باب 3- فضله و رفعة شأنه و معجزاته و تبليغه و مدة عمره و نقش خاتمه و جمل أحواله

الآيات البقرة قال الله تعالى وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ مرتين آل عمران وَ أَنْزَلَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ. المائدة وَ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَ آتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَ نُورٌ وَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ و قال تعالى لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَ قالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَ مَأْواهُ النَّارُ وَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَ إِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أَ فَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَهُ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ و قال تعالى لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ و قال تعالى إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَ عَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَ كَهْلًا وَ إِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ وَ إِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَ تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَ إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَ إِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ وَ إِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَ بِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَ اشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَ نَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آيَةً مِنْكَ وَ ارْزُقْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ المؤمنون وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً وَ آوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍ يس وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ قالُوا ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَ ما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ وَ ما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَ لَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَ هُمْ مُهْتَدُونَ وَ ما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أَ أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَ لا يُنْقِذُونِ إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ وَ ما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَ ما كُنَّا مُنْزِلِينَ إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ الزخرف إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ و قال تعالى وَ لَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ الصف وَ إِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ وَ مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ

  تفسير قال الطبرسي رحمه الله وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ أي المعجزات و قيل الإنجيل وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أي قويناه بجبرئيل و قيل أي الإنجيل و قيل هو الاسم الذي كان عيسى يحيي به الموتى و قيل هو الروح الذي نفخ فيه فأضافه إلى نفسه تشريفا و القدس الطهر و قيل البركة و قيل هو الله تعالى. وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً أي حجة على قدرتنا على الاختراع وَ آوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ أي و جعلنا مأواهما مكانا مرتفعا مستويا واسعا و الربوة هي الرملة من فلسطين و قيل دمشق و قيل مصر و قيل بيت المقدس و قيل هي حيرة الكوفة و سوادها و القرار مسجد الكوفة و المعين الفرات عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع و قيل ذاتِ قَرارٍ أي ذات موضع استقرار أي هي أرض مستوية يستقر عليها ساكنوها و قيل ذات ثمار إذ لأجلها يستقر فيها ساكنوها وَ مَعِينٍ أي ماء جار ظاهر للعيون أَنْعَمْنا عَلَيْهِ أي بالخلق من غير أب و بالنبوة وَ جَعَلْناهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرائِيلَ أي آية لهم و دلالة يعرفون بها قدرة الله تعالى على ما يريد حيث خلقه من غير أب فهو مثل لهم يشبهون به ما يريدون من أعاجيب صنع الله بِالْحِكْمَةِ أي بالنبوة و قيل بالعلم بالتوحيد و العدل و الشرائع بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ قيل أي كله كقول لبيد أو يخترم بعض النفوس حمامها أي كل النفوس و الصحيح أن البعض لا يكون في معنى الكل و الذي جاء به عيسى في الإنجيل إنما هو بعض الذي اختلفوا فيه و بين لهم في غير الإنجيل ما احتاجوا إليه و قيل معناه لأبين لكم ما تختلفون فيه من أمور الدين دون أمور الدنيا و هو المقصود فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ يعني اليهود و النصارى في أمر عيسى

 1-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الهذلي عن رجل قال مكث عيسى ع حتى بلغ سبع سنين أو ثمان سنين فجعل يخبرهم بما يأكلون و ما يدخرون في بيوتهم فأقام بين أظهرهم يحيي الموتى و يبرئ الأكمه و الأبرص و يعلمهم التوراة و أنزل الله عليه الإنجيل لما أراد الله أن يتخذ عليهم حجة

 2-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن أبي عمير عمن ذكره رفعه قال إن أصحاب عيسى ع سألوه أن يحيي لهم ميتا قال فأتى بهم إلى قبر سام بن نوح فقال له قم بإذن الله يا سام بن نوح قال فانشق القبر ثم أعاد الكلام فتحرك ثم أعاد الكلام فخرج سام بن نوح فقال له عيسى أيهما أحب إليك تبقى أو تعود قال فقال يا روح الله بل أعود إني لأجد حرقة الموت أو قال لدغة الموت في جوفي إلى يومي هذا

 ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ مرسلا مثله

 3-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبان بن تغلب قال سئل أبو عبد الله ع هل كان عيسى ابن مريم أحيا أحدا بعد موته حتى كان له أكل و رزق و مدة و ولد قال فقال نعم إنه كان له صديق مواخ له في الله و كان عيسى يمر به فينزل عليه و إن عيسى ع غاب عنه حينا ثم مر به ليسلم عليه فخرجت إليه أمه فسألها عنه فقالت أمه مات يا رسول الله فقال لها أ تحبين أن تريه قالت نعم قال لها إذا كان غدا أتيتك حتى أحييه لك بإذن الله فلما كان من الغد أتاها فقال لها انطلقي معي إلى قبره فانطلقا حتى أتيا قبره فوقف عيسى ع ثم دعا الله فانفرج القبر و خرج ابنها حيا فلما رأته أمه و رآها بكيا فرحمهما عيسى ع فقال له أ تحب أن تبقى مع أمك في الدنيا قال يا رسول الله بأكل و برزق و مدة أو بغير مدة و لا رزق و لا أكل فقال له عيسى ع بل برزق و أكل و مدة تعمر عشرين سنة و تزوج و يولد لك قال فنعم إذا قال فدفعه عيسى إلى أمه فعاش عشرين سنة و تزوج و ولد له

 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن أبي جميلة عن أبان بن تغلب و غيره عنه ع مثله

 4-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع قال كان بين داود و عيسى ابن مريم ع أربع مائة سنة و كان شريعة عيسى أنه بعث بالتوحيد و الإخلاص و بما أوصي به نوح و إبراهيم و موسى ع و أنزل عليه الإنجيل و أخذ عليه الميثاق الذي أخذ على النبيين و شرع له في الكتاب إقام الصلاة مع الدين و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و تحريم الحرام و تحليل الحلال و أنزل عليه في الإنجيل مواعظ و أمثال و ليس فيها قصاص و لا أحكام حدود و لا فرض مواريث و أنزل عليه تخفيف ما كان نزل على موسى ع في التوراة و هو قول الله في الذي قال عيسى ابن مريم لبني إسرائيل وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ و أمر عيسى من معه ممن اتبعه من المؤمنين أن يؤمنوا بشريعة التوراة و الإنجيل

 5-  شي، ]تفسير العياشي[ البرقي عن أبيه رفعه في قول الله وَ أُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ قال كانا يتغوطان

  بيان قال الطبرسي رحمه الله قيل فيه قولان أحدهما أنه احتجاج على النصارى بأن من ولدته النساء و يأكل الطعام لا يكون إلها للعباد أي أنهما كانا يعيشان بالغذاء كما يعيش سائر الخلق فكيف يكون إلها من لا يقيمه إلا أكل الطعام و الثاني أن ذلك كناية عن قضاء الحاجة

 6-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي عبيدة عن أبي عبد الله ع قال لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ قال الخنازير على لسان داود ع و القردة على لسان عيسى ابن مريم

 كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي عبيدة مثله بيان قد مر شرحه في باب قصة أصحاب السبت

 7-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الفيض بن المختار قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لما أنزلت المائدة على عيسى ع قال للحواريين لا تأكلوا منها حتى آذن لكم فأكل منها رجل منهم فقال بعض الحواريين يا روح الله أكل منها فلان فقال له عيسى ع أ كلت منها قال له لا فقال الحواريون بلى و الله يا روح الله لقد أكل منها فقال له عيسى صدق أخاك و كذب بصرك

 8-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال رسول الله ص يا عباد الله إن قوم عيسى لما سألوه أن ينزل عليهم مائدة من السماء قالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ فأنزلها عليهم فمن كفر منهم بعد مسخه الله إما خنزيرا و إما قردا و إما دبا و إما هرا و إما على صورة بعض الطيور و الدواب التي في البر و البحر حتى مسخوا على أربعمائة نوع من المسخ

 9-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عيسى العلوي عن أبيه عن أبي جعفر ع قال المائدة التي نزلت على بني إسرائيل مدلاة بسلاسل من ذهب عليها تسعة ألوان و تسعة أرغفة

 10-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الفضيل بن يسار عن أبي الحسن ع قال إن الخنازير من قوم عيسى ع سألوا نزول المائدة فلم يؤمنوا فمسخهم الله خنازير

 11-  شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الصمد بن بذار قال سمعت أبا الحسن ع يقول كانت الخنازير قوما من القصارين كذبوا بالمائدة فمسخوا خنازير

 12-  شي، ]تفسير العياشي[ عن ثعلبة عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر ع في قول الله تبارك و تعالى لعيسى أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قال لم يقله و سيقوله إن الله إذا علم أن شيئا كائن أخبر عنه خبر ما قد كان

 13-  شي، ]تفسير العياشي[ عن سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله ع قول الله لعيسى أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ فقال إن الله إذا أراد أمرا أن يكون قصه قبل أن يكون كأن قد كان

