باب 43- من أخاف مؤمنا أو ضربه أو آذاه أو لطمه أو أعان عليه أو سبه و ذم الرواية على المؤمن

1-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ أحمد بن الحسين بن يوسف عن علي بن محمد بن عنبسة عن بكر بن أحمد بن محمد بن إبراهيم عن فاطمة بنت الرضا عن أبيها عن آبائه عن الصادق ع عن أبيه و عمه زيد عن أبيهما عن أبيه و عمه عن أمير المؤمنين ع قال لا يحل لمسلم أن يروع مسلما

2-  لي، ]الأمالي للصدوق[ عن الصادق ع قال أعتى الناس من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه

 أقول قد مضى مثله بأسانيد في باب من أحدث حدثا و سيأتي في باب مواعظ النبي ص

    -3  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الشريف محمد بن طاهر عن ابن عقدة عن عبد الله بن أحمد بن المستورد عن الكاهلي عن محمد بن عبيد بن مدرك قال دخلت مع عمي عامر بن مدرك على أبي عبد الله ع فسمعته يقول من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز و جل و بين عينيه مكتوب آيس من رحمة الله

4-  ع، ]علل الشرائع[ أبي عن الحميري عن هارون عن ابن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال رسول الله ص من أكرم أخاه المؤمن بكلمة يلطفه بها أو قضى له حاجة أو فرج عنه كربة لم تزل الرحمة ظلا عليه مجدولا ما كان في ذلك من النظر في حاجته ثم قال أ لا أنبئكم لم سمي المؤمن مؤمنا لإيمانه الناس على أنفسهم و أموالهم أ لا أنبئكم من المسلم من سلم الناس من يده و لسانه أ لا أنبئكم بالمهاجر من هجر السيئات و ما حرم الله عليه و من دفع مؤمنا دفعة ليذله بها أو لطمه لطمة أو أتى إليه أمرا يكرهه لعنته الملائكة حتى يرضيه من حقه و يتوب و يستغفر فإياكم و العجلة إلى أحد فلعله مؤمن و أنتم لا تعلمون و عليكم بالأناة و اللين و التسرع من سلاح الشياطين و ما من شي‏ء أحب إلى الله من الأناة و اللين

5-  لي، ]الأمالي للصدوق[ في مناهي النبي ص ألا و من لطم خد مسلم أو وجهه بدد الله عظامه يوم القيامة و حشر مغلولا حتى يدخل جهنم إلا أن يتوب

6-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن الوليد عن ابن أبان عن الأهوازي عن فضالة عن ابن بكير عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص سباب المؤمن فسوق و قتاله كفر و أكل لحمه من معصية الله

7-  ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن ابن هاشم عن   إسحاق الخفاف عن بعض الكوفيين عن أبي عبد الله ع قال من روع مؤمنا بسلطان ليصيب منه مكروها فلم يصبه فهو في النار و من روع مؤمنا بسلطان ليصيب منه مكروها فأصابه فهو مع فرعون و آل فرعون في النار

8-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن الوليد عن محمد العطار عن الأشعري عن موسى بن عمران عن ابن محبوب عن المفضل قال قال أبو عبد الله ع إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الصدود لأوليائي قال فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم قال فيقول هؤلاء الذين آذوا المؤمنين و نصبوا لهم و عاندوهم و عنفوهم في دينهم قال ثم يؤمر بهم إلى جهنم قال أبو عبد الله ع كانوا و الله الذين يقولون بقولهم و لكنهم حبسوا حقوقهم و أذاعوا عليهم سرهم

 أقول سيأتي بعض الأخبار في باب من أعان على القتل في كتاب القصاص

9-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص إن أعتى الناس على الله عز و جل من قتل غير قاتله و من ضرب من لم يضربه

10-  سن، ]المحاسن[ محمد بن علي عن محمد بن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال من أعان على مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة آيس من رحمة الله

11-  صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عن الرضا عن آبائه ع قال قال علي ع ورثت عن رسول الله ص كتابين كتاب الله عز و جل و كتابا في قراب سيفي قيل يا أمير المؤمنين و ما الكتاب الذي في قراب سيفك قال من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه فعليه لعنة الله

12-  جا، ]المجالس للمفيد[ المراغي عن علي بن سليمان عن محمد بن الحسن النهاوندي عن   أبي الخزرج الأسدي عن محمد بن الفضيل عن أبان بن أبي عياش عن جعفر بن أياس عن أبي سعيد الخدري قال وجد قتيل على عهد رسول الله ص فخرج مغضبا حتى رقي المنبر فحمد الله و أثنى عليه ثم قال يقتل رجل من المسلمين لا يدرى من قتله و الذي نفسي بيده لو أن أهل السماوات و الأرض اجتمعوا على قتل مؤمن أو رضوا به لأدخلهم الله في النار و الذي نفسي بيده لا يجلد أحد أحدا ظلما إلا جلد غدا في نار جهنم مثله و الذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أكبه الله على وجهه في نار جهنم

13-  جع، ]جامع الأخبار[ قال رسول الله ص من آذى مؤمنا فقد آذاني و من آذاني فقد آذى الله و من آذى الله فهو ملعون في التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان

 و في خبر آخر فعليه لَعْنَةُ اللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ

 و قال ص من نظر إلى مؤمن نظرة يخيفه بها أخافه الله تعالى يوم لا ظل إلا ظله و حشره في صورة الذر بلحمه و جسمه و جميع أعضائه و روحه حتى يورده مورده

 و قال ص من أحزن مؤمنا ثم أعطاه الدنيا لم يكن ذلك كفارته و لم يؤجر عليه

14-  ختص، ]الإختصاص[ قال أمير المؤمنين ع من بالغ في الخصومة ظلم و من قصر ظلم و لا يستطيع أن يتقي الله من يخاصم

