باب 9- قصص يعقوب و يوسف على نبينا و آله و عليهما الصلاة و السلام

 الآيات البقرة وَ وَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَ يَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ آل عمران كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يوسف نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ إلى قوله وَ هُمْ يَمْكُرُونَ مريم وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا تفسير قال الطبرسي رحمه الله إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ أي يعقوب عَلى نَفْسِهِ اختلفوا في ذلك الطعام فقيل إن يعقوب أخذه وجع العرق الذي يقال له عرق النسا فنذر إن شفاه الله أن يحرم العروق و لحم الإبل و هو أحب الطعام إليه عن ابن عباس و غيره و قيل حرم إسرائيل على نفسه لحم الجزور تعبدا لله و سأل الله أن يجيز له فحرم الله تعالى ذلك على ولده و قيل حرم زائدة الكبد و الكليتين و الشحم إلا ما حملته الظهور و اختلف في أنه ع كيف حرم على نفسه فقيل بالاجتهاد و هو باطل و قيل بالنذر و قيل بنص ورد عليه و قيل حرمه كما يحرم المستظهر في دينه من الزهاد اللذة على نفسه مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ أي كل الطعام كان حلالا لبني إسرائيل قبل أن تنزل التوراة على موسى فإنها تضمنت تحريم ما كانت حلالا لبني إسرائيل و اختلفوا فيما حرم عليهم فقيل إنه حرم عليهم ما كانوا يحرمونه قبل نزولها اقتداء بأبيهم يعقوب و قيل لم يحرمه الله عليهم في التوراة و إنما حرم عليهم بعد التوراة بظلمهم و كفرهم و كانت بنو إسرائيل إذا أصابوا ذنبا عظيما حرم الله عليهم طعاما طيبا و صب عليهم رجزا و هو الموت و ذلك قوله تعالى فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا الآية و قيل لم يكن شيئا من ذلك حراما عليهم في التوراة و إنما هو شي‏ء حرموه على أنفسهم اتباعا لأبيهم و أضافوا تحريمه إلى الله فكذبهم الله تعالى و احتج عليهم بالتوراة فلم يجسروا على إتيان التوراة لعلمهم بصدق النبي ص و كذبهم و كان ذلك دليلا ظاهرا على صحة نبوة نبينا ص

 1-  فس، ]تفسير القمي[ محمد بن جعفر عن محمد بن أحمد عن علي بن محمد عمن حدثه عن المنقري عن عمرو بن شمر عن إسماعيل بن السندي عن عبد الرحمن بن أسباط القرشي عن جابر بن عبد الله الأنصاري في قول الله إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ قال في تسمية النجوم هو الطارق و حوبان و الذيال و ذو الكتفين و وثاب و قابس و عمودان و فيلق و مصبح و الصرح و الفروغ و الضياء و النور يعني الشمس و القمر و كل هذا النجوم محيطة بالسماء

 و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال تأويل هذه الرؤيا أنه سيملك مصر و يدخل عليه أبواه و إخوته أما الشمس فأم يوسف راحيل و القمر يعقوب و أما أحد عشر كوكبا فإخوته فلما دخلوا عليه سجدوا شكرا لله وحده حين نظروا إليه و كان ذلك السجود لله

 قال علي بن إبراهيم فحدثني أبي عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع أنه كان من خبر يوسف أنه كان له أحد عشر أخا و كان له من أمه أخ واحد يسمى بنيامين و كان يعقوب إسرائيل الله و معنى إسرائيل الله أي خالص الله ابن إسحاق نبي الله ابن إبراهيم خليل الله فرأى يوسف هذه الرؤيا و له تسع سنين فقصها على أبيه فقال يعقوب يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ قوله فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً أي يحتالوا عليك فقال يعقوب ليوسف وَ كَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَ يُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ عَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ و كان يوسف من أحسن الناس وجها و كان يعقوب يحبه و يؤثره على أولاده فحسدوه إخوته على ذلك و قالوا فيما بينهم ما حكى الله عز و جل إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَ أَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ أي جماعة إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ فعمدوا على قتل يوسف فقالوا نقتله حتى يخلو لنا وجه أبينا فقال لاوي لا يجوز قتله و لكن نغيبه عن أبينا و نحن نخلو به فقالوا كما حكى الله عز و جل يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَ إِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ أي يرعى الغنم و يلعب وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ فأجرى الله على لسان يعقوب إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ فقالوا كما حكى الله لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ العصبة عشرة إلى ثلاثة عشر فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَ أَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ أي تخبرهم بما هموا به

 و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ يقول لا يشعرون أنك أنت يوسف أتاه جبرئيل فأخبره بذلك

 بيان قال الطبرسي رحمه الله يعقوب هو إسرائيل الله و معناه عبد الله الخالص بن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله

 و في الحديث أن النبي ص قال الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم

و عن ابن عباس أن يوسف رأى في المنام ليلة الجمعة ليلة القدر أحد عشر كوكبا نزلت من السماء فسجدت له و رأى الشمس و القمر نزلا من السماء فسجدا له قال فالشمس و القمر أبواه و الكواكب إخوته الأحد عشر و قال السدي الشمس أبوه و القمر خالته و ذلك أن أمه راحيل قد ماتت و قال ابن عباس الشمس أمه و القمر أبوه و قال وهب كان يوسف رأى و هو ابن سبع سنين أن أحد عشر عصا طوالا كانت مركوزة في الأرض كهيئة الدائرة و إذا عصا صغيرة وثبت عليها حتى اقتلعتها و غلبتها فوصف ذلك لأبيه فقال له إياك أن تذكر ذلك لإخوتك ثم رأى و هو ابن اثنتي عشرة سنة أن أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر سجدن له فقصها على أبيه فقال له لا تَقْصُصْ الآية و قيل إنه كان بين رؤياه و بين مصير أبيه و إخوته إلى مصر أربعون سنة و قيل ثمانون سنة. قوله تعالى وَ كَذلِكَ أي كما أراك هذه الرؤيا يَجْتَبِيكَرَبُّكَ أي يصطفيك و يختارك للنبوة وَ يُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ أي من تعبير الرؤيا قيل و كان أعبر الناس للرؤيا أو مطلق العلوم و الأخبار السالفة و الآتية لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَ إِخْوَتِهِ كان ليعقوب اثنا عشر ولدا و قيل أسماؤهم روبيل و هو أكبرهم و شمعون و لاوي و يهودا و ريالون و يشجر و أمهم ليا بنت ليان و هي ابنة خالة يعقوب ثم توفيت ليا فتزوج يعقوب أختها راحيل فولدت له يوسف و بنيامين و قيل ابن يامين و ولد له من سريتين له اسم إحداهما زلفة و الأخرى بلهة أربعة بنين دار و يقنالي و حاد و أشر لَيُوسُفُ وَ أَخُوهُ أي بنيامين وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ أي جماعة يتعصب بعضنا لبعض و يعين بعضنا بعضا فنحن أنفع لأبينا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي ذهاب عن طريق الصواب الذي هو التعديل بيننا أو في خطاء من الرأي في أمور الأولاد و التدبير الدنيوي إذنحن أقوم بأموره و أكثر المفسرين على أن إخوة يوسف كانوا أنبياء و قال بعضهم لم يكونوا أنبياء لأن الأنبياء لا يقع منهم القبائح

 و روى ابن بابويه في كتاب النبوة بإسناده عن ابن بزيع عن حنان بن سدير قال قلت لأبي جعفر ع أ كان أولاد يعقوب أنبياء فقال لا و لكنهم كانوا أسباطا أولاد الأنبياء و لم يفارقوا الدنيا إلا سعداء تابوا و تذكروا ما صنعوا

 يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ أي تخلص لكم محبته قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ أي روبيل و قيل يهودا و قيل لاوي فِي غَيابَتِ الْجُبِّ أي في قعر البئر و اختلف فيه فقيل هو بئر بيت المقدس و قيل بأرض الأردن و قيل بين مدين و مصر و قيل على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ قيل كانت أرضهم مذئبة و كانت السباع ضارية في ذلك الوقت و قيل إن يعقوب ع رأى في منامه كأن يوسف قد شد عليه عشرة أذؤب ليقتلوه و إذا ذئب منها يحمي عنه فكأن الأرض انشقت فدخل فيها يوسف فلم يخرج إلا بعد ثلاثة أيام فمن ثم قال هذا فلقنهم العلة و كانوا لا يدرون و روي عن النبي ص أنه قال لا تلقنوا الكذب فتكذبوا فإن بني يعقوب لم يعلموا أن الذئب يأكل الإنسان حتى لقنهم أبوهم. و قيل كنى عنهم بالذئب مساترة عنهم و قال الحسن جعل يوسف في الجب و هو ابن سبع عشرة سنة و كان في البلاء إلى أن وصل إليه أبوه ثمانين سنة و لبث بعد الاجتماع ثلاثا و عشرين سنة و مات و هو ابن مائة و عشرين سنة و قيل كان له يوم ألقي في الجب عشر سنين و قيل اثنا عشر و قيل سبع و قيل تسع و جمع بينه و بين أبيه و هو ابن أربعين سنة

 2-  فس، ]تفسير القمي[ قال علي بن إبراهيم فقال لاوي ألقوه في هذا الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين فأدنوه من رأس الجب فقالوا له انزع قميصك فبكى فقال يا إخوتي تجردوني فسل واحد منهم عليه السكين فقال لئن لم تنزعه لأقتلنك فنزعه فدلوه في اليم و تنحوا عنه فقال يوسف في الجب يا إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب ارحم ضعفي و قلة حيلتي و صغري فنزلت سيارة من أهل مصر فبعثوا رجلا ليستقي لهم الماء من الجب فلما أدلى الدلو على يوسف تشبث بالدلو فجروه فنظروا إلى غلام من أحسن الناس وجها فعدوا إلى صاحبهم فقالوا يا بُشْرى هذا غُلامٌ فنخرجه و نبيعه و نجعله بضاعة لنا فبلغ إخوته فجاءوا فقالوا هذا عبد لنا أبق ثم قالوا ليوسف لئن لم تقر بالعبودية لنقتلنك فقالت السيارة ليوسف ما تقول قال أنا عبدهم فقالت السيارة فتبيعوه منا قالوا نعم فباعوه منهم على أن يحملوه إلى مصر وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَ كانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ قال الذي بيع بها يوسف ثمانية عشر درهما و كان عندهم كما قال الله وَ كانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ

 أخبرنا أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا ع في قول الله وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ قال كانت عشرين درهما و البخس النقص و هي قيمة كلب الصيد إذا قتل كان قيمته عشرين درهما

 ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن الصدوق عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى مثله بيان المشهور بين الأصحاب في كلب الغنم عشرين و في كلب الصيد أربعين أو القيامة فيهما و سيأتي في كتاب الديات و قال الطبرسي رحمه الله قيل كانت الدراهم عشرين درهما عن ابن مسعود و ابن عباس و السدي و هو المروي عن علي بن الحسين ع قالوا و كانوا عشرة فاقتسموها درهمين درهمين و قيل كانت اثنين و عشرين درهما عن مجاهد و قيل كانت أربعين درهما عن عكرمة و قيل ثمانية عشر درهما عن أبي عبد الله ع و اختلف فيمن باعه فقيل إن إخوة يوسف باعوه و كان يهودا منتبذا ينظر إلى يوسف فلما أخرجوه من البئر أخبر إخوته فأتوا مالكا و باعوه منه عن ابن عباس و مجاهد و أكثر المفسرين و قيل باعه الواجدون بمصر عن قتادة و قيل إن الذين أخرجوه من الجب باعوه من السيارة عن الأصم و الأصح الأول و ذكر أبو حمزة الثمالي في تفسيره قال فلم يزل مالك بن زعر و أصحابه يتعرفون من الله الخير في سفرهم ذلك حتى فارقوا يوسف ففقدوا ذلك قال و تحرك قلب مالك ليوسف فأتاه فقال أخبرني من أنت فانتسب له يوسف و لم يكن مالك يعرفه فقال أنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فالتزمه مالك و بكى و كان مالك رجلا عاقرا لا يولد له فقال ليوسف لو دعوت ربك أن يهب لي ولدا فدعا يوسف ربه أن يهب له ولدا و يجعلهم ذكورا فولد له اثنا عشر بطنا في كل بطن غلامان. و قال السيد المرتضى رحمه الله في كتاب تنزيه الأنبياء فإن قال قائل كيف صبر يوسف ع على العبودية و لم ينكرها و كيف يجوز على نبي الصبر على أن يستعبد و يسترق الجواب قيل له إن يوسف ع لم يكن في تلك الحال نبيا على ما قاله كثير من الناس و لما خاف على نفسه القتل جاز أن يصبر على الاسترقاق و من ذهب إلى هذا الوجه يتأول قوله تعالى وَ أَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ على أن الوحي لم يكن في تلك الحال بل كان في غيرها و يصرف ذلك إلى الحال المستقبلة التي كان فيها نبيا. و وجه آخر و هو أن الله لا يمتنع أن يكون أمره بكتمان أمره و الصبر على مشقة العبودية امتحانا و تشديدا في التكليف كما امتحن أبويه إبراهيم و إسحاق أحدهما بنمرود و الآخر بالذبح. و وجه آخر و هو أنه يجوز أن يكون ع قد خبرهم بأنه غير عبد و أنكر عليهم ما فعلوه من استرقاقه إلا أنهم لم يسمعوا منه و لا أصغوا إلى قوله و إن لم ينقل ذلك فليس كل ما جرى في تلك الأزمان قد اتصل بنا. و وجه آخر و هو أن قوما قالوا إنه خاف القتل فكتم أمر نبوته و صبر على العبودية و هذا جواب فاسد لأن النبي لا يجوز أن يكتم ما أرسل به خوفا من القتل لأنه يعلم أن الله تعالى لم يبعثه للأداء إلا و هو عاصم له من القتل حتى يقع الأداء و يسمع الدعوة و إلا كان نقضا للغرض انتهى كلامه رحمة الله عليه

 3-  فس، ]تفسير القمي[ و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله وَ جاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قال إنهم ذبحوا جديا على قميصه و قال علي بن إبراهيم و رجع إخوته و قالوا نعمد إلى قميصه فنلطخه بالدم فنقول لأبينا إن الذئب أكله فلما فعلوا ذلك قال لهم لاوي يا قوم أ لسنا بني يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق نبي الله بن إبراهيم خليل الله أ فتظنون أن الله يكتم هذا الخبر عن أنبيائه فقالوا و ما الحيلة قال نقوم و نغتسل و نصلي جماعة و نتضرع إلى الله تبارك و تعالى أن يكتم ذلك عن أبينا فإنه جواد كريم فقاموا و اغتسلوا و كان في سنة إبراهيم و إسحاق و يعقوب أنهم لا يصلون جماعة حتى يبلغوا أحد عشر رجلا فيكون واحد منهم أمام عشرة يصلون خلفه فقالوا كيف نصنع و ليس لنا إمام فقال لاوي نجعل الله إمامنا فصلوا و بكوا و تضرعوا و قالوا يا رب اكتم علينا هذا ثم جاءوا إلى أبيهم عِشاءً يَبْكُونَ و معهم القميص قد لطخوه بالدم ف قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ أي نعدو وَ تَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ إلى قوله  عَلى ما تَصِفُونَ ثم قال يعقوب ما كان أشد غضب ذلك الذئب على يوسف و أشفقه على قميصه حيث أكل يوسف و لم يمزق قميصه قال فحملوا يوسف إلى مصر و باعوه من عزيز مصر فقال العزيز لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ أي مكانه عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً و لم يكن له ولد فأكرموه و ربوه فلما بلغ أشده هوته امرأة العزيز و كانت لا تنظر إلى يوسف امرأة إلا هوته و لا رجل إلا أحبه و كان وجهه مثل القمر ليلة البدر فراودته امرأة العزيز و هو قوله وَ راوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَ غَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَ قالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ فما زالت تخدعه حتى كان كما قال الله تعالى وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ فقامت امرأة العزيز وَ غَلَّقَتِ الْأَبْوابَ فلما هما رأى يوسف صورة يعقوب في ناحية البيت عاضا على إصبعه يقول يا يوسف أنت في السماء مكتوب في النبيين و تريد أن تكتب في الأرض من الزناة فعلم أنه قد أخطأ و تعدى

 و حدثني أبي عن بعض رجاله رفعه قال قال أبو عبد الله لما همت به و هم بها قامت إلى صنم في بيتها فألقت عليه ملاءة لها فقال لها يوسف ما تعملين فقالت ألقي على هذا الصنم ثوبا لا يرانا فإني أستحيي منه فقال يوسف أنت تستحيين من صنم لا يسمع و لا يبصر و لا أستحيي أنا من ربي فوثب و عدا و عدت من خلفه و أدركهما العزيز على هذه الحالة و هو قول الله وَ اسْتَبَقَا الْبابَ وَ قَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَ أَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ فبادرت امرأة العزيز فقالت للعزيز ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ فقال يوسف للعزيز هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها فألهم الله يوسف أن قال للملك سل هذا الصبي في المهد فإنه يشهد أنها راودتني عن نفسي فقال العزيز للصبي فأنطق الله الصبي في المهد ليوسف حتى قال إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَ هُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَ إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَ هُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فلما رأى العزيز قميص يوسف قد تخرق من دبر قال لامرأته إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ثم قال ليوسف أَعْرِضْ عَنْ هذا وَ اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ و شاع الخبر بمصر و جعلت النساء يتحدثن بحديثها و يعذلنها و يذكرنها و هو قوله وَ قالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ فبلغ ذلك امرأة العزيز فبعثت إلى كل امرأة رئيسة فجمعتهن في منزلها و هيأت لهن مجلسا و دفعت إلى كل امرأة أترجة و سكينا فقالت اقطعن ثم قالت ليوسف اخرج عليهن و كان في بيت فخرج يوسف عليهن فلما نظرن إليه أقبلن يقطعن أيديهنو قلن كما حكى الله عز و جل فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَ أَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً أي أترجة وَ آتَتْ و أعطت كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَ قالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ إلى قوله إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ فقالت امرأة العزيز فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ في حبه وَ لَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ أي دعوته فَاسْتَعْصَمَ أي امتنع ثم قالت وَ لَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَ لَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ فما أمسى يوسف في ذلك البيت حتى بعثت إليه كل امرأة رأته تدعوه إلى نفسها فضجر يوسف في ذلك البيت فقال رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَ إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَ أَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ فَاسْتَجابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ أي حيلتهن أَصْبُ إِلَيْهِنَّ أي أميل إليهن و أمرت امرأة العزيز بحبسه فحبس في السجن

 بيان قال الطبرسي رحمه الله يسأل و يقال كيف قال يوسف السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ و لا يجوز أن يراد السجن الذي هو المكان و إن عنى السجن الذي هو المصدر فإن السجن معصية كما أن ما دعونه إليه معصية فلا يجوز أن يريده فالجواب أنه لم يرد المحبة التي هي الإرادة و إنما أراد أن ذلك أخف علي و أسهل و وجه آخر المعنى لو كان مما أريد لكان إرادتي له أشد و قيل إن معناه توطيني النفس على السجن أحب إلي من توطيني النفس على الزنا. ثم قال فإن قيل ما معنى سؤال يوسف اللطف من الله و هو عالم بأن الله يعلمه لا محالة فالجواب أنه يجوز أن تتعلق المصلحة بالألطاف عند الدعاء المجدد و متى قيل كيف علم أنه لو لا اللطف لركب الفاحشة و إذا وجد اللطف امتنع قلنا لما وجد في نفسه من الشهوة و علم أنه لو لا لطف الله ارتكب القبيح و علم أن الله يعصم أنبياءه بالألطاف و أن من لا يكون له لطف لا يبعثه الله نبيا

 4-  فس، ]تفسير القمي[ و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ فالآيات شهادة الصبي و القميص المخرق من دبر و استباقهما الباب حتى سمع مجاذبتها إياه على الباب فلما عصاها لم تزل مولعة لزوجها حتى حبسه وَ دَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ يقول عبدان للملك أحدهما خبازه و الآخر صاحب الشراب و الذي كذب و لم ير المنام هو الخباز

 إيضاح قال الطبرسي رحمه الله كان يوسف ع لما دخل السجن قال لأهله إني أعبر الرؤيا فقال أحد العبدين لصاحبه هلم فلنجربه فسألاه من غير أن يكون رأيا شيئا عن ابن مسعود و قيل بل رأيا على صحة و حقيقة و لكنهما كذبا في الإنكار عن مجاهد و الجبائي و قيل إن المصلوب منهما كان كاذبا و الآخر صادقا عن أبي مجاز و رواه علي بن إبراهيم أيضا في تفسيره عنهم ع و المعنى قال أحدهما و هو الساقي رأيت أصل حبلة عليها ثلاثة عناقيد من عنب فجنيتها و عصرتها في كأس الملك فسقيته إياها و تقديره أعصر عنب خمر أي العنب الذي يكون عصيره خمرا فحذف المضاف قال الزجاج و ابن الأنباري و العرب تسمي الشي‏ء باسم ما يئول إليه إذا وضح المعنى و لم يلتبس يقولون فلان يطبخ الآجر و يطبخ الدبس و إنما يطبخ اللبن و العصير و قال قوم إن بعض العرب يسمون العنب خمرا حكى الأصمعي عن المعتمر بن سليمان أنه لقي أعرابيا و معه عنب فقال له ما معك قال خمر و هو قول الضحاك فيكون معناه أني أعصر عنبا و روي في قراءة عبد الله و أبي جميعا إني رأيتني أعصر عنبا و قال صاحب الطعام إني رأيت كأن فوق رأسي ثلاث سلال فيها الخبز و أنواع الأطعمة و سباع الطير تنهش منه و أما تعبير رؤيا الساقي فروي أنه قال أما العناقيد الثلاثة فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن ثم يخرجك الملك في اليوم الرابع و تعود إلى ما كنت عليه و أجرى على مالكه صفة الرب لأنه عبده فأضافه إليه كما يقال رب الدار و رب الضيعة و أما صاحب الطعام فروي أنه قال له بئسما رأيت أما السلال الثلاث فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن ثم يخرجك الملك فيصلبك فتأكل الطير من رأسك فقال عند ذلك ما رأيت شيئا و كنت ألعب فقال يوسف قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ أي فرغ من الأمر الذي تساءلان و تطلبان معرفته و ما قلته لكما فإنه نازل بكما و هو كائن لا محالة و في هذا دلالة على أنه كان يقول ذلك على جهة الإخبار عن الغيب بما يوحى إليه لا كما يعبر أحدنا الرؤيا على جهة التأويل انتهى. أقول لا يخفى أن ظاهر الآيات هو أنهما كانا رأيا في المنام ما ذكره ع على وجه التعبير فإن كان ما أورده علي بن إبراهيم خبرا كما فهمه رحمه الله فلتأويله وجه و إلا فلا

 5-  فس، ]تفسير القمي[ قال علي بن إبراهيم و وكل الملك بيوسف رجلين يحفظانه فلما دخل السجن قالوا له ما صناعتك قال أعبر الرؤيا فرأى أحد الموكلين في نومه كما قال الله عز و جل أَعْصِرُ خَمْراً قال يوسف تخرج من السجن و تصير على شراب الملك و ترتفع منزلتك عنده و قال الآخر إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ و لم يكن رأى ذلك فقال له يوسف أنت يقتلك الملك و يصلبك و تأكل الطير من دماغك فجحد الرجل و قال إني لم أر ذلك فقال يوسف كما حكى الله عز و جل يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَ أَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ فقال أبو عبد الله ع في قوله إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قال كان يقوم على المريض و يلتمس المحتاج و يوسع على المحبوس فلما أراد من رأى في نومه أن يعصر خمرا الخروج من الحبس قال له يوسف اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فكان كما قال الله عز و جل فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ

 أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن إسماعيل بن عمر عن شعيب العقرقوفي عن أبي عبد الله ع قال إن يوسف أتاه جبرئيل ع فقال له يا يوسف إن رب العالمين يقرئك السلام و يقول لك من جعلك أحسن خلقه قال فصاح و وضع خده على الأرض ثم قال أنت يا رب ثم قال له و يقول لك من حببك إلى أبيك دون إخوتك قال فصاح و وضع خده على الأرض و قال أنت يا رب قال و يقول لك من أخرجك من الجب بعد أن طرحت فيها و أيقنت بالهلكة قال فصاح و وضع خده على الأرض ثم قال أنت يا رب قال فإن ربك قد جعل لك عقوبة في استغاثتك بغيره فالبث في السجن بضع سنين قال فلما انقضت المدة و أذن الله له في دعاء الفرج وضع خده على الأرض ثم قال اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فإني أتوجه إليك بوجه آبائي الصالحين إبراهيم و إسماعيل و إسحاق و يعقوب ففرج الله عنه قلت جعلت فداك أ ندعو نحن بهذا الدعاء فقال ادع بمثله اللهم إن كانت ذنوبي قد أخلقت وجهي عندك فإني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة محمد ص و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة ع

 شي، ]تفسير العياشي[ عن العقرقوفي مثله بيان قال الطبرسي قدس الله روحه بعد نقل أمثال هذه الرواية و القول في ذلك أن الاستعانة بالعباد في دفع المضار و التخلص من المكاره جائز غير منكر و لا قبيح بل ربما يجب و كان نبيا يستعين فيما ينوبه بالمهاجرين و الأنصار و غيرهم و لو كان قبيحا لم يفعله فلو صحت هذه الروايات فإنما عوتب ع على ترك عادته الجميلة في الصبر و التوكل على الله سبحانه في كل أموره دون غيره وقتا ما و ابتلاء و تشديدا و إنما كان يكون قبيحا لو ترك التوكل على الله سبحانه و اقتصر على غيره و في هذا ترغيب في الاعتصام بالله و الاستعانة به دون غيره في الشدائد و إن جاز أيضا أن يستعان بغيره انتهى. أقول ما ذكره رحمه الله من كون هذه الاستعانة جائزة غير محرمة لا ريب فيه و أما مقايستها باستعانة الرسول ص بالمهاجرين و الأنصار فقياس مع الفارق إذ ما كان بأمر الله لابتلاء الخلق و تكليفهم ليس من هذا الباب

  -6  فس، ]تفسير القمي[ قال علي بن إبراهيم ثم إن الملك رأى رؤيا فقال لوزرائه إني رأيت في نومي سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ أي مهازيل و رأيت سَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَ أُخَرَ يابِساتٍ و قرأ أبو عبد الله ع سبع سنابل خضر ثم قال يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ فلم يعرفوا تأويل ذلك فذكر الذي كان على رأس الملك رؤياه التي رآها و ذكر يوسف بعد سبع سنين و هو قوله وَ قالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَ ادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أي بعد حين أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ فجاء إلى يوسف فقال أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَ سَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَ أُخَرَ يابِساتٍ فقال يوسف تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً أي وليا فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ أي لا تدوسوه فإنه يفسد في طول سبع سنين فإذا كان في سنبله لا يفسد ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ أي سبع سنين مجاعة شديدة يأكلن ما قدمتهم لهن في سبع سنين الماضية و قال الصادق ع إنما نزل ما قربتم لهن ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ أي يمطرون و قال أبو عبد الله ع قرأ رجل على أمير المؤمنين ع ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ فقال ويحك أي شي‏ء يعصرون أ يعصر الخمر قال الرجل يا أمير المؤمنين كيف أقرؤها فقال إنما نزلت عام فيه يغاث الناس و فيه يعصرون أي يمطرون بعد سني المجاعة و الدليل على ذلك قوله وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً

 توضيح قوله تعالى دَأَباً قال البيضاوي أي على عادتكم المستمرة. و قال الطبرسي رحمه الله أي فازرعوا سبع سنين متوالية عن ابن عباس أي زراعة متوالية في هذه السنين على عادتكم في الزراعة سائر السنين و قيل دَأَباً أي بجد و اجتهاد في الزراعة انتهى و قوله تعالى يَأْكُلْنَ أي يأكل أهلهن و الإسناد مجازي

