باب 9- قصة أصحاب الرس و حنظلة

 الآيات الحج فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَ هِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ الفرقان وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ ق كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ

 1-  ع، ]علل الشرائع[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الهمداني عن علي عن أبيه عن الهروي عن الرضا عن آبائه عن الحسين بن علي ع قال أتى علي بن أبي طالب ع قبل مقتله بثلاثة أيام رجل من أشراف تميم يقال له عمرو فقال يا أمير المؤمنين أخبرني عن أصحاب الرس في أي عصر كانوا و أين كانت منازلهم و من كان ملكهم و هل بعث الله عز و جل إليهم رسولا أم لا و بما ذا أهلكوا فإني أجد في كتاب الله ذكرهم و لا أجد خبرهم فقال له علي ع لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك و لا يحدثك به أحد بعدي إلا عني و ما في كتاب الله عز و جل آية إلا و أنا أعرف تفسيرها و في أي مكان نزلت من سهل أو جبل و في أي وقت نزلت من ليل أو نهار و إن هاهنا لعلما جما و أشار إلى صدره و لكن طلابه يسير و عن قليل يندمون لو فقدوني قال كان من قصتهم يا أخا تميم أنهم كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها شاه درخت كان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها روشاب كانت أنبطت لنوح ع بعد الطوفان و إنما سموا أصحاب الرس لأنهم رسوا نبيهم في الأرض و ذلك بعد سليمان بن داود ع و كانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال له الرس من بلاد المشرق و بهم سمي ذلك النهر و لم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر منه و لا أعذب منه و لا قرى أكثر و لا أعمر منها تسمى إحداهن أبان و الثانية آذر و الثالثة دي و الرابعة بهمن و الخامسة إسفندار و السادسة فروردين و السابعة أرديبهشت و الثامنة خرداد و التاسعة مرداد و العاشرة تير و الحادي عشرة مهر و الثاني عشرة شهريورد و كانت أعظم مدائنهم إسفندار و هي التي ينزلها ملكهم و كان يسمى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم و بها العين و الصنوبرة و قد غرسوا في كل قرية منها حبة من طلع تلك الصنوبرة و أجروا إليها نهرا من العين التي عند الصنوبرة فنبتت الحبة و صارت شجرة عظيمة و حرموا ماء العين و الأنهار فلا يشربون منها و لا أنعامهم و من فعل ذلك قتلوه و يقولون هو حياة آلهتنا فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها و يشربون هم و أنعامهم من نهر الرس الذي عليه قراهم و قد جعلوا في كل شهر من السنة في كل قرية عيدا يجتمع إليه أهلها فيضربون على الشجرة التي بها كله من حرير فيها من أنواع الصور ثم يأتون بشاء و بقر فيذبحونها قربانا للشجرة و يشعلون فيها النيران بالحطب فإذا سطح دخان تلك الذبائح و قتارها في الهواء و حال بينهم و بين النظر إلى السماء خروا للشجرة سجدا يبكون و يتضرعون إليها أن ترضى عنهم فكان الشيطان يجي‏ء فيحرك أغصانها و يصيح من ساقها صياح الصبي إني قد رضيت عنكم عبادي فطيبوا نفسا و قروا عينا فيرفعون رءوسهم عند ذلك و يشربون الخمر و يضربون بالمعازف و يأخذون الدستبند فيكونون على ذلك يومهم و ليلتهم ثم ينصرفون و إنما سمت العجم شهورها بآبان ماه و آذر ماه و غيرهما اشتقاقا من أسماء تلك القرى لقول أهلها بعضهم لبعض هذا عيد شهر كذا و عيد شهر كذا حتى إذا كان عيد قريتهم العظمى اجتمع إليها صغيرهم و كبيرهم فضربوا عند الصنوبرة و العين سرادقا من ديباج عليه من أنواع الصور و جعلوا له اثني عشر بابا كل باب لأهل قرية منهم و يسجدون للصنوبرة خارجا من السرادق و يقربون لها الذبائح أضعاف ما قربوا للشجرة التي في قراهم فيجي‏ء إبليس عند ذلك فيحرك الصنوبرة تحريكا شديدا و يتكلم من جوفها كلاما جهوريا و يعدهم و يمنيهم بأكثر مما وعدتهم و منتهم الشياطين كلها فيرفعون رءوسهم من السجود و بهم من الفرح و النشاط ما لا يفيقون و لا يتكلمون من الشرب و العزف فيكونون على ذلك اثني عشر يوما و لياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ثم ينصرفون فلما طال

