باب 6- في خلق الأرواح قبل الأجساد و علة تعلقها بها و بعض شئونها من ائتلافها و اختلافها و حبها و بغضها و غير ذلك من أحوالها

1-  البصائر عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن آدم أبي الحسين عن إسماعيل بن أبي حمزة عمن حدثه عن أبي عبد الله ع قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين ع فقال و الله يا أمير المؤمنين إني لأحبك فقال كذبت فقال الرجل سبحان الله كأنك تعرف ما في قلبي فقال علي ع إن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ثم عرضهم علينا فأين كنت لم أرك

2-  و منه، عن عبد الله بن محمد عن إبراهيم بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن سلام بن أبي عمير عن عمارة قال كنت جالسا عند أمير المؤمنين ع إذ أقبل رجل فسلم عليه ثم قال يا أمير المؤمنين و الله إني لأحبك فسأله ثم قال له   إن الأرواح خلقت قبل الأبدان بألفي عام ثم أسكنت الهواء فما تعارف منها ثم ائتلف هاهنا و ما تناكر منها ثم اختلف هاهنا و إن روحي أنكر روحك

3-  و منه، عن أبي محمد عن عمران بن موسى عن يونس بن جعفر عن علي بن أسباط عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله ع أن رجلا قال لأمير المؤمنين ع و الله إني لأحبك ثلاث مرات فقال علي ع و الله ما تحبني فغضب الرجل فقال كأنك و الله تخبرني ما في نفسي قال له علي ع لا و لكن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام فلم أر روحك فيها

4-  الكشي، وجدت في كتاب جبرئيل بن أحمد بخطه حدثني محمد بن عيسى عن محمد بن الفضيل عن عبد الله بن عبد الرحمن عن الهيثم بن واقد عن ميمون بن عبد الله عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام ثم أسكنها الهواء فما تعارف منها ثم ائتلف هاهنا و ما تناكر ثم اختلف هاهنا

 أقول قد أوردنا أمثال هذه الأخبار في باب إخبار أمير المؤمنين ع بشهادته و باب أنهم ع يعرفون الناس بحقيقة الإيمان و النفاق و باب أنهم المتوسمون

5-  البصائر، عن بعض أصحابنا عن محمد بن الحسين عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن أيوب عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال قال أمير المؤمنين ع إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام فلما ركب الأرواح في أبدانها كتب بين أعينهم مؤمن أو كافر و ما هم به مبتلون و   ما هم عليه من سيئ أعمالهم و حسنها في قدر أذن الفأرة ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه فقال إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ و كان رسول الله ص هو المتوسم و أنا بعده و الأئمة من ذريتي هم المتوسمون

 تفسير الفرات، عن أحمد بن يحيى معنعنا عن أبي جعفر ع مثله

6-  العلل، عن علي بن أحمد عن محمد بن أبي عبد الله عن محمد بن إسماعيل البرمكي عن جعفر بن سليمان عن أبي أيوب الخراز عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال قلت لأبي عبد الله ع لأي علة جعل الله عز و جل الأرواح في الأبدان بعد كونها في ملكوته الأعلى في أرفع محل فقال ع إن الله تبارك و تعالى علم أن الأرواح في شرفها و علوها متى ما تركت على حالها نزع أكثرها إلى دعوى الربوبية دونه عز و جل فجعلها بقدرته في الأبدان التي قدر لها في ابتداء التقدير نظرا لها و رحمة بها و أحوج بعضها إلى بعض و علق بعضها على بعض و رفع بعضها على بعض و رفع بعضها فوق بعض درجات و كفى بعضها ببعض و بعث إليهم رسله و اتخذ عليهم حججه مبشرين و منذرين يأمرون بتعاطي العبودية و التواضع لمعبودهم بالأنواع التي تعبدهم بها و نصب لهم عقوبات في العاجل و عقوبات في الآجل و مثوبات في العاجل و مثوبات في الآجل ليرغبهم بذلك في الخير و يزهدهم في الشر و ليذلهم بطلب المعاش و المكاسب فيعلموا بذلك أنهم بها مربوبون و عباد مخلوقون و يقبلوا على عبادته فيستحقوا بذلك نعيم الأبد و جنة الخلد و يأمنوا من النزوع إلى ما ليس لهم بحق ثم قال ع يا ابن الفضل إن الله تبارك و تعالى أحسن نظرا لعباده منهم لأنفسهم أ لا ترى أنك لا ترى فيهم إلا محبا للعلو على غيره حتى أنه يكون منهم   لمن قد نزع إلى دعوى الربوبية و منهم من نزع إلى دعوى النبوة بغير حقها و منهم من نزع إلى دعوى الإمامة بغير حقها و ذلك ما يرون في أنفسهم من النقص و العجز و الضعف و المهانة و الحاجة و الفقر و الآلام و المناوبة عليهم و الموت الغالب لهم و القاهر لجميعهم يا ابن الفضل إن الله تبارك و تعالى لا يفعل بعباده إلا الأصلح لهم و لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَ لكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ

