سورة الجمعة

سورة الجمعة 

مدنيّة.

و آياتها إحدى عشرة آية بالإجماع.

بسم الله الرحمن الرحيم‏

في كتاب ثواب الأعمال ، بإسناده عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: من الواجب على كلّ مؤمن، إذا كان لنا شيعة، أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وفي صلاة الظّهر بالجمعة والمنافقين. فإذا فعل ذلك فكأنّما يعمل بعمل رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وكان جزاؤه وثوابه على اللّه الجنّة.

و

في مجمع البيان : ابيّ بن كعب، عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قال: من قرأ سورة الجمعة، اعطي عشر حسنات بعدد من أتى الجمعة، وبعدد من لم يأتها في أمصار المسلمين.

و

في الكافي : عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرّحمن، عن أبي أيّوب الخزّار، عن محمّد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: القراءة في الصّلاة فيها شي‏ء مؤقّت؟

قال: لا، إلّا الجمعة فإنّه يقرأ فيها الجمعة والمنافقين.محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: ليس في القراءة شي‏ء مؤقّت، إلّا الجمعة يقرأ  بالجمعة والمنافقين.

محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ومحمّد بن الحسين ، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: اقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وفي الفجر بسورة الجمعة وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وفي الجمعة بالجمعة والمنافقين.

الحسين بن محمّد ، عن عبد اللّه بن عامر، عن عليّ بن مهزيار، عن فضّالة بن أيّوب، عن الحسين بن أبي حمزة قال: قلت لأبي عبد اللّه- عليه السّلام-: بما أقرأ في صلاة الفجر في يوم الجمعة؟

قال: اقرأ في الأولى بسورة الجمعة، وفي الثّانية بقل هو اللّه أحد، ثمّ اقنت حتّى تكونا سواء.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن عبد اللّه المغيرة، عن جميل، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ اللّه أكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- بشارة لهم، والمنافقين توبيخا للمنافقين، ولا ينبغي تركها. فمن تركها متعمّدا، فلا صلاة له.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ قال: سألت أبا عبد اللّه- عليه السّلام- عن القراءة في الجمعة، إذا صلّيت وحدي أربعا  أجهر بالقراءة؟

قال: نعم.

و قال: اقرأ بسورة الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة.محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن العلا، عن محمّد بن مسلم، عن أحدهما- عليهما السّلام- في الرّجل يريد أن يقرأ بسورة الجمعة في الجمعة، فيقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ.

قال: يرجع إلى سورة الجمعة.

و روي- أيضا- : يتمّها ركعتين ثمّ يستأنف.

عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن عمر بن يزيد قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصّلاة، في سفر أو حضر.

و روي : لا بأس في السّفر أن يقرأ بقل هو اللّه أحد.

و

في كتاب علل الشّرائع : أبي قال: حدّثنا سعد بن عبد اللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر- عليه السّلام- في حديث طويل، يقول : اقرأ سورة الجمعة والمنافقين فإنّ قراءتهما سنّة في يوم الجمعة في الغداة والظّهر والعصر، ولا ينبغي لك أن تقرأ بغيرهما في صلاة الظّهر، يعني: [يوم‏]  الجمعة، إماما كنت أو غير إمام.

يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ .

و قد قرئ  الصّفات الأربع، بالرّفع، على المدح.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : الْقُدُّوسِ البري‏ء من الآفات الموجبة للجهل.

و

في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى عبد اللّه بن الفضل الهاشميّ: عن عبد اللّه- عليه السّلام- حديث طويل، يقول فيه: ومتى علمنا أنّه- عزّ وجلّ- حكيم ، صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة، وان وجهها غير منكشف لنا.هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ قيل : أي: في العرب، لأنّ أكثرهم لا يكتبون ولا يقرءون.

و قيل : يعني: أهل مكّة، لأنّ مكّة تسمّى أمّ القرى.

رَسُولًا مِنْهُمْ: من جملتهم، أمّيّا مثلهم.

