خاتمة فيها مسائل 2

(الاول): ان مورد كلام المحقق وغيره من الفقهاء الذين صوروا هذه المسألة صورة ماذا ضارب العامل غيره من دون اختصاص بأنه عن نفسه. (الثاني): أن البناء على عموم عمل العامل الذي ضاربه المالك للمباشري وغيره يقتضي صحة المضاربة من العامل لغيره عن المالك. إذ ليست المضاربة الثانية إلا عملا بالعموم المذكور. (الثالث): أن عموم عمل العامل لغير المباشرة لا يتناسب مع الصورة المذكورة في المتن، فان عمل المتبرع للعامل يكون للمالك، لا للعامل المتبرع عنه إلا أن يكون المراد من قصد العامل الثاني في عمله العامل الاول المذكور في المتن عمل العامل الثاني نيابة عن العامل الاول، وإن كان شراؤه للمالك. لكنه خلاف ظاهر العبارة. (1) قال في الجواهر: " ولا ينافيه فرض عدم إجازة المالك. إذ هي للقراض، أما ما وقع منه من الشراء والبيع فهو باذن العامل الاول الذي لم يشترط عليه مباشرة ذلك بنفسه ". ولا يخفى أن إذن العامل لا تكفي

 

===============

 

( 329 )

 

[ معتبرة في المضاربة الاولى (1)، وأما مع اعتبارها فلا يتم، ويتعين كون تمام الربح للمالك إذا أجاز المعاملات وان لم تجز المضاربة الثانية. (مسألة 33): إذا شرط أحدهما على الاخر في ضمن عقد المضاربة مالا أو عملا، كأن اشترط المالك على العامل أن ] في صحة الشراء والبيع إلا إذا كان العامل مأذونا من المالك في الاذن، وإذا لم يكن مأذونا فيه من المالك فلا وجه لصحته، وقد عرفت أنه إذا كان مأذونا فيه من المالك كان مأذونا في المضاربة الثانية، إذ مضمونها الشراء والبيع الذي لم يشترط عليه المباشرة فيهما. (1) كما قيده بذلك في الجواهر، وأن ما تقدم مبني على ما هو الظاهر عدم كون ذلك قيدا لها هنا، كما في نظائره. والذي يتحصل مما ذكرناه: أنه إن كان المفهوم من المضاربة الاولى عموم العمل من العامل للمباشرة وغيرها كان ذلك موجبا للاذن في المضاربة الثانية، على نحو تكون من توابع الاولى. فيضارب العامل غيره على أن يكون حصته من الربح بينهما نحو على التساوي أو التفاضل. ولو ضاربه على أن يكون تمام الربح بينهما لم تصح لمنافاتها للاولى. وفي الصورة الاولى لابد أن يكون قصد المتعاملين أن يكون العمل للمالك، بمعنى أن الشراء والبيع له لا للعامل الاول، إذ لا معنى له بعد أن كان المال للمالك. إلا أن يكون المقصود أن العامل الثاني ينوب عن العامل الاول في الشراء للمالك، بأن يقصد النيابة عن العامل الاول في الشراء للمالك، ولا بأس به حينئذ. وإن كان المفهوم من المضاربة الاولى خصوص المباشرة فالحكم كما ذكر المصنف، من بطلان المضاربة، وكون الربح جميعه للمالك إذا أجاز معاملة العامل الثاني ويستحق على العامل الاول أجرة المثل.

 

===============

 

( 330 )

 

[ يخيط له ثوبا، أو يعطيه درهما أو نحو ذلك، أو بالعكس، فالظاهر صحته (1)، وكذا إذا اشترط أحدهما على الاخر بيعا أو قرضا أو قراضا أو بضاعة أو نحو ذلك. ودعوى: أن القدر المتيقن ما إذا لم يكن من المالك الا رأس المال ومن العامل الا التجارة. مدفوعة: بأن ذلك من حيث متعلق العقد فلا ينافي اشتراط مال أو عمل خارجي في ضمنه. ويكفي في صحته عموم أدلة الشروط (2). وعن الشيخ الطوسي فيما إذا ] (1) قال في القواعد: " ولو شرط على العامل المضاربة في مال آخر، أو يأخذ منه بضاعة أو قرضا، أو يخدمه في شئ بعينه، فالظاهر صحة الشروط " وقال في التحرير: " الشروط الفاسدة على أقسام ثلاثة، أحدها: ما ينافي مقتضى العقد، مثل أن يشترط البيع برأس المال... (إلى أن قال): الثاني: ما يقتضي جهالة الربح، مثل أن يشترط العامل جزء من الربح مجهولا أو ربح أحد الكيسين... (إلى أن قال): الثالث اشتراط ما ليس من مصلحة العقد ولا مقتضاه، مثل اشتراط النفع ببعض السلع مثل لبس الثوب، واستخدام العبد، وركوب الدابة ووطئ الجارية وضمان العامل المال أو بعضه. فهذه الشروط كلها باطلة تفسد العقد إن اقتضت جهالة الربح، وإلا فلا على إشكال "، ونحوه ما حكاه السيد في مفتاح الكرامة عن العامة، ثم قال: " ولعلهم يستندون إلى أن هذا العقد على خلاف الاصل، فيقتصر فيه على المتيقن " ولا يخفى أنه إذا تم ذلك جرى في جميع العقود المشتملة على الشروط، لانها على خلاف الاصل أيضا ولا يختص بهذا العقد. (2) هذا العموم إنما ينفع بعد احراز عنوان المضاربة عرفا، لتشمله الاطلاقات المقامية. أما إذا شك في العنوان فالاصل يقتضي بطلان المضاربة.

 

===============

 

( 331 )

 

[ اشترط المالك على العامل بضاعة بطلان الشرط دون العقد في أحد قوليه، وبطلانهما في قوله الاخر (1)، قال: لان العامل في القراض لا يعمل عملا بغير جعل ولا قسط من الربح، وإذا بطل الشرط بطل القراض، لان قسط العامل يكون مجهولا (2) ثم قال: وان قلنا: إن القراض صحيح والشرط ] وعموم صحة العقود إنما يقتضي صحة العقد، لا صحة المضاربة، كما هو محل الكلام، وان كان الظاهر صدق العنوان عرفا. (1) قال في الشرائع في أواخر كتاب المضاربة: " إذا دفع مالا قراضا، وشرط أن يأخذ له بضاعة، قيل: لا يصح، لان العامل في القراض لا يعمل مالا يستحق عليه أجرا، وقيل: يصح القراض ويبطل الشرط. ولو قيل بصحتهما كان حسنا " وقال في المسالك: " القولان الاولان للشيخ في المبسوط " أقول: هذه النسبة غير ظاهرة الوجه، كما يظهر ذلك من ملاحظة كلامه، فان ما ذكره أولا كان وجها لاقولا، وما ذكره ثانيا كان قولا بقرينة قوله رحمه الله: " كان قويا " لكنه ظاهر في صحة الشرط والعقد. غاية الامر أنه لا يجب الوفاء بالشرط، لان مضمونه - وهو البضاعة - من العقود الجائزة التي لا يجب الوفاء بها، وحينئذ يكون موافقا للشرائع والقواعد وجماعة من الاصحاب، على ما نسبه إليهم في جامع المقاصد. ومن ذلك يشكل ما في المتن من نسبة القولين إلى الشيخ رحمه الله مستندا في ذلك إلى عبارة المبسوط المذكورة. (2) قال في المبسوط: " وذلك أن رب المال ما قارض بالنصف حتى اشتراط على العامل عملا بغير جعل، وقد بطل الشرط، وإذا بطل ذهب من نصيب العامل وهو النصف قدر مازيد فيه لاجل البضاعة، وذلك القدر مجهول، وإذا ذهب من المعلوم مجهول كان الباقي مجهولا،

 

===============

 

( 332 )

 

[ جايز، لكنه لا يلزم الوفاء به، لان البضاعة لا يلزم القيام بها كان قويا " وحاصل كلامه في وجه بطلانهما: أن الشرط المفروض مناف لمقتضى العقد، فيكون باطلا، وببطلانه يبطل العقد، لاستلزامه جهالة حصة العامل من حيث أن للشرط قسطا من الربح، وببطلانه يسقط ذلك القسط، وهو غير معلوم المقدار. وفيه: منع كونه منافيا لمقتضى العقد (1)، فان مقتضاه ليس أزيد من أن يكون عمله في مال القراض بجزء من الربح، والعمل الخارجي ليس عملا في مال القراض. هذا مع أن ما ذكره من لزوم جهالة حصة العامل بعد بطلان الشرط ممنوع، إذ ليس الشرط مقابلا بالعوض في شئ من الموارد (2)، وانما يوجب زيادة العوض، فلا ينقص من بطلانه شئ من الحصة حتى تصير مجهولة. وأما ما ذكره في ] ولهذا بطل القراض. وان قلنا أن القراض... " إلى آخر ما في المتن. (1) ذكر ذلك في المسالك وغيرها. (2) كان الاولى في الاشكال عليه أن يقال: إذا كان الشرط ملحوظا عوضا عن العلم فبطلانه يوجب بطلان المعاوضة وحصول الجهالة، لانتفاء المعاوضة بانتفاء أحد طرفيها، وإذا لم يكن ملحوظا عوضا فلا جهالة في العوض. ولو سلم فالجهالة على هذا النهج غير قادحة في البيع، كما إذا باع ما يملك وما لم يملك، فضلا عن المقام الذي لانقدح فيه جهالة وجود الربح، ولا جهالة مقداره التعييني، وإن كان معلوما بالحصة المشاعة. كما يشكل أيضا: بأن ما ذكره أخيرا من أن العمل في البضاعة لوحظ عوضا عن جزء من النصف، فالعمل لم يكن مجانا، مناف لما ذكره أولا من

 

===============

 

( 333 )

 

[ قوله: " وان قلنا... " فلعل غرضه أنه إذا لم يكن الوفاء بالشرط لازما يكون وجوده كعدمه (1)، فكأنه لم يشترط، فلا يلزم الجهالة في الحصة. وفيه: أنه على فرض ايجابه للجهالة لا يتفاوت الحال بين لزوم العمل به وعدمه (2) حيث أنه على التقديرين زيد بعض العوض لاجله. هذا وقد يقرر (3) في وجه بطلان الشرط المذكور: أن هذا الشرط لاأثر له أصلا، لانه ليس بلازم الوفاء، حيث أنه في العقد الجائز، ولا يلزم من تخلفه أثر التسلط على الفسخ، حيث أنه يجوز فسخه ولو مع عدم التخلف. وفيه أولا: ما عرفت ] بطلان الشرط، لانه يقتضي كون العمل مجانا. (1) إذا كان غرضه ذلك كان الاولى تقريره بناء على البطلان، لان الباطل أولى أن يكون وجوده كعدمه، فكأنه لم يشترط. بل غرضه تضعيف ما ذكره اولا، واختيار صحة الشرط وعدم وجوب الوفاء به، لخصوصية في مضمونه، وهو البضاعة التي هي من العقود الجائزة، لا لقصوره فيه. وإن كان يشكل: بأن كون البضاعة من العقود الجائزة في نفسها لا ينافي وجوبها بالشرط. (2) لان مبنى الاشكال على قدح الجهالة على فرض التوزيع على الابعاض، وحينئذ لا يختلف الحكم في الصحة والبطلان لكن عرفت أن الشيخ بنى على عدم تمامية ما ذكره أولا، وأنه غير صحيح، ولذا قال بصحة العقد وصحة الشرط، غير أنه لا يجب الوفاء به، لخصوصية في مضمونه، كما عرفت. نعم كان المناسب له - قدس سره - أن يتعرض لوجه النظر فيما ذكره أولا، على ما هو القاعدة عند المؤلفين. (3) المقرر صاحب الجواهر في ذيل شرح مسألة عدم صحة اشتراط

 

===============

 

( 334 )

 

[ سابقا من لزوم العمل بالشرط في ضمن العقود الجائزة ما دامت باقية ولم تفسخ، وان كان له أن يفسخ حتى يسقط وجوب العمل به. وثانيا: لا نسلم أن تخلفه لا يؤثر في التسلط على الفسخ، إذ الفسخ الذي يأتي من قبل كون العقد جايزا إنما يكون بالنسبة إلى الاستمرار بخلاف الفسخ الآتي من تخلف الشرط، فانه يوجب فسخ المعاملة من الاصل، فإذا فرضنا أن الفسخ بعد حصول الربح، فان كان من القسم الاول اقتضى حصوله من حينه، فالعامل يستحق ذلك الربح بمقدار حصته، وإن كان من القسم الثاني يكون تمام الربح للمالك (1) ويستحق العامل أجرة المثل لعمله، وهي قد تكون أزيد من الربح، وقد تكون أقل فيتفاوت الحال بالفسخ وعدمه إذا كان لاجل تخلف الشرط ] الاجل في المضاربة، وأشار إليه ايضا في أواخر كتاب المضاربة، وحاصله: أن الشرط في العقود يترتب عليه أثران، تكليفي وهو وجوب الوفاء، الراجع إلى وجوب إيصال الحقوق إلى أهلها، ووضعي وهو جواز الفسخ، مع التخلف، وهما في المقام لا يترتبان. (1) هذا ذكره في جامع المقاصد، وجعله مقتضى النظر. لكن في الجواهر بعدما حكاه عنه قال: " إنه لا يمكن التزام فقيه به " وفي أواخر كتاب المضاربة قال: " إنه كما ترى لا ينطبق على القواعد، وعلى ما اشتهر بينهم من عدم لزوم الوفاء بالشروط في العقود الجائزة، وأن حالها كحال الوعد، وليس فائدة الشرط فيها فائدته في العقد اللازم من التسلط على الفسخ مع عدم الوفاء به... ". والاشكال عليه - كما ذكره المصنف -

 

===============

 

( 335 )

 

[ (مسألة 34): يملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره من غير توقف على الانضاض أو القسمة، لا نقلا، ولا كشفا، على المشهور، بل الظاهر الاجماع عليه (1)، لانه مقتضى اشتراط كون الربح بينهما (2)، ولانه مملوك وليس للمالك، فيكون للعامل. وللصحيح (3): رجل دفع إلى رجل الف درهم مضاربة، فاشترى أباه وهو لا يعلم. قال: يقوم فان زاد درهما واحدا انعتق، واستسعى في مال الرجل ] ظاهر. وقد تقدم في المسألة الثانية بعض الكلام في ذلك. (1) قال في المسالك: " لا يكاد يتحقق فيه مخالف، ولانقل في كتب الخلاف عن أحد من أصحابنا ما يخالفه "، ونحوه ماعن المفاتيح لكن في القواعد: " ويملك بالظهور، لا بالانضاض على رأي ". وظاهره التوقف وعدم انعقاد الاجماع عليه. (2) لكن الشرط انما اقتضى المالك على تقدير الوجود، لا أنه يقتضي الوجود، كما هو المدعى. ومنه يظهر الاشكال في قوله (ره): " ولانه مملوك... ". (3) رواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن ميسر (قيس خ ل) قال: " قلت لابي عبد الله (ع): رجل دفع... " إلى آخر ما في المتن " ورواه الصدوق باسناده عن محمد بن قيس، ورواه الشيخ باسناده عن الحسين بن سعيد عن بن أبي عمير عن محمد بن قيس، وباسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن أيوب بن نوح عن ابن أبي عمير عن محمد بن ميسره. كذا في الوسائل. (* 1). والطريق الاول مصحح، والباقية صحاح

 

 

____________

(* 1) باب: 8 من كتاب المضاربة.

