باب 11- كيفية إسلام سلمان رضي الله عنه و مكارم أخلاقه و بعض مواعظه و سائر أحواله

1-  لي، ]الأمالي للصدوق[ حمزة بن محمد العلوي عن علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ع قال وقع بين سلمان الفارسي رحمه الله و بين رجل كلام و خصومة فقال له الرجل من أنت يا سلمان فقال سلمان أما أولي و أولك فنطفة قذرة و أما آخري و آخرك فجيفة منتنة فإذا كان يوم القيامة و وضعت الموازين فمن ثقل ميزانه فهو الكريم و من خف ميزانه فهو اللئيم

2-  ك، ]إكمال الدين[ أبي عن محمد العطار و أحمد بن إدريس معا عن ابن عيسى عن محمد بن علي بن مهزيار عن أبيه عمن ذكره عن موسى بن جعفر ع قال قلت يا ابن رسول الله أ لا تخبرنا كيف كان سبب إسلام سلمان الفارسي قال نعم حدثني أبي صلوات الله عليه أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه و آله و سلمان الفارسي و أبا ذر و جماعة من قريش كانوا مجتمعين عند قبر النبي ص فقال أمير المؤمنين ع لسلمان يا با عبد الله أ لا تخبرنا بمبدإ أمرك فقال سلمان و الله يا أمير المؤمنين لو أن غيرك سألني ما أخبرته أنا كنت رجلا من أهل شيراز من أبناء الدهاقين و كنت عزيزا على والدي فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذا أنا بصومعة و إذا فيها رجل ينادي أشهد أن لا إله إلا الله و أن عيسى روح الله و أن محمدا حبيب الله فرصف حب محمد في لحمي و دمي فلم يهنئني طعام و لا شراب فقالت لي أمي يا بني ما لك اليوم لم تسجد لمطلع الشمس قال فكابرتها حتى سكتت فلما انصرفت إلى منزلي إذا أنا بكتاب معلق في السقف فقلت لأمي ما هذا الكتاب فقالت يا روزبه إن هذا الكتاب لما رجعنا من عيدنا رأيناه معلقا فلا تقرب ذلك المكان فإنك إن قربته قتلك أبوك قال فجاهدتها حتى جن الليل و نام أبي و أمي فقمت و أخذت الكتاب فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من الله إلى آدم أنه خالق من صلبه نبيا يقال له محمد يأمر بمكارم الأخلاق و ينهى عن عبادة الأوثان يا روزبه ائت وصي عيسى فآمن و اترك المجوسية قال فصعقت صعقة و زادني شدة قال فعلم أبي و أمي بذلك فأخذوني و جعلوني في بئر عميقة و قالوا لي إن رجعت و إلا قتلناك فقلت لهم افعلوا بي ما شئتم حب محمد لا يذهب من صدري قال سلمان و الله ما كنت أعرف العربية قبل قراءتي الكتاب و لقد فهمني الله العربية من ذلك اليوم قال فبقيت في البئر فجعلوا ينزلون إلي قرصا صغارا فلما طال أمري رفعت يدي إلى السماء فقلت يا رب إنك حببت محمدا و وصيه إلي فبحق وسيلته عجل فرجي و أرحني مما أنا فيه فأتاني آت عليه ثياب بيض قال قم يا روزبه فأخذ بيدي و أتى بي الصومعة فأنشأت أقول أشهد أن لا إله إلا الله و أن عيسى روح الله و أن محمدا حبيب الله فأشرف علي الديراني فقال أنت روزبه فقلت نعم فقال اصعد فأصعدني إليه و خدمته حولين كاملين فلما حضرته الوفاة قال إني ميت فقلت له فعلى من تخلفني فقال لا أعرف أحدا يقول بمقالتي إلا راهبا بأنطاكية فإذا لقيته فأقرئه مني السلام و ادفع إليه هذا اللوح و ناولني لوحا فلما مات غسلته و كفنته و دفنته و أخذت اللوح و صرت به إلى أنطاكية و أتيت الصومعة و أنشأت أقول أشهد أن لا إله إلا الله و أن عيسى روح الله و أن محمدا حبيب الله فأشرف علي الديراني فقال لي أنت روزبه فقلت نعم فقال اصعد فصعدت إليه فخدمته

 حولين كاملين فلما حضرته الوفاة قال لي إني ميت فقلت على من تخلفني فقال لا أعرف أحدا يقول بمقالتي إلا راهبا بالإسكندرية فإذا أتيته فأقرئه مني السلام و ادفع إليه هذا اللوح فلما توفي غسلته و كفنته و دفنته و أخذت اللوح و أتيت الصومعة و أنشأت أقول أشهد أن لا إله إلا الله و أن عيسى روح الله و أن محمدا حبيب الله فأشرف علي الديراني فقال أنت روزبه فقلت نعم فقال اصعد فصعدت إليه و خدمته حولين كاملين فلما حضرته الوفاة قال لي إني ميت قلت على من تخلفني فقال لا أعرف أحدا يقول بمقالتي في الدنيا و إن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد حانت ولادته فإذا أتيته فأقرئه مني السلام و ادفع إليه هذا اللوح فلما توفي غسلته و كفنته و دفنته و أخذت اللوح و خرجت فصحبت قوما فقلت لهم يا قوم اكفوني الطعام و الشراب أكفكم الخدمة قالوا نعم قال فلما أرادوا أن يأكلوا شدوا على شاة فقتلوها بالضرب ثم جعلوا بعضها كبابا و بعضها شواء فامتنعت من الأكل فقالوا كل فقلت إني غلام ديراني و إن الديرانيين لا يأكلون اللحم فضربوني و كادوا يقتلونني فقال بعضهم أمسكوا عنه حتى يأتيكم شراب فإنه لا يشرب فلما أتوا بالشراب قالوا اشرب فقلت إني غلام ديراني و إن الديرانيين لا يشربون الخمر فشدوا علي و أرادوا قتلي فقلت لهم يا قوم لا تضربوني و لا تقتلوني فإني أقر لكم بالعبودية فأقررت لواحد منهم و أخرجني و باعني بثلاثمائة درهم من رجل يهودي قال فسألني عن قصتي فأخبرته و قلت ليس لي ذنب إلا أن أحببت محمدا و وصيه فقال اليهودي و إني لأبغضك و أبغض محمدا ثم أخرجني إلى خارج داره و إذا رمل كثير على بابه فقال و الله يا روزبه لئن أصبحت و لم تنقل هذا الرمل كله من هذا الموضع لأقتلنك قال فجعلت أحمل طول ليلي فلما أجهدني التعب رفعت يدي إلى السماء فقلت يا رب إنك حببت محمدا و وصيه إلي فبحق وسيلته عجل فرجي و أرحني مما أنا فيه فبعث الله عز و جل ريحا قلعت ذلك الرمل من مكانه إلى المكان الذي قال اليهودي فلما أصبح نظر إلى الرمل قد نقل كله فقال يا روزبه أنت ساحر و أنا لا أعلم فلأخرجنك من هذه القرية لئلا تهلكها قال فأخرجني و باعني من امرأة سليمية فأحبتني حبا شديدا و كان لها حائط فقالت هذا الحائط لك كل منه ما شئت و هب و تصدق قال فبقيت في ذلك الحائط ما شاء الله فبينما أنا ذات يوم في الحائط إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلهم غمامة فقلت في نفسي و الله ما هؤلاء كلهم أنبياء و إن فيهم نبيا قال فأقبلوا حتى دخلوا الحائط و الغمامة تسير معهم فلما دخلوا إذا فيهم رسول الله ص و أمير المؤمنين و أبو ذر و المقداد و عقيل بن أبي طالب و حمزة بن عبد المطلب و زيد بن حارثة فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حشف النخل و رسول الله ص يقول لهم كلوا الحشف و لا تفسدوا على القوم شيئا فدخلت على مولاتي فقلت لها يا مولاتي هبي لي طبقا من رطب فقالت لك ستة أطباق قال فجئت فحملت طبقا من رطب فقلت في نفسي إن كان فيهم نبي فإنه لا يأكل الصدقة و يأكل الهدية فوضعته بين يديه فقلت هذه صدقة فقال رسول الله ص كلوا و أمسك رسول الله ص و أمير المؤمنين و عقيل بن أبي طالب و حمزة بن عبد المطلب و قال لزيد مد يدك و كل فأكلوا و قلت في نفسي هذه علامة فدخلت إلى مولاتي فقلت لها هبي طبقا آخر فقالت لك ستة أطباق قال جئت فحملت طبقا من رطب فوضعته بين يديه فقلت هذه هدية فمد يده قال بسم الله كلوا فمد القوم جميعا أيديهم و أكلوا فقلت في نفسي هذه أيضا علامة قال فبينا أنا أدور خلفه إذ حانت من النبي ص التفاتة فقال يا روزبه تطلب خاتم النبوة فقلت نعم فكشف عن كتفيه فإذا أنا بخاتم النبوة معجون بين كتفيه عليه شعرات ص قال فسقطت على قدم رسول الله ص أقبلها فقال لي يا روزبه ادخل على هذه المرأة و قل لها يقول لك محمد بن عبد الله تبيعينا هذا الغلام فدخلت

 فقلت لها يا مولاتي إن محمد بن عبد الله يقول لك تبيعينا هذا الغلام فقالت قل له لا أبيعكه إلا بأربعمائة نخلة مائتي نخلة منها صفراء و مائتي نخلة منها حمراء قال فجئت إلى النبي ص فأخبرته فقال ما أهون ما سألت ثم قال قم يا علي فاجمع هذا النوى كله فأخذه و غرسه قال اسقه فسقاه أمير المؤمنين ع فما بلغ آخره حتى خرج النخل و لحق بعضه بعضا فقال لي ادخل إليها و قل لها يقول لك محمد بن عبد الله خذي شيئك و ادفعي إلينا شيئنا قال فدخلت عليها و قلت ذلك فخرجت و نظرت إلى النخل فقالت و الله لا أبيعكه إلا بأربعمائة نخلة كلها صفراء قال فهبط جبرئيل ع فمسح جناحه على النخل فصار كله أصفر قال ثم قال لي قل لها إن محمدا يقول لك خذي شيئك و ادفعي إلينا شيئنا فقلت لها فقالت و الله لنخلة من هذه أحب إلي من محمد و منك فقلت لها و الله ليوم مع محمد أحب إلي منك و من كل شي‏ء أنت فيه فأعتقني رسول الله ص و سماني سلمان

