الغنائم

وردت هذه الألفاظ الثلاثة في القرآن الكريم ، قال تعالى :  وَاعلَمُوا أَ نَّمَا غَنِمتُم مِّن شَيءٍ فَأَنَّ للّه‏ِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذي القُربَى وَاليَتامَى وَالمَسَاكِينِ وَابنِ السَّبِيلِ ([1]) .

وفي الآية الاُولى من هذه السورة :  يَسأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ للّه‏ِِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللّه‏َ وَأَصلِحُوا ذَاتَ بَينِكُم  .

و  مَّا أَفَاءَ اللّه‏ُ عَلَى رَسُولِهِ مِن أَهلِ القُرَى فَلِلّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُربَى وَاليَتامَى وَالمَسَاكِينِ وَابنِ السَّبيلِ كَي لاَ يَكُونَ دُولَةً بَينَ الأَغنِيَاءِ مِنكُم ([2]) .

وينبغي التنبّه إلى هذه الآية والآية الاُولى قد ساوتا في الحكم بين الفيء والغنيمة ، وجعلتهما للّه‏ والرسول والقربى واليتامى والمساكين وابن السبيل .

والغنيمة هي الفائدة المكتسبة من أيّ سبيل كان ، من التجارة والصناعة والزراعة ومن الحرب والقتال . والغنيمة المقصودة في هذا الفصل هي ما اُخذت بالحرب والغلبة وإيجاف الخيل والركاب .

ومعنى الفيء في اللغة الرجوع ، وفي اصطلاح الفقهاء ما اُخذ من الكفّار من غير قتال ، قال تعالى :  وَمَا أَفَاءَ اللّه‏ عَلَى رَسُولِهِ مِنهُم فَمَا أَوجَفتُم عَلَيهِ مِن خيلٍ وَلاَ رِكَابٍ ([3]) . أي لم تسيروا إليها على الخيل ولا الإبل ، وعليه يكون الفيء مختصّاً بما اُخذ من دون قتال ، والغنيمة تعمّ ما يؤخذ بالحرب والقتال .

والأنفال جمع نفل ، وهو في اللغة الزيادة ، ومنه قوله تعالى :  وَوَهَبنَا لَهُ إِسحَاقَ وَيَعقُوبَ نَافِلَةً ([4]) . وفي اصطلاح الفقهاء ما اُخذ من الكفّار بغير حرب وهو للرسول  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم ومن بعد للإمام ، وقد تكلّمنا عن سهم الإمام في باب الخمس ، والمقصود هنا في البحث الغنائم التي يحصل عليها المجاهدون بالحرب والغلبة .

__________________________________

[1] الأنفال : 41 .

[2] الحشر : 7 .

[3] الحشر : 6 .

[4] الأنبياء 72 .

 

 

سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام : السريّة يبعثها الإمام فيصيبون غنائم كيف تقسّم ؟ قال : « إن قاتلوا عليها مع أمير أمّره الإمام عليهم أخرج منها الخمس للّه‏ وللرسول وقسّم بينهم أربعة أخماس ، وإن لم يكونوا قاتلوا عليها المشركين كان كلّ ما غنموا للإمام يجعله حيث أحبّ »([1]) .

وقال [  عليه‏السلام] : « إنّما تصرف السهام على ما حوى العسكر »([2]) . أي من كان مع العسكر يسهم له وإن لم يقاتل ، حتّى الطفل إذا ولد مع العسكر اُسهم له . فقد روى الإمام الصادق  عليه‏السلام عن أبيه عن جدّه [  عليهماالسلام] : « أنّ عليّاً أمير المؤمنين  عليه‏السلام قال : إذا ولد المولود في أرض اُسهم له »([3]) . و « إذا كان مع الرجل أفراس في الغزوّ لم يسهم إلاّ لفرسين منها »([4]) . وأ نّه ساوى في القسمه بين الناس .

وسئل عن رجل كان معه فرس ولكن لم يقاتل عليه بل قاتل وهو في السفينة ؟ قال [  عليه‏السلام] : « للفارس سهمان ، وللراجل سهم »([5]) . والمراد بالفارس هنا الراكب في السفينة .

الفقهاء :

قسّموا غنيمة الحرب إلى ثلاثة أقسام :

1 ـ  ما ينقل كالنقود والحيوانات والأمتعة ، والّذي يصلح تملّكه من هذا النوع يخرج الإمام أو نائبه منه أوّلاً وقبل كلّ ما يخصّ به من أسدى خدمة للإسلام والمسلمين ، ثمّ يخرج الخمس له خاصّة ، والأربعة أخماس الباقية يقسّمها بالسويّة بين المقاتلين ومن حضر حتّى ولو لم يقاتل ، بل حتّى الطفل إذا ولد بعد الحيازة وقبل القسمة .

ويعطى الراجل سهماً واحداً ، والفارس سهمين : واحداً له والثاني لفرسه ، ومن كان معه فرسان أو أكثر أخذ ثلاثة أسهم ، ولا يسهم للإبل والبغال والحمير . ولمن قاتل في سفينة سهمان ؛ لأ نّها بحكم الفرس .

2 ـ  الأسرى من النساء والأطفال ، وحكمها حكم القسم السابق ، قال صاحب الجواهر : ( بلا خلاف ولا إشكال نصّاً وفتوى )([6]) .

3 ـ  الأرض ، وقد أجمع الفقهاء كلمة واحدة على أنّ كلّ أرض فتحت عنوة فهي لجميع المسلمين المجاهدين وغير المجاهدين ، من وجد ومن سيوجد ، وتقدّم([7]) التفصيل في باب الخمس فراجع .

__________________________________

[1] الوسائل 15 : 110 ، ب41 من أبواب جهاد العدوّ ، ح1 .

[2] الوسائل 15 : 113 ، ب41 من أبواب جهاد العدوّ ، ح7 ، وفيه : « إنّما تضرب » .

[3] الوسائل 15 : 113 ، ب41 من أبواب جهاد العدوّ ، ح9 .

[4] الوسائل 15 : 115 ، ب42 من أبواب جهاد العدوّ ، ح1 .

[5] الوسائل 15 : 104 ، ب38 من أبواب جهاد العدوّ ، ح1 .

[6] الجواهر 21 : 156 .

[7] تقدّم في ص