باب 10- غزوة بدر الكبرى

 الآيات آل عمران قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَ تُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَ بِئْسَ الْمِهادُ قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ أُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَ اللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ و قال سبحانه وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَ لَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ النساء أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَ لا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً الأنفال يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ إلى قوله سبحانه كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَ يُبْطِلَ الْباطِلَ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ مَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَ أَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ذلِكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ

 و قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ إلى قوله تعالى لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَ يَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ وَ إِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ و قال سبحانه وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَ لكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَ لَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَ لكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ وَ إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَ اصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَ لَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ و قال سبحانه ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَ اللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَ إِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ

 الحج هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ. تفسير قوله تعالى قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا قال الطبرسي رحمه الله روى محمد بن إسحاق بن يسار عن رجاله قال لما أصاب رسول الله ص قريشا ببدر و قدم المدينة جمع اليهود في سوق قينقاع فقال يا معشر اليهود احذروا من الله مثل الذي نزل بقريش يوم بدر و أسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم و قد عرفتم أني نبي مرسل و تجدون ذلك في كتابكم فقالوا يا محمد لا يغرنك أنك لقيت قوما أغمارا لا علم لهم بالحرب فأصبت منهم فرصة أنا و الله لو قابلناك لعرفت إنا نحن الناس فأنزل الله هذه الآية و روي أيضا عن عكرمة و ابن جبير عن ابن عباس و رواه أصحابنا أيضا و قيل نزلت في مشركي مكة ستغلبون يوم بدر عن مقاتل و قيل نزلت في اليهود لما قتل الكفار ببدر و هزموا قالت اليهود إنه النبي الأمي الذي بشرنا به موسى ص و نجده في كتابنا بنعته و صفته و إنه لا ترد له راية ثم قال بعضهم لبعض لا تعجلوا حتى تنظروا إلى وقعة أخرى فلما كان يوم أحد و نكب أصحاب رسول الله ص شكوا و قالوا لا و الله ما هو هذا فغلب عليهم الشقاء فلم يسلموا و قد كان بينهم و بين رسول الله ص عهد إلى مدة فنقضوا ذلك العهد قبل أجله و انطلق كعب بن الأشرف إلى مكة في ستين راكبا فوافقهم و أجمعوا أمرهم على رسول الله ص لتكونن كلمتنا واحدة ثم رجعوا إلى المدينة فأنزل الله فيهم هذه الآية عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس. و قال رحمه الله في قوله تعالى قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ نزلت الآية في قصة بدر و كانت المسلمون ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر سبعة و سبعون رجلا من المهاجرين و مائتان و ستة و ثلاثون رجلا من الأنصار و كان صاحب لواء رسول الله ص و المهاجرين علي بن أبي طالب ع و صاحب راية الأنصار سعد بن عبادة و كانت الإبل في جيش رسول الله ص سبعين بعيرا و الخيل فرسين فرس للمقداد بن الأسود و فرس لمرثد بن أبي مرثد و كان معهم من السلاح ستة أدرع و ثمانية سيوف و جميع من استشهد يومئذ أربعة عشر ستة من المهاجرين و ثمانية من الأنصار و اختلف في عدة المشركين فروي عن علي ع و ابن مسعود أنهم كانوا ألفا و عن قتادة و عروة بن الزبير و الربيع كانوا بين تسعمائة إلى ألف و كان خيلهم مائة فرس و رئيسهم عتبة بن ربيعة بن عبد شمس و كان حرب بدر أول مشهد شهده رسول الله ص و كان سبب ذلك عير أبي سفيان و الخطاب في الآية لليهود الذين نقضوا العهد أو للناس جميعا ممن حضر الوقعة و قيل للمشركين و اليهود آيَةٌ أي حجة و علامة و معجزة دالة على صدق محمد ص فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا أي فرقتين اجتمعتا ببدر من المسلمين و الكافرين فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي في دينه و طاعته و هم الرسول و أصحابه وَ أُخْرى أي و فرقة أخرى كافِرَةٌ و هم مشركو أهل مكة يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ أي في ظاهر العين و اختلف في معناه فقيل معناه يرى المسلمون المشركين مثلي عدد

  أنفسهم قللهم الله في أعينهم حتى رأوهم ستمائة و ستة و عشرين رجلا تقوية لقلوبهم و ذلك أن المسلمين قد قيل لهم فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ فأراهم الله عددهم حسب ما حد لهم من العدد الذي يلزمهم أن يقدموا عليهم و لا يحجموا عنهم و قد كانوا ثلاثة أمثالهم ثم ظهر العدد القليل على العدد الكثير عن ابن مسعود و جماعة من العلماء و قيل الرؤية للمشركين يعني يرى المشركون المسلمين ضعفي ما هم عليه فإن الله تعالى قبل القتال قلل المسلمين في أعينهم ليجترءوا عليهم و لا يتفرقوا فلما أخذوا في القتال كثرهم في أعينهم ليجبنوا و قلل المشركين في أعين المسلمين ليجترءوا عليهم و تصديق ذلك قوله تعالى وَ إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ الآية و ذلك أحسن أسباب النصر للمؤمنين و الخذلان للكافرين و هذا قول السدي و هذا القول إنما يتأتى على قراءة من قرأ بالياء فأما قول من قرأ بالتاء فلا يحتمله إلا القول الأول على أن يكون الخطاب لليهود الذين لم يحضروا و هم المعنيون بقوله قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَ تُحْشَرُونَ و هم يهود بني قينقاع فكأنه قال ترون أيها اليهود المشركين مثلي المسلمين مع أن الله أظفرهم عليهم فلا تغتروا بكثرتكم و اختار البلخي هذا الوجه و يكون الخطاب للمسلمين الذين حضروا الوقعة أي ترون أيها المسلمون المشركين مثلي المسلمين قال الفراء يحتمل قوله يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ يعني ثلاثة أمثالهم و المعنى ترونهم مثليهم مضافا إليهم فذلك ثلاث أمثالهم قال و المعجز فيه إنما كان من جهة غلبة القليل الكثير. فإن قيل كيف يصح تقليل الأعداد مع حصول الرؤية و ارتفاع الموانع و هل هذا إلا قول من يجوز أن يكون عنده أجسام لا يدركها أو يدرك بعضها دون بعض قلنا يحتمل التقليل في أعين المؤمنين بأن يظنوهم قليلي العدد لا أنهم أدركوا بعضهم دون بعض لأن العلم بما يدركه الإنسان جملة غير العلم بما يدركه مفصلا و لأنا قد ندرك جمعا عظيما بأسرهم و نشك في أعدادهم حتى يقع الخلاف في حرز عددهم. و قال رحمه الله في قوله تعالى وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ أي بتقوية قلوبكم و بما أمدكم به من الملائكة و بإلقاء الرعب في قلوب أعدائكم وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ أي ضعفاء عن المقاومة قليلو العدد و العدة

 و يروى عن بعض الصادقين ع أنه قرأ و أنتم ضعفاء

و قال لا يجوز وصفهم بأنهم أذلة و فيهم رسول الله ص بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ هو إخبار بأن النبي ص قال لقومه أ لن يكفيكم يوم بدر أن جعل ربكم ثلاثة آلاف من الملائكة مددا لكم و قال ابن عباس و غيره إن الإمداد بالملائكة كان يوم بدر و قال ابن عباس لم تقاتل الملائكة إلا يوم البدر و كانوا في غيره من الأيام عدة و مددا و قال الحسن كان جميعهم خمسة آلاف فمعناه يمددكم ربكم بتمام خمسة آلاف و قال غيره كانوا ثمانية آلاف فمعناه بخمسة آلاف أخر و قيل إن الوعد بالإمداد بالملائكة كان يوم أحد وعدهم الله المدد إن صبروا مُنْزَلِينَ أنزلهم الله من السماء إلى الأرض لنصرتكم. أقول سيأتي تتمة تلك الآيات في غزوة أحد. و في قوله مُسَوِّمِينَ قال عروة نزلت الملائكة يوم بدر على خيل بلق عليهم عمائم صفر و قال علي ع و ابن عباس كانت عليهم عمائم بيض أرسلوا أذنابها بين أكتافهم و قيل مسومين أي مرسلين. و قال رحمه الله في قوله تعالى أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ قال الكلبي نزلت في عبد الرحمن بن عوف الزهري و المقداد بن الأسود الكندي و قدامة بن مظعون الجمحي و سعد بن أبي وقاص و كانوا يلقون من المشركين أذى شديدا و هم بمكة قبل أن يهاجروا إلى المدينة فيشكون إلى رسول الله ص و يقولون يا رسول الله ائذن لنا في قتال هؤلاء فإنهم قد آذونا فلما أمروا بالقتال و بالمسير إلى بدر شق على بعضهم فنزلت الآية كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ أي أمسكوا عن قتال الكفار فإني لم أؤمر بقتالهم فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ و هم بالمدينة إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ أي جماعة منهم يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أي يخافون القتل من الناس كما يخافون الموت من الله و قيل يخافون عقوبة الناس بالقتل كما يخافون عقوبة الله أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً قيل أو هنا بمعنى الواو و قيل لإبهام الأمر على المخاطب وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ قال الحسن لم يقولوا ذلك كراهة لأمر الله تعالى و لكن لدخول الخوف عليهم بذلك على ما يكون من طبع البشر و يحتمل أن يكون قالوا ذلك استفهاما لا إنكارا و قيل إنما قالوا ذلك لأنهم ركنوا إلى الدنيا و آثروا نعيمها لَوْ لا أَخَّرْتَنا أي هلا أخرتنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ و هو إلى أن نموت بآجالنا و الفتيل ما تفتله بيدك من الوسخ ثم تلقيه عن ابن عباس و قيل ما في شق النواة لأنه كالخيط المفتول و البروج القصور و قيل بروج السماء و قيل البيوت التي فوق الحصون و قيل الحصون و القلاع و المشيدة المجصصة أو المزينة و قيل المطولة في ارتفاع وَ إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ قيل القائلون هم اليهود قالوا ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا و مزارعنا منذ قدم علينا هذا الرجل فالمراد بالحسنة الخصب و المطر و بالسيئة الجدب و القحط و قيل هم المنافقون عبد الله بن أبي و أصحابه الذين تخلفوا عن القتال يوم أحد قالوا للذين قتلوا في الجهاد لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَ ما قُتِلُوا فالمعنى إن يصبهم ظفر و غنيمة قالوا هذه من عند الله و إن يصبهم مكروه و هزيمة قالوا هذه من عندك و بسوء تدبيرك و قيل هو عام في اليهود و المنافقين و قيل هو حكاية عمن سبق ذكرهم قبل الآية و هم الذين يقولون رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ. قوله تعالى يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قال الطبرسي رحمه الله اختلف المفسرون في الأنفال هاهنا فقيل هي الغنائم التي غنمها النبي ص يوم بدر عن ابن عباس و صحت الرواية

 عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أنهما قالا إن الأنفال كل ما أخذ من دار الحرب بغير قتال و كل أرض انجلى أهلها عنها بغير قتال و ميراث من لا وارث له و قطائع الملوك إذا كانت في أيديهم من غير غصب و الآجام و بطون الأودية و الأرضون الموات

و غير ذلك مما هو مذكور في مواضعه و

 قالا هي لله و للرسول و بعده لمن قام مقامه يصرفه حيث يشاء من مصالح نفسه ليس لأحد فيه شي‏ء

 و قالا إن غنائم بدر كانت للنبي ص خاصة فسألوه أن يعطيهم

و قد صح أن قراءة أهل البيت يسألونك الأنفال فقال سبحانه قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ و كذلك ابن مسعود و غيره إنما قرءوا كذلك على هذا التأويل فعلى هذا فقد اختلفوا في كيفية سؤالهم النبي ص فقال هؤلاء إن أصحابه سألوه أن يقسم غنيمة بدر بينهم فأعلمه الله سبحانه أن ذلك لله و لرسوله دونهم و ليس لهم في ذلك شي‏ء و روي ذلك أيضا عن ابن عباس و غيره و قالوا إن عن صلة و معناه يسألونك الأنفال أن تعطيهم و يؤيد هذا القول قوله فَاتَّقُوا اللَّهَ إلى آخر الآية ثم اختلف هؤلاء فقال بعضهم هي منسوخة بآية الغنيمة و قيل ليست بمنسوخة و هو الصحيح و قال آخرون إنهم سألوا النبي ص عن حكم الأنفال و علمها أنها لمن هي و قال آخرون إنهم سألوه عن الغنائم و قسمتها و أنها حلال أم حرام كما كانت حراما على من قبلهم فبين لهم أنها حلال و اختلفوا أيضا في سبب سؤالهم فقال ابن عباس إن النبي ص قال يوم بدر من جاء بكذا فله كذا و من جاء بأسير فله كذا فتسارع الشبان و بقي الشيوخ تحت الرايات فلما انقضى الحرب طلب الشبان ما كان قد نفلهم النبي ص به فقال الشيوخ كنا ردا لكم و لو وقعت عليكم الهزيمة لرجعتم إلينا و جرى بين أبي اليسر بن عمرو الأنصاري أخي بني سلمة و بين سعد بن معاذ كلام فنزع الله تعالى الغنائم منهم و جعلها لرسوله يفعل بها ما يشاء فقسمها بينهم بالسوية و قال عبادة بن الصامت اختلفنا في النفل و ساءت فيه أخلاقنا فنزعه الله من أيدينا فجعله إلى رسول الله ص فقسمه بيننا على السواء و كان ذلك في تقوى الله و طاعته و صلاح ذات البين و قال سعد بن أبي وقاص قتل أخي عمير يوم بدر فقتلت سعيد بن العاص بن أمية و أخذت سيفه و كان يسمى ذا الكتيفة فجئت به إلى النبي ص و استوهبته منه فقال ليس هذا لي و لا لك اذهب فاطرحه في القبض فطرحت و رجعت و بي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي و أخذ سلبي و قلت عسى أن يعطي هذا لمن لم يبل ببلائي فما جاوزت إلا قليلا حتى جاءني الرسول و قد أنزل الله تعالى يَسْئَلُونَكَ الآية فخفت أن يكون قد نزل في شي‏ء فلما انتهيت إلى رسول الله قال يا سعد إنك سألتني السيف و ليس لي و إنه قد صار لي فاذهب و خذه فهو لك و قال علي بن طلحة عن ابن عباس كانت الغنائم لرسول الله ص خاصة ليس لأحد فيها شي‏ء و ما أصاب سرايا المسلمين من شي‏ء أتوه به فمن حبس منه إبرة أو سلكا فهو غلول فسألوا رسول الله ص أن يعطيهم منها فنزلت الآية و قال ابن جريح اختلف من شهد بدرا من المهاجرين و الأنصار في الغنيمة و كانوا ثلاثا فنزلت الآية و ملكها الله رسوله يقسمها كما أراه الله و قال مجاهد هي الخمس و ذلك أن المهاجرين قالوا لم يرفع منا هذا الخمس لم يخرج منا فقال الله قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ يقسمانها كما شاءا و ينفلان منها ما شاءا و يرضخان منها ما شاءا فَاتَّقُوا اللَّهَ باتباع ما يأمركم

  الله و رسوله به و احذروا مخالفة أمرهما وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ أي ما بينكم من الخصومة و المنازعة وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أي اقبلوا ما أمرتم به في الغنائم و غيرها إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ مصدقين للرسول فيما يأتيكم به و في تفسير الكلبي أن الخمس لم يكن مشروعا يومئذ و إنما شرع يوم أحد و فيه أنه لما نزلت هذه الآية عرف المسلمون أنه لا حق لهم في الغنيمة و أنها لرسول الله ص فقالوا يا رسول الله سمعا و طاعة فاصنع ما شئت فنزل قوله وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ أي ما غنمتم بعد بدر و روي أن رسول الله ص قسم غنائم بدر على سواء و لم يخمس. كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ الكاف في قوله كَما أَخْرَجَكَ يتعلق بما دل عليه قوله قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ لأن هذا في معنى نزعها من أيديهم بالحق كما أخرجك ربك بالحق فالمعنى قل الأنفال لله ينزعها عنكم مع كراهتكم و مشقة ذلك عليكم لأنه أصلح لكم كما أخرجك ربك من بيتك مع كراهة فريق من المؤمنين ذلك لأن الخروج كان أصلح لكم من كونكم في بيتكم و المراد بالبيت هنا المدينة يعني خروج النبي ص منها إلى بدر و قيل يتعلق بيجادلونك أي يجادلونك في الحق كارهين له كما جادلوك حين أخرجك ربك كارهين للخروج كراهية طباع فقال بعضهم كيف نخرج و نحن قليل و العدو كثير و قال بعضهم كيف نخرج على عمياء لا ندري إلى العير نخرج أم إلى القتال فشبه جدالهم بخروجهم لأن القوم جادلوه بعد خروجهم كما جادلوه عند الخروج فقالوا هلا أخبرتنا بالقتال فكنا نستعد لذلك فهذا هو جدالهم و قيل يعمل فيه معنى الحق بتقدير هذا الذكر الحق كما أخرجك ربك من بيتك بالحق فمعناه أن هذا خير لكم كما أن إخراجك من بيتك على كراهية جماعة منكم خير لكم و قريب منه ما جاء في حديث أبي حمزة الثمالي فالله ناصرك كما أخرجك من بيتك و قوله بِالْحَقِّ أي بالوحي و ذلك أن جبرئيل أتاه و أمره بالخروج و قيل معناه أخرجك و معك الحق و قيل أخرجك بالحق الذي وجب عليك و هو الجهاد وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أي طائفة منهم لَكارِهُونَ لذلك للمشقة التي لحقتهم يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ معناه يجادلونك فيما دعوتهم إليه بعد ما عرفوا صحته و صدقك بالمعجزات و مجادلتهم قولهم هلا أخبرتنا بذلك و هم يعلمون أنك لا تأمرهم عن الله إلا بما هو حق و صواب و كانوا يجادلون فيه لشدته عليهم يطلبون بذلك رخصة لهم في التخلف عنه أو في تأخير الخروج إلى وقت آخر و قيل معناه يجادلونك في القتال يوم بدر بعد ما تبين صوابه كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ أي كان هؤلاء الذين يجادلونك في لقاء العدو لشدة القتال عليهم حيث لم يكونوا مستعدين له و لكراهتهم له من حيث الطبع كانوا بمنزلة من يساق إلى الموت و هم يرونه عيانا و ينظرون إلى أسبابه وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ يعني و اذكروا و اشكروا الله إذ يعدكم الله أن إحدى الطائفتين لكم إما العير و إما النفير وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ أي تودون أن لكم العير و صاحبها أبو سفيان لئلا تلحقكم مشقة دون النفير و هو الجيش من قريش قال الحسن كان المسلمون يريدون العير و رسول الله ص يريد ذات الشوكة كنى بالشوكة عن الحرب لما في الحرب من الشدة و قيل الشوكة السلاح وَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ معناه و الله أعلم بالمصالح منكم فأراد أن يظهر الحق بلطفه و يعز الإسلام و يظفركم على وجوه القريش و يهلكهم على أيديكم بكلماته السابقة و عداته في قوله تعالى وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ

 و قوله لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ و قيل بِكَلِماتِهِ أي بأمره لكم بالقتال وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ أي يستأصلهم فلا يبقى منهم أحدا يعني كفار العرب لِيُحِقَّ الْحَقَّ أي ليظهر الإسلام وَ يُبْطِلَ الْباطِلَ أي الكفر بإهلاك أهله وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ أي الكافرون و ذكر البلخي عن الحسن أن قوله وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ نزلت قبل قوله كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ و هي في القراءة بعدها. القصة. قال أصحاب السير و ذكر أبو حمزة و علي بن إبراهيم في تفسيرهما دخل حديث بعضهم في بعض أقبل أبو سفيان بعير قريش من الشام و فيها أموالهم و هي اللطيمة فيها أربعون راكبا من قريش فندب النبي ص أصحابه للخروج إليها ليأخذوها و قال لعل الله أن ينفلكموها فانتدب الناس فخف بعضهم و ثقل بعضهم و لم يظنوا أن رسول الله ص يلقى كيدا و لا حربا فخرجوا لا يريدون إلا أبا سفيان و الركب لا يرونها إلا غنيمة لهم فلما سمع أبو سفيان بمسير النبي ص استأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة و أمره أن يأتي قريشا فيستنفرهم و يخبرهم أن محمدا قد تعرض لعيرهم في أصحابه فخرج ضمضم سريعا إلى مكة و كانت عاتكة بنت عبد المطلب رأت فيما يرى النائم قبل مقدم ضمضم بن عمرو بثلاث ليال أن رجلا أقبل على بعير له ينادي يا آل غالب اغدوا إلى مصارعكم ثم وافى بجمله على أبي قبيس فأخذ حجرا فدهدهه من الجبل فما ترك دارا من دور قريش إلا أصابته منه فلذة فانتبهت فزعة من ذلك فأخبرت العباس بذلك فأخبر العباس عتبة بن ربيعة فقال عتبة هذه مصيبة تحدث في قريش و فشت الرؤيا فيهم و بلغ ذلك أبا جهل فقال هذه نبية ثانية في بني عبد المطلب و اللات و العزى لننظرن ثلاثة أيام فإن كان ما رأت حقا و إلا لنكتبن كتابا بينا أنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا و لا نساء من بني هاشم فلما كان اليوم الثالث أتاهم ضمضم يناديهم بأعلى الصوت يا آل غالب يا آل غالب اللطيمة اللطيمة العير العير أدركوا و ما أراكم تدركون أن محمدا و الصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم فتهيئوا للخروج و ما بقي أحد من عظماء قريش إلا أخرج مالا لتجهيز الجيش و قالوا من لم يخرج نهدم داره و خرج معهم العباس بن عبد المطلب و نوفل بن الحارث بن عبد المطلب و عقيل بن أبي طالب و أخرجوا معهم القيان يضربون الدفوف و خرج رسول الله ص في ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا فلما كان بقرب بدر أخذ عينا للقوم فأخبره بهم. و في حديث أبي حمزة الثمالي بعث رسول الله ص عينا له على العير اسمه عدي فلما قدم على رسول الله ص فأخبره أين فارق العير نزل جبرئيل على رسول الله ص فأخبره بنفير المشركين من مكة فاستشار أصحابه في طلب العير و حرب النفير فقام أبو بكر فقال يا رسول الله إنها قريش و خيلاؤها ما آمنت منذ كفرت و لا ذلت منذ عزت و لم نخرج على أهبة الحرب. و في حديث أبي حمزة قال أبو بكر أنا عالم بهذا الطريق فارق عدي العير بكذا و كذا و ساروا و سرنا فنحن و القوم على بدر يوم كذا و كذا كأنا فرسا رهان فقال ص اجلس فجلس ثم قام عمر بن الخطاب فقال مثل ذلك فقال اجلس فجلس ثم قام المقداد فقال يا رسول الله إنها قريش و خيلاؤها و قد آمنا بك و صدقنا و شهدنا أن ما جئت به حق و الله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا و شوك الهراس لخضناه معك و الله لا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ

 و لكنا نقول امض لأمر ربك فإنا معك مقاتلون فجزاه رسول الله ص خيرا على قوله ذلك ثم قال أشيروا علي أيها الناس و إنما يريد الأنصار لأن أكثر الناس منهم و لأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا إنا براء من ذمتك حتى تصل إلى دارنا ثم أنت في ذمتنا نمنعك مما نمنع آباءنا و نساءنا فكان ص يتخوف أن لا يكون الأنصار ترى عليها نصرته إلا على من دهمه بالمدينة من عدو و أن ليس عليهم أن ينصروه بخارج المدينة فقام سعد بن معاذ فقال بأبي أنت و أمي يا رسول الله كأنك أردتنا فقال نعم فقال بأبي أنت و أمي يا رسول الله إنا قد آمنا بك و صدقناك و شهدنا أن ما جئت به حق من عند الله فمرنا بما شئت و خذ من أموالنا ما شئت و اترك منها ما شئت و الله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك و لعل الله أن يريك ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله ففرح بذلك رسول الله ص و قال سيروا على بركة الله فإن الله وعدني إحدى الطائفتين وَ لَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ و الله لكأني أنظر إلى مصرع أبي جهل بن هشام و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و فلان و فلان و أمر رسول الله ص بالرحيل و خرج إلى بدر و هو بئر. و في حديث أبي حمزة و بدر رجل من جهينة و الماء ماؤه و إنما سمي الماء باسمه. و أقبلت قريش و بعثوا عبيدها ليستقوا من الماء فأخذهم أصحاب رسول الله ص و قالوا لهم من أنتم قالوا نحن عبيد قريش قالوا فأين العير قالوا لا علم لنا بالعير فأقبلوا يضربونهم و كان رسول الله ص يصلي فانفتل من صلاته و قال إن صدقوكم ضربتموهم و إن كذبوكم تركتموهم فأتوه بهم فقال لهم من أنتم قالوا يا محمد نحن عبيد قريش قال كم القوم قالوا لا علم لنا بعددهم قال كم ينحرون كل يوم من جزور قالوا تسعة إلى عشرة فقال رسول الله ص القوم تسعمائة إلى ألف رجل فأمر ص بهم فحبسوا و بلغ ذلك قريشا ففزعوا و ندموا على مسيرهم و لقي عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام فقال أ ما ترى هذا البغي و الله ما أبصر موضع قدمي خرجنا لنمنع عيرنا و قد أفلتت فجئنا بغيا و عدوانا و الله ما أفلح قوم بغوا قط و لوددت ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهبت و لم نسر هذا المسير فقال له أبو البختري إنك سيد من سادات قريش فسر في الناس و تحمل العير التي أصابها محمد ص و أصحابه بنخلة و دم ابن الحضرمي فإنه حليفك فقال له علي ذلك و ما على أحد منا خلاف إلا ابن الحنظلة يعني أبا جهل فصر إليه و أعلمه أني حملت العير و دم ابن الحضرمي و هو حليفي و علي عقله قال فقصدت خباه و أبلغته ذلك فقال إن عتبة يتعصب لمحمد فإنه من بني عبد مناف و ابنه معه و يريد أن يخذل بين الناس لا و اللات و العزى حتى نقحم عليهم يثرب أو نأخذهم أسارى فندخلهم مكة و تتسامع العرب بذلك و كان أبو حذيفة بن عتبة مع رسول الله ص و كان أبو سفيان

  لما جاز بالعير بعث إلى قريش قد نجى الله عيركم فارجعوا و دعوا محمدا و العرب و ادفعوه بالراح ما اندفع و إن لم ترجعوا فردوا القيان فلحقهم الرسول في الجحفة فأراد عتبة أن يرجع فأبى أبو جهل و بنو مخزوم و ردوا القيان من الجحفة قال و فزع أصحاب رسول الله ص لما بلغهم كثرة قريش و استغاثوا و تضرعوا فأنزل الله سبحانه إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ قال ابن عباس لما كان يوم بدر و اصطف القوم للقتال قال أبو جهل اللهم أولانا بالنصر فانصره و استغاث المسلمون فنزلت الملائكة و نزل قوله إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ إلى آخره و قيل إن النبي ص لما نظر إلى كثرة عدد المشركين و قلة عدد المسلمين استقبل القبلة و قال اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض فما زال يهتف ربه مادا يديه حتى سقط رداؤه من منكبه فأنزل الله تعالى إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ الآية و هو المروي عن أبي جعفر ع قال و لما أمسى رسول الله ص و جنه الليل ألقى الله على أصحابه النعاس و كانوا قد نزلوا في موضع كثير الرمل لا تثبت فيه قدم فأنزل الله عليهم المطر رذاذا حتى لبد الأرض و ثبتت أقدامهم و كان المطر على قريش مثل العزالي و ألقى الله في قلوبهم الرعب كما قال سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ الآية قوله إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ أي تستجيرون بربكم يوم بدر من أعدائكم و تسألونه النصر عليهم لقلتكم و كثرتهم فلم يكن لكم مفزع إلا التضرع إليه و الدعاء له في كشف الضر عنكم فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ أي مرسل إليكم مددا لكم بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ أي متبعين ألفا آخر من الملائكة لأن مع كل واحد منهم ردف له و قيل معناه مترادفين متتابعين و كانوا ألفا بعضهم في أثر بعض و قيل بألف من الملائكة جاءوا على آثار المسلمين وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ أي ما جعل الإمداد بالملائكة إلا بشرى لكم بالنصر و لتسكن به قلوبكم و تزول الوسوسة عنها و إلا فملك واحد كاف للتدمير عليهم كما فعل جبرئيل بقوم لوط فأهلكهم بريشة واحدة و اختلف في أن الملائكة هل قاتلت يوم بدر أم لا فقيل ما قاتلت و لكن شجعت و كثرت سواد المسلمين و بشرت بالنصر و قيل إنها قاتلت قال مجاهد إما أمدهم بألف مقاتل من الملائكة فأما ما قاله في آل عمران بثلاثة آلاف و بخمسة آلاف فإنه للبشارة و روي عن ابن مسعود أنه سأله أبو جهل من أين كان يأتينا الضرب و نرى الشخص قال من قبل الملائكة فقال هم غلبونا لا أنتم و عن ابن عباس أن الملائكة قاتلت يوم بدر و قتلت وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لا بالملائكة و لا بكثرة العدد إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يمنع عن مراده حَكِيمٌ في أفعاله إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ هو أول النوم قبل أن يثقل أَمَنَةً أي أمانا مِنْهُ أي من العدو و قيل من الله فإن الإنسان لا يأخذه النوم في حال الخوف فآمنهم الله تعالى بزوال الرعب عن قلوبهم و أيضا فإنه قواهم بالاستراحة على القتال من الغد وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً أي مطرا لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ و ذلك لأن المسلمين قد سبقهم الكفار إلى الماء فنزلوا على كثيب رمل و أصبحوا محدثين مجنبين و أصابهم الظمأ و وسوس

  إليهم الشيطان و قال إن عدوكم قد سبقكم إلى الماء و أنتم تصلون مع الجنابة و الحدث و تسوخ أقدامكم في الرمل فمطرهم الله حتى اغتسلوا به من الجنابة و تطهروا به من الحدث و تلبدت به أرضهم و أوحلت أرض عدوهم وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ أي وسوسته بما مضى ذكره أو الجنابة التي أصابتكم بالاحتلام وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ أي و ليشد على قلوبكم أي يشجعها وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ بتلبيد الأرض و قيل بالصبر و قوة القلب إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ يعني الملائكة الذين أمد بهم المسلمين أَنِّي مَعَكُمْ بالمعونة و النصرة فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا أي بشروهم بالنصر و كان الملك يسير أمام الصف في صورة الرجل و يقول أبشروا فإن الله ناصركم و قيل معناه قاتلوا معهم المشركين أو ثبتوهم بأشياء تلقونها في قلوبهم يقوون بها سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ أي الخوف من أوليائي فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ يعني الرءوس لأنها فوق الأعناق قال عطا يريد كل هامة و جمجمة و جائز أن يكون هذا أمرا للمؤمنين و أن يكون أمرا للملائكة و هو الظاهر قال ابن الأنباري إن الملائكة حين أمرت بالقتال لم تعلم أين تقصد بالضرب من الناس فعلمهم الله تعالى وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ يعني الأطراف من اليدين و الرجلين و قيل يعني أطراف الأصابع اكتفى به عن جملة اليد و الرجل ذلِكَ العذاب و الأمر بضرب الأعناق و الأطراف و تمكين المسلمين منهم بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أي بسبب أنهم خالفوا الله و رسوله و حاربوهما وَ مَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ في الدنيا بالإهلاك و في الآخرة بالتخليد في النار ذلِكُمْ أي هذا الذي أعددت لكم من الأسر و القتل في الدنيا فَذُوقُوهُ عاجلا وَ أَنَّ لِلْكافِرِينَ آجلا عَذابَ النَّارِ تمام القصة و لما أصبح رسول الله ص يوم بدر عبأ أصحابه فكان في عسكره فرسان فرس للزبير بن العوام و فرس للمقداد بن الأسود و كان في عسكره سبعون جملا كانوا يتعاقبون عليها و كان رسول الله ص و علي بن أبي طالب ع و مرثد بن أبي مرثد الغنوي يتعاقبون على جمل لمرثد بن أبي مرثد و كان في عسكر قريش أربعمائة فرس و قيل مائتا فرس فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله ص قال أبو جهل ما هم إلا أكلة رأس لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذا باليد و قال عتبة بن ربيعة أ ترى لهم كمينا أو مددا فبعثوا عمر بن وهب الجمحي و كان فارسا شجاعا فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول الله ص ثم رجع فقال ما لهم كمين و لا مدد و لكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع أ ما ترونهم خرسا لا يتكلمون يتلمظون تلمظ الأفاعي ما لهم ملجأ إلا سيوفهم و ما أراهم يولون حتى يقتلوا و لا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم فارتئوا رأيكم فقال له أبو جهل كذبت و جبنت فأنزل الله سبحانه وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها فبعث إليهم رسول الله ص فقال يا معاشر قريش إني أكره أن أبدأكم فخلوني و العرب و ارجعوا فقال عتبة ما رد هذا قوم قط فأفلحوا ثم ركب جملا له أحمر فنظر إليه رسول الله ص و هو يجول بين العسكرين و ينهى عن القتال فقال ص إن يك عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر و إن يطيعوه يرشدوا و خطب عتبة فقال في خطبته يا معاشر قريش أطيعوني اليوم و اعصوني الدهر إن محمدا له إل و ذمة و هو ابن عمكم فخلوه و العرب فإن يك صادقا فأنتم أعلى عينا به و إن يك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمره فغاظ أبا جهل قوله و قال له جبنت و انتفخ سحرك فقال يا مصفرا استه مثلي يجبن ستعلم قريش أينا ألأم و أجبن و أينا المفسد لقومه و لبس درعه و تقدم هو و أخوه شيبة و ابنه الوليد و

  قال يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار و انتسبوا لهم فقالوا ارجعوا إنما نريد الأكفاء من قريش فنظر رسول الله ص إلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب و كان له يومئذ سبعون سنة فقال قم يا عبيدة و نظر إلى حمزة فقال قم يا عم ثم نظر إلى علي فقال قم يا علي و كان أصغر القوم فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها تريد أن تطفئ نور الله وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ ثم قال يا عبيدة عليك بعتبة بن ربيعة و قال لحمزة عليك بشيبة و قال لعلي ع عليك بالوليد فمروا حتى انتهوا إلى القوم فقالوا أكفاء كرام فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته و ضرب عتبة عبيدة على ساقه فأطنها فسقطا جميعا و حمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيفين حتى انثلما و حمل أمير المؤمنين ع على الوليد فضربه على حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه قال علي ع لقد أخذ الوليد يمينه بشماله فضرب بها هامتي فظننت أن السماء وقعت على الأرض ثم اعتنق حمزة و شيبة فقال المسلمون يا علي أ ما ترى الكلب نهز عمك فحمل عليه علي ع فقال يا عم طأطئ رأسك و كان حمزة أطول من شيبة فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه علي فطرح نصفه ثم جاء إلى عتبة و به رمق فأجهز عليه. و في رواية أخرى أنه برز حمزة لعتبة و برز عبيدة لشيبة و برز علي للوليد فقتل حمزة عتبة و قتل عبيدة شيبة و قتل علي الوليد و ضرب شيبة رجل عبيدة فقطعها فاستنقذه حمزة و علي و حمل عبيدة حمزة و علي حتى أتيا به رسول الله ص فاستعبر فقال يا رسول الله أ لست شهيدا قال بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي و قال أبو جهل لقريش لا تعجلوا و لا تبطروا كما بطر ابنا ربيعة عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا و عليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكة فنعرفهم ضلالتهم التي هم عليها و جاء إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم فقال لهم أنا جار لكم ادفعوا إلي رايتكم فدفعوا إليهم راية الميسرة و كانت الراية مع بني عبد الدار فنظر إليه رسول الله ص فقال لأصحابه غضوا أبصاركم و عضوا على النواجد و رفع يده فقال يا رب إن تهلك هذه العصابة لا تعبد ثم أصابه الغشي فسري عنه و هو يسلت العرق عن وجهه فقال هذا جبرئيل قد أتاكم في ألف مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ. و روى أبو أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال لقد رأينا يوم بدر و إن أحدنا يشير بسيفه إلى المشرك فيقع رأسه من جسده قبل أن يصل إليه السيف. قال ابن عباس حدثني رجل من بني غفار قال أقبلت أنا و ابن عم لي حتى صعدنا في جبل يشرف بنا على بدر و نحن مشركان ننتظر الوقعة على من تكون الدبرة فبينا نحن هناك إذ دنت منا سحابة فسمعنا فيها حمحمة الخيل فسمعنا قائلا يقول أقدم حيزوم و قال فأما ابن عمي فانكشف قناع قلبه فمات مكانه و أما أنا فكدت أهلك ثم تماسكت. و روى عكرمة عن أبي عباس أن النبي ص قال يوم بدر هذا جبرئيل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب أورده البخاري في الصحيح.