 قال الطبرسي رحمه الله قرأ جعفر بن محمد ع و سبع سنابل و قرأ أيضا ما قربتم لهن

و قرأ هو و الأعرج و عيسى بن عمر و فيه يعصرون بياء مضمومة و صاد مفتوحة ثم قال في بيان هذه القراءة يجوز أن يكون من العصرة و العصر المنجاة و يجوز أن يكون من عصرت السحابة ماءها عليهم ثم ذكر ما أورده علي بن إبراهيم. أقول لعل المعنى الأول ذكره مع قطع النظر عن الخبر و قال البيضاوي فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ يمطرون من الغيث أو يغاثون من القحط من الغوث وَ فِيهِ يَعْصِرُونَ ما يعصر كالعنب و الزيتون لكثرة الثمار و قيل يحلبون الضروع و قرئ على بناء المفعول من عصره إذا أنجاه و يحتمل أن يكون المبني للفاعل منه أي يغيثهم الله و يغيث بعضهم بعضا أو من أعصرت السحابة عليهم فعدي بنزع الخافض أو بتضمينه معنى المطر

 7-  فس، ]تفسير القمي[ فرجع الرجل إلى الملك فأخبره بما قال يوسف فقال الملك ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جاءَهُ الرَّسُولُ قالَ ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ يعني إلى الملك فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ فجمع الملك النسوة فقال لهن ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَ أَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ أي لا أكذب عليه الآن كما كذبت عليه من قبل ثم قالت  وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ أي تأمر بالسوء فقال الملك ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فلما نظر إلى يوسف قال إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ سل حاجتك قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ يعني على الكناديج و الأنابير فجعله عليها و هو قوله وَ كَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ فأمر يوسف أن يبني كناديج من صخر و طينها بالكلس ثم أمر بزروع مصر فحصدت و دفع إلى كل إنسان حصته و ترك الباقي في سنبله لم يدسه فوضعه في الكناديج ففعل ذلك سبع سنين فلما جاء سني الجدب كان يخرج السنبل فيبيع بما شاء

 بيان ما خَطْبُكُنَّ أي ما شأنكن و الخطب الأمر الذي يحق أن يخاطب فيه صاحبه حاشَ لِلَّهِ تنزيه له و تعجب من قدرته على خلق عفيف مثله حَصْحَصَ الْحَقُّ أي ثبت و استقر من حصحص البعير إذا ألقى مباركة ليناخ أو ظهر من حص شعره إذا استأصله بحيث ظهر بشرة رأسه قوله ذلِكَ لِيَعْلَمَ إلى قوله وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي هذا من كلام يوسف على قول أكثر المفسرين و قيل هو من كلام امرأة العزيز كما ذكره علي بن إبراهيم و الأول أشهر و أظهر. و قال الفيروزآبادي الكندوج شبه المخزن معرب الكندو و قال الأنبار بيت التاجر ينضد فيه المتاع الواحد نبر بالكسر و الكلس بالكسر الصاروج

 8-  فس، ]تفسير القمي[ و كان بينه و بين أبيه ثمانية عشر يوما و كان في بادية و كان الناس من الآفاق يخرجون إلى مصر ليمتاروا طعاما و كان يعقوب و ولده نزولا في بادية فيه مقل فأخذ إخوة يوسف من ذلك المقل و حملوه إلى مصر ليمتاروا به طعاما و كان يوسف يتولى البيع بنفسه فلما دخل إخوته على يوسف عرفهم و لم يعرفوه كما حكى الله عز و جل وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ فلما جهزهم بجهازهم و أعطاهم و أحسن إليهم في الكيل قال لهم من أنتم قالوا نحن بنو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله الذي ألقاه نمرود في النار فلم يحترق فجعلها الله عليه بردا و سلاما قال فما فعل أبوكم قالوا شيخ ضعيف قال فلكم أخ غيركم قالوا لنا أخ من أبينا لا من أمنا قال فإذا رجعتم إلي فأتوني به و هو قوله ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ أَ لا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَ أَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَ لا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَ إِنَّا لَفاعِلُونَ ثم قال يوسف لقومه ردوا هذه البضاعة التي حملوها إلينا اجعلوها فيما بين رحالهم حتى إذا رجعوا إلى منازلهم و رأوها رجعوا إلينا و هو قوله وَ قالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَها إِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني كي يرجعون فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ قالُوا يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ قالَ يعقوب هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ وَ لَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ في رحالهم التي حملوها إلى مصر قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي أي ما نريد هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَ نَمِيرُ أَهْلَنا وَ نَحْفَظُ أَخانا وَ نَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ قالَ يعقوب لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قالَ يعقوب اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ فخرجوا و قال لهم يعقوب لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَ ادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَ ما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ عَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ وَ لَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وَ إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ

 بيان قال البيضاوي فَعَرَفَهُمْ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ أي عرفهم يوسف و لم يعرفوه لطول العهد و مفارقتهم إياه في سن الحداثة و نسيانهم إياه و توهمهم أنه هلك و بعد حاله التي رأوه عليها من حاله حين فارقوه و قلة تأملهم في حلاه من التهيب و الاستعظام و قال في قوله اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ إنما فعل ذلك توسيعا و تفضلا عليهم و ترفعا من أن يأخذ ثمن الطعام منهم و خوفا من أن لا يكون عند أبيه ما يرجعون به قوله مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ أي حكم بمنعه بعد هذا إن لم نذهب ببنيامين قوله ما نَبْغِي أي ما ذا نطلب هل من مزيد على ذلك أكرمنا و أحسن مثوانا و باع منا و رد علينا متاعنا أو لا نطلب وراء ذلك إحسانا أو لا نبغي في القول و لا نزيد فيما حكينا لك من إحسانه قوله إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ أي إلا أن تغلبوا فلا تطيقوا ذلك أو إلا أن تهلكوا جميعا قوله لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ المشهور بين المفسرين أنه إنما قال ذلك لما خاف عليهم من العين و قيل لما اشتهروا بمصر بالحسن و الجمال و إكرام الملك لهم خاف عليهم حسد الناس و قيل لم يأمن عليهم من أن يخافهم الملك فيحبسهم و قيل إنه ع كان عالما بأن ملك مصر ولده يوسف إلا أن الله تعالى لم يأذن له في إظهار ذلك فلما بعث أبناءه إليه قال لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ و كان غرضه أن يصل بنيامين إلى يوسف في وقت الخلوة. ثم إن العبد لما كان مأمورا بملاحظة الأسباب و عدم الاعتماد عليها و التوكل على الله قال أولا ما يلزمه من الحزم و التدبير ثم تبرأ عن الاعتماد على الأسباب بقوله وَ ما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ ثم إنه تعالى صدقه على ما ذكره من عدم الاعتماد على الأسباب بقوله تعالى وَ لَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ أي من أبواب متفرقة في البلد ما كانَ يُغْنِي عَنْهُمْ رأي يعقوب و اتباعهم له مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ مما قضاه عليهم كما قال يعقوب فأخذ بنيامين بوجدان الصواع في رحله و تضاعفت المصيبة على يعقوب إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ استثناء منقطع أي و لكن حاجة في نفسه يعني شفقته عليهم و خوفه من أن يعانوا أو غير ذلك مما مر قَضاها أي أظهرها و وصى بها وَ إِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِما عَلَّمْناهُ بالوحي و نصب الحجج و لذلك قال وَ ما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْ‏ءٍ و لم يغتر بتدبيره وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ أسرار القدر

 9-  فس، ]تفسير القمي[ فخرجوا و خرج معهم بنيامين و كان لا يؤاكلهم و لا يجالسهم و لا يكلمهم فلما وافوا مصر دخلوا على يوسف و سلموا فنظر يوسف إلى أخيه فعرفه فجلس منهم بالبعيد فقال يوسف أنت أخوهم قال نعم قال فلم لا تجلس معهم قال لأنهم أخرجوا أخي من أبي و أمي ثم رجعوا و لم يردوه و زعموا أن الذئب أكله فآليت على نفسي أن لا أجتمع معهم على أمر ما دمت حيا قال فهل تزوجت قال بلى قال فولد لك ولد قال بلى قال كم ولد لك قال ثلاثة بنين قال فما سميتهم قال سميت واحدا منهم الذئب و واحدا القميص و واحدا الدم قال و كيف اخترت هذه الأسماء قال لئلا أنسى أخي كلما دعوت واحدا من ولدي ذكرت أخي قال يوسف لهم اخرجوا و حبس بنيامين فلما خرجوا من عنده قال يوسف لأخيه أَنَا أَخُوكَ يوسف فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ ثم قال له أنا أحب أن تكون عندي فقال لا يدعوني إخوتي فإن أبي قد أخذ عليهم عهد الله و ميثاقه أن يردوني إليه قال فأنا أحتال بحيلة فلا تنكر إذا رأيت شيئا و لا تخبرهم فقال لا فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ و أعطاهم و أحسن إليهم قال لبعض قوامه اجعلوا هذا الصاع في رحل هذا و كان الصاع الذي يكيلون به من ذهب فجعلوه في رحله من حيث لم يقفوا عليه إخوته فلما ارتحلوا بعث إليهم يوسف و حبسهم ثم أمر مناديا ينادي أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ فقال إخوة يوسف ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ أي كفيل فقال إخوة يوسف ليوسف تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَ ما كُنَّا سارِقِينَ قال يوسف فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فاحبسه فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ فتشبثوا بأخيه و حبسوه و هو قوله كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ أي احتلنا له ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَ فَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ فسئل الصادق ع عن قوله أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال ما سرق و ما كذب يوسف فإنما عنى سرقتم يوسف ع من أبيه و قوله أَيَّتُهَا الْعِيرُ معناه يا أهل العير و مثله قولهم لأبيهم وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها يعني أهل القرية و أهل العير فلما أخرج ليوسف الصاع من رحل أخيه قال إخوته إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ يعنون به يوسف فتغافل يوسف عنهم و هو قوله فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ فاجتمعوا إلى يوسف

 و جلودهم تقطر دما أصفر فكانوا يجادلونه في حبسه و كان ولد يعقوب إذا غضبوا خرج من ثيابهم شعر و يقطر من رءوسها دم أصفر و هم يقولون له يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ فأطلق عن هذا فلما رأى يوسف ذلك قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ و لم يقل إلا من سرق متاعنا إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ فلما أيسوا و أرادوا الانصراف إلى أبيهم قال لهم لاوي بن يعقوب أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ في هذا وَ مِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فارجعوا أنتم إلى أبيكم أما أنا فلا أرجع إليه حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ ثم قال لهم ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَ ما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَ ما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها أي أهل القرية و أهل العير وَ إِنَّا لَصادِقُونَ قال فرجع إخوة يوسف إلى أبيهم و تخلف يهودا فدخل على يوسف و كلمه حتى ارتفع الكلام بينه و بين يوسف و غضب و كانت على كتف يهودا شعرة فقامت الشعرة فأقبلت تقذف بالدم و كان لا يسكن حتى يمسه بعض أولاد يعقوب قال فكان بين يدي يوسف ابن له في يده رمانة من ذهب يلعب بها فلما رأى يوسف أن يهودا قد غضب و قامت الشعرة تقذف بالدم أخذ الرمانة من الصبي ثم دحرجها نحو يهودا و تبعها الصبي ليأخذها فوقعت يده على يد يهودا فذهب غضبه فارتاب يهودا و رجع الصبي بالرمانة إلى يوسف قال ثم ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا و قامت الشعرة تقذف بالدم فلما رأى ذلك يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا و تبعها الصبي ليأخذها فوقعت يده على يهودا فسكن غضبه و قال إن في البيت لمن ولد يعقوب حتى صنع ذلك ثلاث مرات

 بيان فَلا تَبْتَئِسْ أي لا تحزن افتعال من البؤس قال الطبرسي رحمه الله قيل إن السقاية هي المشربة التي كان يشرب منها الملك ثم جعل صاعا في السنين الشداد القحاط يكال به الطعام و قيل كان من ذهب عن أبي زيد و روي عن أبي عبد الله ع و قيل كان من فضة عن ابن عباس و الحسن و قيل كان من فضة مرصعة بالجواهر عن عكرمة انتهى. و أما قوله أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ فالظاهر أنه كان على وجه المصلحة تورية و كان وجه التورية فيه ما ورد في الأخبار أنه كان غرضه ع أنكم سرقتم يوسف من أبيه و قيل إنما قال ذلك بعض من فقد الصاع من قوم يوسف من غير أمره و قيل إن الكلام يجوز أن يكون خارجا مخرج الاستفهام كأنه قال أ إنكم لسارقون فأسقطت الهمزة و الأول هو الموافق لما ورد فيه من الأخبار. قال الطبرسي رحمه الله و متى قيل كيف جاز ليوسف أن يحزن والده و إخوته بهذا الصنيع و يجعلهم متهمين بالسرقة فالجواب أن الغرض فيه التسبب إلى احتباس أخيه عنده و يجوز أن يكون ذلك بأمر من الله و روي أنه أعلم أخاه بذلك ليجعله طريقا إلى التمسك به و إذا كان إدخال هذا الحزن سببا مؤديا إلى إزالة غموم كثيرة عن الجميع و لا شك أنه يتعلق به المصلحة فقد ثبت جوازه و أما التعرض للتهمة بالسرقة فغير صحيح فإن وجود السقاية في رحله يحتمل أمورا كثيرة غير السرقة فعلى هذا من حمله على السرقة مع علمه بأنهم أولاد الأنبياء توجهت اللائمة عليه انتهى. أقول العمدة في هذا الباب أن بعد ثبوت العصمة بالبراهين القاطعة لا مجال للاعتراض عليهم في أمثال ذلك و لكل منها وجوه و محامل يمكن حمله عليها بحيث لا ينافي علو شأنهم. قوله قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ أي قال إخوة يوسف جزاء السرقة السارق و هو الإنسان الذي وجد المسروق في رحله و معناه أن السنة كانت في آل يعقوب أن يستخدم السارق و يسترق على قدر سرقته و في دين الملك الضرب و الضمان و قيل كان يسترق سنة و قوله كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ تأكيد لبيان اطراد هذا الحكم عندهم و قيل إن ذلك جواب يوسف ع قوله تعالى ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ قال الرازي المعنى أنه كان حكم الملك في السارق أن يضرب و يغرم ضعفي ما سرق فما كان يوسف قادرا على حبس أخيه عند نفسه بناء على دين الملك و حكمه إلا أن الله تعالى كاد له و أجرى على لسان إخوته أن جزاء السارق هو الاسترقاق و هو معنى قوله إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ. ثم اعلم أنهم اختلفوا في قوله تعالى قالَ كَبِيرُهُمْ فقيل هو روبيل و كان كبيرهم في السن و قيل شمعون و كان رئيسهم و قيل يهودا و كان كبيرهم في العقل و قيل لاوي و لعله بني الكلام أولا على أحد القولين و ثانيا على القول الآخر و يحتمل أن يكون تخلف يهودا ثم لحقهم

 10-  فس، ]تفسير القمي[ فلما رجعوا إخوة يوسف إلى أبيهم و أخبروه بخبر أخيهم قال يعقوب بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ثم تَوَلَّى عَنْهُمْ وَ قالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ وَ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ يعني عميت من البكاء فَهُوَ كَظِيمٌ أي محزون و الأسف أشد الحزن و سئل أبو عبد الله ع ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف قال حزن سبعين ثكلى بأولادها و قال إن يعقوب لم يعرف الاسترجاع فمنها قال وا أسفاه على يوسف فقالوا له تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ أي لا تفتأ عن ذكر يوسف حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أي ميتا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ ف قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ

 تفسير بَلْ سَوَّلَتْ أي زينت و سهلت لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً أردتموه و قررتموه و إلا فما أدرى الملك أن السارق يؤخذ بسرقته فَصَبْرٌ جَمِيلٌ فأمري صبر جميل أو فصبر جميل أجمل عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً بيوسف و بنيامين و أخيهما الذي توقف بمصر إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ بحالي و حالهم الْحَكِيمُ في تدبيرها وَ تَوَلَّى عَنْهُمْ أي أعرض عنهم كراهة لما صادف منهم وَ قالَ يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ أي يا أسف تعال فهذا أوانك و الأسف أشد الحزن و الحسرة و الألف بدل من ياء المتكلم قال البيضاوي و في الحديث لم تعط أمة من الأمم إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ عند المصيبة إلا أمة محمد أ لا ترى إلى يعقوب حين أصابه ما أصاب لم يسترجع و قال يا أسفى انتهى. ثم اعلم أنه اختلف في قوله وَ ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ كما أن الشيعة اختلفوا في أنه هل يجوز على الأنبياء مثل هذا النقص في الخلقة قال الشيخ الطبرسي رحمه الله فقيل لا يجوز لأن ذلك ينفر و قيل يجوز أن لا يكون فيه تنفير و يكون بمنزلة سائر العلل و الأمراض انتهى فمن لا يجوز ذلك يقول إنه ما عمي و لكنه صار بحيث يدرك إدراكا ضعيفا أو يؤول بأن المراد أنه غلبه البكاء و عند غلبة البكاء يكثر الماء في العين فتصير العين كأنها ابيضت من بياض ذلك الماء و من يجوز ذلك يحملها على ظاهرها و الحق أنه لم يقم دليل على امتناع ذلك حتى نحتاج إلى تأويل الآيات و الأخبار الدالة على حصوله على أنه يحتمل أن يكون على وجه لا يكون نقص فيه و عيب في ظاهر الخلقة و الأنبياء ع يبصرون بقلوبهم ما يبصر غيرهم بعينه. قال البيضاوي في قوله تعالى تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ أي لا تفتأ و لا تزال تذكره تفجعا عليه فحذف لا حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً مشفيا على الهلاك و قيل الحرض الذي أذابه هم أو مرض أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ من الميتين قالَ إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي أي همي الذي لا أقدر الصبر عليه من البث بمعنى النشر انتهى. أقول على ما فسر علي بن إبراهيم الحرض لعله حمل الهلاك على الهلاك المعنوي بترك الصبر

 11-  فس، ]تفسير القمي[ حدثني أبي عن حنان بن سدير عن أبيه عن أبي جعفر ع قال قلت له أخبرني عن يعقوب حين قال لولده اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ أ كان علم أنه حي و قد فارقه منذ عشرين سنة و ذهبت عيناه عليه من البكاء قال نعم علم أنه حي حتى أنه دعا ربه في السحر أن يهبط عليه ملك الموت فهبط عليه ملك الموت بأطيب رائحة و أحسن صورة فقال له من أنت قال أنا ملك الموت أ ليس سألت الله أن ينزلني عليك قال نعم قال ما حاجتك يا يعقوب قال له أخبرني عن الأرواح تقبضها جملة أو تفاريقا قال تقبضها أعواني متفرقة و تعرض علي مجتمعة قال يعقوب فأسألك بإله إبراهيم و إسحاق و يعقوب هل عرض عليك في الأرواح روح يوسف فقال لا فعند ذلك علم أنه حي فقال لولده اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ و كتب عزيز مصر إلى يعقوب أما بعد فهذا ابنك اشتريته بثمن بخس دراهم و هو يوسف و اتخذته عبدا و هذا ابنك بنيامين قد سرق و أخذته فقد وجدت متاعي عنده و اتخذته عبدا فما ورد على يعقوب شي‏ء كان أشد عليه من ذلك الكتاب فقال للرسول مكانك حتى أجيبه فكتب إليه يعقوب ع بسم الله الرحمن الرحيم من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله أما بعد فقد فهمت كتابك تذكر فيه أنك اشتريت ابني و اتخذته عبدا و أن البلاء موكل ببني آدم إن جدي إبراهيم ألقاه نمرود ملك الدنيا في النار فلم يحترق و جعلها الله عليه بردا و سلاما و إن أبي إسحاق أمر الله جدي أن يذبحه بيده فلما أراد أن يذبحه فداه الله بكبش عظيم و إنه كان لي ولد لم يكن في الدنيا أحد أحب إلي منه و كان قرة عيني و ثمرة فؤادي فأخرجوه إخوته ثم رجعوا إلي و زعموا أن الذئب أكله فاحدودب لذلك ظهري و ذهب من كثرة البكاء عليه بصري و كان له أخ من أمه كنت آنس به فخرج مع إخوته إلى ما قبلك ليمتاروا لنا طعاما فرجعوا إلي و ذكروا أنه سرق صواع الملك و قد حبسته و إنا أهل بيت لا يليق بنا السرق و لا الفاحشة و أنا أسألك بإله إبراهيم و إسحاق و يعقوب إلا مننت علي به و تقربت إلى الله و رددته إلي فلما ورد الكتاب إلى يوسف أخذه و وضعه على وجهه و قبله و بكى بكاء شديدا ثم نظر إلى إخوته فقال لهم هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ ف قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ فقالوا له كما حكى الله عز و جل لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ أي لا تخليط يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ قال فلما ولى الرسول إلى الملك بكتاب يعقوب رفع يعقوب يده إلى السماء فقال يا حسن الصحبة يا كريم المعونة يا خير إله ائتني بروح منك و فرج من عندك فهبط جبرئيل عليه فقال له يا يعقوب أ لا أعلمك دعوات يرد الله عليك بصرك و ابنيك قال نعم قال قل يا من لم يعلم أحد كيف هو إلا هو يا من سد السماء بالهواء و كبس الأرض على الماء و اختار لنفسه أحسن الأسماء ائتني بروح منك و فرج من عندك قال فما انفجر عمود الصبح حتى أتي بالقميص فطرح عليه و رد الله عليه بصره و ولده

 بيان قال الطبرسي التثريب التوبيخ يقال ثرب و أثرب عن ابن الأعرابي و قيل التثريب اللوم و الإفساد و التقرير بالذنب قال أبو عبيدة و أصله الإفساد و قال تغلب ثرب فلان على فلان أي عدد عليه ذنوبه و قال أبو مسلم هو مأخوذ من الثرب و هو شحم الجوف فكأنه موضوع للمبالغة في اللوم و التعنيف و البلوغ بذلك إلى أقصى غاياته انتهى. أقول لعل مراده بالتخليط ما يرجع إلى الإفساد

 12-  فس، ]تفسير القمي[ و قال و لما أمر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه الله تأويل الرؤيا فكان يعبر لأهل السجن فلما سألاه الفتيان الرؤيا و عبر لهما و قال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك و لم يفزع في تلك الحال إلى الله فأوحى الله إليه من أراك الرؤيا التي رأيتها قال يوسف أنت يا رب قال فمن حببك إلى أبيك قال أنت يا رب قال فمن وجه إليك السيارة التي رأيتها قال أنت يا رب قال فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعلت لك من الجب فرجا قال أنت يا رب قال فمن أنطق لسان الصبي بعذرك قال أنت يا رب قال فمن ألهمك تأويل الرؤيا قال أنت يا رب قال فكيف استعنت بغيري و لم تستعن بي و أملت عبدا من عبيدي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي و في قبضتي و لم تفزع إلي البث في السجن بضع سنين فقال يوسف أسألك بحق آبائي عليك إلا فرجت عني فأوحى الله إليه يا يوسف و أي حق لآبائك علي إن كان أبوك آدم خلقته بيدي و نفخت فيه من روحي و أسكنته جنتي و أمرته أن لا يقرب شجرة منها فعصاني و سألني فتبت عليه و إن كان أبوك نوح انتجبته من بين خلقي و جعلته رسولا إليهم فلما عصوا و دعاني فاستجبت له و غرقتهم و أنجيته و من معه في الفلك و إن كان أبوك إبراهيم اتخذته خليلا و أنجيته من النار و جعلتها عليه بردا و سلاما و إن كان أبوك يعقوب وهبت له اثني عشر ولدا فغيبت عنه واحدا فما زال يبكي حتى ذهب بصره و قعد على الطريق يشكوني إلى خلقي فأي حق لآبائك علي قال فقال له جبرئيل قل يا يوسف أسألك بمنك العظيم و إحسانك القديم و لطفك العميم يا رحمان يا رحيم فقالها فرأى الملك الرؤيا فكان فرجه فيها

 و حدثني أبي عن العباس بن هلال عن أبي الحسن الرضا ع قال قال السجان ليوسف إني لأحبك فقال يوسف ما أصابني إلا من الحب إن كان خالتي أحبتني سرقتني و إن كان أبي أحبني فحسدوني إخوتي و إن كانت امرأة العزيز أحبتني فحبستني قال و شكا يوسف في السجن إلى الله فقال يا رب بما ذا استحققت السجن فأوحى الله إليه أنت اخترته حين قلت رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ هلا قلت العافية أحب إلي مما يدعونني إليه

 شي، ]تفسير العياشي[ عن العباس مثله بيان سرقتني بتشديد الراء قال الفيروزآبادي التسريق النسبة إلى السرقة

 13-  فس، ]تفسير القمي[ حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن الحسن بن عمارة عن أبي سيار عن أبي عبد الله ع قال لما طرح إخوة يوسف يوسف في الجب دخل عليه جبرئيل و هو في الجب فقال يا غلام من طرحك في هذا الجب فقال له يوسف إخوتي لمنزلتي من أبي حسدوني و لذلك في الجب طرحوني قال فتحب أن تخرج منها فقال له يوسف ذاك إلى إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب قال فإن إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب يقول لك قل اللهم إني أسألك بأن فإن لك الحمد كله لا إله إلا أنت الحنان المنان بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ صل على محمد و آل محمد و اجعل لي من أمري فرجا و مخرجا و ارزقني من حيث أحتسب و من حيث لا أحتسب فدعا ربه فجعل الله له من الجب فرجا و من كيد المرأة مخرجا و أعطاه ملك مصر من حيث لم يحتسب

 ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى ابن محبوب مثله شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي سيار مثله

 14-  فس، ]تفسير القمي[ و أما قوله اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَ أْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ

 فإنه حدثني أبي عن علي بن مهزيار عن إسماعيل السراج عن يونس بن يعقوب عن مفضل الجعفي عن أبي عبد الله ع قال قال أخبرني ما كان قميص يوسف قلت لا أدري قال إن إبراهيم لما أوقدت له النار أتاه جبرئيل بثوب من ثياب الجنة فألبسه إياه فلم يضره معه حر و لا برد فلما حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة و علقه على إسحاق و علقه إسحاق على يعقوب فلما ولد ليعقوب يوسف علقه عليه فكان في عنقه حتى كان من أمره ما كان فلما أخرج يوسف القميص من التميمة وجد يعقوب ريحه و هو قوله إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ و هو ذلك القميص الذي أنزل من الجنة قلت له جعلت فداك فإلى من صار ذلك القميص فقال إلى أهله ثم قال كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى محمد و كان يعقوب بفلسطين و فصلت العير من مصر فوجد يعقوب ريحه و هو من ذلك القميص الذي أخرج من الجنة و نحن ورثته

 شي، ]تفسير العياشي[ عن المفصل مثله ع، ]علل الشرائع[ المظفر عن ابن العياشي عن أبيه عن محمد بن نصير عن ابن عيسى عن ابن معروف عن ابن مهزيار مثله ك، ]إكمال الدين[ ماجيلويه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن محمد بن إسماعيل عن السراج مثله بيان قصة القميص على ما ورد في الخبر ذكرها العامة و الخاصة بطرق كثيرة و قال الطبرسي رحمه الله قوله لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ معناه لو لا أن تسفهوني عن ابن عباس و مجاهد و قيل لو لا أن تضعفوني في الرأي عن ابن إسحاق و قيل لو لا أن تكذبوني و الفند الكذب عن سعيد بن جبير و السدي و الضحاك و روي ذلك أيضا عن ابن عباس و قيل لو لا أن تهرموني عن الحسن و قتادة

 15-  فس، ]تفسير القمي[ أخبرنا الحسن بن علي عن أبيه عن الحسن بن بنت إلياس و إسماعيل بن همام عن أبي الحسن ع قال كانت الحكومة في بني إسرائيل إذا سرق أحد شيئا استرق به و كان يوسف عند عمته و هو صغير و كانت تحبه و كانت لإسحاق منطقة ألبسها يعقوب و كانت عند أخته و إن يعقوب طلب يوسف ليأخذه من عمته فاغتمت لذلك و قالت دعه حتى أرسله إليك و أخذت المنطقة و شدت بها وسطه تحت الثياب فلما أتى يوسف أباه جاءت و قالت قد سرقت المنطقة ففتشته فوجدتها معه في وسطه فلذلك قالت إخوة يوسف لما حبس يوسف أخاه حيث جعل الصاع في وعاء أخيه فقال يوسف ما جزاء من وجد في رحله قالوا هو جزاؤه السنة التي تجري فيهم فلذلك قال إخوة يوسف إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ

 ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن عبد الله بن محمد بن خالد عن الوشاء مثله شي، ]تفسير العياشي[ عن الوشاء بسندين مثله

 16-  فس، ]تفسير القمي[ قال علي بن إبراهيم ثم رحل يعقوب و أهله من البادية بعد ما رجع إليه بنوه بالقميص فألقوه عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً فقال لهم أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ قالُوا له يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ فقال لهم سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قال أخرهم إلى السحر لأن الدعاء و الاستغفار مستجاب فيه فلما وافى يعقوب و أهله و ولده مصر قعد يوسف على سريره و وضع تاج الملك على رأسه فأراد أن يراه أبوه على تلك الحالة فلما دخل أبوه لم يقم له فخروا كلهم له سجدا فقال يوسف يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَ قَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَ جاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَ بَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ

 و حدثني محمد بن عيسى عن يحيى بن أكثم سأل موسى بن محمد بن علي بن موسى مسائل فعرضها على أبي الحسن ع فكان أحدها أخبرني عن قول الله عز و جل وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً أ سجد يعقوب و ولده ليوسف و هم أنبياء فأجاب أبو الحسن ع أما سجود يعقوب و ولده فإنه لم يكن ليوسف و إنما كان ذلك من يعقوب و ولده طاعة لله و تحية ليوسف كما كان السجود من الملائكة لآدم و لم يكن لآدم و إنما كان منهم ذلك طاعة لله و تحية لآدم فسجد يعقوب و ولده و يوسف معهم شكرا لله لاجتماع شملهم أ لم تر أنه يقول في شكره ذلك الوقت رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ

 ف، ]تحف العقول[ عنه ع مثله

 شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن سعيد الأزدي صاحب موسى بن محمد بن الرضا عن موسى أنه قال لأخيه إن يحيى بن أكثم كتب إليه يسأله عن مسائل فقال أخبرني عن قول الله وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ و ذكر نحوه

 17-  فس، ]تفسير القمي[ فنزل عليه جبرئيل فقال له يا يوسف أخرج يدك فأخرجها فخرج من بين أصابعه نور فقال يوسف ما هذا يا جبرئيل فقال هذه النبوة أخرجها الله من صلبك لأنك لم تقم إلى أبيك فحط الله نوره و محا النبوة من صلبه و جعلها في ولد لاوي أخي يوسف و ذلك لأنهم لما أرادوا قتل يوسف قال لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَ أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ فشكر الله له ذلك و لما أرادوا أن يرجعوا إلى أبيهم من مصر و قد حبس يوسف أخاه قال فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ فشكر الله له ذلك فكان أنبياء بني إسرائيل من ولد لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ع و كان موسى من ولده و هو موسى بن عمران بن يهصر بن واهيث بن لاوي بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فقال يعقوب لابنه يا بني أخبرني ما فعل بك إخوتك حين أخرجوك من عندي قال يا أبت أعفني من ذلك قال أخبرني ببعضه فقال يا أبة إنهم لما أدنوني من الجب قالوا انزع قميصك فقلت لهم يا إخوتي اتقوا الله و لا تجردوني فسلوا علي السكين و قالوا لئن لم تنزع لنذبحنك فنزعت القميص و ألقوني في الجب عريانا قال فشهق يعقوب شهقة و أغمي عليه فلما أفاق قال يا بني حدثني فقال يا أبة أسألك بإله إبراهيم و إسحاق و يعقوب إلا أعفيتني فأعفاه قال و لما مات العزيز و ذلك في السنين الجدبة افتقرت امرأة العزيز و احتاجت حتى سألت الناس فقالوا لها ما يضرك لو قعدت للعزيز و كان يوسف سمي العزيز فقالت أستحيي منه فلم يزالوا بها حتى قعدت له فأقبل يوسف في موكبه فقامت إليه و قالت سبحان الذي جعل الملوك بالمعصية عبيدا و جعل العبيد بالطاعة ملوكا فقال لها يوسف أنت هاتيك فقالت نعم و كانت اسمها زليخا فأمر بها و حولت إلى منزله و كانت هرمة فقال لها يوسف أ لست فعلت بي كذا و كذا فقالت يا نبي الله لا تلمني فإني بليت بثلاثة لم يبل بها أحد قال و ما هي قالت بليت بحبك و لم يخلق الله في الدنيا لك نظيرا و بليت بأنه لم يكن بمصر امرأة أجمل مني و لا أكثر مالا مني نزع عني فقال لها يوسف فما حاجتك قالت تسأل الله أن يرد علي شبابي فسأل الله فرد عليها شبابها فتزوجها و هي بكر

 و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله قَدْ شَغَفَها حُبًّا يقول قد حجبها حبه عن الناس فلا تعقل غيره و الحجاب هو الشغاف و الشغاف هو حجاب القلب

 بيان المشهور بين المفسرين و اللغويين أن المراد شق شغاف قلبها و هو حجابه حتى وصل إلى فؤادها. و قوله حُبًّا نصبه على التمييز و ما ورد في الخبر يحتمل أن يكون بيانا لحاصل المعنى أي لما تعلق حبه بشغاف قلبها فكأنه حجبها عن أن تعقل و تتخيل غيره و يحتمل أن يكون الشغاف مستعملا هنا بمعنى مطلق الحجاب مجازا و يكون شغفها بمعنى حجبها. و قال الطبرسي روي عن علي و علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد ع و غيرهم قد شعفها بالعين قال الزجاج شعفها ذهب بها كل مذهب من شعفات الجبال أي رءوسها يقال فلان مشعوف بكذا أي قد ذهب به الحب أقصى المذاهب و قال ابن جني معناه وصل حبه إلى قلبها فكان يحرقه بحدته و أصله من البعير يهنأ بالقطران فتصل حرارة ذلك إلى قلبه

 18-  لي، ]الأمالي للصدوق[ محمد بن هارون الزنجاني عن معاذ بن المثنى العنبري عن عبد الله بن أسماء عن جويرية عن سفيان الثوري عن منصور عن أبي وائل عن وهب بن منبه قال وجدت في بعض كتب الله عز و جل أن يوسف ع مر في موكبه على امرأة العزيز و هي جالسة على مزبلة فقالت الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا و جعل العبيد بطاعتهم ملوكا أصابتنا فاقة فتصدق علينا فقال يوسف ع غموط النعم سقم دوامها فراجعي ما يمحص عنك دنس الخطيئة فإن محل الاستجابة قدس القلوب و طهارة الأعمال فقالت ما اشتملت بعد على هيئة التأثم و إني لأستحيي أن يرى الله لي موقف استعطاف و لها تهريق العين عبرتها و يؤدي الحسد ندامة فقال لها يوسف فجدي فالسبيل هدف الإمكان قبل مزاحمة العدة و نفاد المدة فقالت هو عقيدتي و سيبلغك إن بقيت بعدي فأمر لها بقنطار من ذهب فقالت القوت بتة ما كنت لأرجع إلى الخفض و أنا مأسورة فيالسخط فقال بعض ولد يوسف ليوسف يا أبة من هذه التي قد تفتت لها كبدي و رق لها قلبي قال هذه دابة الترح في حبال الانتقام فتزوجها يوسف ع فوجدها بكرا فقال أنى و قد كان لك بعل فقالت كان محصورا بفقد الحركة و صرد المجاري

 بيان غمط النعمة تحقيرها و البطر بها و ترك شكرها أي لما كفرت بأنعم الله و قابلتها بالمعاصي قطعها الله عنك فارجعي إلى ما يزيل عنك دنس الخطيئة أي التوبة و الندم و الاستغفار و تدارك ما قد مضى حتى يرد الله نعمه عليك فإنه لا يستجاب الدعاء بالمغفرة أو برجوع النعمة إلا بعد قدس القلوب من دنس الخطايا و آثارها و طهارة الأعمال و خلوصها عما يشوبها من الأغراض الفاسدة و السيئات الماحية فأجابته بما يؤيد ما أفاده ع حيث قالت ما اشتملت بعد على هيئة التأثم أي لما لم أقم بعد ما يوجب تدارك ما فات لم أطلب من الله المغفرة حياء مما صنعت. قال الفيروزآبادي يقال تأثم فلان إذا فعل فعلا خرج به عن الإثم انتهى. فأجابها ع بالأمر بالاجتهاد و السعي في العمل و بالحث على الرجاء من رحمة الله و علل بأن سبيل الطاعة و القرب هدف لسهام إمكان حصول المقاصد قبل مزاحمة العدة بالكسر أي قبل انتهاء الأجل و عدد أيام العمر و ساعاته و يحتمل الضم أيضا من الاستعداد أي قبل نفاد القوى و الجوارح و الأدوات التي بها يتيسر العمل. قولها إن بقيت بعدي بصيغة التكلم أي إن بقيت أنا بعد زماني هذا أو بصيغه الخطاب أي إن بقيت أنت بعد هذا الزمان أو بعد وفاتي لتطلع على جميع أحوال عمري ثم لما أمر ع لها بالقنطار لم تقبل و اعتذرت بأن الرزق المقدر على قدر الحاجة لا بد منه و الله تعالى يبعثه إلي و أما التوسع فيه فإنما هو للخفض و الراحة و طيب العيش و أنا ما أرجع إلى تلك الأحوال ما دمت مأسورة في إسار سخط الله و غضبه و التفتت التكسر و الترح ضد الفرح و الهلاك و الانقطاع أي هذه دابة قد وقعت في الحزن و الهلاك بسبب انتقامه تعالى منها و الصرد البرد أي كان عنينا بسبب البرودة المستولية على مزاجه و كان لا يتأتى منه تلك الحركة المعهودة

 19-  لي، ]الأمالي للصدوق[ العطار عن سعد عن ابن عبد الجبار عن ابن البطائني عن أبيه عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله الصادق ع ما كان دعاء يوسف ع في الجب فإنا قد اختلفنا فيه فقال إن يوسف ع لما صار في الجب و آيس من الحياة قال اللهم إن كانت الخطايا و الذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتا و لن تستجيب لي دعوة فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب فارحم ضعفه و اجمع بيني و بينه فقد علمت رقته علي و شوقي إليه قال ثم بكى أبو عبد الله الصادق ع ثم قال و أنا أقول اللهم إن كانت الخطايا و الذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتا فإني أسألك بك فليس كمثلك شي‏ء و أتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة يا الله يا الله يا الله يا الله يا الله ثم قال أبو عبد الله ع قولوا هذا و أكثروا منه فإني كثيرا ما أقوله عند الكرب العظام

 20-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن المتوكل عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عمن سمع أبا سيار يقول سمعت أبا عبد الله الصادق ع يقول جاء جبرئيل ع إلى يوسف ع و هو في السجن فقال قل في دبر كل صلاة مفروضة اللهم اجعل لي من أمري فرجا و مخرجا و ارزقني من حيث أحتسب و من حيث لا أحتسب ثلاث مرات

 21-  مصبا، ]المصباحين[ في اليوم الثالث من محرم كان خلاص يوسف ع من الجب على ما روي في الأخبار

 22-  ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال كان في قميص يوسف ثلاث آيات في قوله تعالى وَ جاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ و قوله عز و جل إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ الآية و قوله اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا الآية

 23-  لي، ]الأمالي للصدوق[ الطالقاني عن أحمد الهمداني عن المنذر بن محمد عن جعفر بن سليمان عن عبد الله بن المفضل عن أبان بن عثمان عن ابن تغلب عن ابن جبير عن ابن عباس قال لما أصاب آل يعقوب ما أصاب الناس من ضيق الطعام جمع يعقوب بنيه فقال لهم يا بني إنه بلغني أنه يباع بمصر طعام طيب و أن صاحبه رجل صالح لا يحبس الناس فاذهبوا إليه و اشتروا منه طعاما فإنه سيحسن إليكم إن شاء الله فتجهزوا و ساروا حتى وردوا مصر فأدخلوا على يوسف ع فَعَرَفَهُمْ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ فقال لهم من أنتم قالوا نحن أولاد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن و نحن من جبل كنعان قال يوسف ولدكم إذا ثلاثة أنبياء و ما أنتم بحلماء و لا فيكم وقار و لا خشوع فلعلكم جواسيس لبعض الملوك جئتم إلى بلادي فقالوا أيها الملك لسنا بجواسيس و لا أصحاب الحرب و لو تعلم بأبينا إذا لكرمنا عليك فإنه نبي الله و ابن أنبيائه و إنه لمحزون قال لهم يوسف فمما حزنه و هو نبي الله و ابن أنبيائه و الجنة مأواه و هو ينظر إليكم في مثل عددكم و قوتكم فلعل حزنه إنما هو من قبل سفهكم و جهلكم و كذبكم و كيدكم و مكركم قالوا أيها الملك لسنا بجهال و لا سفهاء و لا أتاه الحزن من قبلنا و لكن كان له ابن كان أصغرنا سنا يقال له يوسف فخرج معنا إلى الصيد فأكله الذئب فلم يزل بعده كئيبا حزينا باكيا فقال لهم يوسف ع كلكم من أب واحد قالوا أبونا واحد و أمهاتنا شتى قال فما حمل أباكم على أن سرحكم كلكم إلا حبس منكم واحدا يأنس به و يستريح إليه قالوا قد فعل قد حبس منا واحدا هو أصغرنا سنا قال و لم اختاره لنفسه من بينكم قالوا لأنه أحب أولاده إليه بعد يوسف فقال لهم يوسف ع إني أحبس منكم واحدا يكون عندي و ارجعوا إلى أبيكم و أقرءوه مني السلام و قولوا له يرسل إلي بابنه الذي زعمتم أنه حبسه عنده ليخبرني عن حزنه ما الذي أحزنه و عن سرعة الشيب إليه قبل أوان مشيبه و عن بكائه و ذهاب بصره فلما قال هذا اقترعوا بينهم فخرجت القرعة على شمعون فأمر به فحبس فلما ودعوا شمعون قال لهم يا إخوتاه انظروا ما ذا وقعت فيه و أقرءوا والدي مني السلام فودعوه و ساروا حتى وردوا الشام و دخلوا على يعقوب ع و سلموا عليه سلاما ضعيفا فقال لهم يا بني ما لكم تسلمون سلاما ضعيفا و ما لي لا أسمع فيكم صوت خليلي شمعون قالوا يا أبانا إنا جئناك من عند أعظم الناس ملكا لم ير الناس مثله حكما و علما و خشوعا و سكينة و وقارا و لئن كان لك شبيه فإنه لشبيهك و لكنا أهل بيت خلقنا للبلاء اتهمنا الملك و زعم أنه لا يصدقنا حتى ترسل معنا بابن يامين برسالة منك يخبره عن حزنك و

 عن سرعة الشيب إليك قبل أوان المشيب و عن بكائك و ذهاب بصرك فظن يعقوب أن ذلك مكر منهم فقال لهم يا بني بئس العادة عادتكم كلما خرجتم في وجه نقص منكم واحد لا أرسله معكم ف لَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ من غير علم منهم أقبلوا إلى أبيهم فرحين قالوا يا أبانا ما رأى الناس مثل هذا الملك أشد اتقاء للإثم منه رد علينا بضاعتنا مخافة الإثم و هي بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا وَ نَمِيرُ أَهْلَنا وَ نَحْفَظُ أَخانا وَ نَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ قال يعقوب قد علمتم أن ابن يامين أحبكم إلي بعد أخيكم يوسف و به أنسي و إليه سكوني من بين جماعتكم ف لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فضمنه يهودا فخرجوا حتى وردوا مصر فدخلوا على يوسف ع فقال لهم هل بلغتم رسالتي قالوا نعم و قد جئناك بجوابها مع هذا الغلام فسله عما بدا لك قال له يوسف بما أرسلك أبوك إلي يا غلام قال أرسلني إليك يقرئك السلام و يقول إنك أرسلت إلي تسألني عن حزني و عن سرعة الشيب إلي قبل أوان المشيب و عن بكائي و ذهاب بصري فإن أشد الناس حزنا و خوفا أذكرهم للمعاد و إنما أسرع الشيب إلي قبل أوان المشيب لذكر يوم القيامة و أبكاني و بيض عيني الحزن على حبيبي يوسف و قد بلغني حزنك بحزني و اهتمامك بأمري فكان الله لك جازيا و مثيبا و إنك لن تصلني بشي‏ء أنا أشد فرحا به من أن تعجل على ولدي ابن يامين فإنه أحب أولادي إلي بعد يوسف فأونس به وحشتي و أصل به وحدتي تعجل علي بما أستعين به على عيالي فلما قال هذا خنقت يوسف ع العبرة و لم يصبر حتى قام فدخل البيت و بكى ساعة ثم خرج إليهم و أمر لهم بطعام و قال ليجلس كل بني أم على مائدة فجلسوا و بقي ابن يامين قائما فقال له يوسف ما لك لم تجلس فقال له ليس لي فيهم ابن أم فقال له يوسف أ فما كان لك ابن أم فقال له ابن يامين بلى فقال له يوسف فما فعل قال زعم هؤلاء أن الذئب أكله قال فما بلغ من حزنك عليه قال ولد لي اثنا عشر ابنا كلهم أشتق له اسما من اسمه

 فقال له يوسف ع أراك قد عانقت النساء و شممت الولد من بعده فقال له ابن يامين إن لي أبا صالحا و إنه قال لي تزوج لعل الله عز و جل يخرج منك ذرية يثقل الأرض بالتسبيح فقال له يوسف تعال فاجلس على مائدتي فقال إخوة يوسف لقد فضل الله يوسف و أخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته فأمر يوسف أن يجعل صواع الملك في رحل ابن يامين فلما تجهزوا أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قالُوا وَ أَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَ ما كُنَّا سارِقِينَ و كان الرسم فيهم و الحكم أن السارق يسترق و لا يقطع قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ فحبسه فقال إخوته لما أصابوا الصواع في وعاء ابن يامين إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ إِنَّا إِذاً لَظالِمُونَ فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَ لَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَ مِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ ارْجِعُوا إِلى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يا أَبانا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ وَ ما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا وَ ما كُنَّا لِلْغَيْبِ حافِظِينَ وَ سْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها وَ الْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها وَ إِنَّا لَصادِقُونَ فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا ذلك له قال إن ابني لا يسرق بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ثم أمر بنيه بالتجهيز إلى مصر فساروا حتى أتوا مصر فدخلوا على يوسف و دفعوا إليه كتابا من يعقوب يستعطفه فيه و يسأله رد ولده عليه فلما نظر فيه خنقته العبرة و لم

 يصبر حتى قام فدخل البيت فبكى ساعة ثم خرج إليهم فقالوا له يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ فقال لهم يوسف هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ثم أمرهم بالانصراف إلى يعقوب و قال لهم اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَ أْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ فهبط جبرئيل على يعقوب ع فقال يا يعقوب أ لا أعلمك دعاء يرد الله عليك به بصرك و يرد عليك ابنيك قال بلى قال قل ما قاله أبوك آدم فتاب الله عليه و ما قاله نوح فاستوت به سفينته على الجودي و نجا من الغرق و ما قاله أبوك إبراهيم خليل الرحمن حين ألقي في النار فجعله الله عليه بردا و سلاما فقال يعقوب و ما ذاك يا جبرئيل فقال قل يا رب أسألك بحق محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين أن تأتيني بيوسف و ابن يامين جميعا و ترد علي عيني فما استتم يعقوب هذا الدعاء حتى جاء البشير فألقى قميص يوسف عليه فَارْتَدَّ بَصِيراً فقال لهم أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فروي في خبر عن الصادق ع أنه قال أخرهم إلى السحر فأقبل يعقوب إلى مصر و خرج يوسف ليستقبله فهم بأن يترجل ليعقوب ثم ذكر ما هو فيه من الملك فلم يفعل فنزل عليه جبرئيل ع فقال له يا يوسف إن الله عز و جل يقول لك ما منعك أن تنزل إلى عبدي الصالح ما كنت فيه ابسط يدك فبسطها فخرج من بين أصابعه نور فقال ما هذا يا جبرئيل فقال هذا أنه لا يخرج من صلبك نبي أبدا عقوبة بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه فقال يوسف ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً فقال يوسف ليعقوب يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا إلى قوله تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ فروي في خبر عن الصادق ع أنه قال دخل يوسف السجن و هو ابن اثنتي عشرة سنة و مكث فيه ثمان عشرة سنة و بقي بعد خروجه ثمانين سنة فذلك مائة سنة و عشر سنين

 توضيح ذلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ قال البيضاوي أي مكيل قليل لا يكفينا استقلوا ما كيل لهم فأرادوا أن يضاعفوه بالرجوع إلى الملك و يزدادوا إليه ما يكال لأخيهم و يجوز أن يكون الإشارة إلى كَيْلَ بَعِيرٍ أي ذلك شي‏ء قليل لا يضايقنا فيه الملك و لا يتعاظمه و قيل إنه من كلام يعقوب و معناه و إن حمل بعير شي‏ء يسير لا يخاطر لمثله بالولد قوله تعالى خَلَصُوا نَجِيًّا أي تخلصوا و اعتزلوا متناجين انتهى. و قال السيد قدس الله روحه فإن قيل ما الوجه في طلب يوسف ع أخاه من إخوته ثم حبسه له عن الرجوع إلى أبيه مع علمه بما يلحقه عليه من الحزن و هل هذا إلا إضرار به و بأبيه قلنا الوجه في ذلك ظاهر لأن يوسف ع لم يفعل ذلك إلا بوحي من الله تعالى إليه و ذلك امتحان منه لنبيه يعقوب ع و ابتلاء لصبره و تعريض للعالي من منزلة الثواب و نظير ذلك امتحانه ع بأن صرف عنه خبر يوسف طول تلك المدة حتى ذهب بصره بالبكاء عليه و إنما أمرهم يوسف ع بأن يلطفوا بأبيهم في إرساله من غير أن يكذبوه أو يخدعوه فإن قيل أ ليس قد قالوا له سنراود أباه و المراودة هي الخداع و المكر قلنا ليس المراودة على ما ظننتم بل هي التلطف و التسبب و الاحتيال و قد يكون ذلك من جهة الصدق و الكذب جميعا و إنما أمرهم بفعله على أحسن الوجوه فإن خالفوه فلا لوم إلا عليهم. فإن قيل فما بال يوسف لم يعلم أباه ع بخبره لتسكن نفسه و يزول وجده مع علمه بشدة تحرقه و عظم قلقه قلنا في ذلك وجهان أحدهما أن ذلك كان له ممكنا و كان عليه قادرا فأوحى الله تعالى إليه بأن يعدل عن اطلاعه على خبره تشديدا للمحنة عليه و تعريضا للمنزلة الرفيعة في البلوى و له تعالى أن يصعب التكليف و أن يسهله و الجواب الآخر أنه جائز أن يكون ع لم يتمكن من ذلك و لا قدر عليه فلذلك عدل عنه

 24-  ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن أحمد بن عبيد الله العلوي عن علي بن محمد العلوي العمري عن إسماعيل بن همام قال قال الرضا ع في قول الله عز و جل قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَ لَمْ يُبْدِها لَهُمْ قال كانت لإسحاق النبي ع منطقة تتوارثها الأنبياء الأكابر و كانت عند عمة يوسف و كان يوسف عندها و كانت تحبه فبعث إليها أبوه ابعثيه إلي و أرده إليك فبعثت إليه دعه عندي الليلة أشمه ثم أرسله إليك غداة قال فلما أصبحت أخذت المنطقة فشدتها في وسطه تحت الثياب و بعثت به إلى أبيه فلما خرج من عندها طلبت المنطقة فوجدت عليه و كان إذا سرق أحد في ذلك الزمان دفع إلى صاحب السرقة فكان عبده

 شي، ]تفسير العياشي[ عن إسماعيل مثله 25-  ل، ]الخصال[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن علي بن محمد عن رجل عن سليمان بن زياد المنقري عن عمرو بن شمر عن إسماعيل السدي عن عبد الرحمن بن سابط القرشي عن جابر بن عبد الله الأنصاري في قول الله عز و جل حكاية عن يوسف إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ فقال في تسمية النجوم هو الطارق و جوبان و الذيال و ذو الكنفان و قابس و وثاب و عمودان و فيلق و مصبح و الصدح و ذو الفزع و الضياء و النور يعني الشمس و القمر و كل هذه الكواكب محيطة بالسماء

 26-  ل، ]الخصال[ عبد الله بن حامد عن محمد بن جعفر عن الحسن بن عرفة عن الحكم بن ظهير عن السدي عن عبد الرحمن بن سابط القرشي عن جابر بن عبد الله قال أتى النبي ص رجل من اليهود يقال له بستان اليهودي فقال يا محمد أخبرني عن الكواكب التي رآها يوسف أنها ساجدة له ما أسماؤهما فلم يجبه نبي الله يومئذ في شي‏ء و نزل جبرئيل بعد فأخبر النبي ص بأسمائها قال فبعث نبي الله إلى بستان فلما أن جاء قال النبي ص هل أنت مسلم إن أخبرتك بأسمائها قال فقال له نعم فقال له النبي ص جربان و الطارق و الذيال و ذو الكنفان و قابس و وثاب و عمودان و الفيلق و المصبح و الضروح و ذو الفزع و الضياء و النور رآها في أفق السماء ساجدة له فلما قصها يوسف ع على يعقوب ع قال يعقوب هذا أمر متشتت يجمعه الله عز و جل بعد قال فقال بستان و الله إن هذه لأسماؤها

  بيان في البيضاوي ذو الكتفين و في العرائس ذو الكنفات و في أكثر نسخ البيضاوي الفليق و في العرائس كما في الخبر

 27-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن محمد بن سهل البحراني يرفعه إلى أبي عبد الله ع قال البكاءون خمسة آدم و يعقوب و يوسف و فاطمة بنت محمد ص و علي بن الحسين ع فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية و أما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره و حتى قيل له تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ و أما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن فقالوا له إما أن تبكي الليل و تسكت بالنهار و إما أن تبكي النهار و تسكت بالليل فصالحهم على واحدة منهما و أما فاطمة فبكت على رسول الله ص حتى تأذى به أهل المدينة فقالوا لها قد آذيتنا بكثرة بكائك فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشهداء فتبكي حتى تنقضي حاجتها ثم تنصرف و أما علي بن الحسين ع فبكى على الحسين عشرين سنة أو أربعين سنة ما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قال له مولى له جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الجاهلين قال إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ إني ما أذكر مصرع بني فاطمة إلا خنقتني لذلك عبرة

 28-  سن، ]المحاسن[ عدة من أصحابنا عن ابن أسباط عن عمه يعقوب بن سالم عن إسحاق بن عمار عن الكاهلي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن يعقوب لما ذهب منه ابن يامين نادى يا رب أ ما ترحمني أذهبت عيني و أذهبت ابني فأوحى الله تبارك و تعالى إليه لو أمتهما لأحييتهما حتى أجمع بينك و بينهما و لكن أ ما تذكر الشاة ذبحتها و شويتها و أكلت و فلان إلى جنبك صائم لم تنله منها شيئا

 قال ابن أسباط قال يعقوب حدثني الميثمي عن أبي عبد الله ع أن يعقوب بعد ذلك كان ينادي مناديه كل غداة من منزله على فرسخ أ لا من أراد الغداء فليأت آل يعقوب و إذا أمسى نادى أ لا من أراد العشاء فليأت آل يعقوب

 29-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن البرقي عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عمن ذكره عن أبي جعفر ع قال إن الله تبارك و تعالى لم يبعث أنبياء ملوكا في الأرض إلا أربعة بعد نوح ذو القرنين و اسمه عياش و داود و سليمان و يوسف ع فأما عياش فملك ما بين المشرق و المغرب و أما داود فملك ما بين الشامات إلى بلاد إصطخر و كذلك ملك سليمان و أما يوسف فملك مصر و براريها لم يجاوزها إلى غيرها

 30-  ع، ]علل الشرائع[ القطان عن السكري عن الجوهري عن ابن عمارة عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال كان يعقوب و عيص توأمين فولد عيص ثم ولد يعقوب فسمي يعقوب لأنه خرج بعقب أخيه عيص و يعقوب هو إسرائيل و معنى إسرائيل عبد الله لأن الإسرا هو عبد و إيل هو الله عز و جل و روي في خبر آخر أن الإسرا هو القوة و إيل هو الله عز و جل فمعنى إسرائيل قوة الله عز و جل

