باب 5- دخوله الشعب و ما جرى بعده إلى الهجرة و عرض نفسه على القبائل و بيعة الأنصار و موت أبي طالب و خديجة رضي الله عنهما

1-  عم، ]إعلام الورى[ ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ اجتمعت قريش في دار الندوة و كتبوا صحيفة بينهم أن لا يؤاكلوا بني هاشم و لا يكلموهم و لا يبايعوهم و لا يزوجوهم و لا يتزوجوا إليهم و لا يحضروا معهم حتى يدفعوا إليهم محمدا فيقتلوه و أنهم يد واحدة على محمد يقتلونه غيلة أو صراحا فلما بلغ ذلك أبا طالب جمع بني هاشم و دخلوا الشعب و كانوا أربعين رجلا فحلف لهم أبو طالب بالكعبة و الحرم و الركن و المقام إن شاكت محمدا شوكة لأثبن عليكم يا بني هاشم و حصن الشعب و كان يحرسه بالليل و النهار فإذا جاء الليل يقوم بالسيف عليه و رسول الله ص مضطجع ثم يقيمه و يضجعه في موضع آخر فلا يزال الليل كله هكذا و يوكل ولده و ولد أخيه به يحرسونه بالنهار فأصابهم الجهد و كان من دخل مكة من العرب لا يجسر أن يبيع من بني هاشم شيئا و من باع منهم شيئا انتهبوا ماله و كان أبو جهل و العاص بن وائل السهمي و النضر بن الحارث بن كلدة و عقبة بن أبي معيط يخرجون إلى الطرقات التي تدخل مكة فمن رأوه معه ميرة نهوه أن يبيع من بني هاشم شيئا و يحذرون إن باع شيئا منهم أن ينهبوا ماله و كانت خديجة رضي الله عنها لها مال كثير فأنفقته على  رسول الله ص في الشعب و لم يدخل في حلف الصحيفة مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد المطلب بن عبد مناف و قال هذا ظلم و ختموا الصحيفة بأربعين خاتما ختمها كل رجل من رؤساء قريش بخاتمه و علقوها في الكعبة و تابعهم على ذلك أبو لهب و كان رسول الله ص يخرج في كل موسم فيدور على قبائل العرب فيقول لهم تمنعون لي جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربكم و ثوابكم الجنة على الله و أبو لهب في أثره فيقول لا تقبلوا منه فإنه ابن أخي و هو كذاب ساحر فلم يزل هذا حالهم و بقوا في الشعب أربع سنين لا يأمنون إلا من موسم إلى موسم و لا يشترون و لا يبايعون إلا في الموسم و كان يقوم بمكة موسمان في كل سنة موسم العمرة في رجب و موسم الحج في ذي الحجة فكان إذا اجتمعت المواسم تخرج بنو هاشم من الشعب فيشترون و يبيعون ثم لا يجسر أحد منهم أن يخرج إلى الموسم الثاني و أصابهم الجهد و جاعوا و بعثت قريش إلى أبي طالب ادفع إلينا محمدا حتى نقتله و نملكك علينا فقال أبو طالب رضي الله عنه قصيدته اللامية يقول فيها

و لما رأيت القوم لا ود فيهم و قد قطعوا كل العرى و الوسائل‏أ لم تعلموا أن ابننا لا مكذب لدينا و لا يعني بقول الأباطل‏و أبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل‏يطوف به الهلاك من آل هاشم فهم عنده في نعمة و فواضل‏كذبتم و بيت الله يبزى محمد ص و لما نطاعن دونه و نقاتل‏و نسلمه حتى نصرع دونه و نذهل عن أبنائنا و الحلائل

  لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد و أحببته حب الحبيب المواصل‏و جدت بنفسي دونه و حميته و دارأت عنه بالذرى و الكواهل‏فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها و شيئا لمن عادى و زين المحافل‏حليما رشيدا حازما غير طائش يوالي إله الحق ليس بماحل‏فأيده رب العباد بنصره و أظهر دينا حقه غير باطل

فلما سمعوا هذه القصيدة آيسوا منه و كان أبو العاص بن الربيع و هو ختن رسول الله يأتي بالعير بالليل عليها البر و التمر إلى باب الشعب ثم يصيح بها فتدخل الشعب فيأكله بنو هاشم و قد قال رسول الله ص لقد صاهرنا أبو العاص فأحمدنا صهره لقد كان يعمد إلى العير و نحن في الحصار فيرسلها في الشعب ليلا و لما أتى على رسول الله في الشعب أربع سنين بعث الله على صحيفتهم القاطعة دابة الأرض فلحست جميع ما فيها من قطيعة و ظلم و تركت باسمك اللهم و نزل جبرئيل على رسول الله ص فأخبره بذلك فأخبر رسول الله أبا طالب فقام أبو طالب و لبس ثيابه ثم مشى حتى دخل المسجد على قريش و هم مجتمعون فيه فلما أبصروه قالوا قد ضجر أبو طالب و جاء الآن ليسلم ابن أخيه فدنا منهم و سلم عليهم فقاموا إليه و عظموه و قالوا قد علمنا يا أبا طالب إنك أردت مواصلتنا و الرجوع إلى جماعتنا و أن تسلم ابن أخيك إلينا قال و الله ما جئت لهذا و لكن ابن أخي أخبرني و لم يكذبني إن الله تعالى أخبره أنه بعث على صحيفتكم القاطعة دابة الأرض فلحست  جميع ما فيها من قطيعة رحم و ظلم و جور و ترك اسم الله فابعثوا إلى صحيفتكم فإن كان حقا فاتقوا الله و ارجعوا عما أنتم عليه من الظلم و الجور و قطيعة الرحم و إن كان باطلا دفعته إليكم فإن شئتم قتلتموه و إن شئتم استحييتموه فبعثوا إلى الصحيفة و أنزلوها من الكعبة و عليها أربعون خاتما فلما أتوا بها نظر كل رجل منهم إلى خاتمه ثم فكوها فإذا ليس فيها حرف واحد إلا باسمك اللهم فقال لهم أبو طالب يا قوم اتقوا الله و كفوا عما أنتم عليه فتفرق القوم و لم يتكلم أحد و رجع أبو طالب إلى الشعب

 2-  عم، ]إعلام الورى[ و قال في ذلك قصيدته البائية التي أولها ألا من لهم آخر الليل منصب و شعب العصا من قومك المتشعب و فيها

و قد كان في أمر الصحيفة عبرة متى ما يخبر غائب القوم يعجب‏محا الله منها كفرهم و عقوقهم و ما نقموا من ناطق الحق معرب‏و أصبح ما قالوا من الأمر باطلا و من يختلق ما ليس بالحق يكذب‏و أمسى ابن عبد الله فينا مصدقا على سخط من قومنا غير معتب‏و لا تحسبونا مسلمين محمدا لذي عزة منا و لا متعزب‏ستمنعه منا يد هاشمية مركبها في الناس خير مركب

