سورة التّكوير

سورة التّكوير 

مكّيّة.

و آيها تسع وعشرون آية.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

في كتاب ثواب الأعمال ، بإسناده: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من قرأ عَبَسَ وَتَوَلَّى وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ- وقد ذكر الحديث في أوّل سورة عبس.

و في مجمع البيان : ابيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: ومن قرأ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ أعاذه اللّه أن يفضحه حين تنشّر صحيفته.

ابن عمر قال : قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: من أحبّ أن ينظر إلى يوم القيامة، فليقرأ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ.

و روى أبو بكر  قال: قلت [لرسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-] : يا رسول اللّه، أسرع إليك الشّيب؟

قال: شيّبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت.

إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ : لفّت، من كوّرت العمامة: إذا لففتها،بمعنى: رفعت، لأنّ الثّوب إذا أريد رفعه لفّ.

أو لفّ ضوؤها فذهب انبساطه في الآفاق، وزال أثره.

أو ألقيت عن فلكها، من طعنه فكوّره: إذا ألقاه مجتمعا.

و التّركيب للإدارة والجمع .

و ارتفاع الشّمس بفعل يفسّره ما بعدها اولى، لأنّ «إذا» الشّرطية تطلب الفعل.

وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ : انقضت. قال:

أبصر خربان قضاء فانكدر أو أظلمت، من كدرت الماء فانكدر.

و في كتاب التّوحيد ، بإسناده إلى أبي ذرّ الغفاريّ- رحمه اللّه- قال: كنت آخذا بيد النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- ونحن نتماشى جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشّمس حتّى غابت.

فقلت: يا رسول اللّه، أين تغيب؟

قال: في السّماء، ثمّ ترفع من سماء إلى سماء حتّى ترفع إلى السّماء السّابعة العليا حتّى تكون تحت العرش، فتخرّ ساجدة فتسجد معها الملائكة الموكّلون بها، ثمّ تقول: يا ربّ، من أين أطلع أمن مغربي أم من مطلعي؟ فذلك قوله : وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، يعني بذلك: صنع الرّب العزيز في ملكه بخلقه.

قال: فيأتيها جبرئيل بحلّة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النّهار في طوله في الصّيف، وقصره في الشّتاء، وما بين ذلك في الخريف والرّبيع.

قال: فتلبس تلك الحلّة، كما يلبس أحدكم ثيابه، ثمّ تنطلق بها في جو السّماء حتّى تطلع من مطلعها.

قال النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-: فكأنّي بها قد حبست مقدار ثلاث ليال، ثمّ لا تكسى ضوءا، وتؤمر أن تطلع من مغربها، فذلك قوله: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ.

و القمر كذلك من مطلعه ومجراه في أفق السّماء ومغربه [و ارتفاعه‏]  إلى السّماءالسّابعة، ويسجد تحت العرش، ثمّ يأتيه جبرئيل بالحلّة من نور الكرسيّ، فذلك قوله :

جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قال: تصير سوداء مظلمة.

وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ قال: يذهب ضوؤها.

وَ إِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ : عن وجه الأرض، أو في الجوّ.

وَ إِذَا الْعِشارُ: النّوق اللّواتي أتى على حملهنّ عشرة أشهر. جمع، عشراء.

عُطِّلَتْ : تركت مهملة. أو السّحائب عطّلت عن المطر.

و قرئ بالتّخفيف.

 

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ قال: تسير، كما قال :

تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ.

قوله: وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ قال: الإبل تتعطّل إذا مات الخلق، فلا يكون من يحلبها.

وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ : [جمعت من كلّ جانب وبعثت‏] .

وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ : أحميت. أو ملئت بتفجير بعضها إلى بعض حتّى تعود بحرا واحدا، من سجر التّنور: إذا ملأه بالحطب ليحميه.

و قرأ  ابن كثير وأبو عمرو وروح، بالتّخفيف.

وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ : قرنت بالأبدان. أو كلّ منها بشكلها. أو بكتابها وعملها. أو نفوس المؤمنين بالحور، ونفوس الكافرين بالشّياطين.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ قال: تتحوّل البحار الّتي حول الدّنيا كلّها نيرانا.

وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قال: من الحور العين.

و في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ‏قال: أمّا أهل الجنّة فزوّجوا الخيرات الحسان، وأمّا أهل النّار فمع كلّ إنسان منهم شيطان، يعني: قرنت نفوس الكافرين والمنافقين بالشّياطين، فهم قرناؤهم.

وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ: المدفونة حيّة. وكانت العرب تئد البنات مخافة الإملاق، أو لحوق العار بهم من أجلهنّ.

سُئِلَتْ  بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ : تبكيتا لوائدها كتبكيت النّصارى بقوله  لعيسى: أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ.

و قرئ : «سألت»، أي: خاصمت عن نفسها. [و إنّما قيل:]  «قتلت» على الإخبار عنها.

و قرئ : «قتلت» على الحكاية.

و في مجمع البيان : وروي، عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه- عليهما السّلام-: وإذا المودة سئلت بفتح الميم والواو.

و روي  عن أمير المؤمنين- عليه السّلام-: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.

و فيه : ومن قرأ وإذا الموؤدة سألت بفتح السّين، جعل الْمَوْؤُدَةُ موصوفة بالسّؤال، وبالقول بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.

و يمكن أن يكون اللّه أكملها في تلك الحال وأقدرها على النّطق حتّى قالت ذلك القول، ويعضده:

ما روي عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه قال: يجي‏ء المقتول ظلما يوم القيامة وأوداجه تشخب دما، اللّون لون الدّم والرّيح ريح المسك، متعلّقا بقاتله يقول:

 [يا ربّ،]  سل هذا فيم قتلني.

و أمّا من قرأ «الموءودة» بفتح الميم والواو فالمراد بذلك: الرّحم والقرابة، وأنّه يسال قاطعها عن سبب قطعها.

و عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: يعني: قرابة رسول اللّه، ومن قتل في‏جهاد .

و في رواية أخرى ، قال هو من قتل في مودّتنا وولايتنا.

و في كتاب المناقب  لابن شهرآشوب: عن الباقر- عليه السّلام- في قوله: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ يقول: أسألكم  عن الموءودة  الّتي انزل عليكم، مودّة ذي القربى وحقّنا الواجب على النّاس وحبّنا الواجب على الخلق، قتلوا مؤدنا ، بأيّ ذنب قتلتمونا .

و في الكافي : محمّد بن الحسين وغيره، عن سهل، عن محمّد بن عيسى ومحمّد بن يحيى ومحمّد بن الحسين، جميعا، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو، عن عبد الحميد بن أبي الدّيلم، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه: ثمّ قال: وآت ذى القربى حقه فكان عليّ- عليه السّلام- وكان حقّه الوصيّة الّتي جعل له والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النّبوّة، فقال: قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى‏.

ثمّ قال: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ يقول: أسألك عن المودّة الّتي نزّلت عليكم فضلها، مودّة القربى، بأيّ ذنب قتلتموهم.

محمّد بن يحيى ، عن بعض أصحابه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قال عليّ- عليه السّلام-: أيّها النّاس، [إنّ اللّه- تبارك وتعالى- أرسل‏]  إليكم الرّسول.

... إلى أن قال: ودفنوا في التّراب الموءودة  بينهم من أولادهم، يختار  دونهم طيب العيش ورفاهية خفوض  الدّنيا، لا يرجون من اللّه ثوابا ولا يخافون، واللّه، منه‏عقابا، حيّهم أعمى نجس، وميّتهم في النّار مبلس، فجاءهم بنسخة ما في الصّحف الأولى.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن عبد الرّحمن بن حمّاد، عن بعض أصحابه، رفعه قال: قال عليّ- عليه السّلام-: وأمّا الذّنب الّذي لا يغفر فمظالم العباد بعضهم لبعض، إنّ اللّه إذا برز لخلقه أقسم قسما على نفسه فقال: وعزّتي وجلالي، لا يجوزني  ظلم ظالم ولو كفّ بكفّ، ولو مسحة بكفّ، ولو نطحة ما بين القرناء إلى الجمّاء .

