باب 1- افتراق الأمة بعد النبي ص على ثلاث و سبعين فرقة و أنه يجري فيهم ما جرى في غيرهم من الأمم و ارتدادهم عن الدين

 الآيات الأحزاب سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا فاطر فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا الإنشقاق فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ وَ اللَّيْلِ وَ ما وَسَقَ وَ الْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ تفسير سنة الله تعالى طريقته و عادته الجارية المستمرة و هي جارية  في الآخرين كما جرت في الأولين في المصالح المشتركة التي لا تتبدل بتبدل الأزمان و هو المراد هنا لا جميع السنن و الأحكام ليدل على عدم النسخ قوله تعالى وَ ما وَسَقَ أي ما جمعه و ستره من الدواب و غيرها أو طردها إلى أماكنها قوله تعالى اتَّسَقَ أي اجتمع و تم بدرا قوله طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قال أكثر المفسرين أي حالا بعد حال مطابقة لأختها في الشدة أو مراتب من الشدة بعد المراتب و هي الموت و مواطن القيامة و أهوالها أو هي و ما قبلها من الدواهي و سيظهر من أخبارهم ع أنهم فسروها بما ارتكبت هذه الأمة من الضلالة و الارتداد و التفرق مطابقة لما صدر عن الأمم السالفة

1-  ل، ]الخصال[ ابن بندار عن مجاهد بن أعين عن محمد بن الفضل عن ابن لهيعة عن سعيد بن أبي هلال عن أنس بن مالك قال قال رسول الله ص إن بني إسرائيل تفرقت على عيسى ع إحدى و سبعين فرقة فهلك سبعون فرقة و تخلص فرقة و إن أمتي ستفرق على اثنتين و سبعين فرقة فتهلك إحدى و سبعون و تتخلص فرقة قالوا يا رسول الله من تلك الفرقة قال الجماعة الجماعة

 قال الصدوق رحمه الله الجماعة أهل الحق و إن قلوا

 و قد روي عن النبي ص أنه قال المؤمن وحده حجة و المؤمن وحده جماعة

 2-  شي، ]تفسير العياشي[ عن زيد بن أسلم عن أنس بن مالك قال كان رسول الله ص يقول تفرقت أمة موسى ع على إحدى و سبعين ملة سبعون منها في النار و واحدة في الجنة و تفرقت أمة عيسى ع على اثنتين و سبعين فرقة إحدى و سبعون فرقة في النار و واحدة في الجنة و تعلو أمتي على الفرقتين جميعا بملة واحدة في الجنة و ثنتان و سبعون في النار قالوا من هم يا رسول الله قال الجماعات الجماعات

 قال يعقوب بن زيد كان علي بن أبي طالب ع إذا حدث هذا الحديث عن رسول الله ص تلا فيه قرآنا وَ لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَ اتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ  سَيِّئاتِهِمْ إلى قوله ساءَ ما يَعْمَلُونَ و تلا أيضا وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ يعني أمة محمد ص

3-  ل، ]الخصال[ العجلي عن ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبي معاوية عن سليمان بن مهران عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب ع قال سمعت رسول الله ص يقول إن أمة موسى ع افترقت بعده على إحدى و سبعين فرقة فرقة منها ناجية و سبعون في النار و افترقت أمة عيسى ع بعده على اثنتين و سبعين فرقة فرقة منها ناجية و إحدى و سبعون في النار و إن أمتي ستفرق بعدي على ثلاث و سبعين فرقة فرقة منها ناجية و اثنتان و سبعون في النار

4-  مع، ]معاني الأخبار[ محمد بن أحمد التميمي عن محمد بن إدريس الشامي عن إسحاق بن إسرائيل عن عبد الرحمن بن محمد المحاربي عن الإفريقي عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله ص سيأتي على أمتي ما أتى على بني إسرائيل مثل بمثل و إنهم تفرقوا على اثنتين و سبعين ملة و ستفرق أمتي على ثلاث و سبعين ملة تزيد عليهم واحدة كلها في النار غير واحدة قال قيل يا رسول الله و ما تلك الواحدة قال هو ما نحن عليه اليوم أنا و أهل بيتي

5-  ج، ]الإحتجاج[ روي عن أمير المؤمنين ع أنه قال لرأس اليهود على كم افترقتم قال على كذا و كذا فرقة فقال ع كذبت ثم أقبل على الناس فقال و الله لو ثنيت لي الوسادة لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم و بين أهل القرآن بقرآنهم افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة سبعون منها في  النار و واحدة ناجية في الجنة و هي التي اتبعت يوشع بن نون وصي موسى ع و افترقت النصارى على اثنتين و سبعين فرقة إحدى و سبعون في النار و واحدة في الجنة و هي التي اتبعت شمعون وصي عيسى ع و تفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة اثنتان و سبعون فرقة في النار و واحدة في الجنة و هي التي اتبعت وصي محمد ص و ضرب بيده على صدره ثم قال ثلاث عشرة فرقة من الثلاث و سبعين فرقة كلها تنتحل مودتي و حبي واحدة منها في الجنة و هم النمط الأوسط و اثنتا عشرة في النار

 6-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ بإسناد المجاشعي عن الصادق ع عن آبائه ع مثله أقول وجدت في كتاب سليم بن قيس عن أبان عنه عليه الصلاة و السلام مثله سواء بيان ثني الوسادة كناية عن التمكن في الأمر لأن الناس يثنون الوسائد للأمراء و السلاطين ليجلسوا عليها و قد مر مرارا. و النمط بالتحريك ضرب من البسط معروف و الطريقة و النوع من الشي‏ء و جماعة أمرهم واحد و في بعض المعاني لا بد من استعارة أو تقدير و أوسط الأنماط في المجالس معد لأشارف أهلها و أوسط كل شي‏ء أعدله و أفضله