 3-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ و قال عند ذلك نفر من بني عبد مناف و بني قصي و رجال من قريش ولدتهم نساء بني هاشم منهم مطعم بن عدي بن عامر بن لوي و كان شيخا كبيرا كثير المال له أولاد و أبو البختري بن هشام و زهير بن أمية المخزومي في رجال من أشرافهم نحن برآء مما في هذا الصحيفة فقال أبو جهل هذا أمر قضي بليل و خرج النبي  ص و رهطه من الشعب و خالطوا الناس و مات أبو طالب بعد ذلك بشهرين و ماتت خديجة رضي الله عنها بعد ذلك و ورد على رسول الله ص أمران عظيمان و جزع جزعا شديدا و دخل على أبي طالب و هو يجود بنفسه و قال يا عم ربيت صغيرا و نصرت كبيرا و كفلت يتيما فجزاك الله عني خير الجزاء أعطني كلمة أشفع لك بها عند ربي قال ابن عباس فلما ثقل أبو طالب رئي يحرك شفتيه فأصغى إليه العباس يسمع قوله فرفع العباس عنه رأسه و قال يا رسول الله و الله قد قال الكلمة التي سألته إياها

 و عن ابن عباس رضي الله عنه قال إن رسول الله ص عارض جنازة أبي طالب فقال وصلت رحما و جزيت خيرا يا عم

 4-  عم، ]إعلام الورى[ و ذكر محمد بن إسحاق بن يسار أن خديجة بنت خويلد و أبا طالب رضي الله عنهما ماتا في عام واحد و تتابعت على رسول الله ص المصائب بهلاك خديجة و أبي طالب و كانت خديجة وزيرة صدق على الإسلام و كان يسكن إليها

 و ذكر أبو عبد الله بن مندة في كتاب المعرفة أن وفاة خديجة كانت بعد وفاة أبي طالب بثلاثة أيام و زعم الواقدي أنهم خرجوا من الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين و في هذه السنة توفيت خديجة و أبو طالب و بينهما خمس و ثلاثون ليلة

 5-  عم، ]إعلام الورى[ في كتاب دلائل النبوة عن الزهري قال كان رسول الله يعرض نفسه  على قبائل العرب في كل موسم و يكلم كل شريف قوم لا يسألهم مع ذلك إلا أن يؤوه و يمنعوه و يقول لا أكره أحدا منكم على شي‏ء من رضي منكم بالذي أدعوه إليه فذاك و من كره لم أكرهه إنما أريد أن تحرزوني مما يراد بي من القتل حتى أبلغ رسالات ربي و حتى يقضي الله عز و جل لي و لمن صحبني بما شاء الله فلم يقبله أحد منهم و لم يأت أحدا من تلك القبائل إلا قال قوم الرجل أعلم به أ ترون أن رجلا يصلحنا و قد أفسد قومه و لفظوه فلما توفي أبو طالب اشتد البلاء على رسول الله ص أشد ما كان فعمد لثقيف بالطائف رجاء أن يؤوه فوجد ثلاثة نفر منهم هم سادات ثقيف يومئذ و هم إخوة عبد ياليل بن عمرو و حبيب بن عمرو و مسعود بن عمرو فعرض عليهم نفسه و شكا إليهم البلاء و ما انتهك منه قومه فقال أحدهم أنا أسرق أستار الكعبة إن كان الله بعثك بشي‏ء قط و قال الآخر أ عجز على الله أن يرسل غيرك و قال الآخر و الله لا أكلمك بعد مجلسك هذا أبدا و الله لئن كنت رسول الله لأنت أعظم شرفا من أن أكلمك و لئن كنت تكذب على الله لأنت شر من أن أكلمك و تهزءوا به و أفشوا في قومهم الذي راجعوه به فقعدوا له صفين على طريقه فلما مر رسول الله ص بين صفيهم كان لا يرفع رجليه و لا يضعهما إلا رضخوهما بالحجارة و قد كانوا أعدوها حتى أدموا رجليه فخلص منهم و رجلاه تسيلان الدماء فعمد إلى حائط من حوائطهم و استظل في ظل حبلة و هو مكروب موجع فإذا في الحائط عتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة فلما رآهما كره مكانهما لما يعلم من عداوتهما لله و لرسوله و لما رأياه أرسلا إليه غلاما لهما يدعى عداس و هو نصراني من أهل نينوى معه عنب فلما جاءه عداس قال له رسول الله ص من أي أرض أنت قال أنا من أهل نينوى فقال ص من مدينة الرجل الصالح يونس بن متى فقال له عداس و ما يدريك من يونس بن متى فقال له رسول الله ص و كان لا يحقر أحدا أن يبلغه رسالة ربه أنا رسول الله و الله تعالى أخبرني خبر يونس بن متى فلما أخبره بما أوحى الله إليه  من شأن يونس بن متى خر عداس ساجدا لله و جعل يقبل قدميه و هما تسيلان الدماء فلما بصر عتبة و شيبة ما يصنع غلامهما سكتا فلما أتاهما قالا له ما شأنك سجدت لمحمد و قبلت قدميه و لم نرك فعلته بأحد منا قال هذا رجل صالح أخبرني بشي‏ء عرفته من شأن رسول بعثه الله إلينا يدعى يونس بن متى فضحكا و قالا لا يفتننك عن نصرانيتك فإنه رجل خداع فرجع رسول الله ص إلى مكة. قال علي بن إبراهيم بن هاشم و لما رجع رسول الله ص من الطائف و أشرف على مكة و هو معتمر كره أن يدخل مكة و ليس له فيها مجير فنظر إلى رجل من قريش قد كان أسلم سرا فقال له ائت الأخنس بن شريق فقل له إن محمدا يسألك أن تجيره حتى يطوف و يسعى فإنه معتمر فأتاه و أدى إليه ما قال رسول الله فقال الأخنس إني لست من قريش و إنما أنا حليف فيهم و الحليف لا يجير على الصميم و أخاف أن يخفروا جواري فيكون ذلك مسبة فرجع إلى رسول الله فأخبره و كان رسول الله في شعب حراء مختفيا مع زيد فقال له ائت سهيل بن عمرو فاسأله أن يجيرني حتى أطوف بالبيت و أسعى فأتاه و أدى إليه قوله فقال له لا أفعل فقال له رسول الله اذهب إلى مطعم بن عدي فاسأله أن يجيرني حتى أطوف و أسعى فجاء إليه و أخبره فقال أين محمد فكره أن يخبره بموضعه فقال هو قريب فقال ائته فقل له إني قد أجرتك فتعال و طف و اسع ما شئت فأقبل رسول الله ص و قال مطعم لولده و أختانه و أخيه طعيمة بن عدي خذوا سلاحكم فإني قد أجرت محمدا و كونوا حول الكعبة حتى يطوف و يسعى و كانوا عشرة فأخذوا السلاح و أقبل رسول الله حتى دخل المسجد و رآه أبو جهل فقال يا معشر قريش هذا محمد وحده و قد مات ناصره فشأنكم به فقال له طعيمة بن عدي

