باب 8- معجزاته ص في كفاية شر الأعداء

الآيات البقرة فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ المائدة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ الحجر كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ و قال تعالى إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ النحل وَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَ الْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ وَ لَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَ هُمْ ظالِمُونَ  الإسراء وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً و قال تعالى وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْها وَ إِذاً لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَ لا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا الزمر أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ تفسير قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وعد الله سبحانه رسوله بالنصرة و كفاية من يعاديه من اليهود و النصارى الذين شاقوه و في هذا دلالة بينة على نبوته و صدقه ص. و في قوله تعالى إِذْ هَمَّ قَوْمٌ اختلف فيمن بسط إليهم الأيدي على أقوال. أحدها أنهم اليهود هموا بأن يفتكوا بالنبي ص و هم بنو النضير دخل رسول الله ص مع جماعة من أصحابه عليهم و كانوا قد عاهدوه على ترك القتال و على أن يعينوه في الديات فقال ص رجل من أصحابي أصاب رجلين معهما أمان مني فلزمني ديتهما فأريد أن تعينوني فقالوا نعم اجلس حتى نطعمك و نعطيك الذي تسألنا و هموا بالفتك بهم فآذن الله رسوله فأطلع النبي ص أصحابه على ذلك و انصرفوا و كان ذلك إحدى معجزاته عن مجاهد و قتادة و أكثر المفسرين. و ثانيها أن قريشا بعثوا رجلا ليفتك بالنبي ص فدخل عليه و في يده سيف مسلول فقال له أرنيه فأعطاه إياه فلما حصل في يده قال ما الذي يمنعني من قتلك قال الله يمنعك فرمى السيف و أسلم و اسم الرجل عمرو بن وهب الجمحي  بعثه صفوان بن أمية ليغتاله بعد بدر و كان ذلك سبب إسلام عمرو بن وهب عن الحسن. و ثالثها أن المعني بذلك ما لطف الله للمسلمين من كف أعدائهم عنهم حين هموا باستئصالهم بأشياء شغلهم بها من الأمراض و القحط و موت الأكابر و هلاك المواشي و غير ذلك من الأسباب التي انصرفوا عندها من قتل المؤمنين عن الجبائي. و رابعها ما قاله الواقدي إن رسول الله ص غزا جمعا من بني ذبيان و محارب بذي أمر فتحصنوا برءوس الجبال و نزل رسول الله ص بحيث يراهم فذهب لحاجته فأصابه مطر فبل ثوبه فنشره على شجرة و اضطجع تحته و الأعراب ينظرون إليه فجاء سيدهم دعثور بن الحارث حتى وقف على رأسه بالسيف مشهورا فقال يا محمد من يمنعك مني اليوم فقال الله فدفع جبرئيل في صدره و وقع السيف من يده فأخذه رسول الله ص و قام على رأسه و قال من يمنعك مني اليوم فقال لا أحد و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فنزلت الآية و على هذا فيكون تخليص النبي ص مما هموا به نعمة على المؤمنين من حيث إن مقامه بينهم نعمة عليهم. و قال في قوله تعالى كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ قيل فيه قولان. أحدهما أن معناه أنزلنا القرآن عليك كما أنزلنا على المقتسمين و هم اليهود و النصارى الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ جمع عضة و أصله عضوة فنقصت الواو و التعضية التفريق أي فرقوه و جعلوه أعضاء كأعضاء الجزور فآمنوا ببعضه و كفروا ببعضه و قيل سماهم مقتسمين لأنهم اقتسموا كتب الله فآمنوا ببعضها و كفروا ببعضها. و الآخر أن معناه أني أنذركم عذابا كما أنزلنا على المقتسمين الذين اقتسموا طريق مكة يصدون عن رسول الله ص و الإيمان به قال مقاتل و كانوا ستة عشر رجلا بعثهم الوليد بن المغيرة أيام الموسم يقولون لمن أتى مكة لا تغتروا بالخارج منا و المدعي للنبوة فأنزل الله بهم عذابا فماتوا شر ميتة ثم وصفهم فقال الَّذِينَ جَعَلُوا  الْقُرْآنَ عِضِينَ

 جزءا جزءا فقالوا سحر و قالوا أساطير الأولين و قالوا مفترى عن ابن عباس. و في قوله تعالى إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ أي كفيناك شر المستهزءين و استهزاؤهم بأن أهلكناهم و كانوا خمسة نفر من قريش العاص بن وائل و الوليد بن المغيرة و أبو زمعة و هو الأسود بن المطلب و الأسود بن عبد يغوث و الحارث بن قيس عن ابن عباس و ابن جبير و قيل كانوا ستة رهط عن محمد بن ثور و سادسهم الحارث بن الطلاطلة و أمه غيطلة قالوا و أتى جبرئيل النبي ص و المستهزءون يطوفون بالبيت فقام جبرئيل و رسول الله إلى جنبه فمر به الوليد بن المغيرة المخزومي فأومأ بيده إلى ساقه فمر الوليد على فنن لخزاعة و هو يجر ثيابه فتعلقت بثوبه شوكة فمنعه الكبر أن يخفض رأسه فينزعها و جعلت تضرب ساقه فخدشته فلم يزل مريضا حتى مات و مر به العاص بن وائل السهمي فأشار جبرئيل إلى رجله فوطئ العاص على شبرقة فدخلت في أخمص رجله فقال لدغت فلم يزل يحكها حتى مات و مر به الأسود بن المطلب بن عبد مناف فأشار إلى عينه فعمي و قيل رماه بورقة خضراء فعمي و جعل يضرب رأسه على الجدار حتى هلك و مر به الأسود بن عبد يغوث فأشار إلى بطنه فاستسقى فمات  و قيل أصابه السموم فصار أسود فأتى أهله فلم يعرفوه فمات و هو يقول قتلني رب محمد و مر به الحارث بن الطلاطلة فأومأ إلى رأسه فامتخط قيحا فمات و قيل إن الحارث بن قيس أخذ حوتا مالحا فأصابه العطش فما زال يشرب حتى انقد بطنه فمات. و في قوله تعالى ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً أي مثل قرية كانَتْ آمِنَةً أي ذات أمن مُطْمَئِنَّةً قارة ساكنة بأهلها لا يحتاجون إلى الانتقال عنها لخوف أو ضيق يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ أي يحمل إليها الرزق الواسع من كل موضع و من كل بلد كما قال سبحانه يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ أي فكفر أهل تلك القرية فَأَذاقَهَا اللَّهُ الآية أي فأخذهم الله بالجوع و الخوف بسوء أفعالهم و سمي أثر الجوع و الخوف لباسا لأن أثر الجوع و الهزال يظهر على الإنسان كما يظهر اللباس و قيل لأنه شملهم الجوع و الخوف كاللباس قيل إن هذه القرية هي مكة عن ابن عباس و مجاهد و قتادة عذبهم الله بالجوع سبع سنين و هم مع ذلك خائفون وجلون عن النبي ص و أصحابه يغيرون عليهم قوافلهم و ذلك حين دعا النبي ص فقال اللهم اشدد وطأتك على مضر و اجعل عليهم سنين كسني يوسف و قيل إنها قرية كانت قبل نبينا ص بعث الله إليهم نبينا فكفروا به و قتلوه فعذبهم الله بعذاب الاستيصال وَ لَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ يعني أهل مكة بعث الله إليهم رسولا من جنسهم فَكَذَّبُوهُ و جحدوا نبوته فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ وَ هُمْ  ظالِمُونَ

