باب 4- الرياح و أسبابها و أنواعها

الآيات البقرة وَ تَصْرِيفِ الرِّياحِ الأعراف وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ الحجر وَ أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ الإسراء فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ الأنبياء وَ لِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها الفرقان وَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ النمل وَ مَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ الروم وَ مِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَ لِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ لِتَجْرِيَ   الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ و قال تعالى وَ لَئِنْ أَرْسَلْنا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ الذاريات وَ الذَّارِياتِ ذَرْواً و قال سبحانه وَ فِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ القمر إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ المرسلات وَ الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً وَ النَّاشِراتِ نَشْراً تفسير وَ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً قال الرازي حد الريح أنه هواء متحرك فنقول كون هذا الهواء متحركا ليس لذاته و لا للوازم ذاته و إلا لدامت الحركة بدوام ذاته فلا بد و أن يكون بتحريك الفاعل المختار و هو الله جل جلاله قالت الفلاسفة هاهنا سبب آخر و هو أنه يرتفع من الأرض أجزاء أرضية لطيفة مسخنة تسخينا قويا شديدا فبسبب تلك السخونة الشديدة ترتفع و تتصاعد فإذا وصلت إلى القرب من الفلك كان الهواء الملتصق بمقعر الفلك متحركا على استدارة الفلك بالحركة المستديرة التي حصلت لتلك الطبقة من الهواء فهي تمنع هذه الأدخنة من الصعود بل تردها عن سمت حركتها فحينئذ ترجع تلك الأدخنة و تتفرق في الجوانب و بسبب ذلك التفرق تحصل الرياح ثم كلما كانت تلك الأدخنة أكثر و كان صعودها أقوى كان رجوعها أيضا أشد حركة فكانت الرياح أشد و أقوى هذا حاصل ما ذكروه و هو باطل و يدل على بطلانه وجوه   الأول أن سعود الأجزاء الأرضية إنما يكون لشدة تسخنها و لا شك أن ذلك التسخن عرضي لأن الأرض باردة يابسة بالطبع فإذا كانت تلك الأجزاء الأرضية متصغرة جدا كانت سريعة الانفعال فإذا تصاعدت و وصلت إلى الطبقة الباردة من الهواء امتنع بقاء الحرارة فيها بل تبرده جدا و إذا بردت امتنع بلوغها في الصعود إلى الطبقة الهوائية المتحركة بحركة الفلك فبطل ما ذكروه. الثاني هب أن تلك الأجزاء الدخانية صعدت إلى الطبقة الهوائية المتحركة بحركة الفلك لكنها لما رجعت وجب أن تنزل على الاستقامة لأن الأرض جسم ثقيل و الثقيل إنما يتحرك بالاستقامة و الرياح ليست كذلك فإنها تتحرك يمنة و يسرة. الثالث أن حركة تلك الأجزاء الأرضية النازلة لا تكون حركة قاهرة فإن الرياح إذا أحضرت الغبار الكثير ثم عاد ذلك الغبار و نزل على السطوح لم يحس أحد بنزولها و ترى هذه الرياح تقلع الأشجار و تهدم الجبال و تموج البحار. الرابع أنه لو كان الأمر على ما قالوه لكانت الرياح كلما كانت أشد وجب أن يكون حصول الأجزاء الغبارية الأرضية أكثر لكنه ليس الأمر كذلك لأن الرياح قد يعظم عصوفها و هبوبها في وجه البحر مع أن الحس يشهد بأنه ليس في ذلك الهواء المتحرك العاصف شي‏ء من الغبار و الكدرة فبطل ما قالوه. و قال المنجمون إن قوى الكواكب هي التي تحرك هذه الرياح و توجب هبوبها و ذلك أيضا بعيد لأن الموجب لهبوب الرياح إن كان طبيعة الكواكب وجب دوام الرياح بدوام تلك الطبيعة و إن كان الموجب هو طبيعة الكواكب بشرط حصوله في البرج المعين و الدرجة المعينة وجب أن يتحرك هواء كل العالم و ليس كذلك و أيضا قد بينا أن الأجسام متماثلة فاختصاص الكوكب المعين و البرج المعين و الطبيعة التي لأجلها اقتضت ذلك الأثر الخاص لا بد و أن يكون بتخصيص الفاعل المختار فثبت أن محرك الرياح هو الله سبحانه و ثبت بالدليل العقلي أيضا صحة قوله وَ هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ.

