باب 13- باب شهادة عمار رضي الله عنه و ظهور بغي الفئة الباغية بعد ما كان أبين من الشمس الضاحية و شهادة غيره من أتباع الأئمة الهادية

364-  ج، ]الإحتجاج[ روي عن الصادق ع أنه لما قتل عمار بن ياسر رحمة الله عليه ارتعدت فرائص خلق كثير و قالوا قد قال رسول الله ص عمار تقتله الفئة الباغية فدخل عمرو بن العاص على معاوية فقال يا أمير المؤمنين قد هاج الناس و اضطربوا قال لما ذا قال قتل عمار قال فما ذا قال أ ليس قال رسول الله ص تقتله الفئة الباغية فقال له معاوية دحضت في قولك أ نحن قتلناه إنما قتله علي بن أبي طالب لما ألقاه بين رماحنا فاتصل ذلك بعلي بن أبي طالب ع فقال فإذا رسول الله  ص هو الذي قتل حمزة و ألقاه بين رماح المشركين

365-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن موسى عن الأسدي عن النخعي عن إبراهيم بن الحكم عن محمد بن الفضيل عن مسعود الملائي عن حبة العرني قال أبصر عبد الله بن عمرو رجلين يختصمان في رأس عمار رضي الله عنه يقول هذا أنا قتلته و يقول هذا أنا قتلته فقال ابن عمرو يختصمان أيهما يدخل النار أولا ثم قال سمعت رسول الله ص يقول قاتله و سالبه في النار فبلغ ذلك معاوية فقال ما نحن قتلناه و إنما قتله من جاء به قال الصدوق رحمه الله يلزمه على هذا أن يكون النبي ص قاتل حمزة رضي الله عنه و قاتل الشهداء معه لأنه ص هو الذي جاء بهم

366-  لي، ]الأمالي للصدوق[ و بهذا الإسناد عن إبراهيم بن الحكم عن عبيد الله بن موسى عن سعد بن أوس عن بلال بن يحيى العبسي قال لما قتل عثمان  أتوا حذيفة فقالوا يا أبا عبد الله قتل هذا الرجل و قد اختلف الناس فما تقول قال أما إذا أتيتم فأجلسوني قال فأسندوه إلى صدر رجل منهم فقال سمعت رسول الله ص يقول أبو اليقظان على الفطرة ثلاث مرات لن يدعها حتى يموت

367-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن محمد بن الحسن المقري عن الحسن بن علي بن عبد الله عن عيسى بن مهران عن الفضل بن دكين عن موسى بن قيس عن الحسين بن أسباط قال سمعت عمار بن ياسر رحمه الله يقول عند توجهه إلى صفين اللهم لو أعلم أنه أرضى لك أن أرمي بنفسي من فوق هذا الجبل لرميت بها و لو أعلم أنه أرضى لك أن أوقد لنفسي نارا فأوقع فيها لفعلت و إني لا أقاتل الشام إلا و أنا أريد بذلك وجهك و أنا أرجو أن لا تخيبني و أنا  أريد وجهك الكريم

368-  ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن أحمد بن محمد الشحام عن عبد الرحمن بن أبي حاتم عن عمر الأودي عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي البختري قال قال عمار رضي الله عنه يوم صفين ائتوني بشربة لبن فأتي فشرب ثم قال إن رسول الله ص قال إن آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن ثم تقدم فقتل فلما قتل أخذ خزيمة بن ثابت بسيفه فقاتل و قال سمعت رسول الله ص يقول يقتل عمارا الفئة الباغية و قاتله في النار فقال معاوية ما نحن قتلناه إنما قتله من جاء به

369-  يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن أم سلمة قالت كان عمار ينقل اللبن بمسجد رسول الله ص و كان ص يمسح التراب عن صدره و يقول تقتلك الفئة الباغية

 370-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كثر أصحاب الحديث على شريك و طالبوه بأنه يحدثهم بقول النبي ص تقتلك الفئة الباغية فغضب و قال أ تدرون أن لا فخر لعلي أن يقتل معه عمارا إنما الفخر لعمار أن يقتل مع علي ع

371-  كش، ]رجال الكشي[ ابن قتيبة عن الفضل عن محمد بن سنان عن حمران عن أبي جعفر ع قال قلت ما تقول في عمار قال رحم الله عمارا كرر هذا ثلاثا قاتل مع أمير المؤمنين ع و قتل  شهيدا قال قلت في نفسي ما تكون منزلة أعظم من هذه المنزلة فالتفت إلي فقال لعلك تقول مثل الثلاثة هيهات هيهات قال قلت و ما علمه أنه يقتل في ذلك اليوم قال إنه لما رأى الحرب لا يزداد إلا شدة و القتل لا يزداد إلا كثرة ترك الصف و جاء إلى أمير المؤمنين فقال يا أمير المؤمنين هو هو قال ارجع إلى صفك فقال له ذلك ثلاث مرات كل ذلك يقول له ارجع إلى صفك فلما أن كان في الثالثة قال له نعم فرجع إلى صفه و هو يقول

اليوم ألقى الأحبة محمدا و حزبه

 بيان الثلاثة سلمان و أبو ذر و مقداد رضي الله عنهم قوله هو هو أي هذا وقت الوعد الذي وعدت من الشهادة

372-  كش، ]رجال الكشي[ خلف بن محمد بن عن عبيد بن محمود عن هاشم بن القاسم عن شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت قيس بن أبي حازم قال قال عمار بن ياسر ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم

 توضيح أي إني أريد أن أخاصم قاتلي عند الله فلا تسلبوني ثيابي لتكون لي شاهدا و حجة أو هو كناية عن الشهادة بالحق فإنه يلزمه المخاصمة أي إني شهيد حقيقة و حكمه أن يدفن بثيابه

373-  كش، ]رجال الكشي[ خلف عن عبيد بن حميد عن أبي نعيم عن سفيان عن حبيب عن أبي البختري قال أتي عمار يومئذ بلبن فضحك ثم قال قال لي رسول الله ص آخر شراب تشربه من الدنيا مذقة من لبن حتى تموت في خبر آخر أنه قال آخر زادك من الدنيا ضياح من لبن

   توضيح المذقة بالفتح و الضم اللبن الممذوق أي المخلوط بالماء قال في النهاية المذق المزج و الخلط يقال مذقت اللبن فهو مذيق إذا خلطته بالماء و المذقة الشربة من اللبن الممذوق و الضياح بالفتح أيضا اللبن الرقيق الممزوج بالماء

374-  كش، ]رجال الكشي[ خلف عن الفتح بن عمرو الوراق عن يزيد بن هارون عن العوام بن حوشب عن أسود بن مسعدة عن حنظلة بن خويلد قال إني لجالس عند معاوية إذ أتاه رجلان يختصمان في رأس عمار يقول كل واحد منهما أنا قتلته فقال عبد الله بن عمرو ليطب به أحدكم نفسا لصاحبه فإني سمعت رسول الله ص يقول تقتله الفئة الباغية فقال معاوية لا تغني عنا بجنونك يا ابن عمرو فما بالك معنا قال إني معكم و لست أقاتل إن أبي شكاني إلى النبي ص فقال لي رسول الله أطع أباك ما دام حيا و لا تعصه فإني معكم و لست أقاتل