 بيان في القاموس نزع إلى أهله نزاعا و نزاعة و نزوعا بالضم اشتاق و في المصباح نزع إلى الشي‏ء نزاعا ذهب إليه و المناوبة عليهم أي إنزال المصائب عليهم بالنوبة نوعا بعد نوع أو معاقبتهم بذلك قال في القاموس النوب نزول الأمر كالنوبة و النوبة الدولة و ناوبه عاقبه و يحتمل أن يكون المنادبة بالدال من الندبة و النوحة

7-  الإختصاص، بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن علوان عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال كنت مع أمير المؤمنين ع فأتاه رجل فسلم عليه ثم قال يا أمير المؤمنين إني و الله لأحبك في الله و أحبك في السر كما أحبك في العلانية و أدين الله بولايتك في السر كما أدين بها في العلانية و بيد أمير المؤمنين عود فطأطأ رأسه ثم نكت بالعود ساعة في الأرض ثم رفع رأسه إليه فقال إن رسول الله ص حدثني بألف حديث لكل حديث ألف باب و إن أرواح المؤمن تلتقي في الهواء فتشم و تتعارف فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف بحق الله لقد كذبت فما أعرف في الوجوه وجهك و لا اسمك في الأسماء ثم دخل عليه رجل آخر فقال يا أمير المؤمنين إني لأحبك في الله و أحبك في السر كما أحبك في العلانية قال فنكت الثانية   بعوده في الأرض ثم رفع رأسه الأرض ثم رفع رأسه إليه فقال له صدقت إن طينتنا طينة مخزونة أخذ الله ميثاقها من صلب آدم فلم يشذ منها شاذ و لا يدخل فيها داخل من غيرها اذهب فاتخذ للفقر جلبابا فإني سمعت رسول الله ص يقول يا علي بن أبي طالب و الله الفقر أسرع إلى محبينا من السيل إلى بطن الوادي

 بيان في النهاية شاممت فلانا إذا قاربته و عرفت ما عنده بالاختبار و الكشف و هي مفاعلة من الشم كأنك تشم ما عنده و يشم ما عندك لتعملا بمقتضى ذلك

 و قال في حديث علي ع من أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلبابا

أي ليزهد في الدنيا و ليصبر على الفقر و القلة الحديث و الجلباب الإزار و الرداء و قيل هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها و ظهرها و صدرها و جمعه جلابيب كنى به عن الصبر لأنه يستر عن الفقر كما يستر الجلباب البدن و قيل إنما كنى بالجلباب عن اشتماله بالفقر أي فليلبس إزار الفقر و يكون منه على حالة تعمه و تشتمله لأن الغناء من أحوال أهل الدنيا و لا يتهيأ الجمع بين حب الدنيا و حب أهل البيت

8-  العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم، قال العلة في خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام قال إنما عنى به أن الأرواح خلقت قبل آدم بألفي عام

9-  كتاب محمد بن المثنى الحضرمي، عن جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي عن حميد بن شعيب عن جابر بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله ع يقول الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها عند الله ائتلف في الأرض و ما تناكر عند الله اختلف في الأرض

10-  الكافي، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن بكير بن أعين قال كان أبو جعفر ع يقول إن الله أخذ ميثاق شيعتنا بالولاية لنا و هم ذر يوم أخذ الميثاق على الذر بالإقرار بالربوبية و لمحمد ص بالنبوة و عرض الله عز و جل على محمد أمته في الطين و هم أظلة و خلقهم من الطينة التي خلق منها آدم   و خلق الله أرواح شيعتنا قبل أبدانهم بألفي عام عرضهم عليه و عرفهم رسول الله و عرفهم عليا و نحن نعرفهم فِي لَحْنِ الْقَوْلِ

 بيان في الطين أي حين كان النبي ص في الطين أو الأمة أو هما معا و هو أظهر و المراد قبل خلق الجسد و عرضهم عليه أي على الله أو على النبي في لحن القول إشارة إلى قوله تعالى وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ قال البيضاوي لحن القول أسلوبه و إمالته إلى جهة تعريض و تورية منه قيل للمخطئ لاحن لأنه يعدل الكلام عن الصواب

