باب 52- الغيبة

الآيات النساء لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَ كانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً الإسراء وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا الحجرات يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ القلم وَ لا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ

1-  كا، ]الكافي[ عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة في جوفه قال و قال رسول الله ص الجلوس في المسجد انتظار الصلاة عبادة ما لم يحدث قيل يا رسول الله و ما يحدث قال الاغتياب

 بيان الأكلة كفرحة داء في العضو يأتكل منه كما في القاموس و غيره و قد يقرأ بمد الهمزة على وزن فاعلة أي العلة التي تأكل اللحم و الأول أوفق باللغة و قوله أسرع في دين الرجل أي في ضرره و إفنائه و قيل الأكلة بالضم اللقمة و كفرحة داء في العضو يأتكل منه و كلاهما محتملان إلا أن ذكر الجوف يؤيد الأول و إرادة الإفناء و الإذهاب يؤيد الثاني و الأول أقرب و أصوب و تشبيه الغيبة بأكل اللقمة أنسب لأن الله سبحانه شبهها بأكل اللحم انتهى و كان   الثاني أظهر و التخصيص بالجوف لأنه أضر و أسرع في قتله و في التأييد الذي ذكره نظر و المستتر في قوله ما لم يحدث راجع إلى الجالس المفهوم من الجلوس و هو على بناء الإفعال و الاغتياب منصوب و قال الجوهري اغتابه اغتيابا إذا وقع فيه و الاسم الغيبة و هو أن يتكلم خلف إنسان مستور بما يغمه لو سمعه فإن كان صدقا سمي غيبة و إن كان كذبا سمي بهتانا. أقول هذا بحسب اللغة و أما بحسب عرف الشرع فهو ذكر الإنسان المعين أو من هو بحكمه في غيبته بما يكره نسبته إليه و هو حاصل فيه و يعد نقصا في العرب بقصد الانتقاص و الذم قولا أو إشارة أو كناية تعريضا أو تصريحا فلا غيبة في غير معين كواحد مبهم من غير محصور كأحد أهل البلد و قال الشيخ البهائي قدس سره و بحكمه لإدراج المبهم من محصور كأحد قاضي البلد فاسق مثلا فإن الظاهر أنه غيبة و لم أجد أحدا تعرض له انتهى و قولنا في غيبته لإخراج ما إذا كان في حضوره لأنه ليس بغيبة و إن كان إثما لإيذائه إلا بقصد الوعظ و النصيحة و التعريض حينئذ أولى إن نفع و قولنا بما يكره لإخراج غيبة من لا يكره نسبة الفسق و نحوه إليه بل ربما يفرح بذلك و يعده كمالا و قولنا و هو حاصل فيه لإخراج التهمة و إن كانت أشد و قولنا و يعد نقصا لإخراج العيوب الشائعة التي لا يعدها أكثر الناس نقصا مع كونها مخفية و عدم مبالاته بذكرها و عدم عد أكثر الناس نقصا لشيوعها ففيه إشكال و الأحوط ترك ذكرها و إن كان ظاهر الأصحاب جوازه و قولنا بقصد الانتقاص لخروج ما إذا كان للطبيب لقصد العلاج و للسلطان للترحم أو للنهي عن المنكر. و قال الشهيد الثاني رفع الله درجته و أما في الاصطلاح فلها تعريفان أحدهما مشهور و هو ذكر الإنسان حال غيبته بما يكره نسبته إليه مما يعد نقصانا في العرف بقصد الانتقاص و الذم و احترز بالقيد الأخير و هو قصد الانتقاص عن ذكر العيب للطبيب مثلا أو لاستدعاء الرحمة من السلطان في حق الزمن و الأعمى بذكر   نقصانهما و يمكن الغنى عنه بقيد كراهة النسبة إليه و الثاني التنبيه على ما يكره نسبته إليه إلخ و هو أعم من الأول لشمول مورده اللسان و الإشارة و الحكاية و غيرها و هو أولى لما سيأتي من عدم قصر الغيبة على اللسان

 و قد جاء على المشهور قول النبي ص هل تدرون ما الغيبة فقالوا الله و رسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره

قيل أ رأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته و إن لم يكن فيه فقد بهته. و تحريم الغيبة في الجملة إجماعي بل هو كبيرة موبقة للتصريح بالتوعد عليها بالخصوص في الكتاب و السنة و قد نص الله على ذمها في كتابه و شبه صاحبها بأكل لحم الميتة فقال وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ

 و عن جابر و أبي سعيد الخدري قالا قال النبي ص إياكم و الغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا إن الرجل قد يزني و يتوب فيتوب الله عليه و إن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه

 و عن أنس قال قال رسول الله ص مررت ليلة أسري بي على قوم يخمشون وجوههم بأظافيرهم فقلت يا جبرئيل من هؤلاء قال هؤلاء الذين يغتابون الناس و يقعون في أعراضهم

 و عنه قال خطبنا رسول الله ص فذكر الربا و عظم شأنه فقال إن الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست و ثلاثين زنية يزنيها الرجل و إن أربى الربا عرض الرجل المسلم و أوحى الله عز و جل إلى موسى بن عمران أن المغتاب إذا تاب فهو آخر من يدخل الجنة و إن لم يتب فهو أول من يدخل النار

 و روي أن عيسى ع مر و الحواريون على جيفة كلب فقال الحواريون ما أنتن ريح هذا فقال عيسى ع ما أشد بياض أسنانه كأنه ينهاهم عن غيبة الكلب و ينبههم على أنه لا يذكر من خلق الله إلا أحسنه

و قيل في تفسير قوله تعالى وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الهمزة الطعان في الناس و اللمزة الذي يأكل لحوم الناس و قال بعضهم أدركنا السلف لا يرون   العبادة في الصوم و لا في الصلاة و لكن في الكف عن أعراض الناس. و اعلم أن السبب الموجب للتشديد في أمر الغيبة و جعلها أعظم من كثير من المعاصي الكثيرة هو اشتمالها على المفاسد الكلية المنافية لغرض الحكيم سبحانه بخلاف باقي المعاصي فإنها مستلزمة لمفاسد جزئية بيان ذلك أن المقاصد المهمة للشارع اجتماع النفوس على هم واحد و طريقة واحدة و هي سلوك سبيل الله بسائر وجوه الأوامر و النواهي و لا يتم ذلك إلا بالتعاون و التعاضد بين أبناء النوع الإنساني و ذلك يتوقف على اجتماع هممهم و تصافي بواطنهم و اجتماعهم على الألفة و المحبة حتى يكونوا بمنزلة عبد واحد في طاعة مولاه و لن يتم ذلك إلا بنفي الضغائن و الأحقاد و الحسد و نحوه و كانت الغيبة من كل منهم لأخيه مثيرة لضغنه و مستدعية منه لمثلها في حقه لا جرم و كانت ضد المقصود الكلي للشارع و كانت مفسدة كلية و لذلك أكثر الله و رسوله النهي عنها و الوعيد عليها و بالله التوفيق. ثم قال قدس سره في ذكر أقسامها لما عرفت أن المراد منها ذكر أخيك بما يكرهه منه لو بلغه أو الإعلام به أو التنبيه عليه كان ذلك شاملا لما يتعلق بنقصان في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو دينه أو دنياه حتى في ثوبه و داره و قد أشار الصادق ع إلى ذلك أي في مصباح الشريعة بقوله وجوه الغيبة تقع بذكر عيب في الخلق و الفعل و المعاملة و المذهب و الجهل و أشباهه فالبدن كذكرك فيه العمش و الحول و العور و القرع و القصر و الطول و السواد و الصفرة و جميع ما يتصور أن يوصف به مما يكرهه و أما النسب بأن تقول أبوه فاسق أو خبيث أو خسيس أو إسكاف أو حائك أو نحو ذلك مما يكرهه كيف كان و أما الخلق بأن تقول إنه سيئ الخلق بخيل متكبر مراء شديد الغضب جبان ضعيف القلب و نحو ذلك و أما في أفعاله المتعلقة بالدين كقولك سارق كذاب شارب خائن ظالم متهاون بالصلاة لا يحسن الركوع و السجود و لا يحترز من النجاسات ليس بارا بوالديه لا يحرس نفسه من الغيبة و التعرض لأعراض الناس و أما فعله   المتعلق بالدنيا كقولك قليل الأدب متهاون بالناس لا يرى لأحد عليه حقا كثير الكلام كثير الأكل نئوم يجلس في غير موضعه و نحو ذلك و أما في ثوبه كقولك إنه واسع الكم طويل الذيل وسخ الثياب و نحو ذلك. و اعلم أن ذلك لا يقصر على اللسان بل التلفظ به إنما حرم لأن فيه تفهيم الغير نقصان أخيك و تعريفه بما يكره فالتعريض كالتصريح و الفعل فيه كالقول و الإشارة و الإيماء و الغمز و الرمز و الكنية و الحركة و كل ما يفهم المقصود داخل في الغيبة مساو للسان في المعنى الذي حرم التلفظ به لأجله

 و من ذلك ما روي عن عائشة أنها قالت دخلت علينا امرأة فلما ولت أومأت بيدي أي قصيرة فقال ص اغتبتيها

و من ذلك المحاكاة بأن تمشي متعارجا أو كما يمشي فهو غيبة بل أشد من الغيبة لأنه أعظم في التصوير و التفهيم و كذلك الغيبة بالكتاب فإن الكتاب كما قيل أحد اللسانين. و من ذلك ذكر المصنف شخصا معينا و تهجين كلامه في الكتاب إلا أن يقترن به شي‏ء من الأعذار المحوجة إلى ذكره كمسائل الاجتهاد التي لا يتم الغرض من الفتوى و إقامة الدلائل على المطلوب إلا بتزييف كلام الغير و نحو ذلك و يجب الاقتصار على ما تندفع به الحاجة في ذلك و ليس منه قوله قال قوم كذا ما لم يصرح بشخص معين و منها أن يقول الإنسان بعض من مر بنا اليوم أو بعض من رأيناه حالة كذا إذا كان المخاطب يفهم منه شخصا معينا لأن المحذور تفهيمه دون ما به التفهيم فأما إذا لم يفهمه عينه جاز كان رسول الله ص إذا كره من إنسان شيئا قال ما بال أقوام يفعلون كذا و كذا و لا يعين. و من أخبث أنواع الغيبة غيبة المتسمين بالفهم و العلم المراءين فإنهم يفهمون المقصود على صفة أهل الصلاح و التقوى ليظهروا من أنفسهم التعفف عن الغيبة و يفهمون المقصود و لا يدرون بجهلهم أنهم جمعوا بين فاحشتين الرياء و الغيبة و ذلك مثل أن يذكر عنده إنسان فيقول الحمد لله الذي لم يبتلنا بحب الرئاسة أو بحب الدنيا أو بالتكيف بالكيفية الفلانية أو يقول نعوذ بالله من قلة الحياء   أو من سوء التوفيق أو نسأل الله أن يعصمنا من كذا بل مجرد الحمد على شي‏ء إذا علم منه اتصاف المحدث عنه بما ينافيه و نحو ذلك فإنه يغتابه بلفظ الدعاء و سمت أهل الصلاح و إنما قصده أن يذكر عيبه بضرب من الكلام المشتمل على الغيبة و الرياء و دعوى الخلاص من الرذائل و هو عنوان الوقوع فيها بل في أفحشها. و من ذلك أنه قد يقدم مدح من يريد غيبته فيقول ما أحسن أحوال فلان ما كان يقصر في العبادات و لكن قد اعتراه فتور و ابتلي بما نبتلى به كلنا و هو قلة الصبر فيذكر نفسه بالذم و مقصوده أن يذم غيره و أن يمدح نفسه بالتشبه بالصالحين في ذم أنفسهم فيكون مغتابا مرائيا مزكيا نفسه فيجمع بين ثلاث فواحش و هو يظن بجهله أنه من الصالحين المتعففين عن الغيبة هكذا يلعب الشيطان بأهل الجهل إذا اشتغلوا بالعلم أو العمل من غير أن يتقنوا الطريق و يتعبهم و يحبط بمكايده عملهم و يضحك عليهم. و من ذلك أن يذكر ذاكر عيب إنسان فلا يتنبه له بعض الحاضرين فيقول سبحان الله ما أعجب هذا حتى يصغي الغافل إلى المغتاب و يعلم ما يقول فيذكر الله سبحانه و يستعمل اسمه آلة له في تحقيق خبثه و باطله و هو يمن على الله بذكره جهلا منه و غرورا. و من ذلك أن يقول جرى من فلان كذا و ابتلي بكذا بل يقول جرى لصاحبنا أو صديقنا كذا تاب الله علينا و عليه يظهر الدعاء و التألم و الصداقة و الصحبة و الله مطلع على خبث سريرته و فساد ضميره و هو بجهله لا يدري أنه قد تعرض لمقت أعظم مما يتعرض له الجهال إذا جاهروا بالغيبة. و من أقسامها الخفية الإصغاء إلى الغيبة على سبيل التعجب فإنه إنما يظهر التعجب ليزيد نشاط المغتاب في الغيبة فيزيد فيها فكأنه يستخرج منه الغيبة بهذا الطريق فيقول عجبت مما ذكرته ما كنت أعلم بذلك إلى الآن ما كنت أعرف من فلان ذلك يريد بذلك تصديق المغتاب و استدعاء الزيادة منه باللطف و التصديق للغيبة غيبة بل الإصغاء إليها بل السكوت عند سماعها

