باب 10- تحقيق منتصف الليل و منتهاه و مفتتح النهار شرعا و عرفا و لغة و معناه

 اعلم أن بعض أصحابنا في زماننا جددوا النزاع القديم الذي كان في بعض الأزمان السابقة و اضمحل لوضوح الحق فيه و اتفق الخاص و العام فيه على أمر واحد و هو الخلاف في معنى الليل و النهار شرعا و عرفا بل لغة هل ابتداء النهار من طلوع الفجر أو طلوع الشمس و عندنا أنه لا يفهم في عرف الشرع و لا في العرف العام و لا بحسب اللغة من اليوم أو النهار إلا ما هو من ابتداء طلوع الفجر و لم يخالف في ذلك إلا شرذمة قليلة قد انقرضوا.   نعم بعض أهل الحرف و الصناعات لما كان ابتداء عملهم من طلوع الشمس قد يطلقون اليوم عليه و بعض أهل اللغة لما رأوا هذا الإصلاح ذكروه في كتب اللغة و يحتمل أن يكون كلاهما بحسب اللغة حقيقة و كذا المنجمون قد يطلقون اليوم على ما بين الطلوع إلى الغروب و على ما بين الطلوع إلى الطلوع و على ما بين الغروب إلى الغروب و على ما بين زوال إلى الزوال و كذا النهار على المعنى الأول و الليل على ما بين غروب الشمس إلى طلوعها. لكن لا ينبغي أن يستريب عارف بقواعد الشريعة و إطلاقاتها في أنه لا يتبادر فيها مع عدم القرينة من النهار إلا ما هو مبتدأ من طلوع الفجر و كذا اليوم بأحد المعنيين و قد يطلق اليوم على مجموع الليل و النهار و لا يتبادر من الليل إلا ما هو مختتم بالفجر و أما انتهاء النهار و اليوم و ابتداء الليل فهو إما غيبوبة القرص أو ذهاب الحمرة المشرقية كما عرفت. و لنذكر بعض كلمات أهل اللغة و المفسرين و الفقهاء من الخاصة و العامة ثم لنشر إلى بعض الآيات و الأخبار الدالة على هذا المطلب لإراءة الطالبين للحق سبيل التحقيق فإن استيفاء جميع الدلائل و البراهين و التعرض لما استدل به بعض أفاضل المعاصرين لا يناسب هذا الكتاب و في بالي إن ساعدني التوفيق أن أفرد لذلك رسالة تتضمن أكثر ما يتعلق بهذا المرام و الله الموفق و المعين. فأما كلمات القوم فقال الشيخ الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان في تفسير قوله تعالى وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً الليلة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني و اليوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس و لم يذكر لهما معنى آخر. و قال رحمه الله في تفسير قوله تعالى وَ سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ

    التسخير في الحقيقة للشمس و القمر لأن النهار هو حركات الشمس من وقت طلوع الفجر إلى غروب الشمس و الليل حركات الشمس تحت الأرض من وقت غروب الشمس إلى وقت طلوع الفجر إلا أنه سبحانه أجرى التسخير على الليل و النهار على سبيل التجوز و الاتساع و قال في قوله تعالى وَ النَّهارَ مُبْصِراً أي و جعل لكم النهار و هو ما بين طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس مضيئا تبصرون فيه لمواضع حاجاتكم. و قال في نقل الأقوال في الصلاة الوسطى و ثانيها أنها صلاة العصر و نسبه إلى جماعة منهم علي ع و ابن عباس ثم قال قالوا لأنها بين صلاتي النهار و صلاتي الليل و ذكر ذلك أكثر المفسرين و العلماء من الفريقين. و قال ابن البراج في جواهر الفقه صلاة الصبح من صلاة النهار لقوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ و لا خلاف في أن المراد بذلك صلاة الفجر و العصر و لما كانت صلاة الفجر تقام بعد طلوع الفجر إلى قبل طلوع الشمس كان ذلك دالا على أن هذا الوقت طرف النهار لأن إجماع الطائفة عليه أيضا. و قال الشيخ في الخلاف الفجر الثاني هو أول النهار و آخر الليل فينفصل به الليل من النهار و تحل به الصلاة و يحرم به الطعام و الشراب على الصائم و تكون صلاة الصبح من صلاة النهار و به قال عامة أهل العلم و ذهب طائفة إلى أن ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ليس من النهار و لا من الليل بل هو زمان منفصل عنهما و ذهبت طائفة إلى أن أول النهار هو طلوع الشمس و ما قبل ذلك من الليل فتكون صلاة الصبح من صلاة الليل و لا يحرم الطعام و   الشراب على الصائم إلى طلوع الشمس ذهب إليه الأعمش و غيره و روي ذلك عن حذيفة. دليلنا على فساد قول الفرقة الأولى قوله تعالى يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَ يُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ و هذا ينفي أن يكون بينهما فاصل و يدل على فساد قول الأعمش قوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ و لم يختلفوا أن المراد بذلك صلاة الصبح و العصر فلما كانت صلاة الصبح تقام بعد طلوع الفجر و قبل طلوع الشمس دل ذلك على أن الوقت طرف النهار و عنده أنه من الليل و أيضا أجمعت الفرقة المحقة على تحريم الأكل و الشرب بعد طلوع الفجر الثاني و قد بينا أن ذلك حجة على أن هذا الخلاف قد انقرض و أجمع المسلمون فلو كان صحيحا لما انقرض.

 و قال العلامة نور الله مرقده في المنتهى روى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر ع قال سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر فقال قبل الفجر إنهما من صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل أ تريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أ كنت تتطوع إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة

ثم قال و في هذا الحديث فوائد أحدها الحكم بأنهما قبل الفجر و ثانيها أنهما و إن كانا قبل الفجر فإنهما يسميان بركعتي الفجر و ذلك من باب التجوز تسمية للشي‏ء باسم ما يقاربه و ثالثها الحكم بأنهما من صلاة الليل و رابعها تعليل أنهما قبل الفجر بأنهما من صلاة الليل و ذلك يدل على أن ما بعد الفجر ليس من الليل خلافا للأعمش و غيره و لحذيفة على ما روي عنه حيث ذهبوا إلى أن ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من الليل و أن صلاة الصبح من صلاة الليل و أنه يباح للصائم الأكل و الشرب إلى طلوع الشمس و يزيده فسادا قوله تعالى أَقِمِ   الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ و اتفق المفسرون على أن المراد بذلك صلاة الصبح و العصر إلى آخر ما قال. و قال ره في كتاب الاعتكاف لا تدخل الليالي في الاعتكاف بل ليلتان من كل ثلاث ثم أجاب عن حجة المخالف بأن اسم اليوم حقيقة لما بين الفجر إلى الغروب و الليلة ما عدا ذلك فلا يتناولها إلا مع القرينة و مع تجرد اللفظ عنها يحمل على حقيقته. ثم قال في سياق كلامه فمن نذر اعتكاف يوم فإنه يلزمه الدخول فيه قبل طلوع فجره و نحو هذا قال المحقق قدس سره في المعتبر و غيره من الأصحاب. و قال ابن إدريس قدس سره في السرائر تراوح على نزحها أربعة رجال من أول النهار إلى آخره و أول النهار حين يحرم على الصيام الأكل و الشرب و آخره حين يحل له الإفطار و قد يوجد في كتب بعض أصحابنا من الغدوة إلى العيشة و ليس في ذلك ما ينافي ما ذكرناه لأن الغدوة و الغداة عبارة عن أول النهار بغير خلاف بين أهل اللغة العربية و قال في وقوف المشعر وقته من طلوع الفجر من يوم النحر إلى طلوع الشمس من ذلك اليوم. و قال المفيد في المقنعة من حصل بعرفات قبل طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدركها و قال ابن أبي عقيل على ما نقل عنه حين عد النوافل و ثماني عشرة ركعة بالليل منها أربع ركعات بعد المغرب و ركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس تعدان ركعة و ثلاث عشرة ركعة من انتصاف الليل إلى طلوع الفجر الثاني منها ثلاث ركعات الوتر. و قال المفيد ره إذا كان يوم العيد بعد طلوع الفجر اغتسلت إلى آخر ما قال. و قال السيد المرتضى ره في احتجاج أن الصلاة الوسطى صلاة العصر لأنها وسط بين الصبح و الظهر و هما صلاة النهار و بين المغرب و العشاء و هما صلاة الليل.

    و قال ابن الجنيد على ما نقل عنه وقت صلاة الليل و الوتر و الركعتين من حين انتصاف الليل إلى طلوع الفجر على الترتيب و لا أستحب صلاة الركعتين قبل سدس الليل من آخره و قال في الفطرة أول وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم الفطر و قال السيد في الجمل وقت وجوب هذه الصدقة طلوع الفجر من يوم الفطر و قال أبو الصلاح وقت الوقوف بعرفة للمختار من زوال الشمس يوم التاسع إلى غروبها و للمضطر إلى طلوع الفجر يوم النحر و قال المفيد من لم يتمكن من صلاة الليل في آخره فليترك صلاة الليلة ثم ليقضها في أول الليلة الثانية و المسافر إذا خاف أن يغلبه النوم و لا يقوم في آخر الليل فليقدم صلاة ليلته في أولها و قال وقت وجوب الفطرة يوم العيد بعد الفجر منه و قال إذا أصبح يوم النحر فليصل الفجر و قال في التكبيرات و آخرها الغداة من يوم الرابع. و قال البغوي في شرح السنة في قول

 النبي ص من صلى البردين دخل الجنة

إنه أراد بالبردين صلاة الفجر و العصر لكونهما في طرفي النهار و البردان الغداة و العشي. و قال الشهيد روح الله روحه في الذكرى صلاة الصبح من صلاة النهار عند الكل إلا أبا محمد الأعمش إذ حكي عنه أنها من صلاة الليل بناء على أن أول النهار طلوع الشمس حتى للصوم فيجوز الأكل و الشرب إلى طلوع الشمس عنده. قال في الخلاف و روي ذلك عن حذيفة لقوله تعالى وَ جَعَلْنا آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً و آية النهار الشمس و لقول النبي ص صلاة النهار عجماء و جوابه منع أن الآية الشمس بل نفس الليل و النهار آيتان و هو من إضافة التبيين كإضافة العدد إلى المعدود سلمنا أنها الشمس و لكن علامة الشي‏ء قد تتأخر حتى تكون بعد دخوله سلمنا أن الشمس علامة النهار و أنها متقدمة لكن الضياء الحاصل من أول الفجر عن الشمس طالعة و في الحقيقة هي طالعة و إن تأخر رؤية جرمها   و لهذا اختلفت أوقات المطالع بحسب الأقاليم و أما الخبر فقد نسبه الدارقطني إلى الفقهاء و يحمل على معظم صلاة النهار و يعارض باستقرار الإجماع على خلافه و بقوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ قال الشيخ و لم يختلفوا أن المراد بذلك صلاة الصبح و صلاة العصر. و قال ره في بعض بحث القراءة و ذكر بعض العامة ضابطا للجهر و الإخفاف و تبعهم عليه بعض الأصحاب كذلك و هو أن كل صلاة تختص بالنهار و لا نظير لها بالليل فجهر كالصبح و العلامة ره في التذكرة قال صلاة الصبح من صلوات النهار لأن أول النهار طلوع الفجر الثاني عند عامة أهل العلم لأن الإجماع على أن الصوم إنما يجب بالنهار و النص دل على تحريم الأكل و الشرب بعد طلوع الفجر ثم ذكر قول الأعمش و دلائله كما مر إلى قوله و قول أمية بن الصلت. و الشمس تطلع كل آخر ليلة. حمراء يبصر لونها يتوقد. ثم قال و أما الشعر فحكى الخليل أن النهار هو الضياء الذي بين طلوع الفجر و غروب الشمس و سمي طلوع الشمس في آخر كل ليلة لمقارنتها لذلك و قال في تعليل كون الصلاة الوسطى هي الظهر بأنها وسط صلوات النهار و قال الشهيد الثاني ره و غيره في مسألة التراوح و اليوم من طلوع الفجر إلى الغروب. و ذكر أكثر الأصحاب كالمحقق في المعتبر و العلامة في المنتهى و الشهيد الثاني و سبطه قدس الله أرواحهم في تعليل أن غسل الجمعة وقته ما بين طلوع الفجر إلى زوال الشمس بأن الغسل وقع مضافا إلى اليوم و هو يتحقق بطلوع الفجر و كذا في غسل العيدين و عرفة و غيرها مما علق باليوم و هم كانوا أهل اللسان عارفين باللغة و الاصطلاح و العرف. و في الشرائع و غيره من كتب الفقه في المبيت عند الزوجة و يختص الوجوب بالليل دون النهار و قيل يكون عندها في ليلتها و يظل عندها في صبيحتها و هو

    المروي ثم قالوا و يستحب أن يكون صبيحة كل ليلة عند صاحبتها و معلوم أن ما بعد الصبح داخل في الصبيحة و قال ابن الجنيد العدل بين النساء هو إذا كن حرائر مسلمات لم يفضل إحداهن على الأخرى في الواجب لهن من مبيت الليلة و قيلولة صبيحة تلك الليلة. و قال النيشابوري في تفسيره في قوله تعالى مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ اليوم هو المدة من طلوع نصف جرم الشمس إلى غروب نصف جرمها أو من ابتداء طلوعها إلى غروب كلها أو من طلوع الفجر الثاني إلى غروبها و هذا في الشرع. و قال عند تفسير قوله تعالى في سورة البقرة إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ الآية أما النهار فإنه عبارة عن مدة كون الشمس فوق الأفق و في الشرع بزيادة ما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع جرم الشمس و أما الليل فعبارة عن مدة خفاء الشمس تحت الأفق أو بنقصان الزيادة المذكورة. و قال الكفعمي في كتاب صفوة الصفات قال صاحب كتاب الحدود الليل اسم يقع على امتداد الظلام من أول ما يسقط قرص الشمس إلى أن يسفر الصبح و قال النهار اسم يقع على امتداد الضياء من أول ما يسفر الصبح إلى أن تغيب الشمس قال و قال أبو العباس أحمد بن القاضي الطبرسي في كتابه تقويم القبلة اليوم مبدؤه من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس لقوله تعالى كُلُوا وَ اشْرَبُوا الآية مع قوله فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ و قال أبو العباس قيل اليوم و النهار مترادفان. و ذكر الراغب الأصفهاني في مفرداته عند ترجمة النهار النهار الوقت الذي ينتشر فيه الضوء و هو في الشرع ما بين طلوع الصبح إلى غروب الشمس. و قال أحمد بن محمد بن علي المقري في المصباح المنير الليلة من غروب الشمس إلى طلوع الفجر و قال النهار في اللغة من طلوع الفجر إلى غروب   الشمس و هو مرادف لليوم و في حديث إنما هو بياض النهار و سواد الليل و لا واسطة بين الليل و النهار و ربما توسعت العرب فأطلقت النهار من وقت الإسفار إلى الغروب و هو في عرف الناس من طلوع الشمس إلى غروبها و إذا أطلق النهار في الفروع انصرف إلى اليوم نحو صم نهارا و اعمل نهارا. لكن قالوا إذا استأجره على أن يعمل له نهار يوم الأحد مثلا فهل يحمل على الحقيقة اللغوية حتى يكون أوله من طلوع الفجر أو يحمل على العرف حتى يكون أوله من طلوع الشمس لإشعار الإضافة به لأن الشي‏ء لا يضاف إلى مرادفه و الأول هو الراجع دليلا لأن الشي‏ء قد يضاف إلى نفسه عند اختلاف اللفظين نحو وَ لَدارُ الْآخِرَةِ و حَقُّ الْيَقِينِ. و قال الصبح الفجر و هو أول النهار و قال الفجر الثاني الصادق هو المستطير و بطلوعه يدخل النهار و قال في شمس العلوم آخر الليل قبل الفجر. و قال إمامهم الرازي في تفسيره عند ذكر الأقوال في الصلاة الوسطى في احتجاج من قال إن الصلاة الوسطى صلاة الظهر الثالث أنها صلاة بين الصلاتين نهاريتين بين الفجر و العصر و في احتجاج من قال إنها العصر و ثالثها أن العصر بين صلاتين بالنهار و صلاتين بالليل و قال في قوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ المراد بطرفي النهار الصبح و العصر. و قال في القاموس النهار ضياء ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس أو من طلوع الشمس إلى غروبها و قال الليل و الليلاة من مغرب الشمس إلى طلوع الفجر الصادق أو الشمس و قال الزمخشري في الأساس إنما سمي السحر استعارة لأنه وقت إدبار الليل و إقبال النهار فهو متنفس الصبح. و قال الرازي في قوله تعالى فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ الآية و وقت