11-  معاني الأخبار، عن أحمد بن محمد بن الهيثم عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد الله عن تميم بن بهلول عن أبيه عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر قال قال أبو عبد الله ع إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم ع فعرضها على السماوات و الأرض و الجبال فغشيها نورهم الحديث

12-  البصائر، عن إبراهيم بن هاشم عن عمرو بن عثمان عن أبي محمد المشهدي من آل رجاء البجلي عن أبي عبد الله ع قال قال رجل لأمير المؤمنين ع أنا و الله لأحبك فقال له كذبت إن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام فأسكنها الهواء ثم عرضها علينا أهل البيت فو الله ما منها روح إلا و قد عرفنا بدنه فو الله ما رأيتك فيها فأين كنت الخبر

13-  البصائر، عن عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان عن هارون بن الجهم عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر قال بينا أمير المؤمنين جالس في مسجد الكوفة و قد احتبى بسيفه   و ألقى ترسه خلف ظهره إذ أتته امرأة تستعدي على زوجها فقضى للزوج عليها فغضبت فقالت و الله ما هو كما قضيت و الله ما تقضي بالسوية و لا تعدل في الرعية و لا قضيتك عند الله بالمرضية قال فغضب أمير المؤمنين ع فنظر إليها مليا ثم قال كذبت يا جرية يا بذية يا سلسع يا سلفع يا التي لا تحيض مثل النساء قال فولت هاربة و هي تقول ويلي ويلي فتبعها عمرو بن حريث فقال يا أمة الله قد استقبلت ابن أبي طالب بكلام سررتني به ثم نزغك بكلمة فوليت منه هاربة تولولين قال فقالت يا هذا ابن أبي طالب أخبرني بالحق و الله ما رأيت حيضا كما تراه المرأة قال فرجع عمرو بن حريث إلى أمير المؤمنين ع فقال له يا ابن أبي طالب ما هذا التكهن قال ويلك يا ابن حريث ليس مني هذا كهانة إن الله تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ثم كتب بين أعينها مؤمن أو كافر ثم أنزل بذلك قرآنا على محمد ص إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ فكان رسول الله ص من المتوسمين و أنا بعده و الأئمة من ذريتي منهم

 و منه عن إبراهيم بن هاشم عن عمرو بن عثمان عن إبراهيم بن أيوب عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع مثله إلى قوله يا عمرو ويلك إنها ليست بالكهانة و لكن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام فلما ركب الأرواح في أبدانها كتب بين أعينهم مؤمن أم كافر و ما هم به مبتلون و ما هم عليه من شر أعمالهم و حسنته في قدر أذن الفأرة ثم أنزل بذلك قرآنا على نبيه فقال إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ فكان رسول الله ص هو المتوسم ثم أنا من ذريتي من   بعدي هم المتوسمون فلما تأملتها عرفت ما هي عليها بسيماها

 الإختصاص، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب و إبراهيم بن هاشم عن عمرو بن عثمان مثله

14-  البصائر، عن أبي محمد عن عمران بن موسى عن إبراهيم بن مهزيار عن محمد بن عبد الوهاب عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن بعض أصحاب أمير المؤمنين ع قال دخل عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله على أمير المؤمنين ع و ساق الحديث إلى أن قال قال ع إن الله خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فأسكنها الهواء فما تعارف منها هنالك ائتلف في الدنيا و ما تناكر منها هناك اختلف في الدنيا و إن روحي لا تعرف روحك الخبر

15-  و منه، عن أحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله ع إن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين ع و هو مع أصحابه فسلم عليه ثم قال أما و الله أحبك و أتولاك فقال له أمير المؤمنين ع ما أنت كما قلت ويلك إن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام عرض علينا المحب لنا فو الله ما رأيت روحك فيمن عرض علينا فأين كنت فسكت الرجل عند ذلك و لم يراجعه

16-  و منه، عن الحسن بن علي بن عبد الله عن عيسى بن هشام عن عبد الكريم عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله ع قال بينا أمير المؤمنين ع في مسجد الكوفة إذ أتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين و الله إني لأحبك قال ما تفعل قال   بلى و الله الذي لا إله إلا هو قال و الله الذي لا إله إلا هو ما تحبني فقال يا أمير المؤمنين إني أحلف بالله أني أحبك و أنت تحلف بالله ما أحبك و الله كأنك تخبرني أنك أعلم بما في نفسي قال فغضب أمير المؤمنين ع و إنما كان الحديث العظيم يخرج منه عند الغضب قال فرفع يده إلى السماء و قال كيف يكون ذلك و هو ربنا تبارك و تعالى خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ثم عرض علينا المحب من المبغض فو الله ما رأيتك فيمن أحب فأين كنت

