باب 4- الجراد و السمك و سائر حيوان الماء

 الآيات النحل وَ هُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا فاطر وَ مِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا. تفسير سَخَّرَ الْبَحْرَ قيل أي جعله بحيث يتمكنون من الانتفاع به بالركوب و الاصطياد و الغوص لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا سمى لحما جريا على اللغة و عرفا يطلق مقيدا فيقال لحم السمك و يقابل به المطلق فيقال أكلت لحما و سمكا و تقييده بالطري ليس مخصصا له بالتحليل للإجماع على حل غيره أيضا لكن لما خرجت مخرج الامتنان و كان في طراوته ألذ كان التقييد به أليق و قيل وصفه بالطري لسرعة تطرق التغيير إليه و لا ريب أنه أطرى اللحوم و استدل مالك و الثوري بالآية على أن السمك لحم فإذا حلف لا يأكل لحما حنث بالسمك و أجيب بأنه لحم لغة لا عرفا و الأيمان مبنية على العرف لكونه طاريا على اللغة ناسخا لحكمها و فيه إشكال وَ مِنْ كُلٍّ أي من البحرين تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا الكلام فيه كما مر. و قال الدميري السمك من خلق الماء الواحدة سمكة و الجمع أسماك و سموك و هو أنواع كثيرة و لكل نوع اسم خاص

 قال النبي ص إن الله خلق ألف أمة ستمائة منها في البحر و أربعمائة في البر

و من أنواع الأسماك ما لا يدرك الطرف أولها و آخرها لكبرها و ما لا يدركها الطرف لصغرها و كله يأوي الماء و يستنشقه كما يستنشق بنو آدم و حيوان البر الهواء إلا أن حيوان البر يستنشق الهواء بالأنوف و يصل ذلك إلى قصبة الرئة و السمك يستنشق بأصداغه فيقوم له الماء في تولد الروح الحيواني في قلبه مقام الهواء و إنما استغنى عن الهواء في إقامة   الحيوان و لم نستغن نحن و ما أشبهنا من الحيوان عنه لأنه من عالم الماء و الأرض دون عالم الهواء و نحن من عالم الماء و الهواء و الأرض و نسيم البر لو مر على السمك ساعة لهلك و هو بجملته شره كثير الأكل لبرد مزاج معدته و قربها من فمه و أنه ليس له عنق و لا صوت إذ لا يدخل إلى جوفه هواء البتة و لذلك يقول بعضهم إن السمك لا رئة له كما أن الفرس لا طحال له و الجمل لا مرارة له و النعامة لا مخ له. و صغار السمك تحترس من كباره فلذلك تطلب ماء الشطوط و الماء القليل الذي لا يحمل الكبير و هو شديد الحركة لأن قوته المحركة للإرادة تجري في مسلك واحد لا ينقسم في عضو خاص و هذا بعينه موجود في الحيات و من السمك ما يتولد بسفاد و منها ما يتولد بغيره إما من الطين أو من الرمل و هو الغالب في أنواعه و غالبا يتولد من العفونات و بيض السمك ليس له بياض و لا صفرة إنما هو لون واحد و في البحر من العجائب ما لا يستطاع حصره حكى القزويني في عجائب المخلوقات عن عبد الرحمن بن هارون المغربي قال ركبت بحر المغرب فوصلت إلى موضع يقال له البرطون و كان معنا غلام صقلي له صنارة فألقاها في البحر فصاد بها سمكة نحو الشبر فنظرنا فإذا خلف أذنها اليمنى مكتوب لا إله إلا الله و في قفاها محمد و في خلف أذنها اليسرى رسول الله ص

1-  دعائم الإسلام، عن رسول الله ص أنه قال إدمان أكل السمك الطري يذيب الجسد و كان إذا أكل السمك قال اللهم بارك لنا فيه و أبدلنا خيرا منه

2-  و قال جعفر بن محمد ع أكل التمر بعده يذهب أذاه

3-  و عن جعفر بن محمد ع أنه نهى عن أكل ما صاده المجوس من الحوت و   الجراد لأنه لا يأكل منه إلا ما أخذ حيا

4-  الهداية، كل من المسك ما كان له فلوس و لا تأكل ما ليس له فلس و ذكاة السمك و الجراد أخذه و لا تأكل الدبا من الجراد و هو الذي لا يستقل بالطيران و لا تأكل من السمك الجريث و لا المارماهي و لا الطافي و لا الزمير

5-  و سئل الصادق ع عن الربيثا فقال لا تأكلها فإنا لا نعرفها في السمك

 بيان هذا الخبر المرسل رواه الشيخ بسند موثق عن عمار الساباطي و حمله على الكراهة و ظاهر الأصحاب أن الربيثا غير الإربيان و يظهر من خبر سيأتي أنهما واحد و لم يذكر الربيثا فيما عندنا من كتب اللغة و لا كتب الحيوان لكنه مذكور في أخبارنا و كتب أصحابنا و لم يختلفوا في حله قال في السرائر لا بأس بأكل الكنعت و يقال أيضا الكنعد بالدال غير المعجمة و لا بأس أيضا بأكل الربيثا بفتح الراء و كسر الباء و كذلك لا بأس بأكل الإربيان بكسر الألف و تسكين الراء و كسر الباء و هو ضرب من السمك البحري أبيض كالدود و الجراد و الواحدة إربيانة انتهى و قد مضى خبر آخر في النهي عن الإربيان

6-  كتاب عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال كان أصحاب المغيرة يكتبون إلي أن أسأله عن الجريث و المارماهي و الزمير و ما ليس له قشر من السمك حرام هو أم لا فسألته عن ذلك فقال لي اقرأ هذه الآية التي في   الأنعام فقرأتها حتى فرغت منها قال فقال لي إنما الحرام ما حرم الله في كتابه و لكنهم قد كانوا يعافون الشي‏ء و نحن نعافه

 التهذيب، بإسناده عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي نجران عن عاصم مثله إلا أنه زاد بعد قوله في الأنعام قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ قال فقرأتها إلخ