    الوقوف يدخل بزوال الشمس من يوم عرفة و يمتد إلى طلوع الفجر من يوم النحر و ذلك نصف يوم و ليلة كاملة و قال في قوله تعالى وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ الإبكار مصدر أبكر يبكر إذا خرج للأمر في أول النهار هذا هو أصل اللغة سمي ما بين طلوع الفجر إلى الضحى إبكارا. و قال البيضاوي الإبكار من طلوع الفجر إلى الضحى و قال في قوله تعالى وَ اصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَ الْعَشِيِّ أي في مجامع أوقاتهم أو في طرفي النهار و قال الطبرسي ره أي يداومون على الصلوات و الدعاء عند الصباح و المساء لا شغل لهم غيره و يستفتحون يومهم بالدعاء و يختمونه بالدعاء. و قال الراغب في مفرداته الصبح و الصباح أول النهار و قال السحر اختلاط ظلام آخر الليل بضوء النهار و قال الخليل بن أحمد النحوي ره في كتاب العين و هو الأصل في اللغة و عليه المعول و إليه المرجع النهار ضياء ما بين طلوع الفجر إلى غروب الشمس و لم يذكر له معنى آخر و قال الليل خلاف النهار و قال السحر آخر الليل. و قال الطيبي في شرح المشكاة يوصف العصر بالوسطى لكونها واقعة بين صلاتي النهار و صلاتي الليل و قال النيشابوري في قوله تعالى بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ عن ابن عباس أي في آخر الليل بسحر. و قال الرازي في قوله تعالى فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَ حِينَ تُصْبِحُونَ إن الإنسان ما دام في الدنيا لا يمكنه أن يصرف جميع أوقاته في التسبيح فأشار الله إلى أوقات إذا أتى العبد بتسبيح فيها يكون كأنه لم يفتر و هو الأول و الآخر و الوسط من اليوم و أول الليل و وسطه و لم يأمر بالتسبيح في آخره لأن النوم فيه غالب فإذا صلى في أول النهار بتسبيحتين و هما ركعتان حسب له صرف ساعتين   إلى التسبيح و بالظهر أربع ساعات و بالعصر في أواخر النهار أربع ساعات و بالمغرب و العشاء في الليل سبع ساعات فبقي سبع ساعات و هو الذي لو نام الإنسان فيه كان كثيرا ثم قال بعد تحقيق طويل النهار اثنتي عشرة ساعة و الصلاة المؤداة فيها عشر ركعات فيبقى على المكلف ركعتان يؤديهما في أول الليل و يؤدي ركعة من صلاة الليل ليكون ابتداء الليل بالتسبيح كما كان ابتداء النهار بالتسبيح و لما كان المؤدى من تسبيح النهار في أوله ركعتين كان المؤدى من تسبيح الليل في أوله ركعة لأن تسبيح النهار طويل مثل ضعف تسبيح الليل لأن المؤدى في النهار عشرة و المؤدى في الليل من تسبيح الليل خمس انتهى. و قال الشهيد في الذكرى وقت الوتر آخر الليل و نحوه قال جماعة من الأصحاب و قال في دعائم الإسلام وقت صلاة الليل المرغب فيه أن يصلي بعد النوم و القيام منه في آخر الليل و سنذكر في الاستدلال بالآيات تصريحات المفسرين بذلك. و قال السيد الداماد رزقه الله أقصى السعادة يوم التناد في بيان ما ورد أن ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس و ما بين غروب الشمس و غروب الشفق غير داخل في شي‏ء من الليل و النهار ثم إن ما في أكثر روايتنا عن أئمتنا المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين و ما عليه العمل عند أصحابنا رضي الله تعالى عنهم إجماعا هو أن زمان ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس من النهار و معدود من ساعاته و كذلك زمان غروب الشمس إلى ذهاب الحمرة من جانب المشرق فإن ذلك أمارة غروبها في أفق المغرب فالنهار الشرعي في باب الصلاة و الصوم و في سائر الأبواب من طلوع الفجر المستطير إلى ذهاب الحمرة المشرقية و هذا هو المعتبر و المعول عليه عند الأساطين الإلهيين و الرياضيين من حكماء يونان و قد مر تمام الكلام في باب علل الصلاة.

    و أما الآيات فالأولى قوله تعالى حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَ الصَّلاةِ الْوُسْطى و وجه الاحتجاج بها أن الأصل في كلام الحكيم أن يكون مفهوما مفيدا ينتفع به المخاطب و أجمعت الطائفة المحقة على حصر الصلاة الوسطى في صلاة الظهر و العصر فلو أريد بها العصر لم نستفد من الآية شيئا إذ كونها وسطى بين الصلوات أو بين صلاتين مشترك بين جميعها فلا يتميز عندنا و إن قلنا إن وجه التسمية لا يلزم اطراده و لو قلنا بأنها الظهر لكونها بين صلاتي النهار كما ورد في الخبر يحصل لنا فائدة من الآية و لا يكون ذلك إلا و يكون صلاة الفجر من صلاة النهار و بوجه آخر و هو أن المتبادر من الوسطى المتوسطة بين الشيئين من جنسها فلو لم يقيد بقيد يشترك فيها جميع الصلوات فلا بد من التقييد إما بكونها وسطى بين صلوات الليل أو صلوات النهار أو صلوات الليل و صلوات النهار و الأولى باطلة بالإجماع المتقدم و الثانية لا تستقيم إلا بكون صلاة الفجر من صلاة النهار و كذا الثالثة لأن ما سوى العصر من محتملاتها خارجة بالإجماع و العصر إنما يتخصص بهذا الوصف إذا قلنا إنها بين صلاتي ليل و صلاتي نهار و يمكن المناقشة فيه بوجوه أكثرها مندفعة بالتأمل الصادق. الثانية قوله سبحانه أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ و التقريب أن المتبادر من الطرف أن يكون داخلا في الشي‏ء فإنه لا يطلق طرف الثوب و طرف الخشب على غير جزئه الذي هو نهايته لا سيما مع مقابلته بالليل و ليس في الطرف الأول صلاة سوى الفجر و يؤيده أن أكثر المفسرين فسروهما بصلاة الفجر و العصر و ما ورد في بعض الأخبار من التفسير بصلاة الفجر و المغرب فمع ارتكاب التجوز في أحد الطرفين لدليل لا يلزم ارتكابه في الطرف الآخر   و يمكن أن تكون النكتة في التجوز الحث على المبادرة إلى صلاة المغرب في أول الليل و لو قلنا بأن ما بين غيبوبة القرص إلى ذهاب الحمرة داخل في النهار و جوزنا الصلاة بغيبوبة القرص يكون التجوز فيه أقرب و أحسن. و أيضا لو قلنا بأن طرفي النهار داخل في الليل يكون زلفا من الليل مشتملا على تكرار أو يرتكب فيه تخصيصات كثيرة و هما خلاف الأصل سواء فسر الزلف بالساعات القريبة من اليوم أو بالقرب و بالجملة لا ينبغي أن يريب عارف باللسان في أن المتبادر من طَرَفَيِ النَّهارِ المقابل لزلف الليل كونهما من النهار. قال النيسابوري في تفسيره الطرفان الغدوة و هي الفجر و العشية و فيها الظهر و العصر و قيل إن طرفي النهار لا يشمل إلا الفجر و العصر ثم قال الطرف الأول للنهار في الشرع هو طلوع الصبح الصادق. و قال ابن إدريس رحمه الله في السرائر في الاستدلال بهذه الآية طرف الشي‏ء ما يقرب من نهايته و لا يليق ذلك إلا بقول من قال وقت العصر ممتد إلى قرب غروب الشمس لأن مصير ظل كل شي‏ء مثله أو مثليه يقرب من الوسط و لا يقرب من الغاية و النهاية و لا معنى لقول من حمل الآية على الفجر و المغرب لأن المغرب ليس هي طرف النهار و إنما هي في طرف الليل. قال الرازي في تفسير هذه الآية كثرت المذاهب في تفسير طرفي النهار و الأقرب أن الصلاة التي تقام في طرفي النهار هما الفجر و العصر و ذلك لأن أحد طرفي النهار طلوع الشمس و الطرف الثاني منه غروبها فالطرف الأول هو صلاة الفجر و الطرف الثاني لا يجوز أن يكون صلاة المغرب لأنها داخلة تحت قوله تعالى وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ فوجب حمل الطرف الثاني على صلاة العصر. إذا عرفت هذا كانت الآية دليلا على قول أبي حنيفة في أن التنوير بالفجر أفضل و أن تأخير العصر أفضل و ذلك لأن ظاهر هذه الآية يدل على وجوب

    إقامة الصلاة في طرفي النهار و بينا أن طرفي النهار هو الزمان الأول لطلوع الشمس و الزمان الأول لغروبها و أجمعت الأمة على أن إقامة الصلاة في ذلك الوقت من غير ضرورة غير مشروعة فقد تعذر العمل بظاهر هذه الآية فوجب حمله على المجاز و هو أن يكون المراد أقم الصلاة في الوقت الذي يقرب من طرفي النهار لأن ما يقرب من الشي‏ء يجوز أن يطلق عليه اسمه و إذا كان كذلك فكل وقت كان أقرب إلى طلوع الشمس و إلى غروبها كان أقرب إلى ظاهر اللفظ و إقامة صلاة الفجر عند التنوير أقرب إلى وقت الطلوع من إقامتها عند التغليس و كذلك إقامة صلاة العصر عند ما يصير ظل كل شي‏ء مثليه أقرب إلى وقت الغروب من إقامتها عند ما يصير ظل كل شي‏ء مثله و المجاز ما كان أقرب إلى الحقيقة كان حمل اللفظ عليه أولى فظهر أن ظاهر هذه الآية يقوي قول أبي حنيفة في هاتين المسألتين انتهى كلامه. و قد ظهر بما قررنا ما فيه من الوهن و القصور و كل هذه التكلفات التي ارتكبه مؤيد لما اخترناه فإن بناء جميع ذلك على أنه جعل ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس خارجا من النهار و لو جعله داخلا كما هو ظاهر الآية لم يحتج إلى شي‏ء من ذلك. و أما ما توهمه من كون الطرف الجزء الغير المنقسم أو الصغير الذي هو نهاية الشي‏ء قياسا على ما أنس به من السطح و الخط و النقطة فليس كذلك إذ يقال للغداة و العشي طرفا اليوم و للنصف الأول و النصف الأخير الطرف الأول و الطرف الآخر و يقال خذ طرف الثوب و طرف الخشب و لا يراد به الجزء الأخير فالظاهر أن المراد بالطرف الأول ما بين الطلوعين و بالطرف الآخر إما العصر أو الظهر إلى آخر اليوم أو المغرب تجوزا للنكتة التي ذكرناها كما قال البيضاوي و الزمخشري طرفي النهار غدوه و عشيته و إن قال البيضاوي بعد ذلك صلاة الغداة صلاة الصبح لأنها أقرب الصلوات من أول النهار و تبع في ذلك إمامه الرازي. و قال الطبرسي ره أراد بطرفي النهار صلاة الفجر و المغرب عن ابن عباس   و ابن زيد و قيل الغداة و الظهر و العصر و به قال مجاهد و الضحاك و محمد بن كعب و الحسن قالوا لأن طرفي الشي‏ء من الشي‏ء و صلاة المغرب ليست من النهار و قيل أراد بطرفي النهار صلاة الفجر و صلاة العصر انتهى. و هذا يدل على أن كون وقت الصلاة الفجر من النهار كان مسلما عندهم. الثالثة قوله تعالى سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ فإنه ظاهر من سياق هذه السورة من أولها إلى آخرها أنها نزلت لبيان فضيلة تلك الليلة و أن الغرض من تلك الآية شمول السلامة و العافية أو السلام و التحية لجميع تلك الليلة فلو كان ما بين الطلوعين داخلا في الليل لم يكن لإخراجه من هذه الفضيلة وجه لا سيما مع قوله هي الراجعة إلى الليلة مع ما سيأتي من الأخبار الكثيرة الدالة على أن الأعمال المتعلقة بليلة القدر من الإحياء و الغسل و غيرهما ينتهي إلى الفجر و لا تتعلق بما بعده. و يؤيده أن الرازي مع تصريحه في مواضع بدخوله في الليل جعله هنا خارجا ليستقيم الكلام و يكمل النظام حيث قال و سادسها من أولها إلى طلوع الفجر سالمة في العبادة كل واحدة من أجزائها خير من ألف شهر ليست كسائر الليالي يستحب للفرض الثلث الأول و للعبادة النصف و الدعاء السحر بل هي متساوية الأوقات و الأجزاء. و قال الطبرسي ره أي هذه الليلة إلى آخرها سلامة من الشرور و البلايا و آفات الشيطان ثم قال سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ أي السلامة و البركة و الفضيلة تمتد إلى وقت طلوع الفجر و لا يكون في ساعة منها فحسب بل يكون في جميعها. الرابعة قوله تعالى وَ اللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وَ الصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ فإن الظاهر أنه أقسم بوقت واحد هو إدبار الليل و إسفار الصبح مع أن ظاهر المقابلة عدم كون الصبح من الليل و قال الطبرسي ره أقسم بالليل إذا ولى و ذهب و

    قيل دبر إذا جاء بعد غيره و أدبر إذا ولى مدبرا فعلى هذا يكون المعنى في إذا دبر إذا جاء الليل في أثر النهار و في إذ أدبر إذا ولى الليل فجاء الصبح عقيبه. الخامسة قوله تعالى وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ بتقريب ما مر في الآية السابقة على الوجهين قال الرازي ذكر أهل اللغة أن عسعس من الأضداد يقال عسعس الليل إذا أقبل و عسعس إذا أدبر و أنشدوا في ورودها بمعنى أدبر قول العجاج

حتى إذا الصبح لها تنفسا و انجاب عنها ليلها و عسعسا.

