باب 5- آخر في دلالة الإمامة و ما يفرق به بين دعوى المحق و المبطل و فيه قصة حبابة الوالبية و بعض الغرائب

 1-  ك، ]إكمال الدين[ علي بن أحمد الدقاق عن الكليني عن علي بن محمد عن محمد بن إسماعيل بن موسى عن أحمد بن القاسم العجلي عن أحمد بن يحيى المعروف ببرد عن محمد بن خداهي عن عبد الله بن أيوب عن عبد الله بن هشام عن عبد الكريم بن عمر الجعفي عن حبابة الوالبية قالت رأيت أمير المؤمنين ع في شرطة الخميس و معه درة يضرب بها بياعي الجري و المارماهي و الزمير و الطافي و يقول لهم يا بياعي مسوخ بني إسرائيل و جند بني مروان فقام إليه فرات بن أحنف فقال له يا أمير المؤمنين و ما جند بني مروان فقال له أقوام حلقوا اللحى و فتلوا الشوارب فلم أر ناطقا أحسن نطقا منه ثم اتبعته فلم أزل أقفو أثره حتى قعد في رحبة المسجد فقلت له يا أمير المؤمنين ما دلالة الإمامة رحمك الله فقال ائتني بتلك الحصاة و أشار بيده إلى حصاة فأتيته بها فطبع فيها بخاتمه ثم قال لي يا حبابة إذا ادعى مدع الإمامة فقدر أن يطبع كما رأيت فاعلمي أنه إمام مفترض الطاعة و الإمام لا يعزب عنه شي‏ء أراده قالت ثم انصرفت حتى قبض أمير المؤمنين ع فجئت إلى الحسن ع و هو في مجلس أمير المؤمنين ع و الناس يسألونه فقال لي يا حبابة الوالبية فقلت نعم يا مولاي فقال هات ما معك قالت فأعطيته الحصاة فطبع فيها كما طبع أمير المؤمنين ع قالت ثم أتيت الحسين ع و هو في مسجد الرسول ص فقرب و رحب ثم قال لي إن في الدلالة دليلا على ما تريدين أ فتريدين دلالة الإمامة فقلت نعم يا سيدي فقال هات ما معك فناولته الحصاة فطبع لي فيها قالت ثم أتيت علي بن الحسين ع و قد بلغ بي الكبر إلى أن أعييت فأنا أعد يومئذ مائة و ثلاث عشرة سنة فرأيته راكعا و ساجدا مشغولا بالعبادة فيئست من الدلالة فأومأ إلي بالسبابة فعاد إلي شبابي فقلت يا سيدي كم مضى من الدنيا و كم بقي قال أما ما مضى فنعم و أما ما بقي فلا قالت ثم قال لي هات ما معك فأعطيته الحصاة فطبع لي فيها ثم لقيت أبا جعفر ع فطبع لي فيها ثم أتيت أبا عبد الله ع فطبع لي فيها ثم أتيت أبا الحسن موسى بن جعفر ع فطبع لي فيها ثم أتيت الرضا ع فطبع لي فيها ثم عاشت حبابة بعد ذلك تسعة أشهر على ما ذكره عبد الله بن همام

 بيان الجري و المارماهي و الزمير أنواع من السمك لا فلوس لها و الطافي الذي مات في الماء و طفا فوقه و رحبة المكان بالفتح و التحريك ساحته و متسعه قولها و رحب أي قال لها مرحبا أو وسع لها المكان لتجلس و الرحب السعة و قولهم مرحبا أي لقيت رحبا و سعة قوله ع إن في الدلالة لعل المعنى أن ما رأيت من الدلالة من أبي و أخي تكفي لعلمك بإمامتي لنصهم علي أو أن فيما جعله الله دليلا على إمامتي من المعجزات و البراهين ما يوجب علمك بإمامتي أو أن في دلالتي إياك على ما في ضميرك دلالة على الإمامة حيث أقول إنك تريدين دلالة الإمامة و يمكن أن يقرأ في بالتشديد ليكون خبر أن و الدلالة اسمها و دليلا بدله و على ما تريدين صفته كقوله تعالى بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ قوله ع أما ما مضى فنعم أي لنا علم به و أما ما بقي فليس لنا به علم أو أما ما مضى فنبينه لك فعلى الثاني فسره ع لها و لم تنقل و على الأول يحتمل البيان و عدمه للمصلحة أقول على ما في الخبر لا بد أن يكون عمرها مائتين و خمسا و ثلاثين سنة أو أكثر على ما تقتضيه تواريخ وفاة الأئمة ع و مدة أعمارهم إن كان مجيئها إلى علي بن الحسين في أوائل إمامته كما هو الظاهر و لو فرضنا كونه في آخر عمره ع و مجيئها إلى الرضا ع في أول إمامته فلا بد أن يكون عمرها أزيد من مائتي سنة و الله يعلم