    قوله نشرا أي منتشرة متفرقة فجزء من أجزاء الريح يذهب يمنة و جزء آخر يذهب يسرة و كذا القول في سائر الأجزاء فإن كل واحد منها يذهب إلى جانب آخر فنقول لا شك أن طبيعة الهواء طبيعة واحدة و نسبة الأفلاك و الأنجم و الطبائع إلى كل واحد من الأجزاء من ذلك الريح نسبة واحدة فاختصاص بعض أجزاء الريح بالذهاب يمنة و الجزء الآخر بالذهاب يسرة وجب أن لا يكون ذلك إلا بتخصيص الفاعل المختار. بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أي بين يدي المطر الذي هو رحمته فإن قيل فقد نجد المطر و لا تتقدمه الرياح قلنا ليس في الآية أن هذا التقدم حاصل في كل الأحوال فلم يتوجه السؤال و أيضا فيجوز أن تتقدمه هذه الرياح و إن كنا لا نشعر بها و عن ابن عمر الرياح ثمان أربع منها عذاب و هو القاصف و العاصف و الصرصر و العقيم و أربع منها رحمة الناشرات و المبشرات و المرسلات و الذاريات

 و عن النبي ص نصرت بالصبا و أهلك عاد بالدبور و الجنوب من ريح الجنة

و عن كعب لو حبس الله الريح عن عباده ثلاثة أيام لأنتن أكثر الأرض. فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً مِنَ الرِّيحِ قال الطبرسي ره أي فإذا ركبتم البحر أرسل عليكم ريحا شديدة كاسرة للسفينة و قيل الحاصب الريح المهلكة في البر و القاصف المهلكة في البحر فَيُغْرِقَكُمْ بِما كَفَرْتُمْ من نعم الله. أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ قال البيضاوي أي الشمال و الصبا و الجنوب فإنها رياح الرحمة و أما الدبور فريح العذاب و منه قوله ص اللهم اجعلها رياحا و لا تجعلها ريحا و قرأ ابن كثير و الحمزة و الكسائي الريح على إرادة الجنس مُبَشِّراتٍ بالمطر وَ لِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ يعني المنافع التابعة لها و قيل الخصب التابع لنزول المطر المسبب عنها أو الروح الذي هو مع هبوبها و العطف على علة   محذوفة دل عليها مُبَشِّراتٍ أو عليها باعتبار المعنى أو على يُرْسِلَ بإضمار فعل معلل دل عليه وَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ يعني تجارة البحر. فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا أي فرأوا الأثر و الزرع فإنه مدلول عليه بما تقدم و قيل السحاب لأنه إذا كان مصفرا لم يمطر و اللام موطئة للقسم دخلت على حرف الشرط و قوله لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ جواب سد مسد الجزاء و لذلك فسر بالاستقبال و هذه الآية ناعية على الكفار بقلة تثبتهم و عدم تدبرهم و سرعة تزلزلهم لعدم تفكرهم و سوء رأيهم فإن النظر السوي يقتضي أن يتوكلوا على الله و يلجئوا إليه بالاستغفار إذا احتبس القطر عنهم و لم ييأسوا من رحمته و أن يبادروا إلى الشكر و الاستدامة بالطاعة إذا أصابهم برحمته و لم يفرطوا في الاستبشار و أن يصبروا على بلائه إذا ضرب زروعهم بالاصفرار و لم يكفروا نعمه. أقول و قد مر تفسير الذاريات بالرياح التي تذرو التراب و هشيم النبت و قال الطبرسي ره الرِّيحَ الْعَقِيمَ هي التي عقمت عن أن تأتي بخير و من تنشئه سحاب أو تلقيح شجر أو تذرية طعام أو نفع حيوان فهي كالمرأة الممنوعة عن الولادة إذ هي ريح الإهلاك و قال في قوله تعالى رِيحاً صَرْصَراً أي شديدة الهبوب و قيل باردة من الصر و هو البرد فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ أي دائم الشؤم استمر عليهم بنحوسته سَبْعَ لَيالٍ وَ ثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حتى أتت عليهم و قيل إنه كان يوم الأربعاء آخر الشهر لا يدور رواه العياشي بالإسناد عن أبي جعفر عليه السلام.

    أقول و قد مر أيضا تفسير الْمُرْسَلاتِ عُرْفاً بالرياح أرسلت متتابعة كعرف الفرس و فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً بالرياح الشديدات الهبوب و النَّاشِراتِ نَشْراً بالرياح التي تأتي بالمطر تنشر السحاب نشرا للغيث

1-  الفقيه، قال علي ع للريح رأس و جناحان

 بيان لعل الكلام مبني على الاستعارة أي يشبه الطائر في أنها تطير إلى كل جانب و في أنها في بدء حدوثها قليلة ثم تنتشر كالطائر الذي بسط جناحه و الله يعلم

2-  الفقيه، عن كامل قال كنت مع أبي جعفر ع بالعريض فهبت ريح شديدة فجعل أبو جعفر ع يكبر ثم قال إن التكبير يرد الريح و قال ع ما بعث الله ريحا إلا رحمة أو عذابا فإذا رأيتموها فقولوا اللهم إنا نسألك خيرها و خير ما أرسلت له و نعوذ بك من شرها و شر ما أرسلت له و كبروا و ارفعوا أصواتكم بالتكبير فإنه يكسرها

3-  و قال رسول الله ص ما خرجت ريح قط إلا بمكيال إلا زمن عاد فإنها عتت على خزانها فخرجت في مثل خرق الإبرة فأهلكت قوم عاد

4-  و قال الصادق ع نعم الريح الجنوب تكسر البرد عن المساكين و تلقح الشجر و تسيل الأودية