 

===============

 

( 336 )

 

[ إذ لو يكن مالكا لحصته لم ينعتق أبوه (1). نعم عن الفخر عن والده: أن في المسألة أربعة أقوال (2)، ولكن لم يذكر القائل ولعلها من العامة (أحدها): ما ذكرنا (الثاني): أنه يملك بالانضاض، لانه قبله ليس موجودا خارجيا (3)، بل هو مقدر موهوم. (الثالث): أنه يملك بالقسمة، لانه لو ملك ] (1) هذا أول الكلام، بل من الجائز الانعتاق بذلك، وارتكابه أهون من ارتكاب ملك العامل بالظهور إذا تحقق أنه لا وجود له، فلا تصلح الرواية دليلا على ذلك، إلا إذا امتنع الانعتاق بغير الملك، كما أشار إلى ذلك في الجواهر. (2) حكي عن الايضاح أنه قال: " الذي سمعناه عن والدي المصنف أن في هذه المسألة ثلاثة أقوال "، ثم بعد أن ذكر الاقوال الثلاثة والاستدلال لها قال: " الرابع: أن القسمة كاشفة عن ملك العامل، لانها ليست بعمل حتى يملك بها " فذكر أولا أن الاقوال ثلاثة، ثم ذكر قولا رابعا، فيكون المتحصل من نقله وجود أربعة أقوال. ولذلك قال في المسالك: " ونقل الامام فخر الدين عن والده في هذه المسألة أربعة أقوال ". لكن في التذكرة بعد ما ذكر القول الاول قال: " وبه قال أبو حنيفة، والشافعي في أحد قوليه، واحمد في احدى الروايتين " ثم استدل له بما في المتن، ثم قال: " وقال مالك انما يملك العامل حصة من الربح بالقسمة، وهو القول الثاني للشافعي والرواية الثانية عن أحمد، واقتصر على ذلك ولم ينقل الثاني ولا الرابع. لكن في المسالك عن التذكرة حكاية القولين الاولين فليلحظ. (3) هذا التعليل مذكور في الايضاح لاثبات الوجه الثاني. لكنه إن تم اقتضى نفي الاول لا إثبات الثاني.

 

===============

 

( 337 )

 

[ قبله لاختص بربحه (1)، ولم يكن وقاية لرأس المال. (الرابع): أن القسمة كاشفة عن الملك سابقا، لانها توجب استقراره. والاقوى ما ذكرنا، لما ذكرنا. ودعوى: أنه ليس موجودا كما ترى (2) وكون القيمة أمرا وهميا ممنوع (3). مع أنا نقول: إنه يصير شريكا في العين الموجودة بالنسبة (4)، ولذا يصح له مطالبة القسمة مع أن المملوك لا يلزم أن يكون موجودا خارجيا، فان الدين مملوك مع أنه ليس في الخارج (5). ومن الغريب إصرار صاحب الجواهر على الاشكال في ملكيته، بدعوى: أنه حقيقة ما زاد على عين الاصل، وقيمة الشئ أمر وهمي ] (1) هذا أيضا مذكور في الايضاح تعليلا للوجه الثالث لكنه إنما ينفي الاولين، ولا يثبت الثالث. (2) إذا كان الربح حقيقة ما زاد على عين رأس المال - كما ادعاه في الجواهر، ويقتضيه العرف واللغة في الجملة - فالدعوى المذكورة في محلها. ولذلك كان المعروف بينهم عدم وجوب الخمس في ارتفاع القيمة وأفتى به المصنف رحمه الله في كتاب الخمس. (3) هذا المنع غير ظاهر، إذ القيمة عبارة عن المالية التي تكون في العين، ولاشك في أنها أمر اعتباري ناشئ عن حدوث الرغبة في العين المصحح للتنافس عليها عند العقلاء وبذل المال بأزائها، وليس لها وجود عيني في الخارج. (4) لاوجه له، لانه إذا لم يكن ربح فلا ملك للعامل في الذمة ولا في العين. (5) هذا مسلم، إلا أنه لما كان له مطابق خارجي ومصداق عيني

 

===============

 

( 338 )

 

[ لا وجود له لا ذمة ولا خارجا، فلا يصدق عليه الربح. نعم لا بأس أن يقال: إنه بالظهور ملك أن يملك، بمعنى أن له الانضاض، فيملك. وأغرب منه أنه قال: " بل لعل الوجه في خبر عتق الاب ذلك أيضا، بناء على الاكتفاء بمثل ذلك في العتق المبني على السراية ". إذ لا يخفى ما فيه (1)، مع أن لازم ما ذكره كون العين بتمامها ملكا للمالك حتى مقدار الربح مع أنه ادعى الاتفاق على عدم كون مقدار حصة العامل من الربح للمالك (2) فلا ينبغي التأمل في أن الاقوى ما هو المشهور (3) نعم إن حصل خسران أو تلف بعد ظهور الربح خرج عن ] صح أن يكون مملوكا، وليس كذلك القيمة المالية. ومن هنا يظهر الاشكال في النقض بملك الدين، كما في جامع المقاصد والمسالك وغيرها. مضافا إلى أن الدين إنما صح ملكه لكونه في الذمة، فانه لا يجوز ملك ما ليس في الذمة ولا في الخارج، والمدعى في المقام أنه مملوك وليس في الذمة ولا في الخارج. (1) بل لا يخفى ما في كلمات المصنف رحمه الله في هذا المقام، مثل قوله رحمه الله: " كما ترى " و " ممنوع " و " غريب " و " أغرب... " فانها كلها غامضة المراد بنحو تكون ردا على ما ذكره في الجواهر. (2) إذا تحقق الاتفاق بنحو يصح الاعتماد عليه كان هو الوجه فيما ذكره المشهور، فلا مجال حينئذ للاخذ بما ذكره في الجواهر. (3) لا ينبغي التأمل في أنه هو الاقوى. لكن العمدة فيه: أن المراد من الربح في باب المضاربة الذي يشترك فيه المالك والعامل الحصة من العين الزائدة على مقدار رأس المال مالية، لا الربح بالمعنى اللغوي والعرفي. كما

 

===============

 

( 339 )

 

[ ملكية العامل، لا أن يكون كاشفا عن عدم ملكيته من الاول (1) وعلى ما ذكرنا يترتب عليه جميع آثار الملكية، من جواز المطالبة بالقمسة وإن كانت موقوفة على رضى المالك، ومن صحة تصرفاته فيه من البيع والصلح ونحوهما. ومن الارث، وتعلق الخمس والزكاة، وحصول الاستطاعة للحج، وتعلق حق الغرماء به، ووجوب صرفه في الدين مع المطالبة... إلى غير ذلك. (مسألة 35): الربح وقاية لرأس المال (2)، فملكية ] يقوله في الجواهر، كي يتوجه عليه ما ذكره من الاشكال. هذا ما تقتضيه الارتكازات العرفية. والشاهد على ذلك أنه لا يجوز للمالك عندهم أن يفسخ المضاربة عند ظهور الربح، ويستقل بالعين، ويطرد العامل محتجا بعدم حصول الربح، بل يرون أن العامل شريك في العين على حسب حصته من المالية. وظني أن ذلك واضح. وحينئذ لا يحتاج إلى الاستدلال على الحكم بما ذكر، ولا مجال للاشكال بما تقدم. (1) فالملكية ثابتة حين الظهور، لكنها غير مستقرة. وقد استفاض. التعبير بذلك في كتبهم. وكأنه عملا بالصحيح المتقدم الدال على حصول الملكية بمجرد الظهور. ولولاه كان اللازم البناء على عدم الملكية واقعا إذا كان هناك نقص مالي لاحق، إما لتنزل السعر، أو لتلف المال، أو نحو ذلك، لان الربح المجعول للعامل ما زاد على ذلك، لا مطلق الربح. (2) هذا من الاحكام المسلمة بينهم، وفي المسالك: أنه محل وفاق ويقتضيه ما عرفت من أن الربح المجعول للعامل ما زاد على تدارك النقص المالي الحادث من خسران أو تلف. وهو العمدة فيما ذكروه. ولم أقف على نص فيه. نعم استدل له بموثق اسحاق بن عمار عن أبي الحسن (ع)

 

===============

 

( 340 )

 

[ العامل له بالظهور متزلزلة، فلو عرض بعد ذلك خسران أو تلف يجبر به إلى أن تستقر ملكيته، والاستقرار يحصل بعد الانضاض والفسخ والقسمة (1)، فبعدها إذا تلف شئ لا يحسب من الربح، بل تلف كل على صاحبه، ولا يكفي في الاستقرار قسمة الربح فقط مع عدم الفسخ (2). بل ولا ] قال: " سألته عن مال المضاربة. قال: الربح بينهما، والوضيعة على المال " بناء على أن المال يشمل الاصل والربح. وهو كما ترى ظاهر في أن المراد من المال ما يقابل الربح. (1) هذا مما لاريب فيه، وفي جامع المقاصد: " لابحث في الاستقرار بذلك "، وفي الجواهر: " لاريب في الاستقرار حينئذ، ضرورة انتهاء العقد بجميع توابعه مع تراضيهما بذلك "، وعن الايضاح: " يستقر بارتفاع العقد وإنضاض المال والقسمة، عند الكل ". (2) بلا ريب، كما في الجواهر، لبقاء عقد المضاربة المستتبع لحكمه من جيران الخسارة بالربح كما لو لم يقسم. ومجرد تعيين حصة العامل بالقسمة غير كاف في الخروج عن مقتضى العقد. لكن ظاهر ما في القواعد من قوله: " وإنما يستقر بالقسمة أو بالانضاض والفسخ ": أن القسمة كافية في الاستقرار، كما أن الانضاض والفسخ كافيان فيه وإن لم تكن القسمة. ولذا أورد عليه في جامع المقاصد: بأن القسمة بمجردها لا توجب الاستقرار من دون فسخ القراض، لانه لا معنى للقسمة إلا قسمة الربح، إذ ليس في رأس المال شراكة الا باعتباره، وقسمة الربح وحده لا تخرجه عن كونه وقاية لرأس المال. وتبعه على ذلك في الجواهر. لكن عرفت أنه لا إطلاق لفظي لدليل الوقاية، كي يتمسك به في المقام، وأن العمدة في

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من كتاب المضاربة حديث: 5.

 

===============

 

( 341 )

 

[ قسمة الكل كذلك (1)، ولا بالفسخ مع عدم القسمة (2)، فلو حصل خسران أو تلف أو ربح كان كما سبق، فيكون الربح مشتركا والتلف والخسران عليهما، ويتم رأس المال بالربح. نعم لو حصل الفسخ ولم يحصل الانضاض ولو بالنسبة ] الوقاية الاجماع والارتكاز العرفي، وليس من الواضح شمولهما لما بعد القسمة وإن كان المعروف بينهم ذلك، بل يظهر منهم التسالم عليه. وما في القواعد يخالفه ما فيها، فقد جزم بعدم استقرار الملك مع إنضاض قدر الربح والقسمة وأنه إذا خسر المال بعد ذلك رجع على العامل، كما سيأتي في المسألة التالية. (1) تقدم ما في جامع المقاصد من أنه لا معنى للقسمة الا قسمة الربح إذ ليس في رأس المال شراكة. (2) جعله في الجواهر - تبعا لجامع المقاصد - مبنيا على وجوب البيع على العامل بعد الفسخ. وإن قلنا بعدمه فوجهان. انتهى. لكن سيأتي من المصنف رحمه الله القول بعدم اجبار العامل على الانضاض والبيع. وأما أحد الوجهين الذين ذكرهما أخيرا فهو الاستصحاب، وعموم على اليد وصدق مال القراض ليشمله مادل على أن مال القراض وضيعته من الربح، وارتفاع صدق المقارض على العامل بالفسخ لا ينافي صدق مال المقارضة، الذي هو موضوع الحكم المذكور. بل قد يقال: بأن تسليم رأس المال إلى المالك من تتمة المضاربة، فلا يجوز تسليمه ناقصا مع وجود الربح الذي يمكن به التدارك. هذا ولكن الجميع لا يخلو من اشكال. إذ الاستصحاب تعليقي، وهو غير حجة. وعموم " على اليد... " لا مجال له في الامانات، والوقاية إنما كانت للدليل الخاص لا لليد، ولذا يختص الخسران بالمالك. وصدق مال المقارضة غير ظاهر مع الفسخ وارتفاع القراض به. مع أن مال

 

===============

 

( 342 )

 

[ إلى البعض وحصلت القسمة فهل تستقر الملكية أم لا (1)؟ إن قلنا بوجوب الانضاض على العامل فالظاهر عدم الاستقرار وإن قلنا بعدم وجوبه ففيه وجهان أقواهما الاستقرار. والحاصل: أن اللازم أولا دفع مقدار رأس المال للمالك، ثم يقسم ما زاد عنه بينهما على حسب حصتهما، فكل خسارة وتلف قبل تمام المضاربة يجبر بالربح، وتماميتها بما ذكرنا من الفسخ والقسمة. (مسألة 36): إذا ظهر الربح ونض تمامه أو بعض منه، فطلب أحدهما قسمته، فان رضي الآخر فلا مانع منها وإن لم يرض المالك لم يجبر عليها (2)، لاحتمال الخسران ] المقارضة لم يؤخذ موضوعا لدليل لفظي، كي يتمسك باطلاقه وتسليم رأس المال إلى المالك لا دليل على وجوبه، كما سيأتي من المصنف. وعلى هذا يكون أقوى الوجهين هو الاستقرار. (ودعوى): أنه لا يساعده الارتكاز العرفي، الذي هو العمدة في الحكم، فان مقتضاه بقاء الاحكام إلى أن تتحقق القسمة، ولذا لو فرض زيادة السعر بعد الفسخ لم تختص الزيادة بالمالك بل تكون بينه وبين العامل، وكذا حكم النقيصة، فيدل على عدم استقرار الملكية بالفسخ (ممنوعة جدا) لمنع ذلك كله إذ الفسخ بعد أن كان رافعا للمضاربة كان رافعا لاحكامها، ولكل شرط ذكر في ضمنها، وثبوت أحكام عرفية للمضاربة بعد انفساخها يحتاج إلى دليل مفقود. (1) في الجواهر - تبعا لجامع المقاصد - الجزم بالاستقرار. ولعله لعدم القول بوجوب الانضاض على العامل. وإن كان الظاهر أن الارتكاز العرفي يساعد على الاستقرار بالقسمة وإن قلنا بوجوب الانضاض على العامل تعبدا. (2) كما في الشرائع والقواعد، ويظهر من جامع المقاصد والمسالك

 

===============

 

( 343 )

 

[ بعد ذلك والحاجة إلى جبره به. قيل: وإن لم يرض العامل فكذلك أيضا (1)، لانه لو حصل الخسران وجب عليه رد ما أخذه، ولعله لا يقدر بعد ذلك عليه لفواته في يده، وهو ضرر عليه. وفيه: أن هذا لا يعد ضررا (2). فالاقوى: أنه يجبر إذا طلب المالك. وكيف كان إذا اقتسماه ثم حصل الخسران، فان حصل بعده ربح يجبره فهو، وإلا رد العامل ] والجواهر عدم الخلاف فيه، معللين ذلك بلزوم الضرر على المالك، لاحتمال الخسران بعد ذلك، كما ذكر المصنف. وهو بظاهره غير تام، لان احتمال الضرر باحتمال الخسران غير مطرد. مع أنه لايمنع من وجوب القسمة وإنما يمنع من وجوب تمكين العامل من حصته، لامن أصل القسمة. مضافا إلى امكان تدارك الضرر المحتمل باخذ الكفيل ونحوه كما في غير المقام مع أن احتمال الضرر غير كاف في منع سلطنة العامل على قسمة حصته المشاعة. واحتمال الضرر المالي غير منفي، ولا مأخوذ موضوعا للاحكام. نعم احتمال الضرر النفسي منفي، فيرفع اللزوم إجماعا، ولبعض النصوص الواردة في بعض الموارد الخاصة، مثل: " الصائم إذا خاف على عينه من الرمد فليفطر "، (* 1)، وليس كذلك الضرر المالي. (1) يظهر ذلك من القواعد، حيث قال: " إن امتنع أحدهما عن القسمة لم يجر عليها "، ونحوه حكي عن التذكرة والتحرير، وفي جامع المقاصد: " أما إذا كان المريد للقسمة المالك فلان العامل لا يأمن أن يطرأ الخسران، وقد أتلف ما وصل إليه، فيحتاج إلى غرم ما وصل إليه بالقسمة وذلك ضرر. وأورد عليه في الجواهر بما في المتن. (2) ضرورة إمكان المحافظة عليه بعدم التصرف. بل لو أغرمه لم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 19 من أبواب من يصح منه الصوم حديث: 1.

