باب 14- مهابته و شجاعته و الاستدلال بسابقته في الجهاد على إمامته و فيه بعض نوادر غزواته

1-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ اجتمعت الأمة و وافق الكتاب و السنة أن لله خيرة من خلقه و أن خيرته من خلقه المتقون قوله إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ و أن خيرته من المتقين المجاهدون قوله فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً و أن خيرته من المجاهدين السابقون إلى الجهاد قوله لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ الآية و أن خيرته من المجاهدين السابقين أكثرهم عملا في الجهاد و اجتمعت الأمة على أن السابقين إلى الجهاد هم البدريون و أن خيرة البدريين علي فلم يزل القرآن يصدق بعضه بعضا بإجماعهم حتى دلوا بأن عليا خيرة هذه الأمة بعد نبيها العلوي البصري و لو يستوي بالنهوض الجلوس لما بين الله فضل الجهاد  قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ فجاهد النبي ص الكفار في حياته و أمر عليا بجهاد المنافقين قوله تقاتل الناكثين و القاسطين و المارقين و حديث خاصف النعل و حديث كلاب الحوأب و حديث تقتلك الفئة الباغية و حديث ذي الثدية و غير ذلك و هذا من صفات الخلفاء و لا يعارض ذلك بقتال أهل الردة لأن النبي ص كان أمر عليا بقتال هؤلاء بإجماع أهل الأثر و حكم المسمين أهل الردة لا يخفى على منصف المعروفون بالجهاد علي و حمزة و جعفر و عبيدة بن الحارث و الزبير و طلحة و أبو دجانة و سعد بن أبي وقاص و البراء بن عازب و سعد بن معاذ و محمد بن مسلمة و قد اجتمعت الأمة على أن هؤلاء لا يقاس بعلي في شوكته و كثرة جهاده فأما أبو بكر و عمر فقد تصفحنا كتب المغازي فما وجدنا لهما فيه أثرا البتة و قد اجتمعت الأمة أن عليا كان المجاهد في سبيل الله و الكاشف الكرب عن وجه رسول الله ص المتقدم في سائر الغزوات إذا لم يحضر النبي ص و إذا حضر فهو تاليه و الصاحب للراية و اللواء معا و ما كان قط تحت لواء أحد و لا فر من زحف و إنهما فرا في غير موضع و كانا تحت لواء جماعة و استدل أصحابنا بقوله لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ و جاهد في سبيل الله إن المعني بها أمير المؤمنين ع لأنه كان جامعا لهذه الخصال بالاتفاق و لا قطع على كون غيره  جامعا لها و لهذا قال الزجاج و الفراء كأنها مخصوصة بالأنبياء و المرسلين

 ابن عباس في قوله وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ قال أسلمت الملائكة في السماوات و المؤمنون في الأرض و أولهم علي إسلاما و مع المشركين قتالا و قاتل من بعده المقاتلين و من أسلم كرها

 تفسير عطاء الخراساني، قال ابن عباس في قوله وَ وَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ أي قوى ظهرك بعلي بن أبي طالب

 أبو معاوية الضرير عن الأعمش عن مجاهد في قوله هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ أي قواك بأمير المؤمنين و جعفر و حمزة و عقيل و قد روينا نحو ذلك عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة

 كتاب أبي بكر الشيرازي قال ابن عباس وَ قُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَ أَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ يعني مكة وَ اجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً قال لقد استجاب الله لنبيه دعاءه و أعطاه علي بن أبي طالب ع سلطانا ينصره على أعدائه

 العكبري في فضائل الصحابة عن ابن عباس قال رأيت رسول الله ص يوم فتح مكة متعلقا بأستار الكعبة و هو يقول اللهم ابعث إلي من بني عمي من يعضدني فهبط عليه جبرئيل كالمغضب فقال يا محمد أ و ليس قد أيدك الله بسيف من سيوف الله مجرد على أعداء الله يعني بذلك علي بن أبي طالب ع

 أبو المضا صبيح مولى الرضا عن الرضا عن آبائه ع في قوله لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا قال منهم علي قوله إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا  كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ و كان ع إذا صف في القتال كأنه بنيان مرصوص و ما قتل المشركين قتله أحد

 سفيان الثوري كان علي بن أبي طالب ع كالجبل بين المسلمين و المشركين أعز الله به المسلمين و أذل به المشركين و يقال إنه نزل فيه وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ

 أبو جعفر و أبو عبد الله ع نزلت قوله وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ في أمير المؤمنين ع

 و في حديث خيبر أنت أول من آمن بي و أول من جاهد معي و أول من ينشق عنه القبر و كان النبي ص إذا خرج من بيته تبعه أحداث المشركين يرمونه بالحجارة حتى أدموا كعبه و عرقوبيه فكان علي يحمل عليهم فينهزمون فنزل كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ و لا خلاف في أن أول مبارز في الإسلام علي و حمزة و أبو عبيدة بن الحارث في يوم بدر قال الشعبي ثم حمل علي ع على الكتيبة مصمما وحده و اجتمعت الأمة أنه ما رئي أحد ادعيت له الإمامة عمل في الجهاد ما عمل علي ع قال تعالى وَ لا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَ لا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ و لقد فسر قوله وَ لَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ  يعني عليا لأن الكفار كانوا يسمونه الموت الأحمر سموه يوم بدر لعظم بلائه و نكايته قال المفسرون لما أسر العباس يوم بدر أقبل المسلمون فعيروه بكفره بالله و قطيعة الرحم و أغلظ علي ع له القول فقال العباس ما لكم تذكرون مساوينا و لا تذكرون محاسننا فقال علي ع أ لكم محاسن قال نعم إنا لنعمر المسجد الحرام و نحجب الكعبة و نسقي الحاج و نفك العاني فأنزل الله تعالى ردا على العباس وفاقا لعلي بن أبي طالب ع ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ الآية ثم قال إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ الآية ثم قال أَ جَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَ عِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ و روى إسماعيل بن خالد عن عامر و ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس و مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس و السدي عن ابن صالح و ابن أبي خالد و زكريا عن الشعبي أنه نزل هذه الآية في علي بن أبي طالب ع

 الثعلبي و القشيري و الجبائي و الفلكي في تفاسيرهم و الواحدي في أسباب نزول القرآن عن الحسن البصري و عامر الشعبي و محمد بن كعب القرظي و روينا عن عثمان بن أبي شيبة و وكيع بن الجراح و شريك القاضي و محمد بن سيرين و مقاتل بن سليمان و السدي و أبي مالك و مرة الهمداني و ابن عباس أنه افتخر العباس بن عبد المطلب فقال أنا عم محمد و أنا صاحب سقاية الحجيج فأنا أفضل من علي بن أبي طالب و قال فقال شيبة بن عثمان أو طلحة الداري أو عثمان و أنا أعمر بيت الله الحرام و صاحب حجابته فأنا أفضل و سمعها علي ع و هما يذكران ذلك فقال ع أنا أفضل منكما لقد صليت قبلكما ست سنين و في رواية سبع سنين  و أنا أجاهد في سبيل الله

 و في رواية الحسكاني عن أبي بريدة أن عليا ع قال استحققت لكل فضل أوتيت على صغري ما لم تؤتيا فقالا و ما أوتيت يا علي قال ضربت خراطيمكما بالسيف حتى آمنتما بالله و برسوله فشكا العباس ذلك إلى النبي ص فقال ما حملك على ما استقبلت به عمك فقال صدمته بالحق فمن شاء فليغضب و من شاء فليرض فنزل هذه الآية

 في بعض التفاسير أنه نزل قوله تعالى لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ الآية في علي ع لأنه قتل عشيرته مثل عمرو بن عبد ود و الوليد بن عتبة في خلق

2-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ وصف الله تعالى أصحاب محمد فقال وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ثبتت هذه الصفة لعلي ع دون من يدعون له لشدة علي ع على الكفار و قال تعالى في قصة طالوت إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ و اجتمعت الأمة أن عليا ع أشد من أبي بكر و اجتمعت أيضا على علمه و اختلفوا في علم أبي بكر و ليس المجتمع عليه كالمختلف فيه

 الباقر و الرضا ع في قوله لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ البأس الشديد علي بن أبي طالب ع و هو لدن رسول الله ص يقاتل معه عدوه و يروى أنه نزل فيه وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ

 علي بن الجعد عن شعبة عن قتادة عن الحسين عن ابن عباس أن عبد الله بن أبي بن سلول  كان يتنحى من النبي ص مع المنافقين في ناحية من العسكر ليخوضوا في أمر رسول الله ص في غزوة حنين فلما أقبل راجعا إلى المدينة رأى جفالا و هو مسلم لطم للحمقاء و هو منافق فغضب ابن أبي بن سلول و قال لو كففتم إطعام هؤلاء لتفرقوا عنه يعني عن النبي ص و الله لئن رجعنا من غزوتنا هذه إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل يعني نفسه و النبي ص فأخبر زيد بن أرقم النبي ص بمقاله فأتى ابن أبي بن سلول في أشراف الأنصار إلى النبي ص يعذرونه و يكذبون زيدا فاستحيا زيد فكف عن إتيان رسول الله ص فنزل هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَ لِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ يعني و القوة و القدرة لأمير المؤمنين و أصحابه على المنافقين فأخذ رسول الله بيد زيد و عركها و قال أبشر يا صادق فقد صدق الله حديثك و أكذب صاحبك المنافق و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع عجب لمن يقاس بمن لم يصب محجمة من دم في جاهلية أو إسلام مع من علم أنه قتل في يوم بدر خمسا و ثلاثين مبارزا دون الجرحى على قول العامة و هو الوليد بن عتبة و العاص بن سعيد بن العاص و طعمة بن عدي بن نوفل و حنظلة بن أبي سفيان و نوفل بن خويلد و زمعة بن الأسود و الحارث بن زمعة و النضر بن الحارث بن عبد الدار و عمير بن عثمان بن كعب عم طلحة و عثمان و مالكا أخوا طلحة و مسعود بن أبي أمية بن المغيرة و قيس بن الفاكهة بن المغيرة و

