باب 5- أحوال أولاده و أزواجه صلوات الله عليهم و بناء البيت

 الآيات البقرة وَ إِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَ أَمْناً وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى وَ عَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنا وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَ أَرِنا مَناسِكَنا وَ تُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَ لَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ  لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ الأنعام وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا هود وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَ أَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ قالَتْ يا وَيْلَتى أَ أَلِدُ وَ أَنَا عَجُوزٌ وَ هذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ قالُوا أَ تَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَ جاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ إبراهيم وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَ ما نُعْلِنُ وَ ما يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ فِي الْأَرْضِ وَ لا فِي السَّماءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنا وَ تَقَبَّلْ دُعاءِ رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسابُ مريم فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا الأنبياء وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ وَ جَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَ إِقامَ الصَّلاةِ وَ إِيتاءَ الزَّكاةِ وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ و قال تعالى وَ إِسْماعِيلَ وَ إِدْرِيسَ وَ ذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ الحج وَ إِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ  وَ الْقائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ وَ يَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ

 العنكبوت وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ جَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَ الْكِتابَ وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ الذاريات هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَ بَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍتفسير قال الطبرسي قدس الله روحه في قوله سبحانه وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ في المقام دلالة ظاهرة على نبوة إبراهيم ع فإن الله سبحانه جعل الحجر تحت قدمه كالطين حتى دخلت قدمه فيه فكان ذلك معجزة له

 و روي عن الباقر ع أنه قال نزلت ثلاثة أحجار من الجنة مقام إبراهيم و حجر بني إسرائيل و الحجر الأسود استودعه الله إبراهيم حجرا أبيض و كان أشد بياضا من القراطيس فاسود من خطايا بني آدم

و قال ابن عباس لما أتى إبراهيم بإسماعيل و هاجر فوضعهما بمكة و أتت على ذلك مدة و نزلها الجرهميون و تزوج إسماعيل امرأة منهم و ماتت هاجر استأذن إبراهيم سارة أن يأتي هاجر فأذنت له و شرطت عليه أن لا ينزل فقدم إبراهيم ع و قد ماتت هاجر فذهب إلى بيت إسماعيل فقال لامرأته أين صاحبك فقالت ليس هو هاهنا ذهب يتصيد و كان إسماعيل يخرج من الحرم فيتصيد ثم يرجع فقال لها إبراهيم هل عندك ضيافة قالت ليس عندي شي‏ء و ما عندي أحد فقال لها إبراهيم إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام و قولي له فليغير عتبة بابه و ذهب إبراهيم ع و جاء إسماعيل ع و وجد ريح أبيه فقال لامرأته هل جاءك أحد قالت جاءني شيخ صفته كذا و كذا كالمستخفة  بشأنه قال فما قال لك قالت قال لي أقرئي زوجك السلام و قولي له فليغير عتبة بابه فطلقها و تزوج أخرى فلبث إبراهيم ما شاء الله أن يلبث ثم استأذن سارة أن يزور إسماعيل فأذنت له و اشترطت عليه أن لا ينزل فجاء إبراهيم حتى انتهى إلى باب إسماعيل فقال لامرأته أين صاحبك قالت يتصيد و هو يجي‏ء الآن إن شاء الله فانزل يرحمك الله قال لها هل عندك ضيافة قالت نعم فجاءت باللبن و اللحم فدعا لها بالبركة فلو جاءت يومئذ بخبز برا و شعيرا و تمرا لكان أكثر أرض الله برا و شعيرا و تمرا فقالت له انزل حتى أغسل رأسك فلم ينزل فجاءت بالمقام فوضعته على شقه الأيمن فوضع قدمه عليه فبقي أثر قدمه عليه فغسلت شق رأسه الأيمن ثم حولت المقام إلى شق رأسه الأيسر فبقي أثر قدمه عليه فغسلت شق رأسه الأيسر فقال لها إذا جاء زوجك فأقرئيه السلام و قولي له قد استقامت عتبة بابك فلما جاء إسماعيل وجد ريح أبيه فقال لامرأته هل جاءك أحد قالت نعم شيخ أحسن الناس وجها و أطيبهم ريحا و قال لي كذا و كذا و غسلت رأسه و هذا موضع قدميه على المقام قال لها إسماعيل ذلك إبراهيم ع.

 و قد روى هذه القصة علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان عن الصادق ع و إن اختلفت بعض ألفاظه و قال في آخرها إذا جاء زوجك فقولي له قد جاء هاهنا شيخ و هو يوصيك بعتبة بابك خيرا قال فأكب إسماعيل على المقام يبكي و يقبله

 و في رواية أخرى عنه ع أن إبراهيم ع استأذن سارة أن يزور إسماعيل فأذنت له على أن لا يلبث عنها و أن لا ينزل عن حماره فقيل له كيف كان ذلك فقال إن الأرض طويت له

 و عن ابن عمر عن النبي ص قال الركن و المقام ياقوتان من ياقوت الجنة طمس الله نورهما و لو لا أن نورهما طمس لأضاء ما بين المشرق و المغرب

 أَنْ طَهِّرا أي قلنا لهما طهرا بيتي أضاف البيت إلى نفسه تفضيلا له على سائر البقاع و في التطهير وجوه. أحدها أن المراد طهراه من الفرث و الدم الذي كان المشركون تطرحه عند البيت قبل أن يصير في يد إبراهيم و إسماعيل و ثانيها طهراه من الأصنام التي كانوا يعلقونها  على باب البيت و ثالثها طهراه ببنائكما له على الطهارة كقوله تعالى أَ فَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ. لِلطَّائِفِينَ وَ الْعاكِفِينَ أكثر المفسرين على أن الطائفين هم الدائرون حول البيت و العاكفين هم المجاورون للبيت و قيل الطائفون الطارئون على مكة من الآفاق و العاكفون المقيمون فيها وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ هم المصلون. رَبِّ اجْعَلْ هذا أي مكة بَلَداً آمِناً أي ذا أمن قال ابن عباس يريد لا يصاد طيره و لا يقطع شجره و لا يختلى خلاه وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ

 روي عن أبي جعفر ع أن المراد بذلك أن الثمرات تحمل إليهم من الآفاق

 و روي عن الصادق ع قال إنما هو ثمرات القلوب أي حببهم إلى الناس ليثوبوا إليهم

 مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ إنما خصهم لأنه تعالى كان قد أعلمه أنه يكون في ذريته الظالمون فخص بالدعاء رزق المؤمنين تأدبا بأدب الله فيهم قالَ وَ مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا أي قال الله قد استجبت دعوتك فيمن آمن منهم و من كفر فأمتعه بالرزق الذي أرزقه إلى وقت مماته ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ أي أدفعه إليها في الآخرة. وَ إِذْ يَرْفَعُ أي اذكر إذ يرفع إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ أي أصول البيت التي كانت قبل ذلك عن ابن عباس و عطا قالا قد كان آدم بناه ثم عفا أثره فجدده إبراهيم و هو المروي عن أئمتنا صلوات الله عليهم

 و في كتاب العياشي بإسناده عن الصادق ع قال إن الله تعالى أنزل الحجر الأسود من الجنة لآدم ع و كانت البيت درة بيضاء فرفعه الله تعالى إلى السماء و بقي أساسه فهو حيال هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أبدا فأمر الله إبراهيم و إسماعيل أن يبنيا البيت على القواعد

 وَ إِسْماعِيلُ  أي يرفع إبراهيم و إسماعيل أساس الكعبة يقولان رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا فكان إبراهيم يبني و إسماعيل يناوله الحجارة.

 و روي عن الباقر ع أن إسماعيل أول من شق لسانه بالعربية فكان أبوه يقول له و هما يبنيان البيت يا إسماعيل هابي ابن أي أعطني حجرا فيقول له إسماعيل يا أبت هاك حجرا فإبراهيم يبني و إسماعيل يناوله الحجارة

 وَ اجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ أي في بقية عمرنا كما جعلتنا مسلمين في ماضي عمرنا و قيل أي قائمين بجميع شرائع الإسلام مطيعين لك لأن الإسلام هو الطاعة و الانقياد مِنْ ذُرِّيَّتِنا أي و اجعل من أولادنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ أي جماعة موحدة منقادة لك يعني أمة محمد ص

 روي عن الصادق ع أن المراد بالأمة بنو هاشم خاصة و إنما خصا بعضهم لأنه تعالى أعلم إبراهيم أن في ذريته من لا ينال عهده لما يرتكبه من الظلم