 ثم منهم من قال المراد هنا أقبل الليل لأن على هذا التقدير يكون القسم واقعا بإقبال الليل و هو قوله إِذا عَسْعَسَ و بإدباره و هو قوله وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ و منهم من قال قوله وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ إشارة إلى تكامل طلوع الصبح فلا يكون تكرارا انتهى فظهر أن العجاج و الرازي أيضا فهما الآية كما فهمنا و جعلا إدبار الليل و الصبح متلازمين بل مترادفين. و قال الواحدي في تفسيره الوسيط قوله وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ أي امتد ضوؤه حتى يصير نهارا و نحوه قال الطبرسي ره. السادسة قوله سبحانه قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ استدل بها الراغب الأصفهاني على أن النهار في الشرع اسم لما بين طلوع الصبح إلى غروب الشمس و قال بات فلان يفعل كذا موضوعة لما يفعل بالليل كظل لما يفعل بالنهار. أقول لا يتم ذلك إلا بضم ما سيأتي في ضمن الأخبار و أقوال العلماء من إطلاق التبييت على الزمان الذي نهايته طلوع الفجر كما ذكروا في تبييت الزوج عند ذات النوبة و البيتوتة بالمشعر و منى و مكة و سيأتي الأخبار الكثيرة في ذلك و ذكروا تبييت نية الصوم و لم يريدوا إلا النية قبل الفجر قال في النهاية فيه   لا صيام لمن لم يبيت الصيام أي ينويه من الليل. و الحاصل أن الآية تدل على أن البيات مقابل النهار كما صرح به جميع أهل اللغة و التفسير و قد ورد في موارد الشرع أن منتهى البيتوتة طلوع الفجر فهو نهاية الليل أيضا كما روي في الكافي بسند معتبر عن أبي عبد الله ع قال إذا جاء الليل بعد النفر الأول فبت بمنى ليس لك أن تخرج منا حتى تصبح و ستأتي أخبار كثيرة في ذلك يتم الاستدلال بها بمعونة تلك الآية و أمثالها. السابعة آيات الصيام من قوله تعالى لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ و قوله فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ و قوله أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ ثم بيان الليلة بقوله حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ إلى قوله    ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ فتدل على معنى اليوم و كذا سائر ما ورد في الصوم بلفظ اليوم   كقوله سبحانه فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ و أمثاله و الأصل عدم النقل و التجوز و التخصيص و ليلة الصيام معلوم أن التقييد فيه ليس لتخصيص معنى

    الليلة من سائر معانيها بل لمعنى الليلة التي يصبح منها صائما. و أما ثم في قوله تعالى ثُمَّ أَتِمُّوا فمعلوم أنه ليس للتراخي الزماني بل للتراخي الرتبي إشارة إلى بعد ما بين حكم الليل من الإباحة و حكم النهار من وجوب الإمساك و هذا الإطلاق شائع في القرآن ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ معناه افعلوه تاما كقوله تعالى وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلَّهِ و يمكن أن يقال لما أمر الله تعالى سابقا بالصيام و أشار إليه بقوله لَيْلَةَ الصِّيامِ لم يكن يحتاج إلى الأمر بالصوم ثانيا فلذا أمرهم بالإتمام و عدم النقص لا أصل الصيام أو يقال لما جوز لهم الجماع بالليل بعد التحريم و كان مظنة أن يتوهم أن بهذا الفعل يحصل نقص في الصوم قال ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إيماء إلى أن هذا الصوم تام لكم كما ورد في قوله تعالى تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ. و هذان وجهان وجيهان لم أر من تعرض لهما و لا يخفى أن ارتكاب هذين التجوزين الشائعين اللذين وردت أمثالهما في الكتاب العزيز كثيرا مع اشتمالهما على نكات بديعة توجب حسن الكلام و بلاغته خير من حمل اليوم و الليلة على المجاز و ارتكاب النقل. و لقد أبدع من استدل بها على أن ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس غير داخل في النهار حيث قال حقيقة استعمال لفظة ثم التراخي و ظاهر الإتمام أن يكون بعد حصول بعض الشي‏ء و لا بد أن يجعل للنهاية المذكورة في الآية مبدأ تدل القرينة عليه و الأقرب أن يكون المبدأ المنوي في الكلام أول النهار حتى يكون الكلام في قوة أن يقال ثم أتموا الصيام في زمان مبتدإ من أول   النهار منته إلى الليل و يكون مكافيا لقوله تعالى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ فإن المراد هنا ترخيص الأكل من أول الليل إلى وقت التبيين و إذا قيل سرت إلى آخر الكوفة كان المتبادر منه سرت من أوله إلى آخره و لا يستقيم أن يجعل المبدأ زمان التبيين لمنافاته التراخي المستفاد من ثم و ظاهر معنى الإتمام و لا جزءا من النهار من غير تعيين و لا جزءا معينا من النهار مثل النصف أو الثلث و أمثالهما. و حينئذ نقول لو كان طلوع الشمس مبدأ النهار و منتهى الليل استقام اعتبار هذه المعاني في الآية لأن الله تعالى لما خص الترخيص بأول الليل إلى وقت الفجر ظهر منه وجوب الإمساك في بقية الليل ثم أمر بإتمام الإمساك المذكور من أول النهار إلى الليل فصح معنى ثم و الإتمام و ظهر حسن التعبير بهذا النحو بخلاف ما لو كان مبدأ النهار الفجر إذ لا يصح حينئذ معنى ثم و لا الإتمام إلا بالعدول عن الظاهر و ارتكاب تكلف و لا يظهر حسن التعبير بهذا الوجه انتهى. أقول بما قررنا انهدم أساس هذا الكلام و ظهر بهذا الوجه حسن التقرير و النظام و ليت شعري كيف يكون ارتكاب مثل هذه التكلفات التي تخرج الكلام إلى التعمية و الإلغاز أحسن من حمل الكلام على المجاز الشائع في كلام البلغاء على أنا نقول على ما قررنا لا حاجة لنا إلى ارتكاب المجاز أصلا و إنما ارتكبنا لبلاغة الكلام و طراوته إذ نقول لما كان الأمر السابق كافيا في الشروع في الصيام و قد نبههم عليه بقوله لَيْلَةَ الصِّيامِ و تحديد الجماع و الأكل و الشرب بقوله حتى يتبين أيضا كان يدل عليه كما ذكره القائل الفاضل فكأنه قال بعد شروعكم في الصيام بأمرنا يجب عليكم أن تتموه إلى الليل فأي حاجة لنا إلى ارتكاب المجاز

    في ثم أو الإتمام و أي توقف لهذا الوجه على كون أول النهار طلوع الشمس و حمل الأيام في المواضع على المجاز. و لعله قدس سره توهم أنه لا بد من تعيين مبدإ للإتمام و هو فاسد لأنا إذا قلنا إذا شرعت في عمل فأتمه لا يلزم أن يكون للشروع حد معين و أما ادعاؤه أن المتبادر من قول القائل سرت إلى آخر الكوفة كون مبدإ السير أوله غير مسلم بل يفهم مبدأ السير بالقرائن. و قال الطبرسي ره في المجمع المراد بليلة الصيام الليلة التي يكون في غدها الصوم و قال في قوله سبحانه حَتَّى يَتَبَيَّنَ أي يظهر و يتميز لَكُمْ على التحقيق الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ أي النهار من الليل فأول النهار طلوع الفجر الثاني و قيل بياض الفجر من سواد الليل و قيل بياض أول النهار من سواد آخر الليل انتهى. و قال الرازي في قوله تعالى أُحِلَّ لَكُمْ الآية هذا يقتضي حصول هذا الحل في جميع الليل لأن ليلة نصب على الظرف و إنما يكون الليل ظرفا للرفث لو كان الليل كله مشغولا به و إلا لكان ظرف ذلك الرفث بعض الليل لا كله فعلى هذا النسخ حصل بهذا اللفظ و أما الذي بعده من قوله كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ فذاك يكون كالتأكيد لهذا الناسخ و أما الذي يقول إن قوله أُحِلَّ لَكُمْ إلخ يفيد حل الرفث في الليل فهذا القدر لا يقتضي حصول النسخ به فيكون الناسخ قوله وَ كُلُوا انتهى فهذان الفاضلان من الفريقين فسرا الليل و النهار في تلك الآيات بما ترى. الثامنة قوله تعالى وَ مِنْ آناءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَ أَطْرافَ النَّهارِ فإن مقابلة أطراف النهار بإناء الليل توجب حمله على الأطراف الداخلة   و على ما هو المشهور من حمل التسبيح على الصلاة ليس في الطرف الأول من اليوم إلا صلاة الفجر فيكون وقته داخلا في النهار و لعل الجمع باعتبار وقت الظهر و العصر أو إجزاء وقتي صلاة الفجر و العصر و لعل الأول أظهر و قد مر الكلام فيها. التاسعة قوله تعالى قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا إلى قوله إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا فإنه لا ينبغي أن يرتاب في أن الليل المذكور في الآية و ما ذكره المفسرون أنه كان قيامه واجبا ثم نسخ هو الذي منتهاه طلوع الفجر و أن النصف و الثلثين و الثلث إنما هي بالنسبة إلى الليل بهذا المعنى و من راجع الأخبار و الأقوال الواردة في ذلك لا يبقى له ريب فيما ذكرنا و كذا قوله تعالى إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ فإنه قد ظهر من الأخبار و أقوال المفسرين أنه نزل في صلاة الليل و وقتها إلى طلوع الفجر. و قال الطبرسي ره و المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أنهما قالا هي القيام في آخر الليل إلى صلاة الليل و سيأتي بعض الأخبار في ذلك في باب صلاة الليل. العاشرة قوله سبحانه فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ إلى قوله إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَ لَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ قال الرازي القطع من الليل بعضه و هو مثل القطعة يريد أخرجوا ليلا لتسبقوا نزول العذاب الذي موعده الصبح قال نافع بن الأزرق لعبد الله بن عباس أخبرني عن قول الله بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ قال هو آخر الليل سحر و روي أنهم لما قالوا للوط إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ قال أريد أعجل من ذلك بل الساعة فقالوا أ ليس الصبح بقريب قال المفسرون إن لوطا ع لما سمع

    هذا الكلام خرج بأهله في الليل انتهى و قال في موضع آخر القطع في آخر الليل قال افتحي الباب و انظري في النجوم كم علينا من قطع الليل و ظاهر هذه الآية و قوله تعالى نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ و قوله وَ لَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ و أقوال المفسرين فيها أن نجاة آل لوط كان في الليل و عذاب قومه كان في النهار بعد الفجر و قد مر بعض كلام المفسرين فيها. الحادية عشرة قوله تعالى وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ فإنه سبحانه قابل الليل بالإصباح فما بعد الصبح ليس من الليل و قال الطبرسي ره أي تمرون في ذهابكم و مجيئكم إلى الشام على منازلهم و قراهم بالنهار و بالليل و قال البيضاوي مصبحين داخلين في الصباح و بالليل أي و مساء أو نهارا و ليلا و قال الرازي ذلك لأن القوم كانوا يسافرون إلى الشام و المسافر في أكثر الأمر إنما يمشي بالليل و في أول اليوم فلهذا السبب عين تعالى هذين الوقتين انتهى و قال الواحدي في تفسيره الوسيط مُصْبِحِينَ أي نهارا فظهر أن المفسرين أيضا فهموا كما فهمنا. الثانية عشرة قوله تعالى وَ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَ اكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ فإنه فسر في كثير من الروايات الإيمان وجه النهار بالصلاة في أول النهار و ليست إلا صلاة الفجر

 كما رواه علي بن إبراهيم عن أبي الجارود عن أبي جعفر ع أن رسول الله ص لما قدم المدينة و هو يصلي إلى نحو بيت المقدس أعجب ذلك اليهود فلما صرفه الله عن بيت المقدس إلى بيت الله الحرام وجدت اليهود من ذلك   و كان صرف القبلة صلاة الظهر فقالوا صلى محمد الغداة و استقبل قبلتنا فآمنوا بالذي أنزل على محمد ص وَجْهَ النَّهارِ وَ اكْفُرُوا آخِرَهُ يعنون القبلة حين استقبل رسول الله المسجد الحرام لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ إلى قبلتنا

و قال الرازي وَجْهَ النَّهارِ هو أوله و الوجه في اللغة مستقبل كل شي‏ء لأنه أول ما يواجه منه كما يقال لأول الثوب وجه الثوب و قال قال ابن عباس وَجْهَ النَّهارِ أوله و هو صلاة الصبح وَ اكْفُرُوا آخِرَهُ يعني صلاة الظهر و تقريره أنه ص كان يصلي إلى بيت المقدس بعد أن قدم المدينة ففرح اليهود بذلك و طمعوا أن يكون منهم فلما حوله الله إلى الكعبة كان ذلك عند صلاة الظهر و قال كعب بن الأشرف و غيره آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ يعني آمنوا بالقبلة التي صلى إليها صلاة الصبح فهي الحق و اكفروا بالقبلة التي صلى إليها صلاة الظهر و هي آخر النهار فهي الكفر. ثم روي رواية أخرى و هي أنه لما حولت القبلة إلى الكعبة شق ذلك عليهم فقال بعضهم لبعض صلوا إلى الكعبة في أول النهار ثم اكفروا بهذه القبلة في آخر النهار و صلوا إلى الصخرة لعلهم يقولون إن أهل الكتاب أصحاب العلم فلو لا أنهم عرفوا بطلان هذه القبلة لما تركوها فحينئذ يرجعون عن هذه القبلة. و قال الطبرسي ره وَجْهَ النَّهارِ أوله ثم ذكر تلك الروايات مجملا و نحوه ذكر البيضاوي و غيره من المفسرين. الثالثة عشرة قوله سبحانه فالِقُ الْإِصْباحِ وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً فإن ظاهر التقابل بين الإصباح و الليل عدم كون الصبح منه قال الرازي قال الليث الصبح و الصباح هما أول النهار و هو الإصباح أيضا قال تعالى فالِقُ الْإِصْباحِ أي الصبح و قيل الإصباح مصدر سمي به الصبح و قال الطبرسي ره نبه الله سبحانه على عظيم نعمته بأن جعل الليل للسكون و النهار للتصرف و دل بتعاقبهما   على كمال قدرته و حكمته. الرابعة عشرة قوله سبحانه وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً فإنه قد وردت الأخبار المستفيضة بل المتواترة أن المراد بالمشهود أنه يشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار فظهر أن النهار عند الملائكة و في السماء أيضا من طلوع الفجر و قد مضت الروايات فيه أيضا و مقابلته بتهجد الليل مما يقوي ذلك و ظاهر أن التهجد لا يصدق على القيام إلى صلاة الفجر. و قال الرازي قال الجمهور معناه أن ملائكة الليل و ملائكة النهار يجتمعون في صلاة الصبح خلف الإمام تنزل ملائكة النهار عليهم و هم في صلاة الغداة قبل أن تعرج ملائكة الليل فإذا فرغ الإمام من صلاته عرجت ملائكة الليل و مكثت ملائكة النهار و قال الطبرسي ره كلهم قالوا معناه أن صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل و ملائكة النهار و كذا ذكر غيرهما من المفسرين

 و روى الشيخ و الكليني و الصدوق و غيرهم بأسانيد عن أبي عبد الله ع أنه قال في تفسير هذه الآية يعني صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل و ملائكة النهار فإذا صلى العبد صلاة الصبح مع طلوع الفجر أثبتت له مرتين أثبتها ملائكة الليل و ملائكة النهار

 و بسند آخر عنه ع قال إن ملائكة الليل تصعد و ملائكة النهار تنزل عند طلوع الفجر فأنا أحب أن تشهد ملائكة الليل و ملائكة النهار صلاتي