و

في الكافي : عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الأوّل- عليه السّلام- قال: بعث اللّه محمّدا رحمة للعالمين، في سبع وعشرين من رجب، فمن صام ذلك اليوم، كتب اللّه له صيام ستّين شهرا. (الحديث)

يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ: [مع كونه أمّيّا مثلهم‏]  لم يعهد منه قراءة ولا تعلّم.

وَ يُزَكِّيهِمْ: من خبائث العقائد والأعمال.

وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ: القرآن والشّريعة، أو معالم الدّين من المنقول والمعقول. ولو لم يكن له سواه معجزة، لكفاه.

وَ إِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ : من الشّرك وخبث الجاهليّة.

و هو بيان لشدّة احتياجهم إلى نبيّ يرشدهم، وإزاحة لما يتوهّم أن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- تعلّم ذلك من معلّم .

و «إن» هي المخفّفة، و«اللّام» تدلّ عليها.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ قال: الأمّيّون الّذين ليس معهم كتاب.

قال: فحدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- في قوله: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ قال: كانوا يكتبون ولكن لم يكن معهم كتاب من عند اللّه ولا بعث إليهم رسول، فنسبهم اللّه إلى الأمّيّن.

و

في بصائر الدّرجات : الحسين  بن عليّ، عن أحمد بن هلال، عن خلف بن‏حمّاد، عن عبد الرّحمن بن الحجّاج قال: قال أبو عبد اللّه- عليه السّلام-: إنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- كان يقرأ ويكتب، ويقرأ ما لم يكتب.

و

في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى جعفر [بن محمّد]  الصّوفيّ قال: سألت أبا جعفر، محمّد بن عليّ الرّضا- عليه السّلام- فقلت: يا ابن رسول اللّه لم سمّي النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- الأمّيّ؟

فقال: ما تقول النّاس؟

قلت: يزعمون أنّه إنّما سمّي الأمّيّ لأنّه لم يحسن أن يكتب.

فقال: كذبوا- عليهم لعنة اللّه- أنّى ذلك واللّه يقول: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ فكيف كان يعلّمهم ما لم يحسن؟ واللّه، لقد كان رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- يقرأ ويكتب باثنين  وسبعين، أو قال: بثلاثة وسبعين لسانا. وإنّما سمّي الأمّيّ، لأنّه كان من أهل مكّة، ومكّة من أمّهات القرى، وذلك قول اللّه - تعالى-: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى‏ وَمَنْ حَوْلَها.

و

بإسناده  إلى عليّ بن حسّان وعليّ بن أسباط وغيره، رفعه: عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: قلت: إنّ النّاس يزعمون أن رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- لم يكتب ولم يقرأ.

فقال كذبوا- لعنهم اللّه- أنّى يكون ذلك وقد قال اللّه: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ؟! [فيكون يعلّمهم الكتاب والحكمة]  وليس يحسن أن يقرأ ويكتب؟

 

قال: قلت: فلم سمّي النّبيّ الأمّيّ؟

قال: لأنّه نسب إلى مكّة، وذلك قوله : لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى‏ وَمَنْ حَوْلَها فأمّ القرى مكّة، فقيل: أمّيّ، لذلك.

و

في أصول الكافي : وعن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: كان [عليّ- عليه‏السّلام-]  كثيرا ما يقول : اجتمع التّيميّ والعدويّ عند رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- وهو يقرأ: إِنَّا أَنْزَلْناهُ بتخشّع وبكاء.

فيقولان: ما أشدّ رقّتك لهذه السّورة! فيقول رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: لما رأت عيني ووعى قلبي، ولما يرى قلب  هذا من بعدي.

فيقولان: وما الّذي رأيت وما الّذي يرى؟

قال: فيكتب لهما في التّراب: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ. (الحديث)

و

في شرح الآيات الباهرة : [قال محمّد بن العبّاس- رحمه اللّه-]  حدّثنا محمّد بن القاسم، عن عبيد بن كثير، عن حسين بن نصر  بن مزاحم، عن أبيه، عن أبان بن أبي  عيّاش، عن سليم  بن قيس، عن عليّ- عليه السّلام- قال: نحن الّذين بعث اللّه فينا رسولا منّا  يتلوا علينا آياته، ويزكينا، ويعلّمنا الكتاب والحكمة.