5-  و قال علي ع الرياح خمسة منها العقيم فنعوذ بالله من شرها و كان النبي ص إذا هبت ريح صفراء أو حمراء أو سوداء تغير وجهه و اصفر و كان كالخائف الوجل حتى ينزل من السماء قطرة من مطر فيرجع إليه لونه و يقول جاءتكم بالرحمة

6-  توحيد المفضل، قال قال الصادق ع أنبهك يا مفضل على الريح و ما فيها أ لست ترى ركودها إذا ركدت كيف يحدث الكرب الذي يكاد يأتي على   النفوس و يحرض الأصحاء و ينهك المرضى و يفسد الثمار و يعفن البقول و يعقب الوباء في الأبدان و الآفة في الغلات ففي هذا بيان أن هبوب الريح من تدبير الحكيم في صلاح الخلق و أنبئك عن الهواء بخلة أخرى فإن الصوت أثر يؤثره اصطكاك الأجسام في الهواء و الهواء يؤديه إلى المسامع و الناس يتكلمون في حوائجهم و معاملاتهم طول نهارهم و بعض ليلهم فلو كان أثر هذا الكلام يبقى في الهواء كما يبقى الكتاب في القرطاس لامتلأ العالم منه فكان يكربهم و يفدحهم و كانوا يحتاجون في تجديده و الاستبدال به أكثر مما يحتاج إليه في تجديد القراطيس لأن ما يلقى من الكلام أكثر مما يكتب فجعل الخلاق الحكيم جل قدسه هذا الهواء قرطاسا خفيفا يحمل الكلام ريثما يبلغ العالم حاجتهم ثم يمحى فيعود جديدا نقيا و يحمل ما حمل أبدا بلا انقطاع و حسبك بهذا النسيم المسمى هواء عبرة و ما فيه من المصالح فإنه حياة هذه الأبدان و الممسك لها من داخل بما يستنشق منه و من خارج بما تباشر من روحه و فيه تطرد هذه الأصوات فيؤدي بها من البعيد و هو الحامل لهذه الأراييح ينقلها من موضع إلى موضع أ لا ترى كيف تأتيك الرائحة من حيث تهب الريح فكذلك الصوت و هو القابل لهذا الحر و البرد اللذين يعتقبان على العالم لصلاحه و منه هذه الريح الهابة فالريح تروح عن الأجسام و تزجي السحاب من موضع إلى موضع ليعم نفعه حتى يستكثف فيمطر و تفضه حتى يستخف فيتفشى و تلقح الشجر و تسير السفن و ترخي الأطعمة و تبرد الماء و تشب النار و تجفف الأشياء الندية و بالجملة إنها تحيي كل ما في الأرض فلو لا الريح لذرى النبات و مات الحيوان و حمت الأشياء و فسدت

 بيان ركود الريح سكونها و التحريض إفساد البدن و نهكته الحمى أي أضنته و هزلته و قوله و الهواء يؤديه يدل على ما هو المذهب المنصور من تكيف الهواء بكيفية الصوت كما فصل في محله و يقال كربه الأمر أي شق عليه و فدحه   الدين أي أثقله و ريث ما فعل كذا أي قدر ما فعله و يبلغ إما على بناء المجرد فالعالم فاعله أو على التفعيل فالهواء فاعله و الروح بالفتح الراحة و نسيم الريح و اطرد الشي‏ء تبع بعضه بعضا و جرى و الأراييح جمع جمع للريح و تزجي السحاب على بناء الإفعال أي تسوقه و تفضه أي تفرقه و التفشي الانتشار و ترخي الأطعمة على بناء التفعيل أو الإفعال أي تصيرها رخوة لطيفة و تشب النار أي توقدها

7-  العلل، عن أبيه عن محمد بن يحيى عن الحسين بن إسحاق التاجر عن علي بن مهزيار عن الحسن بن الحسين عن محمد بن فضيل عن العرزمي قال كنت مع أبي عبد الله ع جالسا في الحجر تحت الميزاب و رجل يخاصم رجلا و أحدهما يقول لصاحبه و الله ما تدري من أين تهب الريح فلما أكثر عليه فقال له أبو عبد الله عليه السلام هل تدري أنت من أين تهب الريح فقال لا و لكني أسمع الناس يقولون فقلت أنا لأبي عبد الله ع من أين تهب الريح فقال إن الريح مسجونة تحت الركن الشامي فإذا أراد الله عز و جل أن يرسل منها شيئا أخرجه إما جنوبا فجنوب و إما شمالا فشمال و إما صباء فصباء و إما دبورا فدبور ثم قال آية ذلك إنك ترى هذا الركن متحركا أبدا في الصيف و الشتاء و الليل و النهار

 معاني الأخبار، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن   العباس بن معروف عن علي بن مهزيار عن محمد بن الحسين عن محمد بن الفضيل عن العرزمي مثله الكافي، عن أبي علي الأشعري عن بعض أصحابه عن محمد بن الفضيل مثله بيان قوله مسجونة يحتمل أن يكون عن قيام الملائكة الذين بهم تهب تلك الرياح فوقه عند إرادة ذلك ما سيأتي و لعل المراد بحركة الركن حركة الثوب المعلق عليه