 قال الصدوق رحمه الله كان اسم سلمان روزبه بن جشبوذان و ما سجد قط لمطلع الشمس و إنما كان يسجد لله عز و جل و كانت القبلة التي أمر بالصلاة إليها شرقية و كان أبواه يظنان أنه إنما يسجد لمطلع الشمس كهيئتهم و كان سلمان وصي وصي عيسى في أداء ما حمل إلى من انتهت إليه الوصية من المعصومين و هو أبي ع و قد ذكر قوم أن أبي هو أبو طالب و إنما اشتبه الأمر به لأن أمير المؤمنين ع سئل عن آخر أوصياء عيسى ع فقال أبي فصحفه الناس فقالوا أبي و يقال له بردة أيضا. بيان روي في ضه أيضا خبر سلمان مرسلا إلى آخره. و قال الجوهري رصفت الحجارة في البناء أرصفها رصفا إذا ضممت بعضها إلى بعض

  -2  ل، ]الخصال[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري عن اللؤلؤي عن إسحاق الضحاك عن منذر الجوان عن أبي عبد الله ع قال قال سلمان رحمة الله عليه عجبت بست ثلاث أضحكتني و ثلاث أبكتني فأما الذي أبكتني ففراق الأحبة محمد و حزبه و هول المطلع و الوقوف بين يدي الله عز و جل و أما التي أضحكتني فطالب الدنيا و الموت يطلبه و غافل و ليس بمغفول عنه و ضاحك مل‏ء فيه لا يدري أ رضى لله أم سخط

 سن، ]المحاسن[ أبي رفعه إلى سلمان رضي الله عنه

3-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الجعابي عن ابن عقدة عن أحمد بن سلمة عن إبراهيم بن محمد عن الحسن بن حذيفة عن أبي عبد الله ع قال مرض رجل من أصحاب سلمان رحمه الله فافتقده فقال أين صاحبكم قالوا مريض قال امشوا بنا نعوده فقاموا معه فلما دخلوا عليه فإذا هو يجود بنفسه فقال سلمان يا ملك الموت ارفق بولي الله فقال ملك الموت بكلام يسمعه من حضر يا با عبد الله إني أرفق بالمؤمنين و لو ظهرت لأحد لظهرت لك

4-  ج، ]الإحتجاج[ احتجاج سلمان الفارسي رضوان الله عليه على عمر بن الخطاب في جواب كتاب كتبه إليه كان حين هو عامله على المدائن بعد حذيفة بن اليمان بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من سلمان مولى رسول الله ص إلى عمر بن الخطاب أما بعد فإنه قد أتاني منك كتاب يا عمر تؤنبني فيه و تعيرني و تذكر فيه أنك بعثتني أميرا على أهل المدائن و أمرتني أن أقص أثر حذيفة و أستقصي أيام أعماله و سيره ثم أعلمك قبيحها و حسنها و قد نهاني الله عن ذلك يا عمر في محكم كتابه حيث قال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ و ما كنت لأعصي الله في أثر حذيفة و أطيعك و أما ما ذكرت أني أقبلت على سف الخوص و أكل الشعير فما هما مما يعير به مؤمن و يؤنب عليه و ايم الله يا عمر لأكل الشعير و سف الخوص و الاستغناء به عن ريع المطعم و المشرب و عن غصب مؤمن و ادعاء ما ليس لي بحق أفضل و أحب إلى الله عز و جل و أقرب للتقوى و لقد رأيت رسول الله ص إذا أصاب الشعير أكله و فرح به و لم يسخط و أما ما ذكرت من عطائي فإني قدمته ليوم فاقتي و حاجتي و رب العزة يا عمر ما أبالي إذا جاز طعامي لهواتي و ساغ لي في حلقي أ لباب البر و مخ المعز كان أو خشارة الشعير و أما قولك إني أضعفت سلطان الله و أوهنته و أذللت نفسي و امتهنتها حتى جهل أهل المدائن إمارتي فاتخذوني جسرا يمشون فوقي و يحملون علي ثقل حمولتهم و زعمت أن ذلك مما يوهن سلطان الله و يذله فاعلم أن التذلل في طاعة الله أحب إلي من التعزز في معصية الله و قد علمت أن رسول الله ص يتألف الناس و يتقرب منهم و يتقربون منه في نبوته و سلطانه حتى كان بعضهم في الدنو منهم و قد كان يأكل الجشب و يلبس الخشن و كان الناس عنده قرشيهم و عربيهم و أبيضهم و أسودهم سواء في الدين فأشهد أني سمعته يقول من ولي سبعة من المسلمين بعدي ثم لم يعدل فيهم لقي الله و هو عليه غضبان فليتني يا عمر أسلم من إمارة المدائن مع ما ذكرت أني ذللت نفسي و امتهنتها فكيف يا عمر حال من ولي الأمة بعد رسول الله ص و إني سمعت الله يقول تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ اعلم أني لم أتوجه أسوسهم و أقيم حدود الله فيهم إلا بإرشاد دليل عالم فنهجت فيهم بنهجه و سرت فيهم بسيرته و اعلم أن الله تبارك و تعالى لو أراد بهذه الأمة خيرا و أراد بهم رشدا لولى عليهم أفضلهم و أعلمهم و لو كانت هذه الأمة من الله خائفين و لقول نبيها متبعين و بالحق عالمين ما سموك أمير المؤمنين فاقض ما أنت قاض فإنما تقضي هذه الحياة الدنيا و لا تغتر بطول عفو الله و تمديده لك من تعجيل عقوبته و اعلم أنه ستدركك عواقب ظلمك في دنياك و أخراك و سوف تسأل عما قدمت و أخرت

 بيان سففت الخوص نسجته و الخوص بالضم ورق النخل و الريع الزيادة و النماء و اللهوات اللحمات في سقف أقصى الفم و ساغ الشراب سهل مدخله في الحلق و الخشارة بالضم ما يبقى على المائدة مما لا خير فيه و كذلك الردي من كل شي‏ء و ما لا لب له من الشعير و يقال طعام جشب أي غليظ و يقال هو الذي لا أدم معه.

5-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن عبد الله بن حامد عن محمد بن يعقوب عن أحمد بن عبد الجبار عن يونس عن ابن إسحاق عن عاصم بن عمرو بن قتادة عن محمود بن أسد عن ابن عباس عن سلمان الفارسي رحمه الله قال كنت رجلا من أهل أصفهان من قرية يقال لها جي و كان أبي دهقان أرضه و كان يحبني حبا شديدا يحبسني في البيت كما تحبس الجارية و كنت صبيا لا أعلم من أمر الناس إلا ما أرى من المجوسية حتى أن أبي بنى بنيانا و كان له ضيعة فقال يا بني شغلني من اطلاع الضيعة ما ترى فانطلق إليها و مرهم بكذا و كذا و لا تحبس عني فخرجت أريد الضيعة فمررت بكنيسة النصارى فسمعت أصواتهم فقلت ما هذا قالوا هؤلاء النصارى يصلون فدخلت أنظر فأعجبني ما رأيت من حالهم فو الله ما زلت جالسا عندهم حتى غربت الشمس و بعث أبي في طلبي في كل وجه حتى جئته حين أمسيت و لم أذهب إلى ضيعته فقال أبي أين كنت قلت مررت بالنصارى فأعجبني صلاتهم و دعاؤهم فقال أي بني إن دين آبائك خير من دينهم فقلت لا و الله ما هذا بخير من دينهم هؤلاء قوم يعبدون الله و يدعونه و يصلون له و أنت إنما تعبد نارا أوقدتها بيدك إذا تركتها ماتت فجعل في رجلي حديدا و حبسني في بيت عنده فبعثت إلى النصارى فقلت أين أصل هذا الدين قالوا بالشام قلت إذا قدم عليكم من هناك ناس فأذنوني قالوا نفعل فبعثوا بعد أنه قدم تجار فبعثت إذا قضوا حوائجهم و أرادوا الخروج فأذنوني به قالوا نفعل ثم بعثوا إلي بذلك فطرحت الحديد من رجلي و انطلقت معهم فلما قدمت الشام قلت من أفضل هذا الدين قالوا الأسقف صاحب الكنيسة فجئت فقلت إني أحببت أن أكون معك و أتعلم منك الخير قال فكن معي فكنت معه و كان رجل سوء يأمرهم بالصدقة فإذا جمعوها اكتنزها و لم يعطها المساكين منها و لا بعضها فلم يلبث أن مات فلما جاءوا أن يدفنوه قلت هذا رجل سوء و نبهتهم على كنزه فأخرجوا سبع قلال مملوة ذهبا فصلبوه على خشبة و رموه بالحجارة و جاءوا برجل آخر فجعلوه مكانه فلا و الله يا ابن عباس ما رأيت رجلا قط أفضل منه و أزهد في الدنيا و أشد اجتهادا منه فلم أزل معه حتى حضرته الوفاة و كنت أحبه فقلت يا فلان قد حضرك ما ترى من أمر الله فإلى من توصي بي قال أي بني ما أعلم إلا رجلا بالموصل فأته فإنك ستجده على مثل حالي فلما مات و غيب لحقت بالموصل فأتيته فوجدته على مثل حاله من الاجتهاد و الزهادة فقلت له إن فلانا أوصى بي إليك فقال يا بني كن معي فأقمت عنده حتى حضرته الوفاة قلت إلى من توصي بي قال الآن يا بني لا أعلم إلا رجلا بنصيبين فالحق به فلما دفناه لحقت به فقلت له إن فلانا أوصى بي إليك فقال يا بني أقم فأقمت عنده فوجدته على مثل حالهم حتى حضرته الوفاة فقلت إلى من توصي بي قال ما أعلم إلا رجلا بعمورية من أرض الروم فأته فإنك ستجده على مثل ما كنا عليه فلما واريته خرجت إلى العمورية فأقمت عنده فوجدته على