وَ آخَرِينَ مِنْهُمْ: عطف على «الأمّيّين»، أو المنصوب في «يعلّمهم» وهم الّذين جاؤوا بعد الصّحابة إلى يوم الدّين، فإنّ دعوته وتعليمه يعمّ الجميع.

لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ: وسيلحقون.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ. قال:

دخلوا في الإسلام بعدهم.

و في مجمع البيان : وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وهم كلّ من بعد  الصّحابة إلى يوم القيامة.

و قيل :

هم الأعاجم ومن لا يتكلّم بلغة العرب، فإنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله-مبعوث إلى من شاهده وإلى من بعده من العرب والعجم .... عن ابن عمر وسعيد بن جبير. وروي ذلك عن أبي جعفر- عليه السّلام-.

و

روي

 أنّ النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- قرأ هذه الآية، فقيل له من هؤلاء؟

فوضع يده على كتف سلمان، وقال: لو كان الإيمان في الثّريّا لنالته رجال من هؤلاء.

وَ هُوَ الْعَزِيزُ: في تمكينه من هذا الأمر الخارق للعادة.

الْحَكِيمُ : في اختياره وتعليمه.

ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ: ذلك الفضل الّذي امتاز به عن أقرانه فضله.

يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ: تفضلا وعطيّة.

وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ : الّذي يستحقر دونه نعم الدّنيا ونعم الآخرة.

و

في مجمع البيان : وروى محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، يرفعه، قال: جاء الفقراء إلى رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- فقالوا: يا رسول اللّه، إنّ للأغنياء ما يتصدّقون وليس لنا ما نتصدّق، ولهم ما يحجّون وليس لنا ما نحجّ، ولهم ما يعتقون وليس لنا ما نعتق.

فقال: ما كبّر اللّه مائة مرّة، كان أفضل [من عتق رقبة. ومن سبّح اللّه مائة مرّة، كان أفضل من مائة فرس في سبيل اللّه يسرجها ويلجمها. ومن هلّل اللّه مائة مرّة، كان أفضل‏]  النّاس عملا في ذلك اليوم، إلّا من زاد.

فبلغ ذلك الأغنياء فقالوه، فرجع الفقراء إلى النّبيّ، فقالوا: يا رسول اللّه، قد بلغ الأغنياء ما قلت فصنعوه.

فقال رسول اللّه: ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ.

و

في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن المستورد النّخعيّ، عن زرارة ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إنّ من الملائكة الّذين في السّماء ليطّلعون إلى الواحد والاثنين والثّلاثة وهم يذكرون فضل‏آل محمّد- صلّى اللّه عليه وآله-.

قال: فيقولون: أما ترون إلى هؤلاء في قلّتهم وكثرة عدوّهم يصفون فضل آل محمّد؟

قال: فتقول الطّائفة [الأخرى من الملائكة] : ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ (الآية).

مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ: علموها وكلّفوا العمل بها.

ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها: لم يعملوا بها، ولم ينتفعوا بما فيها.

كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً: كتبا من العلم يتعب في حملها ولا ينتفع بها.

و «يحمل» حال، والعامل فيه معنى المثل. أو صفة، إذ ليس المراد حمارا معيّنا.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : ثمّ ضرب مثلا في بني إسرائيل، فقال: مَثَلُ الَّذِينَ (الآية) قال: الحمار يحمل الكتب ولا يعلم ما فيها، ولا يعمل بها كذلك بنو إسرائيل وقد حملوا مثل الحمار لا يعلمون ما فيه ولا يعملون به.

بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ [أي: مثل الّذين كذبوا]  وهو اليهود المكذّبون بالآيات الدّالّة على نبوة محمّد.

و يجوز أن يكون «الّذين» صفة «للقوم» والمخصوص بالذّمّ محذوفا.

وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ  قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا: تهوّدوا.

إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ: وكانوا يقولون: نحن أولياء اللّه وأحباؤه. فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ: فتمنّوا من اللّه أن يميتكم، وينقلكم من دار البليّة إلى محلّ الكرامة.

إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ : في زعمكم.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال: إنّ في التّوراة مكتوب: أولياء اللّه يتمنّون الموت.

وَ لا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ: بسبب ما قدّموا من الكفر والمعاصي.

و

في أصول الكافي : محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن‏الحسن بن عليّ بن  أبي عثمان، عن واصل، عن عبد اللّه بن سنان، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: جاء رجل إلى أبي ذرّ فقال: يا أبا ذرّ، ما لنا نكره الموت؟

فقال: لأنّكم عمرتم الدّنيا وأخربتم الآخرة، فتكرهون أن تنقلوا من عمران إلى خراب.

وَ اللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ : فيجازيهم على أعمالهم.

قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ: وتخافون أن تتمنّوه بلسانكم مخافة أن يصيبكم فتؤخذوا بأعمالكم.

فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ: لا تفوتونه لا حق بكم. و«الفاء» لتضمّن الموت معنى الشّرط باعتبار الوصف، وكأنّ فرارهم يسرع لحوقه بهم.

و قد قرئ  بغير فاء.

و يجوز أن يكون الموصول خبرا، والفاء عاطفة.

ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى‏ عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ : بأن يجازيكم عليه .

و

في تفسير عليّ بن إبراهيم : قال أمير المؤمنين- عليه السّلام-: أيّها النّاس، كلّ امرئ لاق في فراره ما منه يفرّ، والأجل مساق النّفس إليه، والهرب منه موافاته.

و

في الكافي : عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن محمّد الأزديّ، عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي- إلى قوله-: تَعْمَلُونَ قال: تعدّ السّنين، ثمّ تعدّ [الشهور، ثمّ تعدّ]  الأيّام، ثمّ تعدّ السّاعات، ثمّ تعدّ النّفس فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ .

محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن موسى، عن العبّاس بن معروف، عن ابن أبي نجران، عن عبد اللّه بن سنان، عن ابن أبي يعفور، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر- عليه‏السّلام- قال: قال له رجل: كيف سميت الجمعة؟

قال: إنّ اللّه جمع فيها خلقه لولاية محمّد ووصيه في الميثاق، فسمّاه [يوم‏]  الجمعة لجمعه في خلقه.

و

في كتاب الخصال : عن عليّ- عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: تقوم السّاعة يوم الجمعة بين صلاة الظّهر والعصر.

و

عنه - عليه السّلام- قال: قال رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-: أطرقوا  أهليكم في كلّ جمعة بشي‏ء من الفاكهة واللّحم حتّى يفرحوا بالجمعة.

و كان النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- إذا خرج في الصيف من بيت خرج يوم الخميس، وإذا أراد أن يدخل البيت في الشّتاء من البرد دخل يوم الجمعة.

و

فيما علّم أمير المؤمنين - عليه السّلام- أصحابه من الأربعمائة باب ممّا يصلح للمسلم في دينه ودنياه: وفي يوم الجمعة [ساعة]  لا يحتجم فيها أحد إلّا مات.

عن محمّد بن رباح ، القلّاء  قال: رأيت أبا إبراهيم- عليه السّلام- يحتجم يوم الجمعة، فقلت: جعلت فداك، تحتجم يوم الجمعة؟

قال: اقرأ آية الكرسيّ، فإذا هاج بك الدّم ليلا كان أو نهارا، اقرأ آية الكرسيّ واحتجم‏

عن الصّقر  ابن أبي دلف الكرخيّ  قال: قلت لأبي الحسن العسكريّ- عليه السّلام: حديث يروى عن النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- لا أعرف معناه.