15-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ حماد عن الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر ع قال كفى بالمرء عيبا أن يبصر من عيوب الناس ما يعمى عنه من أمر نفسه أو يعيب على الناس أمرا هو فيه لا يستطيع التحول عنه إلى غيره و أن يؤذي جليسه بما لا يعنيه

16-  من كتاب قضاء الحقوق، قال رسول الله ص سباب المؤمن فسوق و قتاله كفر و أكل لحمه معصية الله و حرمة ماله كحرمة الله عدة المؤمن الأخذ باليد

    يحث ص على الوفاء بالمواعيد و الصدق فيها يريد أن المؤمن إذا وعد كان الثقة بموعده كالثقة بالشي‏ء إذا صار باليد

 و قال ص من عارض أخاه المؤمن في حديثه فكأنما خدش في وجهه

 و قال ص لا تحقروا ضعفاء إخوانكم فإنه من احتقر مؤمنا لم يجمع الله بينهما في الجنة إلا أن يتوب

17-  نهج، ]نهج البلاغة[ قال ع من أسرع إلى الناس بما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون

18-  كتاب الإمامة و التبصرة، عن هارون بن موسى عن محمد بن موسى عن محمد بن علي بن خلف عن موسى بن إبراهيم عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه ع قال قال رسول الله ص ظهر المؤمن حمى إلا من حد

19-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن أحمد بن محمد بن خالد عن محمد بن عيسى عن الأنصاري عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله عز و جل يوم لا ظل إلا ظله

 بيان يوم لا ظل إلا ظله أي إلا ظل عرشه أو المراد بالظل الكنف أي لا ملجأ و لا مفزع إلا إليه قال الراغب الظل ضد الضح و هو أعم من الفي‏ء و يعبر بالظل عن العزة و المناعة و عن الرفاهة قال تعالى إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَ عُيُونٍ أي في عزة و مناعة و أظلني فلان أي حرسني و جعلني في ظله أي في عزه و مناعته وَ نُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا كناية عن غضارة العيش

20-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن أبي إسحاق الخفاف عن بعض الكوفيين عن أبي عبد الله ع قال من روع مؤمنا بسلطان ليصيبه منه مكروه فلم يصبه فهو في النار و من روع مؤمنا بسلطان ليصيبه منه مكروه فأصابه   فهو مع فرعون و آل فرعون في النار

 بيان ليصيبه منه أي من السلطان مكروه أي ضرر يكرهه فلم يصبه أي المكروه فهو في النار أي يستحقها إن لم يعف عنه و الروع الفزع و الترويع التخويف في النار قيل أي في نار البرزخ حيث قال النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ

21-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال من أعان على مؤمن بشطر كلمة لقي الله عز و جل يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمتي

 بيان قال في النهاية الشطر النصف و منه الحديث من أعان على قتل مؤمن بشطر كلمة قيل هو أن يقول اق في اقتل

 كما قال ص كفى بالسيف شا

يريد شاهدا و في القاموس الشطر نصف الشي‏ء و جزؤه و أقول يحتمل أن يكون كناية عن قلة الكلام أو كأن يقول نعم مثلا في جواب من قال أقتل زيدا و كأن بين العينين كناية عن الجبهة

22-  كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول قال الله عز و جل ليأذن بحرب مني من آذى عبدي المؤمن و ليأمن غضبي من أكرم عبدي المؤمن و لو لم يكن من خلقي في الأرض فيما بين المشرق و المغرب إلا مؤمن واحد مع إمام عادل لاستغنيت بعبادتهما عن جميع ما خلقت في أرضي و لقامت سبع سماوات و أرضين بهما و لجعلت لهما إيمانهما أنسا لا يحتاجان إلى أنس سواهما

 بيان ليأذن أي ليعلم كما قال تعالى في ترك ما بقي من الربا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ قال البيضاوي أي فاعلموا بها من   أذن بالشي‏ء إذا علم به و تنكير حرب للتعظيم و ذلك يقتضي أن يقاتل المربي بعد الاستتابة حتى يفي‏ء إلى أمر الله كالباغي و لا يقتضي كفره و في المجمع أي فأيقنوا و اعلموا بقتال من الله و رسوله و معنى الحرب عداوة الله و رسوله و هذا إخبار بعظم المعصية و قال ابن عباس و غيره إن من عامل بالربا استتابه فإن تاب و إلا قتله انتهى. و أقول في الخبر يحتمل أن يكون كناية عن شدة الغضب بقرينة المقابلة أو المعنى أن الله يحاربه أي ينتقم منه في الدنيا و الآخرة أو من فعل ذلك فليعلم أنه محارب لله كما سيأتي فقد بارزني بالمحاربة و قيل الأمر بالعلم ليس على الحقيقة بل هو خبر عن وقوع المخبر به على التأكيد و كذا و ليأمن إخبار عن عدم وقوع ما يحذر منه على التأكيد و المراد بالمؤمن مطلق الشيعة أو الكامل منهم كما يومئ إليه عبدي و على الأول المراد بالإيذاء الذي لم يأمر به الشارع كالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و المراد بالإكرام الرعاية و التعظيم خلقا و قولا و فعلا منه جلب النفع له و دفع الضرر عنه. و لو لم يكن كان تامة و المراد بالخلق سوى الملائكة و الجن و قوله مع إمام إما متعلق بلم يكن أو حال عن المؤمن و على الأخير يدل على ملازمته للإمام و المراد بالاستغناء بعبادة مؤمن واحد مع أنه سبحانه غني مطلق لا حاجة له إلى عبادة أحد قبول عبادتهما و الاكتفاء بهما لقيام نظام العالم و كأن كون المؤمن مع الإمام أعم من كونه بالفعل أو بالقوة القريبة منه فإنه يمكن أن يبعث نبي و لم يؤمن به أحد إلا بعد زمان كما مر في باب قلة عدد المؤمنين أن إبراهيم ع كان يعبد الله و لم يكن معه غيره حتى آنسه الله بإسماعيل و إسحاق و قد مر الكلام فيه و قيل المقصود هنا بيان حال هذه الأمة فلا ينافي الوحدة في الأمم السابقة و أرضين بتقدير سبع أرضين و أنس إما مضاف إلى سواهما أو منون و سواهما للاستثناء

