باب 2- باب احتجاج أم سلمة رضي الله عنها على عائشة و منعها عن الخروج

124-  ج، ]الإحتجاج[ روى الشعبي عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي قال كنت بمكة مع عبد الله بن الزبير و طلحة و الزبير فأرسلا إلى عبد الله بن الزبير فأتاهما و أنا معه فقالا له إن عثمان قتل مظلوما و إنا نخاف أن ينقض أمر أمة محمد ص فإن رأت عائشة أن تخرج معنا لعل الله أن يرتق بها فتقا و يشعب بها صدعا قال فخرجنا نمشي حتى انتهينا إليها فدخل عبد الله بن الزبير معها في سترها فجلست على الباب فأبلغها ما أرسلاه به فقالت سبحان الله و الله ما أمرت بالخروج و ما يحضرني من أمهات المؤمنين إلا أم سلمة فإن خرجت خرجت معها فرجع إليهما فبلغهما ذلك فقالا ارجع إليها فلتأتها فهي أثقل عليها منا فرجع إليها فبلغها فأقبلت حتى دخلت على أم سلمة فقالت لها أم سلمة مرحبا بعائشة و الله ما كنت لي بزوارة فما بدا لك قالت قدم طلحة و الزبير فخبرا أن أمير المؤمنين عثمان قتل مظلوما قال فصرخت أم سلمة صرخة أسمعت من في الدار فقالت يا عائشة أنت بالأمس تشهدين عليه بالكفر و هو اليوم أمير المؤمنين قتل مظلوما فما تريدين قالت تخرجين معنا فلعل الله أن يصلح بخروجنا أمر أمة محمد ص قالت يا عائشة أ تخرجين و قد سمعت من رسول الله ص ما سمعنا نشدتك بالله يا عائشة الذي يعلم صدقك إن صدقت أ تذكرين يوما يومك من رسول الله فصنعت حريرة في بيتي فأتيته بها و هو عليه و آله السلام يقول و الله لا تذهب الليالي و الأيام حتى تتنابح كلاب ماء بالعراق يقال له الحوأب امرأة من نسائي في فئة باغية فسقط الإناء من يدي فرفع رأسه إلي و قال ما لك يا أم سلمة فقلت يا رسول الله أ لا يسقط الإناء من يدي و أنت تقول ما تقول ما يؤمنني أن يكون أنا هي فضحكت أنت فالتفت إليك فقال بما تضحكين يا حمراء الساقين إني أحسبك هي و نشدتك بالله يا عائشة أ تذكرين ليلة أسري بنا مع رسول الله ص من مكان كذا و كذا و هو بيني و بين علي بن أبي طالب ع يحدثنا فأدخلت جملك فحال بينه و بين علي بن أبي طالب فرفع مقرعة كانت عنده يضرب بها وجه جملك و قال أما و الله ما يومه منك بواحد و لا بليته منك بواحدة أما إنه لا يبغضه إلا منافق كذاب و أنشدك بالله أ تذكرين مرض رسول الله الذي قبض فيه فأتاه أبوك يعوده و معه عمر و قد كان علي بن أبي طالب ع يتعاهد ثوب رسول الله ص و نعله و خفه و يصلح ما وهى منها فدخل قبل ذلك فأخذ نعل رسول الله و هي حضرمية و هو يخصفها خلف البيت فاستأذنا عليه فأذن لهما فقالا يا رسول الله كيف أصبحت فقال أصبحت أحمد الله قالا ما بد من الموت قال أجل لا بد منه قالا يا رسول الله فهل استخلفت أحدا قال ما خليفتي فيكم إلا خاصف النعل فخرجا فمرا على علي بن أبي طالب و هو يخصف نعل رسول الله ص و كل ذلك تعرفينه يا عائشة و تشهدين عليه ثم قالت أم سلمة يا عائشة أنا أخرج على علي ع بعد الذي سمعته من رسول الله ص فرجعت عائشة إلى منزلها و قالت يا ابن الزبير أبلغهما أني لست بخارجة بعد الذي سمعته من أم سلمة فرجع فبلغهما قال فما انتصف الليل حتى سمعنا رغاء إبلها ترتحل فارتحلت معهما

 بيان نباح الكلب صياحه قاله الجوهري و يقال وهى السقاء يهي وهيا إذا تخرق و انشق و الرغاء صوت الإبل

 125-  أقول روى السيد المرتضى رضي الله عنه هذه الرواية في شرح قصيدة السيد الحميري رحمه الله عن أبي عبد الرحمن المسعودي عن السري بن إسماعيل عن الشعبي إلى آخرها ثم قال قدس سره و من العجائب أن يكون مثل هذا الخبر المتضمن للنص بالخلافة و كل فضيلة غريبة موجودا في كتب المخالفين و فيما يصححونه من رواياتهم و يصنفونه من سيرهم لكن القوم رووا و سمعوا و أودعوا كتبهم ما حفظوا و نقلوا و لم يتخيروا ليثبتوا ما وافق مذاهبهم دون ما خالفها و هكذا يفعل المسترسل المستسلم للحق انتهى كلامه رفع الله مقامه

