باب 5- أحوال مؤمن آل فرعون و امرأة فرعون

 الآيات المؤمن وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِينٍ إِلى فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ قارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَ اسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَ ما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ وَ قالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَ لْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ وَ قالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَ إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى وَ ما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ وَ قالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ مَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ وَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ وَ لَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ و قال تعالى المؤمن وَ قالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَ إِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَ مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ وَ يا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَ تَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَ أُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَ أَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَ لا فِي الْآخِرَةِ وَ أَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ وَ أَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ التحريم وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَ نَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَ عَمَلِهِ وَ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ تفسير قوله تعالى يَكْتُمُ إِيمانَهُ قال الطبرسي رحمه الله على وجه التقية

 قال أبو عبد الله ع التقية من ديني و دين آبائي و لا دين لمن لا تقية له و التقية ترس الله في الأرض لأن مؤمن آل فرعون لو أظهر الإسلام لقتل

قال ابن عباس لم يكن مؤمن غيره و غير امرأة فرعون و غير المؤمن الذي أنذر موسى فقال إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ قال السدي و مقاتل كان ابن عم فرعون و كان آمن بموسى و هو الذي جاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يسعى و قيل إنه كان ولي عهده من بعده و كان اسمه حبيبا و قيل اسمه خربيل. و قال البيضاوي الرجل إسرائيلي أو غريب موحد كان ينافقهم أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أ تقصدون قتله أَنْ يَقُولَ لأن يقول أو وقت أن يقول من غير روية و تأمل في أمره رَبِّيَ اللَّهُ وحده فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ لا يتخطاه وبال كذبه فيحتاج في دفعه إلى قتله يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ أي فلا أقل من أن يصيبكم بعضه إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ احتجاج ثالث ذو وجهين أحدهما أنه لو كان مسرفا كذابا لما هداه الله إلى البينات و لما عضده بتلك المعجزات. و ثانيهما أن من خذله الله و أهلكه فلا حاجة لكم إلى قتله و لعله أراد به المعنى الأول و خيل إليهم الثاني لتلين شكيمتهم و عرض به لفرعون بأنه مسرف كذاب لا يهديه الله سبيل الصواب ظاهِرِينَ غالبين عالين في الأرض أرض مصر فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ أي فلا تفسدوا أمركم و لا تتعرضوا لبأس الله فإنه إن جاءنا لم يمنعنا عنه أحد ما أُرِيكُمْ ما أشير إليكم إِلَّا ما أَرى و أستصوبه من قتله إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ في تكذيبه و التعرض له مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ مثل أيام الأمم الماضية يعني وقائعهم مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ مثل جزاء ما كانوا عليه دائبين من الكفر و إيذاء الرسل يَوْمَ التَّنادِ يوم القيامة ينادي فيه بعضهم بعضا للاستغاثة أو يتصايحون بالويل و الثبور أو يتنادى أصحاب الجنة و أصحاب النار يَوْمَ تُوَلُّونَ عن الموقف مُدْبِرِينَ منصرفين عنه إلى النار و قيل فارين عنها مِنْ عاصِمٍ يعصمكم من عذابه وَ لَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ أي يوسف بن يعقوب على أن فرعونه فرعون موسى أو على نسبة أحوال الآباء إلى الأولاد أو سبطه يوسف بن إبراهيم بن يوسف مِنْ قَبْلُ من قبل موسى مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ في العصيان مُرْتابٌ شاك فيما تشهد له البينات وَ قالَ الَّذِي آمَنَ يعني مؤمن آل فرعون و قيل موسى سَبِيلَ الرَّشادِ أي سبيلا يصل سالكه إلى المقصود مَتاعٌ أي تمتع يسير لسرعة زوالها بِغَيْرِ حِسابٍ أي بغير تقدير و موازنة بالعمل بل أضعافا مضاعفة ما لَيْسَ لِي بِهِ أي بربوبيته عِلْمٌ و المراد نفي المعلوم لا جَرَمَ لا رد لما دعوه إليه و جرم فعل بمعنى حق و فاعله أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ أي حق عدم دعوة آلهتكم إلى عبادتها أصلا و قيل جرم بمعنى كسب و فاعله مستكن فيه أي كسب ذلك الدعاء إليه أن لا دعوة له بمعنى ما حصل من ذلك إلا ظهور بطلان دعوته و قيل من الجرم بمعنى القطع و المعنى لا قطع لبطلان دعوة ألوهية الأصنام أي لا ينقطع في وقت ما فينقلب حقا وَ أَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ بالموت وَ أَنَّ الْمُسْرِفِينَ في الضلالة و الطغيان وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ليعصمني من كل سوء إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فيحرسهم فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا شدائد مكرهم و قيل الضمير لموسى وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ أي بفرعون و قومه و استغنى بذكرهم عن ذكره للعلم بأنه أولى بذلك و قيل بطلبه المؤمن من قومه فإنه فر إلى جبل فأتبعه طائفة فوجدوه يصلي و الوحوش صفوف حوله فرجعوا رعبا فقتلهم سُوءُ الْعَذابِ الغرق أو القتل أو النار. و قال الطبرسي رحمه الله فَوَقاهُ اللَّهُ أي صرف الله عنه سوء مكرهم فجاء مع موسى ع حتى عبر البحر معه النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا أي يعرض آل فرعون على النار في قبورهم صباحا و مساء فيعذبون