 قال رسول الله   ص المستمع أحد المغتابين

 و قال علي ع السامع للغيبة أحد المغتابين

و مراده ع السامع على قصد الرضا و الإيثار لا على وجه الاتفاق أو مع القدرة على الإنكار و لم يفعل و وجه كون المستمع و السامع على ذلك الوجه مغتابين مشاركتهما للمغتاب في الرضا و تكيف ذهنهما بالتصورات المذمومة التي لا ينبغي و إن اختلفا في أن أحدهما قائل و الآخر قابل لكن كل واحد منهما صاحب آلة أما أحدهما فذو لسان يعبر عن نفس قد تنجست بتصور الكذب و الحرام و العزم عليه و أما الآخر فذو سمع تقبل عنه النفس تلك الآثار عن إيثار و سوء اختيار فتألفها و تعتادها فتمكن من جوهرها سموم عقارب الباطل و من ذلك قيل السامع شريك القائل و قد تقدم في الخبر ما يدل عليه. فالمستمع لا يخرج من إثم الغيبة إلا بأن ينكر بلسانه فإن خاف فبقلبه و إن قدر على القيام أو قطع الكلام بكلام غيره فلم يفعله لزمه و لو قال بلسانه اسكت و هو يشتهي ذلك بقلبه فذلك نفاق و فاحشة أخرى زائدة لا يخرجه عن الإثم ما لم يكرهه بقلبه

 و قد روي عن النبي ص أنه قال من أذل عنده مؤمن و هو يقدر على أن ينصره فلم ينصره أذله الله يوم القيامة على رءوس الخلائق

 و عن أبي الدرداء قال قال رسول الله ص من رد عن عرض أخيه بالغيب كان حقا على الله أن يرد عن عرضه يوم القيامة

 و قال أيضا من رد عن عرض أخيه بالغيب كان حقا على الله أن يعتقه من النار

 و روى الصدوق بإسناده إلى رسول الله ص أنه قال من تطول على أخيه في غيبة سمعها عنه في مجلس فردها عنه رد الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا و الآخرة و إن هو لم يردها و هو قادر على ردها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرة

 و بإسناده إلى الباقر ع أنه قال من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره و أعانه نصره الله في الدنيا و الآخرة و من لم ينصره و لم يدفع عنه و هو يقدر على نصرته و عونه خفضه الله في الدنيا و الآخرة

ثم قال قدس سره في علاج الغيبة اعلم أن مساوي الأخلاق كلها إنما   تعالج بمعجون العلم و العمل و إنما علاج كل علة بمضاد سببها فلنبحث عن سبب الغيبة أولا ثم نذكر علاج كف اللسان عنها على وجه يناسب علاج تلك الأسباب فنقول جملة ما ذكروه من الأسباب الباعثة على الغيبة عشرة أشياء قد نبه الصادق ع عليها إجمالا يعني في مصباح الشريعة بقوله أصل الغيبة تتنوع بعشرة أنواع شفاء غيظ و مساعدة قوم و تصديق خبر بلا كشفه و تهمة و سوء ظن و حسد و سخرية و تعجب و تبرم و تزين و نحن نشير إليها مفصلة. الأول تشفي الغيظ و ذلك إذا جرى سبب غيظ غضب عليه فإذا هاج غضبه تشفى بذكر مساويه و سبق اللسان إليه بالطبع إن لم يكن ثمة دين وازع و قد يمتنع من تشفي الغيظ عند الغضب فيحتقن الغضب في الباطن و يصير حقدا ثابتا فيكون سببا دائما لذكر المساوي بالحقد و الغضب من البواعث العظيمة على الغيبة. الثاني موافقة الأقران و مجاملة الرفقاء و مساعدتهم على الكلام فإنهم إذا كانوا يتفكهون بذكر الأعراض فيرى أنه لو أنكر أو قطع المجلس استثقلوه و نفروا عنه فيساعدهم و يرى ذلك من حسن المعاشرة و يظن أنه مجاملة في الصحبة و قد يغضب رفقاؤه فيحتاج إلى أن يغضب لغضبهم إظهارا للمساهمة في السراء و الضراء فيخوض معهم في ذكر العيوب و المساوي الثالث أن يستشعر من إنسان أنه سيقصده و يطول لسانه فيه أو يقبح حاله عند محتشم أو يشهد عليه بشهادة فيبادر قبل ذلك و يطعن فيه ليسقط أثر شهادته و فعله أو يبتدئ بذكر ما فيه صادقا ليكذب عليه بعده فيروج كذبه بالصدق الأول و يستشهد به و يقول ما من عادتي الكذب فإني أخبرتكم بكذا و كذا من أحواله فكان كما قلت. الرابع أن ينسب إلى شي‏ء فيريد أن يتبرأ منه فيذكر الذي فعله و كان من حقه أن يبرئ نفسه و لا يذكر الذي فعله و لا ينسب غيره إليه أو يذكر غيره بأنه كان مشاركا له في الفعل ليمهد بذلك عذر نفسه في فعله. الخامس إرادة التصنع و المباهاة و هو أن يرفع نفسه بتنقيص غيره   و يقول فلان جاهل و فهمه ركيك و كلامه ضعيف و غرضه أن يثبت في ضمن ذلك فضل نفسه و يريهم أنه أفضل منه أو يحذر أن يعظم مثل تعظيمه فيقدح فيه لذلك. السادس الحسد و هو أنه يحسد من يثني الناس عليه و يحبونه و يكرمونه فيريد زوال تلك النعمة عنه فلا يجد سبيلا إليه إلا بالقدح فيه فيريد أن يسقط ماء وجهه عند الناس حتى يكفوا عن إكرامه و الثناء عليه لأنه يثقل عليه أن يسمع ثناء الناس عليه و إكرامهم له و هذا هو الحسد و هو عين الغضب و الحقد و الحسد قد يكون مع الصديق المحسن و القرين الموافق. السابع اللعب و الهزل و المطايبة و ترجئة الوقت بالضحك فيذكر غيره بما يضحك الناس على سبيل المحاكاة و التعجب. الثامن السخرية و الاستهزاء استحقارا له فإن ذلك قد يجري في الحضور فيجري أيضا في الغيبة و منشؤه التكبر و استصغار المستهزئ به. التاسع و هو مأخذ دقيق ربما يقع في الخواص و أهل الحذر من مزال اللسان و هو أن يغتم بسبب ما يبتلى به أحد فيقول يا مسكين فلان قد غمني أمره و ما ابتلي به و يذكر سبب الغم فيكون صادقا في اغتمامه و يلهيه الغم عن الحذر عن ذكر اسمه فيذكره بما يكرهه فيصير به مغتابا فيكون غمه و رحمته خيرا و لكنه ساقه إلى شر من حيث لا يدري و الترحم و التغمم ممكن من دون ذكر اسمه و نسبته إلى ما يكره فيهيجه الشيطان على ذكر اسمه ليبطل به ثواب اغتمامه و ترحمه. العاشر الغضب لله فإنه قد يغضب على منكر قارفه إنسان فيظهر غضبه و يذكر اسمه على غير وجه عن المنكر و كان الواجب أن يظهر غضبه عليه على ذلك الوجه خاصة و هذا مما يقع فيه الخواص أيضا فإنهم يظنون أن الغضب إذا كان لله تعالى كان عذرا كيف كان و ليس كذلك. أقول و عد بعضهم الوجهين الأخيرين مما يختص بأهل الدين و الخاصة

    و زاد وجها آخر و هو أن ينبعث من الدين داعية التعجب من إنكار المنكر و الخطاء في الدين فيقول ما أعجب ما رأيت من فلان فإنه قد يكون صادقا و يكون تعجبه من المنكر و لكن كان حقه أن يتعجب و لا يذكر اسمه فسهل عليه الشيطان ذكر اسمه في ذكر تعجبه فصار به مغتابا من حيث لا يدري و أثم و من ذلك قول الرجل تعجبت من فلان كيف يحب جاريته و هي قبيحة و كيف يجلس بين يدي فلان و هو جاهل. ثم قال الشهيد رحمه الله إذا عرفت هذه الوجوه التي هي أسباب الغيبة فاعلم أن الطريق في علاج كف اللسان عن الغيبة يقع على وجهين أحدهما على الجملة و الآخر على التفصيل أما ما على الجملة فهو أن يعلم تعرضه لسخط الله تعالى بغيبته كما قد سمعته في الأخبار المتقدمة و أن يعلم أنه يحبط حسناته فإنها تنقل في القيامة حسناته إلى من اغتابه بدلا عما أخذ من عرضه فإن لم تكن له حسنات نقل إليه من سيئاته و هو مع ذلك متعرض لمقت الله تعالى و مشبه عنده بأكل الميتة

 و قد روي عن النبي ص أنه قال ما النار في اليبس بأسرع من الغيبة في حسنات العبد

و ينفعه أيضا أن يتدبر في نفسه فإن وجد فيها عيبا اشتغل بعيب نفسه

 و ذكر قوله ص طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس و مهما وجد عيبا فينبغي أن يستحيي أن يترك نفسه و يذم غيره بل ينبغي أن يعلم أن عجز غيره عن نفسه في التنزه عن ذلك العيب كعجزه إن كان ذلك عيبا