  قال عكرمة قال أبو رافع مولى رسول الله ص كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب و كان الإسلام قد دخلنا أهل البيت و أسلمت أم الفضل و أسلمت و كان العباس يهاب قومه و يكره أن يخالفهم و كان يكتم إسلامه و كان ذا مال كثير متفرق في قومه و كان أبو لهب عدو الله قد تخلف عن بدر و بعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة و كذلك صنعوا لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاء الخبر عن مصاب أصحاب بدر من قريش كبته الله و أخزاه و وجدنا في أنفسنا قوة و عزا قال و كنت رجلا ضعيفا و كنت أعمل القداح أنحتها في حجرة زمزم فو الله إني لجالس فيها أنحت القداح و عندي أم الفضل جالسة و قد سرنا ما جاءنا من الخبر إذ أقبل الفاسق أبو لهب يجر رجليه حتى جلس على طنب الحجرة و كان ظهره إلى ظهري فبينا هو جالس إذ قال الناس هذا أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب و قد قدم فقال أبو لهب هلم إلي يا ابن أخي فعندك الخبر فجلس إليه و الناس قيام عليه فقال يا ابن أخي أخبرني كيف كان أمر الناس قال لا شي‏ء و الله إن كان إلا أن لقيناهم فمنحناهم أكتافنا يقتلوننا و يأسروننا كيف شاءوا و ايم الله مع ذلك ما لمت الناس لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء و الأرض ما تليق شيئا و لا يقوم لها شي‏ء قال أبو رافع فرفعت طرف الحجرة بيدي ثم قلت تلك الملائكة قال فرفع أبو لهب يده فضرب وجهي ضربة شديدة فثاورته فاحتملني و ضرب بي الأرض ثم برك علي يضربني و كنت رجلا ضعيفا فقامت أم الفضل إلى عمود من عمد الحجرة فأخذته فضربته ضربة فلقت رأسه شجة منكرة و قالت تستضعفه إن غاب عنه سيده فقام موليا ذليلا فو الله ما عاش إلا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة فقتله و لقد تركه ابناه ليلتين أو ثلاث ما يدفنانه حتى أنتن في بيته و كانت قريش تتقي العدسة كما يتقي الناس الطاعون حتى قال لهما رجل من قريش أ لا تستحيان أن أباكما قد أنتن في بيته لا تغيبانه فقالا إنا نخشى هذه القرحة قال فانطلقا فإنا معكما فما غسلوه إلا قذفا بالماء عليه من بعيد ما يمسونه ثم احتملوه فدفنوه بأعلى مكة إلى جدار و قذفوا عليه الحجارة حتى واروه. و روى مقسم عن ابن عباس قال كان الذي أسر العباس أبا اليسر كعب بن عمرو أخا بني سلمة و كان أبو اليسر رجلا مجموعا و كان العباس رجلا جسيما فقال رسول الله ص لأبي اليسر كيف أسرت العباس يا أبا اليسر فقال يا رسول الله ص لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك و لا بعده هيئته كذا و كذا فقال لقد أعانك عليه ملك كريم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قيل خطاب لأهل بدر و قيل عام إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً أي متدانين لقتالكم فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ أي فلا تنهزموا وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ أي من يجعل ظهره إليهم يوم القتال و وجهه إلى جهة الانهزام إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أي إلا تاركا موقفا إلى موقف آخر أصلح للقتال من الأول أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ أي منحازا منضما إلى جماعة من المسلمين يريدون العود إلى القتال ليستعين بهم فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ أي احتمل غضب الله و استحقه و قيل رجع به ثم نفى سبحانه أن يكون المسلمون قتلوا المشركين يوم بدر فقال فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ و إنما نفى الفعل عمن هو فعله على الحقيقة

  و نسبه إلى نفسه و ليس بفعل له من حيث كانت أفعاله تعالى كالسبب لهذا الفعل و المؤدي إليه من إقداره إياهم و معونته لهم و تشجيع قلوبهم و إلقاء الرعب في قلوب أعدائهم حتى قتلوا وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى ذكر جماعة من المفسرين كابن عباس و غيره أن جبرئيل قال للنبي ص يوم بدر خذ قبضة من تراب فارمهم بها فقال رسول الله ص لما التقى الجمعان لعلي ع أعطني قبضة من حصباء الوادي فناوله كفا من حصا عليه تراب فرمى به في وجوه القوم و قال شاهت الوجوه فلم يبق مشرك إلا دخل في عينه و فمه و منخريه منها شي‏ء ثم ردفهم المؤمنون يقتلونهم و يأسرونهم و كانت تلك الرمية سبب هزيمة القوم و قال قتادة و أنس ذكر لنا أن رسول الله ص أخذ يوم بدر ثلاث حصيات فرمى بحصاة في ميمنة القوم و حصاة في ميسرة القوم و حصاة بين أظهرهم و قال شاهت الوجوه فانهزموا فعلى هذا إنما أضاف الرمي إلى نفسه لأنه لا يقدر أحد غيره على مثله فإنه من عجائب المعجزات وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً أي و لينعم به عليهم نعمة حسنة و الضمير راجع إلى النصر أو إليه تعالى إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لدعائكم عَلِيمٌ بأفعالكم و ضمائركم ذلِكُمْ موضعه رفع و التقدير الأمر ذلكم الإنعام أو ذلكم الذي ذكرت وَ أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ بإلقاء الرعب في قلوبهم و تفريق كلمتهم إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ قيل إنه خطاب للمشركين فإن أبا جهل قال يوم بدر حين التقى الفئتان اللهم أقطعنا للرحم و آتانا بما لا نعرف فانصرنا عليه و في حديث أبي حمزة قال أبو جهل اللهم ربنا ديننا القديم و دين محمد الحديث فأي الدينين كان أحب إليك و أرضى عندك فانصر أهله اليوم فالمعنى أن تستنصروا لإحدى الفئتين فقد جاءكم النصر أي نصر محمد و أصحابه و قيل إنه خطاب للمؤمنين أي إن تستنصروا على أعدائكم فقد جاءكم النصر بالنبي ص وَ إِنْ تَنْتَهُوا عن الكفر و قتال الرسول ص فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ أي و إن تعودوا أيها المشركون إلى قتال المسلمين نعد بأن ننصرهم عليكم وَ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً أي و لن تدفع عنكم جماعتكم شيئا وَ لَوْ كَثُرَتْ الفئة وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ بالنصر و الحفظ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا قيل نزلت في أبي سفيان بن حرب استأجر يوم أحد ألفين من الأحابيش يقاتل بهم النبي ص سوى من استحاشهم من العرب و قيل نزلت في المطعمين يوم بدر و كانوا اثني عشر رجلا أبو جهل بن هشام و عتبة و شيبة ابنا ربيعة و نبيه و منبه ابنا الحجاج و أبو البختري بن هشام و النضر بن الحارث و حكيم بن حزام و أبي بن خلف و زمعة بن الأسود و الحارث بن عامر بن نوفل و العباس بن عبد المطلب كلهم من قريش و كان كل يوم يطعم واحد منهم عشر جزر و كانت النوبة يوم الهزيمة للعباس و قيل لما أصيبت قريش يوم بدر و رجع فلهم إلى مكة مشى صفوان بن أمية و عكرمة بن أبي جهل في رجال من قريش أصيب آباؤهم و إخوانهم ببدر فكلموا أبا سفيان بن حرب و من كانت له في تلك العير تجارة فقالوا يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم و قتل خياركم فأعينونا بهذا المال الذي أفلت على حربه لعلنا أن ندرك منه ثارا بمن أصيب منا ففعلوا فأنزل الله فيهم هذه الآية يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ في قتال الرسول و المؤمنين لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي ليمنعوا بذلك الناس عن دين الله الذي أتى به محمد ص فَسَيُنْفِقُونَها ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً من حيث إنهم لا ينتفعون بذلك الإنفاق لا في الدنيا و لا في الآخرة بل يكون وبالا عليهم ثُمَّ يُغْلَبُونَ في الحرب و فيه من الإعجاز ما لا يخفى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ أي بعد تحسرهم في الدنيا و وقوع الظفر بهم لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ أي نفقة الكافرين من نفقة المؤمنين وَ يَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ أي نفقة المشركين بعضها على بعض

  فَيَرْكُمَهُ أي فيجمعه جَمِيعاً في الآخرة فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ فيعاقبهم بها و قيل معناه ليميز الكافر من المؤمن في الدنيا بالغلبة و النصر و الأسماء الحسنة و الأحكام المخصوصة و في الآخرة بالثواب و الجنة و قيل بأن يجعل الكافر في جهنم و المؤمن في الجنة فيجعل الكافرين في جهنم بعضهم على بعض يضيقها عليهم أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ لأنهم قد اشتروا بالإنفاق في المعصية عذاب الله. قوله تعالى فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ أي سنة الله في آبائكم و عادته في نصر المؤمنين و كبت أعداء الدين. قوله تعالى وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ أي فأيقنوا أن الله ناصركم إذ كنتم قد شاهدتم من نصره ما قد شاهدتم أو المعنى و يجوز أن يكون آمَنْتُمْ بِاللَّهِ معناه اعلموا أنما غنمتم من شي‏ء فأن لله خمسه و للرسول يأمران فيه بما يريدان إن كنتم آمنتم بالله فاقبلوا ما أمرتم به من الغنيمة و اعملوا به وَ ما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا أي و آمنتم بما أنزلنا على محمد من القرآن و قيل من النصر و قيل من الملائكة أي علمتم أن ظفركم على عدوكم كان بنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يعني يوم بدر لأن الله تعالى فرق فيه بين المسلمين و المشركين بإعزاز هؤلاء و قمع أولئك يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ جمع المسلمين و هم ثلاث مائة و بضعة عشر رجلا و جمع الكافرين و هم بين تسعمائة إلى ألف من صناديد قريش و رؤسائهم فهزموهم و قتلوا منهم زيادة على السبعين و أسروا منهم مثل ذلك و كان يوم بدر يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة مضت من شهر رمضان من سنة اثنتين من الهجرة على رأس ثمانية عشر شهرا و قيل كان التاسع عشر من شهر رمضان و قد روي ذلك عن أبي عبد الله ع. إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا العدوة شفير الوادي و للوادي عدوتان و هما جانباه و الدنيا تأنيث الأدنى قال ابن عباس يريد و الله قدير على نصركم و أنتم أقلة أذلة إذ أنتم نزول بشفير الوادي الأقرب إلى المدينة وَ هُمْ يعني المشركين أصحاب النفير بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى أي نزول بالشفير الأقصى من المدينة وَ الرَّكْبُ يعني أبا سفيان و أصحابه و هم العير أَسْفَلَ مِنْكُمْ أي في موضع أسفل منكم إلى ساحل البحر قال الكلبي كانوا على شط البحر بثلاثة أميال فذكر الله سبحانه مقاربة الفئتين من غير ميعاد و ما كان المسلمون فيه من قلة الماء و الرمل الذي تسوخ فيه الأرجل مع قلة العدة و العدد و ما كان المشركون فيه من كثرة العدة و العدد و نزولهم على الماء و العير أسفل منهم و فيها أموالهم ثم مع هذا كله نصر المسلمين عليهم ليعلم أن النصر من عنده تعالى وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ معناه لو تواعدتم أيها المسلمون الاجتماع في الموضع الذي اجتمعتم فيه ثم بلغكم كثرة عددهم مع قلة عددكم لتأخرتم فنقضتم الميعاد أو لأخلفتم بما يعرض من العوائق و القواطع فذكر الميعاد لتأكيد أمره في الإنفاق و لو لا لطف الله مع ذلك لوقع الاختلاف وَ لكِنْ قدر الله التقاءكم و جمع بينكم و بينهم على غير ميعاد لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا أي كائنا لا محالة و هو إعزاز الدين و أهله و إذلال الشرك و أهله لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ أي فعل ذلك ليموت من مات منهم بعد قيام الحجة عليه بما رأى من المعجزات الباهرة للنبي ص في حروبه و غيرها و يعيش من عاش منهم بعد قيام الحجة و قيل إن البينة هي ما وعد الله من النصر للمؤمنين على الكافرين صار ذلك حجة على الناس في صدق النبي ص فيما أتاهم به من عند الله تعالى و قيل معناه ليهلك من ضل بعد قيام الحجة عليه فيكون حياة الكافر و بقاؤه هلاكا له و يحيا من اهتدى بعد قيام

  الحجة عليه و يكون بقاء من بقي على الإيمان حياة له و قوله عَنْ بَيِّنَةٍ أي بعد بيان وَ إِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ لأقوالهم عَلِيمٌ بما في ضمائرهم إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ العامل في إذ ما تقدم و تقديره آتاكم النصر إذ كنتم بشفير الوادي إذ يريكهم الله و قيل العامل فيه محذوف أي اذكر يا محمد إذ يريك الله يا محمد هؤلاء المشركين الذين قاتلوكم يوم بدر فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَ لَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ معناه يريكهم الله في نومك قليلا لتخبر المؤمنين بذلك فيجترءوا على قتالهم و هو قول أكثر المفسرين و هذا جائز لأن الرؤيا في النوم هو تصور يتوهم معه الرؤية في اليقظة و لا يكون إدراكا و لا علما بل كثير مما يراه الإنسان في نومه يكون تعبيره بالعكس مما رآه كما يكون تعبير البكاء ضحكا قال الرماني و يجوز أن يريد الله الشي‏ء في المنام على خلاف ما هو به لأن الرؤيا في المنام تخيل للمعنى من غير قطع و إن جامعه قطع مع الإنسان على المعنى و إنما ذلك على مثل ما يخيل السراب ماء من غير قطع على أنه ماء و لا يجوز أن يلهمه اعتقادا للشي‏ء على خلاف ما هو به لأن ذلك يكون جهلا لا يجوز أن يفعله الله سبحانه و الرؤيا على أربعة أقسام رؤيا من الله تعالى و لها تأويل و رؤيا من وساوس الشيطان و رؤيا من غلبة الأخلاط و رؤيا من الأفكار و كلها أضغاث أحلام إلا الرؤيا التي من قبل الله التي هي إلهام في المنام و رؤيا النبي ص هذه كانت بشارة له و للمؤمنين بالغلبة و قال الحسن معنى قوله فِي مَنامِكَ في موضع نومك أي في عينك التي تنام بها و ليس من الرؤيا في النوم و هو قول البلخي و هذا بعيد وَ لَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً على ما كانوا عليه لجبنتم عن قتالهم و ضعفتم و لتنازعتم في أمر القتال وَ لكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ أي المؤمنين عن الفشل و التنازع إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي بما في قلوبهم وَ إِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا أضاف الرؤية في النوم إلى النبي ص لأن رؤيا الأنبياء لا يكون إلا حقا و أضاف رؤية العين إلى المسلمين قلل الله المشركين في أعين المؤمنين ليشتد بذلك طمعهم فيهم و جرأتهم عليهم و قلل المؤمنين في أعين المشركين لئلا يتأهبوا لقتالهم و لا يكترثوا بهم فيظفر بهم المؤمنون و ذلك قوله وَ يُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ و قد وردت الرواية عن ابن مسعود أنه قال قلت لرجل بجنبي تراهم سبعين رجلا فقال هم قريب من مائة و قد روي أن أبا جهل كان يقول خذوهم بالأيدي أخذا و لا تقاتلوهم و متى قيل كيف قللهم الله في أعينهم مع رؤيتهم لهم فالقول إنه يجوز أن يكون ذلك لبعض الأسباب المانعة من الرؤية إما بغبار أو ما شاكله فيتخيلونهم بأعينهم قليلا من غير رؤية عن الصحة لجميعهم و ذلك بلطف من ألطافه تعالى إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً أي جماعة كافرة فَاثْبُتُوا لقتالهم وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً مستعينين به على قتالهم وَ لا تَنازَعُوا في لقاء العدو فَتَفْشَلُوا أي فتجبنوا عن عدوكم وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ أي صولتكم و قوتكم أو نصرتكم أو دولتكم و قيل إن المعنى ريح النصر التي يبعثها الله مع من ينصره على من يخذله و منه قوله ص نصرت بالصبا و أهلكت عاد بالدبور. وَ اصْبِرُوا على قتال الأعداء إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ بالنصر و المعونة وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً أي بطرين يعني قريشا خرجوا من مكة ليحموا عيرهم فخرجوا معهم بالقيان و المعازف يشربون الخمور و تعزف عليهم القيان وَ رِئاءَ النَّاسِ قيل إنهم كانوا يدينون بعبادة الأصنام فلما أظهروا التقرب بذلك إلى الناس كانوا مراءين و قيل إنهم وردوا بدرا ليروا الناس أنهم لا يبالون بالمسلمين و في قلوبهم من الرعب ما فيه فسمى الله سبحانه ذلك رئاء وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أي و يمنعون غيرهم عن دين الله وَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ أي عالم بأعمالهم.

  قال ابن عباس لما رأى أبو سفيان أنه أحرز عيره أرسل إلى قريش أن ارجعوا فقال أبو جهل و الله لا نرجع حتى نرد بدرا و كان بدر موسما من مواسم العرب يجتمع لهم بها سوق كل عام فنقيم بها ثلاثا و ننحر الجزر و نطعم الطعام و نسقي الخمور و تعزف علينا القيان و تسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبدا فوافوها فسقوا كئوس المنايا و ناحت عليهم النوائح وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ أي حسنها في نفوسهم و ذلك أن إبليس حسن لقريش مسيرهم إلى بدر لقتال النبي ص وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ أي لا يغلبكم أحد من الناس لكثرة عددكم و قوتكم وَ إِنِّي مع ذلك جارٌ لَكُمْ أي ناصر لكم و دافع عنكم السوء و قيل معناه و إني عاقد لكم عقد الأمان من عدوكم فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ أي التقت الفرقتان نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ أي رجع القهقرى منهزما وراءه وَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ أي رجعت عما كنت ضمنت لكم من الأمان و السلامة لأني أرى من الملائكة الذين جاءوا لنصر المسلمين ما لا ترون و كان إبليس يعرف الملائكة و هم كانوا لا يعرفونه إِنِّي أَخافُ اللَّهَ أي أخاف عذاب الله على أيدي من أراهم وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ لا يطاق عقابه و قيل معناه أني أخاف أن يكون قد حل الوقت الذي أنظرت إليه فإن الملائكة لا ينزلون إلا لقيام الساعة أو للعقاب و قال قتادة كذب عدو الله ما به من مخافة و لكنه علم أنه لا قوة له و لا منعة و ذلك عادة عدو الله لمن أطاعه حتى إذا التقى الحق و الباطل أسلمهم و تبرأ منهم و على هذا فيكون قوله أَرى ما لا تَرَوْنَ معناه أعلم ما لا تعلمون و أخاف الله أن يهلكني فيمن يهلك و اختلف في ظهور الشيطان يوم بدر كيف كان فقيل إن قريشا لما أجمعت للمسير ذكرت الذي بينها و بين بني بكر بن عبد مناة بن كنانة من الحرب فكاد ذلك أن يثنيهم فجاء إبليس في جند من الشيطان فتبدى لهم في صورة سراقة بن مالك بن جعشم الكناني ثم المدلجي و كان من أشراف كنانة فقال لهم لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ أي مجير لكم من كنانة فلما رأى إبليس الملائكة نزلوا من السماء و علم أنه لا طاقة له بهم نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ عن ابن عباس و غيره و قيل إنهم لما التقوا كان إبليس في صف المشركين آخذا بيد الحارث بن هشام فنكص على عقبيه فقال له الحارث يا سراق أين أ تخذلنا على هذه الحالة فقال له إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ فقال و الله ما ترى إلا جعاسيس يثرب فدفع في صدر الحارث و انطلق و انهزم الناس فلما قدموا مكة فقالوا هزم الناس سراقة فبلغ ذلك سراقة فقال و الله ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم قالوا إنك أتيتنا يوم كذا فحلف لهم فلما أسلموا علموا أن ذلك كان الشيطان روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله عليهما السلام و قيل إن إبليس لا يجوز أن يقدر على خلع صورته و لبس صورة سراقة و لكن الله جعل إبليس في صورة سراقة علما للنبي ص و إنما فعل ذلك لأنه علم أنه لو لم يدع المشركين إنسان إلى قتال المسلمين فإنهم لا يخرجون من ديارهم حتى يقاتلوهم المسلمون لخوفهم من بني كنانة فصوره بصورة سراقة حتى تم المراد في إعزاز الدين عن الجبائي و جماعة و قيل إن إبليس لم يتصور في صورة إنسان و إنما قال ذلك لهم على وجه الوسوسة عن الحسن و الأول هو المشهور في التفاسير. و رأيت في كلام الشيخ المفيد رضي الله عنه أنه يجوز أن يقدر الله تعالى الجن و من جرى مجراهم على أن يتجمعوا و يعتمدوا ببعض جواهرهم على بعض حتى

  يتمكن الناس من رؤيتهم و يتشبهوا بغيرهم من أنواع الحيوان لأن أجسامهم من الرقة على ما يمكن ذلك فيها و قد وجدنا الإنسان يجمع الهواء و يفرقه و يغير صور الأجسام الرخوة ضروبا من التغيير و أعيانها لم تزد و لم تنقص و قد استفاض الخبر بأن إبليس تراءى لأهل دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد و حضر يوم بدر في صورة سراقة و أن جبرئيل ع ظهر لأصحاب رسول الله ص في صورة دحية الكلبي قال و غير محال أيضا أن يغير الله صورهم و يكشفها في بعض الأحوال فيراهم الناس لضرب من الامتحان. إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ هذا يتعلق بما قبله معناه و إذ زين لهم الشيطان أعمالهم إذ يقول المنافقون و هم الذين يبطنون الكفر و يظهرون الإيمان وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ و هم الشاكون في الإسلام مع إظهارهم كلمة الإيمان و قيل إنهم فئة من قريش أسلموا بمكة و احتبسهم آباؤهم فخرجوا مع قريش يوم بدر و هم قيس بن الوليد بن المغيرة و علي بن أمية بن خلف و العاص بن المنبه بن الحجاج و الحارث بن زمعة و أبو قيس بن الفاكه بن المغيرة لما رأوا قلة المسلمين قالوا غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ أي غر المسلمين دينهم حتى خرجوا مع قلتهم لأجل دينهم إلى قتال المشركين مع كثرتهم و لم يحسنوا النظر لأنفسهم حتى اغتروا بقول رسولهم فبين الله تعالى أنهم هم المغرورون بقوله وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ أي و من يسلم لأمر الله و يثق به و يرض بفعله و إن قل عددهم فإن الله تعالى ينصرهم على أعدائهم و هو عزيز لا يغلب فكذلك لا يغلب من يتوكل عليه و هو حكيم يضع الأمور مواضعها على ما تقتضيه الحكمة وَ لَوْ تَرى يا محمد إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ أي يقبضون أرواحهم عند الموت يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ يريد أستاههم و قيل وجوههم ما أقبل منهم و أدبارهم ما أدبر منهم و المراد يضربون أجسادهم من قدامهم و من خلفهم و المراد بهم قتلى بدر عن ابن عباس و ابن جبير و أكثر المفسرين و قيل معناه سيضربهم الملائكة عند الموت و روى الحسن أن رجلا قال يا رسول الله إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشراك فقال ص ذلك ضرب الملائكة و روى مجاهد أن رجلا قال للنبي ص إني حملت على رجل من المشركين فذهبت لأضربه فندر رأسه فقال سبقك إليه الملائكة وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ أي و تقول الملائكة للكفار استخفافا بهم ذوقوا عذاب الحريق بعد هذا في الآخرة و قيل إنه كان مع الملائكة يوم بدر مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كلما ضربوا المشركين بها التهب النار في جراحاتهم فذلك قوله وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ. ذلِكَ أي ذلك العذاب بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ أي بما قدمتم و فعلتم وَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ لا يظلم عباده في عقوبتهم من حيث إنه إنما عاقبهم بجناياتهم على قدر استحقاقهم. ما كانَ لِنَبِيٍّ أي ليس له و لا في عهد الله إليه أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى من المشركين ليفديهم أو يمن عليهم حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ أي حتى يبالغ في قتل المشركين و قهرهم ليرتدع بهم من ورائهم و قال أبو مسلم الإثخان الغلبة على البلدان و التذليل لأهلها يعني حتى يتمكن في الأرض تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا هذا خطاب لمن دون النبي ص من المؤمنين الذين رغبوا في أخذ الفداء من الأسرى و رغبوا في الحرب للغنيمة قال الحسن و ابن عباس يريد يوم بدر يقول أخذتم الفداء من الأسرى في أول وقعة كانت لكم من قبل أن تثخنوا في الأرض و عرض الدنيا مال الدنيا لأنه بعرض الزوال وَ اللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ أي يريد لكم ثواب الآخرة

  لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ قيل في معناه أقوال أحدها لو لا ما مضى من حكم الله أن لا يعذب قوما حتى يبين لهم ما يتقون و أنه لم يبين لكم أن لا تأخذوا الفداء لعذبكم بأخذ الفداء عن ابن جريح و ثانيها لو لا أن الله حكم لكم بإباحة الغنائم و الفداء في أم الكتاب و هو اللوح المحفوظ لمسكم فيما استحللتم قبل الإباحة عذاب عظيم فإن الغنائم لم تحل لأحد قبلكم عن ابن عباس. و ثالثها لو لا كتاب من الله سبق و هو القرآن فآمنتم به و استوجبتم بالإيمان به الغفران لمسكم العذاب. و رابعها أن الكتاب الذي سبق قوله وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ. فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً هذا إباحة منه سبحانه للمؤمنين أن يأكلوا مما غنموا من أموال المشركين. القصة كان القتلى من المشركين يوم بدر سبعين قتل منهم علي بن أبي طالب سبعة و عشرين و كان الأسرى أيضا سبعين و لم يؤسر أحد من أصحاب رسول الله ص فجمعوا الأسارى و قرنوهم في الحبال و ساقوهم على أقدامهم و قتل من أصحاب رسول الله ص تسعة رجال منهم سعد بن خيثمة و كان من النقباء من الأوس و عن محمد بن إسحاق قال استشهد من المسلمين يوم بدر أحد عشر رجلا أربعة من قريش و سبعة من الأنصار و قيل ثمانية و قتل من المشركين بضعة و أربعون رجلا و عن ابن عباس قال لما أمسى رسول الله ص يوم بدر و الناس محبوسون بالوثاق بات ساهرا أول الليل فقال له أصحابه ما لك لا تنام فقال ص سمعت أنين عمي العباس في وثاقه فأطلقوه فسكت فنام رسول الله ص و روى عبيدة السلماني عن رسول الله ص أنه قال لأصحابه يوم بدر في الأسارى إن شئتم قتلتموهم و إن شئتم فاديتموهم و استشهد منكم بعدتهم و كانت الأسارى سبعين فقالوا بل نأخذ الفداء فنستمتع به و نتقوى به على عدونا يستشهد منا بعدتهم قال عبيدة طلبوا الخيرتين كلتيهما فقتل منهم يوم أحد سبعون. و في كتاب علي بن إبراهيم لما قتل رسول الله ص النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط خافت الأنصار أن يقتل الأسارى قالوا يا رسول الله قتلنا سبعين و هم قومك و أسرتك أ تجذ أصلهم فخذ يا رسول الله ص منهم الفداء و قد كانوا أخذوا ما وجدوه من الغنائم في عسكر قريش فلما طلبوا إليه و سألوه نزلت ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى الآيات فأطلق لهم ذلك و كان أكثر الفداء أربعة آلاف درهم و أقله ألف درهم فبعثت قريش بالفداء أولا فأولا و بعثت زينب بنت رسول الله ص من فدى زوجها أبي العاص بن الربيع و بعثت قلائد لها كانت خديجة جهزتها بها و كان أبو العاص ابن أخت خديجة فلما رأى رسول الله ص تلك القلائد قال رحم الله خديجة هذه قلائد هي جهزتها بها فأطلقه رسول الله ص بشرط أن يبعث إليه زينب و لا يمنعها من اللحوق به فعاهده على ذلك و وفى له و روي أن النبي ص كره أخذ الفداء حتى رأى سعد بن معاذ كراهية ذلك في وجهه فقال يا رسول الله هذا أول حرب لقينا فيه المشركين و الإثخان في القتل أحب إلينا من استبقاء الرجال و قال عمر بن الخطاب يا رسول الله كذبوك و أخرجوك فقدمهم و اضرب أعناقهم و مكن عليا من عقيل فيضرب عنقه و مكني من فلان أضرب عنقه فإن هؤلاء أئمة الكفر و قال أبو بكر أهلك و قومك استأن بهم و استبقهم و خذ منهم فدية تكون لنا قوة على الكفار و قال أبو جعفر الباقر ع كان الفداء يوم بدر كل رجل من المشركين بأربعين أوقية و الأوقية أربعون مثقالا إلا العباس فإن فداءه كان مائة أوقية و كان أخذ منه حين أسر عشرون أوقية ذهبا فقال النبي ذلك غنيمة ففاد نفسك و ابني أخيك نوفلا و عقيلا فقال ليس معي شي‏ء فقال أين الذهب الذي

