سورة الأعلى

سورة الأعلى‏

مكّيّة.

و آيها تسع عشرة بلا خلاف.

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في كتاب ثواب الأعمال ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى في فريضة أو نافلة [قيل له يوم القيامة: ادخل الجنّة من أي أبواب الجنّة شئت، إن شاء اللّه.

و بإسناده : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: الواجب على كلّ مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (الحديث)] .

و في مجمع البيان : أبيّ بن كعب قال: قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: من قرأها، أعطاه اللّه من الأجر عشر حسنات، بعدد كلّ حرف أنزله اللّه على إبراهيم وموسى ومحمّد- صلّى اللّه عليه وآله-.

و عن عليّ بن أبي طالب - عليه السّلام- قال: كان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يحبّ هذه السّورة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وأوّل من قال: سبحان ربّي‏الأعلى ، ميكائيل.

و عن ابن عبّاس : كان النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- إذا قرأ سورة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال: سبحان ربّي الأعلى. وكذلك عن عليّ- عليه السّلام-.

و فيه : قال الباقر- عليه السّلام-: إذا قرأت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فقال:

سبحان ربّي الأعلى. وإن كنت  [في الصّلاة، فقل‏]  فيما بينك وبين نفسك.

و روى العيّاشي ، بإسناده: عن أبي حميضة»

، عن عليّ- عليه السّلام- قال: صلّيت خلفه عشرين ليلة فليس يقرأ إلّا سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.

و قال: لو تعلمون ما فيها، لقرأها الرّجل كلّ يوم عشرين مرّة، وإنّ من قرأها، فكأنّما قرأ صحف موسى وإبراهيم الّذي وفّى.

و في تفسير العيّاشي : عن الأصبغ بن نباتة قال: لمّا قدم عليّ- عليه السّلام- الكوفة صلّى بهم أربعين صباحا يقرأ بهم سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.

و عن عقبة بن عامر الجهنّي  قال: لمّا نزلت فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ قال رسول اللّه: اجعلوها في ركوعكم. ولمّا نزل سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال: اجعلوها في سجودكم.

و في الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد ومحمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام- اقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.

و في عيون الأخبار ، في باب ذكر أخلاق الرّضا- عليه السّلام- ووصف عبادته: فإذا قرأ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال سرّا: سبحان ربّي الأعلى.و في كتاب الخصال ، فيما علّم أمير المؤمنين- عليه السّلام- أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه: فإذا قرأتم من المسبّحات الأخيرة، فقولوا: سبحان اللّه الأعلى.

سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى : نزّه اسمه عن الإلحاد فيه بالتّأويلات الزّائغة وإطلاقه على غيره، زاعما أنّهما فيه سواء، وذكره لا على وجه التّعظيم.

و قرئ : «سبحان ربّي الأعلى».

و في روضة الواعظين  للمفيد- رحمه اللّه-: وروى جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه- عليهم السّلام- أنّه قال: وإنّ للّه ملكا يقال له: حزقائيل ، له ثمانية عشر ألف جناح، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام، فخطر له خاطر هل فوق العرش شي‏ء، فزاده اللّه مثلها أجنحة أخرى، فكان له ستّة وثلاثون ألف جناح، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام، ثمّ أوحى اللّه إليه: أيّها الملك طر. فطار مقدار عشرين ألف عام لم نيل قائمة من قوائم العرش. ثمّ ضاعف اللّه له في الجناح والقوّة وأمره أن يطير، فطار مقدار ثلاثين ألف عام ولم ينل أيضا.

فأوحى اللّه إليه: أيّها الملك، لو طرت إلى نفخ الصّور مع أجنحتك وقوّتك، لم تبلغ إلى ساق عرشي.

فقال الملك: سبحان ربّي الأعلى. فأنزل اللّه سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.

فقال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: اجعلوها في سجودكم. (الحديث)

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : أخبرنا الحسين بن محمّد، عن المعلّى بن محمّد عن بسطام  بن صرّة ، عن إسحاق بن حسّان، عن الهيثم بن واقد، عن عليّ بن الحسين العبديّ، عن سعد الإسكاف ، عن الأصبغ بن نباتة، أنّه سأل أمير المؤمنين- عليه السّلام- عن قوله- تعالى-: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.