   يا عم لا تتكلم فإن أبا وهب قد أجار محمدا فوقف أبو جهل على مطعم بن عدي فقال أبا وهب أ مجير أم صابئ قال بل مجير قال إذا لا نخفر جوارك فلما فرغ رسول الله ص من طوافه و سعيه جاء إلى مطعم فقال أبا وهب قد أجرت و أحسنت فرد علي جواري قال و ما عليك أن تقيم في جواري قال أكره أن أقيم في جوار مشرك أكثر من يوم قال مطعم يا معشر قريش إن محمدا قد خرج من جواري. قال علي بن إبراهيم قدم أسعد بن زرارة و ذكوان بن عبد قيس في موسم من مواسم العرب و هما من الخزرج و كان بين الأوس و الخزرج حرب قد بقوا فيها دهرا طويلا و كانوا لا يضعون السلاح لا بالليل و لا بالنهار و كان آخر حرب بينهم يوم بعاث و كانت للأوس على الخزرج فخرج أسعد بن زرارة و ذكوان إلى مكة في عمرة رجب يسألون الحلف على الأوس و كان أسعد بن زرارة صديقا لعتبة بن ربيعة فنزل عليه فقال له إنه كان بيننا و بين قومنا حرب و قد جئناك نطلب الحلف عليهم فقال له عتبة بعدت دارنا من داركم و لنا شغل لا نتفرغ لشي‏ء قال و ما شغلكم و أنتم في حرمكم و أمنكم قال له عتبة خرج فينا رجل يدعي أنه رسول الله سفه أحلامنا و سب آلهتنا و أفسد شباننا و فرق جماعتنا فقال له أسعد من هو منكم قال ابن عبد الله بن عبد المطلب من أوسطنا شرفا و أعظمنا بيتا و كان أسعد و ذكوان و جميع الأوس و الخزرج يسمعون من اليهود الذين كانوا بينهم النضير و قريظة و قينقاع أن هذا أوان نبي يخرج بمكة يكون مهاجره بالمدينة لنقتلنكم به يا معشر العرب فلما سمع ذلك أسعد وقع في قلبه ما كان سمع من اليهود قال فأين هو قال جالس في الحجر و إنهم لا يخرجون من شعبهم إلا في الموسم فلا تسمع منه و لا تكلمه فإنه ساحر يسحرك بكلامه و كان هذا في وقت محاصرة بني هاشم في الشعب فقال له أسعد فكيف أصنع و أنا معتمر لا بد لي أن أطوف بالبيت قال ضع في أذنيك القطن فدخل أسعد المسجد و قد حشا أذنيه بالقطن فطاف بالبيت و رسول الله  جالس في الحجر مع قوم من بني هاشم فنظر إليه نظرة فجازه فلما كان في الشوط الثاني قال في نفسه ما أجد أجهل مني أ يكون مثل هذا الحديث بمكة فلا أتعرفه حتى أرجع إلى قومي فأخبرهم ثم أخذ القطن من أذنيه و رمى به و قال لرسول الله أنعم صباحا فرفع رسول الله ص رأسه إليه و قال قد أبدلنا الله به ما هو أحسن من هذا تحية أهل الجنة السلام عليكم فقال له أسعد إن عهدك بهذا لقريب إلى ما تدعو يا محمد قال إلى شهادة أن لا إله إلا الله و أني رسول الله و أدعوكم إلى أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَ إِيَّاهُمْ وَ لا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ وَ الْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَ إِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَ لَوْ كانَ ذا قُرْبى وَ بِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. فلما سمع أسعد هذا قال له أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله يا رسول الله بأبي أنت و أمي أنا من أهل يثرب من الخزرج و بيننا و بين إخوتنا من الأوس حبال مقطوعة فإن وصلها الله بك و لا أجد أعز منك و معي رجل من قومي فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن يتمم الله لنا أمرنا فيك و الله يا رسول الله لقد كنا نسمع من اليهود خبرك و يبشروننا بمخرجك و يخبروننا بصفتك و أرجو أن يكون دارنا دار هجرتك عندنا فقد أعلمنا اليهود ذلك فالحمد لله الذي ساقني إليك و الله ما جئت إلا لنطلب الحلف على قومنا و قد آتانا الله بأفضل مما أتيت له ثم أقبل ذكوان فقال له أسعد هذا رسول الله الذي كانت اليهود تبشرنا به و تخبرنا