 

===============

 

( 344 )

 

[ أقل الامرين من مقدار الخسران وما أخذ من الربح، لان الاقل إن كان هو الخسران فليس عليه إلا جبره، والزايد له وإن كان هو الربح فليس عليه إلا مقدار ما أخذ. ويظهر من الشهيد ان قسمة الربح موجبة لاستقراره وعدم جبره للخسارة الحاصلة بعدها، لكن قسمة مقداره ليست قسمة له من حيث أنه مشاع في جميع المال، فأخذ مقدار منه ليس أخذا له فقط حيث قال على ما نقل عنه (1): " إن المردود أقل الامرين مما أخذه العامل من رأس المال لا من الربح، فلو كان رأس المال مأة والربح عشرين، فاقتسما العشرين، فالعشرون التي هي الربح مشاعة في الجميع، نسبتها إلى رأس المال نسبة السدس فالمأخوذ سدس الجميع، فيكون خمسة أسداسها من رأس المال وسدسها من الربح، فإذا اقتسماها استقر ملك العامل على نصيبه من الربح، وهو نصف سدس العشرين، وذلك درهم وثلثان يبقى معه ثمانية وثلث من رأس المال، فإذا خسر المال الباقي رد أقل الامرين مما خسر ومن ثمانية وثلث ". وفيه (2): - مضافا إلى أنه خلاف ما هو المعلوم من وجوب جبر الخسران الحاصل بعد ذلك بالربح السابق إن لم يلحقه ربح وأن؟؟؟ غرامة ما أخذه منه - أنظار أخر. ] يكن عليه ضرر، لانه في مقابل ما تصرف فيه. كذا في الجواهر. (1) نقله في المسالك. لكن لا بلفظه بل حاصله، لانه بعد أن نقل ذلك قال: " هذا خلاصة تقريره ". كما أنه لم يذكر الكتاب الذي ذكر ذلك فيه. (2) هذه الاشكالات ذكرها في المسالك.

 

===============

 

( 345 )

 

[ منها: أن المأخوذ إذا كان من رأس المال فوجوب رده لا يتوقف على حصول الخسران بعد ذلك. ومنها: أنه ليس مأذونا في أخذ رأس المال، فلا وجه للقسمة المفروضة. ومنها: أن المفروض أنهما اقتسما المقدار من الربح بعنوان أنه ربح لا بعنوان كونه منه ومن رأس المال (1). ودعوى: أنه لا يتعين لكونه من الربح بمجرد قصدهما مع فرض اشاعته في تمام المال (2) مدفوعة: بأن المال بعد حصول الربح يصير مشتركا بين المالك والعامل، فمقدار رأس المال مع حصة من الربح للمالك ومقدار حصة الربح المشروط للعامل له، فلا وجه لعدم التعين بعد تعيينهما مقدار ما لهما في هذا المال (3) فقسمة الربح في ] (1) ومنها: أن اللازم البناء على الوقاية بالربح الباقي في المال، لان المفروض على كلامه عدم صحة القسمة، فالربح باق مشاعا في المال. (2) هذه الدعوى ادعاها في الجواهر، وجعلها مقتضى أصالة بقاء الاشاعة. (3) إذ التعيين مقتضى ولايتهما معا مع مطابقته للمرتكز العرفي الذي هو المرجع بمقتضى إطلاق المقام. ثم إن شيخنا في الجواهر وجه كلام الشهيد رحمه الله بحمله على أن المالك قد فسخ المضاربة بالنسبة إلى المقدار المستخرج فيستقر الملك بالنسبة إلى ربحه. وفيه: أن ما ذكر يصلح توجيها لاستقرار ملك الربح، لاتوجيها لكلام الشهيد إذ يبقى إشكال عدم جواز تصرف العامل في رأس المال بغير إذن المالك بحاله. وكذا اشكال بأنه يجب رد رأس المال إلى المالك وإن لم يطرأ الخسران. وكذا إشكال تسمية ذلك مقاسمة الربح.

 

===============

 

( 346 )

 

[ الحقيقة قسمة لجيمع المال، ولا مانع منها. (مسألة 37): إذا باع العامل حصته من الربح بعد ظهوره صح مع تحقق الشرايط من معلومية المقدار وغيره، وإذا حصل خسران بعد هذا لا يبطل البيع، بل يكون بمنزلة التلف (1)، فيجب عليه جبره بدفع أقل الامرين من مقدار قيمة ما باعه (2) ومقدار الخسران. (مسألة 38): لا إشكال في أن الخسارة الواردة على مال المضاربة تجبر بالربح، سواء كان سابقا عليها أو لا حقا، ما دامت المضاربة باقيه ولم يتم عملها. نعم قد عرفت ما عن الشهيد (3) من عدم جبران الخسارة اللاحقة بالربح السابق إذا اقتسماه، وأن مقدار الربح من المقسوم تستقر ملكيته. وأما التلف فاما أن يكون بعد الدوران في التجارة (4)، أو بعد الشروع فيها (5)، أو قبله، ثم إما أن يكون التألف البعض أو الكل، وأيضا إما أن يكون بآفة من الله سماوية أو أرضية، أو باتلاف المالك أو العامل أو الاجنبي على وجه ] (1) لما دل على لزوم البيع، المانع من ارجاع المبيع إلى البائع أو غيره. وسيأتي نظيره في المسألة الاربعين. (2) إذا كان قيميا، وأما إذا كان مثليا فمثل ما باعه. (3) وعرفت في المسألة السابقة ما فيه. (4) بأن كان منه شراء وبيع فوقع التلف. (5) سيجئ من المصنف مثاله.

 

===============

 

( 347 )

 

[ الضمان. فان كان بعد الدوران في التجارة فالظاهر جبره بالربح (1) ولو كان لا حقا مطلقا، سواء كان التالف البعض أو الكل (2) كان التلف بآفة أو باتلاف ضامن من العامل أو الاجنبي. ودعوى: (3) أن مع الضمان كأنه لم يتلف، لانه في ذمة ] (1) قال في الشرائع: " المسألة الثامنة: إذا تلف مال القراض أو بعضه بعد دورانه في التجارة احتسب التالف من الربح. وكذا لو تلف قبل ذلك. وفي هذا تردد "، ونحوه ما في القواعد والعدة وغيرهما. والظاهر أنه لا خلاف فيه، وعن مجمع البرهان: أنه إجماع، وكذا عن السيد العميدي وكأنه الموافق للارتكاز العرفي المنزل عليه الاطلاقات المقامية. لكن في جامع المقاصد. يحتمل ضعيفا عدم الجبران إذا كان التلف بآفة سماوية، أو غصب غاصب، أو سرقة سارق، لانه نقصان لاتعلق له بتصرف العامل وتجارته، ولانه في الغصب والسرقة يحصل الضمان على الغاصب والسارق بلا حاجة إلى جبره بمال القراض. وضعفه ظاهر، فإن كون الربح وقاية لرأس المال في القراض لم يدل دليل على اشتراطه بكون النقص بسبب السوق، ولانه لا يعقل وجود الربح من كون رأس المال ناقصا، والكلام في الغصب والسرقة إنما هو مع عدم العوض من الغاصب والسارق، وحينئذ فهو تلف. ومما قررنا يظهر أن دعوى الشارح السيد الاجماع على جبر التالف من الربح بعد دورانه في التجارة ليس بجيد. انتهى لكن أشكل عليه: بأن هذا الاحتمال من بعض الشافعية، فلا ينافي الاجماع المدعى. (2) يعني: المساوي لرأس المال، إذ لو تلف جميع المال لم يبق مجال للجبران. (3) حكاها في جامع المقاصد - كما سبق - واستضعفها، وتبعه في ذلك في المسالك والجواهر وغيرهما، وحكاها في التذكرة عن بعض الشافعية

 

===============

 

( 348 )

 

[ الضامن كما ترى. نعم لو أخذ العوض يكون من جملة المال (1) بل الاقوى ذلك إذا كان بعد الشروع في التجارة (2) وإن كان التالف الكل، كما إذا اشترى في الذمة وتلف المال قبل دفعه ] على أنها أحد الوجهين عندهم، ثم قال: والاصح عندهم أنه مجبور بالربح. (1) كما تقدم في جامع المقاصد. (2) قد تقدم التردد في ذلك في الشرائع والقواعد، ورده في جامع المقاصد والمسالك والجواهر: بأن المقتضي لكونه من مال القراض العقد، لا دورانه في التجارة ثم إن هذا الجبر مبني على بقاء المضاربة في الفرض المذكور، كما هو المشهور، قال في القواعد: " فان اشترى للمضاربة فتلف الثمن قبل نقده فالشراء للمضاربة، وعقدها باق، وعلى المالك الثمن " وفي مفتاح الكرامة: أنه الاقوى، كما في المبسوط، والتحرير، والمسالك، وبه جزم في المهذب والسرائر والتذكرة والارشاد وجامع المقاصد والروض ومجمع البرهان وكذا الايضاح. انتهى. والمصرح به في كلام جماعة اختصاص الحكم بصورة مااذا أذن المالك في الشراء بالذمة وأطلق بعضهم. ولكن لا ينبغي التأمل في البطلان مع عدم الاذن، لان العامل قصد المالك في الشراء فلا يصح له بدون إذنه. ولا يبعد ذلك أيضا في صورة الاذن، لانه وإن أذن في الشراء بالذمة، لكنه قيده بأن يكون الوفاء من مال المضاربة، وقد تلف فانتفت الاذن، فلا يصح الشراء للمالك إلا باذن جديد، وحينئذ لا يكون الشراء للمضاربة بل يكون للمالك خاليا عن حق العامل. ولو فرض أنه أذن له في الشراء بالذمة من دون قيد الوفاء بمال المضاربة فتلف المال، لزم المالك دفع الثمن، ولايكون مضاربة مستقلة لعدم المال حين الشراء، ولا متممة للمضاربة الاولى، بحيث يكون مجموع المالين مال المضاربة، لاعتبار التعين الخارجي

 

===============

 

( 349 )

 

[ إلى البايع فأداه المالك، أو باع العامل المبيع (1) وربح فأدى. كما أن الاقوى في تلف البعض الجبر (2) وان كان قبل الشروع أيضا كما إذا سرق في أثناء السفر قبل أن يشرع في التجارة أو في البلد أيضا قبل أن يسافر. وأما تلف الكل قبل الشروع في التجارة فالظاهر أنه موجب لانفساخ العقد (3)، إذ لا يبقى معه مال التجارة حتى يجبر أو لا يجبر. نعم إذا أتلفه أجنبي وأدى عوضه تكون المضاربة باقية. وكذا إذا أتلفه العامل. (مسألة 39): العامل أمين (4) ] في مال المضاربة، وذلك منتف بالنسبة إلى الثمن الجديد فلا يمكن أن ينضم إلى المال التالف. وبالجملة: قوام المضاربة المال الخارجي، فإذا انتفى بالتلف انتفت، وفرض مضاربة جديدة متممة أو مستقلة ممتنع، لعدم تعين مال آخر خارجا، هذا إذا انحصر وفاء الثمن ببذل من المالك. (1) معطوف على قوله (ره): " فأداه المالك " وهذه الصورة خارجة عن محل الكلام السابق، فيحتمل فيها صحة المضاربة، لان الوفاء كان بمال المضاربة وهو الربح، لكنه ضعيف لانتفاء مال المضاربة الذي كان قوام المضاربة، الموجب لانتفائها، وحينئذ يكون الربح للمالك، وللعامل أجره المثل. (2) لما سبق. (3) لما عرفت، وكأنه واضح عندهم، بل الظاهر أنه مسلم، وان كان مقتضى ما ذكروه في المسألة السابقة من أن قوام المضاربة العقد الصحة، إذ لافرق في ذلك بين أن يكون التلف بعد الشراء وقبله. (4) كما هو المصرح به في كلام جماعة كثيرة، بل الظاهر أنه

 

===============

 

( 350 )

 

[ فلا يضمن إلا بالخيانة (1) - كما لو أكل بعض مال المضاربة أو اشترى شيئا لنفسه فأدى الثمن من ذلك، أو وطئ الجارية المشتراة أو نحو ذلك - أو التفريط بترك الحفظ، أو التعدي، بأن خالف ما أمره به أو نهاه عنه، كما لو سافر مع نهيه عنه أو عدم اذنه في السفر، أو اشترى ما نهى عن شرائه، أو ترك شراء ما أمره به، فانه يصير بذلك ضامنا للمال لو تلف ] لا خلاف فيه ولا اشكال، وفي الجواهر: أنه إجماعي. ويقتضيه جملة من النصوص العامة الدالة على عدم ضمان المستأمن والخاصة كصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: " سألته عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق، على صاحبه ضمان؟ قال (ع): ليس عليه غرم بعد أن يكون الرجل أمينا. (1) قد تقدم في المسألة الخامسة ما يدل على الضمان في الموارد المذكورة هنا. فراجع تلك النصوص. ثم إن ظاهر المصنف أن الخيانة مفهوما تقابل التعدي والتفريط، فالخيانة والتعدي والتفريط مفاهيم ثلاثة متباينة، والمصرح به في المسالك: أن الخيانة هي التعدي مفهوما، فمفهومهما واحد يقابل التفريط. ولعله ظاهر الشرائع، حيث عبر بالتفريط والخيانة مقتصرا عليهما في وجه الضمان. والذي يظهر من الاستعمالات العرفية أن التعدي والتفريط كل منهما خيانة، وهما متقابلان فالتعدي فعل مالا ينبغي أن يفعل، والتفريط ترك ما ينبغي أن يفعل، فأكل مال المضاربة تعد، ومخالفة أمر المالك تعد، وترك وضعها في الحرز تفريط، والجميع خيانة.

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 4 من كتاب الوديعة. (* 2) الوسائل باب 3 من كتاب المضاربة حديث: 3.

 

===============

 

( 351 )

 

[ ولو بآفة سماوية، وإن بقيت المضاربة، كما مر. والظاهر ضمانه للخسارة الحاصلة بعد ذلك أيضا (1). وإذا رجع عن تعديه أو خيانته فهل يبقى الضمان أو لا؟ وجهان. مقتضى الاستصحاب بقاؤه، كما ذكروا في باب الوديعة أنه لو أخرجها الودعي عن الحرز بقي الضمان وإن ردها بعد ذلك إليه. ولكن لا يخلو عن إشكال، لان المفروض بقاء الاذن (2)، وارتفاع ] (1) وفي الجواهر: أنه ظاهر الادلة، وتقدم الجزم بذلك من المصنف قدس سره، لبعض النصوص الصريحة في ذلك. بل قال في الجواهر: " بل قد يقال أو يقوى ضمانه للوضعية المتجددة بعد التعدي، وبالسفر مثلا وان تساوى السعر في البلدين، على وجه لو بقي في البلد الذي سافر عنها كان سعرها ذلك أيضا. لاطلاق كونها على العامل مع مخالفته ". وقد يظهر منه نوع من التوقف، لاحتمال انصراف الوضيعة إلى الوضيعة التي جاءت بسبب مخالفته، فلا تشمل صورة ما إذا كانت الوضيعة عامة. لكن مقتضى كون الوضيعة مذكورة في سياق الربح وهو عام فهي أيضا عامة، بقرينة السياق. ثم إن المذكور في النصوص أمرين: ضمان المال، وضمان الوضيعة والاول يكون بمطلق الخيانة والتعدي والتفريط. أما ضمان الوضيعة فيختص بالمخالفة للمالك، فإذا كانت الوضيعة حاصلة بعد التعدي أو التفريط لم يضمنها، وإن كان يضمن العين. وإذا كانت الوضيعة بعد مخالفة المالك ضمنها كما ضمن العين. فلاحظ. (2) يعني فإذا بقيت الاذن فقد بقي الاستيمان، وإذا ثبت الاستيمان فقد شمله عموم: لا ضمان على الامين، وهو مقدم على الاستصحاب. ومثله الكلام في الوديعة.