    -23  كا، ]الكافي[ عن محمد عن أحمد عن ابن سنان عن منذر بن يزيد عن المفضل بن عمر قال قال أبو عبد الله ع إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الصدود لأوليائي فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم فيقال هؤلاء الذين آذوا المؤمنين و نصبوا لهم و عاندوهم و عنفوهم في دينهم ثم يؤمر بهم إلى جهنم

 بيان أين الصدود لأوليائه كذا في أكثر نسخ الكتاب و ثواب الأعمال و غيرهما و تطبيقه على ما يناسب المقام لا يخلو من تكلف في القاموس صد عنه صدودا أعرض و فلانا عن كذا صدا منعه و صرفه و صد يصد و يصد صديدا ضج و التصدد التعرض و في النهاية الصد الصرف و المنع يقال صده و أصده و صد عنه و الصد الهجران و منه الحديث فيصد هذا و يصد هذا أي يعرض بوجهه عنه و في المصباح صد من كذا من باب ضرب ضحك. و أقول أكثر المعاني مناسبة لكن بتضمين معنى التعرض و نحوه للتعدية باللام فالصدود بالضم جمع صاد و في بعض النسخ المؤذون لأوليائي فلا يحتاج إلى تكلف و قال الجوهري نصبت لفلان نصبا إذا عاديته و ناصبته الحرب مناصبة و قال التعنيف التعيير و اللوم و قيل لعل خلو وجوههم من اللحم لأجل أنه ذاب من الغم و خوف العقوبة أو من خدشه بأيديهم تحسرا و تأسفا

 و يؤيده ما رواه العامة عن النبي ص قال مررت ليلة أسري بي بقوم لهم أظفار من نحاس يخدشون وجوههم و صدورهم فقلت من هؤلاء يا جبرئيل قال هم الذين يأكلون لحوم الناس و يقعون في أعراضهم

و قيل إنما سقط لحم وجوههم لأنهم كاشفوهم بوجوههم الشديدة من غير استحياء من الله و منهم. و أقول أو لأنهم لما أرادوا أن يقبحوهم عند الناس في الدنيا قبحهم الله في الآخرة عند الناس في أظهر أعضائهم و أحسنها

    -24  كا، ]الكافي[ عن الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن ابن فضال عن ثعلبة بن ميمون عن حماد بن بشير عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص قال الله تبارك و تعالى من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي

 بيان المراد بالولي المحب البالغ بجهده في عبادة مولاه المعرض عما سواه فقد أرصد أي هيأ نفسه أو أدوات الحرب و يمكن أن يقرأ على بناء المفعول قال في النهاية يقال رصدته إذا قعدت له على طريقه تترقبه و أرصدت له العقوبة إذا أعددتها و حقيقته جعلتها على طريقه كالمترقبة له و الإضافة في قوله لمحاربتي إلى المفعول و من فوائد هذا الخبر التحذير التام لأذى كل من المؤمنين لاحتمال أن يكون من أوليائه تعالى

 كما روى الصدوق بإسناده عن أمير المؤمنين ع قال إن الله أخفى وليه في عباده فلا تستصغروا شيئا من عباده فربما كان وليه و أنت لا تعلم

25-  كا، ]الكافي[ عن محمد بن يحيى عن أحمد عن ابن عيسى و الأشعري عن محمد بن عبد الجبار جميعا عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن حماد بن بشير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول قال رسول الله ص قال الله عز و جل من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي و ما تقرب إلي عبد بشي‏ء أحب إلي مما افترضت عليه و إنه ليتقرب إلي بالنافلة حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و لسانه الذي ينطق به و يده التي يبطش بها إن دعاني أجبته و إن سألني أعطيته و ما ترددت عن شي‏ء أنا فاعله كترددي عن موت عبدي المؤمن يكره الموت و أكره مساءته