قال: وما هو؟

قلت: قوله: لا تعادوا الأيّام فتعاديكم. ما معناه؟

قال: نعم، الأيّام نحن ما قامت السّماوات والأرض، فالسّبت اسم رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله-. والأحد كناية عن أمير المؤمنين- عليه السّلام-. والإثنين الحسن‏و الحسين، والثّلاثاء عليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد، والأربعاء موسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن عليّ وأنا، والخميس ابني الحسن بن عليّ، والجمعة ابن ابني وإليه تجمع عصابة الحقّ، وهو الّذي يملأها قسطا وعدلا، كما ملئت جورا وظلما، فهذا معنى الأيّام، فلا تعادوهم في الدّنيا فيعادوكم في الآخرة.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ أي: اذن لها.

مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: بيان «لإذا».

قيل: وإنّما سمّي جمعة لاجتماع النّاس فيه للصّلاة، وكانت العرب تسميّه العروبة.

و قيل : سمّاه كعب بن لؤي، لاجتماع النّاس فيه إليه.

و قيل : أوّل جمعة جمعها رسول اللّه- صلّى اللّه عليه وآله- أنّه لمّا قدم المدينة نزل قباء وأقام بها إلى الجمعة، ثمّ دخل المدينة وصلّى الجمعة في دار لبني سالم بن عوف.

فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ: فامضوا إليه مسرعين قصدا ، فإنّ السّعي دون العدو.

و «الذّكر» قيل : الخطبة.

و قيل : الصّلاة.

و في من لا يحضره الفقيه : وروي أنّه كان بالمدينة إذا أذّن المؤذّن يوم الجمعة نادى مناد: حرم البيع. لقول اللّه- عزّ وجلّ-: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ.

و

في مجمع البيان : وقرأ عبد اللّه بن مسعود: فامضوا إلى ذكر الله. وروي ذلك عن علي بن أبي طالب- عليه السّلام- وهو المرويّ عن أبي جعفر- عليه السّلام- وأبي عبد اللّه- عليه السّلام-.

و

في الكافي : عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد، عن المفضّل بن صالح، عن جابر بن يزيد، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال:قلت له: قول اللّه- عزّ وجلّ-: فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ.

قال: اعملوا وعجّلوا، فانّه يوم ضيّق على المسلمين فيه، وثواب أعمال المسلمين فيه على قدر ما ضيّق عليهم، والحسنة والسيئة تضاعف فيه.

قال: وقال أبو جعفر- عليه السّلام-: واللّه، لقد بلغني أن أصحاب النّبيّ- صلّى اللّه عليه وآله- كانوا يتجهّزون للجمعة يوم الخميس، لأنّه يوم مضيّق على المسلمين.

عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن [محمّد بن عيسى، عن‏]  محمّد بن الحسن بن علان، عن حمّاد بن عيسى وصفوان بن يحيى، عن ربعي بن عبد اللّه، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: إنّ من الأشياء أشياء موسّعة وأشياء مضيّقة، فالصّلوات ممّا وسّع فيه تقدم [مرّة]  وتؤخر أخرى، والجمعة ممّا ضيّق فيها، فإنّ وقتها يوم الجمعة ساعة تزول، ووقت العصر فيها وقت الظّهر في غيرها.

و

في كتاب علل الشّرائع ، بإسناده إلى الحلبيّ: عن أبي عبد اللّه- عليه السّلام- قال: إذا قمت [إلى الصّلاة] - إن شاء اللّه- فأتها سعيا، وليكن عليك السّكينة والوقار، فما أدركت فصلّ، وما سبقت فأتمّه فإنّ اللّه يقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ ومعنى فَاسْعَوْا [هو الانكفاء.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : وقوله: فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ قال: الإسراع في المشي.

و

في رواية أبي الجارود  عن أبي جعفر- عليه السّلام- في قوله- فَاسْعَوْا]  إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ يقول: «اسعوا»، [أي: امضوا، ويقال: «اسعوا»]  اعملوا لها ، وهو قص الشّارب ونتف الإبط وتقليم الأظافر والغسل ولبس أفضل ثيابك وتطيّب للجمعة فهو السّعي، يقول اللّه : وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى‏ لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ.