يتعلق بفعله و اختياره و إن كان أمرا خلقيا فالذم له ذم للخالق فإن من ذم صنعة فقد ذم الصانع و إن لم يجد عيبا في نفسه فليشكر الله فلا يلوثن نفسه بأعظم العيوب بل لو أنصف من نفسه لعلم أن ظنه بنفسه أنه بري‏ء من كل عيب جهل بنفسه و هو من أعظم العيوب و ينفعه أن يعلم أن تألم غيره بغيبته كتألمه بغيبة غيره له فإذا كان لا يرضى لنفسه أن يغتاب فينبغي أن لا يرضى لغيره ما لا يرضاه لنفسه. و أما التفصيلية فهو أن ينظر إلى السبب الباعث له على الغيبة و يعالجه   فإن علاج العلة بقطع سببها و قد عرفت الأسباب الباعثة أما الغضب فيعالجه بالتفكر فيما مضى من ذم الغضب و فيما تقدم من فضل كظم الغيظ و مثوباته و أما الموافقة فبأن تعلم أن الله تعالى يغضب عليك و إذا طلبت سخطه في رضا المخلوقين فكيف ترضى لنفسك أن توقر غيرك و تحقر مولاك إلا أن يكون غضبك لله تعالى و ذلك لا يوجب أن تذكر المغضوب عليه بسوء بل ينبغي أن تغضب لله أيضا على رفقائك إذا ذكروه بالسوء فإنهم عصوا ربك بأفحش الذنوب و هو الغيبة. و أما تنزيه النفس بنسبة الجناية إلى الغير حيث يستغني عن ذكر الغير فتعالجه بأن تعرض بأن التعرض لمقت الخالق أشد من التعرض لمقت الخلق و أنت بالغيبة متعرض لسخط الله تعالى يقينا و لا تدري أنك تتخلص من سخط الناس أم لا فتخلص نفسك في الدنيا بالتوهم و تهلك في الآخرة و تخسر حسناتك في الحقيقة و يحصل ذم الله لك نقدا و تنظر رفع ذم الخلق نسيئة و هذا غاية الجهل و الخذلان و أما عذرك كقولك إن أكلت الحرام ففلان يأكل و نحو ذلك فهذا جهل لأنك تعتذر بالاقتداء بمن لا يجوز الاقتداء به فإن من خالف أمر الله لا يقتدى به كائنا من كان فما ذكرته غيبة و زيادة معصية أضفتها إلى ما اعتذرت عنه و سجلت مع الجمع بين المعصيتين على جهلك و غباوتك و أما قصدك المباهاة و تزكية النفس فينبغي أن تعلم أنك بما ذكرته أبطلت فضلك عند الله تعالى و أنت من اعتقاد الناس فضلك على خطر و ربما نقص اعتقادهم فيك إذا عرفوك بثلب الناس فتكون قد بعت ما عند الخالق يقينا بما عند المخلوق وهما و لو حصل لك من المخلوق اعتقاد الفضل لكانوا لا يغنون عنك من الله شيئا. و أما الغيبة للحسد فهو جمع بين عذابين لأنك حسدته على نعمة الدنيا و كنت معذبا بالحسد فما قنعت بذلك حتى أضفت إليه عذاب الآخرة فكنت خاسرا في الدنيا فجعلت نفسك خاسرا في الآخرة لتجمع بين النكالين فقد قصدت محسودك فأصبت نفسك و أما الاستهزاء فمقصودك منه إخزاء غيرك عند الناس بإخزاء نفسك عند الله و الملائكة و النبيين فلو تفكرت في حسرتك و حيائك   و خجلتك و خزيك يوم تحمل سيئات من استهزأت به و تساق إلى النار لأدهشك ذلك عن إخزاء صاحبك و لو عرفت حالك لكنت أولى أن يضحك منك فإنك سخرت به عند نفر قليل و عرضت نفسك لأن يأخذ بيدك في القيامة على ملأ من الناس و يسوقك تحت سيئاته كما يساق الحمار إلى النار مستهزئا بك و فرحا بخزيك و مسرورا بنصر الله إياه و تسلطه على الانتقام منك و أما الرحمة على إثمه فهو حسن و لكن حسدك إبليس و استنطقك بما ينقل من حسناتك إليه بما هو أكثر من رحمتك فيكون جبرا لإثم المرحوم فيخرج عن كونه مرجوما و تنقلب أنت مستحقا لأن تكون مرجوما إذ أحبط أجرك و نقصت من حسناتك. و كذلك الغضب لله لا يوجب الغيبة و إنما حبب إليك الشيطان الغيبة ليحبط أجر غضبك و تصير متعرضا لغضب الله بالغيبة و بالجملة فعلاج جميع ذلك المعرفة و التحقيق لها بهذه الأمور التي هي من أبواب الإيمان فمن قوي إيمانه بجميع ذلك انكف عن الغيبة لا محالة ثم ذكر رحمه الله الأعذار المرخصة في الغيبة فقال اعلم أن المرخص في ذكر مساءة الغير هو غرض صحيح في الشرع لا يمكن التوصل إليه إلا به فيدفع ذلك إثم الغيبة و قد حصروها في عشرة الأول الظلم فإن من ذكر قاضيا بالظلم و الخيانة و أخذ الرشوة كان مغتابا عاصيا و أما المظلوم من جهة القاضي فله أن يتظلم إلى من يرجو منه إزالة ظلمه و ينسب القاضي إلى الظلم إذ لا يمكنه استيفاء حقه إلا به

 و قد قال ص لصاحب الحق مقال

 و قال ص مطل الغني ظلم

 و قال ص مطل الواجد يحل عرضه و عقوبته

الثاني الاستعانة على تغيير المنكر و رد المعاصي إلى نهج الصلاح و مرجع الأمر في هذا إلى القصد الصحيح فإن لم يكن ذلك هو المقصود كان حراما. الثالث الاستفتاء كما تقول للمفتي ظلمني أبي و أخي فكيف طريقي في الخلاص و الأسلم في هذا التعريض بأن تقول ما قولك في رجل ظلمه أبوه أو أخوه

 و قد روي أن هندا قالت للنبي ص إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما   يكفيني أنا و ولدي أ فآخذ من غير علمه فقال خذي ما يكفيك و ولدك بالمعروف فذكرت الشح لها و لولدها و لم يزجرها رسول الله ص إذ كان قصدها الاستفتاء

و أقول الأحوط حينئذ التعريض لكون الخبر عاميا مع أنه يحتمل أن يكون عدم المنع لفسق أبي سفيان و نفاقه ثم قال. الرابع تحذير المسلم من الوقوع في الخطر و الشر و نصح المستشير فإذا رأيت متفقها يتلبس بما ليس من أهله فلك أن تنبه الناس على نقصه و قصوره عما يؤهل نفسه له و تنبيههم على الخطر اللاحق لهم بالانقياد إليه و كذلك إذا رأيت رجلا يتردد إلى فاسق يخفى أمره و خفت عليه من الوقوع بسبب الصحبة فيما لا يوافق الشرع فلك أن تنبهه على فسقه مهما كان الباعث لك الخوف على إفشاء البدعة و سراية الفسق و ذلك موضع الغرور و الخديعة من الشيطان إذ قد يكون الباعث لك على ذلك هو الحسد له على تلك المنزلة فيلبس عليك الشيطان ذلك بإظهار الشفقة على الخلق و كذلك إذا رأيت رجلا يشتري مملوكا و قد عرفت المملوك بعيوب مستنقصة فلك أن تذكرها للمشتري فإن في سكوتك ضررا للمشتري و في ذكرك ضررا للعبد لكن المشتري أولى بالمراعاة و لتقتصر على العيب المنوط به ذلك الأمر فلا تذكر في عيب التزويج ما يخل بالشركة أو المضاربة أو السفر مثلا بل تذكر في كل أمر ما يتعلق بذلك الأمر و لا تتجاوزه قاصدا نصح المستشير لا الوقيعة و لو علم أنه يترك التزويج بمجرد قوله لا يصلح لك فهو الواجب فإن علم أنه لا ينزجر إلا بالتصريح بعيبه فله أن يصرح به

 قال النبي ص أ ترعوون عن ذكر الفاجر حتى يعرفه الناس اذكروه بما فيه يحذره الناس

 و قال ص لفاطمة بنت قيس حين شاورته في خطابها أما معاوية فرجل صعلوك لا مال له و أما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه

الخامس الجرح و التعديل للشاهد و الراوي و من ثم وضع العلماء كتب الرجال و قسموهم إلى الثقات و المجروحين و ذكروا أسباب الجرح غالبا و يشترط إخلاص النصيحة في ذلك كما مر بأن يقصد في ذلك حفظ أموال المسلمين   و ضبط السنة و حمايتها عن الكذب و لا يكون حاملة العداوة و التعصب و ليس له إلا ذكر ما يحل بالشهادة و الرواية منه و لا يتعرض لغير ذلك مثل كونه ابن ملاعنة و شبهه إلا أن يكون متظاهرا بالمعصية كما سيأتي. السادس أن يكون المقول فيه مستحقا لذلك لتظاهره بسببه كالفاسق المتظاهر بفسقه بحيث لا يستنكف من أن يذكر بذلك الفعل الذي يرتكبه فيذكر بما هو فيه لا بغيره

 قال رسول الله ص من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له

و ظاهر الخبر جواز غيبته و إن استنكف عن ذكر ذلك الذنب و في جواز اغتياب مطلق الفاسق احتمال ناش

 من قوله ص لا غيبة لفاسق

و رد بمنع أصل الحديث أو بحمله على فاسق خاص أو بحمله على النهي و إن كان بصورة الخبر و هذا هو الأجود إلا أن يتعلق بذلك غرض ديني و مقصد صحيح يعود على المغتاب بأن يرجو ارتداعه عن معصيته بذلك فيلحق بباب النهي عن المنكر. السابع أن يكون الإنسان معروفا باسم يعرب عن غيبته كالأعرج و الأعمش فلا إثم على من يقول ذلك كأن يقول روى أبو الزناد الأعرج و سليمان الأعمش و ما يجري مجراه فقد نقل العلماء ذلك لضرورة التعريف و لأنه صار بحيث لا يكرهه صاحبه لو علمه بعد أن صار مشهورا به و الحق أن ما ذكره العلماء المعتمدون من ذلك يجوز التعويل فيه على حكايتهم و أما ما ذكره عن الإحياء فمشروط بعلم رضا المنسوب إليه لعموم النهي و حينئذ يخرج عن كونه غيبة و كيف كان فلو وجد عنه معدلا و أمكنه التعريف بعبارة أخرى فهو أولى و لذلك يقال للأعمى البصير عدولا عن اسم النقص. الثامن لو اطلع العدد الذين يثبت بهم الحد أو التعزير على فاحشة جاز ذكرها عند الحكام بصورة الشهادة في حضرة الفاعل و غيبته و لا يجوز التعرض لها في غير ذلك إلا أن يتجه فيه أحد الوجوه الأخرى. التاسع قيل إذا علم اثنان من رجل معصية شاهداها فأجرى أحدهما ذكرها في غيبة ذلك العاصي جاز لأنه لا يؤثر عند السامع شيئا و إن كان الأولى تنزيه النفس   و اللسان عن ذلك لغير غرض من الأغراض المذكورة خصوصا مع احتمال نسيان المقول له لذلك المعصية أو خوف اشتهارها عنهما. العاشر إذا سمع أحد مغتابا لآخر و هو لا يعلم استحقاق المقول عنه للغيبة و لا عدمه قيل لا يجب نهي القائل لإمكان استحقاق المقول عنه فيحمل فعل القائل على الصحة ما لم يعلم فساده لأن ردعه يستلزم انتهاك حرمته و هو أحد المحرمين و الأولى التنبيه على ذلك إلى أن يتحقق المخرج عنه لعموم الأدلة و ترك الاستفصال فيها و هو دليل إرادة العموم حذرا من الإغراء بالجهل و لأن ذلك لو تم لتمشى فيمن يعلم عدم استحقاق المقول عنه بالنسبة إلى السامع لاحتمال اطلاع القائل على ما يوجب تسويغ مقاله و هو هدم قاعدة النهي عن الغيبة و هذا الفرد يستثنى من جهة سماع الغيبة و قد تقدم أنه إحدى الغيبتين و بالجملة فالتحرز عنها من دون وجه راجح في فعلها فضلا عن الإباحة أولى لتتسم النفس بالأخلاق الفاضلة و يؤيده إطلاق النهي فيما تقدم

