باب 19- باب نادر

517-  فس، ]تفسير القمي[ الحسين بن عبيد الله السكيني عن أبي سعيد البجلي عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد الله عن آبائه صلوات الله عليهم قال لما بلغ أمير المؤمنين ع أمر معاوية و إنه في مائة ألف قال من أي القوم قالوا من أهل الشام قال ع لا تقولوا من أهل الشام و لكن قولوا من أهل الشوم و هم من أبناء مصر لعنوا عَلى لِسانِ داوُدَ ف جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ ثم كتب إلى معاوية لا تقتل الناس بيني و بينك و لكن هلم إلى المبارزة فإن أنا قتلتك فإلى النار أنت و يستريح الناس منك و من ضلالتك و إن قتلتني فأنا إلى الجنة و يغمد عنك السيف الذي لا يسعني غمده حتى أرد مكرك و بدعتك و أنا الذي ذكر الله اسمه في التوراة و الإنجيل بموازرة رسول الله ص و أنا أول من بايع رسول الله ص تحت الشجرة في قوله تعالى لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فلما قرأ معاوية كتابه و عنده جلساؤه قالوا قد و الله لقد أنصفك فقال معاوية و الله ما أنصفنى و الله لأرمينه بمائة ألف سيف من أهل الشام من قبل أن يصل إلي و و الله ما أنا من جاله و لقد سمعت رسول الله ص يقول و الله يا علي لو بارزك أهل الشرق و الغرب لقتلتهم أجمعين فقال له رجل من القوم ما يحملك يا معاوية على قتال من تعلم و تخبر فيه عن رسول الله بما تخبر ما أنت و نحن في قتاله إلا على الضلالة فقال معاوية إنما هذا بلاغ من الله و ما استطعت و الله ما أستطيع أنا و أصحابي رد ذلك حتى يكون ما هو كائن قال و بلغ ذلك ملك الروم و أخبر أن رجلين قد خرجا يطلبان الملك فسأل من أين خرجا فقيل له رجل بالكوفة و رجل بالشام قال فأمر الملك وزراءه فقال تخللوا هل تصيبون من تجار العرب من يصفهما لي فأتي برجلين من تجار الشام و رجلين من تجار مكة فسألهم عن صفتهما فوصفوهما له ثم قال لخزان بيوت خزائنه أخرجوا إلي الأصنام فأخرجوها فنظر إليها فقال الشامي ضال و الكوفي هاد ثم كتب إلى معاوية أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك و كتب إلى أمير المؤمنين ع أن ابعث إلي أعلم أهل بيتك فأسمع منهما ثم أنظر في الإنجيل كتابنا ثم أخبركما من أحق بهذا الأمر و خشي على ملكه فبعث معاوية يزيد ابنه و بعث أمير المؤمنين الحسن ابنه ع فلما دخل يزيد لعنه الله على الملك أخذ بيده و قبلها ثم قبل رأسه ثم دخل الحسن بن علي صلوات الله عليهما فقال الحمد لله الذي لم يجعلني يهوديا و لا نصرانيا و لا مجوسيا و لا عابدا للشمس و القمر و لا الصنم و البقر و جعلني حنيفا مسلما و لم يجعلني من المشركين تبارك الله رب العرش العظيم وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ثم جلس لا يرفع بصره فلما نظر ملك الروم إلى الرجلين أخرجهما ثم فرق بينهما ثم بعث إلى يزيد فأحضره ثم أخرج من خزائنه ثلاث مائة و ثلاثة عشر صندوقا فيها تماثيل الأنبياء و قد زينت بزينة كل نبي مرسل فأخرج صنما فعرضه على يزيد فلم يعرفه ثم عرض عليه صنم صنم فلا يعرف منها شيئا و لا يجيب منها بشي‏ء ثم سأله عن أرزاق الخلائق و عن أرواح المؤمنين أين تجتمع و عن أرواح الكفار أين تكون إذا ماتوا فلم يعرف من ذلك شيئا

