باب 7- نزول التوراة و سؤال الرؤية و عبادة العجل و ما يتعلق بها

الآيات البقرة وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ و قال تعالى البقرة وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ و قال تعالى البقرة وَ لَقَدْ جاءَكُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ النساء يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَ آتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً وَ رَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَ قُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً المائدة وَ لَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَ قالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَ آتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَ آمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ و قال تعالى المائدة إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ الأعراف وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَ قالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ قالَ يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَ أْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ و قال تعالى الأعراف وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَ لَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَ لا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا اتَّخَذُوهُ وَ كانُوا ظالِمِينَ وَ لَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَ رَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَ يَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ وَ لَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَ عَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَ أَلْقَى الْأَلْواحَ وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَ لا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِأَخِي وَ أَدْخِلْنا فِي رَحْمَتِكَ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ ذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ وَ الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِها وَ آمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَ لَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَ فِي نُسْخَتِها هُدىً وَ رَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيَّايَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ وَ اكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ

 و قال تعالى الأعراف وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ طه يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَ واعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ لا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى وَ ما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى قالَ هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَ فَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَ لكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ أَ فَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَ لا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَ لا نَفْعاً وَ لَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَ أَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها وَ كَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَ إِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَ انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً القصص وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ مِنْ بَعْدِ ما أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولى بَصائِرَ لِلنَّاسِ وَ هُدىً وَ رَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ الطور وَ الطُّورِ وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ النجم أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى وَ إِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى الأعلى إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى تفسير قال الطبرسي وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى أن نؤتيه الألواح على رأس أربعين ليلة أو عند انقضاء أربعين ليلة قال المفسرين لما عاد بنو إسرائيل إلى مصر بعد إنجائهم من البحر و هلاك فرعون و قومه وعدهم الله إنزال التوراة و الشرائع فخلف موسى أصحابه و استخلف عليهم هارون فمكث على الطور أَرْبَعِينَ لَيْلَةً و أنزل عليه التوراة في الألواح ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ إلها مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد غيبة موسى أو من بعد وعد الله إياكم بالتوراة أو من بعد غرق فرعون و ما رأيتم من الآيات وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ أي مضرون بأنفسكم وَ الْفُرْقانَ هي التوراة أيضا أو انفراق البحر أو الفرق بين الحلال و الحرام إِلى بارِئِكُمْ أي خالقكم و منشئكم فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أي ليقتل بعضكم بعضا بقتل البري‏ء المجرم و قيل أي استسلموا للقتل و اختلفوا في المأمور بالقتل فروي أن موسى ع أمرهم أن يقوموا صفين فاغتسلوا و لبسوا أكفانهم و جاء هارون باثني عشر ألفا ممن لم يعبد العجل و معهم الشفار المرهفة و كانوا

  يقتلونهم فلما قتلوا سبعين ألفا تاب الله على الباقين و جعل قتل الماضين شهادة لهم و قيل إن السبعين الذين كانوا مع موسى في الطور هم الذين قتلوا ممن عبد العجل سبعين ألفا و قيل إنهم قاموا صفين فجعل يطعن بعضهم بعضا حتى قتلوا سبعين ألفا و قيل غشيتهم ظلمة شديدة فجعل بعضهم يقتل بعضا ثم انجلت الظلمة فأجلوا عن سبعين ألف قتيل و روي أن موسى و هارون وقفا يدعوان الله و يتضرعان إليه و هم يقتل بعضهم بعضا حتى نزل الوحي برفع القتل و قبلت توبة من بقي و ذكر ابن جريح أن السبب في أمرهم بقتل أنفسهم أن الله علم أن ناسا منهم ممن لم يعبدوا العجل لم ينكروا عليهم ذلك مخافة القتل مع علمهم بأن العجل باطل فلذلك ابتلاهم الله بأن يقتل بعضهم بعضا ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إشارة إلى التوبة مع القتل لأنفسهم. لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ أي لن نصدقك في أنك نبي حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً أي علانية فيخبرنا بذلك أو لا نصدقك فيما تخبر به من صفات الله تعالى و قيل إنه لما جاءهم بالألواح قالوا ذلك و قيل إن جهرة صفة لخطابهم لموسى إنهم جهروا به و أعلنوه فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ أي الموت وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إلى أسباب الموت و قيل إلى النار و استدل البلخي بها على عدم جواز الرؤية على الله تعالى و يؤكده قوله فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً و تدل هذه الآية على أن قول موسى ع رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ كان سؤالا لقومه لأنه لا خلاف بين أهل التوراة أن موسى ع لم يسأل الرؤية إلا دفعة واحدة و هي التي سألها لقومه ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ أي أحييناكم لاستكمال آجالكم و قيل إنهم سألوا بعد الإفاقة أن يبعثوا أنبياء فبعثهم الله أنبياء فالمعنى بعثناكم أنبياء. و أجمع المفسرون إلا شرذمة يسيرة أن الله تعالى لم يكن أمات موسى ع كما أمات قومه و لكن غشي عليه بدلالة قوله تعالى فَلَمَّا أَفاقَ و استدل بها على جواز الرجعة. وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ باتباع موسى و العمل بالتوراة وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ قال أبو زيد هذا حين رجع موسى من الطور فأتى بالألواح فقال لقومه جئتكم بالألواح و فيها التوراة و الحلال و الحرام فاعملوا بها قالوا و من يقبل قولك فأرسل الله الملائكة حتى نتقوا الجبل فوق رءوسهم فقال موسى ع إن قبلتم ما أتيتكم به و إلا أرسل الجبل عليكم فأخذوا التوراة و سجدوا لله تعالى ملاحظين إلى الجبل فمن ثم يسجد اليهود على أحد شقي وجوههم قيل و هذا هو معنى أخذ الميثاق لأن في هذه الحال قيل لهم خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ يعني التوراة بجد و يقين

 و روى العياشي أنه سئل الصادق ع عن قول الله تعالى خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ أ بقوة بالأبدان أو بقوة بالقلب فقال بهما جميعا

 وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ الضمير لما آتينا أي احفظوا ما في التوراة من الحلال و الحرام و لا تنسوه و قيل اذكروا ما في تركه من العقوبة و هو المروي عن أبي عبد الله ع و قيل أي اعملوا بما فيه و لا تتركوه ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ أي نقضتم العهد الذي أخذناه عليكم فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بالتوبة وَ رَحْمَتُهُ بالتجاوز. وَ اسْمَعُوا أي اقبلوا ما سمعتم و اعملوا به أو استمعوا لتسمعوا قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا أي قالوا استهزاء سمعنا قولك و عصينا أمرك أو حالهم كحال من قال ذلك. وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ قال البيضاوي أي تداخلهم حبه و رسخ في قلوبهم صورته لفرط شعفهم به كما يتداخل الصبغ الثوب و الشراب أعماق البدن و فِي قُلُوبِهِمُ بيان لمكان الإشراب كقوله إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً.  بِكُفْرِهِمْ أي بسبب كفرهم و ذلك لأنهم كانوا مجسمة أو حلولية و لم يروا جسما أعجب منه فتمكن في قلوبهم ما سول لهم السامري قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ بالتوراة و المخصوص بالذم محذوف نحو هذا الأمر أو ما يعمه و غيره من قبائحهم المعدودة في الآيات الثلاث إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ تقرير للقدح في دعواهم الإيمان بالتوراة و تقديره إن كنتم مؤمنين بها ما أمركم بهذه القبائح و رخص لكم فيها إيمانكم بها أو إن كنتم مؤمنين بها فبئس ما أمركم إيمانكم بها فإن المؤمن ينبغي أن لا يتعاطى إلا ما يقتضيه إيمانه لكن الإيمان بها لا يأمر به فإذن لستم بمؤمنين. مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ قال الطبرسي أي عهدهم المؤكد باليمين بإخلاص العبادة له و الإيمان برسله و ما يأتون به من الشرائع وَ بَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً أي أمرنا موسى بأن يبعث من الأسباط الاثني عشر اثني عشر رجلا كالطلائع يتجسسون و يأتون بني إسرائيل بأخبار أرض الشام و أهلها الجبارين فاختار من كل سبط رجلا يكون لهم نقيبا أي أمينا كفيلا فرجعوا ينهون قومهم عن قتالهم لما رأوا من شدة بأسهم و عظم خلقهم إلا رجلين كالب بن يوفنا و يوشع بن نون و قيل معناه أخذنا من كل سبط منهم ضمينا بما عقدنا عليهم الميثاق في أمر دينهم أو رئيسا أو شهيدا على قومه و قيل إنهم بعثوا أنبياء وَ قالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ الخطاب للنقباء أو لبني إسرائيل أي إني معكم بالنصر و الحفظ إن قاتلتموهم و وفيتم بعهدي و ميثاقي وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ أي نصرتموهم و قيل عظمتموهم و أطعتموهم وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ أي أنفقتم في سبيل الله نفقة حسنة فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ أي بعد بعث النقباء و أخذ الميثاق فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ أي أخطأ قصد الطريق الواضح و زال عن منهاج الحق.  فِيها هُدىً أي بيان للحق و دلالة على الأحكام وَ نُورٌ أي ضياء لكل ما تشابه عليهم و قيل أي بيان أن أمر النبي ص حق. يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا أي يحكم بالتوراة النبيون الذين أذعنوا لحكم الله و أقروا به لِلَّذِينَ هادُوا أي تابوا من الكفر أو لليهود و اللام فيه متعلق بيحكم أي يحكمون بالتوراة لهم و فيما بينهم وَ الرَّبَّانِيُّونَ أي يحكم بها الربانيون الذين علت درجاتهم في العلم و قيل الذين يعملون بما يعلمون وَ الْأَحْبارُ العلماء الكبار بِمَا اسْتُحْفِظُوا أي بما استودعوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ أو بما أمروا بحفظ ذلك و القيام به و ترك تضييعه وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ أي رقباء لا يتركون أن يغير أو يبينون ما يخفى منه. اخْلُفْنِي أي كن خليفتي فِي قَوْمِي وَ أَصْلِحْ فيما بينهم و أجر على طريقتك في الصلاح أو أصلح فاسدهم وَ لا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ أي لا تسلك طريقة العاصين و لا تكن عونا للظالمين. قالَ رَبِّ أَرِنِي اختلف في وجه هذا السؤال على أقوال نذكر منها وجهين أحدهما ما قاله الجمهور و هو الأقوى إنه لم يسأل لنفسه و إنما سألها لقومه حين قالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً و لذا قال ع أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا. و ثانيهما أنه لم يسأل الرؤية بالبصر و لكن سأله أن يعلمه نفسه ضرورة بإظهار بعض أعلام الآخرة التي تضطره إلى المعرفة و يستغني عن الاستدلال قالَ لَنْ تَرانِي أبدا فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ علق رؤيته باستقرار الجبل الذي علمنا أنه لم يستقر من قبيل التعليق على المحال وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً أي سقط مغشيا عليه و روي عن ابن عباس

  أنه قال أخذته الغشية عشية الخميس يوم عرفة و أفاق عشية الجمعة و فيه نزلت عليه التوراة و قيل معناه خر ميتا فَلَمَّا أَفاقَ من صعقته قالَ سُبْحانَكَ أي تنزيها لك عن أن يجوز عليك ما لا يليق بك تُبْتُ إِلَيْكَ من التقدم في المسألة قبل الإذن فيها. و قيل إنما قاله على وجه الانقطاع إلى الله سبحانه كما يذكر التسبيح و التهليل و نحو ذلك من الألفاظ عند ظهور الأمور الجليلة وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ بأنه لا يراك أحد من خلقك عن ابن عباس و روي مثله عن أبي عبد الله ع قال معناه أنا أول من آمن و صدقك بأنك لا ترى و قيل أنا أول المؤمنين من قومي باستعظام سؤال الرؤية. بِرِسالاتِي من غير كلام وَ بِكَلامِي من غير رسالة قيل إنه سبحانه كلم موسى على الطور و كلم نبينا عند سدرة المنتهى. فَخُذْ ما آتَيْتُكَ أي أعطيتك من التوراة و تمسك بما أمرتك وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ أي من المعترفين بنعمتي القائمين بشكرها فِي الْأَلْواحِ يعني بالألواح التوراة و قيل كانت من خشب نزلت من السماء و قيل كانت من زمرد طولها عشرة أذرع و قيل كانت من زبرجدة خضراء و ياقوتة حمراء و قيل إنهما كانا لوحين. مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قال الزجاج أعلم الله سبحانه أنه أعطاه من كل شي‏ء يحتاج إليه من أمر الدين مع ما أراه من الآيات مَوْعِظَةً هذا تفسير لقوله كُلِّ شَيْ‏ءٍ و بيان لبعض ما دخل تحته وَ تَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ يحتاج إليه في الدين من الأوامر و النواهي و الحلال و الحرام و غير ذلك يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أي بما فيها من أحسن المحاسن و هي الفرائض و النوافل فإنها أحسن من المباحات و قيل بالناسخ دون المنسوخ و قيل المراد بالأحسن الحسن و كلها حسن.  جَسَداً أي مجسدا لا روح فيه و قيل لحما و دما لَهُ خُوارٌ أي صوت و في كيفية خوار العجل مع أنه مصوغ من ذهب خلاف فقيل أخذ السامري قبضة من تراب أثر فرس جبرئيل ع يوم قطع البحر فقذف ذلك التراب في فم العجل فتحول لحما و و دما و كان ذلك معتادا غير خارق للعادة و جاز أن يفعل الله ذلك بمجرى العادة و قيل إنه احتال بإدخال الريح كما تعمل هذه الآلات التي تصوت بالحيل أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ بما يجدي عليهم نفعا أو يدفع عنهم ضررا وَ لا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا أي لا يهديهم إلى خير ليأتوه و لا إلى شر ليجتنبوه اتَّخَذُوهُ أي إلها. وَ لَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ قال البيضاوي أي اشتد ندمهم فإن النادم المتحسر يعض يده غما فتصير يده مسقوطا فيها وَ أَلْقَى الْأَلْواحَ طرحها من شدة الغضب و فرط الزجر حمية للدين. و قال الطبرسي