 31-  ع، ]علل الشرائع[ عبد الله بن حامد عن خلف بن محمد بن إسماعيل عن محمد بن علي بن حمزة الأنصاري عن عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي عن بشر بن أبي بكر عن أبي بكر بن أبي مريم عن سعيد بن عمرو الأنصاري عن أبيه عن كعب الأخبار في حديث طويل يقول فيه إنما سمي إسرائيل إسرائيل الله لأن يعقوب كان يخدم بيت المقدس و كان أول من يدخل و آخر من يخرج و كان يسرج القناديل و كان إذا كان بالغداة رآها مطفأة قال فبات ليلة في مسجد بيت المقدس فإذا بجني يطفئها فأخذه فأسره إلى سارية في المسجد فلما أصبحوا رأوه أسيرا و كان اسم الجني إيل فسمي إسرائيل لذلك

 32-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ في رواية عبد الله بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه ع قال قال يعقوب لابنه يوسف يا بني لا تزن فإن الطير لو زنى لتناثر ريشه

 33-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد و سهل بن زياد جميعا عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع جاء رجل إلى رسول الله ص فقال يا نبي الله إن لي ابنة عم قد رضيت جمالها و حسنها و دينها و لكنها عاقر فقال لا تتزوجها إن يوسف بن يعقوب لقي أخاه فقال يا أخي كيف استطعت أن تتزوج النساء بعدي فقال إن أبي أمرني و قال إن استطعت أن تكون لك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح فافعل

 34-  كا، ]الكافي[ العدة عن البرقي عن التفليسي عن السمندي عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص خير وقت دعوتم الله فيه الأسحار و تلا هذه الآية في قول يعقوب ع سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي فقال أخرهم إلى السحر

 35-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالأسانيد الثلاثة عن الرضا ع عن آبائه عن علي بن الحسين ع أنه قال في قول الله عز و جل لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ قال قامت امرأة العزيز إلى الصنم فألقت عليه ثوبا فقال لها يوسف ما هذا فقالت أستحي من الصنم أن يرانا فقال لها يوسف أ تستحيين من لا يسمع و لا يبصر و لا يفقه و لا يأكل و لا يشرب و لا أستحي أنا ممن خلق الإنسان و علمه فذلك قوله عز و جل لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ

 صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عنه ع مثله

  -36  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بهذا الإسناد عن علي بن الحسين ع أنه قال أخذ الناس ثلاثة من ثلاثة أخذوا الصبر عن أيوب ع و الشكر عن نوح ع و الحسد عن بني يعقوب

 صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عنه ع مثله

 37-  ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن محمد بن نصير عن الحسن بن موسى قال روى أصحابنا عن الرضا ع أنه قال له رجل أصلحك الله كيف صرت إلى ما صرت إليه من المأمون و كأنه أنكر ذلك عليه فقال له أبو الحسن الرضا ع يا هذا أيهما أفضل النبي أو الوصي قال لا بل النبي قال فأيهما أفضل مسلم أو مشرك قال لا بل مسلم قال فإن العزيز عزيز مصر كان مشركا و كان يوسف ع نبيا و إن المأمون مسلما و أنا وصي و يوسف سأل العزيز أن يوليه حين قال اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ و أنا أجبرت على ذلك و قال ع في قوله اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ قال حافظ لما في يدي عالم بكل لسان

 شي، ]تفسير العياشي[ عن الحسن بن موسى مثله بيان قال السيد قدس الله روحه فإن قيل ما معنى قول يوسف ع للعزيز اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ و كيف يجوز أن يطلب الولاية من قبل الظالم قلنا إنما التمس تمكينه من خزائن الأرض ليحكم فيها بالعدل و ليصرفها إلى مستحقيها و كان ذلك له من غير ولاية و إنما سأل الولاية ليتمكن من الحق الذي له أن يفعله و لمن لم يتمكن من إقامة الحق و الأمر بالمعروف أن يتسبب إليه و يتوصل إلى فعله فلا لوم في ذلك على يوسف ع و لا حرج

 38-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الفحام عن المنصوري عن موسى بن عيسى بن أحمد عن علي بن محمد العسكري عن آبائه عن الصادق ع في قول الله عز و جل في قول يعقوب فَصَبْرٌ جَمِيلٌ قال بلا شكوى

 39-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن الأهوازي عن ابن أبي عمير عن البطائني عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله ع عن دعاء يوسف ع ما كان فقال إن دعاء يوسف ع كان كثيرا لكنه لما اشتد عليه الحبس خر لله ساجدا و قال اللهم إن كانت الذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتا فأنا أتوجه إليك بوجه الشيخ يعقوب قال ثم بكى أبو عبد الله ع و قال صلى الله على يعقوب و على يوسف و أنا أقول اللهم بالله و برسوله ص

 40-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن موسى بن الحسن عن محمد بن أحمد بن أبي محمود عن أبيه رفعه عن أبي عبد الله ع قال إن يوسف ع لما أن كان في السجن شكا إلى ربه عز و جل أكل الخبز وحده و سأل إداما يأتدم به و قد كان كثر عنده قطع الخبز اليابس فأمره أن يأخذ الخبز و يجعله في إجانة و يصب عليه الماء و الملح فصار مريا و جعل يأتدم به ع

 بيان قال الفيروزآبادي المري كدري إدام كالكامخ أقول هو الذي يقال له بالفارسية آب كامه

41-  قل، ]إقبال الأعمال[ عن المفيد في كتاب حدائق الرياض في اليوم الثالث من المحرم كان خلاص يوسف ع من الجب

 42-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن محمد بن جعفر بن رباح الأشجعي عن عباد بن يعقوب الأسدي عن أرطاة بن جندب عن زياد بن المنذر عن أبي جعفر محمد بن علي ع قال لما أصابت امرأة العزيز الحاجة قيل لها لو أتيت يوسف بن يعقوب فشاورت في ذلك فقيل لها إنا نخافه عليك قالت كلا إني لا أخاف من يخاف الله فلما دخلت عليه فرأته في ملكه قالت الحمد لله الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته و جعل الملوك عبيدا بالمعصية فتزوجها فوجدها بكرا فقال لها أ ليس هذا أحسن أ ليس هذا أجمل فقالت إني كنت بليت منك بأربع خلال كنت أجمل أهل زماني و كنت أجمل أهل زمانك و كنت بكرا و كان زوجي عنينا فلما كان من أمر إخوة يوسف ما كان كتب يعقوب ع إلى يوسف ع و هو لا يعلم أنه يوسف بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله عز و جل إلى عزيز آل فرعون سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنا أهل بيت مولعة بنا أسباب البلاء كان جدي إبراهيم ألقي في النار في طاعة ربه فجعلها الله عز و جل عليه بردا و سلاما و أمر الله جدي أن يذبح أبي ففداه بما فداه به و كان لي ابن و كان من أعز الناس علي ففقدته فأذهب حزني عليه نور بصري و كان له أخ من أمه فكنت إذا ذكرت المفقود ضممت أخاه هذا إلى صدري فأذهب عني بعض وجدي و هو المحبوس عندك في السرقة و إني أشهدك أني لم أسرق و لم ألد سارقا فلما قرأ يوسف الكتاب بكى و صاح و قال اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَ أْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ

 43-  دعوات الراوندي، عن أبي عبد الله بن موسى قال لما كان من أمر إخوة يوسف ما كان و ساق الحديث إلى قوله من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله إلى قوله و كان لي ابن و كان من أحب الناس إلي إلى قوله و هو من المحبوسين عندك إني أخبرك أني لم أسرق و لم ألد سارقا فلما قرأ يوسف كتابه بكى و كتب إليه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ اصبر كما صبروا تظفر كما ظفروا فلما انتهى الكتاب إلى يعقوب قال و الله ما هذا بكلام الملوك و الفراعنة بل هو كلام الأنبياء و أولاد الأنبياء فحينئذ قال يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ

 44-  و منه قال سأل بعضهم فقيل إن إخوة يوسف ع ألقوه في الجب و باعوه و لم يصبهم شي‏ء من البلاء و أصاب البلاء كله يوسف و حبس في السجن و ابتلي بسائر البلاء فما الحكمة في ذلك فقال لأنهم لم يكونوا أهلا له لا كل بدن يصلح لبليته

 45-  و عن ابن عباس قال مكث يوسف ع في منزل الملك و زليخا ثلاث سنين ثم أحبته فراودته فبلغنا و الله أعلم أنها مكثت سبع سنين على صدر قدميها و هو مطرق إلى الأرض لا يرفع طرفه إليها مخافة من ربه فقالت يوما ارفع طرفك و انظر إلي قال أخشى العمى في بصري قالت ما أحسن عينيك قال هما أول ساقط على خدي في قبري قالت ما أطيب ريحك قال لو سمعت رائحتي بعد ثلاث من موتي لهربت مني قالت لم لا تقرب مني قال أرجو بذلك القرب من ربي قالت فرشي الحرير فقم و اقض حاجتي قال أخشى أن يذهب من الجنة نصيبي قالت أسلمك إلى المعذبين قال إذا يكفيني ربي

 46-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن أحمد بن محمد بن عبد الخالق عن الوليد بن شجاع عن محمد بن حسين عن موسى بن سعيد الرقاشي قال لما قدم يعقوب ع خرج يوسف ع فاستقبله في موكبه فمر بامرأة العزيز و هي تعبد في غرفة لها فلما رأته عرفته فنادته بصوت حزين أيها الذاهب طال ما أحزنتني ما أحسن التقوى كيف حرر العبيد و أقبح الخطيئة كيف عبدت الأحرار

 47-  كا، ]الكافي[ العدة عن البرقي عن عبد الرحمن بن حماد عن يونس بن يعقوب عن سهل عن رجل عن أبي عبد الله ع قال لما صارت الأشياء ليوسف بن يعقوب ع جعل الطعام في بيوت و أمر بعض وكلائه يبيع فكان يقول بع بكذا و كذا و السعر قائم فلما علم أنه يزيد في ذلك اليوم كره أن يجري الغلاء على لسانه فقال له اذهب فبع و لم يسم له سعرا فذهب الوكيل غير بعيد ثم رجع إليه فقال له اذهب و بع و كره أن يجري الغلاء على لسانه فذهب الوكيل فجاء أول من اكتال فلما بلغ دون ما كال بالأمس بمكيال قال المشتري حسبك إنما أردت بكذا و كذا فعلم الوكيل أنه قد غلا بمكيال ثم جاءه آخر فقال له كل لي فكال فلما بلغ دون الذي كال للأول بمكيال قال له المشتري حسبك إنما أردت بكذا و كذا فعلم الوكيل أنه قد غلا بمكيال حتى صار إلى واحد بواحد

 48-  ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن الحميري عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن مالك بن عطية عن الثمالي قال صليت مع علي بن الحسين ع الفجر بالمدينة يوم جمعة فلما فرغ من صلاته و سبحته نهض إلى منزله و أنا معه فدعا مولاة له تسمى سكينة فقال لها لا يعبر على بابي سائل إلا أطعمتموه فإن اليوم يوم الجمعة قلت له ليس كل من يسأل مستحقا فقال يا ثابت أخاف أن يكون بعض من يسألنا مستحقا فلا نطعمه و نرده فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب و آله أطعموهم أطعموهم إن يعقوب كان يذبح كل يوم كبشا فيتصدق منه و يأكل هو و عياله منه و إن سائلا مؤمنا صواما مستحقا له عند الله منزلة و كان مجتازا غريبا اعتر على باب يعقوب عشية جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه أطعموا السائل المجتاز الغريب الجائع من فضل طعامكم يهتف بذلك على بابه مرارا و هم يسمعونه قد جهلوا حقه و لم يصدقوا قوله فلما يئس أن يطعموه و غشيه الليل استرجع و استعبر و شكا جوعه إلى الله عز و جل و بات طاويا و أصبح صائما جائعا صابرا حامدا لله تعالى و بات يعقوب و آل يعقوب شباعا بطانا و أصبحوا و عندهم فضلة من طعامهم قال فأوحى الله عز و جل إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلة استجررت بها غضبي و استوجبت بها أدبي و نزول عقوبتي و بلواي عليك و على ولدك يا يعقوب إن أحب أنبيائي إلي و أكرمهم علي من رحم مساكين عبادي و قربهم إليه و أطعمهم و كان لهم مأوى و ملجأ يا يعقوب أ ما رحمت ذميال عبدي المجتهد في عبادته القانع باليسير من ظاهر الدنيا عشاء أمس لما اعتر ببابك عند أوان إفطاره و هتف بكم أطعموا السائل الغريب المجتاز القانع فلم تطعموه شيئا فاسترجع و استعبر و شكا ما به إلي و بات طاويا حامدا لي و أصبح لي صائما و أنت يا يعقوب و ولدك شباع و أصبحت عندكم فضلة من طعامكم أ و ما علمت يا يعقوب أن العقوبة و البلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي و ذلك حسن النظر مني لأوليائي و استدراج مني لأعدائي أما و عزتي لأنزل بك بلواي و لأجعلنك و ولدك غرضا لمصائبي و لأوذينك بعقوبتي فاستعدوا لبلواي و ارضوا بقضائي و اصبروا للمصائب فقلت لعلي بن الحسين ع جعلت فداك متى رأى يوسف الرؤيا فقال في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب و آل يعقوب شباعا و بات فيها ذميال طاويا جائعا فلما رأى يوسف الرؤيا و أصبح يقصها على أبيه يعقوب فاغتم يعقوب لما سمع من يوسف مع ما أوحى الله عز و جل إليه أن استعد للبلاء فقال يعقوب ليوسف لا تقصص رؤياك هذه على إخوتك فإني أخاف أن يكيدوا لك كيدا فلم يكتم يوسف رؤياه و قصها على إخوته قال علي بن الحسين ع و كانت أول بلوى نزلت بيعقوب و آل يعقوب الحسد ليوسف لما سمعوا منه الرؤيا قال فاشتدت رقة يعقوب على يوسف و خاف أن يكون ما أوحى الله عز و جل إليه من

 الاستعداد للبلاء هو في يوسف خاصة فاشتدت رقته عليه من بين ولده فلما رأى إخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف و تكرمته إياه و إيثاره إياه عليهم اشتد ذلك عليهم و بدا البلاء فيهم فتآمروا فيما بينهم و قالوا إن يوسف و أخاه أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَ تَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ أي تتوبون فعند ذلك قالوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَ إِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ فقال يعقوب إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَ أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ فانتزعه حذرا عليه منه من أن تكون البلوى من الله على يعقوب في يوسف خاصة لموقعه من قلبه و حبه له قال فغلبت قدرة الله و قضاؤه و نافذ أمره في يعقوب و يوسف و إخوته فلم يقدر يعقوب على دفع البلاء عن نفسه و لا عن يوسف و ولده فدفعه إليهم و هو لذلك كاره متوقع للبلوى من الله في يوسف فلما خرجوا من منزلهم لحقهم مسرعا فانتزعه من أيديهم فضمه إليه و اعتنقه و بكى و دفعه إليهم فانطلقوا به مسرعين مخافة أن يأخذه منهم و لا يدفعه إليهم فلما أمعنوا به أتوا به غيضة أشجار فقالوا نذبحه و نلقيه تحت هذه الشجرة فيأكله الذئب الليلة فقال كبيرهم لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَ لكن أَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ فانطلقوا به إلى الجب فألقوه و هم يظنون أنه يغرق فيه فلما صار في قعر الجب ناداهم يا ولد رومين أقرءوا يعقوب عني السلام فلما سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض لا تزالوا من هاهنا حتى تعلموا أنه قد مات فلم يزالوا بحضرته حتى أمسوا و رجعوا إلى أبيهم عِشاءً يَبْكُونَ قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَ تَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ فلما سمع مقالتهم استرجع و استعبر و ذكر ما أوحى الله عز و جل إليه من الاستعداد للبلاء فصبر و أذعن للبلوى و قال لهم بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً و ما كان الله ليطعم لحم يوسف الذئب من قبل أن أري تأويل رؤياه الصادقة قال أبو حمزة ثم انقطع حديث علي بن الحسين ع عند هذا فلما كان من الغد غدوت عليه فقلت له جعلت فداك إنك حدثتني أمس بحديث ليعقوب و ولده ثم قطعته ما كان من قصة إخوة يوسف و قصة يوسف بعد ذلك فقال إنهم لما أصبحوا قالوا انطلقوا بنا حتى ننظر ما حال يوسف أ مات أم هو حي فلما انتهوا إلى الجب وجدوا بحضرة الجب سيارة و قد أرسلوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ فلما جذب دلوه إذا هو بغلام متعلق بدلوه فقال لأصحابه يا بُشْرى هذا غُلامٌ فلما أخرجوه أقبلوا إليهم إخوة يوسف فقالوا هذا عبدنا سقط منا أمس في هذا الجب و جئنا اليوم لنخرجه فانتزعوه

 من أيديهم و تنحوا به ناحية فقالوا إما أن تقر لنا أنك عبد لنا فنبيعك بعض هذه السيارة أو نقتلك فقال لهم يوسف ع لا تقتلوني و اصنعوا ما شئتم فأقبلوا به إلى السيارة فقالوا منكم من يشتري منا هذا العبد فاشتراه رجل منهم بعشرين درهما و كان إخوته فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ و سار به الذي اشتراه من البدو حتى أدخله مصر فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر و ذلك قول الله عز و جل وَ قالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً قال أبو حمزة فقلت لعلي بن الحسين ع ابن كم كان يوسف يوم ألقوه في الجب فقال كان ابن تسع سنين فقلت كم كان بين منزل يعقوب يومئذ و بين مصر فقال مسيرة اثني عشر يوما قال و كان يوسف من أجمل أهل زمانه فلما راهق يوسف راودته امرأة الملك عن نفسه فقال لها معاذ الله أنا من أهل بيت لا يزنون فغلقت الأبواب عليها و عليه و قالت لا تخف و ألقت نفسها عليه فأفلت منها هاربا إلى الباب ففتحه فلحقته فجذبت قميصه من خلفه فأخرجته منه فأفلت يوسف منها في ثيابه وَ أَلْفَيا سَيِّدَها لَدَى الْبابِ قالَتْ ما جَزاءُ مَنْ أَرادَ بِأَهْلِكَ سُوءاً إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذابٌ أَلِيمٌ قال فهم الملك بيوسف ليعذبه فقال له يوسف و إله يعقوب ما أردت بأهلك سوءا بل هي راودتني عن نفسي فاسأل هذا الصبي أينا راود صاحبه عن نفسه قال و كان عندها من أهلها صبي زائر لها فأنطق الله الصبي لفصل القضاء فقال أيها الملك انظر إلى قميص يوسف فإن كان مقدودا من قدامه فهو الذي راودها و إن كان مقدودا من خلفه فهي التي راودته فلما سمع الملك كلام الصبي و ما اقتص أفزعه ذلك فزعا شديدا فجي‏ء بالقميص فنظر إليه فلما رآه مقدودا من خلفه قال لها إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ و قال ليوسف أَعْرِضْ عَنْ هذا و لا يسمعه منك أحد و اكتمه قال فلم يكتمه يوسف و أذاعه في المدينة حتى قلن نسوة منهن امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ فبلغها ذلك فأرسلت إليهن و هيأت لهن طعاما و مجلسا ثم أتتهن بأترج و آتت كل واحدة منهن سكينا ثم قالت ليوسف اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَ قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَ قُلْنَ ما قلن فقالت لهن هذا الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ يعني في حبه و خرجن النسوة من عندها فأرسلت كل واحدة منهن إلى يوسف سرا من صاحبتها تسأله الزيارة فأبى عليهن و قال إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَ أَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ فصرف الله عنه كيدهن فلما شاع أمر يوسف و أمر امرأة العزيز و النسوة في مصر بدا للملك بعد ما سمع قول الصبي ليسجنن يوسف فسجنه في السجن و دخل السجن مع يوسف فتيان و كان من قصتهما و قصة يوسف ما قصه الله في الكتاب قال أبو حمزة ثم انقطع حديث علي بن الحسين ع

 شي، ]تفسير العياشي[ عن الثمالي مثله بيان السبحة بالضم الدعاء و الصلاة النافلة ذكره الفيروزآبادي و يقال عره و اعتره و عراه و اعتراه إذا أتاه متعرضا لفوائده. و الطوى الجوع يقال هو طاو و طيان و الاسترجاع قول إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ و بطن بالكسر يبطن بطنا عظم بطنه من الشبع و يقال أمعن الفرس إذا تباعد في عدوه و الغيضة بالفتح الأجمة و مجتمع الشجر و راهق الغلام أي قارب الاحتلام

 49-  ع، ]علل الشرائع[ سمعت محمد بن عبد الله بن طيفور يقول في قول يوسف ع رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ إن يوسف رجع إلى اختيار نفسه فاختار السجن فوكل إلى اختياره و التجأ نبي الله محمد ص إلى الخيار فتبرأ من الاختيار و دعا دعاء الافتقار فقال على رؤية الاضطرار يا مقلب القلوب و الأبصار ثبت قلبي على طاعتك فعوفي من العلة و عصم فاستجاب الله له و أحسن إجابته و هو أن الله عصمه ظاهرا و باطنا و سمعته يقول في قول يعقوب هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ إن هذا مثل قول النبي ص لا يلسع المؤمن من جحر مرتين فهذا معناه و ذلك أنه سلم يوسف إليهم فغشوه حين اعتمد على حفظهم له و انقطع في رعايته إليهم فألقوه في غيابة الجب و باعوه و لما انقطع إلى الله عز و جل في الابن الثاني و سلمه و اعتمد في حفظه عليه و قال فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أقعده على سرير المملكة و رد يوسف إليه و خرج القوم من المحنة و استقامت أسبابهم و سمعته يقول في قول يعقوب يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ إنه عرض في التأسف بيوسف و قد رأى في مفارقته فراقا آخر و في قطيعته قطيعة أخرى فتلهب عليها و تأسف من أجلها كقول الصادق ع في معنى قوله عز و جل وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ إن هذا فراق الأحبة في دار الدنيا ليستدلوا به على فراق المولى فلذلك يعقوب تأسف على يوسف من خوف فراق غيره فذكر يوسف لذلك

 50-  ع، ]علل الشرائع[ المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن محمد بن نصير عن أحمد بن محمد عن ابن معروف عن علي بن مهزيار عن محمد بن إسماعيل عن حنان بن سدير عن أبيه قال قلت لأبي جعفر ع أخبرني عن يعقوب حين قال لولده اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ أ كان علم أنه حي و قد فارقه منذ عشرين سنة و ذهبت عيناه من الحزن قال نعم علم أنه حي قلت و كيف علم قال إنه دعا في السحر أن يهبط عليه ملك الموت فهبط عليه تريال فهو ملك الموت فقال له تريال ما حاجتك يا يعقوب قال أخبرني عن الأرواح تقبضها مجتمعة أو متفرقة فقال بل متفرقة و روحا روحا قال فمر بك روح يوسف قال لا قال فعند ذلك علم أنه حي فقال لولده اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ

 شي، ]تفسير العياشي[ عن سدير مثله بيان لعل السؤال لأنه لو كان يقبضها مجتمعة بعد زمان لا يعلم من عدم قبضه عدم موته ع إذ يمكن حينئذ أن يكون قد قبضته الملائكة القابضون و لم يصل إليه بعد

 51-  ع، ]علل الشرائع[ المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن إبراهيم بن علي عن إبراهيم بن إسحاق عن يونس عن البطائني عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر ع يقول لا خير فيمن لا تقية له و لقد قال يوسف أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ و ما سرقوا

 52-  ع، ]علل الشرائع[ المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن محمد بن نصير عن ابن عيسى عن الأهوازي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع التقية دين الله عز و جل قلت من دين الله قال فقال إي و الله من دين الله لقد قال يوسف أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ و الله ما كانوا سرقوا شيئا

 شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير مثله

 53-  ع، ]علل الشرائع[ بالإسناد إلى العياشي عن محمد بن أحمد عن النهاوندي عن صالح بن سعيد عن رجل من أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال سألت عن قول الله عز و جل في يوسف أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال إنهم سرقوا يوسف من أبيه أ لا ترى أنه قال لهم حين قالوا ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ و لم يقولوا سرقتم صواع الملك إنما عنى أنكم سرقتم يوسف عن أبيه

 مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن إبراهيم بن هاشم عن صالح بن سعيد مثله شي، ]تفسير العياشي[ عن رجل من أصحابنا مثله

 54-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع في قول يوسف أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال ما سرقوا و ما كذب

 55-  ع، ]علل الشرائع[ بالإسناد عن ابن أبي عمير عن أخي مرازم عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قال وجد يعقوب ريح قميص إبراهيم حين فصلت العير من مصر و هو بفلسطين

 شي، ]تفسير العياشي[ عن أخي مرازم مثله بيان فلسطين بكسر الفاء و قد تفتح كورة بالشام

 56-  ع، ]علل الشرائع[ المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن محمد بن نصير عن ابن عيسى عن ابن معروف عن ابن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن ابن أبي البلاد عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال كان القميص الذي نزل به على إبراهيم من الجنة في قصبة من فضة و كان إذا لبس كان واسعا كبيرا فلما فصلوا و يعقوب بالرملة و يوسف بمصر قال يعقوب إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ عنى ريح الجنة حين فصلوا بالقميص لأنه كان من الجنة

 شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن أبي البلاد مثله

  -57  ع، ]علل الشرائع[ الطالقاني عن أحمد الهمداني عن المنذر بن محمد عن إسماعيل بن إبراهيم الخزاز عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال قلت لجعفر بن محمد ع أخبرني عن يعقوب ع لما قال له بنوه يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي فأخر الاستغفار لهم و يوسف ع لما قالوا له تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ قال لأن قلب الشاب أرق من قلب الشيخ و كانت جناية ولد يعقوب على يوسف و جنايتهم على يعقوب إنما كانت بجنايتهم على يوسف فبادر يوسف إلى العفو عن حقه و أخر يعقوب العفو لأن عفوه إنما كان عن حق غيره فأخرهم إلى السحر ليلة الجمعة و أما العلة التي كانت من أجلها عرف يوسف إخوته و لم يعرفوه لما دخلوا عليه فإني سمعت محمد بن عبد الله بن محمد بن طيفور يقول في قول الله عز و جل وَ جاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَ هُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ إن ذلك لتركهم حرمة يوسف و قد يمتحن الله المرء بتركه الحرمة أ لا ترى يعقوب ع حين ترك حرمة غيبوه عن عينه فامتحن من حيث ترك الحرمة بغيبته عن عينه لا عن قلبه عشرين سنة و ترك إخوة يوسف حرمته في قلوبهم حيث عادوه و أرادوا القطيعة للحسد الذي في قلوبهم فامتحنوا في قلوبهم كأنهم يرونه و لا يعرفونه و لم يكن لأخيه من أمه حسد مثل ما كان لإخوته فلما دخل قال إِنِّي أَنَا أَخُوكَ على يقين عرفه فسلم من المحن فيه حين لم يترك حرمته و هكذا العباد

 58-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن أحمد بن إدريس و محمد العطار عن الأشعري عن ابن يزيد عن غير واحد رفعوه إلى أبي عبد الله ع قال لما تلقى يوسف يعقوب ترجل له يعقوب و لم يترجل له يوسف فلم ينفصلا من العناق حتى أتاه جبرئيل فقال له يا يوسف ترجل لك الصديق و لم تترجل له ابسط يدك فبسطها فخرج نور من راحته فقال له يوسف ما هذا قال لا يخرج من عقبك نبي عقوبة

 بيان العناق المعانقة

 59-  ع، ]علل الشرائع[ ماجيلويه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال لما أقبل يعقوب ع إلى مصر خرج يوسف ع ليستقبله فلما رآه يوسف هم بأن يترجل ليعقوب ثم نظر إلى ما هو فيه من الملك فلم يفعل فلما سلم على يعقوب نزل عليه جبرئيل ع فقال له يا يوسف إن الله تبارك و تعالى يقول لك ما منعك أن تنزل إلى عبدي الصالح ما أنت فيه ابسط يدك فبسطها فخرج من بين أصابعه نور فقال ما هذا يا جبرئيل فقال هذا أنه لا يخرج من صلبك نبي أبدا عقوبة لك بما صنعت بيعقوب إذ لم تنزل إليه

