باب 1- أنه لم سمي الإنسان إنسانا و المرأة مرأة و النساء نساء و الحواء حواء

1-  العلل، عن علي بن أحمد بن محمد بن جعفر الأسدي عن معاوية بن حكيم عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال سمي الإنسان إنسانا لأنه ينسى و قال الله عز و جل وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ

 بيان الإنسان فعلان عند البصريين لموافقته مع الأنس لفظا و معنى و قال الكوفيون هو إفعان من نسي أصله إنسيان على إفعلان فحذفت الياء استخفافا لكثرة ما يجري على ألسنتهم فإذا صغروه ردوه إلى أصله لأن التصغير لا يكثر و هذا الخبر يدل على مذهب الكوفيين و رواه العامة عن ابن عباس أيضا قال الخليل في كتاب العين سمي الإنسان من النسيان و الإنسان في الأصل إنسيان لأن جماعته أناسي و تصغيره أنيسيان بترجيع المدة التي حذفت و هو الياء و كذلك إنسان العين و حكى الشيخ في التبيان عن ابن عباس أنه قال إنما سمي إنسانا لأنه عهد إليه فنسي قال الله تعالى وَ لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَ لَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً و قال الراغب في مفرداته الإنسان قيل سمي بذلك لأنه خلق خلقه لا قوام   له إلا بأنس بعضهم ببعض و لهذا قيل الإنسان مدني بالطبع من حيث إنه لا قوام لبعضهم إلا ببعض و لا يمكنه أن يقوم بجميع أسبابه و قيل سمي بذلك لأنه يأنس بكل ما يألفه و قيل هو إفعلان و أصله إنسيان سمي بذلك لأنه عهد إليه فنسي

2-  العلل، عن علي بن أحمد بن محمد عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء يعني خلقت حواء من آدم

3-  معاني الأخبار، مرسلا معنى الإنسان أنه ينسى و معنى النساء أنهن أنس للرجال و معنى المرأة أنها خلقت من المرء

 بيان كون النساء من الإنس إما مبني على القلب أو على الاشتقاق الكبير أو على أنه إذا أنسوا بهن نسوا غيرهن فاشتقاقه من النسيان

4-  الدر المنثور، عن ابن عباس قال خلق الله آدم من أديم الأرض يوم الجمعة بعد العصر فسماه آدم ثم عهد إليه فنسي فسماه الإنسان قال ابن عباس فبالله ما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى أهبط من الجنة قال و إنما سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء و سميت حواء لأنها أم كل حي

5-  العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم، قال كان مكث آدم في الجنة نصف ساعة ثم أهبط إلى الأرض لتمام تسع ساعات من يوم الجمعة و ذلك في وقت صلاة العصر قال و سميت العصر لأن آدم عصر بالبلاء قال ألقى الله النوم على آدم فأخذ ضلعه القصير من جانبه الأيسر فخلق منه حواء فلم يؤذه ذلك و لو آذاه ذلك ما عطف عليها أبدا فقال آدم ما هذه قال هذه امرأة لأنها من المرء خلقت قال ما اسمها قال حواء لأنها خلقت من شي‏ء حي فقال ابن عباس سميت حواء لأنها أم   كل حي قال جعفر سمين النساء لأنس آدم بحواء حين أهبط إلى الأرض و لم يكن له أنس غيرها