  أبو القيس بن الوليد بن المغيرة و عمرو بن مخزوم و المنذر بن أبي رفاعة و منبه بن الحجاج السهمي و العاص بن منبه و علقمة بن كلدة و أبو العاص بن قيس بن عدي و معاوية بن المغيرة بن أبي العاص و لوذان بن ربيعة و عبد الله بن المنذر بن أبي رفاعة و مسعود بن أمية بن المغيرة و الحاجب بن السائب بن عويمر و أوس بن المغيرة بن لوذان و زيد بن مليص و عاصم بن أبي عوف و سعيد بن وهب و معاوية بن عامر بن عبد القيس و عبد الله بن جميل بن زهير و السائب بن سعيد بن مالك و أبو الحكم بن الأخنس و هشام بن أبي أمية و يقال قتل بضعة و أربعين رجلا و قتل ع في يوم أحد كبش الكتيبة طلحة بن أبي طلحة و ابنه أبا سعيد و إخوته خالدا و مخلدا و كلدة و المحالس و عبد الرحمن بن حميد بن زهرة و الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي و الوليد بن أرطاة و أمية بن أبي حذيفة و أرطاة بن شرجيل و هشام بن أمية و مسافع و عمرو بن عبد الله الجمحي و بشر بن مالك المغافري و صواب مولى عبد الدار و أبا حذيفة بن المغيرة و قاسط بن شريح العبدري و المغيرة بن المغيرة سوى من قتلهم بعد ما هزمهم و لا إشكال في هزيمة عمر و عثمان و إنما الإشكال في أبي بكر هل ثبت إلى وقت الفرج أو انهزم و قتل ع يوم الأحزاب عمرو بن عبد ود و ولده و نوفل بن عبد الله بن المغيرة و منبه بن عثمان العبدري و هبيرة بن أبي هبيرة المخزومي و هاجت الرياح و انهزم الكفار و قتل ع يوم حنين أربعين رجلا و فارسهم أبو جرول و إنه قده عظيما بنصفين بضربة في الخوذة و العمامة و الجوشن و البدن إلى القربوس و قد اختلفوا في اسمه و وقف ع يوم حنين في وسط أربعة و عشرين ألف ضارب سيف إلى أن ظهر المدد من السماء و في غزاة السلسلة قتل السبعة الأشداء و كان أشدهم آخرهم و هو سعيد بن  مالك العجلي و في بني النضير قتل أحد عشر منهم غرورا و في بني قريظة ضرب أعناق رؤساء اليهود مثل حيي بن أخطب و كعب بن الأشرف و في غزوة بني المصطلق قتل مالكا و ابنه الفائق كانت لعلي ع ضربتان إذا تطاول قد و إذا تقاصر قط و قالوا كانت ضرباته أبكارا إذا اعتلى قد و إذا اعترض قط و إذا أتى حصنا هد و قالوا كانت ضرباته مبتكرات لا عونا يقال ضربة بكر أي قاطعة لا تثنى و العون التي وقعت مختلسة فأحوجت إلى المعاودة و يقال إنه كان يوقعها على شدة في الشدة لم يسبقه إلى مثلها بطل زعمت الفرس أن أصول الضرب ستة و كلها مأخوذة عنه و هي علوية و سفلية و غلبة و ماله و جاله و جرهام

 بيان قال الجزري في النهاية في الحديث كانت ضربات علي مبتكرات لا عونا أي إن ضربته كانت بكرا يقتل بواحدة منها لا يحتاج إلى أن يعيد الضربة ثانية يقال ضربة بكر إذا كانت قاطعة لا تثنى و العون جمع عوان و هي في الأصل الكهلة من النساء و يريد بها هنا المثناة. و في يوم الفتح قتل فاتك العرب أسد بن غويلم و في غزوة وادي الرمل قتل مبارزيهم و بخيبر قتل مرحبا و ذا الخمار و عنكبوتا و في الطائف هزم خيل ضيغم و قتل شهاب بن عيس و نافع بن غيلان و قتل مهلعا و جناحا وقت الهجرة و قتاله لإحداث مكة عند خروج النبي ص من داره إلى المسجد و مبيته على فراشه ليلة الهجرة و له المقام المشهور في الجمل حتى بلغ إلى قطع يد الجمل ثم قطع رجليه حتى سقط و له ليلة الهرير ثلاث مائة تكبيرة أسقط بكل تكبيرة عدوا و في رواية خمسمائة و ثلاثة و عشرون رواه الأعثم و في رواية سبعمائة و لم يكن لدرعه ظهر و لا لمركوبه كر و فر.

 و فيما  كتب أمير المؤمنين ع إلى عثمان بن حنيف لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها و لو أمكنت الفرصة من رقابها لسارعت إليها

و في الفائق أن عليا حمل على المشركين فما زالوا يبقطون يعني تعادوا إلى الجبال منهزمين و كانت قريش إذا رأوه في الحرب تواصت خوفا منه و قد نظر إليه رجل و قد شق العسكر فقال علمت بأن ملك الموت في الجانب الذي فيه علي و قد سماه رسول الله ص كرارا غير فرار في حديث خيبر و كان النبي ص يهدد الكفار به ع.

 روى أحمد بن حنبل في الفضائل عن شداد بن الهاد قال لما قدم على رسول الله ص وفد من اليمن ليسرح فقال رسول الله ص اللهم لتقيمن الصلاة أو لأبعثن إليكم رجلا يقتل المقاتلة و يسبي الذرية قال ثم قال رسول الله ص اللهم أنا أو هذا و انتشل بيد علي ع

 تاريخ النسوي، قال عبد الرحمن بن عوف قال النبي ص لأهل الطائف في خبر و الذي نفسي بيده لتقيمن الصلاة و لتؤتن الزكاة أو لأبعثن إليكم رجلا مني أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتليهم و ليسبين ذراريهم قال فرأى الناس أنه عنى أبا بكر و عمر فأخذ بيد علي بن أبي طالب ع قال هذا

 صحيح الترمذي، و تاريخ الخطيب، و فضائل السمعاني، أنه قال ص يوم الحديبية لسهيل بن عمير يا معشر قريش لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم على الدين الخبر و لذلك فسر الرضا ع قوله وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ أن عليا منهم

و قال معاوية يوم صفين أريد منكم و الله أن تشجروه بالرماح فتريح العباد و البلاد منه قال مروان و الله لقد ثقلنا عليك يا معاوية إذ كنت تأمرنا  بقتل حية الوادي و الأسد العاوي و نهض مغضبا فأنشأ الوليد بن عقبة

يقول لنا معاوية بن حرب أ ما فيكم لواتركم طلوب‏يشد على أبي حسن علي بأسمر لا تهجنه الكعوب‏فقلت له أ تلعب يا ابن هند فإنك بيننا رجل غريب‏أ تأمرنا بحية بطن واد يتاح لنا به أسد مهيب‏كأن الخلق لما عاينوه خلال النقع ليس لهم قلوب

. فقال عمرو و الله ما يعير أحد بفراره من علي بن أبي طالب ع. و لما نعي بقتل أمير المؤمنين ع دخل عمرو بن العاص على معاوية مبشرا فقال إن الأسد المفترش ذراعيه بالعراق لاقى شعوبه فقال معاوية

قل للأرانب تربع حيث ما سلكت و للظباء بلا خوف و لا حذر

. أبو السعادات في فضائل العشرة، روي أن عليا ع كان يحارب رجلا من المشركين فقال المشرك يا ابن أبي طالب هبني سيفك فرماه إليه فقال المشرك عجبا يا ابن أبي طالب في مثل هذا الوقت تدفع إلي سيفك فقال يا هذا إنك مددت يد المسألة إلي و ليس من الكرم أن يرد السائل فرمى الكافر نفسه إلى الأرض و قال هذه سيرة أهل الدين فقبل قدمه و أسلم و قال له جبرئيل لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي

 و روى الخلق أن يوم بدر لم يكن عند الرسول ص ماء فمر علي يحمل الماء إلى وسط العدو و هم على بئر بدر فيما بينهم و جاء إلى البئر و نزل و ملأ السطيحة و وضعها على رأس البئر فسمع حسا و إثارا لمن يقصده فبرك في البئر فلما سكن صعد فرأى الماء مصبوبا ثم نزل ثانيا فكان مثل ذلك فنزل ثالثا و حمل الماء و لم يصعد بل صعد به حاملا للماء فلما حمل إلى النبي ص ضحك  النبي ص في وجهه و قال أنت تحدث أو أنا فقال بل أنت يا رسول الله فكلامك أحلى فقص عليه ثم قال له كان ذلك جبرئيل يجرب و يرى الملائكة ثبات قلبك

 محمد بن إسحاق عن يحيى بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عن ابن عباس و أبو عمر و عثمان بن أحمد عن محمد بن هارون بإسناده عن ابن عباس في خبر طويل أنه أصاب الناس عطش شديد في الحديبية فقال النبي ص هل من رجل يمضي مع السقاة إلى بئر ذات العلم فيأتينا بالماء و أضمن له على الله الجنة فذهب جماعة فيهم سلمة بن الأكوع فلما دنوا من الشجرة و البئر سمعوا حسا و حركة شديدة و قرع طبول و رأوا نيرانا تتقد بغير حطب فرجعوا خائفين ثم قال هل من رجل يمضي مع السقاة فيأتينا بالماء و أضمن له على الله الجنة فمضى رجل من بني سليم و هو يرتجز

أ من عزيف ظاهر نحو السلم ينكل من وجهه خير الأمم‏من قبل أن يبلغ آبار العلم فيستقي و الليل مبسوط الظلم‏و يأمن الذم و توبيخ الكلم

فلما و صلوا إلى الحس رجعوا وجلين فقال النبي ص هل من رجل يمضي مع السقاة إلى البئر ذات العلم فيأتينا بالماء أضمن له على الله الجنة فلم يقم أحد و اشتد بالناس العطش و هم صيام ثم قال لعلي ع سر مع هؤلاء السقاة حتى ترد بئر ذات العلم و تستقي و تعود إن شاء الله فخرج علي قائلا