8-  العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال رسول الله ص لا تسبوا الرياح فإنها مأمورة و لا تسبوا الجبال و لا الساعات و لا الأيام و لا الليالي فتأثموا و ترجع عليكم

 بيان الغرض النهي عن سب الرياح و البقاع و الجبال و الأيام و الساعات فإنها مقهورة تحت قدرة الله سبحانه مسخرة له تعالى لا يملكون تأخرا عما قدمهم إليه و لا تقدما إلى ما أخرهم عنه فسبهم سب لمن لا يستحقه و لعن من لا يستحق اللعن يوجب رجوع اللعنة على اللاعن بل هو مظنة الكفر و الشرك لو لا غفلتهم عما يئول إليه كما ورد في الخبر لا تسبوا الدهر فإنه هو الله أي فاعل الأفعال التي تنسبونها إلى الدهر و تسبونه بسببها هو الله تعالى

9-  تفسير علي بن إبراهيم، وَ فِي عادٍ إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ التي لا تلقح الشجر و لا تنبت النبات و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً و الصرصر الباردة فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ أيام مياشيم

    -10  و منه، وَ أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ قال التي تلقح الأشجار

11-  العلل، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد عن السياري رفعه إلى أبي عبد الله ع قال قلت له لم سميت ريح الشمال قال لأنها تأتي من شمال العرش

 بيان كون ريح الشمال من شمال العرش لأنها تهب من قبل الركن الشامي و هو في يسار الكعبة إذا فرضت رجلا مواجها إلينا و الحجر الأسود عن يمين الكعبة و قد ورد في الخبر أن العرش محاذ للكعبة فيمينه يمينها و يساره يسارها و يوضح ذلك

 ما رواه الصدوق أيضا في العلل، بإسناده عن بريد العجلي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام كيف صار الناس يستلمون الحجر و الركن اليماني و لا يستلمون الركنين الآخرين قال إن الحجر الأسود و الركن اليماني عن يمين العرش و إنما أمر الله تبارك و تعالى أن يستلم ما عن يمين عرشه قلت فكيف صار مقام إبراهيم عن يساره قال لأن لإبراهيم مقاما في القيامة و لمحمد ص مقاما فمقام محمد ص عن يمين عرش ربنا عز و جل و مقام إبراهيم ع عن شمال عرشه فمقام إبراهيم في مقامه يوم القيامة و عرش ربنا مقبل غير مدبر

و حاصله أنه ينبغي أن يتصور أن البيت بإزاء العرش و حذائه في الدنيا و الآخرة و البيت بمنزلة رجل وجهه إلى الناس و وجهه الطرف الذي فيه الباب فإذا توجه إنسان إلى البيت من جهة الباب كان المقام و الركن الشامي عن يمينه و الحجر الأسود و الركن اليماني عن يساره فإذا فرض البيت إنسانا مواجها تنعكس النسبة فيمينه يحاذي يسارنا و بالعكس و عرش ربنا مقبل أي بمنزلة رجل مقبل و يمكن أن يكون تسمية الجانب الذي يلي الشامي شمالا في خبر السياري لأنه أضعف جانبي الكعبة كما أن الشمال أضعف جانبي الإنسان لأن أشرف   أجزاء الكعبة و هي الحجر و الركن اليماني واقعة على الجانب المقابل فهو بمنزلة اليمين

12-  العلل، بالإسناد إلى وهب قال إن الرِّيحَ الْعَقِيمَ تحت هذه الأرض التي نحن عليها قد زمت بسبعين ألف زمام من حديد قد وكل بكل زمام سبعون ألف ملك فلما سلطها الله عز و جل على عاد استأذنت خزنة الريح ربها عز و جل أن تخرج منها في مثل منخر الثور و لو أذن الله عز و جل لها ما تركت شيئا على ظهر الأرض إلا أحرقته فأوحى الله عز و جل إلى خزنة الريح أن أخرجوا منها في مثل ثقب الخاتم فأهلكوا بها و بها ينسف الله عز و جل الجبال نسفا و التلال و الآكام و المدائن و القصور يوم القيامة و ذلك قوله عز و جل وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً و القاع الذي لا نبات فيه و الصفصف الذي لا عوج فيه و الأمت المرتفع و إنما سميت العقيم لأنها تلقحت بالعذاب و تعقمت عن الرحمة كتعقم الرجل إذا كان عقيما لا يولد له الخبر

 بيان قال الجوهري نسفت البناء نسفا قلعته و قال القاع المستوي من الأرض و كذا الصفصف و قال الأمت المكان المرتفع و قوله تعالى لا تَرى فِيها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً أي لا انخفاض فيها و لا ارتفاع

13-  قصص الراوندي، بإسناده إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن زرعة عن سماعة عن أبي عبد الله ع قال إذا هاجت الرياح فجاءت بالسافي الأبيض و الأسود و الأصفر فإنه رميم قوم عاد

 بيان في القاموس سفت الريح التراب تسفيه ذرته أو حملته كأسفته فهو ساف و سفى انتهى أقول يمكن تخصيصه ببعض البلاد القريبة من بلادهم كمدينة ضاعف الله شرفها و لا بعد في التعميم أيضا