 2-  ك، ]إكمال الدين[ ابن عصام عن الكليني عن علي بن محمد عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر قال حدثني أبي عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي ع أن حبابة الوالبية دعا لها علي بن الحسين ع فرد الله عليها شبابها و أشار إليها بإصبعه فحاضت لوقتها و لها يومئذ مائة سنة و ثلاث عشرة سنة

  -3  عم، ]إعلام الورى[ ذكر أحمد بن محمد بن عياش في كتابه عن أحمد بن محمد العطار و محمد بن أحمد بن مصقلة عن سعد عن داود بن القاسم قال كنت عند أبي محمد ع فاستوذن لرجل من أهل اليمن فدخل عليه رجل جميل طويل جسيم فسلم عليه بالولاية فرد عليه بالقبول و أمره بالجلوس فجلس إلى جنبي فقلت في نفسي ليت شعري من هذا فقال أبو محمد هذا من ولد الأعرابية صاحبة الحصاة التي طبع آبائي فيها بخواتيمهم فانطبعت ثم قال هاتها فأخرج حصاة و في جانب منها موضع أملس فأخذها و أخرج خاتمه فطبع فيها فانطبع و كأني أقرأ الخاتم الساعة الحسن بن علي فقلت لليماني رأيته قط قبل هذا فقال لا و الله و إني منذ دهر لحريص على رؤيته حتى كأن الساعة أتاني شاب لست أراه فقال قم فادخل فدخلت ثم نهض و هو يقول رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ أشهد أن حقك لواجب كوجوب حق أمير المؤمنين ع و الأئمة من بعده صلوات الله عليهم أجمعين و إليك انتهت الحكمة و الإمامة و إنك ولي الله الذي لا عذر لأحد في الجهل به فسألت عن اسمه فقال اسمي مهجع بن الصلت بن عقبة بن سمعان بن غانم ابن أم غانم و هي الأعرابية اليمانية صاحبة الحصاة التي ختم فيها أمير المؤمنين عليه الصلاة و السلام و قال أبو هاشم الجعفري في ذلك

بدرب الحصى مولى لنا يختم الحصى له الله أصفى بالدليل و أخلصاو أعطاه آيات الإمامة كلها كموسى و فلق البحر و اليد و العصاو ما قمص الله النبيين حجة و معجزة إلا الوصيين قمصافمن كان مرتابا بذاك فقصره من الأمر أن يبلو الدليل و يفحصا

في أبيات قال أبو عبد الله بن عياش هذه أم غانم صاحبة الحصاة غير تلك صاحبة الحصاة و هي أم الندي حبابة بنت جعفر الوالبية الأسدية و هي غير صاحب الحصاة الأولى التي طبع فيها رسول الله ص و أمير المؤمنين ع فإنها أم سليم و كانت وارثة الكتب فهن ثلاث و لكل واحد منهن خبر قد رويته و لم أطل الكتاب بذكره

 غط، ]الغيبة للشيخ الطوسي[ سعد عن أبي هاشم الجعفري مثله إلى قوله التي ختم فيها أمير المؤمنين ع

 كا، ]الكافي[ محمد بن أبي عبد الله و علي بن محمد بن عن إسحاق بن محمد النخعي عن الجعفري مثله إلى قوله صاحبة الصحاة التي طبع فيها أمير المؤمنين ع و السبط إلى وقت أبي الحسن ع

بيان قمصه أي ألبسه قميصا استعير هنا لإعطاء الدليل و المعجزة و يقال قصرك أن تفعل كذا أي جهدك و غايتك و السبط ولد الولد أي أولاد أمير المؤمنين ع و أبو الحسن ع يحتمل الثاني و الثالث فالأول على أن يكون المراد الختم لها و الثاني أعم من أن يكون لها و لأولادها و الثاني أظهر إذ الظاهر مغايرتها لحبابة