  سلمته إلى أم الفضل و قلت إن حدث بي حدث فهو لك و للفضل و عبد الله و قثم فقال من أخبرك بهذا قال الله تعالى فقال أشهد أنك رسول الله و الله ما اطلع على هذا أحد إلا الله تعالى. ثم خاطب الله سبحانه نبيه ص فقال يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ إنما ذكر الأيدي لأن من كان في وثاقهم فهو بمنزلة من يكون في أيديهم لاستيلائهم عليه مِنَ الْأَسْرى يعني أسراء بدر الذين أخذ منهم الفداء إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً أي إسلاما و إخلاصا أو رغبة في الإيمان و صحة نية يُؤْتِكُمْ أي يعطكم خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ من الفداء إما في الدنيا و الآخرة و إما في الآخرة روي عن العباس بن عبد المطلب أنه قال نزلت هذه الآية في و في أصحابي كان معي عشرون أوقية ذهبا فأخذت مني فأعطاني الله مكانها عشرين عبدا كل منهم يضرب بمال كثير و أدناهم يضرب بعشرين ألف درهم مكان العشرين أوقية و أعطاني زمزم و ما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة و أنا أنتظر المغفرة من ربي قال قتادة ذكر لنا أن النبي ص لما قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفا و قد توضأ لصلاة الظهر فما صلى يومئذ حتى فرقه و أمر العباس أن يأخذ منه و يحثي فأخذ و كان العباس يقول هذا خير مما أخذ منا و أرجو المغفرة وَ إِنْ يُرِيدُوا أي الذين أطلقتهم من الأسارى خِيانَتَكَ بأن يعودوا حربا لك أو ينصروا عدوا عليك فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ بأن خرجوا إلى بدر و قاتلوا مع المشركين و قيل بأن أشركوا بالله و أضافوا إليه ما لا يليق به فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ أي فأمكنك منهم يوم بدر بأن غلبوا و أسروا و سيمكنك منهم ثانيا إن خانوك وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بما في نفوسكم حَكِيمٌ فيما يفعله

  -1  فس، ]تفسير القمي[ وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ قال أبو عبد الله ع ما كانوا أذلة و فيهم رسول الله ص و إنما نزل و لقد نصركم الله ببدر و أنتم ضعفاء

 2-  فس، ]تفسير القمي[ قوله إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ قال العير أو قريش

 قوله ذاتِ الشَّوْكَةِ قال ذات الشوكة الحرب قال تودون العير لا الحرب وَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ قال الكلمات الأئمة قوله شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أي عادوا الله و رسوله قوله زَحْفاً أي يدنو بعضكم من بعض إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ يعني يرجع أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ يعني يرجع إلى صاحبه و هو الرسول و الإمام فَقَدْ كفر و باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ثم قال فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ أي أنزل الملائكة حتى قتلوهم ثم قال وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى يعني الحصا الذي حمله رسول الله ص و رمى به في وجوه قريش و قال شاهت الوجوه ثم قال ذلِكُمْ وَ أَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ أي مضعف كيدهم و حيلتهم و مكرهم قوله إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ الآية قال نزلت في قريش لما وافاهم ضمضم و أخبرهم بخروج رسول الله ص في طلب العير فأخرجوا أموالهم و حملوا و أنفقوا و خرجوا إلى محاربة رسول الله ص ببدر فقتلوا و صاروا إلى النار و كان ما أنفقوا حسرة عليهم قوله إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَ هُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى يعني قريشا حين نزلوا بالعدوة اليمانية و رسول الله ص حيث نزل بالعدوة الشامية وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ و هي العير التي أفلتت ثم قال وَ لَوْ تَواعَدْتُمْ للحرب لما وفيتم وَ لكِنْ الله جمعكم من غير ميعاد كان بينكم لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ قال يعلم من بقي أن الله ينصره قوله إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا فالمخاطبة لرسول الله ص و المعنى لأصحابه أراهم الله قريشا في منامهم أنهم قليل و لو أراهم كثيرا لفزعوا

 3-  فس، ]تفسير القمي[ كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ و كان سبب ذلك أن عيرا لقريش خرجت إلى الشام فيها خزائنهم فأمر النبي ص أصحابه بالخروج ليأخذوها فأخبرهم أن الله تعالى قد وعده إحدى الطائفتين إما العير أو قريش إن أظفر بهم فخرج في ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا فلما قارب بدرا كان أبو سفيان في العير فلما بلغه أن رسول الله ص قد خرج يتعرض العير خاف خوفا شديدا و مضى إلى الشام فلما وافى النقرة اكترى ضمضم بن عمرو الخزاعي بعشرة دنانير و أعطاه قلوصا و قال له امض إلى قريش و أخبرهم أن محمدا و الصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم فأدركوا العير و أوصاه أن يخرم ناقته و يقطع أذنها حتى يسيل الدم و يشق ثوبه من قبل و دبر فإذا دخل مكة ولى وجهه إلى ذنب البعير و صاح بأعلى صوته و قال يا آل غالب يا آل غالب اللطيمة اللطيمة العير العير أدركوا أدركوا و ما أراكم تدركون فإن محمدا و الصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم فخرج ضمضم يبادر إلى مكة و رأت عاتكة بنت عبد المطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلاثة أيام كان راكبا قد دخل مكة ينادي يا آل غدر يا آل غدر اغدوا إلى مصارعكم صبح ثالثة ثم وافى بجمله على أبي قبيس فأخذ حجرا فدهده من الجبل فما ترك دارا من دور قريش إلا أصابه منه فلذة و كان وادي مكة قد سال من أسفله دما فانتبهت ذعرة فأخبرت العباس بذلك فأخبر العباس عتبة بن ربيعة فقال عتبة هذه مصيبة تحدث في قريش و فشت الرؤيا في قريش و بلغ ذلك أبا جهل فقال ما رأت عاتكة هذه الرؤيا و هذه نبية ثانية في بني عبد المطلب و اللات و العزى لننتظرن ثلاثة أيام فإن كان ما رأت حقا فهو كما رأت و إن كان غير ذلك لنكتبن بيننا كتابا أنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا و لا نساء من بني هاشم فلما مضى يوم قال أبو جهل هذا يوم قد مضى فلما كان اليوم الثاني قال أبو جهل هذا يومان قد مضيا فلما كان اليوم الثالث وافى ضمضم ينادي في الوادي يا آل غالب يا آل غالب اللطيمة اللطيمة العير العير أدركوا و ما أراكم تدركون فإن محمدا و الصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم التي فيها خزائنكم فتصايح الناس بمكة و تهيئوا للخروج و قام سهيل بن عمرو و صفوان بن أمية و أبو البختري بن هشام و منبه و نبيه ابنا الحجاج و نوفل بن خويلد فقال يا معشر قريش و الله ما أصابكم مصيبة أعظم من هذه أن يطمع محمد و الصباة من أهل يثرب أن يتعرضوا لعيركم التي فيها خزائنكم فو الله ما قرشي و لا قرشية إلا و لها في هذا العير نش فصاعدا و إنه لمن الذل و الصغار أن يطمع محمد في أموالكم و يفرق بينكم و بين متجركم فأخرجوا و أخرج صفوان بن أمية خمسمائة دينار و جهز بها و أخرج سهيل بن عمرو و ما بقي أحد من عظماء قريش إلا أخرجوا مالا و حملوا و قووا و خرجوا على الصعب و الذلول لا يملكون أنفسهم كما قال الله تبارك و تعالى خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ و خرج معهم العباس بن عبد المطلب و نوفل بن الحارث و عقيل بن أبي طالب و أخرجوا معهم القيان يشربون الخمور و يضربون بالدفوف و خرج رسول الله ص في ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا فلما كان بقرب بدر على ليلة منها بعث بسيس بن أبي الزغبا و عدي بن عمرو يتجسسان خبر العير فأتيا ماء بدر و أناخا راحلتيهما و استعذبا من الماء و سمعا جاريتين قد تشبثت إحداهما بالأخرى يطالبها بدرهم كان لها عليها فقالت عير قريش نزلت أمس في موضع كذا و كذا و هي تنزل غدا هاهنا و أنا أعمل لهم و أقضيك فرجعا إلى رسول الله ص فأخبراه بما سمعا فأقبل أبو سفيان بالعير فلما شارف بدرا تقدم العير و أقبل وحده حتى انتهى إلى ماء بدر و كان بها رجل من جهينة يقال له كسب الجهني فقال له يا كسب هل لك علم بمحمد و أصحابه قال لا قال و اللات و العزى لئن كتمتنا أمر محمد لا تزال قريش لك

 معادية آخر الدهر فإنه ليس أحد من قريش إلا و له شي‏ء في هذا العير فلا تكتمني فقال و الله ما لي علم بمحمد و ما بال محمد و أصحابه بالتجار إلا أني رأيت في هذا اليوم راكبين أقبلا فاستعذبا من الماء و أناخا راحلتيهما و رجعا فلا أدري من هما فجاء أبو سفيان إلى موضع مناخ إبلهما ففت أبعار الإبل بيده فوجد فيها النوى فقال هذه علائف يثرب هؤلاء و الله عيون محمد فرجع مسرعا و أمر بالعير فأخذ بها نحو ساحل البحر و تركوا الطريق و مروا مسرعين و نزل جبرئيل على رسول الله ص فأخبره أن العير قد أفلتت و أن قريشا قد أقبلت لمنع عيرها و أمره بالقتال و وعده النصر و كان نازلا بالصفراء فأحب أن يبلو الأنصار لأنهم إنما وعدوه أن ينصروه و كان في الدار فأخبرهم أن العير قد جازت و أن قريشا قد أقبلت لتمنع عيرها و أن الله قد أمرني بمحاربتهم فجزع أصحاب رسول الله ص من ذلك و خافوا خوفا شديدا فقال رسول الله ص أشيروا علي فقام أبو بكر فقال يا رسول الله ص إنها قريش و خيلاؤها ما آمنت منذ كفرت و لا ذلت منذ عزت و لم نخرج على هيئة الحرب فقال رسول الله ص اجلس فجلس فقال أشيروا علي فقام عمر فقال مثل مقالة أبي بكر فقال اجلس ثم قام المقداد فقال يا رسول الله إنها قريش و خيلاؤها و قد آمنا بك و صدقناك و شهدنا أن ما جئت به حق من عند الله و الله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا و شوك الهراس لخضنا معك و لا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ و لكنا نقول اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فجزاه النبي خيرا ثم جلس ثم قال أشيروا علي فقام سعد بن معاذ فقال بأبي أنت و أمي يا رسول الله كأنك أردتنا قال نعم قال فلعلك خرجت على أمر قد أمرت بغيره قال نعم قال بأبي أنت و أمي يا رسول الله إنا قد آمنا بك و صدقناك و شهدنا أن ما جئت به حق من عند الله فمرنا بما شئت و خذ من أموالنا ما شئت و اترك منه ما شئت و الذي أخذت منه أحب إلي من الذي تركت و الله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضنا معك فجزاه خيرا ثم قال بأبي أنت و أمي يا رسول الله و الله ما خضت هذا الطريق قط و ما لي به علم و قد خلفنا بالمدينة قوما ليس نحن بأشد جهازا لك منهم و لو علموا أنه الحرب لما تخلفوا و لكن نعد لك الرواحل و نلقى عدونا فإنا صبر عند اللقاء أنجاد في الحرب و إنا لنرجو أن يقر الله عينك بنا فإن يك ما تحب فهو ذاك و إن يك غير ذلك قعدت على رواحلك فلحقت بقومنا فقال رسول الله أو يحدث الله غير ذلك كأني بمصرع فلان هاهنا و بمصرع فلان هاهنا و بمصرع أبي جهل و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و منبه و نبيه ابني الحجاج فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين و لن يخلف الله الميعاد فنزل جبرئيل على رسول الله ص بهذه الآية كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ إلى قوله وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ فأمر رسول الله بالرحيل حتى نزل عشاء على ماء بدر و هي العدوة الشامية و أقبلت قريش فنزلت بالعدوة اليمانية و بعثت عبيدها

 تستعذب من الماء فأخذوهم أصحاب رسول الله ص و حبسوهم فقالوا لهم من أنتم قالوا نحن عبيد قريش قالوا فأين العير قالوا لا علم لنا بالعير فأقبلوا يضربونهم و كان رسول الله ص يصلي فانفتل من صلاته فقال إن صدقوكم ضربتموهم و إن كذبوكم تركتموهم على بهم فأتوا بهم فقال لهم من أنتم قالوا يا محمد نحن عبيد قريش قال كم القوم قالوا لا علم لنا بعددهم قال كم ينحرون في كل يوم جزورا قالوا تسعة إلى عشرة فقال رسول الله ص تسعمائة إلى ألف قال فمن فيهم من بني هاشم قال العباس بن عبد المطلب و نوفل بن الحارث و عقيل بن أبي طالب فأمر رسول الله ص بهم فحبسوا و بلغ قريشا ذلك فخافوا خوفا شديدا و لقي عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام فقال له أ ما ترى هذا البغي و الله ما أبصر موضع قدمي خرجنا لنمنع عيرنا و قد أفلتت فجئنا بغيا و عدوانا و الله ما أفلح قوم قط بغوا و لوددت أن ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهب كله و لم نسر هذا المسير فقال له أبو البختري إنك سيد من سادات قريش فتحمل العير التي أصابها محمد و أصحابه بنخلة و دم ابن الحضرمي فإنه حليفك فقال عتبة أنت علي بذلك و ما على أحد منا خلاف إلا ابن الحنظلية يعني أبا جهل فصر إليه و أعلمه أني قد تحملت العير التي قد أصابها محمد و دم ابن الحضرمي فقال أبو البختري فقصدت خباه و إذا هو قد أخرج درعا له فقلت له إن أبا الوليد بعثني إليك برسالة فغضب ثم قال أ ما وجد عتبة رسولا غيرك فقلت أما و الله لو غيره أرسلني ما جئت و لكن أبا الوليد سيد العشيرة فغضب غضبة أخرى فقال تقول سيد العشيرة فقلت أنا أقوله و قريش كلها تقوله إنه قد تحمل العير و دم ابن الحضرمي فقال إن عتبة أطول الناس لسانا و أبلغه في الكلام و يتعصب لمحمد فإنه من بني عبد مناف و ابنه معه و يريد أن يخدر الناس لا و اللات و العزى حتى نقحم عليهم بيثرب و نأخذهم أسارى فندخلهم مكة و تتسامع العرب بذلك و لا يكون بيننا و بين متجرنا أحد نكرهه و بلغ أصحاب رسول الله ص كثرة قريش ففزعوا فزعا شديدا و شكوا و بكوا و استغاثوا فأنزل الله على رسوله إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَ مَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ فلما أمسى رسول الله ص و جنه الليل ألقى الله على أصحابه النعاس حتى ناموا و أنزل الله تبارك و تعالى عليهم الماء و كان نزول رسول الله ص في موضع لا يثبت فيه القدم فأنزل الله عليهم السماء و لبد الأرض حتى ثبتت أقدامهم و هو قول الله تبارك و تعالى إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَ يُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ و ذلك أن بعض أصحاب النبي ص احتلم وَ لِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ و كان المطر على قريش مثل العزالي و على أصحاب رسول الله ص رذاذا بقدر ما لبد الأرض و خافت قريش خوفا شديدا فأقبلوا يتحارسون يخافون البيات فبعث رسول الله ص عمار بن ياسر و عبد الله بن مسعود فقال ادخلا في القوم و ائتونا بأخبارهم فكانا يجولان بعسكرهم لا يرون إلا خائفا ذعرا إذا صهل الفرس و ثبت على جحفلته فسمعوا منبه بن الحجاج يقول

لا يترك الجوع لنا مبيتا لا بد أن نموت أو نميتا.

قال قد و الله كانوا شباعى و لكنهم من الخوف قالوا هذا و ألقى الله في قلوبهم الرعب كما قال الله تبارك و تعالى سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فلما أصبح رسول الله ص عبأ أصحابه و كان في عسكر رسول الله ص فرسين فرس للزبير بن العوام و فرس للمقداد و كانت في عسكره سبعون جملا يتعاقبون عليها فكان رسول الله ص و علي بن أبي طالب ع و مرثد بن أبي مرثد الغنوي على جمل يتعاقبون عليه و الجمل لمرثد و كان في عسكر قريش أربعمائة فرس فعبأ رسول الله ص أصحابه بين يديه و قال غضوا أبصاركم و لا تبدءوهم بالقتال و لا يتكلمن أحد فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله ع قال أبو جهل ما هم إلا أكلة رأس لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذا باليد فقال عتبة بن ربيعة أ ترى لهم كمينا و مددا فبعثوا عمرو بن وهب الجمحي و كان فارسا شجاعا فجال بفرسه حتى طاف بعسكر رسول الله ص ثم صعد في الوادي و صوب ثم رجع إلى قريش فقال ما لهم كمين و لا مدد و لكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع أ ما ترونهم خرس لا يتكلمون يتلمظون تلمظ الأفاعي ما لهم ملجأ إلا سيوفهم و ما أراهم يولون حتى يقتلوا و لا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم فارتئوا رأيكم فقال أبو جهل كذبت و جبنت و انتفخ سحرك حين نظرت إلى سيوف أهل يثرب و فزع أصحاب رسول الله ص حين نظروا إلى كثرة قريش و قوتهم فأنزل الله تعالى على رسوله وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ و قد علم الله أنهم لا يجنحون و لا يجيبون إلى السلم و إنما أراد بذلك لتطيب قلوب أصحاب النبي ص فبعث رسول الله ص إلى قريش فقال يا معشر قريش ما أحد من العرب أبغض إلي من أن أبدأ بكم فخلوني و العرب فإن أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا و إن أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمري فارجعوا فقال عتبة و الله ما أفلح قوم قط ردوا هذا ثم ركب جملا له أحمر فنظر إليه رسول الله ص يجول في العسكر و ينهى عن القتال فقال إن يكن عند أحد خير فعند صاحب الجمل الأحمر إن يطيعوه يرشدوا فأقبل عتبة يقول يا معشر قريش اجتمعوا و اسمعوا ثم خطبهم فقال يمن مع رحب فرحب مع يمن يا معشر قريش أطيعوني اليوم و اعصوني الدهر و ارجعوا إلى مكة و اشربوا الخمور و عانقوا الحور فإن محمدا له إل و ذمة و هو ابن عمكم فارجعوا و لا تردوا رأيي و إنما تطالبون محمدا بالعير التي أخذها محمد بنخلة و دم ابن الحضرمي و هو حليفي و علي عقله فلما سمع أبو جهل ذلك غاظه و قال إن عتبة أطول الناس لسانا و أبلغهم في الكلام و لئن رجعت قريش بقوله ليكونن سيد قريش آخر الدهر ثم قال يا عتبة نظرت إلى سيوف بني عبد المطلب و جبنت و انتفخ سحرك و تأمر الناس بالرجوع و كان على فرس فأخذ بشعره فقال الناس يقتله فعرقب فرسه فقال أ مثلي يجبن و ستعلم قريش اليوم أينا الألأم و الأجبن و أينا المفسد لقومه لا يمشي إلا أنا و أنت إلى الموت عيانا ثم قال

هذا جناي و خياره فيه. و كل جان يده إلى فيه.

ثم أخذ بشعره يجره فاجتمع إليه الناس فقالوا يا أبا الوليد الله الله لا تفت في أعضاد الناس تنهى عن شي‏ء تكون أوله فخلصوا أبا جهل من يده فنظر عتبة إلى أخيه شيبة و نظر إلى ابنه الوليد فقال قم يا بني فقام ثم لبس درعه و طلبوا له بيضة تسع رأسه فلم يجدوها لعظم هامته فاعتجر بعمامتين ثم أخذ سيفه و تقدم هو و أخوه و ابنه و نادى يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش فبرز إليه ثلاثة نفر من الأنصار عود و معود و عوف بني عفراء فقال عتبة من أنتم انتسبوا لنعرفكم فقالوا نحن بنو عفراء أنصار الله و رسوله فقالوا ارجعوا فإنا لسنا إياكم نريد إنما نريد الأكفاء من قريش فبعث إليهم رسول الله ص أن ارجعوا و كره أن يكون أول الكرة بالأنصار فرجعوا و وقفوا مواقفهم ثم نظر رسول الله ص إلى عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب و كان له سبعون سنة فقال له قم يا عبيدة فقام بين يديه بالسيف ثم نظر إلى حمزة بن عبد المطلب فقال له قم يا عم ثم نظر إلى أمير المؤمنين ع فقال له قم يا علي و كان أصغرهم سنا فقاموا بين يدي رسول الله ص بسيوفهم فقال فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها تريد أن تطفئ نور الله و يأبى الله إلا أن يتم نوره ثم قال رسول الله ص يا عبيدة عليك بعتبة و قال لحمزة عليك بشيبة و قال لعلي عليك بالوليد بن عتبة فمروا حتى انتهوا إلى القوم فقال عتبة من أنتم انتسبوا نعرفكم فقال عبيدة أنا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب فقال كفو كريم فمن هذان فقال حمزة بن عبد المطلب و علي بن أبي طالب فقال كفوان كريمان لعن الله من أوقفنا و إياكم بهذا الموقف فقال شيبة لحمزة من أنت فقال أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله و أسد رسوله فقال له شيبة لقد لقيت أسد الحلفاء فانظر كيف تكون صولتك يا أسد الله فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلق هامته و ضرب عتبة عبيدة على ساقه فقطعها و سقطا جميعا و حمل حمزة على شيبة فتضاربا بالسيفين حتى انثلما و كل واحد منهما يتقي بدرقته و حمل أمير المؤمنين ع على الوليد بن عتبة فضربه على حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه فقال علي فأخذ يمينه المقطوعة بيساره فضرب بها هامتي فظننت أن السماء وقعت على الأرض ثم اعتنق حمزة و شيبة فقال المسلمون يا علي أ ما ترى الكلب قد نهز عمك فحمل عليه علي ثم قال يا عم طأطئ رأسك و كان حمزة أطول من شيبة فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه أمير المؤمنين على رأسه فطير نصفه ثم جاء إلى عتبة و به رمق فأجهز عليه و حمل عبيدة بين حمزة و علي حتى أتيا به رسول الله فنظر إليه رسول الله ص و استعبر فقال يا رسول الله بأبي أنت و أمي أ لست شهيدا فقال بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي فقال أما لو كان عمك حيا لعلم أني أولى بما قال منه قال و أي أعمامي تعني فقال أبو طالب حيث يقول  

كذبتم و بيت الله يبزى محمد. و لما نطاعن دونه و نناضل.و نسلمه حتى نصرع حوله. و نذهل عن أبنائنا و الحلائل

فقال رسول الله ص أ ما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله و رسوله و ابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة فقال يا رسول الله أ سخطت علي في هذه الحالة فقال ما سخطت عليك و لكن ذكرت عمي فانقبضت لذلك و قال أبو جهل لقريش لا تعجلوا و لا تبطروا كما عجل و بطر ابنا ربيعة عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا و عليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكة فنعرفهم ضلالتهم التي كانوا عليها و كان فتية من قريش أسلموا بمكة فاحتبسهم آباؤهم فخرجوا مع قريش إلى بدر و هم على الشك و الارتياب و النفاق منهم قيس بن الوليد بن المغيرة و أبو قيس بن الفاكهة و الحارث بن ربيعة و علي بن أمية بن خلف و العاص بن المنبه فلما نظروا إلى قلة أصحاب رسول الله ص قالوا مساكين هؤلاء غرهم دينهم فيقتلون الساعة فأنزل الله تعالى على رسوله إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ و جاء إبليس عليه اللعنة إلى قريش في صورة سراقة بن مالك فقال لهم أنا جاركم ادفعوا إلي رايتكم فدفعوها إليه و جاء بشياطينه يهول بهم على أصحاب رسول الله ص و يخيل إليهم و يفزعهم و أقبلت قريش يقدمها إبليس معه الراية فنظر إليه رسول الله ص فقال غضوا أبصاركم و عضوا على النواجد و لا تسلوا سيفا حتى آذن لكم ثم رفع يده إلى السماء فقال يا رب إن تهلك هذه العصابة لا تعبد و إن شئت أن لا تعبد لا تعبد ثم أصابه الغشي فسري عنه و هو يسلت العرق عن وجهه و يقول هذا جبرئيل قد أتاكم في ألف مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ قال فنظرنا فإذا بسحابة سوداء فيها برق لائح قد وقعت على عسكر رسول الله ص و قائل يقول أقدم حيزوم أقدم حيزوم و سمعنا قعقعة السلاح من الجو و نظر إبليس إلى جبرئيل ع فتراجع و رمى باللواء فأخذ نبيه بن الحجاج بمجامع ثوبه ثم قال ويلك يا سراقة تفت في أعضاد الناس فركله إبليس ركلة في صدره و قال إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ و هو قول الله وَ إِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَ قالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ ثم قال عز و جل وَ لَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ و حمل جبرئيل على إبليس فطلبه حتى غاص في البحر و قال رب أنجز لي ما وعدتني من البقاء إلى يوم الدين و روي في خبر أن إبليس التفت إلى جبرئيل و هو في الهزيمة فقال يا هذا أ بدا لكم فيما أعطيتمونا فقيل لأبي عبد الله ع أ ترى كان يخاف أن يقتله فقال لا و لكنه كان يضربه ضربة يشينه منها إلى يوم القيامة و أنزل الله على رسوله إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ قال أطراف الأصابع فقد جاءت قريش بخيلائها و فخرها تريد أن تطفئ نور الله وَ يَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ

و خرج أبو جهل من بين الصفين فقال اللهم أقطعنا الرحم و آتانا بما لا نعرفه فأحنه الغداة فأنزل الله على رسوله إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ وَ إِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ إِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَ لَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَ لَوْ كَثُرَتْ وَ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ ثم أخذ رسول الله ص كفا من حصى فرمى به في وجوه قريش و قال شاهت الوجوه فبعث الله رياحا تضرب وجوه قريش فكانت الهزيمة فقال رسول الله ص اللهم لا يفلتن فرعون هذه الأمة أبو جهل بن هشام فقتل منهم سبعون و أسر منهم سبعون و التقى عمرو بن الجموع مع أبي جهل فضرب عمرو أبا جهل على فخذه و ضرب أبو جهل عمرا على يده فأبانها من العضد فعلقت بجلدة فاتكأ عمرو على يده برجله ثم رمى في السماء فانقطعت الجلدة و رمى بيده و قال عبد الله بن مسعود انتهيت إلى أبي جهل و هو يتشحط في دمه فقلت الحمد لله الذي أخزاك فرفع رأسه فقال إنما أخزى الله عبد ابن أم عبد لمن الدين ويلك قلت لله و لرسوله و إني قاتلك و وضعت رجلي على عنقه فقال لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم أما إنه ليس شي‏ء أشد من قتلك إياي في هذا اليوم إلا تولي قتلي رجل من المطلبين أو رجل من الأحلاف فاقتلعت بيضة كانت على رأسه فقتلته و أخذت رأسه و جئت به إلى رسول الله ص فقلت يا رسول الله البشرى هذا رأس أبي جهل بن هشام فسجد لله شكرا و أسر أبو بشر الأنصاري العباس بن عبد المطلب و عقيل بن أبي طالب و جاء بهما إلى رسول الله ص فقال له أعانك عليهما أحد قال نعم رجل عليه ثياب بيض فقال رسول الله ص ذاك من الملائكة ثم قال رسول الله ص للعباس افد نفسك و ابن أخيك فقال يا رسول الله قد كنت أسلمت و لكن القوم استكرهوني فقال رسول الله ص الله أعلم بإسلامك إن يكن ما تذكر حقا فإن الله يجزيك عليه فأما ظاهر أمرك فقد كنت علينا ثم قال يا عباس إنكم خاصمتم الله فخصمكم ثم قال افد نفسك و ابن أخيك و قد كان العباس أخذ معه أربعين أوقية من ذهب فغنمها رسول الله ص فلما قال رسول الله للعباس افد نفسك قال يا رسول الله أحسبها من فدائي فقال رسول الله لا ذاك شي‏ء أعطانا الله منك فافد نفسك و ابن أخيك فقال العباس فليس لي مال غير الذي ذهب مني قال بلى المال الذي خلفته عند أم الفضل بمكة فقلت لها إن يحدث علي حدث فاقسموه بينكم فقال له أ تتركني و أنا أسأل الناس بكفي فأنزل الله على رسوله في ذلك يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ قال وَ إِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ في علي فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فيك فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ثم قال رسول الله ص لعقيل قد قتل الله يا أبا يزيد أبا جهل بن هشام و عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و منبه و نبيه ابنا الحجاج و نوفل بن خويلد و أسر سهيل بن عمرو و النضر بن الحارث بن كلدة و عقبة بن أبي معيط و فلان و فلان فقال عقيل إذا لم تنازعوا في تهامة فإن كنت قد أثخنت القوم و إلا فاركب أكتافهم فتبسم رسول الله ص من قوله و كان القتلى ببدر سبعين و الأسارى سبعين قتل منهم أمير المؤمنين سبعة و عشرين و لم يؤسر أحدا فجمعوا الأسارى و قرنوهم في الحبال و ساقوهم على أقدامهم و جمعوا الغنائم و قتل من أصحاب رسول الله ص تسعة رجال فيهم سعد بن خيثمة و كان من النقباء فرحل رسول الله ص و نزل الأثيل عند غروب الشمس و هو من بدر على ستة أميال فنظر رسول الله إلى عقبة بن أبي معيط و إلى نضر بن الحارث بن كلدة و هما في قران واحد فقال النضر لعقبة يا عقبة أنا و أنت مقتولان قال عقبة من بين قريش قال نعم لأن محمدا نظر إلينا نظرة رأيت فيها القتل فقال رسول الله ص يا علي علي بالنضر و عقبة و

 كان النضر رجلا جميلا عليه شعر فجاء علي ع فأخذ بشعره فجره إلى رسول الله ص فقال النضر يا محمد أسألك بالرحم بيني و بينك إلا أجريتني كرجل من قريش إن قتلتهم قتلتني و إن فاديتهم فاديتني و إن أطلقتهم أطلقتني فقال رسول الله ص لا رحم بيني و بينك قطع الله الرحم بالإسلام قدمه يا علي فاضرب عنقه فقال عقبة يا محمد أ لم تقل لا تصبر قريش أي لا يقتلون صبرا قال و أنت من قريش إنما أنت علج من أهل صفورية لأنت في الميلاد أكبر من أبيك الذي تدعي له ليس منها قدمه يا علي فاضرب عنقه فقدمه و ضرب عنقه فلما قتل رسول الله ص النضر و عقبة خافت الأنصار أن يقتل الأسارى كلهم فقاموا إلى رسول الله فقالوا يا رسول الله قد قتلنا سبعين و أسرنا سبعين و هم قومك و أساراك هبهم لنا يا رسول الله و خذ منهم الفداء و أطلقهم فأنزل الله عليهم ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَ اللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً قال فأطلق لهم أن يأخذوا الفداء و يطلقوهم و شرط أنه يقتل منهم في عام قابل بعدد من يأخذوا منهم الفداء فرضوا منه بذلك فلما كان يوم أحد قتل من أصحاب رسول الله عز و جل ص سبعون رجلا فقال من بقي من أصحابه يا رسول الله ما هذا الذي أصابنا و قد كنت تعدنا بالنصر فأنزل الله عز و جل فيهم أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها ببدر قتلتم سبعين و أسرتم سبعين قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ بما اشترطتم. بيان القلوص من الناقة هي الشابة و الصباة جمع الصابئ و أصله مهموزو هو من خرج من دين إلى غيره و كان الكفار يسمون النبي ص و أصحابه الصباة و قال الجزري في حديث بدر قال أبو جهل اللطيمة اللطيمة أي أدركوها و هي منصوبة و اللطيمة الجمال التي تحمل العطر و البز غير الميرة قوله يا آل غالب لعلهم قالوا ذلك تفؤلا أو لأنهم من ولد لؤي بن غالب و قال في النهاية قال عروة للمغيرة يا غدر غدر معدول عن غادر للمبالغة يقال للذكر غدر و للأنثى غدار كقطام و هما مختصان بالنداء في الغالب و منه حديث عاتكة يا لغدر يا لفجر انتهى. و في بعض النسخ مكان يا آل غدر مكررا يا آل عدي يا آل فهر و هو أظهر و الفلذة بالكسر القطعة قوله نش فصاعدا النش عشرون درهما نصف أوقية و في بعض النسخ نشر بالراء المهملة و هو الرائحة الطيبة و لعله هنا كناية عن قليل من الطيب. و قال الجوهري استعذب القوم ماءهم إذا استقوه عذبا و يستعذب لفلان من بئر كذا أي يستقى له و قال فت الشي‏ء كسره. و الخيلاء بضم الخاء أو كسرها و فتح الياء الكبر و الغضاة شجرة معروفة نارها تبقى كثيرا و الجمع الغضا و الهراس كسحاب شجر شائك ثمره كالنبق و قال الجزري رجل نجد و نجد أي شديد البأس و منه حديث علي أما بنو هاشم فأمجاد أنجاد أي أشداء شجعان. قوله أنت علي بذلك أي شاهد علي أو ضامن علي بذلك قوله أن نخدر بين الناس أي نجلس في الخدور مع النساء و في بعض النسخ أن يحذر الناس و

 في بعضها أن يخذل أي يحمل الناس على الخذلان و ترك الحرب و هو أصوب و العزالي جمع العزلاء و هو فم المزادة الأسفل شبه اتساع المطر و اندفاقه بالذي يخرج من فم المزادة و الرذاذ المطر الضعيف و الجحفلة بمنزلة الشفة للخيل و البغال و الحمير و الأكلة المرة من الأكل و بالضم اللقمة و الطعمة و الناقع القاتل و البالغ و نقع الموت كثر و السحر بالفتح و الضم و التحريك الرية قال الجزري انتفخ سحرك أي ريتك يقال ذلك للجبان. قوله ص ما أحد من العرب أي ليس الابتداء بقتال أحد من العرب أبغض إلي من الابتداء بقتالكم و قال الجزري في حديث النجاشي و كانوا بهم أعلى عينا أي أبصر بهم و أعلم بحالهم و قال يقال لصعاليك العرب و لصوصها ذوبان لأنهم كالذئاب و الذوبان جمع ذئب و الأصل فيه الهمز لكنه خفف فانقلبت واوا. قوله يمن مع رحب أي ما أعظمكم و أوصيكم به مشتمل على الميمنة و السعة ثم السعة و الميمنة و الإل بالكسر العهد و الحلف و الجار و القرابة و قال الجزري في حديث علي ع

هذا جناي و خياره فيه. إذ كل جان يده إلى فيه.

