باب 1- عمره و وفاته و فضائله و ما أعطاه الله و منحه و علل تسميته و كيفية حكمه و قضائه

الآيات النساء و الأسرى وَ آتَيْنا داوُدَ زَبُوراً المائدة لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ الأنعام وَ نُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ وَ أَيُّوبَ وَ يُوسُفَ وَ مُوسى وَ هارُونَ وَ كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ الأنبياء وَ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَ كُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَ عِلْماً وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَ الطَّيْرَ وَ كُنَّا فاعِلِينَ وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ النمل وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَ سُلَيْمانَ عِلْماً وَ قالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ سبأ وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَ الطَّيْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَ اعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ  

 1-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن محمد بن الحسين عن محمد بن الفضيل عن عبد الرحمن بن يزيد عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص مات داود النبي ع يوم السبت مفجوء فأظلته الطير بأجنحتها و مات موسى كليم الله في التيه فصاح صائح من السماء مات موسى و أي نفس لا تموت

 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ محمد بن الحسين مثله

 2-  ل، ]الخصال[ ابن إدريس عن أبيه عن الأشعري عن أبي عبد الله الرازي عن ابن أبي عثمان عن موسى بن بكر عن أبي الحسن الأول ع قال قال رسول الله ص إن الله اختار من الأنبياء أربعة للسيف إبراهيم و داود و موسى و أنا الخبر

 3-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ع، ]علل الشرائع[ سأل الشامي أمير المؤمنين ع عمن خلق الله من الأنبياء مختونا فقال خلق الله عز و جل آدم مختونا و ولد شيث مختونا و إدريس و نوح و سام بن نوح و إبراهيم و داود و سليمان و لوط و إسماعيل و موسى و عيسى و محمد صلوات الله عليهم

 4-  مع، ]معاني الأخبار[ معنى داود أنه داوى جرحه بود و قد قيل داوى وده بالطاعة حتى قيل عبد

 أقول سيأتي الخبر في ذلك في قصة النملة

 5-  ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن الصفار عن البرقي عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عمن ذكره عن أبي جعفر ع قال إن الله تبارك و تعالى لم يبعث أنبياء ملوكا في الأرض إلا أربعة بعد نوح ذو القرنين و اسمه عياش و داود و سليمان و يوسف ع فأما عياش فملك ما بين المشرق و المغرب و أما داود فملك ما بين الشامات إلى بلاد إصطخر و كذلك ملك سليمان و أما يوسف فملك مصر و براريها لم يجاوزها إلى غيرها

   -6  فس، ]تفسير القمي[ وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ إلى قوله الْمُؤْمِنِينَ قال إن الله عز و جل أعطى داود و سليمان ما لم يعط أحدا من أنبياء الله من الآيات علمهما منطق الطير و ألان لهما الحديد و الصفر من غير نار و جعلت الجبال يسبحن مع داود و أنزل عليه الزبور فيه توحيد و تمجيد و دعاء و أخبار رسول الله و أمير المؤمنين صلوات الله عليهما و الأئمة ع و أخبار الرجعة و ذكر القائم ع لقوله وَ لَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ

 7-  فس، ]تفسير القمي[ وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ أي سبحي لله وَ الطَّيْرَ وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ قال كان داود إذا مر في البراري يقرأ الزبور تسبح الجبال و الطير معه و الوحوش و ألان الله له الحديد مثل الشمع حتى كان يتخذ منه ما أحب و قال الصادق ع اطلبوا الحوائج يوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود ع و قوله أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ قال الدروع وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ قال المسامير التي في الحلقة وَ اعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ

