التمثيل الثالث والأربعون- سورة يس

( أَوَلَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) (١).

تفسير الآيات

 

روى المفسرون أنّ أُبي بن خلف ، أو العاص بن وائل جاء بعظم بال متفتت ، وقال : يا محمد أتزعم انّ الله يبعث هذا ، فقال : نعم ، فنزلت الآية ( أَوَلَمْ يَرَ الإنسان ).

فضرب الكافر مثلاً ، وقال : كيف يحيي الله هذه العظام البالية ؟

وضرب سبحانه مثلاً آخر ، وهو انّه يحييها من أنشأها أوّلاً ، فمن قدر على إنشائها ابتداءً يقدر على الإعادة ، وهي أسهل من الإنشاء والابتداء ، وقد عرفت أنّ إطلاق لفظ الأسهلية إنّما هو من منظار الإنسان ، وأمّا الحقّ جلّ وعلا فكل الأشياء أمامه سواء.

قال سبحانه : ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً ) أي ضرب مثلاً في إنكار البعث بالعظام البالية ، واستغرب ممن يقول انّ الله يحيي هذه العظام ونسي خلقه ( قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) ومثل سبحانه بالرد عليه بمثال آخر ، وقال : ( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) من الابتداء والاعادة ، وقد مرّ هذا المثل بعبارة أُخرى في قوله : ( وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) (2).

__________________

(١) يس : ٧٧ ـ ٧٩.

(2) الروم : ٢٧.

 

تأليف: آية الله الشيخ جعفر السبحاني