باب 3- عقاب من كتم شيئا من فضائلهم أو جلس في مجلس يعابون فيه أو فضل غيرهم عليهم من غير تقية و تجويز ذلك عند التقية و الضرورة

 1-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ اشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ قال الإمام ع قال الله عز و جل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بتوحيد الله و نبوة محمد رسول الله و بإمامة علي ولي الله كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ اشْكُرُوا لِلَّهِ على ما رزقكم منها بالمقام على ولاية محمد و علي ليقيكم الله بذلك شرور الشياطين المردة على ربهما عز و جل فإنكم كلما جددتم على أنفسكم ولاية محمد و علي تجدد على مردة الشياطين لعائن الله و أعاذكم الله من نفخاتهم و نفثاتهم فلما قاله رسول الله ص قيل يا رسول الله و ما نفخاتهم قال هي ما ينفخون به عند الغضب في الإنسان الذي يحملونه على هلاكه في دينه و دنياه و قد ينفخون في غير حال الغضب بما يهلكون به أ تدرون ما أشد ما ينفخون به هو ما ينفخون بإذنه يوهموه أن أحدا من هذه الأمة فاضل علينا أو عدل لنا أهل البيت كلا و الله بل جعل الله تعالى محمدا ص ثم آل محمد فوق جميع هذه الأمة كما جعل الله تعالى السماء فوق الأرض و كما زاد نور الشمس و القمر على السها قال رسول الله ص و أما نفثاته فأن يرى أحدكم أن شيئا بعد القرآن أشفى له من ذكرنا أهل البيت و من الصلوات علينا فإن الله عز و جل جعل ذكرنا أهل البيت شفاء للصدور و جعل الصلوات علينا ماحية للأوزار و الذنوب و مطهرة من العيوب و مضاعفة للحسنات قال الإمام ع قال الله تعالى إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ أي إن كنتم إياه تعبدون فاشكروا نعمه بطاعة من يأمركم بطاعته من محمد و علي و خلفائهما الطيبين ثم قال عز و جل إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ التي ماتت حتف أنفها بلا ذباحة من حيث أذن الله فيها وَ الدَّمَ وَ لَحْمَ الْخِنْزِيرِ أن تأكلوه وَ ما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ما ذكر اسم غير الله عليه من الذبائح و هي التي يتقرب بها الكفار بأسامي أندادهم التي اتخذوها من دون الله ثم قال عز و جل فَمَنِ اضْطُرَّ إلى شي‏ء من هذه المحرمات غَيْرَ باغٍ و هو غير باغ عند الضرورة على إمام هدى وَ لا عادٍ و لا معتد قوال بالباطل في نبوة من ليس بنبي و إمامة من ليس بإمام فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ في تناول هذه الأشياء إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ستار لعيوبكم أيها المؤمنون رحيم بكم حين أباح لكم في الضرورة ما حرمه في الرخاء قال علي بن الحسين ع قال رسول الله ص يا عباد الله اتقوا المحرمات كلها و اعلموا أن غيبتكم لأخيكم المؤمن من شيعة آل محمد أعظم في التحريم من الميتة قال الله تعالى وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ و إن الدم أخف في التحريم عليكم أكله من أن يشي أحدكم بأخيه المؤمن من شيعة آل محمد ص إلى سلطان جائر فإنه حينئذ قد أهلك نفسه و أخاه المؤمن و السلطان الذي وشى به إليه و إن لحم الخنزير أخف تحريما من تعظيمكم من صغره الله و تسميتكم بأسمائنا أهل البيت و تلقبكم بألقابنا من سماه الله بأسماء الفاسقين و لقبه بألقاب الفاجرين و إن ما أهل به لغير الله أخف تحريما عليكم من أن تعتقدوا نكاحا أو صلاة جماعة بأسماء أعدائنا الغاصبين لحقوقنا إذا لم يكن عليكم منهم تقية قال الله عز و جل فَمَنِ اضْطُرَّ إلى شي‏ء من هذه المحرمات غَيْرَ باغٍ وَ لا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ من اضطره اللهو إلى تناول شي‏ء من هذه المحرمات و هو معتقد لطاعة الله تعالى إذا زالت التقية فلا إثم عليه فكذلك فمن اضطر إلى الوقيعة في بعض المؤمنين ليدفع عنه أو عن نفسه بذلك الهلاك من الكافرين الناصبين و من وشى به أخوه المؤمن أو وشى بجماعة المسلمين ليهلكهم فانتصر لنفسه و وشى به وحده بما يعرفه من عيوبه التي لا يكذب فيها و من عظم مهانا في حكم الله أو أوهم الإزراء على عظيم في دين الله بالتقية عليه و على نفسه و من سماهم بالأسماء الشريفة خوفا على نفسه و من تقبل أحكامهم تقية