 بيان قال الطبرسي رحمه الله يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ أي قلنا للجبال يا جبال سبحي معه عن ابن عباس و الحسن و قتادة و مجاهد قالوا أمر الله الجبال أن تسبح معه إذا سبح فسبحت معه و تأويله عند أهل اللغة رجعي معه التسبيح من آب يئوب و يجوز أن يكون سبحانه فعل في الجبال ما يأتي به منها التسبيح معجزا له و أما الطير فيجوز أن يسبح و يحصل له من التميز ما يتأتى منه ذلك بأن يزيد الله في فطنته فيفهم ذلك انتهى. أقول يمكن أن يكون تسبيح الجبال كناية عن تسبيح الملائكة الساكنين بها أو بأن خلق الله الصوت فيها أو على القول بأن للجمادات شعورا فلا حاجة إلى كثير تكلف  و أما الطيور فلا دليل على عدم تمييزها و قابليتها للتسبيح مع أن كثيرا من الأخبار دلت على أن لها تسبيحا و ما سيأتي من قصة النمل يؤيده. ثم قال رحمه الله و قيل معناه سيري معه فكانت الجبال و الطير تسير معه أينما سار و التأويب السير بالنهار و قيل معناه ارجعي إلى مراد داود فيما يريده من حفر بئر و استنباط عين و استخراج معدن أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ أي قلنا له اعمل من الحديد دروعا تامات وَ قَدِّرْ فِي السَّرْدِ أي عدل في نسج الدروع و منه قيل لصانعها سراد و زراد و المعنى لا تجعل المسامير دقاقا فتنفلق و لا غلاظا فتكسر الحلق و قيل السرد المسامير التي في حلق الدروع

 8-  فس، ]تفسير القمي[ وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ أي الزرد لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ

 بيان قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ سَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَ الطَّيْرَ قيل معناه سيرنا الجبال مع داود حيث سار فعبر عن ذلك بالتسبيح لما فيه من الآية العظيمة التي تدعو إلى تسبيح الله تعالى و تعظيمه و تنزيهه عن كل ما لا يليق به و كذلك تسخير الطير له تسبيح يدل على أن مسخرها قادر لا يجوز عليه ما يجوز على العباد عن الجبائي و علي بن عيسى و قيل إن الجبال كانت تجاوبه بالتسبيح و كذلك الطير تسبح معه بالغداة و العشي معجزة له عن وهب و في قوله وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ أي علمناه كيف يصنع الدرع قال قتادة أول من صنع الدرع داود إنما كانت صفائح جعل الله سبحانه الحديد في يده كالعجين فهو أول من سردها و حلقها فجمعت الخفة و التحصين و هو قوله لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ أي ليحرزكم و يمنعكم من وقع السلاح فيكم  عن السدي و قيل معناه من حربكم أي في حالة الحرب و القتال و قيل إن سبب إلانة الحديد لداود ع أنه كان نبيا ملكا و كان يطوف في ولايته متنكرا يتعرف أحوال عماله و متصرفيه فاستقبله جبرئيل ذات يوم على صورة آدمي و سلم عليه فرد السلام و قال ما سيرة داود فقال نعمت السيرة لو لا خصلة فيه قال و ما هي قال إنه يأكل من بيت مال المسلمين فشكره و أثنى عليه و قال لقد أقسم داود أنه لا يأكل من بيت مال المسلمين فعلم الله سبحانه صدقه فألان له الحديد كما قال وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ

 9-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن البزنطي عن الرضا ع في قوله تعالى لداود وَ أَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ قال هي الدرع و السرد تقدير الحلقة بعد الحلقة

 بيان كأنه تفسير لتقدير السرد

 10-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن يزيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عثمان عن أبي عبد الله ع في قوله تعالى وَ اذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ قال ذا القوة

 11-  فس، ]تفسير القمي[ إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِشْراقِ يعني إذا طلعت الشمس