   بصفته فهلم فأسلم فأسلم ذكوان ثم قالا يا رسول الله ابعث معنا رجلا يعلمنا القرآن و يدعو الناس إلى أمرك فقال رسول لمصعب بن عمير و كان فتى حدثا مترفا بين أبويه يكرمانه و يفضلانه على أولادهم و لم يخرج من مكة فلما أسلم جفاه أبواه و كان مع رسول الله في الشعب حتى تغير و أصابه الجهد و أمره رسول الله بالخروج مع أسعد و قد كان تعلم من القرآن كثيرا فخرجا إلى المدينة و معهما مصعب بن عمير فقدموا على قومهم و أخبروهم بأمر رسول الله و خبره فأجاب من كل بطن الرجل و الرجلان و كان مصعب نازلا على أسعد بن زرارة و كان يخرج في كل يوم فيطوف على مجالس الخزرج يدعوهم إلى الإسلام فيجيبه الأحداث و كان عبد الله بن أبي شريفا في الخزرج و قد كان الأوس و الخزرج اجتمعت على أن يملكوه عليهم لشرفه و سخائه و قد كانوا اتخذوا له إكليلا احتاجوا في تمامه إلى واسطة كانوا يطلبونها و ذلك أنه لم يدخل مع قومه الخزرج في حرب بعاث و لم يعن على الأوس و قال هذا ظلم منكم للأوس و لا أعين على الظلم فرضيت به الأوس و الخزرج فلما قدم أسعد كره عبد الله ما جاء به أسعد و ذكوان و فتر أمره فقال أسعد لمصعب إن خالي سعد بن معاذ من رؤساء الأوس و هو رجل عاقل شريف مطاع في بني عمرو بن عوف فإن دخل في هذا الأمر تم لنا أمرنا فهلم نأتي محلتهم فجاء مصعب مع أسعد إلى محلة سعد بن معاذ فقعد على بئر من آبارهم و اجتمع إليه قوم من أحداثهم و هو يقرأ عليهم القرآن فبلغ ذلك سعد بن معاذ فقال لأسيد بن حضير و كان من أشرافهم بلغني أن أبا أمامة أسعد بن زرارة قد جاء إلى محلتنا مع هذا القرشي يفسد شباننا فأته و انهه عن ذلك فجاء أسيد بن حضير فنظر إليه أسعد فقال لمصعب إن هذا رجل شريف فإن دخل في هذا الأمر رجوت أن يتم أمرنا فأصدق الله فيه فلما قرب أسيد منهم قال  يا أبا أمامة يقول لك خالك لا تأتنا في نادينا و لا تفسد شباننا و احذر الأوس على نفسك فقال مصعب أ و تجلس فنعرض عليك أمرا فإن أحببته دخلت فيه و إن كرهته نحينا عنك ما تكره فجلس فقرأ عليه سورة من القرآن فقال كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الأمر قال نغتسل و نلبس ثوبين طاهرين و نشهد الشهادتين و نصلي ركعتين فرمى بنفسه مع ثيابه في البئر ثم خرج و عصر ثوبه ثم قال اعرض علي فعرض عليه شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فقالها ثم صلى ركعتين ثم قال لأسعد يا أبا أمامة أنا أبعث إليك الآن خالك و احتال عليه في أن يجيئك فرجع أسيد إلى سعد بن معاذ فلما نظر إليه سعد قال أقسم إن أسيدا قد رجع إلينا بغير الوجه الذي ذهب من عندنا و أتاهم سعد بن معاذ فقرأ عليه مصعب حم تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فلما سمعها قال مصعب و الله لقد رأينا الإسلام في وجهه قبل أن يتكلم فبعث إلى منزله و أتي بثوبين طاهرين و اغتسل و شهد الشهادتين و صلى ركعتين ثم قام و أخذ بيد مصعب و حوله إليه و قال أظهر أمرك و لا تهابن أحدا ثم جاء فوقف في بني عمرو بن عوف و صاح يا بني عمرو بن عوف لا يبقين رجل و لا امرأة و لا بكر و لا ذات بعل و لا شيخ و لا صبي إلا أن خرج فليس هذا يوم ستر و لا حجاب فلما اجتمعوا قال كيف حالي عندكم قالوا أنت سيدنا و المطاع فينا و لا نرد لك أمرا فمرنا بما شئت فقال كلام رجالكم و نسائكم و صبيانكم علي حرام حتى تشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فالحمد لله الذي أكرمنا بذلك و هو الذي كانت اليهود تخبرنا به فما بقي دار من دور بني عمرو بن عوف في ذلك اليوم إلا و فيها مسلم أو مسلمة و حول مصعب بن عمير إليه و قال له أظهر أمرك و ادع الناس علانية و شاع الإسلام بالمدينة و كثر و دخل فيه من البطنين جميعا أشرافهم و

   ذلك لما كان عندهم من أخبار اليهود و بلغ رسول الله ص أن الأوس و الخزرج قد دخلوا في الإسلام و كتب إليه مصعب بذلك و كان كل من دخل في الإسلام من قريش ضربه قومه و عذبوه فكان رسول الله ص يأمرهم أن يخرجوا إلى المدينة فكانوا يتسللون رجلا فرجلا فيصيرون إلى المدينة فينزلهم الأوس و الخزرج عليهم و يواسونهم. قال فلما قدمت الأوس و الخزرج مكة جاءهم رسول الله ص فقال لهم تمنعون لي جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربكم و ثوابكم على الله الجنة قالوا نعم يا رسول الله فخذ لنفسك و لربك ما شئت فقال موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق فلما حجوا رجعوا إلى منى و كان فيهم ممن قد أسلم بشر كثير و كان أكثرهم مشركين على دينهم و عبد الله بن أبي فيهم فقال لهم رسول الله في اليوم الثاني من أيام التشريق فاحضروا دار عبد المطلب على العقبة و لا تنبهوا نائما و ليتسلل واحد فواحد و كان رسول الله ص نازلا في دار عبد المطلب و حمزة و علي و العباس معه فجاءه سبعون رجلا من الأوس و الخزرج فدخلوا الدار فلما اجتمعوا قال لهم رسول الله ص تمنعون لي جانبي حتى أتلو عليكم كتاب ربي و ثوابكم على الله الجنة فقال أسعد بن زرارة و البراء بن معرور و عبد الله بن حزام نعم يا رسول الله فاشترط لنفسك و لربك فقال رسول الله تمنعونني مما تمنعون أنفسكم و تمنعون أهلي مما تمنعون أهليكم و أولادكم قالوا فما لنا على ذلك قال الجنة تملكون بها العرب في الدنيا و تدين لكم العجم و تكونون ملوكا فقالوا قد رضينا فقام العباس بن نضلة و كان من الأوس فقال يا معشر الأوس و الخزرج تعلمون على ما تقدمون عليه إنما تقدمون على حرب الأحمر و الأبيض و على حرب ملوك الدنيا فإن علمتم أنه إذا أصابتكم المصيبة في أنفسكم خذلتموه و تركتموه فلا تغروه فإن رسول الله و إن كان قومه  خالفوه فهو في عز و منعة فقال له عبد الله بن حزام و أسعد بن زرارة و أبو الهيثم بن التيهان ما لك و للكلام يا رسول الله بل دمنا بدمك و أنفسنا بنفسك فاشترط لربك و لنفسك ما شئت فقال رسول الله ص أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا يكفلون عليكم بذلك كما أخذ موسى ع من بني إسرائيل اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً فقالوا اختر من شئت فأشار جبرئيل إليهم فقال هذا نقيب و هذا نقيب و هذا نقيب حتى اختار تسعة من الخزرج و هم أسعد بن زرارة و البراء بن معرور و عبد الله بن حزام أبو جابر بن عبد الله و رافع بن مالك و سعد بن عبادة و المنذر بن عمرو و عبد الله بن رواحة و سعد بن الربيع و عبادة بن الصامت و ثلاثة من الأوس و هم أبو الهيثم بن التيهان و كان رجلا من اليمن حليفا في بني عمرو بن عوف و أسيد بن حضير و سعد بن خيثمة فلما اجتمعوا و بايعوا رسول الله صاح بهم إبليس يا معشر قريش و العرب هذا محمد و الصباة من الأوس و الخزرج على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم فأسمع أهل منى فهاجت قريش و أقبلوا بالسلاح و سمع رسول الله النداء فقال للأنصار تفرقوا فقالوا يا رسول الله إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا فقال رسول الله ص لم أؤمر بذلك و لم يأذن الله لي في محاربتهم فقالوا يا رسول الله فتخرج معنا قال أنتظر أمر الله فجاءت قريش على بكرة أبيها قد أخذوا السلاح و خرج حمزة و معه السيف فوقف على العقبة هو و علي بن أبي طالب فلما نظروا إلى حمزة قالوا ما هذا الذي اجتمعتم عليه قال ما اجتمعنا و ما هاهنا أحد و الله لا يجوز أحد هذه العقبة إلا ضربته بسيفي فرجعوا و غدوا إلى عبد الله بن أبي و قالوا له قد بلغنا أن قومك بايعوا محمدا على حربنا فحلف لهم عبد الله أنهم