 مثل حالهم و اكتسبت غنيمة و بقرات إلى أن حضرته الوفاة فقلت إلى من توصي بي قال لا أعلم أحدا على مثل ما كنا عليه و لكن قد أظلك زمان نبي يبعث من الحرم مهاجره بين حرتين إلى أرض ذات سبخة ذات نخل و إن فيه علامات لا تخفى بين كتفيه خاتم النبوة يأكل الهدية و لا يأكل الصدقة فإن استطعت أن تمضي إلى تلك البلاد فافعل قال فلما واريناه أقمت حتى مر رجال من تجار العرب من كلب فقلت لهم تحملوني معكم حتى تقدموني أرض العرب و أعطيكم غنيمتي هذه و بقراتي قالوا نعم فأعطيتهم إياها و حملوني حتى إذا جاءوا بي وادي القرى ظلموني و باعوني عبدا من رجل يهودي فو الله لقد رأيت النخل و طمعت أن تكون البلد الذي نعت لي فيه صاحبي حتى قدم رجل من بني قريظة من يهود وادي القرى فابتاعني من صاحبي الذي كنت عنده فخرج حتى قدم بي المدينة فو الله ما هو إلا أن رأيتها و عرفت نعتها فأقمت مع صاحبي و بعث الله رسوله بمكة لا يذكر لي شي‏ء من أمره مع ما أنا فيه من الرق حتى قدم رسول الله ص قباء و أنا أعمل لصاحبي في نخل له فو الله إني لكذلك إذ جاء ابن عم له فقال قاتل الله بني قيلة و الله إنهم لفي قباء يجتمعون على رجل جاء من مكة يزعمون أنه نبي فو الله ما هو إلا قد سمعتها فأخذتني الرعدة حتى ظننت لأسقطن على صاحبي و نزلت أقول ما هذا الخبر ما هو فرفع مولاي يده فلكمني فقال ما لك و لهذا أقبل على عملك فلما أمسيت و كان عندي شي‏ء من طعام فحملته و ذهبت إلى رسول الله ص بقباء فقلت بلغني أنك رجل صالح و أن معك أصحابا و كان عندي شي‏ء من الصدقة فها هو ذا فكل منه فأمسك رسول الله ص فقال لأصحابه كلوا و لم يأكل فقلت في نفسي هذه خصلة مما وصف لي صاحبي ثم رجعت و تحول رسول الله ص إلى المدينة فجمعت شيئا كان عندي ثم جئته به فقلت إني قد رأيتك لا تأكل الصدقة و هذه هدية و كرامة ليست بالصدقة فأكل رسول الله ص و أكل أصحابه فقلت هاتان خلتان ثم جئت رسول الله ص و هو يتبع جنازة و عليه شملتان و هو في أصحابه فاستدرت به لأنظر إلى الخاتم في ظهره فلما رآني رسول الله ص استدبرته عرف أني استثبت شيئا قد وصف لي فرفع رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم بين كتفيه كما وصف لي صاحبي فأكببت عليه أقبله و أبكي فقال تحول يا سلمان هنا فتحولت و جلست بين يديه و أحب أن يسمع أصحابه حديثي عنه فحدثته يا ابن عباس كما حدثتك فلما فرغت قال رسول الله ص كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبي على ثلاثمائة نخلة أحييها له و أربعين أوقية فأعانني أصحاب رسول الله ص بالنخلة ثلاثين ودية و عشرين ودية كل رجل على قدر ما عنده فقال لي رسول الله ص أنا أضعها بيدي فحفرت لها حيث توضع ثم جئت رسول الله ص فقلت قد فرغت منها فخرج معي حتى جاءها فكنا نحمل إليه الودي فيضعه بيده فيسوي عليها فو الذي بعثه بالحق نبيا ما مات منها ودية واحدة و بقيت علي الدراهم فأتاه رجل من بعض المغازي بمثل البيضة من الذهب فقال رسول الله ص أين الفارسي المكاتب المسلم فدعيت له فقال خذ هذه يا سلمان فأدها مما عليك فقلت يا رسول الله أين تقع هذه مما علي فقال إن الله عز و جل سيوفي بها عنك فو الذي نفس سلمان بيده لوزنت لهم منها أربعين أوقية فأديتها إليهم و عتق سلمان قال و كان الرق قد حبسني حتى فاتني مع رسول الله ص بدر و أحد ثم عتقت فشهدت الخندق و لم يفتني معه مشهد. و في رواية عن سلمان رضي الله عنه أن صاحب عمورية لما حضرته الوفاة قال ائت غيضتين من أرض الشام فإن رجلا يخرج من إحداهما إلى الأخرى في كل سنة ليلة يعترضه ذوو الأسقام فلا يدعو لأحد مرض إلا شفي فاسأله عن هذا الدين الذي

 تسألني عنه عن الحنيفية دين إبراهيم ع فخرجت حتى أقمت بها سنة حتى خرج تلك الليلة من إحدى الغيضتين إلى الأخرى و كان فيها حتى ما بقي إلا منكبيه فأخذت به فقلت رحمك الله الحنيفية دين إبراهيم فقال إنك تسأل عن شي‏ء ما سأل عنه الناس اليوم قد أظلك نبي يخرج عند هذا البيت بهذا الحرم يبعث بذلك الدين فقال الراوي يا سلمان لئن كان كذلك لقد رأيت عيسى ابن مريم صلوات الله عليه.

 بيان لكمه كنصره ضربه بجمع كفه و الودية الصغيرة من النخل و الغيضة مغيض ماء يجتمع فينبت فيه الشجر و كان فيها أي في الغيضة الأخرى أي لحقته حين وضع رجله في الغيضة الثانية و أراد أن يدخلها و لم يبق خارجا منها إلا منكبه لقد رأيت عيسى أي مثله

6-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أنه لما وافى رسول الله ص المدينة مهاجرا نزل بقبا قال لا أدخل المدينة حتى يلحق بي علي و كان سلمان كثير السؤال عن رسول الله ص و كان قد اشتراه بعض اليهود و كان يخدم نخلا لصاحبه فلما وافى ع قبا و كان سلمان قد عرف بعض أحواله من بعض أصحاب عيسى و غيره فحمل طبقا من تمر و جاءهم به فقال سمعنا أنكم غرباء وافيتم إلى هذا الموضع فحملنا هذا إليكم من صدقتنا فكلوه فقال رسول الله ص سموا و كلوا و لم يأكل هو منه شيئا و سلمان واقف ينظر فأخذ الطبق و انصرف و هو يقول هذه واحدة بالفارسية ثم جعل في الطبق تمرا آخر و حمله فوضعه بين يدي رسول الله ص فقال رأيتك لم تأكل من تمر الصدقة و هذه هدية فمد يده ص و أكل و قال لأصحابه كلوا باسم الله فأخذ سلمان الطبق و يقول هذان اثنان ثم دار خلف رسول الله ص فعلم ص مراده منه فأرخى رداءه عن كتفيه فرأى سلمان الشامة فوقع عليها فقبلها و قال أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله ثم قال إني عبد ليهودي فما تأمرني قال اذهب فكاتبه على شي‏ء ندفعه إليه فصار سلمان إلى اليهودي فقال إني أسلمت و اتبعت هذا النبي على دينه و لا تنتفع بي فكاتبني على شي‏ء أدفعه إليك و أملك نفسي فقال اليهودي أكاتبك على أن تغرس لي خمسمائة نخلة و تخدمها حتى تحمل ثم تسلمها إلي و على أربعين أوقية ذهبا جيدا و انصرف إلى رسول الله ص فأخبره بذلك قال ص اذهب فكاتبه على ذلك فمضى سلمان و كاتبه على ذلك و قدر اليهودي أن هذه شي‏ء لا يكون إلا بعد سنين و انصرف سلمان بالكتاب إلى رسول الله ص فقال اذهب فأتني بخمسمائة نواة و في رواية الحشوية بخمسمائة فسيلة فجاء سلمان بخمسمائة نواة فقال سلمها إلى علي ثم قال لسلمان اذهب بنا إلى الأرض التي طلب النخل فيها فذهبوا إليها فكان رسول الله ص يثقب الأرض بإصبعه ثم يقول لعلي ضع في الثقب نواة ثم يرد التراب عليها و يفتح رسول الله أصابعه فينفجر الماء من بينها فيسقي ذلك الموضع ثم يصير إلى موضع ثان فيفعل بها كذلك فإذا فرغ من الثانية تكون الأولى قد نبتت ثم يصير إلى موضع الثالثة فإذا فرغ منها تكون الأولى قد حملت ثم يصير إلى موضع الرابعة و قد نبتت الثالثة و حملت الثانية و هكذا حتى فرغ من غرس الخمسمائة و قد حملت كلها فنظر اليهودي و قال صدقت قريش إن محمدا ساحر و قال قد قبضت منك النخل فأين الذهب فتناول رسول الله ص حجرا كان بين يديه فصار ذهبا أجود ما يكون فقال اليهودي ما رأيت ذهبا قط مثله و قدره مثل تقدير عشرة أواقي فوضعه في الكفة فرجح فزاد عشرا فرجح حتى صار أربعين أوقية لا تزيد و لا تنقص قال سلمان فانصرفت إلى رسول الله ص فلزمت خدمته و أنا حر

7-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن عليا ع دخل المسجد بالمدينة غداة يوم قال رأيت في النوم رسول الله ص و قال لي إن سلمان توفي و وصاني بغسله و تكفينه و الصلاة عليه و دفنه و ها أنا خارج إلى المدائن لذلك فقال عمر خذ الكفن من بيت المال فقال علي ع ذلك مكفي مفروغ منه فخرج و الناس معه إلى ظاهر المدينة ثم خرج و انصرف الناس فلما كان قبل ظهيرة رجع و قال دفنته و أكثر الناس لم يصدقوا حتى كان بعد مدة وصل من المدائن مكتوب أن سلمان توفي في يوم كذا و دخل علينا أعرابي فغسله و كفنه و صلى عليه و دفنه ثم انصرف فتعجب الناس كلهم