 12-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن محمد البرقي عن إسماعيل بن إبراهيم عن أبي بكر عن زرارة عن أبي عبد الله ع قال إن داود ع كان يدعو أن يلهمه الله القضاء بين الناس بما هو عنده تعالى الحق فأوحى إليه يا داود إن الناس  لا يحتملون ذلك و إني سأفعل و ارتفع إليه رجلان فاستعداه أحدهما على الآخر فأمر المستعدى عليه أن يقوم إلى المستعدي فيضرب عنقه ففعل فاستعظمت بنو إسرائيل ذلك و قالت رجل جاء يتظلم من رجل فأمر الظالم أن يضرب عنقه فقال رب أنقذني من هذه الورطة قال فأوحى الله تعالى إليه يا داود سألتني أن ألهمك القضاء بين عبادي بما هو عندي الحق و إن هذا المستعدي قتل أبا هذا المستعدى عليه فأمرت فضربت عنقه قودا بأبيه و هو مدفون في حائط كذا و كذا تحت شجرة كذا فأته فناده باسمه فإنه سيجيبك فسله قال فخرج داود ع و قد فرح فرحا شديدا لم يفرح مثله فقال لبني إسرائيل قد فرج الله فمشى و مشوا معه فانتهى إلى الشجرة فنادى يا فلان فقال لبيك يا نبي الله قال من قتلك قال فلان فقالت بنو إسرائيل لسمعناه يقول يا نبي الله فنحن نقول كما قال فأوحى الله تعالى إليه يا داود إن العباد لا يطيقون الحكم بما هو عندي الحكم فسل المدعي البينة و أضف المدعى عليه إلى اسمي

 13-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن ابن المتوكل عن الحميري عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن الثمالي عن أبي جعفر ع قال إن داود ع سأل ربه أن يريه قضية من قضايا الآخرة فأوحى الله إليه يا داود إن الذي سألتني لم أطلع عليه أحدا من خلقي و لا ينبغي لأحد أن يقضي به غيري قال فلم يمنعه ذلك إن عاد فسأل الله أن يريه قضية من قضايا الآخرة قال فأتاه جبرائيل فقال لقد سألت ربك شيئا ما سأله قبلك نبي من أنبيائه صلوات الله عليهم يا داود إن الذي سألت لم يطلع الله عليه أحدا من خلقه و لا ينبغي لأحد أن يقضي به غيره فقد أجاب الله تعالى دعوتك و أعطاك ما سألت إن أول خصمين يردان عليك غدا القضية فيهما من قضايا الآخرة فلما أصبح  داود و جلس في مجلس القضاء أتى شيخ متعلق بشاب و مع الشاب عنقود من عنب فقال الشيخ يا نبي الله إن هذا الشاب دخل بستاني و خرب كرمي و أكل منه بغير إذني قال فقال داود للشاب ما تقول فأقر الشاب بأنه قد فعل ذلك فأوحى الله تعالى إليه يا داود إن كشفت لك من قضايا الآخرة فقضيت بها بين الشيخ و الغلام لم يحتملها قلبك و لا يرضى بها قومك يا داود إن هذا الشيخ اقتحم على والد هذا الشاب في بستانه فقتله و غصبه بستانه و أخذ منه أربعين ألف درهم فدفنها في جانب بستانه فادفع إلى الشاب سيفا و مره أن يضرب عنق الشيخ و ادفع إليه البستان و مره أن يحفر في موضع كذا من البستان و يأخذ ماله قال ففزع داود ع من ذلك و جمع علماء أصحابه و أخبرهم الخبر و أمضى القضية على ما أوحى الله إليه

 كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه و عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب مثله

 14-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى ابن أورمة عن فضالة عن داود بن فرقد عن إسماعيل بن جعفر قال اختصم رجلان إلى داود النبي في بقرة فجاء هذا ببينة و جاء هذا ببينة على أنها له فدخل داود المحراب فقال يا رب قد أعياني أن أحكم بين هذين فكن أنت الذي تحكم فأوحى الله تعالى اخرج فخذ البقرة من الذي هي في يده و ادفعها إلى آخر و اضرب عنقه قال فضجت بنو إسرائيل و قالوا جاء هذا ببينة و جاء هذا ببينة مثل بينة هذا و كان أحقهم بإعطائها الذي هي في يده فأخذها منه  و ضرب عنقه و أعطاها للآخر فدخل داود المحراب فقال يا رب قد ضجت بنو إسرائيل بما حكمت فأوحى الله تعالى إليه أن الذي كانت البقرة في يده لقي أبا الآخر فقتله و أخذ البقرة منه فإذا جاءك مثل هذا فاحكم بينهم بما ترى و لا تسألني أن أحكم بينهم حتى الحساب