   لم يفعلوا و لا علم له بذلك و أنهم لم يطلعوه على أمرهم فصدقوه و تفرقت الأنصار و رجع رسول الله إلى مكة. بيان الحبلة بالضم الكرم أو أصل من أصوله و يحرك و السبة بالضم العار و المسبة الذي يسب الناس و قال الفيروزآبادي بعاث بالعين و بالغين كغراب و يثلث موضع بقرب المدينة و يومه معروف قوله إن عهدك بهذا لقريب لعل المعنى أنك قريب العهد بالتحية التي حييتك بها فإنها كانت عادة قومك أو بهذه التحية أي ابتداؤها فأصدق الله فيه أي ابذل جهدك في هدايته لتكون صادقا عند الله فيما تدعي من نصرة دينه و انسل و تسلل خرج في استخفاء و قال الجزري في الحديث جاءت هوازن على بكرة أبيها هذه كلمة للعرب يريدون بها الكثرة و توفر العدد و أنهم جاءوا جميعا لم يتخلف منهم أحد و ليس هناك بكرة في الحقيقة و هي التي يستقى عليها الماء فاستعيرت في هذا الموضع

 6-  كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي نصر عن إبراهيم بن محمد الأشعري عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله ع قال لما توفي أبو طالب رضي الله عنه نزل جبرئيل على رسول الله فقال يا محمد اخرج من مكة فليس لك بها ناصر و ثارت قريش بالنبي ص فخرج هاربا حتى جاء إلى جبل بمكة يقال له الحجون فصار إليه

 7-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ توفي أبو طالب بعد نبوته بتسع سنين و ثمانية أشهر و ذلك بعد خروجه من الشعب بشهرين و زعم الواقدي أنهم خرجوا من الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين و في هذه السنة توفي أبو طالب و توفيت خديجة بعده بستة أشهر و له ست و أربعون سنة و ثمانية أشهر و أربعة و عشرون يوما و يقال و هو  ابن سبع و أربعين سنة و ستة أشهر و أياما

 أبو عبد الله بن مندة في كتاب المعرفة أن وفاة خديجة بعد موت أبي طالب بثلاثة أيام

 المعرفة، عن النسوي توفيت خديجة بمكة قبل الهجرة من قبل أن تفرض الصلاة على الموتى و سمي ذلك العام عام الحزن و لبث ص بعدهما بمكة ثلاثة أشهر فأمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة فخرج جماعة من أصحابه بأهاليهم و ذلك بعد خمس من نبوته و كان حصار الشعب و كتابة الصحيفة أربع سنين و قيل ثلاث سنين و قيل سنتين فلما توفي أبو طالب خرج إلى الطائف و أقام فيه شهرا و كان معه زيد بن الحارث ثم انصرف إلى مكة و مكث فيها سنة و ستة أشهر في جوار مطعم بن عدي و كان يدعو القبائل في المواسم فكانت بيعة العقبة الأولى بمنى فبايعه خمسة نفر من الخزرج و واحد من الأوس في خفية من قومهم و هم جابر بن عبد الله و فطنة بن عامر بن حزام و عوف بن الحارث و حارثة بن ثعلبة و مرثد بن الأسد و أبو أمامة ثعلبة بن عمرو و يقال هو أسعد بن زرارة فلما انصرفوا إلى المدينة و ذكروا القصة و قرءوا القرآن صدقوه و في السنة القابلة و هي العقبة الثانية أنفذوا معهم ستة أخرى بالسلام و البيعة و هم أبو الهيثم بن التيهان و عبادة بن الصامت و ذكوان بن عبد الله و نافع بن مالك بن العجلان و عباس بن عبادة بن نضلة و يزيد بن ثعلبة حليف له و يقال مسعود بن الحارث و عويم بن ساعدة حليف لهم ثم أنفذ النبي ص  معهم ابن عمه مصعب بن هاشم فنزل دار أسعد بن زرارة فاجتمعوا عليه و أسلم أكثرهم إلا دار أمية بن زيد و حطمة و وائل و واقف فإنهم أسلموا بعد بدر و أحد و الخندق و في السنة القابلة كانت بيعة الحرس كانوا من الأوس و الخزرج سبعين رجلا و امرأتين و اختار ص منهم اثني عشر نقيبا ليكونوا كفلاء قومه تسعة من الخزرج و ثلاثة من الأوس فمن الخزرج أسعد و جابر و البراء بن معرور و عبد الله بن حزام و سعد بن عبادة و المنذر بن قمر و عبد الله بن رواحة و سعد بن الربيع و من القوافل عبادة بن الصامت و من الأوس أبو الهيثم و أسيد بن حضير و سعيد بن خيثمة

 8-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ من معجزاته ص أن قريشا كلهم اجتمعوا و أخرجوا بني هاشم إلى شعب أبي طالب و مكثوا فيه ثلاث سنين إلا شهرا ثم أنفق أبو طالب و خديجة جميع مالهما و لا يقدرون على الطعام إلا من موسم إلى موسم فلقوا من الجوع و العري ما الله أعلم به و أن الله قد بعث على صحيفتهم الأرضة فأكلت كل ما فيها إلا اسم الله فذكر ذلك رسول الله ص لأبي طالب فما راع قريشا إلا و بني هاشم عنق واحد قد خرجوا من الشعب فقالوا الجوع أخرجهم فجاءوا حتى أتوا الحجر و جلسوا فيه و كان لا يقعد فيه صبيان قريش فقالوا يا أبا طالب قد آن لك أن تصالح قومك قال قد جئتكم مخبرا ابعثوا إلى صحيفتكم لعله أن يكون بيننا و بينكم صلح فيها فبعثوا إليها و هي عند أم أبي جهل و كانت قبل في الكعبة فخافوا عليها السراق فوضعت بين أيديهم و خواتيمهم عليها فقال أبو طالب هل تنكرون منها شيئا قالوا لا قال إن ابن أخيحدثني  و لم يكذبني قط أن الله قد بعث على هذه الصحيفة الأرضة فأكلت كل قطيعة و إثم و تركت كل اسم هو لله فإن كان صادقا أقلعتم عن ظلمنا و إن يكن كاذبا ندفعه إليكم فقتلتموه فصاح الناس أنصفتنا يا أبا طالب ففتحت ثم أخرجت فإذا هي مشربة كما قال ص فكبر المسلمون و امتقعت وجوه المشركين فقال أبو طالب أ تبين لكم أينا أولى بالسحر و الكهانة فأسلم يومئذ عالم من الناس ثم رجع أبو طالب إلى شعبة ثم عيرهم هشام بن عمرو العامري بما صنعوا ببني هاشم