 4-  ج، ]الإحتجاج[ عن سعد بن عبد الله الأشعري عن الشيخ الصدوق أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري رحمة الله عليه أنه جاءه بعض أصحابنا يعلمه بأن جعفر بن علي كتب إليه كتابا يعرفه نفسه و يعلمه أنه القيم بعد أخيه و أن عنده من علم الحلال و الحرام ما يحتاج إليه و غير ذلك من العلوم كلها قال أحمد بن إسحاق فلما قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان ع و صيرت كتاب جعفر في درجة فخرج إلي الجواب في ذلك بسم الله الرحمن الرحيم أتاني كتابك أبقاك الله و الكتاب الذي في درجة و أحاطت معرفتي بجميع ما تضمنه على اختلاف ألفاظه و تكرر الخطاء فيه و لو تدبرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ حمدا لا شريك له على إحسانه إلينا و فضله علينا أبى الله عز و جل للحق إلا تماما و للباطل إلا زهوقا و هو شاهد علي بما أذكره و لي عليكم بما أقوله إذا اجتمعنا بيوم لا ريب فيه و سئلنا عما نحن فيه مختلفون و إنه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه و لا عليك و لا على أحد من الخلق جميعا إمامة مفترضة و لا طاعة و لا ذمة و سأبين لكم جملة تكتفون بها إن شاء الله يا هذا يرحمك الله إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا و لا أهملهم سدى بل خلقهم بقدرته و جعل لهم أسماعا و أبصارا و قلوبا و ألبابا ثم بعث إليهم النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ و يأمرونهم بطاعته و ينهونهم عن معصيته و يعرفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم و دينهم و أنزل عليهم كتابا و بعث إليهم ملائكة و باين بينهم و بين من بعثهم إليهم بالفضل الذي لهم عليهم و ما آتاهم من الدلائل الظاهرة و البراهين الباهرة و الآيات الغالبة فمنهم من جعل عليه النار بردا و سلاما و اتخذه خليلا و منهم من كلمه تكليما و جعل عصاه ثعبانا مبينا و منهم من أحيا الموتى بإذن الله و أبرأ الأكمه و الأبرص بإذن الله و منهم من علمه منطق الطير و أوتي من كل شي‏ء ثم بعث محمدا ص رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ و تم به نعمته و ختم به أنبياءه و أرسله إلى الناس كافة و أظهر من صدقه ما ظهر و بين من آياته و علاماته ما بين ثم قبضه ص حميدا فقيدا سعيدا و جعل الأمر من بعده إلى أخيه و ابن عمه و وصيه و وارثه علي بن أبي طالب ع ثم إلى الأوصياء من ولده واحد بعد واحد أحيا بهم دينه و أتم بهم نوره و جعل بينهم و بين إخوتهم و بني عمهم و الأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم فرقا بينا تعرف به الحجة من المحجوج و الإمام من المأموم بأن عصمهم من الذنوب و برأهم من العيوب و طهرهم من الدنس و نزههم من اللبس و جعلهم خزان علمه و مستودع حكمته و موضع سره و أيدهم بالدلائل و لو لا ذلك لكان الناس على سواء و لادعى أمر الله عز و جل كل واحد و لما عرف الحق من الباطل و لا العلم من الجهل و قد ادعى هذا المبطل المدعي على الله الكذب بما ادعاه فلا أدري بأية حالة هي له رجاء أن يتم دعواه أ بفقه في دين الله فو الله ما يعرف حلالا من حرام و لا يفرق بين خطإ و صواب أم بعلم فما يعلم حقا من باطل و لا محكما من متشابه و لا يعرف حد الصلاة و وقتها أم بورع فالله شهد على تركه

 لصلاة الفرض أربعين يوما يزعم ذلك لطلب الشعبدة و لعل خبره تأدى إليكم و هاتيك طرق منكرة منصوبة و آثار عصيانه لله عز و جل مشهورة قائمة أم بآية فليأت بها أم بحجة فليقمها أم بدلالة فليذكرها قال الله عز و جل في كتابه العزيز بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ حم تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُسَمًّى وَ الَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ قُلْ أَ رَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَ هُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ وَ إِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَ كانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ فالتمس تولي الله توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك و امتحنه و اسأله عن آية من كتاب الله يفسرها أو صلاة يبين حدودها و ما يجب فيهما لتعلم حاله و مقداره و يظهر لك عواره و نقصانه و الله حسيبه حفظ الله الحق على أهله و أقره في مستقره و قد أبى الله عز و جل أن تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن و الحسين ع و إذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق و اضمحل الباطل و انحسر عنكم و إلى الله أرغب في الكفاية و جميل الصنع و الولاية و حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ

 إيضاح السدى بالضم و قد يفتح المهملة من الإبل و أسداه أهمله و لبست الأمر لبسا كضرب خلطته و اللبس بالضم الإشكال و الاشتباه أي نزههم من أن يلتبس عليهم الأمر أو أمرهم على الناس أو من أن يلبسوا الأمور على الناس و العوار مثلثة العيب و انحسر أي انكشف الباطل

 5-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ عبد الله بن كثير في خبر طويل إن رجلا دخل المدينة يسأل عن الإمام فدلوه على عبد الله بن الحسن فسأله هنيئة ثم خرج فدلوه على جعفر بن محمد صلوات الله عليه فقصده فلما نظر إليه جعفر ع قال يا هذا إنك كنت مغرى فدخلت مدينتنا هذه تسأل عن الإمام فاستقبلك فتية من ولد الحسن ع فأرشدوك إلى عبد الله بن الحسن فسألته هنيئة ثم خرجت فإن شئت أخبرتك عما سألته و ما رد عليك ثم استقبلك فتية من ولد الحسين فقالوا لك يا هذا إن رأيت أن تلقى جعفر بن محمد فافعل فقال صدقت قد كان ما كما ذكرت فقال له ارجع إلى عبد الله بن الحسن فاسأله عن درع رسول الله ص و عمامته فذهب الرجل فسأله عن درع رسول الله ص و العمامة فأخذ درعا من كندوج له فلبسها فإذا هي سابغة فقال كذا كان رسول الله ص يلبس الدرع فرجع إلى الصادق ع فأخبره فقال ع ما صدق ثم أخرج خاتما فضرب به الأرض فإذا الدرع و العمامة ساقطين من جوف الخاتم فلبس أبو عبد الله ع الدرع فإذا هي إلى نصف ساقه ثم تعمم بالعمامة فإذا هي سابغة فنزعهما ثم ردهما في الفص ثم قال هكذا كان رسول الله ص يلبسها إن هذا ليس مما غزل في الأرض إن خزانة الله في كن و إن خزانة الإمام في خاتمه و إن الله عنده الدنيا كسكرجة و إنها عند الإمام كصحفة و لو لم يكن الأمر هكذا لم نكن أئمة و كنا كسائر الناس

 بيان قوله مغرى على بناء المفعول من الإغراء بمعنى التحريص أي أغراك قوم على السائل و الطلب و الكندوج شبه المخزن معرب كندو قوله ع في كن أي في لفظ كن كناية عن تعلق الإرادة الكاملة كما قال تعالى إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. و قال الجزري السكرجة بضم السين و الكاف و التشديد إناء صغير يؤكل فيه الشي‏ء القليل من الإدام و هي فارسية و قال الصحف إناء كالقصعة المبسوطة و نحوها