 ثم دعا الملك الحسن بن علي ع فقال إنما بدأت بيزيد بن معاوية كي يعلم أنك تعلم ما لا يعلم و يعلم أبوك ما لا يعلم أبوه فقد وصف لي أبوك و أبوه و نظرت في الإنجيل فرأيت فيه محمدا رسول الله ص و الوزير عليا ع و نظرت في الأوصياء فرأيت فيها أباك وصي محمد رسول الله ص فقال له الحسن سلني عما بدا لك فيما تجده في الإنجيل و عما في التوراة و عما في القرآن أخبرك به إن شاء الله فدعا الملك بالأصنام فأول صنم عرض عليه في صفة القمر فقال له الحسن ع فهذه صفة آدم أبي البشر ثم عرض عليه آخر في صفة الشمس فقال الحسن ع هذه صفة حواء أم البشر ثم عرض عليه آخر في صفة حسنة فقال هذه صفة شيث بن آدم و كان أول من بعث و بلغ عمره في الدنيا ألف سنة و أربعين عاما ثم عرض عليه صنم آخر فقال هذه صفة نوح صاحب السفينة و كان عمره ألفا و أربعمائة سنة و لبث في قومه أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً ثم عرض عليه صنم آخر فقال هذه صفة إبراهيم ع عريض الصدر طويل الجبهة ثم عرض عليه صنم فقال هذه صفة إسرائيل و هو يعقوب ثم أخرج إليه صنم آخر فقال هذه صفة إسماعيل ثم أخرج إليه صنم آخر فقال هذه صفة يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ثم عرض عليه صنم آخر فقال هذه صفة موسى بن عمران و كان عمره مائتين و أربعين سنة و كان بينه و بين إبراهيم خمسمائة عام ثم أخرج إليه صنم آخر فقال هذه صفة داود صاحب الحرب ثم أخرج إليه صنم آخر فقال هذه صفة شعيب ثم زكريا ثم يحيى ثم عيسى ابن مريم روح الله و كلمته و كان عمره في الدنيا ثلاثا و ثلاثين سنة ثم رفعه الله إلى السماء و يهبط إلى الأرض بدمشق و هو الذي يقتل الدجال ثم عرض عليه صنم صنم فيخبر باسم نبي نبي ثم عرض عليه الأوصياء و الوزراء فكان يخبر باسم وصي وصي و وزير وزير ثم عرض عليه أصنام بصفة الملوك فقال الحسن ع هذه أصنام لم نجد صفتها في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في القرآن فلعلها من صفة الملوك فقال الملك أشهد عليكم يا أهل بيت محمد أنكم قد أعطيتم علم الأولين و الآخرين و علم التوراة و الإنجيل و الزبور و صحف إبراهيم و ألواح موسى ثم عرض عليه صنم يلوح فلما نظر إليه بكى بكاء شديدا فقال له الملك ما يبكيك فقال هذه صفة جدي محمد ص كث اللحية عريض الصدر طويل العنق عريض الجبهة أقنى الأنف أفلج الأسنان حسن الوجه قطط الشعر طيب الريح حسن الكلام فصيح اللسان كان يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر بلغ عمره ثلاثا و ستين سنة و لم يخلف إلا بعده خاتم مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله ص و كان يتختم في يمينه و خلف سيفه ذو الفقار و قضيبه و جبة صوف و كساء صوف كان يتسرول به لم يقطعه و لم يخطه حتى لحق بالله فقال الملك إنا نجد في الإنجيل أنه يكون له ما يتصدق به على سبطيه فهل كان ذلك فقال له الحسن ع قد كان ذلك فقال الملك فبقي لكم ذلك فقال لا قال الملك لهذه أول فتنة من هذه الأمة غلبا أباكما ثم على ملك نبيكم و اختيارهم على ذرية نبيهم منكم القائم بالحق و الآمر بالمعروف و الناهي عن المنكر قال ثم سأل الملك الحسن ع عن سبعة أشياء خلقها الله لم تركض في رحم فقال الحسن أول هذا آدم ثم حواء ثم كبش إبراهيم ثم ناقة الله ثم إبليس الملعون ثم الحية ثم الغراب الذي ذكره الله في القرآن قال ثم سأله عن أرزاق الخلائق فقال الحسن ع أرزاق الخلائق في السماء الرابعة تنزل بقدر و تبسط بقدر ثم سأله عن أرواح المؤمنين أين يكونون إذا ماتوا قال تجتمع عند صخرة بيت المقدس في كل ليلة الجمعة و هو عرش الله الأدنى منها يبسط الله