 بيان قال في النهاية يقال أغن عني شرك أي اصرفه و كفه

375-  كشف، ]كشف الغمة[ في هذا الحرب قتل أبو اليقظان عمار بن ياسر رضي الله عنه و قد تظاهرت الروايات أن النبي ص قال عمار بن ياسر جلدة بين عيني تقتله الفئة الباغية

 و في صحيح مسلم عن أم سلمة أن رسول الله ص قال  لعمار يقتلك الفئة الباغية

 قال ابن الأثير و خرج عمار بن ياسر على الناس فقال اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن رضاك في أن أقذف بنفسي في هذا البحر لفعلته اللهم إنك تعلم لو أني أعلم أن رضاك في أن أضع ظبة سيفي في بطني ثم أنحني عليها حتى تخرج من ظهري لفعلت و إني لا أعلم اليوم عملا أرضى لك من جهاد هؤلاء الفاسقين و لو أعلم عملا هو أرضى لك منه لفعلته و الله إني لأرى قوما ليضربنكم ضربا يرتاب منه المبطلون و الله لو ضربونا حتى بلغونا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق و أنهم على الباطل ثم قال من يبتغي رضوان ربه فلا يرجع إلى مال و لا ولد فأتاه عصابة فقال اقصدوا بنا هؤلاء القوم الذين يطلبون بدم عثمان و الله ما أرادوا الطلب بدمه و لكنهم ذاقوا الدنيا و استحقبوها و علموا أن الحق إذا لزمهم حال بينهم و بين ما يتمرغون فيه منها و لم يكن لهم سابقة يستحقون بها طاعة الناس و الولاية عليهم فخدعوا أتباعهم بأن قالوا إمامنا قتل مظلوما ليكونوا بذلك جبابرة و ملوكا فبلغوا ما ترون و لو لا هذه الشبهة ما تبعهم رجلان من الناس اللهم إن تنصرنا فطالما نصرت و أن تجعل لهم الأمر فادخر لهم بما أحدثوا في عبادك العذاب الأليم ثم مضى و معه العصابة فكان لا يمر بواد من أودية صفين إلا تبعه من كان هناك من أصحاب رسول الله ص ثم جاء إلى هاشم بن عتبة بن أبي الوقاص و هو المرقال و كان صاحب راية علي ع فقال يا هاشم أ عورا و جبنا لا خير في أعور لا يغشى  الناس اركب يا هاشم فركب و مضى معه و هو يقول أعور يبغي أهله محلا قد عالج الحياة حتى ملأ و عمار يقول تقدم يا هاشم الجنة تحت ظلال السيوف و الموت تحت أطراف الأسل و قد فتحت أبواب السماء و زينت الحور العين اليوم ألقى الأحبة محمدا و حزبه و تقدم حتى دنا من عمرو بن العاص فقال يا عمرو بعت دينك بمصر تبا لك تبا لك فقال لا و لكن أطلب بدم عثمان قال له هيهات أشهد على علمي فيك أنك لا تطلب بشي‏ء من فعلك وجه الله تعالى و إنك إن لم تقتل اليوم تمت غدا فانظر إذا أعطي الناس على قدر نياتهم ما نيتك لغد فإنك صاحب هذه الراية ثلاثا مع رسول الله ص و هذه الرابعة ما هي بأبر و لا أتقى ثم قاتل عمار و لم يرجع و قتل قال حبة بن جوين العرني قلت لحذيفة بن اليمان حدثنا فإنا نخاف الفتن فقال عليكم بالفئة التي فيها ابن سمية فإن رسول الله ص قال يقتله الفئة الباغية الناكبة عن الطريق و إن آخر رزقه ضياح من لبن قال حبة فشهدته يوم قتل يقول ائتوني بآخر رزق لي من الدنيا فأتي بضياح من لبن في قدح أروح بحلقة حمراء فما أخطأ حذيفة مقياس شعرة فقال اليوم ألقى الأحبة محمدا و حزبه و قال و الله لو ضربونا حتى بلغونا سعفات هجر لعلمت أننا على الحق و أنهم على الباطل ثم قتل رضي الله عنه قيل قتله أبو العادية و اجتز رأسه ابن جوي السكسكي و كان ذو الكلاع سمع عمرو بن العاص يقول قال رسول الله ص لعمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية و آخر شربة تشربها ضياح من لبن

   و نقلت من مناقب الخوارزمي قال شهد خزيمة بن ثابت الأنصاري الجمل و هو لا يسل سيفا و صفين و قال لا أصلي أبدا خلف إمام حتى يقتل عمار فانظر من يقتله فإني سمعت رسول الله ص يقول تقتله الفئة الباغية قال فلما قتل عمار قال خزيمة قد حانت لي الصلاة ثم اقترب فقاتل حتى قتل و كان الذي قتل عمارا أبو عادية المري طعنه برمح فسقط و كان يومئذ يقاتل و هو ابن أربع و تسعين سنة فلما وقع أكب عليه رجل فاجتز رأسه فأقبلا يختصمان كلاهما يقول أنا قتلته فقال عمرو بن العاص و الله إن يختصمان إلا في النار فسمعها معاوية فقال لعمرو و ما رأيت مثل ما صنعت قوم بذلوا أنفسهم دوننا تقول لهما إنكما تختصمان في النار فقال عمرو هو و الله ذلك و إنك لتعلمه و لوددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة

 و بالإسناد عن أبي سعيد الخدري قال كنا نعمر المسجد و كنا نحمل لبنة لبنة و عمار لبنتين لبنتين فرآه النبي ص فجعل ينفض التراب عن رأس عمار و يقول يا عمار ألا تحمل كما يحمل أصحابك قال إني أريد الأجر من الله تعالى قال فجعل ينفض التراب عنه و يقول ويحك تقتلك  الفئة الباغية تدعوهم إلى الجنة و يدعونك إلى النار و قال عمار أعوذ بالرحمن أظنه قال من الفتن

 قال أحمد بن الحسين البيهقي و هذا صحيح على شرط البخاري

 و قال عبد الله بن عمرو بن العاص لأبيه عمرو حين قتل عمار أ قتلتم عمارا و قد قال رسول الله ص ما قال فقال عمرو لمعاوية أ تسمع ما يقول عبد الله فقال إنما قتله من جاء به و سمعه أهل الشام فقالوا إنما قتله من جاء به فبلغت عليا ع فقال إذا يكون النبي ص قاتل حمزة رضي الله عنه لأنه جاء به

 و نقلت عن مسند أحمد بن حنبل عن عبد الله بن الحارث قال إني لأسير مع معاوية في منصرفه من صفين بينه و بين عمرو بن العاص قال فقال عبد الله بن عمرو يا أبة أ ما سمعت رسول الله ص يقول لعمار ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية قال فقال عمرو لمعاوية أ لا تسمع ما يقول هذا فقال معاوية ما يزال يأتينا بهنة أ نحن قتلناه إنما قتله الذين جاءوا به