بيان في القاموس الزمير كسكيت نوع من السمك و ذكر أكثر أصحابنا الزمار و اعلم أنه لا خلاف بين المسلمين في حل السمك الذي له فلس و المعروف من مذهب الأصحاب تحريم ما ليس على صورة السمك من أنواع الحيوان البحري و ادعى الشهيد الثاني رحمه الله نفي الخلاف بين أصحابنا في تحريمه و تأمل فيه بعض المتأخرين لعدم ثبوت الإجماع عليه و شمول الأدلة العامة في التحليل له كما عرفت و لا ريب في أن العمل بما ذكره الأصحاب أولى و أحوط و اختلف الأصحاب فيما لا فلس له من السمك فذهب الأكثر و منهم الشيخ في أكثر كتبه إلى تحريمه مطلقا و ذهب الشيخ في كتابي الأخبار إلى الإباحة ما عدا الجري و حمل الأخبار الدالة على تحريمها على الكراهة لروايات صحيحة دالة على الحل منها هذه الرواية و المحرمون حملوها على التقية و هو أحوط

7-  الدر المنثور، عن عكرمة قال قال ابن عباس مكتوب على الجرادة بالسريانية إني أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي الجراد جند من جندي أسلطه على من أشاء من عبادي

8-  و عن أبي زهير قال لا تقتلوا الجراد فإنه جند من جند الله الأعظم

    -9  و عن الحسين بن علي ع قال كنا على مائدة أنا و أخي محمد بن الحنفية و بني عمي عبد الله بن عباس و قثم و الفضل فوقعت جرادة فأخذها عبد الله بن عباس فقال للحسن تعلم ما مكتوب على جناح الجرادة فقال سألت أبي فقال سألت رسول الله ص فقال لي على جناح الجرادة مكتوب إني أنا الله لا إله إلا أنا رب الجرادة و رازقها إذا شئت بعثتها رزقا لقوم و إن شئت على قوم بلاء فقال ابن عباس هذا و الله من مكنون العلم

10-  حياة الحيوان، بإسناد الطبراني عن الحسن بن علي ع قال كنا على مائدة و ذكر نحوه

 بيان يحتمل أن يكون الكتابة المذكورة كناية عن أن خلقتها على الهيئة المذكورة تدل على وجود الصانع و وحدته و كونه رب الجرادة و غيرها و أنها تكون نعمة و بلاء و فيها استعدادهما و الله يعلم

11-  كتاب المسائل، بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الجري يحل أكله فقال إنا وجدناه في كتاب أمير المؤمنين ع حراما

12-  كتاب صفات الشيعة، عن علي بن أحمد بن عبد الله عن أبيه عن جده أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن عمرو بن شمر عن عبيد الله عن الصادق ع قال من أقر بسبعة أشياء فهو مؤمن البراءة من الجبت و الطاغوت و الإقرار بالولاية و الإيمان   بالرجعة و الاستحلال للمتعة و تحريم الجري و المسح على الخفين

13-  قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن الجراد نصيبه ميتا في الصحراء أو في الماء أ يؤكل قال لا تأكله قال و سألته عن الجراد نصيده فيموت بعد ما نصيده فيؤكل قال لا بأس قال سألته عن الدبى من الجراد أ يؤكل قال لا حتى يستقل بالطيران

 كتاب المسائل، بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه ع مثل الجميع إلا أنه قال في الأخير قال سألته عن الدبى هل يحل أكله قال لا يحل أكله حتى يطير

 بيان الدبى بفتح الدال و تخفيف الباء مقصورا هو الجراد قبل أن يطير و ظهر جناحه و الواحدة دباة بفتح الدال أيضا. و قال في النهاية و قيل هو نوع يشبه الجراد. و يظهر من الأخبار الأول و لا خلاف ظاهرا في أن ذكاة الجراد أخذه حيا باليد أو بالآلة و المشهور أنه لا يشترط إسلام الآخذ إذا شاهده المسلم و ذهب ابن زهرة إلى المنع من صيد غير المسلم له مطلقا و لعل الأشهر أقوى و لو مات في الماء أو في الصحراء قبل أخذه لم يحل و لو وقع في أجمة نار فأحرقتها و فيها جراد لم تحل و إن قصده المحرق لا أعرف فيه خلافا بينهم و تدل عليه رواية عمار و لا خلاف أيضا في عدم حل الدبى و المشهور أنه يباح أكله حيا و بما فيه كالسمك و اشترط بعضهم في حله الموت و سيأتي ما يدل على عدم الاشتراط

    -14  دعائم الإسلام، عن علي ع أنه قال النون ذكي و الجراد ذكي و أخذه حيا ذكاة

15-  و عنه صلوات الله عليه أنه نهى عن الطافي و هو ما مات في البحر من صيده قبل أن يؤخذ

16-  و عن جعفر بن محمد ع أنه قال لا يؤكل من دواب البحر إلا ما كان له قشر و كره السلحفاة و السرطان و الجري و ما كان في الأصداف و ما جانس ذلك

17-  كتاب المسائل، بإسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عما صادت المجوس من الجراد و السمك أ يحل أكله قال صيده ذكاته لا بأس و سألته عن اللحم الذي يكون في أصداف البحر و الفرات أ يؤكل فقال ذلك لحم الضفادع لا يصلح أكله

 قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر مثل السؤال الأخير إلا أن فيه لا يحل أكله كما في الكافي

 بيان ذلك لحم الضفادع أي شبيه به و حكمه حكمه و فيه إشعار بكونه حيوانا و قال الدميري الصدف من حيوانات البحر و في حديث ابن عباس إذ مطرت السماء فتحت الصدف أفواهها و هو غلاف اللؤلؤ الواحدة صدفة

18-  قرب الإسناد، و كتاب المسائل، بإسنادهما عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن أكل السلحفاة و السرطان و الجري أ يحل أكله قال لا يحل أكل السلحفاة و السرطان و الجري