 روي عن النبي ص أنه قال يرحم الله أخي موسى ليس المخبر كالمعاين لقد أخبره الله بفتنة قومه و قد عرف أن ما أخبره ربه حق و أنه على ذلك لمتمسك بما في يديه فرجع إلى قومه و رآهم فغضب و ألقى الألواح

 اسْتَضْعَفُونِي أي اتخذوني ضعيفا وَ كادُوا يَقْتُلُونَنِي أي هموا بقتلي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ أي لا تسرهم بأن تفعل ما يوهم ظاهره خلاف التعظيم مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ أي مع عبدة العجل و من جملتهم في إظهار الغضب و الموجدة وَ ذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا أي صغر النفس و المهانة أو الجزية أو الاستسلام للقتل وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ اختلف في سبب اختياره إياهم و وقته فقيل إنه اختارهم حين خرج إلى الميقات ليكلمه الله سبحانه بحضرتهم و يعطيه التوراة فيكونوا شهداء له عند بني إسرائيل لما لم يثقوا بخبره أن الله سبحانه يكلمه فلما حضروا الميقات و سمعوا كلامه سألوا الرؤية فأصابتهم الصاعقة ثم أحياهم الله و قيل إنه اختارهم بعد الميقات الأول للميقات الثاني بعد عبادة العجل ليعتذروا من ذلك فلما سمعوا كلام الله فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فأخذتهم الرجفة و هي الرعدة و الحركة الشديدة حتى كادت أن تبين مفاصلهم و خاف موسى عليهم الموت فبكى و دعا و خاف أن يتهمه بنو إسرائيل على السبعين إذا عاد إليهم و لم يصدقوه بأنهم ماتوا و قال ابن عباس إن السبعين الذين قالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فأخذتهم الصاعقة كانوا قبل السبعين الذين أخذتهم الرجفة و إنما أمر الله تعالى موسى أن يختار من قومه سبعين رجلا فاختارهم و برز بهم ليدعوا ربهم فكان فيما دعوا أن قالوا اللهم أعطنا ما لم تعط أحدا قبلنا و لا تعطيه أحدا بعدنا فكره الله ذلك من دعائهم فأخذتهم الرجفة.

 و روي عن علي بن أبي طالب ع أنه قال إنما أخذتهم الرجفة من أجل دعواهم على موسى قتل أخيه هارون و ذلك أن موسى و هارون و شبر و شبير ابني هارون انطلقوا إلى سفح جبل فنام هارون على سرير فتوفاه الله فلما مات دفنه موسى فلما رجع إلى بني إسرائيل قالوا له أين هارون قال توفاه الله فقالوا لا بل أنت قتلته حسدتنا على خلقه و لينه قال فاختاروا من شئتم فاختاروا منهم سبعين رجلا و ذهب بهم فلما انتهوا إلى القبر قال موسى يا هارون أ قتلت أم مت فقال هارون ما قتلني أحد و لكن توفاني الله فقالوا لن تعصى بعد اليوم فأخذتهم الرجفة فصعقوا و ماتوا ثم أحياهم الله و جعلهم أنبياء

و قال وهب لم تكن تلك الرجفة موتا و لكن القوم لما رأوا تلك الهيبة أخذتهم الرعدة و قلقلوا و رجفوا حتى كادت تبين منه مفاصلهم و تنقض ظهورهم فلما رأى موسى ذلك رحمهم و خاف عليهم الموت و اشتد عليه فقدهم و كانوا وزراؤه على الخير سامعين له مطيعين فعند ذلك دعا و بكى و ناشد ربه فكشف الله عنهم تلك الرجفة و الرعدة فسكنوا و اطمأنوا و سمعوا كلام ربهم قالَ أي موسى رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيَّايَ أي لو شئت أهلكت هؤلاء السبعين من قبل هذا الموقف و أهلكتني معهم فالآن ما ذا أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا معناه النفي و إن كان بصورة الإنكار و المعنى أنك لا تهلكنا بما فعل السفهاء منا فبهذا نسألك رفع المحنة بالإهلاك عنا و ما فعله السفهاء هو عبادة العجل ظن موسى أنهم أهلكوا لأجل عبادة بني إسرائيل العجل و قيل هو سؤال الرؤية إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ أي إن الرجفة إلا اختبارك و ابتلاؤك و محنتك أي تشديدك التعبد و التكليف علينا بالصبر على ما أنزلته بنا و قيل المراد إن هي إلا عذابك تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ أي تهلك بهذه الرجفة من تشاء وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ أي تنجي و قيل تضل بترك الصبر على فتنتك و ترك الرضا بها من تشاء عن نيل ثوابك و دخول جنتك و تهدي بالرضا بها و الصبر عليها من تشاء أَنْتَ وَلِيُّنا أي ناصرنا و الأولى بنا تحوطنا و تحفظنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً أي نعمة و قيل الثناء الجميل و قيل التوفيق للأعمال الصالحة وَ فِي الْآخِرَةِ أي حسنة أيضا و هي الرفعة و المغفرة و الرحمة و الجنة فَسَأَكْتُبُها أي فسأوجب رحمتي و هذه بشارة ببعثة نبينا ص. وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ أي قلعناه من أصله فرفعناه فوق بني إسرائيل و كان عسكر موسى فرسخا في فرسخ فرفع الله الجبل فوق جميعهم كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ أي غمامة أو سقيفة وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ أي علموا أو الظن بمعناه خُذُوا أي و قلنا لهم خذوا. وَ واعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ هو أن الله وعد موسى بعد أن أغرق فرعون ليأتي جانب الطور الأيمن فيؤتيه التوراة وَ لا تَطْغَوْا فِيهِ أي و لا تتعدوا فيه فتأكلوه على الوجه المحرم عليكم فَقَدْ هَوى أي هلك أو هوى إلى النار لِمَنْ تابَ من الشرك ثُمَّ اهْتَدى أي لزم الإيمان حتى يموت و قيل لم يشك في إيمانه و

 قال الباقر ع ثُمَّ اهْتَدى إلى ولايتنا أهل البيت

 وَ ما أَعْجَلَكَ قال ابن إسحاق كانت المواعدة أن يوافي الميعاد هو و قومه و قيل مع جماعة من وجوه قومه و هو متصل بقوله وَ واعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ فتعجل موسى من بينهم شوقا إلى ربه و خلفهم ليلحقوا به فقيل له ما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى أي بأي سبب خلفت قومك و سبقتهم عَلى أَثَرِي أي من ورائي يدركونني عن قريب أو هم على ديني و منهاجي أو هم ينتظرون من بعدي ما الذي آتيهم به وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى أي سبقتهم إليك حرصا على تعجيل رضاك فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ أي امتحناهم بِمَلْكِنا أي و نحن نملك من أمرنا شيئا و المعنى أنا لم نطق رد عبدة العجل عن عظيم ما ارتكبوه للرهبة لكثرتهم و قلتنا وَ إِنَّ لَكَ مَوْعِداً أي وعدا لعذابك يوم القيامة لن تخلف ذلك الوعد و لن يتأخر عنك ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً أي ظللت على عبادته مقيما لَنُحَرِّقَنَّهُ أي بالنار و قرأ أبو جعفر ع بسكون الحاء و تخفيف الراء و هو قراءة علي ع و ابن عباس أي لنبردنه بالمبرد فعلى الأول يدل على كونه حيوانا لحما و دما و على الثاني على أنه كان ذهبا و فضة و لم يصر حيوانا. و قال البيضاوي لَنُحَرِّقَنَّهُ أي بالنار و يؤيده قراءة لنحرقنه أو بالمبرد على أنه مبالغة في حرق إذا برد بالمبرد و يعضده قراءة لنحرقنه ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ لنذرينه رمادا أو مبرودا فِي الْيَمِّ نَسْفاً فلا يصادف منه شي‏ء و المقصود من ذلك زيادة عقوبته و إظهار غباوة المفتتنين به لمن له أدنى نظر.

 و قال الطبرسي قال الصادق ع إن موسى ع هم بقتل السامري فأوحى الله إليه لا تقتله يا موسى فإنه سخي ثم أقبل موسى على قومه فقال إِنَّما إِلهُكُمُ الآية

أقول و في بعض التفاسير روي أن موسى أخذ العجل فذبحه فسال منه دم ثم حرقه بالنار ثم ذرأه في اليم. الْقُرُونَ الْأُولى مثل قوم نوح و عاد و ثمود بَصائِرَ أي حججا و براهين لِلنَّاسِ و عبرا يبصرون بها أمر دينهم. وَ الطُّورِ أقسم سبحانه بالجبل الذي كلم عليه موسى بالأرض المقدسة وَ كِتابٍ مَسْطُورٍ أي مكتوب فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ الرق جلد يكتب فيه و المنشور المبسوط قيل هو التوراة كتبها الله لموسى و قيل هو القرآن و قيل صحائف الأعمال و قيل هو الكتاب الذي كتبها الله لملائكته في السماء يقرءون فيه ما كان و ما يكون.

 1-  فس، ]تفسير القمي[ قوله وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ فإن موسى ع لما رجع إلى بني إسرائيل و معه التوراة لم يقبلوا منه فرفع الله جبل طور سيناء عليهم و قال لهم موسى لئن لم تقبلوا ليقعن الجبل عليكم و ليقتلنكم فنكسوا رءوسهم و قالوا نقبله قوله وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ أي أحبوا العجل حتى عبدوه

 2-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ع، ]علل الشرائع[ سأل الشامي أمير المؤمنين ع عن الثور ما باله غاض طرفه لا يرفع رأسه إلى السماء قال حياء من الله عز و جل لما عبد قوم موسى العجل نكس رأسه

 3-  ع، ]علل الشرائع[ محمد بن عمر بن علي البصري عن إبراهيم بن حماد النهاوندي عن أحمد بن محمد بن المستثنى عن موسى بن الحسن عن إبراهيم بن شريح عن ابن وهب عن يحيى بن أيوب عن جميل بن أنس قال قال رسول الله ص أكرموا البقر فإنه سيد البهائم ما رفعت طرفها إلى السماء حياء من الله عز و جل منذ عبد العجل

