باب 27- ذكر الحوادث بعد الفتح إلى غزوة حنين

 1-  شا، ]الإرشاد[ ثم اتصل بفتح مكة إنفاذ رسول الله ص خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر و كانوا بالغميصاء يدعوهم إلى الله عز و جل و إنما أنفذه إليهم للترة التي كانت بينه و بينهم و ذلك أنهم كانوا أصابوا في الجاهلية نسوة من بني المغيرة و قتلوا الفاكه بن المغيرة عم خالد بن الوليد و قتلوا عوفا أبا عبد الرحمن بن عوف و أنفذه رسول الله ص لذلك و أنفذ معه عبد الرحمن بن عوف للترة أيضا التي كانت بينه و بينهم و لو لا ذلك لما رأى رسول الله ص خالدا أهلا للإمارة على المسلمين فكان من أمره ما كان و خالف فيه عهد الله و عهد رسوله و عمل فيه على سنة الجاهلية فبرئ رسول الله ص من صنعه و تلافى فارطه بأمير المؤمنين ع. بيان في القاموس الغميصاء موضع أوقع فيه خالد بن الوليد ببني جذيمة

  -2  عم، ]إعلام الورى[ بعد فتح مكة بعث رسول الله ص السرايا فيما حول مكة يدعون إلى الله عز و جل و لم يأمرهم بقتال فبعث غالب بن عبد الله إلى بني مدلج فقالوا لسنا عليك و لسنا معك فقال الناس اغزهم يا رسول الله فقال إن لهم سيدا أديبا أريبا و رب غاز من بني مدلج شهيد في سبيل الله و بعث عمرو بن أمية الضمري إلى بني الديل فدعاهم إلى الله و رسوله فأبوا أشد الإباء فقال الناس اغزهم يا رسول الله فقال أتاكم الآن سيدهم قد أسلم فيقول لهم أسلموا فيقولون نعم و بعث عبد الله بن سهيل بن عمرو إلى بني محارب بن فهر فأسلموا و جاء معه نفر منهم إلى رسول الله ص و بعث خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر و قد كانوا أصابوا في الجاهلية من بني المغيرة نسوة و قتلوا عم خالد فاستقبلوه و عليهم السلاح و قالوا يا خالد إنا لم نأخذ السلاح على الله و على رسوله و نحن مسلمون فانظر فإن كان بعثك رسول الله ص ساعيا فهذه إبلنا و غنمنا فاغد عليها فقال ضعوا السلاح قالوا إنا نخاف منك أن تأخذنا بإحنة الجاهلية و قد أماتها الله و رسوله فانصرف عنهم بمن معه فنزلوا قريبا ثم شن عليهم الخيل فقتل و أسر منهم رجالا ثم قال ليقتل كل رجل منكم أسيره فقتلوا الأسرى و جاء رسولهم إلى رسول الله ص فأخبره بما فعل خالد بهم فرفع ع يده إلى السماء و قال اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد و بكى ثم دعا عليا ع فقال اخرج إليهم و انظر في أمرهم و أعطاه سفطا من ذهب ففعل ما أمره و أرضاهم

 3-  أقول قال ابن الأثير في الكامل، و في هذه السنة يعني سنة ثمان بعد الفتح كانت غزاة خالد بن الوليد بني جذيمة و كان رسول الله ص قد بعث السرايا بعد الفتح فيما حول مكة يدعون الناس إلى الله و لم يأمرهم بقتال و كان ممن بعث خالد بن الوليد بعثه داعيا و لم يبعثه مقاتلا فنزل على الغميصاء ماء من مياه بني جذيمة بن عامر و كانت جذيمة أصابت في الجاهلية عوف بن عبد عوف أبا عبد الرحمن و الفاكه بن المغيرة عم خالد و أخذوا ما معهما فلما نزل خالد ذلك الماء أخذ بنو جذيمة السلاح فقال خالد اخلعوا السلاح فإن الناس قد أسلموا فوضعوا فأمر بهم خالد عند ذلك فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل من قتل منهم فلما انتهى الخبر إلى النبي ص رفع يديه ثم قال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد ثم أرسل عليا ع و معه مال و أمره أن ينظر في أمرهم فودى لهم النساء و الأموال حتى أنه ليدي ميلغة الكلب ففضل معه من المال فضلة فقال لهم علي ع هل بقي لكم مال أو دم لم يؤد قالوا لا قال إني أعطيكم هذه البقية احتياطا لرسول الله ص ففعل ثم رجع إلى رسول الله ص فأخبره فقال أصبت و أحسنت