 بيان و ما تقرب لما قدم سبحانه ذكر اختصاص الأولياء لديه أشار إجمالا إلى طريق الوصول إلى درجة الولاية من بداية السلوك إلى النهاية أي ما تحبب و لا طلب القرب لدي بمثل أداء ما افترضت عليه أي أصالة أو أعم منه و مما أوجبه على نفسه بنذر و شبهه لعموم الموصول و يدل على أن الفرائض أفضل من   المندوبات مطلقا و هذا ظاهر بحسب الاعتبار أيضا فإنه سبحانه أعلم بالأسباب التي توجب القرب إلى محبته و كرامته فلما أكد في الفرائض و أوعد على تركها علمنا أنها أفضل مما خيرنا في فعله و تركه و وعد على فعله و لم يتوعد على تركه. قال الشيخ البهائي قدس سره فإن قلت مدلول هذا الكلام هو أن غير الواجب ليس أحب إلى الله سبحانه من الواجب لا أن الواجب أحب إليه من غيره فلعلهما متساويان قلت الذي يستفيده أهل اللسان من مثل هذا الكلام هو تفضيل الواجب على غيره كما تقول ليس في البلد أحسن من زيد لا تريد مجرد نفي وجود من هو أحسن منه فيه بل تريد نفي من يساويه في الحسن و إثبات أنه أحسن أهل البلد و إرادة هذا المعنى من مثل هذا الكلام شائع متعارف في أكثر اللغات انتهى. و قال الشهيد رحمه الله في القواعد الواجب أفضل من الندب غالبا لاختصاصه بمصلحة زائدة و لقوله تعالى في الحديث القدسي ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه و قد تخلف ذلك في صور كالإبراء من الدين الندب و إنظار المعسر الواجب و إعادة المنفرد صلاته جماعة فإن الجماعة مطلقا تفضل صلاة المنفرد بسبع و عشرين درجة فصلاة الجماعة مستحبة و هي أفضل من الصلاة التي سبقت و هي واجبة و كذلك الصلاة في البقاع الشريفة فإنها مستحبة و هي أفضل من غيرها مائة ألف إلى اثنتي عشرة صلاة و الصلاة بالسواك و الخشوع في الصلاة مستحب و يترك لأجله سرعة المبادرة إلى الجمعة و إن فات بعضها مع أنها واجبة لأنه إذا اشتد سعيه شغله الانبهار عن الخشوع و كل ذلك في الحقيقة غير معارض لأصل الواجب و زيادته لاشتماله على مصلحة أزيد من فعل الواجب لا بذلك القيد انتهى. و أقول ما ذكره قدس سره لا يصلح جوابا للجميع و يمكن الجواب عن الأول بأن الواجب أحد الأمرين و الإبراء أفضل الفردين و عن الثاني بأنا لا نسلم كون هذه الجماعة أفضل من المنفرد و لو سلم فيمكن أن يكون الفضل لكون أصلها واجبة و انضمت إلى تلك الفضيلة مع أنه قد ورد أنه تعالى يقبل أفضلهما و احتمل   بعض الأصحاب نية الوجوب فيها أيضا و كان بعض مشايخنا يحتمل هنا عدول نية الصلاة إلى الاستحباب بناء على جواز عدول النية بعد الفعل كما يظهر من بعض الأخبار. و مما ذكروه نقضا على تلك القاعدة الابتداء بالتسليم و رده فإن الأول أفضل مع وجوب الثاني و الإشكال فيه أصعب و يمكن الجواب بأن الابتداء بالسلام أفضل من الترك و انتظار تسليم الغير و لا نسلم أنه أفضل من الرد الواجب بل يمكن أن يقال إن إكرام المؤمن و ترك إهانته واجب و هو يتحقق في أمور شتى منها ابتداء التسليم أو رده فلو تركهما عصى و في الإتيان بكل منهما يتحقق ترك الإهانة لكن اختيار الابتداء أفضل فظهر أنه يمكن إجراء جوابه رحمه الله في الجميع. و أقول يمكن تخصيص الأخبار و كلام الأصحاب بكون الواجب أفضل من المستحب من نوعه و صنفه كصلاة الفريضة و النافلة فلا يلزم كون رد السلام أفضل من الحج المندوب و لا من صلاة جعفر رضي الله عنه و لا من بناء قنطرة عظيمة أو مدرسة كبيرة و بالجملة فروع هذه المسألة كثيرة و لم أر من تعرض لتحقيقها كما ينبغي و الخوض فيها يوجب بسطا من الكلام لا يناسب المقام و سيأتي شرح باقي الخبر في الخبر الآتي

26-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن الحسين بن عثمان عن محمد بن أبي حمزة عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال من حقر مؤمنا مسكينا لم يزل الله عز و جل حاقرا له ماقتا حتى يرجع عن حقرته إياه

 بيان في القاموس الحقر الذلة كالحقرية بالضم و الحقارة مثلثة و المحقرة و الفعل كضرب و كرم و الإذلال كالتحقير و الاحتقار و الاستحقار و الفعل كضرب و قال مقته مقتا و مقاتة أبغضه كمقته و التحقير يكون بالقلب فقط و إظهاره أشد و هو إما بقول كرهه أو بالاستهزاء به أو بشتمه أو بضربه أو بفعله يستلزم إهانته أو بترك قول أو فعل يستلزمها و أمثال ذلك

    -27  عن محمد عن أحمد عن علي بن النعمان عن ابن مسكان عن المعلى قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله تبارك و تعالى يقول من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي و أنا أسرع شي‏ء إلى نصرة أوليائي

 بيان يدل على أن عقوبة إذلال المؤمن تصل إلى المذل في الدنيا أيضا بل بعد الإذلال بلا مهلة و لو بمنع اللطف و الخذلان

28-  كا، ]الكافي[ عن العدة عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن المعلى عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص قال الله عز و جل قد نابذني من أذل عبدي المؤمن

 بيان نابذتهم خالفتهم و نابذتهم الحرب كاشفتهم إياها و جاهرتهم بها

29-  كا، ]الكافي[ عن علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال من استذل مؤمنا أو احتقره لقلة ذات يده و لفقره شهره الله يوم القيامة على رءوس الخلائق

 بيان لقلة ذات يده أي ما في يده من المال كناية عن فقره و شهره الله على بناء المجرد أو التفعيل أي جعل له علامة سوء يعرفه جميع الخلائق بها أنه من أهل العقوبة فيفتضح بذلك في المحشر و يذل كما أذل المؤمن في الدنيا في القاموس استذله رآه ذليلا و قال الشهرة بالضم ظهور الشي‏ء في شنعة شهره كمنعه و شهره و اشتهره فاشتهر على رءوس الخلائق أي على وجه يطلع عليه جميع الخلائق كأنه فوق رءوسهم

30-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن معاوية عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لقد أسرى بي فأوحى إلي من وراء الحجاب ما أوحى و شافهني إلى أن قال لي يا محمد من أذل لي وليا فقد أرصدني بالمحاربة و من حاربني حاربته قلت يا رب و من وليك هذا فقد علمت أن من حاربك حاربته قال ذاك من أخذت ميثاقه لك و لوصيك و لذريتكما بالولاية