 وَ أَرِنا مَناسِكَنا أي عرفنا المواضع التي تتعلق النسك بها لنفعله عندها وَ تُبْ عَلَيْنا فيه وجوه. أحدها أنهما قالا هذه الكلمة على وجه التسبيح و التعبد و الانقطاع إلى الله ليقتدي بهما الناس فيها. و ثانيها أنهما سألا التوبة على ظلمة ذريتهما. و ثالثها أن معناه ارجع علينا بالمغفرة و الرحمة.   وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا هو نبينا محمد ص كما قال أنا دعوة أبي إبراهيم و بشارة عيسى. وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ أي لا يترك دين إبراهيم و شريعته إلا من أهلك نفسه و أوبقها و قيل أضل نفسه و قيل جهل قدره و قيل جهل نفسه بما فيها من الآيات الدالة على أن لها صانعا لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ. وَ لَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا أي اخترناه بالرسالة وَ إِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ أي من الفائزين و قيل أي لمع الصالحين أي مع آبائه الأنبياء في الجنة إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أي اصطفيناه حين قال له ربه أَسْلِمْ و اختلف في أنه متى قيل له ذلك فقال الحسن كان هذا حين أفلت الشمس و رأى إبراهيم تلك الآيات و الأدلة و قال يا قَوْمِ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ و قال ابن عباس إنما قال ذلك إبراهيم حين خرج من السرب و إنما قال ذلك بعد النبوة و معنى أَسْلِمْ استقم على الإسلام و اثبت على التوحيد و قيل معنى أسلم أخلص دينك بالتوحيد قالَ أَسْلَمْتُ أي أخلصت الدين لله رب العالمين وَ وَصَّى بِها أي بالملة أو بالكلمة التي هي قوله أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ و قيل بكلمة التوحيد إِبْراهِيمُ بَنِيهِ إنما خص البنين لأن إشفاقه عليهم أكثر و هم بقبول وصيته أجدر و إلا فمن المعلوم أنه كان يدعو جميع الأنام إلى الإسلام وَ يَعْقُوبُ أي و وصى يعقوب بنيه إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ أي اختار لكم دين الإسلام فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أي فلا تتركوا الإسلام فيصادفكم الموت على تركه. وَ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا قيل كانوا ثلاثة جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل عن ابن عباس و قيل أربعة عن أبي عبد الله ع قيل و الرابع اسمه كروبيل و قيل تسعة و قيل أحد عشر و كانوا على صورة الغلمان بِالْبُشْرى أي بالبشارة بإسحاق و نبوته و أنه يولد له يعقوب

 و روي عن أبي جعفر ع أن هذه البشارة كانت بإسماعيل من هاجر

  و قيل بإهلاك قوم لوط قالُوا سَلاماً أي سلمنا سلاما أو أصبت سلاما أي سلامة فَضَحِكَتْ أي تعجبا من غفلة قوم لوط مع قرب نزول العذاب بهم أو من امتناعهم عن الأكل و خدمتها إياهم بنفسها و قيل ضحكت لأنها قالت لإبراهيم اضمم إليك ابن أخيك إني أعلم أنه سينزل بهؤلاء عذاب فضحكت سرورا لما أتى الأمر على ما توهمت و قيل تعجبا و سرورا من البشارة بإسحاق لأنها كانت هرمت و هي بنت ثمان و تسعين أو تسع و تسعين و قد كان شاخ زوجها و كان ابن تسع و تسعين سنة أو مائة سنة و قيل مائة و عشرين سنة و لم يرزق لهما ولد في حال شبابهما ففي الكلام تقديم و تأخير و روي ذلك عن أبي جعفر ع وَ مِنْ وَراءِ إِسْحاقَ أي بعد إسحاق و عن ابن العباس الوراء ولد الولد و قيل إن ضحكت بمعنى حاضت و روي ذلك عن الصادق ع يقال ضحكت الأرنب أي حاضت رَحْمَتُ اللَّهِ خبر أو دعاء يُجادِلُنا أي يجادل رسلنا و يسائلهم فِي قَوْمِ لُوطٍ بما سيأتي في الأخبار أو يسألهم بم يستحقون العذاب و كيف يقع عليهم و كيف ينجي الله المؤمنين فسمي الاستقصاء في السؤال جدالا فقالت الملائكة يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا القول إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ بالعذاب فهو نازل بهم لا محالة. هَذَا الْبَلَدَ يعني مكة و ما حولها من الحرم رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ أي ضل بعبادتهن كثير من الناس فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي أي من تبعني من ذريتي التي أسكنتهم هذا البلد على ديني في عبادة الله وحده فإنه من جملتي و حاله كحالي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أي ساتر على العباد معاصيهم رحيم بهم في جميع أحوالهم منعم عليهم رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي يريد إسماعيل مع أمه هاجر و هو أكبر ولده

 و روي عن الباقر ع أنه قال نحن بقية تلك العترة و قال كانت دعوة إبراهيم لنا خاصة

 بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ يريد وادي مكة و هو الأبطح إذ لم يكن بها يومئذ ماء و لا زرع و لا ضرع عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ أضاف البيت إليه إذ لم يملكه أحد سواه و وصفه بالمحرم لأنه لا يستطيع أحد الوصول  إليه إلا بالإحرام و قيل لأنه حرم فيه ما أحل في غيره من البيوت من الجماع و الملابسة بشي‏ء من الأقذار و الدماء و قيل معناه العظيم الحرمة فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ هذا سؤال من إبراهيم ع أن يجعل الله قلوب الخلق تحن إلى ذلك الموضع ليكون في ذلك أنس لذريته و ليدر أرزاقهم على مرور الأوقات

 و عن الباقر ع أنه قال إنما أمر الناس أن يطوفوا بهذه الأحجار ثم ينفروا إلينا فيعلمونا ولايتهم و يعرضوا علينا نصرهم ثم قرأ هذه الآية الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ

قال ابن عباس ولد له إسماعيل و هو ابن تسع و تسعين سنة و ولد له إسحاق و هو ابن مائة و اثنتي عشرة سنة و قال ابن جبير لم يولد لإبراهيم إلا بعد مائة و سبع عشرة سنة وَ لِوالِدَيَّ استدل أصحابنا بهذا على ما ذهبوا إليه من أن أبوي إبراهيم لم يكونا كافرين لأنه إنما سأل المغفرة لهما يوم القيامة فلو كانا كافرين لما سأل ذلك. فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ أي فارقهم و هاجرهم إلى الأرض المقدسة وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ ولدا وَ يَعْقُوبَ ولد ولد وَ كُلًّا من هذين جَعَلْنا نَبِيًّا يقتدى به في الدين وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا أي نعمتنا سوى الأولاد و النبوة من نعم الدين و الدنيا وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ أي ثناء حسنا في الناس عَلِيًّا مرتفعا سائرا في الناس فكل أهل الأديان يتولون إبراهيم و ذريته و يثنون عليهم و يدعون أنهم على دينهم و قيل معناه و علينا ذكرهم بأن محمدا و أمته يذكرونهم بالجميل إلى قيام القيامة بقولهم كما صليت على إبراهيم و آل إبراهيم. وَ كُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ للنبوة و الرسالة أو حكمنا بكونهم صالحين وَ كانُوا لَنا عابِدِينَ أي مخلصين في العبادة. وَ إِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ أي و اذكر يا محمد إذ وطأنا لإبراهيم مَكانَ الْبَيْتِ و عرفناه ذلك بما جعلنا له من العلامة قال السدي إن الله تعالى لما أمره ببناء البيت  لم يدر أين يبني فبعث الله ريحا خجوجا فكنست له ما حول الكعبة عن الأساس الأول الذي كان البيت عليه قبل أن يرفع أيام الطوفان. و قال الكلبي بعث الله سبحانه على قدر البيت فيها رأس تتكلم فقامت بحيال الكعبة و قالت يا إبراهيم ابن على قدري و قيل إن المعنى جعلنا البيت مثواه و مسكنه أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً أي أوحينا إليه أن لا تعبد غيري وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ من الشرك و عبادة الأوثان و القائمين أي المقيمين بمكة أو القائمين في الصلاة وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ أي أعلمهم بوجوب الحج و اختلف في المخاطب به على قولين أحدهما أنه إبراهيم ع عن علي ع و ابن عباس قال قام في المقام فنادى يا أيها الناس إن الله دعاكم إلى الحج فأجابوا لبيك اللهم لبيك. و الثاني أن المخاطب به نبينا ص و جمهور المفسرين على الأول قالوا أسمع الله صوت إبراهيم كل من سبق علمه بأنه يحج إلى يوم القيامة كما أسمع سليمان مع ارتفاع منزلته و كثرة جنوده حوله صوت النمل مع خفضه و سكونه و في رواية عطا عن ابن عباس قال لما أمر الله إبراهيم أن ينادي في الناس بالحج صعد أبا قبيس و وضع إصبعيه في أذنيه و قال يا أيها الناس أجيبوا ربكم فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال و أول من أجابه أهل اليمن. وَ آتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا و هو الذكر الحسن و الولد الصالح أو رضى أهل الأديان به أو أنه أري مكانه في الجنة و قيل بقاء ضيافته عند قبره. الْمُكْرَمِينَ عند الله و قيل أكرمهم إبراهيم فرفع مجالسهم و خدمهم بنفسه و اختلف في عددهم فقيل كانوا اثني عشر ملكا و قيل كان جبرئيل و معه سبعة أملاك و قيل كانوا ثلاثة جبرئيل و ميكائيل و ملك آخر قَوْمٌ مُنْكَرُونَ أي قال في نفسه  هؤلاء قوم لا نعرفهم فَراغَ إِلى أَهْلِهِ أي ذهب إليهم خفيا لئلا يمنعوه من تكلف مأكول فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ و كان مشويا قال قتادة و كان عامة مال إبراهيم البقر فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً أي فلما امتنعوا من الأكل أوجس منهم خيفة و ظن أنهم يريدون به سوءا قالُوا أي الملائكة بِغُلامٍ عَلِيمٍ أي إسماعيل و قيل هو إسحاق لأنه من سارة و هذه القصة لها فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ أي فلما سمعت البشارة سارة أقبلت في صيحة عن ابن عباس و غيره و قيل في جماعة عن الصادق ع و قيل في رنة فَصَكَّتْ وَجْهَها أي جمعت أصابعها فضربت جبينها تعجبا و قيل لطمت وجهها وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ أي أنا عجوز عاقر فكيف ألد قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ أي كما قلنا لك قال ربك إنك ستلدين غلاما فلا تشكي فَما خَطْبُكُمْ أي فما شأنكم و لأي أمر جئتم و كأنه قال جئتم لأمر عظيم فما هو