 كفرهم بالله عز و جل و عبادتهم غيره بعث الله عز و جل إليهم نبيا من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب فلبث فيهم زمانا طويلا يدعوهم إلى عبادة الله عز و جل و معرفة ربوبيته فلا يتبعونه فلما رأى شدة تماديهم في الغي و الضلال و تركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد و النجاح و حضر عيد قريتهم العظمى قال يا رب إن عبادك أبوا إلا تكذيبي و الكفر بك و غدوا يعبدون شجرة لا تنفع و لا تضر فأيبس شجرهم أجمع و أرهم قدرتك و سلطانك فأصبح القوم و قد يبس شجرهم كلها فهالهم ذلك و قطع بهم و صاروا فرقتين فرقة قالت سحر آلهتكم هذا الرجل الذي زعم أنه رسول رب السماء و الأرض إليكم ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه و فرقة قالت لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها و يقع فيها و يدعوكم إلى عبادة غيرها فحجبت حسنها و بهاءها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه فأجمع رأيهم على قتله فاتخذوا أنابيب طوالا من رصاص واسعة الأفواه ثم أرسلوها في قرار العين إلى أعلى الماء واحدة فوق الأخرى مثل البرابخ و نزحوا ما فيها من الماء ثم حفروا في قرارها بئرا ضيقة المدخل عميقة و أرسلوا فيها نبيهم و ألقموا فاها صخرة عظيمة ثم أخرجوا الأنابيب من الماء و قالوا نرجو الآن أن ترضى عنا آلهتنا إذا رأت أنا قد قتلنا من كان يقع فيها و يصدنا عن عبادتها و دفناه تحت كبيرها يتشفى منه فيعود لنا نورها و نضرتها كما كان فبقوا عامة يومهم يسمعون أنين نبيهم و هو يقول سيدي قد ترى ضيق مكاني و شدة كربي فارحم ضعف ركني و قلة حيلتي و عجل بقبض روحي و لا تؤخر إجابة دعوتي حتى مات فقال الله جل جلاله لجبرئيل يا جبرئيل أ يظن عبادي هؤلاء الذين غرهم حلمي و أمنوا مكري و عبدوا غيري و قتلوا رسولي أن يقوموا لغضبي أو يخرجوا من سلطاني كيف و أنا المنتقم ممن عصاني و لم يخش عقابي و إني حلفت بعزتي لأجعلنهم عبرة و نكالا للعالمين فلم يرعهم و هم في عيدهم ذلك إلا بريح عاصف شديدة الحمرة فتحيروا فيها و ذعروا منها و تضام بعضهم إلى بعض ثم صارت الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد و أظلتهم سحابة سوداء فألقت عليهم كالقبة جمرا يلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار فنعوذ بالله تعالى ذكره من غضبه و نزول نقمته و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم

 بيان روى الثعلبي في العرائس هذه الرواية عن علي بن الحسين ع نحوا مما أوردنا. قوله ع و بهم سمي ذلك النهر أي سمي ذلك النهر الرس لفعلهم حيث رسوا نبيهم فيه قال الفيروزآبادي الرس البئر المطوية بالحجارة و بئر كانت لبقية من ثمود كذبوا نبيهم و رسوه في بئر و الحفر و الدس و دفن الميت انتهى قوله ع و حرموا ماء العين يدل على أن العين التي كانت عند الصنوبرة غير الرس الذي كان عليه قراهم و الكلة بالكسر الستر الرقيق يخاط كالبيت يتوقى فيه من البق و القترة بالفتح الغبرة و القتار بالضم ريح البخور و القدر و الشواء و المعازف الملاهي قوله و يأخذون الدستبند لعل المراد به ما يسمى بالفارسية أيضا سنج و يحتمل أن يكون المراد التزين بالأسورة و كلام جهوري أي عال و يظهر منه أن الذين كانوا يتكلمون في الأشجار الأخر كانوا غير إبليس من أعوانه و في القاموس قطع بزيد كعني فهو مقطوع به عجز من سفره بأي سبب كان أو حيل بينه و بين ما يؤمله و البربخ بالباءين الموحدتين و الخاء المعجمة ما يعمل من الخزف للبئر و مجاري الماء

