبغي أن يحمل قوله ع و بعضها مطلقة ينتقل في البروج أو على ما ذكرنا سابقا من كون انتقالها في البروج ظاهرة بينة يعرفه كل أحد و الأول أظهر كما سيظهر من كلامه ع. قوله ع فإن الإهمال معنى واحد يحتمل أن يكون المراد أن الطبيعة أو الدهر اللذين يجعلونهما أصحاب الإهمال مؤثرين كل منهما أمر واحد غير ذي شعور و إرادة و لا يمكن صدور الأمرين المختلفين عن مثل ذلك كما مر أو المراد أن العقل يحكم بأن مثل هذين الأمرين المتسقين الجاريين على قانون الحكمة لا يكون إلا من حكيم راعى فيهما دقائق الحكم أو المراد أن الإهمال أي عدم الحاجة إلى العلة و ترجح الأمر الممكن من غير مرجح كما تزعمون أمر   واحد حاصل فيهما فلم صارت إحداهما راتبة و الأخرى متنقلة و لم لم يعكس الأمر و الأول أظهر كما لا يخفى قوله ع لبطلت الدلالات ظاهره كون الأوضاع النجومية علامات الحوادث قوله ع في البروج الراتبة يدل ظاهرا على ما أشرنا إليه من أنه ع راعى في انتقال البروج محاذاة نفس الأشكال و إن أمكن أن يكون المراد بيان حكمة بطء الحركة ليصلح كون تلك الأشكال علامات للبروج و لو بقربها منها لكنه بعيد قوله ع و الشعريين قال الجوهري الشعرى الكوكب الذي يطلع بعد الجوزاء و طلوعه في شدة الحر و هما الشعريان الشعرى العبور التي في الجوزاء و الشعرى القميصاء التي في الذراع تزعم العرب أنهما أختا سهيل انتهى و القفار جمع قفر و هو الخلأ من الأرض و خطف البرق البصر ذهب به و وهج النار بالتسكين توقدها و قوله حثيثا أي مسرعا و تجافى أي لم يلزم مكانه و برح مكانه زال عنه

24-  المتهجد، في تعقيب صلاة أمير المؤمنين ع و أسألك باسمك الذي أجريت به الفلك فجعلته معالم شمسك و قمرك و كتبت اسمك عليه

25-  الدر المنثور، للسيوطي نقلا من تسعة عشر من كتبهم عن العباس بن عبد المطلب قال كنا عند النبي ص فقال هل تدرون كم بين السماء و الأرض قلنا الله و رسوله أعلم قال بينهما مسيرة خمسمائة عام و من كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام و كثف كل سماء خمسمائة سنة و فوق السماء السابعة بحر بين أعلاه و أسفله كما بين السماء و الأرض ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين ركبهن و أظلافهن كما بين السماء و الأرض ثم فوق ذلك العرش بين أسفله و أعلاه كما بين السماء و الأرض

26-  و من عدة كتب بأسانيدهم عن أبي ذر ره قال قال رسول الله ص ما بين السماء و الأرض مسيرة خمسمائة عام و غلظ كل سماء مسيرة خمسمائة عام و ما   بين السماء إلى التي تليها مسيرة خمسمائة عام كذلك إلى السماء السابعة و الأرضون مثل ذلك و ما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك و لو حفرتم لصاحبكم ثم دليتموه لوجدتم الله ثمة يعني علمه

27-  و بأسانيد أخرى عن النبي ص قال كنا جلوسا مع رسول الله ص فمرت سحابة فقال أ تدرون ما هذه قالوا الله و رسوله أعلم قال هذه الغيابة يسوقها الله إلى أهل بلد لا يعبدونه و لا يشكرونه هل تدرون ما فوق ذلك قالوا الله و رسوله أعلم قال فإن فوق ذلك موج مكفوف و سقف محفوظ هل تدرون ما فوق ذلك قالوا الله و رسوله أعلم قال فإن فوق ذلك سماء أخرى هل تدرون كم ما بينهما قالوا الله و رسوله أعلم قال فإن بينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع سماوات بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك قالوا الله و رسوله أعلم قال فإن فوق ذلك العرش فهل تدرون كم ما بينهما قالوا الله و رسوله أعلم قال فإن بين ذلك كما بين السماءين ثم قال هل تدرون ما هذه هذه أرض هل تدرون ما تحتها قالوا الله و رسوله أعلم قال أرض أخرى و بينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة عام