126-  ج، ]الإحتجاج[ روي عن الصادق ع أنه قال دخلت أم سلمة بنت أمية على عائشة لما أزمعت الخروج إلى البصرة فحمدت الله و صلت على نبيه ص ثم قالت يا هذه أنت سدة بين رسول الله و بين أمته و حجابه عليك مضروب و على حرمته و قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه و ضم ضفرك فلا تنشريه و اسكني عقيرتك فلا تصحريها إن الله من وراء هذه الأمة قد علم رسول الله مكانك لو أراد أن يعهد إليك فعل بك فقد نهاك عن الفرطة في البلاد إن عمود الدين لن يثأب بالنساء إن مال و لا يرأب بهن إن انصدع حمادى النساء غض الأطراف و ضم الذيول و الأعطاف و ما كنت قائلة لو أن رسول الله ص عارضك في بعض هذه الفلوات و أنت ناصة قعودا من منهل إلى منهل و منزل إلى منزل و لغير الله مهواك و على رسول الله ص تردين و قد هتكت عنك سجافه و نكثت عهده و بالله أحلف لو أن سرت مسيرك ثم قيل لي ادخلي الفردوس لاستحييت من رسول الله أن ألقاه هاتكة حجابا ضربه علي ص فاتقي الله و اجعليه حصنا وقاعة الستر منزلا حتى تلقينه أطوع ما تكونين لربك ما قصرت عنه و أنصح ما تكونين لله ما لزمتيه و أنصر ما تكونين للدين ما قعدت عنه و بالله أحلف لو حدثتك بحديث سمعته من رسول الله ص لنهشتني نهش الرقشاء المطرقة فقالت لها عائشة ما أعرفني بموعظتك و أقبلني لنصيحتك ليس مسيري على ما تظنين ما أنا بالمغترة و لنعم المطلع تطلعت فيه فرقت بين فئتين متشاجرتين فإن أقعد ففي غير حرج و إن أخرج ففي ما لا غناء عنه من الازدياد به في الأجر قال الصادق ع فلما كان من ندمها أخذت أم سلمة تقول

لو كان معتصما من زلة أحد كانت لعائشة الرتبى على الناس‏من زوجة لرسول الله فاضلة و ذكر آي من القرآن مدراس‏و حكمة لم تكن إلا لهاجسها في الصدر يذهب عنها كل وسواس‏يستنزع الله من قوم عقولهم حتى يمر الذي يقضي على الرأس‏و يرحم الله أم المؤمنين لقد تبدلت لي إيحاشا بإيناس

فقالت لها عائشة شتمتيني يا أخت فقالت لها أم سلمة لا و لكن الفتنة إذا أقبلت غطت عين البصير و إذا أدبرت أبصرها العاقل و الجاهل

 بيان قولها و ضم ضفرك بالضاد قال الجوهري الضفر نسج الشعر و غيره عريضا و الضفيرة العقيصة يقال ضفرت المرأة شعرها و لها ضفيرتان و ضفران أيضا أي عقيصتان انتهى. و العطاف بالكسر الرداء و عطفا كل شي‏ء جانباه و قال الجوهري في الصحاح القعود من الإبل هو البكر حين يركب أي يمكن ظهره من الركوب و قال أبو عبيد القعود من البعير الذي يقتعده الراعي في كل حاجة و السجاف ككتاب الستر ما قصرت عنه الظاهر أن كلمة ما بمعنى ما دام فالضمير في عنه راجع إلى الأمر الذي أرادته أو إلى الرب أو إلى ترك الخروج فيكون عن بمعنى علي و الضمير في لزمتيه إما راجع إلى الله أي طاعته أو إلى ترك الخروج و لزوم البيت و الضمير في قولها ما قعدت عنه راجع إلى الدين أي نصره بالجهاد أو إلى النصر أو إلى الأمر الذي أرادت بين فئتين متشاجرتين أي متنازعتين و في بعض النسخ متناجزتين و في بعضها متناحرتين و المناجزة في الحرب المبارزة و التناحر التقابل. و قال ابن أبي الحديد فئتان متناجزتان أي يسرع كل منهما إلى نفوس الأخرى و من رواه متناحرتان أراد الحرب و طعن النحور بالأسنة رشقها بالسهام و الرتبى فعلى من الرتبة بمعنى الدرجة و المنزلة. و في بعض الروايات العتبى و هو الرجوع عن الإساءة و بعد ذلك في سائر الروايات

كم سنة لرسول الله دارسة و تلو آي من القرآن مدراس.

 يقال درس الرسم يدرس دروسا أي عفا و درسته الريح يتعدى و لا يتعدى و درست الكتاب درسا و دراسة و التلو كأنه مصدر بمعنى التلاوة. و الهاجس الخاطر يقال هجس في صدري شي‏ء يهجس أي حدث

127-  مع، ]معاني الأخبار[ ماجيلويه عن عمه عن محمد بن علي الكوفي عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن أبي مخنف لوط بن يحيى عن عقبة الأزدي عن أبي الأخنس الأرجي قال لما أرادت عائشة الخروج إلى البصرة كتبت إليها أم سلمة رحمة الله عليها زوجة النبي ص أما بعد فإنك سدة بين رسول الله و بين أمته و حجابه المضروب على حرمته و قد جمع القرآن ذيلك فلا تندحيه و سكن عقيراك فلا تصحريها الله من وراء هذه الأمة و قد علم رسول الله مكانك لو أراد أن يعهد إليك لفعل و قد عهد فاحفظي ما عهد و لا تخالفي فيخالف بك و اذكري قوله في نباح كلاب الحوأب و قوله ما للنساء و الغزو و قوله انظري يا حميراء أن لا تكوني أنت علت بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد إن عمود الإسلام لن يثأب بالنساء إن مال و لن يرأب بهن إن صدع حماديات النساء غض الأبصار و خفر الأعراض و قصر الوهازة ما كنت قائلة لو أن رسول الله عارضك ببعض الفلوات ناصة قلوصا من منهل إلى آخر إن بعين الله مهواك و على رسوله تردين و قد وجهت سدافته و تركت عهيداه لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى رسول الله هاتكة حجابا قد ضربه علي فاتقي الله و اجعلي حصنك بيتك و رباعة الستر قبرك حتى تلقيه و أنت على تلك الحال أطوع ما تكونين لله ما لزمته و أنصر ما تكونين للدين ما جلست عنه لو ذكرتك بقول تعرفينه لنهشت نهش الرقشاء المطرق فقالت عائشة ما أقبلني لوعظك و ما أعرفني بنصحك و ليس الأمر على ما تظنين و لنعم المسير مسيرا فزعت إلي فيه فئتان متشاجرتان إن أقعد ففي غير حرج و إن أنهض فإلى ما لا بد من الازدياد منه فقالت أم سلمة