  -14  شي، ]تفسير العياشي[ عن جابر الجعفي عن أبي جعفر ع في تفسير هذه الآية تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ قال إن اسم الله الأكبر ثلاثة و سبعون حرفا فاحتجب الرب تبارك و تعالى منها بحرف فمن ثم لا يعلم أحد ما في نفسه عز و جل أعطى آدم اثنين و سبعين حرفا فتوارثتها الأنبياء حتى صارت إلى عيسى فذلك قول عيسى تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي يعني اثنين و سبعين حرفا من الاسم الأكبر يقول أنت علمتنيها فأنت تعلمها وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ يقول لأنك احتجبت عن خلقك بذلك الحرف فلا يعلم أحد ما في نفسك

 بيان قال الطبرسي رحمه الله وَ إِذْ قالَ اللَّهُ و المعنى إذ يقول الله يوم القيامة لعيسى يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ هذا و إن خرج مخرج الاستفهام فهو تقريع و تهديد لمن ادعى ذلك عليه من النصارى و قيل أراد بهذا القول تعريف عيسى ع إن قوما قد اعتقدوا فيه و في أمه أنهما إلهان و اعترض على قوله إِلهَيْنِ فقيل لم يعلم في النصارى من اتخذ مريم إلها و الجواب عنه من وجوه. أحدها أنهم لما جعلوا المسيح إلها ألزمهم أن يجعلوا والدته أيضا إلها لأن الولد يكون من جنس الوالدة فهذا على طريق الإلزام لهم. و الثاني أنهم لما عظموهما تعظيم الآلهة أطلق اسم الإله عليهما. و الثالث أنه يحتمل أن يكون فيهم من قال بذلك و يعضده ما حكاه الشيخ أبو جعفر قدس الله روحه عن بعض النصارى أنه قد كان فيما مضى قوم يقال لهم المريمية يعتقدون في مريم أنها إله. و قال رحمه الله في قوله تعالى تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ أي تعلم غيبي و سري و لا أعلم غيبك و سرك و إنما ذكر النفس لمزاوجة الكلام و العادة جارية بأن الإنسان يسر في نفسه فصار قوله ما فِي نَفْسِي عبارة عن الإخفاء ثم قال ما فِي نَفْسِكَ على جهة المقابلة و إلا فالله منزه عن أن يكون له نفس أو قلب تحل فيه المعاني

 15-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ قال الصادق ع قيل لعيسى ابن مريم ما لك لا تتزوج فقال و ما أصنع بالتزويج قالوا يولد لك قال و ما أصنع بالأولاد إن عاشوا فتنوا و إن ماتوا حزنوا

 بيان حزنه بمعنى أحزنه

 16-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع في بعض خطبه و إن شئت قلت في عيسى ابن مريم ع فلقد كان يتوسد الحجر و يلبس الخشن و كان إدامه الجوع و سراجه بالليل القمر و ظلاله في الشتاء مشارق الأرض و مغاربها و فاكهته و ريحانه ما تنبت الأرض للبهائم و لم تكن له زوجة تفتنه و لا ولد يحزنه و لا مال يلفته و لا طمع يذله دابته رجلاه و خادمه يداه

 بيان كان إدامه الجوع لعل المعنى أن الإنسان إنما يحتاج إلى الإدام لأنه يعسر على النفس أكل الخبز خاليا عنه فأما مع الجوع الشديد فيلتذ بالخبز و لا يطلب غيره فهو بمنزلة الإدام أو أنه كان يأكل الخبز دون الشبع فكان الجوع مخلوطا به كالإدام و لفته يلفته لواه و صرفه عن رأيه

  -17  إرشاد القلوب، قال عيسى ع خادمي يداي و دابتي رجلاي و فراشي الأرض و وسادي الحجر و دفئي في الشتاء مشارق الأرض و سراجي بالليل القمر و إدامي الجوع و شعاري الخوف و لباسي الصوف و فاكهتي و ريحانتي ما أنبتت الأرض للوحوش و الأنعام أبيت و ليس لي شي‏ء و أصبح و ليس لي شي‏ء و ليس على وجه الأرض أحد أغنى مني

 18-  مع، ]معاني الأخبار[ المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن الحسين بن إشكيب عن عبد الرحمن بن حماد عن أحمد بن الحسن عن صدقة بن حسان عن مهران بن أبي نصر عن يعقوب بن شعيب عن أبي سعيد الإسكاف عن أبي جعفر ع قال قال أمير المؤمنين ع في قول الله عز و جل وَ آوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍ قال الربوة الكوفة و القرار المسجد و المعين الفرات

 19-  فس، ]تفسير القمي[ قال علي بن إبراهيم في قوله وَ جَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً إلى قوله وَ مَعِينٍ قال الربوة الحيرة و ذات قرار و معين الكوفة

 بيان لعل المعنى أن القرار هو الكوفة و المعين ماؤها أي الفرات و الحيرة أي كربلاء لقربها منهما أضيفت إليهما.

 أقول سيأتي في كتاب الغيبة في حديث المفضل بن عمر عن الصادق ع أن بقاع الأرض تفاخرت ففخرت الكعبة على البقعة بكربلاء فأوحى الله إليها اسكتي و لا تفخري عليها فإنها البقعة المباركة التي نودي منها موسى من الشجرة و إنها الربوة التي آويت إليها مريم و المسيح و إن الدالية التي غسل فيها رأس الحسين ع فيها غسلت مريم عيسى ع و اغتسلت لولادتها

 20-  فس، ]تفسير القمي[ وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إلى قوله إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ

 أبي عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر ع قال سألته عن تفسير هذه الآية فقال بعث الله رجلين إلى أهل مدينة أنطاكية فجاءاهم بما لا يعرفونه فغلظوا عليهما فأخذوهما و حبسوهما في بيت الأصنام فبعث الله الثالث فدخل المدينة فقال أرشدوني إلى باب الملك قال فلما وقف على باب الملك قال أنا رجل كنت أتعبد في فلاة من الأرض و قد أحببت أن أعبد إله الملك فأبلغوا كلامه الملك فقال أدخلوه إلى بيت الآلهة فأدخلوه فمكث سنة مع صاحبيه فقال لهما بهذا ننقل قوما من دين إلى دين لا بالخرق أ فلا رفقتما ثم قال لهما لا تقران بمعرفتي ثم أدخل على الملك فقال له الملك بلغني أنك كنت تعبد إلهي فلم أزل و أنت أخي فسلني حاجتك قال ما لي حاجة أيها الملك و لكن رجلين رأيتهما في بيت الآلهة فما حالهما قال الملك هذان رجلان أتياني يضلان عن ديني و يدعوان إلى إله سماوي فقال أيها الملك فمناظرة جميلة فإن يكن الحق لهما اتبعناهما و إن يكن الحق لنا دخلا معنا في ديننا فكان لهما ما لنا و عليهما ما علينا قال فبعث الملك إليهما فلما دخلا إليه قال لهما صاحبهما ما الذي جئتماني به قالا جئنا ندعو إلى عبادة الله الذي خلق السماوات و الأرض و يخلق في الأرحام ما يشاء و يصور كيف يشاء و أنبت الأشجار و الثمار و أنزل القطر من السماء قال فقال لهما إلهكما هذا الذي تدعوان إليه و إلى عبادته إن جئناكما بأعمى يقدر أن يرده صحيحا قالا إن سألناه أن يفعل فعل إن شاء قال أيها الملك علي بأعمى لا يبصر قط قال فأتي به فقال لهما ادعوا إلهكما أن يرد بصر هذا فقاما و صليا ركعتين فإذا عيناه مفتوحتان و هو ينظر إلى السماء فقال أيها الملك علي بأعمى آخر فأتي به قال فسجد سجدة ثم رفع رأسه فإذا الأعمى بصير فقال أيها الملك حجة بحجة علي بمقعد فأتي به فقال لهما مثل ذلك فصليا و دعوا الله فإذا المقعد قد أطلقت رجلاه و قام يمشي فقال أيها الملك علي بمقعد آخر فأتي به فصنع به كما صنع أول مرة فانطلق المقعد فقال أيها الملك قد أتيا بحجتين و أتينا بمثلهما و لكن بقي شي‏ء واحد فإن كان هما فعلاه دخلت معهما في دينهما ثم قال أيها الملك بلغني أنه كان للملك ابن واحد و مات فإن أحياه إلههما دخلت معهما في دينهما فقال له الملك و أنا أيضا معك ثم قال لهما قد بقيت هذه الخصلة الواحدة قد مات ابن الملك فادعوا إلهكما أن يحييه قال فخرا ساجدين لله و أطالا السجود ثم رفعا رأسيهما و قالا للملك ابعث إلى قبر ابنك تجده قد قام من قبره إن شاء الله قال فخرج الناس ينظرون فوجدوه قد خرج من قبره ينفض رأسه من التراب قال فأتي به إلى الملك فعرف أنه ابنه فقال له ما حالك يا بني قال كنت ميتا فرأيت رجلين بين يدي ربي الساعة ساجدين يسألانه أن يحييني فأحياني قال يا بني فتعرفهما إذا رأيتهما قال نعم قال فأخرج الناس جملة إلى الصحراء فكان يمر عليه رجل رجل فيقول له أبوه انظر فيقول لا لا ثم مر عليه بأحدهما بعد جمع كثير فقال هذا أحدهما و أشار بيده إليه ثم مر أيضا بقوم كثيرين حتى رأى صاحبه الآخر فقال و هذا الآخر قال فقال النبي صاحب الرجلين أما أنا فقد آمنت بإلهكما و علمت أن ما جئتما به هو الحق فقال الملك و أنا أيضا آمنت بإلهكما و آمن أهل مملكته كلهم