    فائدة قال الدميري السلحفاة البرية بفتح اللام واحدة السلاحف قال أبو عبيدة و حكى الراوي سلحفة و سلحفاة و هي بالهاء عند الكافة و عند ابن عبدوس السلحفا بغير هاء و ذكرها يقال له غيلم و هذا الحيوان يبيض في البر فما نزل في البحر كان لجأة و ما استمر في البر كان سلحفاة و يعظم الصنفان جدا إلى أن يصير كل واحد منهما حمل جمل و إذا أراد الذكر السفاد و الأنثى لا تطيعه يأتي الذكر بحشيشة في فيه خاصيتها أن صاحبها يكون مقبولا فعند ذلك تطاوعه و هذه الحشيشة لا يعرفها إلا قليل من الناس و هي إذا باضت صرفت همتها إلى بيضها بالنظر إليه و لا تزال كذلك حتى يخلق الولد منها إذ ليس لها أن تحضنه حتى يكمل بحرارتها لأن أسفلها صلب لا حرارة فيه و ربما تقبض السلحفاة على ذنب الحية و تقمع رأسها من ذنبها و الحية تضرب بنفسها على ظهر السلحفاة و على الأرض حتى تموت و لذكرها ذكران و للأنثى فرجان و الذكر يطيل المكث في السفاد و السلحفاة مولعة بأكل الحيات فإذا أكلتها أكلت بعدها سعترا و الترس الذي على ظهرها وقايتها. و قال السلحفاة البحرية اللجاة بالجيم و هي تعيش في البر و البحر و اللجأة البحرية لها لسان في صدورها من أصابته به من الحيوان قتله و لها حيلة عجيبة في صيدها من طائر أو غيره و ذلك أنها تغوص في الماء ثم تتمرغ في التراب ثم تكمن للظبي في مواضع شربها فيختفي عليه لونها فتمسكه و تغوص به في الماء حتى يموت و قال أرسطاطاليس في النعوت ما خرج من بيض اللجأة مستقبل البحر صار إلى البحر و ما خرج مستقبل البر صار إلى البر و كلهن يردن الماء لأنهن   من خلق الماء قال و هي تأكل الثعابين. و قال السرطان بفتح السين و الراء المهملتين و بالنون في آخره حيوان معروف و يسمى عقرب الماء و كنيته أبو بحر و هو من خلق الماء و يعيش في البر أيضا و هو جيد المشي سريع العدو ذو فكين و مخالب و أظفار حداد كثير الأسنان صلب الظهر من رآه رأى حيوانا بلا رأس و لا ذنب عيناه في كتفه و فمه في صدره و فكاه مستويان من الجانب و له ثمانية أرجل و هو يمشي على جانب واحد و يستنشق الماء و الهواء معا و يسلخ جلده في السنة ست مرات و يتخذ لجحره بابين أحدهما إلى الماء و الآخر إلى اليبس فإذا سلخ جلده سد عليه ما يلي الماء خوفا على نفسه من سباع السمك و ترك ما يلي اليبس مفتوحا ليصل إليه الريح فتجف رطوبته و يشتد فإذا اشتد فتح ما يلي الماء و طلب معاشه و قال أرسطاطاليس في النعوت و زعموا أنه إذا وجد سرطان ميت في حفرة مستلقيا على ظهره في قرية أو أرض تأمن تلك البقعة من الآفات السماوية و إذا علق على الأشجار يكثر ثمرها

19-  الكافي، المكارم، عن ابن نباتة عن علي ع أنه قال لا تبيعوا الجري و لا المارماهي و لا الطافي

20-  المحاسن، عن أبي أيوب المديني و غيره عن ابن أبي عمير عن ابن المغيرة عن رجل عن أبي عبد الله ع قال الحوت ذكي حية و ميتة

 و منه عن أبيه عن عون بن حريز عن عمرو بن مروان الثقفي عن أبي عبد الله ع مثله   بيان يدل على أن الحوت يحل أكله حيا كما هو المشهور بين الأصحاب و ذهب الشيخ في المبسوط إلى توقف حله على الموت خارج الماء استنادا إلى أن ذكاته إخراجه من الماء حيا و موته خارجه فقبل موته لم تحصل الذكاة و لهذا لو عاد إلى الماء و مات فيه حرم و لو كان قد تمت ذكاته لما حرم بعدها و أجيب بمنع كون ذكاته يحصل بالأمرين معا بل بالأول خاصة بشرط عدم عوده إلى الماء و موته فيه مع أن عمومات الحل يشمله

21-  فقه الرضا، قال ع إن وجدت سمكة و لم تدر أ ذكي هو أم غير ذكي و ذكاته أن يخرج من الماء حيا فخذ منه و اطرحه في الماء فإن طفا على رأس الماء مستلقيا على ظهره فهو غير ذكي و إن كان على وجهه فهو ذكي

 بيان ذكر هذه العبارة بعينها الصدوق رحمه الله في الفقيه و المقنع و قال في الدروس و يحرم الطافي إذا علم أنه مات في الماء و لو علم كونه مات خارج الماء حل و لو اشتبه فالأقرب التحريم ثم ذكر كلام المقنع و قال و اختاره الفاضل انتهى و قال يحيى بن سعيد في الجامع إذا نصب شبكة فاجتمع فيها سمك جاز أكله فإن علم أن فيه ميتا في الماء و لم يتميز ألقى ذلك في الماء فإن طفا على ظهره لم يؤكل و إن طفا على وجهه أكل و كذلك صيد الحظائر و قال ابن حمزة في الوسيلة إن وجدت سمكة على شاطئ الماء و لم تعلم حالها ألقيت في الماء فإن طفت على الظهر فهي ميتة و إن طفت على الوجه فذكية و نحوه قال سلار في المراسم و عد ابن البراج في المهذب في السموك المحللة كل ما وجد منه على ساحل البحر و ألقي في الماء فرسب أسفله و لم يطف عليه انتهى.   و كأنه حمل هذا الخبر على هذا المعنى و لا يخفى ما فيه و لعل السر فيما ورد في الخبر أن الذي يموت في الماء يتنفخ بطنه غالبا فيقع في الماء على ظهره دون ما مات خارج الماء و الظاهر أن وقوع السمك الطري الميت على وجهه في الماء في غاية الندرة و أما غير الطري فهو يرسب في الماء سواء مات خارج الماء أو داخله و لعله لذلك أعرض عنه أكثر المتأخرين

21-  المكارم، عن أحمد بن إسحاق قال كتبت إلى أبي محمد ع سألته عن الإسقنقور يدخل في دواء الباه له مخاليب و ذنب أ يجوز أن يشرب فقال إذا كان له قشور فلا بأس