 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة مثله

 15-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن علي بن الحكم عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال كان على عهد داود ع سلسلة يتحاكم الناس إليها و إن رجلا أودع رجلا جوهرا فجحده إياه فدعاه إلى سلسلة فذهب معه إليها و قد أدخل الجوهر في قناة فلما أراد أن يتناول السلسلة قال له أمسك هذه القناة حتى آخذ السلسلة فأمسكها و دنا الرجل من السلسلة فتناولها و أخذها و صارت في يده فأوحى الله تعالى إلى داود ع أن احكم بينهم بالبينات و أضفهم إلى اسمي يحلفون به و رفعت السلسلة

 16-  ك، ]إكمال الدين[ أبي عن أحمد بن إدريس و محمد العطار عن الأشعري عن محمد بن يوسف التميمي عن الصادق عن أبيه عن جده ع عن النبي ص قال عاش داود مائة سنة منها أربعون سنة ملكه

 17-  كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن عيسى بن أيوب عن علي بن مهزيار عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال لما عرض على آدم ولده نظر إلى داود فأعجبه فزاده خمسين سنة من عمره قال و نزل عليه جبرئيل و ميكائيل فكتب عليه ملك الموت صكا  بالخمسين سنة فلما حضرته الوفاة نزل عليه ملك الموت فقال آدم قد بقي من عمري خمسون سنة فقال فأين الخمسون التي جعلتها لابنك داود قال فإما أن يكون نسيها أو أنكرها فنزل عليه جبرئيل و ميكائيل و شهدا عليه فقبضه ملك الموت فقال أبو عبد الله ع و كان أول صك كتب في الدنيا

 18-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ع قال إن الله تبارك و تعالى أهبط ظللا من الملائكة على آدم و هو بواد يقال له الروحاء و هو واد بين الطائف و مكة ثم صرخ بذريته و هم ذر قال فخرجوا كما يخرج النحل من كورها فاجتمعوا على شفير الوادي فقال الله لآدم انظر ما ذا ترى فقال آدم ذرا كثيرا على شفير الوادي فقال الله يا آدم هؤلاء ذريتك أخرجتهم من ظهرك لآخذ عليهم الميثاق لي بالربوبية و لمحمد بالنبوة كما أخذته عليهم في السماء قال آدم يا رب و كيف وسعتهم ظهري قال الله يا آدم بلطف صنيعي و نافذ قدري قال آدم يا رب فما تريد منهم في الميثاق قال الله أن لا يشركوا بي شيئا قال آدم فمن أطاعك منهم يا رب فما جزاؤه قال الله أسكنه جنتي قال آدم فمن عصاك فما جزاؤه قال أسكنه  ناري قال آدم يا رب لقد عدلت فيهم و ليعصينك أكثرهم إن لم تعصمهم قال أبو جعفر ع ثم عرض الله على آدم أسماء الأنبياء و أعمارهم قال فمر آدم باسم داود النبي ع فإذا عمره أربعون سنة فقال يا رب ما أقل عمر داود و أكثر عمري يا رب إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة أ ينفذ ذلك له قال نعم يا آدم قال فإني قد زدته من عمري ثلاثين سنة فأنفذ ذلك له و أثبتها له عندك و اطرحها من عمري قال فأثبت الله لداود من عمره ثلاثين سنة و لم يكن له عند الله مثبتا و محا من عمر آدم ثلاثين سنة و كانت له عند الله مثبتا فقال أبو جعفر ع فذلك قول الله يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ قال فمحا الله ما كان عنده مثبتا لآدم و أثبت لداود ما لم يكن عنده مثبتا قال فلما دنا عمر آدم هبط عليه ملك الموت ع ليقبض روحه فقال له آدم ع يا ملك الموت قد بقي من عمري ثلاثين سنة فقال له ملك الموت أ لم تجعلها لابنك داود النبي ع و طرحتها من عمرك حيث عرض الله عليك أسماء الأنبياء من ذريتك و عرض عليك أعمارهم و أنت بوادي الروحاء فقال آدم يا ملك الموت ما أذكر هذا فقال له ملك الموت يا آدم لا تجهل أ لم تسأل الله أن يثبتها لداود و يمحوها من عمرك فأثبتها لداود في الزبور و محاها من عمرك من الذكر قال فقال آدم أحضر الكتاب حتى أعلم ذلك قال أبو جعفر ع و كان آدم صادقا لم يذكر قال أبو جعفر ع فمن ذلك اليوم أمر الله العباد أن يكتبوا بينهم إذا تداينوا و تعاملوا إلى أجل مسمى لنسيان آدم و جحود ما جعل على نفسه