    -14  العياشي، عن ابن وكيع عن رجل عن أمير المؤمنين ع قال قال رسول الله لا تسبوا الريح فإنها بشر و إنها نذر و إنها لواقح فاسألوا الله من خيرها و تعوذوا به من شرها

 بيان أي إنها مأمورة مبعوثة بأمر الله إما للبشارة بالمطر و غيره أو للإنذار أو لإلقاح الأشجار أو لسوق السحب إلى الأقطار كما مر فسبها باطل لا ينفعكم بل يضركم فاسألوا الله الذي بعثها ليجعلها نافعة لكم و يصرف شرها عنكم

15-  العياشي، عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال لله رياح رحمة لواقح ينشرها بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ

16-  الكافي، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن محمد بن رئاب و هشام بن سالم عن أبي بصير قال سألت أبا جعفر ع عن الرياح الأربع الشمال و الجنوب و الصبا و الدبور و قلت له إن الناس يذكرون أن الشمال من الجنة و الجنوب من النار فقال إن لله عز و جل جنودا من رياح يعذب بها من يشاء ممن عصاه فلكل ريح منها ملك موكل بها فإذا أراد الله عز ذكره أن يعذب قوما بنوع من العذاب أوحى إلى الملك الموكل بذلك النوع من الريح التي يريد أن يعذبهم بها قال فيأمرها الملك فتهيج كما يهيج الأسد المغضب و قال و لكل ريح منهن اسم أ ما تسمع قوله عز و جل كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ و قال الرِّيحَ الْعَقِيمَ و قال رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ و قال فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ و ما ذكر من الرياح التي يعذب الله بها من عصاه و قال و لله عز   ذكره رياح رحمة لواقح و غير ذلك ينشرها بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ منها ما يهيج السحاب للمطر و منها رياح تحبس السحاب بين السماء و الأرض و رياح تعصر السحاب فتمطر بإذن الله و منها رياح تفرق السحاب و منها رياح مما عدد الله في الكتاب فأما الرياح الأربع الشمال و الجنوب و الصبا و الدبور فإنما هي أسماء الملائكة الموكلين بها فإذا أراد الله أن يهب شمالا أمر الملك الذي اسمه الشمال فيهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الشمال حيث يريد الله من البر و البحر فإذا أراد الله أن يبعث جنوبا أمر الملك الذي اسمه الجنوب فهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الجنوب في البر و البحر حيث يريد الله و إذا أراد الله أن يبعث الصبا أمر الملك الذي اسمه الصبا فهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الصبا حيث يريد الله عز و جل في البر و البحر و إذا أراد الله أن يبعث دبورا أمر الملك الذي اسمه الدبور فهبط على البيت الحرام فقام على الركن الشامي فضرب بجناحه فتفرقت ريح الدبور حيث يريد الله من البر و البحر ثم قال أبو جعفر عليه السلام أ ما تسمع لقوله ريح الشمال و ريح الجنوب و ريح الصبا و ريح الدبور إنما تضاف إلى الملائكة الموكلين بها

 الخصال، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن العباس بن معروف عن ابن محبوب مثله إلى قوله فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ و ذكر رياحا في العذاب ثم قال فريح الشمال و ريح الصبا و ريح الجنوب و ريح الدبور أيضا   تضاف إلى الملائكة الموكلين بها

بيان قال الفيروزآبادي الشمال بالفتح و يكسر الريح التي تهب من قبل الحجر أو ما استقبلك عن يمينك و أنت مستقبل القبلة و الصحيح أنه ما مهبه بين مطلع الشمس و بنات النعش أو من مطلع النعش إلى مسقط النسر الطائر و يكون اسما و صفة و لا تكاد تهب ليلا و قال الجنوب ريح تخالف الشمال مهبه من مطلع سهيل إلى مطلع الثريا و قال الصبا ريح مهبها من مطلع الثريا إلى بنات نعش و قال الدبور ريح تقابل الصبا و قال الشهيد قدس سره في الذكرى الجنوب محلها ما بين مطلع سهيل إلى مطلع الشمس في الاعتدالين و الصبا محلها ما بين الشمس إلى الجدي و الشمال محلها من الجدي إلى مغرب الشمس في الاعتدال و الدبور محلها من مغرب الشمس إلى مطلع سهيل قوله تعالى وَ نُذُرِ أي إنذار لهم بالعذاب قبل نزولها أو لمن بعدهم في تعذيبهم و الريح العقيم قيل هي الدبور و قيل هي الجنوب و قيل النكباء و قال الجوهري الإعصار ريح تثير الغبار إلى السماء كأنه عمود و قيل هي ريح تثير سحابا ذات رعد و برق قوله ع فتفرقت ريح الشمال لا يتوهم أنه يلزم من ذلك أن يكون مهب جميع الرياح جهة القبلة و ذلك لأنه لعظمة الملك و جناحه يمكن أن يتحرك رأس جناحه بأي موضع أراد و يرسلها إلى أي جهة أمر بالإرسال إليها و إنما أمر بالقيام على الكعبة لشرافتها و كونها في محل رحماته تعالى و مصدرها و قيل ضرب الجناح علامة أمر الملك الريح للهبوب قوله ع أ ما تسمع لقوله أي لقول القائل و كأنه ع استدل بهذه العبارات الشائعة على ما ذكره من أنها أسماء الملائكة إذ الظاهر من الإضافة كونها لامية و البيانية نادرة و إن كان القائلون لم يعرفوا هذا المعنى لأنهم سمعوا ممن تقدمهم و هكذا إلى أن ينتهي إلى من أطلق ذلك على وجه المعرفة

