باب 7- وقت فريضة الظهرين و نافلتهما

1-  مجالس الصدوق، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر الباقر ع قال قال رسول الله ص إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء و أبواب الجنان و استجيب الدعاء فطوبى لمن رفع له عند ذلك عمل صالح

2-  الخصال، عن محمد بن موسى بن المتوكل عن علي بن الحسين السعدآبادي عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان عن أبي عبد الله ع قال ساعات الليل اثنتا عشرة ساعة و ساعات النهار اثنتا عشرة ساعة و أفضل ساعات الليل و النهار أوقات الصلوات ثم قال ع إنه إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء و هبت الرياح و نظر الله عز و جل إلى خلقه و إني لأحب أن يصعد لي عند ذلك إلى السماء عمل صالح ثم قال عليكم بالدعاء في أدبار الصلوات فإنه مستجاب

3-  و منه، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عيسى اليقطيني عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن عن أبي بصير و محمد بن مسلم عن الصادق ع عن آبائه ع قال قال أمير المؤمنين ع من كانت له إلى ربه عز و جل حاجة فليطلبها في ثلاث ساعات ساعة في يوم الجمعة و ساعة تزول الشمس حين تهب الرياح و تفتح أبواب السماء و تنزل الرحمة و يصوت الطير و   ساعة في آخر الليل عند طلوع الفجر فإن ملكين يناديان هل من تائب يتاب عليه هل من سائل يعطى هل من مستغفر فيغفر له هل من طالب حاجة فتقضى له فأجيبوا داعي الله

4-  قرب الإسناد، عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر عن أخيه ع قال سألته عن وقت الظهر قال نعم إذا زالت الشمس فقد دخل وقتها فصل إذا شئت بعد أن تفرغ من تسبيحتك و سألته عن وقت العصر متى هو قال إذا زالت الشمس قدمين و صليت الظهر و السبحة بعد الظهر فصل العصر إذا شئت

5-  و منه، عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن الفضل بن يونس قال سألت أبا الحسن موسى ع قلت المرأة ترى الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصلاة قال فقال إذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلا تصلي إلا العصر لأن وقت الظهر دخل عليها و هي في الدم و خرج عنها الوقت و هي في الدم فلم يجب عليها أن تصلي الظهر و ما طرح الله عنها من الصلاة و هي في الدم أكثر

 بيان استدل به على ما ذهب إليه الشيخ من أن الأوقات المقدرة بالأقدام و الأذرع أوقات للمختار لا أوقات فضيلة و فيه نظر ظاهر و أما ما تضمنه من سقوط الظهر عن الحائض إذا طهرت بعد الأربعة أقدام فهو مختار الشيخ في الإستبصار و خالفه عامة المتأخرين و قالوا إن طهرت قدر ما تغتسل و تأتي بخمس ركعات قبل الغروب تجب عليها الصلاتان و أجاب عنه العلامة بوجوه الأول القدح في   السند بأن الفضل واقفي و أجيب بأن النجاشي وثقه و لم يذكر كونه واقفيا و إنما ذكر ذلك الشيخ و النجاشي أثبت منه مع أنه روى الكشي ما يدل على مدحه. الثاني أنها منفية بالإجماع إذ لا خلاف بيننا في أن آخر وقت الظهر للمعذور يمتد إلى قبل الغروب بمقدار العصر و فيه نظر إذ قد عرفت أن الشيخ قال به في الإستبصار فالإجماع مع مخالفة الشيخ ممنوع. الثالث أنه علق الحكم على الطهارة بعد أربعة أقدام فيحمل على أنه أراد بذلك ما إذا خلص الوقت للعصر و لا يخفى بعد هذا التأويل و ركاكته لكن يعارضه

 موثق عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال إذا طهرت المرأة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر و العصر و إن طهرت في آخر الليل فلتصل المغرب و العشاء

و يمكن الجمع بحمل خبر ابن سنان على الاستحباب و ربما يحمل خبر الفضل على التقية و فيه نظر إذ لم يظهر موافقة العامة لمدلوله بل المشتهر بينهم خلافه و الأحوط العمل بالمشهور

6-  العلل، عن أبيه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله ع أن رسول الله ص قال الموتور أهله و ماله من ضيع صلاة العصر قلت ما الموتور أهله و ماله قال لا يكون له في الجنة أهل و لا مال قيل و ما تضييعها قال يضيعها فيدعها متعمدا حتى تصفر الشمس و تغيب

 بيان الظاهر أن الواو بمعنى أو كما في الفقيه و روى نحوه محيي السنة من محدثي العامة و نقل عن الخطابي أن معنى وتر نقص و سلب فبقي وترا فردا بلا أهل و لا مال يريد فليكن حذره من فوتها كحذره من ذهابهما   و قيل الوتر أصله الجناية فشبه ما يلحق هذا الذي يفوته العصر بما يلحق الموتور من قتل حميمه أو أخذ ماله

7-  معاني الأخبار، عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم و أيوب بن نوح عن عبد الله بن المغيرة عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال كان جدار مسجد رسول الله ص قبل أن يظلل قدر قامة فكان إذا كان الفي‏ء ذراعا و هو قدر مربض عنز صلى الظهر فإذا كان الفي‏ء ذراعين و هو ضعف ذلك صلى العصر

8-  ثواب الأعمال، و معاني الأخبار، عن محمد بن علي ماجيلويه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أبي سمينة عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن أبي بصير قال قال أبو جعفر ع ما خدعوك عن شي‏ء فلا يخدعوك في العصر صلها و الشمس بيضاء نقية فإن رسول الله ص قال الموتور أهله و ماله من ضيع صلاة العصر قلت و ما الموتور أهله و ماله قال لا يكون له أهل و لا مال في الجنة قلت و ما تضييعها قال يدعها و الله حتى تصفار الشمس أو تغيب