8-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كتب رسول الله ص عهدا لحي سلمان بكازرون هذا كتاب من محمد بن عبد الله رسول الله سأله الفارسي سلمان وصية بأخيه مهاد بن فروخ بن مهيار و أقاربه و أهل بيته و عقبه من بعده ما تناسلوا من أسلم منهم و أقام على دينه سلام الله أحمد الله إليكم إن الله تعالى أمرني أن أقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له أقولها و آمر الناس بها و الأمر كله لله خلقهم و أماتهم و هو ينشرهم وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ ثم ذكر فيه من احترام سلمان إلى أن قال و قد رفعت عنهم جز الناصية و الجزية و الخمس و العشر و سائر المؤن و الكلف فإن سألوكم فأعطوهم و إن استغاثوا بكم فأغيثوهم و إن استجاروا بكم فأجيروهم و إن أساءوا فاغفروا لهم و إن أسي‏ء إليهم فامنعوا عنهم و ليعطوا من بيت مال المسلمين في كل سنة مائتي حلة و من الأواقي مائة فقد استحق سلمان ذلك من رسول الله ثم دعا لمن عمل به و دعا على من آذاهم و كتب علي بن أبي طالب و الكتاب إلى اليوم في أيديهم و يعمل القوم برسم النبي ص فلو لا ثقته بأن دينه يطبق الأرض لكان كتبة هذا السجل مستحيلا

9-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال أبو محمد العسكري ع إن سلمان الفارسي رحمة الله عليه مر بقوم من اليهود فسألوه أن يجلس إليهم و يحدثهم بما سمع من محمد في يومه هذا فجلس إليهم لحرصه على إسلامهم فقال سمعت محمدا ص يقول إن الله عز و جل يقول يا عبادي أ و ليس من له إليكم حوائج كبار لا تجودون بها إلا أن يتحمل عليكم بأحب الخلق إليكم تقضونها كرامة لشفيعهم ألا فاعلموا أن أكرم الخلق علي و أفضلهم لدي محمد و أخوه علي و من بعدي من الأئمة الذين هم الوسائل إلي ألا فليدعني من همته حاجة يريد نفعها أو دهته داهية يريد كشف ضررها بمحمد و آله الأفضلين الطيبين الطاهرين أقضها له أحسن ما يقضيها ممن تستشفعون إليه بأعز الخلق عليه فقالوا لسلمان و هم يسخرون و يستهزءون به يا با عبد الله ما بالك لا تقترح على الله و تتوسل بهم أن يجعلك أغنى أهل المدينة فقال سلمان قد دعوت الله بهم و سألته ما هو أجل و أفضل و أنفع من ملك الدنيا بأسرها سألته بهم صلى الله عليهم أن يهب لي لسانا لتمجيده و ثنائه ذاكرا و قلبا لآلائه شاكرا و على الدواهي الداهية لي صابرا و هو عز و جل قد أجابني إلى ملتمسي من ذلك و هو أفضل من ملك الدنيا بحذافيرها و ما تشتمل عليه من خيراتها مائة ألف ألف مرة قال ع فجعلوا يهزءون به و يقولون يا سلمان لقد ادعيت مرتبة عظيمة شريفة نحتاج أن نمتحن صدقك عن كذبك فيها و ها نحن أولا قائمون إليك بسياطنا فضاربوك بها فاسأل ربك أن يكف أيدينا عنك فجعل سلمان يقول اللهم اجعلني على البلاء صابرا و جعلوا يضربونه بسياطهم حتى أعيوا و ملوا و جعل سلمان لا يزيد على قوله اللهم اجعلني على البلاء صابرا فلما ملوا و أعيوا قالوا له يا سلمان ما ظننا أن روحا ثبت في مقرها مع شدة هذا العذاب الوارد عليك ما بالك لا تسأل ربك أن يكفنا عنك فقال لأن سؤالي ذلك ربي خلاف الصبر بل سلمت لإمهال الله تعالى لكم و سألته الصبر فلما استراحوا قاموا إليه بعد بسياطهم فقالوا لا نزال نضربك بسياطنا حتى تزهق روحك أو تكفر بمحمد ص فقال ما كنت لأفعل ذلك فإن الله قد أنزل على محمد الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ و إن احتمالي لمكارهكم لأدخل في جملة من مدحة الله تعالى بذلك سهل علي يسير فجعلوا يضربونه بسياطهم حتى ملوا ثم قعدوا و قالوا يا سلمان لو كان لك عند ربك قدر لإيمانك بمحمد لاستجاب الله دعاءك و كفنا عنك فقال سلمان ما أجهلكم كيف يكون مستجيبا دعائي إذا فعل بي خلاف ما أريد منه أنا أردت منه الصبر فقد استجاب لي و صبرني و لم أسأله كفكم عني فيمنعني حتى يكون ضد دعائي كما تظنون فقاموا إليه ثالثة بسياطهم فجعلوا يضربونه و سلمان لا يزيد على قوله اللهم صبرني على البلاء في حب صفيك و خليلك محمد فقالوا له يا سلمان ويحك أ و ليس محمد قد رخص لك أن تقول من الكفر به ما تعتقد ضده للتقية من أعدائك فما لك لا تقول ما نقترح به عليك للتقية فقال سلمان إن الله قد رخص لي في ذلك و لم يفرضه علي بل أجاز لي أن لا أعطيكم ما تريدون و أحتمل مكارهكم و جعله أفضل المنزلتين و أنا لا أختار غيره ثم قاموا إليه بسياطهم و ضربوه ضربا كثيرا و سيلوا دماءه و قالوا له و هم ساخرون لا تسأل الله كفنا عنك و لا تظهر لنا ما نريده منك لنكف به عنك فادع علينا بالهلاك إن كنت

 من الصادقين في دعواك إن الله تعالى لا يرد دعاءك بمحمد و آله الطيبين فقال سلمان إني لأكره أن أدعو الله لهلاككم مخافة أن يكون فيكم من قد علم الله أنه سيؤمن بعد فأكون قد سألت الله تعالى اقتطاعه عن الإيمان فقالوا قل اللهم أهلك من كان في معلومك أنه يبقى إلى الموت على تمرده فإنك لا تصادف بهذا الدعاء ما خفته قال فانفرج له حائط البيت الذي هو فيه مع القوم و شاهد رسول الله ص و هو يقول يا سلمان ادع عليهم بالهلاك فليس فيهم أحد يرشد كما دعا نوح ع على قومه لما عرف أنه لن يؤمن من قومه إلا من قد آمن فقال سلمان كيف تريدون أن أدعو عليكم بالهلاك فقالوا تدعو أن يقلب الله سوط كل واحد منا أفعى تعطف رأسها ثم تمشش عظام سائر بدنه فدعا الله بذلك فما من سياطهم سوط إلا قلبه الله تعالى عليهم أفعى لها رأسان فتتناول برأس منها رأسه و برأس آخر يمينه التي كان فيها سوطه ثم رضضتهم و مششتهم و بلعتهم و التقمتهم فقال رسول الله ص و هو في مجلسه معاشر المسلمين إن الله قد نصر أخاكم سلمان ساعتكم هذه على عشرين من مردة اليهود و المنافقين قلب سياطهم أفاعي رضضتهم و مششتهم و هشمت عظامهم و التقمتهم فقوموا بنا ننظر إلى تلك الأفاعي المبعوثة لنصرة سلمان فقام رسول الله ص و أصحابه إلى تلك الدار و قد اجتمع إليها جيرانها من اليهود و المنافقين لما سمعوا ضجيج القوم بالتقام الأفاعي لهم و إذا هم خائفون منها نافرون من قربها فلما جاء رسول الله ص خرجت كلها من البيت إلى شارع المدينة و كان شارعا ضيقا فوسعه الله تعالى و جعله عشرة أضعافه ثم نادت الأفاعي السلام عليك يا محمد يا سيد الأولين و الآخرين السلام عليك يا علي يا سيد الوصيين السلام على ذريتك الطيبين الطاهرين الذين جعلوا على الخلائق قوامين ها نحن سياط هؤلاء المنافقين قلبنا الله تعالى أفاعي بدعاء هذا المؤمن سلمان فقال رسول الله ص الحمد لله الذي جعل من أمتي من يضاهي بدعائه عند كفه و عند انبساطه نوحا نبيه ثم نادت الأفاعي يا رسول الله قد اشتد غضبنا غيظا على هؤلاء الكافرين و أحكامك و أحكام وصيك جائزة علينا في ممالك رب العالمين و نحن نسألك أن تسأل الله تعالى أن يجعلنا من أفاعي جهنم التي تكون فيها لهؤلاء معذبين كما كنا لهم في الدنيا ملتقمين فقال رسول الله ص قد أجبتكم إلى ذلك فالحقوا بالطبق الأسفل من جهنم بعد أن تقذفوا ما في أجوافكم من أجزاء هؤلاء الكافرين ليكون أتم لخزيهم و أبقى للعار عليهم إذا كانوا بين أظهرهم مدفونين يعتبر بهم المؤمنون المارون بقبورهم يقولون هؤلاء الملعونون المخزيون بدعاء ولي محمد سلمان الخير من المؤمنين فقذفت الأفاعي ما في بطونها من أجزاء أبدانهم فجاء أهلوهم فدفنوهم و أسلم كثير من الكافرين و أخلص كثير من المنافقين و غلب الشقاء على كثير من الكافرين و المنافقين و قالوا هذا سحر مبين ثم أقبل رسول الله ص على سلمان فقال يا با عبد الله أنت من خواص إخواننا المؤمنين و من أحباب قلوب ملائكة الله المقربين إنك في ملكوت السماوات و الحجب و الكرسي و العرش و ما دون ذلك إلى الثرى أشهر في فضلك عندهم من الشمس الطالعة في يوم لا غيم فيه و لا قتر و لا غبار في الجو أنت من أفاضل الممدوحين بقوله الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ

 توضيح قال الفيروزآبادي المش الخلط حتى يذوب و مسح اليد بالشي‏ء لتنظيفها و مص أطراف العظام كالتمشش و أخذ مال الرجل شيئا بعد شي‏ء و القتر الغبرة