 لقوله ص أ تدرون ما الغيبة قالوا الله و رسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما يكره

و أما مع رجحانها كرد المبتدعة و زجر الفسقة و التنفير عنهم و التحذير من اتباعهم فذلك يوصف بالوجوب مع إمكانه فضلا من غيره و المعتمد في ذلك كله على المقاصد فلا يغفل المتيقظ عن ملاحظة مقصده و إصلاحه و الله الموفق انتهى ملخص كلامه نور الله ضريحه. و قال ولده السعيد السديد الفاضل المحقق المدقق الشيخ حسن نور الله ضريحه في أجوبة المسائل التي سأله عنها بعض السادة الكرام حيث قال قد نظرت في مسائلك أيها المولى الجليل الفاضل و السيد السعيد الماجد و أجبت التماسك لتحرير أجوبتها على حسب ما اتسع له المجال و أرجو إن شاء الله أن يكون مطابقا لمقتضى الحال و ذكرت أيدك الله بعنايته و وفقنا الله و إياك لطاعته أن تحريم الغيبة و نحوها من النميمة و سوء الظن هل يختص بالمؤمن أو يعم كل مسلم و أشرت إلى الاختلاف الذي يوهمه ظاهر كلام الوالد قدس سره حيث قال في ديباجة رسالته و نظرائهم   من المسلمين فإنه يعطي العموم و صرح في الروضة بتخصيص الحكم بالمسلم. الجواب لا ريب في اختصاص تحريم الغيبة بمن يعتقد الحق فإن أدلة الحكم غير متناولة لأهل الضلال أما الآية فلأنها خطاب مشافهة للمؤمنين بالنهي عن غيبة بعضهم بعضا مع التصريح بالتعليل الواقع فيها بتحقق الأخوة في الدين بين المغتاب و من يغتابه و أما الأخبار المروية في هذا الباب من طريق أهل البيت عليهم السلام فالحكم فيها منوط بالمؤمن أو بالأخ و المراد أخوة الإيمان فظاهر عدم تناول اللفظين لمن لا يعتقد الحق و في بعض الأخبار أيضا تصريح بالإذن في سب أهل الضلال و الوقيعة فيهم

 فروى الشيخ أبو جعفر الكليني رضي الله عنه في الصحيح عن داود بن سرحان عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص إذا رأيتم أهل الريب و البدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم و أكثروا من سبهم و القول فيهم و الوقيعة و باهتوهم كيلا يطغوا في الفساد في الإسلام و يحذرهم الناس و لا يتعلمون من بدعهم يكتب الله لكم بذلك الحسنات و يرفع لكم به الدرجات في الآخرة

و ما تضمنته عبارة الوالد في ديباجة الرسالة غير مناف لما في الروضة فإن كلمة من في قوله من المسلمين للتبعيض لا للتبيين و غير المؤمن ليس من نظرائه. و ينبغي أن يعلم أن ظاهر جملة من أخبارنا أن المراد بالإيمان في كلام أئمتنا ع معنى زائد على مجرد اعتقاد الحق و ذلك يقتضي عدم عموم تحريم معتقد الحق أيضا

 فروى الكليني في الصحيح عن أبي عبيدة عن أبي جعفر ع قال إنما المؤمن الذي إذا رضي لم يدخله رضاه في إثم و لا باطل و إذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحق و الذي إذا قدر لم تخرجه قدرته إلى التعدي إلى ما ليس له بحق

 و في الحسن عن ابن رئاب عن أبي عبد الله ع قال إنا لا نعد الرجل مؤمنا حتى يكون لجميع أمرنا متبعا مريدا ألا و إن من اتباع   أمرنا الورع فتزينوا به يرحمكم الله و كبدوا أعداءنا ينعشكم الله

 و في الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبي جعفر ع قال قال يا سليمان أ تدري من المسلم قلت جعلت فداك أنت أعلم قال من سلم المسلمون من لسانه و يده ثم قال أ و تدري من المؤمن قلت أنت أعلم قال المؤمن من ائتمنه المؤمنون على أنفسهم و أموالهم

 و عن ابن خالد عن أبي عبد الله ع قال من أقر بدين الله فهو مسلم و من عمل بما أمر الله فهو مؤمن

ثم ذكر بعض الأخبار التي مضت في معنى الإيمان و صفات المؤمن ثم قال قدس سره و ورد أيضا في عدة أخبار تعليق تحريم الغيبة على أمور زائدة على مجرد اعتقاد الحق منها حديث ابن أبي يعفور المتضمن لبيان معنى العدالة التي تقبل معها شهادة الشاهد و هو طويل مذكور في مواضع كثيرة من كتب أصحابنا

 و منها ما رواه الكليني بإسناده السابق عن ابن خالد عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله ع قال من عامل الناس فلم يظلمهم و حدثهم فلم يكذبهم و وعدهم فلم يخلفهم كان ممن حرمت غيبته و كملت مروته و ظهر عدله و وجبت أخوته

و بملاحظة هذه الأخبار يظهر أن المنع من غيبة الناس كما يميل إليه كلام الشهيد الأول في قواعده و الثاني في رسالته ليس بمتجه فإن دلالتها على اختصاص الحكم بغيره أظهر من أن يبين و أما ما أورده الوالد قدس سره في رسالته من الأخبار التي يظهر منها عموم المنع كلها من أخبار العامة فلا تصلح لإثبات حكم شرعي و عذره في إيرادها أنه إنما ذكرها في سياق الترهيب و شأنهم التسامح في مثله و قد سبقه إلى ذكره على النهج الذي سلكه بعض العامة يعني الغزالي فسهل عليه إيرادها و إلا فهي غير مستحقة لتعب تحصيلها و جمعها و خصوصا مع وجود الداعي لهم إلى اختلاق مثلها فإن كثرة عيوب أئمتهم و نقائص رؤسائهم يحوج إلى سد باب إظهارها بكل وجه ليروج حالهم و يأمنوا   نفرة الرعية منهم و إعراض الناس عنهم. و بالجملة فكما أن في التعرض لإظهار عيوب الناس خطرا و محذورا فكذا في حسم مادته و سد بابه فإنه معز لأهل النقائص و مرتكبي المعاصي بما هم عليه فلا بد من تخصيص الغيبة بمواضع معينة يساعدها الاعتبار و توافق مدلول الأخبار و في استثنائهم للأمور المشهورة التي نصوا على جوازها و هي بصورة الغيبة شهادة واضحة بما قلناه فإن مأخذه الاعتبار فهو قابل للزيادة و النقصان بحسب اختلاف الأفكار. و للسيد الإمام السعيد ضياء الدين أبي الرضا فضل الله بن علي الحسني في شرحه لكتاب الشهاب المتضمن للأخبار المروية عن النبي ص في الحكم و الآداب كلام جيد في تفسير قوله ص ليس لفاسق غيبة كلام يساعد على ما ذكرناه حيث قال إن الغيبة ذكر الغائب بما فيه من غير حاجة إلى ذكره ثم قال فأما إذا كان من يغتاب فاسقا فإنه ليس ما يذكر به غيبة و إنما يسمى ما يذكر به في غيبته غيبة إذا كان تائبا نادما فأما إذا كان مصرا عليه فإنها ليست بغيبة كيف و هو يرتكب ما يغتاب فيه جهارا و في أخبارنا و كلام بعض أهل اللغة ما يشهد له كقول الجوهري خلف إنسان مستور و كما في رواية الأزرق مما لا يعرفه الناس و رواية ابن سيابة ما ستر الله عليه. و الحاصل أن الاعتبار يقتضي اختصاص الحكم بالمستور الذي لا يترتب على معصيته أثر في غيره و يحتمل حالهم عدم الإصرار عليها إن كانت صغيرة و التوبة منها إن كانت كبيرة أو يرتجى له ذلك قبل ظهورها عنه و اشتهاره بها و لا يكون في ذكرها صلاح له كما إذا قصد تقريعه و ظن انزجاره و كان القصد خالصا من الشوائب و الأدلة لا تنافي هذا فلا وجه للتوقف فيه و إذا علم حكم غير المؤمن في الغيبة فالحال في نحوها من النميمة و سوء الظن أظهر فإن محذور النميمة هو كونها مظنة للتباعد و التباغض و ذلك في غير المؤمن تحصيل للحاصل و قريب منه الكلام في سوء الظن.

    ثم ذكرت أنه هل يفرق في ذلك بين ما يتضمن القذف و ما لا يتضمنه و الجواب أن القذف مستثنى من البين و له أحكام خاصة مقررة في محلها من كتب الفقه. و ذكرت أن الرواية التي حكاها الوالد في الرسالة من كلام عيسى ع مع الحواريين في شأن جيفة الكلب حيث قالوا ما أنتن جيفة هذا الكلب فقال ع ما أشد بياض أسنانه تدل على تحريم غيبة الحيوانات أيضا و سألت عن وجه الفرق بينها و بين الجمادات مع أن تعليل الحكم بأنه لا ينبغي أن يذكر من خلق الله إلا بالحسن يقتضي عدم الفرق و الجواب أنه ليس المقتضى لكلام عيسى ع كون كلام الحواريين غيبة بل الوجه أن نتن الجيفة و نحوها مما لا يلائم الطباع غير مستند إلى فعل من يحسن إنكار فعله و كلام الحواريين ظاهر في الإنكار كما لا يخفى فكان عيسى نظر إلى أن الأمور الملائمة و غيرها مما هو من هذا القبيل كلها من فعل الله تعالى على مقتضى حكمته و قد أمر بالشكر على الأولى و الصبر على الثانية و في إظهار الحواريين لإنكار نتن الرائحة دلالة على عدم الصبر أو الغفلة عن حقيقة الأمر فصرفهم عنه إلى أمر يلائم طباعهم و هو شدة بياض أسنان الكلب و جعله مقابلا للأمر الذي لا يلائم و شاغلا لهم. و هذا معنى لطيف تبين لي من الكلام فإن صحت الرواية فهي منزلة عليه و لكنها من جملة الروايات المحكية في كتب العامة انتهى و قال الشهيد رفع الله درجته في قواعده الغيبة محرمة بنص الكتاب العزيز و الأخبار و هي قسمان ظاهر و هو معلوم و خفي و هو كثير كما في التعريض مثل أنا لا أحضر مجلس الحكام أنا لا آكل أموال الأيتام أو فلان و يشير بذلك إلى من يفعل ذلك أو الحمد لله الذي نزهنا عن كذا يأتي به في معرض الشكر و من الخفي الإيماء و الإشارة إلى نقص في الغير و إن كان حاضرا و منه لو فعل كذا كان خيرا و لو لم يفعل كذا لكان حسنا و منه التنقص بمستحق الغيبة لينبه به على عيوب آخر غير مستحق للغيبة أما ما يخطر في النفس من نقائص الغير فلا يعد غيبة   لأن الله تعالى عفا عن حديث النفس و من الأخفى أن يذم نفسه بطرائق غير محمودة فيه أو ليس متصفا بها لينبه على عورات غيره و قد جوزت صورة الغيبة في مواضع سبعة. الأول أن يكون المقول فيه مستحقا لذلك لتظاهره بسببه كالكافر و الفاسق المتظاهر فيذكره بما هو فيه لا بغيره و منع بعض الناس من ذكر الفاسق و أوجب التعزير بقذفه بذلك الفسق و قد روى الأصحاب تجويز ذلك قال العامة حديث لا غيبة لفاسق أو في فاسق لا أصل له قلت و لو صح أمكن حمله على النهي أي خبر يراد به النهي أما من يتفكه بالفسق و يتبجح به في شعره أو كلامه فيجوز حكاية كلامه. الثاني شكاية المتظلم بصورة ظلمه. الثالث النصيحة للمستشير. الرابع الجرح و التعديل للشاهد و الراوي. الخامس ذكر المبتدعة و تصانيفهم الفاسدة و آرائهم المضلة و ليقتصر على ذلك القدر قال العامة من مات منهم و لا شيعة له تعظمه و لا خلف كتبا تقرأ و لا ما يخشى إفساده لغيره فالأولى أن يستر بستر الله عز و جل و لا يذكر له عيب البتة و حسابه على الله عز و جل

