باب 1- بدو أرواحهم و أنوارهم و طينتهم ع و أنهم من نور واحد

 1-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن ابن هاشم عن داود بن محمد النهدي عن بعض أصحابنا قال دخل ابن أبي سعيد المكاري على الرضا صلوات الله عليه فقال له أبلغ الله من قدرك أن تدعي ما ادعى أبوك فقال له ما لك أطفأ الله نورك و أدخل الفقر بيتك أ ما علمت أن الله تبارك و تعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا فوهب له مريم و وهب لمريم عيسى فعيسى من مريم و مريم من عيسى و مريم و عيسى شي‏ء واحد و أنا من أبي و أبي مني و أنا و أبي شي‏ء واحد

 فس، ]تفسير القمي[ أبي عن داود النهدي قال دخل أبو سعيد المكاري و ذكر مثله

 2-  ختص، ]الإختصاص[ عنهم ع إن الله خلقنا قبل الخلق بألفي ألف عام فسبحنا فسبحت الملائكة لتسبيحنا

   -3  كتاب فضائل الشيعة، للصدوق رحمه الله بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال كنا جلوسا مع رسول الله ص إذ أقبل إليه رجل فقال يا رسول الله أخبرني عن قول الله عز و جل لإبليس أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ فمن هم يا رسول الله الذين هم أعلى من الملائكة فقال رسول الله أنا و علي و فاطمة و الحسن و الحسين كنا في سرادق العرش نسبح الله و تسبح الملائكة بتسبيحنا قبل أن يخلق الله عز و جل آدم بألفي عام فلما خلق الله عز و جل آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له و لم يأمرنا بالسجود فسجدت الملائكة كلهم إلا إبليس فإنه أبى أن يسجد فقال الله تبارك و تعالى أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ أي من هؤلاء الخمس المكتوب أسماؤهم في سرادق العرش فنحن باب الله الذي يؤتى منه بنا يهتدي المهتدون فمن أحبنا أحبه الله و أسكنه جنته و من أبغضنا أبغضه الله و أسكنه ناره و لا يحبنا إلا من طاب مولده

 4-  فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ جعفر بن محمد الفزاري بإسناده عن قبيصة بن يزيد الجعفي قال دخلت على الصادق جعفر بن محمد ع و عنده الدوس بن أبي الدوس و ابن ظبيان و القاسم الصيرفي فسلمت و جلست و قلت يا ابن رسول الله قد أتيتك مستفيدا قال سل و أوجز قلت أين كنتم قبل أن يخلق الله سماء مبينة و أرضا مدحية أو ظلمة و نورا قال يا قبيصة لم سألتنا عن هذا الحديث في مثل هذا الوقت أ ما علمت أن حبنا قد اكتتم و بغضنا قد فشا و إن لنا أعداء من الجن يخرجون حديثنا إلى أعدائنا من الإنس و إن الحيطان لها آذان كآذان الناس قال قلت قد سألت عن ذلك قال يا قبيصة كنا أشباح نور حول العرش نسبح الله قبل أن يخلق آدم بخمسة عشر ألف عام فلما خلق الله آدم فرغنا في صلبه فلم يزل ينقلنا من صلب طاهر إلى رحم مطهر حتى بعث الله محمدا ص فنحن عروة الله الوثقى من استمسك بنا نجا و من تخلف عنا هوى لا ندخله في باب ضلال و لا نخرجه من باب هدى و نحن رعاة شمس الله و نحن  عترة رسول الله ص و نحن القبة التي طالت أطنابها و اتسع فناؤها من ضوى إلينا نجا إلى الجنة و من تخلف عنا هوى إلى النار قلت لوجه ربي الحمد

 بيان رعاة شمس الله أي نرعيها ترقبا لأوقات الفرائض و النوافل و يحتمل أن يراد بها النبي ص و ضوى إليه كرمي أوى إليه و انضم

 5-  كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ روى الصدوق رحمه الله في كتاب المعراج، عن رجاله إلى ابن عباس قال سمعت رسول الله ص و هو يخاطب عليا ع و يقول يا علي إن الله تبارك و تعالى كان و لا شي‏ء معه فخلقني و خلقك روحين من نور جلاله فكنا أمام عرش رب العالمين نسبح الله و نقدسه و نحمده و نهلله و ذلك قبل أن يخلق السماوات و الأرضين فلما أراد أن يخلق آدم خلقني و إياك من طينة واحدة من طينة عليين و عجننا بذلك النور و غمسنا في جميع الأنوار و أنهار الجنة ثم خلق آدم و استودع صلبه تلك الطينة و النور فلما خلقه استخرج ذريته من ظهره فاستنطقهم و قررهم بالربوبية فأول خلق إقرارا بالربوبية أنا و أنت و النبيون على قدر منازلهم و قربهم من الله عز و جل فقال الله تبارك و تعالى صدقتما و أقررتما يا محمد و يا علي و سبقتما خلقي إلى طاعتي و كذلك كنتما في سابق علمي فيكما فأنتما صفوتي من خلقي و الأئمة من ذريتكما و شيعتكما و كذلك خلقتكم ثم قال النبي ص يا علي فكانت الطينة في صلب آدم و نوري و نورك بين عينيه فما زال ذلك النور ينتقل بين أعين النبيين و المنتجبين حتى وصل النور و الطينة إلى صلب عبد المطلب فافترق نصفين فخلقني الله من نصفه و اتخذني نبيا و رسولا و خلقك من النصف  الآخر فاتخذك خليفة و وصيا و وليا فلما كنت من عظمة ربي كقاب قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى قال لي يا محمد من أطوع خلقي لك فقلت علي بن أبي طالب ع فقال عز و جل فاتخذه خليفة و وصيا فقد اتخذته صفيا و وليا يا محمد كتبت اسمك و اسمه على عرشي من قبل أن أخلق الخلق محبة مني لكما و لمن أحبكما و تولاكما و أطاعكما فمن أحبكما و أطاعكما و تولاكما كان عندي من المقربين و من جحد ولايتكما و عدل عنكما كان عندي من الكافرين الضالين ثم قال النبي ص يا علي فمن ذا يلج بيني و بينك و أنا و أنت من نور واحد و طينة واحدة فأنت أحق الناس بي في الدنيا و الآخرة و ولدك ولدي و شيعتكم شيعتي و أولياؤكم أوليائي و أنتم معي غدا في الجنة

 6-  كتاب المحتضر، للحسن بن سليمان مما رواه من كتاب المعراج عن الصدوق عن الحسن بن محمد بن سعيد عن فرات بن إبراهيم عن محمد بن ظهير عن أحمد بن عبد الملك عن الحسين بن راشد و الفضل بن جعفر عن إسحاق بن بشر عن ليث بن أبي سليم عن ابن عباس قال سمعت رسول الله ص لما أسري به إلى السماء السابعة ثم أهبط إلى الأرض يقول لعلي بن أبي طالب ع يا علي إن الله تبارك و تعالى كان و ساق الحديث مثل ما مر إلى قوله و ولدك ولدي و شيعتك شيعتي و أولياؤك أوليائي و هم معك غدا في الجنة جيراني

 7-  و مما رواه من كتاب منهج التحقيق، بإسناده عن محمد بن الحسين رفعه عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال قال إن الله تعالى خلق أربعة عشر نورا من نور عظمته قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام فهي أرواحنا فقيل له يا ابن رسول الله عدهم بأسمائهم فمن هؤلاء الأربعة عشر نورا فقال محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين و تاسعهم قائمهم ثم عدهم بأسمائهم  ثم قال نحن و الله الأوصياء الخلفاء من بعد رسول الله ص و نحن المثاني التي أعطاها الله نبينا و نحن شجرة النبوة و منبت الرحمة و معدن الحكمة و مصابيح العلم و موضع الرسالة و مختلف الملائكة و موضع سر الله و وديعة الله جل اسمه في عباده و حرم الله الأكبر و عهده المسئول عنه فمن وفى بعهدنا فقد وفى بعهد الله و من خفره فقد خفر ذمة الله و عهده عرفنا من عرفنا و جهلنا من جهلنا نحن الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملا إلا بمعرفتنا و نحن و الله الكلمات التي تلقاها آدَمُ مِنْ رَبِّهِ فَتابَ عَلَيْهِ إن الله تعالى خلقنا فأحسن خلقنا و صورنا فأحسن صورنا و جعلنا عينه على عباده و لسانه الناطق في خلقه و يده المبسوطة عليهم بالرأفة و الرحمة و وجهه الذي يؤتى منه و بابه الذي يدل عليه و خزان علمه و تراجمة وحيه و أعلام دينه و العروة الوثقى و الدليل الواضح لمن اهتدى و بنا أثمرت الأشجار و أينعت الثمار و جرت الأنهار و نزل الغيث من السماء و نبت عشب الأرض و بعبادتنا عبد الله و لولانا ما عرف الله و ايم الله لو لا وصية سبقت و عهد أخذ علينا لقلت قولا يعجب منه أو يذهل منه الأولون و الآخرون