 1-  فس، ]تفسير القمي[ قوله طَهِّرا بَيْتِيَ قال الصادق ع يعني نح عنه المشركين و قال لما بنى إبراهيم ع البيت و حج الناس شكت الكعبة إلى الله تبارك و تعالى ما يلقى من أنفاس المشركين فأوحى الله إليها قري كعبة فإني أبعث في آخر الزمان قوما يتنظفون بقضبان الشجر و يتخللون قوله وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ فإنه دعا إبراهيم ربه أن يرزق من آمن به فقال الله يا إبراهيم وَ مَنْ كَفَرَ أيضا أرزقه فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ قوله رَبَّنا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا فإنه يعني من ولد إسماعيل ع فلذلك قال رسول الله ص أنا دعوة أبي إبراهيم ع

 2-  فس، ]تفسير القمي[ قوله رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً يعني مكة رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ فإن الأصنام لم تضل و إنما ضل الناس بها قوله وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ أي من ثمرات القلوب لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ يعني لكي يشكروا

 و حدثني أبي عن حنان عن  أبي جعفر ع في قوله رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ الآية قال نحن و الله بقية تلك العترة قوله رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ قال إنما نزلت و لولدي إسماعيل و إسحاق

 بيان قال في مجمع البيان قرأ الحسين بن علي و أبو جعفر محمد بن علي ع و الزهري و إبراهيم النخعي و لولدي و قرأ يحيى بن يعمر و لولدي

 3-  فس، ]تفسير القمي[ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ يعني إبراهيم وَ وَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا يعني لإبراهيم و إسحاق و يعقوب مِنْ رَحْمَتِنا يعني رسول الله ص وَ جَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا يعني أمير المؤمنين ع حدثني بذلك أبي عن الإمام الحسن العسكري ع

 4-  فس، ]تفسير القمي[ نافِلَةً قال ولد ولد قوله فِي صَرَّةٍ أي في جماعة فَصَكَّتْ وَجْهَها أي غطته بما بشرها جبرئيل ع بإسحاق وَ قالَتْ إني عَجُوزٌ عَقِيمٌ أي لا تلد

 5-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن ابن معروف عن علي بن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن علي بن منصور عن كلثوم بن عبد المؤمن الحراني عن أبي عبد الله ع قال أمر الله عز و جل إبراهيم ع أن يحج و يحج بإسماعيل معه و يسكنه الحرم قال فحجا على جمل أحمر ما معهما إلا جبرئيل فلما بلغا الحرم قال له جبرئيل ع يا إبراهيم انزلا فاغتسلا قبل أن تدخلا الحرم فنزلا و اغتسلا و أراهما كيف تهيئا للإحرام ففعلا ثم أمرهما فأهلا بالحج و أمرهما بالتلبية الأربع التي لبى بها المرسلون ثم سار بهما حتى أتى بهما باب الصفا فنزلا عن البعير و قام جبرئيل بينهما فاستقبل البيت فكبر و كبرا و حمد الله و حمدا و مجد الله و مجدا و أثنى عليه ففعلا مثل ما فعل و تقدم جبرئيل و تقدما يثنون على الله و يمجدونه حتى انتهى  بهما إلى موضع الحجر فاستلم جبرئيل ع الحجر و أمرهما أن يستلما و طاف بهما أسبوعا ثم قام بهما في موضع مقام إبراهيم فصلى ركعتين و صليا ثم أراهما المناسك و ما يعملانه فلما قضيا نسكهما أمر الله عز و جل إبراهيم بالانصراف و أقام إسماعيل وحده ما معه أحد غيره فلما كان من قبل قابل أذن الله عز و جل لإبراهيم في الحج و بناء الكعبة و كانت العرب تحج إليه و كان ردما إلا أن قواعده معروفة فلما صدر الناس جمع إسماعيل الحجارة و طرحها في جوف الكعبة فلما أن أذن الله عز و جل في البناء قدم إبراهيم فقال يا بني قد أمرنا الله عز و جل ببناء الكعبة فكشفا عنها فإذا هو حجر واحد أحمر فأوحى الله عز و جل إليه ضع بناءها عليه و أنزل الله عز و جل عليه أربعة أملاك يجمعون له الحجارة فصار إبراهيم و إسماعيل يضعان الحجارة و الملائكة تناولهما حتى تمت اثنا عشر ذراعا و هيئا له بابا يدخل منه و بابا يخرج منه و وضع عليه عتبة و شريجا من حديد على أبوابه و كانت الكعبة عريانة فلما ورد عليه الناس أتى امرأة من حمير أعجبته جمالها فسأل الله عز و جل أن يزوجها إياه و كان لها بعل فقضى الله عز و جل على بعلها الموت فأقامت بمكة حزنا على بعلها فأسلى الله عز و جل ذلك عنها و زوجها إسماعيل و قدم إبراهيم ع للحج و كانت امرأة موافقة  و خرج إسماعيل إلى الطائف يمتار لأهله طعاما فنظرت إلى شيخ شعث فسألها عن حالهم فأخبرته بحسن حالهم و سألها عنه خاصة فأخبرته بحسن حاله و سألها ممن أنت فقالت امرأة من حمير فسار إبراهيم ع و لم يلق إسماعيل و قد كتب إبراهيم كتابا فقال ادفعي هذا الكتاب إلى بعلك إذا أتى إن شاء الله فقدم عليها إسماعيل ع فدفعت إليه الكتاب فقرأه و قال أ تدرين من ذلك الشيخ فقالت لقد رأيته جميلا فيه مشابهة منك قال ذاك أبي فقالت يا سوأتاه منه قال و لم نظر إلى شي‏ء من محاسنك قالت لا و لكن خفت أن أكون قد قصرت و قالت له امرأته و كانت عاقلة فهلا نعلق على هذين البابين سترين سترا من هاهنا و سترا من هاهنا قال نعم فعملا له سترين طولهما اثنا عشر ذراعا فعلقهما على البابين فأعجبها ذلك فقالت فهلا أحوك للكعبة ثيابا و نسترها كلها فإن هذه الأحجار سمجة فقال لها إسماعيل بلى فأسرعت في ذلك و بعثت إلى قومها بصوف كثير تستغزل بهن قال أبو عبد الله ع و إنما وقع استغزال النساء بعضهن من بعض لذاك قال فأسرعت و استعانت في ذلك فكلما فرغت من شقة علقتها فجاء الموسم و قد بقي وجه من وجوه الكعبة فقالت لإسماعيل ع كيف نصنع بهذا الوجه الذي لم ندركه بكسوة فنكسوه خصفا فجاء الموسم فجاءته العرب على حال ما كانت تأتيه فنظروا إلى أمر فأعجبهم فقالوا ينبغي لعامر هذا البيت أن يهدى إليه فمن ثم وقع الهدي فأتى كل فخذ من العرب بشي‏ء تحمله من ورق و من أشياء غير ذلك حتى اجتمع شي‏ء كثير فنزعوا ذلك الخصف و أتموا كسوة البيت و علقوا عليها بابين و كانت

