سورة الإسراء الآية 101-111

وَ لَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ: و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله- عزّ وجلّ-: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ قال: الطّوفان والجراد والقمّل والضّفادع والدّم والحجر والعصا ويده والبحر.

و في تفسير العيّاشي : عن سلام، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في هذه الآية، مثله.

 

و في قرب الإسناد ، بإسناده إلى موسى بن جعفر- عليه السّلام- قال: سألني نفر من اليهود عن الآيات التّسع الّتي أوتيها موسى بن عمران- عليه السّلام-.

فقلت: العصا، وإخراجه يده من  جيبه بيضاء، والجراد، والقمّل، والضفادع، والدّم، ورفع الطّور، والمنّ والسّلوى آية واحدة، وفلق البحر.

قالوا: صدقت.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

و في كتاب الخصال : عن هارون بن حمزة الغنويّ الصّيرفيّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سألته عن التّسع آيات  الّتي أوتي موسى.

فقال: الجراد والقمّل والضّفادع والدّم والطّوفان والبحر والحجر والعصا ويده.

و في الكافي : عليّ بن محمّد، عن عبد اللّه بن إسحاق، عن الحسن بن عليّ بن سليمان، عن محمّد بن عمران، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قدم على عليّ أمير المؤمنين- عليه السّلام- يهوديّ من أهل يثرب قد أقرّ له  في يثرب [من اليهود]  أنّه أعلمهم، وكذلك كانت آباؤه  من قبل.

قال: وقدم على أمير المؤمنين- عليه السّلام- في عدّة من أهل بيته، فلمّا انتهوا  إلى المسجد الأعظم بالكوفة، أناخوا رواحلهم، ثمّ وقفوا على باب المسجد وأرسلوا إلى‏أمير المؤمنين- عليه السّلام-: إنّا قوم من اليهود قدمنا من الحجاز ولنا إليك حاجة، فهل تخرج إلينا أم ندخل إليك؟

قال: فخرج إليهم وهو يقول: سيدخلون ويستأنفون  باليمين، فما حاجتكم؟

فقال أعظمهم : يا ابن أبي طالب، ما هذه البدعة الّتي أحدثت في دين محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-؟

فقال: أيّة بدعة ؟

فقال له اليهوديّ: زعم قوم من أهل الحجاز، أنّك عمدت إلى قوم شهدوا أن لا إله إلّا اللّه، ولم يقرّوا أنّ محمّدا رسول اللّه فقتلتهم بالدّخان.

فقال له أمير المؤمنين- صلوات اللّه عليه-: فنشدتك بالتّسع آيات  الّتي أنزلت على موسى بطور سيناء وبحقّ الكنائس الخمس القدس وبحقّ السّمت الديّان ، هل تعلم أنّ يوشع بن نون أتى بقوم بعد وفاة موسى شهدوا أن لا إله إلّا اللّه، ولم يقرّوا أنّ موسى رسول اللّه فقتلهم بمثل هذه القتلة؟

فقال له اليهوديّ: نعم، أشهد أنّك ناموس موسى- عليه السّلام-.

و الحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

و في مجمع البيان : وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ اختلف في هذه الآيات التّسع.

... إلى قوله: وقيل: إنّها تسع آيات في الأحكام ،

روى عبد اللّه بن سلمة، عن عنوان  بن عسّال، أنّ يهوديّا قال لصاحبه: تعال حتّى نسأل هذا النّبيّ.

فأتى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فسأله عن هذه الآية.

فقال: هو أن لا تشركوا باللّه شيئا، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النّفس الّتي‏حرم اللّه إلّا بالحقّ، ولا تمشوا بالبري‏ء  إلى سلطان ليقتله ، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الرّبا، ولا تقذفوا المحصنات، ولا تولّوا للفرار  يوم الزّحف، وعليكم خاصّة، يا يهود، أن لا تعتدوا في السّبت.

فقبّل يده وقال : أشهد أنّك نبيّ .

فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ: فقلنا له، أي: لموسى: سلهم من فرعون ليرسلهم معك.

أو سلهم عن حال دينهم، ويؤيّده قراءة رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-:

 «فسأل» على لفظ الماضي  بغير همزة، وهو لغة قريش. و«إذ» متعلّق «بقلنا»، أو «سأل» على هذه القراءة.