    -17  الكافي، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال إن لله تبارك و تعالى ريحا يقال لها الأزيب لو أرسل منها مقدار منخر الثور لأثارت ما بين السماء و الأرض و هي الجنوب

 بيان قوله و هي الجنوب من كلام بعض الرواة أو من كلامه ع و على التقديرين لعل المراد به أنها نوع منها أو قريب منها قال في القاموس الأزيب كالأحمر الجنوب و النكباء تجري بينها و بين الصبا و قال النكباء ريح انحرفت و وقعت بين ريحين أو بين الصبا و الشمال أو نكب الرياح الأربع الأزيب نكباء الصبا و الجنوب و الصابية و تسمى النكيباء أيضا نكباء الصبا و الشمال و الجربياء نكباء الشمال و الدبور و هي نيحة الأزيب و الهيف نكباء الجنوب و الدبور و هي نيحة النكيباء و نحوه قال الجوهري و قال كل ريح استطالت أثرا فهبت عليه ريحا طولا فهي نيحة فإن اعترضته فهي نسيجته

18-  نوادر الراوندي، بإسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه ع قال قال رسول الله ص نصرت بالصبا و أهلكت عاد بالدبور و ما هاجت الجنوب إلا سقى الله بها غيثا و أسال بها واديا

19-  الاحتجاج، قال الصادق ع للزنديق الذي سأله مسائل الريح لو حبست أياما لفسدت الأشياء جميعا و تغيرت و سأله عن جوهر الريح فقال الريح هواء إذا تحرك سمي ريحا فإذا سكن سمي هواء و به قوام الدنيا و لو كفت الريح ثلاثة أيام لفسد كل شي‏ء على وجه الأرض و نتن و ذلك أن الريح بمنزلة المروحة تذب و تدفع الفساد عن كل شي‏ء و تطيبه فهي بمنزلة الروح إذا   خرج عن البدن نتن البدن و تغير فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ

20-  الكافي، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن معروف بن خربوذ عن أبي جعفر ع قال إن لله عز و جل رياح رحمته و رياح عذاب فإن شاء الله أن يجعل الرياح من العذاب رحمة فعل قال و لن يجعل الله الرحمة من الريح عذابا قال و ذلك أنه لم يرحم قوما قط أطاعوه و كانت طاعتهم إياه وبالا عليهم إلا من بعد تحولهم عن طاعته قال و كذلك فعل بقوم يونس لما آمنوا رحمهم الله بعد ما كان قدر عليهم العذاب و قضاه ثم تداركهم برحمته فجعل العذاب المقدر عليهم رحمة فصرفه عنهم و قد أنزله عليهم و غشيهم و ذلك لما آمنوا به و تضرعوا إليه قال و أما الريح العقيم فإنها ريح عذاب لا تلقح شيئا من الأرحام و لا شيئا من النبات و هي ريح تخرج من تحت الأرضين السبع و ما خرجت منها ريح قط إلا على قوم عاد حين غضب الله عليهم فأمر الخزان أن يخرجوا منها على مقدار سعة الخاتم قال فعتت على الخزان فخرج منها على مقدار منخر الثور تغيضا منها على قوم عاد قال فضج الخزان إلى الله عز و جل من ذلك فقالوا ربنا إنها قد عتت عن أمرنا إنا نخاف أن تهلك من لم يعصك من خلقك و عمار بلادك قال فبعث الله إليها جبرئيل فاستقبلها بجناحه فردها إلى موضعها و قال لها اخرجي على ما أمرت به قال فخرجت على ما أمرت به و أهلكت قوم عاد و من كان بحضرتهم

21-  الشهاب، عن النبي ص قال نصرت بالصبا و أهلكت عاد بالدبور

 الضوء الصبا هي الريح التي تضرب قفا المصلي و بإزائها الدبور و الشمال التي تضرب يمين المصلي و بإزائها الجنوب و قالوا مهب الصبا المستوي أن تهب من مطلع الشمس إذا استوى الليل و النهار و زعموا أن الدبور تزعج السحاب و تشخصه في الهواء ثم تسوقه فإذا علا كشفت عنه و استقبلته الصبا فوضعته بعضه على بعض حتى تصير   كسفا واحدا و الجنوب تحلق روادفه به و تمده من المدد و الشمال تمزق السحاب و النكباء هي التي بين الصبا و الشمال و الذي في الحديث إشارة إلى نصرة الله تعالى رسوله بالصبا لما أرسلها على الأحزاب

