باب 3- الشك في الدين و الوسوسة و حديث النفس و انتحال الإيمان

الآيات البقرة وَ إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ الأنعام ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ الحج وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ سبأ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ المؤمن وَ لَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ السجدة وَ إِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ   حمعسق وَ إِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ الدخان بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ الحجرات إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا النجم فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى

1-  ضا، ]فقه الرضا عليه السلام[ نروي من شك في الله بعد ما ولد على الفطرة لم يتب أبدا

 و أروي أن أمير المؤمنين ع قال في كلام له إن من البلاء الفاقة و أشد من الفاقة مرض البدن و أشد من مرض البدن مرض القلب

 و أروي لا ينفع مع الشك و الجحود عمل

 و أروي من شك أو ظن فأقام على إحداهما أحبط عمله

 و أروي في قول الله جل و عز وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ قال نزلت في الشكاك

 و أروي في قوله الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ قال الشك الشاك في الآخرة مثل الشاك في الأولى نسأل الثبات و حسن اليقين

 و أروي أنه سئل عن رجل يقول بالحق و يسرف على نفسه بشرب الخمر و يأتي الكبائر و عن رجل دونه في اليقين و هو لا يأتي ما يأتيه فقال ص أحسنهما يقينا كنائم على المحجة إذا أنبته ركبها و الأدون الذي يدخله الشك كالنائم على غير طريق لا يدري إذا أنبته أيهما المحجة

2-  مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع لا يتمكن الشيطان بالوسوسة من العبد إلا و قد أعرض عن ذكر الله و استهان بأمره و سكن إلى نهيه و نسي اطلاعه على سره فالوسوسة ما يكون من خارج البدن بإشارة معرفة العقل و مجاورة الطبع   و أما إذا تمكن في القلب فذلك غي و ضلالة و كفر و الله عز و جل دعا عباده باللطف دعوة و عرفهم عداوته فقال عز من قائل إن الشيطان لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ و قال إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا الآية فكن معه كالغريب مع كلب الراعي يفزع إلى صاحبه في صرفه عنه و كذلك إذا أتاك الشيطان موسوسا ليصدك عن سبيل الحق و ينسيك ذكر الله فاستعذ بربك و ربه منه فإنه يؤيد الحق على الباطل و ينصر المظلوم لقوله عز و جل إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ و لن تقدر على هذا و معرفة إتيانه و مذهب وسوسته إلا بدوام المراقبة و الاستقامة على بساط الخدمة و هيبة المطلع و كثرة الذكر و أما المهمل لأوقاته فهو صيد الشيطان لا محالة و اعتبر بما فعل بنفسه من الإغراء و الاستكبار من حيث غره و أعجبه عمله و عبادته و بصيرته و رأيه قد أورثه عمله و معرفته و استدلاله بمعقوله عليه اللعنة إلى الأبد فما ظنك بنصيحته و دعوته غيره فاعتصم بحبل الله الأوثق و هو الالتجاء و الاضطرار بصحة الافتقار إلى الله في كل نفس و لا يغرنك تزيينه الطاعات عليك فإنه يفتح لك تسعة و تسعين بابا من الخير ليظفر بك عند تمام المائة فقابله بالخلاف و الصد عن سبيله و المضادة باستهزائه

3-  شي، ]تفسير العياشي[ قال الحسين بن الحكم الواسطي كتبت إلى بعض الصالحين أشكو الشك فقال إنما الشك فيما لا يعرف فإذا جاء اليقين فلا شك يقول الله وَ ما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَ إِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ نزلت في الشكاك

    -4  شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة عن أبي جعفر ع وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ يقول شكا إلى شكهم

5-  جا، ]المجالس للمفيد[ علي بن أحمد الكاتب عن محمد بن همام عن الحميري عن البرقي عن القاسم عن جده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال اعلموا أن الله يبغض من خلقه المتلون فلا تزولوا عن الحق و أهله فإن من استبد بالباطل و أهله هلك و فاتته الدنيا و خرج منها صاغرا