 أقول قد مضت الأخبار في ذلك في أبواب قصص آدم ع و في بعضها أنه زاد في عمر داود ع ستين سنة تمام المائة و هو أوفق بسائر الأخبار و الله يعلم

 19-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عمن أخبره عن أبي عبد الله ع قال في كتاب علي ع أن نبيا من الأنبياء شكا إلى ربه القضاء فقال كيف أقضي بما لم تر عيني و لم تسمع أذني فقال اقض بينهم بالبينات و أضفهم إلى اسمي يحلفون به و قال إن داود ع قال يا رب أرني  الحق كما هو عندك حتى أقضي به فقال إنك لا تطيق ذلك فألح على ربه حتى فعل فجاءه رجل يستعدي على رجل فقال إن هذا أخذ مالي فأوحى الله عز و جل إلى داود أن هذا المستعدي قتل أبا هذا و أخذ ماله فأمر داود بالمستعدي فقتل فأخذ ماله فدفعه إلى المستعدى عليه قال فعجب الناس و تحدثوا حتى بلغ داود ع و دخل عليه من ذلك ما كره فدعا ربه أن يرفع ذلك ففعل ثم أوحى الله عز و جل إليه أن احكم بينهم بالبينات و أضفهم إلى اسمي يحلفون به

 20-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ قال أبو جعفر ع دخل علي ع المسجد فاستقبله شاب و هو يبكي و حوله قوم يسكتونه فقال علي ع ما أبكاك فقال يا أمير المؤمنين إن شريحا قضى علي بقضية ما أدري ما هي إن هؤلاء النفر خرجوا بأبي معهم في سفرهم فرجعوا و لم يرجع أبي فسألتهم عنه فقالوا مات فسألتهم عن ماله فقالوا ما ترك مالا فقدمتهم إلى شريح فاستحلفهم و قد علمت يا أمير المؤمنين أن أبي خرج و معه مال كثير فقال لهم أمير المؤمنين ع ارجعوا فردهم جميعا و الفتى معهم إلى شريح فقال له يا شريح كيف قضيت بين هؤلاء قال يا أمير المؤمنين ادعى هذا الفتى على هؤلاء النفر أنهم خرجوا في سفر و أبوه معهم فرجعوا و لم يرجع أبوه فسألتهم عنه فقالوا مات و سألتهم عن ماله فقالوا ما خلف شيئا فقلت للفتى هل لك بينة على ما تدعي قال لا فاستحلفتهم فقال ع لشريح يا شريح هيهات هكذا تحكم في مثل هذا فقال كيف هذا يا أمير المؤمنين فقال علي ع يا شريح و الله لأحكمن فيه بحكم ما حكم به خلق قبلي إلا داود النبي ع يا قنبر ادع لي شرطة الخميس فدعاهم فوكل بهم  بكل واحد منهم رجلا من الشرطة ثم نظر أمير المؤمنين ع إلى وجوههم فقال ما ذا تقولون أ تقولون إني لا أعلم ما صنعتم بأب هذا الفتى إني إذا لجاهل ثم قال فرقوهم و غطوا رءوسهم ففرق بينهم و أقيم كل واحد منهم إلى أسطوانة