 2-  فس، ]تفسير القمي[ أصحاب الرس هم الذين هلكوا لأنهم استغنوا الرجال بالرجال و النساء بالنساء و الرس نهر بناحية آذربايجان

 3-  مع، ]معاني الأخبار[ معنى أصحاب الرس أنهم نسبوا إلى نهر يقال له الرس من بلاد المشرق و قد قيل إن الرس هو البئر و أن أصحابه رسوا نبيهم بعد سليمان بن داود ع و كانوا قوما يعبدون شجرة صنوبر يقال لها شاه درخت كان غرسها يافث بن نوح فأنبتت لنوح بعد الطوفان و كان نساؤهم يشتغلن بالنساء عن الرجال فعذبهم الله عز و جل بريح عاصف شديدة الحمرة و جعل الأرض من تحتهم حجر كبريت يتوقد و أظلتهم سحابة سوداء مظلمة فانكفت عليهم كالقبة جمرة تلتهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرصاص في النار

 4-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه و ماجيلويه عن محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي عن علي بن العباس عن جعفر بن محمد البلخي عن الحسن بن راشد عن يعقوب بن إبراهيم قال سأل رجل أبا الحسن موسى ع عن أصحاب الرس الذين ذكرهم الله من هم و ممن هم و أي قوم كانوا فقال كانا رسين أما أحدهما فليس الذي ذكره الله في كتابه كان أهله أهل بدو و أصحاب شاة و غنم فبعث الله تعالى إليهم صالح النبي ع رسولا فقتلوه و بعث إليهم رسولا آخر فقتلوه ثم بعث إليهم رسولا آخر و عضده بولي فقتلوا الرسول و جاهد الولي حتى أفحمهم و كانوا يقولون إلهنا في البحر و كانوا على شفيره و كان لهم عيد في السنة يخرج حوت عظيم من البحر في تلك اليوم فيسجدون له فقال ولي صالح لهم لا أريد أن تجعلوني ربا و لكن هل تجيبوني إلى ما دعوتكم إن أطاعني ذلك الحوت فقالوا نعم و أعطوه عهودا و مواثيق فخرجحوت راكب على أربعة أحوات فلما نظروا إليه خروا سجدا فخرج ولي صالح النبي إليه و قال له ائتني طوعا أو كرها بسم الله الكريم فنزل عن أحواته فقال الولي ايتني عليهن لئلا يكون من القوم في أمري شك فأتى الحوت إلى البر يجرها و تجره إلى عند ولي صالح فكذبوه بعد ذلك فأرسل الله إليهم ريحا فقذفتهم في اليم أي البحر و مواشيهم فأتى الوحي إلى ولي صالح بموضع ذلك البئر و فيها الذهب و الفضة فانطلق فأخذه ففضه على أصحابه بالسوية على الصغير و الكبير و أما الذين ذكرهم الله في كتابه فهم قوم كان لهم نهر يدعى الرس و كان فيهم أنبياء كثيرة فسأله رجل و أين الرس فقال هو نهر بمنقطع آذربيجان و هو بين حد إرمينية و آذربيجان و كانوا يعبدون الصلبان فبعث الله إليهم ثلاثين نبيا في مشهد واحد فقتلوهم جميعا فبعث الله إليهم نبيا و بعث معه وليا فجاهدهم و بعث الله ميكائيل في أوان وقوع الحب و الزرع فأنضب ماءهم فلم يدع عينا و لا نهرا و لا ماء لهم إلا أيبسه و أمر ملك الموت فأمات مواشيهم و أمر الله الأرض فابتلعت ما كان لهم من تبر أو فضة أو آنية فهو لقائمنا ع إذا قام فماتوا كلهم جوعا و عطشا فلم يبق منهم باقية و بقي منهم قوم مخلصون فدعوا الله أن ينجيهم بزرع و ماشية و ماء و يجعله قليلا لئلا يطغوا فأجابهم الله إلى ذلك لما علم من صدق نياتهم ثم عاد القوم إلى منازلهم فوجدوها قد صارت أعلاها أسفلها و أطلق الله لهم نهرهم و زادهم فيه على ما سألوا فقاموا على الظاهر و الباطن في طاعة الله حتى مضى أولئك القوم و حدث بعد ذلك نسل أطاعوا الله في الظاهر و نافقوه في الباطن و عصوا بأشياء شتى فبعث الله من أسرع فيهم القتل فبقيت شرذمة منهم فسلط الله عليهم الطاعون فلم يبق منهم أحدا و بقي نهرهم و منازلهم مائتي عام لا يسكنها أحد ثم أتى الله تعالى بقوم بعد ذلك فنزلوها و كانوا صالحين ثم أحدث قوم منهم فاحشة و اشتغل الرجال بالرجال و النساء بالنساء فسلط الله عليهم صاعقة فلم يبق منهم باقية