فقال: مكتوب على قائمة العرش قبل أن يخلق اللّه السّماوات والأرضين بألفي‏عام: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا عبده ورسوله فاشهدوا بهما، وأنّ عليّا وصيّ محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-.

الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى : خلقه، بأن جعل له ما به يتأتّى كماله ويتمّ معاشه.

وَ الَّذِي قَدَّرَ، أي: قدّر أجناس الأشياء، وأنواعها، وأشخاصها، ومقاديرها، وصفاتها، وأفعالها، وآجالها.

و قرأ  الكسائي: «قدر» بالتّخفيف.

و في مجمع البيان : قرأ الكسائي «قدر» بالتّخفيف، وهو قراءة عليّ- عليه السّلام-. والباقون، بالتّشديد.

فَهَدى‏ : فوجّهه إلى أفعاله طبعا واختيارا، بخلق الميول والإلهامات ونصب الدّلائل وإنزال الآيات.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم - رحمه اللّه-: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى‏: قال: قدّر الأشياء بالتّقدير الأوّل، ثمّ هدى إليها من يشاء.

وَ الَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى‏ : أنبت ما ترعاه الدّوابّ.

فَجَعَلَهُ: بعد خضرته غُثاءً أَحْوى‏ : يابسا أسود.

و قيل : «أحوى» حال من «المرعى»، أي: أخرجه أحوى من شدّة خضرته.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى‏ قال: أي:

النّبات.

فَجَعَلَهُ بعد إخراجه غُثاءً أَحْوى‏ قال: يصير هشيما بعد بلوغه ويسودّ.

سَنُقْرِئُكَ: على لسان جبرئيل، أو سنجعلك قارئا بإلهام القراءة فَلا تَنْسى‏ ، أي: أصلا، من قوّة الحفظ.

و قيل : نهي، و«الألف» للفاصلة، كقوله: «السّبيلا».

و في مجمع البيان : سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى‏ قال ابن عبّاس: كان النّبيّ- صلّى اللّه‏عليه وآله- إذا نزل عليه جبرئيل بالوحي يقرأ مخافة أن ينساه، فكان لا يفرغ جبرئيل من آخر الوحي حتّى يتكلّم هو بأوّله، فلمّا نزلت هذه الآية لم ينس بعد ذلك شيئا.

إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ: نسيانه، بأن نسخه.

و قيل : المراد به: القلّة [و الندرة] . أو نفي النّسيان رأسا، فإنّ القلّة تستعمل للنّفي.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم  سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى‏، أي: نعلمك فلا تنسى. ثمّ استثنى فقال: إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ لأنّه لا يؤمن النّسيان اللّغويّ وهو التّرك، لأنّ الّذي لا ينسى هو اللّه.

إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَما يَخْفى‏ : ما ظهر من أحوالكم وما بطن. أو جهرك بالقراءة مع جبرئيل وما دعاك إليه من مخافة النّسيان، فيعلم ما فيه صلاحك من إبقاء وإنساء.

وَ نُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى‏ : ونعدّك للطّريقة اليسرى في حفظ الوحي أو التّديّن ، ونوفّقك لها. ولهذه النّكتة قال: «نيسّرك» لا «نيسّر لك»  عطف على «سنقرئك» «و إنّه يعلم» اعتراض.

فَذَكِّرْ: بعد ما استتبّ لك الأمر.

إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى‏ .

لعلّ هذه الشّرطيّة إنّما جاءت بعد تكرير التّذكير أو حصول اليأس عن البعض، لئلّا يتعب نفسه ويتلهّف عليهم، كقوله: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ (الآية). أو لذمّ المذكّرين، واستبعاد تأثير الذّكرى فيهم. أو للإشعار بأنّ التّذكير إنّما يجب إذا ظنّ نفعه، ولذلك أمر بالإعراض عمّن تولّى.سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى‏ : سيتّعظ وينتفع بها من يخشى اللّه، فإنّه يتفكّر فيها ليعلم حقيقتها. وهو يتناول العارف والمتردّد.

يَتَجَنَّبُهَا

: ويتجنّب الذّكرى.

َشْقَى‏

 : الكافر، فإنّه أشقى من الفاسق. أو الأشقى من الكفرة، لتوغّله في الكفر.

الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى‏ : نار جهنّم،

فإنّه- صلّى اللّه عليه وآله- قال: ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنّم.