 بيان ما تفعل أي ما تحب أو ما تعمل بمقتضاه أو للاستفهام أي أي شي‏ء تقصد بإظهار الحب فيكون تعريضا بالنفي و الأول أظهر

17-  العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن عبد الكريم بن عمرو عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال إن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها في الميثاق ائتلف هاهنا و ما تناكر منها في الميثاق اختلف هاهنا و الميثاق هو في هذا الحجر الأسود الخبر

18-  و منه، بهذا الإسناد عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن الحسين بن أبي العلا عن حبيب قال حدثنا الثقة عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى أخذ ميثاق العباد و هم أظلة قبل الميلاد فما تعارف من الأرواح ائتلف و ما تناكر منها اختلف

19-  و منه، بهذا الإسناد عن حبيب عمن رواه عن أبي عبد الله ع قال ما تقول في الأرواح أنها جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف قال فقلت إنا نقول ذلك قال فإنه كذلك إن الله عز و جل أخذ على العباد   ميثاقهم و هم أظلة قبل الميلاد و هو قوله عز و جل وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ إلى آخر الآية قال فمن أقر له يومئذ جاءت ألفته هاهنا و من أنكره يومئذ جاء خلافه هاهنا

 بيان قال في النهاية فيه الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف مجندة أي مجموعة كما يقال ألوف مؤلفة و قناطير مقنطرة و معناه الإخبار عن مبدإ كون الأرواح و تقدمها على الأجساد أي أنها خلقت أول خلقها على قسمين من ائتلاف و اختلاف كالجنود المجموعة إذا تقابلت و تواجهت و معنى تقابل الأرواح ما جعلها الله عليه من السعادة و الشقاوة و الأخلاق في مبدإ الخلق يقول إن الأجساد التي فيها الأرواح تلتقي في الدنيا فتأتلف و تختلف على حسب ما خلقت عليه و لهذا ترى الخير يحب الأخيار و يميل إليهم و الشرير يحب الأشرار و يميل إليهم انتهى. و قال الكرماني في شرح البخاري أي خلقت مجتمعة ثم فرقت في أجسامها فمن وافق الصفة ألفه و من باعد نافره و قال الخطابي خلقت قبلها فكانت تلتقي فلما التبست بها تعارفت بالذكر الأول فصار كل إنما يعرف و ينكر على ما سبق له من العهد و قال النووي مجندة أي جموع مجتمعة و أنواع مختلفة و تعارفها لأمر جعلها الله عليه و قيل موافقة صفاتها و تناسبها في شيمها و قال الطيبي الفاء في فما تعارف تدل على تقدم اشتباك في الأزل ثم تفرق فيما لا يزال أزمنة متطاولة ثم ائتلاف بعد تناكر كمن فقد أنيسه ثم اتصل به فلزمه و أنس به و إن لم يسبق له اختلاط معه اشمأز منه و دل التشبيه بالجنود على أن ذلك الاجتماع في الأزل كان لأمر عظيم من فتح بلاد و قهر أعداء و دل على أن أحد الحزبين حزب الله و الآخر   حزب الشيطان و هذا التعارف إلهامات من الله من غير إشعار منهم بالسابقة انتهى و قد مر كلام قطب الدين الراوندي رحمه الله في هذا الخبر. اعلم أن ما تقدم من الأخبار المعتبرة في هذا الباب و ما أسلفناه في أبواب بدء خلق الرسول ص و الأئمة ع و هي قريبة من التواتر دلت على تقادم خلق الأرواح على الأجساد و ما ذكروه من الأدلة على حدوث الأرواح عند خلق الأبدان مدخولة لا يمكن رد تلك الروايات لأجلها

    -20  الكافي، عن الحسين بن محمد عن عبد الله عن محمد بن سنان عن المفضل عن جابر بن يزيد قال قال لي أبو جعفر ع يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمدا و عترته الهداة المهتدين فكانوا أشباح نور بين يدي الله قلت و ما الأشباح قال ظل النور أبدان نورية بلا أرواح و كان مؤيدا بروح واحد و هي روح القدس فبه كان يعبد الله و عترته لذلك خلقهم حلماء علماء بررة أصفياء يعبدون الله بالصلاة و الصوم و السجود و التسبيح و التهليل و يصلون الصلاة و يحجون و يصومون