 و من مسند أحمد أيضا عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال ما زال جدي كافأ سلاحه يوم الجمل حتى قتل عمار بصفين فسل سيفه فقاتل حتى قتل قال سمعت رسول الله ص يقول يقتل عمارا الفئة الباغية

 و من المسند عن علي ع أن عمارا استأذن على النبي ص فقال الطيب المطيب ائذن له

 و من المناقب عن علقمة و الأسود قالا أتينا أبا أيوب الأنصاري فقلنا  يا أبا أيوب إن الله أكرمك بنبيه ص إذ أوحى إلى راحلته فبركت على بابك و كان رسول الله ص ضيفا لك فضيلة فضلك الله بها أخبرنا عن مخرجك مع علي قال فإني أقسم لكما أنه كان رسول الله في هذا البيت الذي أنتما فيه و ليس في البيت غير رسول الله و علي جالس عن يمينه و أنا عن يساره و أنس قائم بين يديه إذ تحرك الباب فقال ع انظر من بالباب فخرج أنس و قال هذا عمار بن ياسر فقال افتح لعمار الطيب المطيب ففتح أنس و دخل عمار فسلم على رسول الله ص فرحب به و قال إنه ستكون بعدي في أمتي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم و حتى يقتل بعضهم بعضا و حتى يبرأ بعضهم من بعض فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني علي بن أبي طالب ع و إن سلك الناس كلهم واديا و سلك علي واديا فاسلك وادي علي و خل عن الناس إن عليا لا يردك عن هدى و لا يدلك على ردي يا عمار طاعة علي طاعتي و طاعتي طاعة الله

 توضيح قوله ع جلدة بين عيني و في بعض الروايات جلدة ما بين عيني و أنفي و على التقديرين كناية عن غاية الاختصاص و شدة الاتصال. و قال في النهاية في حديث عمار لو ضربونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر السعفات جمع سعفة بالتحريك و هي أغصان النخيل و قيل إذا يبست سميت سعفة فإذا كانت رطبة فهي شطبة و إنما خص هجر للمباعدة في المسافة و لأنها موصوفة بكثرة النخل و هجر اسم بلد معروف بالبحرين. و في القاموس احتقبه و استحقبه ادخره و في الصحاح احتقبه و استحقبه بمعنى أي احتمله و منه قيل احتقب فلان الإثم كأنه جمعه و احتقبه من خلفه. و في النهاية العوار بالفتح و قد يضم العيب و قيل إنهم يقولون للردي‏ء من كل شي‏ء من الأمور و الأخلاق أعور و كل عيب و خلل في شي‏ء فهو عورة و الأسل محركة الرماح قوله أظنه أي قال الخدري أظن أن عمارا قال  أعوذ بالرحمن من الفتن. و في النهاية فيه ستكون هنات و هنات أي شرور و فساد يقال في فلان هنات أي خصال شر و لا يقال في الخير و واحدها هنت و قد يجمع على هنوات و قيل واحدها هنة تأنيث هن و هو كناية عن كل اسم جنس

376-  نص، ]كفاية الأثر[ أبو المفضل الشيباني عن محمد بن الحسين بن حفص عن عباد بن يعقوب عن علي بن هاشم عن محمد بن عبد الله عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن أبيه عن جده عمار قال كنت مع رسول الله ص في بعض غزواته و قتل علي ع أصحاب الألوية و فرق جمعهم و قتل عمرو بن عبد الله الجمحي و قتل شيبة بن نافع أتيت رسول الله ص فقلت يا رسول الله إن عليا قد جاهد في الله حق جهاده فقال لأنه مني و أنا منه وارث علمي و قاضي ديني و منجز وعدي و الخليفة بعدي و لولاه لم يعرف المؤمن المحض بعدي حربه حربي و حربي حرب الله و سلمه سلمي و سلمي سلم الله ألا إنه أبو سبطي و الأئمة بعدي من صلبه يخرج الله تعالى الأئمة الراشدين و منهم مهدي هذه الأمة فقلت بأبي أنت و أمي يا رسول الله ما هذا المهدي قال يا عمار إن الله تبارك و تعالى عهد إلي أنه يخرج من صلب الحسين أئمة تسعة و التاسع من ولده يغيب عنهم و ذلك قوله عز و جل قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم و يثبت عليها آخرون فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطا و عدلا و يقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل و هو سميي و أشبه الناس بي يا عمار سيكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع عليا و حزبه فإنه مع الحق و الحق معه  يا عمار إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين الناكثين و القاسطين ثم يقتلك الفئة الباغية قلت يا رسول الله أ ليس ذلك على رضا الله و رضاك قال نعم على رضا الله و رضاي و يكون آخر زادك شربة من لبن تشربه فلما كان يوم صفين خرج عمار بن ياسر إلى أمير المؤمنين ع فقال له يا أخا رسول الله أ تأذن لي في القتال قال مهلا رحمك الله فلما كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه بمثله فأعاده ثالثا فبكى أمير المؤمنين ع فنظر إليه عمار فقال يا أمير المؤمنين إنه اليوم الذي وصف لي رسول الله ص فنزل أمير المؤمنين صلوات الله عليه عن بغلته و عانق عمار و ودعه ثم قال يا أبا اليقظان جزاك الله عن الله و عن نبيك خيرا فنعم الأخ كنت و نعم الصاحب كنت ثم بكى ع و بكى عمار ثم قال و الله يا أمير المؤمنين ما تبعتك إلا ببصيرة فإني سمعت رسول الله ص يقول يوم حنين يا عمار ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فاتبع عليا و حزبه فإنه مع الحق و الحق معه و ستقاتل بعدي الناكثين و القاسطين فجزاك الله يا أمير المؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء فلقد أديت و بلغت و نصحت ثم ركب و ركب أمير المؤمنين ع ثم برز إلى القتال ثم دعا بشربة من ماء فقيل ما معنا ماء فقام إليه رجل من الأنصار فأسقاه شربة من لبن فشربه ثم قال هكذا عهد إلي رسول الله ص أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من اللبن ثم حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفسا فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعنا فقتل رحمه الله فلما كان الليل طاف أمير المؤمنين في القتلى فوجد عمارا ملقى فجعل رأسه على فخذه ثم بكى ع و أنشأ يقول

أيا موت كم هذا التفرق عنوة فلست تبقى لي خليل خليل‏أراك بصيرا بالذين أحبهم كأنك تمضي نحوهم بدليل

   بيان الشعر في الديوان هكذا.

ألا أيها الموت الذي ليس تاركي. أرحني فقد أفنيت كل خليل.أراك مضرا بالذين أحبهم كأنك تنحو نحوهم بدليل.