 و قال علي ع اذكروا محاسن موتاكم

 و في خبر آخر لا تقولوا في موتاكم إلا خيرا

السادس لو اطلع العدد الذين يثبت بهم الحد أو التعزير على فاحشة جاز ذكرها عند الحكام بصورة الشهادة في حضرة الفاعل و غيبته. السابع قيل إذا علم اثنان من رجل معصية شاهداها فأجرى أحدهما ذكرها في غيبة ذلك العاصي جاز لأنه لا يؤثر عند السامع شيئا و الأولى التنزه عن هذا لأنه ذكر له بما يكره لو كان حاضرا و لأنه ربما ذكر أحدهما صاحبه بعد نسيانه أو كان سببا لاشتهارها. و قال الشيخ البهائي روح الله روحه و قد جوزت الغيبة في عشرة مواضع   الشهادة و النهي عن المنكر و شكاية المتظلم و نصح المستشير و جرح الشاهد و الراوي و تفضيل بعض العلماء و الصناع على بعض و غيبة المتظاهر بالفسق الغير المستنكف على قول و ذكر المشتهر بوصف مميز له كالأعور و الأعرج مع عدم قصد الاحتقار و الذم و ذكره عند من يعرفه بذلك بشرط عدم سماع غيره على قول و التنبيه على الخطاء في المسائل العلمية و نحوها بقصد أن لا يتبعه أحد فيها. و أقول إنما أطنبت الكلام فيها لكثرة الحاجة إلى تحقيقها و وقوع الإفراط و التفريط من العلماء فيها و الله الموفق للخير و الصواب

2-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع قال من قال في مؤمن ما رأته عيناه و سمعته أذناه فهو من الذين قال الله عز و جل إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ

 بيان إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ قال الطبرسي أي يفشوا و يظهروا الزنا و القبائح فِي الَّذِينَ آمَنُوا بأن ينسبوها إليهم و يقذفوهم بها لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا بإقامة الحد عليهم وَ الْآخِرَةِ و هو عذاب النار. أقول و الغرض أن مورد الآية ليس هو البهتان فقط بل يشتمل ما إذا رآها و سمعها فإنه يلزمه الحد و التعزير إلا أن يكون بعنوان الشهادة عند الحاكم لإقامة حدود الله و يثبت عنده كما مر و إنما قال فِي الَّذِينَ لأن الآية تشمل البهتان و ذكر عيبه في حضوره و من أحب شيوعه و إن لم يذكر و من سمعه و رضي به و الوعيد بالعذاب في الجميع

3-  كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن داود بن سرحان قال سألت أبا عبد الله ع عن الغيبة قال هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل و تبث عليه أمرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه   حد

 بيان هو أن تقول الضمير للغيبة و تذكيره بتأويل الاغتياب أو باعتبار الخبر مع أنه مصدر لأخيك في دينه الظرف إما صفة لأخيك أي الأخ الذي كانت إخوته بسبب دينه فيكون للاحتراز عن غيبة الكافر و المخالف كما مر أو متعلق بالقول أي كان ذلك القول طعنا في دينه بنسبة كفر أو معصية إليه و تدل على أن الغيبة تشمل البهتان أيضا و كان هذا اصطلاح آخر للغيبة و على الأول يحتمل أن يكون المراد بما لم يفعل العيب الذي لم يكن باختياره و فعله الله فيه كالعيوب البدنية فيخص بما إذا كان مستورا فالأول لذكر العيوب و الثاني لذكر المعاصي فلا يكون اصطلاحا آخر و هذا وجه حسن. و ربما يحمل الدين على الوجه الثاني على الذل و هو أحد معانيه و في على التعليل أي تقول فيه لإذلاله ما لم يفعله و لم يكن باختياره كالأمراض و الفقر و أشباههما. لم يقم على بناء المفعول من الإفعال أي لم يقم الحاكم الشرعي عليه حدا أو لم يقم الله عليه أي لم يقرر عليه حدا في الكتاب و السنة أو على بناء الفاعل من باب نصر و ضمير عليه راجع إلى الأخ و ضمير فيه إلى الأمر و الجملة صفة بعد صفة أو حال بعد حال للأمر و يدل على أن ذكر الأمر المشهور من الذنوب ليس بغيبة و لا ريب فيه مع إصراره عليه و أما بعد توبته ذكره عند من لا يعلمه مشكل و الأحوط الترك و كذا بعد إقامة الحد عليه ينبغي ترك ذكره بذلك مع التوبة بل بدونها أيضا فإن الحد بمنزلة التوبة و قد روي النهي عن ذكره بسوء معللا بذلك و حمله على الشهادة لإقامة الحد كما زعم بعيد

4-  كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن أبيه عن هارون بن الجهم عن حفص بن عمر عن أبي عبد الله ع قال سئل النبي ص ما كفارة الاغتياب قال تستغفر الله لمن اغتبته كلما ذكرته

    بيان كلما ذكرته أي الرجل بالغيبة أو كفارة غيبة واحدة أن تستغفر له كلما ذكرت من اغتبته أو كل وقت ذكرت الاغتياب و في بعض النسخ كما ذكرته و حمل على أن ذلك بعد التوبة و ظاهره عدم وجوب الاستحلال ممن اغتابه و به قال جماعة بل منعوا منه و لا ريب أن الاستحلال منه أولى و أحوط إذا لم يصر سببا لمزيد إهانته و لإثارة فتنة لا سيما إذا بلغه ذلك و يمكن حمل هذا الخبر على ما إذا لم يبلغه و به يجمع بين الأخبار.

 و يؤيده ما روي في مصباح الشريعة عن الصادق ع أنه قال فإن اغتبت فبلغ المغتاب فلم يبق إلا أن تستحل منه و إن لم يبلغه و لم يلحقه علم ذلك فاستغفر الله له

 و روى الصدوق ره في الخصال و العلل بإسناده عن أسباط بن محمد رفعه إلى النبي ص أنه قال الغيبة أشد من الزنا فقيل يا رسول الله و لم ذاك قال صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه و صاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه حتى يكون صاحبه الذي يحله

و قيل يكفيه الاستغفار دون الاستحلال و ربما يحتج في ذلك بما روي

 عن النبي ص أنه قال كفارة من اغتبته أن تستغفر له

و قال مجاهد كفارة أكلك لحم أخيك أن تثني عليه و تدعو له بخير و سئل بعضهم عن التوبة عن الغيبة فقال تمشي إلى صاحبك و تقول كذبت فيما قلت و ظلمت و أسأت فإن شئت أخذت بحقك و إن شئت عفوت و ما قيل إن العرض لا عوض له فلا يجب الاستحلال منه بخلاف المال فلا وجه له إذ وجب في العرض حد القذف و تثبت المطالبة به. و قال المحقق الطوسي قدس سره في التجريد عند ذكر شرائط التوبة و يجب الاعتذار إلى المغتاب مع بلوغه و قال العلامة في شرحه المغتاب إما أن يكون بلغه اغتيابه أم لا و يلزم على الفاعل للغيبة في الأول الاعتذار إليه لأنه أوصل إليه ضرر الغم فوجب عليه الاعتذار منه و الندم عليه و في الثاني لا يلزمه الاعتذار و لا الاستحلال منه لأنه لم يفعل به ألما و في كلا القسمين يجب الندم   لله تعالى لمخالفته في النهي و العزم على ترك المواعدة انتهى و نحوه قال الشارح الجديد لكنه قال في الأول و لا يلزمه تفصيل ما اغتاب إلا إذا بلغه على وجه أفحش انتهى و لا بأس به. و قال الشهيد الثاني قدس الله لطيفه اعلم أن الواجب على المغتاب أن يندم و يتوب و يتأسف على ما فعله ليخرج من حق الله سبحانه و تعالى ثم يستحل المغتاب ليحله فيخرج عن مظلمته و ينبغي أن يستحله و هو حزين متأسف نادم على فعله إذ المرائي قد يستحل ليظهر من نفسه الورع و في الباطن لا يكون نادما فيكون قد قارف معصية أخرى و قد ورد في كفارتها حديثان

 أحدهما قوله ص كفارة من اغتبته أن تستغفر له

 و الثاني قوله ص من كانت عنده في قبله مظلمة في عرض أو مال فليتحللها منه من قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار و لا درهم يؤخذ من حسناته فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فزيدت على سيئاته

و يمكن أن يكون طريق الجمع حمل الاستغفار له على من لم تبلغ غيبته المغتاب فينبغي له الاقتصار على الدعاء و الاستغفار لأن في الاستحلال منه إثارة للفتنة و جلبا للضغائن و في حكم من لم يبلغه من لم يقدر على الوصول إليه بموت أو غيبة و حمل المحالة على من يمكن التوصل إليه مع بلوغه الغيبة و يستحب للمعتذر إليه قبول العذر و المحالة استحبابا مؤكدا

 قال الله تعالى خُذِ الْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ فقال رسول الله ص يا جبرئيل ما هذا العفو قال إن الله يأمرك أن تعفو عمن ظلمك و تصل من قطعك و تعطي من حرمك

 و في خبر آخر إذا جثت الأمم بين يدي الله تعالى يوم القيامة نودوا ليقم من كان أجره على الله تعالى فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا عن مظلمته

و روي عن بعضهم أن رجلا قال له إن فلانا قد اغتابك فبعث إليه طبقا من الرطب و قال بلغني أنك أهديت إلي حسناتك فأردت أن أكافيك عليها فأعذرني   فإني لا أقدر أن أكافيك على التمام و سبيل المعتذر أن يبالغ في الثناء عليه و التودد و يلازم ذلك حتى يطيب قلبه فإن لم يطب قلبه كان اعتذاره و تودده حسنة محسوبة له و قد يقابل بها سيئة الغيبة في القيامة. و لا فرق بين غيبة الصغير و الكبير و الحي و الميت و الذكر و الأنثى و ليكن الاستغفار و الدعاء له على حسب ما يليق بحاله فيدعو للصغير بالهداية و للميت بالرحمة و المغفرة و نحو ذلك و لا يسقط الحق بإباحة الإنسان عرضه للناس لأنه عفو عما لم يجب و قد صرح الفقهاء بأن من أباح قذف نفسه لم يسقط حقه من حده

 و ما روي عن النبي ص أ يعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان إذا خرج من بيته قال اللهم إني تصدقت بعرضي على الناس

معناه أني لا أطلب مظلمته في القيامة و لا أخاصم عليها و لا أن غيبته صارت بذلك حلالا و تجب النية لها كباقي الكفارات و الله الموفق انتهى كلامه

5-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن مالك بن عطية عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله ع قال من بهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيه بعثه الله في طينة خبال حتى يخرج مما قال قلت و ما طينة خبال قال صديد يخرج من فروج المومسات