أو فاسأل، يا محمّد، بني إسرائيل عمّا جرى بين موسى وفرعون «إذ جاءهم».

أو عن الآيات ليظهر للمشركين صدقك، أو لتسلّي نفسك، أو لتعلم أنّه- تعالى- لو أتى بما اقترحوا لأصرّوا على العناد والمكابرة، كمن قبلهم، أو ليزداد يقينك لأنّ تظاهر الأدلّة يوجب قوّة اليقين وطمأنينة القلب، وعلى هذا كان نصب «إذ» «بآتينا»، أو بإضمار «يخبروك» على أنّ جواب الأمر، أو بإضمار «اذكر» على الاستئناف  فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً : سحرت، فتخبّط عقلك.

قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ: يا فرعون.

و قرأ  الكسائي، بالضّمّ، على إخباره عن نفسه. [و روي  أنّ عليّا- عليه السّلام- قال في عَلِمْتَ: واللّه، ما علم عدوّ اللّه، ولكنّ موسى هو الّذي علم‏] .

ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ، يعني: الآيات.

إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ: بيّنات تبصّرك صدقي ، ولكنّك تعاند.

و انتصابه على الحال.

وَ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً : مصروفا عن الخير مطبوعا على الشّرّ ، من قولهم: ما ثبرك عن هذا، أي: ما صرفك؟

أو هالكا قارع ظنّه بظنّه، وشتّان ما بين الظّنّين فإنّ ظنّه كذب بحت وظنّ موسى- عليه السّلام- يحوم حول اليقين من تظاهر أماراته.

و قرئ: «و إن لأخالك يا فرعون لمثبورا» على «إن» المخفّفة و«الّلام» هي الفارقة.

و في تفسير العيّاشي : عن العبّاس [بن معروف‏] ، عن أبي الحسن الرّضا- عليه السّلام- ذكر قول اللّه: يا فِرْعَوْنُ يا عاصي.

فَأَرادَ: فرعون.

أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ: أن يستخفّ موسى وقومه، وينفيهم مِنَ الْأَرْضِ أرض مصر ... أو الأرض مطلقا بالقتل والاستئصال.

فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً : فعكسنا عليه مكره، فاستفززناه وقومه بالإغراق.

وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ: من بعد فرعون وإغراقه. لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ:

الّتي أراد أن يستفزّكم منها.

فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ: الكرّة، أو الحياة، أو السّاعة، أو الدّار الآخرة، يعني قيام القيامة.جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً : مختلطين إيّاكم وإيّاهم، ثمّ نحكم بينكم ونميّز سعداءكم من أشقيائكم.

و «اللّفيف» الجماعات من قبائل شتّى.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ: أراد أن يخرجهم من الأرض، وقد علم فرعون وقومه ما أنزل تلك الآيات إلّا اللّه- عزّ وجلّ-.

و في رواية [عليّ بن‏]  إبراهيم : فَأَرادَ، يعني: فرعون. أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ أن يخرجهم من مصر . فَأَغْرَقْناهُ- إلى قوله- بِكُمْ لَفِيفاً، أي: من كلّ ناحية.

و فيه  قبل قوله: « [و في رواية]  عليّ بن إبراهيم» متّصل بقوله: «عزّ وجلّ» وقوله: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً يقول: جميعا.

وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ، أي: وما أنزلنا القرآن إلّا متلبّسا   بالحقّ المقتضي لإنزاله وما نزل إلّا متلبّسا بالحقّ الّذي اشتمل عليه.

و قيل : وما أنزلناه من السّماء إلّا محفوظا بالرّصد من الملائكة، وما نزل على الرّسول إلّا محفوظا بهم من تخليط الشّياطين. ولعلّه أراد به نفي اعتراء البطلان  له أوّل الأمر وآخره.

وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً: للمطيع بالثواب. وَنَذِيراً : للعاصي من العقاب، فلا عليك إلّا التّبشير والإنذار.

وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ: نزّلناه مفرّقا منجّما.

و قيل : فرقنا فيه الحقّ من الباطل، فحذف الجارّ، كما في قوله: ويوماشهدناه.