    بيان من وراء الحجاب كأن المراد بالحجاب الحجاب المعنوي و هو إمكان العبد المانع لأن يصل العبد إلى حقيقة الربوبية أو كان خلق الصوت أولا من وراء حجاب ثم ظهر الصوت في الجانب الذي هو ص فيه و هو المراد بالمشافهة و في بعض النسخ فشافهني فيمكن أن يكون الفاء للتفسير و للترتيب المعنوي فكلاهما كان بالمشافهة و المراد بها عدم توسط الملك. و قيل المراد بالحجاب الملك و بالمشافهة ما كان بدون توسط الملك في القاموس شافهه أدنى شفته من شفته و في الصحاح المشافهة المخاطبة من فيك إلى فيه قوله أن قال في بعض النسخ فشافهني أن قال فكلمة أن مصدرية و التقدير بأن قال فقد علمت الفاء للبيان من أخذت كأن المراد به الأخذ مع القبول

31-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن ابن مسكان عن المعلى عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص قال الله عز و جل من استذل عبدي فقد بارزني بالمحاربة و ما ترددت في شي‏ء أنا فاعله كترددي في عبدي المؤمن إني أحب لقاءه فيكره الموت فأصرفه عنه و إنه ليدعوني في الأمر فأستجيب له بما هو خير له

 بيان فأصرفه عنه أي فأصرف الموت عنه بتأخير أجله و قيل أصرف كراهة الموت عنه بإظهار اللطف و الكرامة و البشارة بالجنة فأستجيب له بما هو خير له أي بفعل ما خير له من الذي طلبه و إنما سماه استجابة لأنه يطلب الأمر لزعمه أنه خير له فهو في الحقيقة يطلب الخير و يخطأ في تعيينه و في الآخرة يعلم أن ما أعطاه خير له مما طلبه كما إذا طلب الصبي المريض ما هو سبب لهلاكه فيمنعه والده و يعطيه دنانير فإذا كبر و عقل علم أن ما أعطاه خير مما منعه فكأنه استجاب له على أحسن الوجوه. و يحتمل أن يكون المعنى أستجيب له بما أعلم أنه خير له إما بإعطاء المسئول   أو بدله في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما

32-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص سباب المؤمن كالمشرف على الهلكة

 بيان السباب إما بكسر السين و تخفيف الباء مصدرا أو بفتح السين و تشديد الباء صيغة مبالغة و على الأول كان في المشرف تقدير مضاف أي كفعل المشرف و ربما يقرأ المشرف بفتح الراء مصدرا ميميا و في بعض النسخ كالشرف و السب الشتم و هو بحسب اللغة يشمل القذف أيضا و لا يبعد شمول أكثر هذه الأخبار أيضا له و في اصطلاح الفقهاء هو السب الذي لم يكن قذفا بالزنا و نحوه كقولك يا شارب الخمر أو يا آكل الربا أو يا ملعون أو يا خائن أو يا حمار أو يا كلب أو يا خنزير أو يا فاسق أو يا فاجر و أمثال ذلك مما يتضمن استخفافا و إهانة. و في المصباح سبه سبا فهو سباب و منه يقال للإصبع التي تلي الإبهام سبابة لأنه يشار بها عند السب و السبة العار و سابه مسابة و سبابة أي بالكسر و اسم الفاعل منه مسب و قال الهلكة مثال القصبة الهلاك و لعل المراد بها هنا الكفر و الخروج من الدين و بالمشرف عليها من قرب وقوعه فيها بفعل الكبائر العظيمة و الساب شبيه بالمشرف و قريب منه و يحتمل أن تكون الكاف زائدة

33-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن عبد الله بن بكير عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص سباب المؤمن فسوق و قتاله كفر و أكل لحمه معصية و حرمة ماله كحرمة دمه

 بيان السباب هنا بالكسر مصدر باب المفاعلة و هو إما بمعنى السب أو المبالغة في السب أو على بابه من الطرفين و الإضافة إلى المفعول أو الفاعل   و الأول أظهر فيدل على أنه لا بأس بسب غير المؤمن إذا لم يكن قذفا بل يمكن أن يكون المراد بالمؤمن من لا يتظاهر بارتكاب الكبائر و لا يكون مبتدعا مستحقا للاستخفاف. قال المحقق في الشرائع كل تعريض بما يكرهه المواجه و لم يوضع للقذف لغة و لا عرفا يثبت به التعزير إلى قوله و لو كان المقول له مستحقا للاستخفاف فلا حد و لا تعزير و كذا كل ما يوجب أذى كقوله يا أجذم أو يا أبرص. و قال الشهيد الثاني رحمه الله في شرحه لما كان أذى المسلم الغير المستحق للاستخفاف محرما فكل كلمة تقال له و يحصل له بها الأذى و لم تكن موضوعة للقذف بالزنا و ما في حكمه لغة و لا عرفا يجب بها التعزير بفعل المحرم كغيره من المحرمات و منه التعيير بالأمراض

 و في صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل سب رجلا بغير قذف يعرض به هل يجلد قال عليه التعزير

و المراد بكون المقول له مستحقا للاستخفاف أن يكون فاسقا متظاهرا بفسقه فإنه لا حرمة له حينئذ

 لما روي عن الصادق ع إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة

و في بعض الأخبار من تمام العبادة الوقيعة في أهل الريب

 و في الصحيح عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص إذا رأيتم أهل الريب و البدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم و أكثروا من سبهم و القول فيهم و الوقيعة و باهتوهم لئلا يطغوا في الفساد في الإسلام و يحذرهم الناس و لا يتعلمون من بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات و يرفع لكم به الدرجات في الآخرة