 8-  و من كتاب الآل، لابن خالويه رفعه إلى أبي محمد العسكري عن آبائه ع قال قال رسول الله ص لما خلق الله آدم و حواء ع تبخترا في الجنة فقال آدم لحواء ما خلق الله خلقا هو أحسن منا فأوحى الله عز و جل إلى جبرئيل أن ائتني بعبدتي التي في جنة الفردوس الأعلى فلما دخلا الفردوس نظرا إلى جارية على درنوك من درانيك الجنة على رأسها تاج من نور و في أذنيها قرطان من نور قد أشرقت الجنان من حسن وجهها قال آدم حبيبي جبرئيل من هذه الجارية التي قد أشرقت الجنان من حسن وجهها فقال هذه فاطمة بنت محمد ص نبي من ولدك يكون في آخر  الزمان قال فما هذا التاج الذي على رأسها قال بعلها علي بن أبي طالب قال فما القرطان اللذان في أذنيها قال ولداها الحسن و الحسين قال حبيبي جبرئيل أ خلقوا قلبي قال هم موجودون في غامض علم الله عز و جل قبل أن تخلق بأربعة آلاف سنة

 9-  و من كتاب السيد حسن بن كبش، مما أخذه من المقتضب و وجدته في المقتضب أيضا مسندا عن سلمان الفارسي رحمه الله قال دخلت على رسول الله ص فلما نظر إلي قال يا سلمان إن الله عز و جل لم يبعث نبيا و لا رسولا إلا جعل له اثني عشر نقيبا قال قلت يا رسول الله قد عرفت هذا من الكتابين قال يا سلمان فهل علمت نقبائي الاثني عشر الذين اختارهم الله للإمامة من بعدي فقلت الله و رسوله أعلم قال يا سلمان خلقني الله من صفاء نوره فدعاني فأطعته و خلق من نوري عليا فدعاه إلى طاعته فأطاعه و خلق من نوري و نور علي ع فاطمة فدعاها فأطاعته و خلق مني و من علي و من فاطمة الحسن و الحسين فدعاهما فأطاعاه فسمانا الله عز و جل بخمسة أسماء من أسمائه فالله المحمود و أنا محمد و الله العلي و هذا علي و الله فاطر و هذه فاطمة و الله الإحسان و هذا الحسن و الله المحسن و هذا الحسين ثم خلق من نور الحسين تسعة أئمة فدعاهم فأطاعوه قبل أن يخلق الله سماء مبنية أو أرضا مدحية أو هواء أو ماء أو ملكا أو بشرا و كنا بعلمه أنوارا نسبحه و نسمع له و نطيع فقال سلمان قلت يا رسول الله بأبي أنت و أمي ما لمن عرف هؤلاء فقال يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم و اقتدى بهم فوالى وليهم و تبرأ من عدوهم فهو و الله منا يرد حيث نرد و يسكن حيث نسكن قلت يا رسول الله يكون إيمان بهم بغير  معرفتهم و أسمائهم و أنسابهم فقال لا يا سلمان فقلت يا رسول الله فأنى لي بهم قال قد عرفت إلى الحسين ثم سيد العابدين علي بن الحسين ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الأولين و الآخرين من النبيين و المرسلين ثم ابنه جعفر بن محمد لسان الله الصادق ثم موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبرا في الله ثم علي بن موسى الرضا لأمر الله ثم محمد بن علي الجواد المختار من خلق الله ثم علي بن محمد الهادي إلى الله ثم الحسن بن علي الصامت الأمين العسكري ثم ابنه حجة بن الحسن المهدي الناطق القائم بأمر الله قال سلمان فسكت ثم قلت يا رسول الله ادع الله لي بإدراكهم قال يا سلمان إنك مدركهم و أمثالك و من تولاهم بحقيقة المعرفة قال سلمان فشكرت الله كثيرا ثم قلت يا رسول الله مؤجل في إلى أن أدركهم فقال يا سلمان اقرأ فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَ كانَ وَعْداً مَفْعُولًا ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً قال سلمان فاشتد بكائي و شوقي فقلت يا رسول الله بعهد منك فقال إي و الذي أرسل محمدا إنه بعهد مني و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و تسعة أئمة و كل من هو منا و مظلوم فينا إي و الله يا سلمان ثم ليحضرن إبليس و جنوده و كل من محض الإيمان محضا و محض الكفر محضا حتى يؤخذ بالقصاص و الأوثار و التراث و لا يظلم ربك أحدا و نحن تأويل هذه الآية وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ قال سلمان فقمت بين يدي رسول الله  و ما يبالي سلمان متى لقي الموت أو لقيه

 10-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن أبيه عن سعد عن ابن عيسى عن محمد البرقي عن فضالة عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال إنا و شيعتنا خلقنا من طينة من عليين و خلق عدونا من طينة خبال من حمإ مسنون

 بيان قال الجزري فيه من شرب الخمر سقاه الله من طينة الخبال يوم القيامة جاء تفسيره في الحديث أن الخبال عصارة أهل النار و الخبال في الأصل الفساد و يكون في الأفعال و الأبدان و العقول

 11-  ير، ]بصائر الدرجات[ ابن عيسى عن ابن محبوب عن بشر بن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قال إن الله خلق محمدا ص من طينة من جوهرة تحت العرش و إنه كان لطينته نضج فجبل طينة أمير المؤمنين ع من نضج طينة رسول الله ص و كان لطينة أمير المؤمنين ع نضج فجبل طينتنا من فضل طينة أمير المؤمنين ع و كانت لطينتنا نضج فجبل طينة شيعتنا من نضج طينتنا فقلوبهم تحن إلينا و قلوبنا تعطف عليهم تعطف الوالد على الولد و نحن خير لهم و هم خير لنا و رسول الله لنا خير و نحن له خير

 12-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن عيسى عن أبي الحجاج قال قال لي أبو جعفر ع يا أبا الحجاج إن الله خلق محمدا و آل محمد ص من طينة عليين و خلق قلوبهم من طينة فوق ذلك و خلق شيعتنا من طينة دون عليين و خلق قلوبهم من طينة عليين فقلوب شيعتنا من أبدان آل محمد و إن الله خلق عدو آل محمد ص من طين سجين و خلق قلوبهم من طين أخبث من ذلك و خلق شيعتهم من طين دون طين سجين و خلق قلوبهم من طين سجين فقلوبهم من أبدان أولئك و كل قلب يحن إلى بدنه

 بيان قال الفيروزآبادي سجين كسكين الدائم و الشديد و موضع فيه  كتاب الفجار و واد في جهنم أعاذنا الله منها أو حجر في الأرض السابعة

 13-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن الحسين عن النضر بن شعيب عن عبد الغفار الجازي عن أبي عبد الله ع قال إن الله خلق المؤمن من طينة الجنة و خلق الناصب من طينة النار و قال إذا أراد الله بعبد خيرا طيب روحه و جسده فلا يسمع شيئا من الخير إلا عرفه و لا يسمع شيئا من المنكر إلا أنكره قال و سمعته يقول الطينات ثلاثة طينة الأنبياء و المؤمن من تلك الطينة إلا أن الأنبياء هم صفوتها و هم الأصل و لهم فضلهم و المؤمنون الفرع مِنْ طِينٍ لازِبٍ كذلك لا يفرق الله بينهم و بين شيعتهم و قال طينة الناصب مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ و أما المستضعفون ف مِنْ تُرابٍ لا يتحول مؤمن عن إيمانه و لا ناصب عن نصبه و لله المشية فيهم جميعا

 بيان الظاهر أن الضمير في قوله ع فيهم راجع إلى الجميع و يحتمل رجوعه إلى المستضعفين لأنه ع لما ذكر حال الفريقين فالظاهر أن هذا حال الفريق الثالث لكن قوله جميعا يأبى عن ذلك و ليس في الكافي و لعله زيد من النساخ. ثم اعلم أن هذا الخبر يدل على وجه جمع بين الآيات الواردة في طينة آدم ع و وصفها مرة باللازب و مرة بالحمإ المسنون و مرة بالطين مطلقا بأن تكون تلك الطينات أجزاء لطينة آدم بسبب الاختلاف الذي يكون في أولاده فاللازب طينة الشيعة من لزب بمعنى لصق لأنها تلصق و تلحق بطينة أئمتهم ع أو بمعنى صلب فإنهم المتصلبون في دينهم و الحمأ المسنون أي الطين الأسود المتغير المنتن طينة الكفار و المخالفين و الطين البحت طينة المستضعفين و قد مر القول في تلك الأخبار في كتاب العدل و كتاب قصص الأنبياء ع

