باب 7- الغداء و العشاء و آدابهما

 الآيات الكهف آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً مريم وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا تفسير قال الطبرسي رحمه الله الغداء طعام الغداة و العشاء طعام العشي و الإنسان إلى الغداء أشد حاجة منه إلى العشاء و قال قال المفسرون ليس في الجنة شمس و لا قمر فيكون لهم بكرة و عشيا و المراد أنهم يؤتون رزقهم على ما يعرفونه من مقدار الغداة و العشاء و قيل كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء و العشاء أعجب به و كانت تكره الوجبة و هي الأكلة الواحدة في اليوم فأخبر الله تعالى أن لهم في الجنة رزقهم بكرة و عشيا على قدر ذلك الوقت و ليس ثم ليل و إنما هو ضوء و نور عن قتادة و قيل إنهم يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب و فتح الأبواب انتهى. و أقول يظهر من بعض الأخبار أن هذا وصف جنة الدنيا فلا إشكال قال علي بن إبراهيم ذلك في جنات الدنيا قبل القيامة و الدليل على ذلك بكرة و عشيا فالبكرة و العشي لا تكون في الآخرة في جنات الخلد و إنما يكون الغدو و العشي في جنات الدنيا التي تنتقل إليها أرواح المؤمنين و تطلع فيها الشمس و القمر انتهى. و على التقادير فيها إيماء إلى استحباب التغدي و التعشي و الجمع بينهما و الاكتفاء بهما إذ لو كان يحسن الأكل بينهما لكان ذكره في مقام الامتنان أنسب و كان البكرة شامل لما قبل الزوال و التعشي لما بعده إلى مضي شي‏ء من الليل أو إلى آخره كما مر مرارا

    -1  العيون، بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع من أراد البقاء و لا بقاء فليباكر الغداء و ليجيد الحذاء و ليخفف الرداء و ليقل غشيان النساء

2-  صحيفة الرضا، عنه ع مثله

 مجالس ابن الشيخ، عن الحسين بن إبراهيم عن محمد بن وهبان عن علي بن حبشي عن العباس بن محمد بن الحسين عن أبيه عن صفوان بن يحيى و جعفر بن عيسى عن الحسين بن أبي غندر عن أبيه عن أبي عبد الله عن أمير المؤمنين ع مثله و ليس فيه و ليجيد الحذاء

بيان البقاء الأول امتداد العمر و الثاني الأبدية و استدرك ذلك لئلا يتوهم أن المراد به الثاني و مباكرة الغداء المبادرة به و إيقاعه أول النهار و الحذاء بالكسر النعل و قيل هنا كناية عن الزوجة و الرداء بالكسر ما يلبس فوق الثياب و قال في النهاية في حديث علي ع من أراد البقاء و لا بقاء فليخفف الرداء قيل و ما خفة الرداء قال قلة الدين سمي رداء لقولهم دينك في ذمتي و عنقي و لازم في رقبتي و هو موضع الرداء و هو الثوب أو البرد الذي يضعه الإنسان على عاتقيه بين كتفيه و فوق ثيابه

3-  المحاسن، عن إبراهيم بن هاشم عمن ذكره عن الحسين بن نعيم عن أبي عبد الله ع قال ينبغي للمؤمن أن لا يخرج من بيته حتى يطعم فإنه أعز له

4-  و منه، عن ابن عيسى عن بعض أصحابه يرفعه إلى أبي عبد الله ع قال إذا أردت أن تأخذ في حاجة فكل كسرة بملح فإنه أعز لك و أقضى للحاجة

 و منه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله ع مثله

    -5  و منه، عن النضر عن علي بن صامت عن ابن أخي شهاب بن عبد ربه قال شكوت إلى أبي عبد الله ع ما ألقى من الأوجاع و التخم فقال تغد و تعش و لا تأكل بينهما شيئا فإن فيه فساد البدن أ ما سمعت الله عز و جل يقول لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا

 الطب، ]طب الأئمة عليهم السلام[ عن محمد بن عبد الله العسقلاني عن النضر بن سويد عن علي بن أبي الصلت بن أخي شهاب مثله

6-  المحاسن، عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع عشاء الأنبياء بعد العتمة فلا تدعوا العشاء فإن ترك العشاء خراب البدن

 المكارم، عن أمير المؤمنين ع مثله

7-  المحاسن، عن أبيه عن محمد بن سنان عن زياد بن أبي الحلال قال تعشيت مع أبي عبد الله ع فقال العشاء بعد العشاء الآخرة عشاء النبيين

 و منه، عن أبيه عن القاسم بن عروة عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله ع قال ترك العشاء خراب البدن