 6-  كتاب مقتضب الأثر، لأحمد بن محمد بن عياش عن سهل بن محمد الطرطوسي القاضي قال قدم علينا من الشام سنة أربعين و ثلاثمائة عن زيد بن محمد الرهاوي عن عمار بن مطر عن أبي عوانة عن خالد بن علقمة عن عبيدة بن عمرو السلماني عن عبد الله بن خباب بن الأرت عن سلمان الفارسي و البراء بن عازب قالا قالت أم سليم قال و من طريق أصحابنا حدثني علي بن حبشي بن قوني عن جعفر بن محمد الفزاري عن الحسين المنقري عن الحسن بن محبوب عن الثمالي عن زر بن حبيش عن عبد الله بن خباب عن سلمان و البراء قالا قالت أم سليم كنت امرأة قد قرأت التوراة و الإنجيل فعرفت أوصياء الأنبياء و أحببت أن أعلم وصي محمد ص فلما قدمت ركابنا المدينة أتيت رسول الله ص و خلفت الركاب مع الحي فقلت يا رسول الله ما من نبي إلا و كان له خليفتان خليفة يموت قبله و خليفة يبقى بعده و كان خليفة موسى في حياته هارون ع فقبض قبل موسى ثم كان وصيه بعد موته يوشع بن نون و كان وصي عيسى ع في حياته كالب بن يوفنا فتوفي كالب في حياة عيسى و وصيه بعد وفاته شمعون بن حمون الصفا ابن عمة مريم و قد نظرت في الكتب الأولى فما وجدت لك إلا وصيا واحدا في حياتك و بعد وفاتك فبين لي بنفسي أنت يا رسول الله من وصيك فقال رسول الله ص إن لي وصيا واحدا في حياتي و بعد وفاتي قلت له من هو فقال ائتيني بحصاة فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه ثم فركها بيده كسحيق الدقيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ختمها بخاتمه فبدا النقش فيها للناظرين ثم أعطانيها و قال يا أم سليم من استطاع مثل هذا فهو وصيي قالت ثم قال لي يا أم سليم وصيي من يستغني بنفسه في جميع حالاته كما أنا مستغن فنظرت إلى رسول الله ص و قد ضرب بيده اليمنى إلى السقف و بيده اليسرى إلى الأرض قائما لا ينحني في حالة واحدة إلى الأرض و لا يرفع نفسه بطرف قدميه قالت فخرجت فرأيت سلمان يكنف عليا و يلوذ بعقوته دون من سواه من أسرة محمد و صحابته على حداثة من سنه فقلت في نفسي هذا سلمان صاحب الكتب الأولى قبلي صاحب الأوصياء و عنده من العلم ما لم يبلغني فيوشك أن يكون صاحبي فأتيت عليا ع فقلت أنت وصي محمد ص قال نعم ما تريدين قلت و ما علامة ذلك فقال ائتيني بحصاة قالت فرفعت إليه حصاة من الأرض فوضعها بين كفيه ثم فركها بيده فجعلها كسحيق الدقيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ثم ختمها فبدا النقش فيها للناظرين ثم مشى نحو بيته فاتبعته لأسأله عن الذي صنع رسول الله ص فالتفت إلي ففعل مثل الذي فعله فقلت من وصيك يا أبا الحسن فقال من يفعل مثل هذا قالت أم سليم فلقيت الحسن بن علي ع فقلت أنت وصي أبيك هذا و أنا أعجب من صغره و سؤالي إياه مع أني كنت عرفت صفتهم الاثني عشر إماما و أبوهم سيدهم و أفضلهم فوجدت ذلك في الكتب الأولى فقال لي نعم أنا وصي أبي فقلت و ما علامة ذلك فقال ائتيني بحصاة قالت فرفعت إليه حصاة فوضعها بين كفيه ثم سحقها كسحيق الدقيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ثم ختمها فبدا النقش فيها ثم دفعها إلي فقلت له فمن وصيك قال من يفعل مثل هذا الذي فعلت ثم مد يده اليمنى حتى جاز سطوح المدينة و هو قائم ثم طأطأ يده اليسرى فضرب بها الأرض من غير أن ينحني أو يتصعد فقلت في نفسي من يرى وصيه فخرجت من عنده فلقيت الحسين ع و كنت عرفت نعته من الكتب السالفة بصفته و تسعة من ولده أوصياء بصفاتهم غير أني أنكرت حليته لصغر سنه فدنوت منه و هو على كسرة رحبة المسجد فقلت له من أنت يا سيدي قال أنا طلبتك يا أم سليم أنا وصي الأوصياء و أنا أبو التسعة الأئمة الهادية و أنا وصي أخي الحسن و أخي وصي أبي علي و علي وصي جدي رسول الله ص فعجبت من قوله فقلت ما علامة ذلك فقال ائتيني بحصاة فرفعت إليه حصاة من الأرض قالت أم سليم فلقد نظرت إليه و قد وضعها بين كفيه فجعلها كهيئة السحيق من الدقيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء فختمها بخاتمه فثبت النقش فيها ثم دفعها إلي و قال لي انظري فيها يا أم سليم فهل ترين فيها شيئا

 قالت أم سليم فنظرت فإذا فيها رسول الله ص و علي و الحسن و الحسين و تسعة أئمة صلوات الله عليهم أوصياء من ولد الحسين ع قد تواطأت أسماؤهم إلا اثنين منهم أحدهما جعفر و الآخر موسى و هكذا قرأت في الإنجيل فعجبت و قلت في نفسي قد أعطاني الله الدلائل و لم يعطها من كان قبلي فقلت يا سيدي أعد علي علامة أخرى قال فتبسم و هو قاعد ثم قام فمد يده اليمنى إلى السماء فو الله لكأنها عمود من نار تخرق الهواء حتى توارى عن عيني و هو قائم لا يعبأ بذلك و لا يتحفز فأسقطت و صعقت فما أفقت إلا و رأيت في يده طاقة من آس يضرب بها منخري فقلت في نفسي ما ذا أقول له بعد هذا و قمت و أنا و الله أجد إلى ساعتي رائحة هذه الطاقة من الآس و هي و الله عندي لم تذو و لم تذبل و لا انتقص من ريحها شي‏ء و أوصيت أهلي أن يضعوها في كفني فقلت يا سيدي من وصيك قال من فعل مثل فعلي قالت فعشت إلى أيام علي بن الحسين ع