28-  و عن عبد الله بن عمر أنه نظر إلى السماء فقال تبارك الله ما أشد بياضها و الثانية أشد بياضا منها ثم كذلك حتى بلغ سبع سماوات و خلق فوق السابعة الماء و جعل فوق الماء العرش و جعل فوق السماء الدنيا الشمس و القمر و النجوم و الرجوم

29-  و عن ابن عباس قال قال رجل يا رسول الله ما هذا السماء قال هذا موج مكفوف عنكم

30-  و عن الربيع بن أنس قال السماء الدنيا موج مكفوف و الثانية مرمرة   بيضاء و الثالثة حديد و الرابعة نحاس و الخامسة فضة و السادسة ذهب و السابعة ياقوتة حمراء و ما فوق ذلك صحاري من نور و ما يعلم ما فوق ذلك إلا الله و ملك موكل بالحجب يقال له ميطاطروش

31-  و عن سلمان الفارسي ره قال السماء الدنيا من زمردة خضراء اسمها رفيعا و الثانية من فضة بيضاء و اسمها أذقلون و الثالثة من ياقوتة حمراء و اسمها قيدوم و الرابعة من درة بيضاء و اسمها ماعونا و الخامسة من ذهبة حمراء و اسمها ديقا و السادسة من ياقوتة صفراء و اسمها دفنا و السابعة من نور و اسمها عربيا

32-  و عن علي ع قال اسم السماء الدنيا رفيع و اسم السابعة الضراح

33-  و عن ابن عباس قال سيد السماوات السماء التي فيها العرش و سيد الأرضين الأرض التي أنتم عليها

34-  و عن الشعبي قال كتب ابن عباس إلى أبي الجحدر حين سأله عن السماء من أي شي‏ء هي فكتب إليه أن السماء من موج مكفوف

35-  و عن حبة العرني قال سمعت عليا ع ذات يوم يحلف و الذي خلق السماء من دخان و ماء

36-  و عن كعب قال السماء أشد بياضا من اللبن

37-  و عن سفيان الثوري قال تحت الأرضين صخرة بلغنا أن تلك الصخرة منها خضرة السماء

    -38  و عن قتادة في قوله فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ قال بعضهن فوق بعض بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام

39-  و عن ابن جبير قال إن هرقل كتب إلى معاوية و قال إن كان بقي فيهم شي‏ء من النبوة فسيخبروني عما أسألهم عنه قال و كتب إليه يسأله عن المجرة و عن القوس و عن البقعة التي لم تصبها الشمس إلا ساعة واحدة قال فلما أتى معاوية الكتاب و الرسول قال إن هذا شي‏ء ما كنت أظن أن أسأل عنه إلى يومي هذا من لهذا قالوا ابن عباس فطوى معاوية كتاب هرقل و بعث به إلى ابن عباس فكتب إليه أن القوس أمان لأهل الأرض من الغرق و المجرة باب السماء الذي يشق منه و أما البقعة التي لم تصبها الشمس إلا ساعة من نهار فالبحر الذي أفرج من بني إسرائيل

40-  و عن أبي صالح في قوله كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما قال كانت السماء واحدة ففتق منها سبع سماوات و كانت الأرض واحدة ففتق منها سبع أرضين

41-  و عن الحسن و قتادة قالا كانتا جميعا ففصل الله بينهما بهذا الهواء

42-  و عن ابن جبير قال كانت السماوات و الأرضون ملتزقتين فلما رفع الله السماء و أبعدها من الأرض فكان فتقها الذي ذكر الله