 بيان قوله بموضع ذلك البئر يظهر منه أنهم كانوا دفنوا أموالهم في بئر سيظهر مما سننقل من رواية الثعلبي أن فيه تصحيفا

  -5  ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال دخلت عليه نسوة فسألته امرأة عن السحق فقال حدها حد الزاني فقالت امرأة ما ذكر الله عز و جل ذلك في القرآن قال بلى قالت و أين هو قال هو أَصْحابُ الرَّسِّ

 6-  كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن الحسن بن علي الكوفي عن عبيس بن هشام عن حسين بن أحمد المنقري عن هشام الصيدلاني عن أبي عبد الله ع قال سأله رجل عن هذه الآية كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ فقال بيده هكذا فمسح إحداهما بالأخرى فقال هن اللواتي باللواتي يعني النساء بالنساء

 قال الثعلبي في العرائس قال الله عز و جل وَ عاداً وَ ثَمُودَ وَ أَصْحابَ الرَّسِّ و قال كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَ أَصْحابُ الرَّسِّ. اختلف أهل التفسير و أصحاب الأقاصيص فيهم فقال سعيد بن جبير و الكلبي و الخليل بن أحمد دخل كلام بعضهم في بعض و كل أخبر بطائفة من حديث أصحاب الرس بقية ثمود قوم صالح ع و هم أصحاب البئر التي ذكرها الله تعالى في قوله وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَ قَصْرٍ مَشِيدٍ و كانوا بفليح اليمامة نزولا على تلك البئر و كل ركية لم تطو بالحجارة و الآجر فهو رس و كان لهم نبي يقال له حنظلة بن صفوان و كان بأرضهم جبل يقال له فتح مصعدا في السماء ميلا و كانت العنقاء ينتابه و هي كأعظم ما يكون من الطير و فيها من كل لون و سموها العنقاء لطول عنقها و كانت تكون في ذلك الجبل تنقض على الطير تأكلها فجاعت ذات يوم فأعوزها الطير فانقضت على صبي فذهبت به ثم إنها انقضت على جارية حين ترعرعت فأخذتها فضمتها إلى جناحين لها صغيرين سوى الجناحين الكبيرين فشكوا إلى نبيهم فقال اللهم خذها و اقطع نسلها و سلط عليها آية تذهب بها فأصابتها صاعقة فاحترقت فلم ير لها أثر فضربتها العرب مثلا في أشعارها و حكمها و أمثالها ثم إن أصحاب الرس قتلوا نبيهم فأهلكهم الله تعالى. و قال بعض العلماء بلغني أنه كان رسان أما أحدهما فكان أهله أهل بدو و أصحاب غنم و مواش فبعث الله إليهم نبيا فقتلوه ثم بعث إليهم رسولا آخر و عضده بولي فقتلوا الرسول و جاهدهم الولي حتى أفحمهم و كانوا يقولون إلهنا في البحر و كانوا على شفيره و كان يخرج إليهم من البحر شيطان في كل شهر خرجة فيذبحون عنده و يتخذونه عيدا فقال لهم الولي أ رأيتم إن خرج إلهكم الذين تدعونه و تعبدونه إلي و أطاعني أ تجيبونني إلى ما دعوتكم إليه فقالوا بلى و أعطوه على ذلك العهود و المواثيق فانتظر حتى خرج ذلك الشيطان على صورة حوت راكبا أربعة أحوات و له عنق مستعلية و على رأسه مثل التاج فلما نظروا إليه خروا له سجدا و خرج الولي إليه فقال ائتني طوعا أو كرها بسم الله الكريم فنزل عند ذلك عن أحواته فقال له الولي ايتني عليهن لئلا يكون من القوم في أمري شك فأتى الحوت و أتين به حتى أفضين به إلى البر يجرونه فكذبوه بعد ما رأوا ذلك و نقضوا العهد فأرسل الله تعالى عليهم ريحا فقذفتهم في البحر و مواشيهم جميعا و ما كانوا يملكون من ذهب و فضة فأتى الولي الصالح إلى البحر حتى أخذ التبر و الفضة و الأواني فقسمها على أصحابه بالسوية على الصغير منهم و الكبير و انقطع هذا النسل. و أما الآخر فهم قوم كان لهم نهر يدعى الرس ينسبون إليه و كان فيهم أنبياء كثيرة قل يوم يقوم نبي إلا قتل و ذلك النهر بمنقطع آذربيجان بينها و بين إرمينية فإذا قطعته مدبرا دخلت في حد إرمينية و إذا قطعته مقبلا دخلت في حد آذربيجان يعبدون النيران و هم كانوا يعبدون الجواري العذارى فإذا تمت لإحداهن ثلاثين سنة قتلوها و استبدلوا غيرها و كان عرض نهرهم ثلاثة فراسخ و كان يرتفع في كل يوم و ليلة حتى يبلغ أنصاف الجبال التي حوله و كان لا ينصب في بر و لا بحر إذا خرج من حدهم يقف و يدور ثم يرجع إليهم فبعث الله تعالى إليهم ثلاثين نبيا في شهر واحد فقتلوهم جميعا فبعث الله عز و جل إليهم نبيا و أيده بنصره و بعث معه وليا فجاهدهم في الله حق جهاده فبعث الله تعالى إليه ميكائيل حين نابذوه و كان ذلك في أوان وقوع الحب في الزرع و كان إذ ذاك أحوج ما كانوا من الماء ففجر نهرهم في البحر فانصب ما في أسفله و أتى عيونه من فوق فسدها و بعث إليه خمسمائة ألف من الملائكة أعوانا له ففرقوا ما بقي في وسط النهر ثم أمر الله تعالى جبرائيل فنزل فلم يدع في أرضهم عينا و لا نهرا إلا أيبسه بإذن الله عز و جل و أمر ملك الموت فانطلق إلى المواشي فأماتهم ربضة واحدة و أمر الرياح الأربع الجنوب و الشمال و الدبور و الصباء