 الأرض و إليها يطويها و إليه المحشر و منها استوى ربنا إلى السماء و الملائكة ثم سأله عن أرواح الكفار أين تجتمع قال تجتمع في وادي حضرموت وراء مدينة اليمن ثم يبعث الله نارا من المشرق و نارا من المغرب و يتبعها بريحين شديدتين فيحشر الناس عند صخرة بيت المقدس فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة و يزلف المتقين و تصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة و فيها الفلق و السجين فيعرف الخلائق من عند الصخرة فمن وجبت له الجنة دخلها و من وجبت له النار دخلها و ذلك قوله فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ فلما أخبر الحسن صلوات الله عليه بصفة ما عرض عليه من الأصنام و تفسير ما سأله التفت الملك إلى يزيد بن معاوية لعنه الله و قال شعرت أن ذلك علم لا يعلمه إلا نبي مرسل أو وصي موازر قد أكرمه الله بموازرة نبيه ص أو عترة نبي مصطفى و غيره المعادي فقد طبع الله على قلبه و آثر دنياه على آخرته و هواه على دينه و هو من الظالمين قال فسكت يزيد و خمد قال فأحسن الملك جائزة الحسن و أكرمه و قال له ادع ربك حتى يرزقني دين نبيك فإن حلاوة الملك قد حالت بيني و بين ذلك و أظنه سما مرديا و عذابا أليما قال فرجع يزيد إلى معاوية و كتب إليه الملك أنه يقال من آتاه الله العلم بعد نبيكم و حكم بالتوراة و ما فيها و الإنجيل و ما فيه و الزبور و ما فيه و الفرقان و ما فيه فالحق و الخلافة له و كتب إلى علي بن أبي طالب ع أن الحق و الخلافة لك و بيت النبوة و في ولدك فقاتل من قاتلك يعذبه الله بيدك ثم يخلده في نار جهنم فإن من قاتلك نجده في الإنجيل أن عليه لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ و عليه لعنة أهل السماوات و الأرضين

 بيان تخللوا أي ادخلوا في خلال الناس و تجسسوا قال الجوهري تخللت القوم إذا دخلت بين خللهم و خلالهم و قوله ع و كان أول من بعث أي من أولاد آدم. قوله ع أول هذا أي بحسب الرتبة أو الأولوية إضافية. و ثم في بعضها أيضا للترتيب الرتبي لا الزماني كإبليس. و لعل المراد بالحية الحية التي أدخلت إبليس الجنة و ذكر الغراب المخصوص و وصفه بعدم الركض في الرحم لأنه لم يكن غرابا حقيقة و كان بصورته أو أطلق الرحم على ما يعم البيضة تغليبا قوله ع منها يبسط الله الأرض أي عند خراب الدنيا منها يأخذ في خراب العمارات و تسيير الجبال و إليها ينتهي إفناء الأرض و إذهابها بعد الحشر أو هما بمعنى الماضي أي منها بسط الأرض في بدو الخلق و إليها رجع البسط فيكون إضافيا بالنسبة إلى ما سوى الكعبة أو أجاب ع موافقا لما في كتبهم و يحتمل أن يكون الطي كناية عن حشر الناس إليها فيكون ما بعده تفسيرا له و استواء الرب كناية عن عروج الملائكة منها إلى تنظيم أمور السماء أو الأخذ بعد الفراغ منها في خلق السماء