و في مجمع البيان : وفرض الجمعة لازم لجميع المكلّفين إلّا أصحاب الأعذار، من‏السّفر، أو المرض، أو العمى، أو العرج، أو أن يكون امرأة، أو شيخا همّا  لا حراك به، أو عبدا، أو  يكون على رأس أكثر من فرسخين من الجامع. وعند حصول هذه الشّرائط لا يجب إلّا عند حضور السّلطان العادل، أو من نصّبه السّلطان للصّلاة. والعدد يتكامل عند أهل البيت بسبعة. والاختلاف بين الفقهاء في مسائل الجمعة  كثيرة موضعه كتب الفقه.

وَ ذَرُوا الْبَيْعَ: واتركوا المعاملة.

ذلِكُمْ، أي: السّعي إلى ذكر اللّه خَيْرٌ لَكُمْ: من المعاملة، فإنّ نفع الآخرة خير وأبقى.

إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ : الخير والشّرّ الحقيقيّين. أو كنتم من أهل العلم.

فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ: أديت وفرغ منها.

فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ: إطلاق لما حظر عليهم.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : [قال عليّ بن إبراهيم في قوله: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ‏]  يعني: إذا فرغ من الصّلاة فانتشروا في الأرض قال :

يوم السّبت.

و

في مجمع البيان : وروي أنس، عن النّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- قال

 في قوله:

فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ: ليست بطلب دنيا، ولكن عيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في اللَّه.

و

روى  عمر بن يزيد ، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: إنّي لأركب في الحاجة الّتي كفاها اللَّه، ما أركب فيها إلّا التماس أن يراني الله أضحي في طلب الحلال، أما تسمع قول اللَّه: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ (الآية) أ رأيت لو أنّ رجلا دخل بيتا وطيّن عليه بابه، ثمّ قال: رزقي ينزل عليّ. أ كان يكون هذا؟ أما إنّه أحد الثّلاثةالّذين لا يستجاب لهم.

قال: قلت: من هؤلاء [الثلاثة] ؟

قال: رجل تكون عنده المرأة فيدعو عليها، فلا يستجاب له، لأنّ عصمتها في يده لو شاء أن يخلّي سبيلها [لخلى سبيلها] .

و الرّجل يكون له الحقّ على الرّجل فلا يشهد عليه، فيجحده حقّه، فيدعو عليه فلا يستجاب له، لأنّه ترك ما أمر به.

و الرّجل يكون عنده الشّي‏ء فيجلس في بيته فلا ينتشر ولا يطلب ولا يلتمس حتّى يأكله، ثمّ يدعو فلا يستجاب له.

و

روي  عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- أنّه قال: الصّلاة يوم الجمعة، والانتشار يوم السّبت.

و

في محاسن البرقيّ : عنه، عن عثمان  بن عيسى، عن عبد اللَّه بن سنان وأبي أيّوب الخزّاز قالا: سألنا أبا عبد اللَّه- عليه السّلام- عن قول اللَّه- عزّ وجلّ-: فَإِذا قُضِيَتِ (الآية).

قال: الصّلاة يوم الجمعة، والانتشار يوم السّبت.

و قال: السّبت لنا، والأحد لبني أميّة.

و

في عيون الأخبار ، في باب ما جاء عن الرّضا- عليه السّلام- من الأخبار المجموعة، وبإسناده: عن جعفر بن محمّد قال: السّبت لنا، والأحد لشيعتنا، والإثنين لبني أميّة، والثّلاثاء لشيعتهم، والأربعاء لبني العبّاس، والخميس لشيعتهم، والجمعة لسائر النّاس جميعا، وليس فيه سفر، قال اللَّه: فَإِذا قُضِيَتِ «الآية»، يعني: يوم السّبت.