  الكعبة ليست بمسقفة فوضع إسماعيل عليها أعمدة مثل هذه الأعمدة التي ترون من خشب فسقفها إسماعيل بالجرائد و سواها بالطين فجاءت العرب من الحول فدخلوا الكعبة و رأوا عمارتها فقالوا ينبغي لعامر هذا البيت أن يزاد فلما كان من قابل جاءه الهدي فلم يدر إسماعيل كيف يصنع به فأوحى الله عز و جل إليه أن انحره و أطعمه الحاج قال و شكا إسماعيل قلة الماء إلى إبراهيم ع فأوحى الله عز و جل إلى إبراهيم ع أن احتفر بئرا يكون فيها شرب الحاج فنزل جبرئيل ع فاحتفر قليبهم يعني زمزم حتى ظهر ماؤها ثم قال جبرئيل انزل يا إبراهيم فنزل بعد جبرئيل ع فقال اضرب يا إبراهيم في أربع زوايا البئر و قل بسم الله قال فضرب إبراهيم ع في الزاوية التي تلي البيت و قال بسم الله فانفجرت عينا ثم ضرب في الأخرى و قال بسم الله فانفجرت عينا ثم ضرب في الثالثة و قال بسم الله فانفجرت عينا ثم ضرب في الرابعة و قال بسم الله فانفجرت عينا فقال جبرئيل ع اشرب يا إبراهيم و ادع لولدك فيها بالبركة فخرج إبراهيم ع و جبرئيل جميعا من البئر فقال له أفض عليك يا إبراهيم و طف حول البيت فهذه سقيا سقاها الله ولدك إسماعيل و سار إبراهيم و شيعه إسماعيل حتى خرج من الحرم فذهب إبراهيم و رجع إسماعيل إلى الحرم فرزقه الله من الحميرية ولدا و لم يكن له عقب قال و تزوج إسماعيل ع من بعدها أربع نسوة فولد له من كل واحدة أربعة غلمان و قضى الله على إبراهيم الموت فلم يره إسماعيل و لم يخبر بموته حتى كان أيام الموسم و تهيأ إسماعيل ع لأبيه إبراهيم فنزل عليه جبرئيل ع فعزاه بإبراهيم ع فقال له يا إسماعيل لا تقول في موت أبيك ما يسخط الرب و قال إنما كان عبدا دعاه الله فأجابه و أخبره أنه لاحق بأبيه و كان لإسماعيل ابن صغير يحبه و كان هوى إسماعيل فيه فأبى الله عليه ذلك فقال يا إسماعيل هو فلان قال فلما قضى الموت  على إسماعيل دعا وصيه فقال يا بني إذا حضرك الموت فافعل كما فعلت فمن ذلك ليس يموت إمام إلا أخبره الله إلى من يوصي

 بيان رواه في الكافي عن محمد بن يحيى و أحمد بن إدريس عن عيسى بن محمد بن أيوب عن علي بن مهزيار عن الحسين بن سعيد عن علي بن منصور إلى قوله و رجع إسماعيل إلى الحرم. و شريجا من حديد في بعض النسخ هنا و في الكافي شرجا و قال الفيروزآبادي الشرج محركة العرى أي علق عليه عرى و حلقا و الشريج لعله مصغر و حمير قبيلة من اليمن و الفخذ ككتف حي الرجل إذا كان من أقرب عشيرته فقال يا إسماعيل هو فلان أي أوحى الله إليه أن وصيك و خليفتك فلان مشيرا إلى غير من كان يهواه

 6-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن النضر عن هشام عن أبي عبد الله ع قال إن إبراهيم ع كان نازلا في بادية الشام فلما ولد له من هاجر إسماعيل ع اغتمت سارة من ذلك غما شديدا لأنه لم يكن له منها ولد و كانت تؤذي إبراهيم في هاجر فتغمه فشكا إبراهيم ذلك إلى الله عز و جل فأوحى الله إليه إنما مثل المرأة مثل الضلع العوجاء إن تركتها استمتعت بها و إن أقمتها كسرتها ثم أمره أن يخرج إسماعيل ع و أمه عنها فقال يا رب إلى أي مكان قال إلى حرمي و أمني و أول بقعة خلقتها من الأرض و هي مكة فأنزل الله عليه جبرئيل بالبراق فحمل هاجر و إسماعيل و إبراهيم ع و كان إبراهيم لا يمر بموضع حسن فيه شجر و نخل و زرع إلا و قال يا جبرئيل إلى هاهنا إلى هاهنا فيقول جبرئيل لا امض امض حتى وافى به مكة فوضعه في موضع البيت و قد كان إبراهيم ع عاهد سارة أن لا ينزل حتى يرجع إليها فلما نزلوا في ذلك المكان كان فيه شجر فألقت هاجر على ذلك الشجر كساء كان معها فاستظلوا تحته فلما سرحهم  إبراهيم و وضعهم و أراد الانصراف عنهم إلى سارة قالت له هاجر يا إبراهيم لم تدعنا في موضع ليس فيه أنيس و لا ماء و لا زرع فقال إبراهيم الذي أمرني أن أضعكم في هذا المكان هو يكفيكم ثم انصرف عنهم فلما بلغ كدى و هو جبل بذي طوى التفت إليهم إبراهيم رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ثم مضى و بقيت هاجر فلما ارتفع النهار عطش إسماعيل و طلب الماء فقامت هاجر في الوادي في موضع المسعى فنادت هل في الوادي من أنيس فغاب إسماعيل عنها فصعدت على الصفا و لمع لها السراب في الوادي و ظنت أنه ماء فنزلت في بطن الوادي و سعت فلما بلغت المسعى غاب عنها إسماعيل ثم لمع لها السراب في ناحية الصفا فهبطت إلى الوادي تطلب الماء فلما غاب عنها إسماعيل عادت حتى بلغت الصفا فنظرت حتى فعلت ذلك سبع مرات فلما كان في الشوط السابع و هي على المروة نظرت إلى إسماعيل و قد ظهر الماء من تحت رجليه فعدت حتى جمعت حوله رملا فإنه كان سائلا فزمته بما جعلته حوله فلذلك سميت زمزم و كان جرهم نازلة بذي المجاز و عرفات فلما ظهر الماء بمكة عكفت الطير و الوحش على الماء فنظرت جرهم إلى تعكف الطير على ذلك المكان و اتبعوها حتى نظروا إلى امرأة و صبي نازلين في ذلك الموضع قد استظلا

  بشجرة و قد ظهر الماء لهما فقالوا لهاجر من أنت و ما شأنك و شأن هذا الصبي قالت أنا أم ولد إبراهيم خليل الرحمن و هذا ابنه أمره الله أن ينزلنا هاهنا فقالوا لها فتأذنين لنا أن نكون بالقرب منكم قالت لهم حتى يأتي إبراهيم ع فلما زارهم إبراهيم يوم الثالث قالت هاجر يا خليل الله إن هاهنا قوما من جرهم يسألونك أن تأذن لهم حتى يكونوا بالقرب منا أ فتأذن لهم في ذلك فقال إبراهيم نعم فأذنت هاجر لجرهم فنزلوا بالقرب منهم و ضربوا خيامهم فأنست هاجر و إسماعيل بهم فلما زارهم إبراهيم في المرة الثالثة نظر إلى كثرة الناس حولهم فسر بذلك سرورا شديدا فلما ترعرع إسماعيل ع و كانت جرهم قد وهبوا لإسماعيل كل واحد منهم شاة و شاتين و كانت هاجر و إسماعيل يعيشان بها فلما بلغ إسماعيل مبلغ الرجال أمر الله إبراهيم ع أن يبني البيت فقال يا رب في أية بقعة قال في البقعة التي أنزلت على آدم القبة فأضاء لها الحرم فلم تزل القبة التي أنزلها الله على آدم قائمة حتى كان أيام الطوفان أيام نوح ع فلما غرقت الدنيا رفع الله تلك القبة و غرقت الدنيا إلا موضع البيت فسميت البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق فلما أمر الله عز و جل إبراهيم أن يبني البيت لم يدر في أي مكان يبنيه فبعث الله جبرئيل ع فخط له موضع البيت فأنزل الله عليه القواعد من الجنة و كان الحجر الذي أنزله الله على آدم أشد بياضا من الثلج فلما مسته أيدي الكفار اسود فبنى إبراهيم البيت و نقل إسماعيل الحجر من ذي طوى فرفعه في السماء تسعة أذرع ثم دله على موضع الحجر فاستخرجه إبراهيم و وضعه في موضعه الذي هو فيه الآن و جعل له بابين بابا إلى المشرق و بابا إلى المغرب و الباب الذي إلى المغرب يسمى المستجار ثم ألقى عليه الشجر و الإذخر و علقت هاجر على بابه كساء كان معها و كانوا يكونون تحته فلما بناه و فرغ منه حج إبراهيم و إسماعيل و نزل عليهما جبرئيل يوم التروية لثمان من ذي الحجة فقال يا إبراهيم قم فارتو من الماء لأنه لم يكن بمنى و عرفات ماء فسميت التروية لذلك ثم أخرجه إلى منى فبات بها ففعل به ما فعل بآدم ع فقال إبراهيم ع لما فرغ من بناء البيت رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَ ارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ قال من ثمرات القلوب أي حببهم إلى الناس لينتابوا إليهم و يعودوا إليه

 بيان قوله ع فزمته قال الفيروزآبادي زمه فأزم شده و القربة ملأها و ماء زمزم كجعفر و علابط كثير. أقول قوله فلذلك سميت يحتمل أن يكون مبنيا على أن زمزم يكون بمعنى الحبس و المنع أو الماء الممنوع من الجريان و إن لم يذكره اللغويون و يحتمل أن يكون المراد أنها لكثرتها و سيلانها قبل الزم سميت زمزم أو أنها لما منعت من السيلان و احتبست كثرت في مكان واحد فلذلك سميت به. و قال الفيروزآبادي جرهم كقنفذ حي من اليمن تزوج فيهم إسماعيل ع و قال ترعرع الصبي تحرك و نشأ و الضمير في قوله إليه راجع إلى البيت