 4-  فس، ]تفسير القمي[ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ قال اختبرناهم مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ قال بالعجل الذي عبدوه و كان سبب ذلك أن موسى ع لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة و الألواح إلى ثلاثين يوما أخبر بني إسرائيل بذلك و ذهب إلى الميقات و خلف هارون على قومه فلما جاءت الثلاثون يوما و لم يرجع موسى إليهم عصوا و أرادوا أن يقتلوا هارون قالوا إن موسى كذبنا و هرب منا فجاءهم إبليس في صورة رجل فقال لهم إن موسى قد هرب منكم و لا يرجع إليكم أبدا فأجمعوا إلي حليكم حتى أتخذ لكم إلها تعبدونه و كان السامري على مقدمة موسى يوم أغرق الله فرعون و أصحابه فنظر إلى جبرئيل و كان على حيوان في صورة رمكة و كانت كلما وضعت حافرها على موضع من الأرض يتحرك ذلك الموضع فنظر إليه السامري و كان من خيار أصحاب موسى فأخذ التراب من حافر رمكة جبرئيل و كان يتحرك فصرة في صرة و كان عنده يفتخر به على بني إسرائيل فلما جاءهم إبليس و اتخذوا العجل قال للسامري هات التراب الذي معك فجاء به السامري فألقاه إبليس في جوف العجل فلما وقع التراب في جوفه تحرك و خار و نبت عليه الوبر و الشعر فسجد له بنو إسرائيل فكان عدد الذين سجدوا سبعين ألفا من بني إسرائيل فقال لهم هارون كما حكى الله يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَ إِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَ أَطِيعُوا أَمْرِي قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى فهموا بهارون حتى هرب من بينهم و بقوا في ذلك حتى تم ميقات موسى أربعين ليلة فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله عليه الألواح فيه التوراة و ما يحتاجون إليه من أحكام السير و القصص ثم أوحى الله إلى موسى فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَ أَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ و عبدوا العجل و له خوار فقال موسى ع يا رب العجل من السامري فالخوار ممن قال مني يا موسى أنا لما رأيتهم قد ولوا عني إلى العجل أحببت أن أزيدهم فتنة فَرَجَعَ مُوسى كما حكى الله إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَ لَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً أَ فَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي ثم رمى بالألواح و أخذ بلحية أخيه هارون و رأسه يجره إليه فقال له ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي فقال هارون كما حكى الله يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي فقال له بنو إسرائيل ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا قال ما خالفناك وَ لكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ يعني من حليهم فَقَذَفْناها قال التراب الذي جاء به السامري طرحناه في جوفه ثم أخرج السامري العجل و له خوار فقال له موسى فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ قالَ السامري بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ يعني من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر فَنَبَذْتُها أي أمسكتها وَ كَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي أي زينت فأخرج موسى العجل فأحرقه بالنار و ألقاه في البحر ثم قال موسى للسامري فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ يعني ما دمت حيا و عقبك هذه العلامة فيكم قائمة أن تقول لا مساس حتى تعرفوا أنكم سامرية فلا يغتروا بكم الناس فهم إلى الساعة بمصر و الشام معروفين بلا مساس ثم هم موسى بقتل السامري فأوحى الله إليه لا تقتله يا موسى فإنه سخي فقال له موسى انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً

  بيان قال البيضاوي أَسِفاً أي حزينا بما فعلوا وَعْداً حَسَناً بأن يعطيكم التوراة فيها هدى و نور أَ فَطالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أي الزمان يعني زمان مفارقته لهم فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي وعدكم إياي بالثبات على الإيمان بالله و القيام على ما أمرتكم به و قيل هو من أخلفت وعده إذا وجدت الخلف فيه أي أ فوجدتم الخلف في وعدي لكم بالعود بعد الأربعين بِمَلْكِنا أي بأن ملكنا أمرنا إذ لو خلينا و أمرنا و لم يسول لنا السامري لما أخلفناه أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ أحمالا من حلي القبط التي استعرناها منهم حين هممنا بالخروج من مصر باسم العرس و قيل استعاروا لعيد كان لهم ثم لم يردوا عند الخروج مخافة أن يعلموا به و قيل ما ألقاه البحر على الساحل بعد إغراقهم فأخذوه فَقَذَفْناها أي في النار فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ أي ما كان معه منها روي أنهم لما حسبوا أن العدة قد كملت قال لهم السامري إنما أخلف موسى ميعادكم لما معكم من حلي القوم و هو حرام عليكم فالرأي أن نحفر له حفيرة و نسجر فيها نارا و نقذف كل ما معنا فيها ففعلوا انتهى. أقول يمكن أن يكون قوله التراب الذي تفسيرا لقوله فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ و إن لم يذكر و هكذا فسر في عيون التفاسير. ثم قال البيضاوي فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَداً من تلك الحلي المذابة لَهُ خُوارٌ صوت العجل فَقالُوا يعني السامري و من افتتن به هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ أي فنسيه موسى و ذهب يطلبه عند الطور أو فنسي السامري أي ترك ما كان عليه من إظهار الإيمان إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ أي بالعجل عَلَيْهِ أي على العجل و عبادته عاكِفِينَ مقيمين أَلَّا تَتَّبِعَنِ أي أن تتبعني في الغضب لله و المقابلة مع من كفر به أو أن تأتي عقبي و تلحقني و لا مزيدة أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي بالصلابة في الدين و المحاماة عليه قالَ يَا بْنَ أُمَّ خص الأم استعطافا و ترقيقا و قيل لأنه كان أخاه من الأم و الجمهور على أنهما من أب و أم لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي أي بشعر رأسي قبض عليهما يجره إليه من شدة

  غضبه لله وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي حين قلت اخلفني في قومي و أصلح فَما خَطْبُكَ أي ما طلبك له و ما الذي حملك عليه قالَ بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ أي علمت ما لم يعلموه و فطنت بما لم يفطنوا به و هو أن الرسول الذي جاءك به روحاني محض لا يمس أثره شيئا إلا أحياه أو رأيت ما لم يروه و هو أن جبرئيل جاءك على فرس الحياة قيل إنما عرفه لأن أمه ألقته حين ولدته خوفا من فرعون و كان جبرئيل يغذيه حتى استقل فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ من تربة موطئة فنبذتها في الحلي المذابة وَ كَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي زينته و حسنته لي. قوله لا مِساسَ قال الطبرسي رحمه الله اختلف في معناه فقيل إنه أمر الناس بأمر الله أن لا يخالطوه و لا يجالسوه و لا يؤاكلوه تضييقا عليه و المعنى لك أن تقول لا أمس و لا أمس ما دمت حيا و قال ابن عباس لك و لولدك و المساس فعال من المماسة و معنى لا مساس لا يمس بعضنا بعضا فصار السامري يهيم في البرية مع الوحش و السباع لا يمس أحدا و لا يمسه أحد عاقبه الله تعالى بذلك و كان إذا لقي أحدا يقول لا مساس أي لا تمسني و لا تقربني و صار ذلك عقوبة له و لولده حتى أن بقاياهم اليوم يقولون ذلك و إن مس واحد من غيرهم واحدا منهم حم كلاهما في الوقت و قيل إن السامري خاف و هرب فجعل يهيم في البرية لا يجد أحدا من الناس يمسه حتى صار لبعده عن الناس كالقائل لا مساس عن الجبائي.

 5-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن الحسين بن سعيد عن علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله ع قال ما بعث الله رسولا إلا و في وقته شيطانان يؤذيانه و يفتنانه و يضلان الناس بعده فأما الخمسة أولو العزم من الرسل نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و محمد ص و أما صاحبا نوح ففيطيفوس و خرام و أما صاحبا إبراهيم فمكيل و رذام و أما صاحبا موسى فالسامري و مرعقيبا و أما صاحبا عيسى فمولس و مريسا و أما صاحبا محمد فحبتر و زريق

 بيان الحبتر الثعلب و عبر عن ]الأول[ به لكونه يشبهه في المكر و الخديعة و التعبير عن ]الثاني[ بزريق إما لكونه أزرق أو لكونه شبيها بطائر يسمى زريق في بعض خصاله السيئة أو لكون الزرقة مما يبغضه العرب و يتشأم به كما قيل في قوله تعالى وَ نَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً

 6-  ج، ]الإحتجاج[ عن أبي بصير قال سأل طاوس اليماني الباقر ع عن طير طار مرة لم يطر قبلها و لا بعدها ذكره الله عز و جل في القرآن ما هو فقال طور سيناء أطاره الله عز و جل على بني إسرائيل حين أظلهم بجناح منه فيه ألوان العذاب حتى قبلوا التوراة و ذلك قوله عز و جل وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ الخبر

 7-  فس، ]تفسير القمي[ وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فإن الله عز و جل أوحى إلى موسى أني أنزل عليك التوراة التي فيها الأحكام إلى أربعين يوما و هو ذو القعدة و عشرة من ذي الحجة فقال موسى ع لأصحابه إن الله تبارك و تعالى قد وعدني أن ينزل علي التوراة و الألواح إلى ثلاثين يوما و أمره الله أن لا يقول إلى أربعين يوما فتضيق صدورهم فذهب موسى إلى الميقات و استخلف هارون على بني إسرائيل فلما جاوز ثلاثين يوما و لم يرجع موسى غضبوا فأرادوا أن يقتلوا هارون و قالوا إن موسى كذبنا و هرب منا و اتخذوا العجل و عبدوه فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة أنزل الله على موسى الألواح و ما يحتاجون إليه من الأحكام و الأخبار و السنن و القصص فلما أنزل الله عليه التوراة و كلمه قال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ فأوحى الله إليه لَنْ تَرانِي أي لا تقدر على ذلك وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي قال فرفع الله الحجاب و نظر إلى الجبل فساخ الجبل في البحر فهو يهوي حتى الساعة و نزلت الملائكة و فتحت أبواب السماء فأوحى الله إلى الملائكة أدركوا موسى لا يهرب فنزلت الملائكة و أحاطت بموسى و قالوا أثبت يا ابن عمران فقد سألت الله عظيما فلما نزل موسى إلى الجبل قد ساخ و الملائكة قد نزلت وقع على وجهه فمات من خشية الله و هول ما رأى فرد الله عليه روحه فرفع رأسه و أفاق و قال سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ أي أول من صدق أنك لا ترى فقال الله له يا مُوسى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسالاتِي وَ بِكَلامِي فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ فناداه جبرئيل يا موسى أنا أخوك جبرئيل و قوله وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مَوْعِظَةً وَ تَفْصِيلًا أي كل شي‏ء موعظة أنه مخلوق و قوله فَخُذْها بِقُوَّةٍ أي قوة القلب وَ أْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها أي بأحسن ما فيها من الأحكام قوله سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ أي يجيئكم قوم فساق تكون الدولة لهم قوله سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يعني أصرف القرآن عن الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وَ إِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَ إِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا قال إذا رأوا الإيمان و الصدق و الوفاء و العمل الصالح لا يتخذوه سبيلا و إن يروا الشرك و الزنا و المعاصي يأخذوا بها و يعملوا بها و قوله وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا الآية فإنه محكم قوله هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ

أي ترك و قوله أَ فَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا يعني لا يتكلم العجل و ليس له منطق و أما قوله وَ لَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ يعني لما جاءهم موسى و أحرق العجل قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَ يَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ قوله وَ لَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَ عَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَ أَلْقَى الْأَلْواحَ وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ إلى قوله لَغَفُورٌ رَحِيمٌ فإنه محكم و قوله وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيَّايَ فإن موسى ع لما قال لبني إسرائيل إن الله يكلمني و يناجيني لم يصدقوه فقال لهم اختاروا منكم من يجي‏ء معي حتى يسمع كلامه فاختاروا سبعين رجلا من خيارهم و ذهبوا مع موسى إلى الميقات فدنا موسى و ناجى ربه و كلمه الله تبارك و تعالى فقال موسى لأصحابه اسمعوا و اشهدوا عند بني إسرائيل بذلك فقالوا له لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فاسأله أن يظهر لنا فأنزل الله عليهم صاعقة فاحترقوا و هو قوله وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ فهذه الآية في سورة البقرة و هي مع هذه الآية في سورة الأعراف قوله وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا فنصف الآية في سورة البقرة و نصف الآية هاهنا فلما نظر موسى إلى أصحابه قد هلكوا حزن عليهم فقال رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيَّايَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا و ذلك أن موسى ظن أن هؤلاء هلكوا بذنوب بني إسرائيل فقال إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ وَ اكْتُبْ لَنا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ فقال الله تبارك و تعالى عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ الَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ

 بيان قوله مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مَوْعِظَةً لعل المعنى أنه كتب فيها من آثار حكمة الله في خلق كل شي‏ء و آثار صنعه بحيث يظهر لمن تأمل فيها أن له صانعا و يحتمل أن يكون موعظة حالا أي كتب حكما من كل شي‏ء و الحال أن ذلك الشي‏ء موعظة من حيث دلالته على الصانع و المشهور بين المفسرين أن قوله مَوْعِظَةً بدل من الجار و المجرور أي و كتبنا كل شي‏ء من المواعظ و تفصيل الأحكام. قوله تعالى سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ قيل المراد سأريكم جهنم على سبيل التهديد و قيل ديار فرعون و قومه بمصر و قيل معناه سأدخلكم الشام فأريكم منازل القرون الماضية ممن خالفوا أمر الله لتعتبروا بها قوله تعالى سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ قيل أي سأصرف الآيات المنصوبة في الآفاق و الأنفس عنهم بالطبع على قلوبهم فلا يتفكرون فيها و لا يعتبرون بها و قيل سأصرفهم عن إبطالها قوله أَ فَلا يَرَوْنَ أقول في هذا الموضع من القرآن بعد قوله خوار أَ لَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَ لا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا و في طه فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ أَ فَلا يَرَوْنَ الآية و لعله اشتبه على المصنف أو فسر في هذا المقام ما في سورة طه قوله سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ أي اشتد ندامتهم كناية فإن النادم المتحسر يعض يده غما فتصير يده مسقوطا فيها قوله فهذه الآية لعل المراد أن الآيتين متعلقتان بواقعة واحدة و إلا فارتباط إحداهما بالأخرى بحسب اللفظ مشكل إلا أن يقال وقع التغيير في اللفظ أيضا فقوله قوله و اختار تفسير لقومه هذه الآية قوله إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ أي تبنا إليك من هاد يهود إذا رجع.