فيقتصّ  للعباد [بعضهم من بعض‏]  حتّى لا يبقى لأحد على أحد مظلمة، ثمّ يبعثهم للحساب.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدّثنا أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أيمن بن محرز، عن جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ. قال: من قتل في مودّتنا.

و في شرح الآيات الباهرة : روى سليمان بن سماعة ، عن عبد اللّه بن القاسم، عن أبي الحسن الأزديّ، عن أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس، عن ابن عبّاس أنّه قال: هو من قتل في مودّتنا، أهل البيت.

و عن منصور بن حازم ، عن رجل، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: سألته عن قول اللّه: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.

قال: هي مودّتنا، وفينا نزلت.

قال محمّد بن العبّاس : حدّثنا أحمد بن إدريس، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن حديد، عن منصور بن يونس، عن منصور بن حازم، عن زيد بن عليّ قال: قلت له: جعلت فداك قوله- تعالى-: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.قال: هي واللّه مودّتنا، وهي واللّه فينا خاصّة.

و قال - أيضا-: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد، عن إسماعيل بن يسار، عن عليّ بن جعفر الخدري ، عن جابر الجعفيّ قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن قوله: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.

قال: من قتل في مودّتنا، [سئل قاتله عن قتله.

و قال - أيضا-: حدّثنا محمّد بن همّام، عن عبد اللّه بن جعفر، عن محمّد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة، عن جابر، عن أبي جعفر- عليه السّلام- أنّه قال: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ قال: من قتل في مودّتنا] .

و قال - أيضا-: حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، عن إبراهيم بن محمّد الثّقفيّ، عن الحسين  بن الحسين الأنصاريّ، عن عمرو بن ثابت، عن عليّ بن القاسم قال: سألت أبا جعفر- عليه السّلام- عن قوله- تعالى-: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.

قال: شيعة آل محمّد تسأل  بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.

و عن عليّ بن جمهور ، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قلت: قوله: وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ.

قال: يعني: الحسين- عليه السّلام-. معناه: أنّ قاتله يسأل عن مودّة الحسين فلا يقبل منه الاعتذار، ويؤمر به إلى النّار وبئس القرار.

كما روي ، عن عليّ بن محمّد بن مهرويه، عن داود بن سليمان قال: حدّثني أبو الحسن عليّ بن موسى الرّضا- عليه السّلام-، عن أبيه موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمّد، عن أبيه عليّ، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- قال:

قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: إنّ موسى سأل ربّه: إن هارون مات فاغفر له.

فأوحى اللّه إليه: يا موسى، لو سألتني في الأوّلين والآخرين لأجبتك، ما خلاقاتل الحسين، فإنّي أنتقم من قاتله.

و به: قال رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وآله-: حرّم اللّه الجنّة على من ظلم أهل بيتي، وقاتلهم، والمعين عليهم، ومن سبّهم أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ .

و به: قال رسول اللّه : الويل لظالمي أهل بيت محمّد، وعذابهم غدا مع المنافقين في الدّرك الأسفل من النّار.

و روى صاحب عيون الأخبار ، بإسناده يرفعه إلى الصّادق- عليه السّلام- قال:

إنّه قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: إنّ قاتل الحسين في تابوت من نار، عليه نصف عذاب أهل الدّنيا، قد شدّت يداه ورجلاه بسلاسل من نار، منكّس في النّار حتى [لا]  يقع في قعر جهنّم، له ريح يتعوّذ أهل النّار إلى ربّهم من شدّة نتنه، وهو فيها خالد ذائق العذاب الأليم مع جميع من شايع على قتله، كلّما نضجت جلودهم، بدّل اللّه- عزّ وجلّ- عليهم جلودا غيرها  ليذوقوا العذاب الأليم لا يفتر عنهم ساعة، ويسقون من حميم جهنّم، فالويل لهم من عذاب اللّه في النّار.

وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ ، يعني: صحف الأعمال، فإنّها تطوى عند الموت وتنشر وقت الحساب.