43-  و عن ابن عباس في قوله تعالى وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ قال حسنها و استواؤها

44-  و روي عنه أيضا أنه قال ذات البهاء و الجمال و إن بنيانها كالبرد المسلسل

    -45  و في رواية أخرى عنه ذات طرائق و الخلق الحسن

46-  و عن علي ع قال هي السماء السابعة

47-  و عن عكرمة ذات الخلق الحسن محبكة بالنجوم

48-  و عن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل أمير المؤمنين عليا ع عن المجرة فقال هي شجر السماء و منها فتحت أبواب السماء بماء منهمر ثم قرأ فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ

49-  و عن ابن عباس في قوله فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قال منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق سبع سماوات مقداره خمسين ألف سنة و يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ يعني بذلك ينزل الأمر من السماء إلى الأرض و من الأرض إلى السماء في يوم واحد فذلك مقداره ألف سنة لأن ما بين السماء و الأرض مسيرة خمسمائة عام

50-  و عنه أيضا قال غلظ كل أرض خمسمائة عام و بين كل أرض إلى أرض خمسمائة عام و من السماء إلى السماء خمسمائة عام و غلظ كل سماء خمسمائة عام فذلك أربعة عشر ألف عام و بين السماء و بين العرش مسيرة ستة و ثلاثين ألف عام فذلك قوله فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ

51-  و عن وهب قال مقدار ما بين أسفل الأرض إلى العرش خمسون ألف سنة

52-  و عن الحسن في قوله سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً قال بعضهن فوق بعض   كل سماء و أرض خلق و أمر

53-  و عن أبي ذر قال قرأ رسول الله ص هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حتى ختمها ثم قال إني أرى ما لا ترون و أسمع ما لا تسمعون أطت السماء و حق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا و فيه ملك واضع جبهته ساجدا لله و الله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا و ما تلذذتم بالنساء على الفرش و لخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عز و جل

54-  و عن علي ع قال السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ السماء وَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ بحر في السماء تحت العرش

 بيان قال في النهاية الوعول و الأوعال تيوس الجبل واحدها وعل بكسر العين و منه الحديث في تفسير قوله تعالى وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ قيل ثمانية أوعال أي ملائكة على صورة الأوعال انتهى قوله لوجدتم الله ثمة أي نسبته سبحانه إلى العرش و تحت الثرى و جميع الأماكن متساوية من حيث عدم حصوله بذاته في شي‏ء منها و إحاطة علمه و قدرته بجميعها و قال الطيبي فيما رووا لو دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله دليتم أي أرسلتم و على الله أي على علمه و قدرته و سلطانه و في النهاية الغيابة كل شي‏ء أظل الإنسان فوق رأسه كالسحابة و غيرها انتهى موج مكفوف قال الطيبي أي ممنوع من الاسترسال حفظها الله أن تقع على الأرض و هي معلقة بلا عمد كالموج المكفوف

55-  الدر المنثور، عن علي ع في قوله فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ قال هي الكواكب تكنس بالليل و تخنس بالنهار فلا ترى

    -56  و عن علي ع في قوله فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ قال خمسة أنجم زحل و عطارد و المشتري و بهرام و الزهرة ليس في الكواكب شي‏ء يقطع المجرة غيرها

57-  و عن ابن عباس قال الخنس نجوم تجري يقطعن المجرة كما يقطع الفرس

58-  و عن ابن عباس في قوله بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ قال هي النجوم السبعة زحل و بهرام و عطارد و المشتري و الزهرة و الشمس و القمر خنوسها رجوعها و كنوسها تغيبها بالنهار

59-  و عن الأعمش قال كان أصحاب عبد الله يقولون في قوله تعالى وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ ذات القصور