 بيان في طينة خبال قال في النهاية فيه من شرب الخمر سقاه الله من طينة خبال يوم القيامة جاء تفسيره في الحديث أن الخبال عصارة أهل النار و الخبال في الأصل الفساد و يكون في الأفعال و الأبدان و العقول و قال الجوهري و الخبال أيضا الفساد و أما الذي في الحديث من قفا مؤمنا بما ليس فيه وقفه الله في ردغة الخبال حتى يجي‏ء بالمخرج منه فيقال هو صديد أهل النار قوله قفا أي قذف و الردغة الطينة انتهى حتى يخرج مما قال لعل المراد به الدوام و الخلود فيها إذ لا يمكنه إثبات ذلك و الخروج منه لكونه بهتانا أو المراد به خروجه من دنس الإثم بتطهير   النار له و قال الطيبي في شرح المشكاة حتى يخرج مما قال أي يتوب منه أو يتطهر أقول لعل مراده التوبة قبل ذلك في الدنيا و لا يخفى بعده و في النهاية فيه حتى تنظر في وجوه المومسات المومسة الفاجرة و تجمع على ميامس أيضا و موامس و قد اختلف في أصل هذه اللفظة فبعضهم يجعله من الهمزة و بعضهم يجعله من الواو و كل منهما تكلف له اشتقاقا فيه بعد انتهى و في الصحاح صديد الجرح ماؤه الرقيق المختلط بالدم قبل أن تغلظ المدة و إنما عبر عن الصديد بالطينة لأنها يخرج من البدن و كان جزؤه و نسب إلى الفساد لأنه إنما خرج عنها لفساد عملها أو لفساد أصل طينتها

6-  كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن العباس بن عامر عن أبان عن رجل لا نعلمه إلا يحيى الأزرق قال قال أبو الحسن ع من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه و من ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه و من ذكره بما ليس فيه فقد بهته

 بيان مما عرفه الناس أي اشتهر به فلو عرفه السامع أيضا فلا ريب أنه ليس بغيبة و لو لم يعرفه السامع و كان مشهورا به و لا يبالي بذكره فهو أيضا كذلك و لو كان مما يحزنه ففيه إشكال و قد مر القول فيه و الجواز أقوى و الترك أحوط و هذا إذا لم يرتدع منه و لم يتب و أما مع التوبة و ظهور آثار الندامة فيه فالظاهر عدم الجواز و إن اشتهر بذلك و أقيم عليه الحد و يدل أيضا على جواز ذكر الألقاب المشهورة كالأعمى و الأعور كما عرفت و يحتمل الخبر وجها آخر و هو أن يكون المراد بالناس من يذكر عندهم الغيبة و إن لم يعرفها غيرهم و لم يكن مشهورا بذلك لكنه بعيد. و قوله ع من خلفه يدل على أنه لو ذكره في حضوره بما يسوؤه لم تكن غيبة و إن كان حراما لأنه لا يجوز إيذاء المؤمن بل هو أشد من الغيبة و في القاموس بهته كمنعه بهتا و بهتا و بهتانا قال عليه ما لم يفعل و البهيتة الباطل   الذي يتحير من بطلانه و الكذب كالبهت بالضم

7-  كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن سيابة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه و أما الأمر الظاهر فيه مثل الحدة و العجلة فلا و البهتان أن تقول فيه ما ليس فيه

 بيان في القاموس الحدة بالكسر ما يعتري الإنسان من الغضب و النزق و العجلة بالتحريك السرعة و المبادرة في الأمور من غير تأمل و يفهم منه و مما سبق أن البهتان يشمل الحضور و الغيبة ثم ما ذكر في هذه الأخبار أنها ليست بغيبة يحتمل أن يكون المراد منها أنها ليست بغيبة محرمة أو ليست بغيبة أصلا فإنها حقيقة شرعية في المحرمة غير البهتان و ما كان بحضور الإنسان و قد يقال في البهتان أنها غيبة و بهتان و تجتمع عليه العقوبتان و هو بعيد

8-  ج، ]الإحتجاج[ عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال قال رجل لعلي بن الحسين ع إن فلانا ينسبك إلى أنك ضال مبتدع فقال له علي بن الحسين عليهما السلام ما رعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه و لا أديت حقي حيث أبلغتني عن أخي ما لست أعلمه إن الموت يعمنا و البعث محشرنا و القيامة موعدنا و الله يحكم بيننا إياك و الغيبة فإنها إدام كلاب النار و اعلم أن من أكثر من ذكر عيوب الناس شهد عليه الإكثار أنه إنما يطلبها بقدر ما فيه

9-  فس، ]تفسير القمي[ أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن فضالة عن ابن عميرة عن عبد الأعلى عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فلا يجلس في مجلس يسب فيه إمام أو يغتاب فيه مسلم إن الله يقول في كتابه وَ إِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا   إلى قوله مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ

 سر، ]السرائر[ من كتاب ابن قولويه عن عبد الأعلى مثله

10-  لي، ]الأمالي للصدوق[ في مناهي النبي ص أنه نهى عن الغيبة و الاستماع إليها و قال صلى الله عليه و آله من اغتاب امرأ مسلما بطل صومه و نقض وضوؤه و جاء يوم القيامة تفوح منه رائحة أنتن من الجيفة يتأذى به أهل الموقف فإن مات قبل أن يتوب مات مستحلا لما حرم الله و قال ص من كظم غيظا و هو قادر على إنفاذه و حلم عنه أعطاه الله أجر شهيد ألا و من تطول على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردها عنه رد الله منه ألف باب من السوء في الدنيا و الآخرة فإن هو لم يردها و هو قادر على ردها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرة

11-  لي، ]الأمالي للصدوق[ السناني عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن محمد بن سنان عن المفضل عن ابن ظبيان عن الصادق ع قال قال رسول الله ص أحق الناس بالذنب السفيه المغتاب و أذل الناس من أهان الناس و قال ع أقل الناس حرمة الفاسق

 مع، ]معاني الأخبار[ ابن الوليد عن الصفار عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير عن ابن عميرة عن الثمالي عن الصادق ع مثله

12-  لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن علي بن محمد بن قتيبة عن حمدان بن سليمان عن نوح بن شعيب عن محمد بن إسماعيل عن صالح عن علقمة قال قال الصادق ع و قد قلت له يا ابن رسول الله أخبرني عمن تقبل شهادته و من لا تقبل فقال يا علقمة كل من كان على فطرة الإسلام جازت شهادته قال فقلت له تقبل شهادة مقترف للذنوب فقال يا علقمة لو لم تقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إلا شهادات الأنبياء و الأوصياء صلوات الله عليهم لأنهم هم   المعصومون دون سائر الخلق فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة و الستر و شهادته مقبولة و إن كان في نفسه مذنبا و من اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولاية الله عز و جل داخل في ولاية الشيطان

 و لقد حدثني أبي عن أبيه عن آبائه ع أن رسول الله ص قال من اغتاب مؤمنا بما فيه لم يجمع الله بينهما في الجنة أبدا و من اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت العصمة بينهما و كان المغتاب في النار خالِداً فِيها وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ

 أقول قد مضى الخبر بتمامه في باب العدالة

13-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن إدريس عن أبيه عن ابن أبي الخطاب عن المغيرة بن محمد عن بكر بن خنيس عن أبي عبد الله الشامي عن نوف البكالي عن أمير المؤمنين ع أنه قال اجتنب الغيبة فإنها إدام كلاب النار ثم قال ع يا نوف كذب من زعم أنه ولد من حلال و هو يأكل لحوم الناس بالغيبة الخبر

14-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن الصفار عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران عن الصادق ع قال من قال في أخيه المؤمن ما رأته عيناه و سمعته أذناه فهو ممن قال الله عز و جل إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ

 فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله ع مثله

15-  مع، ]معاني الأخبار[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن المتوكل عن الحميري عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن ابن سيابة عن الصادق ع قال إن من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه و إن من البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه

16-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن الصفار عن البرقي عن أبيه عن غير واحد   عن الصادق ع قال لا تغتب فتغتب و لا تحفر لأخيك حفرة فتقع فيها فإنك كما تدين تدان

17-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن الصفار عن البرقي عن الحسين بن زيد عن السكوني عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص الجلوس في المسجد لانتظار الصلاة عبادة ما لم تحدث قيل يا رسول الله ص ما الحدث قال الاغتياب

 أقول قد مضى في صفات المنافقين إن خالفته اغتابك

18-  لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن سعد عن ابن أبي الخطاب عن علي بن النعمان عن عبد الله بن طلحة عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص الصائم في عبادة الله و إن كان نائما على فراشه ما لم يغتب مسلما

19-  لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن موسى عن الأسدي عن النخعي عن النوفلي عن حفص عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص من مدح أخاه المؤمن في وجهه و اغتابه من ورائه فقد انقطع ما بينهما من العصمة

20-  ثو، ]ثواب الأعمال[ لي، ]الأمالي للصدوق[ بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى يسقون من حميم الجحيم ينادون بالويل و الثبور يقول أهل النار بعضهم لبعض ما بال هؤلاء الأربعة قد آذونا على ما بنا من الأذى فرجل معلق في تابوت من جمر و رجل يجر أمعاءه و رجل يسيل فوه قيحا و دما و رجل يأكل لحمه فقيل لصاحب التابوت ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول إن الأبعد قد مات و في عنقه أموال الناس لم يجد لها في نفسه أداء و لا وفاء ثم يقال للذي يجر أمعاءه ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول إن الأبعد كان لا يبالي أين أصاب البول من جسده ثم يقال للذي يسيل فوه قيحا و دما ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى   فيقول إن الأبعد كان يحاكي فينظر إلى كل كلمة خبيثة فيسندها و يحاكي بها ثم يقال للذي كان يأكل لحمه ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى فيقول إن الأبعد كان يأكل لحوم الناس بالغيبة و يمشي بالنميمة

21-  مع، ]معاني الأخبار[ ل، ]الخصال[ ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن محمد بن زياد عن ابن عميرة قال قال الصادق من اغتاب أخاه المؤمن من غير ترة بينهما فهو شرك شيطان الخبر

 أقول قد مضى في باب جوامع المساوي عن أبي عبد الله ع لا يطمعن المغتاب في السلامة

22-  ل، ]الخصال[ الأربعمائة قال أمير المؤمنين ع إياكم و غيبة المسلم فإن المسلم لا يغتاب أخاه و قد نهى الله عز و جل عن ذلك فقال وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً و قال ع من قال لمؤمن قولا يريد به انتقاص مروته حبسه الله في طينة خبال حتى يأتي مما قال بمخرج