أعوذ بالرحمن أن أميلا من عزف جن أظهروا تأويلاو أوقدت نيرانها تغويلا و قرعت مع عزفها الطبولا

قال فداخلنا الرعب فالتفت علي ع إلينا و قال اتبعوا أثري و لا يفزعنكم ما ترون و تسمعون فليس بضائركم إن شاء الله ثم مضى فلما دخلنا الشجر فإذا بنيران تضطرم بغير حطب و أصوات هائلة و رءوس مقطعة لها ضجة و هو يقول اتبعوني و لا خوف عليكم و لا يلتفت أحد منكم يمينا و لا شمالا فلما  جاوزنا الشجرة و وردنا الماء فأدلى البراء بن عازب دلوه في البئر فاستقى دلوا أو دلوين ثم انقطع الدلو فوقع في القليب و القليب ضيق مظلم بعيد القعر فسمعنا في أسفل القليب قهقهة و ضحكا شديدا فقال علي ع من يرجع إلى عسكرنا فيأتينا بدلو و رشا فقال أصحابه من يستطيع ذلك فائتزر بمئزر و نزل في القليب و ما تزداد القهقهة إلا علوا و جعل ينحدر في مراقي القليب إذ زلت رجله فسقط فيه ثم سمعنا وجبة شديدة و اضطرابا و غطيطا كغطيط المخنوق ثم نادى علي الله أكبر الله أكبر أنا عبد الله و أخو رسول الله هلموا قربكم فأفعمها و أصعدها على عنقه شيئا فشيئا و مضى بين أيدينا فلم نر شيئا فسمعنا صوتا

أي فتى ليل أخي روعات و أي سباق إلى الغايات‏لله در الغرر السادات من هاشم الهامات و القامات‏مثل رسول الله ذي الآيات أو كعلي كاشف الكربات‏كذا يكون المرء في الحاجات

فارتجز أمير المؤمنين ع

الليل هول يرهب المهيبا و يذهل المشجع اللهيبافإنني أهول منه دينا و لست أخشى الروع و الخطوباإذا هززت الصارم القضيبا أبصرت منه عجبا عجيبا

و انتهى إلى النبي ص و له زجل فقال رسول الله ص ما ذا رأيت في طريقك يا علي فأخبره بخبره كله فقال إن الذي رأيته مثل ضربه الله لي و لمن حضر معي في وجهي هذا قال علي ع اشرحه لي يا رسول الله فقال ص أما الرءوس التي رأيتم لها ضجة و لألسنتها لجلجة فذلك مثل قوم معي يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم و لا يقبل الله منهم صرفا و عدلا و لا يقيم لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً و أما النيران بغير حطب ففتنة تكون في أمتي بعدي القائم فيها و القاعد سواء لا يقبل الله لهم عملا و لا يقيم لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً و أما الهاتف الذي هتف بك فذاك سلقعة و هو  سملعة بن عزاف الذي قتل عدو الله مسعرا شيطان الأصنام الذي كان يكلم قريشا منها و يشرع في هجائي

 عبد الله بن سالم أن النبي ص بعث سعد بن مالك بالروايا يوم الحديبية فرجع رعبا من القوم ثم بعث آخر فنكص فزعا ثم بعث عليا فاستسقى ثم أقبل بها إلى النبي ص فكبر و دعا له بخير

و هل ثبت مثل ذلك لكرد من الفرس مثل رستم و إسفنديار و كستاشف و بهمن أو لفرسان من العرب مثل عنتر العبسي و عامر بن الطفيل و عمرو بن عبد ود أو لمبارز من الترك مثل أفراسياب و شبهه فهو الفارس الذي يفرق العسكر كفرق الشعر و يطويهم كطي السجل الحرب دأبه و الجد آدابه و النصر طبعه و العدو غنمه جرى خطار و جسور هضار ما لسيفه إلا الرقاب قراب إنه لو حضر لكفى الحذر و يقال له غالب كل غالب علي بن أبي طالب.

و قد رويتم علي كان أشجعهم و أشجع الجمع بالأعداء أثقفه

بيان العزف و العزيف صوت الجن و فعم الإناء امتلأ و أفعمته ملأته

3-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ أبو الجارود عن أبي جعفر ع في قوله أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ الآية قال علي بن أبي طالب ع لم يسبقه أحد

 و روي عن ابن عباس قال كان أمير المؤمنين ع إذا أطرق هبنا أن نبتدئه بالكلام و قيل لأمير المؤمنين ع بم غلبت الأقران قال بتمكن هيبتي في قلوبهم

 النطنزي في الخصائص، عن سفيان بن عيينة عن شقيق بن سلمة قال كان عمر  يمشي فالتفت إلى ورائه و عدا فسألته عن ذلك فقال ويحك أ ما ترى الهزبر بن الهزبر القثم بن القثم الفلاق للبهم الضارب على هامة من طغى و ظلم إذا السيفين وراي فقلت هذا علي بن أبي طالب فقال ثكلتك أمك إنك تحقره بايعنا رسول الله ص يوم أحد أن من فر منا فهو ضال و من قتل فهو شهيد و رسول الله يضمن له الجنة فلما التقى الجمعان هزمونا و هذا كان يحاربهم وحيدا حتى انسد نفس رسول الله ص و جبرئيل ثم قال عاهدتموه و خالفتموه و رمى بقبضة رمل و قال شاهت الوجوه فو الله ما كان منا إلا و أصابت عينه رملة فرجعنا نمسح وجوهنا قائلين الله الله يا أبا الحسن أقلنا أقالك الله فالكر و الفر عادة العرب فاصفح و قل ما أراه وحيدا إلا خفت منه و قال النبي ص من قتل قتيلا فله سلبه و كان أمير المؤمنين ع يتورع عن ذلك و إنه لم يتبع منهزما و تأخر عمن استغاث و لم يكن يجهز على جريح و لما أردى ع عمروا قال عمرو يا ابن عم إن لي إليك حاجة لا تكشف سوءة ابن عمك و لا تسلبه سلبه فقال ع ذاك أهون علي و فيه يقول ع

و عففت عن أثوابه لو أنني كنت المقطر بزني أثوابي

 محمد بن إسحاق قال له عمر هلا سلبت درعه فإنها تساوي ثلاثة آلاف و ليس للعرب مثلها قال إني استحييت أن أكشف ابن عمي

 و روي أنه جاءت أخت عمرو و رأته في سلبه فلم تحزن و قالت إنما قتله كريم و قال ع يا قنبر لا تعر فرائسي أراد لا تسلب قتلاي من البغاة

 بيان يقال طعنه فقطره إذا ألقاه

4-  ل، ]الخصال[ لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن محمد بن معقل القرميسيني عن جعفر الوراق عن محمد بن الحسن الأشج عن يحيى بن زيد عن زيد بن علي عن علي بن الحسين ع  قال خرج رسول الله ص ذات يوم و صلى الفجر ثم قال معاشر الناس أيكم ينهض إلى ثلاثة نفر قد آلوا باللات و العزى ليقتلوني و قد كذبوا و رب الكعبة قال فأحجم الناس و ما تكلم أحد فقال ما أحسب علي بن أبي طالب ع فيكم فقام إليه عامر بن قتادة فقال إنه وعك في هذه الليلة و لم يخرج يصلى معك فتأذن لي أن أخبره فقال النبي ص شأنك فمضى إليه فأخبره فخرج أمير المؤمنين ع كأنه نشط من عقال و عليه إزار قد عقد طرفيه على رقبته فقال يا رسول الله ص ما هذا الخبر قال هذا رسول ربي يخبرني عن ثلاثة نفر قد نهضوا إلي لقتلي و قد كذبوا و رب الكعبة فقال علي ع يا رسول الله أنا لهم سرية وحدي هو ذا ألبس علي ثيابي فقال رسول الله ص بل هذه ثيابي و هذا درعي و هذا سيفي فدرعه و عممه و قلده و أركبه فرسه و خرج أمير المؤمنين ع فمكث ثلاثة أيام لا يأتيه جبرئيل بخبره و لا خبر من الأرض و أقبلت فاطمة بالحسن و الحسين على وركيها تقول أوشك أن يؤتم هذين الغلامين فأسبل النبي ص عينه يبكي ثم قال معاشر الناس من يأتيني بخبر علي أبشره بالجنة و افترق الناس في الطلب لعظيم ما رأوا بالنبي ص و خرج العواتق فأقبل عامر بن قتادة يبشر بعلي و هبط جبرئيل على النبي ص فأخبره بما كان فيه و أقبل على أمير المؤمنين ع معه أسيران و رأس و ثلاثة أبعرة و ثلاثة أفراس فقال النبي ص تحب أن أخبرك بما كنت فيه يا أبا الحسن فقال المنافقون هو منذ ساعة قد أخذه المخاض و هو الساعة يريد أن يحدثه فقال النبي ص بل تحدث أنت يا أبا الحسن لتكون شهيدا على القوم قال نعم يا رسول الله لما صرت في الوادي رأيت هؤلاء ركبانا على الأباعر فنادوني من أنت فقلت أنا علي بن أبي طالب ابن عم رسول الله ص فقالوا ما نعرف لله من رسول سواء علينا وقعنا عليك أو على محمد و شد علي هذا المقتول و دار بيني و بينه ضربات و هبت ريح حمراء سمعت صوتك فيها يا رسول الله و أنت تقول قد قطعت لك جربان درعه فاضرب حبل عاتقه فضربته  فلم أحفه ثم هبت ريح صفراء سمعت صوتك فيها يا رسول الله و أنت تقول قد قلبت لك الدرع عن فخذه فاضرب فخذه فضربته و وكزته و قطعت رأسه و رميت به و قال لي هذان الرجلان بلغنا أن محمدا رفيق شفيق رحيم فاحملنا إليه و لا تعجل علينا و صاحبنا كان يعد بألف فارس فقال النبي ص يا علي أما الصوت الأول الذي صك مسامعك فصوت جبرئيل و أما الآخر فصوت ميكائيل قدم إلي أحد الرجلين فقدمه فقال قل لا إله إلا الله و اشهد أني رسول الله فقال لنقل جبل أبي قبيس أحب إلي من أن أقول هذه الكلمة قال يا علي أخره و اضرب عنقه ثم قال قدم الآخر فقال قل أشهد أن لا إله إلا الله و اشهد أني رسول الله قال ألحقني بصاحبي قال يا علي أخره و اضرب عنقه فأخره و قام أمير المؤمنين ع ليضرب عنقه فهبط جبرئيل على النبي ص فقال يا محمد إن ربك يقرئك السلام و يقول لا تقتله فإنه حسن الخلق سخي في قومه فقال النبي ص يا علي أمسك فإن هذا رسول ربي عز و جل يخبرني أنه حسن الخلق سخي في قومه فقال المشرك تحت السيف هذا رسول ربك يخبرك قال نعم قال و الله ما ملكت درهما مع أخ لي قط و لا قطبت وجهي في الحرب و أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله فقال رسول الله ص هذا ممن جره حسن خلقه و سخاؤه إلى جنات النعيم