 8-  ل، ]الخصال[ أبي عن السعدآبادي عن البرقي عن علي بن معبد عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن ع قال إن الذين أمروا قوم موسى بعبادة العجل كانوا خمسة أنفس و كانوا أهل بيت يأكلون على خوان واحد و هم أذينوه و أخوه ميذويه و ابن أخيه و ابنته و امرأته و هم الذين ذبحوا البقرة التي أمر الله عز و جل بذبحها الخبر

  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أبي عن علي عن أبيه عن علي بن معبد مثله

 9-  ل، ]الخصال[ محمد بن أحمد السراج عن علي بن الحسن البزاز عن حميد بن زنجويه عن عبد الله بن يوسف عن خالد بن يزيد عن طلحة بن عمرو عن عطا عن ابن عباس عن النبي ص قال من الجبال التي تطايرت يوم موسى ع سبعة أجبل فلحقت بالحجاز و اليمن منها بالمدينة أحد و ورقان و بمكة ثور و ثبير و حراء و باليمن صبر و حضور

 10-  ج، ]الإحتجاج[ في أسئلة الزنديق عن الصادق ع قال إن الله أمات قوما خرجوا مع موسى ع حين توجه إلى الله فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فأماتهم الله ثم أحياهم

 11-  ج، ]الإحتجاج[ يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ في خبر ابن الجهم أنه سأل المأمون الرضا ع عن معنى قوله عز و جل وَ لَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَ كَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي الآية كيف يجوز أن يكون كليم الله موسى بن عمران ع لا يعلم أن الله تعالى ذكره لا يجوز عليه الرؤية حتى يسأله هذا السؤال فقال الرضا ع إن كليم الله موسى بن عمران ع علم أن الله تعالى عز عن أن يرى بالأبصار و لكنه لما كلمه الله عز و جل و قربه نجيا رجع إلى قومه فأخبرهم أن الله عز و جل كلمه و قربه و ناجاه فقالوا لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت و كان القوم سبعمائة ألف رجل فاختار منهم سبعين ألفا ثم اختار منهم سبعة آلاف ثم اختار منهم سبعين رجلا لميقات ربه فخرج بهم إلى طور سيناء فأقامهم في سفح الجبل و صعد موسى إلى الطور و سأل الله عز و جل أن يكلمه و يسمعهم كلامه فكلمه الله تعالى ذكره و سمعوا كلامه من فوق و أسفل و يمين و شمال و وراء و أمام لأن الله عز و جل أحدثه في الشجرة و جعله منبعثا منها حتى سمعوه من جميع الوجوه فقالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ بأن هذا الذي سمعناه كلام الله حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فلما قالوا هذا القول العظيم و استكبروا و عتوا بعث الله عز و جل عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم فماتوا فقال موسى ع يا رب ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم و قالوا إنك ذهبت بهم فقتلتهم لأنك لم تكن صادقا فيما ادعيت من مناجات الله عز و جل إياك فأحياهم الله و بعثهم معه فقالوا إنك لو سألت الله أن يريك تنظر إليه لأجابك و كنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته فقال موسى ع يا قوم إن الله لا يرى بالأبصار و لا كيفية له و إنما يعرف بآياته و يعلم بإعلامه فقالوا لن نؤمن لك حتى تسأله فقال موسى ع يا رب إنك قد سمعت مقالة بني إسرائيل و أنت أعلم بصلاحهم فأوحى الله عز و جل يا موسى اسألني ما سألوك فلن أؤاخذك بجهلهم فعند ذلك قال موسى ع رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ و هو يهوي فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ بآية من آياته جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ يقول رجعت إلى معرفتي بك عن جهل قومي وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ منهم بأنك لا ترى

 أقول قد مضى الكلام في ذلك مفصلا في كتاب التوحيد

 12-  يب، ]تهذيب الأحكام[ بإسناده عن الثمالي عن أبي جعفر ع أنه قال كان في وصية أمير المؤمنين ع أن أخرجوني إلى الظهر فإذا تصوبت أقدامكم و استقبلتكم ريح فادفنوني و هو أول طور سيناء

 13-  إرشاد القلوب، روي عن أبي عبد الله ع أنه قال الغري قطعة من الجبل الذي كَلَّمَ اللَّهُ عليه مُوسى تَكْلِيماً

 14-  ع، ]علل الشرائع[ الدقاق و السناني و المكتب جميعا عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن علي بن سالم عن أبيه قال قلت لأبي عبد الله ع أخبرني عن هارون لم قال لموسى ع يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي و لم يقل يا ابن أبي فقال إن العداوات بين الإخوة أكثرها تكون إذا كانوا بني علات و متى كانوا بني أم قلت العداوة بينهم إلا أن ينزغ الشيطان بينهم فيطيعوه فقال هارون لأخيه موسى يا أخي الذي ولدته أمي و لم تلدني غير أمه لا تأخذ بلحيتي و لا برأسي و لم يقل يا ابن أبي لأن بني الأب إذا كانت أمهاتهم شتى لم تستبعد العداوة بينهم إلا من عصمه الله منهم و إنما تستبعد العداوة بين بني أم واحدة قال قلت له فلم أخذ برأسه يجره إليه و بلحيته و لم يكن له في اتخاذهم العجل و عبادتهم له ذنب فقال إنما فعل ذلك به لأنه لم يفارقهم لما فعلوا ذلك و لم يلحق بموسى و كان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب أ لا ترى أنه قال له موسى يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَ فَعَصَيْتَ أَمْرِي قال هارون لو فعلت ذلك لتفرقوا و إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ لي فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ لَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي

 قال الصدوق رحمه الله أخذ موسى برأس أخيه و لحيته أخذه برأس نفسه و لحية نفسه على العادة المتعاطاة للناس إذا اغتم أحدهم أو أصابته مصيبة عظيمة وضع يده على رأسه و إذا دهته داهية عظيمة قبض على لحيته فكأنه أراد بما فعل أن يعلم هارون أنه وجب عليه الاغتمام و الجزع بما أتاه قومه و وجب أن يكون في مصيبته بما تعاطوه لأن الأمة من النبي و الحجة بمنزلة الأغنام من راعيها و من أحق بالاغتمام بتفريق الأغنام و هلاكها من راعيها و قد وكل بحفظها و استعبد بإصلاحها و قد وعد الثواب على ما يأتيه من إرشادها و حسن رعيها و أوعد العقاب على ضد ذلك من تضييعها و هكذا فعل الحسين بن علي عليهما السلام لما ذكر القوم المحاربين له بحرماته فلم يرعوها قبض على لحيته و تكلم بما تكلم به و في العادة أيضا أن يخاطب الأقرب و يعاتب على ما يأتيه البعيد ليكون ذلك أزجر للبعيد عن إتيان ما يوجب العقاب و قد قال الله عز و جل لخير خلقه و أقربهم منهم ص لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ و قد علم عز و جل أن نبيه ص لا يشرك به أبدا و إنما خاطبه بذلك و أراد به أمته و هكذا موسى عاتب أخاه هارون و أراد بذلك أمته اقتداء بالله تعالى ذكره و استعمالا لعادات الصالحين قبله و في وقته. بيان قال الجوهري بنو العلات هم أولاد الرجل من نسوة شتى و قال السيد رضي الله عنه إن قيل ما الوجه في قوله تعالى وَ أَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ الآية أ و ليس ظاهر الآية يدل على أن هارون أحدث ما أوجب إيقاع ذلك الفعل به و بعد فما الاعتذار لموسى ع من ذلك و هو فعل السخفاء و المتسرعين و ليس من عادة الحكماء المتماسكين قلنا ليس فيما حكاه الله تعالى من فعل موسى بأخيه ما يقتضي صدور معصية و لا قبيح من واحد منهما و ذلك أن موسى ع أقبل و هو غضبان على قومه لما أحدثوا بعده مستعظما لفعلهم مفكرا فيما كان منهم فأخذ برأس أخيه و جره إليه كما يفعل الإنسان بنفسه مثل ذلك عند الغضب و شدة الفكر أ ما ترى أن المفكر الغضبان قد يعض على شفته و يقبض على لحيته فأجرى موسى أخاه مجرى نفسه لأنه كان أخاه و شريكه و من يمسه من الخير و الشر ما يمسه فصنع به ما يصنعه الرجل بنفسه في أحوال الفكر و الغضب و هذه الأمور تختلف أحكامها بالعادات فيكون ما هو إكرام في بعضها استخفافا في غيرها و بالعكس و أما قوله لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي فلا يمتنع أن يكون هارون ع خاف من أن يتوهم بنو إسرائيل بسوء ظنهم أنه منكر عليه معاتب له ثم ابتدأ بشرح قصته فقال في موضع إِنِّي خَشِيتُ الآية و في موضع آخر ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي و يمكن أن يكون قوله لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ليس على سبيل الأنفة بل معنى كلامه لا تغضب و لا يشتد جزعك و أسفك و قال قوم إن موسى ع لما رأى من أخيه مثل ما كان عليه من الجزع و القلق أخذ برأسه متوجعا له مسكتا كما يفعل أحدنا بمن يناله المصيبة و على هذا يكون قوله فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ كلاما مستأنفا و أما قوله لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي فيحتمل أن يريد لا تفعل ذلك و غرضك التسكين مني و يظن القوم أنك منكر علي و قال قوم أخذ برأس أخيه

  ليدنيه إليه و يعلمه ما أوحى الله إليه فخاف هارون أن يسبق إلى قلوبهم لسوء ظنهم ما لا أصل له من عداوته فقال إشفاقا على موسى ع لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَ لا بِرَأْسِي لتسر ما تريده بين أيدي هؤلاء فيظنوا بك ما لا يجوز عليك انتهى. أقول لعل الأظهر ما ذكره الصدوق رحمه الله أخيرا من كون ذلك بينهما على جهة المصلحة لتخفيف الأمة و ليعلموا شدة إنكار موسى عليهم على أنه لو كان ذلك مما لا ينبغي من واحد منهما فهو ترك أولى لما مر من الأدلة القاطعة على عصمتهم ع و عليه يحمل ما في الخبر.