 أي ما حل بهم من الخوف و الجوع المذكورين و ما نالهم يوم بدر و غيره من القتل. و في قوله وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ قال نزل في قوم كانوا يؤذون النبي ص بالليل إذا تلا القرآن و صلى عند الكعبة و كانوا يرمونه بالحجارة و يمنعونه من دعاء الناس إلى الدين فحال الله سبحانه بينهم و بينه حتى لا يؤذوه عن الجبائي و الزجاج جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قال الكلبي هم أبو سفيان و النضر بن الحارث و أبو جهل و أم جميل امرأة أبي لهب حجب الله رسوله عن أبصارهم عند قراءة القرآن فكانوا يأتونه و يمرون به و لا يرونه حِجاباً مَسْتُوراً قيل أي ساترا عن الأخفش و الفاعل قد تكون في لفظ المفعول كالمشئوم و الميمون و قيل هو على بناء النسب أي ذا ستر و قيل مستورا عن الأعين لا يبصر إنما هو من قدرة الله. وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً الأكنة جمع كنان و هو ما وقى شيئا و ستره قيل كان الله يلقي عليهم النوم أو يجعل في قلوبهم أكنة ليقطعهم عن مرادهم أو أنه عاقب هؤلاء الكفار الذين علم أنهم لا يؤمنون بعقوبات يجعلها في قلوبهم تكون موانع من أن يفهموا ما يستمعونه. وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً قيل كانوا إذا سمعوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ولوا و قيل إذا سمعوا لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ  و في قوله تعالى وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ أي إن المشركين أرادوا أن يزعجوك من أرض مكة بالإخراج و قيل عن أرض المدينة يعني اليهود و قيل يعني جميع الكفار أرادوا أن يخرجوك من أرض العرب و قيل معناه ليقتلونك وَ إِذاً لا يَلْبَثُونَ أي لو أخرجوك لكانوا لا يلبثون بعد خروجك إِلَّا زمانا قَلِيلًا و مدة يسيرة قيل و هي المدة بين خروج النبي ص من مكة و قتلهم يوم بدر و الصحيح أن المعنيين في الآية مشركو مكة و أنهم لم يخرجوا النبي ص من مكة و لكنهم هموا بإخراجه ثم خرج ص لما أمر بالهجرة و ندموا على خروجه و لذلك ضمنوا الأموال في رده و لو أخرجوه لاستؤصلوا بالعذاب و لماتوا طرا. و في قوله تعالى أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ استفهام تقرير يعني به محمدا ص يكفيه عداوة من يعاديه وَ يُخَوِّفُونَكَ كانت الكفار يخيفونه بالأوثان التي كانوا يعبدونها قالوا أ ما تخاف أن يهلكك آلهتنا و قيل إنه لما قصد خالد لكسر العزى بأمر النبي ص قالوا إياك يا خالد فبأسها شديد فضرب خالد أنفها بالفأس فهشمها فقال كفرانك يا عزى لا سبحانك سبحان من أهانك

 1-  فس، ]تفسير القمي[ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ يعني أهل مكة من قبل أن فتحها فكف أيديهم بالصلح يوم الحديبية

 2-  فس، ]تفسير القمي[ حِجاباً مَسْتُوراً يعني يحجب الله عنك الشياطين أَكِنَّةً أي غشاوة أي صمما نُفُوراً قال كان رسول الله ص إذا صلى تهجد بالقرآن و تسمع له قريش لحسن صوته فكان إذا قرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فروا عنه

 3-  فس، ]تفسير القمي[ وَ إِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ يعني أهل مكة إِلَّا قَلِيلًا  حتى قتلوا ببدر

 4-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الدقاق عن الأسدي عن جرير بن حازم عن أبي مسروق عن الرضا ع قال إن رسول الله ص أتاه أبو لهب فتهدده فقال له رسول الله ص إن خدشت من قبلك خدشة فأنا كذاب فكانت أول آية نزع بها رسول الله ص الخبر

 5-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الجعابي عن الفضل بن الحباب الجمحي عن الحسين بن عبد الله الأبلي عن أبي خالد الأسدي عن أبي بكر بن عياش عن صدقة بن سعيد الحنفي عن جميع بن عمير قال سمعت عبد الله بن عمر بن الخطاب يقول انتهى رسول الله ص إلى العقبة فقال لا يجاوزها أحد فعوج الحكم بن أبي العاص فمه مستهزئا به ص و قال رسول الله ص من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار فعوج الحكم فمه فبصر به النبي ص فدعا عليه فصرع شهرين ثم أفاق فأخرجه النبي ص عن المدينة طريدا و نفاه عنها

 6-  فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ يقول فأعميناهم فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ الهدى أخذ الله سمعهم و أبصارهم و قلوبهم فأعماهم عن الهدى نزلت في أبي جهل بن هشام عليه اللعنة و نفر من أهل بيته و ذلك أن النبي ص قام يصلي و قد حلف أبو جهل لئن رآه يصلي ليدمغنه فجاءه و معه حجر و النبي ص قائم يصلي فجعل كلما رفع الحجر ليرميه  أثبت الله يده إلى عنقه و لا يدور الحجر بيده فلما رجع إلى أصحابه سقط الحجر من يده ثم قام رجل آخر من رهطه أيضا فقال أنا أقتله فلما دنا منه فجعل يسمع قراءة رسول الله ص فأرعب فرجع إلى أصحابه فقال حال بيني و بينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه فخفت أن أتقدم