و

في الكافي : الحسين بن محمّد، عن عبد اللَّه بن عامر، عن عليّ بن مهزيار، عن جعفر بن محمّد الهاشمي، عن أبي حفص  العطّار شيخ من أهل المدينة، قال: سمعت أباعبد اللَّه- عليه السّلام- يقول: قال رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-: إذا صلّى أحدكم المكتوبة وخرج من المسجد فليقف بباب المسجد، ثمّ ليقل:

اللّهمّ، دعوتني فأجبت دعوتك، وصلّيت مكتوبك، وانتشرت في أرضك، كما أمرتني، فأسألك من فضلك العمل بطاعتك، واجتناب سخطك، والكفاف من الرّزق برحمتك.

وَ اذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً: واذكروه في مجامع أحوالكم، ولا تخصّوا ذكره بالصّلاة.

لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ : بخير الدّارين.

و في مجمع البيان : وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً، أي: اذكروه على إحسانه.

... إلى قوله: وقيل: معناه: اذكروا اللَّه في تجاراتكم وأسواقكم، كما

روي عن النّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- قال: من ذكر اللَّه مخلصا في السّوق عند غفلة النّاس وشغلهم بما هم فيه كتب اللَّه له ألف حسنة، ويغفر اللَّه له يوم القيامة مغفرة لم يخطر على قلب بشر.

لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، أي: لتفلحوا وتفوزوا بثواب النّعيم، علق- سبحانه- الفلاح بالقيام بما تقدّم ذكره من أعمال الجمعة وغيرها.

و

صحّ الحديث: عن أبي ذرّ- رحمه اللَّه- قال: قال رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-: من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسله ولبس صالح ثيابه ومسّ من طيب بيته أو دهنه، ثمّ لم يفرق بين اثنين، غفر اللَّه له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيّام بعدها. أورده البخاريّ في الصّحيح.

و

روى سلمان  التّميميّ ، عن النّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- قال: إنّ للَّه في كلّ جمعة ستّمائة ألف عتيق من النّار كلّهم قد استوجب النّار.

وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها إفراد التّجارة بردّ الكناية لأنّها المقصودة، فإنّ المراد من اللّهو: الطّبل الّذي كانوا يستقبلون به العير.و الترديد للدّلالة على أنّ منهم من انفضّ لمجرّد سماع الطّبل ورؤيته، أو للدّلالة على أنّ الانفضاض إلى التّجارة، مع الحاجة إليها والانتفاع بها إذا كان مذموما، كان الانفضاض إلى اللّهو أولى بذلك.

و قيل : تقديره: وإذا رأوا تجارة انفضّوا إليها، وإذا رأوا لهوا انفضّوا اليه.

وَ تَرَكُوكَ قائِماً، أي: على المنبر.

قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ: من الثّواب خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ: فإنّ ذلك محقّق مخلّد بخلاف ما تتوهّمون من نفعهما.

وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ : فتوكلوا عليه، واطلبوا الرّزق منه.

و

في مجمع البيان : قال جابر بن عبد اللَّه: أقبل عير ونحن نصلّى مع رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- [الجمعة]  فانفضّ النّاس إليها، فما بقي غير اثني عشر رجلا أنا فيهم، فنزلت الآية: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً (الآية).

و

قال الحسن وأبو مالك : أصاب أهل المدينة جوع وغلاء سعر، فقدم دحية بن خليفة  بتجارة زيت من الشّام والنّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- يخطب يوم الجمعة، فلمّا رأوه قاموا إليه بالبقيع خشية أن يسبقوا إليه، فلم يبق [مع النبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله-]  إلّا رهط، فنزلت الآية.

فقال- صلّى اللَّه عليه وآله-: والّذي نفسي بيده، لو تتابعتم حتّى لا يبقى أحد منكم لسال بكم الوادي نارا.