60-  و عن أبي صالح في قوله ذاتِ الْبُرُوجِ قال النجوم العظام

61-  و عن جابر بن عبد الله أن النبي ص سئل عن السماء ذات البروج فقال الكواكب و سئل الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً فقال الكواكب قيل فبروج مشيدة فقال القصور

62-  و عن قتادة في قوله وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ قال بروجها نجومها وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ قال يوم القيامة وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قال يومان عظيمان عظمهما الله من أيام الدنيا كنا نحدث أن الشاهد يوم القيامة و أن المشهود يوم عرفة

63-  و عن الحسن في قوله وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ قال حبكت بالخلق الحسن ثم حبكت بالنجوم وَ الْيَوْمِ الْمَوْعُودِ قال يوم القيامة

    -64  و عن مجاهد وَ السَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ قال ذات النجوم وَ شاهِدٍ وَ مَشْهُودٍ قال الشاهد ابن آدم و المشهود يوم القيامة

 فائدة اعلم أن أصحاب الهيئة قالوا بعد مقعر فلك القمر عن مركز العالم أحد و أربعون ألفا و تسعمائة و ستة و ثلاثون فرسخا و بعد محدبه الذي هو مماس لمقعر فلك عطارد بزعمهم خمسة و ثمانون ألف فرسخ و سبعمائة فرسخ و ثلاث فراسخ و بعد مقعر فلك الزهرة مائتان و خمسة و سبعون ألف فرسخ و ثلاثمائة و ثمانون فرسخا و بعد مقعر فلك الشمس ألف ألف فرسخ و ثمانمائة و ثمان و أربعون ألف فرسخ و ثمانمائة و خمسة و ثمانون فرسخا و بعد مقعر فلك المريخ ألف ألف فرسخ و سبعة و عشرون ألف فرسخ و تسعمائة و أربع و ثلاثون فرسخا و بعد مقعر فلك المشتري أربعة آلاف ألف فرسخ و سبعمائة و سبعون ألف فرسخ و ستمائة و اثنان و سبعون فرسخا و بعد مقعر فلك زحل ثلاثة و عشرون ألف ألف فرسخ و تسعمائة و أحد و تسعون ألف فرسخ و مائتان و خمسة عشر فرسخا و بعد مقعر فلك الثوابت ثلاثة و ثلاثون ألف ألف فرسخ و خمسمائة ألف و تسعة آلاف فرسخ و مائة و ثمانية و ثمانون فرسخا و بعد مقعر الفلك الأعلى ثلاثة و ثلاثون ألف ألف فرسخ و خمسمائة و أربعة و عشرون ألف فرسخ و ستمائة و تسعة فراسخ و بعد محدب الفلك الأعلى لا يعلمه أحد إلا الرب تبارك و تعالى و من أوحى إليه و ذكروا أن قطر القمر سبعمائة و أحد و ثلاثون فرسخا و جرمه سدس سبع جرم الأرض و قيل جزء من تسعة و ثلاثين جزء منها و قطر العطارد مائة و تسعة فراسخ و جرمه جزء من اثني عشر ألف جزء و سبعمائة و تسعة و ستين جزء من جرم الأرض و قطر الزهرة تسعمائة فرسخ و خمسة و ستون فرسخا و جرمه ثلث تسع جرم الأرض و قيل جزء من سبعة و ثلاثين جزء من الأرض و قطر الشمس سبعة عشر ألف فرسخ و خمسمائة و ثمانية و ستون فرسخا و جرمه ثلاثمائة و ثمانية و عشرون ضعف جرم الأرض و قيل مائة و ستة و ستون ضعفا و قطر المريخ ثلاثة آلاف   فرسخ و سبعمائة و خمسة و تسعون فرسخا و جرمه ثلاثة أضعاف جرم الأرض و قيل مثل الأرض و نصفها و قطر المشتري أربعة عشر ألف فرسخ و خمسمائة و ستة و تسعون فرسخا و جرمه مائة و ثمان و ثمانون ضعفا من الأرض و قيل اثنان و ثمانون ضعفا و ربعا منها و قطر زحل أربعة عشر ألف فرسخ و أربعمائة و خمسة و ثلاثون فرسخا و جرمه مائة و اثنان و ثمانون ضعفا من الأرض و قيل سبع و سبعون ضعفا و الكواكب الغير المرصودة لا يعلم عددها إلا الله تعالى و حججه ع و ما رصدوا منها ألف و اثنان و عشرون كوكبا فأعظمها على ما ذكره بعضهم ثمانية و تسعون ضعفا للأرض و سدسها و أصغرها عشرة أضعاف و ثلث من الأرض و على ما ذكره آخرون أعظمها مائتان و اثنان و عشرون ضعفا من الأرض و أصغرها ثلاثة و عشرون ضعفا منها و رتبوا أقدارها المختلفة في ست مراتب ينقص كل مرتبة عن صاحبتها في القطر بسدس فأولاها أعظمها و فيها خمسة عشر كوكبا و في الثانية خمسة و أربعون و في الثالثة مائتان و ثمانية و في الرابعة أربعمائة و أربعة و سبعون و في الخامسة مائتان و سبعة عشر و في السادسة تسعة و أربعون و أربعة عشر خارجة عن المراتب تسعة خفية تسمى مظلمة و خمسة سحابية كأنها قطعة غيم و قد