 بيان القرميسين معرب كرمانشهان قوله آلوا أي حلفوا و أحجم القوم تأخروا و كفوا و الوعك الحمى و الجربان بالضم جيب القميص و الإحفاء المبالغة في الأخذ و في بعض النسخ بالخاء المعجمة أي لم أخف السيف في بدنه و الوكز الضرب بجمع الكف و الطعن و الدفع

5-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن محمد بن زياد عن مالك بن أنس قال سمعت الصادق ع يقول قيل لأمير المؤمنين ع  لم لا تشتري فرسا عتيقا قال لا حاجة لي فيه و أنا لا أفر ممن كر علي و لا أكر على من فر مني

6-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن إدريس عن أبيه عن البرقي عن أبيه عن خلف بن حماد عن أبي الحسن العبدي عن سليمان بن مهران عن أبي إسحاق عن عمرو بن حبشي عن الحسن بن علي بن أبي طالب ع قال ما قدمت راية قوتل تحتها أمير المؤمنين إلا نكسها الله تبارك و تعالى و غلب أصحابها و انقلبوا صاغرين و ما ضرب أمير المؤمنين ع بسيفه ذي الفقار أحدا فنجا و كان إذا قاتل جبرئيل عن يمينه و ميكائيل عن يساره و ملك الموت بين يديه

7-  شا، ]الإرشاد[ من آيات الله الخارقة للعادة في أمير المؤمنين ع أنه لم يعهد لأحد من مبارزة الأقران و منازلة الأبطال مثل ما عرف له ع من كثرة ذلك على مر الزمان ثم إنه لم يوجد في ممارسي الحروب إلا من عرته بشر و نيل منه بجراح أو شين إلا أمير المؤمنين ع فإنه لم ينله من طول زمان حربه جراح من عدو و لا شين و لا وصل إليه أحد منهم بسوء حتى كان من أمره مع ابن ملجم لعنه الله على اغتياله إياه ما كان و هذه أعجوبة أفرده الله بالآية فيها و خصه بالعلم الباهرة في معناها و دل بذلك على مكانه منه و تخصيصه بكرامته التي بان بفضلها من كافة الأنام و من آيات الله تعالى فيه ع أنه لا يذكر محارس للحروب التي لقي فيه عدوا إلا و هو ظافر به حينا و غير ظافر به حينا و لا نال أحد منهم خصما بجراح إلا و قضى منها وقتا و عوفي منها زمانا و لم يعهد من لم يفلت منه قرن في حرب  و لا نجا من ضربته أحد فصلح منها إلا أمير المؤمنين ع فإنه لا مرية في ظفره بكل قرن بارزه و إهلاكه كل بطل نازله و هذا أيضا مما انفرد به من كافة الأنام و خرق الله جل و عز به العادة في كل حين و زمان و هو من دلائله الواضحة و من آيات الله تعالى أيضا فيه أنه مع طول ملاقاته الحروب و ملابسته إياها و كثرة من مني به فيها من شجعان الأعداء و صناديدهم و تجمعهم عليه و احتيالهم في الفتك به و بذل الجهد في ذلك ما ولى قط عن أحد منهم ظهره و لا انهزم منهم و لا تزحزح عن مكانه و لا هاب أحدا من أقرانه و لم يلق أحد سواه خصما له في حرب إلا و ثبت له حينا و انحرف عنه حينا و أقدم عليه وقتا و أحجم عنه زمانا و إذا كان الأمر على ما وصفناه ثبت ما ذكرناه من انفراده بالآية الباهرة و المعجزة الظاهرة و خرق العادة فيه بما دل الله به على إمامته و كشف به عن فرض طاعته و أبانه بذلك عن كافة خليقته

8-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ في حديث عمار لما أرسل النبي ص عليا إلى مدينة عمان في قتال الجلندى بن كركر و جرى بينهما حرب عظيم و ضرب وجيع دعا الجلندى بغلام يقال له الكندي و قال له إن أنت خرجت إلى صاحب العمامة السوداء و البغلة الشهباء فتأخذه أسيرا أو تطرحه مجدلا عفيرا أزوجك ابنتي التي لم أنعم لأولاد الملوك بزواجها فركب الكندي الفيل الأبيض و كان مع الجلندى ثلاثون فيلا و حمل بالأفيلة و العسكر على أمير المؤمنين ع فلما نظر الإمام إليه نزل عن بغلته ثم كشف عن رأسه فأشرقت الفلاة طولا و عرضا ثم ركب و دنا من الأفيلة و جعل يكلمها بكلام لا يفهمه الآدميون و إذا بتسعة و عشرين فيلا قد دارت رءوسها و حملت على عسكر المشركين و جعلت تضرب فيهم يمينا و شمالا حتى أوصلتهم إلى باب عمان ثم رجعت و هي تتكلم بكلام يسمعه الناس يا علي  كلنا نعرف محمدا و نؤمن برب محمد إلا هذا الفيل الأبيض فإنه لا يعرف محمدا و لا آل محمد فزعق الإمام زعقته المعروفة عند الغضب المشهورة فارتعد الفيل و وقف فضربه الإمام بذي الفقار ضربة رمى رأسه عن بدنه فوقع الفيل إلى الأرض كالجبل العظيم و أخذ الكندي من ظهره فأخبر جبرئيل النبي ص فارتقى على السور فنادى أبا الحسن هبه لي فهو أسيرك فأطلق علي ع سبيل الكندي فقال له يا أبا الحسن ما حملك على إطلاقي قال ويلك مد نظرك فمد عينيه فكشف الله عن بصره فنظر إلى النبي ص على سور المدينة و صحابته فقال من هذا يا أبا الحسن فقال سيدنا رسول الله ص فقال كم بيننا و بينه يا علي قال مسيرة أربعين يوما فقال يا أبا الحسن إن ربكم رب عظيم و نبيكم نبي كريم مد يدك فأنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله ص و قتل علي الجلندى و غرق في البحر منهم خلقا كثيرا و قتل منهم كذلك و أسلم الباقون و سلم الحصن إلى الكندي و زوجه بابنة الجلندى و أقعد عندهم قوما من المسلمين يعلمونهم الفرائض

9-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ فصل فيما نقل عنه في يوم بدر في الصحيحين أنه نزل قوله تعالى هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا في ستة نفر من المؤمنين و الكفار تبارزوا يوم بدر و هم حمزة و عبيدة و علي و الوليد و عتبة و شيبة و قال البخاري و كان أبو ذر يقسم بالله أنها نزلت فيهم و به قال عطاء و ابن خثيم و قيس بن عبادة و سفيان الثوري و الأعمش و سعيد بن جبير و ابن عباس ثم قال ابن عباس فَالَّذِينَ كَفَرُوا يعني عتبة و شيبة و الوليد قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ الآيات و أنزل في أمير المؤمنين و حمزة و عبيدة إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ إلى قوله صِراطِ الْحَمِيدِ

 أسباب النزول، روى  قيس بن سعد بن عبادة عن علي بن أبي طالب ع قال فينا نزلت هذه الآية و في مبارزينا يوم بدر إلى قوله عَذابَ الْحَرِيقِ

 و روى جماعة عن ابن عباس نزل قوله أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ يوم بدر في هؤلاء الستة

 شعبة و قتادة و عطاء و ابن عباس في قوله تعالى وَ أَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أَبْكى أضحك أمير المؤمنين ع و حمزة و عبيدة يوم بدر المسلمين و أبكى كفار مكة حتى قتلوا و دخلوا النار

 الباقر ع في قوله تعالى وَ بَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ نزلت في حمزة و علي و عبيدة

 تفسير أبي يوسف النسوي، و قبيصة بن عقبة، عن الثوري عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس في قوله أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ الآية نزلت في علي و حمزة و عبيدة كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ عتبة و شيبة و الوليد

 الكلبي نزلت في بدر يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أورده النطنزي في الخصائص عن الحداد عن أبي نعيم

 و الصادق و الباقر ع نزلت في علي وَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ

 المؤرخ و صاحب الأغاني و محمد بن إسحاق كان صاحب راية رسول الله ص يوم بدر علي بن أبي طالب ع و لما التقى الجمعان تقدم عتبة و شيبة و الوليد و قالوا يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش فتطاولت الأنصار لمبارزتهم فدفعهم  النبي ص و أمر عليا و حمزة و عبيدة بالمبارزة فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلقت هامته و ضرب عتبة عبيدة على ساقه فأطنها فسقطا جميعا و حمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيف حتى انثلما و حمل علي ع على الوليد فضربه على حبل عاتقه و خرج السيف من إبطه

 و في إبانة الفلكي أن الوليد كان إذا رفع ذراعه ستر وجهه من عظمها و غلظها ثم اعتنق حمزة و شيبة فقال المسلمون يا علي أ ما ترى هذا الكلب يهر عمك فحمل علي ع عليه ثم قال يا عم طأطأ رأسك و كان حمزة أطول من شيبة فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه علي ع فطرح نصفه ثم جاء إلى عتبة و به رمق فأجهز عليه و كان حسان قال في قتل عمرو بن عبد ود