 فلا إثم عليه في ذلك لأن الله تعالى وسع لهم في التقية و نظر الباقر ع إلى بعض شيعته و قد دخل خلف بعض المنافقين إلى الصلاة و أحس الشيعي بأن الباقر ع قد عرف ذلك منه فقصده و قال أعتذر إليك يا ابن رسول الله من صلاتي خلف فلان فإني أتقيه و لو لا ذلك لصليت وحدي فقال له الباقر ع يا أخي إنما كنت تحتاج أن تعتذر لو تركت يا عبد الله المؤمن ما زالت ملائكة السماوات السبع و الأرضين السبع تصلي عليك و تلعن إمامك ذاك و إن الله تعالى أمر أن تحسب لك صلاتك خلفه للتقية بسبعمائة صلاة لو صليتها وحدك فعليك بالتقية و اعلم أن الله تعالى يمقت المتقي منه فلا ترض لنفسك أن تكون منزلتك عنده كمنزلة أعدائه

 2-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَ الْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ قال الإمام ع قال الله عز و جل في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ المشتمل على ذكر فضل محمد ص على جميع النبيين و فضل علي ع على جميع الوصيين وَ يَشْتَرُونَ بِهِ بالكتمان ثَمَناً قَلِيلًا يكتمونه ليأخذوا عليه عرضا من الدنيا يسيرا و ينالوا به في الدنيا عند جهال عباد الله رئاسة قال الله تعالى أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ يوم القيامة إِلَّا النَّارَ بدلا من إصابتهم اليسير من الدنيا لكتمانهم الحق وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ بكلام خير بل يكلمهم بأن يلعنهم و يخزيهم و يقول بئس العباد أنتم غيرتم ترتيبي و أخرتم من قدمته و قدمتم من أخرته و واليتم من عاديته و عاديتم من واليته وَ لا يُزَكِّيهِمْ من ذنوبهم لأن الذنوب إنما تذوب و تضمحل إذا قرن بها موالاة محمد و علي ع فأما ما يقرن منها بالزوال عن موالاة محمد و آله فتلك ذنوب تتضاعف و أجرام تتزايد و عقوباتها تتعاظم وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ موجع في النار أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى أخذوا الضلالة عوضا عن الهدى و الردى في دار البوار بدلا من السعادة في دار القرار و محل الأبرار وَ الْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ اشتروا العذاب الذي استحقوا بموالاتهم لأعداء الله بدلا من المغفرة التي كانت تكون لهم لو والوا أولياء الله فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ ما أجرأهم على عمل يوجب عليهم عذاب النار ذلِكَ بأنهم يعني ذلك العذاب الذي وجب على هؤلاء بآثامهم و أجرامهم لمخالفتهم لإمامهم و زوالهم عن موالاة سيد خلق الله بعد محمد نبيه أخيه و صفيه بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ نزل الكتاب الذي توعد فيه من خالف المحقين و جانب الصادقين و شرع في طاعة الفاسقين نزل الكتاب بالحق أن ما يوعدون به يصيبهم و لا يخطئهم وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ فلم يؤمنوا به و قال بعضهم إنه سحر و بعضهم إنه شعر و بعضهم إنه كهانة لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ مخالفة بعيدة عن الحق كان الحق في شق و هم في شق غيره يخالفه قال علي بن الحسين ع هذا أحوال من كتم فضائلنا و جحد حقوقنا و تسمى بأسمائنا و تلقب بألقابنا و أعان ظالمنا على غصب حقوقنا و مالأ علينا أعداءنا و التقية عليكم لا تزعجه و المخافة على نفسه و ماله و إخوانه لا تبعثه فاتقوا الله معاشر شيعتنا لا تستعملوا الهوينا و لا تقية عليكم و لا تستعملوا المهاجرة و التقية تمنعكم و سأحدثكم في ذلك بما يردعكم و يعظكم دخل على أمير المؤمنين ع رجلان من أصحابه فوطئ أحدهما على حية فلدغته و وقع على الآخر في طريقه من حائط عقرب فلسعته و سقطا جميعا فكأنهما لما بهما يتضرعان و يبكيان فقيل لأمير المؤمنين ع فقال دعوهما فإنه لم يحن حينهما و لم تتم محنتهما فحملا إلى منزلهما فبقيا عليلين أليمين في عذاب شديد شهرين ثم إن أمير المؤمنين ع بعث إليهما فحملا إليه و الناس يقولون سيموتان على أيدي الحاملين لهما فقال كيف حالكما قالا نحن بألم عظيم و في عذاب شديد قال لهما استغفرا الله من ذنب أداكما إلى هذا و تعوذا بالله ما يحبط أجركما و يعظم وزركما قالا و كيف ذلك يا أمير المؤمنين فقال علي ع ما أصيب واحد منكما إلا بذنبه أما أنت يا فلان و أقبل على أحدهما أ تذكر يوم غمز على سلمان الفارسي فلان و طعن عليه لموالاته لنا فلم يمنعك من الرد و الاستخفاف به خوف على نفسك