    يزاد ثلاثة تسمى صفيرة ثم توهموا لتعريف هذه الكواكب صورا تكون هي عليها أو فيما بينها أو بقربها و الصور ثمانية و أربعون إحدى و عشرون في الشمال و اثنتا عشرة على المنطقة و هي صور البروج المشهورة و خمس عشرة في الجنوب هذا ما ذكروه و استنبطوه من قواعدهم و الله تعالى يعلم حقائق الأمور. و قال بعضهم يسير الفلك الأعظم بمقدار ما يقول أحد واحد ألفا و سبعمائة و اثنين و ثلاثين فرسخا من مقعره و الله تعالى يعلم ما يسير من محدبه و هو أسرع الحركات و حركته من المشرق إلى المغرب و يتم في يوم بليلته دورا بالتقريب و قطباه يسميان بقطبي العالم و منطقته تسمى بمعدل النهار و هي تقطع العالم بنصفين شمالي و جنوبي و الصغار الموازية المرتسمة من تحرك النقاط عن جنبتيها تسمى بالمدارات اليومية و سائر الحركات الخاصة للكواكب من المغرب إلى المشرق على توالي البروج و أبطؤها حركة فلك الثوابت و يوافقه جميع الممثلات و يقطع في كل خمسة و عشرين ألفا و مائتي سنة دورا و يقطع في كل سنة عشرة فراسخ و مع ذلك لا ترى حركتها في قريب من خمسين سنة بل ترى في تلك المدة كأنها ساكنة و قطباه يسميان بقطبي البروج و منطقته بمنطقة البروج و فلك البروج و هي تقطع المعدل على نقطتين تسميان بالاعتدالين الربيعي و الخريفي و أبعد أجزائها عنه بالانقلابين الصيفي و الشتوي و غاية هذين البعدين من الجانب الأقرب تسمى بالميل الكلي و هو بالرصد الجديد ثلاثة و عشرون جزء و ثلاثون دقيقة و تنقسم منطقة البروج بهذه النقاط الأربع أرباعا قطع الشمس لكل منها أحد الفصول الأربعة و لها دوائر صغار كالأولى التي تسمى بمدارات العرض و توهموا في كل ربع من تلك الأرباع نقطتين انقسم بها بثلاثة أقسام متساوية فحصلت البروج الاثنا عشر فالحمل و الثور و الجوزاء ربيعية و السرطان و الأسد و السنبلة صيفية و الميزان و العقرب و القوس خريفية و الجدي و الدلو و الحوت شتوية فتحصل بالحركة الخاصة للشمس في هذه البروج الفصول الأربعة في كل سنة و القمر يقطع تلك البروج في سبعة و عشرين يوما و ليلة و ثلث   تقريبا و العطارد و الزهرة يقطعانها في سنة تقريبا و المريخ يقطعها في سنة و عشرة أشهر و أحد و عشرين يوما و ليلة و اثنتين و عشرين ساعة و خمسين دقيقة و المشتري يقطعها في إحدى عشرة سنة و شهرين و ثلاثة عشر يوما و ليلة و إحدى عشرة ساعة و تسع دقائق و قال المحقق الطوسي ره في اثنتي عشرة سنة تقريبا و زحل يقطعها في ثلاثين سنة و يقال للشمس و القمر النيران و لزحل و المشتري العلويان و لعطارد و الزهرة السفليان و للمشتري و الزهرة السعدان و لزحل و المريخ النحسان. ثم إن القدماء قالوا كل واحد من أفلاك الكواكب السبعة يشتمل على أفلاك أخر جزئية مفروزة عن كلها متحركة بحركة أخرى غير حركة الكل و ذلك لأنه يعرض لها في حركاتها السرعة و البطء و التوسط بينهما و كذا الوقوف و الرجوع و الاستقامة و قد تكون حركة بعضها متشابهة حول نقطة أي يحدث عندها في أزمنة متساوية زوايا متساوية و قسيا متساوية مع أنه يقرب منها تارة و يبعد عنها أخرى إلى غير ذلك من الاختلافات فأثبتوا لفلك الشمس فلكا آخر شاملا للأرض مركزه خارج عن مركز العالم مائل إلى جانب من الفلك الكلي لها بحيث يماس محدب سطحيه السطح الأعلى من الفلك الكلي على نقطة مشتركة بينهما تسمى الأوج و مقعر سطحيه السطح الأدنى منه على نقطة مشتركة تسمى الحضيض فيحصل بسبب ذلك جسمان متدرجا الثخن إلى غاية هي ضعف ما بين المركزين أحدهما حاو للفلك الخارج المركز و الآخر محوي فيه رقة الحاوي مما يلي الأوج و غلظه مما يلي الحضيض و رقة المحوي و غلظه بالعكس يقال لكل منهما المتمم و جرم الشمس مركوز في ثخن الخارج عند منتصف ما بين قطبيه مماس لسطحيه على نقطتين و أفلاك كل من الكواكب العلوية و الزهرة