لو كان معتصما من زلة أحد كانت لعائشة العتبى على الناس

 كم سنة لرسول الله دارسة و تلو آي من القرآن مدراس‏قد ينزع الله من قوم عقولهم حتى يكون الذي يقضي على الرأس

 ثم قال رحمه الله تفسيره قولها رحمة الله عليها إنك سدة بين رسول الله ص أي إنك باب بينه و بين أمته فمتى أصيب ذلك الباب بشي‏ء فقد دخل على رسول الله ص في حريمه و حوزته فاستبيح ما حماه فلا تكوني أنت سبب ذلك بالخروج الذي لا يجب عليك فتحوجي الناس إلى أن يفعلوا مثل ذلك. و قولها فلا تندحيه أي لا تفتحيه فتوسعيه بالحركة و الخروج يقال ندحت الشي‏ء إذا أوسعته و منه يقال أنا في مندوحة عن كذا أي في سعة. و تريد بقولها قد جمع القرآن ذيلك قول الله عز و جل وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الْأُولى. و قولها و سكن عقيراك من عقر الدار و هو أصلها و أهل الحجاز يضمون العين و أهل نجد يفتحونها فكانت عقيرا اسم مبني من ذاك على التصغير و مثله مما جاء مصغرا الثريا و الحميا و هي سورة الشراب و لم يسمع بعقيرا إلا في هذا الحديث. و قولها فلا تصحريها أي لا تبرزيها و تباعديها و تجعليها بالصحراء يقال أصحرنا إذا أتينا الصحراء كما يقال أنجدنا إذا أتينا نجدا. و قولها علت أي ملت إلى غير الحق و العول الميل عن الشي‏ء و الجور قال الله عز و جل ذلك أدنى أن لا تعولوا يقال عال يعول إذا جار. و قولها بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد أي عن التقدم و السبق في البلاد لأن الفرطة اسم في الخروج و التقدم مثل غرفة و غرفة يقال في فلان فرطة أي تقدم و سبق يقال فرطته في الماء أي سبقته. و قولها إن عمود الإسلام لن يثأب بالنساء إن مال أي لا يرد بهن إلى استوائه يقال ثبت إلى كذا أي عدت إليه. و قولها لن يرأب بهن إن صدع أي لا يسد بهن يقال رأبت الصدع لأمته فانضم. و قولها حماديات النساء هي جمع حمادى يقال قصاراك أن تفعل ذلك و حماداك كأنها تقول جهدك و غايتك و قولها غض الأبصار معروف. و قولها و خفر الأعراض الأعراض جماعة العرض و هو الجسد. و الخفر الحياء أرادت أن محمدة النساء في غض الأبصار و في الستر للخفر الذي هو الحياء و قصر الوهازة و هو الخطو تعني بها أن تقل خطوهن. و قولها ناصة قلوصا من منهل إلى آخر أي رافعة لها في السير و النص سير مرفوع و منه يقال نصصت الحديث إلى فلان إذا رفعه إليه و منه الحديث كان رسول الله يسير العنق فإذا وجد فجوة نص يعني زاد في السير. و قولها إن بعين الله مهواك يعني مرادك لا يخفى على الله. و قولها و على رسول الله تردين أي لا تفعلي فتخجلي من فعلك و قد وجهت سدافته أي هتكت الستر لأن السدافة الحجاب و الستر و هو اسم مبني من أسدف الليل إذا ستر بظلمته و يجوز أن يكون أرادت من قولها وجهت سدافته يعني أزلتيها من مكانها الذي أمرت أن تلزميه و جعلتها أمامك. و قولها و تركت عهيداه تعني بالعهيدة الذي تعاهده و يعاهدك و يدل على ذلك قولها لو قيل لي ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى رسول الله ص هاتكة حجابا قد ضربه علي و قولها اجعلي حصنك بيتك و رباعة الستر قبرك فالربع المنزل و رباعة الستر ما وراء الستر تعني اجعلي ما وراء الستر من المنزل قبرك و هذا معنى ما يروى و وقاعة الستر قبرك هكذا رواه القتيبي و ذكر أن معناه و وقاعة الستر موقعه من الأرض إذا أرسلت و في رواية القتيبي لو ذكرت قولا تعرفينه نهستني نهس الرقشاء المطرق فذكر أن الرقشاء سميت بذلك لرقش في ظهرها و هي النقط. و قال غير القتيبي الرقشاء من الأفاعي التي في لونها سواد و كدورة قال و المطرق المسترخى جفون العين. توضيح كلامها رضي الله عنها مع عائشة متواتر المعنى رواه الخاصة و العامة بأسانيد جمة و فسروا ألفاظه في كتب اللغة و رواه ابن أبي الحديد في شرح المختار من النهج و شرحه و قال ذكره ابن قتيبة في غريب الحديث.