و الفسق في اللغة الخروج عن الطاعة مطلقا لكن يطلق غالبا في الكتاب و السنة على الكفر أو ارتكاب الكبائر العظيمة قال في المصباح فسق فسوقا من باب قعد خرج عن الطاعة و الاسم الفسق و يفسق بالكسر لغة و يقال أصله خروج الشي‏ء من الشي‏ء على وجه الفساد و منه فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها   و قال الراغب فسق فلان خرج عن حد الشرع و هو أعم من الكفر و الفسق يقع بالقليل من الذنوب و بالكثير لكن تعورف فيما كان كثيرا و أكثر ما يقال الفاسق لمن التزم حكم الشرع و أقر به ثم أخل بجميع أحكامه أو ببعضه قال عز و جل فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ فَفَسَقُوا فِيها فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ وَ أَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً فقابل بها الإيمان و قال وَ مَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا يَمَسُّهُمُ الْعَذابُ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ و كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ انتهى. فالفسق هنا ما قارب الكفر لأنه ترقى عنه إلى الكفر و يظهر منه أن السباب أعظم من الغيبة مع أن الإيذاء فيه أشد إلا أن يكون الغيبة بالسباب فهي داخلة فيه. و قتاله كفر المراد به الكفر الذي يطلق على أرباب الكبائر أو إذا قاتله مستحلا أو لإيمانه و قيل كان القتال لما كان من أسباب الكفر أطلق الكفر عليه مجازا أو أريد بالكفر كفر نعمة التألف فإن الله ألف بين المؤمنين أو إنكار حق الأخوة فإن من حقها عدم المقاتلة و أكل لحمه المراد به الغيبة كما قال عز و جل وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً شبه صاحب الغيبة بأكل لحم أخيه الميت زيادة في التنفير و الزجر عنها و قيل المراد بالمعصية الكبيرة. و حرمة ماله كحرمة دمه جمع بين المال و الدم في الاحترام و لا شك في أن إهراق دمه كبيرة مهلكة و كذا أكل ماله و مثل الحديث مروي من طرق العامة و قال في النهاية قيل هذا محمول على من سب أو قاتل مسلما من غير تأويل و قيل إنما قال على جهة التغليظ لا أنه يخرجه إلى الفسق و الكفر   و قال الكرماني في شرح البخاري هو بكسر مهملة و خفة موحدة أي شتمه أو تشاتمهما و قتاله أي مقاتلته كفر فكيف يحكم بتصويب المرجئة في أن مرتكب الكبيرة غير فاسق

34-  كا، ]الكافي[ عنه عن الحسن بن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال إن رجلا من بني تميم أتى النبي ص فقال أوصني فكان فيما أوصاه أن قال لا تسبوا الناس فتكسبوا العداوة بينهم

 بيان كسب العداوة بالسب معلوم و هذه من مفاسده الدنيوية

35-  كا، ]الكافي[ ابن محبوب عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن موسى ع في رجلين يتسابان قال البادي منهما أظلم و وزره و وزر صاحبه عليه ما لم يعتذر إلى المظلوم

 بيان في رواية أخرى ما لم يتعد المظلوم و ما هنا يدل على أنه إذا اعتذر إلى صاحبه و عفا عنه سقط عنه الوزر بالأصالة و بالسببية و التعزير أو الحد أيضا و لا اعتراض للحاكم لأنه حق آدمي تتوقف إقامته على مطالبته و يسقط بعفوه

36-  كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن محمد بن سالم عن أحمد بن النضر عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع قال ما شهد رجل على رجل بكفر قط إلا باء به أحدهما إن كان شهد على كافر صدق و إن كان مؤمنا رجع الكفر عليه فإياكم و الطعن على المؤمنين

 بيان ما شهد رجل بأن شهد به عند الحاكم أو أتى بصيغة الخبر نحو أنت كافر أو بصيغة النداء نحو يا كافر و قال الجوهري قال الأخفش وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ أي رجعوا به أي صار عليهم انتهى و في قوله فإياكم إشارة إلى أن مطلق الطعن حكمه حكم الكفر في الرجوع إلى أحدهما و قوله إن كان استئناف بياني و كفر الساب مع أن محض السب و إن كان كبيرة لا يوجب الكفر   يحتمل وجوها أشرنا إلى بعضها مرارا الأول أن يكون المراد به الكفر الذي يطلق على مرتكبي الكبائر في مصطلح الآيات و الأخبار الثاني أن يعود الضمير إلى الذنب أو الخطإ المفهوم من السياق لا إلى الكفر الثالث عود الضمير إلى التكفير لا إلى الكفر يعني تكفيره لأخيه تكفير لنفسه لأنه لما كفر مؤمنا فكأنه كفر نفسه و أورد عليه أن التكفير حينئذ غير مختص بأحدهما لتعلقه بهما جميعا و لا يخفى ما فيه و في الثالث من التكلف الرابع ما قيل إن الضمير يعود إلى الكفر الحقيقي لأن القائل اعتقد أن ما عليه المقول له من الإيمان كفر فقد كفر لقوله تعالى وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ و يرد عليه أن القائل بكفر أخيه لم يجعل الإيمان كفرا بل أثبت له بدل الإيمان كفرا توبيخا و تعييرا له بترك الإيمان و أخذ الكفر بدلا منه و بينهما بون بعيد نعم يمكن تخصيصه بما إذا كان سبب التكفير اعتقاده بشي‏ء من أصول الذي يصير إنكاره سببا للكفر باعتقاد القائل كما إذا كفر عالم قائل بالاختيار عالما آخر قائلا بالجبر أو كفر قائل بالحدوث قائلا بالقدم أو قائل بالمعاد الجسماني منكرا له و أمثال ذلك و هذا وجه وجيه و إن كان في التخصيص بعد. و قال الجزري في النهاية فيه من قال لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما لأنه إما أن يصدق عليه أو يكذب فإن صدق فهو كافر و إن كذب عاد الكفر إليه بتكفيره أخاه المسلم و الكفر صنفان أحدهما الكفر بأصل الإيمان و هو ضده و الآخر الكفر بفرع من فروع الإسلام فلا يخرج به عن أصل الإيمان و قيل الكفر على أربعة أنحاء كفر إنكار بأن لا يعرف الله أصلا و لا يعترف به و كفر جحود ككفر إبليس يعرف الله بقلبه و لا يقر بلسانه و كفر عناد و هو أن يعرف بقلبه و يعترف بلسانه و لا يدين به حسدا و بغيا ككفر أبي جهل و أضرابه و كفر نفاق و هو أن يقر بلسانه و لا يعتقد بقلبه.   قال الهروي سئل الأزهري عمن يقول بخلق القرآن أ نسميه كافرا فقال الذي يقوله كفر فأعيد عليه السؤال ثلاثا و يقول مثل ما قال ثم قال في الآخر قد يقول المسلم كفرا و منه حديث ابن عباس قيل له وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ قال هم كفرة و ليسوا كمن كفر بالله و اليوم الآخر و منه الحديث الآخر أن الأوس و الخزرج ذكروا ما كان منهم في الجاهلية فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف فأنزل الله تعالى وَ كَيْفَ تَكْفُرُونَ وَ أَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَ فِيكُمْ رَسُولُهُ و لم يكن ذلك على الكفر بالله و لكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الألفة و المودة. و منه حديث ابن مسعود إذا قال الرجل للرجل أنت لي عدو فقد كفر أحدهما بالإسلام أراد كفر نعمته لأن الله ألف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا فمن لم يعرفها فقد كفرها و كذلك الحديث من أتى حائضا فقد كفر و حديث الأنواء أن الله ينزل الغيث فيصبح به قوم كافرين يقولون مطرنا بنوء كذا و كذا أي كافرين بذلك دون غيره حيث ينسبون المطر إلى النوء دون الله