 قال زر بن حبيش خاصة دون غيره و حدثني جماعة من التابعين سمعوا هذا الكلام من تمام حديثها منهم مينا مولى عبد الرحمن بن عوف و سعيد بن جبير مولى بني أسد سمعاها تقول هذا

 و حدثني سعيد بن المسيب المخزومي ببعضه عنها قالت فجئت إلى علي بن الحسين ع و هو في منزله قائما يصلي و كان يطول فيها و لا يتحوز فيها و كان يصلي ألف ركعة في اليوم و الليلة فجلست مليا فلم ينصرف من صلاته فأردت القيام فلما هممت به حانت مني التفاتة إلى خاتم في إصبعه عليه فص حبشي فإذا هو مكتوب مكانك يا أم سليم آتيك بما جئت له قالت فأسرع في صلاته فلما سلم قال لي يا أم سليم ايتيني بحصاة من غيره أن أسأله عما جئت له فدفعت إليه حصاة من الأرض فأخذها فجعلها بين كتفيه فجعلها كهيئة الدقيق ثم عجنها فجعلها ياقوتة حمراء ثم ختمها فثبت فيها النقش فنظرت و الله إلى القوم بأعيانهم كما كنت رأيتهم يوم الحسين فقلت له فمن وصيك جعلني الله فداك قال الذي يفعل مثل ما فعلت و لا تدركين من بعدي مثلي قالت أم سليم فأنسيت أن أسأله أن يفعل مثل ما كان قبله من رسول الله و علي و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم فلما خرجت من البيت و مشيت شوطا ناداني يا أم سليم قلت لبيك قال ارجعي فرجعت فإذا هو واقف في صرحة داره وسطا ثم مشى فدخل البيت و هو يتبسم ثم قال اجلسي يا أم سليم فجلست فمد يده اليمنى فانخرقت الدور و الحيطان و سكك المدينة و غابت يده عني ثم قال خذي يا أم سليم فناولني و الله كيسا فيه دنانير و قرط من ذهب و فصوص كانت لي من جزع في حق لي في منزلي فقلت يا سيدي أما الحق فأعرفه و أما ما فيه فلا أدري ما فيه غير أني أجدها ثقيلا قال خذيها و امضي لسبيلك قالت فخرجت من عنده و دخلت منزلي و قصدت نحو الحق فلم أجد الحق في موضعه فإذا الحق حقي قالت فعرفتهم حق معرفتهم بالبصيرة و الهداية فيهم من ذلك اليوم وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

قال ابن عياش سألت أبا بكر محمد بن عمر الجعابي عن هذه أم سليم و قرأت عليه إسناد الحديث للعامة و استحسن طريقها و طريق أصحابنا فيه فما عرفت أبا صالح الطرسوسي القاضي فقال كان ثقة عدلا حافظا و أما أم سليم فهي امرأة من النمر بن قاسط معروفة من النساء اللاتي روين عن رسول الله ص قال و ليست أم سليم الأنصارية أم أنس بن مالك و لا أم سليم الدوسية فإنها لها صحبة و رواية و لا أم سليم الخافضة التي كانت تخفض الجواري على عهد رسول الله ص و لا أم سليم الثقفية و هي بنت مسعود أخت عروة بن مسعود الثقفي فإنها أسلمت و حسن إسلامها و روت الحديث. بيان قال الجوهري العقوة الساحة و ما حول الدار يقال ما يطور بعقوته أحد أي ما يقربها و الكسر بالكسر و الفتح جانب البيت و كسور الأودية معاطفها و شعابها و الحفز الاستعجال و تحوز تلوى و تنحى و لعله كناية عن عدم الفصل بين الصلوات و كثرة التشاغل بها و الشوط الجري مرة إلى غاية كما ذكره الفيروزآبادي الحمد لله الذي وفقني لإتمام النصف الأول من المجلد السابع من كتاب بحار الأنوار و أسأله تعالى التوفيق لإتمام النصف الآخر و أن يجعله خالصا لوجهه الكريم و صلى الله على سيدنا محمد النبي الكريم و على مولانا علي حكيم و آلهما الطيبين الطاهرين