22-  و عن ابن عمر الرياح ثمانية أربع منها رحمة و أربع عذاب فأما الرحمة فالناشرات و المبشرات و المرسلات و الذاريات و أما العذاب فالعقيم و الصرصر و هما في البر و العاصف و القاصف في البحر

23-  و روي أنه فتح على عاد من الريح التي أهلكتهم مثل حلقة الخاتم

24-  و عن مجاهد ما بعث الله عز و جل ريحا إلا بمكيال إلا يوم عاد فإنها عتت على الخزنة فلم يدر ما مقدارها

25-  و في الحديث أن الله تعالى خلق في الجنة ريحا و أن من دونها بابا مغلقا و لو فتح ذلك الباب لأذرت ما بين السماء و الأرض و هي الأزيب و هي عندكم الجنوب

26-  و عن العوام بن حوشب أنه قال تخرج الجنوب من الجنة فتمر على جهنم فغمها منه و بركتها من الجنة و تخرج الشمال من جهنم فتمر على الجنة فروحها من الجنة و شرها من النار قلت و قد سمعت أن السموم لا تكون إلا الشمال تهب على الرمال المضطرمة و الأرضين المتوجهة فتكتسي للطافتها و رقتها منها زيادة الحرارة فتهب نارا ملتهبة فتقتل و تسود الجلود

27-  و قال كعب لو حبس الله الريح من الأرض ثلاثة أيام لأنتن ما بين السماء و الأرض

28-  و كان النبي ص إذا رأى الريح قد هاجت يقول اللهم اجعلها رياحا و لا تجعلها ريحا

 و أكثر ما في القرآن من الرياح للخير و الريح بالعكس من ذلك و قيل الريح الهواء المتحرك و فائدة الحديث الإنباء بأن الله تعالى خلق نصره في الأحزاب بريح الصبا تكبهم على وجوههم و تثير السافياء في أعينهم فيعجزون عن مقاومة أصحاب   النبي ص و راوي الحديث سعيد بن جبير عن ابن عباس

29-  الدر المنثور، عن أبي بن كعب قال كل شي‏ء في القرآن من الرياح فهي رحمة و كل شي‏ء في القرآن من الريح فهو عذاب

30-  و عن ابن عباس قال الماء و الريح جندان من جنود الله و الريح جند الله الأعظم

31-  و عن ابن عباس و عن ابن عمر قالا الريح ثمان أربع منها رحمة و أربع منها عذاب فأما الرحمة فالناشرات و المبشرات و المرسلات و الذاريات و أما العذاب فالعقيم و الصرصر و هما في البر و العاصف و القاصف و هما في البحر و في رواية ابن عباس مكان الذاريات الرخاء

32-  و في رواية أخرى الرياح سبع الصبا و الدبور و الجنوب و الشمال و الحزوق و النكباء و ريح القائم فأما الصبا فتجي‏ء من المشرق و أما الدبور فتجي‏ء من المغرب و أما الجنوب فتجي‏ء عن يسار القبلة و الشمال عن يمين القبلة و أما النكباء فبين الصبا و الجنوب و أما الحزوق فبين الشمال و الدبور و أما رياح القائم فأنفاس الخلق

33-  و عن الحسن قال جعلت الرياح على الكعبة فإذا أردت أن تعلم ذلك فأسند ظهرك إلى باب الكعبة فإن الشمال عن شمالك و هي مما يلي الحجر و الجنوب عن يمينك و هي مما يلي الحجر الأسود و الصبا عن مقابلك و هي مستقبل باب الكعبة و الدبور من دبر الكعبة

34-  و عن حسن بن علي الجعفي قال سألت إسرائيل بن يونس على   أي شي‏ء سميت الريح قال على القبلة شماله الشمال و جنوبه الجنوب و الصبا ما جاء من قبل وجهها و الدبور ما جاء من خلفها

35-  و عن ابن عباس قال الشمال ما بين الجدي و مطلع الشمس و الجنوب ما بين مطلع الشمس و سهيل و الصبا ما بين مغرب الشمس إلى الجدي و الدبور ما بين مغرب الشمس إلى سهيل

36-  و عن كعب لو احتبست الريح عن الناس ثلاثة أيام لأنتن ما بين السماء و الأرض

37-  و عن صفوان بن سليم قال قال رسول الله ص لا تسبوا الريح و عوذوا بالله من شرها

38-  و عن ابن عباس أن رجلا لعن الريح فقال له النبي ص لا تلعن الريح فإنها مأمورة فإنه من لعن شيئا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه

39-  و عن ابن عباس قال ما هبت ريح قط إلا جثا النبي ص على ركبتيه و قال اللهم اجعلها رحمة و لا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا و لا تجعلها ريحا قال ابن عباس تفسير ذلك في كتاب الله أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ و قال وَ أَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ

40-  و عن مجاهد قال هاجت ريح فسبوها فقال ابن عباس لا تسبوها فإنها تجي‏ء بالرحمة و تجي‏ء بالعذاب و لكن قولوا اللهم اجعلها رحمة و لا تجعلها عذابا

41-  و عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال قال رسول الله ص لا تسبوا الليل و النهار و لا الشمس و لا القمر و لا الريح فإنها تبعث عذابا على قوم و رحمة على آخرين