هذا مثل أول من قاله عمرو بن أخت جذيمة الأبرش كان يجني الكمأة مع أصحاب له فكانوا إذا وجدوا خيار الكمأة أكلوها و إذا وجدها عمرو جعلها في كمه حتى يأتي بها خاله و قال هذه الكلمة فصارت مثلا. قوله الله الله بكسرهما بحذف حرف القسم أو بنصبهما بتقدير اذكر أو نحوه يقال فت عضدي و هد ركني و فت في ساعده أي أضعفه و الاعتجار لف العمامة دون التلحي و قال الجزري الأحلاف ست قبائل عبد الدار و جمح و مخزوم و عدي و كعب و سهم سموا بذلك لأنهم لما رأت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجابة و الرفادة و اللواء و السقاية و أبت عبد الدار عقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا فأخرجت بنو عبد مناف جفنة مملوة طيبا فوضعتها لأحلافهم و هم أسد و زهرة و تيم في المسجد عند الكعبة ثم غمس القوم أيديهم فيها و تعاقدوا و تعاقدت بنو عبد الدار و حلفاؤها حلفا آخر مؤكدا فسموا الأحلاف لذلك انتهى. و انثلم السيف و تثلم انكسر حرفه و الدرقة محركة الترس من جلد بلا خشب و لا عقب قوله قد نهز في بعض النسخ بالنون و الزاء المعجمة يقال نهزه أي ضربه و دفعه و النهزة الفرصة و انتهزتها اغتنمتها و في بعضها أنهر بالراء المهملة إما من الهرير و هو نباح الكلب أو من قولهم أنهرت الدم أي أرسلته و أنهرت الطعنة وسعتها و في بعضها بهر بالباء الموحدة و الراء المهملة من قوله بهره أي غلبه قوله فاجزروهم أي فاقتلوهم كما يجزر الجزار الإبل. و قال الجزري النواجذ من الأسنان التي تبدو عند الضحك و الأظهر الأشهر أنها أقصى الأسنان و عض على ناجذه صبر و تصلب في الأمور. و يقال انسرى الهم عني و سري أي انكشف و سلت الدم أي أماطه و قال الفيروزآبادي الحيزوم فرس جبرئيل. أقول لعل القائل جبرئيل ع يخاطب فرسه و يحثه قال في النهاية في حديث بدر أقدم حيزوم هو أمر بالإقدام و هو التقدم في الحرب و الإقدام الشجاعة و قد تكسر همزة أقدم و يكون أمرا بالتقديم لا غير و الصحيح الفتح من أقدم و حيزوم جاء في التفسير أنه اسم فرس جبرئيل أراد أقدم يا حيزوم فحذف حرف النداء و الياء فيه زائدة انتهى. و الركل الضرب برجل واحدة و في بعض النسخ فوكزه إبليس وكزة يقال وكزه أي ضربه و دفعه أو ضربه بجميع يده على ذقنه قوله فأحنه أي فأهلكه في غداة هذا اليوم قال الجوهري الحين بالفتح الهلاك يقال حان الرجل أي هلك و أحانه الله. قوله و إلا فاركب أكتافهم كناية عن تعاقبهم و اتباع مدبرهم يقال قرنتهما قرنا إذا جمعتهما في حبل واحد و ذلك الحبل يسمى القران بالكسر و يقال قتل فلان صبرا إذا حبس على القتل حتى يقتل و العلج الرجل من كفار العجم قوله أكبر من أبيك أي لست أنت ابن من تدعي أنه أبوك لأنك أكبر سنا من الرجل الذي ليس من أهل صفورية و تدعي أبوته لك فالضمير في قوله منها راجع إلى الصفورية

 4-  ب، ]قرب الإسناد[ محمد بن عيسى عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر بن محمد ع قال قال أبي كان النبي ص أخذ من العباس يوم بدر دنانير كانت معه فقال يا رسول الله ما عندي غيرها فقال فأين الذي استخبيته عند أم الفضل فقال أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله ما كان معها أحد حين استخبيتها

 5-  ب، ]قرب الإسناد[ بالإسناد المذكور عن جعفر عن أبيه ع قال أتي النبي ص بمال دراهم فقال النبي ص للعباس يا عباس ابسط رداك و خذ من هذا المال طرفا فبسط رداءه فأخذ منه طائفة ثم قال رسول الله ص يا عباس هذا من الذي قال الله تبارك و تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

 6-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ ج، ]الإحتجاج[ بالإسناد إلى أبي محمد العسكري قال أرسل أبو جهل بعد الهجرة رسالة إلى النبي ص و هي أن قال يا محمد إن الخيوط التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة و رمت بك إلى يثرب و إنها لا تزال بك حتى تنفرك و تحثك على ما يفسدك و يتلفك إلى أن تفسدها على أهلها و تصليهم حر نار تعديك طورك و ما أرى ذلك إلا و سيئول إلى أن تثور عليك قريش ثورة رجل واحد لقصد آثارك و دفع ضررك و بلائك فتلقاهم بسفهائك المغترين بك و يساعدك على ذلك من هو كافر بك مبغض لك فيلجئه إلى مساعدتك و مظافرتك خوفه لأن يهلك بهلاكك و يعطب عياله بعطبك و يفتقر هو و من يليه بفقرك و بفقر شيعتك إذ يعتقدون أن أعداءك إذا قهروك و دخلوا ديارهم عنوة لم يفرقوا بين من والاك و عاداك و اصطلموهم باصطلامهم لك و أتوا على عيالاتهم و أموالهم بالسبي و النهب كما يأتون على أموالك و عيالك و قد أعذر من أنذر و بالغ من أوضح فأديت هذه الرسالة إلى رسول الله ص و هو بظاهر المدينة بحضرة كافة أصحابه و عامة الكفار من يهود بني إسرائيل و هكذا أمر الرسول ليجبن المؤمنين و يغري بالوثوب عليه سائر من هناك من الكافرين فقال رسول الله ص للرسول قد أطريت مقالتك و استكملت رسالتك قال بلى قال فاسمع الجواب إن أبا جهل بالمكاره و العطف يتهددني و رب العالمين بالنصر و الظفر يعدني و خبر الله أصدق و القبول من الله أحق لن يضر محمدا من خذله أو يغضب عليه بعد أن ينصره الله و يتفضل بجوده و كرمه عليه قل له يا أبا جهل إنك راسلتني بما ألقاه في خلدك الشيطان و أنا أجيبك بما ألقاه في خاطري الرحمن إن الحرب بيننا و بينك كائنة إلى تسعة و عشرين و إن الله سيقتلك فيها بأضعف أصحابي و ستلقى أنت و عتبة و شيبة و الوليد و فلان و فلان و ذكر عددا من قريش في قليب بدر مقتلين أقتل منكم سبعين و آسر منكم سبعين أحملهم على الفداء الثقيل ثم نادى جماعة من بحضرته من المؤمنين و اليهود و سائر الأخلاط أ لا تحبون أن أريكم مصرع كل واحد من هؤلاء قالوا بلى قال هلموا إلى بدر فإن هناك الملتقى و المحشر و هناك البلاء الأكبر لأضع قدمي على مواضع مصارعهم ثم ستجدونها لا تزيد و لا تنقص و لا تتغير و لا تتقدم و لا تتأخر لحظة و لا قليلا و لا كثيرا فلم يخف ذلك على أحد منهم و لم يجبه إلا علي بن أبي طالب ع وحده و قال نعم بسم الله فقال الباقون نحن نحتاج إلى مركوب و آلات و نفقات و لا يمكننا الخروج إلى هناك و هو مسيرة أيام فقال رسول الله ص لسائر اليهود فأنتم ما ذا تقولون قالوا نحن نريد أن نستقر في بيوتنا و لا حاجة لنا في مشاهدة ما أنت في ادعائه محيل فقال رسول الله ص لا نصب عليكم بالمصير إلى هناك اخطوا خطوة واحدة فإن الله يطوي الأرض لكم و يوصلكم في الخطوة الثانية إلى هناك قال المؤمنون صدق رسول الله ص فنتشرف بهذه الآية و قال الكافرون و المنافقون سوف نمتحن هذا الكذاب ليقطع عذر محمد و يصير دعواه حجة واضحة عليه و فاضحة له في كذبه قال فخطا القوم خطوة ثم الثانية فإذا هم عند بئر بدر فعجبوا فجاء رسول الله ص فقال اجعلوا البئر العلامة و اذرعوا من عندها كذا ذراعا فذرعوا فلما انتهوا إلى آخرها قال هذا مصرع أبي جهل يجرحه فلان الأنصاري و يجهز عليه عبد الله بن مسعود أضعف أصحابي ثم قال اذرعوا من البئر من جانب آخر ثم جانب آخر ثم جانب آخر كذا و كذا ذراعا و ذراعا و ذكر أعداد الأذرع مختلفة فلما انتهى كل عدد إلى آخره قال رسول الله ص هذا مصرع عتبة و ذلك مصرع الوليد و هذا مصرع شيبة و سيقتل فلان و فلان إلى أن سمى تمام سبعين منهم بأسمائهم و سيؤسر فلان و فلان إلى أن ذكر سبعين منهم بأسمائهم و أسماء آبائهم و صفاتهم و نسب المنسوبين إلى الآباء منهم و نسب الموالي منهم إلى مواليهم ثم قال رسول الله ص أوقفتم على ما أخبرتكم به قالوا بلى قال إن ذلك لحق كائن بعد ثمانية و عشرين يوما من اليوم في اليوم التاسع و العشرين وعدا من الله مفعولا و قضاء حتما لازما

 بيان الخلد بالتحريك الروع و القلب

 7-  فس، ]تفسير القمي[ وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ نزلت في حرب بدر و كان سبب نزولها أنه كان في الغنيمة التي أصابوها يوم بدر قطيفة حمراء ففقدت فقال رجل من أصحاب رسول الله ص ما لنا لا نرى القطيفة ما أظن إلا رسول الله ص أخذها فأنزل الله في ذلك وَ ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ إلى قوله وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ فجاء رجل إلى رسول الله ص فقال إن فلانا قد غل قطيفة فاحتفرها هنالك فأمر رسول الله ص بحفر ذلك الموضع فأخرج القطيفة

 8-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن الأنفال فقال هي القرى التي قد خربت و انجلى أهلها فهي لله و للرسول و ما كان للملوك فهو للإمام و ما كان من أرض الجزية لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و كل أرض لا رب لها و المعادن منها و من مات و ليس له مولى فماله من الأنفال و قال نزلت يوم بدر لما انهزم الناس كان أصحاب رسول الله ص على ثلاث فرق فصنف كانوا عند خيمة النبي ص و صنف أغاروا على النهب و فرقة طلبت العدو و أسروا و غنموا فلما جمعوا الغنائم و الأسارى تكلمت الأنصار في الأسارى فأنزل الله تبارك و تعالى ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ فلما أباح الله لهم الأسارى و الغنائم تكلم سعد بن معاذ و كان ممن أقام عند خيمة النبي ص فقال يا رسول الله ص ما منعنا أن نطلب العدو زهادة في الجهاد و لا حبنا عن العدو و لكنا خفنا أن نعري موضعك فتميل عليك خيل المشركين و قد أقام عند الخيمة وجوه المهاجرين و الأنصار و لم يشك أحد منهم فيما حسبته و الناس كثيرون يا رسول الله و الغنائم قليلة و متى نعطي هؤلاء لم يبق لأصحابك شي‏ء و خاف أن يقسم رسول الله الغنائم و أسلاب القتلى بين من قاتل و لا يعطي من تخلف على خيمة رسول الله ص شيئا فاختلفوا فيما بينهم حتى سألوا رسول الله ص فقالوا لمن هذه الغنائم فأنزل الله يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ فرجع الناس و ليس لهم في الغنيمة شي‏ء ثم أنزل الله بعد ذلك وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ و قسمه رسول الله ص بينهم فقال سعد بن أبي وقاص يا رسول الله أ تعطي فارس القوم الذي يحميهم مثل ما تعطي الضعيف فقال النبي ص ثكلتك أمك و هل تنصرون إلا بضعفائكم قال فلم يخمس رسول الله ص ببدر و قسمه بين أصحابه ثم استقبل يأخذ الخمس بعد بدر و نزل قوله يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ بعد انقضاء حرب بدر

 9-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أبي عبد الله بن أبي رافع عن جعفر بن محمد بن جعفر الحسيني عن عيسى بن مهران عن يحيى بن الحسن بن فرات عن ثعلبة بن زيد الأنصاري قال سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري رحمه الله يقول تمثل إبليس لعنه الله في أربع صور تمثل يوم بدر في صورة سراقة بن جعشم المدلجي فقال لقريش لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَ إِنِّي جارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ الخبر

  -10  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أبو عمرو عن أحمد عن أحمد بن يحيى عن عبد الرحمن عن أبيه عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود أنه قال لما كان يوم بدر و أسرت الأسرى قال رسول الله ص ما ترون في هؤلاء القوم فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله هم الذين كذبوك و أخرجوك فاقتلهم ثم قال أبو بكر يا رسول الله هم قومك و عشيرتك و لعل الله يستنقذهم بك من النار ثم قال عبد الله بن رواحة أنت بواد كثير الحطب فاجمع حطبا فالهب فيه نارا و ألقهم فيه فقال العباس بن عبد المطلب قطعك رحمك قال ثم إن رسول الله ص قام فدخل و أكثر الناس في قول أبي بكر و عمر فقال بعضهم القول ما قال أبو بكر و قال بعضهم القول ما قال عمر فخرج رسول الله ص فقال ما اختلافكم يا أيها الناس في قول هذين الرجلين إنما مثلهما مثل إخوة لهما ممن كان قبلهما نوح و إبراهيم و موسى وعيسى ع قال نوح رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً و قال إبراهيم فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَ مَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و قال موسى رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَ اشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ و قال عيسى إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ثم قال يا أيها الناس إن بكم عيلة فلا ينقلبن منكم أحد إلا بفداء أو ضربة عنق فقلت يا رسول الله إلا سهل بن بيضاء و قد كنت سمعته يذكر الإسلام بمكة قال فسكت رسول الله ص فلم يحر قال فلقد جعلت أنظر إلى السماء متى تقع على الحجارة فإني قدمت بين يدي رسول الله ص قال ثم إن النبي ص قال إلا سهل بن بيضاء قال ففرحت فرحا ما فرحت مثله قط قال الأعمش فكان فداؤهم ستين أوقية

 بيان أثر الوضع في أكثر أجزاء الخبر ظاهر لا سيما في قوله مثل إخوة لهما كما سنوضحه في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى

 11-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ محمد بن علي بن حشيش عن محمد بن أحمد بن علي بن عبد الوهاب عن محمد بن علي بن الحسين عن علي بن عبيد الله عن محمد بن إسحاق الضبي عن نصر بن حماد عن شعبة عن السدي عن مقسم عن ابن عباس قال وقف رسول الله ص على قتلى بدر فقال جزاكم الله من عصابة شرا لقد كذبتموني صادقا و خونتم أمينا ثم التفت إلى أبي جهل بن هشام فقال إن هذا أعتى على الله من فرعون إن فرعون لما أيقن بالهلاك وحد الله و إن هذا لما أيقن بالهلاك دعا باللات و العزى

 12-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن الصلت عن ابن عقدة عن علي بن محمد بن علي بن الحسين عن جعفر بن محمد بن علي الحسيني عن جعفر بن محمد بن عيسى عن عبيد الله بن علي عن الرضا عن آبائه ع أن النبي ص قال يوم بدر لا تأسروا أحدا من بني عبد المطلب فإنما أخرجوا كرها

 13-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن الصلت عن ابن عقدة عن عبد الملك الطحان عن هارون بن عيسى عن عبد الله بن إبراهيم عن الرضا عن آبائه ع أن رسول الله ص سافر إلى بدر في شهر رمضان و افتتح مكة في شهر رمضان

 14-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أنه لما قدم العباس المدينة سهر النبي ص تلك الليلة فقيل له في ذلك قال سمعت حس العباس في وثاقه فأطلق فقال يا عباس افد نفسك و ابني أخيك عقيلا و نوفل بن الحارث فإنك ذو مال فقال إني كنت مسلما و لكن قومي استكرهوا علي فقال ص الله أعلم بشأنك أما ظاهر أمرك كنت علينا فقال يا رسول الله قد أخذ مني عشرون أوقية من ذهب فاحسبها لي من فدائي قال لا ذلك شي‏ء أعطانا الله منك قال فإنه ليس لي مال قال فأين المال الذي دفعت بمكة إلى أم الفضل حين خرجت فقلت إن أصابني في سفري هذا شي‏ء فللفضل كذا و لقثم كذا و لعبد الله كذا و لعبيد الله كذا قال فو الذي بعثك بالحق نبيا ما علم بذلك أحد غيري و غيرها فأنا أعلم أنك رسول الله ص

 15-  شا، ]الإرشاد[ و أما الجهاد الذي ثبتت به قواعد الإسلام و استقرت بثبوتها شرائع الملة و الأحكام فقد تخصص منه أمير المؤمنين ع بما اشتهر ذكره في الأنام و استفاض الخبر به بين الخاص و العام و لم يختلف فيه العلماء و لا تنازع في صحته الفهماء و لا شك فيه إلا غفل لم يتأمل الأخبار و لا دفعه أحد ممن نظر في الآثار إلا معاند بهات لا يستحي من العار فمن ذلك ما كان منه ص في غزاة بدر المذكورة في القرآن و هي أول حرب كان به الامتحان و ملأت رهبتها صدور المعدودين من المسلمين في الشجعان و راموا التأخر عنها لخوفهم منها و كراهتهم لها على ما جاء به محكم الذكر في التبيان حيث يقول جل اسمه فيما قص من نبئهم على الشرح له و البيان كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ في الآي المتصلة بذلك إلى قوله تعالى وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ وَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ إلى آخر السورة فإن الخبر عن أحوالهم فيها يتلو بعضه بعضا و إن اختلفت ألفاظه اتفقت معانيه و كان من جملة خبر هذا الغزاة أن المشركين حضروا بدرا مصرين على القتال مستظهرين فيه بكثرة الأموال و العدد و العدة و الرجال و المسلمون إذ ذاك نفر قليل عددهم هناك و حضرته طوائف منهم بغير اختيار و شهدته على الكراهة منها و الاضطرار فتحدثهم قريش بالبراز و دعتهم إلى المصافة و النزال و اقترحت في اللقاء منهم الأكفاء و تطاولت الأنصار لمبارزتهم فمنعهم النبي ص من ذلك فقال لهم إن القوم دعوا الأكفاء منهم ثم أمر عليا أمير المؤمنين عبالبروز إليهم و دعا حمزة بن عبد المطلب و عبيدة بن الحارث رضوان الله عليهما أن يبرزا معه فلما اصطفوا لهم لم يثبتهم القوم لأنهم كانوا قد تغفروا فسألوهم من أنتم فانتسبوا لهم فقالوا أكفاء كرام و نشبت الحرب بينهم و بارز الوليد أمير المؤمنين ع فلم يلبثه حتى قتله و بارز عتبة حمزة رضي الله عنه فقتله حمزة و بارز شيبة عبيدة رضي الله عنه فاختلفت بينهما ضربتان قطعت إحداهما فخذ عبيدة فاستنقذه أمير المؤمنين ع بضربة بدر بها شيبة فقتله و شركه في ذلك حمزة رضي الله عنه فكان قتل هؤلاء الثلاثة أول وهن لحق المشركين و ذل دخل عليهم و رهبة اعتراهم بها الرعب من المسلمين و ظهر بذلك أمارات نصر المسلمين ثم بارز أمير المؤمنين ع العاص بن سعيد بن العاص بعد أن أحجم عنه من سواه فلم يلبثه أن قتله و برز إليه حنظلة بن أبي سفيان فقتله و برز إليه بعده طعيمة بن عدي فقتلهو قتل بعده نوفل بن خويلد و كان من شياطين قريش و لم يزل يقتل واحدا منهم بعد واحد حتى أتى على شطر المقتولين منهم و كانوا سبعين رجلا تولى كافة من حضر بدرا من المسلمين مع ثلاثة آلاف من الملائكة المسومين قتل الشطر منهم و تولى أمير المؤمنين ع قتل الشطر الآخر وحده بمعونة الله له و تأييده و توفيقه و نصره و كان الفتح له بذلك و على يديه و ختم الأمر بمناولة النبي ص كفا من الحصى فرمى بها في وجوههم و قال لهم شاهت الوجوه فلم يبق أحد منهم

  إلا ولى الدبر بذلك منهزما و كفى الله المؤمنين القتال بأمير المؤمنين ع في نصرة الدين من خاصة آل الرسول عليه و آله السلام و من أيدهم به من الملائكة الكرام كما قال الله تعالى وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَ كانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزاً

 16-  شا، ]الإرشاد[ قد أثبتت رواة العامة و الخاصة معا أسماء الذين تولى أمير المؤمنين ع قتلهم ببدر من المشركين على اتفاق فيما نقلوه من ذلك و اصطلاح فكان ممن سموه الوليد بن عتبة كما قدمناه و كان شجاعا جريا وقاحا فتاكا تهابه الرجال و العاص بن سعيد و كان هولا عظيما تهابه الأبطال و هو الذي حاد عنه عمر بن الخطاب و قصته فيما ذكرناه مشهورة نحن نبينها فيما نورده بعد إن شاء الله تعالى و طعيمة بن عدي بن نوفل و كان من رءوس أهل الضلال و نوفل بن خويلد و كان من أشد المشركين عداوة لرسول الله ص و كانت قريش تقدمه و تعظمه و تطيعه و هو الذي قرن أبا بكر و طلحة قبل الهجرة بمكة و أوثقهما بحبل و عذبهما يوما إلى الليل حتى سئل في أمرهما و لما عرف رسول الله ع حضوره بدرا سأل الله أن يكفيه أمره فقال اللهم اكفني نوفل بن خويلد فقتله أمير المؤمنين ع و زمعة بن الأسود و الحارث بن زمعة و النضر بن الحارث بن عبد الدار و عمير بن عثمان بن كعب بن تيم عم طلحة بن عبيد الله و عثمان و مالك ابنا عبيد الله أخوا طلحة بن عبيد الله و مسعود بن أمية بن المغيرة و قيس بن الفاكه بن المغيرة و حذيفة بن أبي حذيفة بن المغيرة و أبو قيس ابن الوليد بن المغيرة و حنظلة بن أبي سفيان و عمرو بن مخزوم و أبو منذر بن أبي رفاعة و منبه بن الحجاج السهمي و العاص بن منبه و علقمة بن كلدة و أبو العاص بن قيس بن عدي و معاوية بن المغيرة بن أبي العاص و لوذان بن ربيعة و عبد الله بن المنذر بن أبي رفاعة و مسعود بن أمية بن المغيرة و حاجب بن السائب بن عويمر و أوس بن المغيرة بن لوذان و زيد بن مليص و عاصم بن أبي عوف و سعيد بن وهب حليف بني عامر و معاوية بن عامر بن عبد القيس و عبد الله بن جميل بن زهير بن الحارث بن أسد و السائب بن مالك و أبو الحكم بن الأخنس و هشام بن أبي أمية بن المغيرة فذلك خمسة و ثلاثون رجلا سوى من اختلف فيه أو شرك أمير المؤمنين ع فيه غيره و هم أكثر من شطر المقتولين ببدر على ما قدمناه

 17-  شا، ]الإرشاد[ روى شعبة عن أبي إسحاق عن حارث بن مضرب قال سمعت علي بن أبي طالب ع يقول لقد حضرنا بدرا و ما فينا فارس غير المقداد بن الأسود و لقد رأيتنا ليلة بدر و ما فينا إلا من نام غير رسول الله ص فإنه كان منتصبا في أصل شجرة يصلي فيها و يدعو حتى الصباح

 18-  شا، ]الإرشاد[ علي بن هاشم عن محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع مولى رسول الله ص قال لما أصبح الناس يوم بدر اصطفت قريش أمامها عتبة بن ربيعة و أخوه شيبة و ابنه الوليد فنادى عتبة رسول الله ص فقال يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش فبدر إليهم ثلاثة من شبان الأنصار فقال لهم عتبة من أنتم فانتسبوا له فقال لهم لا حاجة بنا إلى مبارزتكم إنما طلبنا بني عمنا فقال رسول الله ص للأنصار ارجعوا إلى مواقفكم ثم قال قم يا علي قم يا حمزة قم يا عبيدة قاتلوا على حقكم الذي بعث الله به نبيكم إذ جاءوا بباطلهم ليطفئوا نور الله فقاموا فصافوا القوم و كان عليهم البيض و لم يعرفوا فقال لهم عتبة تكلموا فإن كنتم أكفاءنا قاتلناكم فقال حمزة أنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله و أسد رسوله فقال عتبة كفو كريم و قال أمير المؤمنين ع أنا علي بن أبي طالب و قال عبيدة أنا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب فقال عتبة لابنه الوليد قم يا وليد فبرز إليه أمير المؤمنين و كانا إذ ذاك أصغر الجماعة سنا فاختلفا ضربتين أخطأت ضربة الوليد أمير المؤمنين ع و اتقى بيده اليسرى ضربة أمير المؤمنين ع فأبانها فروي أنه كان يذكر بدرا و قتله الوليد فقال في حديثه كأني أنظر إلى وميض خاتمه في شماله ثم ضربته ضربة أخرى فصرعته و سلبته فرأيت به ردعا من خلوق فعلمت أنه قريب عهد بعرس ثم بارز عتبة حمزة رضي الله عنه فقتله حمزة و مشى عبيدة و كان أسن القوم إلى شيبة فاختلفا ضربتين فأصاب ذباب سيف شيبة عضلة ساق عبيدة فقطعها و استنقذه أمير المؤمنين ع و حمزة منه و قتلا شيبة و حمل عبيدة من مكانه فمات بالصفراء و في قتل عتبة و شيبة و الوليد تقول هند بنت عتبة

أيا عين جودي بدمع سرب على خير خندف لم ينقلب‏تداعى له رهطه غدوة بنو هاشم و بنو المطلب‏يذيقونه حد أسيافهم يعرونه بعد ما قد شجب

 و روى الحسن بن حميد قال حدثنا أبو غسان قال حدثنا أبو إسماعيل عمير بن بكار عن جابر عن أبي جعفر ع قال قال أمير المؤمنين ع لقد تعجبت يوم بدر من جرأة القوم و قد قتلت الوليد بن عتبة و قتل حمزة عتبة و شركته في قتل شيبة إذ أقبل إلي حنظلة بن أبي سفيان فلما دنا مني ضربته ضربة بالسيف فسالت عيناه و لزم الأرض قتيلا و روى أبو بكر الهذلي عن الزهري عن صالح بن كيسان قال مر عثمان بن عفان بسعيد بن العاص فقال انطلق بنا إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب نتحدث عنده فانطلقا قال فأما عثمان فصار إلى مجلسه الذي يشتهيه و أما أنا فملت إلى ناحية القوم فنظر إلي عمر و قال ما لي أراك كأن في نفسك علي شيئا أ تظن أني قتلت أباك و الله لوددت أني كنت قاتله و لو قتلته لم أعتذر من قتل كافر و لكني مررت به في يوم بدر فرأيته يبحث للقتال كما يبحث الثور بقرنه و إذا شدقاه قد أزبدا كالوزغ فلما رأيت ذلك هبته و رغت عنه فقال إلى أين يا ابن الخطاب و صمد له علي فتناوله فو الله ما رمت مكاني حتى قتله قال و كان علي ع حاضرا في المجلس فقال اللهم غفرا ذهب الشرك بما فيه و محا الإسلام ما تقدم فما لك تهيج الناس علي فكف عمر فقال سعيد أما إنه ما كان يسرني أن يكون قاتل أبي غير ابن عمه علي بن أبي طالب و أنشأ القوم في حديث آخر و روى محمد بن إسحاق عن يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير أن عليا ع أقبل يوم بدر نحو طعيمة بن عدي بن نوفل فشجره بالرمح و قال له و الله لا تخاصمنا في الله بعد اليوم أبدا و روى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال لما عرف رسول الله ص حضور نوفل بن خويلد بدرا قال اللهم اكفني نوفلا فلما انكشفت قريش رآه علي بن أبي طالب ع و قد تحير لا يدري ما يصنع فصمد له ثم ضربه بالسيف فنشب في حجفته و انتزعه منها ثم ضرب به ساقه و كانت درعه مشمرة فقطعها ثم أحجز عليه فقتله فلما عاد إلى النبي ص سمعه يقول من له علم بنوفل فقال أنا قتلته يا رسول الله فكبر النبي ص و قال الحمد لله الذي أجاب دعوتي فيه

  بيان الوميض اللمعان و الردع الزعفران أو لطخ منه و أثر الطيب في الجسد و السرب السائل قولها قد شجب في بعض النسخ بالجيم المكسورة أي هلك و في بعضها بالحاء أي تغير و راغ إلى كذا مال إليه سرا و حاد قوله ما رمت بكسر الراء أي ما زلت عن مكاني و الغفر الستر و شجرة بالرمح طعنه و الحجفة الترس

 19-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ شا، ]الإرشاد[ و فيما صنعه أمير المؤمنين ع ببدر قال أسيد بن أبي أياس يحرض مشركي قريش عليه

في كل مجمع غاية أخزاكم جذع أبر على المذاكي القرح‏لله دركم أ لما تنكروا قد ينكر الحر الكريم و يستحي‏هذا ابن فاطمة الذي أفناكم ذبحا و قتلة قعصة لم يذبح‏أعطوه خرجا و اتقوا تضريبه فعل الذليل و بيعة لم تربح‏أين الكهول و أين كل دعامة في المعضلات و أين زين الأبطح‏أفناهم قعصا و ضربا يفتري بالسيف يعمل حده لم يصفح‏أفناهم ضربا بكل مهند صلت و حد غراره لم يصفح

 بيان الغاية الراية و الجذع بالتحريك الأسد و الشاب الحدث أبر أي أصدق أو أوفى و يقال أبر على القوم أي غلبهم و المذاكي الخيل التي قد أتى عليها بعد قروحها سنة أو سنتان و قرح الحافر قروحا إذا انتهت أسنانه فإنما تنتهي في خمس سنين لأنه في السنة الأولى حولي ثم جذع ثم ثني ثم رباع ثم قارح و الجمع قرح و يقال ضربه فأقعصه أي قتله مكانه و القعص الموت الوحي و الافتراء كأنه مبالغة في الفري و هو الشق و القطع و قال الجوهري قال أبو عبيدة يقال ضربه بصفح السيف و العامة تقول بصفح السيف مفتوحة أي بعرضه و صفحته إذا ضربته بالسيف مصحفا أي بعرضه