 و رواه أحمد بن أبي طاهر في كتاب بلاغات النساء بأدنى تغيير و قال بعد حكاية كلام أم سلمة قالت عائشة يا أم سلمة ما أقبلني لموعظتك و أعرفني بنصحك ليس الأمر كما تقولين ما أنا بمغتمرة بعد التغريد و لنعم المطلع مطلع أصلحت فيه بين فئتين متناجزتين و الله المستعان

و رواه الزمخشري في الفائق و قال بعد قولها سدافته و روي سجافته و بعد قولها فئتان متناجزتان أو متناحرتان ثم قال السدة الباب تريد أنك من رسول الله بمنزلة سدة الدار من أهلها فإن نابك أحد بنائبة أو نال منك نائل فقد ناب رسول الله و نال منه و ترك ما يجب فلا تعرضي بخروجك أهل الإسلام لهتك حرمة رسول الله و ترك ما يجب عليهم من تعزيزه و توقيره. و ندح الشي‏ء فتحه و وسعه و بدحه نحوه من البداح و هو المتسع من الأرض و العقيرى كأنها تصغير العقرى فعلى من عقر إذا بقي مكانه لا يتقدم و لا يتأخر فزعا أو أسفا أو خجلا و أصله من عقرت به إذا أطلت حبسه كأنك عقرت راحلته فبقي لا يقدر على البراح أرادت نفسها أي سكني نفسك التي صفتها أو حقها أن تلزم مكانها أو لا تبرح بيتها و اعملي بقوله تعالى وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ. و أصحر أي خرج إلى الصحراء و أصحر به غيره و قد جاء هاهنا متعديا على حذف الجار و إيصال الفعل. و قال ابن الأثير في مادة عال في النهاية في حديث أم سلمة قالت لعائشة لو أراد رسول الله ص أن يعهد إليك علت أي عدلت عن الطريق و ملت. قال و قال القتيبي و سمعت من يرويه بكسر العين فإن كان محفوظا فهو من عال في البلاد يعيل إذا ذهب و يجوز أن يكون من عاله يعوله إذا غلبه أي غلبت على رأيك و منه قولهم عيل صبرك و قيل جواب لو محذوف أي لو أراد فعل فتركته لدلالة الكلام عليه و يكون قولها علت كلاما مستأنفا. و قال في مادة فرط من كتاب النهاية في قولها إن رسول الله ص سلم نهاك عن الفرطة في الدين يعني السبق و التقدم و مجاوزة الحد الفرطة بالضم اسم للخروج و التقدم و بالفتح المرة الواحدة. و أيضا قال في مادة رأب يقال رأب الصدع إذا شعبه و رأب الشي‏ء إذا جمعه و شده برفق و منه حديث أم سلمة لا يرأب بهن إن صدع قال القتيبي الرواية صدع فإن كان محفوظا فإنه يقال صدعت الزجاجة فصدعت كما يقال جبرت العظم فجبر و إلا فإنه صدع أو انصدع. و قال في مادة حمد و في حديث أم سلمة حماديات النساء أي غاياتهن و منتهى ما يحمد منهن يقال حماداك أن تفعل أي جهدك و غايتك. و قال في الفائق في غض الأطراف أورده القتيبي هكذا و فسر الأطراف بجمع طرف و هو العين و يدفع ذلك أمران أحدهما أن الأطراف في جمع طرف لم يرد به سماع بل ورد برده و هو قول الخليل إن الطرف لا يثنى و لا يجمع و ذلك لأنه مصدر طرف إذا حرك جفونه في النظر. و الثاني أنه غير مطابق لقولها خفر الأعراض و لا أكاد أشك أنه تصحيف و الصواب غض الإطراق و خفر الإعراض و المعنى أن يغضضن من أبصارهن مطرقات أي راميات بأبصارهن إلى الأرض و يتخفرن من السوء معرضات عنه. و قال في مادة طرف من النهاية و في حديث أم سلمة قالت لعائشة حماديات النساء غض الأطراف أرادت قبض اليد و الرجل عن الحركة و السعي تعني تسكين الأطراف و هي الأعضاء ثم ذكر كلام القتيبي و الزمخشري و قال في خفر الإعراض أي الحياء من كل ما يكره لهن أن ينظرن إليه فأضافت الخفر إلى الإعراض أي الذي تستعمل لأجل الإعراض. و يروى الأعراض بالفتح جمع العرض أي إنهن يستحيين و يتسترن لأجل أعراضهن و صونها انتهى. أقول و العرض و إن ورد بمعنى الجسد لكن في هذا المقام بعيد قال الفيروزآبادي العرض بالكسر الجسد و كل موضع يعرق منه و رائحته رائحة طيبة كانت أو خبيثة و النفس و جانب الرجل الذي يصونه من نفسه و حسبه أن ينتقض و يثلب. و قال في الفائق الوهازة الخطو يقال هو يتوهز و يتوهس إذا وطئ وطئا ثقيلا. و قال ابن الأعرابي الوهازة مشية الخفرات و الأوهز الرجل الحسن المشية.