أو ما في الدّرك الأسفل منها.

ثُمَّ لا يَمُوتُ فِيها: فيستريح.

وَ لا يَحْيى‏ : حياة تنفعه.

قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى : تطهّر من الكفر والمعاصي. أو تكثّر من التّقوى، من الزّكاء. أو تطهّر للصّلاة. أو أدى الزّكاة.

و في مجمع البيان : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، أي: قد فاز من تطهّر من الشّرك، وقال: لا إله إلّا اللّه.

... إلى قوله: وقيل: أراد صدقة الفطرة وصلاة العيد. وروي ذلك مرفوعا [عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام-] .

و متى قيل: على هذا القول، كيف يصحّ ذلك والسّورة مكّيّة، ولم يكن هناك صلاة العيد ولا زكاة ولا فطرة؟

قلنا: يحتمل أن يكون أوّلها بمكّة وختمت بالمدينة.

وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ: بقلبه ولسانه.

فَصَلَّى ، كقوله: أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي. ويجوز أن يراد بالذّكر تكبيرة الإحرام.

و قيل : «تزكّى» تصدّق للفطر. وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ كبّره يوم العيد. «فصلّى» صلاته.

و في أصول الكافي : عليّ بن محمّد ، عن أحمد بن الحسين، عن عليّ بن الرّيّان،عن عبد اللّه  بن عبد اللّه الدّهقان قال: دخلت على أبي الحسن الرّضا- عليه السّلام-.

فقال لي: ما معنى قوله: وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى؟

فقلت: كلّما ذكر اسم ربّه» قام فصلّى.

فقال لي: لقد كلّف اللّه- عزّ وجلّ- هذا شططا.

فقلت: جعلت فداك، فكيف هو؟

فقال: كلّما ذكر اسم ربّه صلّى على محمّد وآل محمّد.

و في من لا يحضره الفقيه : وسئل الصّادق- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى.

قال: من أخرج الفطرة.

قيل له: وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى.

قال: خرج إلى الجبّانه  فصلّى.

و روى حمّاد بن عيسى ، عن حريز، عن أبي بصير وزرارة قالا: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ من إتمام  الصّوم إعطاء الزّكاة، يعني: الفطرة، كما أنّ الصّلاة على النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- من تمام الصّلاة. لأنّه من صام ولم يؤدّ الزّكاة فلا صوم له إذا تركها متعمّدا، ولا صلاة له إذا ترك الصّلاة على النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-. إنّ اللّه قد بدأ بها قبل الصّلاة  قال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى قال: زكاة الفطرة، فإذا أخرجها قبل صلاة العيد. وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى قال: صلاة الفطر والأضحى.

بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا : فلا تفعلون ما يسعدكم في الآخرة.

و الخطاب للأشقياء على الالتفات، أو على إضمار «قل». أو للكلّ، فإنّ السّعي للدّنيا أكثر في الجملة.و قرأ  أبو عمرو، بالياء.

وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى‏ : فإنّ نعيمها ملذّ بالذّات، خالص عن الغوائل، لا انقطاع له.

و في مجمع البيان : في الحديث: من أحبّ آخرته أضرّ بدنياه، ومن أحبّ دنياه أضرّ بآخرته.

و في أصول الكافيّ ، بإسناده إلى درست بن أبي منصور: عن رجل [عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- وهشام‏] ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: رأس كلّ خطيئة حبّ الدّنيا.

و بإسناده  إلى مسلم بن عبيد اللّه  قال: سئل عليّ بن الحسين- عليه السّلام-:

أيّ الأعمال أفضل عند اللّه؟

قال: ما من عمل بعد معرفة  اللّه ومعرفة رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- أفضل من بغض الدّنيا، فإنّ لذلك لشعبا كثيرة وللمعاصي شعب.

فأوّل ما عصي اللّه به الكبر، معصية إبليس حين أبى واستكبر وكان من الكافرين.

ثمّ الحرص، وهي معصية آدم وحواء حين قال اللّه - تعالى- لهما: فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ فأخذا ما لا حجة بهما إليه، فدخل ذلك على ذرّيّتهما إلى يوم القيامة، وذلك أنّ أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به إليه.