 بيان خطر البعير بذنبه كضرب رفعه مرة بعد أخرى و ضرب به فخذيه

 7-  فس، ]تفسير القمي[ فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ فإنها نزلت بمكة بعد أن نبئ رسول الله ص بثلاث سنين و ذلك أن النبوة نزلت على رسول الله ص يوم الإثنين و أسلم علي ع يوم الثلاثاء ثم أسلمت خديجة بنت خويلد زوجة النبي ص ثم دخل أبو طالب إلى النبي ص و هو يصلي و علي بجنبه و كان مع أبي طالب جعفر فقال له أبو طالب صل جناح ابن عمك فوقف جعفر على يسار رسول الله فبدر رسول الله من بينهما فكان يصلي رسول الله و علي ع و جعفر و زيد بن حارثة و خديجة فلما أتى لذلك ثلاث سنين أنزل الله عليه فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ و كان المستهزءون برسول الله ص خمسة الوليد بن المغيرة و العاص بن وائل و الأسود بن المطلب و كان رسول الله دعا عليه لما كان بلغه من إيذائه و استهزائه فقال اللهم أعم بصره و أثكله بولده فعمي بصره و قتل ولده ببدر و الأسود بن عبد يغوث و الحارث بن طلاطلة الخزاعي فمر الوليد بن المغيرة برسول الله ص و معه جبرئيل فقال جبرئيل يا محمد هذا الوليد بن المغيرة و هو من المستهزءين بك قال نعم و قد كان مر برجل من خزاعة على باب المسجد و هو يريش نبالا له فوطئ على بعضها فأصاب أسفل عقبه قطعة من ذلك فدميت فلما مر بجبرئيل أشار إلى ذلك الموضع فرجع الوليد إلى منزله و نام على سريره و كانت ابنته نائمة أسفل منه فانفجر الموضع الذي أشار إليه جبرئيل أسفل عقبه فسال منه الدم حتى صار إلى فراش ابنته فانتبهت  ابنته فقالت الجارية انحل وكاء القربة قال الوليد ما هذا وكاء القربة و لكنه دم أبيك فاجمعي لي ولدي و ولد أخي فإني ميت فجمعتهم فقال لعبد الله بن أبي ربيعة إن عمارة بن الوليد بأرض الحبشة بدار مضيعة فخذ كتابا من محمد إلى النجاشي أن يرده ثم قال لابنه هاشم و هو أصغر ولده يا بني أوصيك بخمس خصال فاحفظها أوصيك بقتل أبي رهم الدوسي و إن أعطوكم ثلاث ديات فإنه غلبني على امرأتي و هي بنته و لو تركها و بعلها كانت تلد لي ابنا مثلك و دمي في خزاعة و ما تعمدوا قتلي و أخاف أن تنسو بعدي و دمي في بني خزيمة بن عامر و دياتي في سقيف فخذه و لأسقف نجران علي مائتا دينار فاقضها ثم فاضت نفسه و مر أبو زمعة الأسود برسول الله فأشار جبرئيل إلى بصره فعمي و مات و مر به الأسود بن عبد يغوث فأشار جبرئيل إلى بطنه فلم يزل يستسقي حتى انشق بطنه و مر العاص بن وائل فأشار جبرئيل إلى رجله فدخل عود في أخمص قدمه و خرجت من ظاهره و مات و مر ابن الطلاطلة فأرسل الله إليه جبرئيل فأشار إلى وجهه فخرج إلى جبال تهامة فأصابته السمائم ثم استسقى حتى انشق بطنه و هو قول الله إِنَّا  كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ

 بيان السمائم جمع السموم و هو الريح الحارة

 8-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبان الأحمر رفعه قال كان المستهزءون خمسة من قريش الوليد بن المغيرة المخزومي و العاص بن وائل السهمي و الحارث بن حنظلة و الأسود بن عبد يغوث بن وهب الزهري و الأسود بن المطلب بن أسد فلما قال الله إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ علم رسول الله ص أنه قد أخزاهم فأماتهم الله بشر ميتات

 9-  ل، ]الخصال[ القطان عن عبد الرحمن بن محمد الحسني عن محمد بن علي الخراساني عن سهل بن صالح العباسي عن أبيه و إبراهيم بن عبد الرحمن الأبلي عن موسى بن جعفر عن آبائه ع أن أمير المؤمنين ع قال ليهودي من يهود الشام و أحبارهم فيما أجابه عنه من جواب مسائله فأما المستهزءون فقال الله عز و جل له إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ فقتل الله خمستهم قد قتل كل واحد منهم بغير قتلة صاحبه في يوم واحد أما الوليد بن المغيرة فإنه مر بنبل لرجل من خزاعة قد راشه في الطريق فأصابته شظية منه فانقطع أكحله حتى أدماه فمات و هو يقول قتلني رب محمد و أما العاص بن وائل السهمي فإنه خرج في حاجته له إلى كدا فتدهده تحته حجر فسقط فتقطع قطعة قطعة فمات و هو يقول قتلني رب محمد و أما الأسود بن عبد يغوث فإنه خرج يستقبل ابنه زمعة و معه غلام له فاستظل بشجرة تحت كدا فأتاه جبرئيل ع فأخذ رأسه فنطح به الشجرة فقال لغلامه امنع هذا عني فقال ما أرى أحدا يصنع بك شيئا إلا نفسك فقتله و هو يقول قتلني رب محمد

 قال الصدوق رحمة الله عليه و يقال في خبر آخر في الأسود قول آخر يقال إن النبي ص كان قد دعا عليه أن يعمي الله بصره و أن يثكله ولده فلما كان في ذلك اليوم جاء حتى صار إلى كدا فأتاه جبرئيل بورقة خضراء فضرب بها وجهه فعمي و بقي  حتى أثكله الله عز و جل ولده يوم بدر ثم مات و أما الحارث بن الطلاطلة فإنه خرج من بيته في السموم فتحول حبشيا فرجع إلى أهله فقال أنا الحارث فغضبوا عليه فقتلوه و هو يقول قتلني رب محمد و أما الأسود بن الحارث فإنه أكل حوتا مالحا فأصابه العطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشق بطنه فمات و هو يقول قتلني رب محمد كل ذلك في ساعة واحدة و ذلك أنهم كانوا بين يدي رسول الله ص فقالوا له يا محمد ننتظر بك الظهر فإن رجعت عن قولك و إلا قتلناك فدخل النبي ص منزله فأغلق عليه بابه مغتما بقولهم فأتاه جبرئيل ع ساعته فقال له يا محمد السلام يقرأ عليك السلام و هو يقول فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ يعني أظهر أمرك لأهل مكة و ادع وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ قال يا جبرئيل كيف أصنع بالمستهزءين و ما أوعدوني قال له إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ قال يا جبرئيل كانوا عندي الساعة بين يدي فقال قد كفيتهم فأظهر أمره عند ذلك

 قال الصدوق رحمه الله و الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة و قد أخرجته بتمامه في آخر الجزء الرابع من كتاب النبوة. بيان النبل بالفتح السهام العربية و راش السهم يريشه ألزق عليه الريش و الشظية بفتح الشين و كسر الظاء المعجمة و تشديد الياء الفلقة من العصا و نحوها و الأكحل عرق في اليد يفصد و كداء بالفتح و المد الثنية العليا بمكة مما يلي المقابر و هو المعلى و كدا بالضم و القصر الثنية السفلى مما يلي باب العمرة و يقال دهده الحجر فتدهده أي دحرجه فتدحرج

 10-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن أبا جهل طلب غرته فلما رآه ساجدا أخذ صخرة ليطرحها عليه ألزقها الله بكفه و لما عرف أن لا نجاة إلا بمحمد سأله أن يدعو ربه  فدعا الله فأطلق يده و طرح بصخرته

 11-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن امرأة من اليهود عملت له سحرا فظنت أنه ينفذ فيه كيدها و السحر باطل محال إلا أن الله دله عليه فبعث من استخرجه و كان على الصفة التي ذكرها و على عدد العقد التي عقد فيها و وصف ما لو عاينه معاين لغفل عن بعض ذلك

 12-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن ابن مسعود قال كنا مع النبي ص فصلى في ظل الكعبة و ناس من قريش و أبو جهل نحروا جزورا في ناحية مكة فبعثوا و جاءوا بسلاها فطرحوه بين كتفيه فجاءت فاطمة ع فطرحته عنه فلما انصرف قال اللهم عليك بقريش اللهم عليك بأبي جهل و بعتبة و شيبة و وليد بن عتبة و أمية بن خلف و بعقبة بن أبي معيط قال عبد الله و لقد رأيتهم قتلى في قليب بدر