 14-  ير، ]بصائر الدرجات[ ابن عيسى عن محمد البرقي عن أبي نهشل عن محمد بن إسماعيل  عن الثمالي قال سمعت أبا جعفر ع يقول إن الله خلقنا من أعلى عليين و خلق قلوب شيعتنا مما خلقنا منه و خلق أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى إلينا لأنها خلقت مما خلقنا منه ثم تلا هذه الآية كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَ ما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ كِتابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ و خلق عدونا من سجين و خلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه و أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى إليهم لأنها خلقت مما خلقوا منه ثم تلا هذه الآية كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ وَ ما أَدْراكَ ما سِجِّينٌ كِتابٌ مَرْقُومٌ

 بيان اعلم أن المفسرين اختلفوا في تفسير عليين فقيل هي مراتب عالية محفوفة بالجلالة أو السماء السابعة أو سدرة المنتهى أو الجنة أو لوح من زبرجد أخضر معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه و قال الفراء أي في ارتفاع بعد ارتفاع لا غاية له و السجين الأرض السابعة أو أسفل منها أو جب في جهنم و قال أبو عبيدة هو فعيل من السجن. فالمعنى أن كتابة أعمالهم أو ما يكتب منها في عليين أي في دفتر أعمالهم أو المراد أن دفتر أعمالهم في تلك الأمكنة الشريفة و على الأخير فيه حذف مضاف أي و ما أدراك ما كتاب عليين هذا ما قيل في الآية و أما استشهاده ع بها فهو إما لمناسبة كون كتاب أعمالهم في مكان أخذ منه طينتهم أو هو مبني على كون المراد بكتابهم أرواحهم إذ هي محل لارتسام علومهم

 15-  ير، ]بصائر الدرجات[ ابن عيسى عن محمد البرقي عن فضالة عن البطائني عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال إنا و شيعتنا خلقنا من طينة واحدة و خلق عدونا من طينة خبال مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ

   -16  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن الحسين عن أحمد بن علي بن هيثم عن إدريس عن محمد بن سنان العبدي عن جابر الجعفي قال كنت مع محمد بن علي ع فقال يا جابر خلقنا نحن و محبينا من طينة واحدة بيضاء نقية من أعلى عليين فخلقنا نحن من أعلاها و خلق محبينا من دونها فإذا كان يوم القيامة التفت العليا بالسفلى و إذا كان يوم القيامة ضربنا بأيدينا إلى حجزة نبينا و ضرب أشياعنا بأيديهم إلى حجزتنا فأين ترى يصير الله نبيه و ذريته و أين ترى يصير ذريته محبيها فضرب جابر يده على يده فقال دخلناها و رب الكعبة ثلاثا

 17-  ير، ]بصائر الدرجات[ عمران بن موسى عن إبراهيم بن مهزيار عن علي عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن محبوب الهاشمي عن حنان بن سدير عن أبي عبد الله ع قال إن الله عجن طينتنا و طينة شيعتنا فخلطنا بهم و خلطهم بنا فمن كان في خلقه شي‏ء من طينتنا حن إلينا فأنتم و الله منا

 18-  ير، ]بصائر الدرجات[ بهذا الإسناد عن الحسين بن سعيد عن الحسن بن ميمون عمن أخبره عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل خلقنا من عليين و خلق محبينا من دون ما خلقنا منه و خلق عدونا من سجين و خلق محبيهم مما خلقهم منه فلذلك يهوى كل إلى كل

 19-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن حماد عن أخيه أحمد بن حماد عن إبراهيم بن عبد الحميد عن  أبيه عن أبي الحسن الأول ع قال سمعته يقول خلق الله الأنبياء و الأوصياء يوم الجمعة و هو اليوم الذي أخذ الله فيه ميثاقهم و قال خلقنا نحن و شيعتنا من طينة مخزونة لا يشذ منها شاذ إلى يوم القيامة

 20-  ير، ]بصائر الدرجات[ ابن عيسى عن محمد البرقي عن صالح بن سهل قال قلت لأبي عبد الله ع المؤمن من طينة الأنبياء ع قال نعم

 21-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن موسى عن الحسن بن موسى عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله ع قال إن الله خلق محمدا و عترته من طينة العرش فلا ينقص منهم واحد و لا يزيد منهم واحد

 22-  ير، ]بصائر الدرجات[ يعقوب بن يزيد و محمد بن عيسى عن زياد العبدي عن الفضل بن عيسى الهاشمي قال دخلت على أبي عبد الله ع أنا و أبي عيسى فقال له أ من قول رسول الله ص سلمان رجل منا أهل البيت فقال نعم فقال أي من ولد عبد المطلب فقال منا أهل البيت فقال له أي من ولد أبي طالب فقال منا أهل البيت فقال له إني لا أعرفه فقال فاعرفه يا عيسى فإنه منا أهل البيت ثم أومأ بيده إلى صدره ثم قال ليس حيث تذهب إن الله خلق طينتنا من عليين و خلق طينة شيعتنا من دون ذلك فهم منا و خلق طينة عدونا من سجين و خلق طينة شيعتهم من دون ذلك و هم منهم و سلمان خير من لقمان

 23-  ير، ]بصائر الدرجات[ بعض أصحابنا عن محمد بن الحسين عن عثمان بن عيسى عن عبد الرحمن بن الحجاج قال إن الله تبارك و تعالى خلق محمدا و آل محمد من طينة عليين و خلق قلوبهم من طينة فوق ذلك و خلق شيعتهم من طينة عليين و خلق قلوب شيعتهم من طينة فوق عليين

 24-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا قال قال  أبو عبد الله ع خلقنا من عليين و خلق أرواحنا من فوق ذلك و خلق أرواح شيعتنا من عليين و خلق أجساده من دون ذلك فمن أجل تلك القرابة بيننا و بينهم قلوبهم تحن إلينا

 بيان الحنين الشوق و توقان النفس تقول منه حن إليه يحن حنينا فهو حان ذكره الجوهري. و في الكافي و من أجل ذلك القرابة بيننا و بينهم و قلوبهم

 25-  ير، ]بصائر الدرجات[ عمران بن موسى عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه علي عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر و كرام عن محمد بن مضارب عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى جعلنا من عليين و جعل أرواح شيعتنا مما جعلنا منه و من ثم تحن أرواحهم إلينا و خلق أبدانهم من دون ذلك و خلق عدونا من سجين و خلق أرواح شيعتهم مما خلقهم منه و خلق أبدانهم من دون ذلك و من ثم تهوى أرواحهم إليهم

 26-  ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن عيسى عن محمد بن شعيب عن عمران بن إسحاق الزعفراني عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول خلقنا الله من نور عظمته ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش فأسكن ذلك النور فيه فكنا نحن خلقا و بشرا نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيبا و خلق أرواح شيعتنا من أبداننا و أبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك  الطينة و لم يجعل الله لأحد في مثل ذلك الذي خلقهم منه نصيبا إلا الأنبياء و المرسلين فلذلك صرنا نحن و هم الناس و سائر الناس همجا في النار و إلى النار

 توضيح في القاموس الهمج محركة ذباب صغير كالبعوض يسقط على وجوه الغنم و الحمير و الغنم المهزولة و الحمقى انتهى. أقول لعل وجه تشبيههم بالهمج ازدحامهم دفعة على كل ناعق و تفرقهم عنه بأدنى سبب كما أنها تتفرق بمذبة و المراد بالناس أولا الإنسان بحقيقة الإنسانية و به ثانيا ما يطلق عليه الإنسان

