مواعظ لقمان في الرزق

يا بني : ليعتبر من قصر يقينه وضعفت نيته في طلب الرزق ، ان الله تبارك وتعالى خلقه في ثلاثة احوال من امره واتاه رزقه ولم يكن له في واحدة منها كسب ولا حيلة ، والله تبارك وتعالى سيرزقه في الحالة الرابعة.

1 ـ واما اول ذلك : فكان في رحم امه يرزقه هناك في قرار مكين حيث لا يؤذيه حر ولا برد.

2 ـ ثم اخرجه من ذلك واجرى له رزقا من لبن امه يكفيه به ويربيه من غير حول ولا قوة.

3 ـ ثم فطم من ذلك فاجرى له رزقا من كسب ابويه ورافة له من قلوبهما لا يملكان غير ذلك ، حتى انهما يؤثرانه على انفسهما في احوال كثيرة.

حتى اذا كبر وعقل واكتسب وضاق به امره وظن الظنون بربه وجحد الحقوق في ماله ، وقتر على نفسه وعياله مخافة اقتار رزق وسوء يقين بالخلق من الله له في العاجل والآجل ! بئس العبد هذا يا بني. (1)

يا بني : واقنع بما قسم الله لك يصف عيشك وتسر نفسك وتستلذ حياتك ، وان اردت ان يجمع لك غنى الدنيا فاقطع طمعك عما في ايدي الناس ، فان ما بلغ الانبياء والصديقون ما بلغوا الا يقطع طمعهم عما في ايدي الناس.

يا بني : وكن مقتصدا ولا تكن مبذرا ، ولا تمسك المال تقتيرا ولا تعطه تبذيرا.

يا بني : اني قد ذقت الصبر وانواع المر فلم ار امر من الفقر ، فان افتقرت يوما فاجعل فقرك بينك وبين الله ، ولا تحدث الناس بفقرك فتهون عليهم.

________________________________________

1 ـ الخصال : ج 1 ص 60 عنه البحار : قصص لقمان