 بيان أول منصوب بالظرفية و المهتدين صفة و كونه مفعول الهداة بعيد فكانوا أشباح نور الإضافة إما بيانية أي أشباحا هي أنوار و الأشباح جمع الشبح بالتحريك و هو سواد الإنسان أو غيره تراه من بعيد فالمراد إما الأجساد المثالية فالمراد بقوله بلا أرواح بلا أرواح الحيوانية أو الروح مجردا كان أو جسما   لطيفا فيستقيم أيضا لأن الأرواح ما لم تتعلق بالأبدان فهي مستقلة بنفسها أرواح من جهة و أجساد من جهة فهي أبدان نورانية لم تتعلق بها أرواح أخر و على هذا فظل النور أيضا إضافته للبيان أو لامية و المراد بالنور نور ذاته تعالى فإنها من آثار ذلك النور الأقدس و ظلاله و المعنى دقيق و ربما يؤول النور بالعقل الفعال على طريقة الفلاسفة. و كان مؤيدا بروح واحد أي في عالم الأرواح أو في عالم الأجساد و الأول أظهر و لذلك أي لتأيدهم بذلك الروح في أول الفطرة الروحانية خلقهم في الفطرة الجسمانية حلماء علماء إلخ و يصلون كأنه تأكيد لما مر أو المراد بقوله خلقهم خلقهم في عالم الأرواح أي كانوا يعبدون الله في هذا العالم و كانوا فيه علماء بخلاف سائر الأرواح لتأيدهم حينئذ بروح القدس فقوله ع و يصلون أي في عالم الأجساد فلا تكرار. أقول قد مرت أخبار كثيرة في ذلك في باب حدوث العالم. قال شارح المقاصد النفوس الإنسانية سواء جعلناها مجردة أو مادية حادثة عندنا لكونها أثر القادر المختار و إنما الكلام في أن حدوثها قبل البدن لقوله ص خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام أو بعده لقوله تعالى بعد ذكر أطوار البدن ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ إشارة إلى إفاضة النفس و لا دلالة في الحديث مع كونه خبر واحد على أن المراد بالأرواح النفوس البشرية أو الجوهر العلوية و لا في الآية على أن المراد إحداث النفس أو إحداث تعلقها بالبدن و أما الفلاسفة فمنهم من جعلها قديمة و ذهب أرسطو و شيعته إلى أنها حادثة ثم ذكر دلائل الطرفين و اعترض عليها بوجوه أعرضنا عن ذكرها.   و قال الشيخ المفيد قدس الله نفسه في أجوبة المسائل الروية فأما الخبر بأن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فهو من أخبار الآحاد و قد روته العامة كما روته الخاصة و ليس هو مع ذلك مما يقطع على الله بصحته و إن ثبت القول فالمعنى فيه أن الله تعالى قدر الأرواح في علمه قبل اختراع الأجساد و اخترع الأجساد و اخترع لها الأرواح فالخلق للأرواح قبل الأجساد خلق تقدير في العلم كما قدمناه و ليس بخلق لذواتها كما وصفناه و الخلق لها بالإحداث و الاختراع بعد خلق الأجسام و الصور التي تدبرها الأرواح و لو لا أن ذلك كذلك لكانت الأرواح تقوم بأنفسها و لا تحتاج إلى آلات تعلقها و لكنا نعرف ما سلف لنا من الأرواح قبل خلق الأجساد كما نعلم أحوالنا بعد خلق الأجساد و هذا محال لا خفاء بفساده و أما الحديث بأن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف فالمعنى فيه أن الأرواح التي هي الجواهر البسائط تتناصر بالجنس و تتخاذل بالعوارض فما تعارف منها باتفاق الرأي و الهوى ائتلف و ما تناكر منها بمباينة في الرأي و الهوى اختلف و هذا موجود حسا و مشاهد و ليس المراد بذلك أن ما تعارف منها في الذر ائتلف كما ذهبت إليه الحشوية كما بيناه من أنه لا علم للإنسان بحال كان عليها قبل ظهوره في هذا العالم و لو ذكر بكل شي‏ء ما ذكر ذلك فوضح بما ذكرناه أن المراد بالخبر ما شرحناه و الله الموفق للصواب انتهى. و أقول قيام الأرواح بأنفسها أو تعلقها بالأجساد المثالية ثم تعلقها بالأجساد العنصرية مما لا دليل على امتناعه و أما عدم تذكر الأحوال السابقة فلعله لتقلبها في الأطوار المختلفة أو لعدم القوى البدنية أو كون تلك القوى قائمة بما فارقته من الأجساد المثالية أو لإذهاب الله تعالى تذكر هذه الأمور عنها لنوع من المصلحة كما ورد أن الذكر و النسيان من صنعه تعالى مع أن الإنسان لا يتذكر كثيرا من أحوال الطفولية و الولادة و التأويل الذي ذكره للحديث في غاية البعد لا سيما مع الإضافات الواردة في الأخبار المتقدمة