 بيان قال في المصباح العشي قيل ما بين الزوال إلى الصباح و قيل العشي و العشاء من صلاة المغرب إلى العتمة و عليه قول ابن فارس العشاءان المغرب و العتمة قال ابن الأنباري العشية مؤنثة و ربما ذكرتها العرب على معنى العشي و قال بعضهم العشية واحدة جمعها عشي و العشاء بالكسر و المد ظلام الليل و بالفتح و المد الطعام الذي يتعشى به وقت العشاء و عشوت فلانا بالتثقيل و عشوته أطعمته العشاء و تعشيت أنا أكلت العشاء و في القاموس العشوة بالفتح الظلمة كالعشواء أو ما بين أول الليل إلى ربعه و العشاء أول الظلام أو من المغرب إلى العتمة أو من زوال الشمس إلى طلوع الفجر و العشي   و العشية آخر النهار و العشي بالكسر و العشاء كسماء طعام العشي و تعشى أكله و عشاه أطعمه إياه كعشاه و أعشاه

8-  المحاسن، عن محمد بن علي عن ابن أسباط عن يعقوب بن سالم عن الميثمي عن أبي عبد الله ع قال كان الحسن منادي يعقوب ع ينادي كل غداة من منزله على فرسخ ألا من أراد الغداء فليأت آل يعقوب و إذا أمسى نادى ألا من أراد العشاء فليأت آل يعقوب و قال حدثني أبو القاسم و يعقوب بن يزيد و النهيكي عن زياد القندي عن عبد الرحمن بن سليمان الهاشمي

 الكافي، عن العدة عن البرقي إلى قوله قال إن يعقوب كان له مناد ينادي كل غداة إلى آخر الخبر

 بيان قد مر أن ذلك إنما كان لأن ابتلاءه بفقد يوسف إنما كان لأنه بات ليلة شبعان و كان في جواره طاعما و لم يطعمه فكان بعد رفع البلية يفعل ذلك و يدل على أن طعام الأنبياء كان في الغداء و العشاء معا و على استحباب الدعوة إلى الطعام إلى فرسخ

9-  المحاسن، عن النوفلي عمن ذكره عن أبي جعفر ع قال أول خراب البدن ترك العشاء

 و منه عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم مثله

10-  و منه، عن جعفر عن ابن القداح عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله ص لا تدعوا العشاء و لو على حشفة إني أخشى على أمتي من ترك العشاء الهرم فإن العشاء قوة الشيخ و الشاب

 بيان في القاموس الحشف بالتحريك أردأ التمر أو الضعيف لا نوى له أو اليابس الفاسد

    -11  المحاسن، عن عبد الرحمن بن حماد عن عبد الله بن إبراهيم عن علي الحلبي عن أبي عبد الله ع قال ترك العشاء مهرمة و قال أول انهدام البدن العشاء

12-  و منه، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن صالح عن أبي عبد الله ع قال ترك العشاء مهرمة

13-  و منه، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن أبي عبد الله ع قال ترك العشاء مهرمة و ينبغي للرجل إذا أسن أن لا يبيت إلا و جوفه ممتلئ من الطعام

 بيان قال في الفائق. قال النبي ص تعشوا و لو بكف من حشف فإن ترك العشاء مهرمة أي مظنة للضعف و الهرم و كانت العرب تقول ترك العشاء يذهب بلحم الكاذة و في الصحاح الكاذتان ما نتأ من اللحم في أعالي الفخذ و قال في النهاية أي مظنة للهرم قال القتيبي هذه الكلمة جارية على ألسنة الناس و لست أدري أ رسول الله ص ابتدأها أم كانت تقال قبله

14-  المحاسن، عن منصور بن العباس عن سليمان بن راشد عن أبيه عن المفضل بن عمر قال دخلت على أبي عبد الله ع ليلة و هو يتعشى فقال يا مفضل ادن و كل قلت قد تعشيت فقال ادن و كل فإنه يستحب للرجل إذا اكتهل أن لا يبيت إلا و في جوفه طعام حديث فدنوت فأكلت

 بيان في القاموس اكتهل صار كهلا قالوا و لا تقل كهل قوله طعام حديث أي قريب عهد بالنوم لأنه كان قد تعشى قبل

15-  المحاسن، عن أبيه عن صفوان و أحمد بن محمد عن حماد عن الوليد بن صبيح قال سمعت أبا عبد الله ع يقول لا خير لمن دخل في السن أن يبيت خفيفا يبيت ممتليا خير له

16-  و منه، عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن ذريح بن العباس عن سعيد بن جناح عن أبي الحسن الرضا ع قال إذا اكتهل الرجل فلا يدع   أن يأكل بالليل شيئا لأنه أهدأ لنومه و أطيب لنكهته

 بيان في النهاية الهدأة و الهدوء السكون عن الحركات

17-  و منه، عن أبيه عن سليمان عن أحمد بن الحسن و هو الختلي عن أبيه عن جميل بن دراج قال سمعت أبا عبد الله ع يوما يقول من ترك العشاء ليلة السبت و ليلة الأحد متواليتين ذهبت منه قوة لم ترجع إليه أربعين يوما