 27-  ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن الحسين بن علوان عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة قال كنت مع أمير المؤمنين عليه السلام فأتاه رجل فسلم عليه ثم قال يا أمير المؤمنين إني و الله لأحبك في الله و أحبك في السر كما أحبك في العلانية و أدين الله بولايتك في السر كما أدين بها في العلانية و بيد أمير المؤمنين ع عود فطأطأ به رأسه ثم نكث بعوده في الأرض ساعة ثم رفع رأسه إليه فقال إن رسول الله ص حدثني بألف حديث لكل حديث ألف باب و إن أرواح المؤمنين تلتقي في الهواء فتشام فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف ويحك لقد كذبت فما أعرف وجهك في الوجوه و لا اسمك في الأسماء قال ثم دخل عليه آخر فقال يا أمير المؤمنين إني أحبك في الله و أحبك في السر كما أحبك في العلانية و أدين الله بولايتك في السر كما أدين الله بها في العلانية قال فنكت بعوده الثانية ثم رفع رأسه إليه فقال له صدقت إن طينتنا طينة مخزونة أخذ الله ميثاقها من صلب آدم فلم يشذ منها شاذ و لا يدخل منها داخل من غيرها اذهب و اتخذ للفقر جلبابا فإني سمعت رسول الله ص يقول يا علي و الله الفقر أسرع  إلى محبينا من السيل إلى بطن الوادي

 بيان تشاما أي شم أحدهما الآخر

 و قال في النهاية في حديث علي ع من أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلبابا

أي ليزهد في الدنيا و ليصبر على الفقر و القلة و الجلباب الإزار و الرداء و قيل هو كالمقنعة تغطى به المرأة رأسها و ظهرها و صدرها و جمعه جلابيب كنى به عن الصبر لأنه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن. و قيل إنما كنى بالجلباب عن اشتماله بالفقر أي فليلبس أزرار الفقر و يكون منه على حالة تعمه و تشمله لأن الغنى من أحوال أهل الدنيا و لا يتهيأ الجمع بين حب الدنيا و حب أهل البيت انتهى. و في القاموس الجلباب كسرداب و سنمار القميص و ثوب واسع للمرأة دون الملحفة أو ما تغطى به ثيابها من فوق كالملحفة أو هو الخمار

 28-  ك، ]إكمال الدين[ العطار عن أبيه عن الأشعري عن ابن أبي الخطاب عن أبي سعيد العصفري عن عمرو بن ثابت عن أبي حمزة قال سمعت علي بن الحسين ع يقول إن الله عز و جل خلق محمدا و عليا و الأئمة الأحد عشر من نور عظمته أرواحا في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق يسبحون الله عز و جل و يقدسونه و هم الأئمة الهادية من آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين

 29-  ك، ]إكمال الدين[ ابن إدريس عن أبيه عن محمد بن الحسين بن زيد عن الحسن بن موسى عن علي بن سماعة عن علي بن الحسن بن رباط عن أبيه عن المفضل قال قال الصادق عليه السلام إن الله تبارك و تعالى خلق أربعة عشر نورا قبل خلق الخلق بأربعة عشر ألف عام فهي أرواحنا فقيل له يا ابن رسول الله و من الأربعة عشر فقال محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من ولد الحسين ع آخرهم القائم الذي يقوم  بعد غيبته فيقتل الدجال و يطهر الأرض من كل جور و ظلم

 30-  من كتاب رياض الجنان، لفضل الله بن محمود الفارسي بحذف الأسانيد عن أنس بن مالك قال بينا رسول الله ص صلى صلاة الفجر ثم استوى في محرابه كالبدر في تمامه فقلنا يا رسول الله إن رأيت أن تفسر لنا هذه الآية قوله تعالى فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ فقال النبي ص أما النبيون فأنا و أما الصديقون فعلي بن أبي طالب و أما الشهداء فعمي حمزة و أما الصالحون فابنتي فاطمة و ولداها الحسن و الحسين فنهض العباس من زاوية المسجد إلى بين يديه ص و قال يا رسول الله أ لست أنا و أنت و علي و فاطمة و الحسن و الحسين من ينبوع واحد قال ص و ما وراء ذلك يا عماه قال لأنك لم تذكرني حين ذكرتهم و لم تشرفني حين شرفتهم فقال رسول الله ص يا عماه أما قولك أنا و أنت و علي و الحسن و الحسين من ينبوع واحد فصدقت و لكن خلقنا الله نحن حيث لا سماء مبنية و لا أرض مدحية و لا عرش و لا جنة و لا نار كنا نسبحه حين لا تسبيح و نقدسه حين لا تقديس فلما أراد الله بدء الصنعة فتق نوري فخلق منه العرش فنور العرش من نوري و نوري من نور الله و أنا أفضل من العرش ثم فتق نور ابن أبي طالب فخلق منه الملائكة فنور الملائكة من نور ابن أبي طالب و نور ابن أبي طالب من نور الله و نور ابن أبي طالب أفضل من الملائكة و فتق نور ابنتي فاطمة منه فخلق السماوات و الأرض فنور السماوات و الأرض من نور ابنتي فاطمة و نور فاطمة من نور الله و فاطمة أفضل من السماوات و الأرض ثم فتق نور الحسن فخلق منه الشمس و القمر فنور الشمس و القمر من نور الحسن و نور الحسن من نور الله و الحسن أفضل من الشمس و القمر ثم فتق نور الحسين فخلق منه الجنة و الحور العين فنور الجنة و الحور  العين من نور الحسين و نور الحسين من نور الله و الحسين أفضل من الجنة و الحور العين ثم إن الله خلق الظلمة بالقدرة فأرسلها في سحائب البصر فقالت الملائكة سبوح قدوس ربنا مذ عرفنا هذه الأشباح ما رأينا سوءا فبحرمتهم إلا كشفت ما نزل بنا فهنالك خلق الله تعالى قناديل الرحمة و علقها على سرادق العرش فقالت إلهنا لمن هذه الفضيلة و هذه الأنوار فقال هذا نور أمتي فاطمة الزهراء فلذلك سميت أمتي الزهراء لأن السماوات و الأرضين بنورها ظهرت و هي ابنة نبيي و زوجة وصيي و حجتي على خلقي أشهدكم يا ملائكتي أني قد جعلت ثواب تسبيحكم و تقديسكم لهذه المرأة و شيعتها إلى يوم القيامة فعند ذلك نهض العباس إلى علي بن أبي طالب و قبل ما بين عينيه و قال يا علي لقد جعلك الله حجة بالغة على العباد إلى يوم القيامة

 31-  و بإسناده مرفوعا إلى جابر بن يزيد الجعفي قال قال أبو جعفر محمد بن علي الباقر ع يا جابر كان الله و لا شي‏ء غيره و لا معلوم و لا مجهول فأول ما ابتدأ من خلق خلقه أن خلق محمدا ص و خلقنا أهل البيت معه من نوره و عظمته فأوقفنا أظلة خضراء بين يديه حيث لا سماء و لا أرض و لا مكان و لا ليل و لا نهار و لا شمس و لا قمر يفصل نورنا من نور ربنا كشعاع الشمس من الشمس نسبح الله تعالى و نقدسه و نحمده و نعبده حق عبادته ثم بدا لله تعالى عز و جل أن يخلق المكان فخلقه و كتب على المكان لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين و وصيه به أيدته و نصرته ثم خلق الله العرش فكتب على سرادقات العرش مثل ذلك ثم خلق الله السماوات فكتب على أطرافها مثل ذلك ثم خلق الجنة و النار فكتب عليها مثل ذلك ثم خلق  الملائكة و أسكنهم السماء ثم تراءى لهم الله تعالى و أخذ عليهم الميثاق له بالربوبية و لمحمد ص بالنبوة و لعلي ع بالولاية فاضطربت فرائص الملائكة فسخط الله على الملائكة و احتجب عنهم فلاذوا بالعرش سبع سنين يستجيرون الله من سخطه و يقرون بما أخذ عليهم و يسألونه الرضا فرضي عنهم بعد ما أقروا بذلك و أسكنهم بذلك الإقرار السماء و اختصهم لنفسه و اختارهم لعبادته ثم أمر الله تعالى أنوارنا أن تسبح فسبحت فسبحوا بتسبيحنا و لو لا تسبيح أنوارنا ما دروا كيف يسبحون الله و لا كيف يقدسونه ثم إن الله عز و جل خلق الهواء فكتب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين وصيه به أيدته و نصرته ثم خلق الله الجن و أسكنهم الهواء و أخذ الميثاق منهم بالربوبية و لمحمد ص بالنبوة و لعلي ع بالولاية فأقر منهم بذلك من أقر و جحد منهم من جحد فأول من جحد إبليس لعنه الله فختم له بالشقاوة و ما صار إليه ثم أمر الله تعالى عز و جل أنوارنا أن تسبح فسبحت فسبحوا بتسبيحنا و لو لا ذلك ما دروا كيف يسبحون الله ثم خلق الله الأرض فكتب على أطرافها لا إله إلا الله محمد رسول الله علي أمير المؤمنين وصيه به أيدته و نصرته فبذلك يا جابر قامت السماوات بغير عمد و ثبتت الأرض ثم خلق الله تعالى آدم ع من أديم الأرض فسواه و نفخ فيه من روحه ثم أخرج ذريته من صلبه فأخذ عليهم الميثاق له بالربوبية و لمحمد ص بالنبوة و لعلي ع بالولاية أقر منهم من أقر  و جحد من جحد فكنا أول من أقر بذلك ثم قال لمحمد ص و عزتي و جلالي و علو شأني لولاك و لو لا علي و عترتكما الهادون المهديون الراشدون ما خلقت الجنة و النار و لا المكان و لا الأرض و لا السماء و لا الملائكة و لا خلقا يعبدني يا محمد أنت خليلي و حبيبي و صفيي و خيرتي من خلقي أحب الخلق إلي و أول من ابتدأت إخراجه من خلقي ثم من بعدك الصديق علي أمير المؤمنين وصيك به أيدتك و نصرتك و جعلته العروة الوثقى و نور أوليائي و منار الهدى ثم هؤلاء الهداة المهتدون من أجلكم ابتدأت خلق ما خلقت و أنتم خيار خلقي فيما بيني و بين خلقي خلقتكم من نور عظمتي و احتجت بكم عمن سواكم من خلقي و جعلتكم أستقبل بكم و أسأل بكم فكل شي‏ء هالك إلا وجهي و أنتم وجهي لا تبيدون و لا تهلكون و لا يبيد و لا يهلك من تولاكم و من استقبلني بغيركم فقد ضل و هوى و أنتم خيار خلقي و حملة سري و خزان علمي و سادة أهل السماوات و أهل الأرض ثم إن الله تعالى هبط إلى الأرض في ظلل من الغمام و الملائكة و أهبط أنوارنا أهل البيت معه و أوقفنا نورا صفوفا بين يديه نسبحه في أرضه كما سبحناه في سماواته و نقدسه في