  و قال ابن الأثير في النهاية النص التحريك حتى يستخرج أقصى سير الناقة و أصل النص أقصى الشي‏ء و غايته ثم سمي به ضرب من السير سريع و منه حديث أم سلمة ناصة قلوصا أي دافعة لها في السير و قال القلوص الناقة و الفجوة ما اتسع من الأرض و قال الزمخشري في الفائق السدافة و السجافة الستارة و توجيهها هتكها و أخذ وجهها كقولك لأخذ قذى العين تقذيته أو تغييرها و جعلها لها وجها غير الوجه الأول. و في النهاية العهيدى بالتشديد و القصر فعيلى من العهد كالجهيدى من الجهد و العجيلى من العجلة. و أما ما ذكره الصدوق رحمه الله فكأنه قرأ على فعيل مخففا قال الجوهري عهيدك الذي يعاهدك و تعاهده و أراد أنه مأخوذ من العهيد بهذا المعنى. و في الفائق وقاعة الستر و موقعته موقعه على الأرض إذا أرسلت و يروى وقاحة الستر أي وساحة الستر و موضعه. قوله و في رواية القتيبي إلى قولها نهستني نهس الرقشاء لعل الاختلاف بين الروايتين في السين المهملة و المعجمة و هما متقاربان معنى إذ بالمهملة معناه أخذ اللحم بأطراف الأسنان و بالمعجمة لسع الحية و الأخير أنسب و في بعض النسخ نهست ففيه اختلاف آخر. و قال في النهاية في حديث أم سلمة قالت لعائشة لو ذكرتك قولا تعرفينه نهشته نهش الرقشاء المطرق الرقشاء الأفعى سميت به لترقيش في ظهرها و هي خطوط و نقط و إنما قالت المطرق لأن الحية تقع على الذكر و الأنثى انتهى و لعله كناية عن سمنها و كثرة سمها أو استغفالها و أخذها دفعة. و في رواية أحمد بن أبي طاهر و قد سكن القرآن ذيلك فلا تبدحيه و هدأ من عقيرتك فلا تصحليها. و في مادة بدح من كتاب النهاية و في حديث أم سلمة قالت لعائشة قد جمع القرآن ذيلك فلا تبدحيه أي لا توسعيه بالحركة و الخروج و البدح العلانية و بدح بالأمر باح به و يروى بالنون انتهى. و هدأ على التفعيل أي سكن و العقيرة على فعيلة الصوت أو

  صوت المغني و الباكي و القاري. و قال في النهاية الصحل بالتحريك كالبحة و منه فإذا أنا بهاتف يهتف بصوت صحل و منه أنه كان يرفع صوته بالتلبية حتى يصحل أي يبح. ثم في تلك الرواية الله من وراء هذه الأمة لو أراد أن يعهد فيك بله أن قد نهاك عن الفرطة في البلاد قال الجوهري بله كلمة مبنية على الفتح مثل كيف و معناها دع و يقال معناها سوى. و قال الفيروزآبادي بله ككيف اسم له كدع و مصدر بمعنى الترك و اسم مرادف لكيف و ما بعدها منصوب على الأول مخفوض على الثاني مرفوع على الثالث و فتحها بناء على الأول و الثالث إعراب على الثاني و الفراطة بالضم أيضا بمعنى التقدم. ثم فيها ما كنت قائلة لو أن كان رسول الله ص عارضك بأطراف الفلوات ناصة قعودا من منهل إلى منهل إن بعين الله مثواك و على رسول الله تعرضين و لو أمرت بدخول الفردوس لاستحييت أن ألقى محمدا هاتكة حجابا جعله الله علي فاجعليه سترك وقاعة البيت قبرك حتى تلقينه و هو عنك راض. قولها و ما أنا بمغتمرة بعد التغريد لعل المعنى أني بعد ما أعلنت العداوة و علم الناس بخروجي لا أرجع إلى إخفاء الأمر و الإشارة بالعين و الحاجب. و يمكن أن يقرأ بمغتمرة على بناء المفعول أي لا يطعن على أحد بعد تغريدي و رفعي الصوت بأمري قال الجوهري فعلت شيئا فاغتمزه فلان أي طعن علي و وجد بذلك مغمزا. و قال الغرد بالتحريك التطريب في الصوت و الغناء و التغريد مثله