و في مجمع البيان : عن عليّ- عليه السّلام- فَرَقْناهُ بالتّشديد.

لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ: مهل وتؤدة، فإنّه أيسر للحفظ وأعون في الفهم.

و قرئ ، بالفتح، وهو لغة.

وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا : على حسب الحوادث.

قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا: فإنّ إيمانكم بالقرآن  لا يزيده كمالا، وامتناعكم عنه لا يورثه نقصا ، وقوله: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ تعليل له، أي: إن لم تؤمنوا به فقد آمن به من هو خير منكم، وهو العلماء، الّذين قرأوا الكتب السّابقة وعرفوا حقيقة الوحي وأمارات النّبوّة وتمكّنوا من الميز بين المحقّ والمبطل، أو رأوا نعتك وصفة ما أنزل إليك في تلك الكتب.

و يجوز أن يكون تعليلا «لقل» على سبيل التّسلية، كأنّه قيل: تسلّ بإيمان العلماء عن إيمان الجهلة، ولا تكترث بإيمانهم وإعراضهم.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : يعني: من أهل الكتاب الّذين آمنوا برسول اللّه.

إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ، أي: القرآن.

يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً : يسقطون على وجوههم تعظيما لأمر اللّه، أو شكرا لإنجاز وعده في تلك الكتب ببعثه محمّدا- صلّى اللّه عليه وآله- على فترة من الرّسل وإنزال القرآن عليه.

و في الكافي : عليّ بن محمّد، بإسناده قال: سئل أبو عبد اللّه- عليه السّلام- عمّن بجبهته علّة لا يقدر على السّجود عليها.

قال: يضع ذقنه على الأرض، إنّ اللّه- عزّ وجلّ- يقول: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً.و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن أبي الصّباح ، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قلت له: رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع أن يسجد عليها.

قال: يسجد ما بين طرف شعره، فإن لم يقدر سجد على حاجبه الأيمن، فإن لم يقدر فعلى حاجبه الأيسر، فإن لم يقدر فعلى ذقنه.

قلت: فعلى ذقنه؟

قال: [نعم،]  أما تقرأ كتاب اللّه- عزّ وجلّ-: يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً.

وَ يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا: عن خلف الوعد.

إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا : إنّه كان وعده كائنا لا محالة.

وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ: كرّره لاختلاف الحال والسّبب، فإنّ الأوّل  للشّكر عند إنجاز الوعد، والثّاني لما أثّر فيهم من مواعظ القرآن حال كونهم باكين من خشية اللّه.

و ذكر الذّقن، لأنّه أوّل ما يلقي الأرض من وجه السّاجد.

وَ يَزِيدُهُمْ: سماع القرآن خُشُوعاً ، كما يزيدهم علما ويقينا باللّه.

قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ‏

نزل حين سمع المشركون رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يقول: يا اللّه، يا رحمن. فقالوا: إنّه ينهانا  أن نعبد إلهين، وهو يدعو إلها آخر.

أو قالت اليهود: إنّك لتقلّ ذكر الرّحمن وقد أكثره اللّه في التّوراة.

فالمراد على الأوّل هو التّسوية بين اللّفظين، بأنّهما يطلقان على ذات واحدة وإن اختلف اعتبار إطلاقهما، والتّوحيد إنّما هو للذّات الّذي هو المعبود المطلق . وعلى‏الثّاني أنّهما سيّان في حسن الإطلاق والإفضاء إلى المقصود، وهو أجود  لقوله: أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى.

و الدّعاء في الآية بمعنى: التّسمية. وهو يتعدّى إلى مفعولين حذف أوّلهما استغناء عنه، و«أو» للتّخيير، والتّنوين في «أيّا» عوض عن المضاف إليه، و«ما» صلة لتأكيد ما في «أيّا» من الإبهام، والضّمير في «له» للمسمّى، لأنّ التّسمية له لا للاسم، وكان أصل الكلام: أيّا ما تدعوا فهو حسن، فوضع موضعه «فله الأسماء الحسنى» للمبالغة والدّلالة على ما هو الدّليل عليه، وكونها حسنى لدلالتها على صفات الجلال والإكرام.