518-  ف، ]تحف العقول[ بعث معاوية رجلا متنكرا يسأل أمير المؤمنين ع عن مسائل سأله عنها ملك الروم فلما دخل الكوفة و خاطب أمير المؤمنين ع أنكره فقرره فاعترف له بالحال فقال أمير المؤمنين ع قاتل الله ابن آكلة الأكباد ما أضله و أضل من معه قاتله الله لقد أعتق جارية ما أحسن أن يتزوجها حكم الله بيني و بين هذه الأمة قطعوا رحمي و صغروا عظيم منزلتي و أضاعوا أيامي بالحسن و الحسين و محمد فدعوا فقال يا أخا أهل الشام هذان ابنا رسول الله ص و هذا ابني فاسأل أيهم أحببت فقال الشامي أسأل هذا يعني الحسن ثم قال كم بين الحق و الباطل و كم بين السماء و الأرض و كم بين المشرق و المغرب و عن هذا المحو الذي في القمر و عن قوس قزح و عن هذه المجرة و عن أول شي‏ء انتضح على وجه الأرض و عن أول شي‏ء اهتز عليها و عن العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين و عن العين التي تأوي إليها أرواح المشركين و عن المؤنث و عن عشرة أشياء بعضها أشد من بعض فقال الحسن ع يا أخا أهل الشام بين الحق و الباطل أربع أصابع ما رأيت بعينيك فهو الحق و قد تسمع بأذنيك باطلا كثيرا و بين السماء و الأرض دعوه المظلوم و مد البصر فمن قال غير هذا فكذبه و بين المشرق و المغرب يوم مطرد للشمس تنظر إلى الشمس حين تطلع و تنظر إليها حين تغرب فمن قال غير هذا فكذبه و أما هذه المجرة فهي أشراج السماء منها مهبط الماء المنهمر على قوم نوح و أما قوس قزح فلا تقل قزح فإن قزح شيطان و لكنها قوس الله و أمان من الغرق و أما المحو الذي في القمر فإن ضوء القمر كان مثل ضوء الشمس فمحاه الله و قال في كتابه فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً و أما أول شي‏ء انتضح على وجه الأرض فهو وادي دلس و أما أول شي‏ء اهتز على وجه الأرض فهي النخلة و أما العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين فهي عين يقال لها سلمى و أما العين التي تأوي إليها أرواح الكافرين فهي عين يقال لها برهوت و أما المؤنث فإنسان لا يدرى امرأة هو أم رجل فينتظر به الحلم فإن كانت امرأة بان ثدياها و إن كان رجلا خرجت لحيته و إلا قيل له يبول على الحائط فإن أصاب الحائط بوله فهو رجل و إن نكص كما ينكص بول البعير فهي امرأة و أما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض فأشد شي‏ء خلق الله الحجر و أشد من الحجر الحديد و أشد من الحديد النار و أشد من النار الماء و أشد من الماء السحاب و أشد من السحاب الريح و أشد من الريح الملك و أشد من الملك ملك الموت و أشد من ملك الموت الموت و أشد من الموت أمر الله قال الشامي أشهد أنك ابن رسول الله ص و أن عليا ع وصي محمد ثم كتب هذا الجواب و مضى به إلى معاوية و أنفذه معاوية إلى ابن الأصفر فلما أتاه قال أشهد أن هذا ليس من عند معاوية و لا هو إلا من عند معدن النبوة

 توضيح قوله ع فمن قال غير هذا أي برأيه و قال الجوهري اطرد الشي‏ء تبع بعضه بعضا و جرى تقول اطرد الأمر إذا استقام. و الأنهار تطرد أي تجري انتهى و لعل المراد يوم تام أو في أي وقت و فصل كان. و في القاموس الشرج محركة العرى و منفسح الوادي و مجرة السماء و الشرج مسيل من الحرة إلى السهل و الجمع شراج و أشد من الملك أي الملك الموكل بالرياح