 15-  فس، ]تفسير القمي[ وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ فإن موسى ع لما خرج إلى الميقات رجع إلى قومه و قد عبدوا العجل قال لهم يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ فقالوا فكيف نقتل أنفسنا فقال لهم موسى اغدوا كل واحد منكم إلى بيت المقدس و معه سكين أو حديدة أو سيف فإذا صعدت أنا منبر بني إسرائيل فكونوا أنتم متلثمين لا يعرف أحد صاحبه فاقتلوا بعضكم بعضا فاجتمعوا سبعين ألف رجل ممن كانوا عبدوا العجل إلى بيت المقدس فلما صلى بهم موسى ع و صعد المنبر أقبل بعضهم يقتل بعضا حتى نزل جبرئيل فقال قل لهم يا موسى ارفعوا القتل فقد تاب الله عليكم فقتل منهم عشرة آلاف و أنزل الله ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ و قوله وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً الآية فهم السبعون الذين اختارهم موسى ليسمعوا كلام الله فلما سمعوا الكلام قالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ يا موسى حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فبعث الله عليهم صاعقة فاحترقوا ثم أحياهم الله بعد ذلك و بعثهم أنبياء

  بيان قال الطبرسي رحمه الله لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ أي لن نصدقك في قولك إنك نبي مبعوث حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً أي علانية فيخبرنا بأنك نبي مبعوث و قيل معناه أنا لا نصدقك فيما تخبر به من صفات الله تعالى و ما يجوز عليه حتى نرى الله جهرة و عيانا فيخبرنا بذلك و قيل إنه لما جاءهم بالألواح و فيها التوراة قالوا لن نؤمن بأن هذا من عند الله حتى نراه عيانا و قال بعضهم إن قوله جَهْرَةً صفة لخطابهم لموسى إنهم جهروا به و أعلنوه

 16-  يد، ]التوحيد[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن أحمد بن النضر عن محمد بن مروان عن محمد بن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز و جل فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ قال يقول سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ من أن أسألك الرؤية وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ بأنك لا ترى

 17-  يد، ]التوحيد[ أبي عن سعد عن الأصفهاني عن المنقري عن حفص قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا قال ساخ الجبل في البحر فهو يهوي حتى الساعة

 بيان قال الطبرسي رحمه الله فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ أي ظهر أمر ربه لأهل الجبل فحذف و المعنى أنه سبحانه أظهر من الآيات ما استدل به من كان عند الجبل على أن رؤيته غير جائزة و قيل معناه ظهر ربه بآياته التي أحدثها في الجبل لأهل الجبل كما يقال الحمد لله الذي تجلى لنا بقدرته فلما أظهر الآية العجيبة في الجبل صار كأنه ظهر لأهله و قيل إن تجلى بمعنى جلى كقولهم حدث و تحدث و تقديره جلى ربه أمره للجبل أي أبرز في ملكوته للجبل ما تدكدك به و يؤيده ما جاء في الخبر أن الله تعالى أبرز من العرش مقدار الخنصر فتدكدك به الجبل و قال ابن عباس معناه ظهر نور ربه للجبل و قال الحسن لما ظهر وحي ربه لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا أي مستويا بالأرض و قيل ترابا عن ابن عباس و قيل ساخ في الأرض حتى فنى عن الحسن و قيل تقطع أربع قطع قطعة ذهبت نحو المشرق و قطعة ذهبت نحو المغرب و قطعة سقطت في البحر و قطعة صارت رملا و قيل صار الجبل ستة أجبل وقعت ثلاثة بالمدينة و ثلاثة بمكة فالتي بالمدينة أحد و ورقان و رضوى و التي بمكة ثور و ثبير و حراء روي ذلك عن النبي ص.

 18-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد السياري عن عبيد بن أبي عبد الله الفارسي و غيره رفعوه إلى أبي عبد الله ع قال إن الكروبيين قوم من شيعتنا من الخلق الأول جعلهم الله خلف العرش لو قسم نور واحد منهم على أهل الأرض لكفاهم ثم قال إن موسى ع لما أن سأل ربه ما سأل أمر واحدا من الكروبيين فتجلى للجبل فجعله دكا

 19-  ير، ]بصائر الدرجات[ علي بن خالد عن ابن يزيد عن عباس الوراق عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن ليث المرادي عن سدير قال كنت عند أبي جعفر ع فمر بنا رجل من أهل اليمن فسأله أبو جعفر ع عن اليمن فأقبل يحدث فقال له أبو جعفر ع هل تعرف دار كذا و كذا قال نعم و رأيتها قال فقال له أبو جعفر ع هل تعرف صخرة عندها في موضع كذا و كذا قال نعم و رأيتها فقال الرجل ما رأيت رجلا أعرف بالبلاد منك فلما قام الرجل قال لي أبو جعفر ع يا أبا الفضل تلك الصخرة التي غضب موسى فألقى الألواح فما ذهب من التوراة التقمته الصخرة فلما بعث الله رسوله أدته إليه و هي عندنا

 أقول ستأتي الأخبار الكثيرة في كتاب الإمامة في أن عندهم التوراة و الألواح و الإنجيل و سائر كتب الأنبياء

  -20  كا محمد بن يحيى عن محمد بن عبد الجبار عن محمد بن إسماعيل عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال قال لي يا أبا محمد إن الله لم يعط الأنبياء شيئا إلا و قد أعطاه محمدا و عندنا الصحف التي قال الله عز و جل صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَ مُوسى قلت جعلت فداك هي الألواح قال نعم

 21-  ير، ]بصائر الدرجات[ أبو محمد عن عمران بن موسى البغدادي عن ابن أسباط عن محمد بن الفضيل عن الثمالي عن أبي عبد الله ع قال إن في الجفر أن الله تبارك و تعالى لما أنزل ألواح موسى ع أنزلها عليه و فيها تبيان كل شي‏ء و ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة فلما انقضت أيام موسى أوحى الله إليه أن استودع الألواح و هي زبرجدة من الجنة الجبل فأتى موسى الجبل فانشق له الجبل فجعل فيه الألواح ملفوفة فلما جعلها فيه انطبق الجبل عليها فلم تزل في الجبل حتى بعث الله نبيه محمدا ص فأقبل ركب من اليمن يريدون النبي ص فلما انتهوا إلى الجبل انفرج الجبل و خرجت الألواح ملفوفة كما وضعها موسى ع فأخذها القوم فدفعوها إلى النبي ص

 أقول تمامه في باب أن كتب الأنبياء و آثارهم عند الأئمة ع و سيأتي فيه أيضا عن حبة العرني

 عن أمير المؤمنين ع أنه قال إن يوشع بن نون كان وصي موسى ع و كانت ألواح موسى من زمرد أخضر فلما غضب موسى ع ألقى الألواح من يده فمنها ما تكسر و منها ما بقي و منها ما ارتفع فلما ذهب عن موسى الغضب قال يوشع أ عندك تبيان ما في الألواح قال نعم فلم يزل يتوارثها رهط من بعد رهط حتى وصلت إلى النبي ص و دفعها إلي

  -22  ج، ]الإحتجاج[ يد، ]التوحيد[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ عن الحسن بن محمد النوفلي في احتجاج الرضا ع على أرباب الملل قال ع إن موسى بن عمران و أصحابه السبعين الذين اختارهم صاروا معه إلى الجبل فقالوا له إنك قد رأيت الله سبحانه فأرناه كما رأيته فقال لهم إني لم أره فقالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ فاحترقوا عن آخرهم و بقي موسى وحيدا فقال يا رب اخترت سبعين رجلا من بني إسرائيل فجئت بهم و أرجع وحدي فكيف يصدقني قومي بما أخبرهم به ف لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيَّايَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا فأحياهم الله عز و جل من بعد موتهم

 23-  شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن إسحاق عمن ذكره وَ قُولُوا حِطَّةٌ مغفرة حط عنا أي اغفر لنا

 24-  شي، ]تفسير العياشي[ عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ أ قوة في الأبدان أم قوة في القلوب قال فيهما جميعا

 25-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عبيد الله الحلبي قال قال وَ اذْكُرُوا ما فِيهِ و اذكروا ما في تركه من العقوبة

 26-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن أبي حمزة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع في قول الله خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ قال اسجدوا وضع اليدين على الركبتين في الصلاة و أنت راكع

 27-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع في قوله وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً قال كان في العلم و التقدير ثلاثين ليلة ثم بدا لله فزاد عشرا فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ للأول و الآخر أَرْبَعِينَ لَيْلَةً

 بيان لعل المراد بالعلم علم الملائكة أو سمي ما كتب في لوح المحو و الإثبات علما و قد مر تحقيق ذلك في باب البداء

 28-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي جعفر ع في قول الله وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قال لما ناجى موسى ع ربه أوحى الله إليه أن يا موسى قد فتنت قومك قال و بما ذا يا رب قال بالسامري قال و ما فعل السامري قال صاغ لهم من حليهم عجلا قال يا رب أن حليهم لتحتمل أن يصاغ منه غزال أو تمثال أو عجل فكيف فتنتهم قال إنه صاغ لهم عجلا فخار قال يا رب و من أخاره قال أنا فقال عندها موسى إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ قال فلما انتهى موسى إلى قومه و رآهم يعبدون العجل ألقى الألواح من يده فتكسرت فقال أبو جعفر ع كان ينبغي أن يكون ذلك عند إخبار الله إياه قال فعمد موسى فبرد العجل من أنفه إلى طرف ذنبه ثم أحرقه بالنار فذره في اليم قال فكان أحدهم ليقع في الماء و ما به إليه من حاجة فيتعرض بذلك للرماد فيشربه و هو قول الله وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ

 شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي جعفر ع مثله إلى قوله وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ

بيان البرد القطع بالمبرد و هو السوهان و قال البيضاوي في قوله تعالى وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ تداخلهم حبه و رسخ في قلوبهم صورته لفرط شعفهم به كما يتداخل الصبغ الثوب و الشراب أعماق البدن بِكُفْرِهِمْ أي بسبب كفرهم و ذلك لأنهم كانوا مجسمة أو حلولية و لم يروا جسما أعجب منه فتمكن في قلوبهم ما سول لهم السامري

 29-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع في قوله وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ قال بعشر ذي الحجة ناقصة حتى انتهى إلى شعبان فقال ناقص لا يتم

 30-  شي، ]تفسير العياشي[ عن فضيل بن يسار قال قلت لأبي جعفر ع جعلت فداك وقت لنا وقتا فيهم فقال إن الله خالف علمه علم الموقتين أ ما سمعت الله يقول وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً إلى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً أما إن موسى لم يكن يعلم بتلك العشر و لا بنو إسرائيل فلما حدثهم قالوا كذب موسى و أخلفنا موسى فإن حدثتم به فقولوا صدق الله و رسوله تؤجروا مرتين

 31-  شي، ]تفسير العياشي[ عن فضيل بن يسار عن أبي جعفر ع قال إن موسى ع لما خرج وافدا إلى ربه واعدهم ثلاثين يوما فلما زاد الله على الثلاثين عشرا قال قومه أخلفنا موسى فصنعوا ما صنعوا

 32-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن علي بن الحنفية أنه قال مثل ذلك

 33-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قالا لما سأل موسى ع ربه تبارك و تعالى قال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَ لكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي قال فلما صعد موسى ع على الجبل فتحت أبواب السماء و أقبلت الملائكة أفواجا في أيديهم العمد في رأسها النور يمرون به فوجا بعد فوج يقولون يا ابن عمران أتيت فقد سألت عظيما قال فلم يزل موسى واقفا حتى تجلى ربنا جل جلاله فجعل الجبل دكا و خر موسى صعقا فلما أن رد الله عليه روحه أفاق قال سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ قال ابن أبي عمير و حدثني عدة من أصحابنا أن النار أحاطت به حتى لا يهرب لهول ما رأى

  -34  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن موسى بن عمران ع لما سأل ربه النظر إليه وعده الله أن يقعد في موضع ثم أمر الملائكة أن تمر عليه موكبا موكبا بالبرق و الرعد و الريح و الصواعق فكلما مر به موكب من المواكب ارتعدت فرائصه فيرجع رأسه فيقولون له قد سألت عظيما

 35-  شي، ]تفسير العياشي[ عن حفص بن غياث قال سمعت أبا عبد الله ع يقول في قوله فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَ خَرَّ مُوسى صَعِقاً قال ساخ الجبل في البحر فهو يهوي حتى الساعة

 36-  و في رواية أخرى أن النار أحاطت بموسى لئلا يهرب لهول ما رأى و قال لما خر موسى صعقا مات فلما أن رد الله روحه أفاق فقال سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَ أَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ

 37-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد الله ع في قول الله تعالى وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ فقال موسى يا رب و من أخار الصنم فقال الله أنا يا موسى أخرته فقال موسى إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَ تَهْدِي مَنْ تَشاءُ

 38-  شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن مسكان عن الوصاف عن أبي جعفر ع قال إن فيما ناجى موسى أن قال يا رب هذا السامري صنع العجل فالخوار من صنعه قال فأوحى الله إليه يا موسى إن تلك فتنتي فلا تفصحني عنها

 بيان لا تفصحني عنها لعله بالصاد المهملة أي لا تسألني أن أظهر سببها و الإفصاح و إن كان لازما يمكن أن يكون التفصيح متعديا و في بعض النسخ بالمعجمة أي لا تبين ذلك للناس فإنهم لا يفهمون

 39-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى لما أخبر موسى أن قومه اتخذوا عجلا له خوار فلم يقع منه موقع العيان فلما رآهم اشتد فألقى الألواح من يده فقال أبو عبد الله ع و للرؤية فضل على الخبر

 40-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم رفعه قال أوحى الله عز و جل إلى موسى أن لا تقتل السامري فإنه سخي

 41-  مهج، ]مهج الدعوات[ من كتاب عبد الله بن حماد الأنصاري عن أبي عبد الله ع و ذكر عنده حزيران فقال هو الشهر الذي دعا فيه موسى على بني إسرائيل فمات في يوم و ليلة من بني إسرائيل ثلاثمائة ألف من الناس