و في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسين بن يزيد، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ اللّه- تبارك وتعالى- خلق اسما  بالحروف غير مصوّت ، وباللّفظ غير منطق، وبالشّخص غير مجسّد، وبالتّشبيه غير موصوف، وباللّون غير مصبوغ، منفيّ عنه الأقطار، مبعّد عنه الحدود محجوب عنه حسّ  كلّ متوهّم، مستتر غير مستور، فجعله  كلمة تامّة على أربعة أجزاء معا، ليس منها واحد قبل الآخر، فأظهر منها ثلاثة أسماء لفاقة الخلق إليها، وحجب منها واحدا وهو الاسم المكنون المخزون، فهذه الأسماء الّتي ظهرت، فالظّاهر هو اللّه- تبارك وتعالى-.

و سخّر سبحانه لكلّ اسم من هذه الأسماء أربعة أركان، فذلك اثنا عشر ركنا، ثمّ خلق لكلّ ركن منها ثلاثين اسما فعلا منسوبا إليها، فهو الرّحمن، الرّحيم، الملك، القدّوس، الخالق، البارئ، المصوّر، الحيّ، القيّوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، العليم، الخبير، السّميع، البصير، الحكيم، العزيز، الجبّار، المتكبّر، العليّ، العظيم، المقتدر، القادر، السّلام، المؤمن، المهيمن، البارئ ، المنشئ، البديع، الرّفيع، الجليل، الكريم، الرّازق، المحيي، المميت، الباعث، الوارث. فهذه الأسماء وما كان من الأسماء الحسنى حتّى تتمّ ثلاثمائة وستّين اسما فهي نسبة لهذه الأسماء الثّلاثة، وهذه‏الأسماء الثّلاثة أركان وحجب الاسم الواحد  المكنون المخزونة بهذه الأسماء الثّلاثة ، وذلك قوله- تعالى-: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ: الْأَسْماءُ الْحُسْنى.

أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبد اللّه، عن محمّد بن عبد اللّه، وموسى بن عمر، والحسن  بن عليّ بن عثمان، عن ابن سنان قال: سألت أبا الحسن الرّضا- عليه السّلام-: هل كان اللّه- عزّ وجلّ- عارفا بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟

قال: نعم.

قلت: يراها ويسمعها؟

قال: ما كان محتاجا إلى ذلك لأنّه لم يكن يسألها ولا يطلب منها، هو نفسه ونفسه هو، قدرته نافذة، فليس يحتاج أن يسمّي نفسه ولكنّه اختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها، لأنّه إذا لم يدع باسمه لم يعرف، فأوّل ما اختار لنفسه العليّ العظيم لأنّه أعلى الأشياء كلّها، فمعناه: اللّه، واسمه العلي العظيم، هو أوّل أسمائه علا على كلّ شي‏ء.

محمد بن يحيى ، عن عبد اللّه بن جعفر، عن السّيّاريّ، عن محمّد بن بكر، عن أبي الجارود، عن الأصبغ بن نباتة، عن أمير المؤمنين- عليه السّلام- أنّه قال: والّذي بعث محمّدا- صلّى اللّه عليه وآله- بالحقّ نبيّا وأكرم أهل بيته، فإنّه ما من شي‏ء تطلبونه من حرز، من حرق أو غرق أو سرق أو إفلات دابّة من صاحبها أو ضالّة أو آبق إلّا وهو في القرآن، فمن أراد ذلك فليسألني عنه.

قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرني عن السّرق فإنّه لا يزال قد يسرق لي  الشّي‏ء بعد الشّي‏ء ليلا.

فقال له: اقرأ إذا آويت  إلى فراشك: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ- إلى قوله- وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

و في كتاب التّوحيد ، بإسناده إلى الحسين بن سعيد الخزّاز: عن رجاله، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: اللّه غاية من [غيّاه، والمغيي غير الغاية، توحّد بالرّبوبيّة ووصف نفسه بغير محدوديّة به، فالذّاكر اللّه غير اللّه، واللّه غير أسمائه، وكلّ شي‏ء]  وقع عليه اسم شي‏ء سواه فهو مخلوق، ألا ترى إلى قوله : العزة لله العظمة للّه. وقال :

وَ لِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها. وقال: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى. فالأسماء مضافة إليه، وهو التّوحيد الخالص.