 

===============

 

( 352 )

 

[ سبب الضمان. ولو اقتضت المصلحة بيع الجنس في زمان ولم يبع ضمان الوضيعة إن حصلت بعد ذلك (1). وهل يضمن بنية الخيانه مع عدم فعلها؟ وجهان، من عدم كون مجرد النية خيانة، ومن صيرورة يده حال النية بمنزلة يد الغاصب (2) ويمكن الفرق بين العزم عليها فعلا وبين العزم على أن يخون بعد ذلك (3). (مسألة 40): لا يجوز للمالك أن يشتري من العامل شيئا من مال المضاربة (4)، لانه ماله. نعم إذا ظهر الربح يجوز له أن يشترى حصة العامل منه مع معلومية قدرها. ولا يبطل بيعه بحصول الخسارة بعد ذلك، فانه بمنزلة التلف (5) ويجب على العامل رد قيمتها لجبر الخسارة، كما لو باعها من غير المالك. وأما العامل فيجوز أن يشتري من المالك قبل ] (1) قد عرفت أن ضمان الوضيعة يختص بصورة مخالفة المالك، فان لم تكن مخالفة للمالك فلا ضمان لها وإن كان مفرطا في عمله، كما هو المفروض في المقام. بل في اقتضائه ضمان العين اشكال، فانه أيضا يختص بالتعدي والتفريط في حفظ العين لافي العمل. اللهم إلا أن يكون مبنى العقد على البيع مع المصلحة، فتركه مخالفة للعقد، فيكون مخالفا للمالك. (2) هذا أول الكلام، ولا دليل عليه. (3) لكنه ليس بفارق. (4) كما نص في الشرائع والقواعد وغيرهما، وفي الجواهر: أنه بلا خلاف ولا إشكال، معللا له بما في المتن. (5) كذا في الجواهر أيضا. وقد تقدم ذلك من المصنف في المسألة

 

===============

 

( 353 )

 

[ ظهور الربح. بل وبعده، لكن يبطل الشراء بمقدار حصته من المبيع (1) لانه ماله. نعم لو اشترى منه قبل ظهور الربح بأزيد من قيمته بحيث يكون الربح حاصلا بهذا الشراء يمكن الاشكال فيه، حيث أن بعض الثمن حينئذ يرجع إليه من جهة كونه ربحا، فيلزم من نقله إلى البايع عدم نقله من حيث عوده إلى نفسه. ويمكن دفعه: بأن كونه ربحا متأخر عن صيرورته للبايع، فيصير أولا للبايع الذي هو المالك من جهة كونه ثمنا، وبعد أن تمت المعاملة وصار ملكا للبايع وصدق كونه ربحا يرجع إلى المشتري الذي هو العامل على حسب قرار المضاربة، فملكية البايع متقدمة طبعا (2). وهذا مثل ما إذا باع العامل مال المضاربة الذي هو مال المالك من أجنبي بأزيد من قيمته، فان المبيع ينتقل من المالك والثمن يكون مشتركا بينه وبين العامل، ولا بأس به فانه من الاول يصير ملكا للمالك ثم يصير بمقدار حصة العامل منه له بمقتضى قرار المضاربة. لكن هذا على ما هو المشهور من أن مقتضى المعاوضة دخول المعوض في ملك من خرج عنه العوض وأنه لا يعقل غيره. وأما على ما هو الاقوى من عدم المانع من كون ] السابعة والثلاثين. لكن في جامع المقاصد: " لو تجدد الخسران أمكن القول بالبطلان، ولم أجد تصريحا بذلك، فينبغي التوقف ". وضعفه مما تقدم ظاهر، وفي الجواهر: أنه في غير محله. (1) كما في القواعد وغيرها. (2) تقدم الموضوع على حكمه.

 

===============

 

( 354 )

 

[ المعوض لشخص والعوض داخل في ملك غيره، وأنه لا ينافي حقيقة المعاوضة (1)، فيمكن أن يقال: من الاول يدخل الربح ] (1) المعاوضة مصدر " عاوض "، و " فاعل " لا يدل على المشاركة كما يظهر من ملاحظة موارد الاستعمال كما أشرنا إلى ذلك في أول كتاب المضاربة، وإنما الذي يدل على المشاركة " تعارض " والمصدر له التعاوض فمعنى عاوض أنه أعطى العوض وجعله في مكان المعوض، أما المعوض فلا يجب أن يكون في مكان العوض، وعليه فالثمن الذي هو العوض يجب أن يكون في مكان المثمن المعوض، ولا يجب العكس. نعم يكون العكس إذا لم يكن مقتض للخلاف. هذا هو الموافق للمرتكزات العقلائية. وأما احتمال أنه لا يجب أن يكون العوض داخلا في ملك مالك المعوض فيجوز أن يكون المعوض لشخص، فيخرج من ملكه إلى ملك غيره، ولا يدخل في ملكه شئ، بل يدخل العوض في ملك غيره، وهو الذي جعله المصنف (ره) أقوى، فضعيف جدا، لان الظاهر من الباء كون مدخولها عوضا، والظاهر من العوض كونه في مكان المعوض، ولذلك كان من المسلمات امتناع الجمع بين العوض والمعوض. والذي يتحصل: أن المحتمل في مفهوم المعاوضة أمور ثلاثة (الاول): دخول كل من العوض والمعوض في ملك من خرج عنه الآخر. (الثاني): دخول العوض في ملك مالك المعوض دون العكس. (الثالث): عدم لزوم دخول أحدهما في ملك مالك الآخر فيجوز أن يدخل كل منهما في غير ملك من خرج عنه الآخر. والاحتمال الاول هو المشهور، والثاني هو الاقوى، والثالث ضعيف. وعلى الاولين يتوجه الاشكال الذي ذكره المصنف ثم الجواب عنه بما ذكر، ولا يختص الاشكال والجواب بالمشهور فقط. وعلى الثالث لا يتوجه الاشكال من أصله، إذ لا موجب لان ينتقل المال إلى البائع لعدم دخله في مفهوم المعاوضة

 

===============

 

( 355 )

 

[ في ملك العامل بمقتضى قرار المضاربة، فلا يكون هذه الصورة مثالا للمقام ونظيرا له (1). (مسألة 41): يجوز للعامل الاخذ بالشفعة من المالك في مال المضاربة (2) ولايجوز للعكس (3). مثلا إذا كانت دار مشتركة بين العامل والاجنبي، فاشترى العامل حصة الاجنبي بمال المضاربة، يجوز له إذا كان قبل ظهور الربح أن يأخذها بالشفعة، لان الشراء قبل حصول الربح يكون للمالك، فللعامل أن يأخذ تلك الحصة بالشفعة منه. وأما إذا كانت الدار مشتركة بين المالك والاجنبي، فاشترى العامل حصة الاجنبي، ليس للمالك الاخذ بالشفعة، لان الشراء له فليس له أن يأخذ بالشفعة ما هو له. ] على ما هو المفروض، كي يشكل: بأنه يلزم من نقله إلى البائع عدم نقله وعوده إلى نفسه. (1) لان الذي يلزم في هذه الصورة أن العوض ينتقل إلى غير مالك المعوض، وهو غير الاشكال السابق الذي هو أنه يلزم من نقل العوض عدم نقله. لكن قد عرفت أيضا أنه لا يتوجه الاشكال من أصله في المقام لجواز كون الشئ عوضا من دون انتقال من مالكه، لان الموجب لانتقاله من ماله أن يكون في ملك مالك المعوض، فإذا لم يلزم ذلك في المعاوضة لم يلزم الانتقال أيضا. (2) يعني: أن يأخذ ما اشتراه للمضاربة لنفسه بالشفعة. (3) يعني أن يأخذ المالك بالشفعة ما اشتراه العامل له، لانه إذا اشتراه صار للمالك، فلا معنى لتملكه بالشفعة. وهذا الحكم مذكور في

 

===============

 

( 356 )

 

[ (مسألة 42): لا إشكال في عدم جواز وطئ العامل للجارية التي اشتراها بمال المضاربة بدون إذن المالك، سواء كان قبل ظهور الربح أو بعده، لانها مال الغير أو مشتركة بينه وبين الغير الذي هو المالك. فان فعل كان زانيا، يحد مع عدم الشبهة كاملا إن كان قبل حصول الربح، وبقدر نصيب المالك إن كان بعده. كما لا إشكال في جواز وطئها إذا أذن له المالك بعد الشراء (1)، وكان قبل حصول الربح، بل يجوز بعده على الاقوى (2) من جواز تحليل أحد الشريكين صاحبه وطئ الجارية المشتركة بينهما. وهل يجوز له وطؤها بالاذن السابق في حال إيقاع عقد المضاربة، أو بعده قبل الشراء، أم لا؟ المشهور على عدم الجواز، لان التحليل إما تمليك أو عقد (3) وكلاهما لا يصلحان قبل الشراء (4). والاقوى - كما عن ] الشرائع والقواعد وغيرهما، ولا إشكال فيه. (1) فانه من التحليل الذي لاإشكال في صحته في الجملة. (2) كما ذهب جماعة من الاساطين. ويدل عليه صحيح محمد ابن قيس (* 1) وسيأتي تحرير ذلك في المسألة الواحدة والعشرين من فصل نكاح العبيد والاماء. (3) كذا في المسالك. (4) فلا يتناوله الحصر في قوله تعالى: (الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم). كذا في المسالك.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 41 من أبواب نكاح العبيد والاماء حديث: 1.

 

===============

 

( 357 )

 

[ الشيخ في النهاية - الجواز، لمنع كونه أحد الامرين، بل هو إباحة (1)، ولا مانع من إنشائها قبل الشراء إذا لم يرجع عن إذنه بعد ذلك، كما إذا قال: اشتر بمالي طعاما ثم كل منه (2) هذا مضافا إلى خبر الكاهلي (3) عن أبي الحسن (ع) قلت: رجل سألني أن أسألك أن رجلا أعطاه مالا مضاربة يشتري ] (1) لكن يشكل للحصر المذكور في الآية الشريفة. إلا أن يقال: إن الدليل القطعي الدال على جواز الوطئ بتحليل المالك موجب للخروج عن عموم الحصر. أو يكون المراد بما ملكت أيمانهم ما يعم التحليل، والموجب لذلك أن مادل على مشروعية التحليل لا يقبل الحمل على أحد الامرين من العقد والتمليك، فيتعين المصير إلى ما ذكر. لكن في جواز التحليل بهذا المعنى قبل الشراء اشكال، إذ لا اطلاق يقتضي جوازه حينئذ والاصل عدم ترتب الاثر. (2) لا ينبغي التأمل في صحة ذلك. لكن المقايسة مع المقام غير ظاهرة لان التصرفات الخارجية لا تتوقف على الاذن الانشائي، ويكفي فيها الرضا النفساني التقديري المستفاد من الفحوى، فمن أذن لغيره في دخول داره جاز للمأذون شرب الماء والوضوء ونحوهما من التصرفات الخارجية التي لو سئل عنها المالك لاذن فيها، ولاريب في عدم كفاية ذلك هنا. نعم المناسب المقايسة بالتصرفات الاعتبارية، كما إذا أذن له في شراء دار ووقفها أو إجارتها ونحوها من التصرفات الاعتبارية، فان الاذن فيها لا تتوقف على وجود الموضوع - كما مثل له في الجواهر - وإن كان المقام يختلف عن المثال بأنه تصرف خارجي والمثال تصرف اعتباري، لكنه لما كان لابد فيه من الرضا الانشائي كان نظيرا. (3) رواه الشيخ باسناده عن الحسن بن محمد بن سماعة عن محمد

 

===============

 

( 358 )

 

[ ما يرى من شئ وقال له: اشتر جارية تكون معك، والجارية إنما هي لصاحب المال، إن كان فيها وضيعة فعليه، وإن كان ربح فله، فللمضارب أن يطأها؟ قال (ع): نعم. ولا يضر ] ابن زياد عن عبد الله بن يحيى الكاهلي عن أبي الحسن (ع)، قال: " قلت... ". واسناد الشيخ إلى الحسن موثق، والحسن ثقة، ومحمد ابن زياد صحيح الحديث، لان الظاهر أنه محمد ابن أبي عمير، واحتمال غيره لا يعول عليه عند الاطلاق، وكذلك عبد الله بن يحيى الكاهلي، فانه من الاجلاء - كما قيل - وقد عد حديثه صحيحا في كثير من الموارد فالخبر من الموثق. وفي المسالك: " والقول بالجواز للشيخ في النهاية، استنادا إلى رواية ضعيفة، مضطربة المفهوم، قاصرة الدلالة ". والاشكال على الاول ظاهر. وفي جامع المقاصد في بيان وجه ما في القواعد من أن الاقرب المنع: " ووجه القرب الحصر المستفاد من قوله تعالى: (إلا على ازواجهم أو ما ملكت أيمانهم). ولان أمر الفروج مبني على الاحتياط التام، فلا يعول فيه على مثل هذه الرواية. لكن الحصر لابد من التصرف فيه لما دل على مشروعية التحليل، ولا مجال للاحتياط مع الدليل. نعم ذكر في النافع أن الرواية متروكة، وهذا الترك يوجب سقوطها عن الحجية كغيرها من المهجورات. لكن ذلك يختص بما إذا كان يمنع الوثوق بصدورها، وفي المقام غير ظاهر، لاحتمال كونه صادرا لاجل هذه الطعون غير المقبولة وإن كان ظاهر المحقق أن القادح في الرواية أنها متروكة لا قاصرة عن الحجية، فالطعون المذكورة في كلام من تأخر عنه من باب التعليل بعد الورود، فإذا لا مجال للعمل بالرواية. فلاحظ.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من ابواب كتاب المضاربة.

 

===============

 

( 359 )

 

[ ظهورها في كون الشراء من غير مال المضاربة (1) من حيث جعل ربحها للمالك، لان الظاهر عدم الفرق بين المضاربة وغيرها في تأثير الاذن السابق وعدمه. وأما وطئ المالك لتلك الجارية فلا بأس به (2) قبل حصول الربح، بل مع الشك فيه، لاصالة عدمه. وأما بعده فيتوقف على إذن العامل، فيجوز معه على الاقوى (3) من جواز إذن أحد الشريكين صاحبه. (مسألة 43): لو كان المالك في المضاربة امرأة فاشترى العامل زوجها، فإن كان بإذنها فلا إشكال في صحته، وبطلان ] (1) لان قول السائل: " هي لصاحب المال " يراد منه أنها ليست من مال المضاربة، والا فان مال المضاربة أيضا لصاحب المال. ثم إن الظاهر أن هذا الظهور هو الذي دعا المسالك إلى دعوى كونها قاصرة الدلالة. وأما دعواه اضطراب المفهوم فالظاهر أن الوجه فيه أن قول المالك: " تكون معك " غير ظاهر في الاذن في الوطئ، ولعل المراد أنها تكون معك أمانة ووديعة إلى أن ترجع في مقابل أن يرسله إلى المالك، لكن لما كان من البعيد الاذن للعامل في الوطئ للوديعة تعين أن يكون الاذن قرينة على أن المراد من كونها مع العامل أن يتخذها فرشا له. وفيه: أن الظاهر من قوله: " تكون معك " الذي هو جملة وصفية للجارية ومن قيود الجارية أنه يريد كونها مصاحبة له والمنصرف منه أن تكون فراشا له، لا أمانة. (2) لكونها ملكه بلا شريك. (3) لما يأتي في المسألة الواحدة والعشرين من فصل نكاح العبيد والاماء كما سبق.