و قيل : «نشرت» فرّقت بين أصحابها.

و قرأ  ابن كثير وأبو عمرو وحمزة والكسائي، بالتّشديد، للمبالغة في النّشر، أو لكثرة الصّحف، أو شدّة التّطاير.

وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ : قلعت وأزيلت، كما يكشط الإهاب عن الذّبيحة.

و قرئ : «قشطت» واعتقاب القاف والكاف كثير.و في تفسير عليّ بن إبراهيم  في قوله: وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ قال: صحف الأعمال.

قوله: وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ قال: أبطلت.

وَ إِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ : أوقدت إيقادا شديدا.

و قرأ  نافع وابن عامر وحفص ورويس، بالتّشديد.

و في كتاب الاحتجاج  للطّبرسيّ- رحمه اللّه-: وفي رواية سليم  بن قيس الهلاليّ، عن سلمان الفارسيّ، وذكر حديثا طويلا، وفيه: قال عليّ- عليه السّلام-: ويلك، يا ابن الخطّاب، أو تدري ممّا خرجت وفيما دخلت وما ذا جنيت على نفسك وعلى صاحبك؟

فقال أبو بكر: يا عمر، أما إذا بايع وأمنّا شرّه وفتكه وغائلته فدعه يقول ما يشاء.

فقال عليّ- عليه السّلام-: لست بقائل غير شي‏ء واحد، أذكّركم باللّه أيّها الأربعة- يعنيني والزّبير وأبا ذرّ والمقداد- أسمعتم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يقول: إنّ تابوتا من نار فيه اثنا عشر رجلا، ستّة من الأوّلين وستّة من الآخرين، في جبّ في قعر جهنّم، في تابوت مقفل، على [ذلك الجبّ صخرة إذا أراد اللّه أن يسعّر جهنّم، كشف تلك الصخرة عن‏]  ذلك الجبّ، فاستعاذت جهنّم من وهج ذلك الجبّ، فسألناه عنهم وأنتم شهود، فقال- صلّى اللّه عليه وآله-: أمّا الأوّلون فابن آدم الّذي قتل أخاه، وفرعون الفراعنة، و[نمرود]  الّذي حاجّ إبراهيم في ربّه، ورجلان من بني إسرائيل بدّلا كتابهم وغيّرا سنّتهم، أمّا أحدهما فهوّد اليهود والآخر نصّر النّصارى، وإبليس سادسهم، والدّجّال  في الآخرين وهؤلاء الخمسة أصحاب الصحيفة الّذين تعاهدوا وتعاقدوا على عداوتك، يا أخي، وتظاهروا  عليك بعدي، هذا وهذا، حتّى عدّهم وسمّاهم؟

فقال سلمان: فقلنا : صدقت، نشهد أنّا سمعنا ذلك من رسول اللّه.و عن سليم بن قيس الهلاليّ  قال: قال عليّ- عليه السّلام- للزّبير- وقد ادّعى أنّ سعيد بن عمرو بن نفيل سمع رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يقول في العشرة: إنّهم من أهل الجنّة-: واللّه، إنّ بعض من سمّيته لفي تابوت في شعب [في جبّ‏]  في أسفل درك من جهنّم، على ذلك الجبّ صخرة، فإذا أراد اللّه أن يسعّر جهنّم، رفع تلك الصّخرة.

سمعت ذلك من رسول اللّه.

و الحديث طويل. أخذت منه موضع الحاجة.

وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ : قرّبت من المؤمنين.

عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ : جواب: «إذا». وإنّما صحّ والمذكور في سياقها ثنتا عشرة خصلة: ستّ منها في مبادئ قيام السّاعة قبل فناء الدّنيا، وستّ بعده، لأنّ المراد: زمان متّسع شامل لها ولمجازاة النّفوس على أعمالها .

و «نفس» في معنى العموم ، كقولهم: تمرة خير من جرادة.

فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ : بالكواكب الرواجع، من خنس: إذا تأخّر، وهي ما سوى النّيّرين من السّيّارات ولذلك وصفها بقوله: الْجَوارِ الْكُنَّسِ ، أي: السّيّارات الّتي تختفي تحت ضوء الشّمس، من كنس الوحش: إذا دخل كناسه وهو بيته المتّخذ من أغصان الشّجر.