و لقد رأيت غداة بدر عصبة ضربوك ضربا غير ضرب المحضرأصبحت لا تدعى ليوم كريهة يا عمرو أو لجسيم أمر منكر

فأجابه بعض بني عامر

كذبتم و بيت الله لم تقتلوننا و لكن بسيف الهاشميين فافخروابسيف بن عبد الله أحمد في الوغى بكف علي نلتم ذاك فاقصرواو لم تقتلوا عمرو بن ود و لا ابنه و لكنه الكفو الهزبر الغضنفرعلي الذي في الفخر طال ثناؤه فلا تكثروا الدعوى عليه فتفجرواببدر خرجتم للبراز فردكم شيوخ قريش جهرة و تأخروافلما أتاهم حمزة و عبيدة و جاء علي بالمهند يخطرفقالوا نعم أكفاء صدق فأقبلوا إليهم سراعا إذ بغوا و تجبروافجال علي جولة هاشمية فدمرهم لما عتوا و تكبروا

و في مجمع البيان أنه قتل سبعة و عشرين مبارزا و في الإرشاد قتل خمسة و ثلاثين و قال زيد بن وهب قال أمير المؤمنين ع و ذكر حديث بدر و قتلنا  من المشركين سبعين و أسرنا سبعين

 محمد بن إسحاق أكثر قتلى المشركين يوم بدر كان لعلي ع

 الزمخشري في الفائق، قال سعد بن أبي وقاص رأيت عليا يحمحم فرسه و هو يقول

بازل عامين حديث سني سنحنح الليل كأني جني‏لمثل هذا ولدتني أمي

 المرزباني في كتاب أشعار الملوك و الخلفاء، أن عليا أشجع العرب حمل يوم بدر و زعزع الكتيبة و هو يقول

لن يأكل التمر بظهر مكة من بعدها حتى تكون الركة

 بيان قال الجزري في حديث علي ع سنحنح الليل كأني جني أي لا أنام الليل فأنا مستيقظ أبدا و الركة الضعف و في بعض النسخ بالزاي المعجمة و هي بالضم الغيظ و الغم

10-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ فصل فيما ظهر منه يوم أحد ابن عباس في قوله تعالى ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَ طائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ نزلت في علي ع غشيه النعاس يوم أحد و الخوف مسهر و الأمن منيم

 كتاب الشيرازي، روى سفيان الثوري عن واصل عن الحسن عن ابن عباس في قوله تعالى وَ اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ قال صاح إبليس يوم أحد في عسكر رسول الله ص أن محمدا قد قتل وَ أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَ رَجِلِكَ قال و الله لقد أجلب إبليس على أمير المؤمنين ع كل خيل كانت في غير طاعة  الله و الله إن كل راجل قاتل أمير المؤمنين ع كان من رجاله إبليس

 تاريخ الطبري، و أغاني الأصفهاني، أنه كان صاحب لواء قريش كبش الكتيبة طلحة بن أبي طلحة العبدري نادى معاشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار و يعجلكم بسيوفنا إلى الجنة فهل منكم من أحد يبارزني قال قتادة فخرج إليه علي ع و هو يقول

أنا ابن ذي الحوضين عبد المطلب و هاشم المطعم في العام السغب‏أوفي بميعادي و أحمي عن حسب

قال فضربه علي ع فقطع رجله فبدت سوأته و هو قول ابن عباس و الكلبي و في روايات كثيرة أنه ضربه في مقدم رأسه فبدت عيناه قال أنشدك الله و الرحم يا ابن عم فانصرف عنه و مات في الحال ثم بارزهم حتى قتل منهم ثمانية ثم أخذ باللواء صواب عبد حبشي لهم فضرب على يده فأخذه باليسرى فضرب عليها فأخذ اللواء و جمع المقطوعتين على صدره فضرب على أم رأسه فسقط اللواء قال حسان بن ثابت

فخرتم باللواء و شر فخر لواء حين رد إلى صواب

فسقط اللواء فأخذته عمرة بنت الحارث بن علقمة بن عبد الدار فصرعت و انهزموا و قال حسان بن ثابت

و لو لا لواء الحارثية أصبحوا يباعون في الأسواق بالثمن الوكس

فانكب المسلمون على الغنائم و رجع المشركون فهزموهم

 زيد بن وهب قلت لابن مسعود انهزم الناس إلا علي و أبو دجانة و سهل بن حنيف قال انهزموا إلا علي وحده و ثاب إليهم أربعة عشر عاصم بن ثابت و أبو دجانة و مصعب بن عمير و عبد الله بن جحش و شماس بن عثمان بن الشريد و المقداد و طلحة و سعد و الباقون من الأنصار أنشد  

و قد تركوا المختار في الحرب مفردا و فر جميع الصحب عنه و أجمعواو كان علي غائصا في جموعهم لهاماتهم بالسيف يفري و يقطع

 عكرمة قال علي ع لحقني من الجزع ما لا أملك نفسي و كنت أمامه أضرب بسيفي فرجعت أطلبه فلم أره فقلت ما كان رسول الله ص ليفر و ما رأيته في القتلى و أظنه رفع من بيننا فكسرت جفن سيفي و قلت في نفسي لأقاتلن به حتى أقتل و حملت على القوم فأفرجوا فإذا أنا برسول الله ص قد وقع على الأرض مغشيا عليه فوقفت على رأسه فنظر إلي و قال ما صنع الناس يا علي قلت كفروا يا رسول الله ولوا الدبر من العدو و أسلموك

 تاريخ الطبري، و أغاني الأصفهاني، و مغازي ابن إسحاق، و أخبار أبي رافع، أنه أبصر رسول الله ص إلى كتيبة فقال احمل عليهم فحمل عليهم و فرق جمعهم و قتل عمرو بن عبد الله الجمحي ثم أبصر كتيبة أخرى فقال رد عني فحمل عليهم ففرق جماعتهم و قتل شيبة بن مالك العامري و في رواية أبي رافع ثم رأى كتيبة أخرى فقال احمل عليهم فحمل عليهم فهزمهم و قتل هاشم بن أمية المخزومي فقال جبرئيل يا رسول الله إن هذه لهي المواساة فقال رسول الله ص إنه مني و أنا منه فقال جبرئيل و أنا منكما فسمعوا صوتا لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي و زاد ابن إسحاق في روايته فإذا ندبتم هالكا فابكوا الوفي و أخي الوفي و كان المسلمون لما أصابهم من البلاء أثلاثا ثلث جريح و ثلث قتيل و ثلث منهزم

 تفسير القشيري، و تاريخ الطبري، أنه انتهى أنس بن النضر إلى عمر و طلحة في رجال و قال ما يجلسكم قالوا قتل محمد رسول الله ص قال فما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ص ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل

 و  روي أن أبا سفيان رأى النبي مطروحا على الأرض فنال بذلك ظفرا و حث الناس على النبي ص فاستقبلهم علي و هزمهم ثم حمل النبي ص إلى أحد و نادى معاشر المسلمين ارجعوا ارجعوا إلى رسول الله ص فكانوا يثوبون و يثنون على علي و يدعون له و كان قد انكسر سيف علي فقال النبي ص خذ هذا السيف فأخذ ذا الفقار و هزم القوم و روي عن أبي رافع بطرق كثيرة أنه لما انصرف المشركون يوم أحد بلغوا الروحاء قالوا لا الكواعب أردفتم و لا محمدا قتلتم ارجعوا فبلغ ذلك رسول الله ص فبعث في آثارهم عليا في نفر من الخزرج فجعل لا يرتحلون المشركون من منزل إلا نزله علي فأنزل الله تعالى الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ و في خبر أبي رافع أن النبي ص تفل على جراحه و دعا له و بعثه خلف المشركين فنزل فيه الآية

11-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ فصل في مقامه في غزاة خيبر أبو كريب و محمد بن يحيى الأزدي في أماليهما و محمد بن إسحاق و العمادي في مغازيهما و النطنزي و البلاذري في تاريخيهما و الثعلبي و الواحدي في تفسيريهما و أحمد بن حنبل و أبو يعلى الموصلي في مسنديهما و أحمد و السمعاني و أبو السعادات في فضائلهم و أبو نعيم في حليته و الأشنهي في اعتقاده و أبو بكر البيهقي في دلائل النبوة و الترمذي في جامعه و ابن ماجة في سننه و ابن بطة في إبانته من سبع عشرة طريقا عن عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر و سهل بن سعد و سلمة بن الأكوع و بريدة الأسلمي و عمران بن الحصين و عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه و أبي سعيد الخدري و جابر  الأنصاري و سعد بن أبي وقاص و أبي هريرة أنه لما خرج مرحب برجله بعث النبي ص أبا بكر برايته مع المهاجرين في راية بيضاء فعاد يؤنب قومه و يؤنبونه ثم بعث عمر من بعده فرجع يجبن أصحابه و يجبنونه حتى ساء النبي ص ذلك فقال ص لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله كرارا غير فرار يأخذها عنوة و في رواية يأخذها بحقها و في رواية لا يرجع حتى يفتح الله على يده

 البخاري، و مسلم، إنه قال لما قال النبي ص حديث الراية بات الناس يذكرون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الصبح غدوا على رسول الله كلهم يرجو أن يعطاها فقال أين علي بن أبي طالب فقيل هو يشتكي عينيه فقال فأرسلوا إليه فأتي به فتفل النبي ص في عينيه و دعا له فبرأ فأعطاه الراية

 و في رواية ابن جرير و محمد بن إسحاق فغدت قريش يقول بعضهم لبعض أما علي فقد كفيتموه فإنه أرمد لا يبصر موضع قدمه فلما أصبح قال ادعوا لي عليا فقالوا به رمد فقال أرسلوا إليه و ادعوه فجاء على بغلته و عينه معصوبة بخرقة برد قطري فأخذ سلمة بن الأكوع بيده و أتى به إلى النبي ص القصة