10-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ روى حبيب بن حسن العتكي عن جابر الأنصاري قال صلى بنا أمير المؤمنين ع صلاة الصبح ثم أقبل علينا فقال معاشر الناس أعظم الله أجركم في أخيكم سلمان فقالوا في ذلك فلبس عمامة رسول الله ص و دراعته و أخذ قضيبه و سيفه و ركب على العضباء و قال لقنبر عد عشرا قال ففعلت فإذا نحن على باب سلمان قال زاذان فلما أدركت سلمان الوفاة قلت له من المغسل لك قال من غسل رسول الله فقلت إنك بالمدائن و هو بالمدينة فقال يا زاذان إذا شددت لحيي تسمع الوجبة فلما شددت لحييه سمعت الوجبة و أدركت الباب فإذا أنا بأمير المؤمنين ع فقال يا زاذان قضى أبو عبد الله سلمان قلت نعم يا سيدي فدخل و كشف الرداء عن وجهه فتبسم سلمان إلى أمير المؤمنين ع فقال له مرحبا يا أبا عبد الله إذا لقيت رسول الله ص فقل له ما مر على أخيك من قومك ثم أخذ في تجهيزه فلما صلى عليه كنا نسمع من أمير المؤمنين ع تكبيرا شديدا و كنت رأيت معه رجلين فقال أحدهما جعفر أخي و الآخر الخضر ع و مع كل واحد منهما سبعون صفا من الملائكة في كل صف ألف ألف ملك

 بيان قوله فقالوا في ذلك أي ما قالوا قوله عشرا لعل المراد الخطوات و الوجبة السقطة مع الهدة أو صوت الساقط

11-  كش، ]رجال الكشي[ حمدويه بن نصير عن أبي الحسين بن نوح عن صفوان عن ابن بكير عن زرارة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول أدرك سلمان العلم الأول و العلم الآخر و هو بحر لا ينزح و هو منا أهل البيت بلغ من علمه أنه مر برجل في رهط فقال له يا عبد الله تب إلى الله عز و جل من الذي عملت به في بطن بيتك البارحة قال ثم مضى فقال له القوم لقد رماك سلمان بأمر فما رفعته عن نفسك قال إنه أخبرني بأمر ما اطلع عليه إلا الله و أنا

 و في خبر آخر مثله و زاد في آخره أن الرجل كان أبا بكر بن أبي قحافة

 ختص، ]الإختصاص[ ابن قولويه عن أبيه و ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى عن ابن فضال عن ابن بكير مثله إلى قوله إلا الله رب العالمين و أنا

12-  كش، ]رجال الكشي[ جبرئيل بن أحمد عن سهل بن زياد عن منخل عن جابر عن أبي جعفر ع قال دخل أبو ذر على سلمان و هو يطبخ قدرا له فبينا هما يتحادثان إذا انكبت القدر على وجهها على الأرض فلم يسقط من مرقها و لا من ودكها شي‏ء فعجب من ذلك أبو ذر عجبا شديدا و أخذ سلمان القدر فوضعها على حالها الأول على النار ثانية و أقبلا يتحدثان فبينما هما يتحدثان إذا انكبت القدر على وجهها فلم يسقط منها شي‏ء من مرقها و لا من ودكها قال فخرج أبو ذر و هو مذعور من عند سلمان فبينما هو متفكر إذ لقي أمير المؤمنين ع على الباب فلما أن بصر به أمير المؤمنين ع قال له يا با ذر ما الذي أخرجك و ما الذي ذعرك فقال له أبو ذر يا أمير المؤمنين رأيت سلمان صنع كذا و كذا فعجبت من ذلك فقال أمير المؤمنين ع يا با ذر إن سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت رحم الله قاتل سلمان يا با ذر إن سلمان باب الله في الأرض من عرفه كان مؤمنا و من أنكره كان كافرا و إن سلمان منا أهل البيت

 13-  يل، ]الفضائل لابن شاذان[ حدثنا الإمام شيخ الإسلام أبو الحسن بن علي بن محمد المهدي بالإسناد الصحيح عن الأصبغ بن نباتة أنه قال كنت مع سلمان الفارسي رحمه الله و هو أمير المدائن في زمان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع و ذلك أنه قد ولاه المدائن عمر بن الخطاب فقام إلى أن ولي الأمر علي بن أبي طالب ع قال الأصبغ فأتيته يوما و قد مرض مرضه الذي مات فيه قال فلم أزل أعوده في مرضه حتى اشتد به الأمر و أيقن بالموت قال فالتفت إلي و قال لي يا أصبغ عهدي برسول الله ص يقول يا سلمان سيكلمك ميت إذا دنت وفاتك و قد اشتهيت أن أدري وفاتي دنت أم لا فقال الأصبغ بما ذا تأمر يا سلمان يا أخي قال له تخرج و تأتيني بسرير و تفرش عليه ما يفرش للموتى ثم تحملني بين أربعة فتأتون بي إلى المقبرة فقال الأصبغ حبا و كرامة فخرجت مسرعا و غبت ساعة و أتيته بسرير و فرشت عليه ما يفرش للموتى ثم أتيته بقوم حملوه حتى أتوا به إلى المقبرة فلما وضعوه فيها قال لهم يا قوم استقبلوا بوجهي القبلة فلما استقبل القبلة بوجهه نادى بعلو صوته السلام عليكم يا أهل عرصة البلاء السلام عليكم يا محتجبين عن الدنيا قال فلم يجبه أحد فنادى ثانية السلام عليكم يا من جعلت المنايا لهم غداء السلام عليكم يا من جعلت الأرض عليكم غطاء السلام عليكم يا من لقوا أعمالهم في دار الدنيا السلام عليكم يا منتظرين النفخة الأولى سألتكم بالله العظيم و النبي الكريم إلا أجابني منكم مجيب فأنا سلمان الفارسي مولى رسول الله ص فإنه قال لي يا سلمان إذا دنت وفاتك سيكلمك ميت و قد اشتهيت أن أدري دنت وفاتي أم لا فلما سكت سلمان من كلامه فإذا هو بميت قد نطق من قبره و هو يقول السلام عليك و رحمة الله و بركاته يا أهل البناء و الفناء المشتغلون بعرصة الدنيا ها نحن لكلامك مستمعون و لجوابك مسرعون فسل عما بدا لك يرحمك الله تعالى قال سلمان أيها الناطق بعد الموت المتكلم بعد حسرة الفوت أ من أهل الجنة أم من أهل النار فقال يا سلمان أنا ممن أنعم الله تعالى عليه بعفوه و كرمه و أدخله جنته برحمته فقال له سلمان الآن يا عبد الله صف لي الموت كيف وجدته و ما ذا لقيت منه و ما رأيت و ما عاينت قال مهلا يا سلمان فو الله إن قرضا بالمقاريض و نشرا بالمناشير لأهون علي من غصة الموت اعلم أني كنت في دار الدنيا ممن ألهمني الله تعالى الخير و كنت أعمل به و أؤدي فرائضه و أتلو كتابه و أحرص في بر الوالدين و اجتنب المحارم و أفزع عن المظالم و أكد الليل و النهار في طلب الحلال خوفا من وقفة السؤال فبينا أنا في ألذ عيش و غبطة و فرح و سرور إذ مرضت و بقيت في مرضي أياما حتى انقضت من الدنيا مدتي فأتاني عند ذلك شخص عظيم الخلقة فظيع المنظر فوقف مقابل وجهي لا إلى السماء صاعدا و لا إلى الأرض نازلا فأشار إلى بصري فأعماه و إلى سمعي فأصمه و إلى لساني

  فعقره فصرت لا أبصر و لا أسمع فعند ذلك بكوا أهلي و أعواني و ظهر خبري إلى إخواني و جيراني فقلت له عند ذلك من أنت يا هذا الذي أشغلتني عن مالي و أهلي و ولدي فقال أنا ملك الموت أتيتك لأنقلك من دار الدنيا إلى الآخرة فقد انقضت مدتك و جاءت منيتك فبينا هو كذلك يخاطبني إذ أتاني شخصان و هما أحسن خلق رأيت فجلس أحدهما عن يميني و الآخر عن شمالي فقالا لي السلام عليك و رحمة الله و بركاته قد جئناك بكتابك فخذه الآن و انظر ما فيه فقلت لهم أي كتاب لي أقرؤه قالا نحن الملكان اللذان كنا معك في دار الدنيا نكتب ما لك و ما عليك فهذا كتاب عملك فنظرت في كتاب الحسنات و هو بيد الرقيب فسرني ما فيه و ما رأيت من الخير فضحكت عند ذلك و فرحت فرحا شديدا و نظرت إلى كتاب السيئات و هو بيد العتيد فساءني ما رأيت و أبكاني فقالا لي أبشر فلك الخير ثم دنا مني الشخص الأول فجذب الروح فليس من جذبة يجذبها إلا و هي تقوم مقام كل شدة من السماء إلى الأرض فلم يزل كذلك حتى صارت الروح في صدري ثم أشار إلي بحربة لو أنها وضعت على الجبال لذابت فقبض روحي من عرنين أنفي فعلا عند ذلك الصراخ و ليس من شي‏ء يقال أو يفعل إلا و أنا به عالم فلما اشتد صراخ القوم و بكاؤهم جزعا علي فالتفت إليهم ملك الموت بغيظ و حنق و قال معاشر القوم مم بكاؤكم فو الله ما ظلمناه فتشكوا و لا اعتدينا عليه فتصيحوا و تبكوا و لكن نحن و أنتم عند رب واحد و لو أمرتم فينا كما أمرنا فيكم لامتثلتم فينا كما امتثلنا فيكم و الله ما أخذناه حتى فني رزقه و انقطعت مدته و صار إلى رب كريم يحكم فيه ما يشاء و هو على كل شي‏ء قدير فإن صبرتم أجرتم و إن جزعتم أثمتم كم لي من رجعة إليكم أخذ البنين و البنات و الآباء و الأمهات ثم انصرف عند ذلك عني و الروح معه فعند ذلك أتاه ملك آخر فأخذها منه و تركها في ثوب من حرير و صعد بها و وضعها بين يدي الله في أقل من طبقة جفن فلما حصلت الروح بين يدي ربي سبحانه و تعالى و سألها عن الصغيرة و الكبيرة و عن الصلاة و الصيام في شهر رمضان و حج بيت الله الحرام و قراءة القرآن و الزكاة و الصدقات و سائر الأوقات و الأيام و طاعة الوالدين و عن قتل النفس بغير الحق و أكل مال اليتيم و عن مظالم العباد و عن التهجد بالليل و الناس نيام و ما يشاكل ذلك ثم من بعد ذلك ردت الروح إلى الأرض بإذن الله تعالى فعند ذلك أتاني غاسل فجردني من أثوابي و أخذ في تغسيلي فنادته الروح يا عبد الله رفقا بالبدن الضعيف فو الله ما خرجت من عرق إلا انقطع و لا عضو إلا انصدع فو الله لو سمع الغاسل ذلك القول لما غسل ميتا أبدا ثم إنه أجرى علي الماء و غسلني ثلاثة أغسال و كفنني في ثلاثة أثواب و حنطني في حنوط و هو الزاد الذي خرجت به إلى دار الآخرة ثم جذب الخاتم من يدي اليمنى بعد فراغه من الغسل و دفعه إلى الأكبر من ولدي و قال آجرك الله في أبيك و حسن لك الأجر و العزاء ثم أدرجني في الكفن و لقنني و نادى أهلي و جيراني و قال هلموا إليه بالوداع فأقبلوا عند ذلك لوداعي فلما فرغوا من وداعي حملت على سرير من خشب و الروح عند ذلك بين وجهي و كفني حتى وضعت للصلاة فصلوا علي فلما فرغوا من الصلاة و حملت إلى قبري و دليت فيه فعاينت هولا عظيما يا سلمان يا عبد الله اعلم أني قد سقطت من السماء إلى الأرض في لحدي و شرج علي اللبن و حثا التراب علي فعند ذلك سلبت الروح من اللسان و انقلب السمع و البصر فلما نادى المنادي بالانصراف أخذت في الندم فقلت يا ليتني كنت من الراجعين فجاوبني مجيب من جانب القبر كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فقلت له من أنت يا هذا الذي تكلمني و تحدثني فقال أنا منبه قال أنا ملك وكلني الله عز و جل بجميع خلقه لأنبههم بعد مماتهم ليكتبوا أعمالهم على أنفسهم بين يدي