و في من لا يحضره الفقيه ، في وصيّة النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- لعليّ- عليه السّلام-: يا عليّ، أمان لأمّتي من السّرق قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا (إلى آخر السّورة).

وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ: بقراءة صلاتك حتّى تسمع المشركين، فإنّ ذلك يحملهم على السّبّ واللّغو فيها.

وَ لا تُخافِتْ بِها: حتّى لا يسمع من خلفك من المؤمنين.

وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ: بين الجهر والمخافتة.

سَبِيلًا : وسطا، فإنّ الاقتصاد في جميع الأمور محبوب.

و قيل : معناه: ولا تجهر بصلاتك [كلّها]  ولا تخافت بها بأسرها وابتغ بين ذلك سبيلا، بالإخفات، نهارا والجهر ليلا.

و في تفسير العيّاشي : عن سليمان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قول اللّه:

وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها  قال: الجهر بها رفع الصّوت، والمخافتة ما لم تسمع أذناك، وما بين ذلك ما تسمع أذنيك.عن الحلبيّ ، عن بعض أصحابنا عنه  قال: قال أبو جعفر لأبي عبد اللّه- عليهما السّلام-: [يا بنيّ،]  عليك بالحسنة بين السّيّئتين تمحوهما.

قال: وكيف ذلك يا أبة؟

قال: مثل [قول اللّه: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها لا تجهر بصوتك سيّئة، ولا تخافت بها سيّئة وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا حسنة.

عن أبي بصير ، عن أبي‏]  جعفر- عليه السّلام- في قوله: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها قال: نسختها فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ [وَ أَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ‏] .

 [عن زرارة  وحمران (و محمّد بن مسلم)  عن أبي جعفر- عليه السّلام- (و أبي عبد اللّه- عليه السّلام-)»

 

 في قوله: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها]  [وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا قال: كان رسول اللّه إذا كان بمكّة جهر بصوته فيعلم بمكانه المشركون وكانوا يؤذونه، فأنزلت هذه الآية عند ذلك‏] .

و في من لا يحضره الفقيه : وسأل محمّد بن عمران أبا عبد اللّه- عليه السّلام- فقال: لأيّ علّة يجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة، وسائر الصّلوات الظّهر والعصر لا يجهر فيهما؟

قال: لأنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- لمّا أسري به إلى السّماء، كان أوّل صلاة فرضها  اللّه عليه الظّهر يوم الجمعة، فأضاف اللّه- عزّ وجلّ- إليه الملائكة تصلّي خلفه، وأمر نبيّه- صلّى اللّه عليه وآله- أن يجهر بالقراءة ليبيّن لهم فضله. ثمّ فرض [اللّه‏]  عليه العصر ولم يضف إليه أحدا من الملائكة، وأمره أن يخفي القراءة لأنّه لم يكن وراءه أحد.ثمّ فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة، وأمره بالإجهار، وكذلك العشاء الآخرة.

فلمّا كان قرب الفجر نزل ففرض اللّه- عزّ وجلّ- عليه الفجر، فأمره بالإجهار ليبيّن للنّاس فضله، كما بيّن للملائكة، فلهذه العلّة يجهر فيها.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

و في قرب الإسناد  للحميريّ، بإسناده إلى عليّ بن جعفر: عن أخيه، موسى بن جعفر- عليهما السّلام- قال: سألته عن الرجل يصلّي الفريضة ما يجهر  بالقراءة، هل عليه أن يجهر؟

قال: إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر.

و في الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها.

قال: المخافتة ما دون سمعك، والجهر أن ترفع صوتك شديدا.

عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام- أعلى الإمام أن يسمع من خلفه وإن كثروا؟

قال: ليقرأ قراءة وسطا، [يقول اللّه- تبارك وتعالى-:]  وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثني أبي، عن الصّباح، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها قال: [الجهر بها رفع الصّوت، والتّخافت ما لم تسمع نفسك، واقرأ ما بين ذلك.