 

و في تفسير عليّ بن إبراهيم: وقال عليّ بن إبراهيم- رحمه اللّه- في قوله: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، [قال: أي أقسم بالخنّس،]  وهو اسم النّجوم. الْجَوارِ الْكُنَّسِ قال: النّجوم تكنس بالنّهار فلا تبين .

و في كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة ، بإسناده إلى إبراهيم بن عطيّة: عن أمّ هانئ الثّقفيّة قالت: غدوت على سيّدي محمّد بن عليّ الباقر- عليه السّلام- فقلت: يا سيّدي، آية من كتاب اللّه عرضت بقلبي فأقلقتني  وأسهرت عيني.قال: سلي، يا أمّ هانئ.

فقلت: يا سيّدي، قول اللّه: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوارِ الْكُنَّسِ.

قال: نعم المسألة سألتيني، يا أمّ هانئ، هذا مولود في آخر الزّمان. هو المهديّ من هذه العترة، يكون له حيرة وغيبة يضلّ فيها قوم ويهتدي فيها قوم. فيا طوبى لك إن أدركته. ويا طوبى لمن أدركه.

و في أصول الكافي : عليّ بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن موسى بن جعفر البغداديّ، عن وهب بن شاذان، عن الحسن بن أبي الرّبيع، عن محمّد بن إسحاق، عن أمّ هانئ قال: سألت الباقر- عليه السّلام- عن قوله- تعالى-: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ.

قالت: فقال: إمام يخنس سنة ستّين ومائتين، ثمّ يظهر كالشّهاب يتوقّد في اللّيلة الظّلماء، فان أدركت زمانه قرّت عينك.

عدّة من أصحابنا ، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن الحسن، عن عمر بن يزيد، عن الحسن بن الربيع الهمدانيّ قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق، عن أسيد بن ثعلبة، عن أمّ هانئ قال: لقيت أبا جعفر محمّد بن عليّ- عليه السّلام- فسألته عن هذه الآية: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ.

قال: «الخنّس» إمام يخنس في زمانه عند انقطاع من علمه عند النّاس سنة ستّين ومائتين، ثمّ يبدو كالشّهاب الواقد في ظلمة اللّيل. فإن أدركت ذلك، قرّت عينك.

وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ : أقبل ظلامه، أو أدبر. وهو من الأضداد، يقال: عسعس وسعسع اللّيل: إذا أدبر.

و

في مجمع البيان : «بالخنّس» وهي النّجوم تخنس بالنّهار وتبدو باللّيل، و«الجوار» صفة لها لأنّها تجري في أفلاكها، «الكنّس» من صفتها- أيضا- لأنّها تكنس، أي: تتوارى في بروجها، كما تتوارى الضّباء في كناسها، وهي خمسة أنجم: زحل، والمشتري، والمرّيخ، والزّهرة، وعطارد ... عن عليّ- عليه السّلام-.

وَ اللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ، أي: إذا أدبر بظلامه ... عن عليّ- عليه السّلام-.وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ ، أي: أضاء غبرته عن إقبال روح ونسيم.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ قال: إذا أظلم.

وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ قال: إذا ارتفع.

و في عيون الأخبار ، في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من خبر الشّاميّ وما سأل عنه عليّ- عليه السّلام- في جامع الكوفة حديث طويل، وفيه: وسأله عن شي‏ء تنفس ليس له لحم ولا دم.

فقال: ذاك الصّبح إذا تنفّس.

و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه- حدّثنا عبد اللّه بن العلا، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عثمان بن أبي شيبة، عن الحسين بن عبد اللّه الأرجانيّ، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباته، عن عليّ- عليه السّلام- قال: سأله ابن الكوّا عن قوله: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ.

قال: إنّ اللّه لا يقسم بشي‏ء من خلقه، فأمّا قوله: «الخنّس» فإنّه ذكر قوما خنسوا علم الأوصياء ودعوا النّاس إلى غير مودّتهم، ومعنى خنسوا : ستروا.