7-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي الصهبان البكري قال سمعت علي بن أبي طالب ع و قد دعا رأس الجالوت و أسقف النصارى فقال إني سائلكما عن أمر و أنا أعلم به منكما فلا تكتماني يا رأس الجالوت بالذي أنزل التوراة على موسى ع و أطعمكم المن و السلوى و ضرب لكم في البحر طريقا يبسا و فجر لكم من الحجر الطوري اثنتي عشرة عينا لكل سبط من بني إسرائيل عينا إلا ما أخبرتني على كم افترقت بنو إسرائيل بعد موسى فقال و لا إلا فرقة واحدة فقال كذبت و الذي لا إله  غيره لقد افترقت على إحدى و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة فإن الله يقول وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ فهذه التي تنجو

8-  شي، ]تفسير العياشي[ أبو الصهبان البكري قال سمعت أمير المؤمنين ع يقول و الذي نفسي بيده لتفرقن هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا فرقة وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ فهذه التي تنجو من هذه الأمة

9-  شي، ]تفسير العياشي[ عن يعقوب بن يزيد قال قال أمير المؤمنين ع وَ مِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ قال يعني أمة محمد ص

 بيان لعل المعنى أن هذه الآية في أمة محمد ص أو المراد بقوله تعالى يَهْدُونَ أي بعضهم قال الطبرسي رحمه الله تعالى

 روى ابن جريج عن النبي ص أنه قال هي لأمتي بالحق يأخذون و بالحق يعطون و قد أعطي القوم بين أيديكم مثلها وَ مِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ

 و قال الربيع بن أنس قرأ النبي ص هذه الآية فقال إن من أمتي قوما على الحق حتى ينزل عيسى ابن مريم

ثم نقل رواية العياشي ثم قال و روي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أنهما قالا نحن هم

10-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أبو عمرو عن ابن عقدة عن أحمد بن يحيى عن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي معشر عن سعيد عن أبي هريرة عن النبي ص قال تأخذون  كما أخذت الأمم من قبلكم ذراعا بذراع و شبرا بشبر و باعا بباع حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه

 قال قال أبو هريرة و إن شئتم فاقرءوا القرآن كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَ أَكْثَرَ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ قال أبو هريرة و الخلاق الدين فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ حتى فرغ من الآية قالوا يا نبي الله فما صنعت اليهود و النصارى قال و ما الناس إلا هم

 بيان تفسير الخلاق بالدين غريب و المشهور في اللغة و التفسير أنه بمعنى النصيب و لعل المعنى أنهم جعلوا ما أصابهم من الدين وسيلة لتحصيل اللذات الفانية الدنيوية. قال الطبرسي رحمه الله تعالى فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ أي بنصيبهم و حظهم من الدنيا أي صرفوها في شهواتهم المحرمة عليهم و فيما نهاهم الله عنه ثم أهلكوا وَ خُضْتُمْ أي دخلتم في الباطل.

 و قال وردت الرواية عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية ما أشبه الليلة بالبارحة كالذين من قبلكم هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم لا أعلم إلا أنه قال و الذي نفسي بيده لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه.

   و روي مثل ذلك عن أبي هريرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي ص قال لتأخذن كما أخذت الأمم من قبلكم ذراعا بذراع و شبرا بشبر و باعا بباع حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله كما صنعت فارس و الروم و أهل الكتاب قال فهل الناس إلا هم

 و قال عبد الله بن مسعود أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سمتا و هديا تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة غير أني لا أدري أ تعبدون العجل أم لا

و قال حذيفة المنافقون الذين فيكم اليوم شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله ص قلنا و كيف قال أولئك كانوا يخفون نفاقهم و هؤلاء أعلنوه

أورد جميعها الثعلبي في تفسيره

11-  فس، ]تفسير القمي[ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ يقول حالا بعد حال لتركبن سنة من كان قبلكم حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة لا تخطئون طريقهم و لا يخطأ شبر بشبر و ذراع بذراع و باع بباع حتى أن لو كان من قبلكم دخل جحر ضب لدخلتموه قالوا اليهود و النصارى تعني يا رسول الله قال فمن أعني لتنقضن عرى الإسلام عروة عروة فيكون أول ما تنقضون من دينكم الأمانة و آخره الصلاة

 بيان قال في النهاية القذذ ريشة السهم و منه الحديث لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة أي كما يقدر كل واحدة منها على قدر صاحبتها  و تقطع يضرب مثلا للشيئين يستويان و لا يتفاوتان

12-  جا، ]المجالس للمفيد[ محمد بن الحسين الجواني عن المظفر العلوي عن ابن العياشي عن أبيه عن نصير بن أحمد عن علي بن حفص عن خالد القطواني عن يونس بن أرقم عن عبد الحميد بن أبي الخنسا عن زياد بن يزيد عن أبيه عن جده فروة الظفاري قال سمعت سلمان رضي الله عنه يقول قال رسول الله ص تفترق أمتي ثلاث فرق فرقة على الحق لا ينقص الباطل منه شيئا يحبونني و يحبون أهل بيتي مثلهم كمثل الذهب الجيد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلا جودة و فرقة على الباطل لا ينقص الحق منه شيئا يبغضونني و يبغضون أهل بيتي مثلهم مثل الحديد كلما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلا شرا و فرقة مدهدهة على ملة السامري لا يقولون لا مِساسَ لكنهم يقولون لا قتال إمامهم عبد الله بن قيس الأشعري

 بيان دهدهت الحجر أي دحرجته و لعله كناية عن اضطرابهم في الدين و تزلزلهم بشبهات المضلين

13-  فس، ]تفسير القمي[ علي بن الحسين عن البرقي عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن زرارة عن أبي جعفر ع في قوله لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ قال يا زرارة أ و لم تركب هذه الأمة بعد نبيها طبقا عن طبق في أمر فلان و فلان و فلان