    كذلك إلا أن لها تداوير مركوزة في خوارجها كارتكاز الشمس و هي فيها يماس سطح كل سطح تدويره على نقطة و كذلك فلك القمر إلا أن له فلكا آخر مركزه مركز العالم محيطا بالكل يسمى بالجوزهر و أما عطارد فمركز فلكه الذي في ثخنه الخارج غير مركز العالم و يسمى بالمدير و هو في ثخن فلكه الكلي الذي مركزه مركز العالم كالخارج في ثخنه على الرسم المذكور فله خارجان و أوجان و حضيضان و أربعة متممات و تسمى الأفلاك الكلية بالممثلات لمماثلتها لمنطقة البروج في المركز و الحركة و المنطقة و القطبين و تسمى الخوارج المراكز كلها سوى المدير بالحوامل و تسمى البعد الأبعد في التداوير بالذروة و الأقرب بالحضيض هذا ما ذكره القدماء في ذلك و أما المتأخرون فزادوا أفلاكا جزئية أخرى لحل بعض ما لا ينحل من مشكلات هذا الفن لم نتعرض لها و لا لذكر جهات حركات هذه الأفلاك و مقاديرها و أقطابها و دوائرها و مناطقها المذكورة في كتب القوم لأنها لا تناسب هذا الكتاب و كل ما ذكروه مبنية على أوهام و خيالات يستقيم بعض الحركات بها و تحيروا في كثير منها و لا يعلمها بحقيقتها إلا خالقها و من خصه بعلمها من الأنبياء و الأوصياء ع