 20-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ابن عباس في قوله كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ إن الصحابة فزعوا لما فات عير أبي سفيان و أدركهم القتال فباتوا ليلتهم فحلموا و لم يكن لهم ماء فوقعت الوسوسة في نفوسهم لذلك فأنزل الله المطر قوله إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ فرأى النبي ص في منامه قلة قريش قوله إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا فلما التقى الجمعان استحقر كل جيش صاحبه قوله إِذِ الْتَقَيْتُمْ و كانت المسلمون يخافون فنزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً و قوله فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ فزعم أبو جهل أنهم جزر سيوفهم و كان النبي ص يحزن و علي ع يقول لا يخلف الله الميعاد فنزل يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ و قوله إِذْ يُوحِي رَبُّكَ فساعدهم إبليس على صورة سراقة فلما أدرك جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل مع الملائكة نَكَصَ إبليس عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ فكانت الملائكة يضربون فوق الأعناق و فوق البنان بعمدهم و رمى النبي ص بقبضة من الحصى في وجوههم و قال شاهت الوجوه فأصاب عين كل واحد منهم فانهزموا فنزل لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ و وجد ابن مسعود أبا جهل مصروعا من ضربة معاذ بن عمرو بن عفراء فكان يجز رأسه و هو يقول يا رويعي الغنم لقد ارتقيت مرتقى صعبا

 21-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير قال قرأت عند أبي عبد الله ع وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فقال مه ليس هكذا أنزلها الله إنما نزلت و أنتم قليل

  -22  شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال سأله أبي عن هذه الآية لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ قال ليس هكذا أنزل الله ما أذل الله رسوله قط إنما أنزلت و أنتم قليل

 عيسى عن صفوان عن ابن سنان مثله

 23-  شي، ]تفسير العياشي[ عن ربعي عن حريز عن أبي عبد الله ع أنه قرأ و لقد نصركم الله ببدر و أنتم ضعفاء و ما كانوا أذلة و رسول الله فيهم عليه و على آله السلام

 24-  شي، ]تفسير العياشي[ عن جابر عن أبي جعفر ع قال كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر

 25-  شي، ]تفسير العياشي[ عن إسماعيل بن همام عن أبي الحسن ع في قول الله مُسَوِّمِينَ قال العمائم قال اعتم رسول الله فسوم لها من بين يديه و من خلفه

 26-  شي، ]تفسير العياشي[ عن ضريس بن عبد الملك عن أبي جعفر ع قال إن الملائكة الذين نصروا محمدا ص يوم بدر في الأرض ما صعدوا بعد و لا يصعدون حتى ينصروا صاحب هذا الأمر و هم خمسة آلاف

  -27  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ روي عن عامر بن سعد أنه لما جاء أبو اليسر الأنصاري بالعباس فقال و الله ما أسرني إلا ابن أخي علي بن أبي طالب ع فقال النبي ص صدق عمي ذلك ملك كريم فقال قد عرفته بجلحته و حسن وجهه فقال النبي ص إن الملائكة الذين أيدني الله بهم على صورة علي بن أبي طالب ع ليكون ذلك أهيب في صدور الأعداء و قال أبو اليسر الأنصاري رأيت العباس آنفا و عقيلا معهما رجل على فرس أبلق عليه ثياب يقود العباس و عقيلا فدفعهما إلى علي و قال يا علي هذان عمك و أخوك فدونكهما فأنت أولى بهما فحكى ذلك لرسول الله فقال ذلك جبرئيل ع دفعهما إليك

 الفصول و العيون و المحاسن، عن المفيد قال الصادق ع في حديث بدر لقد كان يسأل الجريح من المشركين فيقال من جرحك فيقول علي بن أبي طالب فإذا قالها مات

 فضائل الصحابة، عن أحمد و خصائص العلوية عن النطنزي قال الحارث لما كانت ليلة بدر قال النبي ص من يستسقي لنا من الماء فأحجم الناس فقام علي فاحتضن قربة ثم أتى بئرا بعيدة القعر مظلمة فانحدر فيها فأوحى الله إلى جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل ع تأهبوا لنصرة محمد ص و حربه فهبطوا من السماء لهم لغط يذعر من يسمعه فلما حاذوا البئر فسلموا عليه من عند آخرهم إكراما و تبجيلا

  محمد بن ثابت بإسناده عن ابن مسعود و الفلكي المفسر بإسناده عن محمد بن الحنفية قال بعث رسول الله ص عليا في غزوة بدر أن يأتيه بالماء حين سكت أصحابه عن إيراده فلما أتى القليب و ملأ القربة فأخرجها جاءت ريح فأهرقته ثم عاد إلى القليب و ملأ القربة فجاءت ريح فأهرقته و هكذا في الثالثة فلما كانت الرابعة ملأها فأتى به النبي ص و أخبره بخبره فقال رسول الله ص أما الريح الأولى فجبرئيل في ألف من الملائكة سلموا عليك و الريح الثانية ميكائيل في ألف من الملائكة سلموا عليك و الريح الثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة سلموا عليك و في رواية و ما أتوك إلا ليحفظوك

 و قد رواه عبد الرحمن بن صالح بإسناده عن الليث و كان يقول كان لعلي ع في ليلة واحدة ثلاثة آلاف منقبة و ثلاثة مناقب ثم يروي هذا الخبر

 28-  شي، ]تفسير العياشي[ أبو علي المحمودي عن أبيه رفعه في قول الله يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْبارَهُمْ قال إنما أراد و أستاههم إن الله كريم يكني

 29-  شي، ]تفسير العياشي[ عن علي بن أسباط سمع أبا الحسن الرضا ع يقول قال أبو عبد الله ع أتي النبي ص بمال فقال للعباس ابسط رداك فخذ من هذا المال طرفا قال فبسط رداءه فأخذ طرفا من ذلك المال قال ثم قال رسول الله ص هذا ممن قال الله يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ

 30-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن يحيى الخثعمي عن أبي عبد الله ع في قوله وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَ تَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ فقال الشوكة التي فيها القتال

 31-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن يوسف قال أخبرني أبي قال سألت أبا جعفر ع فقلت إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ قال إلهام

 32-  شي، ]تفسير العياشي[ عن رجل عن أبي عبد الله ع في قول الله وَ يُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ قال لا يدخلنا ما يدخل الناس من الشك

 بيان لعله ع قال هذا في تفسير قوله تعالى يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ فذكره الراوي هاهنا أو المراد أن الرجز الذي حصل لهم هو الشك و نحن مبرءون من ذلك

 33-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن كليب الأسدي عن أبيه قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى قال علي ناول رسول الله ص القبضة التي رمى بها

 و في خبر آخر عنه أن عليا ناوله قبضة من تراب فرمى بها

 34-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عمرو بن أبي المقدام عن علي بن الحسين ع قال ناول رسول الله ص علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قبضة من تراب التي رمى بها في وجوه المشركين فقال الله وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى

 35-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ في الصحيحين أنه نزل قوله تعالى هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا في ستة نفر من المؤمنين و الكفار تبارزوا يوم بدر و هم حمزة و عبيدة و علي و الوليد و عتبة و شيبة

 و قال البخاري و كان أبو ذر يقسم بالله أنها نزلت فيهم

 و به قال عطا و ابن خيثم و قيس بن عباد و سفيان الثوري و الأعمش و سعيد بن جبير و ابن عباس

 ثم قال ابن عباس و فَالَّذِينَ كَفَرُوا يعني عتبة و شيبة و الوليد قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ الآيات و أنزل في أمير المؤمنين و حمزة و عبيدة إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ إلى قوله صِراطِ الْحَمِيدِ

 أسباب النزول، روى قيس بن سعد بن عبادة عن علي بن أبي طالب ع قال فينا نزلت هذه الآية و في مبارزينا يوم بدر إلى قوله عَذابَ الْحَرِيقِ

 و روى جماعة عن ابن عباس نزل قوله أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ يوم بدر في هؤلاء الستة

 شعبة و قتادة و عطا و ابن عباس في قوله تعالى وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى أضحك أمير المؤمنين ع و حمزة و عبيدة يوم بدر المسلمين و أبكى كفار مكة حتى قتلوا و دخلوا النار

 الباقر ع في قوله وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ نزلت في حمزة و علي و عبيدة

 تفسير أبي يوسف النسوي و قبيصة بن عقبة عن الثوري عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس في قوله أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الآية نزلت في علي و حمزة و عبيدة كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ عتبة و شيبة و الوليد. الكلبي نزلت في بدر يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أورده النطنزي في الخصائص عن الحداد عن أبي نعيم.

 و الصادق و الباقر ع نزلت في علي ع وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ

المؤرخ و صاحب الأغاني و محمد بن إسحاق كان صاحب راية رسول الله ص يوم بدر علي بن أبي طالب ع و لما التقى الجمعان تقدم عتبة و شيبة و الوليد و قالوا يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش فتطاولت الأنصار لمبارزتهم فدفعهم النبي ص و أمر عليا و حمزة و عبيدة بالمبارزة فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته و ضرب عتبة عبيدة على ساقه فأطنها فسقطا جميعا و حمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيف حتى انثلما و حمل علي على الوليد فضربه على حبل عاتقه خرج السيف من إبطه. و في إبانة الفلكي أن الوليد كان إذا رفع ذراعه ستر وجهه من عظمها و غلظها. ثم اعتنق حمزة و شيبة فقال المسلمون يا علي أ ما ترى هذا الكلب بهر عمك فحمل علي عليه ثم قال يا عم طأطئ رأسك و كان حمزة أطول من شيبة فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه علي فطرح نصفه ثم جاء إلى عتبة و به رمق فأجهز عليه و كان حسان قال في قتل عمرو بن عبد ود

و لقد رأيت غداة بدر عصبة. ضربوك ضربا غير ضرب المحضر.

 أصبحت لا تدعى ليوم كريهة. يا عمرو أو لجسيم أمر منكر.

 فأجابه بعض بني عامر

كذبتم و بيت الله لم تقتلوننا. و لكن بسيف الهاشميين فافخروا.بسيف بن عبد الله أحمد في الوغى. بكف علي نلتم ذاك فاقصروا.و لم تقتلوا عمرو بن ود. و لا ابنه و لكنه الكفو الهزبر الغضنفر.علي الذي في الفخر طال ثناؤه. فلا تكثروا الدعوى عليه فتفجروا.ببدر خرجتم للبراز فردكم. شيوخ قريش جهرة و تأخروا.فلما أتاهم حمزة و عبيدة. و جاء علي بالمهند يخطر.فقالوا نعم أكفاء صدق فأقبلوا. إليهم سراعا إذ بغوا و تجبروا.فجال علي جولة هاشمية. فدمرهم لما عتوا و تكبروا.

 و في مجمع البيان أنه قتل سبعة و عشرين مبارزا و في الإرشاد قتل خمسة و ثلاثين و قال زيد بن وهب قال أمير المؤمنين ع و ذكر حديث بدر و قتلنا من المشركين سبعين و أسرنا سبعين. محمد بن إسحاق أكثر قتلى المشركين يوم بدر كان لعلي. الزمخشري في الفائق قال سعد بن أبي وقاص رأيت عليا يحمحم فرسه و هو يقول

بازل عامين حديث سني. سنحنح الليل كأني جني.لمثل هذا ولدتني أمي.

 المرزباني في كتاب أشعار الملوك و الخلفاء أن عليا أشجع العرب حمل يوم بدر و زعزع الكتيبة و هو يقول

لن يأكلوا التمر بظهر مكة. من بعدها حتى تكون الركة.

 عبد الله بن رواحة

ليهن عليا يوم بدر حضوره. و مشهده بالخير ضربا مرعبلا.و كائن له من مشهد غير خامل. يظل له رأس الكمي مجدلا.و غادر كبش القوم في القاع ثاويا. تخال عليه الزعفران المعللا.صريعا ينوء القشعمان برأسه. و تدنو إليه الضبع طولا لتأكلا.

 و قالت هند في عتبة و شيبة

أيا عين جودي بدمع سرب. على خير خندف لم ينقلب.تداعى له رهطه غدوة. بنو هاشم و بنو المطلب.يذيقونه حد أسيافهم. يعرونه بعد ما قد شحب.

 و وجدت في كتاب المقنع قول هند

أبي و عمي و شقيق بكري. أخي الذي كان كضوء البدر.بهم كسرت يا علي ظهري.

 بيان قال الجزري في حديث علي ع بازل عامين حديث سني. البازل من الإبل الذي تم له ثماني سنين و دخل في التاسعة و حينئذ يطلع نابه و تكمل قوته ثم يقال له بعد ذلك بازل عام و بازل عامين يقول أنا مستجمع الشباب مستكمل القوة. و رجل سنحنح لا ينام الليل و يقال رعبل اللحم أي قطعه و الكمي كغني الشجاع و المجدل الصريع و غادر كبش القوم أي ترك شجاعهم و رئيسهم ثاويا أي مقيما المعللا أي طلي به مرة بعد أخرى يقال عله ضربا أي تابع عليه الضرب و العليلة المرأة المطيبة طيبا بعد طيب و القشعمان العظيم الذكر من النسور

 36-  عم، ]إعلام الورى[ إن النبي ص بعث عليا ليلة بدر أن يأتيه بالماء حين قال لأصحابه من يلتمس لنا الماء فسكتوا عنه فقال علي أنا يا رسول الله فأخذ القربة و أتى القليب فملأها فلما أخرجها جاءت ريح فهراقته ثم عاد إلى القليب فملأها فجاءت ريح فهراقته فلما كانت الرابعة ملأها فأتى بها النبي ص أخبره بخبره فقال رسول الله ص أما الريح الأولى فجبرئيل في ألف من الملائكة سلموا عليك و الريح الثانية ميكائيل في ألف من الملائكة سلموا عليك و الريح الثالثة إسرافيل في ألف من الملائكة سلموا عليك رواه محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن جده أبي رافع

 37-  كشف، ]كشف الغمة[ قال الواقدي في كتاب المغازي جميع من يحصى قتله من المشركين ببدر تسعة و أربعون رجلا منهم من قتله علي و شرك في قتله اثنان و عشرون رجلا شرك في أربعة و قتل بانفراده ثمانية عشر و قيل إنه قتل بانفراده تسعة بغير خلاف و هم الوليد بن عتبة بن ربيعة خال معاوية قتله مبارزة و العاص بن سعيد بن العاص بن أمية و عامر بن عبد الله و نوفل بن خويلد بن أسد و كان من شياطين قريش و مسعود بن أبي أمية بن المغيرة و قيس بن الفاكه و عبد الله بن المنذر بن أبي رفاعة و العاص بن منبه بن الحجاج و حاجب بن السائب و أما الذين شاركه في قتلهم غيره فهم حنظلة بن أبي سفيان أخو معاوية و عبيدة بن الحارث و زمعة و عقيل ابنا الأسود بن عبد المطلب و أما الذين اختلف الناقلون في أنه ع قتلهم أو غيره فهم طعيمة بن عدي و عمير بن عثمان بن عمرو و حرملة بن عمرو و أبو قيس بن الوليد بن المغيرة و أبو العاص بن قيس و أوس الجمحي و عقبة بن أبي معيط صبرا و معاوية بن عامر فهذه عدة من قيل إنه ع قتلهم في هذه الرواية غير النضر بن الحارث فإنه قتله صبرا بعد القفول من بدر هذا من طرق الجمهور

 38-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان عن ذريح عن أبي عبد الله ع قال لما خرجت قريش إلى بدر و أخرجوا بني عبد المطلب معهم خرج طالب بن أبي طالب فنزل رجازهم و هم يرتجزون و نزل طالب بن أبي طالب يرتجز و يقول

يا رب إما تعززن بطالب في مقنب من هذه المقانب‏في مقنب المغالب المحارب بجعله المسلوب غير السالب‏و جعله المغلوب غير الغالب

فقالت قريش إن هذا ليغلبنا فردوه و في رواية أخرى عن أبي عبد الله ع أنه كان أسلم

 بيان المقنب بالكسر جماعة الخيل و الفرسان و رأيت في بعض كتب السير هكذا

يا رب إما خرجوا بطالب. في مقنب من هذه المقانب.فاجعلهم المغلوب غير الغالب. و ارددهم المسلوب غير السالب.

 و قال ابن الأثير في الكامل في ذكر قصة بدر و كان بين طالب بن أبي طالب و هو في القوم و بين بعض قريش محاورة فقالوا و الله لقد عرفنا أن هواكم مع محمد فرجع طالب فيمن رجع إلى مكة و قيل إنه أخرج كرها فلم يوجد في الأسرى و لا في القتلى و لا فيمن رجع إلى مكة و هو الذي يقول

يا رب إما يغزون طالب في مقنب من هذه المقانب‏فليكن المسلوب غير السالب و ليكن المغلوب غير الغالب

 انتهى. فظهر مما نقلنا من الكتابين أنه لم يكن راضيا بتلك المقاتلة و كان يريد ظفر النبي ص إما لأنه كان قد أسلم كما يدل عليه ما رواه الكليني مرسلا أو لمحبة القرابة فالذي يخطر بالبال في توجيه ما في الخبر أن يكون قوله بجعله بدل اشتمال لقوله بطالب أي إما تجعل الرسول غالبا بمغلوبية طالب حال كونه في مقانب عسكر مخالفيه الذين يطلبون الغلبة عليه بأن تجعل طالبا مسلوب الثياب و السلاح غير سالب لأحد من عسكر النبي ص و بجعله مغلوبا منهم غير غالب عليهم و يحتمل أن يكون المراد إما تقوين قريشا بطالب حال كونه في طائفة من تلك الطوائف تكون غالبة و تكون غلبة الطالب بأن يجعل المسلوب بحيث لا يرجع و يصير سالبا و كذلك المغلوب و لا يخفى بعده و يؤيد الأول أيضا أن في نسخة قديمة من الكافي عندنا هكذا

يا رب إما يغزون بطالب. في مقنب من هذه المقانب.في مقنب المغالب المحارب. فاجعله المسلوب غير السالب.و اجعله المغلوب غير غالب.

 و على الوجهين إما بالتخفيف و تعززن بالتشديد على بناء التفعيل و يمكن أن يقرأ إما بالكسر مشددا للترديد و يكون مقابله مقدرا أي و إما تردنه و تعززن بكسر الزاء المخففة مؤكدا بالخفيفة و الياء في قوله بطالب للتعدية فيكون قوله بجعله متعلقا بتعززن و أما قولهم ليغلبنا فعلى الأول و الثالث المعنى أنه يريد غلبة الخصوم علينا أو يسير تخاذله سببا لغلبتهم علينا و على الثاني المعنى أنه يفخر علينا و يظن أنما نغلب عليهم بإعانته و قوته

 39-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عبد السلام بن ملك و سعيد بن الحسن بن ملك معنعنا عن السدي قال هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ الآيتين نزلت في علي و حمزة و عبيدة بن الحارث و في عتبة بن ربيعة و الوليد بن عتبة و شيبة بن ربيعة بارزهم يوم بدر علي و حمزة و عبيدة بن الحارث فقال رسول الله ص هؤلاء الثلاثة يوم القيامة كواسطة القلادة في المؤمنين و هؤلاء الثلاثة كواسطة القلادة في الكفار

 40-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عبيدة بن عبد الواحد معنعنا عن محمد بن سيرين قال نزلت هذه الآية في الذين يبارزون يوم بدر قال لما كان يوم بدر برز عتبة و شيبة ابنا ربيعة و الوليد بن عتبة فقال عتبة يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا فقام فتية من الأنصار فلما رآهم رسول الله قال اجلسوا قد أحسنتم فلما رأى حمزة أن رسول الله ص يريده قام حمزة ثم قام علي ثم قام عبيدة عليهم البيض قال لهم عتبة تكلموا يا أهل البيض نعرفكم فقال حمزة أنا حمزة بن عبد المطلب و قال علي أنا علي بن أبي طالب و قال عبيدة أنا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب فقالوا أكفاء كرام فتبارز حمزة عتبة فقتله حمزة و تبارز علي الوليد فقتله علي و تبارز عبيدة شيبة فامتعص كل واحد منهما فمال عليه علي فأجاز عليه و احتمل عبيدة أصحابه و كانوا هؤلاء من المسلمين كواسطة القلادة من القلادة و كانوا هؤلاء من المشركين كواسطة القلادة من القلادة فنزلت هذه الآية هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ حتى بلغ وَ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ فهذا في هؤلاء المشركين و نزلت إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ حتى بلغ إِلى صِراطِ الْحَمِيدِ فهذا في هؤلاء المسلمين

 41-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي همام عن أبي الحسن ع في قول الله عز و جل مُسَوِّمِينَ قال العمائم اعتم رسول الله ص فسدلها من بين يديه و من خلفه و اعتم جبرئيل ع فسدلها من بين يديه و من خلفه

 42-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن أبي جميلة عن أبي جعفر ع قال كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر

 43-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ فرات بن إبراهيم الكوفي معنعنا عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ قال نزلت الآية في ثلاثة من المسلمين فهم المتقون الذين آمنوا و عملوا الصالحات و في ثلاثة من المشركين هم المفسدون في الأرض فأما الثلاثة من المسلمين فعلي بن أبي طالب و حمزة و عبيدة و أما الثلاثة من المشركين فعتبة بن ربيعة و شيبة و الوليد بن عتبة و هم الذين يبارزون يوم بدر فقتل علي الوليد و قتل حمزة عتبة بن ربيعة و قتل عبيدة شيبة

 44-  كا، ]الكافي[ حميد بن زياد عن عبيد الله بن أحمد الدهقان عن علي بن الحسن الطاطري عن محمد بن زياد بن عيسى بياع السابري عن أبان بن عثمان قال حدثني فضيل البراجمي قال كنت بمكة و خالد بن عبد الله القسري أمير و كان في المسجد عند زمزم فقال ادعوا لي قتادة قال فجاء شيخ أحمر الرأس و اللحية فدنوت لأسمع فقال خالد يا قتادة أخبرني بأكرم وقعة كانت في العرب و أعز وقعة كانت في العرب و أذل وقعة كانت في العرب فقال أصلح الله الأمير أخبرك بأكرم وقعة كانت في العرب و أعز وقعة كانت في العرب و أذل وقعة كانت في العرب واحدة قال خالد ويحك واحدة قال نعم أصلح الله الأمير قال أخبرني قال بدر قال و كيف ذا قال إن بدرا أكرم وقعة كانت في العرب بها أكرم الله عز و جل الإسلام و أهله و هي أعز وقعة كانت في العرب بها أعز الله الإسلام و أهله و هي أذل وقعة كانت في العرب فلما قتلت قريش يومئذ ذلت العرب فقال له خالد كذبت لعمر الله إن كان في العرب يومئذ من هو أعز منهم ويلك يا قتادة أخبرني ببعض أشعارهم قال خرج أبو جهل يومئذ و قد أعلم ليرى مكانه و عليه عمامة حمراء و بيده ترس مذهب و هو يقول

ما تنقم الحرب الشموس مني بازل عامين حديث السن‏لمثل هذا ولدتني أمي

فقال كذب عدو الله إن كان ابن أخي لأفرس منه يعني خالد بن الوليد و كانت أمه قشيرية ويلك يا قتادة من الذي يقول

أوفي بميعادي و أحمي عن حسب

فقال أصلح الله الأمير ليس هذا يومئذ هذا يوم أحد خرج طلحة بن أبي طلحة و هو ينادي من يبارز فلم يخرج إليه أحد فقال إنكم تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار و نحن نجهزكم بأسيافنا إلى الجنة فليبرزن إلي رجل يجهزني بسيفه إلى النار و أجهزه بسيفي إلى الجنة فخرج إليه علي بن أبي طالب و هو يقول  

أنا ابن ذي الحوضين عبد المطلب و هاشم المطعم في العام السغب‏أوفي بميعادي و أحمي عن حسب

فقال خالد لعنه الله كذب لعمر الله و الله أبو تراب ما كان كذلك فقال الشيخ أيها الأمير ائذن لي في الانصراف قال فقام الشيخ يفرج الناس بيده و خرج و هو يقول زنديق و رب الكعبة زنديق و رب الكعبة

 إيضاح قتادة من أكابر محدثي العامة من تابعي البصرة قوله إن كان في العرب كلمة إن مخففة أو هي بالفتح أي لأن كان و لعله لعنه الله حملته الحمية و الكفر على أن يتعصب للمشركين بأنهم لم يذلوا بقتل هؤلاء بل كان فيهم أعز منهم أو لأبي سفيان و سائر بني أمية و خالد بن الوليد فإنهم كانوا يومئذ بين المشركين و يحتمل على بعد أن يكون مراده أن غلبة رسول الله ص و هو سيد العرب كان يكفي لعزهم قوله و قد أعلم أي جعل لنفسه أو لفرسه علامة يعرف بها قال الفيروزآبادي أعلم الفرس علق عليه صوفا ملونا في الحرب و نفسه وسمها بسيماء الحرب كعلمها و قال الجوهري أعلم الفارس جعل لنفسه علامة الشجعان فهو معلم قوله ما تنقم يقال نقمت على الرجل أي عتبت عليه و نقمت الأمر بالفتح و الكسر كرهته و شمس الفرس شموسا و شماسا منع ظهره فهو شموس و رجل شموس صعب الخلق و الظاهر أن كلمة ما للاستفهام و يحتمل النفي و المآل واحد أي لا يقدر الحرب الذي لا يقدر عليه بسهولة و لا يطيع المرء فيما يريد منه أن يعيبني أي يظهر عيبي و البازل و الحديث كأنهما حالان عن الضمير المجرور في قوله مني أو مرفوعان بالخبرية لمحذوف قوله و كانت أمه قشيرية أي لذلك قال ابن أخي لأن خالدا كانت أمه من قبيلته و الأصوب قسرية كما في بعض النسخ لأن خالدا مشهور بالقسري كما مر في صدر الحديث و التجهيز إعداد ما يحتاج إليه المسافر أو العروس أو الميت و يحتمل أن يكون من أجهز على الجريح أي أثبت قتله و أسرعه و تمم عليه قوله ع أنا ابن ذي الحوضين يعني اللذين صنعهما عبد المطلب عند زمزم لسقاية الحاج قوله ع في العام السغب بكسر الغين أي عام المجاعة و القحط يقال سغب كفرح و نصر جاع فهو سغب بالكسر قوله ع أوفي بميعادي أي مع الرسول ص في نصره قوله و أحمي عن حسب أي أرفع العار عن أحسابي و أحساب آبائي و يحتمل أن يقرأ بكسر السين أي عن ذي حسب و هو الرسول ص لكنه بعيد

 45-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول في هذه الآية يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ قال نزلت في العباس و عقيل و نوفل و قال إن رسول الله ص نهى يوم بدر أن يقتل أحد من بني هاشم و أبو البختري فأسروا فأرسل علي ع فقال انظر من هاهنا من بني هاشم قال فمر علي ع على عقيل بن أبي طالب كرم الله وجهه فحاد عنه فقال له عقيل يا ابن أم علي أما و الله لقد رأيت مكاني قال فرجع إلى رسول الله ص و قال هذا أبو الفضل في يد فلان و هذا عقيل في يد فلان و هذا نوفل بن الحارث في يد فلان فقام رسول الله ص حتى انتهى إلى عقيل فقال له يا أبا يزيد قتل أبو جهل فقال إذا لا تنازعون في تهامة فقال إن كنتمأثخنتم القوم و إلا فاركبوا أكتافهم قال فجي‏ء بالعباس فقيل له افد نفسك و افد ابن أخيك فقال يا محمد تتركني أسأل قريشا في كفي فقال أعط ما خلفت عند أم الفضل و قلت لها إن أصابني في وجهي هذا شي‏ء فأنفقيه على ولدك و نفسك فقال له يا ابن أخي من أخبرك بهذا فقال أتاني به جبرئيل من عند الله عز ذكره فقال و محلوفه ما علم بهذا أحد إلا أنا و هي أشهد أنك رسول الله ص قال فرجع الأسرى كلهم مشركين إلا العباس و عقيل و نوفل كرم الله وجوههم و فيهم نزلت هذه الآية قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً إلى آخر الآية

 شي، ]تفسير العياشي[ عن معاوية بن عمار مثله بيان قوله ص و أبو البختري هو العاص بن هشام بن الحارث بن أسد و لم يقبل أمان النبي ص ذلك اليوم و قتل فالضمير في قوله ع فأسروا راجع إلى بني هاشم و أبو البختري لم يكن من بني هاشم لكن النبي ص قد كان نهى عن قتله أيضا قال ابن أبي الحديد قال الواقدي نهى رسول الله ص عن قتل أبي البختري و كان قد لبس السلاح بمكة يوما قبل الهجرة في بعض ما كان ينال النبي ص من الأذى و قال لا يعرض اليوم أحد لمحمد بأذى إلا وضعت فيه السلاح فشكر ذلك له النبي ص و قال أبو داود المازني فلحقته يوم بدر فقلت له إن رسول الله ص نهى عن قتلك إن أعطيت بيدك قال و ما تريد إلي إن كان قد نهى عن قتلي فقد كنت أبليته ذلك فأما أن أعطي بيدي فو اللات و العزى لقد علمت نسوة بمكة أني لا أعطي بيدي و قد عرفت أنك لا تدعني فافعل الذي تريد فرماه أبو داود بسهم و قال اللهم سهمك و أبو البختري عبدك فضعه في مقتله و أبو البختري دارع ففتق السهم الدرع فقتله. قال الواقدي و يقال إن المجذر بن زياد قتل أبا البختري و هو لا يعرفه و قال المجذر في ذلك شعرا عرف منه أنه قاتله. و في رواية محمد بن إسحاق أن رسول الله ص نهى يوم بدر عن قتل أبي البختري و اسمه الوليد بن هشام لأنه كان أكف الناس عن رسول الله ص بمكة كان لا يؤذيه و لا يبلغه عنه شي‏ء يكرهه و كان فيمن قام في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم فلقيه المجذر بن زياد البلوي حليف الأنصار فقال له إن رسول الله ص نهانا عن قتلك و مع أبي البختري زميل له خرج معه من مكة يقال له جنادة بن مليحة فقال أبو البختري و زميلي قال المجذر و الله ما نحن بتاركي زميلك ما نهانا رسول الله ص إلا عنك وحدك قال إذا و الله لأموتن أنا و هو جميعا لا تتحدث عني نساء أهل مكة أني تركت زميلي حرصا على الحياة فنازله المجذر و ارتجز أبو البختري فقال

لن يسلم ابن حرة زميله. حتى يموت أو يرى سبيله.