  أرضه قدسناه في سمائه و نعبده في أرضه كما عبدناه في سمائه فلما أراد الله إخراج ذرية آدم ع لأخذ الميثاق سلك ذلك النور فيه ثم أخرج ذريته من صلبه يلبون فسبحناه فسبحوا بتسبيحنا و لو لا ذلك لا دروا كيف يسبحون الله عز و جل ثم تراءى لهم بأخذ الميثاق منهم له بالربوبية و كنا أول من قال بَلى عند قوله أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ ثم أخذ الميثاق منهم بالنبوة لمحمد ص و لعلي ع بالولاية فأقر من أقر و جحد من جحد ثم قال أبو جعفر ع فنحن أول خلق الله و أول خلق عبد الله و سبحه و نحن سبب خلق الخلق و سبب تسبيحهم و عبادتهم من الملائكة و الآدميين فبنا عرف الله و بنا وحد الله و بنا عبد الله و بنا أكرم الله من أكرم من جميع خلقه و بنا أثاب من أثاب و بنا عاقب من عاقب ثم تلا قوله تعالى وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ قوله تعالى قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ فرسول الله ص أول من عبد الله تعالى و أول من أنكر أن يكون له ولد أو شريك ثم نحن بعد رسول الله ثم أودعنا بذلك النور صلب آدم ع فما زال ذلك النور ينتقل من الأصلاب و الأرحام من صلب إلى صلب و لا استقر في صلب إلا تبين عن الذي انتقل منه انتقالة و شرف الذي استقر فيه حتى صار في صلب عبد المطلب فوقع بأم عبد الله فاطمة فافترق النور جزءين جزء في عبد الله و جزء في أبي طالب فذلك قوله تعالى وَ تَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ يعني في أصلاب النبيين و أرحام نسائهم فعلى هذا أجرانا الله تعالى في الأصلاب و الأرحام و ولدنا الآباء و الأمهات من لدن آدم ع

   -32  و عن ابن عباس أنه قال قال أمير المؤمنين ع اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله قال فقلت يا أمير المؤمنين كيف ينظر بنور الله عز و جل قال ع لأنا خلقنا من نور الله و خلق شيعتنا من شعاع نورنا فهم أصفياء أبرار أطهار متوسمون نورهم يضي‏ء على من سواهم كالبدر في الليلة الظلماء

 33-  و روى صفوان عن الصادق ع أنه قال لما خلق الله السماوات و الأرضين استوى على العرش فأمر نورين من نوره فطافا حول العرش سبعين مرة فقال عز و جل هذان نوران لي مطيعان فخلق الله من ذلك النور محمدا و عليا و الأصفياء من ولده ع و خلق من نورهم شيعتهم و خلق من نور شيعتهم ضوء الأبصار

 34-  و سأل المفضل الصادق ع ما كنتم قبل أن يخلق الله السماوات و الأرضين قال ع كنا أنوارا حول العرش نسبح الله و نقدسه حتى خلق الله سبحانه الملائكة فقال لهم سبحوا فقالوا يا ربنا لا علم لنا فقال لنا سبحوا فسبحنا فسبحت الملائكة بتسبيحنا ألا إنا خلقنا من نور الله و خلق شيعتنا من دون ذلك النور فإذا كان يوم القيامة التحقت السفلى بالعليا ثم قرن ع بين إصبعيه السبابة و الوسطى و قال كهاتين ثم قال يا مفضل أ تدري لم سميت الشيعة شيعة يا مفضل شيعتنا منا و نحن من شيعتنا أ ما ترى هذه الشمس أين تبدو قلت من مشرق و قال إلى أين تعود قلت إلى مغرب قال ع هكذا شيعتنا منا بدءوا و إلينا يعودون

 35-  و روى أحمد بن حنبل عن رسول الله ص أنه قال كنت أنا و علي نورا بين يدي الرحمن قبل أن يخلق عرشه بأربعة عشر ألف عام

 36-  و من ذلك ما رواه ابن بابويه مرفوعا إلى عبد الله بن المبارك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين ع أنه قال إن الله خلق نور محمد ص قبل المخلوقات بأربعة عشر ألف سنة و خلق معه اثني عشر حجابا و المراد بالحجب الأئمة ع

 37-  و من ذلك ما رواه جابر بن عبد الله قال قلت لرسول الله ص أول  شي‏ء خلق الله تعالى ما هو فقال نور نبيك يا جابر خلقه الله ثم خلق منه كل خير ثم أقامه بين يديه في مقام القرب ما شاء الله ثم جعله أقساما فخلق العرش من قسم و الكرسي من قسم و حملة العرش و خزنة الكرسي من قسم و أقام القسم الرابع في مقام الحب ما شاء الله ثم جعله أقساما فخلق القلم من قسم و اللوح من قسم و الجنة من قسم و أقام القسم الرابع في مقام الخوف ما شاء الله ثم جعله أجزاء فخلق الملائكة من جزء و الشمس من جزء و القمر و الكواكب من جزء و أقام القسم الرابع في مقام الرجاء ما شاء الله ثم جعله أجزاء فخلق العقل من جزء و العلم و الحلم من جزء و العصمة و التوفيق من جزء و أقام القسم الرابع في مقام الحياء ما شاء الله ثم نظر إليه بعين الهيبة فرشح ذلك النور و قطرت منه مائة ألف و أربعة و عشرون ألف قطرة فخلق الله من كل قطرة روح نبي و رسول ثم تنفست أرواح الأنبياء فخلق الله من أنفاسها أرواح الأولياء و الشهداء و الصالحين

 38-  و يؤيد ذلك ما رواه جابر بن عبد الله في تفسير قوله تعالى كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ قال قال رسول الله ص أول ما خلق الله نوري ابتدعه من نوره و اشتقه من جلال عظمته فأقبل يطوف بالقدرة حتى وصل إلى جلال العظمة في ثمانين ألف سنة ثم سجد لله تعظيما ففتق منه نور علي ع فكان نوري محيطا بالعظمة و نور علي محيطا بالقدرة ثم خلق العرش و اللوح و الشمس و ضوء النهار و نور الأبصار و العقل و المعرفة و أبصار العباد و أسماعهم و قلوبهم من نوري و نوري مشتق من نوره فنحن الأولون و نحن الآخرون و نحن السابقون و نحن المسبحون و نحن الشافعون و نحن كلمة الله و نحن خاصة الله و نحن أحباء الله و نحن وجه الله و نحن جنب الله و نحن يمين الله و نحن أمناء الله و نحن خزنة وحي الله و سدنة غيب الله و نحن معدن التنزيل  و معنى التأويل و في أبياتنا هبط جبرئيل و نحن محال قدس الله و نحن مصابيح الحكمة و نحن مفاتيح الرحمة و نحن ينابيع النعمة و نحن شرف الأمة و نحن سادة الأئمة و نحن نواميس العصر و أحبار الدهر و نحن سادة العباد و نحن ساسة البلاد و نحن الكفاة و الولاة و الحماة و السقاة و الرعاة و طريق النجاة و نحن السبيل و السلسبيل و نحن النهج القويم و الطريق المستقيم من آمن بنا آمن بالله و من رد علينا رد على الله و من شك فينا شك في الله و من عرفنا عرف الله و من تولى عنا تولى عن الله و من أطاعنا أطاع الله و نحن الوسيلة إلى الله و الوصلة إلى رضوان الله و لنا العصمة و الخلافة و الهداية و فينا النبوة و الولاية و الإمامة و نحن معدن الحكمة و باب الرحمة و شجرة العصمة و نحن كلمة التقوى و المثل الأعلى و الحجة العظمى و العروة الوثقى التي من تمسك بها نجا