 و روى الشارح عن ابن أعثم أن عمارا رضي الله عنه لما برز يوم صفين قال أيها الناس هل من رائح إلى الله تطلب الجنة تحت ظلال الأسنة اليوم ألقى الأحبة محمدا و حزبه فطعنه ابن جون في صدره فرجع و قال اسقوني شربة من ماء فأتاه راشد مولاه بلبن فلما رآه كبر و قال هذا ما أخبرني به حبيبي رسول الله ص بأن آخر زادي من الدنيا ضياح من لبن فلما شرب خرج من مكان الجرح و سقط و توفي رضي الله عنه فأتاه علي ع و قال إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ إن امرأ لم يدخل عليه مصيبة من قتل عمار فما هو في الإسلام من شي‏ء ثم صلى عليه و قرأ هاتين البيتين

377-  ختص، ]الإختصاص[ عن محمد بن الحسن عن محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي عن نصر بن أحمد عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن محمد بن إسحاق عن صالح بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف قال حدثني شيخ من أسلم شهد صفين مع القوم قال و الله إن الناس على سكناتهم فما راعنا إلا صوت عمار بن ياسر حين اعتدلت الشمس أو كادت تعتدل و هو يقول أيها الناس من رائح إلى الجنة كالظمآن يرى الماء ما الجنة إلا تحت أطراف العوالي اليوم ألقى الأحبة محمدا و حزبه يا معشر المسلمين أصدقوا الله فيهم فإنهم و الله أبناء الأحزاب دخلوا في هذا الدين كارهين حين أذلتهم حد السيوف و خرجوا منه طائعين حتى أمكنتهم الفرصة  و كان يومئذ ابن تسعين سنة قال فو الله ما كان إلا الإلجام و الإسراج و قال عمار حين نظر إلى راية عمرو بن العاص إن هذه الراية قد قاتلتنا ثلاث عركات و ما هي بأرشدهن ثم حمل و هو يقول

نحن ضربناكم على تنزيله فاليوم نضربكم على تأويله‏ضربا يزيل الهام عن مقيله و يذهل الخليل عن خليله‏أو يرجع الحق إلى سبيله يا رب إني مؤمن بقيله

ثم استسقى عمار و اشتد ظماؤه فأتته امرأة طويلة اليدين ما أدري أ عس معها أم إداوة فيها ضياح من لبن فشربه و قال الجنة تحت الأسنة اليوم ألقى الأحبة محمدا و حزبه و الله لو هزمونا حتى يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق و أنهم على الباطل ثم حمل و حمل عليه ابن جوين السكسكي و أبو العادية الفزاري فأما أبو العادية فطعنه و أما ابن جوين اجتز رأسه لعنهما الله

 إيضاح العالية أعلى الرمح و الجمع العوالي و في الصحاح لقيته عركة بالتسكين أي مرة و لقيته عركات أي مرات

378-  مد، ]العمدة[ من صحيح مسلم بأسانيد عن أبي سعيد الخدري قال  أخبرني من هو خير مني إن رسول الله ص قال لعمار حين جعل يحفر الخندق و جعل يمسح رأسه و يقول أبشر ابن سمية يقتلك فئة باغية

 و بأسانيد أيضا عن أم سلمة أن رسول الله قال لعمار تقتلك الفئة الباغية

 و بسند آخر عنها قالت قال رسول الله ص يقتل عمارا الفئة الباغية

 و من الجمع بين الصحيحين للحميدي الحديث السادس عشر من إفراد البخاري من الصحيح عن عكرمة قال قال لي ابن عباس و لابنه علي انطلقا إلى أبي سعيد الخدري و اسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو في حائط له يصلحه فأخذ رداءه و احتبى ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد فقال كنا نحمل لبنة لبنة و عمار اثنتين اثنتين فرآه النبي ص فجعل ينفض التراب عنه و يقول ويح عمار يدعوهم إلى الجنة و يدعونه إلى النار و كان يقول عمار أعوذ بالله من الفتن

 ثم ذكر الخبر بسند آخر عن عكرمة مثله

 ثم قال قال الحميدي و في هذا الحديث زيادة مشهورة لم يذكرها البخاري أصلا في طريق هذا الحديث و لعلها لم تقع إليه أو وقعت فحذفها لغرض قصده

 و أخرجه أبو بكر البرقاني و أبو بكر الإسماعيلي قبله و في هذا الحديث عندهما أن رسول الله ص قال ويح عمار تقتله الفئة الباغية  و يدعوهم إلى الجنة و يدعونه إلى النار

 قال أبو مسعود الدمشقي في كتابه لم يذكر البخاري هذه الزيادة و هي في حديث عبد الله بن المختار و خالد بن عبد الله الواسطي و يزيد بن زريع و محبوب بن الحسن و شعبة كلهم عن خالد الحذاء و روى إسحاق عن عبد الوهاب هكذا قال و أما حديث عبد الوهاب الذي أخرجه البخاري من دون تلك الزيادة فلم يقع إلينا من غير حديث البخاري هذا آخر معنى ما قاله أبو مسعود أقول قال ابن الأثير في مادة ويح ويس من كتاب النهاية فيه قال لعمار ويح ابن سمية تقتله الفئة الباغية ويح كلمة ترحم و توجع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها و قد يقال بمعنى المدح و التعجب و هي منصوبة على المصدر و قد ترفع و تضاف و لا تضاف يقال ويح زيد و ويحا له و ويح له. ثم قال و فيه قال لعمار ويس ابن سمية و في رواية يا ويس ابن سمية ويس كلمة تقال لمن يرحم و يرفق به مثل ويح و حكمها حكمها

379-  كش، ]رجال الكشي[ جعفر بن معروف عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن حسين بن أبي حمزة عن أبيه عن أبي عبد الله ع قال إن أقواما يزعمون أن عليا صلوات الله عليه لم يكن إماما حتى أشهر سيفه قال خاب إذن عمار و خزيمة بن ثابت و صاحبك أبو عمرة و قد خرج يومئذ صائما بين الفئتين بأسهم فرمى بها قربى يتقرب بها إلى الله حتى قتل يعني عمارا

 بيان لعل المعنى أنهم ما كانوا يعتقدون إمامته ع قبل أن  يشهر سيفه فيكونوا من الخائبين بتلك العقيدة و لعل التخصيص لأنهم كانوا أعرف بهذا الوصف عند السائل من غيرهم و الظاهر أن الزاعمين هم الزيدية المشترطون في الإمامة الخروج بالسيف. قوله ع صائما يمكن أن يكون صائما ابتداء ثم اضطر إلى شرب اللبن أو شربه تصديقا لقول النبي ص. و قال السيد الداماد قدس سره صائما أي قائما واقفا ثابتا للقتال من الصوم بمعنى القيام و الوقوف يقال صام الفرس صوما أي قام على غير اعتلاف و صام النهار صوما إذا قام قائم الظهيرة و اعتدل و الصوم ركود الريح و مصام الفرس و مصامته موقفه و الصوم أيضا الثبات و الدوام و السكون و ما صائم و دائم و قائم و ساكن بمعنى. و الباء في بأسهم للملابسة و المصاحبة أو خرج بين الفئتين و كان صائما بالصيام الشرعي و الباء أيضا للملابسة أو من الصوم بمعنى البيعة أي خرج مبايعا على بذل المهجة في سبيل الله أو خرج بين صفي الفئتين داميا بأسهم من قولهم صام النعام أي رمى بذرقه و هو صومه فالباء للصلة أو الدعامة فقد جاء الصوم بهذه المعاني كلها في الصحاح و أساس البلاغة و المعرب و المغرب و القاموس و النهاية انتهى. أقول قد مضى كثير من أخبار هذا الباب في باب فضائل عمار و في باب مطاعن عثمان