14-  مع، ]معاني الأخبار[ أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الحسين بن سيف عن أخيه عن أبيه سيف بن عميرة عن محمد بن مارد عن عبد الأعلى بن أعين قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك حديث يرويه الناس أن رسول الله ص قال حدث عن بني إسرائيل و لا حرج قال نعم قلت فنحدث عن بني إسرائيل بما سمعناه و لا حرج علينا قال أ ما سمعت ما قال كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع  فقلت و كيف هذا قال ما كان في الكتاب أنه كان في بني إسرائيل يحدث أنه كائن في هذه الأمة و لا حرج

15-  ك، ]إكمال الدين[ الدقاق عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن غياث بن إبراهيم عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص كل ما كان في الأمم السالفة فإنه يكون في هذه الأمة مثله حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة

16-  شف، ]كشف اليقين[ من كتاب أحمد بن مردويه عن سليمان بن أحمد عن محمد بن عبد الله الحضرمي عن جندل بن والق عن محمد بن حبيب عن زياد بن المنذر عن عبد الرحمن بن مسعود عن عليم عن سلمان رضي الله عنه و أيضا من كتاب أخطب خوارزم عن محمد بن الحسين البغدادي عن الحسين بن محمد الزينبي عن محمد بن أحمد بن شاذان عن محمد بن محمد بن مرة عن الحسن بن علي العاصمي عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب عن جعفر بن سليمان عن سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباتة عن سلمان قال قال رسول الله ص تفترق أمتي بعدي ثلاث فرق فرقة أهل حق لا يشوبونه بباطل مثلهم كمثل الذهب كلما فتنته بالنار ازداد جودة و طيبا و إمامهم هذا لأحد الثلاثة و هو الذي أمر الله به في كتابه إِماماً وَ رَحْمَةً و فرقة أهل باطل لا يشوبونه بحق مثلهم كمثل خبث الحديد كلما فتنتهم بالنار ازداد خبثا و نتنا و إمامهم هذا لأحد الثلاثة و فرقة أهل ضلالة مذبذبين لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ إمامهم هذا لأحد الثلاثة قال فسألته عن أهل الحق و إمامهم فقال هذا علي بن أبي طالب إمام المتقين و أمسك عن الاثنين فجهدت أن يسميهما فلم يفعل

17-  جا، ]المجالس للمفيد[ المراغي عن محمد بن أحمد بن بهلول عن أحمد بن الحسن  الضرير عن أحمد بن محمد عن أحمد بن يحيى عن إسماعيل بن أبان عن يونس بن أرقم عن أبي هارون العبدي عن أبي عقيل قال كنا عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع فقال لتفرقن هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة و الذي نفسي بيده إن الفرق كلها ضالة إلا من اتبعني و كان من شيعتي

18-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أبو عمرو عن ابن عقدة عن أحمد بن يحيى عن عبد الرحمن عن أبيه عن إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم قال ارتد الأشعث بن قيس و ناس من العرب لما مات نبي الله ص فقالوا نصلي و لا نؤدي الزكاة فأبى عليهم أبو بكر ذلك و قال لا أحل عقدة عقدها رسول الله و لا أنقصكم شيئا مما أخذ منكم نبي الله ص و لأجاهدنكم و لو منعتموني عقالا مما أخذ منكم نبي الله ص لجاهدتكم عليه ثم قرأ وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ حتى فرغ من الآية فتحصن الأشعث بن قيس هو و ناس من قومه في حصن و قال الأشعث اجعلوا لسبعين منا أمانا فجعل لهم و نزل فعد سبعين و لم يدخل نفسه فيهم فقال له أبو بكر إنه لا أمان لك إنا قاتلوك قال أ فلا أدلك على خير من ذلك تستعين بي على عدوك و تزوجني أختك ففعل

 أقول قال السيد بن طاوس ره ذكر العباس بن عبد الرحيم المروزي في تاريخه لم يلبث الإسلام بعد فوت النبي ص في طوائف العرب إلا في أهل المدينة و أهل مكة و أهل الطائف و ارتد سائر الناس ثم قال ارتدت بنو تميم و الرباب  و اجتمعوا على مالك بن نويرة اليربوعي و ارتدت ربيعة كلها و كانت لهم ثلاثة عساكر عسكر باليمامة مع مسيلمة الكذاب و عسكر مع معرور الشيباني و فيه بنو شيبان و عامة بكر بن أوائل و عسكر مع الحطيم العبدي و ارتد أهل اليمن ارتد الأشعث بن قيس في كندة و ارتد أهل مأرب مع الأسود العنسي و ارتدت بنو عامر إلا علقمة بن علاثة

19-  و روى ابن بطريق رحمه الله تعالى من تفسير الثعلبي في قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَ كانُوا شِيَعاً بإسناده عن ذاذان أبي عمر قال قال لي علي ع أبا عمر أ تدري كم افترقت اليهود قلت الله و رسوله أعلم قال افترقت على إحدى و سبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة هي ناجية أ تدري على كم افترقت النصارى قلت الله و رسوله أعلم قال افترقت على اثنتين و سبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة هي الناجية أ تدري على كم تفترق هذه الأمة قلت الله أعلم قال تفترق على ثلاث و سبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة هي الناجية و أنت منهم يا أبا عمر