 توضيح قال في القاموس إسقنقور دابة تنشأ بشاطئ بحر النيل لحمها باهي. و قال الدميري في الإسقنقور قال بختيشوع إنه التمساح البري لحمه حار في الطبقة الثانية إذا ملح و شرب منه مثقال زاد في الباه و تهيج الشهوة و يسخن الكلى الباردة و قال ابن زهير هي دابة بمصر شكلها كالوزغة على عظيم خلقته و إذا علقت عينها على من يفزع بالليل أبرأته إذا لم يكن من خلط و قال أرسطاطاليس في كتاب الحيوان الكبير إن شربه يهيج الباه و يزيد في الإنعاظ في سائر البلاد إلا بمصر و هو أنفس ما يهدى منها لملوك الهند فإنهم يذبحونه بسكين من ذهب و يحشونه من ملح مصر و يحملونه كذلك إلى أرضهم فإذا وضعوا منه مثقالا على بيض أو لحم و أكل نفع من ذلك نفعا بليغا. و التمساح تبيض في البر فما وقع من ذلك في الماء صار تمساحا و ما بقي صار   سقنقورا و قال السقنقور نوعان هندي و مصري منه ما يتولد ببحر القلزم و بلاد الحبشة و هو يغتذي بالسمك في الماء و في البر بالقطا يسترطه كالحيات و أنثاه تبيض عشرين بيضة تدفنها في الرمل فيكون ذلك حضنا لها و من عجيب أمره أنه إذا عض إنسانا و سبقه إلى الماء و اغتسل منه مات السقنقور و إن سبق السقنقور إلى الماء مات الإنسان و المختار من أعضائه ما يلي ذنبه من ظهره فهو أبلغ نفعا و هذا الحيوان ما دام رطبا لحمه حار رطب في الدرجة الثانية و أما مملوحه المجفف فإنه أشد حرارة و أقل رطوبة قال في المفردات السقنقور الهندي نحو ذراعين طولا و عرضه نحو نصف ذراع و لحمه إذا أكل منه اثنان بينهما عداوة زالت و صارا متحابين و خاصية لحمه و شحمه إنهاض شهوة الجماع و تقوية الإنعاظ و النفع من الأمراض الباردة التي بالعصب و قال أرسطو لحم السقنقور الهندي إذا طبخ بإسفيداج نفخ اللحم و أسمن و لحمه يذهب وجع الصلب و وجع الكليتين و يدر المني و خوزته الوسطى إذا علقت على صلب إنسان هيجت الإحليل و زادت الجماع

22-  جامع الشرائع، ليحيى بن سعيد عن جعفر بن محمد ع كل ما كان في البحر مما يؤكل في البر مثله فجائز أكله و كل ما كان في البحر مما لا يجوز أكله في البر لم يجز أكله

 بيان لم أر قائلا بهذا الخبر إلا أن الفاضل المذكور نقله رواية و قد قال قبل ذلك لا يحل من صيد البحر سوى السمك فقد قيل فيه مثل كل ما في البر   و لا من السمك إلا ذو فلس

23-  قرب الإسناد، عن محمد بن عيسى و الحسن بن ظريف و علي بن إسماعيل كلهم عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله عن أبيه ع قال قال الحيتان و الجراد ذكي كله

 بيان الذكي فعيل بمعنى مفعول من التذكية و هي قطع الأوداج و كان المعنى أنهما لا يحتاجان إلى الذبح و النحر بل يكفي أخذهما كما سيأتي إن شاء الله

24-  قرب الإسناد، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد ع أنه سئل عن أكل الجراد فقال لا بأس بأكله ثم قال إنه نثرة من حوتة البحر ثم قال إن عليا ع قال إن الجراد و السمك إذا خرج من الماء فهو ذكي و الأرض للجراد مصيدة و السمك أيضا قد يكون

 بيان قال في النهاية في حديث ابن عباس الجراد نثرة الحوت أي عطسته و حديث كعب إنما هو نثرة حوت و في جامع الأصول النثرة للدواب شبه العطسة نثرت الدابة إذا طرحت ما في أنفها من الأذى. و قال الدميري اختلف في الجراد هل هو صيد بري أو بحري فقيل بحري

 لما روى ابن ماجة عن أنس أن النبي ص دعا على الجراد فقال اللهم أهلك كباره و أفسد صغاره و اقطع دابره و خذ بأفواهه عن معايشنا و أرزاقنا

فقال إن الجراد نثرة الحوت من البحر أي عطسته و المراد أن الجراد من صيد البحر يحل للمحرم أن يصيده و حكى الموفق بن طاهر قولا غريبا أنه من صيد البحر   لأنه يتولد من روث السمك و هو شاذ انتهى. أقول كان بعض أفراد الجراد يتولد من نثرة الحوت أو هو على سبيل التشبيه أي هو في الخلق و الطيب شبيه بالسمك فكأنه يتولد من نثرته و قوله إذا خرج متعلق بالسمك أو بهما إذا تولد الجراد من الماء و يؤيده أن الجراد في الكافي مؤخر عن السمك فقوله و الأرض للجراد مصيدة أي غالبا قوله ع و السمك أيضا قد يكون في الكافي و للسمك قد تكون أيضا و هو أظهر أي الأرض قد تكون مصيدة للسمك أيضا كما إذ وثب على الساحل فأدركه إنسان فأخذه قبل موته

25-  قرب الإسناد، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال سئل جعفر ع عن الربيثا فقال لا بأس بأكلها وددنا أن عندنا منها

26-  و منه، عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ع قال سألته عن سمكة و ثبت من النهر فوقعت على الجد فماتت هل يصلح أكلها قال إن أخذتها قبل أن تموت فكلها و إن ماتت قبل أن تأخذها فلا تأكلها و سألته عما حسر الماء من صيد البحر و هو ميت هل يحل أكله قال لا و سألته عن السمك يصاد ثم يوثق فيرد إلى الماء حتى يجي‏ء من يشتريه فيموت بعضه أ يحل أكله قال لا لأنه مات في الذي فيه حياته و رسالته عن الصيد يحبسه فيموت في مصيدته أ يحل أكله قال إذا كان محبوسا فكل فلا بأس