 بيان قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ اضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ أي حين بعث الله إليهم المرسلين إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ أي رسولين من رسلنا فَكَذَّبُوهُما قال ابن عباس ضربوهما و سجنوهما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ أي فقوينا و شددنا ظهورهما برسول ثالث قال شعبة كان اسم الرسولين شمعون و يوحنا و الثالث بولس و قال ابن عباس و كعب صادق و صدوق و الثالث سلوم و قيل إنهم رسل عيسى و هم الحواريون عن وهب و كعب قالا و إنما أضافهم إلى نفسه لأن عيسى ع أرسلهم بأمره فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ قالُوا يعني أهل القرية ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا فلا تصلحون للرسالة وَ ما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْ‏ءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ و إنما قالوا ذلك بعد ما قامت الحجة بظهور المعجزة فلم يقبلوها وَ ما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ قالُوا أي هؤلاء الكفار إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ أي تشاءمنا بكم لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ بالحجارة أو لنشتمنكم وَ لَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ قالُوا يعني الرسل طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أي الشؤم كله معكم بإقامتكم على الكفر بالله تعالى أَ إِنْ ذُكِّرْتُمْ أي أئن ذكرتم قلتم هذا القول و قيل معناه لئن ذكرناكم هددتمونا و هو مثل الأول و قيل معناه إن تدبرتم عرفتم صحة ما قلناه لكم بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ معناه ليس فينا ما يوجب التشاؤم بنا و لكنكم متجاوزون عن الحد في التكذيب للرسل و المعصية وَ جاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى و كان اسمه حبيبا النجار عن ابن عباس و جماعة من المفسرين و كان قد آمن بالرسل عند ورودهم القرية و كان منزله عند أقصى باب من أبواب المدينة فلما بلغه أن قومه قد كذبوا الرسل و هموا بقتلهم جاء يعدو و يشتد قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ و أنما علم نبوتهم لأنهم لما دعوه قال أ تأخذون على ذلك أجرا قالوا لا و قيل إنه كان به زمانة أو جذام فابرءوه فآمن بهم عن ابن عباس.  اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَ هُمْ مُهْتَدُونَ قيل فلما قال هذا أخذوه فرفعوه إلى الملك فقال له الملك أ فأنت تتبعهم قال وَ ما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ أي تردون عند البعث أَ أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ أي إن أراد الله إهلاكي و الإضرار بي لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً أي لا تدفع شفاعتهم عني شيئا وَ لا يُنْقِذُونِ و لا يخلصوني من ذلك إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ أي فاسمعوا قولي و اقبلوه. ثم إن قومه لما سمعوا ذلك القول منه وطئوه بأرجلهم حتى مات فأدخله الله الجنة و هو حي فيها يرزق و هو قوله قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ و قيل رجموه حتى قتلوه عن قتادة و قيل إن القوم لما أرادوا أن يقتلوه رفعه الله إليه فهو في الجنة و لا يموت إلا بفناء الدنيا و هلاك الجنة عن الحسن و مجاهد و قالا إن الجنة التي دخلها يجوز هلاكها و قيل إنهم قتلوه إلا أن الله سبحانه أحياه و أدخله الجنة فلما دخلها قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي تمنى أن يعلم قومه ما أعطاه الله من المغفرة و جزيل الثواب ليرغبوا في مثله و يؤمنوا لينالوا ذلك وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ أي من المدخلين الجنة. ثم حكى سبحانه ما أنزله بقومه من العذاب فقال وَ ما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ أي من بعد قتله أو رفعه مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ يعني الملائكة أي لم ننتصر منهم بجند من السماء وَ ما كُنَّا مُنْزِلِينَ أي و ما كنا ننزلهم على الأمم إذا أهلكناهم و قيل معناه و ما أنزلناه على قومه من بعده رسالة من السماء قطع الله عنهم الرسالة حين قتلوا رسله إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً أي كان إهلاكهم عن آخرهم بأيسر أمر صيحة واحدة حتى هلكوا بأجمعهم فَإِذا هُمْ خامِدُونَ أي ساكنون قد ماتوا. قيل إنهم لما قتلوا حبيب بن موسى النجار غضب الله عليهم فبعث جبرئيل

  حتى أخذ بعضادتي باب المدينة ثم صاح بهم صيحة فماتوا عن آخرهم لا يسمع لهم حس كالنار إذا طفئت انتهى. و قال الثعلبي في تفسيره هو حبيب بن مري و قال ابن عباس و مقاتل حبيب بن إسرائيل النجار و قال وهب كان رجلا أسرع فيه الجذام و كان مؤمنا ذا صدقة يجمع كسبه إذا أمسى فيقسمه نصفين فيطعم نصفه عياله و يتصدق بنصفه و قال قتادة كان حبيب في غار يعبد ربه فلما بلغه خبر الرسل أتاهم و أظهر دينه و ما هو عليه من التوحيد و عبادة الله فوثب القوم إليه فقتلوه

 21-  محص، ]التمحيص[ عن سدير قال قلت لأبي جعفر ع هل يبتلي الله المؤمن فقال و هل يبتلي إلا المؤمن حتى أن صاحب يس قال يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ كان مكنعا قلت و ما المكنع قال كان به جذام

 22-  لي، ]الأمالي للصدوق[ علي بن عيسى عن علي بن محمد ماجيلويه عن البرقي عن أبيه عن محمد بن سنان عن أحمد بن النصر الطحان عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله الصادق جعفر بن محمد ع أن عيسى روح الله مر بقوم مجلبين فقال ما لهؤلاء قيل يا روح الله إن فلانة بنت فلان تهدى إلى فلان بن فلان في ليلتها هذه قال يجلبون اليوم و يبكون غدا فقال قائل منهم و لم يا رسول الله قال لأن صاحبتهم ميتة في ليلتها هذه فقال القائلون بمقالته صدق الله و صدق رسوله و قال أهل النفاق ما أقرب غدا فلما أصبحوا جاءوا فوجدوها على حالها لم يحدث بها شي‏ء فقالوا يا روح الله إن التي أخبرتنا أمس أنها ميتة لم تمت فقال عيسى ع يفعل الله ما يشاء فاذهبوا بنا إليها فذهبوا يتسابقون حتى قرعوا الباب فخرج زوجها فقال له عيسى ع استأذن لي على صاحبتك قال فدخل عليها فأخبرها أن روح الله و كلمته بالباب مع عدة قال فتخدرت فدخل عليها فقال لها ما صنعت ليلتك هذه قالت لم أصنع شيئا إلا و قد كنت أصنعه فيما مضى إنه كان يعترينا سائل في كل ليلة جمعة فننيله ما يقوته إلى مثلها و إنه جاءني في ليلتي هذه و أنا مشغولة بأمري و أهلي في مشاغيل فهتف فلم يجبه أحد ثم هتف فلم يجب حتى هتف مرارا فلما سمعت مقالته قمت متنكرة حتى أنلته كما كنا ننيله فقال لها تنحي عن مجلسك فإذا تحت ثيابها أفعى مثل جذعة عاض على ذنبه فقال ع بما صنعت صرف عنك هذا

 بيان الجلبة اختلاط الصوت و الجذعة بالكسر ساق النخلة

 23-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن البرقي عن رجل من الكوفيين عن محمد بن عمر عن عبد الله بن الوليد قال قال أبو عبد الله ع ما يقول أصحابك في أمير المؤمنين و عيسى و موسى ع أيهم أعلم قال قلت ما يقدمون على أولي العزم أحدا قال أما إنك لو خاصمتهم بكتاب الله لحججتهم قال قلت و أين هذا في كتاب الله قال إن الله قال في موسى وَ كَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ مَوْعِظَةً و لم يقل كل شي‏ء و قال في عيسى وَ لِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ و لم يقل كل شي‏ء و قال في صاحبكم كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ

 24-  ج، ]الإحتجاج[ عن ابن عباس قال جاء نفر من اليهود إلى النبي ص فقالوا فيما قالوا عيسى خير منك قال و لم ذاك قالوا لأن عيسى ابن مريم ع كان ذات يوم بعقبة بيت المقدس فجاءته الشياطين ليحملوه فأمر الله عز و جل جبرئيل أن اضرب بجناحك الأيمن وجوه الشياطين و ألقهم في النار فضرب بأجنحته وجوههم و ألقاهم في النار قال النبي ص لقد أعطيت أنا أفضل من ذلك الخبر

 25-  فس، ]تفسير القمي[ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ أي أقدر و هو خلق تقدير حدثنا أحمد بن محمد الهمداني عن جعفر بن عبد الله عن كثير بن عياش عن أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ فإن عيسى كان يقول لبني إسرائيل إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ و إني أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَ الْأَبْرَصَ الأكمه هو الأعمى قالوا ما نرى الذي تصنع إلا سحرا فأرنا آية نعلم أنك صادق قال أ رأيتم إن أخبرتكم بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ يقول ما أكلتم في بيوتكم قبل أن تخرجوا و ما ادخرتم إلى الليل تعلمون أني صادق قالوا نعم فكان يقول للرجل أكلت كذا و كذا و شربت كذا و كذا و رفعت كذا و كذا فمنهم من يقبل منه فيؤمن و منهم من يكفر و كان لهم في ذلك آية إن كانوا مؤمنين و قال علي بن إبراهيم في قوله وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ هو السبت و الشحوم و الطير الذي حرمه الله على بني إسرائيل