   -20  يل، ]الفضائل لابن شاذان[ فض، ]كتاب الروضة[ بالإسناد يرفعه إلى سليم بن قيس قال دخلت على علي بن أبي طالب ع في مسجد الكوفة و الناس حوله إذ دخل عليه رأس اليهود و رأس النصارى فسلما و جلسا فقال الجماعة بالله عليك يا مولانا اسألهم حتى ننظر ما يعملون قال ع لرأس اليهود يا أخا اليهود قال لبيك قال على كم انقسمت أمة نبيكم قال هو عندي في كتاب مكنون قال ع قاتل الله قوما أنت زعيمهم يسأل عن أمر دينه فيقول هو عندي فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ ثم التفت إلى رأس النصارى و قال له كم انقسمت أمة نبيكم قال على كذا و كذا فأخطأ فقال ع لو قلت مثل قول صاحبك لكان خيرا لك من أن تقول و تخطئ و لا تعلم ثم أقبل ع عند ذلك و قال أيها الناس أنا أعلم من أهل التوراة بتوراتهم و أعلم من أهل الإنجيل بإنجيلهم و أعلم من أهل القرآن بقرآنهم أنا أعرف كم انقسمت الأمم أخبرني به أخي و حبيبي و قرة عيني رسول الله ص حيث قال افترقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة سبعون فرقة في النار و فرقة واحدة في الجنة و هي التي اتبعت وصيه و افترقت النصارى على اثنتين و سبعين فرقة فإحدى و سبعون فرقة في النار و فرقة واحدة في الجنة و هي التي اتبعت وصيه و ستفرق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة اثنتان و سبعون في النار و واحدة في الجنة و هي التي اتبعت وصيي و ضرب بيده على منكبي ثم قال اثنتان و سبعون فرقة حلت عقد الإله فيك و واحدة في الجنة و هي التي اتخذت محبتك و هم شيعتك

21-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن جميل بن صالح عن أبي خالد الكابلي عن أبي جعفر ع قال ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَ رَجُلًا سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا قال أما  الذي فيه شركاء متشاكسون فلان الأول يجمع المتفرقون ولايته و هم في ذلك يلعن بعضهم بعضا و يبرأ بعضهم من بعض فأما رجل سلم لرجل فإنه الأول حقا و شيعته ثم قال إن اليهود تفرقوا من بعد موسى على إحدى و سبعين فرقة منها فرقة في الجنة و سبعون فرقة في النار و تفرقت النصارى بعد عيسى على اثنتين و سبعين فرقة فرقة منها في الجنة و إحدى و سبعون في النار و تفرقت هذه الأمة بعد نبيها ص على ثلاث و سبعين فرقة اثنتان و سبعون فرقة في النار و فرقة في الجنة و من الثلاث و سبعين فرقة ثلاث عشرة فرقة تنتحل ولايتنا و مودتنا اثنتا عشرة فرقة منها في النار و فرقة في الجنة و ستون فرقة من سائر الناس في النار

22-  أقول وجدت في كتاب سليم بن قيس، عن سلمان أن أمير المؤمنين ع قال سمعت رسول الله ص يقول لتركبن أمتي سنة بني إسرائيل حذو النعل بالنعل و حذو القذة بالقذة شبرا بشبر و ذراعا بذراع و باعا بباع حتى لو دخلوا جحرا لدخلوا فيه معهم إن التوراة و القرآن كتبته يد واحدة في رق واحد بقلم واحد و جرت الأمثال و السنن سواء

 ثم قال أبان قال سليم و سمعت علي بن أبي طالب ع يقول إن الأمة ستفرق على ثلاث و سبعين فرقة اثنتان و سبعون فرقة في النار و فرقة في الجنة و ثلاث عشرة فرقة من الثلاث و سبعين تنتحل محبتنا أهل البيت واحدة منها في الجنة و اثنتا عشرة في النار و أما الفرقة الناجية المهدية المؤمنة المسلمة الموفقة المرشدة فهي المؤتمة بي المسلمة لأمري المطيعة لي المتبرئة من عدوي المحبة لي المبغضة لعدوي التي قد عرفت حقي و إمامتي و فرض طاعتي من كتاب الله و سنة نبيه فلم ترتد و لم تشك لما قد نور الله في قلبها من معرفة حقنا و عرفها من فضلنا و ألهمها و أخذ بنواصيها فأدخلها في شيعتنا حتى اطمأنت  قلوبها و استيقنت يقينا لا يخالطه شك أني أنا و أوصيائي بعدي إلى يوم القيامة هداة مهتدون الذين قرنهم الله بنفسه و نبيه في آي من كتاب الله كثيرة و طهرنا و عصمنا و جعلنا شهداء على خلقه و حجته في أرضه و خزانه على علمه و معادن حكمه و تراجمة وحيه و جعلنا مع القرآن و القرآن معنا لا نفارقه و لا يفارقنا حتى نرد على رسول الله ص حوضه كما قال و تلك الفرقة الواحدة من الثلاث و السبعين فرقة هي الناجية من النار و من جميع الفتن و الضلالات و الشبهات هم من أهل الجنة حقا هم يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ... بِغَيْرِ حِسابٍ و جميع تلك الفرق الاثنتين و السبعين فرقة هم المتدينون بغير الحق الناصرون دين الشيطان الآخذون عن إبليس و أوليائه هم أعداء الله و أعداء رسوله و أعداء المؤمنين يدخلون النار بغير حساب برءوا من الله و من رسوله و أشركوا بالله و كفروا به و عبدوا غير الله من حيث لا يعلمون وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً يقولون يوم القيامة وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ يحلفون لله كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْ‏ءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ قال قيل يا أمير المؤمنين أ رأيت من قد وقف فلم يأتم بكم و لم يضادكم و لم ينصب لكم و لم يتولكم و لم يتبرأ من عدوكم و قال لا أدري و هو صادق قال ليس أولئك من الثلاث و السبعين فرقة إنما عنى رسول الله ص بالثلاث و السبعين فرقة الباغين النصابين الذين قد شهروا أنفسهم و دعوا إلى دينهم ففرقة واحدة منها تدين بدين الرحمن و اثنتان و سبعون تدين بدين الشيطان و تتولى على قبولها و تتبرأ ممن خالفها فأما من وحد الله و آمن برسول الله ص و لم يعرف ولايتنا و لا ضلالة عدونا و لم ينصب شيئا و لم يحل و لم يحرم و أخذ بجميع ما ليس بين المختلفين من الأمة خلاف في أن الله عز و جل أمر به أو نهى عنه و كف عما بين المختلفين من الأمة خلاف في أن الله أمر به أو نهى عنه فلم ينصب شيئا و لم يحلل و لم يحرم و لا يعلم و رد علم ما أشكل عليه إلى الله فهذا ناج و هذه الطبقة بين المؤمنين و بين المشركين هم أعظم الناس و جلهم و هم أصحاب الحساب و الموازين