 بيان السلا مقصورة الجلدة الرقيقة التي يكون فيها الولد من المواشي

 13-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن أبا ثروان كان راعيا في إبل عمرو بن تميم فخاف رسول الله ص من قريش فنظر إلى سواد الإبل فقصد له و جلس بينها فقال يا محمد لا تصلح إبل أنت فيها فدعا عليه فعاش شقيا يتمنى الموت

 14-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن عتبة بن أبي لهب قال كفرت برب النجم فقال النبي ص أ ما تخاف أن يأكلك كلب الله فخرج في تجارة إلى اليمن فبينما هم قد عرسوا إذ سمع صوت الأسد فقال لأصحابه إني مأكول بدعاء محمد فناموا حوله فضرب على آذانهم فجاءه الأسد حتى أخذه فما سمعوا إلا صوته

 و في خبر آخر أنه لما قال كفرت بالذي دنا فتدلى و تفل في وجه محمد قال ص اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فخرجوا إلى الشام فنزلوا منزلا  فقال لهم راهب من الدير هذه أرض مسبعة فقال أبو لهب يا معشر قريش أعينونا هذه الليلة إني أخاف عليه دعوة محمد فجمعوا جمالهم و فرشوا لعتبة في أعلاها و ناموا حوله فجاء الأسد يتشمم وجوههم ثم ثنى ذنبه فوثب فضربه بيده ضربة واحدة فخدشه قال قتلني فمات مكانه

 قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ روت العامة عن الصادق ع و عن ابن عباس و ذكر مثله

 15-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ من معجزاته أنه ص كان يصلي مقابل الحجر الأسود و يستقبل بيت المقدس و يستقبل الكعبة فلا يرى حتى يفرغ من صلاته و كان يستتر بقوله وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً و بقوله أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ و بقوله وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً و بقوله أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَ خَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَ قَلْبِهِ وَ جَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً

 16-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن أبي عبد الله ع أنه قال قال عبد الله بن أمية لرسول الله إنا لن نؤمن لك حتى تأتينا بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلًا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ و الله لو فعلت ذلك ما كنت أدري أ صدقت أم لا فانصرف النبي ص ثم نظروا في أمورهم فقال أبو جهل لئن أصبحت و هو قد دخل المسجد لأطرحن على رأسه أعظم حجر أقدر عليه فدخل رسول الله ص المسجد فصلى فأخذ  أبو جهل الحجر و قريش تنظر فلما دنا ليرمي بالحجر من يده أخذته الرعدة فقالوا ما لك قال رأيت أمثال الجبال متقنعين في الحديد لو تحركت أخذوني

 17-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن جابر قال إن الحكم بن العاص عم عثمان بن عفان كان يستهزئ من رسول الله بخطوته في مشيته و يسخر منه و كان رسول الله ص يوما و الحكم خلفه يحرك كتفيه و يكسر يديه خلف رسول الله استهزاء منه بمشيته ص فأشار رسول الله ص بيده و قال هكذا فكن فبقي الحكم على تلك الحال من تحريك أكتافه و تكسر يديه ثم نفاه عن المدينة و لعنه فكان مطرودا إلى أيام عثمان فرده إلى المدينة

 18-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن جابر عن أبي جعفر ع قال صلى رسول الله ص في بعض الليالي فقرأ تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ فقيل لأم جميل أخت أبي سفيان امرأة أبي لهب إن محمدا لم يزل البارحة يهتف بك و بزوجك في صلاته و يقنت عليكما فخرجت تطلبه و هي تقول لئن رأيته لأسمعته و جعلت تنشد من أحس لي محمدا حتى انتهت إلى رسول الله و أبو بكر جالس معه فقال أبو بكر يا رسول الله لو انتحيت فإن أم جميل قد أقبلت و أنا خائف أن تسمعك شيئا فقال إنها لم ترني فجاءت حتى قامت عليه و قالت يا أبا بكر أ رأيت محمدا قال لا فمضت راجعة إلى بيتها فقال أبو جعفر ع ضرب الله بينهما حجابا أصفر و كانت تقول له ص مذمم و كذا قريش كلهم فقال النبي ص إن الله أنساهم اسمي و هم يعلمون يسمون مذمما و أنا محمد

   -19  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ جابر بن عبد الله أن النبي ص نزل تحت شجرة فعلق بها سيفه ثم نام فجاء أعرابي فأخذ السيف و قام على رأسه فاستيقظ النبي ص فقال يا محمد من يعصمك الآن مني قال الله تعالى فرجف و سقط السيف من يده

 و في خبر آخر أنه بقي جالسا زمانا و لم يعاقبه النبي ص

 الثمالي في تفسير قوله يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أن القاصد إلى النبي ص كان دعثور بن الحارث فدفع جبرئيل في صدره فوقع السيف من يده فأخذه رسول الله و قام على رأسه فقال ما يمنعك مني فقال لا أحد و أنا أعهد أن لا أقاتلك أبدا و لا أعين عليك عدوا فأطلقه فسئل بعد انصرافه عن حاله فقال نظرت إلى رجل طويل أبيض دفع في صدري فعرفت أنه ملك و يقال إنه أسلم و جعل يدعو قومه إلى الإسلام

 حذيفة و أبو هريرة جاء أبو جهل إلى النبي ص و هو يصلي ليطأ على رقبته فجعل ينكص على عقبيه فقيل له ما لك قال إن بيني و بينه خندقا من نار مهولا و رأيت ملائكة ذوي أجنحة فقال النبي ص لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا فنزل أَ رَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى الآيات

 ابن عباس أن قريشا اجتمعوا في الحجر فتعاقدوا باللات و العزى و مناة لو رأينا محمدا لقمنا مقام رجل واحد و لنقتلنه فدخلت فاطمة ع على النبي ص باكية و حكت مقالهم فقال يا بنية أحضري لي وضوءا فتوضأ ثم خرج إلى المسجد فلما رأوه قالوا ها هو ذا و خفضت رءوسهم و سقطت أذقانهم في صدورهم فلم يصل إليه رجل منهم فأخذ النبي ص قبضة من التراب فحصبهم بها و قال شاهت الوجوه  فما أصاب رجلا منهم إلا قتل يوم بدر

 محمد بن إسحاق لما خرج النبي ص مهاجرا تبعه سراقة بن جعشم مع خيله فلما رآه رسول الله ص دعا فكان قوائم فرسه ساخت حتى تغيبت فتضرع إلى النبي ص حتى دعا و صار إلى وجه الأرض فقصد كذلك ثلاثا و النبي ص يقول يا أرض خذيه و إذا تضرع قال دعيه فكف بعد الرابعة و أضمر أن لا يعود إلى ما يسوؤه

 و في رواية و اتبعه دخان حتى استغاثه فانطلقت الفرس فعذله أبو جهل فقال سراقة

أبا حكم و اللات لو كنت شاهدا لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه‏عجبت و لم تشكك بأن محمدا نبي و برهان فمن ذا يكاتمه‏عليك فكف الناس عنه فإنني أرى أمره يوما ستبدو معالمه

و كان ص مارا في بطحاء مكة فرماه أبو جهل بحصاة فوقفت الحصاة معلقة سبعة أيام و لياليها فقالوا من يرفعها قال يرفعه الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها

 عكرمة لما غزا يوم حنين قصد إليه شيبة بن عثمان بن أبي طلحة عن يمينه فوجد عباسا فأتى عن يساره فوجد أبا سفيان بن الحارث فأتى من خلفه فوقعت بينهما شواظ من نار فرجع القهقرى فرجع النبي ص إليه و قال يا شيب يا شيب ادن مني اللهم أذهب عنه الشيطان قال فنظرت إليه و لهو أحب إلي من سمعي و بصري فقال يا شيب قاتل الكفار فلما انقضى القتال دخل عليه فقال الذي أراد الله بك خير مما أردته لنفسك و حدثه بجميع ما زوى في نفسه فأسلم

 ابن عباس في قوله وَ يُرْسِلُ الصَّواعِقَ قال قال عامر بن الطفيل لأربد بن قيس قد شغلته عنك مرارا فألا ضربته يعني النبي ص فقال أربد أردت ذلك مرتين فاعترض لي في أحدهما حائط من حديد ثم رأيتك الثانية بيني و بينه أ فأقتلك

   و في رواية الكلبي أنه لما اخترط من سيفه شبرا لم يقدر على سله فقال النبي ص اللهم اكفنيهما بما شئت

 و في رواية أن السيف لصق به و في الروايات كلها أنه لم يصل واحد منهما إلى منزله أما عامر فغد في ديار بني سلول فجعل يقول أ غدة كغدة البعير و موتا في بيت السلولية و أما أربد فارتفعت له سحابة فرمته بصاعقة فأحرقته و كان أخا لبيد لأمه فقال يرثيه

فجعني الرعد و الصواعق بالفارس يوم الكريهة النجدأخشى على أربد الحتوف و لا أرهب نوء السماك و الأسد

 ابن عباس و أنس و عبد الله بن مغفل أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا من جبل التنعيم عند صلاة الفجر عام الحديبية ليقتلوهم

 و في رواية كان النبي ص جالسا في ظل شجرة و بين يديه علي ع يكتب الصلح و هم ثلاثون شابا فدعا عليهم النبي ص فأخذ الله بأبصارهم حتى أخذناهم فخلى سبيلهم فنزل وَ هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ

 ابن جبير و ابن عباس و محمد بن ثور في قوله فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ الآيات كان المستهزءون به جماعة مثل الوليد بن المغيرة المخزومي و الأسود بن عبد يغوث الزهري و أبو زمعة الأسود بن المطلب و العاص بن وائل السهمي و الحارث بن قيس السهمي و عقبة بن أبي معيط و فيهلة بن عامر الفهري و الأسود بن الحارث و أبو أحيحة و سعيد بن العاص و النضر بن الحارث العبدري و الحكم بن العاص بن أمية و عتبة بن ربيعة و طعيمة بن عدي و الحارث بن عامر بن نوفل و أبو البختري العاص بن هاشم بن أسد و أبو جهل و أبو لهب و كلهم قد أفناهم الله بأشد نكال و كانوا قالوا له يا محمد ننتظر بك إلى الظهر فإن رجعت عن قولك و إلا قتلناك فدخل ص منزله و أغلق عليه بابه فأتاه جبرئيل ساعته فقال له يا محمد السلام يقرأ عليك السلام و هو يقول اصدع بما تؤمر و أنا معك  و قد أمرني ربي بطاعتك فلما أتيا البيت رمى الأسود بن المطلب في وجهه بورقة خضراء فقال اللهم أعم بصره و أثكله ولده فعمي و أثكله الله ولده

 و روي أنه أشار إلى عينه فعمي و جعل يضرب رأسه على الجدار حتى هلك ثم مر به الأسود بن عبد يغوث فأومأ إلى بطنه فاستسقى ماء و مات حبنا و مر به الوليد فأومأ إلى جرح اندمل في بطن رجله من نبل فتعلقت به شوكة فنن فخدشت ساقه و لم يزل مريضا حتى مات و نزل فيه سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً و إنه يكلف أن يصعد جبلا في النار من صخرة ملساء فإذا بلغ أعلاها لم يترك أن يتنفس فيجذب إلى أسفلها ثم يكلف مثل ذلك و مر به العاص فعابه فخرج من بيته فلفحته السموم فلما انصرف إلى داره لم يعرفوه فباعدوه فمات غما

 و روي أنهم غضبوا عليه فقتلوه

 و روي أنه وطئ على شبرقة فدخلت في أخمص رجله فقال لدغت فلم يزل يحكها حتى مات و مر به الحارث فأومأ إلى رأسه فتقيأ قيحا و يقال إنه لدغته الحية و يقال خرج إلى كدا فتدهده عليه حجر فتقطع أو استقبل ابنه في سفر فضرب جبرئيل رأسه على شجرة و هو يقول يا بني أدركني فيقول لا أرى أحدا حتى مات و أما الأسود بن الحارث أكل حوتا فأصابه العطش فلم يزل يشرب الماء حتى انشقت بطنه و أما فيهلة بن عامر فخرج يريد الطائف ففقد و لم يوجد و أما عيطلة فاستسقى فمات و يقال أتى بشوك فأصاب عينيه فسالت حدقته على وجهه و أما أبو لهب فإنه سأل أبا سفيان عن قصة بدر فقال إنا لقيناهم فمنحناهم أكتافنا فجعلوا يقتلوننا و يأسروننا كيف شاءوا و ايم الله مع ذلك ما مكث الناس لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء و الأرض لا يقوم لها شي‏ء فقال أبو رافع لأم الفضل بنت العباس تلك الملائكة  فجعل يضربني فضربت أم الفضل على رأسه بعمود الخيمة فلقت رأسه شجة منكرة فعاش سبع ليال و قد رماه الله بالعدسة و لقد تركه ابناه ثلاثا لا يدفنانه و كانت قريش تتقي العدسة فدفنوه بأعلى مكة على جدار و قذفوا عليه الحجارة حتى واروه و نزل قوله تعالى لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ الآيات في أبي جهل و ذلك أنه كان حلف لئن رأى محمدا يصلي ليرضخن رأسه فأتاه و هو يصلي و معه حجر ليدمغنه فلما رفعه أثبتت يده إلى عنقه و لزق الحجر بيده فلما عاد إلى أصحابه و أخبرهم بما رأى سقط الحجر من يده فقال رجل من بني مخزوم أنا أقتله بهذا الحجر فأتاه و هو يصلي ليرميه بالحجر فأغشى الله بصره فجعل يسمع صوته و لا يراه فرجع إلى أصحابه فلم يرهم حتى نادوه ما صنعت فقال ما رأيته و لقد سمعت صوته و حال بيني و بينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه لو دنوت منه لأكلني