380-  كتاب صفين، لنصر بن مزاحم عن سفيان الثوري و قيس بن  الربيع عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي ع قال جاء عمار بن ياسر يستأذن على النبي ص فقال ائذنوا له مرحبا بالطيب المطيب

 و عن سفيان بن سعيد عن سلمة بن كهيل عن مجاهد عن النبي ص حين رآهم يحملون الحجارة حجارة المسجد فقال ما لهم و لعمار يدعوهم إلى الجنة و يدعونه إلى النار و ذاك دأب الأشقياء الفجار

 و عن سفيان عن الأعمش عن أبي عمار عن عمرو بن شرحبيل عن رجل من أصحاب النبي ص قال لقد ملئ عمار إيمانا إلى مشاشه

 و عن الحسن بن صالح عن أبي ربيعة الأيادي عن الحسن عن أنس عن النبي ص قال إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة علي و عمار و سلمان

 و عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت قال لما بني المسجد جعل عمار يحمل حجرين حجرين فقال له رسول الله ص يا أبا اليقظان لا تشق على نفسك قال يا رسول الله إني أحب أن أعمل في هذا المسجد قال ثم مسح ظهره ثم قال إنك من أهل الجنة تقتلك الفئة الباغية

 و عن حفص بن عمران الأزرق البرجمي عن نافع بن عمر الجمحي عن ابن أبي مليكة قال قال عبد الله بن عمرو بن العاص لأبيه لو لا أن رسول الله ص أمر بطواعيتك ما سرت هذا المسير أ ما سمعت رسول الله ص يقول لعمار تقتلك الفئة الباغية

 و عن حفص بن عمران البرجمي عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال أصيب أويس القرني مع علي بصفين

   و عن عمر بن سعد عن مالك بن أعين عن زيد بن وهب الجهني أن عمار بن ياسر نادى يومئذ أين من يبغي رضوان ربه و لا يؤب إلى مال و لا ولد قال فأتته عصابة من الناس فقال يا أيها الناس اقصدوا بنا نحو هؤلاء القوم الذين يبغون دم عثمان و يزعمون أنه قتل مظلوما و الله إن كان إلا ظالما لنفسه الحاكم بغير ما أنزل الله و دفع علي الراية إلى هاشم بن عتبة و كان عليه درعان فقال له علي ع كهيئة المازح أيا هاشم أ ما تخشى على نفسك أن تكون أعور جبانا قال ستعلم يا أمير المؤمنين و الله لألفن بين جماجم القوم لف رجل ينوي الآخرة فأخذ رمحا فهزه فانكسر ثم أخذ آخر فوجده جاسيا فألقاه ثم دعا برمح لين فشد به لواءه و لما دفع علي ع الراية إلى هاشم قال له رجل من بكر بن وائل من أصحاب هاشم اقدم ما لك يا هاشم قد انتفخ سحرك عورا و جبنا قال من هذا قالوا فلان قال أهلها و خير منها إذا رأيتني صرعت فخذها ثم قال لأصحابه شدوا شسوع نعالكم و شدوا أزركم فإذا رأيتموني قد هززت الراية ثلاثا فاعلموا أن أحدا منكم لا يسبقني إليها ثم نظر هاشم إلى عسكر معاوية فرأى جمعا عظيما فقال من أولئك قالوا أصحاب ذي الكلاع ثم نظر فرأى جندا آخر فقال من أولئك قالوا جند أهل المدينة قريش قال قومي لا حاجة لي في قتالهم قال من عند هذه القبة البيضاء قيل معاوية و جنده فحمل حينئذ يرقل إرقالا

 و عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبي ثابت قال لما كان قتال صفين و الراية مع هاشم بن عتبة جعل عمار بن ياسر يتناوله بالرمح و يقول اقدم يا أعور لا خير في أعور لا يأتي الفزع قال فجعل يستحيي من عمار و كان عالما بالحرب فيتقدم فيركز الراية إذا  سامت إليه الصفوف قال عمار اقدم يا أعور لا خير في أعور لا يأتي الفزع فجعل عمرو بن العاص يقول إني لأرى لصاحب الراية السوداء عملا لئن دام على هذا لتفنين العرب اليوم فاقتتلوا قتالا شديدا و جعل عمار يقول صبرا عباد الله الجنة في ظلال البيض قال و كانت علامة أهل العراق بصفين الصوف الأبيض قد جعلوه في رءوسهم و على أكتافهم و شعارهم يا الله يا أحد يا صمد يا رحيم و كانت علامة أهل الشام خرقا بيضا قد جعلوها على رءوسهم و أكتافهم و كان شعارهم نحن عباد الله حقا يا لثارات عثمان قال فاجتلدوا بالسيوف و عمد الحديد فما تحاجزنا حتى حجز بينا سواد الليل و ما يرى رجلا منا و لا منهم موليا فلما أصبحوا و ذلك اليوم الثلاثاء خرج الناس إلى مصافهم فقال أبو نوح فكنت في خيل علي ع فإذا أنا برجل من أهل الشام يقول من يدلني على الحميري أبي نوح قال قلت فقد وجدته فمن أنت قال أنا ذو الكلاع سر إلي فقال أبو نوح معاذ الله أن أسير إليك إلا في كتيبة قال ذو الكلاع سر فلك ذمة الله و ذمة رسوله و ذمة ذي الكلاع حتى ترجع إلى خيلك فإنما أريد بذلك أن أسألك عن أمر فيكم تمارينا فيه فسارا حتى التقيا فقال ذو الكلاع إنما دعوتك أحدثك حديثا حدثنا عمرو بن العاص في إمارة عمر بن الخطاب قال أبو نوح و ما هو قال حدثنا عمرو بن العاص إن رسول الله ص قال يلتقي أهل الشام و أهل العراق و في إحدى الكتيبتين الحق و إمام الهدى و معه عمار بن ياسر قال أبو نوح لعمر و الله إنه لفينا قال أ جاد هو على قتالنا قال أبو نوح نعم و رب الكعبة لهو أشد على قتالكم مني فقال ذو الكلاع هل تستطيع أن تأتي معي صف أهل الشام فأنا لك جار منهم حتى تلقى عمرو بن العاص فتخبره عن عمار و جده في قتالنا لعله