 بيان ما أنت استفهام أي أ منعك ما أنت فيه من الملك ثم إنه ع لعله راعى بعض مصالح الملك في ترك الترجل و كان الأولى و الأفضل ترك تلك المصلحة و تقديم تكريم الوالد عليه لا أنه ترك واجبا أو فعل محرما لما قد ثبت من عصمتهم ع

 60-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن ابن هاشم عن ابن المغيرة عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال استأذنت زليخا على يوسف فقيل لها يا زليخا إنا نكره أن نقدم بك عليه لما كان منك إليه قالت إني لا أخاف من يخاف الله فلما دخلت قال لها يا زليخا ما لي أراك قد تغير لونك قالت الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا و جعل العبيد بطاعتهم ملوكا قال لها يا زليخا ما الذي دعاك إلى ما كان منك قالت حسن وجهك يا يوسف فقال كيف لو رأيت نبيا يقال له محمد يكون في آخر الزمان أحسن مني وجها و أحسن مني خلقا و أسمح مني كفا قالت صدقت قال و كيف علمت أني صدقت قالت لأنك حين ذكرته وقع حبه في قلبي فأوحى الله عز و جل إلى يوسف أنها قد صدقت و أني قد أحببتها لحبها محمدا ص فأمره الله تبارك و تعالى أن يتزوجها

 ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ابن المغيرة عن جده عن جده عمن ذكره عنه ع مثله بيان قال الطبرسي رحمه الله قيل إن الملك الأكبر فوض إلى يوسف أمر مصر و دخل بيته و عزل قطفير و جعل يوسف مكانه و قيل إن قطفير هلك في تلك الليالي فزوج الملك يوسف راعيل امرأة قطفير العزيز فدخل بها يوسف فوجدها عذراء و لما دخل عليها قال أ ليس هذا خيرا مما كنت تريدين و ولدت له إفرائيم و ميشا و استوثق ليوسف ملك مصر و قيل إنه لم يتزوجها يوسف و إنه لما رأته في موكبه بكت و قالت الحمد لله الذي جعل الملوك بالمعصية عبيدا و العبيد بالطاعة ملوكا فضمها إليه و كانت من عياله حتى ماتت و لم يتزوجها انتهى. أقول يدل هذا الخبر و غيره مما أوردناه في هذا الباب على أنه كان قد تزوجها

  -61  ك، ]إكمال الدين[ ع، ]علل الشرائع[ أبي عن الحميري عن أحمد بن هلال عن ابن أبي نجران عن فضالة عن سدير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن في القائم سنة من يوسف قلت كأنك تذكر حيرة أو غيبة قال لي و ما تنكر من هذا هذه الأمة أشباه الخنازير إن إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا يوسف و بايعوه و خاطبوه و هم إخوته و هو أخوهم فلم يعرفوه حتى قال لهم يوسف أنا يوسف فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يكون الله عز و جل في وقت من الأوقات يريد أن يستر حجته لقد كان يوسف إليه ملك مصر و كان بينه و بين والده مسيرة ثمانية عشر يوما فلو أراد الله عز و جل أن يعرف مكانه لقدر على ذلك و الله لقد سار يعقوب و ولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله يفعل بحجته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم و يطأ بسطهم و هم لا يعرفونه حتى يأذن الله عز و جل له أن يعرفهم نفسه كما أذن ليوسف حين قال هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي

 62-  ع، ]علل الشرائع[ أحمد بن محمد عن أبيه عن محمد بن أحمد عن سهل بن زياد عن محمد بن أحمد عن الحسن بن علي عن يونس عن الحسين بن عمر بن يزيد عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال إن بني يعقوب لما سألوا أباهم يعقوب أن يأذن ليوسف في الخروج معهم قال لهم إني أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ قال فقال أبو عبد الله ع قرب يعقوب لهم العلة اعتلوا بها في يوسف ع

 63-  ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن سعد عن ابن أبي الخطاب عن التفليسي عن السمندي عن أبي عبد الله ع في قول يوسف اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ قال حفيظ بما تحت يدي عليم بكل لسان

  ير، ]بصائر الدرجات[ ابن أبي الخطاب مثله

 64-  ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ سأل الشامي أمير المؤمنين ع عن أكرم الناس نسبا فقال صديق الله يوسف بن يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله

 65-  مع، ]معاني الأخبار[ معنى يعقوب أنه كان و عيص توأمين فولد عيص ثم ولد يعقوب يعقب أخاه عيص و معنى إسرائيل عبد الله لأن إسرا هو عبد و إيل هو الله عز و جل و روي في خبر آخر أن إسرا هو القوة و إيل هو الله فمعنى إسرائيل قوة الله و معنى يوسف مأخوذ من آسف يؤسف أي أغضب يغضب إخوته قال الله عز و جل فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ و المراد بتسميته يوسف أنه يغضب إخوته ما يظهر من فضله عليهم

 66-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن علي عن علي بن أسباط عن يعقوب بن سالم عن الميثمي عن أبي عبد الله ع قال إن يعقوب ع كان له مناد ينادي كل غداة من منزله إلى فرسخ ألا من أراد الغداء فليأت إلى منزل يعقوب ع و إذا أمسى ينادي إلا من أراد العشاء فليأت إلى منزل يعقوب ع

 67-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن أحمد بن إدريس عن ابن عيسى عن علي بن مهزيار عن البزنطي عن يحيى بن عمران عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ نافِلَةً قال ولد الولد نافلة

 68-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن محمد بن العطار عن الأشعري عن أحمد بن هلال عن محمد بن سنان عن محمد بن عبد الله بن رباط عن محمد بن النعمان الأحول عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوى قال أشده ثماني عشرة سنة و استوى التحى

  بيان قال الطبرسي رحمه الله أَشُدَّهُ أي منتهى شبابه و قوته و كمال عقله و قيل الأشد من ثماني عشرة إلى ثلاثين سنة عن ابن عباس و قيل إن أقصى الأشد أربعون سنة و قيل ستون سنة و هو قول الأكثرين

 و يؤيده الحديث من عمره الله ستين سنة فقد أعذر إليه

و قيل إن ابتداء الأشد من ثلاث و ثلاثين عن مجاهد و كثير من المفسرين و قيل من عشرين سنة عن الضحاك انتهى. أقول هذه الآية وردت في قصة موسى ع و إنما أوردنا تفسيرها هنا لاشتراك لفظ الأشد

 69-  ك، ]إكمال الدين[ ماجيلويه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن أحمد بن محسن عن الحسن الواسطي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال قدم أعرابي على يوسف ليشتري منه طعاما فباعه فلما فرغ قال له يوسف أين منزلك قال له بموضع كذا و كذا قال فقال له إذا مررت بوادي كذا و كذا فقف فناد يا يعقوب يا يعقوب فإنه سيخرج إليك رجل عظيم جميل وسيم فقل له لقيت رجلا بمصر و هو يقرئك السلام و يقول لك إن وديعتك عند الله عز و جل لن تضيع قال فمضى الأعرابي حتى انتهى إلى الموضع فقال لغلمانه احفظوا علي الإبل ثم نادى يا يعقوب يا يعقوب فخرج إليه رجل أعمى طويل جسيم جميل يتقي الحائط بيده حتى أقبل فقال له الرجل أنت يعقوب قال نعم فأبلغه ما قال له يوسف فسقط مغشيا عليه ثم أفاق و قال للأعرابي يا أعرابي أ لك حاجة إلى الله تعالى فقال له نعم إني رجل كثير المال و لي ابنة عم لم يولد لي منها و أحب أن تدعو الله أن يرزقني ولدا فتوضأ يعقوب و صلى ركعتين ثم دعا الله عز و جل فرزق أربعة بطون أو قال ستة بطون في كل بطن اثنان فكان يعقوب ع يعلم أن يوسف حي لم يمت و أن الله تعالى ذكره سيظهره له بعد غيبة و كان يقول لبنيه إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ و كان بنوه يفندونه على ذكره ليوسف حتى أنه لما وجد ريح يوسف قال إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللَّهِ و هو يهودا ابنه إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ فألقى قميص يوسف عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ

 بيان الوسامة أثر الحسن و يظهر من هذا الخبر أن يهودا لم يذهب مع إخوته في المرة الأخيرة و هو خلاف المشهور كما عرفت و ذكر المفسرون أن قائل هذا القول كان أولاد أولاده

 70-  ك، ]إكمال الدين[ و الدليل على أن يعقوب ع علم بحياة يوسف و أنه إنما غيب عنه لبلوى و اختبار أنه لما رجع إليه بنوه يبكون قال لهم يا بني ما لكم تبكون و تدعون بالويل و ما لي لا أرى فيكم حبيبي يوسف قالوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَ تَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ كُنَّا صادِقِينَ و هذا قميصه قد أتيناك به قال ألقوه إلي فألقوه إليه و ألقاه على وجهه و خر مغشيا عليه فلما أفاق قال لهم يا بني أ لستم تزعمون أن الذئب أكل حبيبي يوسف قالوا نعم قال ما لي لا أشم ريح لحمه و ما لي أرى قميصه صحيحا هبوا أن القميص انكشف من أسفله أ رأيتم ما كان في منكبيه و عنقه كيف يخلص إليه الذئب من غير أن يخرقه إن هذا الذئب لمكذوب عليه و إن ابني لمظلوم بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ و تولى عنهم ليلتهم تلك و أقبل يرثي يوسف و يقول حبيبي يوسف الذي كنت أؤثره على جميع أولادي فاختلس مني حبيبي يوسف الذي كنت أرجوه من بين أولادي فاختلس مني حبيبي يوسف الذي كنت أوسده يميني و أدثره بشمالي فاختلس مني حبيبي يوسف الذي كنت أؤنس به وحشتي و أصل به وحدتي فاختلس مني حبيبي يوسف ليت شعري في أي الجبال طرحوك أم في أي البحار غرقوك حبيبي يوسف ليتني كنت معك فيصيبني الذي أصابك و من الدليل على أن يعقوب ع علم بحياة يوسف ع و أنه في الغيبة قوله  عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً و قوله لبنيه اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ

 71-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال لما فقد يعقوب يوسف ع اشتد حزنه و تغير حاله و كان يمتار القمح من مصر لعياله في السنة مرتين في الشتاء و الصيف فإنه بعث عدة من ولده ببضاعة يسيرة مع رفقة خرجت فلما دخلوا على يوسف ع عرفهم و لم يعرفوه فقال هلموا بضاعتكم حتى أبدأ بكم قبل الرفاق و قال لفتيانه عجلوا لهؤلاء بالكيل و أقروهم و اجعلوا بضاعتهم في رحالهم إذا فرغتم و قال يوسف لهم كان أخوان من أبيكم فما فعلا قالوا أما الكبير منهما فإن الذئب أكله و أما الأصغر فخلفناه عند أبيه و هو به ضنين و عليه شفيق قال إني أحب أن تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتاروا و لما فتحوا متاعهم وجدوا بضاعتهم فيها قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا رُدَّتْ إِلَيْنا فلما احتاجوا إلى الميرة بعد ستة أشهر بعثهم و بعث معهم ابن يامين ببضاعة يسيرة فأخذ عليهم مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ فانطلقوا مع الرفاق حتى دخلوا على يوسف فهيأ لهم طعاما و قال ليجلس كل بني أم على مائدة فجلسوا و بقي ابن يامين قائما فقال له يوسف ما لك لم تجلس فقال ليس لي فيهم ابن أم فقال يوسف فما لك ابن أم قال بلى زعم هؤلاء أن الذئب أكله قال فما بلغ من حزنك عليه قال ولد لي أحد عشر ابنا لكلهم أشتق اسما من اسمه قال أراك قد عانقت النساء فشممت الولد من بعده فقال إن لي أبا صالحا قال لي تزوج لعل الله أن يخرج منك ذرية يثقل الأرض بالتسبيح قال يوسف تعال فاجلس معي على مائدتي فقال إخوة يوسف لقد فضل الله يوسف و أخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته و قال يوسف لابن يامين إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ بما تراني أفعل و أكتم ما أخبرتك و لا تحزن و لا تخف ثم أخرجه إليهم و أمر فتيته أن يأخذوا بضاعتهم و يعجلوا لهم الكيل و إذا فرغوا فاجعلوا المكيال في رحل أخيه ابن يامين ففعلوا ذلك و ارتحل القوم مع الرفقة فمضوا و لحقهم فتية يوسف فنادوا أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قالُوا... ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ قالوا ما كُنَّا سارِقِينَ قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ... فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ... قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ثم قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ... قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ... قالَ كَبِيرُهُمْ إني لست أبرح الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي فمضى إخوة يوسف حتى دخلوا على يعقوب صلوات الله عليهما فقال لهم أين ابن يامين فقالوا سرق مكيال الملك فحبسه عنده فاسأل أهل القرية و العير حتى يخبروك بذلك فاسترجع يعقوب و استعبر حتى تقوس ظهره فقال يعقوب يا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ فخرج منهم نفر و بعث معهم ببضاعة و كتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يعطفه على نفسه و ولده فدخلوا على يوسف بكتاب أبيهم فأخذه و قبله و بكى ثم أقبل عليهم ف قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ قالوا أ أنت يوسف قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي و قال يوسف لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا بلته دموعي فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي... وَ أْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ فأقبل ولد يعقوب يحثون السير بالقميص فلما دخلوا عليه قال لهم ما فعل ابن يامين قالوا خلفناه عند أخيه صالحا فحمد الله عند ذلك يعقوب و سجد لربه سجدة الشكر و اعتدل ظهره و قال لولده تحملوا إلى يوسف من يومكم فساروا في تسعة أيام إلى مصر فلما دخلوا اعتنق يوسف أباه و رفع خالته ثم دخل منزله و ادهن و لبس ثياب الملك فلما رأوه سجدوا شكرا لله و ما تطيب يوسف في تلك المدة و لا مس النساء حتى جمع الله ليعقوب شمله

 بيان اختلفت الأخبار في عدد أولاد بنيامين و يشكل الجمع بينها قال الثعلبي في كتاب عرائس المجالس لما خلا يوسف بأخيه قال له ما اسمك قال ابن يامين قال و ما ابن يامين قال ابن المثكل و ذلك أنه لما ولد هلكت أمه قال و ما اسم أمك قال راحيل بنت ليان بن ناحور قال فهل لك من ولد قال نعم عشرة بنين قال فما أسماؤهم قال لقد اشتققت أسماءهم من اسم أخ لي من أمي هلك فقال يوسف لقد اضطرك إلى ذلك حزن شديد فما سميتهم قال بالعا و أخيرا و أشكل و أحيا و خير و نعمان و أدر و أرس و حييم و ميتم قال فما هذه قال أما بالعا فإن أخي ابتلعته الأرض و أما أخيرا فإنه كان بكر ولد أمي و أما أشكل فإنه كان أخي لأبي و أمي و سني و أما خير فإنه خير حيث كان و أما نعمان فإنه ناعم بين أبويه و أما أدر فإنه كان بمنزلة الورد في الحسن و أما أرس فإنه كان بمنزلة الرأس من الجسد و أما حييم فأعلمني أبي أنه حي و أما ميتم فلو رأيته لقرت عيني و تم سروري فقال يوسف أحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك فقال ابن يامين أيها الملك و من يجد أخا مثلك و لكن لم يلدك يعقوب و لا راحيل فبكى يوسف ع و قام إليه و عانقه و قال إِنِّي أَنَا أَخُوكَ يوسف فَلا تَبْتَئِسْ و لا تعلمهم بشي‏ء من هذا قال كعب لما قال له إِنِّي أَنَا أَخُوكَ قال ابن يامين فأنا لا أفارقك قال يوسف قد علمت اغتمام الوالد بي فإذا حبستك ازداد غمه و لا يمكنني حبسك إلا بعد أن أشهرك بأمر فظيع قال لا أبالي فافعل ما بدا لك فإني لا أفارقك قال فإني أدس صاعي هذا في رحلك ثم أنادي عليك بالسرقة ليتهيأ لي ردك بعد تسريحك قال فافعل انتهى. ثم اعلم أن هذا الخبر يدل على أن المراد بأبويه في الآية أبوه و خالته تجوزا كما ذهب إليه الأكثر قال الطبرسي رحمه الله قال أكثر المفسرين إنه يعني بأبويه أباه و خالته فسمى الخالة أما كما سمى العم أبا في قوله وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ و ذلك أن أمه كانت قد ماتت في نفاسها بابن يامين فتزوجها أبوه و قيل يريد أباه و أمه و كانا حيين عن ابن إسحاق و الجبائي و قيل إن راحيل أمه نشرت من قبرها حتى سجدت له تحقيقا للرؤيا عن الحسن

 72-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى ابن محبوب عن أبي إسماعيل الفراء عن طربال عن أبي عبد الله ع قال لما أمر الملك بحبس يوسف ع في السجن ألهمه الله تأويل الرؤيا فكان يعبر لأهل السجن رؤياهم

 73-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى البزنطي عن أبي جميلة عن عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله ع قال كان يوسف ع بين أبويه مكرما ثم صار عبدا فصار ملكا

 74-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الوشاء عن حماد بن عثمان عن جميل عن سليمان بن عبد الله الطلحي قال قلت لأبي عبد الله ع ما حال بني يعقوب هل خرجوا من الإيمان فقال نعم قلت فما تقول في آدم ع قال دع آدم

 شي، ]تفسير العياشي[ عن الطلحي مثله

 75-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بهذا الإسناد عن ابن عيسى عن ابن بزيع عن حنان بن سدير قال قلت لأبي جعفر ع أ كان أولاد يعقوب أنبياء قال لا و لكنهم كانوا أسباطا أولاد أنبياء و لم يفارقوا إلا سعداء تابوا و تذكروا مما صنعوا

 شي، ]تفسير العياشي[ عن حنان عن أبيه مثله

 76-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن الصدوق عن أبيه عن الصفار عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم قال قلت لأبي عبد الله ع ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف قال حزن سبعين ثكلى قال و لما كان يوسف ع في السجن دخل عليه جبرئيل فقال إن الله ابتلاك و ابتلى أباك و إن الله ينجيك من هذا السجن فاسأل الله بحق محمد و أهل بيته أن يخلصك مما أنت فيه فقال يوسف اللهم إني أسألك بحق محمد و أهل بيته إلا عجلت فرجي و أرحتني مما أنا فيه قال جبرئيل ع فأبشر أيها الصديق فإن الله تعالى أرسلني إليك بالبشارة بأنه يخرجك من السجن إلى ثلاثة أيام و يملكك مصر و أهلها يخدمك أشرافها و يجمع إليك إخوتك و أباك فأبشر أيها الصديق أنك صفي الله و ابن صفيه فلم يلبث يوسف ع إلا تلك الليلة حتى رأى الملك رؤيا أفزعته فقصها على أعوانه فلم يدروا ما تأويلها فذكر الغلام الذي نجا من السجن يوسف فقال له أيها الملك أرسلني إلى السجن فإن فيه رجلا لم ير مثله حلما و علما و تفسيرا و قد كنت أنا و فلان غضبت علينا و أمرت بحبسنا رأينا رؤيا فعبرها لنا و كان كما قال ففلان صلب و أما أنا فنجوت فقال له الملك انطلق إليه فدخل و قال يوسف أفتنا في سبع بقرات فلما بلغ رسالة يوسف الملك قال ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فلما بلغ يوسف رسالة الملك قال كيف أرجو كرامته و قد عرف براءتي و حبسني سنين فلما سمع الملك أرسل إلى النسوة ف قالَ ما خَطْبُكُنَّ ف قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ فأرسل إليه و أخرجه من السجن فلما كلمه أعجبه كماله و عقله فقال له اقصص رؤياي فإني أريد أن أسمعها منك فذكره يوسف كما رأى و فسره قال الملك صدقت فمن لي بجمع ذلك و حفظه فقال يوسف إن الله تعالى أوحى إلي أني مدبره و القيم به في تلك السنين فقال له الملك صدقت دونك خاتمي و سريري و تاجي فأقبل يوسف على جمع الطعام في السنين السبع الخصيبة يكبسه في الخزائن في سنبله ثم أقبلت السنون الجدبة أقبل يوسف ع على بيع الطعام فباعهم في السنة الأولى بالدراهم و الدنانير حتى لم يبق بمصر و ما حولها دينار و لا درهم إلا صار في مملكة يوسف ع و باعهم في السنة الثانية بالحلي و الجواهر حتى لم يبق بمصر و ما حولها حلي و لا جواهر إلا صار في مملكته و باعهم في السنة الثالثة بالدواب و المواشي حتى لم يبق بمصر و ما حولها دابة و لا ماشية إلا صارت في مملكة يوسف و باعهم في السنة الرابعة بالعبيد و الإماء حتى لم يبق بمصر و ما حولها عبد و لا أمة إلا صارت في مملكة يوسف و باعهم في السنة الخامسة بالدور و العقار حتى لم يبق بمصر و ما حولها دار و لا عقار إلا صار في مملكة يوسف و باعهم في السنة السادسة بالمزارع و الأنهار حتى لم يبق بمصر و ما حولها نهر و لا مزرعة إلا صار في مملكة يوسف ع و باعهم في السنة السابعة برقابهم حتى لم يبق بمصر و ما حولها عبد و لا حر إلا صار في مملكة يوسف و صاروا عبيدا له فقال يوسف للملك ما ترى فيما خولني ربي قال الرأي رأيك قال إني أشهد الله و أشهدك أيها الملك أني أعتقت أهل مصر كلهم و رددت عليهم أموالهم و عبيدهم و رددت عليك خاتمك و سريرك و تاجك على أن لا تسير إلا بسيرتي و لا تحكم إلا بحكمي فالله أنجاهم علي فقال الملك إن ذلك لديني و فخري و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنك رسوله و كان من إخوة يوسف و أبيه ع ما ذكرته

 تتميم قال في العرائس فلما تبين للملك عذر يوسف و عرف أمانته و كفايته و علمه و عقله قال ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما جاءه الرسول قال له أجب الملك الآن فخرج يوسف و دعا لأهل السجن بدعاء يعرف إلى اليوم و ذلك أنه قال اللهم اعطف عليهم بقلوب الأخيار و لا تعم عليهم الأخبار فهم أعلم الناس بالأخبار إلى اليوم في كل بلدة فلما خرج من السجن كتب على بابه هذا قبور الأحياء و بيت الأحزان و تجربة الأصدقاء و شماتة الأعداء ثم اغتسل ع و تنظف من درن السجن و لبس ثيابا جددا حسانا و قصد الملك قال وهب فلما وقف بباب الملك قال ع حسبي ربي من دنياي و حسبي ربي من خلقه عز جاره و جل ثناؤه و لا إله غيره فلما دخل على الملك قال اللهم إني أسألك بخيرك من خيره و أعوذ بك من شره و شر غيره فلما أن نظر إليه الملك سلم عليه يوسف بالعربية فقال له الملك ما هذا اللسان قال لسان عمي إسماعيل ع ثم دعا بالعبرانية فقال له الملك ما هذا اللسان قال لسان آبائي قال وهب و كان الملك يتكلم بسبعين لسانا فكلما كلم الملك يوسف بلسان أجابه يوسف بذلك اللسان فأعجب الملك بما رأى منه و كان يوسف يومئذ ابن ثلاثين سنة فلما رأى الملك حداثة سنه و غزارة علمه قال لمن عنده إن هذا علم تأويل رؤياي و لم يعلمه السحرة و الكهنة ثم أجلسه و قال له إني أحب أن أسمع رؤياي منك شفاها فقال يوسف نعم أيها الملك رأيت سبع بقرات سمان شهب حسان غر كشف لك عنهن النيل فطلعن عليك من شاطئه تشخب أخلافهن لبنا فبينا أنت تنظر إليهن و يعجبك حسنهن إذا نضب النيل و غار ماؤه و بدا قعره فخرج من حماته و وحله سبع بقرات عجاف شعث غبر مقلصات البطون ليس لهن ضروع و أخلاف و لهن أنياب و أضراس و أكف كأكف الكلاب و خراطيم كخراطيم السباع فاختلطن بالسمان فافترسهن افتراس السبع و أكلن لحومهن و مزقن جلودهن و حطمن عظامهن و تمششن مخهن فبينا أنت تنظر و تتعجب إذا سبع سنابل خضر و سبع سنابل أخر سود في منبت واحد عروقهن في الثرى و الماء فبينا أنت تقول أنى هذا و هؤلاء خضر مثمرات و هؤلاء سود يابسات و المنبت واحد و أصولهن في الماء أذهبت ريح فذرت الأزقان من السود اليابسات على الخضر المثمرات فأشعلت فيهن النار فأحرقتهن فصرن سودا متغيرات فهذا آخر ما رأيت من الرؤيا

 77-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ابن المتوكل عن الحميري عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن علاء عن محمد قال قلت لأبي جعفر ع أخبرني عن يعقوب ع كم عاش مع يوسف بمصر بعد ما جمع الله ليعقوب شمله و أراه تأويل رؤيا يوسف الصادقة قال عاش حولين قلت فمن كان الحجة في الأرض يعقوب أم يوسف قال كان يعقوب الحجة و كان الملك ليوسف فلما مات يعقوب ع حمله يوسف في تابوت إلى أرض الشام فدفنه في بيت المقدس فكان يوسف بعد يعقوب الحجة قلت فكان يوسف رسولا نبيا قال نعم أ ما تسمع قول الله تعالى وَ لَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ

 شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن مسلم مثله بيان لعل موضع الاستشهاد قوله تعالى قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا

 78-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده عن محمد بن أورمة عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال لما صار يوسف إلى ما صار إليه تعرضت له امرأة العزيز فقال لها من أنت فقالت أنا تيكم فقال لها انصرفي فإني سأغنيك قال فبعث إليها بمائة ألف درهم

 79-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بهذا الإسناد عن بعض أصحابنا عن زرارة عن أبي عبد الله ع أنه قال إن يوسف لما تزوج امرأة العزيز وجدها عذراء فقال لها ما حملك على الذي صنعت قالت ثلاث خصال الشباب و المال و أني كنت لا زوج لي يعني كان الملك عنينا

 80-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا يرفعه قالت إن امرأة العزيز احتاجت فقيل لها لو تعرضت ليوسف ع فقعدت على الطريق فلما مر بها قالت الحمد لله الذي جعل العبيد بطاعتهم لربهم ملوكا و الحمد لله الذي جعل بمعصيته الملوك عبيدا قال من أنت قالت أنا زليخا فتزوجها

 81-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده عن ابن عيسى عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال لما دخل يوسف ع على الملك يعني نمرود قال كيف أنت يا إبراهيم قال إني لست بإبراهيم أنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم قال و هو صاحب إبراهيم الذي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ قال و كان أربعمائة سنة شابا

  -82  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن الأشعري عن موسى بن جعفر عن ابن معبد عن الدهقان عن درست عن أبي خالد عن أبي عبد الله ع قال دخل يوسف ع السجن و هو ابن اثنتي عشرة سنة و مكث فيه ثماني عشرة سنة و بقي بعد خروجه ثمانين سنة فذلك مائة و عشر سنين

 83-  كا، ]الكافي[ سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن العباس بن هلال الشامي مولى أبي الحسن ع عنه قال قلت له جعلت فداك ما أعجب إلى الناس من يأكل الجشب و يلبس الخشن و يتخشع فقال أ ما علمت أن يوسف ع نبي و ابن نبي كان يلبس أقبية الديباج مزرورة بالذهب و يجلس في مجالس آل فرعون يحكم فلم يحتج الناس إلى لباسه و إنما احتاجوا إلى قسطه