 المحاسن، عن أبي سمينة مثله

9-  ثواب الأعمال، بالإسناد المقدم عن أبي سمينة عن حنان بن سدير عن أبي سلام العبدي قال دخلت على أبي عبد الله ع فقلت له ما تقول في رجل يؤخر العصر متعمدا قال يأتي يوم القيامة موتورا أهله و ماله قال قلت جعلت فداك و إن كان من أهل الجنة قال و إن كان من أهل الجنة قلت فما منزلته في الجنة موتورا بأهله و ماله قال يتضيف أهلها ليس له فيها منزل

    المحاسن، عن أبي سمينة مثله بيان قال في القاموس ضفته أضيفه ضيفا و ضيافة بالكسر نزلت عليه ضيفا كضيفته

10-  المحاسن، عن أبيه عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله بن بكير عن محمد بن هارون قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من ترك صلاة العصر غير ناس لها حتى تفوته وتره الله أهله و ماله يوم القيامة

11-  العلل، عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الحسين بن الحسن بن أبان عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن حسين عن ابن مسكان عن زرارة قال قال لي أ تدري لم جعل الذراع و الذراعان قلت لم قال لمكان الفريضة لأن لك أن تنفل من زوال الشمس إلى أن يبلغ فيئك ذراعا فإذا بلغ ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النافلة و إذا بلغ فيئك ذراعين بدأت بالفريضة و تركت النافلة

12-  فقه الرضا، قال ع أول صلاة فرضها الله على العباد صلاة يوم الجمعة الظهر فهو قوله تبارك و تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً تشهده ملائكة الليل و ملائكة النهار و قال أول وقت الظهر زوال الشمس و آخره أن يبلغ الظل ذراعا أو قدمين من زوال الشمس في كل زمان و وقت العصر بعد القدمين الأولين إلى قدمين آخرين و ذراعين لمن كان مريضا أو معتلا أو مقصرا فصار قدمان للظهر و قدمان للعصر فإن لم يكن معتلا من مرض أو من غيره و لا تقصير و لا يريد أن يطيل التنفل فإذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين و ليس يمنعه منها إلا السبحة بينهما   و الثمان ركعات قبل الفريضة و الثمان بعدها فإن شاء طول إلى القدمين و إن شاء قصر و الحد لمن أراد أن يطول في الثماني أن يقرأ مائة آية فما دون و إن أحب أن يزداد فذاك إليه و إن عرض له شغل أو حاجة أو علة يمنعه من الثماني و الثماني إذ زالت الشمس صلى الفريضتين و قضى النوافل متى ما فرغ من ليل أو نهار في أي وقت أحب غير ممنوع من القضاء و وقت من الأوقات و إن كان معلولا حتى يبلغ ظل القامة قدمين أو أربعة أقدام صلى الفريضة و قضى النوافل متى ما تيسر له القضاء و تفسير القدمين و الأربعة أقدام أنهما بعد زوال الشمس في أي زمان كان شتاء أو صيفا طال الظل أم قصر فالوقت واحد أبدا و الزوال يكون في نصف النهار سواء قصر النهار أم طال فإذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاة و له مهلة في التنفل و القضاء و النوم و الشغل إلى أن يبلغ ظل قامته قدمين بعد الزوال فإذا بلغ ظل قامته قدمين بعد الزوال فقد وجب عليه أن يصلي الظهر في استقبال القدم الثالث و كذلك يصلي العصر إذا صلى في آخر الوقت في استقبال القدم الخامس فإذا صلى بعد ذلك فقد ضيع الصلاة و هو قاض للصلاة بعد الوقت و أول وقت المغرب سقوط القرصة و علامة سقوطه أن يسود أفق المشرق و آخر وقتها غروب الشفق و هو أول وقت العتمة و سقوط الشفق ذهاب الحمرة و آخر وقت العتمة نصف الليل و هو زوال الليل و أول وقت الفجر اعتراض الفجر في أفق المشرق و هو بياض كبياض النهار و آخر وقت الفجر أن تبدو الحمرة في أفق المغرب و إنما يمتد وقت الفريضة بالنوافل فلو لا النوافل و علة المعلول لم يكن أوقات الصلاة ممدودة على قدر أوقاتها فلذلك تؤخر الظهر إن أحببت و تعجل العصر إن لم يكن هناك نوافل و لا علة تمنعك أن تصليهما في أول وقتهما و تجمع بينهما في السفر إذ لا نافلة تمنعك من الجمع و قد جاءت أحاديث مختلفة في الأوقات و لكل حديث معنى و تفسير