 39-  أقول روى البرسي في مشارق الأنوار، من كتاب الواحدة بإسناده عن الثمالي عن أبي جعفر ع أنه قال إن الله سبحانه تفرد في وحدانيته ثم تكلم بكلمة فصارت نورا ثم خلق من ذلك النور محمدا و عليا و عترته ع ثم تكلم بكلمة فصارت روحا و أسكنها في ذلك النور و أسكنه في أبداننا فنحن روح الله و كلمته احتجب بنا عن خلقه فما زلنا في ظل عرشه خضراء مسبحين نسبحه و نقدسه حيث لا شمس و لا قمر و لا عين تطرف ثم خلق شيعتنا و إنما سموا شيعة لأنهم خلقوا  من شعاع نورنا

 40-  و عن الثمالي قال دخلت حبابة الوالبية على أبي جعفر ع فقالت أخبرني يا ابن رسول الله أي شي‏ء كنتم في الأظلة فقال ع كنا نورا بين يدي الله قبل خلق خلقه فلما خلق الخلق سبحنا فسبحوا و هللنا فهللوا و كبرنا فكبروا و ذلك قوله عز و جل وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً الطريقة حب علي صلوات الله عليه و الماء الغدق الماء الفرات و هو ولاية آل محمد عليهم السلام

 41-  و روي عن أبي عبد الله ع أنه قال نحن شجرة النبوة و معدن الرسالة و نحن عهد الله و نحن ذمة الله لم نزل أنوارا حول العرش نسبح فيسبح أهل السماء لتسبيحنا فلما نزلنا إلى الأرض سبحنا فسبح أهل الأرض فكل علم خرج إلى أهل السماوات و الأرض فمنا و عنا و كان في قضاء الله السابق أن لا يدخل النار محب لنا و لا يدخل الجنة مبغض لنا لأن الله يسأل العباد يوم القيامة عما عهد إليهم و لا يسألهم عما قضى عليهم

 42-  و عن محمد بن سنان عن ابن عباس قال كنا عند رسول الله ص فأقبل علي بن أبي طالب ع فقال له النبي ص مرحبا بمن خلقه الله قبل أبيه بأربعين ألف سنة قال فقلنا يا رسول الله أ كان الابن قبل الأب فقال نعم إن الله خلقني و عليا من نور واحد قبل خلق آدم بهذه المدة ثم قسمه نصفين ثم خلق الأشياء من نوري و نور علي ع ثم جعلنا عن يمين العرش فسبحنا فسبحت الملائكة فهللنا فهللوا و كبرنا فكبروا فكل من سبح الله و كبره فإن ذلك من تعليم علي عليه السلام

 43-  قال و روى محمد بن بابويه مرفوعا إلى عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أمير المؤمنين ع أنه قال إن الله خلق نور محمد ص قبل خلق المخلوقات كلها بأربعمائة ألف سنة و أربعة و عشرين ألف سنة  و خلق منه اثني عشر حجابا و المراد بالحجب الأئمة ع

 44-  و عن محمد بن سنان قال كنت عند أبي جعفر الثاني ع فذكرت اختلاف الشيعة فقال إن الله لم يزل فردا متفردا في وحدانيته ثم خلق محمدا و عليا و فاطمة فمكثوا ألف ألف دهر ثم خلق الأشياء و أشهدهم خلقها و أجرى عليها طاعتهم و جعل فيهم منه ما شاء و فوض أمر الأشياء إليهم فهم قائمون مقامه يحللون ما شاءوا و يحرمون ما شاءوا و لا يفعلون إلا ما شاء الله فهذه الديانة التي من تقدمها غرق و من تأخر عنها محق خذها يا محمد فإنها من مخزون العلم و مكنونه

 45-  و عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت علي بن الحسين ع يقول إن الله خلق محمدا و عليا و الطيبين من نور عظمته و أقامهم أشباحا قبل المخلوقات ثم قال أ تظن أن الله لم يخلق خلقا سواكم بلى و الله لقد خلق الله ألف ألف آدم و ألف ألف عالم و أنت و الله في آخر تلك العوالم

 أقول الأخبار المأخوذة من كتابي الفارسي و البرسي ليست في مرتبة سائر الأخبار في الاعتبار و إن كان أكثرها موافقا لسائر الآثار و الله أعلم بأسرار الأئمة الأبرار و الاختلافات الواردة في أزمنة سبق الأنوار يمكن حملها على اختلاف معاني الخلق و مراتب ظهوراتهم في العوالم المختلفة فإن الخلق يكون بمعنى التقدير و قد ينسب إلى الأرواح و إلى الأجساد المثالية و إلى الطينات و لكل منها مراتب شتى. مع أنه قد يطلق العدد و يراد به الكثرة لا خصوص العدد و قد يراعى في ذلك مراتب عقول المخاطبين و أفهامهم و قد يكون بعضها لعدم ضبط الرواة و سيأتي بعض القول في ذلك في كتاب السماء و العالم إن شاء الله تعالى

 46-  و روى علي بن الحسين المسعودي في كتاب إثبات الوصية، عن أمير المؤمنين  صلوات الله عليه و آله هذه الخطبة الحمد لله الذي توحد بصنع الأشياء و فطر أجناس البرايا على غير أصل و لا مثال سبقه في إنشائها و لا إعانة معين على ابتداعها بل ابتدعها بلطف قدرته فامتثلت في مشيته خاضعة ذليلة مستحدثة لأمره الواحد الأحد الدائم بغير حد و لا أمد و لا زوال و لا نفاد و كذلك لم يزل و لا يزال لا تغيره الأزمنة و لا تحيط به الأمكنة و لا تبلغ صفاته الألسنة و لا تأخذه نوم و لا سنة لم تره العيون فتخبر عنه برؤية و لم تهجم عليه العقول فتتوهم كنه صفته و لم تدر كيف هو إلا بما أخبر عن نفسه ليس لقضائه مرد و لا لقوله مكذب ابتدع الأشياء بغير تفكر و لا معين و لا ظهير و لا وزير فطرها بقدرته و صيرها إلى مشيته و صاغ أشباحها و برأ أرواحها و استنبط أجناسها خلقا مبروءا مذروءا في أقطار السماوات و الأرضين لم يأت بشي‏ء على غير ما أراد أن يأتي عليه ليرى عباده آيات جلاله و آلائه فسبحانه لا إله إلا هو الواحد القهار و صلى الله على محمد و آله و سلم تسليما اللهم فمن جهل فضل محمد ص فإني مقر بأنك ما سطحت أرضا و لا برأت خلقا حتى أحكمت خلقه و أتقنته من نور سبقت به السلالة و أنشأت آدم له جرما فأودعته منه قرارا مكينا و مستودعا مأمونا و أعذته من الشيطان و حجبته عن الزيادة و النقصان و حصلت له الشرف الذي يسامي به عبادك  فأي بشر كان مثل آدم فيما سابقت به الأخبار و عرفتنا كتبك في عطاياك أسجدت له ملائكتك و عرفته ما حجبت عنهم من علمك إذ تناهت به قدرتك و تمت فيه مشيتك دعاك بما أكننت فيه فأجبته إجابة القبول فلما أذنت اللهم في انتقال محمد ص من صلب آدم ألفت بينه و بين زوج خلقتها له سكنا و وصلت لهما به سببا فنقلته من بينهما إلى شيث اختيارا له بعلمك فإنه بشر كان اختصاصه برسالتك ثم نقلته إلى أنوش فكان خلف أبيه في قبول كرامتك و احتمال رسالاتك ثم قدرت المنقول إليه قينان و ألحقته في الحظوة بالسابقين و في المنحة بالباقين ثم جعلت مهلائيل رابع أجرامه قدرة تودعها من خلقك من تضرب لهم بسهم النبوة و شرف الأبوة حتى إذا قبله برد عن تقديرك تناهي به تدبيرك إلى أخنوخ فكان أول من جعلت من الأجرام ناقلا للرسالة و حاملا أعباء النبوة فتعاليت يا رب لقد لطف حلمك و جل قدرتك عن التفسير إلا بما دعوت إليه من الإقرار بربوبيتك و أشهد أن الأعين لا تدركك و الأوهام لا تلحقك و العقول لا تصفك و المكان لا يسعك و كيف يسع من كان قبل المكان و من خلق المكان  أم كيف تدركه الأوهام و لم تؤمر الأوهام على أمره و كيف تؤمر الأوهام على أمره و هو الذي لا نهاية له و لا غاية و كيف تكون له نهاية و غاية و هو الذي ابتدأ الغايات و النهايات أم كيف تدركه العقول و لم يجعل لها سبيلا إلى إدراكه و كيف يكون له إدراكه بسبب و قد لطف بربوبيته عن المحاسة و المجاسة و كيف لا يلطف عنهما من لا ينتقل عن حال إلى حال و كيف ينتقل من حال إلى حال و قد جعل الانتقال نقصا و زوالا فسبحانك ملأت كل شي‏ء و باينت كل شي‏ء فأنت الذي لا يفقدك شي‏ء و أنت الفعال لما تشاء تبارك يا من كل مدرك من خلقه و كل محدود من صنعه أنت الذي لا يستغني عنك المكان و لا نعرفك إلا بانفرادك بالوحدانية و القدرة و سبحانك ما أبين اصطفاءك لإدريس على من سلك من الحاملين لقد جعلت له دليلا من كتابك إذ سميته صديقا نبيا و رفعته مكانا عليا و أنعمت عليه نعمة حرمتها على خلقك إلا من نقلت إليه نور الهاشميين و جعلته أول منذر من أنبيائك ثم أذنت في انتقال محمد ص من القابلين له متوشلخ و لمك المفضيين إلى نوح فأي آلائك يا رب على ذلك لم توله و أي خواص كرامتك لم تعطه ثم أذنت في إيداعه ساما دون حام و يافث فضرب لهما بسهم في الذلة و جعلت ما أخرجت