 و قال أبو عبد الله ع ذلك في الدنيا قبل يوم القيامة لأن نار القيامة لا يكون غدوا و عشيا ثم قال إن كانوا إنما يعذبون في النار غدوا و عشيا ففيما بين ذلك هم من السعداء و لكن هذا في نار البرزخ قبل يوم القيامة أ لم تسمع قوله عز و جل وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ

و هذا أمر لآل فرعون بالدخول أو أمر للملائكة بإدخالهم في أشد العذاب و هو عذاب جهنم

 1-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ ج، ]الإحتجاج[ بالإسناد إلى أبي محمد العسكري عن آبائه عن الصادق ع قال كان حزبيل مؤمن آل فرعون يدعو قوم فرعون إلى توحيد الله و نبوة موسى و تفضيل محمد رسول الله ص على جميع رسل الله و خلقه و تفضيل علي بن أبي طالب ع و الخيار من الأئمة على سائر أوصياء النبيين و إلى البراءة من ربوبية فرعون فوشى به الواشون إلى فرعون و قالوا إن حزبيل يدعو إلى مخالفتك و يعين أعداءك على مضادتك فقال لهم فرعون ابن عمي و خليفتي على ملكي و ولي عهدي إن فعل ما قلتم فقد استحق أشد العذاب على كفره نعمتي فإن كنتم عليه كاذبين فقد استحققتم أشد العذاب لإيثاركم الدخول في مكانه فجاء بحزبيل و جاء بهم فكاشفوه و قالوا أنت تجحد ربوبية فرعون الملك و تكفر نعماءه فقال حزبيل أيها الملك هل جربت علي كذبا قط قال لا قال فسلهم من ربهم فقالوا فرعون قال و من خالقكم قالوا فرعون هذا قال و من رازقكم الكافل لمعايشكم و الدافع عنكم مكارهكم قالوا فرعون هذا قال حزبيل أيها الملك فأشهدك و كل من حضرك أن ربهم هو ربي و خالقهم هو خالقي و رازقهم هو رازقي و مصلح معايشهم هو مصلح معايشي لا رب لي و لا خالق و لا رازق غير ربهم و خالقهم و رازقهم و أشهدك و من حضرك أن كل رب و خالق و رازق سوى ربهم و خالقهم و رازقهم فأنا بري‏ء منه و من ربوبيته و كافر بإلهيته يقول حزبيل هذا و هو يعني أن ربهم هو الله ربي و لم يقل إن الذي قالوا إنه ربهم هو ربي و خفي هذا المعنى على فرعون و من حضره و توهموا أنه يقول فرعون ربي و خالقي و رازقي فقال لهم فرعون يا رجال السوء و يا طلاب الفساد في ملكي و مريدي الفتنة بيني و بين ابن عمي و هو عضدي أنتم المستحقون لعذابي لإرادتكم فساد أمري و إهلاك ابن عمي و الفت في عضدي ثم أمر بالأوتاد فجعل في ساق كل واحد منهم وتدا و في صدره وتدا و أمر أصحاب أمشاط الحديد فشقوا بها لحومهم من أبدانهم فذلك ما قال الله تعالى فَوَقاهُ اللَّهُ يعني حزبيل سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا به لما وشوا به إلى فرعون ليهلكوه وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ و هم الذين وشوا بحزبيل إليه لما أوتد فيهم الأوتاد و مشط عن أبدانهم لحومها بالأمشاط الخبر