  و الأعراف و الجهنميون الذين يشفع لهم الأنبياء و الملائكة و المؤمنون و يخرجون من النار فيسمون الجهنميين فأما المؤمنون فينجون و يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ... بِغَيْرِ حِسابٍ و إنما الحساب على أهل هذه الصفات بين المؤمنين و المشركين و المؤلفة قلوبهم و المقترفة و الذين خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً و المستضعفين الذين لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَ لا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا لا يستطيعون حيلة الكفر و الشرك و لا يحسنون أن ينصبوا و لا يهتدون سبيلا إلى أن يكونوا مؤمنين عارفين فهم أصحاب الأعراف و هؤلاء كلهم لله فيهم المشية إن أدخل أحدهم النار فبذنبه و إن تجاوز عنه فبرحمته قلت أ يدخل النار المؤمن العارف الداعي قال لا قلت أ يدخل الجنة من لا يعرف إمامه قال لا إلا أن يشاء الله قلت أ يدخل النار إلا كافر أو مشرك قال لا يدخل النار إلا كافر إلا أن يشاء الله قلت فمن لقي الله مؤمنا عارفا بإمامه مطيعا له أ من أهل الجنة هو قال نعم إذا لقي الله و هو مؤمن قال الله عز و جل الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ قلت فمن لقي الله منهم على الكبائر قال هو في مشيته إن عذبه فبذنبه و إن تجاوز عنه فبرحمته قلت فيدخله النار و هو مؤمن قال نعم بذنبه لأنه ليس من المؤمنين الذين عنى أنه لهم ولي و أنه لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ هم المؤمنون الذين يتقون الله و الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ و الذين لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ

 و عن أبان عن سليم بن قيس قال سمعت أبا ذر و سلمان و المقداد يقولون إنا لقعود عند رسول الله ص ما معنا غيرنا إذا رهط من المهاجرين كلهم بدريون فقال رسول الله ص تفترق أمتي بعدي ثلاث فرق فرقة على الحق مثلهم كمثل الذهب كلما سبكته على النار ازداد طيبا و جودة إمامهم هذا أحد الثلاثة و فرقة أهل باطل مثلهم كمثل الحديد كلما أدخلته النار ازداد خبثا و نتنا إمامهم هذا أحد  الثلاثة و فرقة مذبذبين ضلالا لا إِلى هؤُلاءِ وَ لا إِلى هؤُلاءِ إمامهم هذا أحد الثلاثة فسألتهم عن الثلاثة فقالوا إمام الحق و الهدى علي بن أبي طالب و سعد إمام المذبذبين و حرصت أن يسموا لي الثالث فأبوا علي و عرضوا لي حتى عرفت من يعنون

23-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن ابن العياشي عن أبيه عن محمد بن خالد عن محمد بن معاذ عن زكريا بن عدي عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن حمزة بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال سمعت رسول الله ص يقول على المنبر ما بال أقوام يقولون إن رحم رسول الله ص لا يشفع يوم القيامة بلى و الله إن رحمي لموصولة في الدنيا و الآخرة و إني أيها الناس فرطكم يوم القيامة على الحوض فإذا جئتم قال الرجل يا رسول الله أنا فلان بن فلان فأقول أما النسب فقد عرفته و لكنكم أخذتم بعدي ذات الشمال و ارتددتم على أعقابكم القهقرى

 بيان قال الجزري فيه أنا فرطكم على الحوض أي متقدمكم إليه يقال فرط يفرط فهو فارط و فرط إذا تقدم و سبق القوم ليرتاد لهم الماء و يهيئ لهم الدلاء و الأرشية

24-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أبو عمرو عن ابن عقدة عن أحمد بن يحيى عن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن حمزة بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن النبي ص أنه قال أ تزعمون أن رحم نبي الله لا يشفع قومه يوم  القيامة بلى و الله إن رحمي لموصولة في الدنيا و الآخرة ثم قال يا أيها الناس أنا فرطكم على الحوض فإذا جئت قام رجال يقولون يا نبي الله أنا فلان بن فلان و قال آخر يا نبي الله أنا فلان بن فلان و قال آخر يا نبي الله أنا فلان بن فلان فأقول أما النسب فقد عرفت و لكنكم أحدثتم بعدي و ارتددتم القهقرى

25-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن أحمد بن محمد بن بشار عن مجاهد بن موسى عن عباد بن عباد عن مجالد بن سعيد عن خير بن نوف أبي الوداك قال قلت لأبي سعيد الخدري و الله ما يأتي علينا عام إلا و هو شر من الماضي و لا أمير إلا و هو شر ممن كان قبله فقال أبو سعيد سمعته من رسول الله ص يقول ما تقول و لكن سمعت رسول الله ص يقول لا يزال بكم الأمر حتى يولد في الفتنة و الجور من لا يعرف عددها حتى تملأ الأرض جورا فلا يقدر أحد يقول الله ثم يبعث الله عز و جل رجلا مني و من عترتي فيملأ الأرض عدلا كما ملأها من كان قبله جورا و يخرج له الأرض أفلاذ كبدها و يحثو المال حثوا و لا يعده عدا و ذلك حين يضرب الإسلام بجرانه

 بيان قال في النهاية في أشراط الساعة و تقي‏ء الأرض أفلاذ كبدها أي تخرج كنوزها المدفونة فيها و هو استعارة و الأفلاذ جمع فلذ و الفلذ جمع فلذة و هي القطعة المقطوعة طولا و الحثو رمي التراب و نحوه و هو كناية عن كثرة العطاء و قال في النهاية و منه حتى ضرب الحق بجرانه أي قر قراره و استقام كما أن البعير إذا برك و استراح مد عنقه على الأرض