23-  ل، ]الخصال[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ تميم القرشي عن أحمد الأنصاري عن الهروي عن الرضا ع قال أوحى الله إلى نبي من أنبيائه إذا أصبحت فأول شي‏ء يستقبلك فكله و الثاني فاكتمه و الثالث فاقبله و الرابع فلا تؤيسه و الخامس فاهرب منه قال فلما أصبح مضى فاستقبله جبل أسود عظيم فوقف و قال أمرني ربي عز و جل أن آكل هذا و بقي متحيرا ثم رجع إلى نفسه فقال إن ربي جل جلاله لا يأمرني إلا بما أطيق فمشى إليه ليأكله فلما دنا منه صغر حتى انتهى إليه فوجده لقمة فأكلها فوجدها أطيب شي‏ء أكله ثم مضى فوجد طستا من ذهب قال أمرني ربي أن أكتم هذا فحفر له و جعله فيه و ألقى عليه التراب ثم مضى   فالتفت فإذا الطست قد ظهر قال قد فعلت ما أمرني ربي عز و جل فمضى فإذا هو بطير و خلفه بازي فطاف الطير حوله فقال أمرني ربي عز و جل أن أقبل هذا ففتح كمه فدخل الطير فيه فقال له البازي أخذت صيدي و أنا خلفه منذ أيام فقال إن ربي عز و جل أمرني أن لا أويس هذا فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ثم مضى فلما مضى إذا هو بلحم ميتة منتن مدود فقال أمرني ربي أن أهرب من هذا فهرب منه و رجع و رأى في المنام كأنه قد قيل له إنك قد فعلت ما أمرت به فهل تدري ما ذا كان قال لا قيل له أما الجبل فهو الغضب إن العبد إذا غضب لم ير نفسه و جهل قدره من عظم الغضب فإذا حفظ نفسه و عرف قدره و سكن غضبه كانت عاقبته كاللقمة الطيبة التي أكلتها و أما الطست فهو العمل الصالح إذا كتمه العبد و أخفاه أبي الله عز و جل إلا أن يظهره ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب الآخرة و أما الطير فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة فاقبله و اقبل نصيحته و أما البازي فهو الرجل الذي يأتيك في حاجة فلا تؤيسه و أما اللحم المنتن فهي الغيبة فاهرب منها

24-  مع، ]معاني الأخبار[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الهمداني عن علي عن أبيه عن ابن معبد عن ابن خالد عن الرضا عن أبيه عن الصادق صلوات الله عليهم قال إن الله تبارك و تعالى ليبغض البيت اللحم و اللحم السمين فقال له بعض أصحابه يا ابن رسول الله إنا لنحب اللحم و لا تخلو بيوتنا منه فكيف ذلك فقال ص ليس حيث تذهب إنما البيت اللحم البيت الذي يؤكل فيه لحوم الناس بالغيبة و أما اللحم السمين فهو المتجبر المتكبر المختال في مشيته

25-  ل، ]الخصال[ أبي عن علي الكمنداني عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال ثلاث من كن فيه أوجبن له أربعا   على الناس من إذا حدثهم لم يكذبهم و إذا خالطهم لم يظلمهم و إذا وعدهم لم يخلفهم وجب أن يظهر في الناس عدالته و يظهر فيهم مروته و أن تحرم عليهم غيبته و أن تجب عليهم أخوته

26-  ل، ]الخصال[ ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ بالأسانيد الثلاثة عن الرضا عن آبائه ع قال قال رسول الله ص من عامل الناس فلم يظلمهم و حدثهم فلم يكذبهم و وعدهم فلم يخلفهم فهو ممن كملت مروته و ظهرت عدالته و وجبت أخوته و حرمت غيبته

 صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عن الرضا عن آبائه ع مثله

27-  ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن محمد العطار عن الأشعري عن أبي عبد الله الرازي عن الحسن بن علي بن النعمان عن أسباط بن محمد رفعه إلى النبي ص أنه قال الغيبة أشد من الزنا فقيل يا رسول الله ص و لم ذاك قال صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه و صاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه حتى يكون صاحبه الذي يحله

 ع، ]علل الشرائع[ أبي عن محمد العطار عن الأشعري مثله

28-  ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن زياد عن جعفر عن أبيه ع قال قال النبي ص إياكم و الظن فإن الظن أكذب الكذب و كونوا إخوانا في الله كما أمركم الله لا تتنافروا و لا تجسسوا و لا تتفاحشوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً و لا تتباغوا و لا تتباغضوا و لا تتدابروا و لا تتحاسدوا فإن الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب اليابس

29-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن المرزباني عن محمد بن أحمد الحكيمي عن محمد بن   إسحاق عن داود بن المحبر عن عنبسة بن عبد الرحمن عن خالد بن يزيد عن أنس قال قال رسول الله ص كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته

 جا، ]المجالس للمفيد[ المرزباني مثله

30-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن الحسن بن حمزة الحسني عن علي بن إبراهيم فيما كتب على يد أبي نوح عن أبيه عن ابن بزيع عن عبيد الله بن عبد الله عن الصادق ع قال اذكروا أخاكم إذا غاب عنكم بأحسن ما تحبون أن تذكروا به إذا غبتم عنه الخبر

31-  ع، ]علل الشرائع[ ابن المتوكل عن الحميري عن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال اعلم أنه لا ورع أنفع من تجنب محارم الله و الكف عن أذى المؤمنين و اغتيابهم الخبر

32-  لي، ]الأمالي للصدوق[ الفامي عن الحميري عن أبيه عن البرقي عن هارون بن الجهم عن الصادق ع قال إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة

33-  ب، ]قرب الإسناد[ البزاز عن ابن البختري عن جعفر عن أبيه ع قال ثلاثة ليست لهم حرمة صاحب هوى مبتدع و الإمام الجائر و الفاسق المعلن الفسق

34-  جا، ]المجالس للمفيد[ ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أحمد بن محمد الجرجرائي عن إسحاق بن عبدون عن محمد بن عبد الله بن سلمان عن محمد بن إسماعيل الأحمسي عن المحاربي عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عيينة عن ابن أبي الدرداء عن أبيه قال نال رجل من عرض رجل عند النبي ص فرد رجل من القوم عليه فقال النبي ع من رد عن عرض أخيه كان له حجابا من النار

35-  ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن محمد بن همام عن حميد بن زياد   عن إبراهيم بن عبيد الله عن الربيع بن سليمان عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص من رد عن عرض أخيه المسلم كتب له الجنة البتة و من أتى إليه معروف فليكافئ فإن عجز فيلثن به فإن لم يفعل فقد كفر النعمة

 أقول سيأتي بعض الأخبار في باب ذي اللسانين و باب التهمة و باب تتبع العيوب

36-  ثو، ]ثواب الأعمال[ لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن محمد بن أبي القاسم عن محمد بن علي الكوفي عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد الله الصادق ع قال من روى على مؤمن رواية يريد بها شينه و هدم مروته ليسقط من أعين الناس أخرجه الله عز و جل من ولايته إلى ولاية الشيطان

 سن، ]المحاسن[ محمد بن علي عن محمد بن سنان مثله

37-  ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ البيهقي عن الصولي عن محمد بن يحيى بن أبي عباد عن عمه قال سمعت الرضا ع يوما ينشد شعرا فقلت لمن هذا أعز الله الأمير فقال لعراقي لكم قلت أنشدنيه أبو العتاهية لنفسه فقال هات اسمه و دع عنك هذا إن الله سبحانه و تعالى يقول وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ و لعل الرجل يكره هذا

38-  ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص من رد عن عرض أخيه المسلم وجبت له الجنة البتة

    ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن المتوكل عن الحميري عن ابن أبي الخطاب عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبي الورد عن أبي جعفر ع قال من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره و أعانه نصره الله في الدنيا و الآخرة و من اغتيب عنده أخوه المؤمن فلم ينصره و لم يدفع عنه و هو يقدر على نصرته و عونه خفضه الله في الدنيا و الآخرة

 سن، ]المحاسن[ محمد بن علي عن ابن محبوب مثله

39-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن الوليد عن ابن أبان عن الأهوازي عن فضالة عن ابن بكير عن أبي بصير عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص سباب المؤمن فسوق و قتاله كفر و أكل لحمه من معصية الله

 سن، ]المحاسن[ الأهوازي مثله

40-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن المتوكل عن محمد بن يحيى عن سهل عن يحيى بن المبارك عن ابن جبلة عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن موسى ع قال قلت له جعلت فداك الرجل من إخواني يبلغني عنه الشي‏ء الذي أكره له فأسأله عنه فينكر ذلك و قد أخبرني عنه قوم ثقات فقال لي يا محمد كذب سمعك و بصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامة و قال لك قولا فصدقه و كذبهم و لا تذيعن عليه شيئا تشينه به و تهدم به مروته فتكون من الذين قال الله عز و جل إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ

41-  ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن يزيد عن علي بن إسماعيل بن عمار عن ابن حازم قال قال أبو عبد الله ع قال رسول الله ص من أذاع فاحشة كان كمبتدئها و من عير مؤمنا بشي‏ء لا يموت حتى يركبه

    سن، ]المحاسن[ محمد بن علي و علي بن عبد الله عن ابن أبي عمير عن علي بن إسماعيل عن ابن حازم مثله

42-  صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عن الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين ع قال من كف عن أعراض المسلمين أقال الله تعالى عثرته يوم القيامة

43-  صح، ]صحيفة الرضا عليه السلام[ عن الرضا عن آبائه ع قال قال علي بن الحسين ع إياكم و الغيبة فإنها إدام كلاب النار

44-  سن، ]المحاسن[ عثمان بن عيسى عن مسمع البصري عن أبي عبد الله ع أن رجلا قال له إن من قبلنا يروون أن الله يبغض البيت اللحم قال صدقوا و ليس حيث ذهبوا إن الله يبغض البيت الذي يؤكل فيه لحوم الناس

45-  سن، ]المحاسن[ علي بن الحكم عن عروة بن موسى عن أديم بياع الهروي قال قلت لأبي عبد الله ع بلغنا أن رسول الله ص كان يقول إن الله يبغض البيت اللحم قال إنما ذاك البيت الذي يؤكل فيه لحوم الناس و قد كان رسول الله ص لحما يحب اللحم و قد جاءت امرأة إلى رسول الله ص تسأله عن شي‏ء و عائشة عنده فلما انصرفت و كانت قصيرة قالت عائشة بيدها تحكي قصرها فقال لها رسول الله ص تخللي قالت يا رسول الله و هل أكلت شيئا قال تخللي ففعلت فألقت مضغة من فيها

46-  سن، ]المحاسن[ محمد بن علي عن الحسن بن علي بن يوسف عن زكريا بن محمد الأزدي عن عبد الأعلى مولى آل سام قال قلت لأبي عبد الله ع إنا نروي عندنا من رسول الله ص أنه قال إن الله يبغض البيت اللحم فقال كذبوا إنما   قال رسول الله البيت اللحم الذين يغتابون الناس و يأكلون لحومهم و قد كان أبي لحما و لقد مات يوم مات و في كم أم ولده ثلاثون درهما للحم

47-  ضا، ]فقه الرضا عليه السلام[ اجتنبوا الغيبة غيبة المؤمن و احذروا النميمة فإنهما يفطران الصائم و لا غيبة للفاجر و شارب الخمر و اللاعب بالشطرنج و القمار

 و روي أن الغيبة تفطر الصائم

48-  مص، ]مصباح الشريعة[ قال الصادق ع الغيبة حرام على كل مسلم مأثوم صاحبها في كل حال و صفة الغيبة أن تذكر أحدا بما ليس هو عند الله عيب و تذم ما يحمده أهل العلم فيه و أما الخوض في ذكر غائب بما هو عند الله مذموم و صاحبه فيه ملوم فليس بغيبة و إن كره صاحبه إذا سمع به و كنت أنت معافا عنه خاليا منه تكون في ذلك مبينا للحق من الباطل ببيان الله و رسوله ص و لكن على شرط أن لا يكون للقائل بذلك مرادا غير بيان الحق و الباطل في دين الله و أما إذا أراد به نقض المذكور به بغير ذلك المعنى فهو مأخوذ بفساد مراده و إن كان صوابا فإن اغتبت فأبلغ المغتاب فلم يبق إلا أن تستحل منه و إن لم يبلغه و لم يلحقه علم ذلك فاستغفر الله له و الغيبة تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب أوحى الله تعالى عز و جل إلى موسى بن عمران ع المغتاب إن تاب فهو آخر من يدخل الجنة و إن لم يتب فهو أول من يدخل النار قال الله عز و جل أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ الآية و وجوه الغيبة يقع بذكر عيب في الخلق و الخلق و العقل و المعاملة و المذهب و الجيل و أشباهه و أصل الغيبة تتنوع بعشرة أنواع شفاء غيظ و مساعدة قوم و تهمة و تصديق خبر بلا كشفه و سوء ظن و حسد و سخرية و تعجب و تبرم و تزين فإن أردت السلامة فاذكر الخالق لا المخلوق فيصير لك مكان الغيبة عبرة و مكان الإثم ثوابا