   إن أول وقت الظهر زوال الشمس و آخر وقتها قامة رجل قدم و قدمان و جاء على النصف من ذلك و هو أحب إلي و جاء آخر وقتها إذا تم قامتين و جاء أول وقت العصر إذا تم الظل قدمين و آخر وقتها إذا تم أربعة أقدام و جاء أول وقت العصر إذا تم الظل ذراعا و آخر وقتها إذا تم ذراعين و جاء لهما جميعا وقت واحد مرسل قوله إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين و جاء أن رسول الله ص جمع بين الظهر و العصر ثم بالعشاء و العتمة من غير سفر و لا مرض و جاء أن لكل صلاة وقتين أول و آخر كما ذكرناه في أول الباب و أول الوقت أفضلها و إنما جعل آخر الوقت للمعلول فصار آخر الوقت رخصة للضعيف لحال علته و نفسه و ماله و هي رحمة للقوي الفارغ لعلة الضعيف و المعلول و ذلك أن الله فرض الفرائض على أضعف القوم قوة ليستوي فيها الضعيف و القوي كما قال الله تبارك و تعالى فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ و قال فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فاستوى الضعيف الذي لا يقدر على أكثر من شاة و القوي الذي يقدر على أكثر من شاة إلى أكثر القدرة في الفرائض و ذلك لأن لا تختلف الفرائض و لا تقام على حد و قد فرض الله تبارك و تعالى على الضعيف ما فرض على القوي و لا يفرق عند ذلك بين القوي و الضعيف فلما أن لم يجز أن يفرض على الضعيف المعلول فرض القوي الذي هو غير معلول و لم يجز أن يفرض على القوي غير فرض الضعيف فيكون الفرض محمولا ثبت الفرض عند ذلك على أضعف القوم ليستوي فيها القوي و الضعيف رحمة من الله للضعيف لعلته في نفسه و رحمة منه للقوي لعلة الضعيف و يستتم الفرض المعروف المستقيم عند القوي و الضعيف و إنما سمي ظل القامة قامة لأن حائط رسول الله ص قامة إنسان فسمي ظل الحائط ظل قامة و ظل قامتين و ظل قدم و ظل قدمين و ظل أربعة أقدام   و ذراع و ذلك أنه إذا مسح بالقدمين كان قدمين و إذا مسح بالذراع كان ذراعا و إذا مسح بالذراعين كان ذراعين و إذا مسح بالقامة كان قامة أي هو ظل القامة و ليس هو بطول القامة سواء مثله لأن ظل القامة ربما كان قدما و ربما كان قدمين ظل مختلف على قدر الأزمنة و اختلافها باختلافهما لأن ظل قد يطول و ينقص لاختلاف الأزمنة و الحائط المنسوب إلى قامة إنسان قائم معه غير مختلف و لا زائد و لا ناقص فلثبوت الحائط المقيم المنسوب إلى القامة كان الظل منسوبا إليه ممسوحا به طال الظل أم قصر فإن قال لم صار وقت الظهر و العصر أربعة أقدام و لم يكن الوقت أكثر من الأربعة و لا أقل من القدمين و هل كان يجوز أن يصير أوقاتها أوسع من هذين الوقتين أو أضيق قيل له يجوز الوقت أكثر مما قدر لأنه إنما صير الوقت على مقادير قوة أهل الضعف و احتمالهم لمكان أداء الفرائض و لو كانت قوتهم أكثر مما قدر لهم من الوقت لقدر لهم وقت أضيق و لو كانت قوتهم أضعف من هذا لخفف عنهم من الوقت و صير أكثرهما و لكن لما قدرت قوي الخلق على ما قدر لهم الوقت الممدود بها بقدر الفريقين قدر لأداء الفرائض و النافلة وقت ليكون الضعيف معذورا في تأخيره الصلاة إلى آخر الوقت لعلة ضعفه و كذلك القوي معذورا بتأخيره الصلاة إلى آخر الوقت لأهل الضعف لعلة المعلول مؤديا للفرض و إن كان مضيعا للفرض بتركه للصلاة في أول الوقت و قد قيل أول الوقت رضوان الله و آخر الوقت عفو الله و قيل فرض الصلوات الخمس التي هي مفروضة على أضعف الخلق قوة ليستوي بين الضعيف و القوي كما استوى في الهدي شاة و كذلك جميع الفرائض المفروضة على جميع الخلق و إنما فرضها الله على أضعف الخلق قوة مع ما خص أهل القوة على أداء الفرائض في أفضل الأوقات و أكمل الفرض كما قال الله وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ

   و جاء أن آخر وقت المغرب إلى ربع الليل للمقيم المعلول و المسافر كما جاز أن يصلي العتمة في وقت المغرب الممدود كذلك جاز أن يصلي العصر في أول وقت الممدود للظهر و قال ع في موضع آخر أول وقت الظهر زوال الشمس إلى أن يبلغ الظل قدمين و أول وقت العصر الفراغ من الظهر ثم إلى أن يبلغ الظل أربعة أقدام و قد رخص للعليل و المسافر منهما إلى أن يبلغ ستة أقدام و للمضطر إلى مغيب الشمس

 توضيح و تبيين و تحقيق متين قوله ع و آخره أن يبلغ الظل ذراعا أي و آخر الوقت الذي يمكن تأخير الفريضة فيه للنافلة و لعلة أخرى كما سيأتي تفسيره و كذا الأربعة الأقدام وقت يجوز تأخير العصر عنه للنافلة و غير ذلك و لم يذكر آخر وقت الفرضين هنا. و هذا الخبر مع ما فيه من الاضطراب في الجملة قريب مما

 روي في الكافي و التهذيب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن صالح بن سعيد عن يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله ع قال سألته عما جاء في الحديث أن صل الظهر إذا كانت الشمس قامة و قامتين و ذراعا و ذراعين و قدما و قدمين من هذا و من هذا فمتى هذا و كيف هذا و قد يكون الظل في بعض الأوقات نصف قدم قال إنما قال ظل القامة و لم يقل قامة الظل و ذلك أن ظل القامة يختلف مرة يكثر و مرة يقل و القامة قامة أبدا لا تختلف ثم قال ذراع و ذراعان و قدم و قدمان فصار ذراع و ذرعان تفسير القامة و القامتين في الزمان الذي يكون فيه ظل القامة ذراعا و ظل القامتين ذراعين و يكون ظل القامة و القامتين و الذراع و الذراعين متفقين في كل زمان معروفين   مفسرا إحداهما بالآخر مسددا أبدا فإذا كان الزمان يكون فيه ظل القامة ذراعا كان الوقت ذراعا من ظل القامة و كانت القامة ذراعا من الظل و إذا كان ظل القامة أقل أو أكثر كان الوقت محصورا بالذراع و الذراعين فهذا تفسير القامة و القامتين و الذراع و الذراعين