 4-  ل، ]الخصال[ بإسناده عن عامر بن واثلة قال قال أمير المؤمنين ع يوم الشورى نشدتكم بالله هل علمتم أن رسول الله ع بعث خالد بن الوليد إلى بني خزيمة ففعل ما فعل فصعد رسول الله ص المنبر فقال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ثلاث مرات ثم قال اذهب يا علي فذهبت فوديتهم ثم ناشدتهم بالله هل بقي شي‏ء فقالوا إذ نشدتنا بالله فميلغة كلابنا و عقال بعيرنا فأعطيتهم لهما و بقي معي ذهب كثير فأعطيتهم إياه و قلت هذا لذمة رسول الله ص و لما تعلمون و لما لا تعلمون و لروعات النساء و الصبيان ثم جئت إلى رسول الله ص فأخبرته فقال و الله لا يسرني يا علي أن لي بما صنعت حمر النعم قالوا اللهم نعم

  -5  ل، ]الخصال[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن معروف عن ابن مهزيار عن فضالة عن أبان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر ع قال بعث رسول الله ص خالد بن الوليد إلى حي يقال لهم بنو المصطلق من بني جذيمة و كان بينهم و بينه و بين بني مخزوم إحنة في الجاهلية فلما ورد عليهم كانوا قد أطاعوا رسول الله ص و أخذوا منه كتابا فلما ورد عليهم خالد أمر مناديا فنادى بالصلاة فصلى و صلوا فلما كان صلاة الفجر أمر مناديه فنادى فصلى و صلوا ثم أمر الخيل فشنوا فيهم الغارة فقتل و أصاب فطلبوا كتابهم فوجدوه فأتوا به النبي ص و حدثوه بما صنع خالد بن الوليد فاستقبل ص القبلة ثم قال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد قال ثم قدم على رسول الله ص تبر و متاع فقال لعلي ع يا علي ائت بني جذيمة من بني المصطلق فأرضهم مما صنع خالد ثم رفع ع قدميه فقال ياعلي اجعل قضاء أهل الجاهلية تحت قدميك فأتاهم علي ع فلما انتهى إليهم حكم فيهم بحكم الله فلما رجع إلى النبي ص قال يا علي أخبرني بما صنعت فقال يا رسول الله عمدت فأعطيت لكل دم دية و لكل جنين غرة و لكل مال مالا و فضلت معي فضلة فأعطيتهم لميلغة كلابهم و حبلة رعاتهم و فضلت معي فضلة فأعطيتهم لروعة نسائهم و فزع صبيانهم و فضلت معي فضلة فأعطيتهم لما يعلمون و لما لا يعلمون و فضلت معي فضلة فأعطيتهم ليرضوا عنك يا رسول الله فقال ص يا علي أعطيتهم ليرضوا عني رضي الله عنك يا علي إنما أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي

 بيان قال الجزري في حديث علي ع إن رسول الله ص بعثه ليدي قوما قتلهم خالد بن الوليد فأعطاهم ميلغة الكلب هي الإناء الذي يلغ فيه الكلب يعني أعطاهم قيمة كل ما ذهب لهم حتى قيمة الميلغة انتهى و الحبلة هنا الرسن أو بالتحريك أي الجنين الساقط من دوابهم و مواشيهم و الأول أظهر

  -6  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن القاسم بن زكريا عن محمد بن تسنيم الحضرمي عن عمرو بن معمر عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع عن أبيه جعفر عن أبيه محمد بن علي ع عن جابر بن عبد الله قال بعث النبي ص خالد بن الوليد على صدقات بني المصطلق حي من خزاعة و كان بينه و بينهم في الجاهلية ذحل فأوقع بهم خالد فقتل منهم و استاق أموالهم فبلغ النبي ص ما فعل فقال اللهم أبرأ إليك مما صنع خالد و بعث إليهم علي بن أبي طالب ع بمال و أمره أن يؤدي إليهم ديات رجالهم و ما ذهب لهم من أموالهم و بقيت معه من المال زعبة فقال لهم هل تفقدون شيئا من متاعكم فقالوا ما نفقد شيئا إلا ميلغة كلابنا فدفع إليهم ما بقي من المال فقال هذا لميلغة كلابكم و ما أنسيتم من متاعكم و أقبل إلى النبي ص فقال ما صنعت فأخبره بخبره حتى أتى على حديثه فقال النبي ص أرضيتني رضي الله عنك يا علي أنت هادي أمتي ألا إن السعيد كل السعيد من أحبك و أخذ بطريقتك ألا إن الشقي كل الشقي من خالفك و رغب عن طريقك إلى يوم القيامة

 بيان الذحل العداوة و طلب المكافاة بالجناية و الزعبة بفتح الزاي المعجمة و ضمها القطعة من المال.