    كتاب المسائل مثل الجميع. تبيين لا خلاف بين الأصحاب في عدم حل ما مات من السمك في غير الشبكة و الحظيرة و المشهور بينهم أن ذكاة السمك أخذه حيا سواء أخذه من الماء أو ثبت اليد عليه خارج الماء حيا و لا فرق بين أن يكون المخرج من الماء مسلما أو كافرا على المشهور نعم لا يحل ما وجد في يد الكافر حتى يعلم أنه مات بعد إخراجه من الماء. و ظاهر المفيد تحريم ما أخرجه الكافر مطلقا و قال ابن زهرة الاحتياط تحريم ما أخرجه الكافر و يظهر من الشيخ في الإستبصار الحل إذا أخذه منه المسلم حيا و الأول أظهر و قيل المعتبر خروجه من الماء حيا سواء أخرجه من الماء مخرج أم لا و اختاره المحقق رحمه الله في النكت و يدل عليه رواية زرارة قال قلت السمكة تثب من الماء فتقع على الشط فتضطرب حتى تموت فقال كلها و رواية أخرى و تدل صدر هذه على عدم حلها إن مات قبل أخذها و هو أحوط و إن أمكن حمله على الكراهة و لا يشترط في حل السمك التسمية و غيرها مما يعتبر في الذبح و قال صاحب الوسيلة التسمية مستحبة فيه و لو أخذ و أعيد في الماء فمات فيه لم يحل كما يدل عليه هذا الخبر و كذا لو نصب الماء عنه لا خلاف في حرمته و أما إذا نصب شبكة فمات بعض ما حصل فيها و اشتبه الحي بالميت فقد قيل حل الجميع حتى يعلم الميت بعينه اختاره الشيخ في النهاية و القاضي و استحسنه المحقق لدلالة الأخبار الصحيحة عليه و ذهب ابن أبي عقيل إلى الحل مع التميز أيضا و هو الظاهر من الأخبار و أن المعتبر في حله قصد الاصطياد و يدل عليه آخر الخبر أيضا و ذهب ابن إدريس و العلامة و أكثر المتأخرين إلى تحريم الجميع لأن ما مات في الماء حرام و المجموع محصور و قد اشتبه الحلال بالحرام فيكون الجميع حراما و لو لم يشتبه   فأولى بتحريم الميت و أجابوا عن الأخبار بعدم صراحتها في الموت في الماء فلعله مات خارج الماء أو على الشك في موته في الماء فإن الأصل بقاء الحياة إلى أن فارقته و الأصل الإباحة. و أقول حرمة المشتبه بالحرام ممنوع و قد مضت الأخبار الدالة على خلافها و الاحتياط طريق النجاة

26-  الخصال، عن محمد بن الحسين بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحكم بن مسكين عن أبي سعيد المكاري عن سلمة بياع الجواري قال قال أبو عبد الله ع أما السمك فما لم يكن له قشر تأكله الخبر

27-  و منه، عن أحمد بن الحسن القطان و خمسة أخرى عن مشايخه عن أحمد بن يحيى بن زكريا عن بكر بن عبد الله بن حبيب عن تميم بن بهلول عن أبي معاوية عن الأعمش عن الصادق ع قال يؤكل من الجراد ما استقل بالطيران و ذكاة السمك و الجراد أخذه

 و قال ع الجري و المارماهي و الطافي و الزمير حرام و كل سمك لا تكون له فلوس فأكله حرام

28-  العيون، عن عبد الواحد بن عبدوس عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن شاذان عن الرضا ع فيما كتب للمأمون يحرم الجري و السمك و الطافي و المارماهي   و الزمير و كل سمك لا يكون له فلس

29-  الإحتجاج، عن هشام بن الحكم قال قال الصادق ع في جواب ما سأل الزنديق إن السمك ذكاته إخراجه حيا من الماء ثم يترك حتى يموت من ذات نفسه و ذلك أنه ليس له دم و كذلك الجراد الخبر

30-  العيون، عن جعفر بن نعيم بن شاذان عن عمه عن محمد بن شاذان عن الفضل بن شاذان عن ابن بزيع قال كتبت إلى الرضا ع اختلف الناس علي في الربيثا فما تأمرني فيها فكتب لا بأس بها

31-  العلل، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الصفار عن عبد الله بن الصلت عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله ع قال لا تأكل جريثا و لا مارماهيجا و لا إربيان و لا طحالا لأنه بيت الدم و مضغة الشيطان

32-  تحف العقول، قال الصادق ع لا بأس بأكل صنوف الجراد و ما يجوز أكله من صيد البحر من صنوف السمك ما كان له قشور فحلال أكله و ما لم يكن له قشور فحرام أكله

33-  إكمال الدين، عن علي بن أحمد الدقاق عن الكليني عن علي بن محمد عن محمد بن إسماعيل بن موسى عن أحمد بن القاسم العجلي عن أحمد بن يحيى المعروف ببرد عن محمد بن خداهي عن عبد الله بن أيوب عن عبد الله بن هشام عن عبد الكريم بن عمر   الجعفي عن حبابة الوالبية قالت رأيت أمير المؤمنين ع في شرطة الخميس و معه درة يضرب بها بياعي الجري و المارماهي و الزمير و الطافي و يقول لهم يا بياعي مسوخ بني إسرائيل و جند بني مروان فقام إليه فرات بن أحنف فقال له يا أمير المؤمنين و ما جند بني مروان فقال له أقوام حلقوا اللحى و فتلوا الشوارب

34-  صحيفة الرضا، بإسناده عن الرضا ع عن آبائه عن الحسين بن علي ع قال كنا أنا و أخي الحسن و أخي محمد بن الحنفية و بنو عمي عبد الله بن عباس و قثم و الفضل على مائدة نأكل فوقعت جرادة على المائدة فأخذها عبد الله بن عباس فقال للحسن يا سيدي ما المكتوب على جناح الجرادة قال سألت أمير المؤمنين ع فقال سألت جدك ص فقال على جناح الجراد مكتوب إني أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا رب الجرادة و رازقها إذا شئت بعثتها لقوم رزقا و إذا شئت بعثتها على قوم بلاء فقام عبد الله بن عباس فقبل رأس الحسن بن علي ع ثم قال هذا و الله من مكنون العلم

 دعوات الراوندي، عن الحسين ع مثله

35-  المحاسن، عن الوشاء عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لا بأس بكواميخ المجوس و لا بأس بصيدهم للسمك

 بيان حمله الشيخ و غيره على ما إذا أخذ المسلم منهم حيا أو شاهد المسلم إخراجه من الماء و الظاهر أن الكواميخ هي المتخذة من السمك و هذا التأويل فيه في غاية   البعد و يمكن حمله على التقية أو على ما ادعوا عدم ملاقاتهم لها مع حمل الكامخ على غير المتخذ من السمك

36-  المحاسن، عن يعقوب بن يزيد عن إبراهيم بن عبد الحميد قال قال سمعت أبا الحسن ع يقول عليكم بالسمك فإنه إن أكلته بغير خبز أجزأك و إن أكلته بخبز أمرأك

 بيان في النهاية مرأني الطعام و أمرأني إذا لم يثقل على المعدة و انحدر عنها طيبا قال الفراء يقال هنأني الطعام و مرأني بغير ألف فإذا أفردوها عن هنأني قالوا أمرأني

37-  المحاسن، عن نوح النيسابوري عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص إذا أكل السمك قال اللهم بارك لنا فيه و أبدلنا به خيرا منه