  فضمت ما كان لهم من متاع و ألقى الله عز و جل عليهم السبات ثم حفت الرياح الأربع المتاع أجمع فهبته في رءوس الجبال و بطون الأودية فأما ما كان من حلي أو تبر أو آنية فإن الله تعالى أمر الأرض فابتلعته فأصبحوا و لا شاة عندهم و لا بقرة و لا مال يعودون إليه و لا ماء يشربونه و لا طعام يأكلونه فآمن بالله تعالى عند ذلك قليل منهم و هداهم إلى غار في جبل له طريق إلى خلفه فنجوا و كانوا أحد عشرين رجلا و أربع نسوة و صبيين و كان عدة الباقين من الرجال و النساء و الذراري ستمائة ألف فماتوا عطشا و جوعا و لم يبق منهم باقية ثم عاد القوم إلى منازلهم فوجدوها قد صار أعلاها أسفلها فدعا القوم عند ذلك مخلصين أن يجيئهم بزرع و ماء و ماشية و يجعله قليلا لئلا يطغوا فأجابهم الله تعالى إلى ذلك لما علم من صدق نياتهم و علم منهم الصدق و آلوا أن لا يبعث رسولا ممن قاربهم إلا أعانوه و عضدوه و علم الله تعالى منهم الصدق فأطلق الله لهم نهرهم و زادهم على ما سألوا فأقام أولئك في طاعة الله ظاهرا و باطنا حتى مضوا و انقرضوا و حدث بعدهم من نسلهم قوم أطاعوا الله في الظاهر و نافقوه في الباطن فأملى الله تعالى لهم و كان عليهم قادرا ثم كثرت معاصيهم و خالفوا أولياء الله تعالى فبعث الله عز و جل عدوهم ممن فارقهم و خالفهم فأسرع فيهم القتل و بقيت منهم شرذمة فسلط الله عليهم الطاعون فلم يبق منهم أحدا و بقي نهرهم و منازلهم مائتي عام لا يسكنها أحد ثم أتى الله بقرن بعد ذلك فنزلوها و كانوا صالحين سنين ثم أحدثوا فاحشة جعل الرجل يدعو بنته و أخته و زوجته فينيلها جاره و أخاه و صديقه يلتمس بذلك البر و الصلة ثم ارتفعوا من ذلك إلى نوع آخر ترك الرجال النساء حتى شبقن و استغنوا بالرجال فجاءت النساء شيطانهن في صورة امرأة و هي الدلهاث بنت إبليس و هي أخت الشيصار كانتا في بيضة واحدة فشبهت إلى النساء ركوب بعضهن بعضا و علمتهن كيف يصنعن فأصل ركوب النساء بعضهن بعضا من الدلهاث فسلط الله على ذلك القرن صاعقة في أول الليل و خسفا في آخر الليل و صيحة مع الشمس فلم يبق منهم باقية و بادت مساكنهم و لا أحسب منازلهم اليوم تسكن انتهى. أقول إنما أوردنا تلك الرواية بطولها لكونها كالشرح لروايتي يعقوب و هشام بل لا يبعد أن يكون من قوله قال بعض العلماء إلى آخره رواية يعقوب بعينها إذ كثيرا ما ينقل الثعلبي روايات الشيعة في كتابه هكذا و الراوندي رحمه الله دأبه الاختصار في الأخبار فكثيرا ما