 و في رواية الخدري أنه بعث إليه سلمان و أبا ذر فجاءا به يقاد فوضع النبي ص رأسه على فخذه و تفل في عينيه فقام و كأنهما جزعان فقال له خذ الراية و امض بها فجبرئيل معك و النصر أمامك و الرعب مثبوت في صدور القوم و اعلم يا علي أنهم يجدون في كتابهم أن الذي يدمر عليهم اسمه إليا فإذا لقيتهم فقل أنا علي فإنهم يخذلون إن شاء الله تعالى

 فضائل السمعاني، أنه قال سلمة فخرج أمير المؤمنين ع بها يهرول هرولة حتى ركز رايته في رضخ من حجارة تحت الحصن فاطلع إليه يهودي فقال من أنت فقال أنا علي بن أبي طالب فقال اليهودي غلبتم و ما أنزل على موسى

   كتاب ابن بطة، عن سعد و جابر و سلمة فخرج يهرول هرولة و سعد يقول يا أبا الحسن أربع يلحق بك الناس فخرج إليه مرحب في عامة اليهود و عليه مغفر و حجر قد ثقبه مثل البيضة على أم رأسه و هو يرتجز و يقول

قد علمت خيبر أني مرحب شاك سلاحي بطل مجرب‏أطعن أحيانا و حينا أضرب إذ الليوث أقبلت تلتهب

فقال علي ع

أنا الذي سمتني أمي حيدرة ضرغام آجال و ليث قسورةعلى الأعادي مثل ريح صرصرة أكيلكم بالسيف كيل السندرةأضرب بالسيف رقاب الكفرة

قال مكحول فأجحم عنه مرحب لقول ظئر له غالب كل غالب إلا حيدر بن أبي طالب فأتاه إبليس في صورة شيخ فحلف أنه ليس بذلك الحيدر و الحيدر في العالم كثير فرجع

 و قال الطبري و ابن بطة روى بريدة أنه ضربه على مقدمة فقد الحجر و المغفر و نزل في رأسه حتى وقع في الأضراس و أخذ المدينة

 الطبري في التاريخ و المناقب، و أحمد في الفضائل، و مسند الأنصار، أنه سمع أهل العسكر صوت ضربته و في مسلم لما فلق على رأس مرحب كان الفتح ابن ماجة في السنن أن عليا لما قتل مرحبا أتى برأسه إلى رسول الله ص

 السمعاني في حديث ابن عمر أن رجلا جاء إلى النبي ص فقال يا رسول الله اليهود قتلوا  أخي فقال لأعطين الراية غدا الخبر

 قال ابن عمر فما تتأم آخرنا حتى فتح لأولنا فأخذ علي قاتل الأنصاري فدفعه إلى أخيه فقتله

 الواقدي فو الله ما بلغ عسكر النبي ص أخيراه حتى دخل علي ع حصون اليهود كلها و هي قموص و ناعم و سلالم و وطيح و حصن المصعب بن معاد و غنم و كانت الغنيمة نصفها لعلي و نصفها لسائر الصحابة

 شعبة و قتادة و الحسن و ابن عباس أنه نزل جبرئيل ع على النبي ص فقال له إن الله يأمرك يا محمد و يقول لك إني بعثت جبرئيل إلى علي ع لينصره و عزتي و جلالي ما رمى علي حجرا إلى أهل خيبر إلا رمى جبرئيل حجرا فادفع يا محمد إلى علي سهمين من غنائم خيبر سهما له و سهم جبرئيل معه فأنشأ خزيمة بن ثابت هذه الأبيات

و كان علي أرمد العين يبتغي دواء فلما لم يحس مداوياشفاه رسول الله منه بتفله فبورك مرقيا و بورك راقياو قال سأعطي الراية اليوم صارما كميا محبا للرسول مواليايحب الإله و الإله يحبه به يفتح الله الحصون الأوابيافأصفى بها دون البرية كلها عليا و سماه الوزير المؤاخيا

 بيان قال الفيروزآبادي الجزع و يكسر الخوز اليماني الصيني فيه سواد و بياض تشبه به العين و قال تام الفرس جاء جريا بعد جري

12-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ فصل في قتاله في حرب الأحزاب ابن مسعود و الصادق ع في  قوله تعالى وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ بعلي بن أبي طالب ع و قتله عمرو بن عبد ود و قد رواه أبو نعيم الأصفهاني فيما نزل من القرآن في أمير المؤمنين ع بالإسناد عن سفيان الثوري عن رجل عن مرة عن عبد الله و قال جماعة من المفسرين في قوله اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ إنها نزلت في علي ع يوم الأحزاب و لما عرف النبي ص اجتماعهم حفر الخندق بمشورة سلمان و أمر بنزول الذراري و النساء في الآكام و كانت الأحزاب على الخمر و الغناء و المسلمون كان على رءوسهم الطير لمكان عمرو بن عبد ود العامري الملقب بعماد العرب و كان في مائة ناصية من الملوك و ألف مفرعة من الصعاليك و هو يعد بألف فارس فقيل في ذلك عمرو بن عبد ود كان أول فارس جزع من المداد و كان فارس يليل سمي فارس يليل لأنه أقبل في ركب من قريش حتى إذا كان بيليل و هو واد عرضت لهم بنو بكر فقال لأصحابه امضوا فمضوا و قام في وجوه بني بكر حتى منعهم من أن يصلوا إليه و كان الخندق المداد قال و لما انتدب عمرو للبراز جعل يقول هل من مبارز و المسلمون يتجاوزون عنه فركز رمحه على خيمة النبي ص و قال أبرز يا محمد فقال ص من يقوم إلى مبارزته فله الإمامة بعدي فنكل الناس عنه قال حذيفة قال النبي ص ادن مني يا علي فنزع عمامته السحاب من رأسه و عممه بها تسعة أكوار و أعطاه سيفه و قال امض لشأنك ثم قال اللهم أعنه و روي أنه لما قتل عمروا أنشد

ضربته بالسيف فوق الهامة بضربة صارمة هدامةأنا علي صاحب الصمصامة و صاحب الحوض لدى القيامةأخو رسول الله ذي العلامة قد قال إذ عممني عمامةأنت الذي بعدي له الإمامة

   محمد بن إسحاق أنه لما ركز عمرو رمحه على خيمة النبي ص و قال يا محمد أبرز ثم أنشأ يقول

و لقد بححت من النداء بجمعكم هل من مبارزو وقفت إذ جبن الشجاع بموقف البطل المناجزإني كذلك لم أزل متسرعا نحو الهزاهزإن الشجاعة و السماحة في الفتى خير الغرائز

في كل ذلك يقوم علي ليبارزه فيأمره النبي ص بالجلوس لمكان بكاء فاطمة ع من جراحاته في يوم أحد و قولها ما أسرع أن يأتم الحسن و الحسين باقتحامه الهلكات فنزل جبرئيل ع فأمره عن الله تعالى أن يأمر عليا ع بمبارزته فقال النبي ص يا علي ادن مني و عممه بعمامته و أعطاه سيفه و قال امض لشأنك ثم قال اللهم أعنه فلما توجه إليه قال النبي ص خرج الإيمان سائره إلى الكفر سائره قال محمد بن إسحاق فلما لاقاه علي ع أنشأ يقول

لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجزذو نية و بصيرة و الصبر منجي كل فائزإني لأرضى أن أقيم عليك نائحة الجنائزمن ضربة نجلاء يبقى ذكرها عند الهزاهز

 و يروى له ع في أمالي النيسابوري

يا عمرو و قد لاقيت فارس بهمة عند اللقاء معاود الأقدام‏يدعو إلى دين الإله و نصره و إلى الهدى و شرائع الإسلام

إلى قوله

شهدت قريش و البراجم كلها أن ليس فيها من يقوم مقامي

   و روي أن عمرا قال ما أكرمك قرنا

 الطبري و الثعلبي قال علي ع يا عمرو إنك كنت في الجاهلية تقول لا يدعوني أحد إلى ثلاثة إلا قبلتها أو واحدة منها قال أجل قال فإني أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أن تسلم لرب العالمين قال أخر عني هذه قال أما إنها خير لك لو أخذتها ثم قال ترجع من حيث جئت قال لا تحدث نساء قريش بهذا أبدا قال تنزل تقاتلني فضحك عمرو و قال ما كنت أظن أحدا من العرب يرومني عليها و إني لأكره أن أقتل الرجل الكريم مثلك و كان أبوك لي نديما قال لكني أحب أن أقتلك قال فتناوشا فضربه عمرو في الدرقة فقدها و أثبت فيها السيف و أصاب رأسه فشجه و ضربه علي على عاتقه فسقط و في رواية حذيفة ضربه على رجليه بالسيف من أسفل فوقع على قفاه قال جابر فثار بينهما قترة فما رأيتهما و سمعت التكبير تحتها و انكشف أصحابه حتى طفرت خيولهم الخندق و تبادر المسلمون يكبرون فوجدوه على فرسه برجل واحدة يحارب عليا ع و رمى رجله نحو علي فخاف من هيبتها رجلان و وقعا في الخندق و قال الطبري و وجدوا نوفلا في الخندق فجعلوا يرمونه بالحجارة فقال لهم قتلة أجمل من هذه ينزل بعضكم لقتالي فنزل إليه علي ع فطعنه في ترقوته بالسيف حتى أخرجه من مراقه ثم خرج منية بن عثمان العبدري فانصرف و مات بمكة و روي و لحق هبيرة فأعجزه فضرب على قربوس سرجه و سقط درعه و فر عكرمة و ضرار فأنشأ أمير المؤمنين ع يقول

و كانوا على الإسلام إلبا ثلاثة و قد فر من تحت الثلاثة واحد

  و فر أبو عمرو هبيرة لم يعد إلينا و ذو الحرب المجرب عائدنهتهم سيوف الهند أن يقفوا لنا غداة التقينا و الرماح القواصد

قال جابر شبهت قصته بقصة داود ع قوله تعالى فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ الآية قالوا فلما جز رأسه من قفاه بسؤال منه قال علي ع