    -49  شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الله بن حماد الأنصاري عن عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله ع الغيبة أن تقول في أخيك ما هو فيه مما قد ستره الله عليه فأما إذا قلت ما ليس فيه فذلك قول الله فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَ إِثْماً مُبِيناً

50-  شي، ]تفسير العياشي[ عن الفضل عن ابن أبي قرة عن أبي عبد الله ع في قول الله لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ قال من أضاف قوما فأساء ضيافتهم فهو ممن ظلم فلا جناح عليهم فيما قالوا فيه

 و أبو الجارود عنه ع قال الجهر بالسوء من القول أن يذكر الرجل بما فيه

51-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ من حضر مجلسا قد حضره كلب يفترس عرض أخيه أو إخوانه و اتسع جاهه فاستخف به و رد عليه و ذب عن عرض أخيه الغائب قيض الله الملائكة المجتمعين عند البيت المعمور لحجهم و هم شطر ملائكة السماوات و ملائكة الكرسي و العرش و هم شطر ملائكة الحجب فأحسن كل واحد بين يدي الله محضره يمدحونه و يقربونه و يقرظونه و يسألون الله تعالى له الرفعة و الجلالة فيقول الله تعالى أما أنا فقد أوجبت له بعدد كل واحد من مادحيكم له عدد جميعكم من الدرجات و قصور و جنان و بساتين و أشجار مما شئت مما لم يحط به المخلوقون

52-  م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ اعلموا أن غيبتكم لأخيكم المؤمن من شيعة آل محمد أعظم في التحريم من الميتة قال الله عز و جل وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ و إن الدم أخف عليكم في التحريم أكله من أن يشي أحدكم بأخيه المؤمن من شيعة آل محمد ص إلى سلطان جائر فإنه حينئذ قد أهلك نفسه و أخاه المؤمن و السلطان الذي وشى به إليه

53-  جع، ]جامع الأخبار[ قال النبي ص من اغتاب مسلما أو مسلمة لم يقبل الله صلاته و لا صيامه أربعين يوما و ليلة إلا أن يغفر له صاحبه

 و قال ص من اغتاب مسلما   في شهر رمضان لم يؤجر على صيامه

 و عن سعيد بن جبير عن النبي ص أنه قال يؤتى بأحد يوم القيامة يوقف بين يدي الله و يدفع إليه كتابه فلا يرى حسناته فيقول إلهي ليس هذا كتابي فإني لا أرى فيها طاعتي فيقال له إن ربك لا يضل و لا ينسى ذهب عملك باغتياب الناس ثم يؤتى بآخر و يدفع إليه كتابه فيرى فيها طاعات كثيرة فيقول إلهي ما هذا كتابي فإني ما عملت هذه الطاعات فيقال لأن فلانا اغتابك فدفعت حسناته إليك

 و قال ع كذب من زعم أنه ولد من حلال و هو يأكل لحوم الناس بالغيبة فإنها إدام كلاب النار

 و قال ع ما عمر مجلس بالغيبة إلا خرب من الدين فنزهوا أسماعكم من استماع الغيبة فإن القائل و المستمع لها شريكان في الإثم

 و قال ع إياكم و الغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا قالوا و كيف الغيبة أشد من الزنا قال لأن الرجل يزني ثم يتوب فتاب الله عليه و إن صاحب الغيبة لا يغفر حتى يغفر له صاحبه

 و قال ع عذاب القبر من النميمة و الغيبة و الكذب

 و قال ع من روى على أخيه المؤمن رواية يريد بها شينه و هدم مروته وقفه الله في طينة خبال فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ

54-  ختص، ]الإختصاص[ نظر أمير المؤمنين ع إلى رجل يغتاب رجلا عند الحسن ابنه ع فقال يا بني نزه سمعك عن مثل هذا فإنه نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك و قال رسول الله ص يا معشر من أسلم بلسانه و لم يخلص الإيمان إلى قلبه لا تذموا المسلمين و لا تتبعوا عوراتهم فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ففضحه في بيته

55-  ختص، ]الإختصاص[ عن الباقر ع قال وجدنا في كتاب علي ع أن رسول الله ص قال على المنبر و الله الذي لا إله إلا هو ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا و الآخرة إلا بحسن ظنه بالله عز و جل و الكف عن اغتياب المؤمنين و الله الذي لا إله إلا هو لا يعذب الله عز و جل مؤمنا بعذاب بعد التوبة و الاستغفار له إلا   بسوء ظنه بالله عز و جل و اغتيابه للمؤمنين

56-  ختص، ]الإختصاص[ قال رسول الله ص الغيبة أسرع في جسد المؤمن من الأكلة في لحمه و قال ص من أكل بأخيه المسلم أو شرب أو لبس به ثوبا أطعمه الله به أكلة من نار جهنم و سقاه سقية من حميم جهنم و كساه ثوبا من سرابيل جهنم و من قام بأخيه المسلم مقاما شانئا أقامه الله مقام السمعة و الرياء و من جدد أخا في الإسلام بنى الله له برجا في الجنة من جوهرة

57-  ختص، ]الإختصاص[ قال الصادق ع من روى على أخيه رواية يريد بها شينه و هدم مروته أوقفه الله في طينة خبال حتى يبتعد مما قال

 و قال رسول الله ص من أذاع فاحشة كان كمبتدئها و من عير مؤمنا بشي‏ء لم يمت حتى يركبه

58-  ختص، ]الإختصاص[ قال الصادق ع اذكر أخاك إذا تغيب عنك بأحسن مما تحب أن يذكرك به إذا تغيبت عنه و قال ع من عاب أخاه بعيب فهو من أهل النار

59-  ختص، ]الإختصاص[ قال الرضا ع من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له

60-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ فضالة عن الحسين بن عبد الله قال قال جعفر ع من كف عن أعراض الناس أقاله الله نفسه يوم القيامة و من كف غضبه عن الناس كف الله عنه عذاب يوم القيامة

61-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عليهم السلام عن علي ع قال قال رسول الله ص تحرم الجنة على ثلاثة على المنان و على المغتاب و على مدمن الخمر

62-  ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي البلاد عن أبيه رفعه قال قال رسول الله ص و هل يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم

63-  نهج، ]نهج البلاغة[ و من كلام له ع في النهي عن غيبة الناس فإنما ينبغي لأهل   العصمة و المصنوع إليهم في السلامة أن يرحموا أهل الذنوب و المعصية و يكون الشكر هو الغالب عليهم و الحاجز لهم عنهم فكيف بالعائب الذي عاب أخاه و عيره ببلواه أ ما ذكر موضع ستر الله عليه من ذنوبه ما هو أعظم من الذنب الذي عابه به و كيف يذمه بذنب قد ركب مثله فإن لم يكن ركب ذلك الذنب بعينه فقد عصى الله فيما سواه مما هو أعظم منه و ايم الله لئن لم يكن عصاه في الكبير و عصاه في الصغير لجرأته على عيب الناس أكبر يا عبد الله لا تعجل في عيب أحد بذنبه فلعله مغفور له و لا تأمن على نفسك صغير معصية فلعلك معذب عليه فليكفف من علم منكم عيب غيره لما يعلم من عيب نفسه و ليكن الشكر شاغلا له على معافاته مما ابتلي غيره به

64-  نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص من رد عن عرض أخيه المسلم وجبت له الجنة البتة

 و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص أربعة ليست غيبتهم غيبة الفاسق المعلن بفسقه و الإمام الكذاب إن أحسنت لم يشكر و إن أسأت لم يغفر و المتفكهون بالأمهات و الخارج عن الجماعة الطاعن على أمتي الشاهر عليها بسيفه

65-  الدرة الباهرة، قال علي بن الحسين ع و ليقل عيب الناس على لسانك

 و قال ع من رمى الناس بما فيهم رموه بما ليس فيه

66-  دعوات الراوندي، عن النبي ص قال ترك الغيبة أحب إلى الله عز و جل من عشرة آلاف ركعة تطوعا

 و قال ص أمسك لسانك فإنها صدقة تصدق بلسانك

 و قال ص ست خصال ما من مسلم يموت في واحدة منهن إلا كان ضامنا على الله أن يدخله الجنة رجل نيته أن لا يغتاب مسلما فإن مات على ذلك كان ضامنا على الله الخبر

 و روى ابن عباس عذاب القبر ثلاثة أثلاث ثلث للغيبة و ثلث للنميمة و ثلث للبول

    -67  نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع الغيبة جهد العاجز

 و قال ع قال رسول الله ص لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه و لا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه فمن استطاع منكم أن يلقى الله سبحانه و هو نقي الراحة من دماء المسلمين و أموالهم سليم اللسان من أعراضهم فليفعل

68-  كنز الكراجكي، قال الحسين بن علي ع لا تقولن في أخيك المؤمن إذا توارى عنك إلا مثل ما تحب أن يقول فيك إذا تواريت عنه

69-  عدة الداعي، فيما أوحى الله إلى داود ع يا داود نح على خطيئتك كالمرأة الثكلى على ولدها لو رأيت الذين يأكلون الناس بألسنتهم و قد بسطتها بسط الأديم و ضربت نواحي ألسنتهم بمقامع من نار ثم سلطت عليهم موبخا لهم يقول يا أهل النار هذا فلان السليط فاعرفوه

 و عن إسماعيل بن عمار عن أبي عبد الله ع قال من اغتيب عنده أخوه المؤمن فنصره و أعانه نصره الله في الدنيا و الآخرة و من لم ينصره و لم يدفع عنه و هو يقدر خذله الله و حقره في الدنيا و الآخرة

70-  أعلام الدين، قال عبد المؤمن الأنصاري دخلت على موسى بن جعفر عليهما السلام و عنده محمد بن عبد الله الجعفري فتبسمت إليه فقال أ تحبه فقلت نعم و ما أحببته إلا لكم فقال ع هو أخوك و المؤمن أخو المؤمن لأمه و لأبيه و إن لم يلده أبوه ملعون من اتهم أخاه ملعون من غش أخاه ملعون من لم ينصح أخاه ملعون من اغتاب أخاه

 و قال الصادق ع إياك و الغيبة فإنها إدام كلاب النار

71-  كتاب زيد النرسي، قال سمعته يقول إياكم و مجالس اللعان فإن الملائكة لتنفر عند اللعان و كذلك تنفر عند الرهان و إياكم و الرهان إلا رهان الخف و الحافر و الريش فإنه تحضر الملائكة فإذا سمعت اثنين يتلاعنان   فقل اللهم بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ صل على محمد و آل محمد و لا تجعل ذلك إلينا واصلا و لا تجعل للعنك و سخطك و نقمتك إلى ولي الإسلام و أهله مساغا اللهم قدس الإسلام و أهله تقديسا لا يسيغ إليه سخطك و اجعل لعنك على الظالمين الذين ظلموا أهل دينك و حاربوا رسولك و وليك و أعز الإسلام و أهله و زينهم بالتقوى و جنبهم الردى