 9-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ روى الزهري في قوله تعالى وَ لَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ الآيات قال لما توفي أبو طالب لم يجد النبي ص ناصرا و نثروا على رأسه التراب قال ما نال مني قريش شيئا حتى مات أبو طالب و كان يستتر من الرمي بالحجر الذي عند باب البيت من يسار من يدخل و هو ذراع و شبر في ذراع إذا جاءه من دار أبي لهب و دار عدي بن حمران و قالوا لو كان محمد نبيا لشغلته النبوة عن النساء و لأمكنه جميع الآيات و لأمكنه منع الموت عن أقاربه و لما مات أبو طالب و خديجة فنزل وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ الآية

 الزهري في قوله تعالى فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ الآية لما توفي أبو طالب و اشتد عليه البلاء عمد إلى ثقيف بالطائف رجاء أن يؤوه سادتها فلم يقبلوه و تبعه سفهاؤهم بالأحجار و دموا رجليه فخلص منهم و استظل في ظل حبلة منه و قال اللهم إني أشكو إليك من ضعف قوتي و قلة حيلتي و ناصري و هواني على الناس يا أرحم الراحمين ثم ذكر حديث عداس كما مر في رواية الطبرسي

   ابن مسعود لما دخل النبي ص الطائف رأى عتبة و شيبة جالسين على سرير فقالا هو يقوم قبلنا فلما قرب النبي منهما خر السرير و وقعا على الأرض فقالا عجز سحرك عن أهل مكة فأتيت الطائف

 10-  شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع قال اكتتم رسول الله ص بمكة سنين ليس يظهر و علي معه و خديجة ثم أمره الله أن يصدع بما يؤمر فظهر رسول الله ص فجعل يعرض نفسه على قبائل العرب فإذا أتاهم قالوا كذاب امض عنا

 11-  أقول قال الكازروني في المنتقى و غيره في سنة ثمان من نبوته ص تعاهد قريش و تقاسمت على معاداة رسول الله ص و ذلك أنه لما أسلم حمزة و حمى النجاشي من عنده من المسلمين و حامي رسول الله ص عمه أبو طالب و قامت بنو هاشم و بنو عبد المطلب دونه و أبوا أن يسلموه فشا الإسلام في القبائل و اجتهد المشركون في إخفاء ذلك النور و يأبى الله إلا أن يتم نوره فعرفت قريش أنه لا سبيل إلى محمد ص اجتمعوا على أن يكتبوا فيما بينهم على بني هاشم و بني عبد المطلب أن لا يناكحوهم و لا يبايعوهم فكتبوا صحيفة في ذلك و كتب فيها جماعة و علقوها بالكعبة ثم عدوا على من أسلم فأوثقوهم و آذوهم و اشتد البلاء عليهم و عظمت الفتنة فيهم وَ زُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً و أبدت قريش لبني عبد المطلب الجفاء و ثار بينهم شر و قالوا لا صلح بيننا و بينكم و لا رحم إلا على قتل هذا الصابئ فعمد أبو طالب فأدخل الشعب ابن أخيه و بني أبيه و من اتبعهم فدخلوا شعب أبي طالب و آذوا النبي و المؤمنين أذى شديدا و ضربوهم في كل طريق و حصروهم في شعبهم و قطعوا عنهم المارة من الأسواق و نادى مناد الوليد بن المغيرة في قريش أيما رجل  منهم وجدتموه عند طعام يشتريه فزيدوا عليه فبقوا على ذلك ثلاث سنين حتى بلغ القوم الجهد الشديد حتى سمعوا أصوات صبيانهم يتضاغون أي يصيحون من الجوع من وراء الشعب و كان المشركون يكرهون ما فيه بنو هاشم من البلاء حتى كره عامة قريش ما أصاب بني هاشم و أظهروا كراهيتهم لصحيفتهم القاطعة الظالمة حتى أراد رجال أن يبرءوا منها و كان أبو طالب يخاف أن يغتالوا رسول الله ليلا أو سرا و كان النبي ص إذا أخذ مضجعه أو رقد جعله أبو طالب بينه و بين بنيه خشية أن يقتلوه و يصبح قريش و قد سمعوا أصوات صبيان بني هاشم من الليل يتضاغون من الجوع فيجلسون عند الكعبة فيسأل بعضهم بعضا فيقول الرجل لأصحابه كيف بات أهلك البارحة فيقولون بخير فيقول لكن إخوانكم هؤلاء الذين في الشعب باتت صبيانهم يتضاغون من الجوع فمنهم من يعجبه ما يلقى محمد و رهطه و منهم من يكره ذلك فأتى من قريش على ذلك من أمرهم في بني هاشم سنتين أو ثلاثا حتى جهد القوم جهدا شديدا لا يصل إليهم شي‏ء إلا سرا و مستخفى به ممن أراد صلتهم من قريش حتى روي أن حكيم بن حزام خرج يوما و معه إنسان يحمل طعاما إلى عمته خديجة بنت خويلد و هي تحت رسول الله ص في الشعب إذ لقيه أبو جهل فقال تذهب بالطعام إلى بني هاشم و الله لا تبرح أنت و لا طعامك حتى أفضحك عند قريش فقال له أبو البختري بن هشام بن الحارث تمنعه أن يرسل إلى عمته بطعام كان لها عنده فأبى أبو جهل أن يدعه فقام إليه أبو البختري بساق بعير فشجه و وطئه وطئا شديدا و حمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك و هم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله و أصحابهفيشمتوا بهم و حتى روي أن هشام بن عمرو بن ربيعة أدخل على بني هاشم في ليلة ثلاثة أحمال طعام فعلمت بذلك قريش فمشوا إليه فكلموه في ذلك فقال إني غير عائد لشي‏ء يخالفكم ثم عاد الثانية فأدخل حملا أو حملين ليلا و صادفته قريش و هموا به فقال أبو سفيان دعوه رجل وصل رحمه  أما إني أحلف بالله لو فعلنا مثل ما فعل كان أجمل بنا و وفق الله هشاما للإسلام يوم الفتح. قال و في سنة عشر من نبوته ص توفي أبو طالب قال ابن عباس عارض رسول الله ص جنازة أبي طالب فقال وصلتك رحم و جزاك الله خيرا يا عم. و في هذه السنة توفيت خديجة بعد أبي طالب بأيام و لما مرضت مرضها الذي توفيت فيه دخل عليها رسول الله فقال لها بالكره مني ما أرى منك يا خديجة و قد يجعل الله في الكره خيرا كثيرا أ ما علمت أن الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران و كلثم أخت موسى و آسية امرأة فرعون قالت و قد فعل الله ذلك يا رسول الله قال نعم قالت بالرفاء و البنين و توفيت خديجة و هي بنت خمس