 26-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن سعد عن أحمد بن حمزة الأشعري عن ياسر الخادم قال سمعت الرضا ع يقول إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن يوم يلد فيخرج من بطن أمه فيرى الدنيا و يوم يموت فيعاين الآخرة و أهلها و يوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا و قد سلم الله على يحيى ع في هذه الثلاثة المواطن و آمن روعته فقال وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا و قد سلم عيسى ابن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا

  -27  فس، ]تفسير القمي[ الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد البجلي عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال الحسن بن علي ع فيما ناظر به ملك الروم كان عمر عيسى ع في الدنيا ثلاثا و ثلاثين سنة ثم رفعه الله إلى السماء و يهبط إلى الأرض بدمشق و هو الذي يقتل الدجال

 28-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن الحميري عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع قال مر عيسى ابن مريم ع بصفائح الروحاء و هو يقول لبيك عبدك و ابن أمتك لبيك الخبر

 كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير مثله

 29-  مع، ]معاني الأخبار[ معنى المسيح أنه كان يسيح في الأرض و يصوم

 30-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن ابن يزيد عن يحيى بن المبارك عن عبد الله بن جبلة عن رجل عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ قال نفاعا

 فس، ]تفسير القمي[ محمد بن جعفر عن محمد بن أحمد عن ابن يزيد مثله

 31-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بإسناده عن الرضا ع قال كان نقش خاتم عيسى ع حرفين اشتقهما من الإنجيل طوبى لعبد ذكر الله من أجله و ويل لعبد نسي الله من أجله

 32-  ج، ]الإحتجاج[ حمران بن أعين قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله عز و جل وَ رُوحٌ مِنْهُ قال هي مخلوقة خلقه الله بحكمته في آدم و عيسى ع

  -33  فس، ]تفسير القمي[ إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ فقال عيسى اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ قالُوا كما حكى الله نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا وَ نَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ فقال عيسى اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا وَ آيَةً مِنْكَ وَ ارْزُقْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ فقال الله احتجاجا عليهم إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ فكانت تنزل المائدة عليهم فيجتمعون عليها و يأكلون حتى يشبعوا ثم ترفع فقال كبراؤهم و مترفوهم لا ندع سفلتنا يأكلون منها فرفع الله المائدة و مسخوا القرة و الخنازير

 34-  شي، ]تفسير العياشي[ عن يحيى الحلبي في قوله هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ قال قراءتها هل تستطيع ربك يعني هل تستطيع أن تدعو ربك

 بيان هذا قراءة الكسائي حيث قرأ تستطيع بصيغة الخطاب و ربك بالنصب أي تستطيع سؤال ربك

 35-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ عن الصادق عن قال قال رسول الله ص رأيت إبراهيم و موسى و عيسى ع فأما موسى ع فرجل طوال سبط يشبه رجال الزط و رجال أهل شنوة و أما عيسى ع فرجل أحمر جعد ربعة قال ثم سكت فقيل له يا رسول الله فإبراهيم قال انظروا إلى صاحبكم يعني نفسه

 36-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد عن الصدوق عن ماجيلويه عن عمه عن الكوفي عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن أبي جعفر ع قال المائدة التي نزلت على بني إسرائيل كانت مدلاة بسلاسل من ذهب عليها تسعة أحوات و تسعة أرغفة فحسب

 شي، ]تفسير العياشي[ عن عيسى العلوي عن أبيه مثله

 37-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال النبي ص إن الله أنزل مائدة على عيسى ع و بارك له في أرغفة و سميكات حتى أكل و شبع منها أربعة آلاف و سبعمائة

 38-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق بإسناده إلى ابن أورمة عن الحسن بن علي عن الحسن بن الجهم عن الرضا ع قال كان عيسى ع يبكي و يضحك و كان يحيى ع يبكي و لا يضحك و كان الذي يفعل عيسى ع أفضل

 39-  ك، ]إكمال الدين[ أبي و ابن الوليد معا عن سعد عن ابن عيسى عن ابن معروف عن ابن مهزيار عن الحسن بن سعيد عن محمد بن إسماعيل القرشي عمن حدثه عن إسماعيل بن أبي رافع عن أبيه قال قال رسول الله ص إن جبرئيل نزل علي بكتاب فيه خبر الملوك ملوك الأرض قبلي و خبر من بعث قبلي من الأنبياء و الرسل و هو حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة إليه قال لما ملك أشبخ بن أشجان و كان يسمى الكيس و ملك مائتي سنة و ستا و ستين سنة ففي سنة إحدى و خمسين من ملكه بعث الله عيسى ابن مريم ع و استودعه النور و العلم و الحكمة و جميع علوم الأنبياء قبله و زاده الإنجيل و بعثه إلى بيت المقدس إلى بني إسرائيل يدعوهم إلى كتابه و حكمته و إلى الإيمان بالله و برسوله فأبى أكثرهم إلا طغيانا و كفرا فلما لم يؤمنوا به دعا ربه و عزم عليهم فمسخ منهم شياطين ليريهم آية فيعتبروا فلم يزدهم إلا طغيانا و كفرا فأتى بيت المقدس يدعوهم و يرغبهم فيما عند الله ثلاثا و ثلاثين سنة حتى طلبته اليهود و ادعت أنها عذبته و دفنته في الأرض حيا و ادعى بعضهم أنهم قتلوه و صلبوه و ما كان الله ليجعل لهم عليه سلطانا و إنما شبه لهم و ما قدروا على عذابه و دفنه و لا على قتله و صلبه قوله عز و جل إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَ رافِعُكَ إِلَيَّ وَ مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا فلم يقتدروا على قتله و صلبه لأنهم لو قدروا على ذلك كان تكذيبا لقوله و لكن رفعه الله إليه بعد أن توفاه فلما أراد الله أن يرفعه أوحى إليه أن يستودع نور الله و حكمته و علم كتابه شمعون بن حمون الصفا خليفته على المؤمنين ففعل ذلك فلم يزل شمعون يقوم بأمر لله عز و جل و يهتدي بجميع مقال عيسى ع في قومه من بني إسرائيل و يجاهد الكفار فمن أطاعه و آمن به و بما جاء به كان مؤمنا و من جحده و عصاه كان كافرا حتى استخلصه ربنا عز و جل و بعث في عباده نبيا من الصالحين و هو يحيى بن زكريا ع فمضى شمعون و ملك عند ذلك أردشير

 أقول تمامه في باب أحوال الملوك

 40-  ك، ]إكمال الدين[ الطالقاني عن ابن عقدة عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن محمد بن الفضيل عن الثمالي عن الباقر ع قال إن الله أرسل عيسى إلى بني إسرائيل خاصة و كانت نبوته ببيت المقدس و كان من بعده من الحواريين اثني عشر الخبر

 41-  ل، ]الخصال[ بإسناده عن أبي ذر عن النبي ص قال أول نبي من بني إسرائيل موسى و آخرهم عيسى و ستمائة نبي الخبر

 42-  يد، ]التوحيد[ بإسناده عن فتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن ع قال قلت له جعلت فداك و غير الخالق الجليل خالق قال إن الله تبارك و تعالى يقول فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ فقد أخبر أن في عباده خالقين و غير خالقين منهم عيسى ع خلق من الطين كهيئة الطير بإذن الله فنفخ فيه فصار طائرا بإذن الله و السامري خلق لهم عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ إلى آخر ما مر في كتاب التوحيد

 43-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق بإسناده عن ابن عيسى عن البزنطي عن أبان بن عثمان عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع قال كان بين داود و عيسى ع أربعمائة سنة و ثمانون سنة و أنزل على عيسى في الإنجيل مواعظ و أمثال و حدود ليس فيها قصاص و لا أحكام حدود و لا فرض مواريث و أنزل عليه تخفيف ما كان نزل على موسى ع في التوراة و هو قوله تعالى حكاية عن عيسى أنه قال لبني إسرائيل وَ لِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ و أمر عيسى من معه ممن تبعه من المؤمنين أن يؤمنوا بشريعة التوراة و شرائع جميع النبيين و الإنجيل قال و مكث عيسى ع حتى بلغ سبع سنين أو ثمانيا فجعل يخبرهم بما يأكلون و ما يدخرون في بيوتهم فأقام بين أظهرهم يحيي الموتى و يبرئ الأكمه و الأبرص و يعلمهم التوراة و أنزل الله عليه الإنجيل لما أراد أن يتخذ عليهم حجة و كان يبعث إلى الروم رجلا لا يداوي أحدا إلا برئ من مرضه و يبرئ الأكمه و الأبرص حتى ذكر ذلك لملكهم فأدخل عليه فقال أ تبرئ الأكمه و الأبرص قال نعم قال أتي بغلام منخسف الحدقة لم ير شيئا قط فأخذ بندقتين فبندقهما ثم جعلهما في عينيه و دعا فإذا هو بصير فأقعده الملك معه و قال كن معي و لا تخرج من مصري فأنزله معه بأفضل المنازل ثم إن المسيح ع بعث آخر و علمه ما به يحيي الموتى فدخل الروم و قال أنا أعلم من طبيب الملك فقالوا للملك ذلك قال اقتلوه فقال الطبيب لا تفعله أدخله فإن عرفت خطاه قتلته و لك الحجة فأدخل عليه فقال أنا أحيي الموتى فركب الملك و الناس إلى قبر ابن الملك و كان قد مات في تلك الأيام فدعا رسول المسيح و أمن طبيب الملك الذي هو رسول المسيح أيضا الأول فانشق القبر فخرج ابن الملك ثم جاء يمشي حتى جلس في حجر أبيه فقال يا بني من أحياك قال فنظر فقال هذا و هذا فقاما فقالا أنا رسول المسيح إليك و إنك كنت لا تسمع من رسله إنما تأمر بقتلهم إذا أتوك فتابع و أعظموا أمر المسيح ع حتى قال فيه أعداء الله ما قالوا و اليهود يكذبونه و يريدون قتله