 42-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال الله عز و جل وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ قال كان موسى ع يقول لبني إسرائيل إذا فرج الله عنكم و أهلك أعداءكم آتيكم بكتاب من عند ربكم يشتمل على أوامره و نواهيه و مواعظه و عبره و أمثاله فلما فرج الله عنهم أمره الله عز و جل أن يأتي للميعاد و يصوم ثلاثين يوما عند أصل الجبل فظن موسى أنه بعد ذلك يعطيه الكتاب فصام ثلاثين يوما فلما كان آخر اليوم استاك قبل الفطر فأوحى الله عز و جل إليه يا موسى أ ما علمت أن خلوف فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك صم عشرا آخر و لا تستك عند الإفطار ففعل ذلك موسى ع و كان وعده الله أن يعطيه الكتاب بعد أربعين ليلة فأعطاه إياه فجاء السامري فشبه على مستضعفي بني إسرائيل فقال وعدكم موسى أن يرجع إليكم بعد أربعين ليلة و هذه عشرون ليلة و عشرون يوما تمت أربعون أخطأ موسى ربه و قد أتاكم ربكم أراد أن يريكم أنه قادر على أن يدعوكم إلى نفسه بنفسه و أنه لم يبعث موسى ع لحاجة منه إليه فأظهر لهم العجل الذي كان عمله فقالوا كيف يكون العجل إلهنا قال إنما هذا العجل يكلمكم منه ربكم كما كلم موسى من الشجرة فلما سمعوا منه كلاما قالوا له إنه في العجل كما في الشجرة فضلوا بذلك و أضلوا فلما رجع موسى إلى قومه قال يا أيها العجل أ كان فيك ربنا كما يزعم هؤلاء فنطق العجل و قال عز ربنا من أن يكون العجل حاويا له أو شي‏ء من الشجرة و الأمكنة عليه مشتملا لا و الله يا موسى و لكن السامري نصب عجلا مؤخره إلى حائط و حفر في الجانب الآخر في الأرض و أجلس فيه بعض مردته فهو الذي وضع فاه على دبره و تكلم ما تكلم لما قال هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى يا موسى بن عمران ما خذل هؤلاء بعبادتي و اتخاذي إلها إلا لتهاونهم بالصلاة على محمد و آله الطيبين و جحودهم بموالاتهم و بنبوة النبي و وصية الوصي حتى أداهم إلى أن اتخذوني إلها قال الله عز و جل فإذا كان الله تعالى إنما خذل عبدة العجل لتهاونهم بالصلاة على محمد و وصيه علي فما تخافون من الخذلان الأكبر في معاندتكم لمحمد و علي و قد شاهدتموهما و تبينتم آياتهما و دلائلهما

  بيان اعلم أن الأخبار قد اختلفت من الخاصة و العامة في أن موسى ع هل وعدهم ثلاثين فجاء بعد الأربعين أو وعدهم أربعين و الأظهر من أكثر الأخبار السالفة أنها كانت من الأخبار البدائية و كان الثلاثون مشروطا بشرط فتم بعد ذلك أربعون و يظهر من هذا الخبر أن السامري سول لهم شبهة فاسدة و لم يكن الميقات إلا أربعين و يمكن كون إحداهما محمولة على التقية لكونها أشهر بين المخالفين في زمان صدور الخبر أو يكون موسى وعدهم الثلاثين مع تجويز الأربعين فجعل لميقاته نهايتين و به يمكن الجمع بين الآيتين أيضا. قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ واعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَ أَتْمَمْناها بِعَشْرٍ و لم يقل أربعين ليلة كما قال في سورة البقرة لفائدة زائدة ذكر فيها وجوه أحدها أن العدة كانت ذا القعدة و عشرا من ذي الحجة و لو قال أربعين ليلة لم يعلم أنه كان ابتداء أول الشهر و لا أن الأيام كانت متوالية و لا أن الشهر شهر بعينه قاله أكثر المفسرين. و ثانيها أنه واعد موسى ثلاثين ليلة ليصوم فيها و يتقرب بالعبادة ثم أتمها بعشر إلى وقت المناجاة و قيل هي العشر التي أنزلت التوراة فيها فلذلك أفردت بالذكر. و ثالثها أن موسى ع قال لقومه إني أتأخر عنكم بثلاثين يوما ليتسهل عليهم ثم زاد عليهم عشرا و ليس في ذلك خلف لأنه إذا تأخر عنهم أربعين ليلة فقد تأخر ثلاثين قبلها عن أبي جعفر الباقر ع انتهى. و قال الثعلبي كان قد وعد قومه ثلاثين ليلة فأتمها الله بعشر حتى صارت أربعين و عد بنو إسرائيل الثلاثين فلما لم يرجع إليهم موسى افتتنوا و قال قوم إنهم عدوا الليلة يوما و اليوم يوما فلما مضت عشرون يوما افتتنوا.

 43-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ ثم قال عز و جل ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي عفونا عن أوائلكم عبادتهم العجل لعلكم يا أيها الكائنون في عصر محمد من بني إسرائيل تشكرون تلك النعمة على أسلافكم و عليكم بعدهم ثم قال ع و إنما عفا الله عز و جل عنهم لأنهم دعوا الله بمحمد و آله الطيبين و جددوا على أنفسهم الولاية لمحمد و علي و آلهما الطاهرين فعند ذلك رحمهم الله و عفا عنهم ثم قال عز و جل وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ قال و اذكروا إذا آتينا موسى الكتاب و هو التوراة الذي أخذ على بني إسرائيل الإيمان به و الانقياد لما يوجبه و الفرقان آتيناه أيضا فرق ما بين الحق و الباطل و فرق ما بين المحقين و المبطلين و ذلك أنه لما أكرمهم الله بالكتاب و الإيمان به و الانقياد له أوحى الله بعد ذلك إلى موسى يا موسى هذا الكتاب قد أقروا به و قد بقي الفرقان فرق ما بين المؤمنين و الكافرين و المحقين و المبطلين فجدد عليهم العهد به فإني آليت على نفسي قسما حقا لا أتقبل من أحد إيمانا و لا عملا إلا مع الإيمان به قال موسى ع ما هو يا رب قال الله عز و جل يا موسى تأخذ على بني إسرائيل إن محمدا خير البشر و سيد المرسلين و إن أخاه و وصيه عليا خير الوصيين و إن أولياءه الذين يقيمهم سادة الخلق و إن شيعته المنقادين له المسلمين له أوامره و نواهيه و لخلفائه نجوم الفردوس الأعلى و ملوك جنات عدن قال فأخذ موسى ع عليهم ذلك فمنهم من اعتقده حقا و منهم من أعطاه بلسانه دون قلبه و كان المعتقد منهم حقا يلوح على جبينه نور مبين و من أعطى بلسانه دون قلبه ليس له ذلك النور فذلك الفرقان الذي أعطاه الله عز و جل موسى ع و هو فرق ما بين المحقين و المبطلين ثم قال عز و جل لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أي لعلكم تعلمون أن الذي به يشرف العبد عند الله عز و جل هو اعتقاد الولاية كما شرف به أسلافكم ثم قال الله عز و جل وَ إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ قال الإمام قال الله عز و جل و اذكروا يا بني إسرائيل إِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ عبدة العجل يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ أضررتم بها بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ إلها فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ الذي برأكم و صوركم فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ يقتل بعضكم بعضا يقتل من لم يعبد العجل من عبده ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ ذلك القتل خير لكم عِنْدَ بارِئِكُمْ من أن تعيشوا في الدنيا و هو لا يغفر لكم فيتم في الحياة الدنيا خيراتكم و يكون إلى النار مصيركم و إذا قتلتم و أنتم تائبون جعل الله عز و جل القتل كفارتكم و جعل الجنة منزلكم و مقيلكم قال الله عز و جل فَتابَ عَلَيْكُمْ قبل توبتكم قبل استيفاء القتل لجماعتكم و قبل إتيانه على مكافاتكم و أمهلكم للتوبة و استبقاكم للطاعة إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ قال و ذلك أن موسى ع لما أبطل الله عز و جل على يديه أمر العجل فأنطقه بالخبر عن تمويه السامري و أمر موسى ع أن يقتل من لم يعبده من عبده تبرأ أكثرهم و قالوا لم نعبده فقال الله عز و جل لموسى أبرد هذا العجل بالحديد بردا ثم ذره في البحر فمن شرب منه ماء أسود شفتاه و أنفه و بان ذنبه ففعل فبان العابدون فأمر الله الاثني عشر ألفا أن يخرجوا على الباقين شاهرين السيوف يقتلونهم و نادى مناد ألا لعن الله أحدا اتقاهم بيد أو رجل و لعن الله من تأمل المقتول لعله ينسبه حميما قريبا فيتعداه إلى الأجنبي فاستسلم المقتولون فقال القاتلون نحن أعظم مصيبة منهم نقتل بأيدينا آباءنا و أمهاتنا و أبناءنا و إخواننا و قراباتنا و نحن لم نعبد فقد ساوى بيننا

 و بينهم في المصيبة فأوحى الله تعالى إلى موسى أني إنما امتحنتهم بذلك لأنهم ما اعتزلوهم لما عبدوا العجل و لم يهجروهم و لم يعادوهم على ذلك قل لهم من دعا الله بمحمد و آله الطيبين أن يسهل عليهم قتل المستحقين للقتل بذنوبهم نفعل فقالوها فسهل عليهم و لم يجدوا لقتلهم لهم ألما فلما استمر القتل فيهم و هم ستمائة ألف إلا اثني عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل وفق الله بعضهم فقال لبعضهم و القتل لم يفض بعد إليهم فقال أ و ليس الله قد جعل التوسل بمحمد و آله الطيبين أمرا لا يخيب معه طلبة و لا يرد به مسألة و هكذا توسلت بهم الأنبياء و الرسل فما لنا لا نتوسل بهم قال فاجتمعوا و ضجوا يا ربنا بجاه محمد الأكرم و بجاه علي الأفضل الأعظم و بجاه فاطمة ذي الفضل و العصمة و بجاه الحسن و الحسين سبطي سيد المرسلين و سيدي شباب أهل الجنان أجمعين و بجاه الذرية الطيبة الطاهرة من آل طه و يس لما غفرت لنا ذنوبنا و غفرت لنا هفوتنا و أزلت هذا القتل عنا فذلك حين نودي موسى ع من السماء أن كف القتل فقد سألني بعضهم مسألة و أقسم علي قسما لو أقسم به هؤلاء العابدون للعجل و سألني بعضهم العصمة حتى لا يعبدوه لوفقتهم و عصمتهم و لو أقسم علي بها إبليس لهديته و لو أقسم علي بها نمرود أو فرعون لنجيتهم فرفع عنهم القتل فجعلوا يقولون يا حسرتنا أين كنا عن هذا الدعاء بمحمد و آله الطيبين حتى كان الله يقينا شر الفتنة و يعصمنا بأفضل العصمة ثم قال الله عز و جل وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً قال أسلافكم فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ أخذت أسلافكم وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ إليهم ثُمَّ بَعَثْناكُمْ بعثنا أسلافكم مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ أي من بعد موت أسلافكم لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي لعل أسلافكم يشكرون الحياة التي فيها يتوبون و يقلعون و إلى ربهم ينيبون لم يدم عليهم ذلك الموت فيكون إلى النار مصيرهم و هم فيها خالدون قال و ذلك أن موسى ع لما أراد أن يأخذ عليهم عهد الفرقان فرق ما بين المحقين و المبطلين لمحمد ص بنبوته و لعلي ع بإمامته و للأئمة الطاهرين بإمامتهم قالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ أن هذا أمر ربك حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً عيانا يخبرنا بذلك فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ معاينة وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ و هم ينظرون إلى الصاعقة تنزل عليهم و قال الله عز و جل يا موسى إني أنا المكرم أوليائي المصدقين بأصفيائي و لا أبالي و أنا المعذب لأعدائي الدافعين حقوق أصفيائي و لا أبالي فقال موسى للباقين الذين لم يصعقوا ما ذا تقولون أ تقبلون و تعترفون و إلا فأنتم بهؤلاء لاحقون قالوا يا موسى لا ندري ما حل بهم لما ذا أصابهم كانت الصاعقة ما أصابتهم لأجلك إلا أنها نكبة من نكبات الدهر تصيب البر و الفاجر فإن كانت إنما أصابتهم لردهم عليك في أمر محمد و علي و آلهما فاسأل الله ربك بمحمد و آله هؤلاء الذين تدعونا إليهم أن يحيي هؤلاء المصعوقين لنسألهم لما ذا أصابهم ما أصابهم فدعا الله عز و جل بهم موسى فأحياهم الله عز و جل فقال لهم موسى ع سلوهم لما ذا أصابهم فسألوهم فقالوا يا بني إسرائيل أصابنا ما أصابنا لإبائنا اعتقاد نبوة محمد مع اعتقاد إمامة علي ع لقد رأينا بعد موتنا هذا ممالك ربنا من سماواته و حجبه و كرسيه و عرشه و جنانه و نيرانه فما رأينا أنفذ أمرا في جميع تلك الممالك و أعظم سلطانا من محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و إنا لما متنا بهذه الصاعقة ذهب بنا إلى النيران فناداهم محمد و علي عليهم الصلاة و السلام كفوا عن هؤلاء عذابكم فهؤلاء يحيون بمسألة سائل ربنا عز و جل بنا و بآلنا الطيبين و ذلك حين لم يقذفونا في الهاوية فأخرونا إلى أن بعثنا بدعائك يا موسى بن عمران بمحمد و آله الطيبين فقال الله عز و جل لأهل عصر محمد ص فإذا كان بالدعاء بمحمد و آله الطيبين نشر ظلمة أسلافكم المصعوقين بظلمهم أ فما يجب عليكم أن لا تتعرضوا لمثل ما هلكوا به إلى أن أحياهم الله عز و جل