 ثم اقتتلا فقتله المجذر فجاء إلى رسول الله ص فأخبره و قال الذي بعثك بالحق لقد جهدت أن يستأسر فآتيك به فأبى إلا القتال فقاتلته فقتلته ثم قال قال محمد بن إسحاق و قد كان رسول الله ص نهى في أول الوقعة أن يقتل أحد من بني هاشم. و روى بإسناده عن ابن عباس أنه قال قال النبي ص لأصحابه إني قد عرفت أن رجالا من بني هاشم و غيرهم قد أخرجوا كرها لا حاجة لنا بقتلهم فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله و من لقي أبا البختري فلا يقتله و من لقي العباس عم رسول الله ص فلا يقتله فإنه إنما أخرج مستكرها. قوله ص ابن أخيك يعني عقيلا و في بعض النسخ ابني أخيك أي ابني أخويك نوفلا و عقيلا كما روى ابن أبي الحديد عن محمد بن إسحاق قال لما قدم بالأسارى إلى المدينة قال رسول الله ص افد نفسك يا عباس و ابني أخويك عقيل بن أبي طالب و نوفل بن الحارث و حليفك عقبة بن عمرو فإنك ذو مال إلى قوله ثم فدى نفسه و ابني أخويه. قوله ع و محلوفه الظاهر أنه كان حلف باللات و العزى فكره ع التكلم به فعبر هكذا و في الكشاف أنه حلف بالله فيحتمل أن يكون بكراهة أصل الحلف

 46-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن أبان عن زرارة عن أبي جعفر ع قال كان إبليس يوم بدر يقلل المؤمنين في أعين الكفار و يكثر الكفار في أعين الناس فشد عليه جبرئيل ع بالسيف فهرب منه و هو يقول يا جبرئيل إني مؤجل حتى وقع في البحر قال زرارة فقلت لأبي جعفر ع لأي شي‏ء كان يخاف و هو مؤجل قال يقطع بعض أطرافه

 47-  ك، ]إكمال الدين[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن ابن تغلب قال قال أبو عبد الله ع كأني أنظر إلى القائم ع على ظهر النجف ركب فرسا أدهم أبلق ما بين عينيه شمراخ ثم ينتفض به فرسه فلا يبقى أهل بلدة إلا و هم يظنون أنه معهم في بلادهم فإذا نشر راية رسول الله ص انحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك و ثلاثة عشر ملكا كلهم ينظرون القائم ع و هم الذين كانوا مع نوح ع في السفينة و الذين كانوا مع إبراهيم ع حيث ألقي في النار و كانوا مع عيسى ع حين رفع و أربعة آلاف مسومين و مردفين و ثلاثمائة و ثلاثة عشر ملكا ملائكة يوم بدر و أربعة آلاف ملك الذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين ع فلم يؤذن لهم

 أقول سيأتي مثله بأسانيد جمة في كتاب الغيبة

 48-  ب، ]قرب الإسناد[ ابن طريف عن ابن علوان عن جعفر عن أبيه ع عن ابن عباس قال انتدب رسول الله ص ليلة البدر إلى الماء فانتدب عليا ع فخرج و كانت ليلة باردة ذات ريح و ظلمة فخرج بقربته فلما كان إلى القليب لم يجد دلوا فنزل في الجب تلك الساعة فملأ قربته ثم أقبل فاستقبلته ريح شديدة فجلس حتى مضت ثم قام ثم مرت به أخرى فجلس حتى مضت ثم قام ثم مرت به أخرى فجلس حتى مضت فلما جاء قال له النبي ص ما حبسك يا أبا الحسن قال لقيت ريحا ثم ريحا ثم ريحا شديدة فأصابتني قشعريرة فقال أ تدري ما كان ذاك يا علي فقال لا فقال ذاك جبرئيل في ألف من الملائكة و قد سلم عليك و سلموا ثم مر ميكائيل في ألف من الملائكة فسلم عليك و سلموا ثم مر إسرافيل و ألف من الملائكة فسلم عليك و سلموا

 49-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن علي بن الحسين ع مثله بأدنى تغيير و زاد في آخره و هم مدد لنا و هم الذين رآهم إبليس ف نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ يمشي القهقرى حين يقول إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ وَ اللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ

 50-  فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ الآية إن المؤمنين لما أخبرهم الله عز و جل بمنازل شهدائهم يوم بدر من الجنة رغبوا في ذلك و قالوا اللهم أرنا قتالا نستشهد فيه فأراهم الله إياه يوم أحد فلم يثبتوا إلا من شاء الله منهم

 51-  فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع في بيان خروج رسول الله ص إلى مكة و إحرامه و منع قريش المسلمين و إرادته ص الصلح و عدم رضا الأمة به و إراءتهم الحرب و هزيمتهم من قريش و ساق الحديث إلى أن قال فرجع أصحاب رسول الله ص مستحيين و أقبلوا يعتذرون إلى رسول الله ص فقال لهم رسول الله ص أ لستم أصحابي يوم بدر إذ أنزل الله فيكم إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ أ لستم أصحابي يوم أحد إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ أ لستم أصحابي يوم كذا و يوم كذا فاعتذروا إلى رسول الله ص و ندموا على ما كان منهم الخبر

 52-  فس، ]تفسير القمي[ قوله تعالى وَ إِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ قال نزلت في الأوس و الخزرج روي عن الإمام أبي جعفر ع في قوله تعالى وَ إِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ الآية قال هم الذين استشارهم الرسول في أمر قريش ببدر فقال رجل منهم يا رسول الله إنها قريش و خيلاؤها و إنها ما آمنت قط الحديث فقال تعالى فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ إلى قوله تعالى إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ قال هم الأنصار و كان ألف بين قلوبهم و نصرتهم نبيه و هو قوله تعالى لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ فالذين ألف الله بين قلوبهم الأنصار خاصة

 53-  ل، ]الخصال[ القطان عن عبد الرحمن بن محمد الحسيني عن محمد بن علي الخراساني عن سهل بن صالح العباسي عن أبيه و إبراهيم بن عبد الرحمن عن موسى بن جعفر عن آبائه ع عن الحسين بن علي ع و ساق الحديث في الخمسة المستهزءين برسول الله ص ثم قال الصدوق و يقال في خبر آخر في الأسود بن عبد يغوث قول آخر يقال إن النبي ص كان قد دعا عليه أن يعمي الله بصره و أن يثكله ولده فلما كان في ذلك اليوم جاء حتى صار إلى كدى فأتاه جبرئيل بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي و بقي حتى أثكله الله عز و جل ولده يوم بدر ثم مات

 54-  فس، ]تفسير القمي[ وَ مَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ قال فهو رسول الله ص لما أخرجته قريش من مكة و هرب منهم إلى الغار طلبوه ليقتلوه فعاقبهم الله تعالى يوم بدر فقتل عتبة و شيبة و الوليد و أبو جهل و حنظلة بن أبي سفيان و غيرهم فلما قبض رسول الله ص طلب بدمائهم

 55-  فس، ]تفسير القمي[ أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ قال فقالت قريش قد اجتمعنا لننتصر و نقتلك يا محمد فأنزل الله أَمْ يَقُولُونَ يا محمد نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ يعني يوم بدر حين هزموا و أسروا و قتلوا

 56-  فس، ]تفسير القمي[ سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ قال و في حديث آخر لما اصطفت الخيلان يوم بدر رفع أبو جهل يديه فقال اللهم أقطعنا للرحم و آتانا بما لا نعرف فأحنه العذاب فأنزل الله تبارك و تعالى سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ

 57-  فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فهو أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال المخزومي و هو من بني مخزوم وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فهو أخوه الأسود بن عبد الأسد بن هلال المخزومي قتله حمزة بن عبد المطلب يوم بدر

 58-  يد، ]التوحيد[ بإسناده عن وهب القرشي عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين ع قال رأيت الخضر ع في المنام قبل بدر بليلة فقلت له علمني شيئا أنصر به على الأعداء فقال قل يا هو يا من لا هو إلا هو فلما أصبحت قصصتها على رسول الله ص فقال لي يا علي علمت الاسم الأعظم و كان على لساني يوم بدر

 أقول سيأتي تمامه بإسناده في كتاب الدعاء و غيره

 59-  تفسير النعماني عن الصادق عن أمير المؤمنين ع قال لما كان يوم بدر و عرف الله حرج المسلمين أنزل على نبيه وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فلما قوي الإسلام و كثر المسلمون أنزل الله تعالى فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ فنسخت هذه الآية التي أذن لهم فيها أن يجنحوا و ساق الحديث إلى أن قال أما الجدال و معانيه في كتاب الله وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَ هُمْ يَنْظُرُونَ و لما خرج رسول الله ص إلى بدر كان خروجه في طلب العدو و قال لأصحابه إن الله عز و جل قد وعدني أن أظفر بالعير أو بقريش فخرجوا معه على هذا فلما أفلتت العير و أمره الله بقتال قريش أخبر أصحابه فقال إن قريشا قد أقبلت و قد وعدني الله سبحانه إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ و أمرني بقتال قريش قال فجزعوا من ذلك و قالوا يا رسول الله فإنا لم نخرج على أهبه الحرب قال و أكثر قوم منهم الكلام و الجدال فأنزل الله تعالى وَ إِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ الآية و ساقه إلى أن قال رجل من الأنصار يقال له رفاعة بن زيد بن عامر و كان عم قتادة بن النعمان الأنصاري و كان قتادة ممن شهد بدرا

 أقول سيأتي في غزوة أحد بعض أخبار الباب

 60-  ختص، ]الإختصاص[ ابن الوليد عن أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد عن محمد بن إسماعيل العلوي عن محمد بن الزبرقان الدامغاني عن أبي الحسن موسى ع قال إن العباس كان في عدد الأسارى عند النبي ص و جحد أن يكون له الفداء فأنزل الله تبارك و تعالى على النبي ص يخبره بدفين له من ذهب فبعث عليا ع فأخرجه من عند أم الفضل و أخبر العباس بما أخبره جبرئيل عن الله تبارك و تعالى فأذن لعلي و أعطاه علامة الذي دفن فيه فقال العباس عند ذلك يا ابن أخي ما فاتني منك أكثر و أشهد أنك رسول رب العالمين فلما أحضر علي الذهب قال العباس أفقرتني يا ابن أخي فأنزل الله تبارك و تعالى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ

 61-  أقول روى السيد في كتاب سعد السعود، من تفسير محمد بن العباس بن علي بن مروان قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن سلام عن حجاج بن المنهال عن المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي محلث عن قيس بن عباد عن علي بن أبي طالب أنه قال سمعته يقول أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن قال قيس و فيهم نزلت هذه الآية هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ قال هم الذين تبارزوا يوم بدر علي و حمزة و عبيدة و شيبة و عتبة و الوليد

 حدثنا الحسن بن عامر قال حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبان بن عثمان الأحمر عن أبي بصير عن عكرمة عن ابن عباس قال خرج عتبة و شيبة و الوليد للبراز و خرج عبيد الله بن رواحة من ناحية أخرى قال فكره رسول ص أن يكون الحرب أول ما لقي بالأنصار فبدأ بأهل بيته فقال رسول الله ص مروهم أن يرجعوا إلى مصافهم إنما يريد القوم بني عمهم فدعا رسول الله ص عليا و حمزة و عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب فبرزوا بين يديه بالسلاح فقال اجعلاه بينكما و خاف عليه الحداثة فقال اذهبوا فقاتلوا عن حقكم و بالدين الذي بعث به نبيكم إذ جاءوا بباطلهم لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ اذهبوا في حفظ الله أو في عون الله فخرجوا يمشون حتى إذا كانوا قريبا حيث يسمعون الصوت فصاح بهم عتبة انتسبوا نعرفكم فإن تكونوا أكفاء نقاتلكم و فيهم نزلت هذه الآية هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ فقال عبيدة أنا عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب و كان قريب السن من أبي طالب و هو يومئذ أكبر المسلمين فقال هو كفو كريم ثم قال لحمزة من أنت قال أنا حمزة بن عبد المطلب أنا أسد الله و أسد رسوله أنا صاحب الحلفاء فقال له عتبة سترى صولتك اليوم يا أسد الله و أسد رسوله قد لقيت أسد المطيبين فقال لعلي من أنت فقال أنا عبد الله و أخو رسوله أنا علي بن أبي طالب فقال يا وليد دونك الغلام فأقبل الوليد يشتد إلى علي قد تنور و تخلق عليه خاتم من ذهب بيده السيف قال علي قد ظل علي في طول نحو من ذراع فختلته حتى ضربت يده التي فيها السيف فبدرت يده و بدر السيف حتى نظرت إلى بصيص الذهب في البطحاء و صاح صيحة أسمع أهل العسكرين فذهب مولى نحو أبيه و شد عليه علي ع فضرب فخذه فسقط و قام علي ع و قال

أنا ابن ذي الحوضين عبد المطلب و هاشم المطعم في العام السغب‏أوفي بميثاقي و أحمي عن حسب

ثم ضربه فقطع فخذه قال ففي ذلك تقول هند بنت عتبة  

أبي و عمي و شقيق بكري أخي الذي كانوا كضوء البدربهم كسرت يا علي ظهري

ثم تقدم شيبة بن ربيعة و عبيدة بن الحارث فالتقيا فضربه شيبة فرمى رجله و ضربه عبيدة فأسرع السيف فيه فأقطعه فسقطا جميعا و تقدم حمزة و عتبة فتكادما الموت طويلا و علي قائم على الوليد و الناس ينظرون فصاح رجل من الأنصار يا علي ما ترى الكلب قد بهر عمك فلما أن سمعها أقبل يشتد نحو عتبة فحانت من عتبة التفاتة إلى علي فرآه و قد أقبل نحوه يشتد فاغتنم عتبة حداثة سن علي فأقبل نحوه فلحقه حمزة قبل أن يصل إلى علي فضربه في حبل العاتق فضربه علي فأجهز عليه قال و أبو حذيفة بن عتبة إلى جنب رسول الله ص ينظر إليهم فاربد وجهه و تغير لونه و هو يتنفس و رسول الله ص يقول صبرا يا أبا حذيفة حتى قتلوا ثم أقبلا إلى عبيدة حتى احتملاه فسال المخ على أقدامهما ثم اشتدوا به إلى رسول الله ص فلما نظر إليه رسول الله ص قال يا رسول الله أ لست شهيدا قال بلى قال لو كان أبو طالب حيا لعلم أني أولى بهذا البيت منه حيث يقول

و نسلمه حتى نصرع حوله و نذهل عن أبنائنا و الحلائل

 بيان البصيص البريق و قال الفيروزآبادي كدمه عضه بأدنى فمه أو أثر فيه بحديدة و الدابة تكادم الحشيش إذا لم تستمكن منه

 62-  عم، ]إعلام الورى[ أخذ رسول الله ص يوم بدر كفا من تراب فرماه إليهم و قال شاهت الوجوه فلم يبق منهم أحد إلا اشتغل بفرك عينه و قتل علي ع فيها الوليد بن عتبة و كان شجاعا فاتكا و العاص بن سعيد و طعيمة بن عدي و نوفل بن خويلد و هو الذي قرن أبا بكر و طلحة قبل الهجرة بحبل و عذبهما يوما إلى الليل و هو عم الزبير

 و روى جابر عن الباقر عن أمير المؤمنين ع قال لقد تعجبت يوم بدر من جرأة القوم و قد قتلت الوليد بن عتبة إذ أقبل إلي حنظلة بن أبي سفيان فلما دنا مني ضربته بالسيف فسالت عيناه و لزم الأرض قتيلا و قتل زمعة بن الأسود و الحارث بن زمعة و عمير بن عثمان عم طلحة و عثمان و مالكا أخوي طلحة في جماعة و هم ستة و ثلاثون رجلا و استشهد من المسلمين و يوم بدر أربعة عشر رجلا منهم عبيدة بن الحارث و ذو الشمالين عمرو بن نضلة و مهجع مولى عمر و عمير بن أبي وقاص و صفوان بن أبي البيضاء هؤلاء من المهاجرين و الباقون من الأنصار

 63-  ل، ]الخصال[ عن عامر بن واثلة في خبر الشورى قال أمير المؤمنين ع نشدتكم بالله هل فيكم أحد بعثه رسول الله ص ليجي‏ء بالماء كما بعثني فذهبت حتى حملت القربة على ظهري و مشيت بها فاستقبلتني ريح فردتني حتى أجلستني ثم قمت فاستقبلتني ريح فردتني حتى أجلستني ثم قمت فجئت إلى رسول الله ص فقال لي ما حبسك فقصصت عليه القصة فقال قد جاءني جبرئيل فأخبرني أما الريح الأولى فجبرئيل كان في ألف من الملائكة يسلمون عليك و أما الثانية فميكائيل في ألف من الملائكة يسلمون عليك غيري قالوا اللهم لا الخبر

  -64  ج، ]الإحتجاج[ عن أبي جعفر ع في خبر الشورى قال قال أمير المؤمنين ع نشدتكم بالله هل فيكم أحد ناول رسول الله ص قبضة من تراب فرمى به في وجوه الكفار فانهزموا غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد نودي باسمه يوم بدر لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي غيري قالوا لا قال نشدتكم بالله هل فيكم أحد سلم عليه جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل في ثلاثة آلاف من الملائكة يوم بدر غيري قالوا لا

 بيان المشهور في الأخبار أن النداء بلا سيف إنما كان يوم أحد و لعله من تصحيف الرواة مع أنه يحتمل أن يكون النداء به في اليومين معا

 65-  كنز الكراجكي، عن الحسين بن محمد بن علي الصيرفي عن محمد بن عمر الجعابي عن محمد بن سليمان بن محبوب عن أحمد بن عيسى الحربي عن إسماعيل بن يحيى عن ابن جريح عن عطا عن ابن عباس قال كان النبي ص ليلة بدر قائما يصلي و يبكي و يستعبر و يخشع و يخضع كاستطعام المسكين و يقول اللهم أنجز لي ما وعدتني و يخر ساجدا و يخشع في سجوده و يكثر التضرع فأوحى الله إليه قد أنجزنا وعدك و أيدناك بابن عمك علي و مصارعهم على يديه و كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ به فعلينا فتوكل و عليه فاعتمد فأنا خير من توكلت عليه و هو أفضل من اعتمد عليه

 67-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى و الحسين بن محمد جميعا عن جعفر بن محمد عن عبادة بن يعقوب عن أحمد بن إسماعيل عن عمر بن كيسان عن أبي عبد الله الجعفي قال قال لي أبو جعفر محمد بن علي ع قال فإنما مثلنا و مثلكم مثل نبي كان في بني إسرائيل فأوحى الله عز و جل إليه أن ادع قومك للقتال فإني سأنصرك فجمعهم من رءوس الجبال و من غير ذلك ثم توجه بهم فما ضربوا بسيف و لا طعنوا برمح حتى انهزموا ثم أوحى الله تبارك و تعالى إليه أن ادع قومك إلى القتال فإني سأنصرك فجمعهم ثم توجه بهم فما ضربوا بسيف و لا طعنوا برمح حتى انهزموا ثم أوحى الله إليه أن ادع قومك إلى القتال فإني سأنصرك فدعاهم فقالوا وعدتنا النصر فما نصرنا فأوحى الله عز و جل إليه إما أن يختاروا القتال أو النار فقال يا رب القتال أحب من النار فدعاهم فأجابه منهم ثلاثمائة و ثلاثة عشر عدة أهل بدر فتوجه بهم فما ضربوا بسيف و لا طعنوا برمح حتى فتح الله عز و جل لهم

 68-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد الله ع في قول الله أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قال كان المسلمون قد أصابوا ببدر مائة و أربعين رجلا و أسروا سبعين فلما كان يوم أحد أصيب من المسلمين سبعون رجلا قال فاغتموا بذلك فأنزل الله تبارك و تعالى أَ وَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها

 69-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة عن أحدهما ع قال قلت الزبير شهد بدرا قال نعم و لكنه فر يوم الجمل فإن كان قاتل المؤمنين فقد هلك بقتاله إياهم و إن كان قاتل كفارا فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ حين ولاهم دبره

 70-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة و حمران عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع في قوله خَيْرُ الْماكِرِينَ قال إن رسول الله ص قد كان لقي من قومه بلاء شديدا حتى أتوه ذات يوم و هو ساجد حتى طرحوا عليه رحم شاة فأتته ابنته و هو ساجد لم يرفع رأسه فرفعته عنه و مسحته ثم أراه الله بعد ذلك الذي يحب أنه كان ببدر و ليس معه غير فارس واحد ثم كان معه يوم الفتح اثنا عشر ألفا حتى جعل أبو سفيان و المشركون يستغيثون

 71-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن يحيى عن أبي عبد الله ع في قوله وَ الرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ قال أبو سفيان و أصحابه

 72-  ك، ]إكمال الدين[ الطالقاني عن ابن عقدة عن علي بن فضال عن أبيه عن محمد بن الفضيل عن الثمالي عن أبي جعفر ع قال السنة فينا في الصلاة على الميت خمس تكبيرات و قد كان رسول الله يكبر على أهل بدر سبعا و تسعا

 73-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن الصدوق عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن أبي الخطاب عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر عن عبد الحميد بن أبي الديلم عن أبي عبد الله ع مثله

 و قد مضى تمامه في أبواب أحوال آدم ع

 74-  ك، ]إكمال الدين[ بإسناده عن المفضل قال قال الصادق ع كأني أنظر إلى القائم على منبر الكوفة و حوله أصحابه ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا عدة أهل بدر و هم أصحاب الألوية الخبر

 و سيأتي أخبار كثيرة في بيان هذا العدد في كتاب الغيبة و باب الرجعة

 75-  ني، ]الغيبة للنعماني[ أحمد بن هوذة عن النهاوندي عن عبد الله بن حماد عن عبد الله بن سنان عن أبي جعفر ع أنه قال أبى الله إلا أن يخلف وقت الموقتين و هي راية رسول الله ص نزل جبرئيل يوم بدر سرية ثم قال يا أبا محمد ما هي و الله قطن و لا كتان و لا خز و لا حرير قلت من أي شي‏ء قال من ورق الجنة نشرها رسول الله ص يوم بدر ثم لفها و دفعها إلى علي ع ففتح الله عليه ثم لفها و هي عندنا هناك لا ينشرها أحد حتى يقوم القائم فإذا قام نشرها فلم يبق في المشرق و المغرب أحد إلا آلفها و يسير الرعب قدامها شهرا و عن يمينها شهرا و عن يسارها شهرا الخبر

 76-  أقول روي في الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين ع

أ لم تر أن الله أبلى رسوله بلاء عزيز ذي اقتدار و ذي فضل‏بما أنزل الكفار دار مذلة و لاقوا هوانا من إسار و من قتل‏فأمسى رسول الله ص قد عز نصره و كان أمين الله أرسل بالعدل‏فجاء بفرقان من الله منزل مبينة آياته لذوي العقل‏فآمن أقوام كرام و أيقنوا و أمسوا بحمد الله مجتمعي الشمل‏و أنكر أقوام فزاغت قلوبهم فزادهم الرحمن خبلا على خبل‏و أمكن منهم يوم بدر رسوله و قوما غضابا فعلهم أحسن الفعل‏بأيديهم بيض خفاف قواطع و قد حادثوها بالجلاء و بالصقل‏فكم تركوا من ناشئ ذي حمية صريعا و من ذي نجدة منهم كهل‏و تبكي عيون النائحات عليهم تجود بإرسال الرشاش و بالوبل‏نوائح تبكي عتبة الغي و ابنه و شيبة تنعاه و تنعى أبا جهل‏و ذا الذحل تنعى و ابن جذعان فيهم مسلبة حرى مبينة الثكل

 ثوى منهم في بئر بدر عصابة ذوو نجدات في الحزون و في السهل‏دعا الغي منهم من دعا فأجابه و للغي أسباب مقطعة الوصل‏فأضحوا لدى دار الجحيم بمعزل عن البغي و العدوان في أشغل الشغل

 بيان الإبلاء الإنعام و الزيغ الميل عن استقامة و الخبل الفساد في العقل و محادثة السيف جلاؤه و الناشئ الحدث السن و الذحل الحقد و العداوة

 77-  و في الديوان أيضا قال علي ع مخاطبا للوليد

تبا و تعسا لك يا ابن عتبة أسقيك من كأس المنايا شربةو لا أبالي بعد ذلك غبه

 بيان تبا و تعسا أي ألزمك الله خسرانا و هلاكا و ضمير غبه راجع إلى السقي و غب الشي‏ء عاقبته

 78-  و منه في تلك الغزاة

و الخيل جالت يومها غضابها بمربط سربالها ترابهاوسط منايا بينها أحقابها اليوم عني ينجلي جلبابها

 بيان الضمائر راجعة إلى الحرب و المربط بالكسر الرسن و الحقب بالتحريك حبل يشد به الرحل إلى بطن البعير

 79-  و منه فيها

قد عرف الحرب العوان عني بازل عامين حديث سني‏سنحنح الليل كأني جني أستقبل الحرب بكل فن

 معي سلاحي و معي مجني و صارم يذهب كل ضغن‏أقصي به كل عدو عني لمثل هذا ولدتني أمي

 بيان العوان من الحرب التي قوتل فيها مرة و جعل أمي قافية لقرب مخرج الميم من النون و هذا مجوز عند العرب

 80-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ثم غزا ص بدر الكبرى و هو يوم الفرقان قوله تعالى كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ السورة و قوله قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ و بدر ما بين مكة و المدينة.

 و قال الشعبي و الثمالي بئر منسوبة إلى بدر الغفاري و قال الواقدي هو اسم الموضع خرج ص سابع شهر رمضان و يقال ثالثه في ثلاثمائة و سبعة عشر رجلا في عدة أصحاب طالوت منهم ثمانون راكبا أو سبعون و يقال سبعة و سبعين رجلا من المهاجرين و مائتين و ثلاثين رجلا من الأنصار و كان المقداد فارسا فقط يعتقب النفر على البعير الواحد و كان بين النبي ص و بين أبي مرثد بعير و يقال فرس و كان معهم من السلاح ستة أدرع و ثمانية سيوف قاصدا إلى أبي سفيان و عتبة بن أبي ربيعة في أربعين من قريش أو سبعين فأخبر بالنبي ص فأخذوا على الساحل و استصرخوا إلى أهل مكة على لسان ضمضم الغفاري قال ابن قتيبة خرجوا تسعمائة و خمسين و يقال ألف و مائتان و خمسون و يقال ثلاثة آلاف و معهم مائتا فرس يقودونها و القيان يضربن بالدفوف و يتغنين بهجاء المسلمين و لم يكن من قريش بطن إلا خرج منهم ناس إلا من بني زهرة و بني عدي بن كعب و أخرج فيهم طالب كرها فلم يوجد في القتلى و الأسرى.

 الكلبي و أبو جعفر و أبو عبد الله ع كان إبليس في صف المشركين آخذا بيد الحارث بن هشام ف نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ فقال له الحارث يا سراق إلى أين أ تخذلنا على هذه الحالة فقال إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ فقال و الله ما ترى إلا جعاسيس يثرب فدفع في صدر الحارث و انطلق و انهزم الناس

و قال النبي ص في العريش اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد بعد اليوم فنزل إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فخرج يقول سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ الآية فأيده الله بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ و كثرهم في أعين المشركين و قلل المشركين في أعينهم. و قال علي ع و ابن عباس في قوله مُسَوِّمِينَ كان عليهم عمائم بيض أرسلوها بين أكتافهم و قال عروة كانوا على خيل بلق عليهم عمائم صفر. الحسن و قتادة كانوا أعلموا بالصوف في نواصي الخيل و أذنابها. ابن عباس و سمع غفاري في سحابة حمحمة الخيل و قائل يقول أقدم حيزوم. البخاري قال النبي ص يوم بدر هذا جبرئيل أخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب. الثعلبي و سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس في قوله وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ أن النبي ص قال لعلي ع ناولني كفا من حصباء فناوله فرمى به في وجوه القوم فما بقي أحد إلا امتلأت عينه من الحصباء و في رواية غيره و أفواههم و مناخرهم. قال أنس رمى بثلاث حصيات في الميمنة و الميسرة و القلب. قال ابن عباس وَ لِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً يعني و هزم الكفار ليغنم النبي و الوصي عليهما السلام و كان الأسرى سبعين و يقال أربع و أربعون و لم يؤسر أحد من المسلمين و الشهداء كانوا أربعة عشر و أخذ الفداء من كل مشرك أربعين أوقية و من العباس مائة و قالوا كان أكثر من أربعة آلاف درهم فنزل عتابا في الفداء و الأسرى ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى و قد كان كتب في اللوح المحفوظ لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ و كان القتال بالسابع عشر من شهر رمضان و كان لواؤه مع مصعب بن عمير و رايته مع علي ع و يقال رايته مع علي ع و راية الأنصار مع سعد بن عبادة. بيان الجعاسيس اللئام في الخلق و الخلق الواحد جعسوس بالضم

 81-  ل، ]الخصال[ بالإسناد عن أمير المؤمنين ع في خبر اليهودي الذي سأله ع عما امتحنه الله به في حياة النبي ص و بعد وفاته قال و أما الثالثة يا أخا اليهود فإن ابني ربيعة و ابن عتبة كانوا فرسان قريش دعوا إلى البراز يوم بدر فلم يبرز لهم خلق من قريش فأنهضني رسول الله مع صاحبي رضي الله عنهما و قد فعل و أنا أحدث أصحابي سنا و أقلهم للحرب تجربة فقتل الله عز و جل بيدي وليدا و شيبة سوى من قتلت من جحاجحة قريش في ذلك اليوم و سوى من أسرت و كان مني أكثر مما كان من أصحابي و استشهد ابن عمي في ذلك اليوم رحمة الله عليه ثم التفت إلى أصحابه فقال أ ليس كذلك قالوا بلى يا أمير المؤمنين

 بيان الجحاجحة جمع الجحجاح و هو السيد الكريم

 82-  و قال الكازروني في المنتقى قال ابن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة قال جلس عمير بن وهب الجمحي مع صفوان بن أمية بعد مصاب أهل بدر و هو في الحجر و كان عمير شيطانا من شياطين قريش و كان يؤذي رسول الله ص و أصحابه بمكة و كان ابنه وهيب بن عمير في أسارى بدر فذكر أصحاب القليب و مصابهم فقال صفوان و الله ليس في العيش خير بعدهم فقال له عمير صدقت و الله أما و الله لو لا دين علي ليس له عندي قضاء و عيال أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى أقتله فإن لي قبلهم علة ابني أسير في أيديهم فقال صفوان فعلي دينك أنا أقضيه عنك و عيالك مع عيالي أواسيهم أسوتهم ما بقوا قال عمير فاكتم علي شأني و شأنك قال أفعل ثم إن عميرا أمر بسيفه فشحذ له و سم ثم انطلق حتى قدم المدينة فلما دخل على النبي ص فقال أنعموا صباحا فقال رسول الله ص قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير بالسلام تحية أهل الجنة ما جاء بك يا عمير قال جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه قال فما بال السيف في عنقك قال قبحها الله من سيوف و هل أغنت شيئا قال أصدقني بالذي جئت له قال ما جئت إلا لذلك فقال النبي ص بلى قعدت أنت و صفوان بن أمية و في الحجر فذكرتما أصحاب القليب من قريش ثم قلت لو لا دين علي و علي عيالي لخرجت حتى أقتل محمدا فتحمل لك صفوان بدينك و عيالك على أن تقتلني و الله حائل بيني و بينك فقال عمير أشهد أنك رسول الله قد كنا نكذبك و هذا أمر لم يحضره إلا أنا و صفوان فو الله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله فالحمد لله الذي هداني للإسلام و ساقني هذا المساق ثم تشهد شهادة الحق فقال رسول الله ص فقهوا أخاكم في دينه و علموه القرآن و أطلقوا له أسيره ففعلوا ثم قال يا رسول الله إني كنت جاهدا في إطفاء نور الله شديد الأذى لمن كان على دين الله و إني أحب أن تأذن لي فأقدم مكة فأدعوهم إلى الله و إلى الإسلام لعل الله أن يهديهم و إلا آذيتهم في دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم فأذن له فلحق بمكة و كان صفوان حين خرج عمير يقول لقريش أبشروا بوقعة تأتيكم الآن في أيام تنسيكم وقعة بدر و كان صفوان يسأل عنه الركبان حتى قدم راكب فأخبره بإسلامه فحلف أن لا يكلمه أبدا و لا ينفعه بنفع أبدا فلما قدم مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام و يؤذي من خالفه فأسلم على يديه ناس كثيرة

 و روى بإسناده عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال إني لواقف يوم بدر في الصف فنظرت عن يميني و عن شمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثه أسنانهما تمنيت لو كنت بين أضلع أقوى منهما فغمزني أحدهما فقال يا عم هل تعرف أبا جهل فقلت نعم و ما حاجتك إليه يا ابن أخي قال بلغني أنه سب رسول الله ص و الذي نفسي بيده لو رأيته لم يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا قال فغمزني الآخر فقال لي مثلها فتعجبت لذلك فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يجول في الناس فقلت لهما أ لا تريان هذا صاحبكما الذي تسألان عنه فابتدراه بسيفيهما فاستقبلهما فضرباه حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله ص فأخبراه فقال أيكما قتله فقال كل واحد منهما أنا قتلته قال هل مسحتما سيفكما قالا لا فنظر رسول الله ص في السيفين فقال كلاكما قتله و قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو و هما معاذ بن عمرو و معاذ بن عفراء

 و في رواية أن معاذ بن عفراء ضرب أبا جهل هو و أخوه عوف بن الحارث حتى أثبتاه فعطف عليهما فقتلهما ثم وقع صريعا فدفف عليه ابن مسعود

 83-  أقول قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، قال الواقدي بلغ رسول الله أن عير قريش فصلت من مكة تريد الشام و قد جمعت قريش فيها أموالها فندب لها أصحابه و خرج يعترضها على رأس ستة عشر شهرا من مهاجره فخرج في خمسين و مائة و يقال في مائتين و لم يلق العير و فاتته ذاهبة إلى الشام و هذه غزاة ذي العشيرة رجع منها إلى المدينة و لم يلق حربا فلما تحين انصراف العير من الشام قافلة ندب أصحابه لها و بعث طلحة بن عبيد الله و سعيد بن زيد قبل خروجه من المدينة بعشر ليال يتجسسان خبر العير و ندب رسول الله المسلمين و قال هذه عير قريش فيها أموالهم لعل الله أن يغنمكموها فأسرع من أسرع حتى أن كان الرجل ليساهم أباه في الخروج فكان ممن ساهم أباه سعد بن خيثمة فخرج سهم سعد فقتل ببدر و أبطأ عن النبي ص كثير من أصحابه و كرهوا خروجه و كان في ذلك كلام كثير و اختلاف و تخلف بعضهم من أهل النيات و البصائر لم يظنوا أنه يكون قتال إنما هو الخروج للغنيمة و لو ظنوا أنه يكون قتال لما تخلفوا منهم أسيد بن حضير و خرج رسول الله ص حتى انتهى إلى المكان المعروف بالبقع و هي بيوت السقيا و هي متصلة ببيوت المدينة فضرب عسكره هناك و عرض المقاتلة دعا يومئذ لأهل المدينة فقال اللهم إن إبراهيم عبدك و خليلك و نبيك دعاك لأهل مكة و إني محمد عبدك و نبيك أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في صاعهم و مدهم و ثمارهم اللهم حبب إلينا المدينة و اجعل ما بها من الوباء بخم اللهم إني حرمت ما بين لابتيها كما حرم إبراهيم خليلك مكة فراح ص من السقيا لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر رمضان و خرج المسلمون معه فكانت الإبل سبعين بعيرا و كانوا يتعاقبون الإبل الاثنين و الثلاثة و الأربعة فكان رسول الله ص و علي بن أبي طالب ع و مرثد بن أبي مرثد و يقال زيد بن حارثة مكان مرثد يتعاقبون بعيرا. قال الواقدي فروى معاذ بن رفاعة عن أبيه قال خرجت مع النبي ص إلى بدر و كان كل ثلاثة يتعاقبون بعيرا فكنت أنا و أخي خلاد بن أبي رافع على بكر لنا و معنا يزيد بن عامر فكنا نتعاقب فسرنا حتى إذا كنا بالروحاء برك علينا بكرنا و أعيا فقال أخي اللهم إن لك علي نذرا لئن رددتنا إلى المدينة لأنحرنه فمر بنا النبي ص و نحن على تلك الحال فقلنا يا رسول الله برك علينا بكرنا فدعا بماء فتمضمض و توضأ في إناء ثم قال افتحا فاه فصبه في فيه ثم على رأسه ثم على عنقه ثم على حاركه ثم على سنامه ثم على عجزه ثم على ذنبه ثم قال اركبا و مضى رسول الله ص فلحقناه أسفل من المنصرف و إن بكرنا لينفر بنا حتى إذا كنا بالمصلى راجعين من بدر برك علينا فنحره أخي فقسم لحمه و تصدق به.