 44-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن سعد عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر عن الصادق ع أن عيسى ع لما أراد وداع أصحابه جمعهم و أمرهم بضعفاء الخلق و نهاهم عن الجبابرة فوجه اثنين إلى أنطاكية فدخلا في يوم عيد لهم فوجداهم قد كشفوا عن الأصنام و هم يعبدونها فعجلا عليهم بالتعنيف فشدا بالحديد و طرحا في السجن فلما علم شمعون بذلك أتى أنطاكية حتى دخل عليهما في السجن و قال أ لم أنهكما عن الجبابرة ثم خرج من عندهما و جلس مع الناس مع الضعفاء فأقبل يطرح كلامه الشي‏ء بعد الشي‏ء فأقبل الضعيف يدفع كلامه إلى من هو أقوى منه و أخفوا كلامه إخفاء شديدا فلم يزل يتراقى الكلام حتى انتهى إلى الملك فقال منذ متى هذا الرجل في مملكتي قالوا منذ شهرين فقال علي به فأتوه فلما نظر إليه وقعت عليه محبته فقال لا أجلس إلا و هو معي فرأى في منامه شيئاأفزعه فسأل شمعون عنه فأجاب بجواب حسن فرح به ثم ألقي عليه في المنام ما أهاله فأولها له بما ازداد به سرورا فلم يزل يحادثه حتى استولى عليه ثم قال إن في حبسك رجلين عابا عليك قال نعم قال فعلي بهما فلما أتي بهما قال ما إلهكما الذي تعبدان قالا الله قال يسمعكما إذا سألتماه و يجيبكما إذا دعوتماه قالا نعم قال شمعون فأنا أريد أن أستبرئ ذلك منكما قالا قل قال هل يشفي لكما الأبرص قالا نعم قال فأتي بأبرص فقال سلاه أن يشفي هذا قال فمسحاه فبرأ قال و أنا أفعل مثل ما فعلتما قال فأتي بآخر فمسحه شمعون فبرأ قال بقيت خصلة إن أجبتماني إليها آمنت بإلهكما قالا و ما هي قال ميت تحييانه قالا نعم فأقبل على الملك و قال ميت يعنيك أمره قال نعم ابني قال اذهب بنا إلى قبره فإنهما قد أمكناك من أنفسهما فتوجهوا إلى قبره فبسطا أيديهما فبسط شمعون يديه فما كان بأسرع من أن صدع القبر و قام الفتى فأقبل على أبيه فقال أبوه ما حالك قال كنت ميتا ففزعت فزعة فإذا ثلاثة قيام بين يدي الله باسطو أيديهم يدعون الله أن يحييني و هما هذان و هذا فقال شمعون أنا لإلهكما من المؤمنين فقال الملك أنا بالذي آمنت به يا شمعون من المؤمنين و قال وزراء الملك و نحن بالذي آمن به سيدنا من المؤمنين فلم يزل الضعيف يتبع القوي فلم يبق بالأنطاكية أحد إلا آمن به

 45-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ في رواية أتت عيسى امرأة من كنعان بابن لها مزمن فقالت يا نبي الله ابني هذا زمن ادع الله له قال إنما أمرت أن أبرئ زمنى بني إسرائيل قالت يا روح الله إن الكلاب تنال من فضول موائد أربابها إذا رفعوا موائدهم فأنلنا من حكمتك ما ننتفع به فاستأذن الله تعالى في الدعاء فأذن له فأبرأه

 46-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان قال سأل أبي عبد الله ع هل كان عيسى يصيبه ما يصيب ولد آدم قال نعم و لقد كان يصيبه وجع الكبار في صغره و يصيبه وجع الصغار في كبره و يصيبه المرض و كان إذا مسه وجع الخاصرة في صغره و هو من علل الكبار قال لأمه ابغي لي عسلا و شونيزا و زيتا فتعجني به ثم ائتني به فأتته به فكرهه فتقول لم تكرهه و قد طلبته فيقول هاتيه نعتته لك بعلم النبوة و أكرهته لجزع الصبا و يشم الدواء ثم يشربه بعد ذلك

 47-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ في رواية إسماعيل بن جابر قال أبو عبد الله ع إن عيسى ابن مريم ع كان يبكي بكاء شديدا فلما أعيت مريم كثرة بكائه قال لها خذي من لحا هذه الشجرة فاجعلي وجورا ثم اسقينيه فإذا سقي بكى بكاء شديدا فتقول مريم ما ذا أمرتني فيقول يا أماه علم النبوة و ضعف الصبا

 48-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص عليكم بالعدس فإنه مبارك مقدس يرقق القلب و يكثر الدمعة و قد بارك فيه سبعون نبيا آخرهم عيسى ابن مريم ع

 49-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن ابن محبوب عن داود الرقي قال سمعت أبا عبد الله ع يقول اتقوا الله و لا يحسد بعضكم بعضا إن عيسى ابن مريم ع كان من شرائعه السيح في البلاد فخرج في بعض سيحه و معه رجل من أصحابه قصير و كان كثير اللزوم لعيسى ابن مريم ع فلما انتهى عيسى إلى البحر قال بسم الله بصحة يقين منه فمشى على ظهر الماء فقال الرجل القصير حين نظر إلى عيسى ع جازه بسم الله بصحة يقين منه فمشى على الماء فلحق بعيسى ع فدخله العجب بنفسه فقال هذا عيسى روح الله يمشي على الماء و أنا أمشي على الماء فما فضله علي قال فرمس في الماء فاستغاث بعيسى ع فتناوله من الماء فأخرجه ثم قال له ما قلت يا قصير قال قلت هذا روح الله يمشي على الماء و أنا أمشي فدخلني من ذلك عجب فقال له عيسى ع لقد وضعت نفسك في غير الموضع الذي وضعك الله فيه فمقتك الله على ما قلت فتب إلى الله عز و جل مما قلت قال فتاب الرجل و عاد إلى مرتبته التي وضعه الله فيها فاتقوا الله و لا يحسدن بعضكم بعضا

 50-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله ع قال مر عيسى ابن مريم ع بصفائح الروحاء و هو يقول لبيك عبدك ابن أمتك

 51-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن يزيد الكناسي قال سألت أبا جعفر ع كان عيسى ابن مريم حين تكلم في المهد حجة الله على أهل زمانه فقال كان يومئذ نبيا حجة الله غير مرسل أ ما تسمع لقوله حين قال إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَ جَعَلَنِي نَبِيًّا وَ جَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَ أَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَ الزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا قلت فكان يومئذ حجة الله على زكريا ع في تلك الحال و هو في المهد فقال كان عيسى في تلك الحال آية للناس و رحمة من الله لمريم حين تكلم فعبر عنها و كان نبيا حجة على من سمع كلامه في تلك الحال ثم صمت فلم يتكلم حتى مضت له سنتان و كان زكريا ع الحجة لله عز و جل على الناس بعد صمت عيسى ع بسنتين ثم مات زكريا ع فورثه ابنه يحيى الكتاب و الحكمة و هو صبي صغير أ ما تسمع لقوله عز و جل يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا فلما بلغ عيسى سبع سنين تكلم بالنبوة و الرسالة حين أوحى الله تعالى إليه فكان عيسى الحجة على يحيى و على الناس أجمعين و ليس تبقى الأرض يا با خالد يوما واحدا بغير حجة لله على الناس منذ يوم خلق الله آدم ع و أسكنه الأرض

 ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى مثله

 52-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى قال قلت للرضا ع قد كنا نسألك قبل أن يهب الله لك أبا جعفر فكنت تقول يهب الله لي غلاما فقد وهب الله لك فقر عيوننا فلا أرانا الله يومك فإن كان كون فإلى من فأشار بيده إلى أبي جعفر ع و هو قائم بين يديه فقلت جعلت فداك هذا ابن ثلاث سنين قال و ما يضره من ذلك شي‏ء قد قام عيسى ع بالحجة و هو ابن ثلاث سنين