ثمّ الحسد، وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله، فتشعّب من ذلك حبّ النّساء، وحبّ الدّنيا، وحبّ الرّئاسة، وحبّ الرّاحة، وحبّ الكلام، وحبّ العلوّ، وحبّ  الثّروة، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلّهنّ في حبّ الدّنيا.فقالت الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك: حبّ الدّنيا رأس كلّ خطيئة. والدّنيا دنياءان: دنيا بلاغ ودنيا ملعونة.

و بإسناده  إلى ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- يقول: من تعلّق قلبه بالدّنيا، تعلّق قلبه بثلاث خصال: همّ لا يفنى، وأمل لا يدرك، ورجاء لا ينال.

إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏ .

الإشارة إلى ما سبق من قوله: قَدْ أَفْلَحَ فإنّه جامع أمر الدّيانة وخلاصة الكتب المنزلة.

صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏ : بدل من الصُّحُفِ الْأُولى‏.

و في أصول الكافي : الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن عبد اللّه بن إدريس، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا.

قال: ولاية  شبويّه . وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى‏ ولاية أمير المؤمنين- عليه السّلام-.

إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏ صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏.

و في كتاب الخصال : عن عتبة  بن عمر  اللّيثيّ، عن أبي ذرّ، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- حديث طويل. وفيه قلت: يا رسول اللّه، فما في أيدينا ممّا أنزل اللّه عليك شي‏ء ممّا كان في صحف إبراهيم وموسى؟

قال: يا أبا ذرّ، قال: يا أبا ذرّ، اقرأ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (إلى آخر السّورة).

و في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النّعمان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه‏السّلام- قال: قال لي: يا أبا محمّد، إنّ اللّه لم يعط الأنبياء شيئا إلّا وقد أعطاه محمّدا.

و قال: وقد أعطى محمّدا جميع ما أعطى الأنبياء، وعندنا الصّحف الّتي قال اللّه:

صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏.

قلت: جعلت فداك، هي الألواح؟

قال: نعم.

و بإسناده  إلى مسعدة بن صدقة: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: أيّها النّاس، إنّ اللّه أرسل إليكم الرّسول- إلى أن قال-: فجاءهم بنسخة ما في الصّحف الأولى، وتصديق الّذي بين يديه، وتفصيل الحلال من ريب الحرام، ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق لكم.

و بإسناده  إلى عبد الحميد بن أبي الدّيلم: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- أنّه قال، وقد ذكر المسيح- عليه السّلام-: وجرت من بعده في الحواريّين في المستحفظين، وإنّما سمّاهم اللّه- تعالى- المستحفظين لأنّهم استحفظوا الاسم الأكبر، وهو الكتاب الّذي يعلّم به علم كلّ شي‏ء، الّذي كان مع الأنبياء. يقول اللّه : لقد أرسلنا رسلا من قبلك وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ و«الكتاب» الاسم  الأكبر. وإنّما عرف ممّا يدعى الكتاب التوراة والإنجيل والفرقان، فيها كتاب نوح وفيها كتاب صالح وشعيب وإبراهيم. فأخبر اللّه: إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏، صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏ فأين صحف إبراهيم؟ إنّما صحف إبراهيم الاسم الأكبر، وصحف موسى الاسم الأكبر.

و في روضة الكافي : أحمد بن محمّد بن أحمد الكوفيّ، عن عليّ بن الحسن التّيميّ، عن عليّ بن أسباط، عن عليّ بن جعفر، قال: حدّثني معتب أو غيره قال: بعث عبد اللّه بن الحسن إلى أبي عبد اللّه- عليه السّلام- يقول لك أبو محمّد: أنا أشجع منك، وأنا أسخى منك، وأنا أعلم منك.

فقال لرسوله: أمّا الشّجاعة. [فو اللّه ما كان له موقف يعرف به جبنك من شجاعتك. وامّا السخيّ ، فهو الّذي يأخذ الشي‏ء من جهته فيضعه في حقّه. وأمّاالعلم، فقد أعتق أبوك عليّ بن أبي طالب ألف مملوك‏] ، فسمّ لنا خمسة منهم، وأنت عالم.

فعاد إليه، فأعلمه ثمّ عاد إليه، فقال له: يقول لك: إنّك رجل صحفيّ.

فقال له أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: قل له: إي  واللّه، صحف إبراهيم وموسى وعيسى، ورثتها عن آبائي.