   و ستين و دفنت بالحجون و نزل رسول الله ص قبرها و لم يكن يومئذ سنة الجنازة و الصلاة عليها و روي عن عبد الله بن ثعلبة بن صغير قال لما توفي أبو طالب و خديجة و كان بينهما شهر و خمسة أيام اجتمعت على رسول الله ص مصيبتان فلزم بيته و أقل الخروج و نالت منه قريش ما لم تكن تنال و لا تطمع فبلغ ذلك أبا لهب فجاءه فقال يا محمد امض لما أردت و ما كنت صانعا إذ كان أبو طالب حيا فاصنعه لا و اللات لا يوصل إليك حتى أموت و سب ابن غيطلة النبي ص فأقبل عليه أبو لهب فنال منه فولى يصيح يا معشر قريش صبأ أبو عتبة فأقبلت قريش حتى وقفوا على أبي لهب فقال ما فارقت دين عبد المطلب و لكني أمنع ابن أخي أن يضام حتى يمضي لما يريد قالوا أحسنت و أجملت و وصلت الرحم فمكث  رسول الله ص كذلك أياما يذهب و يأتي لا يتعرض له أحد من قريش و هابوا أبا لهب إذا جاء عقبة بن أبي معيط و أبو جهل إلى أبي لهب فاحتالا حتى صرفاه عن نصرته ص. و في هذه السنة خرج إلى الطائف و إلى ثقيف عن محمد بن جبير قال لما توفي أبو طالب تناولت قريش من رسول الله ص فخرج إلى الطائف و معه زيد بن حارثة و ذلك في ليال بقين من شوال سنة عشر من النبوة فأقام بها عشرة أيام و قيل شهرا فآذوه و رموه بالحجارة فانصرف إلى مكة فلما نزل نخلة صرف الله إليه النفر من الجن و روي أنه لما انصرف من الطائف عمد إلى ظل حبلة من عنب فجلس فيه و قال اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني على الناس أنت أرحم الراحمين أنت رب المستضعفين و أنت ربي إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني أو إلى عدو ملكته أمري إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي و لكن عافيتك هي أوسع لي أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات و صلح عليه أمر الدنيا و الآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك لكن لك العتبى حتى ترضى و لا حول و لا قوة إلا بك  قال و لما دخل مكة كان يقف بالموسم على القبائل فيقول يا بني فلان إني رسول الله إليكم يأمركم أن تعبدوا الله وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً و كان خلفه أبو لهب فيقول لا تطيعوه و أتى رسول الله ص كندة في منازلهم فدعاهم إلى الله عز و جل فأبوا و أتى كلبا في منازلهم فلم يقبلوا منه و أتى بني حنيفة في منازلهم فردوا عليه أقبح رد. و في هذه السنة تزوج رسول الله بعائشة و سودة و كانت عائشة بنت ست سنين حينئذ و روي لما هلكت خديجة جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون فقالت يا رسول الله أ لا تتزوج قال من قالت إن شئت بكرا و إن شئت ثيبا قال فمن البكر قالت بنت أبي بكر قال و من الثيب قالت سودة بنت زمعة قد آمنت بك و اتبعتك على ما تقول قال فاذهبي فاذكريهما علي فذهبت إلى أبويهما و خطبتهما فقبلا و تزوجهما و في سنة إحدى عشرة من نبوته كان بدء إسلام الأنصار و ذلك ما روي أن رسول الله ص خرج في الموسم يعرض نفسه على القبائل فبينا هو على العقبة إذ لقي رهطا من الخزرج فقال من أنتم فقالوا من الخزرج قال أ فلا تجلسون أكلمكم قالوا بلى فجلسوا معه فدعاهم إلى الله عز و جل و عرض عليهم الإسلام و تلا عليهم القرآن و كان أولئك يسمعون من اليهود أنه قد أظل زمان نبي يبعث فلما كلمهم قال بعضهم لبعض و الله إنه للنبي الذي يعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه و انصرفوا راجعين إلى بلادهم و قد آمنوا و كانوا ستة أنفس أسعد بن زرارة و عون بن الحارث و هو ابن عفراء و رافع بن مالك بن عجلان و قطبة بن عامر بن حديدة و عقبة بن عامر و جابر بن عبد الله فلما قدموا المدينة على قومهم ذكروا لهم رسول الله ص و دعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم دينهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا و فيها ذكر رسول الله ص. و في سنة اثنتي عشرة من نبوته كان المعراج و في هذه السنة كانت بيعة العقبة الأولى و ذلك أن رسول الله ص خرج عامئذ إلى الموسم و قد قدم من الأنصار

   اثنا عشر رجلا فلقوه بالعقبة و هي العقبة الأولى فبايعهم رسول الله ص قال عبادة بن الصامت بايعنا رسول الله ليلة العقبة الأولى و نحن اثنا عشر رجلا أنا أحدهم فلما انصرفوا بعث معهم مصعب بن عمير إلى المدينة يفقه أهلها و يقرئهم القرآن. و في سنة ثلاث عشرة كانت بيعة العقبة الثانية و ذلك أن رسول الله ص خرج إلى الموسم فلقيه جماعة من الأنصار فواعدوه العقبة من أوسط أيام التشريق قال كعب بن مالك اجتمعنا في الشعب عند العقبة و نحن سبعون رجلا و معهم امرأتان من نسائهم نسيبة بنت كعب أم عمارة و أسماء بنت عمرو بن عدي و هي أم منيع فبايعنا و جعل علينا اثنا عشر نقيبا منا تسعة من الخزرج و ثلاثة من الأوس ثم أمر رسول الله ص أصحابه بالخروج إلى المدينة فخرجوا أرسالا و أقام هو بمكة ينتظر أن يؤذن له