 بيان وشى به إلى السلطان أي سعى و نمه و قال الجوهري فت الشي‏ء أي كسره يقال فت عضدي و هد ركني

 2-  ل، ]الخصال[ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب عن أحمد بن الفضل عن منصور بن عبد الله الأصبهاني عن علي بن عبد الله عن محمد بن هارون بن حميد عن محمد بن المغيرة الشهرزوري عن يحيى بن الحسين المدائني عن أبي لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله ص ثلاثة لم يكفروا بالوحي طرفة عين مؤمن آل ياسين و علي بن أبي طالب و آسية امرأة فرعون

 3-  ل، ]الخصال[ محمد بن علي بن إسماعيل عن أبي القاسم بن منيع عن شيبان بن فروخ عن داود بن أبي الفرات عن علباء بن أحمد عن عكرمة عن ابن عباس قال خط رسول الله ص أربع خطط في الأرض و قال أ تدرون ما هذا قلنا الله و رسوله أعلم فقال رسول الله ص أفضل نساء الجنة أربع خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد و مريم بنت عمران و آسية بنت مزاحم امرأة فرعون

 4-  ل، ]الخصال[ سليمان بن أحمد اللخمي عن علي بن عبد العزيز عن حجاج بن منهال عن داود بن أبي الفرات الكندي عن علباء عن عكرمة عن ابن عباس قال خط رسول الله ص أربع خطوط ثم قال خير نساء الجنة مريم بنت عمران و خديجة بنت خويلد و فاطمة بنت محمد و آسية بنت مزاحم امرأة فرعون

 5-  فس، ]تفسير القمي[ وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ قال كتم إيمانه ستمائة سنة قال و كان مجذوما مكنعا و هو الذي قد وقعت أصابعه و كان يشير إلى قومه بيديه المكنوعتين و يقول يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ قوله فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا يعني مؤمن آل فرعون فقال أبو عبد الله ع و الله لقد قطعوه إربا إربا و لكن وقاه الله أن يفتنوه في دينه

 6-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ حزبيل هو مؤمن آل فرعون أرسل فرعون رجلين في طلبه فانطلقا في طلبه فوجداه قائما يصلي بين الجبال و الوحوش خلفه فأرادا أن يعجلاه عن صلاته فأمر الله دابة من تلك الوحوش كأنها بعير أن تحول بينهما و بين المؤمن فطردتهما عنه حتى قضى صلاته فلما رآهما أوجس في نفسه خيفة و قال يا رب أجرني من فرعون فإنك إلهي عليك توكلت و بك آمنت و إليك أنبت أسألك يا إلهي إن كان هذان الرجلان يريدان بي سوءا فسلط عليهما فرعون و عجل ذلك و إن هما أراداني بخير فاهدهما فانطلقا حتى دخلا على فرعون ليخبراه بالذي عايناه فقال أحدهما ما الذي نفعك أن يقتل فكتم عليه فقال الآخر و عزة فرعون لا أكتم عليه و أخبر فرعون على رءوس الناس بما رأى و كتم الآخر فلما دخل حزبيل قال فرعون للرجلين من ربكما قالا أنت فقال لحزبيل و من ربك قال ربي ربهما فظن فرعون أنه يعنيه فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَ حاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ و سر فرعون و أمر بالأول فصلب فنجا الله المؤمن و آمن الآخر بموسى ع حتى قتل مع السحرة

 سن، ]المحاسن[ أبي عن علي بن النعمان عن أيوب بن الحر عن أبي عبد الله ع في قول الله فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا قال أما لقد سطوا عليه و قتلوه و لكن أ تدرون ما وقاه وقاه أن يفتنوه في دينه