 

===============

 

( 360 )

 

[ نكاحها (1)، ولا ضمان عليه (2)، وإن استلزم ذلك الضرر عليها بسقوط مهرها ونفقتها. وإلا ففي المسألة أقوال (3): البطلان مطلقا، للاستلزام المذكور، فيكون خلاف مصلحتها. والصحة كذلك، لانه من أعمال المضاربة المأذون فيها في ضمن العقد، كما إذا اشترى غير زوجها. والصحة إذا أجازت بعد ذلك. وهذا هو الاقوى، إذ لا فرق بين الاذن السابق والاجازة اللاحقة، فلا وجه للقول الاول (4). مع أن قائله غير معلوم (5). ولعله من يقول بعدم صحة الفضولي إلا فيما ورد دليل خاص. مع أن الاستلزام المذكور ممنوع، لانها لا يستحق النفقة إلا تدريجا، فليست هي مالا لها فوته عليها وإلا لزم غرامتها على من قتل الزوج. وأما المهر فإن كان ] (1) إجماعا، نصا وفتوى، كما يأتي في شرح المسألة السابعة من فصل نكاح العبيد والاماء. (2) لعدم الموجب له بعد أن كان الشراء باذنها. كما هو المفروض. (3) قال في القواعد: " قيل: يبطل الشراء، لتضررها به، وقيل يصح موقوفا... (إلى أن قال): وقيل: مطلقا، فيضمن المهر مع العلم "، ونحوه حكي في جملة من الكتب، وفي الشرائع: اقتصر على ذكر قولين، فقال: " قيل: يصح الشراء، وقيل: يبطل، لان عليها في ذلك ضررا. وهو أشبه "، ونحوه حكي عن المبسوط. (4) فالاستلزم الذي ذكر وجها له لا يقتضي البطلان مع الاجازة (5) كما الجواهر، لكن قال: " وإن حكي عن ظاهر الشيخ في المبسوط "، وفي التذكرة حكاه قولا للشافعي.

 

===============

 

( 361 )

 

[ ذلك بعد الدخول فلا سقوط، وإن كان قبله فيمكن أن يدعى عدم سقوطه أيضا بمطلق المبطل (1)، وإنما يسقط بالطلاق فقط مع أن المهر كان لسيدها (2) لا لها. وكذا ] (1) احتمل ذلك في الجواهر هنا، وسيأتي تحقيق ذلك في المسألة السابعة من فصل نكاح العبيد والاماء، وذكرنا هناك أن التحقيق بقاء تمام المهر، لان العقد لم ينفسخ ولم ينحل، وإنما طرأ الطارئ على مورد العقد فمنع من بقاء أثره، وما دام العقد باقيا لم ينحل يصح كل شرط فيه، ومنه شرط المهر، فلا وجه لتبعيضه، ولا لسقوطه. فراجع. (2) هكذا في النسخ التي بأيدينا، والصحيح كان لسيده، والمراد منه غامض جدا. ويحتمل أن يكون مراد المصنف ما في الجواهر فانه حكي عن المسالك وجامع المقاصد ضمان المهر في المقام. بل في الاول منهما جعل الضمان ظاهرا، واستشكل عليه. أولا: بحصول الاذن منها على فرض الصحة ولو في ضمن الاطلاق. وثانيا: بمنع فوات المهر عليها مع فرض عدم الفسخ من قبلها، لكونه مستحقا لها بالعقد. ثم قال: " ولعل مرادهما ضمان المهر لسيد العبد الذي هو الزوج "، يعني: فلا يكون ضمان المهر للزوجة، وكأن المصنف (ره) يريد بيان ذلك. هذا ولكن احتمال ذلك في كلام المسالك وجامع المقاصد بعيد جدا، لذكر المهر في سياق النفقة التي هي إن كانت مضمونة فللزوجة. مع أنه لاوجه لضمان السيد مع اقدامه على بيع عبده، إلا أن يكون المفروض الشراء من وكيله، وحينئذ تشكل صحة الشراء إذا كان فيه ضرر على السيد، ولو صح كان وكيل السيد ضامنا أيضا كالعامل. مضافا إلى أن ما فات على السيد هو زوجية عبده بعد أن صار حرا أجنبيا، لا المهر،

 

===============

 

( 362 )

 

[ لا وجه للقول الثاني (1) بعد أن كان الشراء المذكور على خلاف مصلحتها، لا من حيث استلزام الضرر المذكور (2) بل لانها تريد زوجها لاغراض أخر، والاذن الذي تضمنه العقد منصرف عن مثل هذا (3). ومما ذكرنا ظهر حال ما إذا اشترى العامل زوجة المالك، فانه صحيح مع الاذن السابق أو الاجازة اللاحقة، ولا يكفيه الاذن الضمني في العقد، للانصراف. (مسألة 44): إذا اشترى العامل من ينعتق على المالك فاما أن يكون بإذنه، أو لا. فعلى الاول ولم يكن فيه ربح صح وانعتق عليه (4)، وبطلت المضاربة بالنسبة إليه (5)، لانه خلاف وضعها وخارج عن عنوانها، حيث أنها مبنية على طلب الربح المفروض عدمه، بل كونه خسارة محضة، فيكون ] فوات الزوجية حينئذ كيف يكون ضررا ماليا على السيد حتى يكون مضمونا له. ثم إن حمل كلام المصنف على هذا المعنى بعيد جدا عن العبارة، فلا مجال له. ولعل في العبارة سقطا. (1) وان كان القائل به غير معلوم أيضا كما في المسالك والجواهر، وفي التذكرة: حكاه عن أبي حنيفة. (2) لما عرفت من المناقشة فيه. (3) دعوى الانصراف كلية غير ظاهرة. وكذا فيما بعده. (4) لاإشكال في الحكمين المذكورين، عملا بعموم الادلة. (5) كما صرح به غير واحد، منهم المحقق في الشرائع، معللين له بما ذكر في المتن.

 

===============

 

( 363 )

 

[ صحة الشراء من حيث الاذن من المالك، لا من حيث المضاربة وحينئذ فان بقي من مالها غيره بقيت بالنسبة إليه (1)، وإلا بطلت من الاصل. وللعامل أجرة عمله (2) إذا لم يقصد التبرع. ] (1) كما صرح به في الشرائع وغيرها، لعدم الموجب للبطلان في الجميع كما لو تلف بعض المال أو أتلفه المالك أو استرده، لان العقد على الجميع قابل للتحليل والتجزأة، لانه على نحو تعدد المطلوب. (2) كما عن الارشاد والمختلف وغيرهما. وعن المبسوط عدم الاجرة، وظاهر المحقق الثاني الميل إليه، بل لعل ظاهر الشرائع لعدم المقتضي لها، إذ لاأمر بالعمل المذكور، كي يكون استيفاء موجبا للضمان. ومجرد الاذن في الشرائع لا يقتضي الامر به. والاجماع على أن بطلان المضاربة يوجب ثبوت الاجرة - كما عن الفخر في الايضاح - لا يشمل ما نحن فيه، بل يختص بما إذا كان العمل بأمر من المالك في مقام الاسترباح، وليس منه المقام. نعم إذا كانت قرينة على كون الاستئذان للعمل بأجرة استحق المستأذن الاجرة، وتكون الاذن منه كمعاملة على العمل بأجرة. أما إذا لم تكن قرينة فلا موجب لاستحقاقها وان لم يقصد المستأذن التبرع. وبذلك يظهر الفرق بين الامر بالعمل وبين الاذن في العمل، فان الاول يوجب الضمان إلا إذا قصد المأمور التبرع، والثاني لا يوجب الضمان الا إذا قصد الآذن الاجرة، ونحوه في ذلك الاذن في الاستيفاء، فانه لا يوجب ضمان المستوفي الا إذا كانت قرينة على الضمان، كاذن الحمامي في الاستحمام، واذن صاحب المطعم في الاكل من طعامه، فانه يوجب الضمان للقرينة عليه، فلو لم تكن قرينة لم يستوجب الضمان، كما إذا أذن صاحب الدار في دخول داره والاكل من طعامه، فانه لا يضمن الداخل والا الآكل، فباب الاذن

 

===============

 

( 364 )

 

[ وإن كان فيه ربح فلا إشكال في صحته (1)، لكن في كونه قراضا - فيملك العامل بمقدار حصته من العبد (2)، أو يستحق عوضه على المالك للسراية (3) - أو بطلانه مضاربة واستحقاق العامل أجرة المثل لعمله (4) - كما إذا لم يكن ربح - أقوال - لا يبعد ترجيح الاخير، لا لكونه خلاف وضع المضاربة (5)، للفرق بينه وبين صورة عدم الربح (6)، بل لانه فرع ملكية المالك المفروض عدمها (7). ودعوى: أنه لابد أن يقال: إنه يملكه آنا ما ثم ينعتق، أو تقدر ملكيته، حفظا لحقيقة البيع، على القولين في تلك المسألة (8) وأي منهما ] غير باب الامر. (1) عملا بعموم الادلة. (2) يعني بناء على عدم السراية في مثله. (3) كما عن المبسوط. ويقتضيه الصحيح المتقدم في المسألة الرابعة والثلاثين (4) كما جعله الوجه في الشرائع والقواعد، واختاره العلامة في كثير من كتبه، وتبعهما عليه غير واحد ممن تأخر عنهما. (5) بذلك استدل في جامع المقاصد والمسالك على بطلان المضاربة فيه. (6) فانه بعد أن كان المفروض حصول الربح يكون كسائر انواع التجارة في مال المضاربة. (7): يعني أن العامل انما يملك حصته من الربح بعد أن يكون الربح للمالك، لانه عوض ماله، عملا بمقتضى المعاوضة، على ما عرفت في المسألة الاربعين، وهنا يتعذر أن يكون الربح للمالك، للانعتاق عليه. (8) يعني: القول بالملكية الفعلية والملكية التقديرية، يعني: الملكية

 

===============

 

( 365 )

 

[ كان يكفي في ملكية الربح. مدفوعة (1) بمعارضتها بالانعتاق الذي هو أيضا متفرع على ملكية المالك، فان لها أثرين في عرض واحد، ملكية العامل للربح، والانعتاق، ومقتضى بناء العتق على التغليب تقديم الثاني، وعليه فلم يحصل للعامل ملكية نفس العبد (2)، ولم يفوت المالك عليه أيضا شيئا (3)، بل فعل ما يمنع عن ملكيته. مع أنه يمكن أن يقال: إن التفويت من الشارع (4) لا منه. لكن الانصاف أن المسألة مشكلة، بناء على لزوم تقدم ملكية المالك وصيرورته للعامل بعده، إذ تقدم الانعتاق على ملكية العامل عند المعاوضة في محل المنع (5). نعم ] على تقدير عدم المانع، فان ذلك يكفي في صدق العوضية من الطرفين. (1) كان المناسب أن يقول: مسلمة لكنها لا تجدي في ملك العامل لحصته من الربح، لوجود المانع وهو الانعتاق من جهة التغليب. (2) هذا يقتضي أن يكون المناسب له في تعليل اختيار الاخير أن يقول - بدل قوله: " لانه فرع ملكية المالك " -: لتعذر ملكية العامل للربح. (3) يعني: فلا يكون المالك ضامنا لحصته من الربح للتفويت، فيكون العامل مالكا لبدل الصحة، لان الفوات كان باقدام العامل على شراء من ينعتق على المالك، لا بتسبيب المالك. (4) لكن تفويت الشارع لا يكون موضوع أثر شرعي، والضمان يستند إلى فعل المكلف، فمن القى نجاسة في دهن مائع كان ضامنا له للاتلاف، وإن كان ذلك مستندا إلى حكم الشارع بنجاسة المائع. (5) لان تغليب العتق لادليل عليه كلية لكن إذا لم يكن يكون

 

===============

 

( 366 )

 

[ لو قلنا: إن العامل يملك الربح أو لا بلا توسط ملكية المالك بالجعل الاولي حين العقد، وعدم منافاته لحقيقه المعاوضة، لكون العوض من مال المالك والمعوض مشتركا بينه وبين العامل - كما هو الاقوى (1) - لا يبقى إشكال، فيمكن أن يقال (2) بصحته مضاربة، وملكية العامل حصته من نفس العبد على القول ] اللازم تساقط الدليلين، وحينئذ يتم المدعى من عدم ملك العامل، فتبطل المضاربة. اللهم إلا أن يقال: إن إطلاق مادل على ملكية العامل للربح بعد أن يملكه المالك لا يصلح لتشريع الاحكام المخالفة للاحكام الاقتضائية فإذا كان ملك المالك يقتضي الانعتاق فلا تصلح أدلة مشروعية المضاربة لمنع ذلك. (1) تقدم ذلك في المسألة الاربعين. (2) المذكور في جامع المقاصد والمسالك وغيرهما في توجيه بطلان المضاربة في المقام: اعتبار صلاحية المال للتقليب مرة بعد أخرى فيها، وهو منتف في المقام، للانعتقا بمجرد الشراء. وفي الجواهر: استشكل في ذلك بل منع من اعتبار ذلك في مفهوم المضاربة بالنسبة إلى جميع المال. وكأنه لذلك لم يعتن بهذا الوجه المصنف. وفيه: أنه لا اطلاق لفظي في دليل المضاربة يشمل المقام، والاطلاق المقامي قاصر عنه، للشك في صدق المضاربة فيه. ونحوه مما كان المال لا يقبل التقليب، والاصل عدم ترتب الاثر. وعموم صحة العقود وإن كان يقتضي الصحة، لكن لا بعنوان المضاربة، كما سبق في نظيره من شروط المضاربة. اللهم إلا أن يكون داخلا في عموم المضاربة للصحيح المتقدم في المسألة الرابعة والثلاثين، وكفى به دليلا على صحة المضاربة حينئذ وإن كان مختصا بالجهل.

 

===============

 

( 367 )

 

[ بعدم السراية (1)، وملكية عوضها إن قلنا بها. وعلى الثاني - أي إذا كان من غير إذن المالك - فان أجاز فكما في صورة الاذن، وإن لم يجز بطل الشراء. ودعوى: البطلان ولو مع الاجازة (2)، لانه تصرف منهي عنه، كما ترى، إذ النهي ليس عن المعاملة بما هي، بل لامر خارج (3)، فلا مانع من صحتها مع الاجازة. ولا فرق في البطلان مع عدمها بين كون العامل عالما بأنه ممن ينعتق على المالك حين الشراء أو ] (1) بناء على اختصاصها بالعتق الاختياري، فلا يشمل المقام وإن كان سببه اختياريا وهو الاذن في الشراء. وستأتي الاشارة إلى ذلك في المسألة الآتية. (2) قال في القواعد: " وإن لم يأذن فالاقرب البطلان إن كان الشراء بالعين أو في الذمة وذكر المالك، وإلا وقع للعامل ". وفي جامع المقاصد: " يظهر من تقرير الشارح الفاضل أن مراد المصنف بالبطلان أنه لا يقع موقوفا، بل يقع باطلا، لاستلزام عقد القراض النهي عن هذا التصرف "، ونحو عبارة القواعد عبارة الشرائع واحتمل في المسالك ما حكى عن شرح الفاضل من البطلان حتى مع الاجازة، للنهي المذكور في المتن. (3) لم يتضح وجود هذا النهي حتى يتكلم في معناه، بل ليس الا مادل على المنع من التصرف في مال الغير بغير إذنه، ولابد - بناء على صحة الفضولي - من حمله على الارشاد إلى عدم الصحة بدون الاجازة. وبالجملة: لادليل بالخصوص على النهي، ولا على البطلان وإنما هو من صغريات باب الفضولي، فإذا بني على صحته بالاجازة فلابد من البناء على ذلك في المقام.