 7-  أقول قال الكازروني كان فتح مكة يوم الجمعة لعشر بقين من شهر رمضان فأقام بها خمس عشرة ليلة يصلي ركعتين ثم خرج إلى حنين و قال في حوادث السنة الثامنة و في هذه السنة أسلم عكرمة بن أبي جهل روي عن عبد الله بن الزبير قال لما كان يوم فتح مكة هرب عكرمة بن أبي جهل إلى اليمن و خاف أن يقتله رسول الله ص و كانت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام امرأة لها عقل و كانت قد اتبعت رسول الله ص فجاءت إلى رسول الله ص فقالت إن ابن عمي عكرمة قد هرب منك إلى اليمن و خاف أن تقتله فآمنه قال قد آمنته بأمان الله فمن لقيه فلا يتعرض له فخرجت في طلبه فأدركته في ساحل من سواحل تهامة و قد ركب البحر فجعلت تلوح إليه و تقول يا ابن عم جئتك من عند أوصل الناس و أبر الناس و خير الناس لا تهلك نفسك و قد استأمنت لك فآمنك فقال أنت فعلت ذلك قلت نعم أنا كلمته فآمنك فرجع معها فلما دنا من مكة قال رسول الله ص لأصحابه يأتيكم عكرمة مهاجرا فلا تسبوا أباه فإن سب الميت يؤذي الحي و لا يبلغ قال فقدم عكرمة فانتهى إلى باب رسول الله ص و زوجته معه متنقبة قالت فاستأذنت على رسول الله ص فدخلت فأخبرت رسول الله بقدوم عكرمة فاستبشر و قال أدخليه فقال يا محمد إن هذه أخبرتني أنك آمنتني فقال رسول الله ص صدقت فأنت آمن قال عكرمة فقلت أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنك عبده و رسوله و قلت أنت أبر الناس و أوفى الناس أقول ذلك و إني لمطأطئ الرأس استحياء منه ثم قلت يا رسول الله استغفر لي كل عداوة عاديتكها أو مركب أوضعت فيه أريد به إظهار الشرك فقال رسول الله ص اللهم اغفر لعكرمة كل عداوة عادانيها أو منطق تكلم به أو مركب أوضع فيه يريد أن يصد عن سبيلك فقلت يا رسول الله ص مرني بخير ما تعلم فأعمله قال قل أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله و جاهد في سبيل الله ثم قال عكرمة أما و الله لا أدع نفقة كنت أنفقها في صد عن سبيل الله إلا أنفقت ضعفها في سبيل الله و لا قتالا كنت أقاتل في صد عن سبيل الله إلا أبليت ضعفه في سبيل الله ثم اجتهد في القتال حتى قتل في خلافة أبي بكر. و عن أبي مليكة قال لما كان يوم الفتح ركب عكرمة البحر هاربا فخب بهم البحر فجعل من في السفينة يدعون الله عز و جل و يوحدونه فقال ما هذا قالوا هذا مكان لا ينفع فيه إلا الله عز و جل قال فهذا إله محمد الذي يدعونا إليه فارجعوا بنا فرجع فأسلم و كانت امرأته أسلمت قبله فكانا على نكاحهما. و فيها بعث رسول الله ص خالد بن الوليد إلى العزى لخمس بقين من رمضان ليهدمها فخرج حتى انتهى إليها في ثلاثين فهدمها ثم رجع إلى رسول الله ص فأخبره فقال هل رأيت شيئا قال لا قال فإنك لم تهدمها فرجع متغيظا فجرد سيفه فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس فجعل السادن يصيح بها فضربها خالد فقطعها باثنين و رجع فأخبره النبي ص فقال تلك العزى و قد يئست أن تعبد ببلادكم أبدا و كانت بنخلة و كانت لقريش و جميع بني كنانة و كانت أعظم أصنامهم و سدنتها بنو شيبان و قد اختلف في العزى فقيل إنها شجرة كانت لغطفان يعبدونها و قيل إنها صنم. و فيها بعث رسول الله ص عمرو بن العاص إلى سواع و هو صنم هذيل ليهدمه قال عمرو فانتهيت إليه و عنده السادن فقال ما تريد قلت أمرني رسول الله ص أن أهدمه قال لا تقدر قلت لم قال تمنع قلت ويحك هل يسمع أو يبصر فكسرته و أمرت أصحابي فهدموا بيت خزانته فقلت للسادن كيف رأيت قال أسلمت لله. و فيها بعث سعد بن زيد إلى مناة بالمشلل ليهدمها و كانت للأوس و الخزرج و سنان فخرج في عشرين و ذلك حين فتح مكة فقال السادن ما تريد قال

  هدمها قال أنت و ذاك فأقبل يمشي إليها و خرجت امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل و تضرب صدرها فضربها سعد فقتلها و هدموا الصنم