   يكون صلحا بين هذين الجندين فقال له أبو نوح إنك رجل غادر و أنت في قوم غدور و إن لم تكن تريد الغدر أغدروك و إني أن أموت أحب إلي من أن أدخل مع معاوية و أدخل في دينه و أمره فقال ذو الكلاع أنا جار لك من ذلك أن لا تقتل و لا تسلب و لا تكره على بيعة و لا تحبس عن جندك و إنما هي كلمة تبلغها عمرا لعل الله أن يصلح بين هذين الجندين و يضع عنهم الحرب و السلاح فسار معه حتى أتى عمرو بن العاص و هو عند معاوية و حوله الناس و عبد الله بن عمرو يحرض الناس فلما وقفا على القوم قال ذو الكلاع لعمرو يا أبا عبد الله هل لك في رجل ناصح لبيب شفيق يخبرك عن عمار بن ياسر و لا يكذبك قال عمرو من هذا معك قال هذا ابن عمي و هو من أهل الكوفة فقال له عمرو إني لأرى عليك سيماء أبي تراب قال أبو نوح على سيماء محمد ص و أصحابه و عليك سيماء أبي جهل و سيماء فرعون فقام أبو الأعور فسل سيفه ثم قال لا أرى هذا الكذاب يشاتمنا بين أظهرنا و عليه سيماء أبي تراب فقال ذو الكلاع أقسم بالله لئن بسطت يدك إليه لأحطمن أنفك بالسيف ابن عمي و جاري عقدت له ذمتي و جئت به إليكم ليخبركم عما تماريتم فيه فقال له عمرو أذكرك بالله يا أبا نوح إلا ما صدقت أ فيكم عمار بن ياسر فقال له أبو نوح ما أنا بمخبرك عنه حتى تخبرني لم تسأل عنه فإن معنا من أصحاب رسول الله ص غيره و كلهم جاد على قتالكم قال عمرو سمعت رسول الله ص يقول إن عمارا تقتله الفئة الباغية و إنه ليس ينبغي لعمار أن يفارق الحق و لن تأكل النار منه شيئا فقال أبو نوح لا إله إلا الله و الله أكبر و الله إنه لفينا جاد على قتالكم فقال عمرو و الله إنه لجاد على قتالنا قال نعم و الله الذي لا إله إلا هو لقد حدثني يوم الجمل أنا سنظهر عليهم و لقد حدثني أمس أن لو ضربونا حتى  يبلغوا بنا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق و أنهم على باطل و لكانت قتلانا في الجنة و قتلاهم في النار فقال له عمرو هل تستطيع أن تجمع بينه و بيني قال نعم فلما أراد أن يبلغه أصحابه ركب عمرو بن العاص و ابناه و عتبة بن أبي سفيان و ذو الكلاع و أبو الأعور السلمي و حوشب و الوليد بن أبي معيط فانطلقوا حتى أتوا خيولهم و سار أبو نوح و معه شرحبيل بن ذي الكلاع حتى انتهى إلى أصحابه فذهب أبو نوح إلى عمار فوجده قاعدا مع أصحابه مع ابني بديل و هاشم و الأشتر و جارية بن المثنى و خالد بن المعمر و عبد الله بن حجل و عبد الله بن العباس فقال أبو نوح إنه دعاني ذو الكلاع و هو ذو رحم فذكر ما جرى بينه و بينهم و قال أخبرني عمرو بن العاص أنه سمع رسول ص يقول عمار تقتله الفئة الباغية فقال عمار صدق و ليضر به ما سمع و لا ينفعه فقال أبو نوح إنه يريد أن يلقاك فقال عمار لأصحابه اركبوا قال و نحن اثنا عشر رجلا بعمار فسرنا حتى لقيناهم ثم بعثنا إليهم فارسا من عبد القيس يسمى عوف بن بشر فذهب حتى كان قريبا من القوم ثم نادى أين عمرو بن العاص قالوا ها هنا فأخبره بمكان عمار و خيله فقال عمرو فليسر إلينا فقال عوف إني أخاف غدراتك ثم جرى بينهما كلمات تركتها إلى أن قال أقبل عمار مع أصحابه فتواقفا فقال عمرو يا أبا اليقظان أذكرك الله إلا كففت سلاح أهل هذا العسكر و حقنت دماءهم فعلام تقاتلنا أ و لسنا نعبد إلها واحدا و نصلي قبلتكم و ندعو دعوتكم و نقرأ كتابكم و نؤمن برسولكم قال الحمد

   لله الذي أخرجها من فيك إنها لي و لأصحابي القبلة و الدين و عبادة الرحمن و النبي و الكتاب من دونك و دون أصحابك و جعلك ضالا مضلا لا تعلم هاد أنت أم ضال و جعلك أعمى و سأخبرك على ما قاتلتك عليه أنت و أصحابك أمرني رسول الله ص أن أقاتل الناكثين ففعلت و أمرني أن أقاتل القاسطين فأنتم هم و أما المارقون فما أدري أدركهم أم لا أيها الأبتر أ لست تعلم أن رسول الله ص قال لعلي من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه و أنا مولى الله و رسوله و علي بعده و ليس لك مولى فقال له عمرو فما ترى في قتل عثمان قال فتح لكم باب كل سوء قال عمرو فعلي قتله قال عمار بل الله رب علي قتله و علي معه قال عمرو أ كنت فيمن قتله قال أنا مع من قتله و أنا اليوم أقاتل معه قال فلم قتلتموه قال أراد أن يغير ديننا فقتلناه قال عمرو أ لا تستمعون قد اعترف بقتل إمامكم قال عمار و قد قالها فرعون قبلك أَ لا تَسْتَمِعُونَ فقام أهل الشام و لهم زجل فركبوا خيولهم و رجعوا فبلغ معاوية ما كان بينهم فقال له هلكت العرب إن أخذتهم خفة العبد الأسود يعني عمارا و خرج عمار إلى القتال و صفت الخيول بعضها لبعض و زحف الناس و على عمار درع و هو يقول أيها الناس الرواح إلى الجنة فاقتتل الناس قتالا شديدا لم يسمع الناس بمثله و كثرت القتلى حتى أن كان الرجل ليشد طنب فسطاطه بيد الرجل أو برجله فقال الأشعث لقد رأيت أخبية صفين و أروقتهم و ما منها خباء و لا رواق و لا بناء و لا فسطاط إلا مربوطا بيد رجل أو رجله و جعل أبو سماك الأسدي يأخذ إداوة من ماء و شفرة حديد فيطوف في القتلى فإذا رأى رجلا جريحا و به رمق أقعده و سأله من أمير المؤمنين ع  فإن قال علي غسل عنه الدم و سقاه من الماء و إن سكت وجأه بسكين حتى يموت قال فكان يسمى المخضخض