 44-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و محمد بن القاسم عن محمد بن سليمان عن داود بن حفص بن غياث عن أبي عبد الله ع قال قال النبي ص أنزلت التوراة لست مضين من شهر رمضان

 45-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الأهوازي عن الجوهري عن البطائني عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع مثله

 46-  ع، ]علل الشرائع[ بإسناده عن يزيد بن سلام أنه سأل النبي ص لم سمي الفرقان فرقانا قال لأنه متفرق الآيات و السور أنزلت في غير الألواح و غير الصحف و التوراة و الإنجيل و الزبور أنزلت كلها جملة في الألواح و الورق الحديث

 47-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله تعالى وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ الآية قال الإمام ع أي فاذكروا إذ أخذنا ميثاقكم و عهودكم أن تعملوا بما في التوراة و بما في الفرقان الذي أعطيته موسى مع الكتاب المخصوص بذكر محمد و علي و الطيبين من آلهما بأنهم سادة الخلق و القوامون بالحق و إذ أخذنا ميثاقكم أن تقروا به و أن تؤدوه إلى أخلافكم و تأمروهم أن يؤدوه إلى أخلافهم إلى آخر مقدراتي في الدنيا ليؤمنن بمحمد نبي الله و ليسلمن له ما يأمرهم في علي ولي الله عن الله و ما يخبرهم به من أحوال خلفائه بعده القوامين بحق الله فأبيتم قبول ذلك و استكبرتموه ف رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ الجبل أمرنا جبرئيل أن يقطع من جبل فلسطين قطعة على قدر معسكر أسلافكم فرسخا في فرسخ فقطعها و جاء بها فرفعها فوق رءوسهم فقال موسى ع إما أن تأخذوا بما أمرتم به فيه و إما أن ألقى عليكم هذا الجبل فألجئوا إلى قبوله كارهين إلا من عصمه الله من العناد فإنه قبله طائعا مختارا ثم لما قبلوه سجدوا و عفروا و كثير منهم عفر خديه لا لإرادة الخضوع لله و لكن نظر إلى الجبل هل يقع أم لا و آخرون سجدوا مختارين طائعين

 48-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اسْمَعُوا قالُوا سَمِعْنا وَ عَصَيْنا وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قال الإمام ع قال الله عز و جل اذكروا إذ فعلنا ذلك بأسلافكم لما أبوا قبول ما جاءهم به موسى ع من دين الله و أحكامه و من الأمر بتفضيل محمد و علي و خلفائهما على سائر الخلق خُذُوا ما آتَيْناكُمْ قلنا لهم خذوا ما آتيناكم من هذه الفرائض بِقُوَّةٍ قد جعلناها لكم و مكناكم بها و أزحنا عللكم في تركيبها فيكم وَ اسْمَعُوا ما يقال لكم و تؤمرون به قالُوا سَمِعْنا قولك وَ عَصَيْنا أمرك أي إنهم عصوا بعده و أضمروا في الحال أيضا العصيان وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ أمروا بشرب العجل الذي كان قد ذرئت سحالته في الماء الذي أمروا بشربه ليبين لهم من عبده ممن لم يعبده بِكُفْرِهِمْ لأجل كفرهم أمروا بذلك قُلْ يا محمد بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ بموسى كفركم بمحمد و علي و أولياء الله من أهلهما إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بتوراة موسى و لكن معاذ الله لا يأمركم إيمانكم بالتوراة الكفر بمحمد و علي ع قال الإمام ع قال أمير المؤمنين ع إن الله تعالى ذكر بني إسرائيل في عصر محمد ص أحوال آبائهم الذين كانوا في أيام موسى ع كيف أخذ عنهم العهد و الميثاق لمحمد و علي و آلهما الطيبين المنتجبين للخلافة على الخلائق و لأصحابهما و شيعتهما و سائر أمة محمد عليه الصلاة و السلام فقال وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ اذكروا إذ أخذنا ميثاق آبائكم وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ الجبل لما أبوا قبول ما أريد منهم و الاعتراف به خُذُوا ما آتَيْناكُمْ أعطيناكم بِقُوَّةٍ يعني بالقوة التي أعطيناكم تصلح لذلك وَ اسْمَعُوا أي أطيعوا فيه قالُوا سَمِعْنا بآذاننا وَ عَصَيْنا بقلوبنا فأما في الظاهر فأعطوا كلهم الطاعة داخرين صاغرين ثم قال وَ أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ عرضوا الشرب العجل الذي عبدوه حتى وصل ما شربوا من ذلك إلى قلوبهم و قال إن بني إسرائيل لما رجع إليهم موسى و قد عبدوا العجل تلقوه بالرجوع عن ذلك فقال لهم موسى من الذي عبده منكم حتى أنفذ فيه حكم الله خافوا حكم الله الذي ينفذه فيهم فجحدوا أن يكونوا عبدوه و جعل كل واحد منهم يقول أنا لم أعبده و عبده غيري و وشى بعضهم ببعض فلذلك ما حكى الله عن موسى من قوله للسامري وَ انْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً فأمره الله فبرده بالمبارد و أخذ سحالته فذرأها في البحر العذب ثم قال لهم اشربوا منه فشربوا فكل من كان عبده اسود شفتاه و أنفه ممن كان أبيض اللون و من كان منهم أسود اللون ابيض شفتاه و أنفه فعند ذلك أنفذ فيهم حكم الله ثم قال الله تعالى للموجودين من بني إسرائيل في عصر محمد ص على لسانه قُلْ يا محمد لهؤلاء المكذبين بك بعد سماعهم ما أخذ على أوائلهم لك و لأخيك علي و لآلكما و

 لشيعتكما بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ أن تكفروا بمحمد و تستخفوا بحق علي و آله و شيعته إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ كما تزعمون بموسى و التوراة قال ع و ذلك أن موسى ع كان وعد بني إسرائيل أنه يأتيهم بكتاب من عند الله يشتمل على أوامره و نواهيه و حدوده و فرائضه بعد أن ينجيهم الله من فرعون و قومه فلما نجاهم و صاروا بقرب الشام جاءهم بالكتاب من عند الله كما وعدهم و كان فيه إني لا أتقبل عملا ممن لا يعظم محمدا و عليا و آلهما الطيبين و لم يكرم أصحابهما و محبيهما حق تكريمهم يا عبيد الله ألا فاشهدوا أن محمدا خير خليقتي و أفضل بريتي و أن عليا أخوه و وصيه و وارث علمه و خليفته في أمته و خير من يخلفه بعده و أن آل محمد أفضل آل النبيين و أصحاب محمد أفضل صحابة المرسلين و أمة محمد خير الأمم أجمعين فقال بنو إسرائيل لا نقبل هذا يا موسى هذا عظيم يثقل علينا بل نقبل من هذه الشرائع ما يخف علينا و إذا قبلناها قلنا إن نبينا أفضل نبي و آله أفضل آل و صحابته أفضل صحابة و نحن أمته أفضل من أمة محمد و لسنا نعترف بالفضل لقوم لا نراهم و لا نعرفهم فأمر الله جبرئيل فقطع بجناح من أجنحته من جبل من جبال فلسطين على قدر معسكر موسى ع و كان طوله في عرضه فرسخا في فرسخ ثم جاء به فوقفه على رءوسهم و قال إما أن تقبلوا ما أتاكم به موسى و إما وضعت عليكم الجبل فطحطحتكم تحته فلحقهم من الجزع و الهلع ما يلحق أمثالهم ممن قوبل بهذه المقابلة فقالوا يا موسى كيف نصنع قال موسى اسجدوا لله على جباهكم ثم عفروا خدودكم اليمنى ثم اليسرى في التراب و قولوا يا ربنا سمعنا و أطعنا و قبلنا و اعترفنا و سلمنا و رضينا قال ففعلوا هذا الذي قال لهم موسى قولا و فعلا غير أن كثيرا منهم خالف قلبه ظاهر أفعاله و قال بقلبه سمعنا و عصينا مخالفا لما قال بلسانه و عفروا خدودهم اليمنى و ليس قصدهم التذلل لله تعالى و الندم على ما كان منهم من الخلاف و لكنهم فعلوا ذلك ينظرون هل يقع عليهم الجبل أم لا ثم عفروا خدودهم اليسرى ينظرون كذلك و لم يفعلوا ذلك كما أمروا فقال جبرئيل لموسى ع أما إن أكثرهم لله تعالى عاصون و لكن الله تعالى أمرني أن أزيل عنهم هذا الجبل عند ظاهر اعترافهم في الدنيا فإن الله إنما يطالبهم في الدنيا بظواهرهم لحقن دمائهم و إبقاء الذمة لهم و إنما أمرهم إلى الله في الآخرة يعذبهم على عقودهم و ضمائرهم فنظر القوم إلى الجبل و قد صار قطعتين قطعة منه صارت لؤلؤة بيضاء فجعلت تصعد و ترقى حتى خرقت السماوات و هم ينظرون إليها إلى أن صارت إلى حيث لا يلحقها أبصارهم و قطعة صارت نارا و وقعت على الأرض بحضرتهم فخرقتها و دخلتها و غابت عن عيونهم فقالوا ما هذان المفترقان من الجبل فرق صعد لؤلؤا و فرق انحط نارا قال لهم موسى أما القطعة التي صعدت في الهواء فإنها وصلت إلى السماء فخرقتها إلى أن لحقت بالجنة فأضعفت أضعافا كثيرة لا يعلم عددها إلا الله و أمر الله أن يبنى منها للمؤمنين بما في هذا الكتاب قصور و دور و منازل و مساكن مشتملة على أنواع النعمة التي وعدها المتقين من عباده من الأشجار و البساتين و الثمار و الحور الحسان و المخلدين من الولدان كاللئالي المنثورة و سائر نعيم الجنة و خيراتها و أما القطعة التي انحطت إلى الأرض فخرقتها ثم التي تليها إلى أن لحقت بجهنم فأضعفت أضعافا كثيرة و أمر الله تعالى أن يبنى منها للكافرين بما في هذا الكتاب قصور و دور و مساكن و منازل مشتملة على أنواع العذاب التي وعدها الكافرين من عباده من بحار نيرانها و حياض غسلينها و غساقها و أودية قيحها و دمائها و صديدها و زبانيتها بمرزباتها و أشجار زقومها و ضريعها و حياتها و عقاربها و أفاعيها و قيودها و أغلالها و سلاسلها و أنكالها و سائر أنواع البلايا و العذاب المعد فيها ثم قال محمد رسول الله ص لبني إسرائيل أ فلا تخافون عقاب ربكم في جحدكم لهذه الفضائل التي اختص بها محمدا و عليا و آلهما الطيبين

 بيان السحالة ما سقط من الذهب و الفضة و نحوهما كالبرادة و طحطحت الشي‏ء كسرته و فرقته

 49-  ير، ]بصائر الدرجات[ اليقطيني عن محمد بن عمر عن عبد الله بن الوليد السلمان قال قال لي أبو جعفر ع يا عبد الله ما تقول الشيعة في علي و موسى و عيسى ع قال قلت جعلت فداك و من أي الحالات تسألني قال أسألك عن العلم فأما الفضل فهم سواء قلت جعلت فداك فما عسى أقول فيهم قال هو و الله أعلم منهما ثم قال يا عبد الله أ ليس يقولون لعلي ما للرسول من العلم قال قلت بلى قال فخاصمهم فيه إن الله تبارك و تعالى قال لموسى وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ فأعلمنا أنه لم يبين له الأمر كله و قال تبارك و تعالى لمحمد ص وَ جِئْنا بِكَ شَهِيداً عَلى هؤُلاءِ وَ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ

 أقول ستأتي الأخبار الكثيرة في ذلك في كتاب الإمامة

 50-  كش، ]رجال الكشي[ خلف بن حامد عن سهل بن زياد عن ابن أبي عمير عن يحيى الحلبي عن أيوب بن الحر عن بشير عن أبي عبد الله ع و حدثني ابن مسعود عن الحسن بن علي بن فضال عن العباس بن عامر عن أبان بن عثمان عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله ع قالا قلنا لأبي عبد الله ع إن عبد الله بن عجلان مرض مرضه الذي مات فيه و كان يقول إني لا أموت من مرضي هذا فقال أبو عبد الله ع أيهات أيهات أنى ذهب ابن عجلان لا عرفه الله قبيحا من عمله إن موسى بن عمران اختار من قومه سبعين رجلا فلما أخذتهم الرجفة كان موسى أول من قام منها فقال يا رب أصحابي فقال يا موسى إني أبدلك منهم خيرا قال رب إني وجدت ريحهم و عرفت أسماءهم قال ذلك ثلاثا فبعثهم الله أنبياء

 شي، ]تفسير العياشي[ محمد بن سالم بياع القصب عن الحارث بن المغيرة مثله و فيه لا عرفه الله شيئا من ذنوبه و فيه إني أبدلك بهم من هو خير لك منهم

 شي، ]تفسير العياشي[ عن أبان بن عثمان عن الحارث مثله إلا أنه ذكر فلما أخذتهم الصاعقة و لم يذكر الرجفة

بيان قوله لا عرفه الله دعاء له بالمغفرة إذ بالعذاب و بذكر القبائح له على وجه اللوم يعرفها و لعل ابن عجلان إنما حكم بعدم موته في ذلك المرض لما سمع منه ع من كونه من أنصار القائم عجل الله فرجه و نحو ذلك فأشار ع إلى أنه لم يعرف معنى كلامنا بل إنما يحصل ذلك له في الرجعة كما أن السبعين ماتوا ثم رجعوا بدعاء موسى ع. و لعل ما صدر عنهم أيضا كان سؤالا من قبل القوم لا اقتراحا منهم لئلا ينافي صيرورتهم أنبياء أو يكون المراد كونهم تالين للأنبياء في الفضل أو يكون النبي هنا بمعناه اللغوي أي رجعوا مخبرين بما رأوا أو يقال إنه يكفي عصمتهم بعد الرجعة و فيه إشكال و يأبى عن أكثر الوجوه ما سيأتي في باب أحوال سلمان رضي الله عنه أنه قال في خطبة له فقد ارتد قوم موسى عن الأسباط و يوشع و شمعون و ابني هارون شبر و شبير و السبعين الذين اتهموا موسى على قتل هارون فأخذتهم الرجفة من بغيهم ثم بعثهم الله أنبياء مرسلين و غير مرسلين.

 51-  فس، ]تفسير القمي[ وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَ ظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ قال الصادق ع لما أنزل الله التوراة على بني إسرائيل لم يقبلوه فرفع الله عليهم جبل طور سيناء فقال لهم موسى إن لم تقبلوا وقع عليكم الجبل فقبلوه و طأطئوا رءوسهم

 تكملة قال الثعلبي قال قتادة كان السامري عظيما من عظماء بني إسرائيل من قبيلة يقال لها سامرة و لكن عدو الله نافق و قال سعيد بن جبير كان من أهل كرمان و قال غيرهما كان رجلا صائغا من أهل باجرمى و اسمه ميخا. و قال ابن عباس اسمه موسى بن ظفر و كان منافقا قد أظهر الإسلام و كان من قوم يعبدون البقر و قال هارون لبني إسرائيل أن حلي القبط غنيمة فلا تحل لكم فأجمعوها و احفروا لها حفيرة و ادفنوها حتى يرجع موسى ع فيرى فيها رأيه ففعلوا و جاء السامري بالقبضة التي أخذها من تحت حافر جبرئيل فقال لهارون يا نبي الله اقذفها فيها فظن هارون أنه من الحلي فقال اقذف فقذفها فصار عجلا جسدا له خوار. و قال ابن عباس أوقد هارون نارا و أمرهم بأن يقذفوها فيها فقذف السامري تلك القبضة فيها و قال كن عجلا جسدا له خوار فكان و يقال إن الذي قال لبني إسرائيل إن الغنيمة لا تحل لكم هو السامري فصدقوه فدفعوها إليه فصاغ منها عجلا في ثلاثة أيام فقذف فيه القبضة فحي و خار خورة. و قال السدي كان يخور و يمشي فلما أخرج السامري العجل و كان من ذهب مرصع بالجوهر كأحسن ما يكون فقال هذا إِلهُكُمْ وَ إِلهُ مُوسى فَنَسِيَ أي أخطأ الطريق و تركه هاهنا و خرج يطلبه فلذلك أبطأ عنكم و في بعض الروايات أنه لما قذف القبضة فيها أشعر العجل و عدا و خار و صار له لحم و دم. و يروى أن إبليس ولج وسطه فخار و مشى و يقال إن السامري جعل مؤخر العجل إلى حائط و حفر في الجانب الآخر في الأرض و أجلس فيه إنسانا فوضع فمه على دبره و خار و تكلم بما تكلم به فشبه على جهالهم حتى أضلهم و قال إن موسى قد أخطأ ربه فأتاكم ربكم ليريكم أنه قادر على أن يدعوكم إلى نفسه بنفسه و إنه لم يبعث موسى لحاجة منه إليه و إنه قد أظهر لكم العجل ليكلمكم من وسطه كما كلم موسى من الشجرة فافتتنوا به إلا اثنا عشر ألفا و كان مع هارون ستمائة ألف فلما رجع موسى و قرب منهم سمع اللغط حول العجل و كانوا يزفنون و يرقصون حوله و لم يخبر موسى أصحابه السبعين بما أخبره ربه من حديث العجل فقالوا هذا قتال في المحلة فقال موسى ع و لكنه صوت الفتنة افتتن القوم بعدنا بعبادة غير الله فلما رآهم و ما يصنعون ألقى الألواح من يده فتكسرت فصعد عامة الكلام الذي كان فيها و لم يبق منها إلا سدسها ثم أعيدت له في لوحين عن ابن عباس. و عن تميم الداري قال قلت يا رسول الله مررت بمدينة صفتها كيت و كيت قريبة من ساحل البحر فقال رسول الله تلك أنطاكية أما إن في غار من غيرانها رضاض من ألواح موسى و ما من سحابة شرقية و لا غربية تمر بها إلا ألقت عليها من بركاتها و لن تذهب الأيام و الليالي حتى يسكنها رجل من أهل بيتي يملؤها قسطا و عدلا كما ملئت جورا و ظلما

  قالوا فأخذ موسى شعر رأس هارون ع بيمينه و لحيته بشماله و كان قد اعتزلهم في الاثني عشر ألفا الذين لم يعبدوا العجل و قال يا هارون ما مَنَعَكَ الآية. فلما علم بنو إسرائيل خطأهم ندموا و استغفروا فأمرهم موسى أن يقتل البري‏ء المجرم فتبرأ أكثرهم فأمر الله موسى أن يبرد العجل بالمبرد و يحرقه ثم يذريه في النيل فمن شرب ماءه ممن عبد العجل اصفر وجهه و اسودت شفتاه و قيل نبت على شاربه الذهب فكان ذلك علما لجرمه فأخذ موسى ع العجل فذبحه ثم برده بالمبارد ثم حرقه و جمع رماده و أمر السامري حتى بال عليه استخفافا به ثم ذرأه في الماء ثم أمرهم بالشرب من ذلك الماء فاسودت شفاه الذين عبدوه و اصفرت وجوههم فأقروا و قالوا لو أمرنا الله سبحانه أن نقتل أنفسنا ليقبل توبتنا لقتلناها فقيل لهم فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ فجلسوا في الأفنية محتبين و أصلت القوم عليهم خناجر فكان الرجل يرى ابنه و أباه و أخاه و قريبه و صديقه و جاره فلم يمكنهم المضي لأمر الله سبحانه فأرسل الله عليهم ضبابة و سحابة سوداء لا يبصر بعضهم بعضا و قيل لهم من حل حبوته أو مد طرفه إلى قاتله أو اتقاه بيد أو رجل فهو ملعون مردود توبته فكانوا يقتلونهم إلى المساء فلما كثر فيهم القتل و بلغ عدة القتلى سبعين ألفا دعا موسى و هارون و بكيا و جزعا و تضرعا و قالا يا رب هلكت بنو إسرائيل البقية البقية فكشف الله تعالى السحابة و أمرهم أن يرفعوا السلاح و يكفوا عن القتل فلما انكشفت السحابة عن القتلى اشتد ذلك على موسى ع فأوحى الله تعالى إليه أ ما يرضيك أن يدخل القاتل و المقتول الجنة فكان من قتل منهم شهيدا و من بقي مكفرا عنه ذنبه. ثم إن موسى ع هم بقتل السامري فأوحى الله سبحانه و تعالى إليه لا تقتله فإنه سخي فلعنه موسى و قال فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَ إِنَّ لَكَ مَوْعِداً لعذابك في القيامة لَنْ تُخْلَفَهُ و أمر موسى ع بني إسرائيل أن لا يخالطوه و لا يقربوه فصار السامري وحشيا لا يألف و لا يؤلف و لا يدنو من الناس و لا يمس أحدا منهم فمن مسه قرض ذلك الموضع بالمقراض فكان كذلك حتى هلك. قالوا ثم إن الله سبحانه أمر موسى ع أن يأتيه في ناس من خيار بني إسرائيل يعتذرون إليه من عبادة قومهم العجل فاختار موسى سبعين رجلا فأمر ع أن يصوموا و يتطهروا و يطهروا ثيابهم و يتطيبوا ثم خرج موسى ع بهم إلى طور سيناء فلما دنا موسى ع الجبل وقع عليه عمود الغمام حتى تغشى الجبل كله و دنا موسى ع و دخل فيه و قال للقوم ادنوا و كان ع إذا كلم ربه وقع على وجهه نور ساطع لا يستطيع أحد من بني إسرائيل أن ينظر إليه فضرب دونه بالحجاب و دخل القوم في الغمام فخروا سجدا فسمعوا الله سبحانه و هو يكلم موسى و يأمره و ينهاه و أسمعهم الله تعالى إني أنا الله لا إله إلا أنا ذو بكة أخرجتكم من أرض مصر فاعبدوني و لا تعبدوا غيري فلما فرغ موسى من الكلام و انكشف الغمام أقبل إليهم فقالوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فأخذتهم الصاعقة و هي نار جاءت من السماء فأحرقتهم جميعا و قال وهب بل أرسل الله إليهم جندا من السماء فلما سمعوا حسهم ماتوا يوما و ليلة فقال موسى رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَ إِيَّايَ أَ تُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا يا رب كيف أرجع إلى بني إسرائيل و قد أهلكت خيارهم فلم يزل موسى يناشد ربه عز و جل حتى أحياهم الله جميعا رجلا بعد رجل ينظر بعضهم إلى بعض كيف يحيون فذلك قوله تعالى ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ. قالوا فلما رجع موسى ع إلى قومه و قد أتاهم بالتوراة أبوا أن يقبلوها و يعملوا بما فيها للآصار و الأثقال و الأغلال التي كانت فيها فأمر الله تعالى جبرئيل فقلع جبلا على قدر عسكرهم و كان فرسخا في فرسخ و رفعه فوق رءوسهم مقدار قامة الرجل

  و عن ابن عباس أمر الله جبلا من جبال فلسطين فانقلع من أصله حتى قام على رءوسهم مثل الظلة فذلك قوله سبحانه وَ إِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَ رَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ الآية و قوله وَ إِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ. قال عطا عن ابن عباس رفع الله تعالى فوق رءوسهم الطور و بعث نارا من قبل وجوههم و أتاهم البحر الملح من خلفهم و قيل لهم خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَ اسْمَعُوا فإن قبلتموه و فعلتم ما أمرتم به و إلا رضختكم بهذا الجبل و غرقتكم في هذا البحر و أحرقتكم بهذه النار فلما رأوا أن لا مهرب لهم منها قبلوا ذلك و سجدوا على شق وجوههم و جعلوا يلاحظون الجبل و هم سجود فصارت سنة في اليهود لا يسجدون إلا على أنصاف وجوههم فلما زال الجبل قالوا سمعنا و أطعنا و لو لا الجبل ما أطعناك. و روى قتادة عن الحسن قال مكث موسى ع بعد ما تغشاه نور رب العالمين و انصرف إلى قومه أربعين ليلة لا يراه أحد إلا مات حتى اتخذ لنفسه برنسا و عليه برقع لا يبدي وجهه لأحد مخافة أن يموت