    -21  العلل، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى عن الحسن بن علي عن عباس عن أسباط عن أبي عبد الرحمن قال قلت لأبي عبد الله ع إني ربما حزنت فلا أعرف في أهل و لا مال و لا ولد و ربما فرحت فلا أعرف في أهل و لا مال و لا ولد فقال إنه ليس من أحد إلا و معه ملك و شيطان فإذا كان فرحة كان دنو الملك منه و إذا كان حزنه كان دنو الشيطان منه و ذلك قول الله تبارك و تعالى الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ وَ اللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلًا وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ

 بيان لعل المراد أن هذا لهم من أجل وساوس الشيطان و أمانيه في أمور الدنيا الفانية و إن لم يتفطن به الإنسان فيظن أنه لا سبب له أو يكون غرض السائل فوت الأهل و المال و الولد في الماضي فلا ينافي الهم للتفكر فيها لأجل ما يستقبل أو المراد أنه لما كان شأن الشيطان ذلك يصير محض دنوه سببا للهم و في الملك بعكس ذلك في الوجهين

22-  العلل، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن جعفر بن محمد بن مالك عن أحمد بن مدين من ولد مالك بن الحارث الأشتر عن محمد بن عمار عن أبيه عن أبي بصير قال دخلت على أبي عبد الله ع و معي رجل من أصحابنا فقلت له جعلت فداك يا ابن رسول الله إني لأغتم و أحزن من غير أن أعرف لذلك سببا فقال أبو عبد الله ع إن ذلك الحزن و الفرح يصل إليكم منا لأنا إذا دخل علينا حزن أو سرور كان ذلك داخلا عليكم و لأنا و إياكم من نور الله عز و جل فجعلنا و طينتنا و طينتكم واحدة و لو تركت طينتكم كما أخذت لكنا و أنتم سواء و لكن مزجت طينتكم بطينة أعدائكم فلو لا ذلك ما أذنبتم ذنبا أبدا قال قلت جعلت فداك فتعود طينتنا و نورنا كما بدئ فقال إي و الله يا عبد الله أخبرني عن هذا الشعاع   الزاخر من القرص إذا طلع أ هو متصل به أو بائن منه فقلت له جعلت فداك بل هو بائن منه فقال أ فليس إذا غابت الشمس و سقط القرص عاد إليه فاتصل به كما بدأ منه فقلت له نعم فقال كذلك و الله شيعتنا من نور الله خلقوا و إليه يعودون و الله إنكم لملحقون بنا يوم القيامة و إنا لنشفع فنشفع و و الله إنكم لتشفعون فتشفعون و ما من رجل منكم إلا و سترفع له نار عن شماله و جنة عن يمينه فيدخل أحباءه الجنة و أعداءه النار

 بيان يا عبد الله ليس هذا اسم أبي بصير فإن المشهور بهذا اللقب اثنان أحدهما ليث المرادي و الآخر يحيى بن القاسم و ليس كنية واحد منهما أبا عبد الله حتى يمكن أن يقال كان أبا عبد الله فسقط أبا من النساخ و لكن كنيتهما أبو محمد فالظاهر أن أبا بصير هذا ليس شيئا منهما بل هو عبد الله بن محمد الأسدي الكوفي المكنى بأبي بصير كما ذكره الشيخ في الرجال و إن كان ذكره في أصحاب الباقر ع لأنه كثيرا ما يذكر الرجل في أصحاب إمام ثم يذكره في أصحاب إمام آخر و كثيرا ما يكتفي بأحدهما و لو كان أحد المشهورين يمكن أن يكون المراد المركب الإضافي لا التسمية و قد شاع النداء بهذا عند الضجر في عرف العرب و العجم و في القاموس زخر البحر كمنع طما و تملأ و الوادي مد جدا و ارتفع و الشي‏ء ملأه و القوم جاشوا لنفير أو حرب و القدر و الحرب جاشتا و النبات طال و الرجل بما عنده فخر انتهى و أكثر المعاني مناسبة و في بعض النسخ بالجيم و لا يستقيم إلا بتكلف. قوله عاد إليه كأنه على المجاز كما أن في المشبه أيضا كذلك فإن الظاهر عود الضمير في إليه إلى الله و يحتمل عوده إلى النور و المراد بنور الله النور المشرق و المكرم الذي اصطفاه و خلقه و لا يبعد أن يكون المراد أنوار الأئمة ع كما قال ع إنكم لما يحقون بنا أو المراد بنور الله رحمته و التشفيع قبول الشفاعة