روي- أيضا- : عن أبي جعفر الباقر- عليه السّلام- في قوله وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها قال:]  الإجهار أن ترفع صوتك حتّى تسمعه من بعد عنك وأن لا تسمع‏من معك إلا يسيرا .

و في الاستبصار : روى حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه، أو أخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه.

فقال: أيّ  ذلك فعل متعمّدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة، وإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شي‏ء عليه، وقد تمّت صلاته.

و في تفسير العيّاشي : عن زرارة وحمران ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه- عليهما السّلام- في قوله- تعالى- : وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها .

و فيه : عن أبي حمزة الثّماليّ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: سألته عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ (الآية).

قال: تفسيرها، ولا تجهر بولاية عليّ ولا بما أكرمته به حتّى آمرك بذلك. وَلا تُخافِتْ بِها، يعني: لا تكتمها عليّا وأعلمه بما أكرمته [به‏] .

عن جابر ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: سألته عن تفسير هذه الآية في قول اللّه: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا.

قال: لا تجهر بولاية عليّ، فهو الصّلاة، ولا بما أكرمته به حتّى آمرك به، وذلك قوله: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ.

 [و أمّا قوله:]  وَلا تُخافِتْ بِها [فإنّه‏]  يقول: ولا تكتم ذلك عليّا، يقول، أعلمه بما  أكرمته به.

فأمّا قوله: وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا يقول: تسألني أن آذن لك  أن تجهر بأمر عليّ بولايته، فأذن له بإظهار ذلك يوم غدير خمّ، فهو قوله يومئذ: الّلهمّ، من كنت مولاه‏فعليّ مولاه، الّلهمّ، وال من والاه وعاد من عاداه.

وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ: في الألوهيّة.

وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ: وليّ يواليه من أجل مذلّة به ليدفعها بموالاته.

نفى عنه أن يكون له ما يشاركه من جنسه ومن غير جنسه اختيارا أو اضطرارا، أو ما يعاونه ويقوّيه .

و رتّب الحمد  عليه للدّلالة على أنّه الّذي يستحقّ جنس الحمد، لأنّه كامل الذّات، المتفرّد بالإيجاد، المنعم على الإطلاق، وما عداه ناقص مملوك نعمة أو منعم عليه، ولذلك عطف عليه قوله: وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً .

و فيه تنبيه على أنّ العبد وإن بالغ في التّنزيه والتّمجيد واجتهد في العبادة والتّحميد، ينبغي أن يعترف بالقصور عن حقّه في ذلك.

و في أصول الكافي : الحسين بن محمّد الأشعريّ، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: أتى النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- رجل، فقال: يا نبيّ اللّه، الغالب عليّ الدّين ووسوسة الصّدر.

فقال له- صلّى اللّه عليه وآله-: قل: توكّلت على الحيّ الّذي لا يموت، والحمد للّه الّذي لم يتّخذ  ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليّ من الذّل، وكبّره تكبيرا.

قال: فصبر الرّجل ما شاء اللّه، ثمّ مرّ على النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- فهتف به، فقال: ما صنعت؟

فقال: أدمنت ما قلت لي، يا رسول اللّه، فقضى اللّه ديني وأذهب وسوسة صدري.محمّد بن يحيى،  عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن الثّماليّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: جاء رجل إلى النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- فقال: يا رسول اللّه، لقد لقيت [شدّة]  من وسوسة الصّدر وأنا رجل مدين معيل محوج.

فقال له: كرّر هذه الكمات: توكّلت على الحيّ الّذي لا يموت، والحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدا ، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليّ من الذّل، وكبّره تكبيرا.

فلم يلبث أن جاء ، فقال: أذهب اللّه عنّي وسوسة  صدري، وقضى عنّي ديني، ووسّع عليّ رزقي.

و في روضة الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن النّوفليّ، عن السّكونيّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: فقد النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- رجلا من الأنصار، فقال: ما غيّبك عنّا؟

فقال: الفقر، يا رسول اللّه، وطول السّقم.

فقال له رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: ألا أعلّمك كلاما إذا قلته ذهب عنك الفقر والسّقم؟

فقال : بلى يا رسول اللّه.