 7-  ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن الحميري عن ابن عيسى و ابن أبي الخطاب معا عن ابن محبوب عن محمد بن قزعة قال قلت لأبي عبد الله ع إن من قبلنا يقولون إن إبراهيم خليل الرحمن ع ختن نفسه بقدوم على دن فقال سبحان الله ليس كما يقولون كذبوا على إبراهيم ع فقلت له صف لي ذلك فقال إن الأنبياء ع كانت تسقط عنهم غلفهم مع سررهم يوم السابع فلما ولد لإبراهيم إسماعيل من هاجر عيرتها سارة بما تعير به الإماء قال فبكت هاجر و اشتد ذلك عليها فلما رآها إسماعيل تبكي بكى لبكائها قال فدخل إبراهيم ع فقال ما يبكيك يا إسماعيل فقال إن سارة عيرت أمي بكذا و كذا فبكت فبكيت لبكائها فقام إبراهيم ع إلى مصلاه فناجى ربه عز و جل فيه و سأله أن يلقي ذلك عن هاجر قال فألقاه الله عز و جل عنها فلما ولدت سارة إسحاق و كان يوم السابع سقطت من إسحاق سرته و لم تسقط غلفته قال فجزعت من ذلك سارة فلما دخل عليها إبراهيم قال يا إبراهيم ما هذا الحادث الذي قد حدث في آل إبراهيم و أولاد الأنبياء هذا ابنك إسحاق قد سقطت عنه سرته و لم تسقط عنه غلفته فقام إبراهيم ع إلى مصلاه فناجى فيه ربه عز و جل و قال يا رب ما هذا الحادث الذي قد حدث في آل إبراهيم و أولاد الأنبياء هذا إسحاق ابني قد سقطت سرته و لم تسقط عنه غلفته قال فأوحى الله عز و جل أن يا إبراهيم هذا لما عيرت سارة هاجر فآليت أن لا أسقط ذلك عن أحد من أولاد الأنبياء بعد تعييرها لهاجر فاختن إسحاق بالحديد و أذقه حر الحديد قال فختن إبراهيم ع إسحاق بحديد فجرت السنة بالختان في الناس بعد ذلك

 سن، ]المحاسن[ أبي عن ابن محبوب عن محمد بن قزعة مثله بيان قال الجزري إن زوج فريعة قتل بطرف القدوم و هو بالتخفيف و التشديد موضع على ستة أميال من المدينة و منه الحديث أن إبراهيم ع اختتن بالقدوم قيل هي قرية بالشام و يروى بغير ألف و لام و قيل القدوم بالتخفيف و التشديد قدوم النجار و قال الفيروزآبادي الدن الراقود العظيم و أطول من الحب أو أصغر منه له عسعس لا يقعد إلا أن يحفر له. أقول لعل المراد بما تعير به الإماء سواد لونهن فصيرها الله بيضاء أو النتن الذي قد ينسب إلى الإماء فصيرها الله عطرا أو المملوكية و دناءة النسب فالمراد بإلقاء ذلك عنها صرف همة سارة عن أذاها أو تكريمها و تشريفها بولدها أو بالخفض التي صنعت بها فجعله الله سنة و ذهب عاره

 8-  ب، ]قرب الإسناد[ أبو البختري عن جعفر عن أبيه عن علي ع أن الجمار إنما رميت إن جبرئيل ع حين أرى إبراهيم ع المشاعر برز له إبليس فأمره جبرئيل أن يرميه فرماه بسبع حصيات فدخل عند الجمرة الأولى تحت الأرض فأمسك ثم إنه برز له عند الثانية فرماه بسبع حصيات أخر فدخل تحت الأرض في موضع الثانية ثم برز له في موضع الثالثة فرماه بسبع حصيات فدخل موضعها

 9-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن إسماعيل بن همام عن الرضا ع أنه قال لرجل أي شي‏ء السكينة عندكم فلم يدر القوم ما هي فقالوا جعلنا الله فداك ما هي قال ريح تخرج من الجنة طيبة لها صورة كصورة الإنسان تكون مع الأنبياء عليهم السلام و هي التي أنزلت على إبراهيم ع حين بنى الكعبة فجعلت تأخذ كذا و كذا و يبني الأساس عليها

 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عنه ع مثله علي عن أبيه عن ابن أسباط مثله

  -10  ب، ]قرب الإسناد[ ابن عيسى عن ابن أسباط قال قلت لأبي الحسن ع أصلحك الله ما السكينة قال ريح تخرج من الجنة لها صورة كصورة الإنسان و رائحة طيبة و هي التي أنزلت على إبراهيم ع فأقبلت تدور حول أركان البيت و هو يضع الأساطين الخبر

 11-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ قال حاضت

 12-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن أحمد بن إدريس عن ابن عيسى عن علي بن مهزيار عن البزنطي عن يحيى بن عمران عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً قال ولد الولد نافلة

 بيان قال الرازي اعلم أن النافلة عطية خاصة و كذلك النفل و يسمى الرجل الكثير العطاء نوفلا ثم للمفسرين هاهنا قولان الأول أنه هاهنا مصدر من وَهَبْنا لَهُ من غير لفظه و لا فرق بين ذلك و بين قوله و وهبنا له هبة أي وهبنا له عطية و فضلا من غير أن يكون جزاء مستحقا و هذا قول مجاهد و عطا. و الثاني و هو قول أبي بن كعب و ابن عباس و قتادة و الفراء و الزجاج إن إبراهيم لما سأل الله تعالى ولدا قال رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ فأجاب دعاءه و وهب له إسحاق و أعطاه يعقوب من غير دعاء فكان ذلك نافلة كالشي‏ء المتطوع من الآدميين انتهى. و قال البيضاوي نافِلَةً عطية فهو حال منهما أو ولد ولد أو زيادة على ما سأل و هو إسحاق فيختص بيعقوب و لا بأس به للقرينة و قال الجوهري النافلة ولد الولد

  -13  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن علي بن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن علي بن النعمان عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله ع قال إن إسماعيل دفن أمه في الحجر و جعله عليا و جعل عليها حائطا لئلا يوطأ قبرها

 ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان مثله و ليس فيه و جعله عليا كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن النعمان مثله

 14-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشاء عن حماد بن عثمان عن الحسن بن نعمان قال سألت أبا عبد الله ع عما زادوا في المسجد الحرام فقال إن إبراهيم و إسماعيل حدا المسجد الحرام ما بين الصفا و المروة

 15-  و في رواية أخرى عن أبي عبد الله ع قال خط إبراهيم ع بمكة ما بين الحزورة إلى المسعى فذلك الذي خط إبراهيم ع يعني المسجد

 16-  ع، ]علل الشرائع[ ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن البزنطي عن أبان بن عثمان عمن ذكره عن مجاهد عن ابن عباس قال كانت الخيل العراب وحوشا بأرض العرب فلما رفع إبراهيم و إسماعيل القواعد من البيت قال الله إني قد أعطيتك كنزا لم أعطه أحدا كان قبلك قال فخرج إبراهيم و إسماعيل حتى صعدا جيادا فقالا ألا هلا ألا هلم فلم يبق في أرض العرب فرس إلا أتاه و تذلل له و أعطت بنواصيها و إنما سميت جيادا لهذا فما زالت الخيل بعد تدعو الله أن يحبها إلى أربابها فلم تزل الخيل حتى اتخذها سليمان فلما ألهته أمر بها أن يمسح رقابها و سوقها حتى بقي أربعون فرسا

 بيان قال الجوهري جاد الفرس أي صار رائعا يجود جودة بالضم فهو جواد للذكر و الأنثى من خيل جياد و أجياد و أجاويد و الأجياد جبل بمكة سمي بذلك لموضع خيل تبع و قال هلا زجر للخيل و هال مثله أي اقربي. أقول لعل الجبل كان يسمى بالجياد أيضا أو يكون الألف سقط من النساخ كما سيأتي

 17-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال لما أمر الله عز و جل إبراهيم و إسماعيل ع ببنيان البيت و تم بناؤه أمره أن يصعد ركنا ثم ينادي في الناس ألا هلم الحج فلو نادى هلموا إلى الحج لم يحج إلا من كان يومئذ إنسيا مخلوقا و لكن نادى هلم الحج فلبى الناس في أصلاب الرجال لبيك داعي الله لبيك داعي الله فمن لبى عشرا حج عشرا و من لبى خمسا حج خمسا و من لبى أكثر فبعدد ذلك و من لبى واحدا حج واحدا و من لم يلب لم يحج