 ابن عباس في قوله وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا أن قريشا اجتمعت فقالت لئن دخل محمد لنقومن إليه قيام رجل واحد فدخل النبي ص فجعل الله من بين أيديهم سدا فلم يبصروه فصلى ص ثم أتاهم فجعل ينثر على رءوسهم التراب و هم لا يرونه فلما جلى عنهم رأوا التراب فقالوا هذا ما سحركم ابن أبي كبشة و لما نزلت الأحزاب على المدينة عبى أبو سفيان سبعة آلاف رام كوكبة واحدة ثم قال ارموهم رشقا واحدا فوقع في أصحاب النبي ص سهام كثيرة فشكوا ذلك إلى النبي ص فلوح إلى السهام بكمه و دعا بدعوات فهبت ريح عاصفة فردت السهام  إلى القوم فكل من رمى سهما عاد السهم إليه فوقع فيه جرحة بقدرة الله و بركة رسوله و دخل النبي ص مع ميسرة إلى حصن من حصون اليهود ليشتروا خبزا و أدما فقال يهودي عندي مرادك و مضى إلى منزله و قال لزوجته أطلعي إلى عالي الدار فإذا دخل هذا الرجل فارمي هذه الصخرة عليه فأدارت المرأة الصخرة فهبط جبرئيل فضرب الصخرة بجناحه فخرقت الجدار و أتت تهتز كأنها صاعقة فأحاطت بحلق الملعون و صارت في عنقه كدور الرحى فوقع كأنه المصروع فلما أفاق جلس و هو يبكي فقال له النبي ص ويلك ما حملك على هذا الفعال فقال يا محمد لم يكن لي في المتاع حاجة بل أردت قتلك و أنت معدن الكرم و سيد العرب و العجم اعف عني فرحمه النبي ص فانزاحت الصخرة عن عنقه

 جابر و ابن عباس قال رجل من قريش لأقتلن محمدا فوثب به فرسه فاندقت رقبته و استغاث الناس إلى معمر بن يزيد و كان أشجع الناس و مطاعا في بني كنانة فقال لقريش أنا أريحكم منه فعندي عشرون ألف مدجج فلا أرى هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حربي فإن سألوني الدية أعطيتهم عشر ديات ففي مالي سعة و كان يتقلد بسيف طوله عشرة أشبار في عرض شبر فأهوى إلى النبي ص بسيفه و هو ساجد في الحجر فلما قرب منه عثر بدرعه فوقع ثم قام و قد أدمي وجهه بالحجارة و هو يعدو أشد العدو حتى بلغ البطحاء فاجتمعوا إليه و غسلوا الدم عن وجهه و قالوا ما ذا أصابك فقال المغرور و الله من غررتموه قالوا ما شأنك قال دعوني تعد إلي نفسي ما رأيت كاليوم قالوا ما ذا أصابك قال لما دنوت منه وثب إلي من عند رأسه شجاعان أقرعان ينفخان بالنيران

 و روي أن كلدة بن أسد رمى رسول الله ص بمزراق و هو بين دار عقيل و عقال فعاد المزراق إليه فوقع في صدره فعاد فزعا و انهزم و قيل له ما لك قال ويحكم أ ما  ترون الفحل خلفي قالوا ما نرى شيئا قال ويحكم فإني أراه فلم يزل يعدو حتى بلغ الطائف

 الواقدي خرج النبي ص للحاجة في وسط النهار بعيدا فبلغ إلى أسفل ثنية الحجون فأتبعه النضر بن الحارث يرجو أن يغتاله فلما دنا منه عاد راجعا فلقيه أبو جهل فقال من أين جئت قال كنت طمعت أن أغتال محمدا فلما قربت منه فإذا أساود تضرب بأنيابها على رأسه فاتحة أفواهها فقال أبو جهل هذا بعض سحره و قصد إليه رجل بفهر و هو ساجد فلما رفع يده ليرمي به يبست يده على الحجر

 ابن عباس كان النبي ص يقرأ في المسجد فيجهر بقراءته فتأذى به ناس من قريش فقاموا ليأخذوه و إذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم و إذا هم عمي لا يبصرون فجاءوا إلى النبي ص فقالوا ننشدك الله و الرحم فدعا النبي ص فذهب ذلك عنهم فنزلت يس إلى قوله فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ

 أبو ذر كان النبي ص في سجوده فرفع أبو لهب حجرا يلقيه عليه فثبتت يده في الهواء فتضرع إلى النبي ص و عقد الأيمان لو عوفي لا يؤذيه فلما برأ قال لأنت ساحر حاذق فنزل تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ و تكمن نضر بن الحارث بن كلدة لقتل النبي ص فلما سل سيفه رئي خائفا مستجيرا فقيل يا نضر هذا خير لك مما أردت يوم حنين مما حال الله بينك و بينه

 بيان العذل الملامة و الشواظ بالضم و الكسر اللهب الذي لا دخان له و الغدة طاعون الإبل و قلما يسلم منه يقال أغد البعير فهو مغد و النجد بكسر  الجيم الشديد البأس و النوء سقوط الكوكب و كانت العرب في الجاهلية تنسب الأمطار إلى الأنواء و سيأتي بيانها و الحبن بالتحريك عظم البطن و الأحبن المستسقي و الفنن بالتحريك الغصن و في بعض النسخ قين بالقاف و الياء و هو الحداد و الشبرق بكسر الشين و الراء و سكون الباء نبت حجازي يؤكل و له شوك فإذا يبس سمي الضريع و المدجج بفتح الجيم و كسرها الشائك في السلاح و الفهر بالكسر الحجر قدر ما يدق به الجوز أو ما يملأ الكف و التباب الهلاك و الخسران و يحتمل أن يكون هنا كناية عن ثبوت يده في الهواء و هو خلاف المشهور بين المفسرين

 20-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ سار النبي ص إلى بني شاجعة فجعل يعرض عليهم الإسلام فأبوا و خرجوا إليه في خمسة آلاف فارس فتبعوا النبي ص فلما لحقوا به عاجلهم بدعوات فهبت عليهم ريح فأهلكتهم عن آخرهم

 21-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ رمى رسول الله ص ابن قمية بقذافة فأصاب كعبه حتى بدر السيف عن يده في يوم أحد و قال خذها مني و أنا ابن قمية فقال النبي ص أذلك الله و أقمأك فأتى ابن قمية تيس و هو نائم فوضع قرنه في مراقه ثم دعسه فجعل ينادي وا ذلاه حتى أخرج قرنيه من ترقوته و كانت الكفار في حرب الأحزاب عشرة آلاف رجل و بنو قريظة قائمون بنصرتهم و الصحابة في أزل شديد فرفع يديه و قال يا منزل الكتاب سريع الحساب أهزم الأحزاب فجاءتهم ريح عاصف تقلع خيامهم فانهزموا بإذن الله و أيدهم بجنود لم يروها و أخذ ص يوم بدر كفا من التراب و يقال حصى و ترابا و رمى به في وجوه القوم فتفرق الحصى في وجوه المشركين فلم يصب من ذلك أحدا إلا قتل أو أسر و فيه نزل وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى

   بيان القذافة بفتح القاف و تشديد الذال الذي يرمى به الشي‏ء فيبعد و أقمأه بالهمز صغره و أذله و مراق البطن بفتح الميم و تشديد القاف ما رق منه و لان من أسفله و لا واحد له و الدعس الطعن

 22-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ جابر بن عبد الله لما قتل العرنيون راعي النبي ص دعا عليهم فقال اللهم أعم عليهم الطريق قال فعمي عليهم حتى أدركوهم و أخذوهم و حكى الحكم بن العاص مشية رسول الله ص مستهزئا فقال ص كذلك فلتكن فكان يرتعش حتى مات و خطب ص امرأة فقال أبوها إن بها برصا امتناعا من خطبته و لم يكن بها برص فقال رسول الله ص فلتكن كذلك فبرصت و هي أم شبيب بن البرصاء الشاعر