و لنمهد لشرح هذا الحديث مقدمة تكشف الغطاء عن وجوه سائر الأخبار الواردة في هذا المطلب مع اختلافها و تعارضها. اعلم أن الشمس إذا طلعت كان ظلها طويلا ثم لا يزال ينقص حتى تزول فإذا زالت زاد ثم قد تقرر أن قامة كل إنسان سبعة أقدام بأقدامه تقريبا كما عرفت و ثلاث أذرع و نصف بذراعه و الذراع قدمان تقريبا فلذا يعبر عن السبع بالقدم و عن طول الشاخص الذي يقاس به الوقت بالقامة و إن كان غير الإنسان و قد جرت العادة بأن تكون قامة الشاخص الذي يجعل مقياسا لمعرفة الزوال ذراعا و كان رحل رسول الله ص الذي كان يقيس به الوقت أيضا ذراعا فلأجل ذلك كثيرا ما يعبر عن القامة بالذراع و عن الذراع بالقامة و ربما يعبر عن الظل الباقي عند الزوال من الشاخص بالقامة و كأنه كان اصطلاحا معهودا. ثم إنه لما كان المشهور بين المخالفين تأخير الظهرين عن أول الوقت بالمثل و المثلين فقد اختلف الأخبار في ذلك ففي بعضها إذا صار ظلك مثلك فصل الظهر و إذا صار ظلك مثليك فصل العصر و في بعضها أن آخر وقت الظهر المثل و آخر وقت العصر المثلان كما ذهب إليه أكثر المتأخرين من علمائنا و في بعضها أن وقت نافلة الزوال قدمان و وقت فريضة الظهر و نافلة العصر بعدهما قدمان و وقت فضيلة العصر أربعة أقدام في بعض الأخبار و في بعضها قدمان و في بعضها قدمان و نصف و في كثير منها أنه لا يمنعك من الفريضة إلا سبحتك إن شئت طولت و إن شئت قصرت و الذي ظهر لي من جميعها أن المثل و المثلين إنما وردا تقية لاشتهارهما بين المخالفين و قد أولوهما في بعض الأخبار بالذراع و الذراعين تحرجا عن الكذب أو المثل و المثلان وقت للفضيلة بعد الذراع و الذراعين و الأربع أي إذا أخروا الظهر عن أربعة أقدام فينبغي أن لا يؤخروها عن السبعة و هي المثل و إذا   أخروا العصر عن الثمانية فينبغي أن لا يؤخروها عن الأربعة عشر أعني المثلين. فالأصل من الأوقات الأقدام لكن لا بمعنى أن الظهر لا يقدم عن القدمين بل بمعنى أن النافلة لا توقع بعد القدمين و كذا نافلة العصر لا يؤتى بها بعد الأربعة أقدام فأما العصر فيجوز تقديمها قبل مضي الأربعة إذا فرغ من النافلة قبلها بل التقديم فيهما أفضل و أما آخر وقت فضيلة العصر فله مراتب الأولى ستة أقدام و الثانية ستة أقدام و نصف الثالثة ثمانية أقدام و الرابعة المثلان على احتمال فإذا رجعت إلى الأخبار الواردة في هذا الباب لا يبقى لك ريب في تعين هذا الوجه في الجمع بينها و مما يؤيد ذلك هذا الخبر و لنرجع إلى حله. قوله ع إن صلى الظهر لعل ذكر الظهر على المثال و يكون القامتان و الذراعان و القدمان للعصر كما هو ظاهر سائر الأخبار و يمكن أن يكون وصل إليه الخبر لجميع تلك المقادير في الظهر. قوله من هذا بفتح الميم في الموضعين أي من صاحب الحكم الأول و من صاحب الحكم الثاني أو استعمل بمعنى ما و هو كثير أو بكسرها في الموضعين أي سألت من هذا التحديد و من هذا التحديد و فيه بعد ما. قوله و قد يكون الظل لعل السائل ظن أن الظل المعتبر في المثل و الذراع هو مجموع المتخلف و الزائد فقال قد يكون الظل المتخلف نصف قدم فيلزم أن يؤخر الظهر إلى أن يزيد الفي‏ء ستة أقدام و نصفا و هذا كثير أو أنه ظن أن المماثلة إنما تكون بين الفي‏ء الزائد و الظل المتخلف فاستبعد الاختلاف الذي يحصل من ذلك بحسب الفصول فإن الظل المتخلف قد يكون في بعض البلاد و الفصول نصف قدم و قد يكون خمسة أقدام. و حاصل جوابه ع أن المعتبر في ذلك هو الذراع و الذراعان من الفي‏ء الزائد و هو لا يختلف في الأزمان و الأحوال. ثم بين ع سبب صدور أخبار القامة و القامتين و منشأ توهم المخالفين و خطائهم في ذلك فبين أن النبي ص كان جدار مسجده قامة و في وقت كان