فقال: إذ أصبحت وأمسيت فقل: لا حول ولا قوّة إلّا باللّه، توكّلت على الحيّ الّذي لا يموت، والحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليّ من الذّل، وكبّره تكبيرا.

فقال الرّجل: [فو اللّه،]  ما قلته إلّا ثلاثة أيّام حتّى ذهب عنّي الفقر والسّقم.

و في تفسير العيّاشي : عن عبد اللّه بن سنان قال: شكوت إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام-.فقال: ألا أعلّمك شيئا إذا قلته قضى اللّه دينك وأنعشك وأنعش حالك؟

فقلت: ما أحوجني إلى ذلك! فعلّمه  هذا الدّعاء: قل في دبر صلاة الفجر: توكّلت على الحيّ الّذي لا يموت، والحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليّ من الذّلّ، وكبّره تكبيرا، الّلهمّ، إنّي أعوذ بك من البؤس والفقر ومن غلبة الدّين والسّقم، واسألك أن تعينني على أداء حقّك إليك وإلى النّاس.

و في تهذيب الأحكام ، في الموثق: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: والرّجل إذا قرأ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً. أن يقول: اللّه أكبر، اللّه أكبر، [اللّه أكبر] .

قلت: فإن لم يقل الرّجل شيئا من هذا إذا قرأ؟

قال: ليس عليه شي‏ء.

و الحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.

و في كتاب التّوحيد : خطبة لأمير المؤمنين- عليه السّلام- يقول فيها: الحمد للّه الّذي [لا يموت ولا تنقضي عجائبه، لأنّه كلّ يوم في شأن من إحداث بديع لم يكن، الّذي‏]  لم يولد فيكون في العزّ مشاركا، ولم يلد فيكون موروثا هالكا.

و بإسناده  إلى المفضّل عن عمر قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: الحمد للّه الّذي لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك.

و بإسناده  إلى يعقوب السّرّاج: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه قال في حديث له: لم يلد لأن الولد يشبه أباه، ولم يولد فيشبه من كان قبله.

و بإسناده  إلى حمّاد بن عمرو النّصيبيّ قال: سألت جعفر بن محمّد- عليه السّلام- عن التّوحيد.

فقال: واحد صمد، أزليّ صمديّ، لا ظلّ له يمسكه وهو يمسك الأشياء بأظلّتها، [عارف بالمجهول، معروف عند كلّ جاهل، فردانيّ لا خلقه فيه ولا هو في خلقه، غيرمحسوس ولا مجسوس ولا تدركه الأبصار، علا فقرب، ودنا فبعد، وعصي فغفر، وأطيع فشكر، لا تحويه أرضه، ولا تقلّه سماواته، وإنّه حامل الأشياء بقدرته، ديموميّ، أزليّ، لا ينسى ولا يلهو ولا يغلط ولا يلعب، ولا لإرادته فصل، وفصله جزاء، وأمر واقع،] ، لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك، ولم يكن له كفوا أحد.

و بإسناده  إلى ابن أبي عمير: عن موسى بن جعفر- عليهما السّلام- أنّه قال: واعلم أنّ اللّه- تبارك وتعالى- واحد أحد صمد، لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك.

و في نهج البلاغة : لم يلد فيكون مولودا، ولم يولد فيصير محدودا، جلّ عن اتّخاذ الأبناء.

و في أصول الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن العبّاس بن عمرو الفقيميّ ، عن هشام بن الحكم، في حديث الزّنديق الّذي أتى أبا عبد اللّه، وكان من قول أبي عبد اللّه- عليه السّلام-: لا يخلو قولك: إنّهما اثنان، من أن يكونا قديمين قويّين، أو يكونا ضعيفين، أو يكون أحدهما قويّا والآخر ضعيفا.

فإن كان قويّين، فلم لا يدفع كلّ منهما صاحبه وينفرد بالتّدبير؟ وإن زعمت أنّ أحدهما قويّ والآخر ضعيف ثبت أنّه واحد، كما تقول للعجز الظّاهر في الثّاني.