 84-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى ابن أورمة عن يزيد بن إسحاق عن يحيى الأزرق عن رجل عن الصادق ع قال كان رجل من بقية قوم عاد قد أدرك فرعون يوسف و كان أهل ذلك الزمان قد ولعوا بالعادي يرمونه بالحجارة و إنه أتى فرعون يوسف فقال أجرني عن الناس و أحدثك بأعاجيب رأيتها و لا أحدثك إلا بالحق فأجاره فرعون يوسف و منعه و جالسه و حدثه فوقع منه كل موقع و رأى منه أمرا جميلا قال و كان فرعون لم يتعلق على يوسف بكذبة و لا على العادي فقال فرعون ليوسف هل تعلم أحدا خيرا منك قال نعم أبي يعقوب قال فلما قدم يعقوب ع على فرعون حياه بتحية الملوك فأكرمه و قربه و زاده إكراما ليوسف فقال فرعون ليعقوب ع يا شيخ كم أتى عليك قال مائة و عشرون سنة قال العادي كذب فسكت يعقوب و شق ذلك على فرعون حين كذبه فقال فرعون ليعقوب كم أتى عليك قال مائة و عشرون سنة قال العادي كذب فقال يعقوب ع اللهم إن كان كذب فاطرح لحيته على صدره فسقطت لحيته على صدره فهال ذلك فرعون و قال ليعقوب عمدت إلى رجل أجرته فدعوت إليه أحب أن تدعو إلهك برده فدعا له فرد الله إليه فقال العادي إني رأيت هذا مع إبراهيم خليل الرحمن في زمن كذا و كذا قال يعقوب ليس أنا الذي رأيته إنما رأيت إسحاق فقال له فمن أنت قال أنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن ع فقال العادي صدقت ذلك الذي رأيته فقال صدق و صدقت

 85-  ك، ]إكمال الدين[ أبي عن أحمد بن إدريس و محمد بن يحيى عن الأشعري عن محمد بن يوسف التميمي عن الصادق عن آبائه ع عن النبي صلوات الله عليه قال عاش يعقوب مائة و عشرين سنة و عاش يوسف مائة و عشرين سنة

 86-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روى سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسن بن شمون عن داود بن القاسم الجعفري قال سئل أبو محمد ع عن قوله تعالى إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ و السائل رجل من قم و أنا حاضر فقال ع ما سرق يوسف إنما كان ليعقوب منطقة ورثها من إبراهيم و كانت تلك المنطقة لا يسرقها أحد إلا استعبد فكان إذا سرقها إنسان نزل جبرائيل فأخبره بذلك فأخذ منه و أخذ عبدا و إن المنطقة كانت عند سارة بنت إسحاق بن إبراهيم و كانت سميت أم إسحاق و إن سارة أحبت يوسف و أرادت أن تتخذه ولدا لها و إنها أخذت المنطقة فربطتها على وسطه ثم سدلت عليه سرباله و قالت ليعقوب إن المنطقة سرقت فأتاه جبرائيل فقال يا يعقوب إن المنطقة مع يوسف و لم يخبره بخبر ما صنعت سارة لما أراد الله فقام يعقوب إلى يوسف ففتشه و هو يومئذ غلام يافع و استخرج المنطقة فقالت سارة بنت إسحاق متى سرقها يوسف فأنا أحق به فقال لها يعقوب فإنه عبدك على أن لا تبيعيه و لا تهبيه قالت فأنا أقبله على أن لا تأخذه مني و أنا أعتقه الساعة فأعطاها فأعتقته فلذلك قال إخوة يوسف إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ قال أبو هاشم فجعلت أجيل هذا في نفسي أفكر و أتعجب من هذا الأمر مع قرب يعقوب من يوسف و حزن يعقوب عليه حتى ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ و هو كظيم و المسافة قريبة فأقبل علي أبو محمد فقال يا أبا هاشم نعوذ بالله مما جرى في نفسك من ذلك فإن الله لو شاء أن يرفع السنام الأعلى بين يعقوب و يوسف حتى كانا يتراءان فعل و لكن له أجل هو بالغة و معلوم ينتهي إليه ما كان من ذلك فالخيار من الله لأوليائه

 87-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الله بن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ قال إن إسرائيل كان إذا أكل لحوم الإبل هيج عليه وجع الخاصرة فحرم على نفسه لحم الإبل و ذلك من قبل أن تنزل التوراة فلما أنزلت التوراة لم يحرمه و لم يأكله

 88-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زيد الشحام عن أبي عبد الله في قول الله لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ قال كان ابن سبع سنين

 89-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي جميلة عن رجل عن أبي عبد الله ع قال لما أوتي بقميص يوسف إلى يعقوب قال اللهم لقد كان ذئبا رفيقا حين لم يشق القميص قال و كان به نضح من دم

 90-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الحسن عن رجل عن أبي عبد الله ع في قوله وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ قال كانت عشرين درهما

 91-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي الحسن الرضا ع مثله و زاد فيه البخس النقص و هي قيمة كلب الصيد إذا قتل كانت ديته عشرين درهما

 92-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الله بن سليمان عن جعفر بن محمد ع قال قد كان يوسف بين أبويه مكرما ثم صار عبدا حتى بيع بأخس و أوكس الثمن ثم لم يمنع الله أن بلغ به حتى صار ملكا

 93-  شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن حصين عن أبي جعفر ع في قول الله وَ شَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ قال كانت الدراهم ثمانية درهما

 94-  و بهذا الإسناد عن الرضا ع قال كانت الدراهم عشرين درهما و هي قيمة كلب الصيد إذا قتل و البخس النقص

 95-  شي، ]تفسير العياشي[ عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال لما همت به و هم بها قالت كما أنت قال و لم قالت حتى أغطي وجه الصنم لا يرانا فذكر الله عند ذلك و قد علم أن الله يراه ففر منها

 96-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن قيس عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول إن يوسف لما حل سراويله رأى مثال يعقوب عاضا على إصبعه و هو يقول له يوسف قال فهرب ثم قال أبو عبد الله ع لكني و الله ما رأيت عورة أبي قط و لا رأى أبي عورة جدي قط و لا رأى جدي عورة أبيه قط قال و هو عاض على إصبعه فوثب فخرج الماء من إبهام رجله

 97-  شي، ]تفسير العياشي[ عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر ع قال أي شي‏ء يقول الناس في قول الله عز و جل لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ قلت يقولون رأى يعقوب عاضا على إصبعه فقال لا ليس كما يقولون فقلت فأي شي‏ء رأى قال لما همت به و هم بها قامت إلى صنم معها في البيت فألقت عليه ثوبا فقال لها يوسف ما صنعت قالت طرحت عليه ثوبا أستحي أن يرانا قال فقال يوسف فأنت تستحين من صنمك و هو لا يسمع و لا يبصر و لا أستحي أنا من ربي

 98-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن مروان عن رجل عن أبي عبد الله ع قال إن يوسف خطب امرأة جميلة كانت في زمانه فردت عليه أن عبد الملك إياي يطلب قال فطلبها إلى أبيها فقال له أبوها إن الأمر أمرها قال فطلبها إلى ربه و بكى فأوحى الله إليه أني قد زوجتكها ثم أرسل إليها أني أريد أن أزوركم فأرسلت إليه أن تعال فلما دخل عليها أضاء البيت لنوره فقالت ما هذا إلا ملك كريم فاستسقى فقامت إلى الطاس لتسقيه فجعلت تتناول الطاس من يده فتناوله فاها فجعل يقول لها انتظري و لا تعجلي قال فتزوجها

 99-  شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال جاء جبرئيل إلى يوسف في السجن قال قل في دبر كل صلاة فريضة اللهم اجعل لي فرجا و مخرجا و ارزقني من حيث أحتسب و من حيث لا أحتسب

 100-  شي، ]تفسير العياشي[ عن طربال عن أبي عبد الله ع قال لما أمر الملك فحبس يوسف في السجن ألهمه الله علم تأويل الرؤيا فكان يعبر لأهل السجن رؤياهم و إن فتيين أدخلا معه السجن يوم حبسه فلما باتا أصبحا فقالا له إنا رأينا رؤيا فعبرها لنا فقال و ما رأيتما فقال أحدهما إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ و قال الآخر رأيت أني أسقي الملك خمرا ففسر لهما رؤياهما على ما في الكتاب ثم قالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ قال و لم يفزع يوسف في حاله إلى الله فيدعوه فلذلك قال الله فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ قال فأوحى الله إلى يوسف في ساعته تلك يا يوسف من أراك الرؤيا التي رأيتها قال أنت يا ربي قال فمن حببك إلى أبيك قال أنت يا ربي قال فمن وجه السيارة إليك قال أنت يا ربي قال فمن علمك الدعاء الذي دعوت به حتى جعل لك من الجب فرجا قال أنت يا ربي قال فمن جعل لك من كيد المرأة مخرجا قال أنت يا ربي قال فمن أنطق لسان الصبي بعذرك قال أنت يا ربي قال فمن صرف عنك كيد امرأة العزيز و النسوة قال أنت يا ربي قال فمن ألهمك تأويل الرؤيا قال أنت يا ربي قال فكيف استغثت بغيري و لم تستغث بي و تسألني أن أخرجك من السجن و استغثت و أملت عبدا من عبادي ليذكرك إلى مخلوق من خلقي في قبضتي و لم تفزع إلي البث في السجن بذنبك بضع سنين بإرسالك عبدا إلى عبد قال ابن أبي عمير قال ابن أبي حمزة فمكث في السجن عشرين سنة

 سماعة عن قول الله اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ قال هو العزيز

 101-  شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً قال أحمل فوق رأسي جفنة فيها خبز تأكل الطير منه

 102-  شي، ]تفسير العياشي[ عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله ع قال قال الله ليوسف أ لست الذي حببتك إلى أبيك و فضلتك على الناس بالحسن أ و لست الذي سقت إليك السيارة و أنقذتك و أخرجتك من الجب أ و لست الذي صرفت عنك كيد النسوة فما حملك على أن ترفع رغبتك و تدعو مخلوقا دوني فالبث لما قلت فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ

 103-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الله بن عبد الرحمن عمن ذكره عنه قال لما قال للفتى اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ أتاه جبرئيل فضربه برجله حتى كشط له عن الأرض السابعة فقال له يا يوسف انظر ما ذا ترى قال أرى حجرا صغيرا ففلق الحجر فقال ما ذا ترى قال أرى دودة صغيرة قال فمن رازقها قال الله قال فإن ربك يقول لم أنس هذه الدودة في ذلك الحجر في قعر الأرض السابعة أ ظننت أني أنساك حتى تقول للفتى اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ لتلبثن في السجن بمقالتك هذه بضع سنين قال فبكى يوسف عند ذلك حتى بكى لبكائه الحيطان قال فتأذى به أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوما و يسكت يوما و كان في اليوم الذي يسكت أسوأ حالا

 104-  شي، ]تفسير العياشي[ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال ما بكى أحد بكاء ثلاثة آدم و يوسف و داود فقلت ما بلغ من بكائهم قال أما آدم فبكى حين أخرج من الجنة و كان رأسه في باب من أبواب السماء فبكى حتى تأذى به أهل السماء فشكوا ذلك إلى الله فحط من قامته و أما داود فإنه بكى حتى هاج العشب من دموعه و إن كان ليزفر الزفرة فيحرق ما نبت من دموعه و أما يوسف فإنه كان يبكي على أبيه يعقوب و هو في السجن فتأذى به أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوما و يسكت يوما

 105-  شي، ]تفسير العياشي[ عن يعقوب بن يزيد رفعه عن أبي عبد الله ع قال في قول الله تعالى فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ قال سبع سنين

 106-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبان عن محمد بن مسلم عنهما قالا إن رسول الله ص قال لو كنت بمنزلة يوسف حين أرسل إليه الملك يسأله عن رؤياه ما حدثته حتى أشترط عليه أن يخرجني من السجن و عجبت لصبره عن شأن امرأة الملك حتى أظهر الله عذره

 107-  شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله ع يقرأ سبع سنابل خضر

 108-  شي، ]تفسير العياشي[ عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله ع قال كان سبق يوسف الغلاء الذي أصاب الناس و لم يتمن الغلاء لأحد قط قال فأتاه التجار فقالوا بعنا فقال اشتروا فقالوا نأخذ كذا بكذا قال خذوا و أمر فكالوهم فحملوا و مضوا حتى دخلوا المدينة فلقاهم قوم تجار فقالوا لهم كيف أخذتم قالوا كذا بكذا و أضعفوا الثمن قال و قدموا أولئك على يوسف فقالوا بعنا فقال اشتروا كيف تأخذون قالوا بعنا كما بعت كذا بكذا فقال ما هو كما يقولون و لكن خذوا فأخذوا ثم مضوا حتى دخلوا المدينة فلقاهم آخرون فقالوا كيف أخذتم فقالوا كذا بكذا و أضعفوا الثمن قال فعظم الناس ذلك الغلاء و قالوا اذهبوا بنا حتى نشتري قال فذهبوا إلى يوسف فقالوا بعنا فقال اشتروا فقالوا بعنا كما بعت فقال و كيف بعت قالوا كذا بكذا فقال ما هو كذلك و لكن خذوا قال فأخذوا و رجعوا إلى المدينة فأخبروا الناس فقالوا فيما بينهم تعالوا حتى نكذب في الرخص كما كذبنا في الغلاء قال فذهبوا إلى يوسف فقالوا له بعنا فقال اشتروا فقالوا بعنا كما بعت قال و كيف بعت قالوا كذا بكذا بالحط من السعر الأول فقال ما هو هكذا و لكن خذوا قال فأخذوا و ذهبوا إلى المدينة فلقاهم الناس فسألوهم بكم اشتريتم فقالوا كذا بكذا بنصف الحط الأول فقال الآخرون اذهبوا بنا حتى نشتري فذهبوا إلى يوسف فقالوا بعنا فقال اشتروا فقالوا بعنا كما بعت فقال و كيف بعت قالوا بكذا و كذا بالحط من النصف فقال ما هو كما يقولون و لكن خذوا فلم يزالوا يتكاذبون حتى رجع السعر إلى الأمر الأول كما أراد الله

 109-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن علي الصيرفي عن رجل عن أبي عبد الله ع عام فيه يغاث الناس و فيه يعصرون بضم الياء يمطرون ثم قال أ ما سمعت قوله وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً

 110-  شي، ]تفسير العياشي[ عن علي بن معمر عن أبيه عن أبي عبد الله ع في قول الله عام فيه يغاث الناس و فيه يعصرون مضمومة ثم قال وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً

 111-  شي، ]تفسير العياشي[ عن سماعة قال سألته عن قول الله ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ قال يعني العزيز

 112-  شي، ]تفسير العياشي[ قال سليمان قال سفيان قلت لأبي عبد الله ع ما يجوز أن يزكي الرجل نفسه قال نعم إذا اضطر إليه أ ما سمعت قول يوسف اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ و قول العبد الصالح أَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ

 113-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الثمالي عن أبي جعفر ع قال ملك يوسف مصر و براريها لم يجاوزها إلى غيرها

 114-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر ع يحدث قال لما فقد يعقوب يوسف اشتد حزنه عليه و بكاؤه حتى ابْيَضَّتْ عَيْناهُ مِنَ الْحُزْنِ و احتاج حاجة شديدة و تغيرت حاله قال و كان يمتار القمح من مصر لعياله في السنة مرتين للشتاء و الصيف و إنه بعث عدة من ولده ببضاعة يسيرة إلى مصر مع رفقة خرجت فلما دخلوا على يوسف و ذلك بعد ما ولاه العزيز مصر فعرفهم يوسف و لم يعرفه إخوته لهيبة الملك و عزه فقال لهم هلموا بضاعتكم قبل الرفاق و قال لفتيانه عجلوا لهؤلاء الكيل و أوفوهم فإذا فرغتم فاجعلوا بضاعتهم هذه في رحالهم و لا تعلموهم بذلك ففعلوا ثم قال لهم يوسف قد بلغني أنه كان لكم أخوان لأبيكم فما فعلا قالوا أما الكبير منهما فإن الذئب أكله و أما الصغير فخلفناه عند أبيه و هو به ضنين و عليه شفيق قال فإني أحب أن تأتوني به معكم إذا جئتم لتمتاروا فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَ لا تَقْرَبُونِ قالُوا سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ وَ إِنَّا لَفاعِلُونَ فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ... فَتَحُوا مَتاعَهُمْ فوجدوا بضاعتهم فيه قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي هذِهِ بِضاعَتُنا قد رُدَّتْ إِلَيْنا و كيل لنا كيل قد زاد حمل بعير فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فلما احتاجوا إلى الميرة بعد ستة أشهر بعثهم يعقوب و بعث معهم بضاعة يسيرة و بعث معهم ابن ياميل و أخذ عليهم بذلك مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ أجمعين فانطلقوا مع الرفاق حتى دخلوا على يوسف فقال لهم معكم ابن ياميل قالوا نعم هو في الرحل قال لهم فأتوني به فأتوه به و هو في دار الملك فقال أدخلوه وحده فأدخلوه عليه فضمه يوسف إليه و بكى و قال له أنا أخوك يوسف فلا تبتئس بما تراني أعمل و اكتم ما أخبرتك به و لا تحزن و لا تخف ثم أخرجه إليهم و أمر فتيته أن يأخذوا بضاعتهم و يعجلوا لهم الكيل فإذا فرغوا جعلوا المكيال في رحل ابن ياميل ففعلوا به ذلك و ارتحل القوم مع الرفقة فمضوا فلحقهم يوسف و فتيته فنادوا فيهم أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قالُوا وَ أَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ وَ لِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ ما جِئْنا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَ ما كُنَّا سارِقِينَ قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ قال فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ... قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فقال لهم يوسف ارتحلوا عن بلادنا قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً و قد أخذ علينا موثقا من الله لنرد به إليه فَخُذْ أَحَدَنا مَكانَهُ إِنَّا نَراكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ إن فعلت قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ ف قالَ كَبِيرُهُمْ إني لست أبرح الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي و مضى إخوة يوسف حتى دخلوا على يعقوب فقال لهم فأين ابن ياميل قالوا ابن ياميل سرق مكيال الملك فأخذ الملك سرقته فحبس عنده فاسأل أهل القرية و العير حتى يخبروك بذلك فاسترجع و استعبر و اشتد حزنه حتى تقوس ظهره

  شي، ]تفسير العياشي[ أبو حمزة عن أبي بصير عنه ذكر فيه ابن يامين و لم يذكر ابن ياميل

 115-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبان الأحمر عن أبي عبد الله ع قال لما دخل إخوة يوسف ع و قد جاءوا بأخيهم معهم وضع لهم الموائد قال يمتار كل واحد منكم مع أخيه لأمه على الخوان فجلسوا و بقي أخوه قائما فقال له ما لك لا تجلس مع إخوتك قال ليس لي منهم أخ من أمي قال فلك أخ من أمك زعم هؤلاء أن الذئب أكله قال نعم قال فاقعد و كل معي قال فترك إخوته الأكل قالوا إنا نريد أمرا و يأبى الله إلا أن يرفع ولد يامين علينا ثم قال حين فرغوا من جهازهم أمر أن يضع الصاع في رحل أخيه فلما فصلوا نادى مناد أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ قال فرجعوا فقالوا ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ إلى قوله جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ يعنون السنة التي تجري فيهم أن يحبسه فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ ف قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ

 قال الحسن بن علي الوشاء فسمعت الرضا ع يقول يعنون المنطقة فلما فرغ من غدائه قال ما بلغ من حزنك على أخيك قال ولد لي عشرة أولاد فكلهم شققت لهم من اسمه قال فقال له ما أراك حزنت عليه حيث اتخذت النساء من بعده قال أيها العزيز إن لي أبا شيخا كبيرا صالحا فقال يا بني تزوج لعلك أن تصيب ولدا يثقل الأرض بشهادة أن لا إله إلا الله قال أبو محمد عبد الله بن محمد هذا من رواية الرضا ع

 116-  شي، ]تفسير العياشي[ عن علي بن مهزيار عن بعض أصحابنا عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال و قد كان هيأ لهم طعاما فلما دخلوا إليه قال ليجلس كل بني أم على مائدة قال فجلسوا و بقي ابن يامين قائما فقال له يوسف ما لك لا تجلس قال له إنك قلت ليجلس كل بني أم على مائدة و ليس لي منهم ابن أم فقال يوسف أ ما كان لك ابن أم قال له ابن يامين بلى قال يوسف فما فعل قال زعم هؤلاء أن الذئب أكله قال فما بلغ من حزنك عليه قال ولد لي أحد عشر ابنا كلهم أشتق له اسما من اسمه فقال له يوسف أراك قد عانقت النساء و شممت الولد من بعده قال له ابن يامين إن لي أبا صالحا و إنه قال تزوج لعل الله أن يخرج منك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح فقال له تعال فاجلس معي على مائدتي فقال إخوة يوسف لقد فضل الله يوسف و أخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته

 117-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر ع يقول لا خير فيمن لا تقية له و لقد قال يوسف أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ و ما سرقوا

 118-  شي، ]تفسير العياشي[ و في رواية أخرى عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال قيل له و أنا عنده عن سالم بن أبي حفصة يروي عنك أنك تكلم على سبعين وجها لك منها المخرج فقال ما يريد سالم مني أ يريد أن أجي‏ء بالملائكة فو الله ما جاء بهم النبيون و لقد قال إبراهيم إِنِّي سَقِيمٌ و الله ما كان سقيما و ما كذب و لقد قال إبراهيم بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ و ما فعله كبيرهم و ما كذب و لقد قال يوسف أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ و الله ما كانوا سرقوا و ما كذب

 119-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ع قال سمعته يقول صواع الملك طاسه الذي يشرب فيه

 120-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد الله ع في قوله صُواعَ الْمَلِكِ قال كان قدحا من ذهب و قال كان صواع يوسف إذ كيل به

 121-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الحسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله ع قال ذكر بني يعقوب قال كانوا إذا غضبوا اشتد غضبهم حتى تقطر جلودهم دما أصفر و هم يقولون خذ أحدنا مكانه يعني جزاؤه فأخذ الذي وجد الصاع عنده

 122-  شي، ]تفسير العياشي[ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال لما استيأس إخوة يوسف من أخيهم قال لهم يهودا و كان أكبرهم فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ قال و رجع إلى يوسف يكلمه في أخيه فكلمه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا و كان إذا غضب قامت شعرة في كتفه و خرج منها الدم قال و كان بين يدي يوسف ابن له صغير معه رمانة من ذهب و كان الصبي يلعب بها قال فأخذها يوسف من الصبي فدحرجها نحو يهودا قال و حبا الصبي ليأخذها فمس يهودا فسكن يهودا ثم عاد إلى يوسف فكلمه في أخيه حتى ارتفع الكلام بينهما حتى غضب يهودا و قامت الشعرة و سال منها الدم فأخذ يوسف الرمانة من الصبي فدحرجها نحو يهودا و حبا الصبي نحو يهودا فسكن يهودا فقال يهودا إن في البيت معنا لبعض ولد يعقوب قال فعند ذلك قال لهم يوسف هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ

 و في رواية هشام بن سالم عنه ع قال لما أخذ يوسف أخاه اجتمع عليه إخوته فقالوا له خذ أحدنا مكانه و جلودهم تقطر دما أصفر و هم يقولون خذ أحدنا مكانه قال فلما أن أبي عليهم و أخرجوا من عنده قال لهم يهودا قد علمتم ما فعلتم بيوسف فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ قال فرجعوا إلى أبيهم و تخلف يهودا قال فدخل على يوسف فكلمه في أخيه حتى ارتفع الكلام بينه و بينه و غضب و كان على كتفه شعرة إذا غضب قامت الشعرة فلا تزال تقذف بالدم حتى يمسه بعض ولد يعقوب قال فكان بين يدي يوسف ابن له صغير في يده رمانة من ذهب يلعب بها فلما رآه يوسف قد غضب و قامت الشعرة تقذف بالدم أخذ الرمانة من يدي الصبي ثم دحرجها نحو يهودا و ابتغى الصبي ليأخذها فوقعت يده على يهودا قال فذهب غضبه قال فارتاب يهودا و رجع الصبي بالرمانة إلى يوسف ثم ارتفع الكلام بينهما حتى غضب و قامت الشعرة فجعلت تقذف بالدم فلما رأى يوسف دحرج الرمانة نحو يهودا و أتبعها الصبي ليأخذها فوقعت يده على يهودا فسكن غضبه قال فقال يهودا إن في البيت لمن ولد يعقوب حتى صنع ذلك ثلاث مرات

 بيان قال الطبرسي رحمه الله فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ أي لا أزال بهذه الأرض و لا أزول عنها و هي أرض مصر حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي في البراح و الرجوع إليه أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي بالخروج و ترك أخي هنا و قيل بالموت و قيل بما يكون عذرا لنا عند أبينا عن أبي مسلم و قيل بالسيف حتى أحارب من حبس أخي عن الجبائي انتهى. و قال الفيروزآبادي حبا الرجل مشى على يديه و بطنه و الصبي حبوا كسهو مشى على استه انتهى. و يظهر من الخبر الأول أنه ع أظهر الأمر ليهودا قبل رجوع إخوته و فيه مخالفة ما لسائر الأخبار

 123-  شي، ]تفسير العياشي[ عن جابر قال قلت لأبي جعفر ع رحمك الله ما الصبر الجميل فقال كان صبر ليس فيه شكوى إلى الناس إن إبراهيم بعث يعقوب إلى راهب من الرهبان عابد من العباد في حاجة فلما رآه الراهب حسبه إبراهيم فوثب إليه فاعتنقه ثم قال مرحبا بخليل الرحمن قال يعقوب إني لست بإبراهيم و لكني يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم فقال له الراهب فما بلغ بك ما أرى من الكبر قال الهم و الحزن فما جاوز صغير الباب حتى أوحى الله إليه أن يا يعقوب شكوتني إلى العباد فخر ساجدا عند عتبة الباب يقول رب لا أعود فأوحى الله إليه أني قد غفرتها لك فلا تعودن إلى مثلها فما شكا شيئا مما أصابه من نوائب الدنيا إلا أنه قال يوما إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ

  أقول رواه السيد ابن طاوس في كتاب سعد السعود من تفسير ابن عقدة الحافظ عن عثمان بن عيسى عن المفضل عن جابر مثله بيان بعث إبراهيم يعقوب ع بعد كبر يعقوب غريب و لعله كان بعد فوت إبراهيم و كان البعث على سبيل الوصية و في بعض النسخ إن الله بعث و هو الصواب و قوله صغير الباب لعله من إضافة الصفة إلى الموصوف أي الباب الصغير أي باب البيت دون باب الدار و رواه في كتاب التمحيص عن جابر و فيه فما جاز عتبة الباب

 124-  شي، ]تفسير العياشي[ عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال قال له بعض أصحابنا ما بلغ من حزن يعقوب على يوسف قال حزن سبعين ثكلى حرى

 125-  و بهذا الإسناد عنه قال قيل له كيف تحزن يعقوب على يوسف و قد أخبره جبرئيل أنه لم يمت و أنه سيرجع إليه فقال إنه نسي ذلك

 بيان لعل المراد أنه لشدة حبه له كان محزونا على مفارقته حتى كأنه نسي ذلك

 126-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن سهل البحراني عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال البكاءون خمسة آدم و يعقوب و يوسف و فاطمة بنت محمد و علي بن الحسين صلوات الله عليهم أما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره و حتى قيل له تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ

 127-  شي، ]تفسير العياشي[ عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله ع قال إن يعقوب أتى ملكا بناحيتكم يسأله الحاجة فقال له الملك أنت إبراهيم قال لا قال و أنت إسحاق بن إبراهيم قال لا قال فمن أنت قال أنا يعقوب بن إسحاق قال فما بلغ بك ما أرى مع حداثة السن قال الحزن على يوسف قال لقد بلغ بك الحزن يا يعقوب كل مبلغ فقال إنا معشر الأنبياء أسرع شي‏ء البلاء إلينا ثم الأمثل فالأمثل من الناس فقضى حاجته فلما جاوز بابه هبط عليه جبرئيل فقال له يا يعقوب ربك يقرئك السلام و يقول لك شكوتني إلى الناس فعفر وجهه في التراب و قال يا رب زلة أقلنيها فلا أعود بعد هذا أبدا ثم عاد إليه جبرئيل فقال يا يعقوب ارفع رأسك ربك يقرئك السلام و يقول لك قد أقلتك فلا تعود تشكوني إلى خلقي فما رئي ناطقا بكلمة مما كان فيه حتى أتاه بنوه فصرف وجهه إلى الحائط و قال إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ

 128-  و في حديث آخر عنه جاء يعقوب إلى نمرود في حاجة فلما دخل عليه و كان أشبه الناس بإبراهيم قال له أنت إبراهيم خليل الرحمن قال لا الحديث