وجدناه ترك من خبر رواه عن الصدوق رحمه الله أكثر من ثلاثة أرباعه و إنما أوردنا قصة أصحاب الرس في هذا الموضع لما ورد في الخبر أنهم كانوا بعد سليمان ع و منهم من ذكرها قبل قصص إبراهيم ع بناء على أنهم من بقية قوم ثمود و الصدوق أوردهم بعدقصص إبراهيم و قبل يعقوب ع و قد ذكرهم الله في سورة الفرقان بعد ثمود و في سورة ق قبلهم. و قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى وَ أَصْحابَ الرَّسِّ هو بئر رسوا فيها نبيهم أي ألقوه فيها عن عكرمة و قيل إنهم كانوا أصحاب مواش و لهم بئر يقعدون عليها و كانوا يعبدون الأصنام فبعث الله إليهم شعيبا فكذبوه فانهار البئر و انخسف بهم الأرض فهلكوا عن وهب و قيل الرس قرية باليمامة يقال لها فلح قتلوا نبيهم فأهلكهم الله عن قتادة و قيل كان لهم نبي يسمى حنظلة فقتلوه فأهلكوا عن سعيد بن جبير و الكلبي و قيل هم أصحاب الرس و الرس بئر بأنطاكية قتلوا فيها حبيبا النجار فنسبوا إليها عن كعب و مقاتل و قيل أصحاب الرس كان نساؤهم سحاقات عن أبي عبد الله ع. و قال رحمه الله في قوله تعالى وَ بِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ قال الضحاك هذه البئر كانت بحضرموت في بلدة يقال لها حاضوراء نزل بها أربعة آلاف ممن آمن بصالح و معهم صالح فلما حضروا مات صالح فسمي المكان حضرموت ثم إنهم كثروا فكفروا و عبدوا الأصنام فبعث الله إليهم نبيا يقال له حنظلة فقتلوه في السوق فأهلكهم الله فماتوا عن آخرهم و عطلت بئرهم و خرب قصر ملكهم

 7-  كنز الفوائد للكراجكي، روي عن ابن عباس في حديث ذكر فيه إتيان رجل جهني إلى رسول الله ص و إسلامه على يده و أنهم تحدثوا يوما في ذكر القبور و الجهني حاضر فحدثهم أن جهينة بن العوسان أخبره عن أشياخه أن سنة نزلت بهم حتى أكلوا ذخائرهم فخرجوا من شدة الأزل و هم جماعة في طلب النبات فجنهم الليل فأووا إلى مغارة و كانت البلاد مسبعة و هم لا يعلمون قال فحدثني رجل منهم يقال له مالك قال رأينا في الغار أشبالا فخرجنا هاربين حتى دخلنا وهدة من وهاد الأرض بعد ما تباعدنا من ذلك الموضع فأصبنا على باب الوهدة حجرا مطبقا فتعاونا عليه حتى قلبناه فإذا رجل قاعد عليه جبة صوف و في يده خاتم عليه مكتوب أنا حنظلة بن صفوان رسول الله و عند رأسه كتاب في صحيفة نحاس فيه بعثني الله إلى حمير و همدان و العزيز من أهل اليمن بشيرا و نذيرا فكذبوني و قتلوني فأعادوا الصخرة على ما كانت عليه في موضعها