38-  و منه، عن أبي القاسم و يعقوب بن زيد عن العبدي عن ابن سنان و أبي البختري عن أبي عبد الله ع قال السمك الطري يذيب الجسد

39-  و منه، عن علي بن حسان عن موسى بن بكر القصير عن أبي الحسن ع مثله

40-  و منه، عن البزنطي عن عبد الله بن محمد الشامي عن حسين بن حنظلة عن أحدهما قال السمك يذيب الجسد

41-  و منه، عن محمد بن عيسى عن أبي بصير و أحمد بن محمد بن أبي نصر عن حماد بن عثمان عن محمد بن سوقة عن أبي عبد الله ع قال أكل الحيتان يذيب   الجسد

42-  و منه، عن بعض أصحابه عن عبد الله بن عبد الرحمن عن شعيب عن أبي بصير رفعه قال قال أمير المؤمنين ع مثله

43-  و منه، عن بعض أصحابه عن ابن أخت الأوزاعي عن مسعدة بن اليسع عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع السمك الطري يذيب اللحم

44-  و منه، عن عثمان بن عيسى رفعه قال السمك يذيب شحم العين

45-  و في حديث أخرى عن مسمع عن أبي عبد الله ع قال السمك الطري يذيب بمخ العين

46-  و في حديث آخر يذبل الجسد

47-  و منه، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال أكل الحيتان يورث السل

48-  و منه، عن نوح النيسابوري عن سعيد بن جناح عن مولى لأبي عبد الله ع قال دعا بتمر في الليل فأكله ثم قال ما بي شهوته و لكني أكلت سمكا ثم قال و من بات و في جوفه سمك و لم يتبعه بتمر أو عسل لم يزل عرق الفالج يضرب   عليه حتى يصبح

49-  و منه، عن أبيه عن صفوان عن منصور بن حازم عن سمرة بن سعيد قال خرج أمير المؤمنين على بغلة رسول الله ع و خرجنا معه نمشي حتى انتهينا إلى أصحاب السمك فجمعهم فقال أ تدرون لأي شي‏ء جمعتكم قالوا لا قال لا تشتروا الجري و لا المارماهي و لا الطافي على الماء و لا تبيعوه

50-  و منه، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال حدثني جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا ع كان يركب بغلة رسول الله ع ثم يمر بسوق الحيتان فيقول ألا لا تأكلوا و لا تبيعوا ما لم يكن له قشر

51-  و منه، عن هارون عن ابن صدقة عن جعفر عن أبيه قال سمعت أبي يقول إذا ضرب صاحب الشبكة فما أصاب فيها من حي و ميت فهو حلال ما خلا ما ليس له قشر و لا يؤكل الطافي من السمك

 بيان قال الشيخ في التهذيب هذا الخبر محمول على أنه حلال له الحي و الميت إذا لم يتميز له فأما مع تميزه فلا يجوز أكل ما مات فيه انتهى. و ربما يحمل على ما إذ لم يعلم موته قبل الخروج من الماء و بعده.

 و روى الشيخ بسند صحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع في رجل نصب   شبكة في الماء ثم رجع إلى بيته و تركها منصوبة فأتاه بعد ذلك و قد وقع فيها سمك فيموتن فقال ما عملت يده فلا بأس بأكل ما وقع فيها

و قد عرفت ما ذكره الأصحاب فيه. و أقول يحتمل أن يكون نصب تلك الشبكة في المواضع التي تزيد الماء فيها ثم تنقص بالمد و الجزر كالبصرة فعند المد تدخل الحيتان في الشبكة و عند الجزر تبقى فيها و يخرج منها الماء فحينئذ لا يكون موتها في الماء فقوله ع ما عملت يده لبيان أن الموت فيها بمنزلة الأخذ باليد و هذا وجه قريب شائع

52-  المحاسن، عن محمد بن علي الهمداني عن معتب قال قال لي أبو الحسن ع يوما يا معتب اطلب لنا حيتانا طرية فإني أريد أن أحتجم فطلبتها له فأتيته بها فقال لي يا معتب سكبج لي شطرها و اشو لي شطرها قال فتغدى منها أبو الحسن ع و تعشى

 بيان سكبج أي اطبخ به سكباجا و هو بالكسر معرب

53-  المحاسن، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن عمر بن حنظلة قالت حملت الربيثا في صرة إلى أبي عبد الله ع فسألته عنها فقال كلها و قال لها قشر

54-  و منه، عن أحمد بن محمد عن جعفر بن يحيى الأحول عن بعض أصحابه قال شهدت أبا الحسن موسى ع يأكل مع جماعة فأتي بسكرجات فمد يده إلى سكرجة فيها ربيثا فأكل منها فقال بعضهم جعلت فداك أردت أن أسألك عنها و قد رأيتك أكلتها   فقال لا بأس بأكلها

 توضيح قال في النهاية فيه لا آكل في سكرجة هي بضم السين و الكاف و الراء و التشديد إناء صغير يؤكل فيه الشي‏ء القليل من الأدم و هي فارسية و أكثر ما يوضع فيها الكواميخ و نحوها

55-  المحاسن، عن أبيه عن صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج عن علي بن حنظلة قال سألت أبا عبد الله ع عن الربيثا فقال قد سألني عنها غير واحد و اختلفوا علي في صفتها قال فرجعت فأمرت بها فجعلت ثم حملتها إليه فسألته عنها فرد علي مثل الذي رد فقلت قد جئتك بها فضحك فأريتها إياه فقال ليس به بأس

56-  و منه، عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال سئل أبو عبد الله ع عن الربيثا فقال لا بأس بأكلها و لوددت أن عندنا منها

57-  و منه، عن السياري عن محمد بن جمهور بإسناد له قال حمل رجل من أهل البصرة الإربيان إلى أبي عبد الله ع و قال إن هذا نتخذ منه عندنا شي‏ء يقال له الربيثا يستطاب أكله و يؤكل رطبا و يابسا و طبيخا و إن أصحابنا يختلفون منه فمنهم من يقول إن أكله لا يجوز و منهم من يأكله فقال لي كله فإنه جنس من السمك أ ما تراها تقلقل في قشرها

 بيان تقلقل أي يسمر لها صوت إذا حركت في صرة و نحوها و ذلك بسبب أن لها قشرا و إذا كان لها قشر و فلوس فهي حلال في القاموس قلقل صوت   و الشي‏ء قلقلة و قلقالا بالكسر و يفتح حركه. و في النهاية فيه و نفسه تقلقل في صدره أي تتحرك لا بصوت شديد و أصله الحركة و الاضطراب