 129-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي جعفر ع عاد إلى الحديث الأول قال و اشتد حزنه يعني يعقوب حتى تقوس ظهره و أدبرت الدنيا عن يعقوب و ولده حتى احتاجوا حاجة شديدة و فنيت ميرهم فعند ذلك قال يعقوب لولده اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَ أَخِيهِ وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ فخرج منهم نفر و بعث معهم بضاعة يسيرة و كتب معهم كتابا إلى عزيز مصر يعطفه على نفسه و ولده و أوصى ولده أن يبدوا بدفع كتابه قبل البضاعة فكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إلى عزيز مصر و مظهر العدل و موفي الكيل من يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله صاحب نمرود الذي جمع لإبراهيم الحطب و النار ليحرقه بها فجعل الله عليه بردا و سلاما و أنجاه منها أخبرك أيها العزيز أنا أهل بيت قديم لم يزل البلاء إلينا سريعا من الله ليبلونا بذلك عند السراء و الضراء و أن مصائب تتابعت علي منذ عشرين سنة أولها أنه كان لي ابن سميته يوسف و كان سروري من بين ولدي و قرة عيني و ثمرة فؤادي و إن إخوته من غير أمه سألوني أن أبعثه معهم يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ فبعثته معهم بكرة و إنهم جاءوني عِشاءً يَبْكُونَ و جاءوني عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ فزعموا أن الذئب أكله فاشتد لفقده حزني و كثر على فراقه بكائي حتى ابيضت عيناي من الحزن و إنه كان له أخ من خالته و كنت به معجبا و عليه رفيقا و كان لي أنيسا و كنت إذا ذكرت يوسف ضممته إلى صدري فيسكن بعض ما أجد في صدري و إن إخوته ذكروا لي أنك أيها العزيز سألتهم عنه و أمرتهم أن يأتوك به و إن لم يأتوك به منعتهم الميرة لنا من القمح من مصر فبعثته معهم ليتماروا لنا قمحا فرجعوا إلي فليس هو معهم و ذكروا أنه سرق مكيال الملك و نحن أهل بيت لا نسرق و قد حبسته و فجعتني به و قد اشتد لفراقه حزني حتى تقوس لذلك ظهري و عظمت به مصيبتي مع مصائب متتابعات علي فمن علي بتخلية سبيله و إطلاقه من محبسه و طيب لنا القمح و اسمح لنا في السعر و عجل سراح آل يعقوب فلما مضى ولد يعقوب من عنده نحو مصر بكتابه نزل جبرئيل على يعقوب فقال له يا يعقوب إن ربك يقول لك من ابتلاك بمصائبك التي كتبت بها إلى عزيز مصر قال يعقوب أنت بلوتني بها عقوبة منك و أدبا لي قال الله فهل كان يقدر على صرفها عنك أحد غيري قال يعقوب اللهم لا قال أ فما استحييت مني حين شكوت مصائبك إلى غيري و لم تستغث بي و تشكو ما بك إلي فقال يعقوب أستغفرك يا إلهي و أتوب إليك و أشكو بثي و حزني إليك فقال الله تبارك و تعالى قد بلغت بك يا يعقوب و بولدك الخاطئين الغاية في أدبي و لو كنت يا يعقوب شكوت مصائبك إلي عند نزولها بك و استغفرت و تبت إلي من ذنبكلصرفتها عنك بعد تقديري إياها عليك و لكن الشيطان أنساك ذكري فصرت إلى القنوط من رحمتي و أنا الله الجواد الكريم أحب عبادي المستغفرين التائبين الراغبين إلي فيما عندي يا يعقوب أنا راد إليك يوسف و أخاه و معيد إليك ما ذهب من مالك و لحمك و دمك و راد إليك بصرك و يقوم لك ظهرك فطب نفسا و قر عينا و إن الذي فعلته بك كان أدبا مني لك فاقبل أدبي و مضى ولد يعقوب بكتابه نحو مصر حتى دخلوا على يوسف في دار المملكة ف قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَيْنا بأخينا ابن يامين و هذا كتاب أبينا يعقوب إليك في أمره يسألك أن تمن به عليه قال فأخذ يوسف كتاب يعقوب فقبله و وضعه على عينيه و بكى و انتحب حتى بلت دموعه القميص الذي عليه ثم أقبل عليهم ف قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ من قبل وَ أَخِيهِ من بعد قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا فلا تفضحنا و لا تعاقبنا اليوم و اغفر لنا قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ

 و في رواية أخرى عن أبي بصير عن أبي جعفر ع نحوه

 130-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عمرو بن عثمان عن بعض أصحابنا قال لما قال إخوة يوسف يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ قال قال يوسف لا صبر على ضر آل يعقوب فقال عند ذلك هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ الآية

 131-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضا ع قال سألته عن قوله وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ قال المقل و في هذه الرواية و جئنا ببضاعة مزجئة قال كانت المقل و كانت بلادهم بلاد المقل و هي البضاعة

 بيان قال البيضاوي مُزْجاةٍ رديئة أو قليلة ترد و تدفع رغبة عنها من أزجيته إذا دفعته و قيل كانت دراهم زيوفا و قيل صوفا و سمنا و قيل صنوبر و حبة الخضراء و قيل الأقط و سويق المقل انتهى. و في رواية أخرى لعله ع قرأ مزجاة بتشديد الجيم أو مزجية بكسر الجيم و تشديد الياء و لم ينقل في القراءة الشاذة غير القراءة المشهورة

 132-  شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا رفعه قال كتب يعقوب النبي إلى يوسف من يعقوب بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله الرحمن إلى عزيز مصر أما بعد فإنا أهل بيت لم يزل البلاء سريعا إلينا ابتلي إبراهيم جدي فألقي في النار ثم ابتلي أبي إسحاق بالذبح فكان لي ابن و كان قرة عيني و كنت أسر به فابتليت بأن أكله الذئب فذهب بصري حزنا عليه من البكاء و كان له أخ و كنت أسر به بعده فأخذته في سرق و إنا أهل بيت لم نسرق قط و لا نعرف بالسرق فإن رأيت أن تمن علي به فعلت قال فلما أتى يوسف بالكتاب فتحه و قرأه فصاح ثم قام فدخل منزله فقرأ و بكى ثم غسل وجهه ثم خرج إلى إخوته ثم عاد فقرأه فصاح و بكى ثم قام فدخل منزله فقرأه و بكى ثم غسل وجهه و عاد إلى إخوته فقال هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ و أعطاهم قميصه و هو قميص إبراهيم و كان يعقوب بالرملة فلما فصلوا بالقميص من مصر قال يعقوب إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ

 133-  شي، ]تفسير العياشي[ عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله ع قال ليس رجل من ولد فاطمة يموت و لا يخرج من الدنيا حتى يقر للإمام بإمامته كما أقر ولد يعقوب ليوسف حين قالوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا

  -134  ل، ]الخصال[ ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ في أسئلة الشامي عن أمير المؤمنين ع أنه ع قال يوم الأربعاء أدخل يوسف السجن

 135-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن إسماعيل رفعه بإسناد له قال إن يعقوب وجد ريح قميص يوسف من مسيرة عشرة ليال و كان يعقوب ببيت المقدس و يوسف بمصر و هو القميص الذي نزل على إبراهيم من الجنة فدفعه إبراهيم إلى إسحاق و إسحاق إلى يعقوب و دفعه يعقوب إلى يوسف ع

 136-  شي، ]تفسير العياشي[ عن نشيط بن صالح البجلي قال قلت لأبي عبد الله ع أ كان إخوة يوسف أنبياء قال لا و لا بررة أتقياء و كيف و هم يقولون لأبيهم يعقوب تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ

 شي، ]تفسير العياشي[ عن نشيط عن رجل مثله

 137-  شي، ]تفسير العياشي[ عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال إن بني يعقوب بعد ما صنعوا بيوسف أذنبوا فكانوا أنبياء

 بيان استفهام على الإنكار

 138-  شي، ]تفسير العياشي[ عن مقرن عن أبي عبد الله ع قال كتب عزيز مصر إلى يعقوب أما بعد فهذا ابنك يوسف اشتريته بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ و اتخذته عبدا و هذا ابنك ابن يامين أخذته قد سرق و اتخذته عبدا قال فما ورد على يعقوب شي‏ء أشد عليه من ذلك الكتاب فقال للرسول مكانك حتى أجيبه فكتب إليه يعقوب أما بعد فقد فهمت كتابك أنك أخذت ابني بثمن بخس و اتخذته عبدا و أنك اتخذت ابني ابن يامين و قد سرق فاتخذته عبدا فإنا أهل بيت لا نسرق و لكنا أهل بيت نبتلى و قد ابتلي أبونا إبراهيم بالنار فوقاه الله و ابتلي أبونا إسحاق بالذبح فوقاه الله و إني قد ابتليت بذهاب بصري و ذهاب ابني و عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً قال فلما ولى الرسول عنه رفع يده إلى السماء ثم قال يا حسن الصحبة يا كريم المعونة يا خيرا كله ائتني بروح منك و فرج من عندك قال فهبط عليه جبرئيل فقال يا يعقوب أ لا أعلمك دعوات يرد الله عليك بها بصرك و يرد عليك ابنيك فقال بلى فقال قل يا من لا يعلم أحد كيف هو و حيث هو و قدرته إلا هو يا من سد الهواء بالسماء و كبس الأرض على الماء و اختار لنفسه أحسن الأسماء ائتني بروح منك و فرج من عندك فما انفجر عمود الصبح حتى أتي بالقميص فطرح على وجهه فرد الله عليه بصره و رد عليه ولده

 139-  دعوات الراوندي، عن أبي جعفر ع أن يعقوب ع كان اشتد به الحزن و رفع يده إلى السماء و قال يا حسن الصحبة إلى آخر الخبر

 140-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي جعفر ع عاد إلى الحديث الأول الذي قطعناه قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا الذي بلته دموع عيني فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يرتد بصيرا لو قد شم بريحي وَ أْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ و ردهم إلى يعقوب في ذلك اليوم و جهزهم بجميع ما يحتاجون إليه فلما فصلت عيرهم من مصر وجد يعقوب ريح يوسف فقال لمن بحضرته من ولده إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ قال و أقبل ولده يحثون السير بالقميص فرحا و سرورا بما رأوا من حال يوسف و الملك الذي أعطاه الله و العز الذي صاروا إليه في سلطان يوسف و كان مسيرهم من مصر إلى بدو يعقوب تسعة أيام فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ ألقى القميص عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً و قال لهم ما فعل ابن ياميل قالوا خلفناه عند أخيه صالحا قال فحمد الله يعقوب عند ذلك و سجد لربه سجدة الشكر و رجع إليه بصره و تقوم له ظهره و قال لولده تحملوا إلى يوسف في يومكم هذا بأجمعكم فساروا إلى يوسف و معهم يعقوب و خالة يوسف ياميل فأحثوا السير فرحا و سرورا فساروا تسعة أيام إلى مصر

 141-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع في قوله سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي فقال أخرهم إلى السحر قال يا رب إنما ذنبهم فيما بيني و بينهم فأوحى الله إليه أني قد غفرت لهم

 142-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع في قوله سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي قال أخرهم إلى السحر ليلة الجمعة

 143-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير في تتمة الخبر الأول عن أبي جعفر ع قال فصاروا تسعة أيام إلى مصر فلما دخلوا على يوسف في دار الملك اعتنق أباه فقبله و بكى و رفعه و رفع خالته على سرير الملك ثم دخل منزله فادهن و اكتحل و لبس ثياب العز و الملك ثم خرج إليهم فلما رأوه سجدوا جميعا له إعظاما له و شكرا لله فعند ذلك قال يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ إلى قوله بَيْنِي وَ بَيْنَ إِخْوَتِي قال و لم يكن يوسف في تلك العشرين السنة يدهن و لا يكتحل و لا يتطيب و لا يضحك و لا يمس النساء حتى جمع الله يعقوب ع شمله و جمع بينه و بين يعقوب و إخوته

 بيان قال الرازي اختلفوا في مقدار المدة بين هذا الوقت و بين وقت الرؤيا فقيل ثمانون سنة و قيل سبعون و قيل أربعون سنة و هو قول الأكثرين و لذلك يقولون إن تأويل الرؤيا ربما صحت بعد أربعين سنة و قيل ثماني عشرة سنة و عن الحسن أنه ألقي في الجب ابن سبع عشرة سنة و بقي في العبودية و السجن و الملك ثمانين سنة ثم وصل إلى أبيه و أقاربه و عاش بعد ذلك ثلاثا و عشرين سنة فكان عمره مائة و عشرين سنة و الله أعلم بالحقائق

 144-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الحسن بن أسباط قال سألت أبا الحسن ع في كم دخل يعقوب من ولده على يوسف قال في أحد عشر ابنا له فقيل له أسباط قال نعم و سألته عن يوسف و أخيه أ كان أخاه لأمه أم ابن خالته فقال ابن خالته

 بيان هذا الخبر يدل على أن بنيامين لم يكن من أم يوسف بل من خالته و إنما دعاه أخا من أمه مجازا كما تجوز في قوله وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ و هو قول جماعة من المفسرين و المؤرخين

 145-  شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع في قول الله وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ قال العرش السرير و في قوله وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً قال كان سجودهم ذلك عبادة لله

 146-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن بهروز عن جعفر بن محمد ع قال إن يعقوب قال ليوسف حيث التقيا أخبرني يا بني كيف صنع بك فقال له يوسف انطلق بي فأقعدت على رأس الجب فقيل لي انزع القميص فقلت لهم إني أسألك بوجه أبي الصديق يعقوب أن لا تبدوا عورتي و لا تسلبوني قميصي قال فأخرج علي فلان السكين فغشي على يعقوب فلما أفاق قال له يعقوب حدثني كيف صنع بك فقال له يوسف إني أطالب يا أبتاه لما كففت فكف

 147-  شي، ]تفسير العياشي[ عن إسحاق بن يسار عن أبي عبد الله ع أنه قال إن الله بعث إلى يوسف و هو في السجن يا ابن يعقوب ما أسكنك مع الخطاءين قال جرمي قال فاعترف بجرمه فأخرج فاعترف بمجلسه منها مجلس الرجل من أهله فقال له ادع بهذا الدعاء يا كبير كل كبير يا من لا شريك له و لا وزير يا خالق الشمس و القمر المنير يا عصمة المضطر الضرير يا قاصم كل جبار عنيد يا مغني البائس الفقير يا جابر العظم الكسير يا مطلق المكبل الأسير أسألك بحق محمد و آل محمد أن تجعل لي من أمري فرجا و مخرجا و ترزقني من حيث أحتسب و من حيث لا أحتسب قال فلما أصبح دعاه الملك فخلى سبيله و ذلك قوله وَ قَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ

 148-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عباس بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله ع يقول بينا رسول الله ص جالس في أهل بيته إذ قال أحب يوسف أن يستوثق لنفسه قال فقيل بما ذا يا رسول الله قال لما عزل له عزيز مصر عن مصر لبس ثوبين جديدين أو قال لطيفين و خرج إلى فلاة من الأرض فصلى ركعات فلما فرغ رفع يده إلى السماء فقال رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ قال فهبط إليه جبرئيل فقال له يا يوسف ما حاجتك فقال رب تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ فقال أبو عبد الله ع خشي الفتن

 أقول ذكر السيد في سعد السعود نقلا عن ترجمة التوراة أن إخوة يوسف باعوه بعشرين مثقالا من فضة و أن عمره كان عشرين سنة و أن عمر يعقوب كان مائة و سبعا و أربعين سنة و أن يوسف بكى على أبيه سبعة أيام و ناح المقربون عليه سبعين يوما و أن عمر يوسف كان مائة و عشرين سنة ثم قال و ذكر محمد بن خالد البرقي في كتاب المبتدإ أن عمره يوم باعوه كان ثلاث عشرة سنة. أقول وجدت في كتاب الفهرست لأبي غالب الزراري ما هذا لفظه أبو حمزة البطائني اسمه سالم روي عنه أن صاع يوسف كان يصوت بصوت حسن واحد و اثنان. تذنيب في حل ما يورد من الإشكال على ما مر من الآيات و الأخبار و فيه فصول. الأول فيما يتعلق بأحوال يعقوب و لنذكر هنا بعض ما أورده السيد قدس الله روحه في كتاب تنزيه الأنبياء. قال فإن قيل فما معنى تفضيل يعقوب ليوسف ع على إخوته في البر و التقريب و المحبة حتى أوقع ذلك التحاسد بينهم و بينه و أفضى إلى الحال المكروهة التي نطق بها القرآن حتى قالوا على ما حكاه الله تعالى عنهم لَيُوسُفُ وَ أَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ فنسبوه إلى الضلال و الخطاء و ليس لكم أن تقولوا إن يعقوب ع لم يعلم بذلك من حالهم قبل أن يكون منه التفضيل ليوسف ع لأن ذلك لا بد من أن يكون معلوما من حيث كان في طباع البشر التنافس و التحاسد. الجواب قيل له ليس فيما نطق به القرآن ما يدل على أن يعقوب فضله بشي‏ء من فعله لأن المحبة التي هي ميل الطباع ليست مما يكتسبه الإنسان و يختاره و إنما ذلك موقوف على فعل الله تعالى فيه و لهذا يكون للرجل عدة أولاد فيحب أحدهم دون غيره و ربما كان المحبوب أدونهم في الجمال و الكمال و قد قال الله تعالى وَ لَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَ لَوْ حَرَصْتُمْ و إنما أراد ما بيناه من ميل النفس الذي لا يمكن الإنسان أن يعدل فيه بين نسائه لأن ما عدا ذلك من البر و العطاء و التقريب و ما أشبهه يستطيع الإنسان أن يعدل فيه بين النساء. فإن قيل فكأنكم نفيتم عن يعقوب ع القبيح و الاستفساد و أضفتموها إلى الله فما الجواب عن المسألة على هذا الوجه قلنا عنها جوابان أحدهما أنه لا يمتنع أن يكون الله تعالى علم أن إخوة يوسف سيكون بينهم ذلك التحاسد و الفعل القبيح على كل حال و إن لم يفضل يوسف في محبة أبيه له

  و الجواب الآخر أن يكون ذلك جاريا مجرى التمكين و التكليف الشاق لأن هؤلاء الإخوة متى امتنعوا من حسد أخيهم و البغي عليه و الإضرار به و هو غير مفضل عليهم و لا مقدم لا يستحقون من الثواب ما يستحقونه إذا امتنعوا من ذلك مع التقديم و التفضيل فأراد الله تعالى منهم أن يمتنعوا على هذا الوجه الشاق و إذا كان مكلفا على هذا الوجه فلا استفساد في تمييله طباع أبيهم إلى محبة يوسف ع لأن بذلك ينتظم هذا التكليف و يجري هذا الباب مجرى خلق إبليس مع علمه تعالى بضلال من ضل عند خلقه ممن لو لم يخلقه لم يكن ضالا و مجرى زيادة الشهوة فيمن يعلم تعالى أنه عند هذه الزيادة يفعل قبيحا لولاها لم يفعله. و وجه آخر في الجواب عن أصل المسألة و هو أنه يجوز أن يكون يعقوب ع كان مفضلا ليوسف ع في العطاء و التقريب و الترحيب و البر الذي وصل إليه من جهته و ليس ذلك بقبيح لأنه لا يمتنع أن يكون يعقوب ع لم يعلم أن ذلك يؤدي إلى ما أدى إليه و يجوز أن يكون رأى من سيرة إخوته و سدادهم و جميل ظاهرهم ما غلب على ظنه أنهم لا يحسدونه و إن فضله عليهم فإن الحسد و إن كان كثيرا ما يكون في الطباع فإن كثيرا من الناس يتنزهون عنه و يتجنبونه و يظهر من أحوالهم أمارات يظن معها بهم ما ذكرناه و ليس التفضيل لبعض الأولاد على بعض في العطاء محاباة لأن المحاباة هي مفاعلة من الحباء و معناها أن تحبو غيرك ليحبوك و هذا خارج عن معنى التفضيل بالبر الذي لا يقصد به إلى ما ذكرناه فأما قولهم إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ فلم يريدوا به الضلال عن الدين و إنما أرادوا الذهاب عن التسوية بينهم في العطية لأنهم رأوا أن ذلك أصوب في تدبيرهم و أصل الضلال هو العدول و كل من عدل عن شي‏ء و ذهب عنه فقد ضل و يجوز أيضا أن يريدوا بذلك الضلال عن الدين لأنهم خبروا عن اعتقادهم و قد يجوز أن يعتقدوا في الصواب الخطاء فإن قيل كيف يجوز أن يقع من إخوة يوسف هذا الخطاء العظيم و الفعل القبيح و قد كانوا أنبياء فإن قلتم لم يكونوا أنبياء في الحال قيل لكم و أي منفعة في ذلك لكم و أنتم تذهبون إلى أن الأنبياء لا يواقعون القبائح قبل النبوة و لا بعدها قلنا لم يقم الحجة بأن إخوة يوسف الذين فعلوا به ما فعلوه كانوا أنبياء في حال من الأحوال و إذا لم يقم بذلك الحجة جاز على هؤلاء الإخوة من فعل القبيح ما يجوز على كل مكلف لم تقم حجة بعصمته و ليس لأحد أن يقول كيف تدفعون نبوتهم و الظاهر أن الأسباط من بني يعقوب كانوا أنبياء لأنه لا يمتنع أن يكون الأسباط الذين كانوا أنبياء غير هؤلاء الإخوة الذين فعلوا بيوسف ما قصه الله تعالى عنهم و ليس في ظاهر الكتاب أن جميع إخوة يوسف و سائر أسباط يعقوب كادوا يوسف ع بما حكاه الله تعالى من الكيد و قد قيل إن هؤلاء الإخوة في تلك الحال لم يكونوا بلغوا الحلم و لا توجه إليهم التكليف و قد يقع ممن قارب البلوغ من الغلمان مثل هذه الأفعال و قد يلزمهم بعض العتاب و اللوم فإن ثبت هذا الوجه سقطت المسألة أيضا مع تسليم أن هؤلاء الإخوة كانوا أنبياء في المستقبل انتهى كلامه رحمه الله. أقول الأظهر في الجواب هو ما أومئ إليه من أن التفضيل بين الأولاد في العطاء و المحبة و الإكرام إذا كان لأمر ديني و لفضيلة واقعية لم يدل دليل على كونه مرجوحا بل دلت الأخبار المعتبرة على رجحانه كما سيأتي في بابه فعلى هذا لا حرج في تفضيل يعقوب يوسف مع علمه بأنه سيكون من الأنبياء و الصديقين عليهم و لا يوجب العلم بحسد الإخوة ترك أمر راجح ديني يقتضيه العقل و الشرع و أما خطاء الإخوة فقد عرفت بما مر من الأخبار أنهم لم يكونوا من الأنبياء و ذهب كثير من العامة أيضا إلى ذلك فلا يستبعد منهم صدور الذنب و لكن دلت الآية ظاهرا و الأخبار صريحا على أنهم فارقوا الدنيا تائبين مغفورين كما عرفت.

  ثم قال قدس الله روحه مسألة فإن قال فلم أرسل يعقوب ع يوسف مع إخوته مع خوفه عليه منهم و قوله أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ و هل هذا إلا تغرير به و مخاطرة. الجواب قيل له ليس يمتنع أن يكون يعقوب لما رأى من بنيه ما رأى من الأيمان و العهود و الاجتهاد في الحفظ و الرعاية لأخيهم ظن مع ذلك السلامة و غلب النجاة بعد أن كان خائفا مغلبا لغير السلامة و قوي في نفسه أن يرسله معهم إشفاقه من إيقاع الوحشة و العداوة بينهم لأنه إذا لم يرسله مع الطلب منهم و الحرص علموا أن سبب ذلك هو التهمة لهم و الخوف من ناحيتهم و استوحشوا منه و من يوسف ع و انضاف هذا الداعي إلى ما ظنه من السلامة و النجاة فأرسله. مسألة فإن قال فما معنى قولهم ليعقوب ع وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ كُنَّا صادِقِينَ و كيف يجوز أن ينسبوه إلى أنه لا يصدق الصادق و يكذبه. الجواب إنهم لما علموا على مرور الأيام شدة تهمة أبيهم لهم و خوفه على أخيهم منهم لما كان يظهر منهم من أمارات الحسد و النفاسة أيقنوا بأنه يكذبهم فيما أخبروا به من أكل الذئب أخاهم فقالوا له إنك لا تصدقنا في هذا الخبر لما سبق إلى قلبك من تهمتنا و إن كنا صادقين و قد يفعل مثل ذلك المخادع المماكر إذا أراد أن يوقع في قلب من يخبره بالشي‏ء ليصدقه فيقول له أنا أعلم أنك لا تصدقني في كذا و كذا و إن كنت صادقا و هذا بين. مسألة فإن قال فلم أسرف يعقوب ع في الحزن و التهالك و ترك التماسك حتى ابيضت عيناه من البكاء و من شأن الأنبياء التجلد و التصبر و تحمل الأثقال و لهذه الحالة ما عظمت منازلهم و ارتفعت درجاتهم. الجواب قيل له إن يعقوب ع بلي و امتحن في ابنه بما لم يمتحن به أحد قبله لأن الله تعالى رزقه من يوسف أحسن الناس و أجملهم و أكملهم علما و فضلا و أدبا و عفافا ثم أصيب به أعجب مصيبة و أطرفها لأنه لم يمرض بين يديه مرضا يئول إلى الموت فيسليه عنه تمريضه له ثم يئس منه بالموت بل فقده فقدا لا يقطع معه على الهلاك فييأس و لا يجد أمارة على حياته و سلامته فيرجو و يطمع فكان متردد الفكر بين يأس و طمع و هذا أغلظ ما يكون على الإنسان و أنكى لقلبه و قد يرد على الإنسان من الحزن ما لا يملك رده و لا يقوى على دفعه و لهذا لم يكن أحد منهيا عن مجرد الحزن و البكاء و إنما نهي عن اللطم و النوح و أن يطلق لسانه بما سخط ربه

 و قد بكى نبينا ص على ابنه إبراهيم عند وفاته و قال العين تدمع و القلب يخشع و لا نقول ما يسخط الرب

و هو عليه الصلاة و السلام القدوة في جميع الآداب و الفضائل على أن يعقوب ع إنما أبدى من حزنه يسيرا من كثير و كان ما يخبه و يتصبر عليه و يغالبه أكثر و أوسع مما أظهره و بعد فإن التجلد على المصائب و كظم الحزن من المندوب إليه و ليس بواجب لازم و قد يعدل الأنبياء ع عن كثير من المندوبات انتهى كلامه رفع الله مقامه. أقول قد حققنا في بعض كتبنا أن محبة المقربين لأولادهم و أقربائهم و أحبائهم ليست من جهة الدواعي النفسانية و الشهوات البشرية بل تجردوا عن جميع ذلك و أخلصوا حبهم و ودهم و إرادتهم لله فهم ما يحبون سوى الله تعالى و حبهم لغيره تعالى إنما يرجع إلى حبهم له و لذا لم يحب يعقوب ع من سائر أولاده مثل ما أحب يوسف ع و هم لجهلهم بسبب حبه له نسبوه إلى الضلال و قالوا نحن عصبة و نحن أحق بأن نكون محبوبين له لأنا أقوياء على تمشية ما يريده من أمور الدنيا ففرط حبه ليوسف إنما كان لحب الله تعالى له و اصطفائه إياه و محبوب المحبوب محبوب فإفراطه في حب يوسف لا ينافي خلوص حبه لربه و لا يخل بعلو قدره و منزلته عند سيده و سيأتي الكلام في ذلك على وجه أبسط في محله و فيما أوردته كفاية لأولي الألباب. ثم قال رحمه الله مسألة فإن قال كيف لم يتسل يعقوب ع و يخفف عنه الحزن ما تحققه من رؤيا ابنه يوسف و رؤيا الأنبياء لا تكون إلا صادقة. الجواب قيل له عن ذلك جوابان أحدهما أن يوسف ع رأى تلك الرؤيا و هو صبي غير نبي و لا موحى إليه فلا وجه في تلك الحال للقطع على صدقها و صحتها و الآخر أن أكثر ما في هذا الباب أن يكون يعقوب ع قاطعا على بقاء ابنه و أن الأمر سيئول فيه إلى ما تضمنته الرؤيا و هذا لا يوجب نفي الحزن و الجزع لأنا نعلم أن طول المفارقة و استمرار الغيبة تقتضيان الحزن مع القطع على أن المفارق باق يجوز أن يئول حاله إلى القدوم و قد جزع الأنبياء ع و من جرى مجراهم من المؤمنين المطهرين من مفارقة أولادهم و أحبائهم مع ثقتهم بالالتقاء بهم في الآخرة و الحصول معهم في الجنة و الوجه في ذلك ما ذكرناه انتهى كلامه رحمه الله. الفصل الثاني في تأويل قوله تعالى وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ و لنذكر هنا ما أورده الرازي في تفسيره في هذا المقام فإن اعتراف الخصم أجدى لإتمام المرام. قال اعلم أن هذه الآية من المهمات التي يجب الاعتناء بالبحث عنها و في هذه الآية مسائل. المسألة الأولى في أنه ع هل صدر عنه ذنب أم لا و في هذه المسألة قولان أحدهما أن يوسف ع هم بالفاحشة قال الواحدي في كتاب البسيط قال المفسرون الموثوق بعلمهم المرجوع إلى روايتهم هم يوسف أيضا بهذه المرأة هما صحيحا و جلس منها مجلس الرجل من المرأة فلما رأى البرهان من ربه زالت كل شهوة عنه