فإن قلت: إنّهما اثنان، لم يخل من أن يكونا متّفقين من كلّ جهة، أو مفترقين  من كلّ جهة. فلمّا رأينا الخلق منتظما والفلك جاريا والتّدبير واحدا واللّيل والنّهار والشّمس والقمر، دلّ صحّة الأمر والتدبير وائتلاف الأمر على أنّ المدبّر واحد. ثمّ يلزمك إن ادّعيت اثنين فرجة ما بينهما حتّى يكونا اثنين، فصارت الفرجة ثالثا بينهما قديما معهما فيلزمك ثلاثة. فإن ادّعيت ثلاثة لزمك ما قلنا  في الاثنين حتّى تكون بينهم فرجتان ، فيكونوا خمسة، ثمّ يتناهى في العدد إلى ما لا نهاية له في الكثرة.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

و في كتاب الإهليلجة : قال الصّادق- عليه السّلام- في كلام طويل: فعرف‏القلب بعقله أنّه لو كان معه شريك كان ضعيفا ناقصا، ولو كان ناقصا ما خلق الإنسان، ولا اختلفت التّدابر وانتقضت  الأمور مع النقص  الّذي به يوصف الأرباب المتفرّدون والشّركاء المتعانتون .

و في مصباح الزّائر  لابن طاوس- رحمه اللّه- في دعاء الحسين- عليه السّلام- يوم عرفة: الحمد للّه الّذي لم يتّخذ ولدا فيكون موروثا، ولم يكن له شريك في الملك فيضادّه فيما ابتدع، ولا وليّ من الذّل ليرفده فيما صنع.

و في كتاب طبّ الأئمّة - عليهم السّلام- بإسناده إلى جابر: عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: جاء رجل من خراسان إلى عليّ بن الحسين- عليه السّلام- فقال: يا ابن رسول اللّه، حجت ونويت عند خروجي أن أقصدك، فإنّ بي وجع الطّحال وأن تدعو لي  بالفرج.

فقال له عليّ بن الحسين- عليه السّلام-: قد كفاك اللّه ذلك وله الحمد، فإذا أحسست به فاكتب هذه الآية بزعفران وماء زمزم واشربه، فإنّ اللّه- تعالى- يدفع عنك ذلك الوجع: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا، وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً. قال: لم يذلّ فيحتاج إلى وليّ ينصره.

و في كتاب الخصال : عن جابر بن عبد اللّه، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- حديث طويل، يقول فيه- صلّى اللّه عليه وآله- حاكيا عن اللّه- تبارك وتعالى-: وأعطيت‏لك ولأمّتك التّكبير.

و في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن ابن محبوب، عمّن ذكره، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال رجل عنده: اللّه اكبر.

 [فقال: اللّه أكبر من أيّ شي‏ء؟

فقال:]  من كلّ شي‏ء.

فقال أبو عبد اللّه- عليه السّلام- حددّته.

فقال الرّجل: كيف أقول؟

قال: قل: اللّه أكبر من أن يوصف.

و رواه محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن مروك بن عبيد، عن جميع بن عمير  قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: أيّ شي‏ء اللّه أكبر؟

فقلت: اللّه أكبر من كلّ شي‏ء.

فقال: وكان ثمّ  شي‏ء فيكون أكبر منه؟

فقلت: فما هو؟

 [قال: أكبر من أن يوصف.

في كتاب من لا يحضره الفقيه ، بإسناده إلى سليمان بن مهران‏]  قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: فكيف صار التّكبير يذهب بالضّغاط هناك ؟

قال لأنّ قول العبد: اللّه أكبر، معناه: اللّه أكبر من أن يكون مثل الأصنام المنحوتة والآلهة المعبودة.

و في كتاب مقتل الحسين - عليه السّلام- لأبي مخنف: أنّ يزيد- لعنه اللّه- قال للمؤذّن: قم، يا مؤذّن، فأذّن.

فقال: اللّه أكبر، اللّه أكبر.

فقال له زين العابدين- عليه السّلام-: صدقت، اللّه أكبر من كلّ شي‏ء.

و في مجمع البيان : وروي أنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- كان يعلّم أهله هذه الآية وما قبلها ... عن ابن عبّاس ومجاهد وسعيد بن جبير.