 

===============

 

( 368 )

 

[ جاهلا، والقول بالصحة مع الجهل (1)، لان بناء معاملات العامل على الظاهر، فهو كما إذا اشترى المعيب جهلا بالحال (2) ضعيف، والفرق بين المقامين واضح (3). ثم لا فرق في البطلان بين كون الشراء بعين مال المضاربة، أو في الذمة بقصد الاداء منه (4) وإن لم يذكره لفظا. نعم لو تنازع هو والبايع في كونه لنفسه أو للمضاربة قدم قول البايع، ويلزم العامل به ظاهرا، وإن وجب عليه التخلص منه (5)، ولو لم ] (1) قال في القواعد: " في جاهل النسب والحكم إشكال " ووجهه - كما في جامع المقاصد والمسالك - ما ذكره في المتن. (2) هذا التمثيل ذكره في المسالك، واعتمد عليه. (3) فرق في الجواهر بين المقامين: بأن مبنى المضاربة على الاجتهاد بالنسبة إلى العيب وعدمه والرغبة فيها وعدمها، فالخطأ والصواب من توابع المضاربة، ضرورة جريانها على المتعارف في اعمال التجارة. بخلاف المقام الذي لم يكن حاضرا في الذهن، ولا هو متعارف التجارة. انتهى. وحاصله: أن شراء المعيب مأذون فيه كشراء الصحيح، لانه يكون موردا للغبطة والفائدة كالصحيح، وطرو التعلف لا يقدح في الاذن كطروه في شراء الصحيح، بخلاف ما نحن فيه، فانه غير مأذون فيه، كما هو المفروض. (4) قد تقدم ما في القواعد من الصحة للعامل مع عدم ذكر المالك وهو ظاهر الشرائع أيضا، وفيه: أنه يلزم وقوع ما لم يقصد. اللهم إلا أن يكون مقصودهما الوقوع للعامل ظاهرا وفي مقام الاثبات، فمع النزاع بين البائع والمشتري إذا ادعى البائع أنه للعامل كان قوله موافقا للحجة. ويكون خصمه مدعيا. أما مع الاتفاق على قصد المالك فالحكم البطلان. (5) لبقائه على ملك البائع، فيجب عليه رده عليه. وأخذه من باب

 

===============

 

( 369 )

 

[ يذكر المالك لفظا ولا قصدا كان له ظاهرا وواقعا (1). (مسألة 45): إذا اشترى العامل أباه أو غيره ممن ينعتق لميه، فان كان قبل ظهور الربح ولا ربح فيه أيضا (2) صح الشراء (3) وكان من مال القراض، وإن كان بعد ] المقاصة للبائع في مقابل أخذه الثمن، غير ظاهر، إذ لادليل عليها فيما إذا كان المقاص عنه ممتنعا عن دفع الحق عن شبهة. (1) إذا لم يذكر المالك لفظا ولاقصدا وكان الشراء بالعين، فالمبادلة تكون بين العينين. وينتقل كل منهما إلى ملك مالك الآخر، وإذا كان الشراء بالذمة فلابد من تعيين الذمة، وإلا لم يكن البدل ذا مالية، ولا صالحا للمبادلة به لاعوضا ولا معوضا. نعم لا يعتبر التعيين التفصيلي بل يكفي التعيين الاجمالي الارتكازي، والمرتكز في الذهن من قول القائل: اشتريت هذا بدينار: أنه بدينار في ذمتي، فيكون الشراء للقائل لا لغيره. (2) لم يظهر وجه المقابلة بين الامرين، ولذلك كانت العبارات خالية عن الجمع، فمنهم من ذكر الظهور، قال في الشرائع: " إذا اشترى العامل أباه فان ظهر فيه ربح انعتق... "، ومنهم من ذكر الربح، قال في المسالك: " فان لم يكن فيه ربح سابقا ولا لاحقا فالبيع صحيح... " وكأنه يريد من ظهور الربح خصوص ارتفاع السوق بعد الشراء، ومن الربح زيادة القيمة حال الشراء، وإن كان ذلك لا يناسب ما يأتي في الصورة الاخرى. وبالجملة الصور ثلاث، لانه تارة: يظهر الربح حين الشراء، وأخرى: بعد ذلك، وثالثة: لا يظهر لاحال الشراء ولابعد ذلك. والصورة الثالثة واضحة الحكم عندهم وهي الصورة الاولى في كلام المصنف وفي كلام المسالك. (3) بلا اشكال، وفي جامع المقاصد: " قطعا، لعدم المانع " وفي

 

===============

 

( 370 )

 

[ ظهوره أو كان فيه ربح، فمقتضى القاعدة وإن كان بطلانه (1) لكونه خلاف وضع المضاربة، فانها موضوعة - كما مر - للاسترباح بالتقليب في التجارة، والشراء المفروض من حيث استلزامه للانعتاق ليس كذلك - إلا أن المشهور - بل ادعي عليه الاجماع (2) صحته، وهو الاقوى في صورة الجهل بكونه ممن ينعتق عليه، فينعتق مقدار صحته من الربح منه، ويسري في البقية، وعليه عوضها للمالك مع يساره، ويستسعى العبد فيه مع إعساره (3). ] المسالك: " إذ لاضرر فيه على أحد، ولاعتق ". والمراد لزوم العمل بعموم الادلة لما لم يكن مخصص. (1) كما احتمله في القواعد، لما في المتن، ونسب إلى جماعة، وجعله في المسالك أحد الوجوه في المسألة. (2) وفي القواعد: أن الصحة أقرب. وعن ظاهر التذكرة: أنه اجماعي، وفي الجواهر: " بلا خلاف أجده فيه، كما اعترف به غير واحد بل عن الغنية والسرائر: الاجماع عليه "، وعن مجمع البرهان: نسبته إلى فتوى الفقهاء تارة، وإلى نفي الخلاف أخرى. (3) هذا أحد الوجوه أو الاقوال وخارج عن معقد الاجماع ونفي الخلاف، والمنسوب إليه قليل، والمذكور في معاقد الاجماع ونفي الخلاف ما في الشرائع وغيرها من أنه يسعى المعتق في باقي قيمته، سواء كان العامل موسرا أم معسرا، بدعوى: أنه ظاهر الصحيح الآتي، وهو المسالك: أنه مقتضى إطلاق الرواية. ومن ذلك تعرف أن بيان المصنف لا يخلو من قصور، فقد يظهر منه أن التفصيل بين اليسار والاعسار معقد الشهرة

 

===============

 

( 371 )

 

[ لصحيحة ابن أبي عمير (1) عن محمد بن قيس عن الصادق (ع) " في رجل دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة، فاشترى أباه وهو لا يعلم قال (ع): يقوم، فإن زاد درهما واحدا انعتق واستسعى في مال الرجل ". وهي مختصة بصورة الجهل (2) المنزل عليها إطلاق كلمات العلماء أيضا (3). واختصاصها بشراء الاب لا يضر، بعد كون المناط كونه ممن ينعتق عليه (4) كما أن اختصاصها بما إذا كان فيه ربح لا يضر أيضا، بعد عدم الفرق بينه وبين الربح السابق (5) وإطلاقها من حيث اليسار والاعسار في الاستسعاء أيضا منزل على الثاني، جمعا ] والاجماع، وليس كذلك. وكأن مراده دعوى الاجماع على الصحة فقط. (1) قد تقدم ذكر هذا الصحيح في المسألة الرابعة والثلاثين. (2) كما هو مصرح به في الصحيحة. (3) لعدم الوثوق بارادة الاعم منه، كما في الجواهر. لكن يتم ذلك لو كان الحكم خلاف الاصل - كما أشرنا إليه سابقا - وإلا أمكن الرجوح إلى الالصل المقتضي للصحة وإن كان النص قاصرا عنه. (4) كما يقتضيه الارتكاز العرفي، فيكون قرينة على العموم، كما هو ظاهر بعض الكلمات كالقواعد - وان كان بعضها الآخر - كالشرائع - الاختصاص بالاب. لكن في المسالك: أن الحكم عام، والتخصيص بالاب في الشرائع من جهة أن مورد الرواية. (5) قد عرفت الاشكال في المراد من ذلك، ولو أريد منه الربح السابق على الشراء فليس ذلك موضوعا لاي أثر شرعي، بل إن بقي حال الشراء فبقاؤه موضوع الاثر وان زال لم يترتب عليه شئ.

 

===============

 

( 372 )

 

[ بين الادلة (1). هذا ولو لم يكن ربح سابق (2) ولا كان فيه أيضا، لكن تجدد بعد ذلك قبل أن يباع، فالظاهر أن حكمه أيضا الانعتاق والسراية، بمقتضى القاعدة (3). مع إمكان دعوى شمول إطلاق الصحيحة أيضا للربح المتجدد فيه (4) فيلحق به الربح الحاصل من غيره (5)، لعدم الفرق. ] (1) كما في المسالك والجواهر. والمراد الجمع بين الصحيح المذكور وما دل على ضمان المعتق مع يساره. لكن عموم ذلك للمقام محل تأمل، بل منع، لاختصاص ذلك بما إذا أعتقه، فلا يشمل ما إذا اشتراه فانعتق. وعليه فلا موجب لتقييد النص في المقام، ولاوجه للتفصيل المذكور في المتن، الذي جعله في القواعد أقرب. (2) قد عرفت إشكاله. (3) قد عرفت إشكاله. وأن أدلة السراية مختصة بما إذا اعتق شقصا وهو لا يشمل ما نحن فيه. وربما استشكل في السراية في المقام حتى بناء على عموم الدليل لمطلق العتق الاختياري، لان الموجب للعتق ارتفاع السوق وهو خارج عن الاختيار. وفيه: أنه يكفي في الاختيار الاختيار في بعض المقدمات. (4) كما في المسالك والجواهر. وهو كذلم، فان قوله (ع): " يقوم " يشمل ماكان التقويم والزيادة حال الشراء وبعده، فإذا الواجب عموم الحكم للمقامين. (5) يعني: إذا لم تزد قيمة العبد على ثمنه لكن زادت قيمة الاعيان الاخرى، فان زيادتها توجب ملكية العامل لحصته في جميع مال المضاربة ومنها العبد، فينعتق ويسري العقت في الباقي، ويستسعى العبد، كما أشار إلى ذلك في الجواهر. وقد يشكل: بأن الحكم بالسراية على خلاف الاصل

 

===============

 

( 373 )

 

[ (مسألة 46): قد عرفت أن المضاربة من العقود الجائزة (1) وأنه يجوز لكل منهما الفسخ إذا لم يشترط لزومها في ضمن عقد لازم، بل أو في ضمن عقدها أيضا. ثم قد يحصل الفسخ من أحدهما، وقد يحصل البطلان والانفساخ لموت أو جنون، أو تلف مال التجارة بتمامها، أو لعدم إمكان التجارة لمانع أو نحو ذلك، فلابد من التكلم في حكمها من حيث استحقاق العامل للاجرة وعدمه، ومن حيث وجوب الانضاض عليه وعدمه إذا كان بالمال عروض، ومن حيث وجوب الجباية عليه وعدمه إذا كان به ديون على الناس، ومن حيث وجوب الرد إلى المالك وعدمه، وكون الاجرة عليه أولا، فنقول: إما أن يكون الفسخ من المالك، أو العامل، وأيضا إما أن يكون قبل الشروع في التجارة أو في مقدماتها أو بعده، قبل الظهور الربح أو بعده، في الاثناء أو بعد تمام التجارة، بعد إنضاض الجميع أو البعض أو قبله، ] فلا يصار إليه إلا بدليل، وهو مفقود في المقام، لعدم شموله النص له ولا دليل سواه. اللهم إلا أن يستفاد من النص بمقتضى الارتكاز العرفي الموجب لتنقيح المناط. ومثله في الاشكال ما إذا زادت قيمة العبد ونقصت قيمة غيره من الاعيان بحيث لاربح في المجموع، فلا يملك العامل حصته من الربح لافي العبد ولا في غيره، فان مقتضى النص شمول الفرض، لكن القرينة على العدم ظاهرة، كما أشار إلى ذلك في الجواهر أيضا. وكان على المصنف التنبيه عليه. (1) تقدم ذلك كله في المسألة الثانية.

 

===============

 

( 374 )

 

[ قبل القسمة أو بعدها، وبيان أحكامها في طي مسائل: الاولى: إذا كان الفسخ أو الانفساخ ولم يشرع في العمل ولا في مقدماته فلا إشكال ولا شئ له ولا عليه (1) وإن كان بعد تمام العمل والانضاض فكذلك (2)، إذ مع حصول الربح يقتسمانه (3)، ومع عدمه لا شئ للعامل ولا عليه إن حصلت خسارة، إلا أن يشترط المالك كونها بينهما على الاقوى من صحة هذا الشرط (4)، أو يشترط العامل على المالك شيئا إن لم يحصل ربح (5). وربما يظهر من إطلاق بعضهم ثبوت أجرة المثل مع عدم الربح (6). ولا ] (1) لعدم الموجب لذلك كله. (2) يعني: لا شئ له بعد ذلك ولا عليه. لعدم الموجب أيضا. (3) عملا بالمضاربة التي انتهت. (4) تقدم الكلام في ذلك في المسألة الرابعة. (5) كأنه لصحة الشرط المذكور، عملا بعموم: " المؤمنون عند شروطهم ". (* 1) لكن بعد فسخ العقد يبطل الشرط معه، ولا يجب العمل به. نعم قد تجب أجرة المثل أو أقل الامرين من أجرة المثل والشرط، لقاعدة: الضمان بالاستيفاء، كما يظهر من ملاحظة ما يأتي في بيان ضعف القول الآتي. (6) قال في التذكرة: " فان فسخا العقد أو أحدهما فان كان قبل العمل عاد المالك في رأس المال، ولم يكن للعامل أن يشتري بعده، وإن كان قد عمل فان كان المال ناضا ولا ربح فيه أخذه المالك أيضا،

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل كتاب التجارة باب: 5 من ابواب الخيار حديث: 7، غوالي الآلي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: " المؤمنون عند شروطهم " الجزء: 1 صفحة: 473.