الخامسة عشرة قوله تعالى وَ لَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ فأطلق على وقت عذابهم الصبح و البكرة و قد صرح اللغويون بأن البكرة أول   النهار و قد قال تعالى إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ قال الراغب الأصفهاني في مفرداته أصل الكلمة هي البكرة التي هي أول النهار فاشتق من لفظه لفظ الفعل فقيل بكر فلان بكورا إذا خرج بكرة و قال في الكشاف وَ لَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً أول النهار أو باكره كقوله مُشْرِقِينَ و مُصْبِحِينَ و قال البيضاوي و قرئ بكرة غير مصروفة على أن المراد بها أول نهار معين و قال في قوله تعالى فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا روي عن أبي العالية أن بكرة صلاة الفجر و عشيا صلاة العصر و أيضا ظاهر قوله تعالى قبل ذلك نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ أن ما بعد الصبح ليس بداخل في السحر كما صرح به اللغويون و قد صرح جماعة بأن السحر آخر الليل و قال الرازي نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ أي أمرناهم بالخروج آخر الليل و السحر قبيل الصبح و قيل هو السدس الآخر من الليل و في الكشاف نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ بقطع من الليل و هو السدس الآخر منه و قال البيضاوي أي في سحر و هو آخر الليل و قد مر ما في الأساس. السادسة عشرة قوله سبحانه يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ رِجالٌ فإن أكثر المفسرين فسروا الغدو بصلاة الفجر و قد صرح اللغويون بأن الغداة من النهار فصلاة الفجر من صلاة النهار قال في النهاية الغدوة المرة من الغدو و هو سير أول النهار نقيض الروح و الغدوة بالضم ما بين صلاة الغداة و طلوع الشمس و في القاموس الغدوة بالضم البكرة أو ما بين صلاة الفجر و طلوع الشمس كالغداة و الغدية و تغدى أكل أول النهار و قال الخليل في كتاب العين الغداء ما يؤكل في أول النهار و قال في مصباح اللغة غدا غدوا من باب قعد ذهب غدوة و هو ما بين صلاة الصبح و طلوع الشمس. السابعة عشرة قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً   وَ سَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا و قد مر أن أكثر المفسرين فسروا تسبيح البكرة بصلاة الغداة و صرح اللغويون بأن البكرة أول النهار كما مر و قال في مصباح اللغة البكرة من الغداة جمعها بكر مثل غرفة و غرف إلى أن قال أبو زيد في كتاب المصادر بكر بكورا و غدا غدوا هذان من أول النهار. الثامنة عشرة قوله وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ و قد مر تقريبه و وجه الاستدلال به و قال الطبرسي ره و قيل معناه صل بأمر ربك بالعشي من زوال الشمس إلى الليل و الإبكار من طلوع الفجر الثاني إلى طلوع الشمس عن مجاهد و روي عن النبي ص يا ابن آدم اذكرني بعد الغداة ساعة و بعد العصر ساعة أكفك ما أهمك و قال الرازي الإبكار مصدر أبكر يبكر إذا خرج للأمر في أول النهار هذا هو في أصل اللغة ثم سمي ما بين طلوع الفجر إلى الضحى إبكارا و قال في موضع آخر العشي و الإبكار قيل صلاة العصر و صلاة الفجر و قيل الإبكار عبارة عن أول النهار إلى نصف النهار و العشي من نصف النهار إلى آخر النهار و قيل المراد طرفي النهار و قال البيضاوي الإبكار من طلوع الفجر إلى أضحى. التاسعة عشرة قوله سبحانه وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ أَدْبارَ السُّجُودِ فإن ظاهر المقابلة كون قبل طلوع الشمس من النهار لا من الليل و فسره الأكثر بصلاة الفجر كما مر و قال الرازي قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَ قَبْلَ الْغُرُوبِ إشارة إلى طَرَفَيِ النَّهارِ و مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ إشارة إلى زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ. العشرون قوله عز و جل وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا وَ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَ سَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا إذ المقابلة بين البكرة و الأصيل و بين الليل

    تقتضي المغايرة و فسر ذكر البكرة بصلاة الغداة قال في الكشاف وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَ أَصِيلًا و دم على صلاة الفجر و العصر وَ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ و بعض الليل فصل له أو يعني صلاة المغرب و العشاء وَ سَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا و تهجد له هزيعا طويلا من الليل ثلثيه أو نصفه أو ثلثه و نحو ذلك قال الرازي و البيضاوي إلا أنهما أدخلا صلاة الظهر في ذكر الأصيل و قال الطبرسي ره أي أقبل على شأنك من ذكر الله و الدعاء إليه صباحا و مساء أو البكرة أول النهار و الأصيل العشي و هو أصل الليل و قال الواحدي في الوسيط أي أذكره بالتوحيد في صلاة بكرة و عشيا يعني الفجر و العصر وَ مِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ يعني المغرب و العشاء وَ سَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا يعني التطوع بعد المكتوبة. الحادية و العشرون قوله سبحانه وَ الْفَجْرِ وَ لَيالٍ عَشْرٍ وَ الشَّفْعِ وَ الْوَتْرِ وَ اللَّيْلِ إِذا يَسْرِ بتقريب ما مر من التقابل كما قابل بين الليل و النهار في آيات كثيرة كقوله اللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى وَ الضُّحى وَ اللَّيْلِ إِذا سَجى و قال الرازي ذكروا في القسم بالفجر وجوها أحدها ما روي عن ابن عباس أن الفجر هو الصبح المعروف فهو انفجار الصبح الصادق و الكاذب أقسم الله تعالى بما يحصل فيه من انقضاء الليل و ظهور الضوء و انتشار الناس و سائر الحيوانات من الطير و الوحش في طلب الأرزاق إلى أن قال و منهم من قال المراد به جميع النهار إلا أنه دل بالابتداء على الجميع و نظيره وَ الضُّحى و قوله وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى و ثانيها أن المراد نفس صلاة الفجر فأقسم بصلاة الفجر لأنها صلاة في مفتتح النهار و تجتمع لها ملائكة الليل و ملائكة النهار. هذا ما حضر في الحال و خطر بالبال من الآيات التي يمكن أن يستدل بها على هذا المطلوب فأشرنا إلى كيفية الاستدلال بها و بأضرابها على الإجمال. و استدل بعض الأفاضل على خلاف هذا المدعى بقوله تعالى يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ حيث قال فقد قيل في تفسيره أن الله يقلب بالمعاقبة بينهما أو بنقص   أحدهما و زيادة الآخر أو بتغيير أحوالهما بالحر و البرد و الظلمة و النور أو ما يعم ذلك و عندي كل هذه الوجوه خلاف الظاهر و فرق بين تقليب الشي‏ء و تبديل الشي‏ء و معاقبتهما و الظاهر من القليب جعل الشي‏ء عجزا و بالعكس. و ذلك إنما يتحقق في كل واحد من الليل و النهار بالمعنى الذي ذكرناه حسب بناء على أن في أول الليل الحمرة في جهة المغرب ثم يزداد الليل ظلمة و تزول الحمرة و تبقى الصفرة و البياض المعترض ثم البياض المرتفع إلى السماء ثم السواد المحيط بالآفاق و يزداد الليل ظلمة و إن لم يظهر أثر الازدياد حتى ينتصف الليل و يصير رأس ظل المخروط على دائرة نصف النهار فوق الأرض و يكون المخروط حينئذ إما قائما أو مائلا إلى جهة الجنوب أو الشمال مع تساوي بعده عن جهة المشرق و المغرب ثم إذا زال الليل مال رأس المخروط عن دائرة نصف النهار إلى جهة المغرب و أخذ الظلمة في الانتقاص و إن لم يظهر ذلك حسا و انقلبت الحالات الواقعة في النصف الأول فيميل النور إلى جهة المشرق حتى يظهر أثر النور المستطيل في الأفق الشرقي ثم الفجر المعترض ثم الصفرة   و الحمرة الشرقيتان إلى أن تطلع الشمس من المشرق. و في هذه الحالات تقليب للحالة الأولى و انعكاس لأمرها و كذلك إذا طلع الشمس من المشرق كثر النور في الجهات الشرقية و الظل ممتد من جهة الغرب و كلما ارتفع نقص الظل و ازداد النور و الشعاع و ارتفاع الشمس و جميع ما يترتب على ذلك حتى إذا زالت الشمس انعكس الأمر و انقلبت الحال فصارت الجهات الغربية في حكم الشرقية و بالعكس انتهى. أقول يرد عليه أنه مخالف لما ورد في سائر الآيات من إيلاج الليل في النهار و تكوير الليل على النهار و غير ذلك و الظاهر أن يكون على سياق تلك الآيات مع أن ذلك ليس تقليب الليل و النهار بل لنصف الليل و نصف النهار و على ما اخترناه يمكن توجيهه بوجه آخر أظهر و أوفق بسائر الآيات و هو أن يقال الليل مقلوب النهار و النهار مقلوب الليل من جميع الوجوه إذ ابتداء اليوم ظهور البياض ثم الصفرة ثم الحمرة ثم يطلع الشمس و كلما ارتفعت ازدادت نورا و هكذا إلى الزوال ثم ينقص النور إلى أن تغيب ثم

    يظهر الليل بعكس النهار ترتيبا و صفة لغروب الشمس أولا ثم ظهور الحمرة ثم الصفرة ثم البياض ثم تزداد الظلمة إلى الغسق ثم تنتقص إلى طلوع الفجر فالليل مقلوب النهار و النهار مقلوب الليل. و يمكن أن يقال النكتة في جعل الشفق في أحد الطرفين من النهار و في الآخر من الليل أن الإنسان بعد نوم الليل و الاستراحة يغتنم أدنى ضوء للحركة و الانتشار لطلب المعاد و المعاش بخلاف انتهاء اليوم فإنه لكثرة مشاغله في اليوم و تضجره منها يغتنم أدنى ظلمة لترك الأعمال و الاستراحة فلذا عد من الليل. و أما الاستدلال بأن الغسق نهاية الظلمة و هو منتصف ما بين الطلوع و الغروب فهو إنما يتم إذا كان المراد بالغسق جزء غير منقسم كالزوال و هو في محل المنع بل الظاهر من إطلاقات اللغويين أنه قدر من الزمان في وسط الليل تشتد فيه الظلمة فيمكن أن يكون ابتداؤه موافقا لمنتصف ما بين الغروب إلى الفجر. و أما الأخبار الواردة في ذلك فهي أكثر من أن تجتمع في موضع و لنذكر هنا ما يكفي في الدلالة على المقصود و الجرعة تدل على الغدير و الحفنة على البيدر الكبير و أرجو الإعانة من العليم القدير

1-  الإحتجاج، عن الحسن بن محبوب عن سماعة قال قال أبو حنيفة لأبي عبد الله ع كم بين المشرق و المغرب قال مسيرة يوم بل أقل من ذلك قال فاستعظمه فقال يا عاجز لم تنكر هذا إن الشمس تطلع من المشرق و تغرب في المغرب في أقل من يوم تمام الخبر

 بيان ظاهره أن الأقل باعتبار انضمام ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس و إن أمكن أن يكون باعتبار الأفق الحسي و الأفق الحقيقي لكنه بعيد و الاستدلال بالظواهر

2-  العلل، و الخصال، عن أبيه عن محمد بن يحيى عن يحيى العطار عن محمد بن أحمد الأشعري عن إبراهيم بن إسحاق عن محمد بن الحسن بن شمون عن أبي هاشم   الخادم قال قلت لأبي الحسن الماضي ع لم جعلت صلاة الفريضة و السنة خمسين ركعة لا يزاد فيها لا ينقص منها قال إن ساعات الليل اثنتي عشرة ساعة و فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ساعة و ساعات النهار اثنتي عشرة ساعة فجعل لكل ساعة ركعتين و ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق غسق

 بيان هذا اصطلاح آخر لليل و النهار و للساعات المعوجة سوى المشهور و كان مشهورا بين أهل الكتاب و لا يدل على شي‏ء من طرفي النزاع و قال أبو ريحان البيروني في القانون المسعودي نقلا عن براهمة الهند أن ما بين طلوع الفجر و طلوع الشمس و كذلك ما بين غروب الشمس و غروب الشفق خارجان عن الليل و النهار بل هما بمنزلة الفصل المشترك

3-  الخصال، عن الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري عن عمه عن أبي إسحاق قال أملى علينا تغلب ساعات الليل الغسق و الفحمة و العشوة و الهدأة و السباع و الجنح و الهزيع و الفغد و الزلفة و السحرة و البهرة و ساعات النهار الراد و الشروق و المتوع و الترجل و الدلوك و الجنوح و الهجيرة و الظهيرة و الأصيل و الطفل

 بيان قال الفيروزآبادي الغسق محركة ظلمة أول الليل و قال فحمة الليل أوله أو أشد سواده أو ما بين غروب الشمس إلى نوم الناس خاص بالصيف و قال العشوة بالفتح الظلمة أو ما بين أول الليل إلى ربعه و قال أتانا بعد هدء من الليل و هدء و هدأة أي حين هدأه الليل و الرجل و الهدو أول الليل إلى ثلثه و لم يذكر للسباع معنى مناسبا و قال ككتاب الجماع و يحتمل أن يكون سمي بذلك لأنه وقته أو يكون تصحيفا و قال الجنح من الليل بالكسر الطائفة و يضم و قال هزيع من الليل كأمير طائفة أو نحو من ثلثه أو ربعه. و قال الزلفة الطائفة من الليل و قال السحر قبيل الصبح و السحرة بالضم   السحر الأعلى و قال البهر الإضاءة و ابهار الليل أي انتصف أو تراكمت ظلمته أو ذهبت عامته أو بقي نحو من ثلثه و البهرة من الليل وسطه و كأنها الفجر الأول أو الفجران و قال رئد الضحى و رأده ارتفاعه و قال شرقت الشمس شروقا طلعت و قال متع النهار متوعا ارتفع و الضحى بلغ آخر غايته و قال رجل النهار و ترجل ارتفع و قال دلكت الشمس زالت عن نصف النهار. و قال جنح مال و جنوح الليل إقباله و الجنح بالكسر الجانب و الكنف و قال الهجيرة نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر أو من عند زوالها إلى العصر و قال الظهيرة حد انتصاف النهار و قال الأصيل العشي و قال طفل العشي محركا آخره عند الغروب. أقول لم أجد للفغد معنى و لعله تصحيف و ليس فيه دلالة صريحة على أحد الجانبين و إنما ذكرناه للمناسبة

4-  تفسير علي بن إبراهيم، عن أبيه عن إسماعيل بن أبان عن عمر بن أبان الثقفي قال سأل نصراني الشام الباقر ع عن ساعة ما هي من الليل و لا هي من النهار أي ساعة هي قال أبو جعفر ع ما بين طلوعين الفجر إلى طلوع الشمس قال النصراني إذا لم يكن من ساعات الليل و لا من ساعات النهار فمن أي ساعات هي فقال أبو جعفر من ساعات الجنة و فيها تفيق مرضانا فقال النصراني أصبت

 بيان أقول قد مر أن هذا اصطلاح آخر كان معروفا عند أهل الكتاب فلذا أجابه ع على وفق معتقده و قوله ع من ساعات الجنة أي شبيهة بها و لا يبعد أن يكون المراد أنها لا تحسب في انتصاف الليل و لا في انتصاف النهار

5-  العلل، عن أبيه عن عبد الله بن جعفر الحميري عن علي بن بشار عن موسى عن أخيه علي بن محمد ع أنه أجاب في مسائل يحيى بن أكثم القاضي أما صلاة الفجر و ما يجهر فيها بالقراءة و هي من صلاة النهار و إنما يجهر في   صلاة الليل قال جهر فيها بالقراءة لأن النبي ص كان يغلس فيها لقربها بالليل

 تحف العقول، مرسلا مثله

6-  العلل، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حديد و ابن أبي نجران عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال الصلاة الوسطى صلاة الظهر و هي أول صلاة صلاها رسول الله ص و هي وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة و صلاة العصر الخبر