    -42  و عن ابن عباس قال الرِّيحَ الْعَقِيمَ الشديد التي لا تلقح الشجر و لا تثير السحاب و لا بركة فيها و لا منفعة و لا ينزل منها غيث و لا يلقح بها شجر

43-  و عن ابن عمر قال قال رسول الله ص الريح مسجنة في الأرض الثانية فلما أراد الله أن يهلك عادا أمر خازن الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عادا قال أي رب أرسل عليهم من الريح قدر منخر الثور قال له الجبال لا إذا تكفأ الأرض و من عليها و لكن أرسل عليهم بقدر خاتم فهي التي قال الله ما تَذَرُ مِنْ شَيْ‏ءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ

44-  و عن سعيد بن المسيب قال هي الجنوب

45-  و عن علي ع قال لم تنزل قطرة من ماء إلا بمكيال على يد ملك إلا يوم الطوفان فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت و ذلك قوله إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ و لم ينزل شي‏ء من الريح إلا بمكيال على يد ملك إلا يوم عاد فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت فذلك قوله بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ عتت على الخزان

46-  و عنه عن النبي ص قال نصرت بالصبا و أهلكت عاد بالدبور و قال ما أمر الخزان أن يرسلوا على عاد إلا مثل موضع الخاتم من الريح فعتت على الخزان فخرجت من نواحي الأبواب فذلك قول الله بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ قال عتوها عتت على الخزان فبدأت بأهل البادية منهم فحملتهم بمواشيهم و بيوتهم فأقبلت بهم إلى   الحاضرة فلما رأوها قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا فلما دنت الريح أظلتهم استبقوا الناس و المواشي فيها فألقت البادية على أهل الحاضرة فقصفتهم فهلكوا جميعا

47-  و عن قبيصة بن ذؤيب قال ما يخرج من الريح شي‏ء إلا عليها خزان يعلمون قدرها و عددها و وزنها و كيلها حتى كانت الريح التي أرسلت إلى عاد فاندفق منها شي‏ء لا يعلمون قدره و لا وزنه و لا كيله غضبا لله و لذلك سميت عاتية و الماء كذلك حتى كان أمر نوح ع و لذلك سمي طاغية

48-  و عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله ص الرياح ثمان أربع منها عذاب و أربع منها رحمة فالعذاب منها العاصف و الصرصر و العقيم و القاصف و الرحمة منها الناشرات و المبشرات و المرسلات و الذاريات فيرسل الله المرسلات فتثير السحاب ثم يرسل المبشرات فتلقح السحاب ثم يرسل الذاريات فتحمل السحاب فتدركما تدر اللقحة ثم تمطر و هن اللواقح ثم يرسل الناشرات فتنشر ما أراد

49-  و عن خالد بن عرعرة قال قام رجل إلى علي فقال ما العاصفات عصفا قال الرياح

بيان في القاموس الحزيق الريح الباردة الشديدة الهبابة كالحزوق و اللينة السهلة ضد و الراجعة المستمرة السير أو الطويلة الهبوب و اللقحة بالفتح و الكسر الناقة الحلوب

ذنابة

ذكر الفلاسفة في سبب حدوث الرياح على أصولهم أن البخار إذا ثقل بواسطة   البرودة المكتسبة من الطبقة الزمهريرية و اندفع إلى أسفل فصار لتسخنه بالحركة الموجبة لتلطيفه هواء متحركا و هو الريح و قد يكون الاندفاع يعرض بسبب تراكم السحب الموجبة لحركة ما يليها من الهواء لامتناع الخلأ فيصير السحاب من جانب إلى جهة أخرى و قد يكون لانبساط الهواء بالتخلخل في جهة و اندفاعه من جهة أخرى و قد يكون بسبب يرد الدخان المتصاعد بعد وصوله إلى الطبقة الزمهريرية و نزوله. قالوا و من الرياح ما يكون سموما محرقا لاحتراقه في نفسه بالأشعة السماوية أو لحدوثه من بقية مادة الشهب أو لمروره بالأرض الحارة جدا لأجل غلبة نارية عليها و قد يقع تقاوم في ما بين ريحين متقابلتين قويتين تلتقيان فتستديران أو في ما بين رياح مختلفة الجهة حادثة فتدافع تلك الرياح الأجزاء الأرضية المشتملة عليها فتضغط تلك الأجزاء بينها مرتفعة كأنها تلتوي على نفسها فيحصل الدوران المسمى بالزوبعة و الإعصار و ربما اشتملت الزوابع العظام على قطعة من السحاب بل على بخار مرتفع فترى نارا تدور و مهاب الرياح اثنا عشر و هي حدود الأفق الحاصلة من تقاطعه مع كل من دائرة نصف النهار و الموازيتين لها المماستين للدائمة الظهور و الخفاء و دائرة المشرق و المغرب الاعتداليين و الموازيتين لها المساويتين برأس السرطان و الجدي و لكل ريح منها اسم و المشهورات عند العرب أربعة ريح الشمال و ريح الجنوب و ريح الصبا و هي الشرقية ريح الدبور و هي الغربية و البواقي تسمى نكباء