58-  المحاسن، عن بعض العراقيين عن جعفر بن الزبير عن جعفر بن محمد بن الحكيم عن أبيه عن حديد قال قال أبو عبد الله ع إذا أكلت السمك فاشرب عليه الماء

59-  و منه، عن محمد بن سهل بن اليسع و النوفلي عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن عمر بن علي عن أبي الحسن الأول عن أبيه عن جده عن محمد بن علي بن الحنفية قال كنت أنا و عبد الله بن العباس بالطائف نأكل إذا جاءت جرادة فوقعت على المائدة فأخذها عبد الله بن العباس ثم قال يا محمد ما سمعت والدك يحدث في هذا الكتاب الذي على جناح الجرادة فقلت قال ع إن عليه مكتوبا إني أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا خلقت الجراد جندا من جنودي و أسلطه على من شئت من خلقي

60-  و منه، عن محمد بن علي عن أحمد بن عمر بن مسلم عن الحسن بن إسماعيل الميثمي عن يحيى بن ميمون البصري عن رجل عن مقسم مولى ابن عباس قال لما سير ابن الزبير عبد الله بن العباس إلى الطائف و زاره محمد بن علي بن الحنفية قال فبينا هو ذات يوم عنده إذ جي‏ء بالخوان للغداء فجاءت جرادة ضخمة حتى تقع على المائدة فسمع ابن عباس صوت وقعها فقال ما هذا الصوت الذي أسمع قالوا جرادة سقطت على المائدة قال فمن تناوله قالوا مقسم قال يا مقسم انشر جناحيها   فانظر ما ذا ترى تحتها قال أرى نقطا سودا قال فضرب بيده على فخذ محمد بن علي و كان إلى جنبه فقال هل عندكم في هذا شي‏ء فقال حدثني أبي عن رسول الله ص أنه ليس شي‏ء من جرادة إلا و تحت جناحها مكتوب بالسريانية إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ قاصم الجبابرة خلقت الجراد جندا من جنودي أهلك به من شئت من خلقي قال فتبسم ابن عباس ثم قال يا ابن عم هذا و الله من مكنون علمنا فاحتفظ به

61-  و منه، عن أبي أيوب المديني و غيره عن ابن أبي عمير عن ابن المغيرة عن رجل عن أبي عبد الله ع قال الجراد ذكي حيه و ميته

62-  و منه، عن عبد الله بن الصلت عن أنس عن عياض الليثي عن جعفر عن أبيه أن عليا ع كان يقول الجراد ذكي و الحيتان ذكي فما مات في البحر فهو ميت

63-  و منه، عن أبيه عن عون بن جرير عن عمرو بن هارون الثقفي عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع الجراد ذكي كله و الحيتان ذكي كله و أما ما هلك في البحر فلا تأكله

64-  فقه الرضا، قال ع يؤكل من السمك ما كان له فلوس و ذكاة السمك و الجراد أخذه و لا يؤكل ما يموت في الماء من سمك و جراد و غيره و إذا اصطدت سمكا و في جوفه أخرى أكلت إذا كان لها فلوس و روي لا يؤكل ما في جوفه لأنه   طعمة و لا يؤكل الجري و لا المارماهي و لا الزمار و لا الطافي و هو الذي يموت في الماء فيطفو على رأس الماء

 تفصيل و تبيين قوله إذا اصطدت سمكا أقول ورد بهذا المضمون روايتان

 إحداها ما روى الشيخ بإسناده عن السكوني عن أبي عبد الله ع أن عليا سئل عن سمكة شق بطنها فوجد فيها سمكة أخرى فقال كلها جميعا

و الأخرى ما رواه بسند مرسل يمكن أن يعد في الموثقات

 عن أبي عبد الله ع قال قلت رجل أصاب سمكة و في جوفها سمكة قال يؤكلان جميعا

و عمل بها الشيخ في النهاية و المفيد و جماعة و منع ابن إدريس من حلها ما لم تخرج من بطنها حية لأن شرط حل السمك أخذه من الماء حيا و الجهل بالشرط يقتضي الجهل بالمشروط و وافقه العلامة في المختلف و التحرير و ولده و في القواعد رجح مذهب الشيخ و المحقق في النافع و مال إليه في الشرائع و العمل بالروايتين أقوى و يؤيده هذه الرواية. و قول ع إذا كان له فلوس أي كانت من الحيتان التي لها فلس و يحتمل أن يكون المعنى لم تتسلخ فلوسها فإنها حينئذ تغيرت و صارت خبيثة  

 كما روى الشيخ بسند فيه جهالة عن أيوب بن أعين عن أبي عبد الله ع قال قلت له جعلت فداك ما تقول في حية ابتلعت سمكة ثم طرحتها و هي حية تضطرب آكلها قال إن كان فلوسها قد تسلخت فلا تأكلها و إن لم تكن تسلخت فكلها

و ذهب الشيخ في النهاية إلى حلها مطلقا ما لم تتسلخ و لم يعتبر إدراكها حية و في المختلف عمل بموجب الرواية و اعتبر المحقق و ابن إدريس و جماعة في الحل أخذها حية و هو أحوط و إن كان العمل بالرواية حسنا و اعتبار عدم التسلخ هنا إما للخباثة أو لتأثير السم فيها و لعله أظهر و الرواية التي رواها لم أجدها فيما عندنا من الكتب و لعلها محمولة على التسلخ بقرينة التعليل إذ الظاهر أن قوله لأنه طعمة أراد به أنه صار غذاءه فهو إشارة إلى تغيره

65-  طب الأئمة، عن أحمد بن الجارود العبدي من ولد الحكم بن المنذر عن عثمان بن عيسى عن ميسر الحلبي عن أبي عبد الله ع قال السمك يذيب شحمة العين

66-  و عنه عن أبيه ع قال إن هذا السمك لردي‏ء لغشاوة العين و إن هذا اللحم الطري ينبت اللحم

67-  و منه، عن أبي جعفر ع قال أقلوا من أكل السمك فإن لحمه يذبل البدن و يكثر البلغم و يغلظ النفس

 بيان كان غلظ النفس كناية عن البلادة و سوء الفهم أو الهم و الحزن و يمكن أن يقر النفس بالتحريك كناية عن بطئه