  قال الواقدي و قال رسول الله ص حين فصل من بيوت السقيا اللهم إنهم حفاة فاحملهم و عراة فاكسهم و جياع فأشبعهم و عالة فأغنهم من فضلك فما رجع أحد منهم يريد أن يركب إلا وجد ظهرا للرجل البعير و البعيران و اكتسى من كان عاريا و أصابوا طعاما من أزوادهم و أصابوا فداء الأسرى فأغني به كل عائل. قال و كان معهم فرسان فرس لمرثد و فرس للمقداد بن عمرو حليف بني زهرة و يقال فرس للزبير. قال الواقدي و لحقت قريش بالشام في عيرها و كانت العير ألف بعير و كان فيها أموال عظام و لم يبق بمكة قرشي و لا قرشية له مثقال فصاعدا إلا بعث به في العير فلما أخبر أبو سفيان أن النبي ص يريد أن يتعرض للعير بعث ضمضم بن عمرو إلى مكة ثم ذكر رؤيا عاتكة ثم قال قال الواقدي و كان عمرو بن العاص يحدث بعد ذلك فيقول لقد رأيت كل هذا و لقد رأيت في دارنا فلقة من الصخرة التي انفلقت من أبي قبيس و لقد كان ذلك عبرة. قال الواقدي و لما تهيئوا للخروج و أخرج عتبة و شيبة دروعا لهما فنظر إليهما مولاهما عداس و هما يصلحان دروعهما و آلة حربهما فقال ما تريدان فقالا أ لم تر إلى الرجل الذي أرسلناك إليه بالعنب في كرمنا بالطائف قال نعم قالا نخرج فتقاتله فبكى و قال لا تخرجا فو الله إنه لنبي فأبيا فخرجا و خرج معهما فقتل ببدر معهما. قال و استقسمت قريش بالأزلام عند هبل للخروج فاستقسم أمية بن خلف و عتبة و شيبة بالآمر و الناهي فخرج القدح الناهي فأجمعوا المقام حتى أزعجهم أبو جهل فقال ما استقسمت و لا نتخلف عن عيرنا. و روي عن حكيم بن حزام قال ما توجهت وجها قط كان أكره إلي من مسيري إلى بدر و لا بان لي في وجه قط ما بان لي قبل أن أخرج قال قدم ضمضم فصاح بالنفير فاستقسمت بالأزلام كل ذلك يخرج الذي أكره ثم خرجت على ذلك حتى نزلنا مر الظهران فنحر ابن الحنظلية جزورا منها بها حياة فما بقي خبأ من أخبية العسكر إلا أصابه من دمها فكان هذا بينا ثم هممت بالرجوع ثم أذكر ابن الحنظلية و شومه فيردني حتى مضيت لوجهي و لقد رأيت حين بلغنا الثنية البيضاء إذا عداس جالس عليها و الناس يمرون إذ مر علينا ابنا ربيعة فوثب عليهما و أخذ بأرجلهما في غرزهما و هو يقول بأبي أنتما و أمي إنه لرسول الله و ما تساقان إلا إلى مصارعكما و إن عينيه لتسيلان دمعا على خديه فأردت أن أرجع أيضا ثم مضيت فمر به العاص بن منبه بن الحجاج فوقف عليه حين ولى عتبة و شيبة فقال ما يبكيك قال يبكيني سيداي و سيدا أهل الوادي يخرجان إلى مصارعهما و يقاتلان رسول الله فقال العاص و إن محمدا لرسول الله ص فانتفض عداس انتفاضة و اقشعر جلده ثم بكى و قال إي و الله إنه رسول الله إلى الناس كافة قال فأسلم العاص بن منبه و مضى و هو على الشك حتى قتل مع المشركين على شك و ارتياب و يقال رجع عداس و لم يشهد بدرا و يقال شهد بدرا و قتل قال الواقدي و القول الأول أثبت عندنا. قال فلما أجمعوا على المسير ذكروا الذي بينهم و بين بني بكر من العداوة و خافوهم على من يخلفونه فتصور لهم إبليس في صورة سراقة فقال يا معشر قريش قد عرفتم شرفي و مكاني في قومي أنا لكم جار إن يأتيكم كنانة بشي‏ء تكرهونه فخرجوا سراعا بالقيان و الدفوف يتغنين في كل منهل و ينحرون الجزر و خرجوا

  بتسعمائة و خمسين مقاتلا و قادوا مائة فرس بَطَراً وَ رِئاءَ النَّاسِ و كانت الإبل سبعمائة بعير و كان أهل الخيل كلهم دارعا و كانوا مائة و كان في الرجالة دروع سوى ذلك فلما انتهوا إلى الجحفة رأى جهيم بن الصلت بين النوم و اليقظة رجل أقبل على فرس معه بعير له حتى وقف عليه فقال قتل عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة و زمعة بن الأسود و أمية بن خلف و أبو البختري و أبو الحكم و نوفل بن خويلد في رجال سماهم من أشراف قريش و أسر سهيل بن عمرو و فر الحارث بن هشام عن أخيه قال و كأن قائلا يقول و الله إني لأظنهم الذين يخرجون إلى مصارعهم قال ثم أراه ضرب في لبة بعيره فأرسله في العسكر فقال أبو جهل و هذا نبي آخر من بني عبد مناف ستعلم غدا من المقتول نحن أو محمد و أصحابه. قال فلما أفلت أبو سفيان بالعير أرسل يأمرهم بالرجوع فأبوا و ردوا القيان و أما رسول الله ص فكان صبيحة أربع عشرة من شهر رمضان بعرق الظبية فجاء أعرابي قد أقبل من تهامة فقال له أصحاب النبي ص هل لك علم بأبي سفيان قال ما لي بأبي سفيان علم قالوا تعال فسلم على رسول الله ص قال أ و فيكم رسول الله قالوا نعم قال فأيكم رسول الله قالوا هذا فقال أنت رسول الله قال نعم قال فما في بطن ناقتي هذه إن كنت صادقا فقال سلمة بن سلامة بن وقش نكحتها فهي حبلى منك فكره رسول الله ص مقالته و أعرض عنه. قال الواقدي و سار رسول الله ص حتى أتى الروحاء ليلة الأربعاء للنصف من شهر رمضان فقال لأصحابه هذا أفضل أودية العرب و صلى فلما رفع رأسه من الركعة الأخيرة من وتره لعن الكفرة و دعا عليهم فقال اللهم لا تفلتن أبا جهل بن هشام فرعون هذه الأمة اللهم لا تفلتن زمعة بن الأسود اللهم أسخن عين أبي زمعة اللهم أعم بصر أبي زمعة اللهم لا تفلتن سهيل بن عمر ثم دعا لقوم من قريش فقال اللهم أنج سلمة بن هشام و عياش بن أبي ربيعة و المستضعفين من المؤمنين قال و نزل رسول الله ص وادي بدر عشاء ليلة الجمعة لسبع عشرة مضت من شهر رمضان فبعث عليا ع و الزبير و سعد بن أبي وقاص و بسبس بن عمرو يتجسسون على الماء فوجدوا روايا قريش فيها سقاؤهم فأسروهم و أفلت بعضهم و أتي بهم النبي ص و هو قائم يصلي فسألهم المسلمون فقالوا نحن سقاء قريش بعثونا نسقيهم من الماء فضربوهم فلما أن لقوهم بالضرب قالوا نحن لأبي سفيان و نحن في العير و هذا العير بهذا الفوز فكانوا إذا قالوا ذلك يمسكون عن ضربهم فسلم رسول الله ص من صلاته ثم قال إن صدقوكم ضربتموهم و إن كذبوكم تركتموهم فلما أصبحوا عدل رسول الله ص الصفوف و خطب المسلمين فحمد الله و أثنى عليه

 ثم قال أما بعد فإني أحثكم على ما حثكم الله عليه و أنهاكم عما نهاكم الله عنه فإن الله عظيم شأنه يأمر بالحق و يحب الصدق و يعطي على الخير أهله على منازلهم عنده به يذكرون و به يتفاضلون و إنكم قد أصبحتم بمنزل من منازل الحق لا يقبل الله فيه من أحد إلا ما ابتغى به وجهه و إن الصبر في مواطن البأس مما يفرج الله به الهم و ينجي به من الغم تدركون به النجاة في الآخرة فيكم نبي الله يحذركم و يأمركم فاستحيوا اليوم أن يطلع الله على شي‏ء من أمركم يمقتكم عليه فإنه تعالى يقول لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ انظروا إلى الذي أمركم به من كتابه و أراكم من آياته و ما أعزكم به بعد الذلة فاستمسكوا به له يرض ربكم عنكم و أبلوا ربكم في هذه المواطن أمرا تستوجبوا به الذي وعدكم من رحمته و مغفرته فإن وعده حق و قوله صدق و عقابه شديد و إنما أنا و أنتم بالله الحي القيوم إليه ألجأنا ظهورنا و به اعتصمنا و عَلَيْهِ تَوَكَّلْنا وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ و يغفر الله لي و للمسلمين

قال الواقدي و لما رأى رسول الله قريشا تصوب من الوادي قال اللهم إنك أنزلت علي الكتاب و أمرتني بالقتال و وعدتني إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ و إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها و فخرها تحادك و تكذب رسولك اللهم نصرك الذي وعدتني اللهم أحنهم الغداة. أقول ثم ذكر مبارزة عتبة و شيبة و الوليد. ثم قال قال الواقدي ثم قال عتبة لابنه قم يا وليد فقام الوليد و قام إليه علي ع و كانا أصغر النفر فاختلفا ضربتين فقتله علي ع ثم قام عتبة و قام إليه حمزة فاختلفا ضربتين فقتله حمزة رضي الله عنه ثم قام شيبة و قام إليه عبيدة و هو يومئذ أسن أصحاب رسول الله فضرب شيبة رجل عبيدة بذباب السيف فأصاب عضلة ساقه فقطعها و كر حمزة و علي ع على شيبة فقتلاه و نزلت فيهم هذه الآية هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ. و روى محمد بن إسحاق أن عتبةبارز عبيدة و شيبة حمزة فقتل حمزة شيبة لم يمهله أن قتله و لم يمهل علي ع الوليد أن قتله و اختلف عبيدة و عتبة بينهما ضربتين كلاهما أثبت صاحبه و كر حمزة و علي على عتبة بأسيافهما حتى دففا عليه و احتملا صاحبهما إلى الصف. قال ابن أبي الحديد هذه الرواية توافق ما يذكره

 أمير المؤمنين ع في كلامه إذ يقول لمعاوية و عندي السيف الذي أعضضت به أخاك و خالك و جدك يوم بدر و يقول في موضع آخر قد عرفت مواضع نصالها في أخيك و خالك و جدك وَ ما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ

و اختار البلاذري رواية الواقدي و قال هذا هو المناسب لأحوالهم من طريق السن لأن شيبة أسن الثلاثة فجعل بإزاء عبيدة و هو أسن الثلاثة. قال الواقدي روى عروة عن عائشة أن النبي ص جعل شعار المهاجرين يوم بدر يا بني عبد الرحمن و شعار الخزرج يا بني عبد الله و شعار الأوس يا بني عبيد الله قال و روى زيد بن علي بن الحسين ع أن شعار رسول الله ص كان يوم بدر يا منصور أمت. قال الواقدي و نهى رسول الله ص عن قتل أبي البختري و قد مر ذكره و عن قتل الحارث بن عامر بن نوفل و كان كارها للخروج إلى بدر فلقيه خبيب بن يساف فقتله و لا يعرفه و عن قتل زمعة بن الأسود فقتله ثابت بن الجذع و لا يعرفه قال الواقدي و كان عقبة بن أبي معيط قال شعرا بعد هجرة النبي ص إلى المدينة فبلغ النبي ص ذلك فقال اللهم أكبه لمنخره و اصرعه فجمح به فرسه يوم بدر فأخذه عبد الله بن سلمة أسيرا فأمرالنبي ص عاصم بن الأفلح فضرب عنقه صبرا قال و كان عبد الرحمن بن عوف يحدث و يقول إني لأجمع أدراعا يوم بدر بعد أن ولى الناس فإذا أمية بن خلف و كان لي صديقا في الجاهلية و معه ابنه علي فناداني مرتين فأجبته فقال نحن خير لك من أدراعك هذه فقلت امضيا فجعلت أسوقهما أمامي و قد رأى أمية أنه قد أمن بعض الأمن إذ بصر به بلال فنادى يا معشر الأنصار أمية بن خلف رأس الكفر لا نجوت إن نجوت قال لأنه كان يعذبه بمكة فأقبلت الأنصار كأنهم عوذ حنت إلى أولادها حتى طرحوا أمية على ظهره فحميته فلم ينفع فأقبل إليه خبيب بن يساف فضربه حتى قتله و قد كان أمية ضرب خبيبا حتى قطع يده من المنكب فأعادها النبي ص فالتحمت و استوت و أقبل علي بن أمية فعرض له الخباب بن المنذر فقطع رجله فصاح صيحة ما سمع مثلها قط و لقيه عمار فضربه ضربة فقتله و روي في قتل أمية وجوه أخر قال و كان الزبير بن عوام يقول لقيت يومئذ عبيدة بن سعيد بن العاص على فرس عليه لأمة كاملة لا يرى منه إلا عيناه فطعنت في عينه فوقع فوطئت برجلي على خده حتى أخرجت العنزة مع حدقته و أخذ رسول الله ص تلك العنزة فكانت تحمل بين يديه قال و أقبل عاصم بن أبي عوف السهمي لما جال الناس و اختلطوا كأنه ذئب و هو يقول يا معشر قريش عليكم بالقاطع مفرق الجماعة الآتي بما لا يعرف محمد لا نجوت إن نجا فاعترضه أبو دجانة فقتله فأقبل معبد بن وهب فضرب أبا دجانة ضربة برك منها أبو دجانة ثم انتهض و أقبل على معبد فضربه ضربات لم يصنع سيفه شيئا حتى وقع معبد لحفرة أمامه لا يراها و نزل عليه أبو دجانة فذبحه ذبحا و أخذ سلبه. قال الواقدي و لما رأت بنو مخزوم مقتل من قتل قالوا أبو الحكم لا يخلص إليه فاجتمعوا و أحدقوا به و أجمعوا أن يلبسوا لأمة أبي جهل رجلا منهم فألبسوها عبد الله بن المنذر فصمد له علي ع فقتله و مضى عنه و هو يقول أنا ابن عبد المطلب. ثم ألبسوها أبا قيس بن الفاكه فصمد له حمزة و هو يراه أبا جهل فضربه فقتله و هو يقول خذها و أنا ابن عبد المطلب ثم ألبسوها حرملة بن عمرو فصمد له علي ع فقتله ثم أرادوا أن يلبسوها خالد بن الأعلم فأبى قال معاذ بن عمرو بن الجموح فنظرت يومئذ إلى أبي جهل في مثل الحرجة و هم يقولون أبو الحكم لا يخلص إليه فعرفت أنه هو فقلت و الله لأموتن دونه اليوم أو لأخلصن إليه فصمدت له حتى إذا أمكنتني منه غرة حملت عليه فضربته ضربة طرحت رجله من الساق فشبهتها النواة تنزو من تحت المراضح فأقبل ابنه عكرمة علي فضربني على عاتقي فطرح يدي من العاتق إلا أنه بقيت جلدة فذهبت أسحب يدي بتلك الجلدة خلفي فلما آذتني وضعت عليها رجلي ثم تمطيت عليها فقطعتها ثم لاقيت عكرمة و هو يلوذ كل ملاذ فلو كانت يدي معي لرجوت يومئذ أن أصيبه و مات معاذ في زمن عثمان فروي أن رسول الله ص نفل معاذ بن عمرو سيف أبي جهل و أنه عند آل معاذ اليوم و به فل و قيل قتل أبا جهل ابنا الحارث قال و فرح رسول الله ص بقتل أبي جهل و قال اللهم إنك قد أنجزت ما وعدتني فتمم علي نعمتك.

  قال الواقدي و حدثني معمر عن الزهري قال قال رسول الله ص يوم بدر اللهم اكفني نوفل بن العدوية و هو نوفل بن خويلد من بني أسد و أقبل نوفل يومئذ يصيح و هو مرعوب قد رأى قتل أصحابه و كان في أول ما التقى هم و المسلمون يصيح بصوت له زجل رافعا عقيرته يا معشر قريش إن هذا اليوم العلا و الرفعة فلما رأى قريشا قد انكشفت جعل يصيح بالأنصار ما حاجتكم إلى دمائنا أ ما ترون من تقتلون أ ما لكم في اللبن من حاجة فأسره جبار بن صخر فهو يسوقه أمامه فجعل نوفل يقول لجبار و رأى عليا ع مقبلا نحوه يا أخا الأنصار من هذا و اللات و العزى إني لأرى رجلا إنه ليريدني قال جبار هذا علي بن أبي طالب قال نوفل تالله ما رأيت كاليوم رجلا أسرع في قومه فصمد له علي ع فضربه فنشب سيفه في جحفته ساعة ثم نزعه فضرب به ساقيه و درعه مشمرة فقطعهما ثم أجهز عليه فقتله فقال رسول الله ص من له علم بنوفل بن خويلد قال علي ع أنا قتلته فكبر رسول الله ص و قال الحمد لله الذي أجاب دعوتي فيه. قال الواقدي و أقبل العاص بن سعيد بن العاص يبحث للقتال فالتقى هو و علي فقتله علي ع قال الواقدي و كان علي ع يحدث فيقول إني يومئذ بعد ما متع النهار و نحن و المشركون قد اختلطت صفوفنا و صفوفهم خرجت في أثر رجل منهم فإذا رجل من المشركين على كثيب رمل و سعد بن خيثمة و هما يقتتلان حتى قتل المشرك سعدا و المشرك مقنع في الحديد و كان فارسا فاقتحم عن فرسه فعرفني و هو معلم فناداني هلم يا ابن أبي طالب إلى البراز فعطفت عليه فانحط إلي مقبلا و كنت رجلا قصيرا فانحططت راجعا لكي ينزل إلي كرهت أن يعلوني فقال يا ابن أبي طالب فررت فقلت قريب مفر ابن الشتراء فلما استقرت قدماي و ثبت أقبل فلما دنا مني ضربني فاتقيت بالدرقة فوقع سيفه فلحج فضربته على عاتقه و هي ذارع فارتعش و لقد قط سيفي درعه فظننت أن سيفي سيقتله فإذا بريق سيف من ورائي فطأطأت رأسي و وقع السيف فأطن قحف رأسه بالبيضة و هو يقول خذها و أنا ابن عبد المطلب فالتفت فإذا هو حمزة عمي و المقتول طعيمة بن عدي. قال في رواية محمد بن إسحاق إن طعيمة قتله علي بن أبي طالب ع و قيل قتله حمزة. و روى محمد بن إسحاق قال و خرج النبي ص من العريش إلى الناس فينظر القتال فحرض المسلمين و قال كل امرئ بما أصاب و قال و الذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم في حمله فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة فقال عمر بن حمام الجويني و في يده تمرات يأكلهن بخ بخ أ فما بيني و بين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ثم قذف التمرات من يده و أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل. قال محمد بن إسحاق و حدثني عاصم بن عمرو بن قتادة أن عوف بن الحارث و هو ابن عفراء قال لرسول الله ص يوم بدر يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده قال غمسه يده في العدو حاسرا فنزع عوف درعا كانت عليه و قذفها ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل.

  قال الواقدي و ابن إسحاق و أخذ رسول الله ص كفا من البطحاء فرماهم بها و قال شاهت الوجوه اللهم أرعب قلوبهم و زلزل أقدامهم فانهزم المشركون لا يلوون على شي‏ء و المسلمون يتبعونهم يقتلون و يأسرون. قال الواقدي و حدثني عمر بن عثمان عن عكاشة بن محصن قال انقطع سيفي يوم بدر فأعطاني رسول الله ص عودا فإذا هو سيف أبيض طويل فقاتلت به حتى هزم الله المشركين و لم يزل ذلك السيف عند عكاشة حتى هلك. قال و قد روى رجال من بني عبد الأشهل عدة قالوا انكسر سيف سلمة بن أسهل بن جريش يوم بدر فبقي أعزل لا سلاح معه فأعطاه رسول الله ص قضيبا كان في يده من عراجين ابن طاب فقال اضرب به فإذا سيف جيد فلم يزل عنده حتى قتل يوم جسر أبي عبيد. قال الواقدي و أصاب حارثة بن سراقة و هو يكرع في الحوض سهم من المشركين فوقع في نحره فمات فلقد شرب القوم آخر النهار من دمه و بلغ أمه و أخته و هما بالمدينة مقتله فقالت أمه و الله لا أبكي عليه حتى يقدم رسول الله ص فأسأله فإن كان في الجنة لم أبك عليه و إن كان في النار بكيته لعمر و الله فأعولته فلما قدم رسول الله ص من بدر جاءت أمه إليه فقالت يا رسول الله ص قد عرفت موضع حارثة من قلبي فأردت أن أبكي عليه ثم قلت لا أفعل حتى أسأل رسول الله ص عنه فإن كان في الجنة لم أبكه و إن كان في النار بكيته فأعولته فقال النبي ص هبلت أ جنة واحدة إنها جنان كثيرة و الذي نفسي بيده إنه لفي الفردوس الأعلى قالت لا أبكي عليه أبدا قال و دعا رسول الله ص حينئذ بماء في إناء فغمس يده فيه و مضمض فاه ثم ناول أم حارثة بن سراقة فشربت ثم ناولت ابنتها فشربت ثم أمرهما فنضحتا في جيوبهما ثم رجعتا من عند النبي ص و ما بالمدينة امرأتان أقر عينا منهما و لا أسر. قال الواقدي فلما رجعت قريش إلى مكة قام فيهم أبو سفيان بن حرب فقال يا معشر قريش لا تبكوا على قتلاكم و لا تنح عليهم نائحة و لا يندبهم شاعر و أظهروا الجلد و العزاء فإنكم إذا نحتم عليهم نائحة و بكيتموهم بالشعر أذهب ذلك غيظكم فأكلكم عن عداوة محمد و أصحابه مع أن محمدا و أصحابه إن بلغهم ذلك شمتوا بكم فتكون أعظم المصيبتين و لعلكم تدركون ثاركم فالدهن و النساء علي حرام حتى أغزو محمدا فمكث قريش شهرا لا يبكيهم شاعر و لا تنوح عليهم نائحة و مشت نساء من قريش إلى هند بنت عتبة فقلن أ لا تبكين على أبيك و أخيك و عمك و أهل بيتك فقالت حلاقي أنا أبكيهم فيبلغ محمدا و أصحابه فيشمتوا بنا و نساء بني الخزرج لا و الله حتى أثار محمدا و أصحابه و الدهن علي حرام إن دخل رأسي حتى نغزو محمدا و الله لو أعلم أن الحزن يذهب من قلبي لبكيت و لكن لا يذهبه إلا أن أرى ثاري بعيني من قتلة الأحبة فمكثت على حالها لا تقرب الدهن و لا قربت فراش

  أبي سفيان من يوم حلفت حتى كانت وقعة أحد. و روى الواقدي بإسناده عن ابن عباس قال لما تواقف الناس أغمي على رسول الله ص ساعة ثم كشف عنه فبشر المؤمنين بجبرئيل في جند من الملائكة في ميمنة الناس و ميكائيل في جند آخر في ميسرة الناس و إسرافيل في جند آخر خلف الناس و كان إبليس قد تصور للمشركين في صورة سراقة بن جعشم يذمر المشركين و يخبرهم أنه لا غالب لكم من الناس فلما أبصر عدو الله الملائكة نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ فتشبث به الحارث بن هشام و هو يرى أنه سراقة لما سمع من كلامه فضرب صدر الحارث فسقط الحارث و انطلق إبليس لا يرى حتى وقع في البحر و رفع يديه قائلا يا رب موعدك الذي وعدتني و أقبل أبو جهل على أصحابه يحضهم على القتال و قال لا يغرنكم خذلان سراقة إياكم فإنما كان على ميعاد من محمد و أصحابه سيعلم إذا رجعنا إلى قديد ما نصنع بقومه و لا يحولنكم مقتل عتبة و شيبة و الوليد فإنهم عجلوا و بطروا حين قاتلوا و ايم الله لا نرجع اليوم حتى نقرن محمدا و أصحابه في الحبال فلا ألفين أحدا منكم قتل أحدا منهم و لكن خذوهم أخذا نعرفهم بالذي صنعوا لمفارقتهم دينكم و رغبتهم عما كان يعبد آباؤهم. قال الواقدي و حدثني عتبة بن يحيى عن معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه قال إن كنا لنسمع لإبليس يومئذ خوارا و دعاء بالثبور و التصور في صورة سراقة بن جعشم حتى هرب فاقتحم البحر و رفع يديه مادا لهما يقول يا رب ما وعدتني و لقد كانت قريش بعد ذلك تعير سراقة بما صنع يومئذ فيقول و الله ما صنعت شيئا فروي عن عمارة الليثي قال حدثني شيخ صياد من الحي كان يومئذ على ساحل البحر قال سمعت صياحا يا ويلاه يا ويلاه قد ملأ الوادي يا حرباه يا حرباه فنظرت فإذا سراقة بن جعشم فدنوت منه فقلت ما لك فداك أبي و أمي فلم يرجع إلي شيئا ثم أراه اقتحم البحر و رفع يديه مادا يقول يا رب ما وعدتني فقلت في نفسي جن و بيت الله سراقة و ذلك حين زاغت الشمس و ذاك عند انهزامهم يوم بدر. قال الواقدي قالوا كان سيماء الملائكة عمائم قد أرخوها بين أكتافهم خضرا و صفرا و حمرا من نور و الصوف في نواصي خيلهم.

 و عن محمود بن لبيد قال قال رسول الله ص يوم بدر إن الملائكة قد سومت فسوموا فأعلم المسلمون بالصوف في مغافرهم و قلانسهم

قال الواقدي فروي عن سهل بن عمرو قال لقد رأيت يوم بدر رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء و الأرض معلمين يقتلون و يأسرون. و حدثني عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه عن جده عبيد عن أبي رهم الغفاري عن ابن عم له قال بينا أنا و ابن عم لي على ماء بدر فلما رأينا قلة من مع محمد و كثرة قريش قلنا إذا التقت الفئتان عمدنا إلى عسكر محمد و أصحابه فانتهبناه فانطلقنا نحو المجنبة اليسرى من أصحاب محمد و نحن نقول هؤلاء ربع قريش فبينا نحن نمشي في الميسرة إذ جاءت سحابة فغشيتنا فرفعنا أبصارنا لها و سمعنا أصوات الرجال و السلاح و سمعنا قائلا يقول لفرسه أقدم حيزوم و سمعناهم يقولون رويدا تتام أخراكم فنزلوا على ميمنة رسول الله ص ثم جاءت أخرى مثل تلك فكانت مع النبي ص فنظرنا إلى أصحاب محمد و إذا هم على الضعف من قريش فمات ابن عمي و أما أنا فتماسكت و أخبرت النبي ص بذلك و أسلمت. و عن حمزة بن صهيب عن أبيه قال ما أدري كم يد مقطوعة و ضربة جائفة لم يدم كلمها يوم بدر قد رأيتها قال و روى أبو بردة قال جئت يوم بدر بثلاثة أرؤس فوضعتها بين يدي رسول الله فقلت يا رسول الله أما اثنان فقتلتهما و أما الثالث فإني رأيت رجلا طويلا أبيض ضربه فتدهدى أمامه فأخذت رأسه فقال رسول الله ص ذاك فلان من الملائكة. قال الواقدي و كان ابن عباس يقول لم يقاتل الملائكة إلا يوم بدر و قال كان الملك يتصور في صورة من يعرفه المسلمون من الناس ليثبتهم فيقول إني قد دنوت من المشركين فسمعتهم يقولون لو حملوا علينا ما ثبتنا لهم و ليسوا بشي‏ء فاحملوا عليهم و ذلك قول الله تعالى إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا الآية. و روي أن السائب بن أبي جيش الأسدي كان يحدث فيقول و الله ما أسرني يوم بدر أحد من الناس و لما انهزمت قريش انهزمت معها فأدركني رجل أبيض طويل على فرس أبلق بين السماء و الأرض فأوثقني رباطا و جاء عبد الرحمن بن عوف فوجدني مربوطا و كان عبد الرحمن ينادي في العسكر من أسر هذا فليس أحد يزعم أنه أسرني حتى انتهى بي إلى رسول الله ص فقال لي رسول الله ص يا ابن أبي جيش من أسرك قلت لا أعرفه و كرهت أن أخبره بالذي رأيت فقال رسول الله ص أسره ملك من الملائكة كريم اذهب يا ابن عوف بأسيرك فذهب بي عبد الرحمن. و عن حكيم بن حزام قال التقينا فاقتتلنا فسمعت صوتا وقع من السماء إلى الأرض مثل وقع الحصاة في الطست و قبض النبي ص القبضة فرمى بها فانهزمنا و قال نوفل بن معاوية انهزمنا يوم بدر و نحن نسمع كوقع الحصى في الطساس بين أيدينا و من خلفنا فكان ذلك أشد الرعب علينا. و روى الواقدي عن سعيد بن المسيب قال أمن رسول الله ص من الأسرى يوم بدر أبا غرة عمرو بن عبد الله الجمحي و كان شاعرا فأعتقه رسول الله ص قال له إن لي خمس بنات ليس لهن شي‏ء فتصدق بي عليهن يا محمد ففعل رسول الله ص ذلك و قال أبو غرة أعطيت موثقا أن لا أقاتلك و لا أكثر عليك أبدا فأرسله رسول الله ص فلما خرجت قريش إلى أحد جاء صفوان بن أمية فقال اخرج معنا قال إني قد أعطيت محمدا موثقا أن لا أقاتله و لا أكثر عليه أبدا و قد من علي و لم يمن على غيري حتى أقتله أو أخذ منه الفداء فضمن له صفوان أن يجعل بناته مع بناته إن قتل و إن عاش أعطاه مالا كثيرا لا يأكله عياله فخرج أبو غرة يدعو العرب و يحشرها ثم خرج مع قريش يوم أحد فأسر و لم يؤسر غيره من قريش فقال يا محمد إنما خرجت كرها و لي بنات فامنن علي فقال رسول الله ص أين ما أعطيتني من العهد و الميثاق لا و الله لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت بمحمد مرتين فقتله