أ علي تقتحم الفوارس هكذا عني و عنهم خبروا أصحابي‏نصر الحجارة من سفاهة رأيه و عبدت رب محمد بصواب‏اليوم تمنعني الفرار حفيظتي و مصمم في الهام ليس بناب‏أرديت عمروا إذ طغى بمهند صافي الحديد مجرب قصاب‏لا تحسبن الله خاذل دينه و نبيه يا معشر الأحزاب

 عمرو بن عبيد لما قدم علي برأس عمرو استقبله الصحابة فقبل أبو بكر رأسه و قال المهاجرون و الأنصار رهين شكرك ما بقوا

 الواحدي و الخطيب الخوارزمي عن عبد الرحمن السعدي بإسناده عن بهرم بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي ص قال لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود أفضل من عمل أمتي إلى يوم القيامة

 أبو بكر بن عياش لقد ضرب علي ضربة ما كان في الإسلام أعز منها و ضرب ضربة ما كان فيه أشأم منها و يقال إن ضربة ابن ملجم وقعت على ضربة عمرو

 إيضاح النواصي الرؤساء و الأشراف و المفارع الذين يكفون بين الناس الواحد كمنبر و في بعض النسخ بالزاي المعجمة أي الذين يفزعون الناس بسوادهم  و في بعضها بالقاف و الراء المهملة أي الذين يقرعون الأبطال و جزع الأرض و الوادي قطعه و المداد بمعنى الخندق غير معروف و البرجم قوم من أولاد حنظلة بن مالك و يقال صمم السيف إذا مضى في العظم و قطعه و نبا السيف إذا لم يعمل في الضريبة و القصاب في النسخ بالمعجمة و في بعضها بالمهملة و على التقديرين معناه القطاع

13-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ فصل فيما ظهر منه ع في غزاة السلاسل السلاسل اسم ماء أبو القاسم بن شبل الوكيل و أبو الفتح الحفار بإسنادهما عن الصادق ع و مقاتل و الزجاج و وكيع و الثوري و السدي و أبو صالح و ابن عباس أنه أنفذ النبي ص أبا بكر في سبعمائة رجل فلما صار إلى الوادي و أراد الانحدار فخرجوا إليه فهزموه و قتلوا من المسلمين جمعا كثيرا فلما قدموا على النبي ص بعث عمر فرجع منهزما فقال عمرو بن العاص ابعثني يا رسول الله فإن الحرب خدعة و لعلي أخدعهم فبعثه فرجع منهزما و في رواية أنه أنفذ خالدا فعاد كذلك فساء النبي ص فدعا عليا ع و قال أرسلته كرارا غير فرار فشيعه إلى مسجد الأحزاب فسار بالقوم متنكبا عن الطريق يسير بالليل و يكمن بالنهار ثم أخذ علي ع محجة غامضة فسار بهم حتى استقبل الوادي من فمه ثم أمرهم أن يعكموا الخيل و أوقفهم في مكان و قال لا تبرحوا و انتبذ إمامهم و أقام ناحية منهم فقال خالد و في رواية قال عمر أنزلنا هذا الغلام في واد كثير الحيات و الهوام و السباع إما سبع يأكلنا أو يأكل دوابنا و إما حيات تعقرنا و تعقر دوابنا و إما يعلم بنا عدونا فيأتينا و يقتلنا فكلموه نعلو الوادي فكلمه أبو بكر فلم يجبه فكلمه عمر فلم يجبه فقال عمرو بن العاص إنه لا ينبغي أن نضيع أنفسنا انطلقوا بنا نعلو الوادي فأبى ذلك المسلمون و من روايات أهل البيت ع أنه أبت الأرض أن تحملهم قالوا فلما أحس ع الفجر قال اركبوا بارك الله فيكم و طلع الجبل حتى إذا انحدر على القوم و أشرف عليهم قال لهم اتركوا عكمة دوابكم  قال فشمت الخيل ريح الإناث فصهلت فسمع القوم صهيل خيلهم فولوا هاربين و في رواية مقاتل و الزجاج أنه كبس القوم و هم غادون فقال يا هؤلاء أنا رسول رسول الله إليكم أن تقولوا لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و إلا ضربتكم بالسيف فقالوا انصرف عنا كما انصرف ثلاثة فإنك لا تقاومنا فقال ع إنني لا أنصرف أنا علي بن أبي طالب فاضطربوا و خرج إليه إلا الأشداء السبعة و ناصحوه و طلبوا الصلح فقال ع إما الإسلام و إما المقاومة فبرز إليه واحد بعد واحد و كان أشدهم آخرهم و هو سعد بن مالك العجلي و هو صاحب الحصن فقتلهم و انهزموا فدخل بعضهم في الحصن و بعضهم استأمنوا و بعضهم أسلموا و أتوه بمفاتيح الخزائن قالت أم سلمة انتبه النبي ص من القيلولة فقلت الله جارك ما لك فقال أخبرني جبرئيل بالفتح و نزلت وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً فبشر النبي ص أصحابه بذلك و أمرهم باستقباله و النبي يتقدمهم فلما رأى علي ع النبي ترجل عن فرسه فقال النبي ص اركب فإن الله و رسوله عنك راضيان فبكى علي ع فرحا فقال النبي ص يا علي لو لا أني أشفق أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في المسيح الخبر

 بيان عكم المتاع شده و لعل المراد هنا شد أفواههم لئلا يصهلوا و لذا قال ع آخرا اتركوا عكمة دوابكم أي ليصهلوا و يسمع القوم

14-  قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ فصل في غزوات شتى قوله تعالى وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ قال الضحاك وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ يعني عليا و ثمانية من بني هاشم ابن قتيبة في المعارف و الثعلبي في الكشف الذين ثبتوا مع النبي ص يوم  حنين بعد هزيمة الناس علي و العباس و الفضل ابنه و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب و نوفل و ربيعة أخواه و عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب و عتبة و معتب ابنا أبي لهب و أيمن مولى النبي ص و كان العباس عن يمينه و الفضل عن يساره و أبو سفيان ممسك بسرجه عند تفر بغلته و سائرهم حوله و علي يضرب بالسيف بين يديه و فيه يقول العباس

نصرنا رسول الله في الحرب تسعة و قد فر من قد فر عنه فأقشعوا

فكانت الأنصار خاصة تنصرف إذ كمن أبو جرول على المسلمين و كان على جمل أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام هوازن إذا أدرك أحدا طعنه برمحه و إذا فاته الناس دفع لمن وراءه و جعل يقتلهم و هو يرتجز

أنا أبو جرول لا براح حتى نبيح القوم أو نباح

فصمد له أمير المؤمنين ع فضرب عجز بعيره فصرعه ثم ضربه فقطره ثم قال

قد علم القوم لدى الصباح أني لدى الهيجاء ذو نصاح

فانهزموا و عد قتلى علي فكانوا أربعين و قال علي ع

أ لم تر أن الله أبلى رسوله بلاء عزيز ذا اقتدار و ذا فضل‏بما أنزل الكفار دار مذلة فذاقوا هوانا من إسار و من قتل‏فأمسى رسول الله قد عز نصره و كان رسول الله أرسل بالعدل‏فجاء بفرقان من الله منزل مبينة آياته لذوي العقل‏فأنكر أقوام فزاغت قلوبهم فزادهم الرحمن خبلا إلى خبل

  و في غزاة الطائف كان النبي ص حاصرهم أياما و أنفذ عليا في خيل و أمره أن يطأ ما وجد و يكسر كل صنم وجده فلقيه خيل خثعم وقت الصبوح في جموع فبرز فارسهم و قال هل من مبارز فقال النبي ص من له فلم يقم أحد فقام إليه علي ع و هو يقول

إن على كل رئيس حقا أن يروي الصعدة أو يدقا

ثم ضربه فقتله و مضى حتى كسر الأصنام فلما رآه النبي ص كبر للفتح و أخذ بيده و ناجاه طويلا ثم خرج من الحصن نافع بن غيلان بن مغيث فلقيه علي ع ببطن وج فقتله و انهزموا و في يوم الفتح برز أسد بن غويلم قاتل العرب فقال النبي ص من خرج إلى هذا المشرك فقتله فله على الله الجنة و له الإمامة بعدي فاحرنجم الناس فبرز علي ع و قال

ضربته بالسيف وسط الهامة بضربة صارمة هدامةفبتكت من جسمه عظامه و بينت من رأسه عظامه

و قتل ع من بني النضير خلقا منهم غرور الرامي إلى خيمة النبي ص فقال حسان

لله أي كريهة أبليتها ببني قريظة و النفوس تطلع‏أردى رئيسهم و آب بتسعة طورا يشلهم و طورا يدفع

و أنفذ النبي ص عليا إلى بني قريظة و قال سر على بركة الله فلما أشرفوا و رأوا عليا ع قالوا أقبل إليكم قاتل عمرو و قال آخر  

قتل علي عمرا صاد علي صقرا قصم علي ظهرا هتك علي سترا

فقال علي ع الحمد لله الذي أظهر الإسلام و قمع الشرك فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ فقتل علي ع منهم عشرة و قتل ع من بني المصطلق مالكا و ابنه تاريخ الطبري و محمد بن إسحاق لما انهزمت هوازن كان رأيتهم مع ذي الخمار فلما قتله علي ع أخذها عثمان بن عبد الله بن ربيعة فقاتل بها حتى قتل و من حديث عمرو بن معديكرب أنه رأى أباه منهزما من خثعم على فرس له قال انزل عنها فاليوم ظلم فقال له إليك يا مائق فقالوا أعطه فركب ثم رمى خثعم بنفسه حتى خرج من بين أظهرهم ثم كر عليهم و فعل ذلك مرارا فحمل عليه بنو زبيد فانهزمت خثعم فقيل له فارس اليمن و مائق زبيد الزمخشري في ربيع الأبرار كان إذا رأى عمر بن الخطاب معديكرب قال الحمد لله الذي خلقنا و خلق عمرا و كان كثيرا ما يسأل عن غاراته فيقول قد محا سيف علي الصنائع و مع مبارزته جذبه أمير المؤمنين ع و المنديل في عنقه حتى أسلم و كان أكثر فتوح العجم على يديه

 بيان الإباحة و الاستباحة السبي و النهب قوله ع ذو نصاح أي أنصح النبي و لا أغشه و الصعدة بالفتح القناة المستوية تنبت كذلك و ترويتها كناية عن كثرة القتل بها و احرنجم أراد الأمر ثم رجع عنه.