    -23  المحاسن، عن أبيه عن فضالة عن عمر بن أبان عن جابر الجعفي قال تنفست بين يدي أبي جعفر ع ثم قلت يا ابن رسول الله أهتم من غير مصيبة تصيبني أو أمر نزل بي حتى تعرف ذلك أهلي في وجهي و يعرفه صديقي قال نعم يا جابر قلت و مم ذلك يا ابن رسول الله قال و ما تصنع بذلك قلت أحب أن أعلمه فقال يا جابر إن الله خلق المؤمنين من طينة الجنان و أجرى فيهم من ريح روحه فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه و أمه فإذا أصاب تلك الأرواح في بلد من البلدان شي‏ء حزنت عليه الأرواح لأنها منه

 بيان تنفست أي تأوهت و في الكافي تقبضت بمعنى الانبساط كما سيأتي من ريح روحه بالضم أي من رحمة ذاته أو نسيم روحه الذي اصطفاه كما مر أو بالفتح أي رحمته كما ورد في خبر آخر و أجرى فيهم من روح رحمته و يؤيد الأول بعض الأخبار لأبيه و أمه لأن الطينة بمنزلة الأم و الروح بمنزلة الأب و هما متحدان نوعا أو صنفا فيهما

24-  الكافي، عن العدة عن أحمد بن محمد البرقي عن أبيه عن فضالة بن أيوب عن عمر بن أبان عن جابر الجعفي قال تقبضت بين يدي أبي جعفر ع فقلت جعلت فداك ربما حزنت من غير مصيبة تصيبني أو ألم ينزل بي حتى يعرف ذلك أهلي في وجهي و صديقي فقال نعم يا جابر إن الله عز و جل خلق المؤمنين من طينة الجنان و أجرى فيهم من ريح روحه فلذلك المؤمن أخو المؤمن لأبيه و أمه فإذا أصاب روحا من تلك الأرواح في بلد من البلدان حزن حزنت هذه لأنها منها

    -25  و منه، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى و عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن علي بن رئاب عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إن اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده و أرواحهما من روح واحدة و إن روح المؤمن لأشد اتصالا بروح الله من اتصال شعاع الشمس بها

 الإختصاص، عنه ع مرسلا مثله تبيين قوله ع كالجسد الواحد كأنه ع ترقى عن الأخوة إلى الاتحاد أو بين أن إخوتهم ليست مثل سائر الأخوات بل هم بمنزلة أعضاء جسد واحد تعلق بها روح واحد فكما أنه بتألم عضو واحد تتألم و تتعطل سائر الأعضاء فكذا بتألم واحد من المؤمنين يحزن و يتألم سائرهم كما مر فقوله ع كالجسد الواحد تقديره كعضوي جسد واحد و قوله إن اشتكى ظاهره أنه بيان لحال المشبه به و الضميران المستتران فيه و في وجد راجعان إلى المرء و الإنسان أو الروح الذي يدل عليه الجسد و ضمير منه للجسد و ضمير أرواحهما لشي‏ء و سائر الجسد و الجمعية باعتبار جمعية السائر أو من إطلاق الجمع على التثنية مجازا و في الإختصاص و أن روحهما و هو أظهر و المراد بالروح الواحد إن كان الروح الحيوانية فمن للتبعيض و إن كان النفس الناطقة فمن للتعليل فإن روحهما الروح الحيوانية هذا إذا كان قوله و أرواحهما من تتمة بيان المشبه به و يحتمل تعلقه بالمشبه فالضمير للأخوين المذكورين في أول الخبر و الغرض إما بيان شدة اتصال الروحين كأنهما روح واحدة أو أن روحيهما من روح واحدة هي روح الأئمة ع و هو نور الله كما مر في خبر أبي بصير الذي هو كالشرح لهذا الخبر و يحتمل أن يكون إن اشتكى أيضا لبيان حال المشبه لاتضاح وجه الشبه و على التقادير المراد بروح الله أيضا الروح التي اصطفاها الله و جعلها في الأئمة ع كما مر في قوله تعالى    وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي و يحتمل أن يكون المراد بروحه ذاته سبحانه إشارة إلى شدة ارتباط أرواح المقربين و المحبين من الشيعة المخلصين بجناب الحق تعالى حيث لا يغفلون عن ربهم ساعة و يفيض عليهم منه سبحانه آنا فآنا و ساعة فساعة العلم و الحكم و الكمالات و الهدايات بل الإرادة أيضا لتخليهم عن إرادتهم و تفويضهم جميع أمورهم إلى ربهم كما قال فيهم وَ ما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ

 و قال في الحديث القدسي فإذا أحببته كنت سمعه و بصره و يده و رجله و لسانه

و سيأتي تمام القول فيه في محله إن شاء الله تعالى بحسب فهمي و الله الموفق

26-  قرب الإسناد، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن زياد قال سمعت جعفرا ع و سئل هل يكون أن يحب الرجل الشي‏ء و لم يره قال نعم فقيل له مثل أي شي‏ء فقال مثل اللون من الطعام يوصف للإنسان و لم يأكله فيحبه و ما أشبه ذلك مثل الرجل يحب الشي‏ء يذكر لأصحابه و ما لك أكثر مما تدع

 بيان لعل المعنى إذا تفكرت في أمثلة ذلك كان مالك منها أكثر مما تتركه كناية عن كثرة أمثلة ذلك و ظهورها و يمكن أن يكون تصحيف تسمع و يمكن أن يكون غرض السائل السؤال عن حب المؤمن أخاه من غير سابقة كما في سائر الأخبار

27-  مجالس الشيخ، عن جماعة عن أبي المفضل عن جعفر بن محمد العلوي عن عبد الله بن أحمد بن نهيك عن عبد الله بن جبلة عن حميد بن شعيب عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر ع قال لما احتضر أمير المؤمنين ع جمع بنيه فأوصاهم ثم قال يا بني إن القلوب جنود مجندة تتلاحظ بالمودة و تتناجى بها و كذلك هي في البغض فإذا أحببتم الرجل من غير خير سبق منه إليكم فارجوه و إذا أبغضتم الرجل من غير سوء سبق منه إليكم فاحذروه

28-  مجالس ابن الشيخ، عن أبيه عن أحمد بن محمد بن الوليد عن أبيه عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير عن حنان   بن سدير عن أبيه قال قلت لأبي عبد الله ع إني لألقى الرجل لم أره و لم يرني فيما مضى قبل يومه ذلك فأحبه حبا شديدا فإذا كلمته وجدته لي مثل ما أنا عليه له و يخبرني أنه يجد لي مثل الذي أجد له فقال صدقت يا سدير إن ائتلاف قلوب الأبرار إذا التقوا و إن لم يظهروا التودد بألسنتهم كسرعة اختلاط قطر الماء على مياه الأنهار و إن بعد ائتلاف قلوب الفجار إذا التقوا و إن أظهروا التودد بألسنتهم كبعد البهائم من التعاطف و إن طال اعتلافها على مزود واحد

 بيان المزود كمنبر وعاء الزاد

29-  الشهاب، قال رسول الله ص مثل المؤمن في توادهم و تراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر و الحمى

30-  و قال ص مثل القلب مثل ريشة بأرض تقلبها الرياح

 الضوء يقال تداعت الحيطان إذا تهادمت أو تهيأت للسقوط بأن تميل أو تتهور

 يقول ص المؤمنون متحدون متأزرون متضافرون كأنهم نفس واحدة

 و لذلك قال ص المؤمن للمؤمن بمنزلة البنيان يشد بعضه بعضا

 و قال ص المؤمنون يد واحدة على من سواهم

شبه ع المؤمنين في اتحادهم و موازرتهم بالجسد المجتمع من آلات و أعضاء إذا اشتكى بعضه كانت الجملة ألمه سقيمة مساهرة محمومة لاتصال بعضه ببعض و لأن الألم هو الجملة و هو في حكم الجزء الواحد بسبب الحياة التي هي كالمسمار يضم أجزاءها و ينتظمها و لفظ الحديث خبر و تشبيه و المعنى أمر يأمرهم به أن يتوادوا و يتحابوا و يرحم بعضهم بعضا و فائدة الحديث الأمر بالتناصر و التعاون و راوي الحديث النعمان بن بشير و قال ره في الحديث الثاني و روي بأرض فلاة شبه ع القلب بريشة ساقطة بأرض عراء لا حاجز بها و لا مانع فالريح تطيرها هنا و ثم و ذلك للاعتقادات و الأحوال التي يتقلب لها و لسرعة انقلابه و قلة ثبوته و دوامه على حالة واحدة و قد قيل إنما سمي قلبا لتقلبه و فائدة الحديث إعلام أن القلب سريع الانقلاب لا يبقى على وجه واحد و راوي الحديث أنس بن مالك