 كا، ]الكافي[ العدة عن ابن عيسى مثله إيضاح الظاهر أن الفرق باعتبار أن الأصل في الخطاب أن يكون متوجها إلى الموجودين و أما شمول الحكم للمعدومين فيستفاد من دلائل أخر لا من نفس الخطاب إلا أن يكون المراد بالخطاب الخطاب العام المتوجه إلى كل من يصلح للخطاب فإنه شامل للواحد و الكثير و الموجود و المعدوم و الشائع في مثل هذا الخطاب أن يكون بلفظ المفرد بل صرح بعض أهل العربية بأنه لا يتأتى إلا بالمفرد و على ما روينا موافقا للكافي من سقوط كلمة إلى في المفرد و وجودها في الجمع يمكن أن يكون هذا مناط الفرق بأن يكون في المفرد المخاطب الحج مجازا لبيان كونه مطلوبا من غير خصوصية شخص أي هلم أيها الحج و في الفقيه كلمة إلى موجودة في المواضع و فيه عند ذكر المفرد في الموضعين نادى و عند ذكر الجمع ناداهم و لذا قال بعض الأفاضل ليس المناط الفرق بين إفراد الصيغة و جمعها بل ما في الحديث بيان للواقعة و المراد أن إبراهيم ع نادى هلم إلى الحج بلا قصد إلى منادي معين أي الموجودين فلذا يعم الموجودين و المعدومين فلو ناداهم أي الموجودين و قال هلموا إلى الحج قاصدا إلى الموجودين لكان الحج مخصوصا بالموجودين فضمير هم في ناداهم راجع إلى الناس الموجودين فالمناط قصد المنادي المعين المشعر إليه بلفظ هم في إحدى العبارتين و عدم القصد في الأخرى المشعر إليه بذكر نادى مطلقا لا الإفراد و الجمع

 18-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن أحمد و علي ابني الحسن بن علي بن فضال عن أبيهما عن غالب بن عثمان عن رجل من أصحابنا عن أبي جعفر ع قال إن الله جل جلاله لما أمر إبراهيم ينادي في الناس بالحج قام على المقام فارتفع به حتى صار بإزاء أبي قبيس فنادى في الناس بالحج فأسمع من في أصلاب الرجال و أرحام النساء إلى أن تقوم الساعة

 19-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال إن إبراهيم ع لما خلف إسماعيل بمكة عطش الصبي و كان فيما بين الصفا و المروة شجر فخرجت أمه حتى قامت على الصفا فقالت هل بالوادي من أنيس فلم يجبها أحد فمضت حتى انتهت إلى المروة فقالت هل بالوادي من أنيس فلم يجبها أحد ثم رجعت إلى الصفا فقالت كذلك حتى صنعت ذلك سبعا فأجرى الله ذلك سنة فأتاها جبرئيل ع فقال لها من أنت فقالت أنا أم ولد إبراهيم فقال إلى من وكلكم فقالت أما إذا قلت ذلك فقد قلت له حيث أراد الذهاب يا إبراهيم إلى من تكلنا فقال إلى الله عز و جل فقال جبرئيل ع لقد وكلكم إلى كاف قال و كان الناس يتجنبون الممر بمكة لمكان الماء ففحص الصبي برجله فنبعت زمزم و رجعت من المروة إلى الصبي و قد نبع الماء فأقبلت تجمع التراب حوله مخافة أن يسيح الماء و لو تركته لكان سيحا قال فلما رأت الطير الماء حلقت عليه قال فمر ركب من اليمن فلما رأوا الطير حلقت عليه قالوا ما حلقت إلا على ماء فأتوهم فسقوهم من الماء و أطعموهم الركب من الطعام و أجرى الله عز و جل لهم بذلك رزقا فكانت الركب تمر بمكة فيطعمونهم من الطعام و يسقونهم من الماء

 كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير مثله

 20-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن ابن عامر عن عمه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله ع قال سألته لم جعلت التلبية فقال إن الله عز و جل أوحى إلى إبراهيم وَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالًا فنادى فأجيب مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ يلبون

 21-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن محمد بن سنان عن طلحة بن زيد عن عبدوس بن أبي عبيدة قال سمعت الرضا ع يقول أول من ركب الخيل إسماعيل و كانت وحشية لا تركب فحشرها الله عز و جل على إسماعيل من جبل منى و إنما سميت الخيل العراب لأن أول من ركبها إسماعيل

 22-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن أبي جميلة عن أبي جعفر ع قال إن بنات الأنبياء صلوات الله عليهم لا يطمثن إنما الطمث عقوبة و أول من طمثت سارة

 23-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال صار السعي بين الصفا و المروة لأن إبراهيم ع عرض له إبليس فأمره جبرئيل ع فشد عليه فهرب منه فجرت به السنة يعني به الهرولة

 24-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن أحمد و عبد الله ابني محمد بن عيسى عن محمد بن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله ع لم جعل السعي بين الصفا و المروة قال لأن الشيطان تراءى لإبراهيم ع في الوادي فسعى و هو منازل الشيطان

 بيان في الفقيه منازل الشياطين و يمكن أن يقرأ منازل بضم الميم على صيغة اسم الفاعل من المنازلة بمعنى المحاربة موافقا لما مر في خبر معاوية

 25-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن ابن أبان عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال إن جبرئيل ع أتى إبراهيم ع فقال تمن يا إبراهيم فكانت تسمى منى فسماها الناس منى

 بيان الظاهر أن الأول بضم الميم على صيغة الجمع و الثاني بكسرها

 26-  ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ في علل ابن سنان أن الرضا ع كتب إليه إنما سميت منى منى لأن جبرئيل ع قال هناك يا إبراهيم تمن على ربك ما شئت فتمنى إبراهيم في نفسه أن يجعل الله مكان ابنه إسماعيل كبشا يأمره بذبحه فداء له فأعطي مناه

 27-  ع، ]علل الشرائع[ حمزة العلوي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن عرفات لم سميت عرفات فقال إن جبرئيل ع خرج بإبراهيم ع يوم عرفة فلما زالت الشمس قال له جبرئيل يا إبراهيم اعترف بذنبك و اعرف مناسكك فسميت عرفات لقول جبرئيل ع له اعترف فاعترف

 28-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن ابن أبان عن الحسين بن سعيد عن صفوان عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال في حديث إبراهيم إن جبرئيل ع انتهى به إلى الموقف فأقام به حتى غربت الشمس ثم أفاض به فقال يا إبراهيم ازدلف إلى المشعر الحرام فسميت مزدلفة

 بيان ازدلف تقدم

 29-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع في قول سارة اللهم لا تؤاخذني بما صنعت بهاجر أنها كانت خفضتها فجرت السنة بذلك

 30-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي بإسناده قال قال أبو الحسن ع في الطائف أ تدري لم سمي الطائف قلت لا فقال إن إبراهيم ع دعا ربه أن يرزق أهله من كل الثمرات فقطع لهم قطعة من الأردن فأقبلت حتى طافت بالبيت سبعا ثم أقرها الله عز و جل في موضعها فإنما سميت الطائف للطواف بالبيت

 31-  ع، ]علل الشرائع[ علي بن حاتم عن محمد بن جعفر و علي بن سليمان معا عن البزنطي قال قال الرضا ع أ تدري لم سميت الطائف الطائف قلت لا قال لأن الله عز و جل لما دعاه إبراهيم ع أن يرزق أهله من الثمرات أمر بقطعة من الأردن فسارت بثمارها حتى طافت بالبيت ثم أمرها أن تنصرف إلى هذا الموضع الذي سمي الطائف فلذلك سمي الطائف

 شي، ]تفسير العياشي[ عن البزنطي مثله بيان قال الفيروزآبادي الأردن بضمتين و شد الدال كورة بالشام

  -32  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن محمد بن العطار عن العمركي عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن رمي الجمار لم جعل قال لأن إبليس اللعين كان يتراءى لإبراهيم ع في موضع الجمار فرجمه إبراهيم فجرت السنة بذلك

 33-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال أول من رمى الجمار آدم ع و قال أتى جبرئيل إبراهيم ع و قال ارم يا إبراهيم فرمى جمرة العقبة و ذلك أن الشيطان تمثل له عندها

 34-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ابن المتوكل عن الحميري عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله ع قال إن إبراهيم ع كان مولده بكوثى و كان من أهلها و كانت أم إبراهيم و أم لوط ع أختين و إنه تزوج سارة بنت لاحج و هي بنت خالته و كانت صاحبة ماشية كثيرة و حال حسنة فملكت إبراهيم ع جميع ما كانت تملكه فقام فيه و أصلحه فكثرت الماشية و الزرع حتى لم يكن بأرض كوثى رجل أحسن حالا منه إلى آخر ما مر في رواية الكليني

 35-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال كان لإبراهيم ع ابنان فكان أفضلهما ابن الأمة

 36-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بهذا الإسناد عن ابن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع في قوله تعالى وَ امْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ يعني حاضت و هي يومئذ ابنة تسعين سنة و إبراهيم ابن مائة و عشرين سنة قال و إن قوم إبراهيم نظروا إلى إسحاق ع و قالوا ما أعجب هذا و هذه يعنون إبراهيم و سارة أخذا صبيا و قالا هذا ابننا يعنون إسحاق فلما كبر لم يعرف هذا و هذا لتشابههما حتى صار إبراهيم يعرف بالشيب قال فثنى إبراهيم لحيته فرأى فيها طاقة بيضاء فقال اللهم ما هذا فقال وقار فقال اللهم زدني وقارا