من أساطين المسجد و رءوسهم مغطاة بثيابهم ثم دعا بعبيد الله بن أبي رافع كاتبه فقال هات صحيفة و دواتا و جلس علي ع في مجلس القضاء و اجتمع الناس إليه فقال إذا أنا كبرت فكبروا ثم قال للناس أفرجوا ثم دعا بواحد منهم فأجلسه بين يديه فكشف عن وجهه ثم قال لعبيد الله اكتب إقراره و ما يقول ثم أقبل عليه بالسؤال ثم قال له في أي يوم خرجتم من منازلكم و أبو هذا الفتى معكم فقال الرجل في يوم كذا و كذا فقال و في أي شهر قال في شهر كذا و كذا قال و إلى أين بلغتم من سفركم حين مات أبو هذا الفتى قال إلى موضع كذا و كذا قال و في أي منزل مات قال في منزل فلان بن فلان قال و ما كان من مرضه قال كذا و كذا قال كم يوما مرض قال كذا و كذا يوما قال فمن كان يمرضه و في أي يوم مات و من غسله و أين غسله و من كفنه و بما كفنتموه و من صلى عليه و من نزل قبره فلما سأله عن جميع ما يريد كبر علي ع و كبر الناس معه فارتاب أولئك الباقون و لم يشكوا أن صاحبهم قد أقر عليهم و على نفسه فأمر أن يغطى رأسه و أن ينطلقوا به إلى الحبس ثم دعا بآخر فأجلسه بين يديه و كشف عن وجهه ثم قال كلا زعمت أني لا أعلم ما صنعتم فقال يا أمير المؤمنين ما أنا إلا واحد من القوم و لقد كنت كارها لقتله فأقر ثم دعا بواحد بعد واحد و كلهم يقر بالقتل و أخذ المال ثم رد الذي كان أمر به إلى السجن فأقر أيضا فألزمهم المال و الدم و قال شريح يا أمير المؤمنين و كيف كان حكم داود ع فقال إن داود النبي ع مر بغلمة يلعبون و ينادون بعضهم مات الدين فدعا منهم غلاما فقال له يا غلام ما اسمك فقال اسمي مات الدين فقال له داود من سماك بهذا الاسم قال أمي  فانطلق إلى أمه فقال يا امرأة ما اسم ابنك هذا قالت مات الدين فقال لها و من سماه بهذا الاسم قالت أبوه قال و كيف كان ذلك قالت إن أباه خرج في سفر له و معه قوم و هذا الصبي حمل في بطني فانصرف القوم و لم ينصرف زوجي فسألتهم عنه فقالوا مات قلت أين ما ترك قالوا لم يخلف مالا فقلت أ وصاكم بوصية فقالوا نعم زعم أنك حبلى فما ولدت من ولد ذكر أو أنثى فسميه مات الدين فسميته فقال أ تعرفين القوم الذين كانوا خرجوا مع زوجك قالت نعم قال فأحياء هم أم أموات قالت بل أحياء قال فانطلقي بنا إليهم ثم مضى معها فاستخرجهم من منازلهم فحكم بينهم بهذا الحكم فثبت عليهم المال و الدم ثم قال للمرأة سمي ابنك عاش الدين