26-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الحسين بن أحمد البيهقي عن محمد بن يحيى الصولي عن محمد بن موسى بن نصر الرازي عن أبيه قال سئل الرضا ع عن قول النبي ص  أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم و عن قوله ص دعوا لي أصحابي فقال هذا صحيح يريد من لم يغير بعده و لم يبدل قيل و كيف نعلم أنهم قد غيروا و بدلوا قال لما يروونه من أنه ص قال ليذادن رجال من أصحابي يوم القيامة عن حوضي كما تذاد غرائب الإبل عن الماء فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول بعدا لهم و سحقا أ فترى هذا لمن يغير و لم يبدل

 بيان قال في النهاية في الحديث فليذادن رجال عن حوضي أي ليطردن

   -27  شي، ]تفسير العياشي[ عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه قال قلت لأبي جعفر ع إن العامة تزعم أن بيعة أبي بكر حيث اجتمع لها الناس كانت رضا لله و ما كان الله ليفتن أمة محمد من بعده فقال أبو جعفر ع و ما يقرءون كتاب الله أ ليس الله يقول وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ الآية قال فقلت له إنهم يفسرون هذا على وجه آخر قال فقال أ و ليس قد أخبر الله عن الذين من قبلهم من الأمم أنهم اختلفوا من بعد ما جاءتهم البينات حين قال وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ إلى قوله فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ الآية ففي هذا ما يستدل به على أن أصحاب محمد عليه الصلاة و السلام قد اختلفوا من بعده فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ

 بيان الآية هكذا تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَ لكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَ مِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَ لكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ و الاستدلال بها من وجهين الأول شمولها لأمة نبينا ص. و الثاني بانضمام ما تواتر عن النبي ص أن كل ما وقع في الأمم السالفة يقع في هذه الأمة و يحتمل أيضا أن يكون الغرض دفع الاستبعاد عن وقوعه في تلك الأمة كما هو ظاهر الخبر

28-  شي، ]تفسير العياشي[ عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله ع قال تدرون مات النبي ص أو قتل إن الله يقول أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فسم  قبل الموت إنهما سمتاه فقلنا إنهما و أبويهما شر من خلق الله

29-  شي، ]تفسير العياشي[ الحسين بن المنذر قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ القتل أم الموت قال يعني أصحابه الذين فعلوا ما فعلوا

   -30  جا، ]المجالس للمفيد[ الجعابي عن جعفر بن محمد الحسني عن أبي موسى عيسى بن مهران المستعطفي عن عفان بن مسلم عن وهيب عن عبد الله بن عثمان عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت سمعت رسول الله ص يقول إني على الحوض أنظر من يرد علي منكم و ليقطعن برجال دوني فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما عملوا بعدك إنهم ما زالوا يرجعون على أعقابهم القهقرى

31-  جا، ]المجالس للمفيد[ بهذا الإسناد عن عيسى عن أبي معاوية عن الأعمش عن شقيق عن أم سلمة زوج النبي ص قال دخل عليها عبد الرحمن بن عوف فقال يا أمة قد خفت أن يهلكني كثرة مالي أنا أكثر قريش مالا قالت يا بني فأنفق فإني سمعت رسول الله ص يقول من أصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه قال فخرج عبد الرحمن فلقي عمر بن الخطاب فأخبره بالذي قالت أم سلمة فجاء يشتد حتى دخل عليها فقال بالله يا أمة أنا منهم فقالت لا أعلم و لن أبرئ بعدك أحدا

32-  كشف، ]كشف الغمة[ عن كفاية الطالب عن ابن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله ص إنكم محشورون حفاة عراة غرلا ثم قرأ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ألا و إن أول من يكسى إبراهيم ع ألا و إن ناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال فأقول أصيحابي أصيحابي قال  فيقال إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم مذ فارقتهم فأقول كما قال العبد الصالح عيسى ع وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ إلى قوله الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ

 قلت هذا حديث صحيح متفق على صحته من حديث المغيرة بن النعمان رواه البخاري في صحيحه عن محمد بن كثير عن سفيان و رواه مسلم في صحيحه عن محمد بن بشار بن بندار عن محمد بن جعفر غندر عن شعبة و رزقناه بحمد الله عاليا من هذا الطريق هذا آخر كلامه بيان الغرل بضم الغين المعجمة ثم الراء المهملة جمع الأغرل و هو الأغلف

33-  أقول وجدت في كتاب سليم بن قيس أن أمير المؤمنين ع قال قال رسول الله ص ليجيئن قوم من أصحابي من أهل العلية و المكانة مني ليمروا  على الصراط فإذا رأيتهم و رأوني و عرفتهم و عرفوني اختلجوا دوني فأقول أي رب أصحابي أصحابي فيقال ما تدري ما أحدثوا بعدك إنهم ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ حيث فارقتهم فأقول بعدا و سحقا

 بيان قال الجوهري يقال فلان من علية الناس و هو جمع رجل على أي شريف رفيع مثل صبي و صبية و العلية الغرفة و في القاموس علا السطح يعليه عليا و عليا صعده و قال في النهاية الخلج الجذب و النزع و منه الحديث ليردن على الحوض أقوام ثم ليختلجن دوني أي يجتذبون و يقتطعون و قال في حديث الحوض فأقول سحقا سحقا أي بعدا بعدا و مَكانٍ سَحِيقٍ بعيد

34-  مد، ]العمدة[ بإسناده إلى الثعلبي من تفسيره عن عبد الله بن حامد عن أحمد بن محمد بن الحسن عن محمد بن يحيى عن أحمد بن شعيب عن أبيه عن يونس عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله ص قال يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلئون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي أصحابي فيقال إنك لا علم لك بما أحدثوا ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ القهقرى