    ظل ذلك الجدار المتخلف عند الزوال ذراعا قال إذا كان الفي‏ء مثل ظل القامة فصلوا الظهر و إذا كان مثليه فصلوا العصر أو قال مثل القامة و كان غرضه ظل القامة لقيام القرينة بذلك فلم يفهم المخالفون ذلك و عملوا بالقامة و القامتين و إذا قلنا القامة و القامتين تقية فمرادنا أيضا ذلك فقوله ع متفقين في كل زمان يعني به أنا لما فسرنا ظل القامة بالظل الحاصل في الزمان المخصوص الذي صدر فيه الحكم عن النبي ص و كان في ذلك الوقت ذراعا فلا يختلف الحكم باختلاف البلاد و الفصول و كان اللفظان مفادهما واحدا مفسرا أحدهما أي ظل القامة بالآخر أي بالذراع. و أما التحديد بالقدم فأكثر ما جاء في الحديث فإنما جاء بالقدمين و الأربعة أقدام و هو مساو للتحديد بالذراع و الذراعين و ما جاء نادرا بالقدم و القدمين فإنما أريد بذلك تخفيف النافلة و تعجيل الفريضة طلبا لفضل أول الوقت فالأول و لعل الإمام ع إنما لم يتعرض للقدم عند تفصيل الجواب و تبيينه لما استشعر من السائل عدم اهتمامه بذلك و أنه إنما كان أكثر اهتمامه بتفسير القامة و طلب العلة في تأخير أول الوقت إلى ذلك المقدار. و ربما يفسر هذا الخبر بوجه آخر و هو أن السائل ظن أن غرض الإمام من قوله ع صل الظهر إذا كانت الشمس قامة أن أول وقت الظهر وقت ينتهي الظل في النقصان إلى قامة أو قامتين أو قدم أو قدمين أو ذراع أو ذراعين فقال كيف تطرد هذه القاعدة و الحال أن في بعض البلاد ينتهي النقص إلى نصف قدم فإذا عمل بتلك القواعد يلزم وقوع الفريضة في هذا الفصل قبل الزوال. فأجاب ع بأن المراد بالشمس ظلها الحادث بعد الزوال بدليل أن قوله ع صل الظهر إذا كانت الشمس قامة يدل على أن هذا الظل يزيد و ينقص في كل يوم و إذا كان المراد الظل المتخلف فهو في كل يوم قدر معين لا يزيد و لا ينقص ثم حمل كلامه ع على أن الأصل صيرورة ظل كل شي‏ء مثله   لكن لما كان الشاخص قد يكون بقدر ذراع و قد يكن بقدر ذراعين أو بقدر قدم أو قدمين فلذا قيل إذا كان الظل ذراعا أي في الشاخص الذي يكون ذراعا و هكذا و قوله فإذا كان الزمان يكون فيه ظل القامة ذراعا حمله على أن المعنى أنه إذا كان الشاخص ذراعا و كان الظل المتخلف ذراعا فبعد تلك الذراع يحسب الذراع المقصود و إن كان المتخلف أقل من الذراع فبعده يحسب الذراع و الذراع الذي هو الظل الزائد ذراع أبدا لا يختلف و إنما يختلف ما يضم إليه من الظل المتخلف و لا يخفى بعد هذا الوجه و ظهور ما ذكرنا على العارف بأساليب الكلام المتتبع لأخبار أئمة الأنام ع. و في التهذيب فسر القامة في هذا الخبر بما يبقى عند الزوال من زوال الظل سواء كان ذراعا أو أقل أو أكثر و جعل التحديد بصيرورة الفي‏ء الزائد مثل الظل الباقي كائنا ما كان و اعترض عليه بأنه يقتضي اختلافا فاحشا في الوقت بل يقتضي التكليف بعباده يقصر عنها الوقت كما إذا كان الباقي شيئا يسيرا جدا بل يستلزم الخلو عن التوقيت في اليوم الذي تسامت فيه الشمس رأس الشخص لانعدام الظل الأول حينئذ و يعني بالعبادة النافلة لأن هذا التأخير عن الزوال إنما هو للإتيان بها. أقول و يرد عليه أيضا أنه يأبى عنه قوله فإذا كان ظل القامة أقل أو أكثر كان الوقت محصورا بالذراع و الذراعين لأنه على تفسيره يكون محصورا بمقدار ظل القامة كائنا ما كان و أيضا ينافي سائر الأخبار الواردة في هذا الباب و على ما حملنا عليه يكون جامعا بين الأخبار المختلفة الواردة في هذا الباب و يؤيده

 ما رواه الشيخ عن الصادق ع أنه قال له أبو بصير كم القامة فقال ذراع إن قامة رحل رسول الله ص كانت ذراعا