 فقال ص يومئذ إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين

قال الواقدي و أمر رسول الله ص يوم بدر بالقليب أن تعور ثم أمر بالقتلى فطرحوا فيها كلهم إلا أمية بن خلف فإنه كان مسمنا انتفخ من يومه فلما أرادوا أن يلقوه تزايل لحمه فقال النبي ص اتركوه فأقروه و ألقوا عليه من التراب و الحجارة ما غيبه ثم وقف على أهل القليب فناداهم رجلا رجلا هل وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا بئس القوم كنتم لنبيكم كذبتموني و صدقني الناس و أخرجتموني و آواني الناس و قاتلتموني و نصرني الناس فقالوا يا رسول الله ص أ تنادي قوما قد ماتوا فقال لقد علموا أن ما وعدهم ربهم حق و في رواية أخرى فقال ص ما أنتم بأسمع لما أقول منهم و لكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني. قال الواقدي و كان انهزام قريش حين زالت الشمس فأقام رسول الله ص ببدر و أمر عبد الله بن كعب بقبض الغنائم و حملها و أمر نفرا من أصحابه أن يعينوه فصلى العصر ببدر ثم راح فمر بالأثيل قبل غروب الشمس فنزل به و بات و بأصحابه جراح و ليست بالكثيرة و أمر ذكوان بن عبد قيس أن يحرس المسلمين حتى كان آخر الليل فارتحل. و روي أنه ص صلى العصر بالأثيل فلما صلى ركعة تبسم فلما سلم سئل عن تبسمه فقال مر بي ميكائيل و على جناحه النقع فتبسم إلي و قال إنني كنت في طلب القوم و أتاني جبرئيل على فرس أنثى معقود الناصية قد عصم ثنيته الغبار فقال يا محمد إن ربي بعثني إليك و أمرني أن لا أفارقك حتى ترضى فهل رضيت فقلت نعم. قال الواقدي و أقبل رسول الله بالأسرى حتى إذا كان بعرق الظبية أمر عاصم بن ثابت بن أبي الأفلح أن يضرب عنق عقبة بن أبي معيط و كان أسره عبد الله بن سلمة فجعل عقبة يقول يا ويلي علام أقتل يا معشر قريش من بين من هاهنا قال رسول الله ص لعداوتك لله و لرسوله فقال يا محمد منك أفضل فاجعلني كرجل من قومي إن قتلتهم قتلتني و إن مننت عليهم مننت علي و إن أخذت منهم الفداء كنت كأحدهم يا محمد من للصبية فقال النار قدمه يا عاصم فاضرب عنقه فقدمه عاصم فضرب عنقه فقال النبي ص بئس الرجل كنت و الله ما علمت كافرا بالله و برسوله و بكتابه مؤذيا لنبيه فأحمد الله الذي قتلك و أقر عيني منك. و قال الواقدي و قدم رسول الله ص من الأثيل زيد بن حارثة و عبد الله بن رواحة يبشران الناس بالمدينة فقدم رسول الله ص بالأسرى و عليهم شقران

  و هم تسعة و أربعون رجلا الذين أحصوا و هم سبعون في الأصل مجمع عليه لا شك فيه إلا أنه لم يحص سائرهم و لقي الناس رسول الله ص بالروحاء يهنئونه بفتح الله عليه. و قال محمد بن إسحاق كان أبو العاص بن الربيع ختن رسول الله ص زوج ابنته زينب و كان أبو العاص من رجال مكة المعدودين مالا و أمانة و تجارة و كانت خديجة خالته فسألت رسول الله ص أن يزوجه زينب و كان ص لا يخالف خديجة و ذلك قبل أن ينزل عليه الوحي فزوجه إياها فكان أبو العاص من خديجة بمنزلة ولدها فلما أكرم الله رسوله بنبوته آمنت به خديجة و بناته كلهن و صدقنه و شهدن أن ما جاء به حق و دن بدينه و ثبت أبو العاص على شركه و كان رسول الله ص قد زوج عتبة بن أبي لهب إحدى ابنتيه رقية أو أم كلثوم و ذلك قبل أن ينزل عليه فلما أنزل عليه الوحي و بارى قومه بأمر الله باعدوه فقال بعضهم لبعض إنكم قد فرغتم محمدا من همه أخذتم عنه بناته و أخرجتموهن من عياله فردوا عليه بناته فأشغلوه بهن فمشوا إلى أبي العاص فقالوا فارق صاحبتك بنت محمد ص و نحن ننكحك أي امرأة شئت من قريش فقال لاها الله إذن لا أفارق صاحبتي و ما أحب أن لي بها امرأة من قريش فكان رسول الله ص إذا ذكره يثني عليه خيرا في صهره ثم مشوا إلى الفاسق عتبة بن أبي لهب فقالوا له طلق بنت محمد و نحن ننكحك أي امرأة شئت من قريش فقال إن أنتم زوجتموني ابنة أبان بن سعيد بن العاص أو ابنة سعيد بن العاص فارقتها فزوجوه ابنة سعيد بن العاص ففارقها و لم يكن دخل بها فأخرجها الله من يده كرامة لها و هوانا له ثم خلف عليها عثمان بن عفان بعده و كان رسول الله ص مغلوبا على أمره بمكة لا يحل و لا يحرم و كان الإسلام فرق بين زينب و أبي العاص إلا أن رسول الله ص كان لا يقدر و هو بمكة أن يفرق بينهما فأقامت معه على إسلامها و هو على شركه حتى هاجر رسول الله ص إلى المدينة و بقيت زينب بمكة مع أبي العاص فلما سارت قريش إلى بدر سار أبو العاص معهم فأصيب في الأسرى يوم بدر فأتي به النبي ص فكان عنده مع الأسارى فلما بعث أهل مكة في فداء أساراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بغلها بمال و كان فيما بعثت به قلادة كانت خديجة أمها أدخلتها بها على أبي العاص ليلة زفافها عليه فلما رآها رسول الله ص رق لها شديدة و قال للمسلمين إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها و تردوا عليها ما بعثت به من الفداء فافعلوا فقالوا نعم يا رسول الله نفديك بأنفسنا و أموالنا فردوا عليها ما بعثت به و أطلقوا لها أبا العاص بغير فداء. قال ابن أبي الحديد قرأت على النقيب أبي جعفر يحيى بن أبي زيد البصري العلوي هذا الخبر فقال أ ترى أبا بكر و عمر لم يشهدا هذا المشهد أ ما كان يقتضي التكرم و الإحسان أن يطيب قلب فاطمة ع و يستوهب لها من المسلمين أ تقصر منزلتها عند رسول الله ص من منزلة زينب أختها و هي سيدة نساء العالمين هذا إذا لم يثبت لها حق لا بالنحلة و لا بالإرث فقلت له فدك بموجب الخبر الذي رواه أبو بكر قد صار حقا من حقوق المسلمين فلم يجز له أن يأخذه منهم فقال و فداء أبي العاص قد صار حقا من حقوق المسلمين و قد أخذه رسول الله ص منهم فقلت رسول الله ص صاحب الشريعة و الحكم حكمه و ليس أبو بكر كذلك فقال ما قلت هلا أخذه أبو بكر من المسلمين قهرا فدفعه إلى فاطمة ع و إنما قلت هلا استنزل المسلمين عنه و استوهب منهم لها كما

  استوهب رسول الله ص فداء أبي العاص أ تراه لو قال هذه بنت نبيكم ص قد حضرت لطلب هذه النخلات أ فتطيبون عنها نفسا كانوا منعوها ذلك فقلت له قد قال قاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد نحو ذلك قال إنهما لم يأتيا بحسن في شرع التكرم و إن كان ما أتياه حسنا في الدين. قال محمد بن إسحاق و كان رسول الله ص لما أطلق سبيل أبي العاص أخذ عليه فيما نرى أو شرط عليه في إطلاقه أو إن أبا العاص وعد رسول الله ص ابتداء بأن يحمل زينب إليه إلى المدينة أو لم يظهر ذلك من أبي العاص و لا من رسول الله ص إلا أنه لما خلى سبيله و خرج إلى مكة بعث رسول الله ص بعده زيد بن حارثة و رجلا من الأنصار و قال لهما كونا بمكان كذا حتى تمر بكما زينب فتصحبانها حتى تأتياني بها فخرجا نحو مكة و ذلك بعد بدر بشهر فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها فأخذت تتجهز. قال محمد بن إسحاق فحدثت عن زينب أنها قالت بينا أنا أتجهز للحوق بأبي إذ لقيتني هند بنت عتبة فقالت أ لم تبلغني يا بنت محمد أنك تريدين اللحوق بأبيك فقلت ما أردت ذلك فقالت أي بنت عم لا تفعلي إن كانت لك حاجة في متاع أو فيما يرفق بك في سفرك أو مال تبلغين به إلى أبيك فإن عندي حاجتك فلا تضطني مني فإنه لا يدخل بين النساء ما يدخل بين الرجال قالت و ايم الله إني لأظنها حينئذ صادقة ما أظنها قالت حينئذ إلا لتفعل و لكني خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلك قالت و تجهزت حتى فرغت من جهازي فحملني أخو بعلي و هو كنانة بن الربيع. قال محمد بن إسحاق قدم لها كنانة بن الربيع بعيرا فركبته و أخذ قوسه و كنانته و خرج بها نهارا يقود بعيرها و هي في هودج لها و تحدث بذلك الرجال من قريش و النساء و تلاومت في ذلك و أشفقت أن تخرج ابنة محمد من بينهم على تلك الحال فخرجوا في طلبها سراعا حتى أدركوها بذي طوى فكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد و نافع بن عبد القيس الفهري فروعها هبار بالرمح و هي في الهودج و كانت حاملا فلما رجعت طرحت ذا بطنها و كانت من خوفها رأت دما و هي في الهودج فلذلك أباح رسول الله ص يوم فتح مكة دم هبار بن الأسود. قال ابن أبي الحديد و هذا الخبر أيضا قرأته على النقيب أبي جعفر فقال إذا كان رسول الله ص أباح دم هبار لأنه روع زينب فألقت ذا بطنها و ظاهر الحال أنه لو كان لأباح دم من روع فاطمة ع حتى ألقت ذا بطنها فقلت أروي عنك ما يقوله قوم إن فاطمة روعت فألقت المحسن فقال لا تروه عني و لا ترو عني بطلانه فإني متوقف في هذا الموضع لتعارض الأخبار عندي فيه. أقول ظاهر أن النقيب رحمه الله عمل التقية في إظهار الشك في ذلك من ابن أبي الحديد أو من غيره و إلا فالأمر أوضح من ذلك كما سيأتي في كتاب الفتن. ثم قال قال الواقدي فبرك حموها كنانة بن الربيع و نثل كنانته بين يديه

  ثم أخذ منها سهما فوضعه في كبد قوسه و قال أحلف بالله لا يدنو اليوم منها رجل إلا وضعت فيه سهما فتكركر الناس عنه قال و جاء أبو سفيان بن حرب في جلة قريش فقالوا أيها الرجل اكفف عنا نبلك حتى نكلمك فكف فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه فقال إنك لم تحسن و لم تصب خرجت بالمرأة على رءوس الناس علانية جهارا و قد عرفت مصيبتنا و نكبتنا و ما دخل علينا من محمد أبيها فيظن الناس إذا أنت خرجت بابنته جهارا أن ذلك عن ذل أصابنا و أن ذلك منا وهن و ضعف لعمري ما لنا في حبسها عن أبيها من حاجة و ما فيها من ثار و لكن ارجع بالمرأة حتى إذا هدأت الأصوات و تحدث الناس بردها سلها سلا خفيا فألحقها بأبيها فردها كنانة إلى مكة فأقامت بها ليالي حتى إذا هدأ الصوت عنها حملها بعيرها و خرج بها ليلا حتى سلمها إلى زيد بن حارثة و صاحبه فقدما بها على رسول الله ص. قال البلاذري روي أن هبار بن الأسود كان ممن عرض لزينب بنت رسول الله ص حين حملت من مكة إلى المدينة فكان رسول الله ص يأمر سراياه إن ظفروا به أن يحرقوه بالنار ثم قال لا يعذب بالنار إلا رب النار و أمرهم إن ظفروا به أن يقطعوا يديه و رجليه و يقتلوه فلم يظفروا به حتى إذا كان يوم الفتح هرب هبار ثم قدم على رسول الله ص بالمدينة و يقال أتاه بالجعرانة حين فرغ من أمر حنين فمثل بين يديه و هو يقول أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله ص فقبل إسلامه. قال محمد بن إسحاق فأقام أبو العاص بمكة على شركه و أقامت زينب عند أبيها ص بالمدينة قد فرق بينهما الإسلام حتى إذا كان الفتح خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام بمال له و أموال لقريش أبضعوا بها معه و كان رجلا مأمونا فلما فرغ من تجارته و أقبل قافلا لقيته سرية لرسول الله فأصابوا ما معه و أعجزهم هو هاربا فخرجت السرية بما أصابت من ماله حتى قدمت به على رسول الله ص و خرج أبو العاص تحت الليل حتى دخل على زينب منزلها فاستجار بها فأجارته و إنما جاء في طلب ماله الذي أصابته تلك السرية فلما كبر رسول الله ص في صلاة الصبح و كبر الناس معه صرخت زينب من صفة النساء أيها الناس إني قد آجرت أبا العاص بن الربيع فصلى رسول الله ص بالناس الصبح فلما سلم من الصلاة أقبل عليهم فقال أيها الناس هل سمعتم ما سمعت قالوا نعم قال أما و الذي نفس محمد بيده ما علمت بشي‏ء مما كان حتى سمعتم أنه يجير على الناس أدناهم ثم انصرف فدخل على ابنته زينب فقال أي بنية أكرمي مثواه و أحسني قراه و لا يصلن إليك فإنك لا تحلين له ثم بعث إلى تلك السرية الذين كانوا أصابوا ماله فقال لهم إن هذا الرجل منا بحيث علمتم و قد أصبتم له مالا فإن تحسنوا و تردوا عليه الذي له فإنا نحب ذلك و إن أبيتم فهو في‏ء الله الذي أفاءه عليكم و أنتم أحق به فقالوا يا رسول الله بل

  نرده عليه فردوا عليه ماله و متاعه حتى أن الرجل كان يأتي بالحبل و يأتي الآخر بالشنة و يأتي الآخر بالإداوة و الآخر بالشظاظ حتى ردوا ماله و متاعه بأسره من عند آخره و لم يفقد منه شيئا ثم احتمل إلى مكة فلما قدمها أدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ممن كان بضع معه بشي‏ء حتى إذا فرغ من ذلك قال لهم يا معشر قريش هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه قالوا لا فجزاك الله خيرا لقد وجدناك وفيا كريما قال فإني أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و الله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوفا أن تظنوا أني أردت أن آكل أموالكم و أذهب بها فإذا سلمها الله لكم و أداها إليكم فإني أشهدكم أني قد أسلمت و اتبعت دين محمد ثم خرج سريعا حتى قدم على رسول الله المدينة. قال محمد بن إسحاق فحدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله ص رد زينب بعد ست سنين على أبي العاص بالنكاح الأول لم يحدث شيئا. قال الواقدي حدثني إسحاق بن يحيى قال سألت نافع بن جبير كيف كان الفداء قال أرفعهم أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى ألفين إلى ألف إلى قوم لا مال لهم من عليهم رسول الله ص. و أما أسماء أسارى بدر و من أسرهم فقال الواقدي أسر من بني هاشم العباس بن عبد المطلب أسره أبو اليسر كعب بن عمرو و عقيل بن أبي طالب و أسره عبيد بن أوس الظفري و نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أسره جبار بن صخر و أسر حليف لبني هاشم من بني فهر اسمه عتبة فهؤلاء أربعة. و من بني المطلب بن عبد مناف السائب بن عبيد و عبيد بن عمرو بن علقمة أسرهما سلمة بن أسلم و كانا لا مال لهما ففك رسول الله ص عنهما لغير فدية. و من بني عبد شمس عقبة بن أبي معيط المقتول صبرا على يد عاصم بن ثابت بأمر رسول الله ص أسره عبد الله بن سلمة العجلاني و الحارث بن وحرة بن أبي عمرو بن أمية أسره سعد بن أبي وقاص فقدم في فدائه الوليد بن عقبة فافتداه بأربعة آلاف و عمرو بن أبي سفيان أسره علي بن أبي طالب ع و صار بالقرعة في سهم رسول الله ص فأطلقه بغير فدية أطلقه بسعد بن النعمان من بني معاوية خرج معتمرا فحبس بمكة فلم يطلقه المشركون حتى أطلق رسول الله ص عمرو بن أبي سفيان و أبو العاص بن الربيع أسره خراش بن الصمة فقدم في فدائه عمرو بن الربيع أخوه و حليف لهم يقال له أبو ريشة افتداه عمرو بن الربيع أيضا و عمرو بن الأزرق افتكه عمرو بن الربيع أيضا و كان قد صار في سهم تميم مولى خراش بن الصمة و عقبة بن الحارث الحضرمي أسره عمارة بن حزم فصار في القرعة لأبي بن كعب افتداه عمرو بن أبي سفيان و أبو العاص بن نوفل أسره عمار بن ياسر قدم في فدائه ابن عمه فهؤلاء ثمانية. و من بني نوفل بن عبد مناف عدي بن الخيار أسره خراش بن الصمة و عثمان بن عبد شمس حليفهم أسره حارثة بن النعمان و أبو ثور أسره أبو مرثد الغنوي فهؤلاء ثلاثة افتداهم جبير بن مطعم. و من بني عبد الدار أبو عزيز بن عمير أسره أبو اليسر ثم صار بالقرعة لمحرز بن نضلة قال الواقدي أبو عزيز هذا هو أخو مصعب بن عمير لأبيه و أمه و قال مصعب لمحرز بن نضلة اشدد يديك به فإن له أما بمكة كثيرة المال فقال له أبو عزيز هذه وصايتك بي يا أخي قال مصعب إنه أخي دونك فبعثت فيه أمه أربعة آلاف

  و الأسود بن عامر أسره حمزة رضي الله عنه فهذان اثنان قدم في فدائهما طلحة بن أبي طلحة. و من بني أسد بن عبد العزى السائب بن أبي حبيش أسره عبد الرحمن بن عوف و عثمان بن الحويرث أسره حاطب بن أبي بلتعة و سالم بن شماخ أسره سعد بن أبي وقاص فهؤلاء ثلاثة قدم في فدائهم عثمان بن أبي حبيش بأربعة آلاف لكل رجل منهم. و من بني تميم بن مرة مالك بن عبد الله بن عثمان أسره قطبة بن عامر فمات في المدينة أسيرا. و من بني مخزوم خالد بن هشام أسره سواد بن غزية و أمية بن أبي حذيفة أسره بلال و عثمان بن عبد الله و كان أفلت يوم نخلة أسره واقد بن عبد الله يوم بدر فقدم في فداء هؤلاء الثلاثة عبد الله بن أبي ربيعة افتدى كل واحد منهم بأربعة آلاف و الوليد بن الوليد بن المغيرة أسره عبد الله بن جحش فقدم في فدائه أخواه خالد و هشام فتمنع عبد الله حتى افتكاه بأربعة آلاف فلما افتدياه خرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فأفلت فأتى النبي ص فأسلم فقيل أ لا أسلمت قبل أن تفتدى قال كرهت أن أسلم حتى أكون أسوة بقومي و يقال أسره سليط بن قيس و قيس بن السائب أسره عبدة بن الحسحاس فحبسه عنده حينا حتى فداه أخوه فروة بأربعة آلاف. و من بني أبي رفاعة صيفي بن أبي رفاعة و كان لا مال له أسره رجل من المسلمين فمكث عنده ثم أرسله و أبو المنذر بن أبي رفاعة افتدى بألفين و عبد الله بن السائب افتدى بألف درهم أسره سعد بن أبي وقاص و المطلب بن حنطب أسره أبو أيوب الأنصاري و لم يكن له مال فأرسله بعد حين و خالد بن الأعلم حليف لبني مخزوم. و قال محمد بن إسحاق و روي أنه كان أول المنهزمين من أسره الخباب بن المنذر و قدم في فدائه عكرمة بن أبي جهل فهؤلاء عشرة. و من بني جمح عبد الله بن أبي بن خلف أسره فروة بن عمرو قدم في فدائه أبوه فتمنع به فروة حينا و أبو غرة عمرو بن عبد الله أطلقه النبي ص بغير فدية و وهب بن عمير أسره رفاعة بن رافع و قدم أبوه عمير في فدائه فأسلم فأرسل النبي ص له ابنه بغير فداء و ربيعة بن دراج و كان لا مال له فأخذ منه بشي‏ء يسير و أرسل و الفاكه مولى أمية بن خلف أسره سعد بن أبي وقاص فهؤلاء خمسة و من بني سهم بن عمرو أبو وداعة بن صبيرة فداه ابنه المطلب بأربعة آلاف و فروة بن حنيس أسره ثابت بن أقزم و فداه عمرو بن قيس بأربعة آلاف و حنظلة بن قبيصة أسره عثمان بن مظعون و الحجاج بن الحارث أسره عبد الرحمن بن عوف فأفلت فأخذه أبو داود المازني فهؤلاء أربعة. و من بني مالك سهيل بن عمرو أسره مالك بن الدخشم و فداه مكرز بن حفص بأربعة آلاف و عبد بن زمعة أسره عمير بن عوف و عبد العزى بن مشنوء سماه رسول الله ص بعد إسلامه عبد الرحمن أسره النعمان بن مالك فهؤلاء ثلاثة. و من بني فهر الطفيل بن أبي قبيع فهؤلاء ستة و أربعون أسيرا و في كتاب الواقدي أنه كان الأسارى الذين أحصوا و عرفوا تسعة و أربعين و روى الواقدي عن سعيد بن المسيب قال كانت الأسارى سبعين و أن القتلى كانوا زيادة على سبعين إلا أن المعروفين من الأسرى هم الذين ذكرناهم و الباقون لم يذكر المؤرخون أسماءهم. قال ابن أبي الحديد القول فيمن استشهد من المسلمين ببدر قال الواقدي حدثني عبد الله بن جعفر قال سألت الزهري كم استشهد من المسلمين ببدر قال

  أربعة عشر ستة من المهاجرين و ثمانية من الأنصار. قال فمن بني المطلب بن عبد مناف عبيدة بن الحارث قتله شيبة و في رواية الواقدي قتله عتبة فدفنه النبي ص بالصفراء. و من بني زهرة عمير بن أبي وقاص قتله عمرو بن عبد فارس الأحزاب و عمير بن عبد ود ذو الشمالين حليف لبني زهرة قتله أبو أسامة الجشمي. و من بني عدي عاقل بن أبي البكير حليف لهم من بني سعد قتله مالك بن زهير و مهجع مولى عمر بن الخطاب قتله عامر بن الحضرمي و يقال إن مهجعا أول من قتل من المهاجرين. و من بني الحارث بن فهر صفوان بن بيضاء قتله طعيمة بن عدي. و من الأنصار ثم من بني عمرو بن عوف مبشر بن عبد المنذر قتله أبو ثور و سعد بن خيثمة قتله عمرو بن عبد ود و يقال طعيمة بن عدي. و من بني عدي بن النجار حارثة بن سراقة رماه جنان بن العرقة بسهم فأصاب حنجرته فقتله. و من بني مالك بن النجار عوف و معوذ ابنا عفراء قتلهما أبو جهل و من بني سلمة عمير بن الحمام بن الجموح قتله خالد بن الأعلم و يقال أنه أول قتيل قتل من الأنصار و قد روي أن أول قتيل منهم حارثة بن سراقة. و من بني زريق رافع بن المعلى قتله عكرمة بن أبي جهل. و من بني الحارث بن الخزرج يزيد بن الحارث قتله نوفل بن معاوية فهؤلاء الثمانية من الأنصار و روي عن ابن عباس أن آنسة مولى النبي ص قتل ببدر و روي أن معاذ بن ماعص جرح ببدر فمات من جراحته بالمدينة و أن عبيد بن السكن جرح فاشتكى جرحه فمات منه. القول فيمن قتل من المشركين و أسماء قاتليهم. قال الواقدي فمن بني عبد شمس حنظلة بن أبي سفيان قتله علي ع و الحارث بن الحضرمي قتله عمار بن ياسر و عامر بن الحضرمي قتله عاصم بن ثابت و عمير بن أبي عمير و ابنه موليان لهم قتل سالم مولى حذيفة الأب و لم يذكر من قتل الابن و عبيدة بن سعيد بن العاص قتله الزبير بن العوام و العاص بن سعيد بن العاص قتله علي ع و عقبة بن أبي معيط قتله عاصم بن ثابت صبرا بالسيف بأمر النبي ص و روى البلاذري أن رسول الله ص صلبه بعد قتله فكان أول مصلوب في الإسلام. و عتبة بن ربيعة قتله حمزة رضي الله عنه و شيبة قتله عبيدة بن الحارث و حمزة و علي الثلاثة اشتركوا في قتله و الوليد بن عتبة قتله علي ع و عامر بن عبد الله حليف لهم قتله علي ع و قيل قتله سعد بن معاذ فهؤلاء اثنا عشر. و من بني نوفل بن عبد مناف الحارث بن نوفل قتله خبيب بن يساف و طعيمة بن عدي يكنى أبا الريان قتله حمزة في رواية الواقدي و قتله علي ع في رواية محمد بن إسحاق و روى البلاذري أنه أسر فقتله النبي ص صبرا على يد حمزة فهؤلاء اثنان. و من بني أسد زمعة بن الأسود قتله أبو دجانة و قيل قتله ثابت بن الجذع و الحارث بن زمعة قتله علي ع و عقيل بن الأسود قتله علي و حمزة ع و قال الواقدي حدثني أبو معشر قال قتله علي ع وحده. و أبو البختري العاص بن هشام قتله المجذر بن زياد و قيل أبو داود المازني و قيل أبو اليسر و نوفل بن خويلد قتله علي ع فهؤلاء خمسة. و من بني عبد الدار النضر بن الحارث قتله علي ع صبرا بالسيف بأمر رسول الله ص و زيد بن مليص مولى عمر بن هاشم من بني عبد الدار قتله علي

  ع و قيل بلال فهؤلاء اثنان. و من بني تيم بن مرة عمير بن عثمان قتله علي ع و عثمان بن مالك قتله صهيب فهؤلاء اثنان و لم يذكر البلاذري عثمان. و من بني مخزوم ثم من بني المغيرة أبو جهل عمرو بن هشام ضربه معاذ بن عمرو و معوذ و عوف ابنا عفراء و دفف عليه عبد الله بن مسعود و العاص بن هاشم خال عمر بن الخطاب قتله عمر و يزيد بن تميم حليف لهم قتله عمار بن ياسر و قيل قتله علي ع. و من بني الوليد بن المغيرة أبو قيس بن الوليد أخو خالد قتله علي ع. و من بني الفاكه بن المغيرة أبو قيس بن الفاكه قتله حمزة و قيل الخباب بن المنذر. و من بني أمية بن المغيرة مسعود بن أبي أمية قتله علي ع. و من بني عائذ بن عبد الله ثم من بني رفاعة أمية بن عائذ قتله سعد بن الربيع و أبو المنذر بن أبي رفاعة قتله معن بن عدي و عبد الله بن أبي رفاعة قتله علي ع و زهير بن أبي رفاعة قتله أبو أسيد الساعدي و السائب بن أبي رفاعة قتله عبد الرحمن بن عوف. و من بني أبي السائب المخزومي سائب بن أبي السائب قتله الزبير و الأسود بن عبد الأسد قتله حمزة و حليف لهم من طي‏ء و هو عمرو بن شيبان قتله يزيد بن رقيش و حليف آخر و هو جبار بن سفيان قتله أبي بردة بن نيار. و من بني عمران بن مخزوم حاجز بن السائب قتله علي ع و روى البلاذري أن حاجزا هذا و أخاه عويمرا قتلهما علي و عويمر بن عمرو قتله النعمان بن أبي مالك فهؤلاء تسعة عشر. و من بني جمح بن عمرو أمية بن خلف قتله خبيب بن يساف و بلال شركا فيه و قيل بل قتله رفاعة بن رافع و علي بن أمية قتله عمار بن ياسر و أوس بن المغيرة قتله علي ع و عثمان بن مظعون شركا فيه فهؤلاء ثلاثة. و من بني سهم منبه بن الحجاج قتله أبو اليسر و قيل علي و قيل أبو أسيد و نبيه بن الحجاج قتله علي ع و العاص بن منبه بن الحجاج قتله علي ع و أبو العاص بن قيس قتله أبو دجانة قال الواقدي و حدثني أبو معشر عن أصحابه قالوا قتله علي ع و عاصم بن أبي عوف قتله أبو دجانة فهؤلاء خمسة. و من بني عامر ثم من بني مالك معاوية بن عبد قيس حليف لهم قتله عكاشة بن محصن و سعيد بن وهب حليف لهم من كلب قتله أبو دجانة فهؤلاء اثنان. فجميع من قتل ببدر في رواية الواقدي من المشركين في الحرب و صبرا اثنان و خمسون قتل علي ع منهم مع الذين شرك في قتلهم أربعة و عشرين رجلا و قد كثرت الرواية أن المقتولين ببدر كانوا سبعين و لكن الذين عرفوا و حفظت أسماؤهم من ذكرناه و في رواية الشيعة أن زمعة بن الأسود قتله علي ع و الأشهر في الرواية أنه قتل الحارث بن زمعة و أن زمعة قتله أبو دجانة انتهى ما أردنا إيراده من كلام ابن أبي الحديد. بيان العوذ جمع عائذ و هي الناقة إذا وضعت و بعد ما تضع أياما حتى يقوى ولدها و الحرجة بالتحريك مجتمع شجر ملتف و المرضاح الحجر الذي يرضح به النوى أي يدق و يقال رفع فلان عقيرته أي صوته أ ما لكم في اللبن من حاجة أي تأسرون فتأخذون فداءهم إبلا لها لبن ذكره الجزري. و متع النهار ارتفع و في النهاية في حديث بدر فقلت قريب مفر ابن الشتراء

  هو رجل كان يقطع الطريق يأتي الرفقة فيدنو منهم حتى إذا هموا به نأى قليلا ثم عاودهم حتى يصيب منهم غرة المعنى أن مفرهم قريب و سيعود فصار مثلا و قال فلحج أي نشب فيه و قال فأطن أي جعله يطن من صوت القطع و أصله من الطنين و هو صوت الشي‏ء الصلب و قال قحف الرأس هو الذي فوق الدماغ انتهى. و ضحك الرب تعالى كناية عن غاية رضاه و غمس اليد في العدو كناية عن دخوله بينهم و جهده في مقاتلتهم و حسرت كمي عن ذراعي كشفت و الحاسر الذي لا مغفر عليه و لا درع و الأعزل الذي لا سلاح معه و ابن طاب نوع من أنواع تمر المدينة منسوب إلى ابن طاب رجل من أهلها يقال عذق ابن طاب و رطب ابن طاب و تمر ابن طاب ذكره الجزري. و قال في حديث أم حارثة ويحك أو هبلت هو بفتح الهاء و كسر الباء و قد استعاره هنا لفقد الميز و العقل مما أصابها من الثكل بولدها كأنه قال أفقدت عقلك بفقد ابنك حتى جعلت الجنان جنة واحدة انتهى فأكلكم لعله من الكلال بمعنى الإعياء فقالت حلاقي بالقاف أي يا منيتي أقبلي فهذه أوانك قال في القاموس و كقطام و سحاب المنية انتهى و في بعض النسخ بالفاء أي تمنعني محالفتي قريشا أن لا أبكيهم و ذمرته كنصرته حثثته و التذامر التحاض على القتال. و في النهاية مجنبة الجيش هي التي تكون في الميمنة و الميسرة و هما مجنبتان و النون مكسورة و قيل هي الكتيبة التي تأخذ إحدى ناحيتي الطريق و الأول أصح. قال فتتامت إليه قريش أي جاءته متوافرة متتابعة و في القاموس تتاموا جاءوا كلهم و قالوا دهده الحجر فتدهده دحرجه فتدحرج كتدهدى فتدهدى انتهى. حتى أقتله أي عرضه للقتل نحو أبعت الثوب و تقول عورت الركية إذا طممتها و سددت أعينها التي ينبع منها الماء و النقع الغبار. و في النهاية فيه أن جبرئيل جاء يوم بدر و قد عصم ثنيته الغبار أي لزق به و الميم بدل من الباء و قال في الباء في حديث بدر لما فزع منها أتاه جبرئيل و قد عصب رأسه الغبار أي ركبه و علق به من عصب الريق فاه أي لصق به و يروى

  عصم بالميم و قال عرق الظبية بضم الظاء موضع على ثلاثة أميال من الروحاء به مسجد للنبي ص انتهى. و بارى قومه أي عارضهم و في بعض النسخ بالدال أي جاهرهم بالعداوة و قال الجوهري ها للتنبيه قد يقسم بها يقال لا ها الله ما فعلت أي لا و الله أبدلت الهاء من الواو و إن شئت حذفت الألف التي بعد الهاء و إن شئت أثبت. و في النهاية لا تضطني عني أي لا تبخلي بانبساطك إلي و هو افتعال من الضنى المرض و الطاء بدل من التاء انتهى. و أقول كذا ذكره في ضني من المعتل و ما ذكره من المعنى يدل على أنه من الضن من باب المضاعف من الضنة و هو البخل و هو أظهر فيكون بتشديد النون. و في القاموس نثل الكنانة استخرج نبلها و نثرها فتكركر الناس عنه أي اندفعوا و رجعوا يقال كركرته عني أي دفعته و رددته