 بيان قال في النهاية فيه يرد علي يوم القيامة رهط فيحلئون عن الحوض أي يصدون عنه و يمنعون من وروده

35-  يف، ]الطرائف[ مد، ]العمدة[ بإسنادهما إلى صحيحي البخاري و مسلم و الجمع بين  الصحيحين بإسنادهم إلى ابن عباس قال خطب رسول الله ص فقال يا أيها الناس إنكم محشورون إلى الله عراة حفاتا غرلا ثم تلا كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ثم قال ألا و إن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم و إنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول يا رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَ أَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيدٌ فيقال إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم

 قال مسلم و في حديث وكيع و معاذ فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك

36-  مد، ]العمدة[ من الجمع بين الصحيحين من المتفق عليه بين الصحيحين بإسناده عن أبي هريرة عن النبي ص قال و الذي نفسي بيده لأذودن رجالا عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض

 قال و أخرجه البخاري من حديث الزهدي عن سعيد بن المسيب أنه كان يحدث عن بعض أصحاب النبي ص قال يرد علي الحوض يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلئون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي فيقال إنه لا علم لك بما  أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى

 فقال قال البخاري و قال شعيب عن الزهري كان أبو هريرة يحدث عن النبي ص فيجلون و قال عقيل فيحلئون

37-  أقول روى ابن الأثير في كتاب جامع الأصول مما أخرجه من صحيح البخاري و صحيح مسلم عن ابن مسعود قال قال رسول الله ص أنا فرطكم على الحوض و ليرفعن إلي رجال منكم حتى إذا أهويت إليهم لأناولهم اختلجوا دوني فأقول أي رب أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك

 و من الصحيحين أيضا عن أنس أن رسول الله ص قال ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم و رفعوا إلي اختلجوا دوني فلأقولن أي رب أصحابي أصحابي فليقالن لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك

 و زيد في بعض الروايات قوله فأقول سحقا لمن بدل بعدي

 و أيضا من الصحيحين عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال سمعت النبي ص يقول أنا فرطكم على الحوض من ورد شرب و من شرب لم يظمأ أبدا و ليردن علي أقوام أعرفهم و يعرفونني ثم يحال بيني و بينهم قال أبو حازم فسمع النعمان بن أبي عياش و أنا أحدثهم بهذا الحديث فقال هكذا سمعت سهلا يقول فقلت نعم قال و أنا أشهد على أبي سعيد الخدري سمعته يزيد  فيقول فإنهم مني فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقا لمن بدل بعدي

 و أيضا من الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله ص قال يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي أو قال من أمتي فيحلئون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي فيقول لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أعقابهم القهقرى و في رواية فيجلون

 و من البخاري أن رسول الله ص قال بينا أنا قائم على الحوض إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني و بينهم فقال لهم هلم قلت إلى أين قال إلى النار و الله فقلت و ما شأنهم قال إنهم قد ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ القهقرى ثم إذا زمرة أخرى حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني و بينهم فقال لهم هلم فقلت إلى أين قال إلى النار و الله قلت ما شأنهم قال إنهم قد ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم

   و عن مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله ص قال ترد علي أمتي الحوض و أنا أذود الناس كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله قالوا يا نبي الله تعرفنا قال نعم لكم سيماء ليست لأحد غيركم تردون علي غرا محجلين من آثار الوضوء و ليصدن عني طائفة منكم فلا يصلون فأقول يا رب هؤلاء من أصحابي فيجيئني ملك فيقول و هل تدري ما أحدثوا بعدك

 و من صحيح مسلم أيضا عن عائشة قالت سمعت رسول الله ص يقول و هو بين ظهراني أصحابه إني على الحوض أنتظر من يرد علي منكم فليقتطعن دوني رجال فلأقولن أي رب مني و من أمتي فيقول إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ما زالوا يرجعون على أعقابهم

 و من الصحيحين عن أسماء بنت أبي بكر قالت قال رسول الله ص إني على الحوض أنظر من يرد علي منكم و سيؤخذ ناس دوني فأقول يا رب مني و من أمتي و في رواية أخرى فأقول أصحابي فيقال هل شعرت ما عملوا بعدك و الله ما برحوا يرجعون على أعقابهم

 و من صحيح مسلم عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي ص أنه قال  إني لكم فرط على الحوض فإياي لا يأتين أحدكم فيذب عني كما يذب البعير الضال فأقول فيم هذا فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا

 و من البخاري عن ابن المسيب أنه كان يحدث عن أصحاب النبي ص أن النبي قال يردن علي الحوض رجال من أصحابي فيحلئون عنه فأقول يا رب أصحابي فيقول إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ القهقرى

 و من الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص و الذي نفسي بيده لأذودن رجالا عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض

 و منهما عن حذيفة أن رسول الله ص قال إن حوضي لأبعد من أيلة إلى عدن و الذي نفسي بيده لأذودن عنه الرجال كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه

 و روي من سنن أبي داود عن أبي هريرة أن رسول الله ص قال تفرقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة أو اثنتين و سبعين و النصارى مثل ذلك و ستفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة

 و من صحيح الترمذي عن ابن عمرو بن العاص قال قال رسول الله ص  ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى أن كان منهم من أتى أمه علانية ليكونن في أمتي من يصنع ذلك و إن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين و سبعين ملة و ستفترق أمتي على ثلاث و سبعين ملة كلها في النار إلا ملة واحدة قالوا من هي يا رسول الله قال من كان على ما أنا عليه و أصحابي

 و من صحيح الترمذي عن النبي ص أنه قال و الذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم و زاد رزين حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة حتى أن كان فيهم من أتى أمه يكون فيكم فلا أدري أ تعبدون العجل أم لا

 و من الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ص قال لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر و ذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود و النصارى قال فمن