 الأغاني أن النبي ص نظر إلى زهير بن أبي سلمى و له مائة سنة فقال اللهم أعذني من شيطانه فما لاك بيتا حتى مات

 23-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ طعن ص أبيا في جربان الدرع بعنزة في يوم أحد فاعتنق فرسه فانتهى إلى عسكره و هو يخور خوار الثور فقال أبو سفيان ويلك ما أجزعك إنما هو خدش ليس بشي‏ء فقال طعنني ابن أبي كبشة و كان يقول أقتلك فكان يخور الملعون حتى صار إلى النار و كان بلال إذا قال أشهد أن محمدا رسول الله كان منافق يقول كل مرة حرق الكاذب يعني النبي ص فقام المنافق ليلة ليصلح السراج فوقعت النار في سبابته فلم  يقدر على إطفائها حتى أخذت كفه ثم مرفقه ثم عضده حتى احترق كله

 24-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ابن عباس و الضحاك في قوله وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ نزلت في عقبة بن أبي معيط و أبي بن خلف و كانا توأمين في الخلة فقدم عقبة من سفره و أولم جماعة الأشراف و فيهم رسول الله ص فقال النبي ص لا آكل طعامك حتى تقول لا إله إلا الله و إني رسول الله فشهد الشهادتين فأكل من طعامه فلما قدم أبي بن خلف عذله و قال صبأت فحكى قصته فقال إني لا أرضى عنك أو تكذبه فجاء إلى النبي ص و تفل في وجهه ص فانشقت التفلة شقتان و عادتا إلى وجهه فأحرقتا وجهه و أثرتا و وعده النبي ص حياته ما دام في مكة فإذا خرج قتل بسيفه فقتل عقبة يوم بدر و قتل النبي ص بيده أبيا

 25-  طب، ]طب الأئمة عليهم السلام[ محمد بن جعفر البرسي عن محمد بن يحيى الأرمني عن محمد بن سنان عن المفضل عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه إن جبرئيل ع أتى النبي ص و قال له يا محمد قال لبيك يا جبرئيل قال إن فلان اليهودي سحرك و جعل السحر في بئر بني فلان فابعث إليه يعني إلى البئر أوثق الناس عندك و أعظمهم في عينك و هو عديل نفسك حتى يأتيك بالسحر قال فبعث النبي ص علي بن أبي طالب ع و قال انطلق إلى بئر ذروان فإن فيها سحرا سحرني به لبيد بن أعصم اليهودي فأتني به قال علي ع فانطلقت في حاجة رسول الله ص  فهبطت فإذا ماء البئر قد صار كأنه ماء الحناء من السحر فطلبته مستعجلا حتى انتهيت إلى أسفل القليب فلم أظفر به قال الذين معي ما فيه شي‏ء فاصعد فقلت لا و الله ما كذبت و ما كذبت و ما يقيني به مثل يقينكم يعني رسول الله ص ثم طلبت طلبا بلطف فاستخرجت حقا فأتيت النبي ص فقال افتحه ففتحته فإذا في الحق قطعة كرب النخل في جوفه وتر عليها إحدى عشرة عقدة و كان جبرئيل ع أنزل يومئذ المعوذتين على النبي ص فقال النبي ص يا علي اقرأهما على الوتر فجعل أمير المؤمنين ع كلما قرأ آية انحلت عقدة حتى فرغ منها و كشف الله عز و جل عن نبيه ما سحر به و عافاه

 و يروى أن جبرئيل و ميكائيل ع أتيا إلى النبي ص فجلس أحدهما عن يمينه و الآخر عن شماله فقال جبرئيل لميكائيل ما وجع الرجل فقال ميكائيل هو مطبوب فقال جبرئيل ع و من طبه قال لبيد بن أعصم اليهودي ثم ذكر الحديث إلى آخره

 بيان الكرب بالتحريك أصول السعف العراض الغلاظ و قال الجزري فيه أنه احتجم حين طب أي سحر و رجل مطبوب أي مسحور كنوا بالطب عن السحر تفاؤلا بالبرء كما كنوا بالسليم عن اللديغ انتهى. أقول المشهور بين الإمامية عدم تأثير السحر في الأنبياء و الأئمة ع و أولوا بعض الأخبار الواردة في ذلك و طرحوا بعضها و قد أشار إليه الراوندي رحمه الله فيما سبق. و قال الطبرسي رحمه الله روي أن لبيد بن أعصم اليهودي سحر رسول الله ص  ثم دس ذلك في بئر لبني زريق فمرض رسول الله ص فبينما هو نائم إذ أتاه ملكان فقعد أحدهما عند رأسه و الآخر عند رجليه فأخبراه بذلك و أنه في بئر ذروان في جف طلعة تحت راعوفة و الجف قشر الطلع و الراعوفة حجر في أسفل البئر يقف عليه المائح فانتبه رسول الله ص و بعث عليا و الزبير و عمارا فنزحوا ماء تلك البئر ثم رفعوا الصخرة و أخرجوا الجف فإذا فيه مشاطة رأس و أسنان من مشطة و إذا فيه معقد فيه إحدى عشرة عقدة مغروزة بالإبر فنزلت المعوذتان فجعل كلما يقرأ آية انحلت عقدة و وجد رسول الله خفة فقام كأنما أنشط من عقال و جعل جبرئيل يقول بسم الله أرقيك من كل شي‏ء يؤذيك من حاسد و عين و الله يشفيك. و رووا ذلك عن عائشة و ابن عباس و هذا لا يجوز لأن من وصفه بأنه مسحور فكأنه قد خبل عقله و قد أبى الله سبحانه ذلك في قوله وَ قالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا و لكن يمكن أن يكون اليهودي أو بناته على ما روي اجتهدوا في ذلك فلم يقدروا عليه و أطلع الله نبيه ص على ما فعلوه من التمويه حتى استخرج و كان ذلك دلالة على صدقه و كيف يجوز أن يكون المرض من فعلهم و لو قدروا على ذلك لقتلوه و قتلوا كثيرا من المؤمنين مع شدة عداوتهم لهم انتهى كلامه قدس سره.

 ثم روي عن الفضيل بن يسار قال سمعت أبا جعفر ع يقول إن رسول الله ص اشتكى شكوى شديدا و وجع وجعا شديدا فأتاه جبرئيل و ميكائيل ع فقعد جبرئيل عند رأسه و ميكائيل عند رجليه فعوذه جبرئيل ب قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ و عوذه ميكائيل ب قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ و عن أبي خديجة عن أبي عبد الله ع قال جاء جبرئيل ع إلى النبي ص  و هو شاك فرقاه بالمعوذتين و قل هو الله أحد و قال بسم الله أرقيك و الله يشفيك من كل داء يؤذيك خذها فلتهنيك

 26-  عم، ]إعلام الورى[ من معجزاته ص أنه أخذ يوم بدر مل‏ء كفه من الحصباء فرمى بها وجوه المشركين و قال شاهت الوجوه فجعل الله سبحانه لتلك الحصباء شأنا عظيما لم يترك من المشركين رجلا إلا ملأت عينيه و جعل المسلمون و الملائكة يقتلونهم و يأسرونهم و يجدون كل رجل منهم منكبا على وجهه لا يدري أين يتوجه يعالج التراب ينزعه من عينيه