18-  و منه، عن أبي أيوب المديني عن ابن أبي عمير عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال من ترك العشاء نقصت عنه قوة و لا تعود إليه

19-  و منه، عن أبيه عن سليمان بن جعفر الجعفري قال كان أبو الحسن ع لا يدع العشاء و لو كعكة و كان يقول إنه قوة للجسم قال و لا أعلمه إلا قال و صالح للجماع

 المكارم، عنه ع مثله بيان قيل الكعك بالفتح الخبز المحترق و قيل هو الخبز اليابس و قيل هو الخبز الغليظ الذي يطبخ في التنور على حجارة محماة

20-  المكارم، عن الصادق ع لا تدع العشاء و لو بثلاث لقم بملح قال و من ترك العشاء ليلة مات عرق في جسده لا يحيا أبدا

 و قال رسول الله ص من ترك العشاء ليلة السبت و ليلة الأحد متواليتين ذهب منه ما لا يرجع إليه أربعين يوما

 و عن الصادق ع قال لا ينبغي للشيخ الكبير أن ينام إلا و جوفه ممتلئ من الطعام فإنه أهدأ لنومه و أطيب لنكهته

21-  دعوات الراوندي، قال الصادق ع إذا صليت الفجر فكل كسرة تطيب بها نكهتك و تطفئ بها حرارتك و تقوم بها أضراسك و تشد بها لثتك و تجلب بها رزقك و تحسن بها خلقك

    و عن زين العابدين ع أنه كان يصلي صلاة الغداة ثم يثبت في مصلاه حتى تطلع الشمس ثم يقوم فيصلي صلاة طويلة ثم يرقد رقدة ثم يستيقظ فيدعو بالسواك فيستن ثم يدعو بالغداء

22-  الشهاب، قال ص تعشوا و لو بكف من حشف فإن ترك العشاء مهرمة

 الضوء العشاء بالفتح طعام أول الليل و هو خلاف الغداء و الحشف أراد التمر و هذا أمر منه ع بالتعشي و لو لم يكن إلا قليلا تافها ليكون ذلك عونا على عبادة الليل و زيادة قوة على الطاعة و إنما يخاطب به أصحابه فإنهم كانوا يخففون المطعم و يقنعون باليسير تزهدا و تقشفا و قلة رغبة في الرغب فحثهم على التعشي تقوية لهم على العبادة و ما هم بصدده من المجاهدة. فأما الطب فإنهم يذكرون أنه يضر بالنفس و قد قال بعضهم ممدودة يورث مقصورة يعني العشاء يورث العشا و هو الشبكرة و الهرم كبر السن يعني ع أن تركه مدعاة إلى ضعف البدن الذي ينشأ من كبر السن و قد خرج بعض الطب له وجها على ما كان يهواه فقال إن النبي ص إنما قال ذلك نهيا عن طعام الليل و قال تركه مهرمة أي أنه يطول العمر عن تركه حتى يهرم و الصحيح ما تقدم و أول الكلام يدل عليه ثم إنه كان يشفق على أصحابه و يتعهدهم بما يرجع عليهم بالقوة لمكابدتهم الطاعات البدنية و كانوا يؤثرون على أنفسهم و يقنعون بما دون الشبع و يتواصون بذلك و فائدة الحديث الأمر بالتعشي لمن قام بالليل و راوي الحديث أنس

23-  الكافي، عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن ذريح عن أبي عبد الله ع قال الشيخ لا يدع العشاء و لو بلقمة

24-  و منه، عن العدة عن سهل عن بكر بن صالح عن ابن فضال عن عبد الله بن   إبراهيم عن علي بن أبي علي اللهبي عن أبي عبد الله ع قال ما يقول أطباؤكم في عشاء الليل قلت إنهم ينهونا عنه قال فإني آمركم به

25-  و منه، بإسناده عن أبي عبد الله ع قال طعام الليل أنفع من طعام النهار

26-  و منه، بإسناده عن الرضا ع قال إن في الجسد عرقا يقال له العشاء فإذا ترك الرجل العشاء لم يزل يدعو عليه ذلك العرق حتى يصبح يقول أجاعك الله كما أجعتني و أظمأك الله كما أظمأتني فلا يدعن أحدكم العشاء و لو بلقمة من خبز أو بشربة من ماء

 بيان هذا الدعاء تمثيل لبيان تضرر ذلك العرق و وصول ضرره إلى البدن فكأنه يدعو و يستجاب له

27-  الكافي، بإسناده عن داود بن كثير قال تعشيت مع أبي عبد الله ع عتمة فلما فرغ من عشائه حمد الله و قال هذا عشائي و عشاء آبائي الحديث