و في بصائر الدّرجات : أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النّضر بن سويد، عن يحيى  الحلبيّ، عن عبد اللّه بن مسكان، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: عندنا الصّحف الّتي قال اللّه: صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏.

قلت: الصّحف هي الألواح؟

قال: نعم.

محمّد بن عيسى  عمّن رواه، عن محمّد قال: حدّثني عبد اللّه بن إبراهيم الأنصاريّ الهمدانيّ، عن أبي خالد القمّاط، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: لنا ولادة من رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- طهر، وعندنا صحف إبراهيم وموسى ورثناها من رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.

محمّد بن عبد الجبّار ، عن الحسين بن الحسن ، عن أحمد بن الحسن التّيميّ ، عن فيض بن المختار، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- أفضت  إليه صحف إبراهيم وموسى، فأتمن عليها رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- عليّا، وأتمن عليها عليّ  الحسن، وأتمن عليها الحسن  الحسين حتّى انتهت إلينا.

أحمد بن محمّد ، عن ابن سنان، عن عبد اللّه بن مسكان وشعيب الحداد، عن‏أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: عندي  الصّحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى.

قال ضريس: أ ليست هي الألواح؟

قال: نعم.

 [إبراهيم بن هاشم ، عن البرقيّ، عن ابن سنان و غيره، عن بشر ، عن حمران ابن أعين قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: عندكم التوراة والإنجيل والزّبور وما في الصحف الأولى، صحف إبراهيم و]  موسى؟

قال: نعم.

قلت: إنّ هذا لهو العلم الأكبر.

قال: يا حمران [لو لم يكن ما كان‏] ، ولكن ما يحدث باللّيل والنّهار علمه عندنا أعظم.

إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد اللّه بن حمّاد، عن أبي خالد القمّاط، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: سمعته يقول: عندنا صحف إبراهيم وموسى ورثناها من رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-.

و في كتاب الاحتجاج  للطّبرسي: روي عن موسى بن جعفر- عليه السّلام-، عن أبيه، [عن آبائه‏]  عن الحسين بن عليّ- عليهم السّلام- قال: قال عليّ- عليه السّلام- لبعض أحبار اليهود، وقد ذكر النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- ومناقبه: واعطي سورة بني إسرائيل وبراءة بصحف إبراهيم وموسى.

و في مجمع البيان: وفي تفسير العيّاشي ، عن الأصبغ بن نباتة قال: لمّا قدم أميرالمؤمنين- عليه السّلام- الكوفة صلّى بهم أربعين صباحا يقرأ بهم سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى.

قال: فقال المنافقون: لا واللّه، ما يحسن ابن أبي طالب- عليه السّلام- أن يقرأ القرآن، [و لو أحسن أن يقرأ القرآن، لقرأ]  بنا غير هذه السّورة.

قال: فبلغه ذلك.

فقال: ويلهم، إنّي لأعرف ناسخه من منسوخه ومحكمه من متشابهه وفصله من فصاله وحروفه من معانيه. واللّه، ما من حرف نزل على محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- إلّا أنّي أعرف فيمن انزل وفي أيّ يوم وفي أيّ موضع، ويل لهم أما يقرءون إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏ صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏؟! واللّه، عندي، ورثتها من رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-. (الحديث)

و فيه : وروي عن أبي ذرّ أنّه قال: قلت: يا رسول اللّه، كم الأنبياء؟

قال: مائة ألف نبيّ وأربعة وعشرون ألفا.

قلت: يا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- كم المرسلون منهم؟

فقال: ثلاثمائة وثلاثة عشر، وبقيّتهم أنبياء.

قلت: أ كان آدم نبيّا؟

قال: نعم، كلّمه اللّه وخلقه بيده. يا أبا ذرّ، أربعة من الأنبياء عرب: هود وصالح وشعيب ونبيّك.

قلت: يا رسول اللّه، كم أنزل اللّه من كتاب؟

قال: مائة وأربعة كتب، أنزل منها على آدم عشر صحف، وعلى شيث خمسين صحيفة، وعلى أخنوخ وهو إدريس ثلاثين صحيفة وهو أوّل من خطّ بالقلم، وعلى إبراهيم عشر صحائف، والتّوراة والإنجيل والزّبور والفرقان.

و في بصائر الدّرجات : محمّد بن عيسى، عن أبي محمّد الأنصاريّ، عن صباح المزنيّ، عن الحارث بن حصيرة المزنيّ، عن الأصبغ بن نباتة، نحو ما في تفسير العياشي.

