شروط التيمّم وأحكامه

1 ـ  لا يصحّ التيمّم إلاّ بالنيّة إجماعاً ؛ لأ نّه من العبادات ، ويكفي بها قصد التقرّب إلى اللّه‏ سبحانه ، ولا يجب أن ينوي استباحة الدخول في الصلاة الواجبة أو المستحبّة ، ولا رفع الحدث ، ولا البدل عن الوضوء أو الصلاة .

2 ـ  يجب أن يباشر التيمّم بنفسه ؛ لأنّ الأمر ظاهر بذلك ، فإذا قيل : افعل ، أي افعل أنت دون سواك . هذا ، إلى أنّ الأصل عدم جواز النيابة في العبادات ، أجل له أن يستعين بالغير عند العجز والضرورة .

3 ـ  تجب الفوريّة والموالاة بحيث يمسح ظاهر الكفّ اليمنى بعد مسح الوجه ، وظاهر الكفّ اليسرى بعد اليمنى بلا فاصل ، حتّى ولو كان التيمّم بدلاً عن الغسل الّذي يجوز فيه الفصل والتراخي ، والدليل هو الإجماع .

4 ـ  أن لا يوجد حائل مع الاختيار لا على باطن الكفّ الماسحة ، ولا على الوجه وظاهر الكفّين ؛ إذ مع وجود الحاجب والحائل لا يتحقّق معنى المسح الّذي أمراللّه‏ به في قوله تعالى :   فَامسَحُوا بِوُجُوهِكُم وَأَيدِيَكُم   ، وإذا كانت جبيرة على بعض أعضاء التيمّم كفى المسح بها وعليها .

5 ـ  يجب طهارة أعضاء التيمّم مع الاختيار .

6 ـ  أجمعوا على أنّ التيمّم قبل دخول وقت الصلاة لا يصحّ ، وأ نّه واجب إذا ضاق ، بحيث لا يتّسع إلاّ للتيمّم والصلاة فقط ، واختلفوا فيما إذا دخل وقت الصلاة وكان فيه سعة بحيث إذا تيمّم وصلّى يبقى جزء منه فهل له أن يبادر في مثل هذه الحال أو لا ؟ أجل له ذلك ، فلقد جاء عن الإمام الصادق  عليه‏السلام في رجل تيمّم وصلّى ثمّ أصاب الماء وهو في الوقت ، قال : « قد مضت صلاته »([1]) . وليس من شكّ أنّ صحّة الصلاة وعدم وجوب إعادتها في الوقت بخاصّة مع وجود الماء دليل واضح على جواز المبادرة إلى التيمّم مع السعة وعدم وجوب الانتظار إلى آخر الوقت ، حتّى لو احتمل زوال العذر وارتفاعه ، ولا يجب الصبر إلى اللحظة الأخيرة إلاّ مع العلم بزوال السبب الموجب للتيمّم([2]) .

7 ـ  يجوز للمتيمّم أن يصلّي بتيمّم واحد صلوات عديدة ، فقد سئل الإمام  عليه‏السلام عن رجل يصلّي بتيمّم واحد صلاة الليل والنهار كلّها ؟ قال : « نعم »([3]) .

وصرّح الفقهاء بأنّ المتيمّم يكون على الطهارة بعد التيمّم ، ويسوغ له أن يفعل جميع ما يفعله المتطهّر من الصلاة والطواف وقراءة العزائم ومسّ كتابة المصحف ، وغير ذلك ممّا يستبيحه المتطهّر بالماء ؛ لقول الرسول الأعظم  صلى‏الله‏عليه‏و‏آله‏وسلم : « يكفيك الصعيد عشر سنين »([4]) . وقول الإمام الصادق  عليه‏السلام : « التراب أحد الطهورين »([5]) . و « هو بمنزلة الماء »([6]) وما إلى ذاك ممّا يدلّ على الشمول وعموم المنزلة .

ولم يستثن الفقهاء من هذا التعميم إلاّ من تيمّم لضيق الوقت عن الطهارة المائيّة ، وتعيّن عليه التيمّم لأداء هذه الفريضة الخاصّة التي لم يتّسع الوقت لها وللغسل أو الوضوء ، ومتى أدّاها يرتفع الموضوع من الأساس ، ويكون تماماً كمن فقد الماء ثمّ وجده .