  الله عز و جل ثم إنه جذبني و أجلسني و قال لي اكتب عملك فقلت إني لا أحصيه فقال لي أ ما سمعت قول ربك أَحْصاهُ اللَّهُ وَ نَسُوهُ ثم قال لي اكتب و أنا أملي عليك فقلت أين البياض فجذب جانبا من كفني فإذا هو رق فقال هذه صحيفتك فقلت من أين القلم قال سبابتك فقلت من أين المداد قال ريقك ثم أملى علي ما فعلته في دار الدنيا فلم يبق من أعمالي صغيرة و لا كبيرة إلا أملاها كما قال تعالى وَ يَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَ لا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً ثم إنه أخذ الكتاب و ختمه بخاتم و طوقه في عنقي فخيل لي أن جبال الدنيا جميعا قد طوقوها في عنقي فقلت له يا منبه و لم تفعل بي كذا قال أ لم تسمع قول ربك وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَ نُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً فهذا تخاطب به يوم القيامة و يؤتى بك و كتابك بين عينيك منشورا تشهد فيه على نفسك ثم انصرف عني فأتاني منكر بأعظم منظر و أوحش شخص و بيده عمود من الحديد لو اجتمعت عليه الثقلان ما حركوه ثم إنه صاح بي صيحة لو سمعها أهل الأرض لماتوا جميعا ثم قال لي يا عبد الله أخبرني من ربك و ما دينك و من نبيك و ما عليه أنت و ما قولك في دار الدنيا فاعتقل لساني من فزعه و تحيرت في أمري و ما أدري ما أقول و ليس في جسمي عضو إلا فارقني من الخوف فأتتني رحمة من ربي فأمسك قلبي و أطلق بها لساني فقلت له يا عبد الله لما تفزعني و أنا أعلم أني أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أن الله ربي و محمد نبيي و الإسلام ديني و القرآن كتابي و الكعبة قبلتي و علي إمامي و المؤمنون إخواني و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله فهذا قولي و اعتقادي و عليه ألقى ربي في معادي فعند ذلك قال لي الآن أبشر يا عبد الله بالسلامة فقد نجوت و مضى عني و أتاني نكير و صاح صيحة هائلة أعظم من الصيحة الأولى فاشتبك أعضائي بعضها في بعض كاشتباك الأصابع ثم قال لي هات الآن عملك يا عبد الله فبقيت حائرا متفكرا في رد الجواب فعند ذلك صرف الله عني شدة الروع و الفزع و ألهمني حجتي و حسن اليقين و التوفيق فقلت عند ذلك يا عبد الله رفقا بي فإني قد خرجت من الدنيا و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله و أن الجنة حق و النار حق و الصراط حق و الميزان حق و الحساب حق و مساءلة منكر و نكير حق و البعث حق و أن الجنة و ما وعد الله فيها من النعيم حق و أن النار و ما أوعد الله فيها من العذاب حق وَ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ ثم قال لي يا عبد الله أبشر بالنعيم الدائم و الخير المقيم ثم إنه أضجعني و قال نم نومة العروس ثم إنه فتح لي بابا من عند رأسي إلى الجنة و بابا من عند رجلي إلى النار ثم قال لي يا عبد الله انظر إلى ما صرت إليه من الجنة و النعيم و إلى ما نجوت منه من نار الجحيم ثم سد الباب الذي من عند رجلي و أبقى الباب الذي من عند رأسي مفتوحا إلى الجنة فجعل يدخل علي من روح الجنة و نعيمها و أوسع لحدي مد البصر و مضى عني فهذا صفتي و حديثي و ما لقيته من شدة الأهوال و أنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و أشهد أن الموت حق على طرف لساني فراقب الله أيها السائل خوفا من وقفة السائل قال ثم انقطع عند ذلك كلامه قال سلمان رضي الله عنه عند ذلك حطوني رحمكم الله فحطيناه إلى الأرض فقال أسندوني فأسندناه ثم رمق بطرفه إلى السماء و قال يا من بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ و هو يُجِيرُ وَ لا يُجارُ عَلَيْهِ بك آمنت و لنبيك اتبعت و بكتابك صدقت و قد أتاني ما وعدتني

  يا من لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ اقبضني إلى رحمتك و أنزلني دار كرامتك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله فلما كمل شهادته قضى نحبه و لقي ربه رضي الله تعالى عنه قال فبينا نحن كذلك إذ أتى رجل على بغلة شهباء متلثما فسلم علينا فرددنا السلام عليه

فقال يا أصبغ جدوا في أمر سلمان فأخذنا في أمره فأخذ معه حنوطا و كفنا فقال هلموا فإن عندي ما ينوب عنه فأتيناه بماء و مغسل فلم يزل يغسله بيده حتى فرغ و كفنه و صلينا عليه و دفناه و لحده علي ع بيده فلما فرغ من دفنه و هم بالانصراف تعلقت بثوبه و قلت له يا أمير المؤمنين كيف كان مجيئك و من أعلمك بموت سلمان قال فالتفت ع إلي و قال آخذ عليك يا أصبغ عهد الله و ميثاقه أنك لا تحدث به أحدا ما دمت حيا في دار الدنيا فقلت يا أمير المؤمنين أموت قبلك فقال لا يا أصبغ بل يطول عمرك قلت له يا أمير المؤمنين خذ علي عهدا و ميثاقا فإني لك سامع مطيع إني لا أحدث به حتى يقضي الله من أمرك ما يقضي وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ فقال لي يا أصبغ بهذا عهدني رسول الله فإني قد صليت هذه الساعة بالكوفة و قد خرجت أريد منزلي فلما وصلت إلى منزلي اضطجعت فأتاني آت في منامي و قال يا علي إن سلمان قد قضى نحبه فركبت بغلتي و أخذت معي ما يصلح للموتى فجعلت أسير فقرب الله لي البعيد فجئت كما تراني و بهذا أخبرني رسول الله ص ثم إنه دفنه و واراه فلم أر صعد إلى السماء أم في الأرض نزل فأتى الكوفة و المنادي ينادي لصلاة المغرب فحضر عندهم علي ع

و هذا ما كان من حديث وفاة سلمان الفارسي رضي الله عنه. بيان العرنين بالكسر الأنف كله أو ما صلب من عظمه. أقول وجدت هذا الخبر في بعض مؤلفات أصحابنا و ساقه نحوا مما مر إلى قوله و أوسع لحدي مد البصر و مضى عني و أنا يا سلمان لم أجد عند الله شيئا يحبه الله أعظم من ثلاثة صلاة ليلة شديدة البرد و صوم يوم شديد الحر و صدقة بيمينك لا تعلم بها شمالك إلى آخر ما مر من خبر فوته رضي الله عنه

14-  ضه، ]روضة الواعظين[ روي أن سعد بن أبي وقاص دخل على سلمان الفارسي يعوده فبكى سلمان فقال له سعد ما يبكيك يا با عبد الله توفي رسول الله و هو عنك راض و ترد عليه الحوض فقال سلمان أما إني لا أبكي جزعا من الموت و لا حرصا على الدنيا و لكن رسول الله ص عهد إلينا فقال ليكن بلغة أحدكم كزاد الراكب و حولي هذه الأساود و إنما حوله إجانة و جفنة و مطهرة

 بيان قال في النهاية في حديث سلمان دخل عليه سعد يعوده فجعل يبكي و يقول لا أبكي جزعا من الموت أو حزنا على الدنيا و لكن رسول الله ص عهد إلينا ليكن بلغة أحدكم مثل زاد الراكب و هذه الأساود حولي و ما حوله إلا مطهرة و إجانة و جفنة يريد بالأساود الشخوص من المتاع الذي كان عنده و كل شخص من إنسان أو متاع أو غيره سواد و يجوز أن يريد بالأساود الحيات جمع أسود شبهها بها لاستضراره بمكانها

15-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر ع قال قال سلمان رضي الله عنه إن النفس قد تلتاث على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت

 بيان قال الفيروزآبادي الالتياث الاختلاط و الالتفات و الإبطاء و الحبس

16-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن صفوان بن يحيى عن حنان قال سمعت أبي يروي عن أبي جعفر ع قال كان سلمان جالسا مع نفر من قريش في المسجد فأقبلوا ينتسبون و يرفعون في أنسابهم حتى بلغوا سلمان فقال له عمر بن الخطاب أخبرني من أنت و من أبوك و ما أصلك فقال أنا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني الله جل و عز بمحمد ص و كنت عائلا فأغناني الله بمحمد ص و كنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد ص هذا نسبي و هذا حسبي قال فخرج النبي ص و سلمان يكلمهم فقال له سلمان يا رسول الله ما لقيت من هؤلاء جلست معهم فأخذوا ينتسبون و يرفعون في أنسابهم حتى إذا بلغوا إلي قال عمر بن الخطاب من أنت و ما أصلك و ما حسبك فقال النبي ص فما قلت له يا سلمان قال قلت له أنا سلمان بن عبد الله كنت ضالا فهداني الله عز ذكره بمحمد ص و كنت عائلا فأغناني الله عز ذكره بمحمد ص و كنت مملوكا فأعتقني الله عز ذكره بمحمد ص هذا نسبي و هذا حسبي فقال رسول الله ص يا معشر قريش إن حسب الرجل دينه و مروته خلقه و أصله عقله قال الله عز و جل إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ ثم قال النبي ص لسلمان ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله عز و جل و إن كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل

 ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن الكليني مثله كش، ]رجال الكشي[ حمدويه بن نصير عن محمد بن عيسى عن حنان بن سدير عن أبيه مثله

17-  كش، ]رجال الكشي[ جبرئيل بن أحمد عن الحسن بن خرزاد عن إسماعيل بن مهران عن أبان بن جناح عن الحسن بن حماد بلغ به قال سلمان إذا رأى الجمل الذي يقال له عسكر يضربه فيقال يا أبا عبد الله ما تريد من هذه البهيمة فيقول ما هذا بهيمة و لكن هذا عسكر بن كنعان الجني يا أعرابي لا ينفق جملك هاهنا و لكن اذهب به إلى الحوأب فإنك تعطى به ما تريد

 و بالإسناد عن ابن مهران عن البطائني عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال اشتروا عسكرا بسبعمائة درهم و كان شيطانا

 بيان سيأتي في غزوة الجمل أن عسكرا اسم جمل عائشة التي ركبته يوم الحرب و هذا مما أخبر به سلمان رضي الله عنه قبل وقوعه مما علم من علم المنايا و البلايا

18-  كش، ]رجال الكشي[ علي بن محمد القتيبي عن الفضل بن شاذان عن ابن أبي عمير عن عمر بن يزيد قال قال سلمان قال لي رسول الله ص إذا حضرك أو أخذك الموت حضر أقوام يجدون الريح و لا يأكلون الطعام ثم أخرج صرة من مسك فقال هبة أعطانيها رسول الله ص قال ثم بلها و نضحها حوله ثم قال لامرأته قومي أجيفي الباب فقامت فأجافت الباب فرجعت و قد قبض رضي الله عنه

 ضه، ]روضة الواعظين[ عن ابن يزيد مثله

19-  كش، ]رجال الكشي[ خلف بن حماد الكشي عن الحسن بن طلحة يرفعه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي عبد الله ع قال تزوج سلمان امرأة من كندة فدخل عليها فإذا لها خادمة و على بابها عباءة فقال سلمان إن في بيتكم هذا لمريضا أو قد تحولت الكعبة فيه فقيل إن المرأة أرادت أن تستر على نفسها فيه قال فما هذه الجارية قالوا كان لها شي‏ء فأرادت أن تخدم قال إني سمعت رسول الله ص يقول أيما رجل كانت عنده جارية فلم يأتها أو لم يزوجها من يأتيها ثم فجرت كان عليه وزر مثلها و من أقرض قرضا فكأنما تصدق بشطره فإذا أقرضه الثانية كان برأس المال و أداء الحق إلى صاحبه أن يأتيه في بيته أو في رحله فيقول ها خذه

  -20  ختص، ]الإختصاص[ جعفر بن الحسين عن ابن الوليد عن الصفار عن ابن عيسى أو غيره عن بعض أصحابنا عن عباس بن حمزة الشهرزوري رفعه إلى أبي عبد الله ع قال كان سلمان يطبخ قدرا فدخل عليه أبو ذر فانكبت القدر فسقطت على وجهها و لم يذهب منها شي‏ء فردها على الأثافي ثم انكبت الثانية فلم يذهب منها شي‏ء فردها على الأثافي فمر أبو ذر إلى أمير المؤمنين ع مسرعا قد ضاق صدره مما رأى و سلمان يقفو أثره حتى انتهى إلى أمير المؤمنين ع فنظر أمير المؤمنين ع إلى سلمان فقال يا با عبد الله ارفق بصاحبك

21-  مشارق الأنوار، عن زاذان خادم سلمان قال لما جاء أمير المؤمنين ليغسل سلمان وجده قد مات فرفع الشملة عن وجهه فتبسم و هم أن يقعد فقال له أمير المؤمنين ع عد إلى موتك فعاد

22-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ حماد بن عيسى عن حسين بن المختار رفعه إلى سلمان رضي الله عنه أنه قال لو لا السجود لله و مجالسة قوم يتلفظون طيب الكلام كما يتلفظ طيب التمر لتمنيت الموت

23-  أقول قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال أبو وائل ذهبت أنا و صاحب لي إلى سلمان الفارسي فجلسنا عنده فقال لو لا أن رسول الله ص نهى عن التكلف لتكلفت لكم ثم جاء بخبز و ملح ساذج لا أبزار عليه فقال صاحبي لو كان لنا في ملحنا هذا سعتر فبعث سلمان بمطهرته فرهنها على سعتر فلما أكلنا قال صاحبي الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا فقال سلمان لو قنعت بما رزقك لم تكن مطهرتي مرهونة

24-  كش، ]رجال الكشي[ حمدويه و إبراهيم ابنا نصير عن أيوب بن نوح عن صفوان بن يحيى عن عاصم بن حميد عن إبراهيم بن أبي يحيى عن أبي عبد الله ع قال الميثب هو الذي كاتب عليه سلمان فأفاءه الله على رسوله فهو في صدقتها يعني فاطمة ع

25-  كش، ]رجال الكشي[ نصر بن الصباح عن إسحاق بن محمد البصري عن أحمد بن هلال عن علي بن أسباط عن العلا عن محمد بن حكيم قال ذكر عند أبي جعفر ع سلمان فقال ذاك سلمان المحمدي إن سلمان منا أهل البيت إنه كان يقول للناس هربتم من القرآن إلى الأحاديث وجدتم كتابا دقيقا حوسبتم فيه على النقير و القطمير و الفتيل و حبة خردل فضاق ذلك عليكم و هربتم إلى الأحاديث التي اتسعت عليكم

26-  كش، ]رجال الكشي[ علي بن الحسن عن محمد بن إسماعيل بن مهران عن إسحاق بن إبراهيم الصوان عن يوسف بن يعقوب عن النهاش بن فهم عن عمرو بن عثمان قال دخل سلمان على رجل من إخوانه فوجده في السياق فقال يا ملك الموت ارفق بصاحبنا قال فقال الآخر يا با عبد الله إن ملك الموت يقرأ عليك السلام و هو يقول و عزة هذا علينا ليس إلينا شي‏ء

27-  جا، ]المجالس للمفيد[ ابن قولويه عن محمد الحميري عن أبيه عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله ع قال مر سلمان رضي الله عنه على الحدادين بالكوفة فرأى شابا قد صعق و الناس قد اجتمعوا حوله فقالوا له يا با عبد الله هذا الشاب قد صرع فلو قرأت في أذنه قال فدنا منه سلمان فلما رآه الشاب أفاق و قال يا با عبد الله ليس بي ما يقول هؤلاء القوم و لكني مررت بهؤلاء الحدادين و هم يضربون المرزبات فذكرت قوله تعالى وَ لَهُمْ مَقامِعُ مِنْ حَدِيدٍ فذهب عقلي خوفا من عقاب الله تعالى فاتخذه سلمان أخا و دخل قلبه حلاوة محبته في الله تعالى فلم يزل معه حتى مرض الشاب فجاءه سلمان فجلس عند رأسه و هو يجود بنفسه فقال يا ملك الموت ارفق بأخي قال يا با عبد الله إني بكل مؤمن رفيق

 كش، ]رجال الكشي[ آدم بن محمد القلانسي البلخي عن علي بن الحسين الدقاق عن محمد بن عبد الحميد عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن عمر بن يزيد مثله

28-  كش، ]رجال الكشي[ جعفر بن محمد شيخ من جرجان عامي عن محمد بن حميد الرازي عن علي بن مجاهد عن عمرو بن أبي قيس عن عبد الأعلى عن أبيه عن المسيب بن نجبة الفزاري قال لما أتانا سلمان الفارسي قادما تلقيناه فيمن تلقاه فسار حتى انتهى إلى كربلاء فقال ما تسمون هذه قالوا كربلاء فقال هذه مصارع إخواني هذا موضع رحالهم و هذا مناخ ركابهم و هذا مهراق دمائهم يقتل بها خير الأولين و يقتل بها خير الآخرين ثم سار حتى انتهى إلى حروراء فقال ما تسمون هذه الأرض قالوا حروراء فقال حروراء خرج بها شر الأولين و يخرج بها شر الآخرين ثم سار حتى انتهى إلى بانقيا و بها جسر الكوفة الأول فقال ما تسمون هذه قالوا بانقيا ثم سار حتى انتهى إلى الكوفة فقال هذه الكوفة قالوا نعم قال قبة الإسلام