 بيان هذا الخبر بظاهره ينافي خبر الكناسي و يمكن أن يوجه بأنه نزل عليه الكتاب في السنة الثالثة و لم يؤمر بتبليغه إلى السابعة أو يكون المعنى أنه كان في ثلاث سنين نبيا و إن كان قبله أيضا كذلك و يحتمل أن يكون ضمير هو راجعا إلى أبي جعفر ع أي كان عيسى ع حجة في المهد فلا يستبعد أن يكون أبو جعفر ع إماما و هو ابن ثلاث سنين

 53-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن الخيراني عن أبيه قال كنت واقفا بين يدي أبي الحسن ع بخراسان فقال له قائل يا سيدي إن كان كون فإلى من قال إلى أبي جعفر ابني فكان القاتل استصغر سن أبي جعفر ع فقال أبو الحسن ع إن الله تبارك و تعالى بعث عيسى ابن مريم ع رسولا نبيا صاحب شريعة مبتدأة في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفر

 54-  نص، ]كفاية الأثر[ علي بن محمد عن محمد بن الحسن عن عبد الله بن جعفر الحميري عن الرضا ع قال إن الله تعالى احتج بعيسى ع و هو ابن سنتين

 55-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن خالد عن سعدان بن مسلم عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله ع قال إن عيسى ابن مريم ع لما أن مر على شاطئ البحر رمى بقرص من قوته في الماء فقال له بعض الحواريين يا روح الله و كلمته لم فعلت هذا و إنما هو من قوتك قال فعلت هذا لدابة تأكله من دواب الماء و ثوابه عند الله عظيم

 56-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن أمير المؤمنين ع سأل عن الديراني الذي كان في مسجد براثا و أسلم على يديه من صلى هاهنا قال صلى عيسى ابن مريم ع و أمه فقال له علي ع أ فأخبرك من صلى هاهنا قال نعم قال الخليل ع

 أقول قد مضى بعض أحوال عيسى في باب قصص زكريا و يحيى ع و سيأتي خبر الظباء في أرض كربلاء في باب إخبار الأنبياء بشهادة الحسين ع

 و قد مر في باب جوامع أحوال الأنبياء عن الرضا ع عن أمير المؤمنين ع في خبر الشامي أنه ع قال ستة لم يركضوا في رحم و عد منها الخفاش الذي عمله عيسى ابن مريم ع و طار بإذن الله عز و جل و عن الصادق ع أن الله عز و جل أعطى عيسى حرفين من الأسماء العظام كان يحيي بهما الموتى و يبرئ بهما الأكمه و الأبرص

و قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى في وصف عيسى ع وَ يُعَلِّمُهُ الْكِتابَ أراد الكتابة عن ابن جريح قال أعطى الله تعالى عيسى تسعة أجزاء من الخط و سائر الناس جزء و قيل أراد به بعض الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه سوى التوراة و الإنجيل مثل الزبور و غيره عن أبي علي الجبائي و هو أليق بالظاهر وَ الْحِكْمَةَ أي الفقه و علم الحلال و الحرام عن ابن عباس و قيل أراد بذلك جميع ما علمه من أصول الدين وَ التَّوْراةَ وَ الْإِنْجِيلَ إنما أفردهما تنبيها على جلالة موقعهما وَ رَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ أي قال لهم ذلك لما بعث إليهم بِآيَةٍ أي بدلالة و حجة مِنْ رَبِّكُمْ دالة على نبوتي أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ معناه و هذه الآية أني أقدر لكم و أصور لكم من الطين مثل صورة الطير فَأَنْفُخُ فِيهِ أي في الطير المقدر من الطين. و قال في موضع آخر فِيها أي في الهيئة المقدرة فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ و قدرته و قيل بأمر الله تعالى و إنما وصل قوله بِإِذْنِ اللَّهِ بقوله فَيَكُونُ طَيْراً دون ما قبله لأن تصوير الطين على هيئة الطير و النفخ فيه مما يدخل تحت مقدور العباد فأما جعل الطين طيرا حتى يكون لحما و دما و خلق الحياة فيه فمما لا يقدر عليه غير الله تعالى فقال بِإِذْنِ اللَّهِ ليعلم أنه فعله تعالى و ليس بفعل عيسى ع و في التفسير أنه صنع من الطين كهيئة الخفاش و نفخ فيه فصار طائرا وَ أُبْرِئُ الْأَكْمَهَ أي الذي ولد أعمى عن ابن عباس و قتادة و قيل هو الأعمى عن الحسن و السدي وَ الْأَبْرَصَ الذي به وضح. قال وهب و ربما اجتمع على عيسى ع من المرضى في اليوم خمسون ألفا من أطاق منهم أن يبلغه بلغه و من لم يطق أتاه عيسى ع يمشي إليه و إنما كان يداويهم بالدعاء على شرط الإيمان وَ أُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللَّهِ إنما أضاف الإحياء إلى نفسه على وجه المجاز و التوسع لأن الله كان يحيي الموتى عند دعائه و قيل إنه أحيا أربعة أنفس عازر و كان صديقا له و كان قد مات منذ ثلاثة أيام فقال لأخته انطلقي بنا إلى قبره ثم قال اللهم رب السماوات السبع و رب الأرضين السبع إنك أرسلتني إلى بني إسرائيل أدعوهم إلى دينك و أخبرهم أني أحيي الموتى فأحي عازر فخرج من قبره و بقي و ولد له و ابن العجوز مر به ميتا على سريره فدعا الله عيسى فجلس على سريره و نزل على أعناق الرجال و لبس ثيابه و رجع إلى أهله و بقي و ولد له و ابنة العاشر قيل له أ تحييها و قد ماتت أمس فدعا الله فعاشت و بقيت و ولدت و سام بن نوح دعا باسم الله الأعظم فخرج من قبره و قد شاب نصف رأسه فقال قد قامت القيامة قال لا و لكني دعوتك باسم الله الأعظم قال و لم يكونوا يشيبون في ذلك الزمانلأن سام بن نوح قد عاش خمسمائة سنة و هو شاب ثم قال له مت قال بشرط أن يعيذني الله من سكرات الموت فدعا الله سبحانه ففعل. و قال الكلبي كان عيسى ع يحيي الأموات بيا حي يا قيوم وَ أُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَ ما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ كان يقول للرجل تغديت بكذا و كذا و رفعت إلى بيتك كذا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً أي حجة و معجزة و دلالة لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بالله لأن العلم بالمرسل لا بد و أن يكون قبل العلم بالرسول.

  و قال رحمه الله في قوله تعالى إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قيل فيه أقوال أحدها أن يكون معناه هل يفعل ربك ذلك بمسألتك إياه لتكون علما على صدقك و لا يجوز أن يكونوا شكوا في قدرة الله سبحانه على ذلك لأنهم كانوا عارفين مؤمنين و كأنهم سألوه ذلك ليعرفوا صدقه و صحة أمره من حيث لا يعترض عليهم فيه إشكال و لا شبهة و من ثم قالوا وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا كما قال إبراهيم ع وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي عن أبي علي الفارسي. و ثانيها أن المراد هل يقدر ربك و كان هذا في ابتداء أمرهم قبل أن يستحكم معرفتهم بالله و لذلك أنكر عليهم عيسى ع فقال اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ لأنهم لم يستكمل إيمانهم في ذلك الوقت. و ثالثها أن يكون معناه هل يستجيب لك ربك و إليه ذهب السدي في قوله يريد هل يطيعك ربك إن سألته و هذا على أن يكون استطاع بمعنى أطاع كما يكون استجاب بمعنى أجاب. قال الزجاج يحتمل مسألة الحواريين عيسى المائدة ضربين أحدهما أن يكونوا أرادوا أن يزدادوا تثبيتا كما قال إبراهيم ع رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى و جائز أن تكون مسألتهم المائدة قبل علمهم أنه أبرأ الأكمه و الأبرص و أحيا الموتى. قالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ معناه اتقوا الله أن تسألوه شيئا لم تسأله الأمم قبلكم و قيل معناه الأمر بالتقوى مطلقا كما أمر الله سبحانه المؤمنين بها في قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ عن أبي علي الفارسي و قيل أمرهم أن لا يقترحوا الآيات و أن لا يقدموا بين يدي الله و رسوله لأن الله تعالى قد أراهم البراهين و المعجزات بإحياء الموتى و غيره مما هو أوكد مما سألوه و طلبوه عن الزجاج. قالُوا أي قال الحواريون نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها قيل في معناه قولان أحدهما أن يكون الإرادة التي هي من أفعال القلوب و يكون التقدير فيه نريد السؤال من أجل هذا الذي ذكرنا و الآخر أن تكون الإرادة هنا بمعنى المحبة التي هي ميل الطباع أي نحب ذلك وَ تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنا يجوز أن يكونوا قالوه و هم مستبصرون في دينهم و معناه نريد أن نزداد يقينا و ذلك أن الدلائل كلما كثرت مكنت المعرفة في النفس عن عطاء وَ نَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا بأنك رسول الله و هذا يقوي قول من قال إن هذا كان في ابتداء أمرهم و الصحيح أنهم طلبوا المعاينة و العلم الضروري و التأكيد في الإعجاز وَ نَكُونَ عَلَيْها مِنَ الشَّاهِدِينَ لله بالتوحيد و لك بالنبوة و قيل من الشاهدين لك عند بني إسرائيل إذا رجعنا إليهم ثم أخبر سبحانه عن سؤال عيسى إياه فقال قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عن قومه لما التمسوا عنه و قيل إنه إنما سأل ربه ذلك حين أذن له في السؤال اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ أي خوانا عليه طعام من السماء تَكُونُ لَنا عِيداً قيل في معناه قولان أحدهما نتخذ اليوم الذي تنزل فيه عيدا نعظمه نحن و من يأتي بعدنا عن السدي و قتادة و ابن جريح و هو قول أبي علي الجبائي الثاني أن معناه يكون عائدة فضل من الله و نعمة منه لنا و الأول هو الوجه لِأَوَّلِنا وَ آخِرِنا أي لأهل زماننا و من يجي‏ء بعدنا و قيل معناه يأكل منها آخر الناس كما يأكل أولهم عن ابن عباس وَ آيَةً مِنْكَ أي دلالة منك عظيمة الشأن في إزعاج قلوب العباد إلى الإقرار بمدلولها و الاعتراف بالحق الذي يشهد به ظاهرها يدل على توحيدك و صحة نبوة نبيك وَ ارْزُقْنا أي و اجعل ذلك رزقا لنا و قيل معناه و ارزقنا الشكر عليها عن الجبائي وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ و فيهذا دلالة على أن العباد قد يرزق بعضهم بعضا لأنه لو لم يكن كذلك لم يصح أن يقال له سبحانه أَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ

  كما لا يجوز أن يقال أنت خير الآلهة لما لم يكن غيره إلها قالَ اللَّهُ مجيبا له إلى ما التمسه إِنِّي مُنَزِّلُها يعني المائدة عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ بعد إنزالها عليكم فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ قيل في معناه أقوال. أحدها أراد عالمي زمانهم فجحد القوم و كفروا بعد نزولها فمسخوا قردة و خنازير عن قتادة و روي عن أبي الحسن موسى ع أنهم مسخوا خنازير. و ثانيها أنه أراد عذاب الاستيصال. و ثالثها أنه أراد جنسا من العذاب لا يعذب به أحدا غيرهم و إنما استحقوا هذا النوع من العذاب بعد نزول المائدة لأنهم كفروا بعد ما رأوا الآية التي هي من أزجر الآيات عن الكفر بعد سؤالهم لها فاقتضت الحكمة اختصاصهم بفن من العذاب عظيم الموقع كما اختصت آيتهم بفن من الزجر عظيم الموقع. القصة اختلف العلماء في المائدة هل نزلت أم لا فقال الحسن و مجاهد إنها لم تنزل و إن القوم لما سمعوا الشرط استعفوا من نزولها و قالوا لا نريدها و لا حاجة لنا فيها فلم تنزل و الصحيح أنها نزلت لقوله سبحانه إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ و لا يجوز أن يقع في خبره الخلف و لأن الأخبار قد استفاضت عن النبي و الصحابة و التابعين في أنها نزلت قال كعب إنها نزلت يوم الأحد و لذلك اتخذه النصارى عيدا و اختلفوا في كيفية نزولها و ما عليها

 فروي عن عمار بن ياسر عن النبي ص قال نزلت المائدة خبزا و لحما و ذلك أنهم سألوا عيسى ع طعاما لا ينفد يأكلون منها قال فقيل لهم فإنها مقيمة لكم ما لم تخونوا أو تخبئوا و ترفعوا فإن فعلتم ذلك عذبتم قال فما مضى يومهم حتى خبئوا و رفعوا و خانوا

و قال ابن عباس أن عيسى ابن مريم قال لبني إسرائيل صوموا ثلاثين يوما ثم سلوا الله ما شئتم يعطكموه فصاموا ثلاثين يوما فلما فرغوا قالوا يا عيسى إنا لو عملنا لأحد من الناس فقضينا عمله لأطعمنا طعاما و إنا صمنا و جعنا فادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها عليها سبعة أرغفة و سبعة أحوات حتى وضعتها بين أيديهم فأكل منها آخر الناس كما أكل أولهم و هو المروي عن أبي جعفر ع و روى عطاء بن السائب عن زاذان و ميسرة قالا كانت إذا وضعت المائدة لبني إسرائيل اختلفت عليهم الأيدي من السماء بكل طعام إلا اللحم و روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أنزل على المائدة كل شي‏ء إلا الخبز و اللحم و قال عطاء نزل عليها كل شي‏ء إلا السمك و اللحم و قال عطية العوفي نزل من السماء سمكة فيها طعم كل شي‏ء و قال عمار و قتادة كان عليها ثمر من ثمارالجنة و قال قتادة كانت تنزل عليهم بكرة و عشيا حيث كانوا كالمن و السلوى لبني إسرائيل و قال يمان بن رئاب كانوا يأكلون منها ما شاءوا و روى عطاء بن أبي رياح عن سلمان الفارسي أنه قال و الله ما تبع عيسى ع شيئا من المساوي قط و لا انتهر شيئا و لا قهقه ضحكا و لا ذب ذبابا عن وجهه و لا أخذ على أنفه من شي‏ء نتن قط و لا عبث قط و لما سأله الحواريون أن ينزل عليهم مائدة لبس صوفا و بكى و قال اللَّهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً الآية فنزلت سفرة حمراء بين غمامتين و هم ينظرون إليها و هي تهوي منقضة حتى سقطت بين أيديهم فبكى عيسى ع و قال اللهم اجعلني من الشاكرين اللهم اجعلها رحمة و لا تجعلها مثلة و عقوبة و اليهود ينظرون إليها ينظرون إلى شي‏ء لم يروا مثله قط و لم يجدوا ريحا أطيب من ريحه فقام عيسى ع فتوضأ و صلى صلاة طويلة ثم كشف المنديل عنها و قال بسم الله خير الرازقين فإذا هو سمكة مشوية ليس عليها فلوسها تسيل سيلا من الدسم و عند رأسها ملح و عند ذنبها خل و حولها من أنواع البقول ما عدا الكراث و إذا خمسة أرغفة على واحد منها زيتون و على الثاني عسل و على الثالث سمن و على الرابع جبن و على الخامس قديد فقال شمعون يا روح الله أ من طعام الدنيا هذا أم من طعام الآخرة فقال عيسى ليس شي‏ء مما ترون من طعام الدنيا و لا من طعام الآخرة و لكنه شي‏ء افتعله الله

  تعالى بالقدرة الغالبة كلوا مما سألتم يمددكم و يزدكم من فضله و قال الحواريون يا روح الله لو أريتنا من هذه الآية اليوم آية أخرى فقال عيسى ع يا سمكة احيي بإذن الله فاضطرب السمكة و عاد عليها فلوسها و شوكها ففزعوا منها فقال عيسى ع ما لكم تسألون أشياء إذا أعطيتموها كرهتموها ما أخوفني عليكم أن تعذبوا يا سمكة عودي كما كنت بإذن الله فعادت السمكة مشوية كما كانت قالوا يا روح الله كن أول من يأكل منها ثم نأكل نحن فقال عيسى معاذ الله أن آكل منها و لكن يأكل منها من سألها فخافوا أن يأكلوا منها فدعا لها عيسى ع أهل الفاقة و الزمنى و المرضى و المبتلين فقال كلوا منها و لكم الهناء و لغيركم البلاء فأكل منها ألف و ثلاث مائة رجل و امرأة من فقير و مريض و مبتلى و كلهم شبعان يتجشى ثم نظر عيسى ع إلى السمكة فإذا هي كهيئتها كما نزلت من السماء ثم طارت المائدة صعدا و هم ينظرون إليها حتى توارت عنهم فلم يأكل منها يومئذ زمن إلا صح و لا مريض إلا برئ و لا فقير إلا استغنى و لم يزل غنيا حتى مات و ندم الحواريون و من لم يأكل منها و كانت إذا نزلت اجتمع الأغنياء و الفقراء و الصغار و الكبار يتزاحمون عليها فلما رأى ذلك عيسى ع جعلها نوبة بينهم فلبثت أربعين صباحا تنزل ضحى فلا تزال منصوبة يؤكل منها حتى إذا فاء الفي‏ء طارت صعدا و هم ينظرون في ظلها حتى توارت عنهم و كانت تنزل غبا يوما و يوما لا فأوحى الله تعالى إلى عيسى ع اجعل مائدتي للفقراء دون الأغنياء فعظم ذلك على الأغنياء حتى شكوا و شككوا الناس فيها فأوحى الله تعالى إلى عيسى أني شرطت على المكذبين شرطا أن من كفر بعد نزولها أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ فقال عيسى إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ إِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فمسخ منهم ثلاثمائة و ثلاثة و ثلاثين رجلا باتوا من ليلهم على فرشهم مع نسائهم في ديارهم فأصبحوا خنازير يسعون في الطرقات و الكناسات و يأكلون العذرة في الحشوش فلما رأى الناس ذلك فزعوا إلى عيسى ع و بكوا و بكى على الممسوخين أهلوهم فعاشوا ثلاثة أيام ثم هلكوا. و في تفسير أهل البيت عليهم الصلاة و السلام كانت المائدة تنزل عليهم فيجتمعون عليها و يأكلون منها ثم يرفع فقال كبراؤهم و مترفوهم لا ندع سفلتنا يأكلون منها معنا فرفع الله المائدة ببغيهم و مسخوا قردة و خنازير انتهى كلامه رحمه الله. و قال الثعلبي في تفسيره قالت العلماء بأخبار الأنبياء بعث عيسى ع رسولين من الحواريين إلى أنطاكية فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له و هو حبيب صاحب ياسين فسلما عليه فقال الشيخ لهما من أنتما قالا رسولا عيسى ندعوكم من عبادة الأوثان إلى عبادة الرحمن فقال أ معكما آية قالا نعم نحن نشفي المريض و نبرئ الأكمه و الأبرص بإذن الله فقال الشيخ إن لي ابنا مريضا صاحب فراش منذ سنين قالا فانطلق بنا إلى منزلك نتطلع حاله فأتى بهما إلى منزله فمسحا ابنه فقام في الوقت بإذن الله صحيحا ففشا الخبر في المدينة و شفى الله على يديهما كثيرا من المرضى و كان لهم ملك يقال له شلاحن و كان من ملوك الروم يعبد الأصنام قالوا فأنهى الخبر إليه فدعاهما فقال لهما من أنتما قالا رسولا عيسى قال فما آيتكما قالا نبرئ الأكمه و الأبرص و نشفي المرضى بإذن الله قال و فيم جئتما قالا جئناك ندعوك من عبادة ما لا يسمع و لا يبصر إلى عبادة من يسمع و يبصر فقال الملك و لنا إله سوى آلهتنا قالا نعم من أوجدك و آلهتك قال قوما حتى أنظر في أمركما فتتبعهما ناس فأخذوهما و ضربوهما في السوق. و قال وهب بن منبه بعث عيسى ع هذين الرسولين إلى أنطاكية فأتياها و لم يصلا إلى ملكها فطالت مدة مقامهما فخرج الملك ذات يوم فكبرا و ذكرا الله فغضب الملك و أمر بهما فأخذا و حبسا و جلد كل واحد منهما مائة جلدة قالوا فلما كذب الرسولان و ضربا بعث عيسى رأس الحواريين شمعون الصفا على أثرهما لينصرهما فدخل