 قال أبو جعفر الباقر بإسناده عن علي أنه قال طمعت فيه و طمع فيها و كان طمعه فيها أنه هم أن يحل التكة

و عن ابن عباس رضي الله عنه قال حل الهميان و جلس منها مجلس الخائن و عنه أيضا أنها استلقت له و قعد هو بين رجليها ينزع ثيابه ثم إن الواحدي طول في كلمات عديمة الفائدة في هذا الباب و ما ذكر آية يحتج بها أو حديثا صحيحا يعول عليه في تصحيح هذه المقالة و لما أمعن في الكلمات العارية عن الفائدة روي أن يوسف لما قال ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ قال له جبرئيل و لا حين هممت يا يوسف فقال يوسف عند ذلك وَ ما أُبَرِّئُ نَفْسِي ثم قال و الذين أثبتوا هذا العمل ليوسف كانوا أعرف بحقوق الأنبياء و ارتفاع منازلهم عند الله من الذين نفوا لهم عنه فهذا خلاصة كلامه في هذا الباب. و القول الثاني أن يوسف ع كان بريئا من العمل الباطل و الهم المحرم و هذا قول المحققين من المفسرين و المتكلمين و به نقول و عنه نذب. و اعلم أن الدلائل الدالة على وجوب عصمة الأنبياء ع كثيرة استقصيناها في سورة البقرة في قصة آدم ع فلا نعيدها إلا أنا نزيد هاهنا وجوها. فالحجة الأولى أن الزنا من منكرات الكبائر و الخيانة من معرض الأمانة من منكرات الذنوب و أيضا مقابلة الإحسان العظيم الدائم بالإساءة الموجبة للفضيحة الباقية و العار الشديد من منكرات الذنوب و أيضا الصبي إذا تربى في حجر إنسان و بقي مكفي المئونة مصون العرض من أول صباه إلى زمان شبابه و كمال قوته فإقدام هذا الصبي على إيصال أقبح أنواع الإساءة إلى ذلك المنعم من منكرات الأعمال إذا ثبت هذا فنقول إن هذه التي نسبوها إلى يوسف كانت موصوفة بجميع هذه الجهات الأربعة و مثل هذه المعصية لو نسبت إلى أفسق خلق الله و أبعدهم عن كل خير لاستنكف منه فكيف يجوز إسناده إلى الرسول المؤيد بالمعجزات القاهرة الباهرة. الثاني أنه تعالى قال في عين هذه الواقعة كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ و ذلك يدل على أن ماهية السوء و ماهية الفحشاء مصروفة عنه و لا شك أن المعصية التي نسبوها إليه أعظم أنواع السوء و أفحش أقسام الفحشاء فيكف يليق برب العالمين أن يشهد في عين هذه الواقعة بكونه بريئا من السوء و الفحشاء مع أنه كان قد أتى بأعظم أنواع السوء و الفحشاء و أيضا فالآية تدل على قولنا من وجه آخر و ذلك لأنا نقول هب أن هذه الآية لا تدل على نفي هذه المعصية عنه إلا أنه لا شك أنها تفيد المدح العظيم و الثناء البالغ و لا يليق بحكمة الله تعالى أن يحكي عن إنسان إقدامه على معصية عظيمة ثم إنه يمدحه و يثني عليه بأعظم المدائح و الأثنية عقيب أن يحكي عنه ذلك الذنب العظيم فإن مثاله ما إذا حكى السلطان عن بعض عبيده أقبح الذنوب و أفحش الأعمال ثم يذكره بالمدح العظيم و الثناء البالغ عقيبه فإن ذلك يستنكر جدا فكذا هاهنا. الثالث أن الأنبياء متى صدرت عنهم زلة أو هفوة استعظموا ذلك و أتبعوها بإظهار الندامة و التوبة و التواضع و لو كان يوسف أقدم هاهنا على هذه الكبيرة المنكرة لكان من المحال أن لا يتبعها بالتوبة و الاستغفار و لو أتى بالتوبة لحكى الله عنه إتيانه بها كما في سائر المواضع و حيث لم يوجد شي‏ء من ذلك علمنا أنه ما صدر عنه في هذه الواقعة ذنب و لا معصية. الرابع أن كل من كان له تعلق بتلك الواقعة فقد شهد ببراءة يوسف ع عن المعصية. و اعلم أن الذين لهم تعلق بهذه الواقعة يوسف و تلك المرأة و زوجها و النسوة و الشهود و رب العالمين شهد ببراءته عن الذنب و إبليس أيضا أقر ببراءته عن المعصية

  و إذا كان الأمر كذلك فحينئذ لم يبق للمسلم توقف في هذا الباب أما بيان أن يوسف ع ادعى البراءة عن الذنب فهو قوله ع هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي و قوله ع رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ و أما بيان أن المرأة اعترفت بذلك فلأنها قالت للنسوة وَ لَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ و أيضا قالت الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ و أما بيان أن زوج المرأة أقر بذلك فهو قوله إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وَ اسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ و أما النسوة فلقولهن امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ و قولهن حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ و أما الشهود فقوله تعالى وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ إلى آخر الآية و أما شهادة الله بذلك فقوله كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ فقد شهد الله تعالى في هذه الآية على طهارته أربع مرات أولها قوله لنصرف عنه السوء و اللام للتأكيد و المبالغة و الثاني قوله وَ الْفَحْشاءَ أي كذلك لنصرف عنه الفحشاء و الثالث قوله إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا مع أنه تعالى قال وَ عِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً الرابع قوله الْمُخْلَصِينَ و فيه قراءتان تارة باسم الفاعل و تارة باسم المفعول فوروده باسم الفاعل دل على كونه آتيا بالطاعات و القربات مع صفة الإخلاص و وروده باسم المفعول يدل على أن الله تعالى استخلصه لنفسه و اصطفاه لحضرته و على كلا الوجهين فإنه من أدل الألفاظ على كونه منزها مما أضافوه إليه و أما بيان أن إبليس أقر بطهارته فلأنه قال فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ فأقر بأنه لا يمكنه إغواء المخلصين و يوسف من المخلصين لقوله تعالى إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ و كان هذا إقرارا من إبليس بأنه ما أغواه و ما أضله عن طريق الهدى و عند هذا نقول هؤلاء الجهال الذين نسبوا إلى يوسف ع هذه الفضيحة إن كانوا من أتباع دين الله فليقبلوا شهادة الله على طهارته و إن كانوا من أتباع إبليس و جنوده فليقبلوا شهادة إبليس على طهارته و لعلهم يقولون كنا في أول الأمر تلامذة إبليس إلا أنا تخرجنا و زدنا عليه في السفاهة كما قال الحروري.

و كنت فتى من جند إبليس فارتقى. بي الأمر حتى صار إبليس من جندي.فلو مات قبلي كنت أحسن بعده. طرائق فسق ليس يحسنها بعدي.

 فثبت بهذه الدلائل أن يوسف ع بري‏ء عما يقوله هؤلاء الجهال. و إذا عرفت هذا فنقول الكلام على ظاهر هذه الآية يقع في مقامين المقام الأول أن نقول لا نسلم أن يوسف ع هم بها و الدليل عليه أنه تعالى قال وَ هَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ و جواب لو لا هاهنا مقدم و هو كما يقال قد كنت من الهالكين لو لا أخلصك و طعن الزجاج في هذا الجواب من وجهين. الأول أن تقدم جواب لو لا شاذ و غير موجود في الكلام الفصيح الثاني أن لو لا يجاب باللام فلو كان الأمر على ما ذكرتم لقال و لقد همت به و لهم بها و ذكر غير الزجاج سؤالا ثالثا و هو أنه لو لم يوجد الهم لما بقي لقوله لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ فائدة. و اعلم أن ما ذكره الزجاج بعيد لأنا نسلم أن تأخير جواب لو لا حسن جائز إلا أن جوازه لا يمنع من جواز تقديم هذا الجواب و كيف و نقل عن سيبويه أنه قال إنهم يقدمون الأهم و الذي هم بشأنه أعنى فكان الأمر في جواز التقديم و التأخير مربوطا بشدة الاهتمام فأما تعيين بعض الألفاظ بالمنع فذلك ما لا يليق بالحكمة و أيضا ذكر جواب لو لا باللام جائز أما هذا لا يدل على أن ذكره بغير اللام لا يجوز لأنا نذكر آية أخرى تدل على فساد قول الزجاج في هذين السؤالين و هو قوله تعالى إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها. و أما السؤال الثالث و هو أنه لو لم يوجد الهم لم يبق لقوله لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ فائدة فنقول بل فيه أعظم الفوائد و هو بيان أن ترك الهم بها ما كان لعدم رغبته في النساء و عدم قدرته عليهن بل لأجل أن دلائل دين الله منعته عن ذلك العمل ثم نقول الذي يدل على أن جواب لو لا ما ذكرناه أن لو لا يستدعي جوابا و هذا المذكور يصلح جوابا له فوجب الحكم بكونه جوابا له. لا يقال إنا نضمر له جوابا و ترك الجواب كثير في القرآن فنقول لا نزاع أنه كثير في القرآن إلا أن الأصل أن لا يكون محذوفا و أيضا فالجواب إنما يحسن تركه و حذفه إذا حصل في الملفوظ ما يدل على تعينه فهاهنا بتقدير أن يكون الجواب محذوفا فليس في اللفظ ما يدل على تعيين ذلك الجواب فإن هاهنا أنواعا من الإضمارات يحسن إضمار كل واحد منها و ليس إضمار بعضها أولى من إضمار الباقي فظهر الفرق. المقام الثاني في الكلام على هذه الآية أن نقول سلمنا أن الهم قد حصل إلا أنا نقول إن قوله وَ هَمَّ بِها لا يمكن حمله على ظاهره لأن تعليق الهم بذات المرأة محال لأن الهم من جنس القصد و القصد لا يتعلق بالذوات الباقية فثبت أنه لا بد من إضمار فعل مخصوص يجعل متعلق ذلك الهم و ذلك الفعل غير مذكور فهم زعموا أن ذلك المضمر هو إيقاع الفاحشة و نحن نضمر شيئا آخر يغاير ما ذكروه و بيانه من وجوه. الأول المراد أنه ع هم بدفعها عن نفسه و منعها من ذلك القبيح لأن الهم هو القصد فوجب أن يحمل في حق كل واحد على القصد الذي يليق به فاللائق بالمرأة القصد إلى تحصيل اللذة و التنعم و التمتع و اللائق بالرسول المبعوث إلى الخلق القصد إلى زجر العاصي عن معصيته و إلى الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر يقال هممت بفلان أي بضربه و دفعه. فإن قالوا فعلى هذا التقدير لا يبقى لقوله لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ فائدة قلنا بل فيه أعظم الفوائد و بيانه من وجهين الأول أنه تعالى أعلم يوسف ع أنه

  لو هم بدفعها لقتلته أو لكانت تأمر الحاضرين بقتله فأعلمه تعالى أن الامتناع من ضربها أولى صونا للنفس عن الهلاك و الثاني أنه ع لو اشتغل بدفعها عن نفسه فربما تعلقت به فكان يتمزق ثوبه من قدام و كان في علم الله تعالى أن الشاهد يشهد بأن ثوبه لو تمزق من قدام لكان يوسف هو الجاني و لو كان ثوبه متمزقا من خلف لكانت المرأة هي الجانية فالله تعالى أعلمه هذا المعنى فلا جرم لم يشتغل بدفعها عن نفسه بل ولى هاربا عنها حتى صارت شهادة الشاهد حجة له على براءته عن المعصية. الوجه الثاني في الجواب أن نفسر الهم بالشهوة و هذا مستعمل في اللغة الشائعة يقول القائل فيما لا يشتهيه ما يهمني هذا و فيما يشتهيه هذا أهم الأشياء إلي فسمى الله تعالى شهوة يوسف هما فمعنى الآية و لقد اشتهته و اشتهاها و لو لا أن رأى برهان ربه لدخل ذلك العمل في الوجود. الثالث أن نفسر الهم بحديث النفس و ذلك لأن المرأة الفائقة في الحسن و الجمال إذا تزينت و تهيأت للرجل الشاب القوي فلا بد و أن يقع هناك بين الشهوة و الحكمة و بين النفس و العقل مجاذبات و منازعات فتارة تقوى داعية الطبيعة و الشهوة و تارة تقوى داعية العقل و الحكمة فالهم عبارة عن جواذب الطبيعة و رؤية البرهان عبارة عن جواذب العبودية و مثاله أن الرجل الصالح الصائم في الصيف الصائف إذا رأى الجلاب المبرد بالثلج فإن طبيعته تحمله على شربه إلا أن دينه و هداه يمنعه منه فهذا لا يدل على حصول الذنب بل كلما كانت هذه الحالة أشد كانت القوة في القيام بلوازم العبودية أكمل فقد ظهر بحمد الله صحة القول الذي ذهبنا إليه و لم يبق في يد الواحدي إلا مجرد التصلف و تعديد أسماء المفسرين و لو كان قد ذكر في تقرير ذلك شبهة لأجبنا عنها إلا أنه ما زاد على الرواية عن بعض المفسرين. و اعلم أن بعض الحشوية روى عن النبي ص أنه قال ما كذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات فقلت الأولى أن لا يقبل مثل هذه الأخبار فقال على طريق الاستنكار

  فإن لم نقبله لزمنا تكذيب الرواة فقلت له يا مسكين إن قبلناه لزمنا الحكم بتكذيب إبراهيم و إن رددناه لزمنا الحكم بتكذيب الرواة و لا شك أن صون إبراهيم ع عن الكذب أولى من صون طائفة من المجاهيل عن الكذب إذا عرفت هذا الأصل فنقول للواحدي و من الذي يضمن لنا أن الذين نقلوا هذا القول عن هؤلاء المفسرين كانوا صادقين أم كاذبين المسألة الثانية في أن المراد بذلك البرهان ما هو أما المحققون المثبتون للعصمة فقد فسروا رؤية البرهان بوجوه. الأول أنه حجة الله تعالى في تحريم الزنا و العلم بما على الزاني من العقاب. و الثاني أن الله تعال طهر نفوس الأنبياء عن الأخلاق الذميمة بل نقول إنه تعالى طهر نفوس المتصلين بهم عنها كما قال إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً فالمراد برؤية البرهان هو حصول تلك الأخلاق و تذكير الأحوال الرادعة لهم عن الإقدام على المنكرات. الثالث أنه رأى مكتوبا في سقف البيت وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً و مقتا وَ ساءَ سَبِيلًا. الرابع أنه النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش و الدليل عليه أن الأنبياء بعثوا لمنع الخلق عن القبائح و الفضائح فلو أنهم منعوا الناس عنها ثم أقدموا على أقبح أنواعها و أفحش أقسامها لدخلوا تحت قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ و أيضا أن الله تعالى عير اليهود بقوله أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ و ما يكون عيبا في حق اليهود كيف ينسب إلى الرسول المؤيد بالمعجزات. و أما الذين نسبوا المعصية إلى يوسف ع فقد ذكروا في تفسير ذلك البرهان أمورا. الأول قالوا إن المرأة قامت إلى صنم مكلل بالدر و الياقوت في زاوية البيت فسترته بثوب فقال يوسف و لم قالت أستحي من إلهي هذا أن يراني على المعصية فقال يوسف تستحي من صنم لا يعقل و لا يسمع و لا أستحي من إلهي القائم على كل نفس بما كسبت فو الله لا أفعل ذلك أبدا قالوا فهذا هو البرهان. الثاني نقلوا عن ابن عباس أنه مثل له يعقوب فرآه عاضا على أصابعه و يقول له أ تعمل عمل الفجار و أنت مكتوب في زمرة الأنبياء فاستحيا منه قالوا هو قول عكرمة و مجاهد و الحسن و سعيد بن جبير و قتادة و الضحاك و مقاتل و ابن سيرين قال سعيد بن جبير تمثل له يعقوب فضرب في صدره فخرجت شهوته من أنامله. الثالث قالوا إنه سمع في الهواء قائلا يقول يا ابن يعقوب لا تكن كالطير يكون له ريش فإذا زنى ذهب ريشه. و الرابع نقلوا عن ابن عباس أن يوسف لم يزدجر برؤية صورة يعقوب حتى ركضه جبرئيل ع فلم يبق فيه شي‏ء من الشهوة إلا خرج. و لما نقل الواحدي هذه الروايات تصلف و قال هذا الذي ذكرناه قول أئمة التفسير الذين أخذوا التأويل عمن شاهد التنزيل فيقال له إنك لا تأتينا البتة إلا بهذه التصلفات التي لا فائدة فيها فأين الحجة و الدليل و أيضا فإن ترادف الدلائل على الشي‏ء الواحد جائز و إنه ع كان ممتنعا عن الزنا بحسب الدلائل الأصلية فلما انضاف إليها هذه الزواجر قوى الانزجار و كمل الاحتراز و العجب أنهم نقلوا أن جروا دخل تحت حجرة رسول الله ص و بقي هناك بغير علمه قالوا فامتنع جبرئيل من الدخول عليه أربعين يوما و هاهنا زعموا أن يوسف حال اشتغاله بالفاحشة ذهب إليه جبرئيل و العجب أيضا أنهم زعموا أنه لم يمتنع عن ذلك العمل بسبب حضور جبرئيل و لو أن أفسق الخلق و أكفرهم

  كان مشغولا بفاحشة فإذا دخل عليه رجل صالح على زي الصالحين استحيا منه و فر و ترك ذلك العمل و هاهنا رأى يعقوب عض على أنامله و لم يلتفت ثم إن جبرئيل على جلالة قدره دخل عليه فلم يمتنع أيضا عن ذلك القبيح بسبب حضوره حتى احتاج جبرئيل إلى أن ركضه على ظهره نسأل الله تعالى أن يصوننا عن العمى في الدين و الخذلان في طلب اليقين فهذا هو الكلام الملخص في هذه المسألة انتهى. أقول قد عرفت أن الوجهين اللذين اختارهما أومأ الرضا ع إلى أحدهما في خبر أبي الصلت حيث قال و أما قوله عز و جل في يوسف وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِها فإنها همت بالمعصية و هم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما داخله فصرف الله عنه قتلها و الفاحشة و هو قوله كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ يعني القتل وَ الْفَحْشاءَ يعني الزنا و أشار إليهما معا في خبر ابن الجهم حيث قال لقد همت به و لو لا أن رأى برهان ربه لهم بها كما همت لكنه كان معصوما و المعصوم لا يهم بذنب و لا يأتيه

 و لقد حدثني أبي عن أبيه الصادق ع أنه قال همت بأن تفعل و هم بأن لا يفعل

أقول لا يتوهم خطاء في قصده القتل إذ الدفع عن العرض و الاحتراز عن المعصية لازم و إن انجر إلى القتل و لكن الله تعالى نهاه عند ذلك لمصلحة إما لئلا يقتل قودا أو لئلا يتهم بسوء كما يومئ إليهما كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ أو لغير ذلك من المصالح و يمكن أن يكون في شرعه ع قتل مريد مثل هذا الأمر مجوزا و على الخبر الأخير يمكن أن يكون المراد برؤية برهان ربه نزول جبرئيل عليه تعبيرا عن النبوة بما يلزمه. ثم اعلم أن الأخبار الأخر الموافقة لجماعة كثيرة من المخالفين فظاهر أنها محمولة على التقية و قد اتضح ذلك من الأخبار أيضا و أما أخبار إلقاء الثوب فإذا لم نحملها على التقية فليس فيها تصريح بأن ذلك وقع بعد قصد الفاحشة أو رضاه ع بما همت به و لعله تعالى سبب ذلك تأييدا للعصمة و إلقاء للحجة التي يحتج بها يوسف ع عليها كما أومأ إليه الرازي أيضا. الفصل الثالث في معنى سجودهم له ع. أقول قد ذكرنا بعض ما يناسب هذا المقام في باب سجود الملائكة لآدم ع و قد أوردنا في هذا الباب الذي نحن فيه الأخبار الواردة في توجيه ذلك و لنذكر هنا ما ذكره الرازي في هذا المقام لكمال الإيضاح قال و أما قوله وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً ففيه إشكال و ذلك لأن يعقوب كان أبا يوسف و حق الأبوة حق عظيم قال تعالى وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً فقرن حق الوالدين بحق نفسه و أيضا أنه كان شيخا و الشاب يجب عليه تعظيم الشيخ. و الثالث أنه كان من أكابر الأنبياء و يوسف و إن كان نبيا إلا أن يعقوب كان أعلى حالا منه. و الرابع أن جده و اجتهاده في تكثير الطاعات أكثر من جد يوسف و لما اجتمعت هذه الجهات الكثيرة فهذا يوجب أن يبالغ يوسف في خدمة يعقوب فكيف استجاز يوسف أن يسجد له يعقوب هذا تقرير السؤال و الجواب عنه من وجوه. الأول و هو قول ابن عباس في رواية عطا أن المراد بهذه الآية أنهم خروا له أي لأجل وجدانه سجدا لله و حاصله أنه كان ذلك سجود الشكر فالمسجود له هو الله إلا أن ذلك السجود إنما كان لأجله و الدليل على صحة هذا التأويل أن قوله وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً مشعر بأنهم صعدوا ذلك السرير ثم سجدوا و لو أنهم سجدوا ليوسف لسجدوا له قبل الصعود على السرير لأن ذلك أدخل في التواضع. فإن قالوا هذا التأويل لا يطابق قوله يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ و المراد منه قوله إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ قلنا بل هذا مطابق له و يكون المراد من قوله وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ أي رأيتهم ساجدين لأجلي أي أنها سجدت لله لطلب مصلحتي و السعي في إعلاء منصبي و إذا كان هذا محتملا سقط السؤال و عندي أن هذا التأويل متعين لأنه يبعد من عقل يوسف و دينه أن يرضى بأن يسجد له أبوه مع سابقته في حقوق الولادة و الشيخوخة و العلم و الدين و كمال النبوة. و الوجه الثاني في الجواب أن يقال إنهم جعلوا يوسف كالقبلة و سجدوا لله شكرا لنعمة وجدانه و هذا أيضا تأويل حسن فإنه يقال صليت للكعبة كما يقال صليت إلى الكعبة. قال حسان

ما كنت أعرف أن الأمر منصرف. عن هاشم ثم منها عن أبي حسن.أ ليس أول من صلى لقبلتكم. و أعرف الناس بالآثار و السنن.

 و هذا يدل على أنه يجوز أن يقال فلان صلى للقبلة فكذلك يجوز أن يقال سجد للقبلة فقوله وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً أي جعلوه كالقبلة ثم سجدوا لله شكرا لنعمة وجدانه. الوجه الثالث في الجواب أن التواضع قد يسمى سجودا كقوله ترى الأكم فيها سجدا للحوافر فكان المراد هاهنا التواضع إلا أن هذا مشكل لأنه تعالى قال و خروا له سجدا و الخرور إلى السجدة مشعر بالإتيان بالسجدة على أكمل الوجوه و أجيب عنه بأن الخرور يعني به المرور فقط قال تعالى لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْها صُمًّا وَ عُمْياناً يعني لم يمروا. الوجه الرابع في الجواب أن نقول الضمير في قوله وَ خَرُّوا لَهُ غير عائد إلى الأبوين لا محالة و إلا لقال و خرا له ساجدين بل الضمير عائد إلى إخوته و إلى سائر من كان يدخل عليه لأجل التهنئة فالتقدير و رفع أبويه على العرش مبالغة في تعظيمهما و أما الإخوة و سائر الداخلين فخروا له ساجدين فإن قالوا فهذا لا يلائم قوله يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قلنا إن تعبير الرؤيا لا يجب أن يكون مطابقا للرؤيا بحسب الصورة و الصفة من كل الوجوه فسجود الكواكب و الشمس و القمر تعبيره تعظيم الأكابر من الناس له و لا شك أن ذهاب يعقوب مع أولاده من كنعان إلى مصر لأجل نهاية التعظيم له فيكفي هذا القدر في صحة الرؤيا فأما أن يكون التعبير مساويا لأصل الرؤيا في الصفة و الصورة فلم يقل بوجوبه أحد من العقلاء. الوجه الخامس في الجواب لعل الفعل الدال على التحية و الإكرام في ذلك الوقت هو السجود فكان مقصودهم من السجود تعظيمه و هو في غاية البعد لأن المبالغة في التعظيم كانت أليق بيوسف منها بيعقوب فلو كان الأمر كما قلتم لكان من الواجب أن يسجد يوسف ليعقوب. الوجه السادس فيه أن يقال لعل إخوته حملتهم الأنفة و الاستعلاء على أن لا يسجدوا له على سبيل التواضع و علم يعقوب أنهم لو لم يفعلوا ذلك لصار ذلك سببا لثوران الفتن و ظهور الأحقاد القديمة بعد كمونها فهو مع جلالة قدره و عظيم حقه بسبب الأبوة و الشيخوخة و التقدم في الدين و العلم و النبوة فعل ذلك السجود حتى يصير مشاهدتهم لذلك سببا لزوال تلك الأنفة و النفرة عن قلوبهم. أ لا ترى أن السلطان الكبير إذا نصب محتسبا فإذا أراد تربيته مكنه من إقامة الحسبة عليه ليصير ذلك سببا في أن لا يبقى في قلب أحد منازعة ذلك المحتسب في إقامة الحسبة فكذا هاهنا. الوجه السابع لعل الله تعالى أمر يعقوب بتلك السجدة لحكمة خفية لا يعرفها إلا هو كما أنه أمر الملائكة بسجودهم لآدم لحكمة لا يعرفها إلا هو و يوسف ما كان راضيا بذلك في قلبه إلا أنه لما علم أن الله أمره بذلك سكت. ثم حكى تعالى أن يوسف لما رأى هذه الحالة قال يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا و فيه بحثان. الأول قال ابن عباس لما رأى سجود أبويه و إخوته له هاله ذلك و اقشعر جلده منه و قال ليعقوب هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ و أقول هذا يقوي الجواب السابع

  كأنه يقول يا أبت لا يليق بمثلك على جلالتك من العلم و الدين و النبوة أن تسجد لولدك إلا أن هذا أمر أمرت به و تكليف كلفت به فإن رؤيا الأنبياء حق فكما أن رؤيا إبراهيم ع ذبح ولده صار سببا لوجوب ذلك الذبح عليه في اليقظة فكذلك صارت هذه الرؤيا التي رآها يوسف و حكاها ليعقوب سببا لوجوب ذلك السجود عليه فلهذا السبب حكى ابن عباس أن يوسف لما رأى ذلك هاله و اقشعر منه جلده و لكنه لم يقل شيئا. و أقول لا يبعد أن يكون ذلك من تمام تشديد الله تعالى على يعقوب كأنه قيل له أنت كنت دائم الرغبة في وصاله دائم الحزن بسبب فراقه فإذا وجدته فاسجد له فكان الأمر بتلك السجدة من تمام التشديد و الله العالم بحقائق الأمور. انتهى ما أردنا إيراده من كلامه و لا نشتغل برد ما حققه و قبوله لئلا يطول الكلام و إنما أوردنا كلامه بطوله ليتضح لك ما صدر عنهم ع في الأخبار السالفة لتوجيه ذلك و لعلك لا تحتاج بعد ذلك إلى مزيد إيضاح و بيان و من الله التوفيق و عليه التكلان