 37-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن عمرو بن عثمان عن العبقري عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي ع قال شب إسماعيل و إسحاق فتسابقا فسبق إسماعيل فأخذه إبراهيم فأجلسه في حجره و أجلس إسحاق إلى جنبه فغضبت سارة و قالت أ ما إنك قد جعلت أن لا تسوي بينهما فاعزلها عني فانطلق إبراهيم بإسماعيل و بأمه هاجر حتى أنزلهما مكة فنفد طعامهم فأراد إبراهيم أن ينطلق فيلتمس لهم طعاما فقالت هاجر إلى من تكلنا فقال أكلكم إلى الله تعالى و أصابهما جوع شديد فنزل جبرئيل و قال لهاجر إلى من وكلكما قالت وكلنا إلى الله قال لقد وكلكما إلى كاف و وضع جبرئيل يده في زمزم ثم طواها فإذا الماء قد نبع فأخذت هاجر قربة مخافة أن يذهب فقال جبرئيل إنها تبقى فادعي ابنك فأقبل فشربوا و عاشوا حتى أتاهم إبراهيم فأخبرته الخبر فقال هو جبرئيل ع

 38-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن أبان عن عقبة عن أبي عبد الله ع قال إن إسماعيل ع تزوج امرأة من العمالقة يقال لها سامة و إن إبراهيم اشتاق إليه فركب حمارا فأخذت عليه سارة أن لا ينزل حتى يرجع قال فأتاه و قد هلكت أمه فلم يوافقه و وافق امرأته فقال لها أين زوجك فقالت خرج يتصيد فقال كيف حالكم فقالت حالنا شديدة و عيشنا شديد قال و لم تعرض عليه المنزل فقال إذا جاء زوجك فقولي له جاء هاهنا شيخ و هو يأمرك أن تغير عتبة بابك فلما أقبل إسماعيل و سعد الثنية وجد ريح أبيه فأقبل إليها و قال أتاك أحد قالت نعم شيخ قد سألني عنك فقال لها هل أمرك بشي‏ء قالت نعم قال لي إذا دخل زوجك فقولي له جاء شيخ و هو يأمرك أن تغير عتبة بابك قال فخلى سبيلها ثم إن إبراهيم ع ركب إليه الثانية فأخذت عليه سارة أن لا ينزل حتى يرجع فلم يوافقه و وافق امرأته فقال أين زوجك قالت خرج عافاك الله للصيد فقال كيف أنتم فقالت صالحون قال و كيف حالكم قالت حسنة و نحن بخير انزل يرحمك الله حتى يأتي قال فأبى و لم تزل به تريده على النزول فأبى قالت أعطني رأسك حتى أغسله فإني أراه شعثا فجعلت له غسولا ثم أدنت منه الحجر فوضع قدمه عليه فغسلت جانب رأسه ثم قلبت قدمه الأخرى فغسلت الشق الآخر ثم سلم عليها و قال إذا جاء زوجك فقولي له قد جاء هاهنا شيخ و هو يوصيك بعتبة بابك خيرا ثم إن إسماعيل ع أقبل فلما انتهى إلى الثنية وجد ريح أبيه فقال لها هل أتاك أحد قالت نعم شيخ و هذا أثر قدميه فأكب على المقام و قبله و قال شكا إبراهيم إلى الله تعالى ما يلقى من سوء خلق سارة فأوحى الله تعالى إليه أن مثل المرأة مثل الضلع الأعوج إن تركته استمتعت به و إن أقمته كسرته و قال إن إبراهيم ع تزوج سارة و كانت من أولاد الأنبياء على أن لا يخالفها و لا يعصي لها أمرا فيما وافق الحق و إن إبراهيم كان يأتي مكة من الحيرة في كل يوم

 39-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ابن المتوكل عن الحميري عن ابن محبوب عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن إبراهيم ع استأذن سارة أن يزور إسماعيل بمكة فأذنت له على أن لا يبيت عنها و لا ينزل عن حماره قلت كيف كان ذلك قال طويت له الأرض

 40-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ لما ترعرع إسماعيل ع و كبر أعطوه سبعة أعنز فكان ذلك أصل ماله فنشأ و تكلم بالعربية و تعلم الرمي و كان إسماعيل ع بعد موت أمه تزوج امرأة من جرهم اسمها زعلة أو عمادة و طلقها و لم تلد له شيئا ثم تزوج السيدة بنت الحارث بن مضاض فولدت له و كان عمر إسماعيل ع مائة و سبعا و ثلاثين و مات ع و دفن في الحجر و فيه قبور الأنبياء ع و من أراد أن يصلي فيه فليكن صلاته على ذراعين من طرفه مما يلي باب البيت فإنه موضع شبير و شبر ابني هارون ع

 41-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ماجيلويه عن عمه عن البرقي عن أحمد بن محمد عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن إسماعيل ع توفي و هو ابن مائة و ثلاثين سنة و دفن بالحجر مع أمه فلم يزل بنو إسماعيل ولاة الأمر يقيمون للناس حجهم و أمر دينهم يتوارثونها كابر عن كابر حتى كان زمن عدنان بن أدد

 42-  ك، ]إكمال الدين[ أبي عن أحمد بن إدريس و محمد العطار عن الأشعري عن محمد بن يوسف التميمي عن الصادق عن أبيه عن جده عن جده ع عن رسول الله ص قال عاش إسماعيل بن إبراهيم ع مائة و عشرين سنة و عاش إسحاق بن إبراهيم ع مائة و ثمانين سنة

 بيان لعل هذا أصح الأخبار في عمره ع إذ هو أبعد عن أقوال المخالفين إذ الأشهر بينهم أنه عاش مائة و سبعا و ثلاثين سنة و قيل مائة و ثلاثين و لم أر القول بما في هذا الخبر بينهم فيمكن حمل الخبرين السابقين على التقية

 43-  سن، ]المحاسن[ أبي عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال سألته عن السعي فقال إن إبراهيم ع لما خلف هاجر و إسماعيل بمكة عطش إسماعيل فبكى فخرجت حتى علت على الصفا و بالوادي أشجار فنادت هل بالوادي من أنيس فلم يجبها أحد فانحدرت حتى علت على المروة فنادت هل بالوادي من أنيس فلم تزل تفعل ذلك حتى فعلته سبع مرات فلما كانت السابعة هبط عليها جبرئيل ع فقال لها أيتها المرأة من أنت فقالت أنا هاجر أم ولد إبراهيم قال لها و إلى من خلفك قالت أما إذا قلت ذلك لقد قلت له يا إبراهيم إلى من تخلفني هاهنا فقال إلى الله عز و جل أخلفك فقال لها جبرئيل ع نعم ما خلفك إليه لقد وكلكم إلى كاف فارجعي إلى ولدك فرجعت إلى البيت و قد نبعت زمزم و الماء ظاهر يجري فجمعت حوله التراب فحبسه قال أبو عبد الله ع لو تركته لكان سيحا ثم قال مر ركب من اليمن و لم يكونوا يدخلون مكة فنظروا إلى الطير مقبلة على مكة من كل فج فقالوا ما أقبلت الطير على مكة إلا و قد رأت الماء فمالوا إلى مكة حتى أتوا موضع البيت فنزلوا و استقوا من الماء و تزودوا ما يكفيهم و خلفوا عندهما من الزاد ما يكفيهما فأجرى الله لهم بذلك رزقا

 44-  و روى محمد بن خلف عن بعض أصحابه قال فكان الناس يمرون بمكة فيطعمونهم من الطعام و يسقونهم من الماء

 45-  سن، ]المحاسن[ أبي عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال سألنا عن السعي بين الصفا و المروة فقال إن هاجر لما ولدت بإسماعيل دخلت سارة غيرة شديدة فأمر الله إبراهيم أن يطيعها فقالت يا إبراهيم احمل هاجر حتى تضعها ببلاد ليس فيها زرع و لا ضرع فأتى بها البيت و ليس بمكة إذ ذاك زرع و لا ضرع و لا ماء و لا أحد فخلفها عند البيت و انصرف عنها إبراهيم ع فبكى

 46-  سن، ]المحاسن[ غير واحد من أصحابنا عن أبان الأحمر رفعه إلى أبي عبد الله ع قال كانت الخيل وحوشا في بلاد العرب فصعد إبراهيم و إسماعيل ع على أجياد فصاحا ألا هلا ألا هلم فما فرس إلا أعطي بيده و أمكن من ناصيته