 و من صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله ص قال لا تقوم الساعة  حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون قبلها شبرا بشبر و ذراعا بذراع قيل له يا رسول الله كفارس و الروم قال من الناس إلا أولئك

 و من الترمذي و سنن أبي داود لا تزال طائفة من أمتي على الحق

 انتهى ما أخرجناه من جامع الأصول و روى السيد في الطرائف هذه الأخبار من الجمع بين الصحيحين للحميدي و رواها ابن البطريق في العمدة من صحاحهم و لا حاجة لنا إلى إيرادها لأنا أخرجناها من أصولها. و قال السيد روى الحميدي في الجمع بين الصحيحين من مسند أبي الدرداء في الحديث الأول من صحيح البخاري قالت أم الدرداء. دخل علي أبو الدرداء و هو مغضب فقلت ما أغضبك فقال و الله ما أعرف من أمر محمد ص شيئا إلا أنهم يصلون جميعا. و روي أيضا من صحيح البخاري من مسند أنس بن مالك عن الزهري قال. دخلت على أنس بن مالك بدمشق و هو يبكي فقلت ما يبكيك قال لا أعرف شيئا  مما أدركت إلا هذه الصلاة و هذه الصلاة قد ضيعت. و في حديث آخر منه. ما أعرف شيئا مما كان على عهد رسول الله ص قيل الصلاة قال أ ليس ضيعتم ما ضيعتم فيها.

 و روى الحميدي أيضا من مسند أبي مالك و أبي عامر أن النبي ص قال أول دينكم نبوة و رحمة ثم ملك و رحمة ثم ملك و جبرية ثم ملك عض يستحل فيه الخز و الحرير

 و من المتفق عليه من مسند أبي هريرة عنه ص في أواخر الحديث المذكور إن مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش و هذه الدواب التي تقع في النار تقع فيها و جعل يحجزهن فيغلبن و يقتحمن فيها قال و ذلك مثلي و مثلكم أنا آخذ بحجزتكم هلموا عن النار هلموا عن النار فتغلبونني و تقتحمون فيها

 و من مسند ثوبان قال قال رسول الله ص إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين و إذا وقع عليهم السيف لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة و لا تقوم الساعة حتى يلحق حي من أمتي بالمشركين و حتى تعبد في أمتي الأوثان

  ثم قال السيد هذه بعض أحاديثهم الصحاح مما ذكروه عن صحابة نبيهم و عن أمته و ما يقع منهم من الضلال بعد وفاته و سأذكر فيما بعد طرفا من أحاديثهم  الصحاح المتضمنة لمخالفتهم له و ذمه لهم في حياته. فإذا كان قد شهد على جماعة من أصحابه بالضلال و الهلاك و أنهم ممن كان يحسن ظنه بهم في حياته و لحسن ظنه بهم قال أي رب أصحابي ثم يكون ضلالهم قد بلغ إلى حد لا تقبل شفاعة نبيهم فيهم و يختلجون دونه و تارة يبلغ غضب نبيهم عليهم إلى أن يقول سحقا سحقا و تارة يقال إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم و تارة يشهد عليهم أبو الدرداء و أنس بن مالك و هما من أعيان الصحابة عندهم بأنه ما بقي من شريعة محمد ص إلا الاجتماع في الصلاة ثم يقول أنس و قد ضيعوا الصلاة و تارة يشهد نبيهم أن بعد وفاته يكون دينهم ملكا و رحمة و ملكا و جبرية على عادة الملوك المتغلبين ففيهم الرحيم و المتجبر و تارة يشهد على قوم من أصحابه أنه يشفق عليهم و يأخذ بحجزهم عن النار و ينهاهم مرارا بلسان الحال و المقال فيغلبونه و يسقطون فيها و تارة يخاف على أمته من أئمة مضلين ينزلون عليهم و تارة يشهد باتباع ما أتى به القرون السالفة في الضلال و اختلال الأحوال. ثم قد أدوا عنه بغير خلاف من المسلمين أن أمة موسى افترقت بعده إحدى و سبعين فرقة واحدة ناجية و الباقون في النار و أمة عيسى افترقت اثنتين و سبعين فرقة واحدة ناجية و الباقون في النار و أمته تفترق ثلاثا و سبعين فرقة واحدة ناجية و اثنتان و سبعون في النار و قد تضمن كتابهم وَ مِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ فكيف يجوز لمسلم أن يرد شهادة الله و شهادة رسوله عندهم بضلال  كثير من صحابة نبيهم و هلاك أكثر أمته و اختلال أموره بعد وفاته و هل يرد ذلك من المسلمين إلا من هو شاك في قول الله و قول نبيه أو مكابر للعيان و كيف يلام أو يذم من صدق الله و رسوله في ذم بعض أصحابه و أكثر أمته

   أو اعتقاد ضلال بعضهم و كيف استحسنوا لأنفسهم أن يرووا مثل هذه الأخبار الصحاح ثم ينكروا على الفرقة المعروفة بالرافضة ما أقروا لهم بأعظم منه و كيف يرغب ذو بصيرة في اتباع هؤلاء الأربعة المذاهب. بيان اعلم أن أكثر العامة على أن الصحابة كلهم عدول و قيل هم كغيرهم مطلقا و قيل هم كغيرهم إلى حين ظهور الفتن بين علي ع و معاوية و أما بعدها فلا يقبل الداخلون فيها مطلقا و قالت المعتزلة هم عدول إلا من علم أنه قاتل عليا ع فإنه مردود و ذهبت الإمامية إلى أنهم كسائر الناس من أن فيهم المنافق و الفاسق و الضال بل كان أكثرهم كذلك و لا أظنك ترتاب بعد ملاحظة تلك الأخبار المأثورة من الجانبين المتواترة بالمعنى في صحة هذا القول و سينفعك تذكرها في المطالب المذكورة في الأبواب الآتية إن شاء الله تعالى