 و عنه ع قال القامة هي الذراع

 و عنه ع قال القامة و القامتين الذراع و الذراعين في كتاب علي ع

و نصبهما على الحكاية.   و لنوضح هذا المطلب بإيراد مباحث مهمة تعين على فهم الأخبار الواردة في هذا الكتاب و في سائر الكتب في هذا الباب. الأول المشهور بين الأصحاب أن لكل صلاة وقتين سواء في ذلك المغرب و غيرهما كما ورد في الأخبار الكثيرة لكل صلاة وقتان و أول الوقتين أفضلهما و حكى ابن البراج عن بعض الأصحاب قولا بأن للمغرب وقتا واحدا عند غروب الشمس و سيأتي بعض القول فيه. و اختلف الأصحاب في الوقتين فذهب الأكثر منهم المرتضى و ابن الجنيد و ابن إدريس و الفاضلان و جمهور المتأخرين إلى أن الوقت الأول للفضيلة و الثاني للإجزاء و قال الشيخان الأول للمختار و الثاني للمعذور و المضطر و قال الشيخ في المبسوط العذر أربعة السفر و المطر و المرض و شغل يضر تركه بدينه أو دنياه و الضرورة خمسة الكافر يسلم و الصبي يبلغ و الحائض تطهر و المجنون و المغمى عليه يفيقان. الثاني أول وقت الظهر زوال الشمس عند وسط السماء و هو خروج مركزها عن دائرة نصف النهار بإجماع العلماء نقله في المعتبر و المنتهى و تدل عليه الآية و الأخبار المستفيضة و ما دل من الأخبار على أن وقت الظهر بعد الزوال بقدم أو ذراع أو نحو ذلك فإنه محمول على وقت الأفضلية أو الوقت المختص بالفريضة. الثالث اختلف علماؤنا في آخر وقت الظهر فقال السيد يمتد وقت الفضيلة إلى أن يصير ظل كل شي‏ء مثله و وقت الإجزاء إلى أن يبقى للغروب مقدار أداء العصر و هو مختار ابن الجنيد و سلار و ابن زهرة و ابن إدريس و جمهور المتأخرين و ذهب الشيخ في المبسوط و الخلاف و الجمل إلى امتداد وقت الاختيار إلى أن يصير ظل كل شي‏ء مثله و وقت الاضطرار إلى أن يبقى للغروب مقدار أداء العصر و قال في النهاية آخر وقت الظهر لمن لا عذر له إذا صارت الشمس على أربعة أقدام و قال المفيد وقت الظهر بعد زوال الشمس إلى   أن يرجع الفي‏ء سبعي الشخص. و نقل في المختلف عن ابن أبي عقيل أن أول وقت الظهر زوال الشمس إلى أن ينتهي الظل ذراعا واحدا أو قدمين من ظل قامة بعد الزوال و أنه وقت لغير ذوي الأعذار و عن أبي الصلاح أن آخر وقت المختار الأفضل أن يبلغ الظل سبعي القائم و آخر وقت الإجزاء أن يبلغ الظل أربعة أسباعه و آخر وقت المضطر أن يصير الظل مثله و قد عرفت ما اخترناه في هذا الباب. الرابع أول وقت العصر بعد الفراغ من الظهر و نقل عليه الإجماع في المعتبر و المنتهى و يستحب التأخير بمقدار أداء النافلة كما عرفت و هل يستحب التأخير إلى أن يصير الظل أربعة أقدام أو يصير ظل كل شي‏ء مثله فظاهر أكثر الأخبار عدمه كما عرفت و ذهب إليه جماعة من المحققين و ذهب المفيد و ابن الجنيد و جماعة إلى استحباب التأخير إلى أن يخرج فضيلة الظهر و هو المثل أو الأقدام و جزم الشهيد في الذكرى باستحباب التفريق بين الصلاتين و قد عرفت أن التفريق يتحقق بتوسط النافلة بينهما. الخامس اختلف الأصحاب في آخر وقت العصر فقال المرتضى ره يمتد وقت الفضيلة إلى أن يصير الفي‏ء قامتين و وقت الإجزاء إلى الغروب و إليه ذهب ابن الجنيد و ابن إدريس و ابن زهرة و جمهور المتأخرين و قال المفيد يمتد وقتها للمختار إلى أن يتغير لون الشمس باصفرارها للغروب و للمضطر و الناسي إلى الغروب. و قال الشيخ في الخلاف آخره إذا صار ظل كل شي‏ء مثليه و قال في المبسوط آخره إذا صار ظل كل شي‏ء مثليه للمختار و للمضطر إلى غروب الشمس و هو المنقول عن ابن البراج و أبي الصلاح و ابن حمزة و ظاهر سلار و عن ابن أبي عقيل أن وقته إلى أن ينتهي الظل ذراعين بعد زوال الشمس فإذا جاوز ذلك دخل في الوقت الآخر مع أنه زعم أن الوقت الآخر للمضطر. و عن المرتضى في بعض كتبه يمتد حتى يصير الظل بعد الزيادة

    مثل ستة أسباعه للمختار و قد عرفت أن الظاهر أن وقت الإجزاء ممتد إلى الغروب و وقت الفضيلة إلى المراتب المختلفة المقررة للفضل و الأفضلية و قال المحقق في المعتبر و نعم ما قال هذا الاختلاف في الأخبار دلالة الترخيص و أمارة الاستحباب ثم الظاهر من كلام القائلين بالاختيار و الاضطرار أن المختار و إن أثم بالتأخير عن الوقت الأول لكنها لا تصير قضاء بل الظاهر من كلام بعضهم أنه إثم معفو عنه بل يظهر من بعض كلمات الشيخ أن المناقشة لفظية حيث قال في موضع من التهذيب و ليس لأحد أن يقول إن هذه الأخبار إنما تدل على أن أول الأوقات أفضل و لا تدل على أنه تجب في أول الوقت لأنه إذا ثبت أنه في أول الوقت أفضل و لم يكن هناك منع و لا عذر فإنه يجب أن يفعل و من لم يفعل و الحال هذه استحق اللوم و العتب و لم نرد بالوجوب هاهنا ما يستحق بتركه العقاب لأن الوجوب على ضروب عندنا منها يستحق بتركه العقاب و منها ما يكون الأولى فعله و لا يستحق بالإخلال به العقاب و إن كان يستحق به ضربا من اللوم و العتب هذا كالصريح في أن المراد بالوجوب الفضيلة. و هذا كله في الحضر فأما السفر فلا إشكال بل قيل لا خلاف بين المسلمين في جواز الجمع للأخبار الكثيرة الصريحة في ذلك

13-  إختيار الرجال، للكشي عن محمد بن إبراهيم الوراق عن علي بن محمد بن يزيد عن بنان بن محمد عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن محمد بن أبي عمير قال دخلت على أبي عبد الله ع فقال كيف تركت زرارة فقلت تركته لا يصلي العصر حتى تغيب الشمس قال فأنت رسولي إليه فقل له فليصل في مواقيت أصحابه فإني قد حرقت قال فأبلغته ذلك فقال أنا و الله أعلم أنك لم تكذب عليه و لكن أمرني بشي‏ء فأكره أن أدعه

 بيان قوله ع فإني قد حرقت أقول النسخ هنا مختلفة ففي   بعضها بالحاء المهملة و الفاء على بناء المجهول من التفعيل أي غيرت عن هذا الرأي فإني أمرته بالتأخير لمصلحة و الآن قد تغيرت المصلحة و يؤيده أن في بعض السنخ صرفت بالصاد المهملة بهذا المعنى و في بعضها بالحاء و القاف كناية عن شدة التأثر و الحزن أي حزنت لفعله ذلك و في خبر آخر من أخبار زرارة فحرجت من الحرج و هو الضيق و على التقادير الظاهر أن قول الراوي حتى تغيب الشمس مبني على المبالغة و المجاز أي شارفت الغروب