 و عن عمرو بن شمر عن جابر عن الشعبي عن الأحنف بن قيس قال و الله إني إلى جانب عمار فتقدمنا حتى إذا دنونا من هاشم بن عتبة قال له عمار أحمل فداك أبي و أمي و نظر عمار إلى رقة في الميمنة فقال له هاشم رحمك الله يا عمار إنك رجل تأخذك خفة في الحرب و إني إنما أزحف باللواء زحفا و أرجو أن أنال بذلك حاجتي و إني إن خففت لم آمن الهلكة و قد قال معاوية لعمرو ويحك يا عمرو إن اللواء مع هاشم كأنه يرقل به إرقالا و إن زحف به زحفا إنه لليوم أطول لأهل الشام فلم يزل به عمار حتى حمل فبصر به معاوية فوجه إليه جملة أصحابه و من برز بالناس منهم في ناحيته و كان في ذلك الجمع عبد الله بن عمرو و معه سيفان قد تقلد بواحد و هو يضرب بالآخر و أطافت به خيل علي فقال عمرو يا الله يا رحمان ابني ابني و كان يقول معاوية اصبر اصبر فإنه لا بأس عليه قال عمرو لو كان يزيد إذا لصبرت و لم يزل حماة أهل الشام يذبون عنه حتى نجا هاربا على فرسه و من معه و أصيب هاشم في المعركة قال و قال عمار حين نظر إلى راية عمرو بن العاص و الله إن هذه الراية قد قاتلتها ثلاث عركات و ما هذه بأرشدهن و ساق الحديث نحو رواية الإختصاص إلى قوله فأما أبو العادية فطعنه و أما ابن جوين فإنه اجتز رأسه فقال ذو الكلاع لعمرو ويحك ما هذا قال عمرو إنه سيرجع إلينا و ذلك قبل أن يصاب عمار فأصيب عمار مع علي و أصيب ذو الكلاع مع معاوية  فقال عمرو و الله يا معاوية ما أدري بقتل أيهما أنا أشد فرحا و الله لو بقي ذو الكلاع حتى يقتل عمار لمال بعامة قومه و لأفسد علينا جندنا قال فكان لا يزال رجل يجي‏ء فيقول أنا قتلت عمارا فيقول له عمرو فما سمعتموه يقول فيخلطون حتى أقبل ابن جوين فقال أنا قتلت عمارا فقال له عمرو فما كان آخر منطقه قال سمعته يقول اليوم ألقى الأحبة محمدا و حزبه فقال له عمرو صدقت أنت صاحبه أما و الله ما ظفرت بذلك و لكن أسخطت ربك

 و عن عمرو بن شمر عن إسماعيل السدي عن عبد خير الهمداني قال نظرت إلى عمار بن ياسر رمي رمية فأغمي عليه و لم يصل الظهر و العصر و لا المغرب و لا العشاء و لا الفجر ثم أفاق فقضاهن جميعا يبدأ بأول شي‏ء فاته ثم التي تليها

 و عن عمرو بن شمر عن السدي عن ابن حريث قال أقبل غلام لعمار بن ياسر اسمه راشد يحمل شربة من لبن فقال عمار أما إني سمعت خليلي رسول الله ص قال إن آخر زادك من الدنيا شربة لبن

 و عن عمرو بن شمر عن السدي عن يعقوب بن الأوسط قال احتج رجلان بصفين في سلب عمار بن ياسر و في قتله فأتيا عبد الله بن عمرو بن العاص فقال لهما ويحكما اخرجا عني فإن رسول الله ص قال ولعت قريش بعمار ما لهم و لعمار يدعوهم إلى الجنة و يدعونه إلى النار قاتله و سالبه في النار قال فبلغني أن معاوية قال إنما قتله من أخرجه يخدع بذلك طغام أهل الشام

 و عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي الزبير عن حذيفة قال قال رسول الله ص إن ابن سمية لم يخير بين أمرين قط إلا اختار  أشدهما

 و في حديث عمر بن سعد قال حمل عمار بن ياسر و هو يقول

كلا و رب البيت لا أبرح أجي حتى أموت أو أرى ما أشتهي‏أنا مع الحق أقاتل مع علي صهر النبي ذي الأمانات الوفي

إلى آخر الأبيات قال فضربوا أهل الشام حتى اضطروهم إلى الفرات قال و مشى عبد الله بن سويد سيد جرش إلى ذي الكلاع فقال له لم جمعت بين الرجلين قال لحديث سمعته من عمرو ذكر أنه سمعه من رسول الله ص و هو يقول لعمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية فخرج عبد الله بن عمر العبسي و كان من عباد أهل زمانه ليلا فأصبح في عسكر علي ع فحدث الناس بقول عمرو في عمار فلما سمع معاوية هذا القول بعث إلى عمرو فقال أفسدت علي أهل الشام أ كل ما سمعته من رسول الله ص تقوله فقال عمرو قلتها و لست و الله أعلم الغيب و لا أدري أن صفين تكون و عمار خصمنا و قد رويت أنت فيه مثل الذي رويت فيه فاسأل أهل الشام فغضب معاوية و تنمر لعمرو و منعه خيره فقال عمرو لا خير لي في جوار معاوية إن تجلت هذه الحرب عنا و كان عمرو حمي الأنف فقال في ذلك  

تعاتبني أن قلت شيئا سمعته و قد قلت لو أنصفتني مثله قبلي‏و ما كان لي علم بصفين أنها تكون و عمار يحث على قتلي‏فلو كان لي بالغيب علم كتمتها و كابدت أقواما مراجلهم تغلي

إلى آخر الأبيات ثم أجابه معاوية بأبيات تشتمل على الاعتذار فأتاه عمرو و أعتبه و صار أمرهما واحدا ثم إن عليا ع دعا هاشم بن عتبة و معه لواءه و كان أعور و قال حتى متى تأكل الخبز و تشرب الماء فقال هاشم لأجهزن أن لا أرجع إليك أبدا قال علي ع إن بإزائك ذا الكلاع و عنده الموت الأحمر فتقدم هاشم و تعرض له صاحب لواء ذي الكلاع فاختلفا طعنتين فطعنه هاشم فقتله و كثرت القتلى فحمل ذو الكلاع فاجتلد الناس فقتلا جميعا و أخذ ابن هاشم اللواء فأسر أسرا فأتي بمعاوية فلما دخل عليه و عنده عمرو بن العاص قال يا أمير المؤمنين هذا المختال بن المرقال فدونك الضب اللاحظ فإن العصا من العصية و إنما تلد الحية حية و جزاء السيئة سيئة فقال له ابن هاشم ما أنا بأول رجل خذله قومه و أدركه يومه قال معاوية تلك ضغائن صفين و ما جنا عليك أبوك فقال عمرو يا أمير  المؤمنين أمكني منه فأشخب أوداجه على أثباجه فقال له ابن هاشم أ فلا كان هذا يا ابن العاص حين أدعوك إلى البراز و قد ابتلت أقدام الرجال من نقع الجريال إذ تضايقت بك المسالك و أشرفت فيها على المهالك و ايم الله لو لا مكانك منه لنشبت لك مني خافية أرميك من خلالها بأحد من وقع الأثافي فإنك لا تزال تكثر في دهشك و تخبط في مرسك تخبط العشواء في الليلة الحندس الظلماء قال فأعجب معاوية ما سمع من كلام ابن هاشم فأمر به إلى السجن و كف عن قتله

 و عن عمرو بن شمر عن السدي عن عبد خير قال لما صرع هاشم مر عليه رجل و هو صريع بين القتلى فقال له أقرئ أمير المؤمنين السلام و رحمة الله و قل له أنشدك الله إلا أصبحت و قد ربطت مقاود خيلك بأرجل القتلى فإن الدبرة تصبح غدا لمن غلب على القتلى فأخبر الرجل عليا بذلك فسار علي ع في بعض الليل حتى جعل القتلى خلف ظهره و كانت الدبرة له عليهم