 بيان الأرسال بالفتح جمع الرسل بالتحريك و هو القطيع من كل شي‏ء أي زمرا زمرا و يحتمل الإرسال بالكسر و هو الرفق و التؤدة

 12-  يه، ]من لا يحضر الفقيه[ دخل رسول الله ص على خديجة و هي لما بها فقال لها بالرغم منا ما نرى بك يا خديجة فإذا قدمت على ضرائرك فأقرئيهن السلام فقالت من هن يا رسول الله قال ص مريم بنت عمران و كلثم أخت موسى و آسية امرأة فرعون قالت بالرفاء يا رسول الله

 بيان قوله هي لما بها اللام ظرفية أو بمعنى إلى و المعنى أنها كانت في الاحتضار قوله ص بالرغم منا ما نرى بك قوله ما نرى مبتدأ و بالرغم خبر أي ما نرى بك متلبس بالرغم و الكراهة منا و الرفاء بالكسر الاتفاق و الالتيام و البركة و النماء 13-  مصبا، ]المصباحين[ في السادس و العشرين من شهر رجب كانت وفاة أبي طالب رحمة الله  عليه على قول ابن عياش

 14-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ إن أبا طالب رضي الله عنه توفي في آخر السنة العاشرة من مبعث رسول الله ص ثم توفيت خديجة رضي الله عنها بعد أبي طالب بثلاثة أيام فسمى رسول الله ذلك العام عام الحزن فقال ما زالت قريش قاعدة عني حتى مات أبو طالب

 15-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كان النبي ص يعرض نفسه على قبائل العرب في الموسم فلقي رهطا من الخزرج فقال أ لا تجلسون أحدثكم قالوا بلى فجلسوا إليه فدعاهم إلى الله و تلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض يا قوم تعلمون و الله إنه النبي الذي كان يوعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه أحد فأجابوه و قالوا له إنا قد تركنا قومنا و لا قوم بينهم من العداوة و الشر مثل ما بينهم و عسى أن يجمع الله بينهم بك فستقدم عليهم و تدعوهم إلى أمرك و كانوا ستة نفر قال فلما قدموا المدينة فأخبروا قومهم بالخبر فما دار حول إلا و فيها حديث رسول الله ص حتى إذا كان العام المقبل أتى الموسم من الأنصار اثنا عشر رجلا فلقوا النبي ص فبايعوه على بيعة النساء ألا يشركوا بالله شيئا و لا يسرقوا إلى آخرها ثم انصرفوا و بعث معهم مصعب بن عمير يصلي بهم و كان بينهم بالمدينة يسمى المقرئ فلم يبق دار في المدينة إلا و فيها رجال و نساء مسلمون إلا دار أمية و حطيمة و وائل و هم من الأوس ثم عاد مصعب إلى مكة و خرج من الأنصار إلى الموسم مع حجاج قومهم فاجتمعوا في الشعب عند العقبة ثلاثة و سبعون رجلا و امرأتان في أيام التشريق بالليل فقال ص أبايعكم على الإسلام فقال له بعضهم  نريد أن تعرفنا يا رسول الله ما لله علينا و ما لك علينا و ما لنا على الله فقال أما ما لله عليكم فأن تعبدوه وَ لا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً و أما ما لي عليكم فتنصرونني مثل نسائكم و أبنائكم و أن تصبروا على عض السيف و أن يقتل خياركم قالوا فإذا فعلنا ذلك ما لنا على الله قال أما في الدنيا فالظهور على من عاداكم و في الآخرة رضوانه و الجنة فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال و الذي بعثك بالحق لنمنعك بما نمنع به أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن و الله أهل الحروب و أهل الحلفة ورثناها كبارا عن كبار فقال أبو الهيثم إن بيننا و بين الرجال حبالا و إنا إن قطعناها أو قطعوها فهل عسيت إن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك و تدعنا فتبسم رسول الله ص ثم قال بل الدم الدم و الهدم الهدم أحارب من حاربتم و أسالم من سالمتم ثم قال أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا فاختاروا ثم قال أبايعكم كبيعة عيسى ابن مريم للحواريين كفلاء على قومهم بما فيهم و على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم و أبناءكم فبايعوه على ذلك فصرخ الشيطان في العقبة يا أهل الجباجب هل لكم في محمد و الصباة معه قد اجتمعوا على حربكم ثم نفر الناس من منى و فشا الخبر فخرجوا في الطلب فأدركوا سعد بن عبادة و المنذر بن عمرو فأما المنذر فأعجز القوم و أما سعد فأخذوه و ربطوه بنسع رحله و أدخلوه مكة يضربونه فبلغ خبره إلى جبير بن مطعم و الحارث بن حرب بن أمية فأتياه و خلصاه و كان النبي ص لم يؤمر إلا بالدعاء و الصبر على الأذى و الصفح عن الجاهل فطالت قريش على المسلمين فلما كثر عتوهم أمر بالهجرة فقال ص إن الله قد جعل لكم دارا و إخوانا تأمنون بها فخرجوا أرسالا حتى لم يبق مع النبي ص إلا علي و أبو بكر فحذرت قريش خروجه و عرفوا أنه قد أجمع لحربهم فاجتمعوا في دار الندوة و هي دار قصي بن  كلاب يتشاورون في أمره و ساق الحديث إلى آخر ما سيأتي في الباب الآتي برواية الشيخ عن ابن أبي هالة

 بيان يسمى المقرئ لأنه كان يقرئهم القرآن و قال الجزري في حديث بيعة العقبة لنمنعك مما نمنع منه أزرنا أي نساءنا و أهلنا كنى عنهن بالأزر و قيل أراد أنفسنا و قد يكنى عن النفس بالأزر و قال في قوله و الهدم الهدم يروى بسكون الدال و فتحها فالهدم بالتحريك القبر يعني أني أقبر حيث تقبرون و قيل هو المنزل أي منزلكم منزلي و في الحديث الآخر المحيا محياكم و الممات مماتكم أي لا أفارقكم و الهدم بالسكون و الفتح أيضا هو إهدار دم القتيل يقال دماؤهم بينهم هدم أي مهدرة و المعنى إن طلب دمكم فقد طلب دمي و إن أهدر دمكم فقد أهدر دمي لاستحكام الألفة بيننا و هو قول معروف للعرب يقولون دمي دمك و هدمي هدمك و ذلك عند المعاهدة و النصرة و قال في حديث بيعة الأنصار نادى الشيطان يا أصحاب الجباجب هي جمع جبجب بالضم و هو المستوي من الأرض ليس بحزن و هي هاهنا أسماء منازل سميت به قيل لأن كروش الأضاحي تلقى فيها أيام الحج و الجبجبة الكرش يجعل فيها اللحم يتزود في الأسفار