  شمعون البلدة متنكرا و جعل يعاشر حاشية الملك حتى أنسوا به فرفع خبره إلى الملك فدعاه فرضي عشرته و أنس به و أكرمه ثم قال له ذات يوم أيها الملك بلغني أنك حبست رجلين في السجن و ضربتهما حين دعواك إلى غير دينك فهل كلمتهما و سمعت قولهما فقال الملك حال الغضب بيني و بين ذلك قال فإن رأى الملك دعاهما حتى يتطلع ما عندهما فدعاهما الملك فقال لهما شمعون من أرسلكما إلى هاهنا قالا الله الذي خلق كل شي‏ء و ليس له شريك قال لهما شمعون فصفاه و أوجزا فقالا إنه يفعل ما يشاء و يحكم ما يريد قال شمعون و ما آيتكما قالا له ما تتمناه فأمر الملك حتى جاءوا بغلام مطموس العينين موضع عينيه كالجبهة فما زالا يدعوان ربهما حتى انشق موضع البصر فأخذا بندقتين من الطين فوضعاهما في حدقتيه فصارتا مقلتين يبصر بهما فتعجب الملك فقال شمعون للملك إن أنت سألت إلهك حتى يصنع صنيعا مثل هذا فيكون لك و لإلهك شرفا فقال له الملك ليس لي عنك سر إن إلهنا الذي نعبده لا يبصر و لا يسمع و لا يضر و لا ينفع و كان شمعون إذا دخل الملك بيت الصنم يدخل بدخوله و يصلي كثيرا و يتضرع حتى ظنوا أنه على ملتهم فقال الملك للرسولين إن قدر إلهكما الذي تعبدانه على إحياء ميت آمنا به و بكما قالا إلهنا قادر على كل شي‏ء فقال الملك إن هاهنا ميتا مات منذ سبعة أيام ابن لدهقان و أنا أخذته و لم أدفنه حتى يرجع أبوه و كان غائبا فجاءوا بالميت و قد تغير و أروح و جعلا يدعوان ربهما علانية و جعل شمعون يدعو ربه سرا فقام الميت و قال إني قمت منذ سبعة أيام و أدخلت في سبعة أودية من النار و أنا أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا بالله ثم قال فتحت أبواب السماء فنظرت فرأيت شابا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة قال الملك و من الثلاثة قال شمعون و هذان و أشار إلى صاحبيه فتعجب الملك فلما علم شمعون أن قوله قد أثر في الملك أخبره بالحال و دعاه فآمن قوم و كان الملك فيمن آمن و كفر آخرون انتهى. و ذكر الطبرسي رحمه الله هذه القصة إلى هذا الموضع ثم قال و قد روى مثل ذلك العياشي بإسناده عن الثمالي و غيره عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع إلا أن في بعض الروايات بعث الله الرسولين إلى أهل أنطاكية ثم بعث الثالث و في بعضها أن عيسى أوحى الله إليه أن يبعثهما ثم بعث وصيه شمعون ليخلصهما و أن الميت الذي أحياه الله بدعائهما كان ابن الملك و ساق الخبر إلى آخر ما أورده علي بن إبراهيم ثم قال و قال ابن إسحاق بل كفر الملك و أجمع هو و قومه على قتل الرسل فبلغ ذلك حبيبا و هو على باب المدينة الأقصى فجاء يسعى إليهم يذكرهم و يدعوهم إلى طاعة الرسل انتهى. و قال صاحب الكامل و الثعلبي في العرائس لما كانت مريم بمصر نزلت على دهقان و كانت داره يأوي إليها الفقراء و المساكين فسرق له مال فلم يتهم إلا المساكين فحزنت مريم فلما رأى عيسى ع حزن أمه قال أ تريدين أن أدله على ماله قالت نعم قال إنه أخذه الأعمى و المقعد اشتركا فيه حمل الأعمى المقعد فأخذه فقيل للأعمى ليحمل المقعد فأظهر المقعد العجز فقال له المسيح كيف قويت على حمله البارحة لما أخذتما المال فاعترفا فأعاداه و نزل بالدهقان أضياف و لم يكن عنده شراب فاهتم لذلك فلما رآه عيسى ع دخل

  بيتا للدهقان فيه صفان من جرار فأمر عيسى ع يده على أفواهها و هو يمشي فامتلأت شرابا و عمره حينئذ اثنتا عشرة سنة و كان في الكتاب يحدث الصبيان بما يصنع أهلوهم و بما يأكلون قال وهب بينما عيسى ع يلعب مع الصبيان إذ وثب غلام على صبي فضربه على رجله فقتله فألقاه بين رجلي المسيح متلطخا بالدم فانطلقوا به إلى الحاكم في ذلك البلد و قالوا قتل صبينا فسأله الحاكم فقال ما قتلته فأرادوا أن يبطشوا به فقال ايتوني بالصبي حتى أسأله من قتله فعجبوا من قوله و أحضروه عند القتيل فدعا الله تعالى و أحياه فقال من قتلك فقال قتلني فلان فقال بنو إسرائيل للقتيل من هذا قال عيسى ابن مريم ثم مات من ساعته. و قال عطاء سلمت مريم عيسى ع إلى صباغ يتعلم عنده فاجتمع عند الصباغ ثياب و عرض له حاجة فقال للمسيح ع هذه ثياب مختلفة الألوان و قد جعلت في كل ثوب خيطا على اللون الذي تصبغ به فأصبغها حتى أعود من حاجتي هذه فأخذها المسيح و ألقاها في حب واحد فلما عاد الصباغ سأله عن الثياب فقال صبغتها فقال أين هي قال في هذا الحب قال كلها قال نعم قال قد أفسدتها على أصحابها و تغيظ عليه فقال له المسيح لا تعجل و انظر إليها فقام و أخرج كل ثوب منها على اللون الذي أراد صاحبه فتعجب الصباغ منه و علم أن ذلك من الله تعالى. و لما عاد عيسى و أمه إلى الشام نزلا بقرية يقال لها ناصرة و بها سميت النصارى فأقام إلى أن بلغ ثلاثين سنة فأوحى الله إليه أن يبرز للناس و يدعوهم إلى الله تعالى و يداوي الزمنى و المرضى و الأكمه و الأبرص و غيرهم من المرضى ففعل ما أمر به فأحبه الناس و كثر أتباعه و حضر يوما طعام بعض الملوك كان دعا الناس إليه فقعد على قصعة يأكل منها و لا ينقص قال الملك من أنت قال أنا عيسى ابن مريم فنزل الملك و أتبعه في نفر من أصحابه فكانوا الحواريين و قيل إن الحواريين هم الصباغ الذي تقدم ذكره و أصحاب له و قيل كانوا صيادين و قيل كانوا قصارين و قيل ملاحين و الله أعلم. أقول و قال السيد بن طاوس في سعد السعود رأيت في الإنجيل أن عيسى ع صعد السفينة و معه تلاميذه و إذا اضطراب عظيم في البحر حتى كادت السفينة تتغطى بالأمواج و كان هو كالنائم فتقدم إليه تلاميذه و أيقظوه و قالوا يا سيدنا نجنا لكيلا نهلك فقال لهم يا قليلي الإيمان ما أخوفكم فعند ذلك قام و انتهر الرياح فصار هدء عظيما فتعجب الناس و قالوا كيف هذا إن الرياح و البحر لتسمعان منه