    -68  العياشي، عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال قد كان أصحاب المغيرة يكتبون إلي أن أسأله عن الجري و المارماهي و الزمير و ما ليس له قشر من السمك أ حرام هو أم لا قال فسألته عن ذلك فقال يا محمد اقرأ هذه الآية التي في الأنعام قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ قال فقرأتها حتى فرغت منها فقال إنما الحرام ما حرم الله في كتابه و لكنهم كانوا يعافون أشياء فنحن نعافها

69-  و منه، عن زرارة قال سألت أبا جعفر ع عن الجري فقال و ما الجري فنعته له فقال لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلى آخر الآية ثم قال لم يحرم الله شيئا من الحيوان في القرآن إلا الخنزير بعينه و يكره كل شي‏ء ما البحر ليس فيه قشر قال قلت و ما القشر قال هو الذي مثل الورق و ليس هو بحرام إنما هو مكروه

70-  و منه، عن الأصبغ عن علي ع قال أمتان مسختا من بني إسرائيل فأما التي أخذت البحر فهي الجريث و أما الذي أخذت البر فهو الضباب

71-  و منه، عن هارون بن عبد رفعه إلى أحدهم قال جاء قوم إلى أمير المؤمنين ع بالكوفة و قالوا له يا أمير المؤمنين إن هذا الجراري تباع في أسواقنا قال فتبسم أمير المؤمنين ع ضاحكا ثم قال قوموا لأريكم عجبا و لا تقولوا في وصيكم إلا خيرا فقاموا معه فأتوا شاطئ الفرات فتفل فيه تفلة و تكلم   بكلمات فإذا بجريثة رافعة رأسها فاتحة فاها فقال له أمير المؤمنين ع من أنت الويل لك و لقومك فقال نحن من أهل الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إذ يقول الله في كتابه إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً الآية فعرض الله علينا ولايتك فقعدنا عنها فمسخنا الله فبعضنا في البر و بعضنا في البحر فأما الذين في البحر فنحن الجراري و أما الذين في البر فالضب و اليربوع قال ثم التفت أمير المؤمنين ع إلينا فقال أ سمعتم مقالتها قلنا اللهم نعم قال و الذي بعث محمدا بالنبوة لتحيض كما تحيض نساءكم

72-  المكارم، عن الصادق ع قال أكل الحيتان يورث السل

73-  عنه ع قال أكل السمك الطري يذيب الجسد

74-  عنه ع قال كان رسول الله إذا أكل السمك قال اللهم بارك لنا فيه و أبدلنا خيرا منه

75-  عن الحميري قال كتبت إلى أبي محمد أشكو إليه أن بي دما و صفراء فإذا احتجمت هاجت الصفراء و إذا أخرت الحجامة أضر بي الدم فما ترى في ذلك فكتب إلي احتجم و كل على أثر الحجامة سمكا طريا فأعدت عليه المسألة فكتب إلي احتجم و كل على أثر الحجامة سمكا طريا بماء و ملح فاستعملت ذلك فكنت في عافية و صار غذائي

76-  و منه، عن أبي جعفر ع قال إن عليا ع كان يقول الجراد ذكي   و الحيتان ذكي و ما مات في البحر فهو ميتة

77-  عنه أيضا قال الحيتان و الجراد ذكي كله

78-  روي عن أبي الحسن ع أنه قال تفرقوا و كبروا ففعلوا ذلك فذهب الجراد

79-  الكشي، عن محمد بن مسعود عن جعفر بن أحمد عن العمركي عن أحمد بن شيبة عن يحيى بن المثنى عن علي بن الحسن و زياد عن حريز قال دخلت على أبي حنيفة فقال لي أسألك عن مسألة لا يكون فيها شي‏ء فما تقول في جمل أخرج من البحر فقلت إن شاء فليكن جملا و إن شاء فليكن بقرة إن كانت عليه فلوس أكلناه و إلا فلا

 الإختصاص، عن جعفر بن الحسين المؤمن عن حيدر بن محمد بن نعيم عن ابن قولويه عن ابن العياشي جميعا عن محمد بن مسعود مثله. أقول تمامه في باب مناظرات أصحاب أبي عبد الله ع مع المخالفين

80-  الدلائل، للحميري عن أخيه عن أحمد بن علي المعروف بابن البغدادي قال وجدت في كتاب المعضلات رواية أبي طالب محمد بن الحسين بن زيد عن أبيه عن ابن رباح يرفعه عن رجاله عن محمد بن ثابت قال كنت جالسا في مجلس سيدنا أبي الحسن علي بن الحسين زين العابدين ع إذ وقف به عبد الله بن عمر بن الخطاب فقال له يا علي بن الحسين بلغني أنك تدعي أن يونس بن متى عرض عليه ولاية أبيك فلم يقبله فحبس في بطن الحوت قال له علي بن الحسين يا عبد الله بن عمر و ما   أنكرت من ذلك قال إني لا أقبله فقال أ تريد أن يصح لك ذلك قال نعم قال له اجلس ثم دعا غلامه فقال له جئنا بعصابتين و قال لي يا محمد شد عين عبد الله بإحدى العصابتين و اشدد عينك بالأخرى فشددنا أعيننا فتكلم بكلام ثم قال حلوا أعينكم فحللناها فوجدنا أنفسنا على بساط و نحن على ساحل البحر فتكلم بكلام فاستجاب له حيتان البحر إذ ظهرت فيهن حوتة عظيمة فقال لها ما اسمك فقالت اسمي نون فقال لها لم حبس يونس في بطنك فقالت له عرض عليه ولاية أبيك فأنكرها فحبس في بطني فلما أقر بها و أذعن أمرت فقذفته و كذلك من أنكر ولايتكم أهل البيت يخلد في نار الجحيم فقال له يا عبد الله أ سمعت و شهدت فقال له نعم فقال شدوا أعينكم فشددناها فتكلم بكلام ثم قال حلوها فحللناها فإذا نحن على البساط في مجلسه فودعه عبد الله و انصرف فقلت له يا سيدي لقد رأيت في يومي عجبا و آمنت به فترى عبد الله بن عمر يؤمن بما آمنت به فقال لي أ لا تحب أن تعرف ذلك فقلت نعم قال قم فاتبعه و ماشه و اسمع ما يقول لك فتبعته في الطريق و مشيت معه فقال لي إنك لو عرفت سحر بني عبد المطلب لما كان هذا بشي‏ء في نفسك هؤلاء قوم يتوارثون السحر كابرا عن كابر فعند ذلك علمت أن الإمام لا يقول إلا حقا