 و لا على أهلك و لا على ولدك و مالك أكثر من أن استحييته فلذلك أصابك فإن أردت أن يزيل الله ما بك فاعتقد أن لا ترى مزرئا على ولي لنا تقدر على نصرته بظهر الغيب إلا نصرته إلا أن تخاف على نفسك و أهلك و ولدك و مالك و قال للآخر فأنت أ تدري لما أصابك ما أصابك قال لا قال أ ما تذكر حيث أقبل قنبر خادمي و أنت بحضرة فلان العاتي فقمت إجلالا له لإجلالك لي فقال لك أ و تقوم لهذا بحضرتي فقلت له و ما بالي لا أقوم و ملائكة الله تضع له أجنحتها في طريقه فعليها يمشي فلما قلت هذا له قام إلى قنبر و ضربه و شتمه و آذاه و تهددني و ألزمني الإغضاء على قذى فلهذا سقطت عليك هذه الحية فإن أردت أن يعافيك الله تعالى من هذا فاعتقد أن لا تفعل بنا و لا بأحد من موالينا بحضرة أعدائنا ما يخاف علينا و عليهم منه أما إن رسول الله ص كان مع تفضيله لي لم يكن يقوم لي عن مجلسه إذا حضرته كما كان يفعله ببعض من لا يقيس معشار جزء من مائة ألف جزء من إيجابه لي لأنه علم أن ذلك يحمل بعض أعداء الله على ما يغمه و يغمني و يغم المؤمنين و قد كان يقوم لقوم لا يخاف على نفسه و لا عليهم مثل ما خافه علي لو فعل ذلك بي

 بيان مالأته على الأمر ساعدته و تمالئوا على الأمر اجتمعوا عليه و الهوينا تصغير الهونى تأنيث الأهون و هو الرفق و اللين في أمر الدين و الإغضاء إدناء الجفون و القذى ما يقع في العين و هو كناية عن الصبر على الشدائد