 و منه الحديث فرأيت أكثر أهلها النساء لكفرهن قيل أ يكفرن بالله قال لا و لكن يكفرن الإحسان و يكفرن العشير

أي يجحدون إحسان أزواجهن و الحديث الآخر سباب المسلم فسوق و قتاله كفر و الأحاديث من هذا النوع كثيرة و أصل الكفر تغطية الشي‏ء تستهلكه

37-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن علي بن أبي حمزة عن أحدهما عليهما السلام قال سمعته يقول إن اللعنة إذا خرجت من في صاحبها ترددت فإن وجدت مساغا و إلا رجعت على صاحبها

 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي عن علي بن عقبة عن عبد الله بن سنان عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفر   ع مثله بيان قال في النهاية في حديث أبي أيوب إذا شئت فاركب ثم سغ في الأرض ما وجدت مساغا أي ادخل فيها ما وجدت مدخلا

 و روي في المصابيح عن رسول الله ص أنه قال إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يمينا و شمالا فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن فإن كان لذلك أهلا و إلا رجعت إلى قائلها

و في النهاية اللعن الطرد و الإبعاد من الله تعالى و من الخلق السب و الدعاء و أقول كأن هذا محمول على الغالب و قد يمكن أن يكون اللاعن و الملعون كلاهما من أهل الجنة كما إذا ثبت عند اللاعن كفر الملعون و استحقاقه للعن و إن لم يكن كذلك فإنه لا تقصير للاعن و قد يمكن أن يجري أكثر من اللعن بسبب ذلك كالحد و القتل و القطع بشهادة الزور و يحتمل أن يكون المراد بالمساغ محل الجواز و العذر في اللعن أو يكون المساغ بالمعنى المتقدم كناية عن ذلك فإن اللاعن إذا كان معذورا كان مثابا عليه فيصعد لعنه إلى السماء و يثاب عليه

38-  كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن محمد بن سنان عن محمد بن علي عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا قال الرجل لأخيه المؤمن أف خرج من ولايته و إذا قال أنت عدوي كفر أحدهما و لا يقبل الله من مؤمن عملا و هو مضمر على أخيه المؤمن سوءا

 بيان لعل في السند تصحيفا أو تقديما و تأخيرا فإن محمد بن سنان ليس هنا موضعه و تقديم محمد بن علي عليه أظهر خرج من ولايته أي من محبته و نصرته الواجبتين عليه و يحتمل أن يكون كناية عن الخروج عن الإيمان لقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ   آوَوْا وَ نَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ ثم قال وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ و قال سبحانه وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ. و إذا قال أنت عدوي كفر أحدهما لما مر من أنه إن كان صادقا كفر المخاطب و إن كان كاذبا كفر القائل و قد مر معنى الكفر و هو مضمر على أخيه المؤمن سوءا أي يريد به شرا أو يظن به ما هو بري‏ء عنه أو لم يثبت عنده و ليس المراد به الخطرات التي تخطر في القلب لأن دفعه غير مقدور بل الحكم به و إن لم يتكلم و أما مجرد الظن فيشكل التكليف بعدمه مع حصول بواعثه و أما الظن الذي حصل من جهة شرعية فالظاهر أنه خارج عن ذلك لترتب كثير من الأحكام الشرعية عليه كما مر و لا ينافي ما ورد أن الحزم مساءة الظن لأن المراد به التحفظ و الاحتياط في المعاملات دون الظن بالسوء

39-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن حماد بن عثمان عن ربعي عن الفضيل عن أبي جعفر ع قال ما من إنسان يطعن في عين مؤمن إلا مات بشر ميتة و كان قمنا أن يرجع إلى خير