 

===============

 

( 375 )

 

[ وجه له أصلا، لان بناء المضاربة على عدم استحقاق العامل لشئ سوى الربح على فرض حصوله، كما في الجعالة (1). الثانية: إذا كان الفسخ من العامل في الاثناء قبل حصول الربح فلا أجرة له (2) لما مضى من عمله. واحتمال استحقاقه، لقاعدة الاحترام، لا وجه له أصلا (3). وإن كان من المالك، أو حصل الانفساخ القهري، ففيه قولان (4)، أقواهما العدم أيضا بعد كونه هو المقدم على المعاملة الجائزة التي مقتضاها عدم استحقاق شئ إلا الربح، ولا ينفعه بعد ] وكان للعامل أجرة عمله إلى ذلك الوقت أيضا ". وهو صريح في استحقاق العامل الاجرة حتى مع فسخه وكون المال ناضا ولا ربح فيه. وفي الجواهر: نسبته إلى الغراية وهو كذلك، إذ هو خلاف مبنى المضاربة ضرورة، ولذا قال في القواعد: " وإذا فسخ القراض والمال ناض لاربح فيه أخذه المالك، ولا شئ للعامل ". (1) فانه لاإشكال في عدم استحقاق العامل شيئا إذا لم يحصل الامر المجعول له. (2) لما عرفت من كونه مقتضي المضاربة. (3) لان قاعدة الاحترام لو صح أنها موجبة لضمان العمل فذلك فيما لم يكن متبرعا به، والمفروض في المقام ذلك بعد كونه مقتضى المضاربة على أنك قد عرفت أنها لا توجب الضمان، لان احترامه يقتضي حرمة اغتصابه، لا ضمان ما يقع منه. (4) قال في الشرائع: " إذا فسخ المالك صح، وكان للعامل أجرة المثل إلى ذلك الوقت "، ونحوه ما في المختصر النافع وعن الارشاد واللمعة

 

===============

 

( 376 )

 

والروض. (* 1) وعلله في المسالك: بأن عمله محترم صدر باذن المالك لا على وجه التبرع بل في مقابلة الحصة، وقد فاتت بفسخ المالك قبل ظهور الربح، فيستحق أجرة المثل إلى حين الفسخ. واستشكل فيه: بأنه لم يقدم إلا على الحصة على تقدير وجودها، ولو لم توجد فلا شئ له، والمالك مسلط على الفسخ حيث شاء. ثم قال: " ويمكن دفعه: بأنه إنما جعل الحصة خاصة على تقدير استمراره وهو يقتضي عدم عزله قبل حصولها، فإذا خالف فقد فوتها عليه، فتجب عليه أجرته، كما إذا فسخ الجاعل بعد الشروع في العمل ". وقد ذكر ذلك كله جامع المقاصد، غير أنه لم يتنظر فيه، وفي المسالك قال: " وفيه نظر، لان رضاها بهذا العقد قدوم على مقتضياته ومنها جواز فسخه في كل وقت، والاجرة لادليل عليها ". وظاهره البناء على عدم الاجرة، كما أن ظاهر جامع المقاصد البناء عليها، والعمدة عنده فيها تفويت المالك. وفي القواعد: " وإذا فسخ المال القراض ففي استحقاق العامل أجرة المثل إلى ذلك الوقت نظر "، وظاهره الميل إلى عدم الاجرة. واختاره في الجواهر وغيرها. والوجه في العدم أصالة البراءة، لان ما يحتمل أن يكون موجبا للاجرة أمور كلها ضعيفة. (الاول): قاعدة الاحترام، وهي لا تصلح لاثبات الحكم الوضعي: كما سبق. ولو سلم اختصت بما إذا لم يكن في مقام التبرع. (الثاني): قاعدة الاستيفاء وفيها أيضا الاشكال المذكور. (الثالث): التفويت، كما عرفت من جامع المقاصد. لكن لادليل

 

 

____________

(* 1) حكاه عنه في الكرامية الجزء: 7 صفحة: 506 وتكرر النقل عنه في مواضع من كلامه في هذه المباحث، وصرح في بعضها أنه شرح للارشاد الجزء: 7 صفحة 515 والمعروف أن الكتاب المذكور لم يخرج منه غير كتاب الطهارة والصلاة وهو المطبوع، وهو الظاهر من كتاب؟؟؟ إلى تصانيف الشيعة الجزء: 11 الصفحة: 275.

 

===============

 

( 377 )

 

[ ذلك كون إقدامه من حيث البناء على الاستمرار (1). الثالثة: لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك وصرف جملة من رأس المال في نفقته، فهل للمالك تضمينه مطلقا أو إذا كان (2) لا لعذر منه؟ وجهان، أقواهما العدم لما ذكر من جواز المعاملة وجواز الفسخ في كل وقت (3) فالمالك هو المقدم على ضرر نفسه (4). الرابعة: لو حصل الفسخ أو الانفساخ قبل حصول الربح وبالمال عروض لا يجوز للعامل التصرف فيه بدون إذن المالك (5) ببيع ونحوه وإن احتمل تحقق الربح بهذا البيع، ] على سببية التفويت وأنه كاتلاف موجب للضمان. ولاسيما إذا كان بحكم الشارع. ثم إن القولين المذكورين إنما هما في صورة فسخ المالك، أما في صورة الانفساخ القهري فلم يعرف القول بضمان المالك للاجرة، وليس هو إلا في خصوص صورة فسخ المالك لاغير. فلاحظ كلماتهم. (1) إذ البناء المذكور لا يوجب ضمان الاجرة. (2) يعني: الفسخ. (3) يعني: فلا مقتضي للضمان. ولان للسفر كان باذن المالك وصرف المال فيه أيضا كان باذنه، وذلك لا يوجب الضمان. (4) إنما يتم ذلك إذا كان المالك يحتمل الفسخ، أما إذا كان لا يحتمله فلا إقدام منه. فالعمدة عدم موجب للضمان لاحال السفر ولاحال الفسخ. (5) كما في الشرائع وغيرها. وحكى فيها قولا بالجواز، ونسب في غيرها إلى المبسوط وجامع الشرائع. ولكنه غير ظاهر، إذ الفسخ رافع

 

===============

 

( 378 )

 

[ بل وإن وجد زبون يمكن أن يزيد في الثمن فيحصل الربح. نعم لو كان هناك زبون بان على الشراء بأزيد من قيمته لا يبعد جواز إجبار المالك على بيعه منه (1)، لانه في قوة وجود الربح فعلا. ولكنه مشكل (2) مع ذلك، لان المناط كون الشئ في حد نفسه زايد القيمة، والمفروض عدمه. وهل يجب عليه البيع والانضاض إذا طلبه المالك أو لا؟ قولان، أقواهما عدمه (3) ودعوى (4): إن مقتضى قوله (ع): " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " (* 1) وجوب رد المال إلى المالك كما كان، كما ترى (5). ] للاذن في التصرف، ومنه البيع، فلا وجه لجوازه بدون إذن المالك. (1) كما في المسالك، وكذا في القواعد على إشكال منه. (2) كما في الجواهر (أولا): بما في المتن (وثانيا): بأنه لاسلطنة له على المالك في صورة ظهور الربح الذي لا يزيد على كونه شريكا. ضرورة أنه لاسلطنة للشريك على بيع مال الشركة بغير إذن شريكه. (3) كما جزم به في الشرائع، وعن الروضة وفي المسالك: " لعله الاقوى في صورة عدم الربح ". اعتمادا منهم على أصالة البراءة، وعن جامع الشرائع: الوجوب، وعن موضع من المبسوط: موافقته، وفي القواعد: " ولو طلب العامل بيعه فان لم يكن ربح، أو كان وأسقط العامل حقه منه، فالاقرب إجباره على البيع ليرد المال كما أخذه ". (4) ذكر ذلك في جامع المقاصد، ورده بأن الظاهر منه رد المأخوذ أما رده على ماكان عليه فلا دلالة له، والتغيير بما حدث كان باذن المال وأمره. (5) إذ مال المالك حال الفسخ هو العروض بعد كون الشراء باذنه

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 1 من كتاب الوديعة حديث: 12، كنز العمال الجزء: 5 صفحة: 257.

 

===============

 

( 379 )

 

[ الخامسة: إذا حصل الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح قبل تمام العمل أو بعده، وبالمال عروض، فان رضيا بالقسمة كذلك فلا إشكال، وإن طلب العامل بيعها فالظاهر عدم وجوب إجابته (1) وإن احتمل ربح فيه، خصوصا إذا كان هو الفاسخ. وإن طلبه المالك ففي وجوب اجابته وعدمه وجوه، ثالثها التفصيل بين صورة كون مقدار رأس المال ] والعروض هو الذي يجب رده وأداؤه، لاأصل المال. على أن الحديث المذكور وارد في ضمان المأخوذ وأنه في ذمة الآخذ، لافي الحكم التكليفي - الذي هو وجوب الرد - ليكون مما نحن فيه. وكان الاولى التمسك بوجوب رد الامانات، وإن كان يشكل أيضا بما عرفت. (1) وفي المسالك: " فيه وجهان، مأخذهما إمكان وصول العامل إلى حقه بقسمة العروض واسقاط باقي العمل عنه تخفيف من المالك لانه حقه، فلا يكلف الاجابة إلى بيع ماله بعد فسخ المعاملة، وإن حال العامل لا يزيد على حال الشريك، ومعلوم أنه لا يكلف شريكه إجابته إلى البيع. ومن وجوب تمكين العامل من الوصول إلى غرضه الحاصل بالاذن، وربما لم يوجد راغب في شراء بعض العروض، أو وجد لكن بنقصان، أو رجى وجود زبون يشتري بأزيد، فيزيد الربح، ولاريب أن للعامل مزية على الشريك، من حيث أن حقه يظهر بالعمل، والربح عوضه "، ونحوه في جامع المقاصد. ولا يخفى أن الوجه الثاني لا يرجع إلى محصل يخرج به عن قواعد الشركة، المانعة من تسلط الشريك على إجبار شريكه الآخر، كما هو ظاهر بالتأمل. ومن ذلك يظهر ضعف ما في القواعد: من أنه يجر المالك على إجابته.

 

===============

 

( 380 )

 

[ نقدا فلا يجب، وبين عدمه فيحب (1)، لان اللازم تسليم مقدار رأس المال كما كان، عملا بقوله (ع): " على اليد... " والاقوى عدم الوجوب مطلقا، وإن كان استقرار مليكة العامل للربح موقوفا على الانضاض ولعله يحصل الخسارة بالبيع، إذ لا منافاة، فنقول: لا يجب عليه الانضاض بعد الفسخ لعدم الدليل عليه، لكن لو حصلت الخسارة بعده قبل القسمة، بل أو بعدها يجب جبرها بالربح، حتى أنه لو أخذه يسترد منه. السادسة: لو كان في المال ديون على الناس فهل يجب ] (1) كما في القواعد، قال: " وكذا يجبر مع الربح، ولو نض قدر رأس المال فرده العامل لم يجبر على إنضاض الباقي، وكان مشتركا بينهما " وهو ظاهر جامع المقاصد، بل وظاهر المسالك في آخر كلامه، وفي صدر كلامه أطلق الوجوب، لكن مورده صورة مالو كان الفسخ قبل الانضاض. وظاهر الشرائع عدم الوجوب وحكي عن التحرير، وفي الجواهر جعل مبنى الخلاف هنا الخلاف فيما يتحقق به الاستقرار - يعني استقرار ملك العامل للربح - فان قلنا بتحققه بالفسخ لم يكن للمالك الاجبار وإن قلنا بتوقفه على الانضاض، لانه من تتمة المضاربة، فلا بد من البناء على الوجوب، لان فرض كونه من تتمة المضاربة مساوق لوجوبه، كما لو لم يتحقق الفسخ. وظاهر المتن المنع من الابتناء المذكور، لامكان التفكيك بين البناء على كون الانضاض من تتمة المضاربة، بلحاظ جيران الخسارة بالربح وإن حصل الفسخ بينهما، وبين البناء على عدم كونه من تتمتها بلحاظ وجوبه على العامل، لان ثبوت هذه الامور ليس من مقتضى المضاربة، لان

 

===============

 

( 381 )

 

[ على العامل أخذها وجبايتها بعد الفسخ أو الانفساخ أم لا؟ وجهان (1) أقواهما العدم، من غير فرق بين أن يكون الفسخ من العامل أو المالك. السابعة: إذا مات المالك أو العامل قام وارثه مقامه ] المفروض انفساخها، بل يكون لدليل تعبدي، ومن الجائز أن يدل الدليل على الجبران ولا يدل على وجوب الانضاض على العامل. وبالجملة: المضاربة انفسخت وتمت، وليس لها بعد الفسخ متمم. والجبران إن قيل به فلدليل تعبدي، ومن الجائز أن لا يدل على وجوب الانضاض. وفيه: أن التفكيك المذكور وإن كان ممكنا في نفسه، إلا أنه غير ظاهر، لان المضاربة إن كانت تنتهي بالفسخ فلا وجه لوجوب الانضاض ولا للجيران، بل يكون حال العامل والمالك حال الشريكين. وإلا فلابد من القول بالوجوب كالقول بالجبران. وقد عرفت فيما سبق أن الاوفق بالقواعد الاول. فراجع المسألة الخامسة والثلاثين. (1) بل قولان أشهرهما الوجوب، كما عن المبسوط وجامع الشرائع والتذكرة وجامع المقاصد وغيرها، وفي الشرائع: أن على العامل جباية السلف، ونحوه عن الارشاد والروض، وفي القواعد: أن على العامل تقاضيه، واختاره في المسالك، واستدل له: بأن مقتضى المضاربة رد رأس المال على صفته والديون لا تجري مجرى المال، وأن الدين ملك ناقص والذي أخذه كان ملكا تاما، فليرد كما أخذ بظاهر: " على اليد ما أخذت حتى تؤدي "، وإذن المالك بالادانة إنما كانت على طريق الاستيفاء لا مطلقة، بدلالة القرائن، ولاقتضاء الخبر ذلك. انتهى. وفيه: أن دلالة القرائن ممنوعة، والخبر قد عرفت إشكاله.

 

===============

 

( 382 )

 

[ فيما مر من الاحكام (1). الثامنة: لا يجب على العامل بعد حصول الفسخ أو الانفساخ أزيد من التخلية بين المالك وماله، فلا يجب عليه الايصال إليه (2). نعم لو أرسله إلى بلد آخر غير بلد المالك ] (1) لان الموت فسخ قهري، فيجري عليه حكم الفسخ الاختياري، فإذا كان من حقوق المالك على العامل وجوب الانضاض بعد الفسخ ووجوب استيفاء الديون وغير ذلك، كان ذلك الحق لوارث المالك بعد موته، وإذا كان من حقوق العامل على المالك جواز بيع العروض بعد الفسخ كان ذلك لوارثه بعد موته أيضا، فيجوز لوارث العامل البيع. وإذا لم نقل بثبوت الحقوق المذكورة للمالك والعامل - كما تقدم من المصنف - لم يكن للوارث شئ من ذلك أيضا. لكن قال في الشرائع: " وكذ لو مات رب المال وهو عروض كان له البيع إلا أن يمنعه الوارث. وفيه قول "، وظاهره أن جواز البيع الثابت للعامل ثابت له مع موت المالك، إلا أن يمنعه وارث المالك. ولكنه غير ظاهر الوجه، فان المأذون لا يجوز له التصرف المأذون فيه مع موت الآذن، للانتقال إلى الوارث المقتضي لحرمة التصرف فيه بغير إذنه، ولا يكفي في جوازه عدم المنع من المالك. ولذلك كان القول الآخر الذي حكاه في الشرائع هو المتجه - كما في المسالك، ونفى عنه البأس في التذكرة - وإن كان القائل ليس منا على ما قيل، بل حكاه في التذكرة عن بعض الشافعية. هذا إذا كان المراد منه القول بعدم جواز البيع إلا بالاذن. ويحتمل أن يكون المراد القول بالجواز وإن نهاه الوارث، بناء على ما تقدم في بعض الاقوال من وجوب إجابة المالك إذا أراد العامل البيع. (2) للاصل.