 العياشي، عن زرارة مثله معاني الأخبار، عن محمد بن الحسن عن محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي نجران و الحسين بن سعيد معا عن حماد عن حريز عن زرارة مثله توضيح أقول هذه الرواية مع ورودها بأسانيد صحيحة صريحة في كون وقت الفجر من النهار و ما قيل من أن قوله ع بالنهار قيد لصلاة الظهر لا لصلاتين و المعنى أن صلاة الظهر وسط صلاتين مع كونها بالنهار و هذا يوجب فضلها و الكلام مسوق لبيان كونها الصلاة الوسطى و لا ينافي تسميتها بصلاة وسطى لما ذكر اشتراكها مع صلاة العصر في الصفة المذكورة مع أنه يحتمل أن يكون المراد أنها أول صلاة صلاها رسول الله ص و الحال أنها على الصفة المذكورة حتى لا يشاركها صلاة العصر و يحتمل أن يكون الظرف لغوا متعلقا بقوله صلى فلا يخفى ما فيه من التهافت و التكلف   أما الوجه الأول فبعده بحسب اللفظ ظاهر للفصل بالظرف بين البيان و المبين و أما معنى فلما أومأنا إليه سابقا من أن الحكيم إذا ذكر الصلوات ثم أفرد واحدة منها من بينها بوصف لا بد أن يكون لهذا الوصف اختصاص ما بتلك الصلاة و كونها وسط صلاتين مطلقا مشترك بين جميع الصلوات فيصير بمنزلة أن يقول حافظوا على جميع الصلوات و على الصلاة التي هو صلاة أو مشتملة على الركوع و السجود و إن أراد أن كونها بالنهار يستفاد من الآية و سلم ذلك فذكر الوسطى لغو إذ لا يستفاد منه تخصيص بوجه و ما أفاده من استفادة الفضل من كونها بالنهار فمع أنه لا ينفع في المقام غير مسلم بل الظاهر خلافه لقوله تعالى إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا. و الوجه الثاني لا أفهم منه معنى محصلا و لعله أراد أن يجعل الجميع من قوله و هي أول صلاة إلى آخر الكلام وجها واحدا فلو أراد أنه ع بين علة أنه لم سماها الله وسطى من بين الصلوات فلا ينفع تكلفه و لا يدفع شيئا و يرد عليه ما أوردناه على الوجه الأول. و إن أراد أنه ع أراد أن يذكر نكتة و علة لتعيين صلاة الظهر لكونها وسطى مع قطع النظر عن دلالة لفظ الآية عليه و عن أنه لم سميت وسطى فلا ينفع في هذا إلا الجزء الأول أعني كونها أول صلاة صلاها ص فأما كونها وسط صلاتين فلا مدخل له في ذلك لأنه مشترك بين الصلوات و كونها بالنهار مشترك بينها و بين العصر فتدبر و الظرف اللغو الذي أبدى لعله بكونه لغوا أحرى فإن توسيط متعلق جملة بين جملة أخرى و متعلقها مما يصير به الكلام مشوشا متهافتا بل مما لا يكاد يصح. و لا محصل لمعناه أيضا إذ لو كان الغرض أنه ليس الظهر أول الصلوات مطلقا بل أول فعله ص بالنهار فلا يخلو إما أن تكون صلاة الفجر من صلاة النهار أم لا فعلى الثاني لا محصل لهذا الكلام و لا طائل تحته إذ حينئذ لا يكون   أول صلاة النهار إلا الظهر فلا تترتب فائدة على هذا الكلام و على الأول يتم مطلوبنا و إن كان فيه قصور أيضا إذ الظاهر من الأخبار أن صلاة اليوم و الليلة فرضت مرة واحدة فيكون أول ما صلي بالنهار الصبح لا الظهر و لو كان المراد أنه أول ما صلي مطلقا و مع ذلك قيد بالنهار فكونه لغوا أبين و أظهر

7-  فقه الرضا، قال ع اعلم أن ثلاث صلوات إذا حل وقتهن ينبغي لك أن تبدأ بهن و لا تصل بين أيديهن نافلة صلاة استقبال النهار و هي الفجر و صلاة استقبال الليل و هي المغرب و صلاة يوم الجمعة

8-  العياشي، عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال الصلاة الوسطى هي الوسطى من صلاة النهار و هي الظهر

9-  و منه، عن حريز عن أبي عبد الله ع قال أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ و طرفاه المغرب و الغداة و زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ و هي صلاة العشاء الآخرة

10-  إرشاد القلوب، عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع في بيان فضل هذه الأمة و منها أن الله عز و جل فرض عليهم في الليل و النهار خمس صلوات في خمسة أوقات اثنتان بالليل و ثلاث بالنهار

11-  العلل، في العلل الفضل بن شاذان عن الرضا ع في علة أوقات الصلوات أن الله عز و جل أحب أن يبدأ في كل عمل أولا بطاعته و عبادته فأمرهم أول النهار أن يبدءوا بعبادته ثم ينتشروا فيما أحبوا من مئونة دنياهم فأوجب صلاة الفجر عليهم

12-  الفقيه، بإسناده عن معاوية بن وهب قال لا تنتظر بأذانك و إقامتك   إلا دخول وقت الصلاة و احدر إقامتك

 قال و كان لرسول الله ص مؤذنان أحدهما بلال و الآخر ابن أم مكتوم و كان ابن أم مكتوم أعمى و كان يؤذن قبل الصبح و كان بلال يؤذن بعد الصبح فقال النبي ص إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا و اشربوا حتى تسمعوا أذان بلال

13-  الكافي، بسند صحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله ع عن الخيط الأبيض من الخيط الأسود فقال بياض النهار من سواد الليل قال و كان بلال يؤذن للنبي ص و ابن أم مكتوم و كان أعمى يؤذن بليل و يؤذن بلال حين يطلع الفجر الحديث

 و بسند آخر فيه قوة عن زرارة عنه ع مثله

14-  التهذيب، عن الحسين بن سعيد عن النضر عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال قلت له إن لنا مؤذنا يؤذن بليل فقال أما إن ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة و أما السنة فإنه يتأدى مع طلوع الفجر

 بيان هذه الأخبار صريحة في أن ما بعد الصبح ليس من الليل و يدل على أنه كان معلوما مسلما بينهم و عليه جرى اصطلاحهم

15-  الكافي، في الصحيح عن أبي عبد الله ع قال من قال ما شاء الله كان لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم مائة مرة حين يصلي الفجر لم ير في يومه ذلك شيئا يكرهه

16-  ثواب الأعمال، بإسناده عن أبي جعفر ع قال من استغفر الله بعد صلاة الفجر سبعين مرة غفر الله له و لو عمل ذلك اليوم أكثر من سبعين   ألف ذنب

 و عن الصادق ع بسند صحيح قال قال أمير المؤمنين ع من صلى الفجر و قرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة لم يتبعه في ذلك اليوم ذنب

 بيان ظاهر الإشارة في تلك الأخبار بذلك اليوم و يومه ذلك أنه بعد طلوع الفجر دخل في اليوم و خرج من الليل و مثله كثير في الأخبار و لإمكان المناقشة فيها اكتفينا بالقليل منها

17-  الفقيه، عن جابر عن أبي جعفر ع قال إن إبليس إنما يبث جنود الليل من حين تغيب الشمس إلى أن يغيب الشفق و يبث جنود النهار من حين يطلع الفجر إلى أن تطلع الشمس

18-  الخصال، بسنده المعتبر عن أمير المؤمنين ع قال من كانت له حاجة فليطلبها في ثلاث ساعات إلى قوله و ساعة في آخر الليل عند طلوع الفجر

 بيان الظاهر أن المراد الساعة التي نهايتها الطلوع لا بدايتها كما دلت عليه الأخبار الكثيرة الواردة في ذلك

19-  عدة الداعي، عن الباقر ع قال إن الله ينادي كل ليلة من أول الليل إلى آخره أ لا عبد مؤمن يدعوني لدينه و دنياه قبل طلوع الفجر إلى آخر الخبر

 توضيح نداء المنادي بعد طلوع الفجر بأن يدعو قبل الفجر غير محتمل

20-  الكافي، في المعتبر عن أبي عبد الله ع قال تقول إذا أصبحت و أمسيت الحمد لرب الصباح الحمد لخالق الإصباح مرتين الحمد لله الذي ذهب   بالليل بقدرته و جاء بالنهار برحمته الخبر

 و بسند حسن عنه ع قال إذا أصبحت و أمسيت فقل إلى أن قال فإذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم و في تلك الليلة

21-  المصباح الكبير، للشيخ من أدعية الصباح قال إذا طلع الفجر الثاني فقل يا فالقه من حيث لا أرى إلى قوله و اجعل أول يومنا هذا صلاحا و أوسطه فلاحا و آخره نجاحا قال ثم تقول مرحبا بالحافظين إلى قوله الحمد لله الذي أذهب الليل بقدرته و جاء بالنهار برحمته خلقا جديدا ثم قال دعاء آخر اللهم إني أصبحت أستغفرك في هذا الصباح و في هذا اليوم لأهل رحمتك ثم قال دعاء آخر برواية معاوية بن عمار تقول بعد الفجر إلى قوله الحمد لله رب العالمين كثيرا كما هو أهله إلى قوله على إدبار الليل و إقبال النهار الحمد لله الذي ذهب بالليل مظلما بقدرته و جاء بالنهار مبصرا برحمته إلى قوله مرحبا بخلق الله الجديد و اليوم العتيد إلى قوله ع و اجعل أول يومي هذا صلاحا إلى قوله و ارزقني خير يومي هذا ثم ذكر ره دعاء العشرات مرويا عن الصادق ع و ساق الدعاء إلى قوله الحمد لله الذي ذهب بالليل بقدرته و جاء بالنهار برحمته إلى قوله اللهم كما ذهبت بالليل و أقبلت بالنهار خلقا جديدا

22-  الصحيفة السجادية في دعاء الصباح و هذا يوم حادث جديد و هو علينا شاهد عتيد إلى قوله ع اللهم وفقنا في يومنا هذا إلى قوله ع و اجعله أيمن يوم عهدناه إلى قوله ع في يومي هذا

    -23  المصباح للشيخ، ذكر في أدعية ساعات اليوم الساعة الأولى و هي من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لأمير المؤمنين ع

24-  الفقيه، و مجالس الصدوق، و الوحيد، و العيون، و الإحتجاج، بأسانيدهم عن الرضا ع قال إن الله تبارك و تعالى ينزل ملكا من السماء الدنيا كل ليلة في ثلث الأخير و ليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادي هل من سائل فأعطيه إلى قوله ينادي بهذا حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر عاد إلى محله من ملكوت السماء

 بيان الظاهر أن النداء في جميع الثلث الأخير و نهاية الفجر

25-  الفقيه، و المقنعة، و التهذيب، بأسانيدهم عن أبي جعفر ع قال إن الله تعالى لينادي كل ليلة جمعة من فوق عرشه من أول الليل إلى آخره إلا عبد مؤمن يدعوني لآخرته و دنياه فأجيبه أ لا عبد مؤمن يتوب إلي من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه إلى قوله فما يزال ينادي بهذا إلى أن يطلع الفجر

26-  الكافي، و التهذيب، بإسنادهما عن أبي جعفر ع قال الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة

 أقول التقريب أن أحسن محامله أن يكون المراد أذان العصر فإنه ثالث بالنسبة إلى أذاني الفجر و الجمعة

27-  الكافي، و التهذيب، و المقنعة، بأسانيدهم الصحيحة عن أبي عبد الله ع قال يستحب أن يقرأ في دبر الغداة يوم الجمعة الرحمن الخبر

    -28  مجالس الشيخ، بإسناده عن الباقر ع قال سألته عن زيارة القبور قال إذا كان يوم الجمعة فزرهم فإنه من كان منهم في ضيق وسع عليه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يعلمون بمن أتاهم في كل يوم فإذا طلعت الشمس كانوا سدى

29-  الكافي، و التهذيب، في الصحيح عن أبي جعفر ع قال ليس يوم الفطر و لا يوم الأضحى أذان و لا إقامة أذانهما طلوع الشمس إذا طلعت خرجوا الخبر

30-  و في الصحيح عن أبي عبد الله ع قال إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح و أنت بالبلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد

31-  الإقبال، بإسناده عن الصادق ع قال كان علي بن الحسين ع يحيي ليلة عيد الفطر بالصلاة حتى يصبح و يبيت ليلة الفطر في المسجد

32-  المصباح للشيخ، و مسار الشيعة، للمفيد عن زيد بن علي قال كان علي بن الحسين ع يجمعنا جميعا ليلة النصف من شعبان ثم يجزي بالليل أجزاء ثلاثة فيصلي بنا جزء ثم يدعو فنؤمن على دعائه ثم يستغفر الله و نستغفره و نسأله الجنة حتى ينفجر الفجر

33-  الكافي، في الحسن عن أبي عبد الله ع قال إن العبد يوقظ ثلاث مرات من الليل فإن لم يقم أتاه الشيطان فبال في أذنه قال محمد بن مسلم و سألته عن قول الله كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ قال كانوا أقل الليالي   تفوتهم لا يقومون فيها

 بيان أقول ظاهر أن القائم بعد طلوع الفجر غير داخل في الممدوحين بتلك الآية و أيضا ظاهر أن الإيقاظ من الليل قبل الفجر فتدبر

34-  التهذيب، عن أبي عبد الله ع قال من أدرك يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج

35-  الكافي، في الصحيح عن الرضا ع قال لا ترم الجمرة يوم النحر حتى تطلع الشمس

36-  التهذيب، في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن رجل بات بمكة في ليالي منى حتى أصبح قال إن كان أتاها نهارا فبات فيها حتى أصبح فعليه دم يهريقه

37-  و في الصحيح عن أبي عبد الله ع قال إن زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح إلا و هو بمنى و إن زار بعد أن انتصف الليل أو السحر فلا بأس عليه أن ينفجر الصبح و هو بمكة

38-  التهذيب، عن أبي الحسن ع فيمن بات ليالي منى بمكة إذا بات مشتغلا بالعبادة قال ما أحب ينشق الفجر إلا و هو بمنى

 و في صحيحة معاوية بن عمار و إن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرك بأن تصبح في غيرها

39-  و في الكافي مثله و زاد و سألته عن الرجل زار عشاء فلم يزل في طوافه   و دعائه و في السعي بين الصفا و المروة حتى يطلع الفجر قال ليس عليه شي‏ء كان في طاعة الله

 و روي مثله في الكتابين بأسانيد جمة أكثرها صحيحة تركنا إيرادها مخافة الإطناب

40-  التهذيب، عن أبي إبراهيم ع قال سألته عن رجل زار البيت فطاف بالبيت و الصفا و المروة ثم رجع فغلبته عينه في الطريق فنام حتى أصبح قال عليه شاة

 و عن أبي عبد الله ع عن الدلجة إلى مكة أيام منى و أنا أريد أن أزور البيت فقال لا حتى ينشق الفجر كراهية أن يبيت الرجل بغير منى

 و في الصحيح عنه ع قال من زار فنام في الطريق فإن بات بمكة فعليه دم و إن كان قد خرج منها فليس عليه شي‏ء و إن أصبح دون منى و رواه الكليني في الحسن

41-  و روى الكليني أيضا بسند حسن عنه ع قال إذا زار الحاج من منى فخرج فجاوز بيوت مكة فنام ثم أصبح قبل أن يأتي منى فلا شي‏ء عليه

42-  الفقيه، بإسناده عن جميل عن أبي عبد الله ع قال إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح إلا بها

 و بإسناده عن جعفر بن ناجية عن أبي عبد الله ع قال إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل إلا و هو بمنى و إذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس يصبح بغيرها

    -43  قرب الإسناد، عن وهب عن جعفر عن أبيه عن علي ع قال في الرجل أفاض إلى البيت فغلبته عيناه حتى أصبح قال لا بأس عليه

 و عن علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن رجل بات بمكة حتى أصبح في ليالي منى فقال إن كان أتاها نهارا فبات حتى أصبح فعليه دم شاة يهريقه و إن كان خرج من منى بعد نصف الليل فأصبح بمكة فليس عليه شي‏ء

 بيان هذه الأخبار الكثيرة و أمثالها تدل على أن منتهى ما يعتبر في البيتوتة طلوع الفجر و قد صرح اللغويون و غيرهم أن البيتوتة و البيات الكون بالليل و قد قال تعالى بَياتاً أَوْ نَهاراً كما مر

44-  الكافي، بسند معتبر عن أبي عبد الله ع قال إذا أراد العمرة انتظر إلى صبيحة ثلاث و عشرين من شهر رمضان ثم يخرج مهلا في ذلك اليوم

 أقول لا يخفى أن الظاهر أن الأمر بالتوقف لإدراك ليلة القدر فيدل على أن نهايتها الصبح و أيضا قوله ذلك اليوم لا يخلو من دلالة على المطلوب

45-  الكافي، عن أبي عبد الله ع قال يكره للرجل إذا قدم من سفره أن يطرق أهله ليلا حتى يصبح

46-  العلل، بإسناده عن ابن عباس في تزويج النبي ص زينب قال و لبث سبعة أيام بلياليهن عند زينب ثم تحول إلى بيت أم سلمة و كان ليلتها و صبيحة يومها من رسول الله ص