  من بينهما لنسل سام خولا ثم تتابع عليه القابلون من حامل إلى حامل و مودع إلى مستودع من عترته في فترات الدهور حتى قبله تارخ أطهر الأجسام و أشرف الأجرام و نقلته منه إلى إبراهيم فأسعدت بذلك جده و أعظمت به مجده و قدسته في الأصفياء و سميته دون رسلك خليلا ثم خصصت به إسماعيل دون ولد إبراهيم فأنطقت لسانه بالعربية التي فضلتها على سائر اللغات فلم تزل تنقله محظورا عن الانتقال في كل مقذوف من أب إلى أب حتى قبله كنانة عن مدركة فأخذت له مجامع الكرامة و مواطن السلامة و أجللت له البلدة التي قضيت فيها مخرجه فسبحانك لا إله إلا أنت أي صلب أسكنته فيه لم ترفع ذكره و أي نبي بشر به فلم يتقدم في الأسماء اسمه و أي ساحة من الأرض سلكت به لم تظهر بها قدسه حتى الكعبة التي جعلت منها مخرجه غرست أساسها بياقوتة من جنات عدن و أمرت الملكين المطهرين جبرئيل و ميكائيل فتوسطا بها أرضك و سميتها بيتك و اتخذتها معمدا لنبيك و حرمت وحشها و شجرها و قدست حجرها و مدرها و جعلتها مسلكا لوحيك و منسكا لخلقك و مأمن المأكولات و حجابا للآكلات العاديات تحرم على أنفسها إذعار من أجرت ثم أذنت للنضر في قبوله و إيداعه مالكا ثم من بعد مالك فهرا ثم خصصت من ولد فهر غالبا و جعلت كل من تنقله إليه أمينا لحرمك حتى إذا قبله لؤي بن غالب آن له حركة تقديس فلم تودعه من بعده صلبا إلا جللته نورا تأنس به الأبصار و تطمئن إليه القلوب فأنا يا إلهي و سيدي و مولاي المقر لك بأنك الفرد الذي لا ينازع و لا  يغالب و لا يشارك سبحانك لا إله إلا أنت ما لعقل مولود و فهم مفقود مدحق من ظهر مريج نبع من عين مشيج بمحيض لحم و علق و در إلى فضالة الحيض و علالات الطعم و شاركته الأسقام و التحقت عليه الآلام لا يقدر على فعل و لا يمتنع من علة ضعيف التركيب و البينة ما له و الاقتحام على قدرتك و الهجوم على إرادتك و تفتيش ما لا يعلمه غيرك سبحانك أي عين تقوم نصب بهاء نورك و ترقى إلى نور ضياء قدرتك و أي فهم يفهم ما دون ذلك إلا أبصار كشفت عنها الأغطية و هتكت عنها الحجب العمية فرقت أرواحها إلى أطراف أجنحة الأرواح فناجوك في أركانك و ألحوا بين أنوار بهائك و نظروا من مرتقى التربة إلى مستوى كبريائك فسماهم أهل الملكوت زوارا و دعاهم أهل الجبروت عمارا فسبحانك يا من ليس في البحار قطرات و لا في متون الأرض جنبات و لا في رتاج الرياح حركات و لا في قلوب العباد خطرات و لا في الأبصار لمحات و لا على متون السحاب نفحات إلا و هي في قدرتك متحيرات أما السماء فتخبر عن عجائبك و أما الأرض فتدل على مدائحك و أما الرياح  فتنشر فوائدك و أما السحاب فتهطل مواهبك و كل ذلك يحدث بتحننك و يخبر أفهام العارفين بشفقتك و أنا المقر بما أنزلت على ألسن أصفيائك أن أبانا آدم عند اعتدال نفسه و فراغك من خلقه رفع وجهه فواجهه من عرشك وسم فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله فقال إلهي من المقرون باسمك فقلت محمد خير من أخرجته من صلبك و اصطفيته بعدك من ولدك و لولاه ما خلقتك فسبحانك لك العلم النافذ و القدر الغالب لم تزل الآباء تحمله و الأصلاب تنقله كلما أنزلته ساحة صلب جعلت له فيها صنعا يحث العقول على طاعته و يدعوها إلى متابعته حتى نقلته إلى هاشم خير آبائه بعد إسماعيل فأي أب و جد و والد أسرة و مجتمع عترة و مخرج طهر و مرجع فخر جعلت يا رب هاشما لقد أقمته لدن بيتك و جعلت له المشاعر و المتاجر ثم نقلته من هاشم إلى عبد المطلب فأنهجته سبيل إبراهيم و ألهمته رشدا للتأويل و تفصيل الحق و وهبت له عبد الله و أبا طالب و حمزة و فديته في القربان بعبد الله كسمتك في إبراهيم بإسماعيل و وسمت بأبي طالب في ولده كسمتك في إسحاق بتقديسك عليهم و تقديم الصفوة لهم فلقد بلغت إلهي ببني أبي طالب الدرجة التي رفعت إليها فضلهم في الشرف الذي مددت به أعناقهم و الذكر الذي حليت به أسماءهم و جعلتهم معدن النور و جنته و صفوة الدين و ذروته و فريضة الوحي و سنته ثم أذنت لعبد الله في نبذه