 بيان يطعن في عين مؤمن أي يواجهه بالطعن و العيب و يذكره بمحضره قال في المصباح طعنت عليه من باب قتل و من باب نفع لغة قدحت و عبت طعنا و طعانا فهو طاعن و طعان في الأعراض و في القاموس عين فلانا أخبره بمساويه في وجهه انتهى و الظاهر أنه أعم من أن يكون متصفا بها أم لا و الميتة بالكسر للهيئة و الحالة قال الجوهري الميتة بالكسر كالجلسة و الركبة يقال مات فلان ميتة حسنة و المراد بشر الميتة إما بحسب الدنيا كالغرق و الحرق و الهدم و أكل السبع و سائر ميتات السوء أو بحسب الآخرة كالموت على الكفر أو على المعاصي بلا توبة و في الصحاح أنت قمن أن تفعل كذا بالتحريك أي خليق و جدير لا يثنى و لا يجمع و لا يؤنث فإن كسرت الميم أو قلت قمين ثنيت و جمعت   إلى خير أي إلى التوبة و صالح الأعمال أو إلى الإيمان

40-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن سنان عن مفضل بن عمر قال قال أبو عبد الله ع من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه و هدم مروته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان

 بيان من روى على مؤمن بأن ينقل عنه كلاما يدل على ضعف عقله و سخافة رأيه على ما ذكره الأكثر و يحتمل شموله لرواية الفعل أيضا يريد بها شينه أي عيبه في القاموس شانه يشينه ضد زانه يزينه و قال الجوهري المروءة الإنسانية و لك أن تشدد قال أبو زيد مرؤ الرجل صار ذا مروءة انتهى و قيل هي آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف على محاسن الأخلاق و جميل العادات و قد يتحقق بمجانبة ما يؤذن بخسة النفس من المباحات كالأكل في الأسواق حيث يمتهن فاعله. و قال الشهيد رحمه الله المروة تنزيه النفس عن الدناءة التي لا تليق بأمثاله كالسخرية و كشف العورة التي يتأكد استحباب سترها في الصلاة و الأكل في الأسواق غالبا و لبس الفقيه لباس الجندي بحيث يسخر منه أخرجه الله من ولايته في النهاية و غيره الولاية بالفتح المحبة و النصرة و بالكسر التولية و السلطان فقيل المراد هنا المحبة و إنما لم يقبله الشيطان لعدم الاعتناء به لأن الشيطان إنما يحب من كان فسقه في العبادات و يصيره وسيلة لإضلال الناس. و قيل السر في عدم قبول الشيطان له أن فعله أقبح من فعل الشيطان لأن سبب خروج الشيطان من ولاية الله هو مخالفة أمره مستندا بأن أصله أشرف من أصل آدم ع و لم يذكر من فعل آدم ما يسوء به و يسقطه عن نظر الملائكة و سبب خروج هذا الرجل من ولايته تعالى هو مخالفة أمره عز و جل من غير أن يسندها إلى شبهة إذ الأصل واحد و ذكره من فعل المؤمن ما يؤذيه   و يحقره و ادعاء الكمال لنفسه ضمنا و هذا إدلال و تفاخر و تكبر فلذا لا يقبله الشيطان لكونه أقبح فعالا منه على أن الشيطان لا يعتمد على ولايته له لأن شأنه نقض الولاية لا عن شي‏ء فلذلك لا يقبله انتهى. و لا يخفى ما في هذه الوجوه لا سيما في الأخيرين على من له أدنى مسكة بل المراد إما المحبة و النصرة فيقطع الله عنه محبته و نصرته و يكله إلى الشيطان الذي اختار تسويله و خالف أمر ربه و عدم قبول الشيطان له لأنه ليس غرضه من إضلال بني آدم كثرة الأتباع و المحبين فيودهم و ينصرهم إذا تابعوه بل مقصوده إهلاكهم و جعلهم مستوجبين للعذاب للعداوة القديمة بينه و بين أبيهم فإذا حصل غرضه منهم يتركهم و يشمت بهم و لا يعينهم في شي‏ء لا في الدنيا كما قال سبحانه فمثله كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكَ و كما هو المشهور من قصة برصيصا و غيره و لا في الآخرة لقوله فَلا تَلُومُونِي وَ لُومُوا أَنْفُسَكُمْ أو المراد التولي و السلطنة أي يخرجه الله من حزبه و عداد أوليائه و يعده من أحزاب الشيطان و هو لا يقبله لأنه يتبرأ منه كما عرفت و يحتمل أن يكون عدم قبول الشيطان كناية عن عدم الرضا بذلك منه بل يريد أن يكفره و يجعله مستوجبا للخلود في النار

41-  كا، ]الكافي[ عنه عن أحمد عن الحسن بن محبوب عن عبد الله بن سنان قال قلت له عورة المؤمن على المؤمن حرام قال نعم قلت تعني سفليه قال ليس حيث تذهب إنما هو إذاعة سره

 بيان الضمير في له للصادق ع و في النهاية العورة كل ما يستحيا منه إذا ظهر انتهى و غرضه ع أن المراد بهذا الخبر إفشاء السر لا أن النظر إلى عورته ليس بحرام و المراد بحرمة العورة حرمة ذكرها و إفشائها و السفلين العورتين و كنى عنهما لقبح التصريح بهما

    -42  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن حسين بن مختار عن زيد عن أبي عبد الله ع فيما جاء في الحديث عورة المؤمن على المؤمن حرام قال ما هو أن يكشف فترى عنه شيئا إنما هو أن تروي عليه أو تعيبه

 بيان ما هو ما نافية و الضمير للحرام أو للعورة بتأويل العضو أو النظر المقدر منه شيئا أي من عورتيه أن تروي عليه أي قولا يتضرر به أو تعينه بالعين المهملة أي تذكر عيبه و ربما يقرأ بالمعجمة من الغيبة