 بيان المقابلة بين الليلة و صبيحة اليوم تدل على عدم كونها من الليل

    -47  الكافي، و الفقيه، و التهذيب، بإسنادهم عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله ع قال إنما عليه أن يبيت عندها في ليلتها و يظل عندها في صبيحتها الخبر

48-  التهذيب، عن علي بن مهزيار عن فضالة عن أبان عن زرارة عن أبي جعفر ع في رجل صلى الغداة بليل غرة من ذلك القمر و نام حتى طلعت الشمس فأخبر أنه صلى بليل قال يعيد صلاته

49-  الفقيه، قال أبو جعفر ع وقت صلاة الليل ما بين نصف الليل إلى آخره

50-  الكافي، عن علي بن محمد عن سهل عن علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب رجل إلى أبي جعفر ع الركعتان اللتان قبل الصلاة الفجر من صلاة الليل هي أم من صلاة النهار و في أي وقت أصليهما فكتب بخطه احشهما في صلاة الليل حشوا

51-  التهذيب، عن الحسين عن النظر عن هشام بن سالم عن زرارة عن أبي جعفر ع قال سألته عن ركعتي الفجر قبل الفجر أو بعد الفجر فقال قبل الفجر إنهما من صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة صلاة الليل الخبر

 بيان قد مر استدلال العلامة قدس سره بهذا الخبر و ربما يناقش فيه بأنه يدل على كونها من جملة صلاة الليل المعروفة يعني ثلاث عشرة ركعة و يؤيده أنه لم يقل من صلوات الليل بل قال من صلاة الليل. أقول هذا الوجه و إن كان محتملا لكن لا يخلو من ظهور في المراد

    -52  التهذيب، عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن جعفر بن عثمان عن سماعة عن أبي عبد الله ع قال لا بأس بصلاة الليل من أول الليل إلى آخره إلا أن أفضل ذلك إذا انتصف الليل

 و عن ابن محبوب عن محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير مثله توضيح يدل على أن آخر الليل آخر وقت صلاته و معلوم أن الانتصاف الواقع بعد ذكر الأول و الآخر على وجه مخصوص إنما يراعى بالنسبة إليهما على هذا الوجه

53-  التهذيب، عن ابن محبوب عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع و أظنه إسحاق بن غالب قال قال إذا قام الرجل من الليل فظن أن الصبح قد أضاء فأوتر ثم نظر فرأى أن عليه ليلا قال يضيف إلى الوتر ركعة ثم يستقبل صلاة الليل ثم يوتر بعده

 و عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن علي بن عبد العزيز قال قلت لأبي عبد الله ع أقوم و أنا أتخوف الفجر قال فأوتر قلت فأنظر فإذا علي ليل قال فصل صلاة الليل

 و عن محمد بن أحمد عن الحجال عن أبي عبد الله ع أنه كان يصلي ركعتين بعد العشاء يقرأ فيهما بمائة آية و لا يحتسب بهما و ركعتين و هو جالس يقرأ فيهما بقل هو الله أحد و قل يا أيها الكافرون فإن استيقظ من الليل صلى صلاة الليل و أوتر و إن لم يستيقظ حتى يطلع الفجر صلى ركعة فصارت شفعا و احتسب   بالركعتين اللتين صلاهما بعد العشاء وترا

 بيان هذه الأخبار تدل على أنه إذا بقي شي‏ء من الليل بقي وقت صلاة الليل و لو حمل ليل و ليلا على كثير من الليل أيضا يدل على ذلك كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام

54-  الكافي، عن محمد عن أحمد عن علي بن الحكم عن الخزاز عن محمد قال قال أبو عبد الله ع إن علي بن الحسين ع كان إذا أصبح قال أبتدئ يومي هذا الدعاء فإذا فعل ذلك العبد أجزأ مما نسي في يومه

 و عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن إسماعيل عن أبي إسماعيل السراج عن الحسين بن المختار عن رجل عن أبي جعفر ع قال من قال إذا أصبح اللهم إني أصبحت إلخ إذا قال هذا الكلام لم يضره يومه ذلك شي‏ء و إذا أمسى فقال لم يضره تلك الليلة شي‏ء إن شاء الله

55-  التهذيب، و الكافي، محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أحدهما ع قال أيما امرأة أو رجل خائف أفاض من المشعر الحرام ليلا فلا بأس فليرم الجمرة ثم ليمض و ليأمر من يذبح عنه الخبر

 و عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن دراج عن بعض أصحابنا عن أحدهما ع قال لا بأس أن يفيض الرجل بليل إذا كان خائفا

 و عنه عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن   أبي المغراء عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال رخص رسول الله ص للنساء و الصبيان أن يفيضوا بالليل و أن يرموا الجمار بليل و أن يصلوا الغداة في منازلهم

 و عنه عن علي بن النعمان عن سعيد الأعرج قال قلت لأبي عبد الله ع جعلت فداك معنا نساء فأفيض بهن بليل قال نعم تريد أن تصنع كما صنع رسول الله ص قلت نعم فقال أفض بهن بليل الخبر

 تقريب أقول معلوم أن الإفاضة بالليل المذكورة في تلك الأخبار المراد بها الإفاضة قبل الفجر و المناقش مكابر

56-  التهذيب، عن أبي عبد الله ع قال إن الثمانية ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الآخرة

 و عن مرازم عنه ع قلت متى أصلي صلاة الليل قال صلها آخر الليل

57-  الخلاف، للشيخ روى النبي ص أنه قال إن بلالا يؤذن بليل فكلوا و اشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم

58-  المعتبر، عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله ع قال ثمان من آخر الليل ثم الوتر ثلاث ركعات و يفصل بينهما بتسليم ثم ركعتي الفجر

59-  التهذيب، في الصحيح عن أبي الحسن ع قال سألته عن الصلاة بالليل في السفر في أول الليل فقال إذا خفت الفوت في آخره

 و في الموثق عن أبي عبد الله ع قال لا بأس بصلاة الليل فيما بين أوله إلى آخره إلا أن أفضل ذلك بعد انتصاف الليل

    و عن الحسين بن علي بن بلال قال كتبت إليه في وقت صلاة الليل فكتب عند زوال الليل و هو نصفه أفضل فإن فات فأوله و آخره جائز

 تفهيم هذه الأخبار تدل على أن وقت صلاة الليل ممتد إلى آخر الليل و آخر وقت صلاة الليل الفجر الثاني بالاتفاق و الخبران الأخيران يدلان ظاهرا على أن نصف الليل هو نصف الزمان الممتد من الغروب إلى طلوع الفجر إذ ذكر الانتصاب بعد ذكر الأول و الآخر لا يفهم منه إلا كونه منتصف ما بينهما لا سيما الأخير لإرجاع الضمائر إلى أمر واحد و يفهم منه أن زوال الليل لا يراد به الزوال عن دائرة نصف النهار

60-  الفقيه، و الكافي، في الصحيح عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله ع قال قلت له إن رجلا من مواليك من صلحائهم شكا إلي ما يلقى من النوم و قال إني أريد القيام إلى الصلاة بالليل فيغلبني النوم إلى أن أصبح إلى قوله و لم يرخص في النوافل أول الليل و قال القضاء بالنهار أفضل

61-  الكافي، و التهذيب، عن إسماعيل بن جابر أو ابن سنان قال قلت لأبي عبد الله ع إني أقوم آخر الليل و أخاف الصبح قال اقرأ الحمد و اعجل اعجل

 و في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال سألته عن الرجل يقوم من آخر الليل و هو يخشى أن يفجأه الصبح أ يبدأ بالوتر الخبر

62-  التهذيب، في الصحيح عن سعد بن سعد قال سألت الرضا ع عن الرجل يكون في بيته و هو يصلي و هو يرى أن عليه ليلا ثم يدخل عليه الآخر من الباب فقال قد أصبحت هل يعيد الوتر أم لا أو يعيد شيئا من صلاته قال   يعيد أن صلاها مصبحا

63-  الفقيه، قال قال أبو جعفر ع وقت صلاة الليل ما بين الليل إلى آخره

64-  التهذيب، عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر ع عن أول وقت ركعتي الفجر قال سدس الليل الباقي

 و في الصحيح عن حماد قال قال لي أبو عبد الله ع ربما صليتهما و علي ليل فإن قمت و لم يطلع الفجر أعدتهما

65-  الكافي، في الموثق عن أبي عبد الله ع قال ما كان يحمد الرجل أن يقوم من آخر الليل فيصلي صلاته ضربة واحدة ثم ينام و يذهب

66-  التهذيب، عن إسماعيل بن سعد قال سألت الرضا ع عن ساعات الوتر قال أحبها إلي الفجر الأول و سألته عن أفضل ساعات صلاة الليل قال الثلث الباقي

67-  الفقيه، عن بريد عن أبي جعفر ع قال أفضل قضاء صلاة الليل في الساعة التي فاتتك آخر الليل و ليس بأس أن تقضيها بالنهار و قبل أن تزول الشمس

68-  الكافي، عن أبي جعفر ع قال أفضل قضاء النوافل قضاء صلاة الليل بالليل و صلاة النهار بالنهار قلت و يكون وتران في ليلة قال لا قلت و لم تأمرني أن أوتر وترين في ليلة قال أحدهما قضاء

    -69  غياث سلطان الورى، للسيد بن طاوس عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال قلت له رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف أن يدركه الصبح و لم يصل صلاة ليلته تلك قال يؤخر القضاء و يصلي صلاة ليلته تلك

70-  الخصال، بسنده المعتبر عن أمير المؤمنين ع قال من كاتب له حاجة فيطلبها في ثلاث ساعات إلى قوله و ساعة في آخر الليل عند طلوع الفجر فإن ملكين يناديان هل من تائب يتاب عليه الخبر

 أقول ظاهر أن المراد به قبل طلوع الفجر كما روي في أخبار كثيرة أن هذا النداء في الليل و أن وقت الإجابة السحر و أن ساعة الإجابة في الليل كما لا يخفى على المتتبع

71-  الكافي، عن أبي عبد الله ع في قول الله وَ ظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَ الْآصالِ قال هو الدعاء قبل طلوع الشمس و قبل غروبها و هي ساعة إجابة

 أقول معلوم أن الغدو من اليوم و الغداء من طعام اليوم لكن من لا ينبهه صلاة الغداة لا ينبهه هذا و يلتزم أن الغداة من الليل

72-  مصباح الكفعمي، عن الصادق ع من كانت به علة فليقل عليها في كل صباح أربعين مرة أربعين يوما إلخ

 أقول لو كان الصباح من الليل لقال أربعين ليلة

73-  الكافي، في الحسن عن أبي عبد الله ع قال إذا أصبحت و أمسيت فقل عشر مرات اللهم ما أصبحت بي من نعمة إلى قوله فإنك إذا قلت ذلك كنت قد أديت شكر ما أنعم الله به عليك في ذلك اليوم و في تلك الليلة   

 و في الصحيح عنه ع قال شرف المؤمن قيامه بالليل

 و عنه ع في قوله تعالى إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ قال صلاة المؤمن بالليل تذهب بما عمل من ذنب بالنهار

74-  التهذيب، في الصحيح عن أبي جعفر ع و سئل عن قول الله قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا قال أمره الله أن يصلي كل ليلة إلا أن يأتي ليلة من الليالي لا يصلي فيها شيئا

 أقول من البين أن صلاة الفجر غير داخل في هذه الصلاة بعد القيام و لكن ع يترك صلاة الفجر أبدا

75-  التهذيب، و ثواب الأعمال، عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل قال الْمالُ وَ الْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا إن الثماني ركعات يصليها العبد آخر الليل زينة الآخرة

 و عنه ع قال قال علي ع قيام الليل مصحة للبدن الخبر

76-  الفقيه، في وصية النبي ص لعلي ع يا علي ثلاث فرحات للمؤمن في الدنيا منها التهجد في آخر الليل يا علي ثلاث كفارات منها التهجد بالليل و الناس نيام

    أقول ظاهر أن الصلاة بعد الفجر غير داخل في التهجد المذكور هنا

77-  التهذيب، و العلل، عن أبي عبد الله ع قال لا تدع قيام الليل فإن المغبون من حرم قيام الليل

78-  الكافي، قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين ع فقال إني قد حرمت الصلاة بالليل فقال ع قد قيدتك ذنوبك

 أقول معلوم أن من قام إلى صلاة الفجر فقط يصدق عليه أنه حرم صلاة الليل أو قيامه

79-  الفقيه، عن أبي عبد الله ع إني لأمقت الرجل قد قرأ القرآن ثم يستيقظ من الليل فلا يقوم حتى إذا كان عند الصبح قام يبادر بالصلاة

 أقول ظاهر من هذا السياق أن القيام عند الصبح غير داخل في القيام بالليل و أن الصبح غاية الاستيقاظ بالليل

80-  المعتبر، عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله ع يقول في قوله تعالى وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ قال في الوتر في آخر الليل سبعين مرة

 و روي من طريق المخالفين عن ابن عمر و ابن عباس أن النبي ص قال الوتر ركعة من آخر الليل

81-  التهذيب، بسند يقرب من الصحيح عن أبي بصير قال إذا خرجت بعد طلوع الفجر و لم تنو السفر من الليل فأتم الصوم و اعتد به من شهر رمضان

 و بسند آخر عن أبي عبد الله ع قال إذا أردت السفر في شهر رمضان فنويت   الخروج من الليل فإن خرجت قبل الفجر أو بعده فأنت مفطر و عليك القضاء ذلك اليوم

 أقول ظاهر من الخبرين أن نهاية الليل الفجر مع أن الأصحاب عبروا من ذلك بتبييت النية و البيات مقابل النهار كما مر

82-  الإقبال، بإسناده عن حماد بن عيسى عن محمد بن يوسف عن أبيه عن أبي جعفر ع قال إن الجهني أتى رسول الله ص فقال يا رسول الله إن لي إبلا و غنما و غلمة فأحب أن تأمرني ليلة أدخل فيها فأشهد الصلاة و ذلك في شهر رمضان فدعاه رسول الله ص فساره في أذنه قال فكان الجهني إذا كانت ليلة ثلاث و عشرين دخل بإبله و غنمه و أهله و ولده و غلمته فكان تلك الليلة ليلة ثلاث و عشرين بالمدينة فإذا أصبح خرج بأهله و غنمه و إبله إلى مكانه

83-  التهذيب، و مجالس الشيخ، بسند موثق عن سماعة عن أبي عبد الله ع قال قال لي صل في ليلة إحدى و عشرين و ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان في كل واحدة منهما إن قويت على ذلك مائة ركعة سوى الثلاث عشرة و أسهر فيهما حتى تصبح فإن ذلك يستحب أن يكون في صلاة و دعاء و تضرع فإنه يرجى أن تكون ليلة القدر في أحدهما و ليلة القدر خير من ألف شهر الخبر

 بيان الرواية بصدرها و عجزها تنادي بأن نهاية ليلة القدر طلوع الفجر

84-  دعوات الراوندي، عن موسى بن جعفر ع قال من اغتسل ليلة القدر و أحياها إلى طلوع الفجر خرج من ذنوبه

85-  التهذيب، في الموثق عن أبي عبد الله ع قال في حديث طويل فيه ليلة إحدى و عشرين و ثلاث و عشرين يصلي في كل واحدة منهما إذا قوي على ذلك   مائة ركعة سوى هذه الثلاث عشرة ركعة و ليسهر فيهما حتى يصبح فإنه يرجى أن تكون ليلة القدر في أحدهما

86-  الكافي، و التهذيب، و السرائر، عن زرارة و الفضيل قالا قلنا له أ يجزي إذا اغتسلت بعد الفجر للجمعة فقال نعم

87-  التهذيب، عن بكير قال سألت في أي الليالي اغتسل في شهر رمضان إلى أن قال و الغسل أول الليل قلت فإن نام بعد الغسل قال هو مثل غسل يوم الجمعة إذا اغتسلت بعد الفجر أجزأك