  عند ميقات تطهير أرضك من كفار الأمم الذين نسوا عبادتك و جهلوا معرفتك و اتخذوا أندادا و جحدوا ربوبيتك و أنكروا وحدانيتك و جعلوا لك شركاء و أولادا و صبوا إلى عبادة الأوثان و طاعة الشيطان فدعاك نبينا صلوات الله عليه بنصرته فنصرته بي و بجعفر و حمزة فنحن الذين اخترتنا له و سميتنا في دينك لدعوتك أنصارا لنبيك قائدنا إلى الجنة خيرتك و شاهدنا أنت رب السماوات و الأرضين جعلتنا ثلاثة ما نصب لنا عزيز إلا أذللته بنا و لا ملك إلا طحطحته أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً و وصفتنا يا ربنا بذلك و أنزلت فينا قرآنا جليت به عن وجوهنا الظلم و أرهبت بصولتنا الأمم إذا جاهد محمد رسولك عدوا لدينك تلوذ به أسرته و تحف به عترته كأنهم النجوم الزاهرة إذا توسطهم القمر المنير ليلة تمة فصلواتك على محمد عبدك و نبيك و صفيك و خيرتك و آله الطاهرين أي منيعة لم تهدمها دعوته و أي فضيلة لم تنلها عترته جعلتهم خير أئمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و يجاهدون في سبيلك و يتواصلون بدينك طهرتهم بتحريم الميتة و الدم و لحم الخنزير و ما أهل و نسك به لغير الله تشهد لهم و ملائكتك أنهم باعوك أنفسهم و ابتذلوا من هيبتك أبدانهم شعثة رءوسهم تربة وجوههم تكاد الأرض من طهارتهم تقبضهم إليها و من فضلهم تميد بمن عليها رفعت شأنهم بتحريم أنجاس المطاعم و المشارب من أنواع المسكر فأي شرف يا رب جعلته في محمد و عترته فو الله لأقولن قولا لا يطيق أن يقوله أحد من خلقك أنا علم الهدى و كهف  التقى و محل السخاء و بحر الندى و طود النهى و معدن العلم و نور في ظلم الدجا و خير من آمن و اتقى و أكمل من تقمص و ارتدى و أفضل من شهد النجوى بعد النبي المصطفى و ما أزكي نفسي و لكن بنعمة ربي أحدث أنا صاحب القبلتين و حامل الرايتين فهل يوازي في أحد و أنا أبو السبطين فهل يساوي بي بشر و أنا زوج خير النسوان فهل يفوقني أحد و أنا القمر الزاهر بالعلم الذي علمني ربي و الفرات الزاخر أشبهت من القمر نوره و بهاءه و من الفرات بذله و سخاءه أيها الناس بنا أنار الله السبل و أقام الميل و عبد الله في أرضه و تناهت إليه معرفة خلقه و قدس الله جل و تعالى بإبلاغنا الألسن و ابتهلت بدعوتنا الأذهان فتوفى الله محمدا ص سعيدا شهيدا هاديا مهديا قائما بما استكفاه حافظا لما استرعاه تمم به الدين و أوضح به اليقين و أقرت العقول بدلالته و أبانت حجج أنبيائه و اندمغ الباطل زاهقا و وضح العدل ناطقا و عطل مظان الشيطان و أوضح الحق و البرهان اللهم فاجعل فواضل صلواتك و نوامي بركاتك و رأفتك و رحمتك على محمد نبي الرحمة و على أهل بيته الطاهرين

 بيان قوله ع خلقه الظاهر أن الضمير راجع إلى النبي ص و قوله سبقت به السلالة لعل فيه تصحيفا و يحتمل أن يكون المراد أن السلالة إنما سبقت خلقته لأجل ذلك النور و ليكون محلا له. و المراد بالسلالة آدم ع كما قال تعالى وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ و يحتمل أن يكون صغت فصحف و في القاموس الجرم بالكسر الجسد قوله بما أكننت أي دعاك مستشفعا بالنور الذي سترته فيه و قوله قدرة إن لم يكن تصحيفا فهو حال عن ضمير أجرامه. و برد هو الخامس من الآباء وقع هنا مكان زيادا و ماردا و إيادا و أدد في الأخبار  الأخر و قوله أول من جعلت يدل على أن من بينه و بين آدم لم يكونوا رسلا و لا ينافي كونهم أنبياء قوله و لم تؤمر الأوهام على بناء التفعيل بصيغة المجهول أي لم تجعل الأوهام أميرا على أمر معرفته أو بالتخفيف بتضمين أو يكون على بمعنى الباء أي لم يأمر الله الأوهام بمعرفته و الظاهر لم يعثر كما في موضع آخر من العثور بمعنى الاطلاع. و قوله من خلقه خبر كل قوله ع سلك أي مضى أو انسلك في سلك الحاملين لكن لا يساعده اللغة قوله المفضيين أي قبل النور متوشلخ ثم لمك و أوصلاه إلى نوح ع قوله على ذلك أي بسبب قبول النور و ضميرا لم توله و لم تعطه راجعان إلى نوح. قوله محظورا أي ممنوعا من أن ينتقل إلى من يقذف بسوء و قوله من أب متعلق بقوله تنقله و مدركة اسم والد خزيمة و خزيمة والد كنانة قوله معمدا كمقصد بمعناه أي قبلة يتوجهون إليه في الصلاة أو يقصدونه للحج و العمرة و الإذعار التخويف. قوله ع إن له حركة تقديس أي صار النور بعد ذلك أظهر و تأثير الكرامة للآباء لقربهم أكثر و قال في القاموس دحقه كمنعه طرده و أبعده كأدحقه و الرحم بالماء رمته و لم تقبله و المريج المختلط و المضطرب و يقال خوط مريج أي متداخل في الأغصان. و المشيج المختلط من كل شي‏ء و جمعه أمشاج قوله بمحيض في المنقول منه بالحاء المهملة فيكون متعلقا بمشيج أي مختلط بالحيض و يحتمل أن يكون بالمعجمة من قولهم مخض اللبن إذا أخذ زبده فهو مخيض و مخض الشي‏ء حركه شديدا فالباء زائدة أو للملابسة أو على التجريد. و الحاصل أنه شبه النطفة بلبن مخيض إذ هي تحصل من الحركة و هي تخرج من اللحم و تنعقد من الدم و على الأول لحم و علق بدلان من قوله مدحق لبيان تغيراتها و انقلاباتها و الفضالة بالضم البقية و العالة بالضم ما يتعلل به و بقية

   اللبن و غيره و قوله ما له تأكيد لقوله ما لعقل. قوله الحجب العمية أي الكثيفة الحاجبة قال الجزري في حديث الصوم فإن عمي عليكم قيل هو من العماء السحاب الرقيق أي حال دونه ما أعمى الأبصار عن رؤيته و فيه من قتل تحت راية عمية قيل هو من فعيلة من العمى الضلالة قوله أجنحة الأرواح هو إما جمع الروح بمعنى الرحمة أو الراحة أو جمع الريح بمعنى الرحمة أو الغلبة و النصرة و كان يحتمل المنقول منه الدال المهملة جمع دوح و هو جمع دوحة الشجرة العظيمة و الجنبات جمع جنبة بالتحريك و هو من الوادي ناحيته. قوله ع و لا في رتاج الرياح الرتاج ككتاب الباب المغلق و لا يناسب المقام إلا بتكلف و يحتمل أن يكون من قولهم رتج البحر أي هاج و كثر ماؤه فغمر كل شي‏ء و يحتمل أن يكون رجاج الرياح من الرج و هو التحريك و التحرك و الاهتزاز و الرجرجة الاضطراب و الهطل تتابع المطر و الصنع بالضم المعروف. قوله في نبذه الضمير راجع إلى النور و يقال صبا إلى الشي‏ء إذا حن و مال و قوله قائدنا صفة لنبيك و كذا خيرتك و يحتمل أن يكون قائدنا مبتدأ و خيرتك خبره كما أن شاهدنا مبتدأ و أنت خبره و يقال نصب لفلان أي عاداه و له الحرب وضعها و كلما رفع و استقبل به شي‏ء فقد نصب ذكره الفيروزآبادي فيمكن أن يقرأ هنا على المعلوم و المجهول و يقال طحطح أي كسر و فرق و بدد إهلاكا. قوله ع ليلة تمة بكسر التاء و فتحها و ضمها أي تمامه قال الجوهري قمر تمام و تمام إذا تم ليلة البدر و ليلة التمام مكسور و هو أطول ليلة في السنة و يقال أبى قائلها إلا تما و تما و تما ثلاث لغات أي تماما و مضى على قوله لم يرجع منه و الكسر أفصح. قوله ع أي منيعة أي بنية رفيعة حصينة من أبنية الضلالة و ابتذال الثوب  و غيره امتهانه تكاد الأرض أي كانت الأرض تحبهم بحيث تكاد تقبضهم إليها و تهتز بكونهم عليها بحيث يخاف أن تميد بمن عليها فرحا و السخاء ممدود و لعله قصره لرعاية السجع و الندى بالقصر الجود و المطر و البلل و الطود الجبل العظيم و النهى بضم النون جمع نهية و هي العقل. قوله ع من شهد النجوى أي أفضل الأفاضل فإنهم يشهدون النجوى و المشورة أو أفضل من اطلع على نجوى الخلق و أسرارهم بنور الإمامة قوله ع و أقام الميل لعله بالتحريك و هو ما كان من الميل و الاعوجاج بحسب الخلقة فهو أوفق لفظا و أبلغ معنى. قوله ع و تناهت يقال تناهى أي بلغ أي بنا اختبر الله الخلق و اطلع على أحوالهم اطلاعا يوجب الثواب و العقاب أو بنا عرف الخلق ربهم فانتهى معرفتهم إليهم و اعلم أن النسخة كانت سقيمة جدا فصححناها بحسب الإمكان