14-  الإختيار، عن حمدويه عن محمد بن عيسى عن القاسم بن عروة عن ابن بكير قال دخل زرارة على أبي عبد الله ع قال إنكم قلتم لنا في الظهر و العصر على ذراع و ذراعين ثم قلتم أبردوا بها في الصيف فكيف الإبراد بها و فتح ألواحه ليكتب ما يقول فلم يجبه أبو عبد الله ع بشي‏ء فأطبق ألواحه فقال إنما علينا أن نسألكم و أنتم أعلم بما عليكم و خرج و دخل أبو بصير على أبي عبد الله فقال ع إن زرارة سألني عن شي‏ء فلم أجبه و قد ضقت من ذلك فاذهب أنت رسولي إليه فقل صل الظهر في الصيف إذا كان ظلك مثلك و العصر إذا كان مثليك و كان زرارة هكذا يصلي في الصيف و لم أسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره و غير ابن بكير

 بيان هذا الخبر مؤيد لما مر من استحباب تأخير الظهر في شدة الحر و يدل على استحباب تأخير العصر أيضا و الأصحاب خصوا الحكم بالظهر و لا يخلو من قوة فإن الخروج عن الأخبار الكثيرة الدالة على فضيلة أول الوقت بمجرد ذلك مشكل مع احتمال التقية أيضا بل الحكم في الظهر أيضا مشكل كما عرفت و لعل مضايقته ع عن بيان الحكم مما يؤيده. و يؤيده أيضا اشتهار الرواية و الحكم بين المخالفين قال محيي السنة في شرح السنة بعد أن

 روي عن أبي هريرة بأسانيد أن رسول الله ص قال إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم و قال اشتكت النار إلى ربها   فقالت رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء و نفس في الصيف فأشد ما تجدون من الحر فمن حرها و أشد ما تجدون من البرد فمن زمهريرها

معنى الإبراد انكسار حر الظهيرة و هو أن يفي‏ء الأفياء و ينكسر وهج الحر فهو برد بالإضافة إلى حر الظهيرة و قوله من فيح جهنم قال الخطابي معناه سطوح حرها و انتشاره و أصله في كلامهم السعة و الانتشار يقال مكان أفيح أي واسع. ثم قال و اختلف أهل العلم في تأخير صلاة الظهر في شدة الحر فذهب ابن المبارك و أحمد و إسحاق إلى تأخيرها و الإبراد بها في الصيف و هو الأشبه بالاتباع و قال الشافعي تعجيلها أولى إلا أن يكون إمام مسجد ينتابه الناس من بعد فإنه يبرد بها في الصيف فأما من صلى وحده أو جماعة في مسجد بفناء بيته لا يحضره إلا من بحضرته فإنه يعجلها لأنه لا مشقة عليهم في تعجيلها. ثم

 روي عن أبي ذر رضي الله عنه بأسانيد قال كنا مع النبي ص في سفر فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر فقال النبي ص أبرد ثم أراد أن يؤذن فقال له أبرد حتى رأينا في‏ء التلول فقال النبي ص إن شدة الحر من فيح جهنم فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة

ثم قال و فيه دليل على أن الإبراد أولى و إن لم يأت من بعد فإن النبي ص أمره مع كونهم مجتمعين في السفر انتهى. و حمل بعض الأفاضل الخبر على بلد يكون ظل الزوال فيه حال الضعيف خمسة أقدام مثلا فإذا صار مع الزيادة الحاصلة بعد الزوال مساويا للشخص يكون قد زاد قدمين فيوافق الأخبار الأخر و هو محمل بعيد مع أنه لا يستقيم في العصر و في تنزيل الجمعة منزلة الظهر على القول به فيها وجهان الأقرب الاقتصار على مورد النص للأخبار الدالة على ضيق وقت الجمعة و خالف في ذلك في التذكرة فحكم بشموله لها

15-  مجالس ابن الشيخ، عن أبيه عن ابن الصلت عن ابن عقدة عن   عباد عن عمه عن أبيه عن جابر عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة عن علي و عمر و أبي بكر و ابن عباس قالوا كلهم صل العصر و الفجاج مسفرة فإنها كانت صلاة رسول الله ص

16-  السرائر، من كتاب محمد بن علي بن محبوب عن أحمد عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله الفراء عن أبي عبد الله ع قال قال له رجل من أصحابنا إنه ربما اشتبه علينا الوقت في يوم غيم فقال تعرف هذه الطيور التي عندكم بالعراق يقال لها الديوك فقال نعم قال إذا ارتفعت أصواتها و تجاوبت فعند ذلك فصل

 بيان يدل على جواز التعويل في دخول الوقت على ارتفاع أصوات الديوك و تجاوبها و أورده الصدوق في الفقيه و ظاهره الاعتماد عليها و مال إليه في الذكرى و نفاه العلامة في التذكرة و هو أحوط و لا بد من حملها على ما إذا صاتت في الوقت المحتمل إذ كثيرا ما تصيح عند الضحى

17-  منتهى المطلب، روى ابن بابويه في كتاب مدينة العلم في الصحيح عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله ع قال كان المؤذن يأتي النبي ص في الحر في صلاة الظهر فيقول ص أبرد أبرد

18-  أربعين الشهيد، بإسناده عن الصدوق عن والده عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن معاوية مثله

19-  منتهى المطلب، روى ابن بابويه في كتاب مدينة العلم في الصحيح عن الحسن بن علي الوشاء قال سمعت الرضا ع يقول كان أبي ربما صلى الظهر على خمسة أقدام