6-  ب، ]قرب الإسناد[ ابن سعد عن الأزدي عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع إن الشك و المعصية في النار ليسا منا و لا إلينا و إن قلوب المؤمنين لمطوية بالإيمان طيا فإذا أراد الله إنارة ما فيها فتحها بالوحي فزرع فيها الحكمة زارعها و حاصدها

7-  ل، ]الخصال[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن موسى بن جعفر البغدادي عن علي بن معبد عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص يتعوذ في كل يوم من ست من الشك و الشرك و الحمية و الغضب و البغي و الحسد

8-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص أفضل الأعمال عند الله عز و جل إيمان لا شك فيه و غزو لا غلول فيه و حج مبرور و أول من يدخل الجنة شهيد و عبد مملوك أحسن عبادة ربه و نصح لسيده و رجل عفيف متعفف ذو عبادة و أول من يدخل النار أمير متسلط لم يعدل و ذو ثروة من المال لم يعط المال حقه   و فقير فخور

9-  لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن علي عن أبيه عن صفوان عن الكناني عن الصادق ع قال قال النبي ص الريب كفر

10-  ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن سعد عن البرقي عن أبيه عن بكر بن محمد الأزدي عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع إن الشك و المعصية في النار ليسا منا و لا إلينا

 سن، ]المحاسن[ أبي عن بكر بن محمد مثله

11-  سن، ]المحاسن[ ابن عيسى عن ابن محبوب عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال من شك في الله و في رسوله فهو كافر

12-  سن، ]المحاسن[ علي بن عبد الله عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن المفضل عن الصادق عن أبيه ع قال إن الله عز و جل جعل عليا علما بينه و بين خلقه ليس بينه و بينهم علم غيره فمن تبعه كان مؤمنا و من جحده كان كافرا و من شك فيه كان مشركا

13-  ضا، ]فقه الرضا عليه السلام[ أروي أنه سئل العالم ع عن حديث النفس فقال من يطيق ألا تحدث نفسه و سألت العالم ع عن الوسوسة إن كثرت قال لا شي‏ء فيها يقول لا إله إلا الله

 و أروي أن رجلا قال للعالم يقع في نفسي أمر عظيم فقال قل لا إله إلا الله و في خبر آخر لا حول و لا قوة إلا بالله

    و نروي أن الله تبارك و تعالى عفا لأمتي عن وساوس الصدر

 و نروي عنه إن الله تجاوز لأمتي عما تحدث به أنفسها إلا ما كان يعقد عليه

 و أروي إذا خطر ببالك في عظمته و جبروته أو بعض صفاته شي‏ء من الأشياء فقل لا إله إلا الله محمد رسول الله و علي أمير المؤمنين إذا قلت ذلك عدت إلى محض الإيمان

 و أروي أن الله تبارك و تعالى أسقط عن المؤمن ما لا يعلم و ما لا يتعمد و النسيان و السهو و الغلط و ما استكره عليه و ما اتقي فيه و ما لا يطيق

14-  شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قوله كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ قال هو الشك

15-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول و سئل عن إيمان من يلزمنا حقه و إخوته كيف هو و بما يثبت و بما يبطل فقال إن الإيمان قد يتخذ على وجهين أما أحدهما فهو الذي يظهر لك من صاحبك فإذا ظهر لك منه مثل الذي تقول به أنت حقت ولايته و إخوته إلا أن يجي‏ء منه نقض للذي وصف من نفسه و أظهره لك فإن جاء منه ما تستدل به على نقض الذي ظهر لك خرج عندك مما وصف لك و ظهر و كان لما أظهر لك ناقضا إلا أن يدعي أنه إنما عمل ذلك تقية و مع ذلك ينظر فيه فإن كانت ليس مما يمكن أن يكون التقية في مثله لم يقبل منه ذلك لأن للتقية مواضع من أزالها عن مواضعها لم تستقم له و تفسير ما يتقى مثل أن يكون قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم على غير حكم الحق و فعله فكل شي‏ء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لا يؤدي إلى الفساد في الدين فإنه جائز