29-  كش، ]رجال الكشي[ محمد بن مسعود عن الحسين بن إشكيب عن الحسن بن خرزاد عن محمد بن حماد الشاشي عن صالح بن نوح عن زيد بن المعدل عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال خطب سلمان فقال الحمد لله الذي هداني لدينه بعد جحودي له إذ أنا مذكي لنار الكفر أهل لها نصيبا و أتيت لها رزقا حتى ألقى الله عز و جل في قلبي حب تهامة فخرجت جائعا ظمآن قد طردني قومي و أخرجت من مالي و لا حمولة تحملني و لا متاع يجهزني و لا مال يقويني و كان من شأني ما قد كان حتى أتيت محمدا ص فعرفت من العرفان ما كنت أعلمه و رأيت من العلامة ما خبرت بها فأنقذني به من النار فنلت من الدنيا على المعرفة التي دخلت عليها في الإسلام ألا أيها الناس اسمعوا من حديثي ثم اعقلوه عني قد أوتيت العلم كثيرا و لو أخبرتكم بكل ما أعلم لقالت طائفة لمجنون و قالت طائفة أخرى اللهم اغفر لقاتل سلمان ألا إن لكم منايا تتبعها بلايا فإن عند علي ع علم المنايا و علم الوصايا و فصل الخطاب على منهاج هارون بن عمران قال له رسول الله ص أنت وصيي و خليفتي في أهلي بمنزلة هارون من موسى و لكنكم أصبتم سنة الأولين و أخطأتم سبيلكم و الذي نفس سلمان بيده لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ سنة بني إسرائيل القذة بالقذة أما و الله لو وليتموها عليا لأكلتم من فوقكم و من تحت أرجلكم فأبشروا بالبلاء و اقنطوا من الرخاء و نابذتكم على سواء و انقطعت العصمة فيما بيني و بينكم من الولاء أما و الله لو أني أدفع ضيما أو أعز الله دينا لوضعت سيفي على عاتقي ثم لضربت به قدما قدما ألا إني أحدثكم بما تعلمون و بما لا تعلمون فخذوها من سنة التسعين بما فيها ألا إن لبني أمية في بني هاشم نطحات و إن لبني أمية من آل هاشم نطحات ألا و إن بني أمية كالناقة الضروس تعض بفيها و تخبط بيديها و تضرب برجليها و تمنع درها ألا إنه حق على الله أن يذل ناديها و أن يظهر عليها عدوها مع قذف من السماء و خسف و مسخ و شوه الخلق حتى إن الرجل ليخرج من جانب حجلته إلى صلاة فمسخه الله قردا ألا و فئتان تلتقيان بتهامة كلتاهما كافرتان ألا و خسف بكلب و ما أنا و كلب و الله لو لا ما لأريتكم مصارعهم ألا و هو البيداء ثم يجي‏ء ما يقرفون فإذا رأيتم أيها الناس الفتن كقطع الليل المظلم يهلك فيها الراكب الموضع و الخطيب المصقع و الرأس المتبوع فعليكم بآل محمد فإنهم القادة إلى الجنة و الدعاة إليها إلى يوم القيامة و عليكم بعلي فو الله لقد سلمنا عليه بالولاء مع نبينا فما بال القوم أ حسد قد حسد قابيل هابيل أو كفر فقد ارتد قوم موسى عن الأسباط و يوشع و شمعون و ابني هارون شبر و شبير و السبعين الذين اتهموا موسى على قتل هارون فأخذتهم الرجفة من بغيهم ثم بعثهم الله أنبياء مرسلين و غير مرسلين فأمر هذه الأمة كأمر بني إسرائيل فأين يذهب بكم ما أنا و فلان و فلان ويحكم و الله ما أدري أ تجهلون أم تجاهلون أم نسيتم أم تتناسون أنزلوا آل محمد منكم منزلة الرأس من الجسد بل منزلة العين من الرأس و الله لترجعن كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف يشهد الشاهد على الناجي بالهلكة و يشهد الناجي على الكافر بالنجاة ألا إني أظهرت أمري و آمنت بربي و أسلمت بنبيي و اتبعت مولاي و مولى كل مسلم بأبي و أمي قتيل كوفان يا لهف نفسي لأطفال صغار و بأبي صاحب الجفنة و الخوان نكاح النساء الحسن بن علي ألا إن نبي الله نحله البأس و الحياء و نحل الحسين المهابة و الجود يا ويح من أحقره لضعفه و استضعفه

 لقلته و ظلم من بين ولده فكان بلادهم عامر الباقين من آل محمد أيها الناس لا تكل أظفاركم من عدوكم و لا تستغشوا صديقكم يستحوذ الشيطان عليكم و الله لتبتلن ببلاء لا تغيرونه بأيديكم إلا إشارة بحواجبكم ثلاثة خذوها بما فيها و ارجوا رابعها و موافاها بأبي دافع الضيم شقاق بطون الحبالي و حمال الصبيان على الرماح و مغلي الرجال في القدور أما إني سأحدثكم بالنفس الطيبة الزكية و تضريج دمه بين الركن و المقام المذبوح ذبح الكبش يا ويح لسبأ نساء من كوفان الواردون الثوية المستقرون عشية و ميعاد ما بينكم و بين ذلك فتنة شرقية ستسير موجا هاتفا يستغيث من قبل المغرب فلا تغيثوه لا أغاثه الله و ملحمة بين الناس إلى أن تصير ما ذبح على شبيه المقتول بظهر الكوفة و هي كوفان و يوشك أن يبنى جسرها و يبنى جما حتى يأتي زمان لا يبقى مؤمن إلا بها أو بحواليها و فتنة مصبوبة تطأ في خطامها لا ينهاها أحد لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته و أحدثك يا حذيفة أن ابنك مقتول و أن عليا أمير المؤمنين ع فمن كان مؤمنا دخل في ولايته فيصبح على أمر يمسي على مثله لا يدخل فيها إلا مؤمن و لا يخرج منها إلا كافر

 بيان تذكية النار إيقادها أهل لها أي أصيح لأطلب نصيبا أي قوما لعبادة النار و في بعض النسخ أهيل أي كنت من قوام النار أعطي النصيب عبدتها و يأتيني الرزق لها و هو أظهر و في النهاية القذذ ريش السهم واحدتها قذة و منه الحديث لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة أي كما يقذ كل واحدة منهما على قدر صاحبتها و تقطع و قال فيه لفارس نطحة أو نطحتان أي تقاتل المسلمين مرة أو مرتين و في القاموس الضروس الناقة السيئة الخلق تعض حالبها قوله لو لا ما لعله اكتفى ببعض الكلام و لم يذكر العلة لبعض المصالح إن لم يكن سقط من الكلام شي‏ء من بين ولده في أكثر النسخ من بني ولده إشارة إلى الظلم على أولاده المعصومين و قد يطلق الولد على الآباء أيضا و كان في النسخ التي عندنا في تلك الخطبة تصحيفات فأوردناها كما وجدنا. 30-  أقول قال ابن أبي الحديد سلمان رجل من فارس منرامهرمز و قيل بل من أصفهان من قرية يقال لها جي و هو معدود من موالي رسول الله ص و كنيته أبو عبد الله و كان إذا قيل له ابن من أنت يقول أنا سلمان ابن الإسلام أنا من بني آدم و قد روي أنه تداوله بضعة عشر ربا عن واحد إلى آخر حتى أفضى إلى رسول الله ص و روى أبو عمر بن عبد البر في الإستيعاب أن رسول الله صلوات الله عليه و آله اشتراه من أربابه و هم قوم يهود على أن يغرس لهم من النخل كذا و كذا و يعمل فيها حتى يدرك فغرس رسول الله ص ذلك النخل كله بيده إلا نخلة واحدة غرسها عمر بن الخطاب فأطعم النخل كله إلا تلك النخلة فقال رسول الله ص من غرسها فقيل عمر فقلعها و غرسها رسول الله ص بيده فأطعمت قال أبو عمر و كان سلمان يسف الخوص و هو أمير على المدائن و يبيعه و يأكل منه و يقول لا أحب أن آكل إلا من عمل يدي و كان تعلم سف الخوص من المدينة و أول مشاهده الخندق و قد روي أنه شهد بدرا و أحدا و لم يفته بعد ذلك مشهد. قال و كان سلمان خيرا فاضلا حبرا عالما زاهدا متقشفا. و عن الحسن البصري قال كان عطاء سلمان خمسة آلاف و كان إذا خرج عطاؤه تصدق به و يأكل من عمل يده و كانت له عباءة يفرش بعضها و يلبس بعضها. و قد ذكر ابن وهب و ابن نافع أن سلمان لم يكن له بيت إنما كان يستظل بالجدر و الشجر و أن رجلا قال له أ لا أبني لك بيتا تسكن فيه قال لا حاجة لي في ذلك فما زال به الرجل حتى قال له أنا أعرف البيت الذي يوافقك قال فصفه لي قال أبني لك بيتا إذا أنت قمت فيه أصاب رأسك سقفه و إن أنت مددت فيه رجليك أصابهما الجدار قال نعم فبنى له. قال أبو عمر

 و قد روي عن رسول الله ص عن وجوه أنه قال لو كان الدين في الثريا لناله سلمان

قال و قد روينا عن عائشة قالت كان لسلمان مجلس من رسول الله ص ينفرد به بالليل حتى كاد يغلبنا على رسول الله ص.

 قال و روي أن رسول الله ص قال أمرني ربي بحب أربعة و أخبرني أنه يحبهم علي و أبو ذر و المقداد و سلمان

 و عن علي ع أنه قال علم علم الأول و العلم الآخر ذلك بحر لا ينزف هو منا أهل البيت

 و في رواية زاذان عن علي سلمان الفارسي كلقمان الحكيم

و قال فيه كعب الأحبار سلمان حشي علما و حكمة. قال و روي أن أبا سفيان مر على سلمان و صهيب و بلال في نفر من المسلمين فقالوا ما أخذت السيوف من عنق عدو الله مأخذها فقال لهم أبو بكر أ تقولون هذا لشيخ قريش و سيدها و أتى النبي ص فأخبره فقال يا با بكر لعلك أغضبتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت الله فأتاهم أبو بكر فاعتذر منهم. و توفي في آخر خلافة عثمان سنة خمس و ثلاثين و قيل توفي في أول سنة ست و ثلاثين و قال قوم توفي في خلافة عمر و الأول أكثر. أقول ثم ذكر ابن أبي الحديد خبر إسلامه نحوا مما مر ثم قال و كان سلمان من شيعة علي ع و خاصته و يزعم الإمامية أنه أحد الأربعة الذين حلقوا رءوسهم و أتوه متقلدي سيوفهم في خبر يطول و ليس هذا موضع ذكره و أصحابنا لا يخالفونهم في أن سلمان كان من الشيعة و إنما يخالفونهم في أمر أزيد من ذلك و ما يذكره المحدثون من قولهللمسلمين يوم السقيفة كرديد و نكرديد محمول عند أصحابنا على أن المراد صنعتم شيئا و ما صنعتم أي استخلفتم خليفة و نعم ما فعلتم إلا أنكم عدلتم عن أهل البيت فلو كان الخليفة منهم كان أولى و الإمامية تقول أسلمتم و ما أسلمتم انتهى كلامه. و سيأتي جواب شبهته مع سائر أحوال سلمان في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى

31-  الصراط المستقيم، جاء في الأخبار الحسان أن عليا ع مضى في ليلة إلى المدائن لتغسيل سلمان