 47-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الفضل بن موسى الكاتب عن أبي الحسن موسى بن جعفر ع قال إن إبراهيم ع لما أسكن إسماعيل و هاجر مكة و ودعهما لينصرف عنهما بكيا فقال لهما إبراهيم ما يبكيكما فقد خلفتكما في أحب الأرض إلى الله و في حرم الله فقالت له هاجر يا إبراهيم ما كنت أرى أن نبيا مثلك يفعل ما فعلت قال و ما فعلت فقالت إنك خلفت امرأة ضعيفة و غلاما ضعيفا لا حيلة لهما بلا أنيس من بشر و لا ماء يظهر و لا زرع قد بلغ و لا ضرع يحلب قال فرق إبراهيم و دمعت عيناه عند ما سمع منها فأقبل حتى انتهى إلى باب بيت الله الحرام فأخذ بعضادتي الكعبة ثم قال اللهم إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ قال أبو الحسن فأوحى الله إلى إبراهيم أن اصعد أبا قبيس فناد في الناس يا معشر الخلائق إن الله يأمركم بحج هذا البيت الذي بمكة محرما من استطاع إليه سبيلا فريضة من الله قال فصعد إبراهيم أبا قبيس فنادى في الناس بأعلى صوته يا معشر الخلائق إن الله يأمركم بحج هذا البيت الذي بمكة محرما مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا فريضة من الله قال فمد الله لإبراهيم في صوته حتى أسمع به أهل المشرق و المغرب و ما بينهما من جميع ما قدر الله و قضى في أصلاب الرجال من النطف و جميع ما قدر الله و قضى في أرحام النساء إلى يوم القيامة فهناك يا فضل وجب الحج على جميع الخلائق فالتلبية من الحاج في أيام الحج هي إجابة لنداء إبراهيم ع يومئذ بالحج عن الله

 48-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه و الحسين بن محمد بن محمد عن عبدويه بن عامر و غيره و محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن أحمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان عن أبي العباس عن أبي عبد الله ع قال لما ولد إسماعيل حمله إبراهيم ع و أمه على حمار و أقبل معه جبرئيل ع حتى وضعه في موضع الحجر و معه شي‏ء من زاد و سقاء فيه شي‏ء من ماء و البيت يومئذ ربوة حمراء من مدر فقال إبراهيم لجبرئيل هاهنا أمرت قال نعم قال و مكة يومئذ سلم و سمر و حول مكة يومئذ ناس من العماليق

 49-  و في حديث آخر عنه أيضا قال فلما ولى إبراهيم قالت هاجر يا إبراهيم إلى من تدعنا قال أدعكما إلى رب هذه البنية قال فلما نفد الماء و عطش الغلام خرجت حتى صعدت على الصفا فنادت هل بالوادي من أنيس ثم انحدرت حتى أتت المروة فنادت مثل ذلك ثم أقبلت راجعة إلى ابنها فإذا عقبه يفحص في ماء فجمعته فساخ و لو تركته لساح

 50-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان الأحمر عن محمد الواسطي قال قال أبو عبد الله ع إن إبراهيم شكا إلى الله عز و جل ما يلقى من سوء خلق سارة فأوحى الله عز و جل إليه إنما مثل المرأة مثل الضلع المعوج إن أقمته كسرته و إن تركته استمتعت به اصبر عليها

 51-  فس، ]تفسير القمي[ وَ إِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أي عرفناه قوله وَ عَلى كُلِّ ضامِرٍ يقول الإبل المهزولة قال و لما فرغ إبراهيم من بناء البيت أمره الله أن يؤذن في الناس بالحج فقال يا رب و ما يبلغ صوتي فقال الله أذن عليك الأذان و علي البلاغ و ارتفع إلى المقام و هو يومئذ يلصق بالبيت فارتفع به المقام حتى كان أطول من الجبال فنادى و أدخل إصبعه في أذنيه و أقبل بوجهه شرقا و غربا يقول أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق فأجيبوا ربكم فأجابوه من تحت البحور السبع و من بين المشرق و المغرب إلى منقطع التراب من أطرافها أي الأرض كلها و من أصلاب الرجال و أرحام النساء بالتلبية لبيك اللهم لبيك أ و لا ترونهم يأتون يلبون فمن حج من يومئذ إلى يوم القيامة فهم ممن استجاب الله و ذلك قوله فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ يعني نداء إبراهيم على المقام بالحج

 52-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله ع أن أصل حمام الحرم بقية حمام كانت لإسماعيل بن إبراهيم ع

 53-  يب، ]تهذيب الأحكام[ أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان بن عثمان عن محمد بن الحسن الواسطي عن أبي عبد الله ع قال إن إبراهيم خليل الرحمن سأل ربه أن يرزقه ابنة تبكيه بعد موته

 54-  كا، ]الكافي[ بعض أصحابنا عن ابن جمهور عن أبيه عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله ع قال الحجر بيت إسماعيل و فيه قبر هاجر و قبر إسماعيل ع

 55-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن الحجر أ من البيت هو أو فيه شي‏ء من البيت فقال لا و لا قلامة ظفر و لكن إسماعيل ع دفن أمه فيه فكره أن توطأ فحجر عليه حجرا و فيه قبور أنبياء

 56-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي عن معاوية بن عمار قال قال أبو عبد الله ع دفن في الحجر مما يلي الركن الثالث عذارى بنات إسماعيل

 57-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن محبوب عن ابن سنان قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ ما هذه الآيات قال مقام إبراهيم حيث قام على الحجر فأثرت فيه قدماه و الحجر الأسود و منزل إسماعيل

 58-  أقول قال السيد ابن طاوس في كتاب سعد السعود، وجدت في السفر التاسع من التوراة المترجم أن سارة امرأة إبراهيم لم يكن يولد لها ولد و كانت لها أمة اسمها هاجر فقالت سارة لإبراهيم إن الله قد حرمني الولد فادخل على أمتي و ابن لها لعلي أتعزى بولد منها فسمع إبراهيم قول سارة و أطاعها فانطلقت سارة امرأة إبراهيم بهاجر أمتها و ذلك بعد ما سكن إبراهيم أرض كنعان عشر سنين فأدخلتها على إبراهيم زوجها فدخل إبراهيم على هاجر فحبلت فلما رأت هاجر أنها قد حملت استسفهت هاجر سارة سيدتها و هانت في عينها فقالت سارة يا إبراهيم أنت صاحب ظلامتي إنما وضعت أمتي في حضنك فلما حبلت هنت عليها يحكم الرب بيني و بينك فقال إبراهيم لسارة امرأته هذه أمتك مسلمة في يدك فاصنعي بها ما أحببت و حسن في عينك و سرك و وافقك فأهانتها سارة سيدتها فهربت منها فلقيها ملاك الرب على غير ماء في البرية في طريق حذار فقالت لها يا هاجر أمة سارة من أين أقبلت و أين تريدين فقالت أنا هاربة من سارة سيدتي فقال لها ملاك الرب انطلقي إلى سيدتك و تعبدي لها ثم قال لها ملاك الرب عن قول الرب أنا مكثر زرعك و مثمره حتى لا يحصوا من كثرتهم ثم قال لها ملاك الرب إنك حبلت و ستلدين ابنا و تدعين اسمه إسماعيل لأن الرب قد عرف ذلك و خضوعك و يكون ابنك هذا وحشيا من الناس يده على كل يد و سيجل على جميع حدود إخوته قال ثم قال في السفر العاشر قال الله لإبراهيم حقا إن سارة ستلد لك ابنا و تسميه إسحاق و أثبت العهد بيني و بينه إلى الأبد و لذريته من بعده و قد استجبت لك في إسماعيل و بركته و كبرته و أنميته جدا جدا يولد له اثنا عشر عظيما و أجعله رئيسا لشعب عظيم ثم قال بعد ما ذكر كراهة سارة لمقام هاجر و إسماعيل عندها قال فغدا إبراهيم باكرا فأخذ خبزا و إداوة من ماء و أعطاه هاجر فحملها و الصبي و الطعام فأرسلها و انطلقت و تاهت في برية بئر سبع و نفد الماء من الإداوة فألقت الصبي تحت شجرة من شجرة الشيح فانطلقت فجلست قبالته و تباعدت عنه كرمية السهم و رفعت صوتها و بكت فسمع الرب صوت الصبي فدعا ملاك الرب هاجر من السماء فقال لها ما لك يا هاجر لا تخافي لأن الرب قد سمع صوت الصبي حيث هو قومي فاحملي الصبي و شدي به يديك إني أجعله رئيسا لشعب عظيم و أجلى الله عن بصرها فرأت بئر ماء فانطلقت فملأت الإداوة و سقت الغلام و كان الله مع الغلام فشب الغلام و سكن برية فاران و كان يتعلم الرمي في تلك البرية و زوجته أمه امرأة من أهل مصر

  -59  كنز الفوائد، للكراجكي عن سالم الأعرج مولى بني زريق قال حفرنا بئرا في دور بني زريق فرأينا أثر حفر قديم فعلمنا أنه حفر مستأثر فحفرناه فأفضينا إلى صخرة عظيمة فقلبناها فإذا رجل قاعد كأنه يتكلم فإذا هو لا يشبه الأموات فأصبنا فوق رأسه كتابة فيها أنا قادم بن إسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن هربت بدين الحق من أشملك الكافر و أنا أشهد أن الله حق و وعده حق لا أشرك به شيئا و لا أتخذ من دونه وليا