8 ـ  أن يتيمّم لعدم الماء ثمّ يجده ، ولذلك حالات :

الاُولى  : أن يجده بعد أن تيمّم وقبل أن يدخل الصلاة فيبطل تيمّمه بالبديهة ، لا لإرتفاع العذر فقط ، بل لأنّ التيمّم كان وسيلة لغاية لم يؤدّها بعد ، ولو افترض أ نّه فقد الماء بعد التمكّن منه وقبل الصلاة أعاد التيمّم بالإتّفاق .

الثانية  : أن يجده بعد الفراغ من الصلاة ولا تجب الإعادة وإن اتسع الوقت ؛ لقول الإمام  عليه‏السلام : « مضت صلاته » بل لا تجب الإعادة إذا رأى الماء بعد أن يركع فبالأولى بعد الفراغ .

الثالثة  : أن يجد وهو في أثناء الصلاة ، وقد فصّل الفقهاء في هذه الحال بين أن يرى الماء قبل أن يركع فيرجع عن الصلاة ويتوضّأ ويصلّي ، وبين أن يراه بعد الركوع فيمضي في صلاته ولا شيء عليه ، فلقد سئل الإمام الصادق  عليه‏السلام عن الرجل الّذي لا يجد الماء فيتيمّم ويقوم في الصلاة فجاء الغلام وقال : هو ذا الماء ، قال الإمام  عليه‏السلام : « إن كان لم يركع فلينصرف وليتوضّأ ، وإن كان قد ركع فليمض في صلاته »([7]) .

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا الحكم مختصّ بالصلاة فقط ، ولا يشمل غيرها من العبادات التي يُشترط فيها الطهارة المائيّة ، فلو تيمّم وطاف لعدم الماء ثمّ وجده في الأثناء ولو في الشوط الأخير بطل الطواف ووجبت الإعادة بالطهارة المائيّة ، وكذلك إذا يُمّم الميّت لعدم الماء وصلّي عليه ثمّ وجد الماء قبل الدفن وجب تغسيله وتحنيطه والصلاة عليه من جديد . والسرّ أنّ النصّ الّذي دلّ على عدم الإعادة مختصّ بالصلاة فقط ، ولا يجوز قياس غيرها عليها من العبادات ؛ لأنّ القياس باطل بالإتّفاق .

9 ـ  سئل الإمام الكاظم ابن الإمام الصادق  عليهماالسلام : عن ثلاثة أنفار كانوا في سفر : أحدهم جنب والثاني ميّت والثالث على غير وضوء و حضرت الصلاة ومعهم من الماء ما يكفي أحدهم من يأخذ الماء ؟ وكيف يصنعون ؟ قال : « يغتسل الجنب ، ويدفن الميّت بتيمّم ويتيمّم الّذي هو على غير وضوء »([8]) .

وعمل المشهور بهذه الرواية ، وأعرضوا عن الرواية الاُخرى([9]) التي قدّمت الميّت ؛ لإرسالها وضعف سندها ، فلا تصلح لمعارضة النصّ الّذي قدّم الجنب ، كما قال صاحب المدارك([10]) .

________________________

[1] الوسائل 3 : 370 ، ب14 من أبواب التيمّم ، ح14 .

[2] لفاقد الماء ثلاث حالات : 1 ـ أن يعلم أ نّه يقدر على الماء آخر الوقت . 2 ـ أن يعلم أ نّه لا يقدر عليه . 3 ـ أن يشكّ ولا يجب الانتظار إلاّ في الحالة الاُولى [ منه  قدس‏سره ] .

[3] الوسائل 3 : 379 ، ب20 من أبواب التيمّم ، ح1 .

[4] الوسائل 3 : 369 ، ب14 من أبواب التيمّم ، ح12 .

[5] الوسائل 3 : 386 ، ب23 من أبواب التيمّم ، ح5 .

[6] الوسائل 3 : 385 ، ب23 من أبواب التيمّم ، ح2 .

[7] الوسائل 3 : 381 ، ب21 من أبواب التيمّم ، ح2 .

[8] الوسائل 3 : 375 ، ب18 من أبواب التيمّم ، ح1 .

[9] الوسائل 3 : 376 ، ب18 من أبواب التيمّم ، ح5 .

[10] المدارك 2 : 252 .