 كشف، ]كشف الغمة[ من مناقب الخوارزمي عن حليم عن أبيه عن جده عن النبي ص أنه قال لمبارزة علي بن أبي طالب ع لعمرو بن ود يوم الخندق أفضل من عمل أمتي  إلى يوم القيامة

أقول قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب الفصول مما يشهد بشجاعة أمير المؤمنين ع و عظيم بلائه في الجهاد و نكايته في الأعداء من النظم الذي يشهد بصحته النثر في النقل قول أسد بن أبي إياس بن رهم بن محمد بن عبد بن عدي يحرض مشركي قريش على أمير المؤمنين ع.

في كل مجمع غاية أخزاكم جذع أبر على المذاكي القرح‏لله دركم أ لما تنكروا قد ينكر الحر الكريم و يستحي‏هذا ابن فاطمة الذي أفناكم ذبحا و يمشي بيننا لم يذبح‏أعطوه خرجا و اتقوا بضربته فعل الذليل و بيعة لم تربح‏أين الكهول و أين كل دعامة في المعضلات و أين زين الأبطح‏أفناهم قعصا و ضربا تعتري بالسيف يعمل حده لم يصفح

. و مما يشهد لذلك قول أخت عمرو بن عبد ود و قد رأته قتيلا فقالت من قتله فقيل لها علي بن أبي طالب ع فقالت كفو كريم ثم أنشأت تقول

لو كان قاتل عمرو غير قاتله لكنت أبكي عليه آخر الأبدلكن قاتل عمرو لا يعاب به من كان يدعى قديما بيضة البلد

. أ فلا نرى إلى قريش كيف يحرض عليه بذكر من قتله و كثرتهم و فناء رؤسائهم بسيفه ع و قتله لشجعانهم و أبطالهم ثم لا يجسر أحد من القوم ينكر  ذلك و لا ينفع في جماعتهم التحريض لعجزهم عنه ع و لا ترى أنه ع قد بلغ من فضله في الشجاعة أنها قد صارت يفخر بقتله من قتل منها و ينفي العار عنه بإضافته إليه و هذا لا يكون إلا و قد سلم الجميع له و اصطلحوا على إظهار العجز عنه ع و قد روى أهل السير أن أمير المؤمنين ع لما قتل عمرو بن عبد ود نعي إلى أخته فقالت لو لم يعد يومه على يد كفو كريم لا رقأت دمعتي إن هرقتها عليه قتل الأبطال و بارز الأقران و كانت منيته على يد كفو كريم ما سمعت بأفخر من هذا يا بني عامر ثم أنشأت تقول

أسدان في ضيق المكر تصاولا و كلاهما كفو كريم باسل‏فتخالسا مهج النفوس كلاهما وسط المدار مخاتل و مقاتل‏و كلاهما حضر القراع حفيظة لم يثنه عن ذاك شغل شاغل‏فأذهب علي فما ظفرت بمثله قول سديد ليس فيه تحامل‏فالثار عندي يا علي فليتني أدركته و العقل مني كامل‏ذلت قريش بعد مقتل فارس فالذل مهلكها و خزي شامل

. ثم قالت و الله لا ثارت قريش بأخي ما حنت النيب و قد كان حسان بن ثابت افتخر للإسلام بقتل عمرو بن عبد ود فقال في ذلك أقوالا كثيرة منها

أمسى الفتى عمرو بن عبد يبتغي بجنوب يثرب غارة لم ينظرفلقد وجدت سيوفنا مشهورة و لقد وجدت جيادنا لم تقصرو لقد رأيت غداة بدر عصبة ضربوك ضربا غير ضرب المخسرأصبحت لا تدعى ليوم عظيمة يا عمرو أو لجسيم أمر منكر

.  فلما بلغ شعره بني عامر قال فتى منهم يرد عليه قوله في ذلك

كذبتم و بيت الله لم تقتلوننا و لكن بسيف الهاشميين فافخروابسيف بن عبد الله أحمد في الوغى بكف علي نلتم ذاك فاقصروافلم تقتلوا عمرو بن ود و لا ابنه و لكنه الكفو الهزبر الغضنفرعلي الذي في الفخر طال ثناؤه فلا تكثروا الدعوى علينا فتحقرواببدر خرجتم للبراز فردكم شيوخ قريش جهرة و تأخروافلما أتاهم حمزة و عبيدة و جاء علي بالمهند يخطرفقالوا نعم أكفاء صدق و أقبلوا إليهم سراعا إذ بغوا و تجبروافجال علي جولة هاشمية فدمرهم لما عتوا و تكبروافليس لكم فخر علينا بغيرنا و ليس لكم فخر يعد و يذكر

. و قد جاء الأثر من طرق شتى بأسانيد مختلفة عن زيد بن وهب قال سمعت عليا ع يقول و قد ذكر حديث بدر فقال قتلنا من المشركين سبعين و أسرنا سبعين و كان الذي أسر العباس رجل قصير من الأنصار فأدركته فألقى العباس علي عمامته لئلا يأخذها الأنصاري و أحب أن أكون أنا الذي أسرته و جي‏ء به إلى رسول الله ص فقال الأنصاري يا رسول الله قد جئت بعمك العباس أسيرا فقال العباس كذبت ما أسرني إلا ابن أخي علي بن أبي طالب ع فقال له الأنصاري يا هذا أنا أسرتك فقال و الله يا رسول الله ما أسرني إلا ابن أخي و لكأني بجلحته في النقع تبين لي فقال رسول الله ص صدق عمي ذاك ملك كريم فقال العباس يا رسول الله لقد عرفته بجلحته و حسن وجهه فقال له إن الملائكة الذين أيدني الله بهم على صورة علي بن أبي طالب ع ليكون ذلك أهيب لهم في صدور الأعداء قال فهذه عمامتي على رأس علي ع فمره فليردها علي فقال ويحك إن يعلم الله فيك خيرا يعوضك أحسن العوض

أ فلا ترون أن هذا الحديث يؤيد ما تقدم و يؤكد القول بأن أمير المؤمنين ع كان أشجع البرية و أنه بلغ من بأسه و خوف الأعداء منه ع أن جعل الله عز و جل الملائكة على صورته ليكون ذلك أرعب لقلوبهم و أن هذا المعنى لم يحصل لبشر قبله و لا بعده و يؤيد ما رويناه ما جاء من الأثر عن أبي جعفر محمد بن علي ع في حديث بدر فقال لقد كان يسأل الجريح من المشركين فيقال من جرحك فيقول علي بن أبي طالب فإذا قالها مات و في بلاء أمير المؤمنين ع يوم بدر يقول أبو هاشم السيد بن محمد الحميري

من كعلي الذي يبارزه الأقران إذ بالسيوف يصطلم‏إذ الوغى نارها مسعرة يحرق فرسانها إذا اقتحموافي يوم بدر و في مشاهده العظمى و نار الحرب تضطرم‏بارز أبطالها و سادتها قعصا لهم بالحسام قد علموادعوه كي تدركون عزته فما علوا ذلكم و لا سلمواجذ بسيف النبي هامات أقوام هم سادة و هم قدم‏سيدنا الماجد الجليل أبو السبطين رأس الأنام و العلم‏إن عليا و إن فاطمة و إن سبطيهما و إن ظلموالصفوة الله بعد صفوته لا عرب مثلهم و لا عجم

. انتهى. و قال عبد الحميد بن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة قال نصر و حدثنا عمرو بن شمر عن جابر بن نمير الأنصاري قال و الله لكأني أسمع عليا ع يوم الهرير و ذلك بعد ما طحنت رحى مذحج فيما بينها و بين عك و لخم و حذام و الأشعريين بأمر عظيم تشيب منه النواصي حتى استقلت الشمس و قام قائم الظهيرة و علي ع يقول لأصحابه حتى متى نخلي بين هذين الحيين قد فنينا و أنتم وقوف تنظرون أ ما تخافون مقت الله ثم انفتل إلى القبلة و رفع يديه إلى الله عز و جل ثم نادى يا الله يا رحمان يا واحد يا صمد يا الله يا إله محمد إليك اللهم نقلت الأقدام و أفضت القلوب و رفعت الأيدي و مدت الأعناق و شخصت الأبصار و طلبت الحوائج اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا و كثرة عدونا و تشتت أهوائنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَ أَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ سيروا على بركة الله ثم نادى لا إله إلا الله و الله أكبر كلمة التقوى قال فلا و الذي بعث محمدا نبيا ما سمعنا برئيس قوم منذ خلق السماوات و الأرض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب إنه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من أعلام العرب يخرج بسيفه منحنيا فيقول معذرة إلى الله و إليكم من هذا لقد هممت أن أفلقه و لكن يحجزني عنه أني سمعت رسول الله ص يقول لا سيف إلا ذو الفقار و لا فتى إلا علي و أنا أقاتل به دونه قال فكنا نأخذه و نقومه ثم يتناوله من أيدينا فيتقحم به عرض الصف فلا و الله ما ليث بأشد نكاية منه في عدوه

 و قال في موضع آخر روى أبو عبيدة أن عليا ع استنطق الخوارج بقتل عبد الله بن خباب فأقروا به فقال انفردوا كتائب لأسمع قولكم كتيبة كتيبة فتكتبوا كتائب و أقرت كل كتيبة بمثل ما أقرت به الأخرى من قتل ابن خباب و قالوا و لنقتلنك كما قتلناه فقال ع و الله لو أقر أهل الدنيا كلهم بقتله هكذا و أنا أقدر على قتلهم به لقتلتهم ثم التفت إلى أصحابه فقال شدوا عليهم فأنا أول من يشد عليهم و حمل بذي الفقار حملة منكرة ثلاث مرات كل حملة يضرب به حتى يعوج متنه ثم يخرج فيسويه بركبتيه ثم يحمل به حتى أفناهم