  -128  ختص، ]الإختصاص[ محمد بن علي بن شاذان عن أحمد بن يحيى النحوي أبي العباس ثعلب عن أحمد بن سهل عن يحيى بن محمد بن إسحاق بن موسى عن أحمد بن قتيبة عن عبد الحكم القتيبي عن أبي كبسة و يزيد بن رومان قالا لما اجتمعت عائشة على الخروج إلى البصرة أتت أم سلمة رضي الله عنها و كانت بمكة فقالت يا ابنة أبي أمية كنت كبيرة أمهات المؤمنين و كان رسول الله ص يقمأ في بيتك و كان يقسم لنا في بيتك و كان ينزل الوحي في بيتك قالت لها يا بنت أبي بكر لقد زرتيني و ما كنت زوارة و لأمر ما تقولين هذه المقالة قالت إن ابني و ابن أخي أخبراني أن الرجل قتل مظلوما و أن بالبصرة مائة ألف سيف يطاعون فهل لك أن أخرج أنا و أنت لعل الله أن يصلح بين فئتين متشاجرتين فقالت يا بنت أبي بكر أ بدم عثمان تطلبين فلقد كنت أشد الناس عليه و إن كنت لتدعينه بالتبري أم أمر ابن أبي طالب تنقضين فقد بايعه المهاجرون و الأنصار إنك سدة بين رسول الله ص و بين أمته و حجابه مضروبة على حرمه و قد جمع القرآن ذيلك فلا تبذخيه و سكني عقيراك فلا تضحي فلا تفضحي بها الله من وراء هذه الأمة قد علم رسول الله ص مكانك و لو أراد أن يعهد إليك فعل قد نهاك رسول الله ص عن الفراطة في البلاد إن عمود الإسلام لا ترأبه النساء إن انثلم و لا يشعب بهن إن انصدع حماديات النساء غض بالأطراف و قصر الوهادة و ما كنت قائلة لو أن رسول الله ص عرض لك ببعض الفلوات و أنت ناصة قلوصا من منهل إلى آخر إن بعين الله مهواك و على رسول الله تردين و قد وجهت سدافته و تركت عهيداه أقسم بالله لو سرت مسيرك هذا ثم قيل لي ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمدا ص هاتكة حجابا قد ضربه علي اجعلي حصنك بيتك و قاعة الستر قبرك حتى تلقيه و أنت على ذلك أطوع ما تكونين لله ما لزمته و أنصر ما تكونين للدين ما جلست عنه ثم قالت لو ذكرتك من رسول الله ص خمسا في علي ص لنهشتني نهش الحية الرقشاء بالمطرقة ذات الخبب أ تذكرين إذ كان رسول الله ص يقرع بين نسائه إذا أراد سفرا فأقرع بينهن فخرج سهمي و سهمك فبينا نحن معه و هو هابط من قديد و معه علي ص و يحدثه فذهبت لتهجمي عليه فقلت لك رسول الله ص معه ابن عمه و لعل له إليه حاجة فعصيتني و رجعت باكية فسألتك فقلت بأنك هجمت عليهما فقلت يا علي إنما لي من رسول الله ص يوم من تسعة أيام و قد شغلته عني فأخبرتيني أنه قال لك أ تبغضينه فما يبغضه أحد من أهلي و لا من أمتي إلا خرج من الإيمان أ تذكرين هذا يا عائشة قالت نعم و يوم أراد رسول الله ص سفرا و أنا أجش له جشيشا فقال ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تنبحها كلاب الحوأب فرفعت يدي من الجشيش و قلت أعوذ بالله أن أكونه فقال و الله لا بد لإحداكما أن تكونه اتقي الله يا حميراء أن تكونيه أ تذكرين هذا يا عائشة قالت نعم و يوم تبدلنا لرسول الله ص فلبست ثيابي و لبست ثيابك فجاء رسول الله ص فجلس إلى جنبك فقال أ تظنين يا حميراء أني لا أعرفك أما إن لأمتي منك يوما مرا أو يوما أحمر أ تذكرين هذا يا عائشة قالت نعم و يوم كنت أنا و أنت مع رسول الله ص فجاء أبوك و صاحبه يستأذنان فدخلنا الخدر فقالا يا رسول الله إنا لا ندري قدر مقامك فينا فلو جعلت لنا إنسانا نأتيه بعدك قال أما إني أعرف مكانه و أعلم موضعه و لو أخبرتكم به لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن عيسى ابن مريم فلما

 خرجا خرجت إليه أنا و أنت و كنت جريئة عليه فقلت من كنت جاعلا لهم فقال خاصف النعل و كان علي بن أبي طالب ص يصلح نعل رسول الله ص إذا تخرقت و يغسل ثوبه إذا اتسخ فقلت ما أرى إلا عليا فقال هو ذاك أ تذكرين هذا يا عائشة قالت نعم قالت و يوم جمعنا رسول الله في بيت ميمونة فقال يا نسائي اتقين الله و لا يسفر بكن أحد أ تذكرين هذا يا عائشة قالت نعم ما أقبلني لوعظك و أسمعني لقولك فإن أخرج ففي غير حرج و إن أقعد ففي غير بأس فخرجت من عندها فخرج رسولها فنادى في الناس من أراد أن يخرج فليخرج فإن أم المؤمنين غير خارجة فدخل عليها عبد الله بن الزبير فنفث في أذنها و قلبها في الذروة فخرج رسولها تنادي من أراد أن يسير فليسر فإن أم المؤمنين خارجة فلما كان من ندمها بعد انقضاء حرب الجمل ما كان أنشأت أم سلمة تقول

لو أن معتصما من زلة أحد كانت لعائشة الرتبى على الناس‏كم سنة من رسول الله تاركة و تلو آي من القرآن مدراس‏قد ينزع الله من ناس عقولهم حتى يكون الذي يقضي على الناس‏فيرحم الله أم المؤمنين لقد كانت تبدل إيحاشا بإيناس