فقال له: الْجَوارِ الْكُنَّسِ؟

قال: يعني: الملائكة، جرت بالقلم  إلى رسول اللّه فكنسه  عنه الأوصياء من أهل بيته، لا يعلمه أحد غيرهم»

، ومعنى كنسه: رفعه وتوارى به.

فقال: وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ؟

قال: يعني: ظلمة اللّيل، وهذا ضربه اللّه مثلا لمن ادّعى الولاية لنفسه وعدل عن ولاة الأمر.

قال: فقوله: وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ؟

قال: يعني بذلك: الأوصياء، يقول: إنّ علمهم أنور وأبين من الصّبح إذا تنفّس.و قال محمّد بن العبّاس - رحمه اللّه-: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك، عن محمّد بن إسماعيل  السّمّان، عن موسى بن جعفر بن وهب، عن وهب بن شاذان، عن الحسن بن الربيع، عن محمّد بن إسحاق قال: حدّثتني أمّ هانئ قالت: سألت أبا جعفر- عليه السّلام- عن قول اللّه- عزّ وجلّ-: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوارِ الْكُنَّسِ.

فقال: يا أمّ هانئ، إمام يخنس نفسه سنة ستّين ومائتين، ثمّ يظهر كالشّهاب الثّاقب في اللّيلة الظّلماء، فإن أدركت زمانه قرّت عينك، يا أمّ هانئ.

إِنَّهُ: إنّ القرآن لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ، يعني: جبرئيل، فإنّه قال عن اللّه.

ذِي قُوَّةٍ، كقوله: «شديد القوى».

عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ : عند اللّه ذي مكانة.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : حدّثنا جعفر بن محمّد ، قال: حدّثنا عبد اللّه  بن موسى، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ قال: يعني: جبرئيل.

مُطاعٍ: في ملائكته. ثَمَّ أَمِينٍ : على الوحي.

و «ثمّ» يحتمل اتّصاله بما قبله وما بعده .

 [و قرئ :]  «ثمّ» تعظيما للأمانة، وتفضيلا لها على سائر الصّفات.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم ، متّصلا بقوله، يعني: جبرئيل. قلت: قوله:

مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ.

قال: يعني: رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- هو المطاع عند ربّه، الأمين يوم القيامة.و في مجمع البيان : وفي الحديث، أنّ رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- قال لجبرئيل: ما أحسن ما أثنى عليك ربّك ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ فما كانت قوّتك، وما كانت أمانتك؟

فقال: أمّا قوّني، فإنّي بعثت إلى مدائن لوط، [و هي أربع مدائن‏]  في كلّ مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذّراري، فحملتهم من الأرض  حتّى سمع أهل السماوات أصوات الدّجاج ونباح الكلاب، ثم هويت بهنّ فقلبتهن. وأمّا أمانتي، فإنّي لم أؤمر بشي‏ء فعدوته إلى غيره.

و فيه  عند قوله : وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ،

روي أنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال لجبرئيل لمّا نزلت هذه الآية: هل أصابك من هذه الرّحمة شي‏ء؟

قال: نعم، إنّي كنت أخشى عاقبة الأمر فأمنت بك لمّا أثنى اللّه عليّ بقوله:

ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ.

و في شرح الآيات الباهرة : قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-: حدّثنا [محمّد بن‏]  عليّ بن العبّاس، عن حسين بن محمّد، عن أحمد بن الحسين، عن سعيد بن خيثم ، عن مقاتل، عمّن حدّثه، عن ابن عبّاس في قوله: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ، ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ، مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ قال: يعني : رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ عند رضوان خازن الجنّة وعند مالك خازن النّار، ثَمَّ أَمِينٍ فيما استودعه اللّه إلى خلقه، وأخوه عليّ أمير المؤمنين- عليه السّلام- أيضا فيما استودعه محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- إلى أمّته.

وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ ، كما تبهته الكفرة.