 و بسند آخر عن ابن بكير مثله و قرب الإسناد، عن ابن بكير مثله بيان أقول هذه الأخبار تدل على أن غسل الجمعة يجزي بعد الفجر مع أن الأخبار المستفيضة الواردة في غسل الجمعة كلها وردت بلفظ اليوم بلا تقييد و لا تخصيص فيدل على أن اليوم إذا ورد في الشرع المتبادر منه ما بين طلوع الفجر إلى الغروب

88-  قرب الإسناد، عن علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته هل يجزيه أن يغتسل بعد طلوع الفجر هل يجزيه ذلك من غسل العيدين قال إن اغتسل يوم الفطر و الأضحى قبل الفجر لم يجزه و إن اغتسل بعد طلوع الفجر أجزأه

 أقول وجه الاحتجاج ما مر من ورد أخبار غسل العيدين بلفظ اليوم مع أن مدلول هذا الخبر و الروايات الأخر أن أول وقته طلوع الفجر

89-  التهذيب، عن الرضا ع سئل عن رجل أصابته جنابة في آخر الليل   فقام ليغتسل فلم يصب ماء فذهب ليطلبه أو بعث من يأتيه بالماء فعسر عليه حتى أصبح كيف يصنع قال يغتسل إذا جاءه ثم يصلي

 و بإسناده عن إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض مواليه قال سألته عن احتلام الصائم قال قال إذا احتلم نهارا في شهر رمضان فلا ينم حتى يغتسل و إن أجنب ليلا في شهر رمضان فلا ينام إلا ساعة حتى يغتسل فمن أجنب في شهر رمضان فنام حتى يصبح فعليه عتق رقبة الخبر

 أقول الأخبار في الجنابة في الليل في شهر رمضان و الإصباح جنبا و النوم الأول و الثاني و الثالث و غيرها كثيرة تدل على ما ذكرنا لم نطول الكلام بإيرادها

90-  الفقيه، و التهذيب، في الصحيح عن عبد الله بن سنان أنه سأل أبا عبد الله عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل و لا يغتسل حتى يجي‏ء آخر الليل و هو يرى أن الفجر قد طلع قال لا يصوم ذلك اليوم و يصوم غيره

91-  التهذيب، في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إذا طهرت بليل من حيضتها ثم توانت في أن تغتسل في شهر رمضان حتى أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم

92-  قرب الإسناد، عن الصادق ع عن أبيه قال كان علي ع يستاك و هو صائم في أول النهار و آخره في شهر رمضان

 و عنه ع عن أبيه ع قال قال علي ع لا بأس بأن يستاك الصائم   بالسواك الرطب في أول النهار

 أقول كون المراد بالنهار في الخبرين من أول طلوع الفجر أبين من الفجر

93-  الكافي، في الموثق عن ابن بكير قال سألت أبا عبد الله ع عن الرجل يحتلم بالنهار في شهر رمضان يتم صومه كما هو فقال لا بأس

94-  الفقيه، عن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله ع فقلت متى يحرم الطعام و الشراب على الصائم و تحل الصلاة صلاة الفجر فقال إذا اعترض الفجر و كان كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام و يحل الصيام و تحل الصلاة صلاة الفجر

 قال و كان رسول الله ص يقول إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فإذا سمعتم أذانه فكلوا و اشربوا حتى تسمعوا أذان بلال

95-  الكافي، في الصحيح عن أحدهما ع في قول الله عز و جل أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الآية قال نزلت في خوات بن جبير إلى قوله فبات على تلك الحال فأصبح الخبر

96-  الفقيه، سئل الصادق ع عن الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ فقال بياض النهار من سواد الليل

97-  التهذيب، عن إسحاق قال قلت لأبي عبد الله ع آكل في شهر رمضان   بالليل حتى أشك قال كل حتى لا تشك

98-  الكافي، بسند معتبر عن زرارة عن أبي عبد الله ع قال أذن ابن أم مكتوم لصلاة الغداة و مر رجل برسول الله ص و هو يتسحر فدعاه أن يأكل معه فقال يا رسول الله قد أذن المؤذن للفجر فقال إن هذا ابن أم مكتوم و هو يؤذن بليل فإذا أذن بلال فعند ذلك فأمسك

99-  الفقيه، و الكافي، و التهذيب، بأسانيدهم عن الزهري عن علي بن الحسين ع قال و كذلك المسافر إذا أكل من أول النهار ثم قدم أهله أمر بالإمساك بقية يومه و ليس بفرض و كذلك الحائض إذا طهرت

100-  الكافي، في الصحيح عن عيص قال سألت أبا عبد الله ع عن قوم أسلموا في شهر رمضان و قد مضى منه أيام هل عليهم أن يقضوا ما مضى منه أو يومهم الذي أسلموا فيه فقال ليس عليم قضاء و لا يومهم الذي أسلموا فيه إلا أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر

 و عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله ع قال لأبي بصير في حديث طويل فاطلبها أي ليلة القدر في ليلة إحدى و ثلاث و صل في كل واحدة منهما مائة ركعة و أحيهما إن استطعت إلى النور و اغتسل فيهما

101-  مصباح الشيخ، و المقنعة، عن أبي عبد الله ع قال لو قرأ رجل ليلة ثلاث و عشرين من شهر رمضان إنا أنزلناه في ليلة القدر ألف مرة لأصبح و هو شديد اليقين في الاعتراف بما يختص فينا

    -102  معاني الأخبار، و صفات الشيعة، و المجالس للصدوق، عن أبي عبد الله ع قال الشتاء ربيع المؤمن يطول فيه ليله فيستعين به على قيامه و يقصر فيه نهاره فيستعين به على صيامه

103-  التهذيب، عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع إذا طهرت المرأة من آخر الليل فلتصل المغرب و العشاء

104-  الذكرى، عن عبد الله بن سنان عن أبي جعفر ع في قوله تعالى وَ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَ إِدْبارَ النُّجُومِ هو الوتر آخر الليل

 و عن أبي عبد الله ع في صلاة الليل و الوتر في السفر أول الليل إذا لم يستطع أن يصلي في آخره قال نعم

 و عن محمد بن أبي قرة بإسناده إلى إبراهيم بن سيابة قال كتب بعض أهل بيتي إلى أبي محمد ع في صلاة المسافر أول الليل صلاة الليل فكتب فضل صلاة المسافر من أول الليل كفضل صلاة المقيم في الحضر من آخر الليل

105-  دعائم الإسلام، عن الصادق ع قال صل صلاة الليل متى شئت من أول الليل أو من آخره بعد أن تصلي العشاء الآخرة و توتر بعد صلاة الليل

 و عنه ع قال إن الله تبارك و تعالى يبعث ملائكة إذا انفجر الفجر يوم الجمعة يكتبون الصلاة على محمد و آله إلى الليل

 و عنه ع قال التكبير في أيام التشريق من صلاة الفجر يوم عرفة إلى   صلاة العصر من آخر أيام التشريق

 و عنه ع في قوله تعالى وَ إِدْبارَ النُّجُومِ قال هو الوتر من آخر الليل

 و عن علي ع قال من أراد شيئا من قيام الليل فغلبته عيناه حتى يصبح كان نومه صدقة من الله عليه و يتمم الله قيام ليلته

 و عنه ع قال من أخر النفر إلى اليوم الثالث فله أن ينفر من أول النهار إلى آخره متى شاء بعد أن يصلي الفجر و يرمي الجمار

 و سئل ع عن الرجل يكون عنده النساء يغشى بعضهن دون بعض قال إنما عليه أن يبيت عند كل واحدة في ليلتها و يقيل عندها في صبيحتها الخبر

106-  الفقيه، و التهذيب، بإسنادهما عن محمد بن سنان عن عبد الأعلى بن أعين قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل وطئ امرأته و هو معتكف ليلا في شهر رمضان قال عليه الكفارة قال قلت فإن وطئها نهارا قال عليه كفارتان

 أقول معلوم أن النهار هنا مبدؤه الفجر و لنذكر بعض الأخبار الموهمة لخلاف ما ذكرنا. فمنها

 ما رواه السيد في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين و قد سئل عن مسافة ما بين المشرق و المغرب قال مسيرة يوم للشمس

و لعله محمول على التقريب بقرينة ما مر   برواية الإحتجاج أو يقال لما كان السائلون عن تلك المسائل غالبا من أهل الكتاب فيمكن أن يكون ع أجابهم على معتقدهم و مصطلحهم حيث إنهم لا يعدون ما بين الطلوعين من الليل و لا من النهار كما مر و منها ما رواه

 الصدوق في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله ع أنه سئل عن الرجل يخرج من بيته و هو يريد السفر و هو صائم فقال إن خرج قبل أن ينتصف النهار فليفطر و ليقض ذلك اليوم و إن خرج بعد الزوال فليتم صومه

و جوابه أن الانتصاف هنا مبني على التقريب و التخمين و لعله ع لذلك غير العبارة ثانيا فعبر عنه بالزوال إزاحة لهذا الوهم و بأمثال هذا الخبر لا يمكن رد ما مر من الآيات و الأخبار الصريحة و قد ورد بهذا المضمون أخبار و التوجيه مشترك و قد أومأنا سابقا إلى نكتة في عدم عد ما بين الطلوعين من الليل و النهار تؤيد ذلك و كذا ما ورد في كلام اللغويين و غيرهم من التعبير عن الزوال بنصف النهار مبني على المسامحة إذ أكثرهم مع تصريحهم بكون اليوم من طلوع الفجر عبروا عن الزوال بذلك فظهر أن بناء كلامهم ليس على التحقيق و المناصفة الحقيقية و هذا أمر شائع في العرف و قد يسامحون في أمثال ذلك كثيرا. و منها ما ورد أن النبي ص كان يغلس بصلاة الفجر أو قال صلها بغبش و ذكر بعض اللغويين أن الغلس و الغبش ظلمة آخر الليل و جوابه أنه معلوم أن ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس لا يسمى كله غلسا و لا غبشا و إلا لم يكن للخبر فائدة فقولهم ظلمة آخر الليل ينافي ما ذهبتم إليه أكثر من منافاته لما ذهبنا إليه فالظاهر أن الخبر و كلام اللغويين مبني على المجاز و التوسع فلا يستقيم الاستدلال بمثله. و منها

 ما رواه الشيخ بسند يمكن أن يعد من الحسان عن أبي جعفر ع قال كان أمير المؤمنين ع لا يصلي من النهار حتى تزول الشمس و لا من الليل   بعد ما يصلي العشاء حتى ينتصف الليل

 و عن زرارة عن أبي جعفر ع قال كان علي ع لا يصلي من الليل شيئا إذا صلى العتمة حتى ينتصف الليل و لا يصلي من النهار حتى تزول الشمس

 و روى الصدوق في الفقيه عن أبي جعفر ع قال كان رسول الله ص لا يصلي بالنهار شيئا حتى تزول الشمس فإذا زالت صلى ثمان ركعات و هي صلاة الأوابين تفتح في تلك الساعة أبواب السماء و يستجاب الدعاء و تهب الرياح و ينظر الله إلى خلقه فإذا فاء الفي‏ء ذراعا صلى الظهر أربعا و صلى بعد الظهر ركعتين ثم صلى ركعتين أخراوين ثم صلى العصر أربعا إذا فاء الفي‏ء ذراعا ثم لا يصلي بعد العصر شيئا حتى تئوب الشمس فإذا آبت و هو أن تغيب صلى المغرب ثلاثا و بعد المغرب أربعا ثم لا يصلي شيئا حتى يسقط الشفق فإذا سقط الشفق صلى العشاء ثم أوى رسول الله ص إلى فراشه و لم يصل شيئا حتى يزول نصف الليل فإذا زال نصف الليل صلى ثمان ركعات و أوتر في الربع الأخير من الليل بثلاث ركعات فقرأ فيهن فاتحة الكتاب و قل هو الله أحد و يفصل بين الثلاث بتسليمة و يتكلم و يأمر بالحاجة و لا يخرج من مصلاه حتى يصلي الثالثة التي يوتر فيها و يقنت فيها قبل الركوع ثم يسلم و يصلي ركعتي الفجر قبيل الفجر و عنده و بعيده ثم يصلي ركعتي الصبح و هي الفجر إذا اعترض الفجر و أضاء حسنا فهذه صلاة رسول الله ص التي قبضه الله عز و جل عليها

و نحوه روى الشيخ عن زرارة عنه ع. فبعد ما علمت من الأخبار المستفيضة المؤيدة بالآيات الكثيرة لا بد من تأويل في تلك الأخبار إما بحملها على أنه لم يكن يصلي من نوافل النهار   شيئا إلى الزوال لأنه ص كان يصلي ركعتي نافلة الفجر قبل الفجر مع صلاة الليل و يؤيده أن الظاهر أن الغرض نفي صلاة الضحى التي ابتدعتها العامة. أو على أن المراد أنه لم يكن يصلي بعد صلاة الفجر شيئا إلى الزوال و لما كان صلاة الظهر أول الصلوات و أفضلها أراد أن يبتدئ في ذكر الصلوات بها فلذا أخر ذكر صلاة الفجر. أو يقال استعمل لفظ النهار في جزئه مجازا لقيام القرينة مع أن في الخبر الأخير ما يدل على ما ذهبنا إليه لأنه قال و أوتر في الربع الأخير من الليل و معلوم أن آخر وقت صلاة الوتر طلوع الفجر الثاني فالظاهر أن النصف أيضا أراد به نصف الليل الذي نهايته الفجر إذ حمل الليل في الأخير على معنى و في الأول على معنى آخر في غاية البعد فظهر أن هذا الخبر على مطلوبنا أدل و أصرح و يحتمل أن يكون هذه الأخبار مبينة على اصطلاح آخر أومأنا إليه سابقا و هو عدم عد ما بين الطلوعين من الليل و لا من النهار لكنه بعيد و الأوجه أحد الوجوه المتقدمة و بالجملة الخبر الأخير قرينة جلية على تأويل الخبرين الأولين و ضعف الاحتجاج بهما. و منها

 ما رواه في الفقيه بإسناده عن عمر بن حنظلة أنه سأل أبا عبد الله ع فقال له زوال الشمس نعرفه بالنهار فكيف لنا بالليل فقال لليل زوال كزوال الشمس قال فبأي شي‏ء نعرفه قال بالنجوم إذا انحدرت

 و روى محمد بن إدريس في آخر السرائر نقلا من كتاب محمد بن علي بن محبوب عن الحسين بن أحمد القروي عن أبان عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال دلوك الشمس زوالها و غسق الليل بمنزلة الزوال من النهار