 قال أبو العباس ثعلب قوله يقمأ في بيتك يعني يأكل و يشرب و قد جمع القرآن ذيلك فلا تبذخيه البذخ النفخ و الريا و الكبر سكني عقيراك مقامك و بذلك سمي العقار لأنه أصل ثابت و عقر الدار أصلها و عقر المرأة ثمن بضعها فلا تضحي بها قال الله عز و جل أَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَ لا تَضْحى أي لا تبرز للشمس و قال النبي ص لرجل محرم اضح لمن أحرمت له أي اخرج إلى البراز و الموضع الظاهر المنكشف من الأغطية و الستور الفراطة في البلاد السعي و الذهاب لا ترأبه النساء لا تضمه النساء و حمادى النساء ما يحمد منهن غض بالأطراف أي لا يبسطن أطرافهن في الكلام قصر الوهادة هي جمع وهد و وهاد و الوهاد الموضع المنخفض ناصة قلوصا النص السوق بالعنف و من ذلك الحديث عن رسول الله ص أنه كان إذا وجد فجوة نص أي أسرع و من ذلك نص الحديث أي رفعه إلى أصله بسرعة من منهل إلى آخر المنهل الذي يشرب منه الماء و مهواك الموضع الذي تهوين و تستقرين فيه قال الله عز و جل وَ النَّجْمِ إِذا هَوى أي نزل سدافته من السدفة و هي شدة الظلمة قاعة الستر و قاعة الدار صحنها و السدة الباب. إيضاح قال في النهاية فيه أنه ع كان يقمأ إلى منزل عائشة كثيرا أي يدخل و قمأت بالمكان قمأ دخلته و أقمت به كذا فسر في الحديث قال الزمخشري و منه اقتمأ الشي‏ء إذا جمعه. و في القاموس قمأت الإبل بالمكان أقامت لخصبه فسمنت و تقمأ المكان وافقه فأقام به كقماء. و بذخ من باب تعب طال أو تكبر و لم أر في كتب اللغة مجي‏ء بذخ بمعنى النفخ و لعله قرئ على بناء الإفعال و استعمل في هذا المعنى تجوزا أو كان هذا هو الأصل و استعمل في الكبر تجوزا ثم صار حقيقة فيه. و الخبب محركة ضرب من العدو و القديد كزبير اسم واد و موضع قوله أجش له جشيشا بالجيم و الشين المعجمة قال الفيروزآبادي جشه دقه و كسره و الجشيش السويق و حنطة تطحن جليلا فتجعل في قدر و يلقى فيه لحم أو تمر فيبطخ و التبذل ترك التزين و لبس ثياب المهنة و الابتذال ضد الصيانة و لعل المراد هنا جعلهما نفسهما عرضة للطفه كأنهما خلقتا و ابتذلتا كما ورد في خبر آخر في كيفية معاشرة الزوجين و لم تبذل له تبذل الرجل و كان لفظ المصدر المأخوذ منه يحتمل الدال المهملة أيضا فالمراد الزينة و تغيير الثياب. أو يوما أحمر أي يوما صعبا شديدا و يعبر عن الشدة بالحمرة يقال أحمر البأس أي اشتد إما لحمرة النار أو لحمرة الدم. قوله ص و لا يسفر بكن أحد قال الجوهري سفرت المرأة كشفت عن وجهها فهي سافر و يقال سفرت أسفر سفورا خرجت إلى السفر فأنا سافر انتهى. و الظاهر في الخبر المعنى الأخير و إن كان المعنى الأول أيضا محتملا. قوله في الذروة أي كان هذا النفث حال كونه في ذروتها و راكبا على سنامها كناية عن التسلط عليها و لعل فيه سقطا. قال في النهاية في حديث الزبير سأل عائشة الخروج إلى البصرة فأبت عليه فما زال يفتل في الذروة و الغارب حتى أجابته جعل فتل وبر ذروة البعير و غاربه مثلا لإزالتها عن رأيها كما يفعل بالجمل النفور إذا أريد تأنيسه و إزالة نفاره انتهى. و لا يخفى تصحيف الوهادة و بعد ما ذكره ثعلب في السدافة و إن وردت في اللغة بهذا المعنى. و قال ابن أبي الحديد قولها الله من وراء هذه الأمة أي محيط بهم و حافظ لهم و عالم بأحوالهم كقوله تعالى وَ اللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ. و قال إن بعين الله مهواك أي إن الله يرى سيرك و حركتك و الهوى الانحدار في السير من النجد إلى الغور و على رسول الله تردين أي تقدمين في القيامة و قال وجهت سدافته أي نظمتها بالخرز و الوجيهة خرزة معروفة و عادة العرب أن تنظم على المحمل خرزات إذا كان للنساء. و قال و تركت عهيداه لفظة مصغرة مأخوذة من العهد مشابهة لقولها عقيراك.

  قولها و أنت على تلك أي على تلك الحال. قولها أطوع ما تكونين أطوع مبتدأ و إذا لزمته خبر المبتدإ و الضمير في لزمته راجع إلى العهد و الأمر الذي أمرت به. قولها لنهشت به نهش الرقشاء المطرقة أي لعضك و نهشك ما أذكره لك و أذكرك به كما ينهشك أفعى رقشاء و الرقش في ظهرها هو النقط و الأفعى يوصف بالإطراق و كذلك الأسد و النمر و الرجل الشجاع و كان معاوية يقول في علي الشجاع المطرق

129-  أقول و روى أحمد بن أعثم الكوفي في تاريخه أن عائشة أتت أم سلمة فقالت لها أنت أقرب منزلة من رسول الله ص في نسائه و أول من هاجر معه و كان رسول الله يبعث إلى بيتك ما يتحف له ثم يقسمه بيننا و أنت تعلمين ما نال عثمان من هذه الأمة من الظلم و العدوان و لا أنكر عليهم إلا أنهم استتابوه فلما تاب و رجع قتلوه و قد أخبرني عبد الله بن عامر و كان عامل عثمان على البصرة أنه قد اجتمع بالبصرة مائة ألف من الرجال يطلبون بثأره و أخاف الحرب بين المسلمين و سفك الدماء بغير حل فعزمت على الخروج لأصلح بينهم فلو خرجت معنا لرجونا أن يصلح الله بنا أمر هذه الأمة فقالت أم سلمة يا بنت أبي بكر أ ما كنت تحرضين الناس على قتله و تقولين اقتلوا نعثلا فقد كفر و ما أنت و الطلب بثأره و هو رجل من بني عبد مناف و أنت امرأة من تيم بن مرة ما بينك و بينه قرابة و ما أنت و الخروج على علي بن أبي طالب أخي رسوله ص و قد اتفق المهاجرون و الأنصار على إمامته ثم ذكرت طرفا من مناقبه و عدت نبذة من فضائله و قد كان عبد الله بن الزبير واقفا على الباب يسمع كلامها فناداها يا أم سلمة قد علمنا بغضك لآل الزبير و ما كنت محبة لنا و لا تحبينا أبدا فقالت أم سلمة أ تريد أن نخرج على خليفة رسول الله و من علم المهاجرون و الأنصار أن رسول الله ص ولاه أمر هذه الأمة فقال ما سمعنا ذلك من رسول الله فقالت إن كنت لم تسمع فقد سمعته خالتك هذه فاسأليها تحدثك و قد سمعت رسول الله يقول لعلي بن أبي طالب أنت خليفتي في حياتي و بعد موتي من عصاك فقد عصاني أ هكذا يا عائشة فقالت نعم سمعته من رسول الله ص و أشهد بها فقالت أم سلمة فاتقي الله يا عائشة و احذري ما سمعت من رسول الله و قد قال لك لا تكوني صاحبة كلاب الحوأب و لا يغرنك الزبير و طلحة فإنهما لا يغنيان عنك من الله شيئا فقامت عائشة مغضبة فخرجت من بيتها