و استدلّ بذلك على فضل جبرئيل على محمّد- صلّى اللّه عليه وآله- حيث عدّ فضائل جبرئيل، واقتصر على نفي الجنون عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-. وهو ضعيف،إذ المقصود منه نفي قولهم: إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ  أَفْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ  لا تعداد فضلهما والموازنة بينهما.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم ، متّصلا بآخر ما نقلت عنه من الحديث، أعني:

قوله: يوم القيامة. قلت: وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ.

قال: يعني: النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- [ما هو مجنون‏]  في نصبه أمير المؤمنين- عليه السّلام- علما للنّاس.

وَ لَقَدْ رَآهُ: ولقد رأى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- جبرئيل.

بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ : بمطلع الشّمس الأعلى.

و في كتاب الخصال : عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- [قال: من‏]  قال في كلّ يوم من شعبان سبعين مرّة: أستغفر اللّه الّذي لا إله إلّا هو الرّحمن الرّحيم الحيّ القيوم وأتوب إليه كتب في الأفق المبين. [قال: قلت: وما الأفق المبين؟]  قال : قاع بين يدي العرش، فيه أنهار تطّرد  فيه من القدحان عدد النّجوم.

وَ ما هُوَ: وما محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-.

عَلَى الْغَيْبِ: على ما يخبر من الوحي إليه وغيره من الغيوب.

بِضَنِينٍ : بمتّهم. من الظّنّة، وهي التّهمة.

و قرأ  نافع وعاصم وحمزة وابن عامر: «بضنين» من الضّنّ، وهو البخل، أي:

لا يبخل بالتّبليغ والتعليم. [و الضاد من أصل حافّة اللّسان وما يليها من الأضراس من يمين اللّسان أو يساره، والضّاء من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا] .

وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ : بقول بعض المسترقة للسّمع. وهو نفي قولهم: إنّه لكهانة وسحر.

فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ : استضلال لهم فيما يسلكونه في أمر الرّسول والقرآن،كقولك لتارك الجادّة: أين تذهب؟

إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ : تذكير لمن يعلم.

لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ : بتحرّي الحقّ وملازمة الصّواب.

و إبداله من «العالمين» لأنّهم المنتفعون بالتّذكير.

وَ ما تَشاؤُنَ: الاستقامة إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ: إلّا وقت أن يشاء اللّه مشيئتكم، فله الفضل والحقّ عليكم باستقامتكم.

رَبُّ الْعالَمِينَ : مالك الخلق كلّه.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم ، متّصلا بآخر ما نقلت عنه قريبا، أعني: قوله:

علما للنّاس. قلت: وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ.

قال: ما هو- تبارك وتعالى- على نبيّه بغيبه بضنين عليه.

قلت: قوله: وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ.

قال: يعني: الكهنة الّذين كانوا في قريش، فنسب كلامهم إلى كلام الشّياطين الّذين كانوا معهم يتكلّمون على ألسنتهم، فقال: وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ مثل أولئك.

قلت: قوله: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ [إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ.

قال: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ‏]  في عليّ، يعني: ولايته، أين تفرّون منها إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ لمن أخذ اللّه ميثاقه على ولايته.

قلت: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ.

قال: في طاعة عليّ- عليه السّلام- والأئمّة من بعده.

قلت: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ.

قال: لأنّ المشيئة إليه- تبارك وتعالى- لا إلى النّاس.

حدّثنا  محمّد بن جعفر قال: حدّثنا محمّد بن أحمد، عن أحمد بن محمّد السّياريّ، عن فلان، عن أبي الحسن- عليه السّلام- قال: إنّ اللّه جعل قلوب الأئمّة موردا لإرادته، فإذا شاء اللّه شيئا، شاءوه، وهو قوله: وَما تَشاؤُنَ (الآية).و في كتاب الاحتجاج  للطّبرسيّ- رحمه اللّه- حديث طويل: عن عليّ- عليه السّلام- يذكر فيه جواب بعض الزّنادقة عمّا اعترض به على التّنزيل، أجاب عمّا توهّمه من التناقض بين قوله: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وقوله: يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ وتَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وتَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ. والحديث قد ذكرناه في آخر سورة الدّهر.