أقول أما الخبر الأول فلا بد فيه من تخصيص ببعض الكواكب فنخصها   بكواكب مخصوصة تنحدر في منتصف ما بين الغروب و طلوع الفجر مع أنه ظاهر أنه أمر تقريبي إذ تعيين كواكب مخصوصة كل ليلة لا يتيسر لأكثر الخلق مع أن الانحدار لا يتبين لهم إلا بعد مضي زمان من التجاوز عن دائرة نصف النهار و في مثل ذلك لا يؤثر التقدم و التأخر بقدر نصف ساعة أو ثلثيها أو أكثر من ذلك بقليل. و يمكن أن يكون هذا التحديد لاستعلام أول صلاة الليل بل هو الظاهر و روعي في ذلك الاحتياط لحصول الجزم أو الظن القوي بانتصاف الليل و لا يحصل شي‏ء منهما قبل الانحدار إلا لمن كانت له آلة يستعلم الوقت بها كالأسطرلاب و أمثاله و تحصيل أمثالها متعسر على غالب الناس. و يمكن أن يقال الخبر يدل على مطلوبنا بهذا الوجه بل يمكن أن يدعى ذلك بوجه آخر و هو أن أكثر الكواكب لا تظهر للأبصار إلا بعد مضي زمان من غروب الشمس فإذا حملت على الكواكب التي كانت عند ظهورها على الأفق فهي تصل إلى دائرة نصف النهار بعد مضي كثير من انتصاف الليل و لو حملت على أن يقدر أنها كانت عند الغروب على الأفق فهذا مما لا يهتدي إليه أكثر العوام بل الخواص أيضا فلا بد من حملها على ما كانت ترى في البلدان في بدو ظهورها فوق الأبنية و الجدران و الظاهر في أمثالها أنها تصل إلى دائرة نصف النهار قبل انتصاف الليل المعهود عندهم فعلى هذا يمكن حمله على أن الغرض بيان آخر وقت العشاءين أيضا. و أما التشبيه الوارد في الخبرين فلا يلزم أن يكون تشبيها في جميع الأمور و على التحقيق و التدقيق حتى يلزم أن يكون المعتبر فيه الوسط بين الغروب و الطلوع بل يمكن أن يكون التشبيه للانتصاف العرفي أو لوصول أمثال تلك الكواكب التي ذكرنا إلى دائرة نصف النهار أو لكونه مبدأ لوقت صلاة معينة و غير ذلك من جهات التشبيه. فظهر أنه ليس في هاتين الروايتين أيضا دلالة إلى مطلوبهم لا سيما مع   معارضة الآيات و الأخبار السالفة و مع تسليم دلالتهما على أن المعتبر في انتصاف الليل ذلك لا يلزم أن يحمل كل ما ورد من الأحكام معلقة بلفظ النهار أو اليوم أو الليل على هذا الوجه مع ما مر من النصوص الصحيحة و الأقوال الصريحة. و قال الشهيد ره في الذكرى

 روى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص إذا صلى العشاء الآخرة أوى إلى فراشه ثم لا يصلي شيئا إلا بعد انتصاف الليل

و مثله عن أبي جعفر ع و قال حتى يزول الليل فإذا زال الليل صلى ثماني ركعات ثم ثلاث ركعات و أوتر في الركعة الأخيرة ثم يصلي ركعتي الفجر قبل الفجر و عنده و بعيده قلت عبر بزوال الليل عن انتصافه كزوال النهار ثم نقل رواية عمر بن حنظلة المتقدمة ثم قال و الظاهر أنه عنى انحدار النجوم الطوالع عند غروب الشمس و الجعفي اعتمد على منازل القمر الثمانية و العشرين المشهورة فإنه قال إنها مقسومة على ثلاث مائة و أربعة و ستين يوما لكل منزل ثلاثة عشر يوما فيكون الفجر مثلا بسعد الأخبية ثلاثة عشر يوما ثم ينتقل إلى ما بعده و هكذا فإذا جعل القطب الشمالي بين الكتفين نظر ما على الرأس و بين العينين من المنازل فيعد منها إلى منزلة الفجر ثم يؤخذ لكل منزلة نصف سبع قال و القمر يغرب في ليلة الهلال على نصف سبع من الليل ثم يتزايد كذلك إلى ليلة أربع عشرة ثم يتأخر ليلة خمس عشرة نصف سبع و على هذا إلى آخره قال و هذا تقريب انتهى كلام الذكرى. و ظاهر كلامه قدس سره و ما نقله الجعفي و إن كان موهما لكون المعتبر عندهما منتصف ما بين غروب الشمس و طلوعها لكن لتصريحهما مع سائر القوم في مواضع و نقلهم الإجماع على معنى الليل و النهار لا بد من حمل كلامهما على ما يرجع إلى ما ذكرنا في الخبرين و قد ذكرا أنه على التقريب لا التحقيق   و قد ذكر الشهيد بعد ذلك أخبارا صريحة فيما ذكرنا على أنهما لو صرحا بذلك أيضا لم يكن في كلامهما حجة. ثم اعلم أن ما ذكره الشيخ الشهيد و تبعه شيخنا البهائي نور الله ضريحهما من تخصيص النجوم المذكورة في الخبر بالنجوم التي طلعت عند غروب الشمس إنما يستقيم إذا كان كل أفق من الآفاق منصفا لمدارات جميع الكواكب و ليس كذلك بل هذا مخصوص بأفق خط الإستواء إذ في الآفاق المائلة باعتبار قلة ميل معدل النهار عن سمت الرأس و كثرته و قرب مدارات الكواكب بالنسبة إلى المعدل و بعدها عنه يختلف اختلافا فاحشا ففي أواسط المعمورة إذا اتفق طلوع كوكب عند غروب الشمس فربما وصل قبل انتصاف الليل إلى نصف النهار قريبا من ساعة كفرد الشجاع و ربما وصل قبل قريبا من ساعتين كالشعراء اليمانية و ربما تأخر وصوله إلى نصف النهار عن الانتصاف بساعة و نصف تقريبا كالسماك الرامح و رأس الجوزاء و فم الفرس أو بساعتين تقريبا كالنسر الطائر و العيوق و نير الفكة أو بثلاث ساعات تقريبا كالنسر الواقع أو أربع ساعات كالردف و ربما اتفق وصول بعض الكواكب القريبة من القطب الشمالي إلى نصف النهار بعد طلوع الشمس فلا بد على طريقتهم من تخصيص آخر و هو أن يكون الكوكب قوس نهاره موافقة لقوس ميل درجة الشمس من منطقة البروج أو قريبا منه كالسماك الأعزل بالنسبة إلى بعض درجات أواخر الحمل و حمل كلام الإمام ع في بيان القاعدة التي تحتاج إليها عامة الخلق على معنى لا يعرفه إلا أوحدي الناس في هذا الفن في غاية البعد و هذا يؤيده ما ذكرنا أنه مبني على التقريب و التخمين لاستعلام أول صلاة الليل فيسقط الاستدلال به على ما توهموه كما عرفت. و ربما يحمل على الكواكب التي كانت معروفة عند العرب و كانوا يعرفون بالتجارب طلوعها و غروبها و وصولها إلى نصف النهار و يكون الغرض تنبيههم على أنه يمكن استعلام الأوقات بأمثال ذلك بعد تحصيل التجربة و فيه

    أيضا ما فيه و ذكر بعض أفاضل الأذكياء لذلك علامات فقال علامة زوال الليل في أوائل الحمل طلوع الردف و في أواسطه انحدار السماك الأعزل و في أواخره طلوع النسر الطائر و غروب الشعراء الشامية و العيوق و في أوائل الثور انحدار السماك الرامح و في أواسطه غروب فرد الشجاع و في أواخره طلوع فم الفرس و انحدار نير الفكة و عنق الحية و غروب قلب الأسد و في أوائل الجوزاء انحدار رأس الجوزاء و في أواسطه انحدار قلب العقرب و في أواخره إشراف النسر الواقع على الانحدار. و في أوائل السرطان انحدار النسر الواقع و في أواسطه غروب السماك الأعزل و في أواخره انحدار النسر الطائر و في أوائل الأسد طلوع العيوق و انحدار الردف و في أوسطه طلوع الثريا و غروب الرامح و في أواخر طلوع عين الثور و انحدار فم الفرس و غروب عنق الحية و في أوائل السنبلة إشراف نير الفكة على الغروب في أواسطه غروب نير الفكة و في أواخره طلوع يد الجوزاء اليمنى و رجلها اليسرى. و في أوائل الميزان غروب رأس الجوزاء و في أواسطه الشعراء اليمانية و في أواخره إشراف النسر الطائر على الغروب و في أوائل العقرب غروب النسر الطائر و في أواسطه طلوع قلب الأسد و غروب النسر الواقع و في أواخره طلوع فرد الشجاع و في أوائل القوس انحدار عين الثور و غروب فم الفرس و في أواسطه انحدار العيوق و رجل الجوزاء اليسرى و غروب الردف و في أواخره انحدار يد الجوزاء اليمنى. و في أوائل الجدي انحدار اليمانية و في أواسطه انحدار الشامية و طلوع الرامح و في أواخره طلوع الأعزل و نير الفكة و في أوائل الدلو إشراف قلب الأسد على الانحدار و في أواسطه انحدار قلب الأسد و الفرد و طلوع العنق و في أواخره إشراف رجل الجوزاء اليسرى على الغروب و في أوائل الحوت طلوع   الواقع و غروب رجل الجوزاء اليسرى و في أواسطه غروب عين الثور و في آخره غروب اليمانية و يد الجوزاء اليمنى. و هذا كله مبني على أخذ الليل من غروب الشمس إلى طلوعها لكن قد عرفت أنه على هذا التقريب لا يظهر التفاوت بين المعنيين كثيرا و الجعفي ره جعل بناء استعلام زوال الليل تارة على منازل القمر المعروفة بين العرب و لعله حمل الخبر عليه و تارة على غروب القمر و طلوعه أما الأول فلأن العرب قسموا مدار القمر ثمانية و عشرين قسما و ضبطوا حدود تلك الأقسام بكواكب و سموها منازل القمر و هي التي اشتملت عليها هذه الأبيات بالفارسية

أسماء منازل قمر نزد عرب شرطين و بطين است ثريا دبران‏هقعه هنعه ذراع نثره پس طرف جبهه زبره صرفه و عوا پس از آن‏پس سماك غفر زبانا إكليل قلب و شوله نعائم و بلده بدان‏سعد ذابح سعد بلع سعد سعود باشد پس سعد أخبيه چارمشان‏از فرغ مقدم بمؤخر چه رسيد آنگه به رشا رسد كه باشد پايان.

 و مدة قطع الشمس تلك المنازل ثلاث مائة و خمسة و ستون يوما و شي‏ء فإذا قسمت على المنازل يقع بإزاء كل منزل ثلاثة عشر يوما و شي‏ء فإذا حصل الاطلاع على منزل الشمس من تلك المنازل يمكن استخراج ما مضى من الليل و ما بقي منه بملاحظة الطالع و المنحدر و الغارب من تلك المنازل تقريبا بأدنى   تأمل إذ عند غروب الشمس يكون المنزل السابع من المنزل الذي فيه الشمس على نصف النهار و الرابع عشر على المشرق و في كل نصف سبع من الليل يتفاوت بقدر منزل فيكون التفاوت في ربع الليل بقدر ثلاثة منازل و نصف و في نصف الليل بقدر سبعة منازل و على هذا القياس. و هذا أيضا تقريبي لاختلاف مدار الشمس و القمر و جهات أخر فلو حملنا الخبر عليه حملنا النجوم على نجوم المنزل الذي يكون مقابلا للمنزل الذي فيه الشمس. و أما الثاني و هو بناء الأمر على غروب القمر في أوائل الشهر و طلوعه في أواخره فضابطه أن يضرب عدد ما مضى من أول الشهر إلى الرابع عشر و من الخامس عشر إلى الثامن و العشرين في الستة و قسمة الحاصل على السبعة فالخارج في الأول قدر الساعات المعوجة الماضية من الليل إلى غروب القمر و في الثاني قدر الساعات المذكورة إلى طلوعه مثاله إذا ضربنا الأربعة في الستة حصل أربعة و عشرون فإذا قسمناها على السبعة خرج ثلاث و ثلاثة أسباع فيكون غروب القمر في الليلة الرابعة و طلوعه في الثامنة عشر بعد ثلاث ساعات و ثلاثة أسباع ساعة و كذا إذا قسمنا الحاصل من ضروب الخمسة في الستة و هو الثلاثون على السبعة خرج أربعة و سبعان فغروب القمر في الليلة الخامسة و طلوعه في التاسعة عشر بعد أربع ساعات و سبعي ساعة و هكذا و هذا أيضا تقريبي للاختلاف بحسب كثرة الزمان بين خروج الشعاع و أول ليلة الغرة و قلته و غيرهما.

   فذلكة

 لا أراك أيها المتفطن اليقظان بعد ما أحطت خبرا بقوة ما استبنى عليه بياننا من أنواع البرهان و وهن ما بنوا عليه كلامهم من البنيان و قد أتينا بنيانهم من القواعد و جعلنا مطاوي كلامنا مشحونة بصنوف الفوائد تستريب في أن الليل و النهار و اليوم في اصطلاح الشرع و العرف العام بل في أصل اللغة أيضا لا يتبادر منه إلا ما ينتهي إلى طلوع الفجر أو يبتدئ منه مع أنا لم نستقص في استخراج الدلائل و نقل كلام الأوائل و لا في نقل الأخبار و ذكر الآثار لأنا اكتفينا بذكر البعض لتنبيه أولي الألباب عما يؤدي إلى الإسهاب و الإطناب. و أيضا لم نكن عقدنا لذلك بابا عند طرح الكتاب و رسم الأبواب و إنما سنح لنا ذلك بعد ما رأينا الاختلاف في الأمر الذي لم نكن نجوز الخلاف في مثله لا سيما من سدنة العلم و أهله و هل يقول أحد من أهل العرف و الشرع إذا أتاه قبيل طلوع الشمس طرفتك ليلا أو أتيتك البارحة و شاع بين الناس يقولون هل قمت الليلة فيجيب غلبني النوم فلم أنتبه إلا بعد الفجر و من تتبع ذلك في محاورات الناس لا يحتاج إلى الرجوع إلى كتاب أو التمسك بخطاب. و ما يقال من أن قاطبة الناس يقولون استوى الليل و النهار و صار النهار كذا ساعة و مضى من النهار ساعة أو ساعتان و لا يتبادر إلى الأذهان إلا اليوم من طلوع الشمس فمعلوم أن هذا إنما هو لإلفهم باصطلاح المنجمين و بناء الآلات المعدة لاستعلام الساعات عليه و لذا نرى من لا يألف تلك الاصطلاحات إذا سألته كم مضى من اليوم لا يفهم إلا ما مضى من طلوع الفجر كما سمعنا و عهدنا في عراق العرب و البلاد البعيدة عن تلك الاصطلاحات الجديدة و كذا استواء الليل و النهار أيضا مأخوذ من المنجمين و مبني على اصطلاحهم و أما الفقهاء و أهل اللسان فهم لا يفهمون و لا يفهم من كلامهم إلا ما ذكرنا و لذا ترى الفقهاء يقولون وقت صلاة الليل من النصف إلى آخر الليل و الوتر كلما قرب من آخر   الليل أفضل و لا يفهمون من ليلة الجمعة و ليلة العيد و ليلة القدر و أمثالها إلا ما قبل الفجر و كذا يوم الجمعة و يوم العيد و يوم الغدير و أمثالها يظهر لك ذلك بالرجوع إلى كتب الفقه و الدعاء و غيرها و إذا قال فقيه أو غيره افعل ذلك في الليلة الفلانية هل يفهم أحد إلا إيقاعه قبل الفجر و إذا قال افعل اليوم الفلاني هل يفهم أحد إلا أن ابتداءه الفجر. و لعمري لا يحتاج هذا إلى الإفصاح و الإيضاح و هو أبين من الفجر و الصباح فظهر مما قررنا أن نصف الليل و ثلثه و ربعه و سدسه و أمثالها إنما هي بالمقايسة إلى الليل المنتهي إلى الفجر و إذا علق عمل بالليل أو نصف الليل أو ثلثه أو ربعه أو آخره و أمثال ذلك كمبيت المشعر و منى و عند الزوجة أو صلاة الليل و الوتر و إحياء الليالي الشريفة و أشباه ذلك أو آخر الليل فإنما ينتهي وقته إلى الفجر الثاني إلا مع قيام قرينة على المجاز و كذا إذا علق عمل باليوم أو النهار كالأغسال و الآمال المتعلقة بالأيام الشريفة فابتداء وقته الفجر و إذا نذر رجل أن يعمل عملا في النهار لا يحنث بإيقاعه قبل طلوع الشمس و إذا نذر أن يعمله في الليل يحنث بإيقاعه بعد الفجر و كذا كل ما يبتني على هذا الخلاف مما يتعلق بالليالي و الأيام. و هذا ما حضر لي و خطر ببالي في تحقيق الحق في هذا المقام و الله تعالى يعلم حقائق الأحكام و حججه الكرام عليهم الصلاة و السلام و نسأل الله العفو عن الزلل و الخطل في القول و العمل و الصفح عن الخطاء و التقصير فإنه ولي ذلك و هو على كل شي‏ء قدير