 بيان سطا عليه أي قهر و بطش به قال الثعلبي قالت الرواة كان حزبيل من أصحاب فرعون نجارا و هو الذي نجر التابوت لأم موسى حين قذفته في البحر و قيل إنه كان خازنا لفرعون مائة سنة و كان مؤمنا مخلصا يكتم إيمانه إلى أن ظهر موسى ع على السحرة فأظهر حزبيل إيمانه فأخذ يومئذ و قتل مع السحرة صلبا و أما امرأة حزبيل فإنها كانت ماشطة بنات فرعون و كانت مؤمنة.

 و روي عن ابن عباس أن رسول الله ص قال لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة فقلت لجبرئيل ما هذه الرائحة قال هذه ماشطة آل فرعون و أولادها كانت تمشطها فوقعت المشطة من يدها فقالت بسم الله فقالت بنت فرعون أبي فقالت لا بل ربي و ربك و رب أبيك فقالت لأخبرن بذلك أبي فقالت نعم فأخبرته فدعا بها و بولدها و قال من ربك فقالت إن ربي و ربك الله فأمر بتنور من نحاس فأحمي فدعا بها و بولدها فقالت إن لي إليك حاجة قال و ما هي قالت تجمع عظامي و عظام ولدي فتدفنها قال ذاك لك لما لك علينا من حق فأمر بأولادها فألقوا واحدا واحدا في التنور حتى كان آخر ولدها و كان صبيا مرضعا فقال اصبري يا أماه إنك على الحق فألقيت في التنور مع ولدها

 و أما امرأة فرعون آسية فكانت من بني إسرائيل و كانت مؤمنة مخلصة و كانت تعبد الله سرا و كانت على ذلك أن قتل فرعون امرأة حزبيل فعاينت حينئذ الملائكة يعرجون بروحها لما أراد الله تعالى بها من الخير فزادت يقينا و إخلاصا و تصديقا فبينا هي كذلك إذ دخل عليها فرعون يخبرها بما صنع بها فقالت الويل لك يا فرعون ما أجرأك على الله جل و علا فقال لها لعلك قد اعتراك الجنون الذي اعترى صاحبتك فقالت ما اعتراني جنون لكن آمنت بالله تعالى ربي و ربك و رب العالمين فدعا فرعون أمها فقال لها إن ابنتك أخذها الجنون فأقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن بإله موسى فخلت بها أمها فسألتها موافقة فيما أراد فأبت و قالت أما أن أكفر بالله فلا و الله لا أفعل ذلك أبدا فأمر بها فرعون حتى مدت بين أربعة أوتاد ثم لا زالت تعذب حتى ماتت كما قال الله سبحانه وَ فِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ. و عن ابن عباس قال أخذ فرعون امرأته آسية حين تبين له إسلامها يعذبها لتدخل في دينه فمر بها موسى و هو يعذبها فشكت إليه بإصبعها فدعا الله موسى أن يخفف عنها فلم تجد للعذاب مسا و إنها ماتت من عذاب فرعون لها فقالت و هي في العذاب رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ و أوحى الله إليها أن ارفعي رأسك ففعلت فأريت البيت في الجنة بني لها من در فضحكت فقال فرعون انظروا إلى الجنون الذي بها تضحك و هي في العذاب انتهى. و قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ هي آسية بنت مزاحم قيل إنها لما عاينت المعجز من عصا موسى و غلبت السحرة أسلمت فلما ظهر لفرعون إيمانها نهاها فأبت فأوتد يديها و رجليها بأربعة أوتاد و ألقاها في الشمس ثم أمر أن يلقى عليها صخرة عظيمة فلما قربت أجلها قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ فرفعها الله تعالى إلى الجنة فهي فيها تأكل و تشرب عن الحسن و ابن كيسان و قيل إنها أبصرت بيتها في الجنة من درة و انتزع الله روحها فألقيت الصخرة على جسدها و ليس فيه روح فلم تجد ألما من عذاب فرعون و قيل إنها كانت تعذب بالشمس و إذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة و جعلت ترى بيتها في الجنة عن سلمان