20-  العياشي، عن إدريس القمي قال سألت أبا عبد الله ع عن الْباقِياتُ الصَّالِحاتُ فقال هي الصلاة فحافظوا عليها و قال لا تصلي الظهر أبدا حتى   تزول الشمس

21-  و منه، عن سعيد الأعرج قال دخلت على أبي عبد الله ع و هو مغضب و عنده نفر من أصحابنا و هو يقول تصلون قبل أن تزول الشمس قال و هم سكوت قال فقلت أصلحك الله ما نصلي حتى يؤذن مؤذن مكة قال فلا بأس أما إنه إذا أذن فقد زالت الشمس ثم قال إن الله يقول أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ فقد دخلت أربع صلوات فيما بين هذين الوقتين و أفرد صلاة الفجر فقال وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً فمن صلى قبل أن تزول الشمس فلا صلاة له

 بيان ظاهره جواز التعويل على الأذان و إن أمكن أن يكون ع علم أن هذا المؤذن لا يؤذن قبل الظهر

22-  دعائم الإسلام، عن جعفر بن محمد ع قال إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين الظهر و العصر و ليس يمنع من صلاة العصر بعد صلاة الظهر إلا قضاء السبحة التي بعد الظهر و قبل العصر فإن شاء طول إلى أن يمضي قدمان و إن شاء قصر

 و عن أبي جعفر ع أنه خرج و معه رجل من أصحابه إلى مشربة أم إبراهيم فصعد المشربة ثم نزل فقال للرجل زالت الشمس قال أنت أعلم جعلت فداك فنظر فقال قد زالت و أذن و قام إلى نخلة فصلى صلاة الزوال و هي صلاة السنة قبل الظهر ثم أقام الصلاة و تحول إلى نخلة أخرى و أقام الرجل عن يمينه فصلى الظهر أربعا ثم تحول إلى نخلة أخرى فصلى صلاة السنة بعد الظهر أربع ركعات ثم أذن و صلى أربع ركعات ثم أقام الصلاة و صلى العصر أربعا و لم تكن بين الظهر و العصر إلا السبحة

    إيضاح يدل على استحباب إيقاع نافلة الزوال بين الأذان و الإقامة و على جواز إيقاع الإمام الأذان و الإقامة معا بل رجحانه و على رجحان قيام المقتدي إذا كان واحدا عن يمين الإمام و على أن الأربع الأولى من الثمان ركعات بين الظهرين للظهر و الأربع الأخيرة للعصر و على استحباب إيقاع الأربع الأخيرة بين الأذان و الإقامة و على أنه يتحقق التفريق المستحب و الموجب لإعادة الأذان بتوسط النافلة بين الفرضين و على استحباب تفريق الفرائض و النوفل على الأمكنة و قد وردت العلة بأنها تشهد للمصلي يوم القيامة

23-  الدعائم، عن جعفر بن محمد ع قال آخر وقت العصر أن تصفر الشمس

 و عن النبي ص قال صلوا العصر و الشمس بيضاء نقية

 و عنه ع أنه كان يأمر بالإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر و ذلك أن تؤخر بعد الزوال شيئا

24-  الهداية، قال الصادق ع إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلا أن بين يديها سبحة فإن شئت طولت و إن شئت قصرت

 و قال الصادق ع أول الوقت زوال الشمس و هو وقت الله الأول و هو أفضلهما

 و قال ع إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء فلا أحب أن يسبقني أحد بالعمل إني أحب أن تكون صحيفتي أول صحيفة يكتب فيها العمل الصالح

 و قال ع ما يأمن أحدكم الحدث في ترك الصلاة و قد دخل وقتها و هو فارغ فأول وقت الظهر من زوال الشمس إلى أن تمضي قدمان و وقت العصر   من حين يمضي قدمان من زوال الشمس إلى أن تغيب و قال لفضل الوقت الأول على الآخر كفضل الآخرة على الدنيا

25-  تفسير سعد بن عبد الله، برواية ابن قولويه عنه بإسناده عنهم ع قال من كان مقيما على الإقرار بالأئمة ع كلهم و بإمام زمانه و ولايته و أنه قائم العين و مستور من عقب الماضي قبله و قد خفي عليه اسم الحجة و موضعه في هذا الوقت فمعذور في إدراك الاسم و الموضع حتى يأتيه الخبر الذي بمثله تصح الأخبار و يثبت الاسم و المكان و مثل ذلك إذا حجب الله عز و جل عن العباد عين الشمس التي جعلها دليل الصلاة فموسع عليهم تأخيرها حتى يتبين لهم أو يصح لهم دخول الوقت و هم على يقين أن عينها لم تبطل و قد خفي عليهم موضعها

26-  المجازات النبوية، عن النبي ص قال في حديث طويل يؤخرون الصلاة إلى شرق الموتى

 قال السيد أي يؤخرونها إلى أن لا يبقى من النار إلا بقدر ما بقي من نفس الميت قد شرق بريقه و غرغر ببقية نفسه

27-  كتاب عاصم بن حميد، عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر ع   يقول إن الموتور أهله و ماله من ضيع صلاة العصر قال قلت أي أهل له قال لا يكون له أهله في الجنة

28-  كتاب محمد بن المثنى، عن جعفر بن محمد بن شريح عن ذريح المحاربي أنه كان جالسا عند أبي عبد الله ع فدخل عليه زرارة بن أعين فقال يا أبا عبد الله إني أصلي الأولى إذا كان الظل قدمين ثم أصلي العصر إذا كان الظل أربعة أقدام فقال أبو عبد الله ع إن الوقت في النصف مما ذكرت إني قدرت للموالي جريدة فليس يخفى عليهم الوقت

 أقول قد مضى خبر وصية محمد بن أبي بكر و خبر داود بن سليمان و غيرهما في الأبواب السابقة