 فائدة اعلم أنه قد اتفقت كلمة المليين من المسلمين و اليهود و النصارى على أن أول البشر هو آدم و أما الآخرون فخالفوا فيه على أقوال أما الفلاسفة فزعموا أنه لا أول لنوع البشر و لا لغيرهم من الأنواع المتوالدة و أما الهند فمن كان منهم على رأي الفلاسفة فهو يوافقهم في ما ذكر و من لم يكن منهم على رأي الفلاسفة و قال بحدوث الأجسام لا يثبت آدم و يقول إن الله تعالى خلق الأفلاك و خلف فيها طباعا محركة لها بذاتها فلما تحركت و حشوها أجسام لاستحالة الخلأ و كانت الأجسام على طبيعة واحدة فاختلفت طبائعها بالحركة الفلكية و كان القريب من الفلك أسخن و ألطف و البعيد أبرد و أكثف ثم اختلطت العناصر و تكونت منها المركبات و مما تكون منه نوع البشر كما يتكون الدود في الفاكهة و اللحم و البق في البطائح و المواضع العفنة ثم تكون البشر بعضه من بعض بالتوالد و نسي التخليق الأول الذي كان بالتولد و من الممكن أن يقول يتولد بعض البشر في بعض الأراضي القاصية مخلوقة بالتولد و إنما انقطع التولد لأن الطبيعة إذا وجدت للتكون طريقا استغنت عن طريق ثان و أما المجوس فلا يعرفون آدم و لا نوحا و لا ساما و لا حاما و لا يافث و أول متكون من البشر عندهم كيومرث و لقبه كوهشاه أي ملك الجبل و قد كان كيومرث في الجبال و منهم من يسميه گلشاه أي ملك الطين لأنه لم يكن حينئذ بشر يملكهم و قيل تفسير كيومرث حي ناطق ميت قالوا و كان قد رزق من الحس ما لا يقع عليه بصر حيوان إلا وله و أغمي عليه و يزعمون أن مبدأ تكونه و حدوثه أن يزدان و هو الصانع الأول عندهم فكر في أمر أهرمن و هو الشيطان عندهم فكرة أوجبت أن عرق جبينه فمسح العرق و رمى به فصارت منه كيومرث و لهم خبط طويل في كيفية تكون أهرمن عن فكرة يزدان أو من إعجابه بنفسه أو من توحشه و   بينهم خلاف في قدم أهرمن و حدوثه ثم اختلفوا في مدة بقاء كيومرث في الوجود فقال الأكثرون ثلاثون سنة و قال الأقلون أربعون سنة و قال قوم منهم إن كيومرث مكث في الجنة التي في السماء ثلاثة آلاف سنة و هي ألف الحمل و ألف الثور و ألف الجوزاء ثم أهبط إلى الأرض و كان بها آمنا مطمئنا ثلاثة آلاف سنة أخرى و هي ألف السرطان و ألف الأسد و ألف السنبلة ثم مكث بعد ذلك ثلاثين أو أربعين سنة في حرب و خصام بينه و بين أهرمن حتى هلك و اختلفوا في كيفية هلاكه مع اتفاقهم على أنه هلك قتلا فالأكثرون قالوا إنه قتل ابنا لأهرمن يسمى جزوذة فاستغاث أهرمن منه إلى يزدان فلم يجد بدا من أن يقاصه حفظا للعهود التي كانت بينه و بين أهرمن فقتله بابن أهرمن و قال قوم بل قتله أهرمن في صراع كان بينه و بين أهرمن و ذكروا في كيفيته أن كيومرث كان هو القاهر لأهرمن في بادئ الحال و أنه ركبه و جعل يطوف به في العالم إلى أن سأله أهرمن عن أي الأشياء أخوف و أهوالها عنده فقال له باب جهنم فلما بلغ به أهرمن إليها جمح به حتى سقط من فوقه و لم يستمسك فعلاه و سأله عن أي الجهات يبتدئ به في الأكل فقال له من جهة الرجل لأكون ناظرا حسن العالم مدة ما فابتدأه أهرمن فأكله من عند رأسه فبلغ إلى موضع الخصي و أوعية المني من الصلب فقطر من كيومرث قطرتا نطفة على الأرض فنبت منهما ريباستان في جبل بإصطخر ثم ظهرت على تينك الريباستين الأعضاء البشرية في أول الشهر التاسع و تمت أجزاؤه فتصور منهما بشران ذكر و أنثى و هما ميشا و ميشانة و هما بمنزلة آدم و حواء عند المليين و يسميهما مجوس خوارزم مرد و مردانه و زعموا أنهما مكثا خمسين سنة مستغنيين عن الطعام و الشراب منعمين غير متأذيين بشي‏ء حتى ظهر لهما أهرمن في صورة شيخ كبير فحملهما على تناول فواكه الأشجار و أكل منها و هما يبصرانه شيخا فعاد شابا فأكلا منها حينئذ فوقعا في البلايا و ظهر فيهما الحرص حتى تزاوجا و ولد لهما ولد فأكلاه حرصا ثم

    ألقى الله تعالى في قلوبهما رأفة فولد بعد ذلك ستة أبطن كل بطن ذكر و أنثى و أسماؤهم في كتاب زردشت معروفة ثم كان البطن السابع سيامك و فرواك فتزاوجا فولد لهما الملك المعروف الذي لم يعرف قبله ملك و هو هوشنج و هو الذي خلف جده كيومرث و عقد التاج و جلس على السرير و بنى مدينتين بابل و السوس. أقول هذه هي الخرافات التي ذكروها و الآيات و الأخبار ناطقة بما هو الحق المبين و بطل أقوال الفرق المضلين