و في كتاب الخصال : عن عبيد بن عمير اللّيثيّ ، عن أبي ذرّ قال: دخلت على‏رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وهو في المسجد جالس وحده، فاغتنمت خلوته- إلى أن قال-:

قلت: يا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- كم أنزل اللّه من كتاب؟

قال: مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل اللّه على شيث خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة، وأنزل اللّه التّوراة والإنجيل والزّبور والفرقان.

قلت: يا رسول اللّه، وما كانت صحف إبراهيم؟

قال: كانت أمثالا كلّها. وكان فيها: أيّها الملك المبتلى المغرور، إنّي لم أبعثك لتجمع الدّنيا بعضها إلى بعض، ولكنّي بعثتك لتردّ عنّي دعوة المظلوم، فإنّي لا أردّها، وإن كانت من كافر.

و على العاقل، ما لم يكن مغلوبا [على عقله‏] ، أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكّر فيما صنع اللّه إليه، وساعة يخلو فيها بحظّ نفسه من الحلال، فإنّ هذه السّاعة عون لتلك السّاعات واستجمام للقلوب  وتوديع  لها.

و على العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، فإنّه من حسب كلامه من عمله، قلّ كلامه إلّا فيما يعنيه.

و على العاقل أن يكون طالبا لثلاث: مرمّة لمعاش، أو تزوّد لمعاد، أو تلذّذ في غير محرّم.

قلت: يا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فما كانت صحف موسى؟

قال: كانت عبرا  كلّها. [و فيها] : عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، ولمن أيقن بالنّار كيف يضحك، ولمن يرى الدّنيا وتقلّبها بأهلها كيف يطمئنّ إليها، ولمن يؤمن بالقدر كيف ينصب، ولمن أيقن بالحساب لم  لا يعمل؟!و في كتاب جعفر بن محمّد الدّوريستيّ : قال أبو ذرّ: قلت: يا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فما كانت صحف إبراهيم؟

قال: كانت أمثالا كلّها: أيّها الملك المسلّط المبتلى المغرور، إنّي لم أبعثك لتجمع المال بعضه على بعض، وإنّما بعثتك لتردّ عنّي دعوة المظلوم، فإنّي لا أردّها وإن كانت من كافر، أو فاجر فجوره على نفسه.

و كان فيها أمثال: وعلى العاقل، ما لم يكن مغلوبا على عقله، أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربّه، وساعة يفكّر فيها في صنع اللّه، وساعة يحاسب نفسه فيما تقدّم وأخّر، وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال ومن المطعم والمشرب.

و على العاقل أن لا يكون ظاعنا  إلّا في ثلاث: تزوّد لمعاد، أو مرمّة لمعاش، أو لذّة في غير محرّم.

و على العاقل أن يكون بصيرا في زمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه.

و من حسب كلامه من عمله، قلّ كلامه، إلّا فيما يعنيه.

قلت: يا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فما كانت صحف موسى؟

قال: كانت عبرا كلّها: عجبت لمن أيقن بالنّار ثمّ ضحك. عجبت لمن أيقن بالموت، كيف يفرح. عجبت لمن أبصر الدّنيا وتقلّبها بأهلها حالا بعد حال، كيف يطمئنّ إليها. عجبت لمن أيقن بالحساب، ثمّ لم يعمل.

قلت: يا رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- هل في أيدينا شي‏ء ممّا كان في صحف إبراهيم وموسى فيما أنزل اللّه عليك؟

قال: اقرأ، يا أبا ذر قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (إلى آخر السّورة).

و في شرح الآيات الباهرة : محمّد بن يعقوب، عن الحسين بن محمّد، عن معلّى ابن محمّد، عن عبد اللّه بن إدريس، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا.

قال: يعني: ولايتهم.

وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى‏.قال: ولاية أمير المؤمنين- عليه السّلام-. إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى‏ صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏.

و روى حميد بن زياد ، عن الحسن  بن محمّد بن سماعة، عن ابن رباط ، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله : وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا.

قال: يا أبا محمّد، إنّ عندنا الصّحف الّتي قال اللّه- سبحانه-: صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى‏.

قال: قلت: جعلت فداك، وإنّ الصّحف هي الألواح؟

قال: نعم.