 و عن عمرو بن سعد عن رجل عن أبي سلمة أن هاشم بن عتبة دعا في  الناس عند المساء ألا من كان يريد الله و الدار الآخرة فليقبل إلي فأقبل إليه ناس فشد في عصابة من أصحابه على أهل الشام مرارا فليس من وجه يحمل عليه إلا صبروا له و قوتل فيه قتالا شديدا فقال لأصحابه لا يهولنكم ما ترون من صبرهم فو الله ما ترون منهم إلا حمية العرب و صبرها تحت راياتها و عند مراكزها و إنهم لعلى الضلال و إنكم لعلى الحق يا قوم اصبروا و صابروا و اجتمعوا و اصبروا و امشوا بنا إلى عدونا على تؤدة رويدا و اذكروا الله و لا يسلمن رجل أخاه و لا تكثروا الالتفات و اصمدوا صمدهم و جالدوهم محتسبين حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا وَ هُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ فقال أبو سلمة فمضى في عصابة من القراء فقاتل قتالا شديدا هو و أصحابه حتى رأى بعض ما يسرون به إذ خرج عليهم فتى شاب و شد يضرب بسيفه و يلعن و يشتم و يكثر الكلام فقال له هاشم إن هذا الكلام بعده الخصام و إن هذا القتال بعده الحساب فاتق الله فإنك راجع إلى ربك فسائلك عن هذا الموقف و ما أردت به قال فإني أقاتلكم لأن صاحبكم لا يصلي كما ذكر لي و أنكم لا تصلون و أقاتلكم لأن صاحبكم قتل خليفتنا و أنتم وازرتموه على قتله فقال له هاشم و ما أنت و ابن عفان إنما قتله أصحاب محمد و قراء الناس حين أحدث أحداثا و خالف حكم الكتاب و أصحاب محمد هم أصحاب الدين و أولى بالنظر في أمور المسلمين و ما أظن أن أمر هذه الأمة و لا أمر هذا الدين عناك طرفة عين قط قال الفتى أجل و الله لا أكذب فإن الكذب يضر و لا ينفع و يشين و لا يزين فقال له هاشم إن هذا الأمر لا علم لك به فخله و أهل العلم به قال أظنك و الله قد نصحتني فقال له هاشم و أما قولك فإن صاحبنا لا يصلي فهو أول من صلى لله مع رسوله ص و أفقهه في دين الله و أولاه برسول الله و أما من ترى معه فكلهم قارئ الكتاب لا ينام الليل تهجدا فلا يغررك عن دينك الأشقياء المغرورون قال الفتى يا عبد الله إني لأظنك امرأ صالحا أخبرني هل تجد لي من توبة قال نعم تب إلى الله يتب عليك قال فذهب الفتى راجعا فقال رجل  من أهل الشام خدعك العراقي قال لا و لكن نصحني و قاتل هاشم هو و أصحابه قتالا شديدا حتى قتل تسعة نفر أو عشرة و حمل عليه الحارث بن المنذر فطعنه فسقط و بعث إليه علي ع أن قدم لواءك فقال للرسول انظر إلى بطني فإذا هو قد انشق فأخذ الراية رجل من بكر بن وائل و رفع هاشم رأسه فإذا هو بعبيد الله بن عمر بن الخطاب قتيلا إلى جانبه فجثا حتى دنا منه فعض على ثديه حتى تبينت فيه أنيابه ثم مات هاشم و هو على صدر عبيد الله و ضرب البكري فوقع فأبصر عبيد الله فعض على ثديه الآخر و مات أيضا فوجدا جميعا ماتا على صدر عبيد الله و لما قتل هاشم جزع الناس عليه جزعا شديدا و أصيب معه عصابة من أسلم من القراء فمر عليهم علي ع و هم قتلى حوله فقال

جزى الله خيرا عصبة أسلمية صباح الوجوه صرعوا حول هاشم‏يزيد و عبد الله بشر و معبد و سفيان و ابنا هاشم ذي المكارم‏و عروة لا يبعد ثناه و ذكره إذا اخترط البيض الخفاف الصوارم‏ثم قام عبد الله بن هاشم و أخذ الراية

ثم ساق الحديث إلى قوله فأمرهم علي ع بالغدو إلى القوم فغاداهم إلى القتال فانهزم أهل الشام و قد غلب أهل العراق على قتلى أهل حمص و غلب أهل الشام على قتلى أهل العالية و انهزم عتبة بن أبي سفيان حتى أتى الشام ثم إن عليا ع أمر مناديه فنادى في الناس أن اخرجوا إلى مصافكم فخرج الناس إلى مصافهم و اقتتل الناس إلى قريب من ثلث الليل

 بيان قال الجوهري الإرقال ضرب من الجنب و ناقة مرقل و مرقال إذا كانت كثيرة الإرقال و المرقال لقب هاشم بن عتبة الزهري لأن عليا ع دفع إليه الراية يوم صفين فكان يرقل بها إرقالا قوله سامت إليه الصفوف في  أكثر النسخ بالسين المهملة من قولهم سامت الإبل و الريح إذا مرت و استمرت أو من قولهم سامت الطير على الشي‏ء أي حامت و دامت و في بعضها بالمعجمة من شاممته أي قاربته قوله فدونك الضب شبهه بالضب لبيان كثرة حقده و شدة عداوته قال الجوهري في المثل أعق من ضب لأنه ربما أكل حسوله و الضب الحقد تقول أضب فلان على غل في قلبه أي أضمره و رجل خب ضب أي جربز مراوغ و قال في المثل العصا من العصية أي بعض الأمر من بعض و قال الزمخشري في المستقصى العصا من العصية هي فرس جزيمة و العصية أمها يضرب في مناسبة الشي‏ء سنخه و كانتا كريمتين و يروى العصا من العصية و الأفعى بنت حية و المعنى أن العود الكبير ينشأ من الصغير الذي غرس أولا يضرب للشي‏ء الجليل الذي يكون في بدئه حقيرا انتهى. و الثبج بالتحريك ما بين الكاهل إلى الظهر و قال الجوهري النقع محبس الماء و كذلك ما اجتمع في البئر منه و المنقع الموضع يستنقع فيه الماء و استنقع الماء في الغدير أي اجتمع و ثبت و استنقع الشي‏ء في الماء على ما لم يسم فاعله و قال الجريال صبغ أحمر عن الأصمعي و جريال الذهب حمرته و الجريال الخمر و جربال الخمر لونها و هنا كناية عن الدم قوله بأحد من وقع الأثافي لعل المراد بالأثافي هنا السمة التي تكوى بها قال الجوهري المثفاة سمة كالأثافي و في الأثافي مثل آخر مشهور قال في المستقصى في الأمثال رماه الله بثالثة الأثافي يعمد إلى قطعة من الجبل فيضم إليها حجران ثم ينصب عليها القدر و المراد بثالثتها تلك القطعة و هي مثل لأكبر الشر و أفظعه و قيل معناه أنه رماه بالأثافي أثفية بعد أثفية حتى رماه الله بالثالثة فلم يبق غاية و المراد أنه رماه بالشر كله قوله تكثر في دهشك أي تكثر الكلام في تحيرك و خوفك و في بعض النسخ بالسين المهملة و هو النبت لم يبق عليه لون الخضرة و المكان السهل ليس برمل و لا تراب و المرسة الحبل و الجمع مرس و في بعض الروايات تكثر في هوسك و تخبط في دهسك و تنشب في مرسك و الهوس شدة الأكل و السوق اللين و المشي الذي يعتمد فيه صاحبه على الأرض و الإفساد و الدوران أو بالتحريك طرف من الجنون