و

في عوالي اللّئالي : وروى مقاتل بن سليمان ومقاتل بن قياما قالا: بينا رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- يخطب يوم الجمعة إذ قدم دحية الكلبيّ من الشّام بتجارة، وكان إذا قدم لم يبق في المدينة عاتق  إلّا أتته، وكان يقدم إذا قدم بكلّ ما يحتاج إليه النّاس من دقيق وبرّ وغيره، ثم يضرب الطّبل ليؤذن النّاس بقدومه فيخرج النّاس فيبتاعوامنه ، فقدم ذات جمعة وكان قبل أن يسلم ورسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- يخطب على المنبر فخرج النّاس [من المسجد] ، فلم يبق في المسجد إلّا اثنا عشر.

فقال النّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله-: لولا هؤلاء، لسومت لهم الحجارة من السّماء.

و أنزل اللَّه الآية في سورة الجمعة.

و في تفسير عليّ بن إبراهيم : قوله: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها قال:

كان رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- يصلّي بالنّاس يوم الجمعة ودخلت ميرة، وبين يديه قوم يضربون بالدّفوف والملاهي، فترك النّاس الصّلاة ومرّوا ينظرون إليهم، فأنزل اللَّه الآية: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً (الآية).

أخبرنا أحمد بن إدريس ، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، أنّه سئل عن الجمعة كيف يخطب الإمام؟

قال: يخطب قائما، فإنّ اللَّه يقول: وَتَرَكُوكَ قائِماً.

و

عنه ، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- قال: نزلت: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً  انصرفوا إليها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ، يعني: للّذين اتّقوا وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.

و في مجمع البيان : انْفَضُّوا، أي: تفرّقوا.

و

روي ، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- أنّه قال: انصرفوا إليها وتركوك قائما تخطب على المنبر.

قال جابر بن سمرة ، ما رأيت رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- يخطب إلّا وهو قائم، فمن حدّثك أنّه خطب وهو جالس فكذّبه.و سئل عبد اللَّه بن مسعود : كان النّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- يخطب قائما؟

فقال: أما تقرأ: وَتَرَكُوكَ قائِماً؟! و

في كتاب الخصال : فيما أوصى به النّبيّ- صلّى اللَّه عليه وآله- عليّا: يا عليّ، ثلاث يقسين القلب: استماع اللّهو، وطلب الصّيد، وإتيان باب السّلطان.

و

عن أبي الحسن الأوّل - عليه السّلام- قال: قال رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله-: أربع خصال يفسدن القلب وينبتن النّفاق في القلب، كما ينبت الماء الشّجر:

استماع اللّهو. (الحديث)

عن زرارة بن أعين ، عن أبي جعفر- عليه السّلام- قال: لهو المؤمن في ثلاثة أشياء: التّمتّع بالنّساء، ومفاكهة الإخوان، والصّلاة باللّيل.

و

في عيون الأخبار ، في باب ذكر أخلاق الرّضا- عليه السّلام- ووصف عبادته:

و كان يقرأ في سورة الجمعة: قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ للذين اتقوا وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ.

و في شرح الآيات الباهرة  [قال: محمّد بن العبّاس- رحمه اللَّه- حدّثنا]  عن عبد العزيز بن يحيى، عن المغيرة بن محمّد، عن عبد الغفّار بن محمّد، عن قيس بن الرّبيع، عن حصين، عن  سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد اللَّه قال: ورد المدينة عير فيها تجارة من الشّام، فضرب أهل المدينة بالدّفوف وفرحوا وضجّوا، ودخلت والنّبيّ- صلّى الله عليه وآله- على المنبر يخطب يوم الجمعة، فخرج النّاس من المسجد وتركوا رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله- قائما، ولم يبق معه في المسجد إلّا اثنا عشر رجلا عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام- منهم.

و

قال- أيضا- : حدّثنا  أحمد  بن القاسم، عن أحمد بن محمّد بن سيّار ، عن‏محمّد بن خالد، عن [الحسن بن‏]  سيف بن عميرة، عن عبد الكريم بن عمر ، عن جعفر الأحمر بن سيّار، عن أبي عبد اللَّه- عليه السّلام- [في قوله- عزّ وجلّ-: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قال: انفضّوا عنه إلّا عليّ بن أبي طالب- عليه السّلام-]  فأنزل اللَّه: قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ (الآية).