130-  و قال ابن أبي الحديد في شرح النهج روى هشام بن محمد الكلبي في كتاب الجمل أن أم سلمة كتبت إلى علي ع من مكة أما بعد فإن طلحة و الزبير و أشياعهم أشياع الضلالة يريدون أن يخرجوا بعائشة إلى البصرة و معهم عبد الله بن عامر بن كريز و يذكرون أن عثمان قتل مظلوما و أنهم يطلبون بدمه و الله كافيهم بحوله و قوته و لو لا ما نهانا الله عنه من الخروج و أمرنا به من لزوم البيت لم أدع الخروج إليك و النصرة لك و لكني باعثة نحوك ابني عدل نفسي عمر بن أبي سلمة فاستوص به يا أمير المؤمنين خيرا قال فلما قدم عمر على علي ع أكرمه و لم يزل مقيما معه حتى شهد مشاهده كلها و وجهه علي ع أميرا على البحرين و قال لابن عم له بلغني أن عمر يقول الشعر فابعث إلي شيئا من شعره فبعث إليه بأبيات له أولها جزتك أمير المؤمنين قرابة رفعت بها ذكري جزاء موفرا فعجب علي ع من شعره و استحسنه

 قال و قال أبو مخنف جاءت عائشة إلى أم سلمة تخادعها على الخروج للطلب بدم عثمان فقالت لها يا بنت أبي أمية أنت أول مهاجرة من أزواج رسول الله ص و أنت كبيرة أمهات المؤمنين و كان رسول الله ص يقسم لنا من بيتك و كان جبرئيل أكثر ما يكون في منزلك فقالت أم سلمة لأمر ما قلت هذه المقالة فقالت عائشة إن عبد الله أخبرني أن القوم استتابوا عثمان فلما تاب قتلوه صائما في شهر حرام و قد عزمت الخروج إلى البصرة و معي الزبير و طلحة فاخرجي معنا لعل الله أن يصلح هذا الأمر على أيدينا و بنا فقالت أم سلمة إنك كنت بالأمس تحرضين على عثمان و تقولين فيه أخبث القول و ما كان اسمه عندك إلا نعثلا و إنك لتعرفين منزلة علي بن أبي طالب من رسول الله ص أ فأذكرك قالت نعم قالت أ تذكرين يوم أقبل النبي ع و نحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال خلا بعلي يناجيه فأطال فأردت أن تهجمي عليهما فنهيتك فعصيتني فهجمت عليهما فما لبثت أن رجعت باكية فقلت ما شأنك فقلت إني هجمت عليهما و هما تتناجيان فقلت لعلي ليس لي من رسول الله إلا يوم من تسعة أيام فما تدعني يا ابن أبي طالب و يومي فأقبل رسول الله ص علي و هو غضبان محمر الوجه فقال ارجعي وراءك و الله لا يبغضه أحد من أهل بيتي و لا من غيرهم من الناس إلا و هو خارج من الإيمان فرجعت نادمة ساقطة فقالت عائشة نعم أذكر ذلك قالت و أذكرك أيضا كنت أنا و أنت مع رسول الله ص و أنت تغسلين رأسه و أنا أحيس له حيسا و كان الحيس يعجبه فرفع رأسه و قال ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأدبب تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة عن الصراط فرفعت يدي من الحيس فقلت أعوذ بالله و رسوله من ذلك ثم ضرب على ظهرك و قال إياك أن تكونيها ثم قال يا بنت أبي أمية إياك أن تكونيها ثم قال يا حميراء أما إني فقد أنذرتك قالت عائشة نعم أذكر هذا قالت و أذكرك أيضا كنت أنا و أنت مع رسول الله ص في سفر له و كان علي يتعاهد نعلي رسول الله فيخصفهما و يتعاهد أثوابه فيغسلها فنقبت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها في ظل سمرة و جاء أبوك و معه عمر فاستأذنا عليه فقمنا إلى الحجاب و دخلا فحادثاه فيما أرادا ثم قالا يا رسول الله إنا لا ندري قدر ما تصحبنا فلو أعلمتنا من تستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا فقال لهما أما إني قد أرى مكانه و لو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران فسكتا ثم خرجا فلما خرجنا إلى رسول الله ص قلت له و كنت أجرأ عليه منا من كنت يا رسول الله مستخلفا عليهم فقال خاصف النعل فنظرنا فلم نر أحدا إلا عليا فقلت يا رسول الله ما أرى إلا عليا فقال هو ذاك فقالت عائشة نعم أذكر ذلك فقالت فأي خروج تخرجين بعد هذا فقالت إنما أخرج للإصلاح بين الناس و أرجو فيه الأجر إن شاء الله تعالى فقالت أنت و رأيك فانصرفت عائشة عنها و كتبت أم سلمة بما قالت و قيل لها إلى علي ع