 يب، ]تهذيب الأحكام[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي جعفر ع مثله

 21-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ التفليسي عن السمندي عن أبي عبد الله ع قال أوحى الله تعالى إلى داود ع أنك نعم العبد لو لا أنك تأكل من بيت المال و لا تعمل بيدك شيئا قال فبكى داود ع فأوحى الله تعالى إلى الحديد أن لن لعبدي داود فألان الله تعالى له الحديد فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم فعمل ع ثلاث مائة و ستين درعا فباعها بثلاث مائة و ستين ألفا و استغنى عن بيت المال

 22-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه و علي بن محمد جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله ع قال من تعذرت عليه الحوائج فليلتمس طلبها يوم الثلاثاء فإنه اليوم الذي ألان الله فيه الحديد لداود ع

   -23  شا، ]الإرشاد[ روى عبد الله بن عجلان عن أبي عبد الله ع قال إذا قام قائم آل محمد عليه و عليهم السلام حكم بين الناس بحكم داود لا يحتاج إلى بينة يلهمه الله تعالى فيحكم بعلمه

 أقول قال صاحب الكامل كان داود بن أيشا من أولاد يهودا و كان قصيرا أزرق قليل الشعر فلما قتل طالوت أتى بنو إسرائيل داود و أعطوه خزائن طالوت و ملكوه عليهم و قيل إن داود ملك قبل أن يقتل جالوت فلما ملك جعله الله نبيا ملكا و أنزل عليه الزبور و علمه صنعة الدروع و ألان له الحديد و أمر الجبال و الطير أن يسبحن معه إذا سبح و لم يعط الله أحدا مثل صوته كان إذا قرأ الزبور تدنو الوحش حتى يؤخذ بأعناقها و كان شديد الاجتهاد كثير العبادة و البكاء و كان يقوم الليل و يصوم نصف الدهر و كان يحرسه كل يوم و ليلة أربعة آلاف و كان يأكل من كسب يده أربعة آلاف قيل أصاب الناس في زمان داود ع طاعون جازف فخرج بهم إلى موضع بيت المقدس و كان يرى الملائكة تعرج منه إلى السماء فلهذا قصده ليدعو فيه فلما وقف موضع الصخرة دعا الله تعالى في كشف الطاعون عنهم فاستجاب الله و رفع الطاعون فاتخذوا ذلك الموضع مسجدا و كان الشروع في بنائه لإحدى عشرة سنة مضت من ملكه و توفي قبل أن يستتم بناؤه و أوصى إلى سليمان بإتمامه. ثم إن داود ع توفي و كانت له جارية تغلق الأبواب كل ليلة و تأتيه بالمفاتيح و يقوم إلى عبادته فأغلقتها ليلة فرأت في الدار رجلا فقالت من أدخلك الدار قال أنا الذي أدخل على الملوك بغير إذن فسمع داود ع قوله فقال أنت ملك الموت فهلا أرسلت إلي فأستعد للموت قال قد أرسلنا إليك كثيرا قال من كان رسولك قال أين أبوك و أخوك و جارك و معارفك قال ماتوا قال فهم كانوا رسلي إليك بأنك تموت  كما ماتوا ثم قبضه فلما مات ورث سليمان ملكه و علمه و نبوته و كان له تسعة عشر ولدا فورثه سليمان دونهم و كان عمر داود ع لما توفي مائة صح ذلك عن النبي ص و كانت مدة ملكه أربعين سنة 24-  كتاب البيان، لابن شهرآشوب يقال إن داود ع جزأ ساعات الليل و النهار على أهله فلم يكن ساعة إلا و إنسان من أولاده في الصلاة فقال تعالى اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً

 25-  نهج، ]نهج البلاغة[ و إن شئت ثلثت بداود ع صاحب المزامير و قارئ أهل الجنة فلقد كان يعمل سفائف الخوص بيده و يقول لجلسائه أيكم يكفيني بيعها و يأكل قرص الشعير من ثمنها

 بيان قال الفيروزآبادي مزامير داود ع ما كان يتغنى به من الزبور و قال ابن أبي الحديد إن داود ع أعطي من طيب النغم و لذة ترجيع القراءة ما كانت الطيور لأجله تقع عليه و هو في محرابه و الوحش تسمعه فتدخل بين الناس و لا تنفر منهم لما قد استغرقها من طيب صوته و سفائف الخوص جمع سفيفة و هي النسيجة منه و الخوص ورق النخل أقول لعل هذا كان قبل أن ألان الله له الحديد

 26-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص أول ما بعث كان يصوم حتى يقال ما يفطر و يفطر حتى يقال ما يصوم ثم ترك ذلك و صام يوما و أفطر يوما و هو صوم داود ع الخبر

   الحسين بن محمد عن المعلى عن الوشاء عن حماد بن عثمان عنه ع مثله

 27-  كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن علي بن مهزيار عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عمن رواه عن أبي عبد الله ع قال إن داود ع لما وقف الموقف بعرفة نظر إلى الناس و كثرتهم فصعد الجبل فأقبل يدعو فلما قضى نسكه أتاه جبرئيل فقال له يا داود يقول لك ربك لم صعدت الجبل ظننت أنه يخفى علي صوت من صوت ثم مضى به إلى البحر إلى جدة فرسب به في الماء مسيرة أربعين صباحا في البر فإذا صخرة ففلقها فإذا فيها دودة فقال يا داود يقول لك ربك أنا أسمع صوت هذه في بطن هذه الصخرة في قعر هذا البحر فظننت أنه يخفى علي صوت من صوت

 بيان لعله إنما ظن هذا غيره فنسب إليه ليعلم غيره ذلك أو أنه ظن أن من أدب الدعاء أن لا تكون الأصوات مختلطة فنبه بذلك على خلافه أو أن فعله لما كان مظنة ذلك عوتب بذلك و إن لم يكن غرضه ذلك و الله يعلم