    بيان و سئل الواو للحال بتقدير قد و إثبات الألف في قوله بم في الموضعين مع دخول حرف الجر شاذ و قوله فقال تكرير و تأكيد لقوله يقول قوله قد يتخذ قد هنا للتحقيق. و إنما اكتفى بذكر أحد وجهي الإيمان مع التصريح بالوجهين و كلمة أما التفصيلية المقتضية للتكرار لظهور القسم الآخر من ذكر هذا القسم و القسم الآخر هو ما يعرف بالصحبة المتأكدة و و المعاشرة المتكررة الموجبة للظن القوي بل اليقين و إن كان نادرا فإن الإيمان أمر قلبي لا يظهر للغير إلا بآثاره من القول و العمل المخبرين عنه كما مر تحقيقه أو القسم الآخر ما كان معلوما بالبرهان القطعي كالحجج ع و خواص أصحابهم الذين أخبروا بصحة إيمانهم و كماله كسلمان و أبي ذر و المقداد و أضرابهم رضي الله عنهم. و نظير هذا في ترك معادل أما قوله تعالى وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ اعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَ فَضْلٍ إذ ظاهر أن معادله و أما الذين كفروا بالله و لم يعتصموا به فسيدخلهم جهنم حقت بفتح الحاء و ضمها لأنه لازم و متعد ولايته أي محبته و إخوته أي في الدين و مع ذلك ينظر فيه أي فيه تفصيل فإن كان اسمه الضمير الراجع إلى ما تستدل به و جملة ليس إلخ خبره و ذلك إشارة إلى الدعوى المذكورة في ضمن إلا أن يدعي و تفسير مبتدأ و يتقى على بناء المجهول بتقدير يتقى فيه و مثل خبره. و قوم مضاف إلى السوء بالفتح و ظاهر صفة السوء و جملة حكمهم إلخ صفة للقوم أو ظاهر صفة القوم لكونه بحسب اللفظ مفردا أي قوم غالبين و حكمهم إلخ جملة أخرى كما مر أو حكمهم فاعل ظاهر أي قوم سوء كون حكمهم و فعلهم على غير الحق ظاهر أو ظاهر مرفوع مضاف إلى حكمهم و هو مبتدأ و على غير خبره و الجملة صفة القوم.   و بالجملة يظهر منه أن التقية إنما تكون لدفع ضرر لا لجلب نفع بأن يكون السوء بمعنى الضرر أو الظاهر بمعنى الغالب و يشترط فيه عدم التأدي إلى الفساد في الدين كقتل نبي أو إمام أو اضمحلال الدين بالكلية كما أن الحسين ع لم يتق للعلم بأن تقيته تؤدي إلى بطلان الدين بالكلية. فالتقية إنما تكون فيما لم يصر تقيته سببا لفساد الدين و بطلانه كما أن تقيتنا في غسل الرجلين أو بعض أحكام الصلاة و غيرها لا تصير سببا لخفاء هذا الحكم و ذهابه من بين المسلمين لكن لم أر أحدا صرح بهذا التفصيل و ربما يدخل في هذا التقية في الدماء و فيه خفاء و يمكن أن يراد بالأداء إلى الفساد في الدين أن يسري إلى العقائد القلبية أو يعمل التقية في غير موضع التقية. ثم اعلم أنه يستفاد من ظاهر هذا الخبر وجوب المواخاة و أداء الحقوق بمجرد ثبوت التشيع قيل و هو على إطلاقه مشكل كيف و لو كان كذلك للزم الحرج و صعوبة المخرج إلا أن يخصص التشيع بما ورد من الشروط في أخبار صفات المؤمن و علاماته. و أقول يمكن أن يكون الاستثناء الوارد في الخبر بقوله إلا أن يجي‏ء منه نقض شاملا لكبائر المعاصي بل الأعم