 و منها ما روته أسماء بنت أبي بكر قالت لما نزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ أقبلت العوراء أم جميل بنت حرب و لها ولولة و هي تقول

مذمما أبينا و دينه قليناو أمره عصينا

و النبي ص جالس في المسجد و معه أبو بكر فلما رآها أبو بكر قال يا رسول الله أنا أخاف أن تراك قال رسول الله إنها لا تراني و قرأ وَ إِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَ بَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً فوقفت على أبي بكر و لم تر رسول الله فقالت يا أبا بكر أخبرت أن صاحبك هجاني فقال لا و رب البيت ما هجاك فولت و هي تقول قريش تعلم أني بنت سيدها

 و منها ما رواه الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن ناسا من بني مخزوم تواصوا بالنبي ص ليقتلوه منهم أبو جهل و الوليد بن المغيرة و نفر من بني مخزوم فبينا النبي ص قائم يصلي إذ أرسلوا إليه الوليد ليقتله فانطلق حتى انتهى إلى المكان الذي كان يصلي فيه فجعل يسمع قراءته و لا يراه فانصرف إليهم فأعلمهم ذلك فأتاه من بعده أبو جهل و الوليد و نفر منهم فلما انتهوا إلى المكان الذي يصلي فيه سمعوا قراءته  و ذهبوا إلى الصوت فإذا الصوت من خلفهم فيذهبون إليه فيسمعونه أيضا من خلفهم فانصرفوا و لم يجدوا إليه سبيلا فذلك قوله سبحانه وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ

 بيان قال الطبرسي بعد ذكر قصة أم جميل قيل كيف يجوز أن لا ترى النبي ص و قد رأت غيره فالجواب أنه يجوز أن يكون قد عكس الله شعاع عينيها أو صلب الهواء فلم ينفذ فيه الشعاع أو فرق الشعاع فلم يتصل بالنبي ص و روي أن النبي قال ما زال ملك يسترني عنها انتهى. و زاد الرازي على تلك الوجوه أنه ص لعله أعرض بوجهه عنها و ولاها ظهره ثم إنها لغاية غضبها لم تفتش أو لأن الله ألقى في قلبها خوفا فصار ذلك صارفا لها عن النظر أو أن الله تعالى ألقى شبه إنسان آخر على الرسول ص كما فعل بعيسى ع

 27-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ من معجزاته ما هو مشهور أنه خرج في متوجهه إلى المدينة فأوى إلى غار بقرب مكة تعتوره النزال و تأوي إليه الرعاء فلا تخلو من جماعة نازلين يستريحون فيه فأقام ص به ثلاثا لا يطرده بشر و خرج القوم في أثره و صدهم الله عنه بأن بعث عنكبوتا فنسجت عليه فآيسهم من الطلب فيه فانصرفوا و هو نصب أعينهم

 28-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ من معجزاته ص أنه لاقى أعداءه يوم بدر و هم ألف و هو في عصابة كثلث أعدائه فلما التحمت الحرب أخذ قبضة من التراب و القوم متفرقون في نواحي عسكره فرمى به وجوههم فلم يبق منهم رجل إلا امتلأت منه عيناه و إن كانت الريح العاصف يومها إلى الليل لتعصف أعاصير التراب لا يصيب أحدا من عسكره و قد نطق به القرآن و صدق به المؤمنون و شاهد الكفار ما نالهم منه

   -29  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كان أبي بن خلف يقول عندي رمكة أعلفها كل يوم فرق ذرة أقتلك عليها فقال النبي ص أنا أقتلك إن شاء الله فطعنه النبي ص يوم أحد في عنقه و خدشه خدشة فتدهدى عن فرسه و هو يخور كما يخور الثور فقالوا له في ذلك فقال لو كانت الطعنة بربيعة و مضر لقتلهم أ ليس قال لي أقتلك فلو بزق علي بعد تلك المقالة قتلني فمات بعد يوم

 30-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ عم، ]إعلام الورى[ روي أن أبا جهل اشترى من رجل طارئ بمكة إبلا فبخسه أثمانها و لواه بحقه فأتى الرجل نادي قريش مستجيرا بهم و ذكرهم حرمة البيت فأحالوه على النبي ص استهزاء فأتاه مستجيرا به فمضى معه و دق الباب على أبي جهل فعرفه فخرج منخوب العقل فقال أهلا بأبي القاسم فقال له أعط هذا حقه قال نعم و أعطاه من فوره فقيل له في ذلك فقال إني رأيت ما لم تروا رأيت و الله على رأسه تنينا فاتحا فاه و الله لو أبيت لالتقمني

 بيان يقال رجل نخب بكسر الخاء أي جبان لا فؤاد له و كذلك نخيب و منخوب. أقول روى السيد بن طاوس رحمه الله في كتاب سعد السعود من تفسير الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال أقبل عامر بن الطفيل و أربد بن قيس و هما عامريان ابنا عم يريدان رسول الله ص و هو في المسجد جالس في نفر من أصحابه قال فدخلا المسجد قال فاستبشر الناس بجمال عامر بن الطفيل و كان من أجمل الناس أعور فجعل يسأل أين محمد فيخبرونه فيقصد نحو رجل من أصحاب رسول الله ص فقال هذا عامر بن  الطفيل يا رسول الله ص فأقبل حتى قام عليه فقال أين محمد فقالوا هو ذا قال أنت محمد قال نعم فقال ما لي إن أسلمت قال لك ما للمسلمين و عليك ما للمسلمين قال تجعل لي الأمر بعدك قال ليس ذلك لك و لا لقومك و لكن ذاك إلى الله تعالى يجعل حيث يشاء قال فتجعلني على الوبر يعني على الإبل و أنت على المدر قال لا قال فما ذا تجعل لي قال أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها قال أ و ليس ذلك لي اليوم قم معي فأكلمك قال فقام معه رسول الله ص و أومأ لأربد بن قيس ابن عمه أن اضربه قال فدار أربد بن قيس خلف النبي ص فذهب ليخترط السيف فاخترط منه شبرا أو ذراعا فحبسه الله عز و جل فلم يقدر على سله فجعل يومئ عامر إليه فلا يستطيع سله فقال رسول الله ص اللهم هذا عامر بن الطفيل أوعر الدين عن عامر ثلاثا ثم التفت و رأى أربدا و ما يصنع بسيفه فقال اللهم اكفنيهما بم شئت و بدر بهما الناس فوليا هاربين قال أرسل الله على أربد بن قيس صاعقة فأحرقته و رأى عامر بن الطفيل بيت سلولية فنزل عليها فطعن في خنصره فجعل يقول يا عامر غدة كغدة البعير و تموت في بيت سلولية و كان يعير بعضهم بعضا بنزوله على سلول ذكرا كان أو أنثى قال فدعا عامر بفرسه فركبه ثم أجراه حتى مات على ظهره خارجا من منزلها فذلك قول الله عز و جل وَ يُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وَ هُمْ يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ وَ هُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ يقول العقاب فقتل عامر بن الطفيل بالطعنة و أربد بالصاعقة. و رواه الطبرسي أيضا في المجمع بهذا الإسناد مع اختصار