 28-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ النضر عن محمد بن سنان عن موسى بن بكر عن زرارة عن أبي عبد الله ع قال قال داود النبي ع لأعبدن الله اليوم عبادة و لأقرأن قراءة لم أفعل مثلها قط فدخل محرابه ففعل فلما فرغ من صلاته إذا هو بضفدع في المحراب فقال له يا داود أعجبك اليوم ما فعلت من عبادتك و قراءتك فقال نعم فقال لا يعجبنك فإني أسبح الله في كل ليلة ألف تسبيحة يتشعب لي مع كل تسبيحة ثلاثة آلاف تحميدة و إني لأكون في قعر الماء فيصوت الطير في الهواء فأحسبه جائعا فأطفو له على الماء ليأكلني و ما لي ذنب

   -29  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ الحسن بن محمد عن أبي حمزة عن أبي جعفر ع قال سمعته يقول إن داود النبي ع كان ذات يوم في محرابه إذ مرت به دودة حمراء صغيرة تدب حتى انتهت إلى موضع سجوده فنظر إليها داود و حدث في نفسه لم خلقت هذه الدودة فأوحى الله إليها تكلمي فقالت له يا داود هل سمعت حسي أو استبنت على الصفا أثري فقال لها داود لا قالت فإن الله يسمع دبيبي و نفسي و حسي و يرى أثر مشيي فاخفض من صوتك

 عرائس الثعلبي، قال وهب إن داود ع لما تاب الله عليه بكى على خطيئته ثلاثين سنة لا يرقأ له دمعة ليلا و لا نهارا فقسم الدهر على أربعة أيام يوم للقضاء بين بني إسرائيل و يوم لنسائه و يوم يسبح فيه في الفيافي و الجبال و الساحل و يوم يخلو في دار له فيها أربعة آلاف محراب فيجتمع إليه الرهبان فينوح معهم على نفسه و يساعدونه على ذلك فإذا كان يوم سياحته يخرج إلى الفيافي فيرفع صوته بالمزامير فيبكي و يبكي معه الشجر و المدر و الرمال و الطير و الوحوش و الحيتان و دواب البحر و طير الماء و السباع و يبكي معه الجبال و الحجارة و الدواب و الطير حتى يسيل من دموعهم مثل الأنهار ثم يجي‏ء إلى البحار فيرفع صوته بالمزامير و يبكي فتبكي معه الحيتان و دواب البحر فإذا أمسى رجع و إذا كان يوم نوحه على نفسه نادى مناديه إن اليوم يوم نوح داود على نفسه فليحضر من يساعده قال فيدخل الدار التي فيه المحاريب فيبسط له ثلاثة فرش من مسوح حشوها الليف فيجلس عليها و يجي‏ء الرهبان أربعة آلاف راهب عليهم البرانس و في أيديهم العصي فيجلسون في تلك المحاريب ثم يرفع داود صوته بالبكاء و النوح على نفسه و يرفع الرهبان معه أصواتهم فلا يزال يبكي حتى يغرق الفراش من  دموعه و يقع داود فيها مثل الفرخ يضطرب فيجي‏ء ابنه سليمان ع فيحمله و يأخذ داود من تلك الدموع بكفيه ثم يمسح بها وجهه و يقول يا رب اغفر ما ترى فلو عدل بكاء داود و دموعه ببكاء أهل الدنيا و دموعهم لعدلها و قال وهب لما تاب الله على داود ع كان يبدأ بالدعاء و يستغفر للخاطئين قبل نفسه فيقول اللهم اغفر للخاطئين فعساك تغفر لداود معهم و روي أنه ع كان بعد الخطيئة لا يجالس إلا الخاطئين ثم يقول تعالوا إلى داود الخاطئ و لا يشرب شرابا إلا و هو ممزوج بدموع عينيه و كان يذر عليه الملح و الرماد فيقول و هو يأكل هذا أكل الخاطئين و كان قبل الخطيئة يقوم نصف الليل و يصوم نصف الدهر و بعدها صام الدهر كله و قام الليل كله