 

===============

 

( 383 )

 

[ ولو كان بإذنه يمكن دعوى وجوب الرد إلى بلده. لكنه مع ذلك مشكل (1). وقوله (ع): على اليد ما أخذت... " (* 1) أيضا (2) لا يدل على أزيد من التخلية (3). وإذا احتاج الرد ] (1) أما إذا كان باذنه فلا ينبغي التأمل في عدم الوجوب، للاصل والامر برد الامانات في قوله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها) يختص بما إذا كان بعد الطلب، فالمراد منه ما يقابل الحبس. وأما إذا كان بغير إذنه فلا ينبغي التأمل في الوجوب، لان النقل تفويت لخصوصية المكان التي كانت للعين، فيجب تداركها. فالمسألتان ليستا من باب واحد، الاولى من باب الامانة، والثانية من باب الضمان. (2) قد عرفت أنه لا يحسن التمسك في المقام بالحديث الشريف المذكور في المسألتين، بل المتجه التمسك في الاولى بما دل على وجوب أداء الامانة وحرمة حبسها، وفي الثانية بالحديث الشريف. وبالجملة: ينبغي إجراء احكام الامانة في المقام. (3) لا يخفى أن الاداء الذي أخذ غاية الضمان ملازم لاخذ المالك، فلا يتحقق بدونه، ولا يكفي فيه مجرد التخلية من دون أن يأخذه المالك، (فان قلت): إن ذلك خلاف قاعدة السلطنة على النفس، لان عدم أخذ المالك - على هذا - يوجب اشتغال ذمة الضامن من دون اختياره. (قلت): لامانع من ذلك إذا اقتضاه الدليل. وكذا دعوى: أن ذلك خلاف قاعدة نفي الضرر، فان اشتغال ذمته بالعين ضرر عليه. إذ لامانع من تخصيص القاعدة بالدليل المذكور. اللهم إلا أن يقال: إن حمل الاداء

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 1 من كتاب الوديعة حديث: 12، وباب: 1 من كتاب الغصب حديث: 4. (* 2) النساء: 58.

 

===============

 

( 384 )

 

[ إليه إلى الاجرة فالاجرة على المالك (1)، كما في ساير الاموال. نعم لو سافر به بدون إذن المالك إلى بلد آخر، وحصل الفسخ فيه، يكون حاله حال الغاصب في وجوب الرد والاجرة (2). وإن كان ذلك منه للجهل بالحكم الشرعي (3) من عدم جواز السفر بدون إذنه. (مسألة 47): قد عرفت أن الربح وقاية لرأس المال من غير فرق بين أن يكون سابقا على التلف أو الخسران أو لا حقا (4)، فالخسارة السابقة تجبر بالربح اللاحق وبالعكس. ] على ما يقابل الاخذ أهون من تخصيص القاعدتين المذكورتين. ولاسيما بملاحظة ذكره في الحديث الشريف في مقابل الاخذ، فالمراد من الاداء رفع اليد عن العين. مضافا إلى أن ذلك هو الموافق للارتكاز العقلائي في باب الضمان، وأنه يكفي في ارتفاع الضمان تقديم العين إلى المالك وجعلها بين يديه وتحت سلطانه. والمظنون أن على ذلك بناء الفقهاء وإن لم يحضرني فعلا تحرير لذلك فلاحظ. (1) لانها مصلحة ماله. (2) أما وجوب الرد فلان خصوصية كونه في المكان الكذائي قد فوتها الغاصب، فيجب عليه تداركها. وأما الاجرة فلتوقف الرد الواجب عليها. (3) لعدم الفرق في وجوب تدارك ما فات بفعله بين العلم بالحكم والجهل به. (4) والظاهر أنه من القطعيات، وفي الجواهر: جعل بعض ذلك ضروريا، لاطلاق الدليل، وكذا ما بعده.

 

===============

 

( 385 )

 

[ ثم لا يلزم أن يكون الربح حاصلا من مجموع رأس المال، وكذا لا يلزم أن تكون الخسارة واردة على المجموع، فلو اتجر بجميع رأس المال فخسر ثم اتجر ببعض الباقي فربح، يجبر ذلك الخسران بهذا الربح، وكذا إذا اتجر بالبعض فخسر ثم اتجر بالبعض الآخر أو بجميع الباقي فربح. ولا يلزم في الربح أو الخسران أن يكون مع بقاء المضاربة حال حصولها، فالربح مطلقا جابر للخسارة والتلف مطلقا مادام لم يتم عمل المضاربة (1) ثم إنه يجوز للمالك أن يسترد بعض مال المضاربة في الاثناء، ولكن تبطل بالنسبة إليه، وتبقى بالنسبة إلى البقية (2)، وتكون رأس المال، وحينئذ فإذا فرضنا أنه أخذ بعد ما حصل الخسران أو التلف بالنسبة إلى رأس المال مقدارا من البقية، ثم اتجر العامل بالبقية أو ببعضها، فحصل ربح يكون ذلك الربح جابرا للخسران أو التلف السابق بتمامه. مثلا إذا كان رأس المال مائة، فتلف منها عشرة أو خسر عشرة وبقي تسعون، ثم أخذ المالك من التسعين عشرة وبقيت ثمانون، فرأس المال تسعون، وإذا اتجر بالثمانين فصار تسعين، فهذه العشرة الحاصلة ربحا ] (1) قد تقدم الكلام في ذلك في المسألة الخامسة والثلاثين. (2) سيأتي في المسألة الثانية عشرة من مسائل الختام عدم صحة التبعيض في الفسخ، فإذا انفسخت المضاربة بالنسبة إلى بعض المال انفسخت بالنسبة إلى جميعه، فيحتاج تجديدها في الباقي إلى اجتماع الشروط. وعليه يشكل البناء في المقام على بطلانها بالنسبة إلى ما أخذه المالك وصحتها بالنسبة إلى ما بقي ويكون هو رأس المال، وان كان يظهر من كلماتهم في المقام التسالم

 

===============

 

( 386 )

 

[ تجبر تلك العشرة، ولا يبقى للعامل شئ. وكذا إذا أخذ المالك بعدما حصل الربح مقدارا من المال - سواء كان بعنوان استرداد بعض رأس المال، أو هو مع الربح، أو من غير قصد إلى أحد الوجهين - ثم اتجر العامل بالباقي أو ببعضه، فحصل خسران أو تلف، يجبر بالربح السابق بتمامه، حتى المقدار الشايع منه في الذي أخذه المالك، ولا يختص الجبر بما عداه، حتى يكون مقدار حصة العامل منه باقيا له. مثلا إذا كان رأس المال مائة فربح عشرة ثم أخذ المالك عشرة، ثم اتجر العامل بالبقية فخسر عشرة أو تلف منه عشرة، يجب جبره بالربح السابق حتى المقدار الشايع منه في العشرة المأخوذة، فلا يبقى للعامل من الربح السابق شئ. وعلى ما ذكرنا فلا وجه لما ذكره المحقق (1) وتبعه غيره من أن الربح اللاحق لا يجبر مقدار الخسران الذي ورد على العشرة ] على ذلك. وكذا في باب الاقالة، فانها تجوز في البعض دون البعض، والمخالف في ذلك شاذ نادر. فلاحظ. ويحتمل في المقام الالتزام ببقاء المضاربة حتى بالنسبة إلى ما أخذه المالك، ويكون ما أخذه المالك بحكم مالو وضع في كيس مستقل وأفرز عن باقي المال. لكن لازم ذلك جواز تصرف العامل به بعد أخذ المالك فيتعين البناء على التبعيض. (1) قال في الشرائع: " إذا كان مال القراض مائة فخسر عشرة وأخذ المالك عشرة، ثم عمل بها الساعي فربح كان رأس المال تسعة وثمانين إلا تسعا، لان المأخوذ محسوب من رأس المال، فهو كالموجود، فإذا المال في تقدير تسعين، فإذا قسم الخسران - وهو عشرة - على تسعين كانت حصة العشرة المأخوذة دينارا وتسعا، فيوضع ذلك من رأس المال "،

 

===============

 

( 387 )

 

[ المأخوذة، لبطلان المضاربة بالنسبة إليها، فمقدار الخسران الشايع فيها لاينجبر بهذا الربح، فرأس المال الباقي (1) بعد خسران العشرة في المثال المذكور لا يكون تسعين، بل أقل منه بمقدار ] ونحوه عبارة القواعد والتذكرة والارشاد وجامع المقاصد والمسالك ومجمع البرهان، وعن المبسوط وجامع الشرائع والمفاتيح، من دون تعرض للاشكال فيه، بل في كلام بعضهم أنه ظاهر. وغرضهم أن خسران العشرة لما كان موزعا على الجميع فيلحق كل عشرة من التسعين الباقية تسع منه، وهو واحد وتسع، فالعشرة التي أخذها المالك لما خرجت عن مال المضاربة لم يكن خسرانها مجبورا من الربح، لان الربح إنما يجبر به الخسران المتعلق بمال المضاربة، والمفروض ان العشرة التى أخذها المالك قد خرجت عن مال المضاربة، وحينئذ يختص الجبران بالخسران المتعلق بالباقي، وهو تسعة وثمانون الا تسعا، فإذا كان الربح عشرة - كما هو المفروض - ويجبر منه الخسران المتعلق بباقي المال، ويزيد منه واحد وتسع، فيكون هذا الزايد بين المالك والعامل. (1) لعل الاولى في التعبير أن يقول: فرأس المال، الذي يجبر نقصه بعد أخذ المالك العشرة، هو تسعة وثمانون الا تسعا ولا يجبر من الربح المتأخر النقص المتعلق بالعشرة التي أخذها المالك، لخروجها عن مال المضاربة وقد ذكر في القواعد والتذكرة مثالا آخر، وهو مالو كان رأس المال مائة فخسر عشرة، ثم أخذ المالك خمسة وأربعين، والحكم أيضا أن يوزع الخسران على الجميع، فيلحق الخمسة والاربعين التي أخذها المالك نصف الخسران وهو خمسة، ويلحق الباقي أيضا خمسة، فإذا ربح بعد ذلك عشرة كان نصفها جابرا للخسران الوارد على الباقي، والنصف الآخر بين المالك والعامل على حسب شرطهما في المضاربة. ولا يجبر من الربح المذكور

 

===============

 

( 388 )

 

[ حصة خسارة العشرة المأخوذة، وهو واحد وتسع، فيكون رأس المال الباقي تسعين إلا واحد وتسع، وهي تسعة وثمانون ] الخسران الوارد على المقدار الذي أخذه، لخروجه عن مال المضاربة. وكذا الحكم عندهم في ساير الموارد يوزع الخسران على الجميع بالنسبة، ولا يجبر بالربح الخسران المتعلق بما أخذه المالك، بل يجبر خصوص الخسران المتعلق بالباقي. ولم أقف على متأمل منهم في ذلك. نعم في الجواهر - بعد تقريب ما ذكره في الشرائع - قال: " لكن الانصاف عدم خلو المسألة الاولى عن إشكال، باعتبار عدم ثبوت ما يقتضي شيوع الخسارة على المال كله على وجه لو أخذ المالك بعض المال يلحقه بعض الخسارة، وإنما المنساق احتساب ما يأخذه المالك من رأس المال، وأما الخسارة السابقة فتجبر بما بقي من مال المضاربة، إذ المالك قد أخذ العشرة مستحقة للجبر... ". وفيه: أنه لاريب في أن الخسارة موزعة على جميع المال حتى الذي أخذه المالك، وإنما الاشكال في جبر الخسارة المتعلقة بما أخذه المالك من الربح الحاصل من الباقي، والعمدة في الاشكال فيه: أنه بعد بطلان المضاربة فيه يخرج عن كونه مال المضاربة، فلا وجه لجبر خسارته بربح غيره الباقي، لان ربح مال المضاربة يجبر خسران ذلك المال، لا خسران غيره. وما تقدم من المصنف (ره) وغيره من بقاء حكم الجبر وإن فسخت المضاربة إنما يسلم فيما إذا ورد الفسخ على تمام المال قبل انضاضه أو قسمته، ثم ربح هو فيجبر به الخسران السابق، لافيما إذا فسخ العقد بالاضافة إلى بعض مال المضاربة وصار ملكا للمالك مختصا به. وبقيت المضاربة في غيره من المال، فانه لاوجه لهذا الجبران حينئذ، فان ذلك مما لا يساعده الارتكاز العرفي أصلا.

 

===============

 

( 389 )

 

[ إلا تسع. وكذا لاوجه لما ذكره بعضهم (1) في الفرض الثاني أن مقدار الربح الشايع في العشرة التي أخذها المالك لا يجبر الخسران اللاحق، وان حصة العامل منه يبقى له ويجب على المالك رده إليه، فاللازم في المثال المفروض عدم بقاء ربح للعامل بعد حصول الخسران المذكور، بل قد عرفت سابقا ] ويتضح ما ذكرنا في المثال الثاني الذي ذكره في القواعد والتذكرة، من أن المالك بعد خسران العشرة قد أخذ خمسة وأربعين، فانه على تقدير فسخ المالك فيها وأخذها وابقاء مثلها في يد العامل يبعد جدا أن يكون الربح الحاصل في الخمسة والاربعين التي بيد العامل يجبر به الخسران المتعلق بما أخذه المالك، فان أحدهما صار أجنبيا عن الآخر. نعم إذا كان المالك قد أخذ بعض مال المضاربة لا بعنوان الفسخ، فانه لم يبعد الحكم بالجبران حينئذ. بل حتى لو صرفه المالك فخرج عن كونه مال المضاربة لانعدامه، فان مثل هذا الخروج لانتفاء القابلية لايمنع من لزوم الجبر، ضرورة أنه في المثال الاول لو تلفت عشرة بعد خسران عشرة فان التالفة تجبر خسارتها المتعلقة بها مع خروجها عن مال المضاربة بالتلف، كما تجبر هي نفسها، فالخروج عن مال المضاربة لتلف أو نحوه لايمنع من بقاء الجبر، فيجبر نفس المال وتجبر خسارته، ومن ذلك يظهر لزوم التفصيل بين أن يكون ما يأخذه المالك بعنوان الفسخ فيتم ما ذكره المحقق ومن وافقه، وبين أن لا يكون بعنوان الفسخ، فيتم ما ذكره في الجواهر ومن وافقه وان خرج البعض عن كونه مال المضاربة لفقد القابلية. والله سبحانه ولي التوفيق والسداد. (1) اقتصر في الشرائع على ذكر المسألة الاولى، وكذا في الارشاد ومجمع البرهان، ولم يتعرضوا للثانية. لكن في القواعد والتذكرة وجامع

 

===============

 

( 390 )

 

[ أنه لو حصل ربح واقتسماه في الاثناء وأخذ كل حصته منه، ثم حصل خسران: أنه يسترد من العامل مقدار ما أخذ، بل ولو كان الخسران بعد الفسخ (1) قبل القسمة، بل أو بعدها إذا اقتسما العروض وقلنا بوجوب الانضاض على العامل وأنه من تتمات المضاربة. (مسألة 48): إذا كانت المضاربة فاسدة فإما أن يكون مع جهلهما بالفساد، أو مع علمهما أو علم أحدهما دون الآخر فعلى كل التقادير الربح بتمامه للمالك، لاذنه في التجارات (2) وإن كانت مضاربته باطلة. نعم لو كان الاذن مقيدا بالمضاربة (3) توقف ذلك على إجازته، وإلا (4) فالمعاملات الواقعة باطلة (5) وعلى عدم التقيد أو الاجازة يستحق العامل مع جهلهما لاجرة عمله (6). وهل يضمن عوض ما أنفقه في السفر على نفسه، ] المقاصد: ذكرت المسألتان معا، وجعلتا في كلامهم من باب واحد. لكن في الجواهر: خص إشكاله بالمسألة الاولى، وظاهره أنه وافق الجماعة في المسألة الثانية والفرق بين المسألتين غير ظاهر. (1) قد عرفت الاشكال فيه في المسألة الخامسة والثلاثين. (2) لان المضاربة تستلزم الاذن في التجارة وإن كانت باطلة. (3) يأتي في المسألة الثانية من مسائل الختام: أنه إذا لم تكن قرينة على التقييد فاطلاق العقد يقتضي إطلاق الاذن وإن كان العقد باطلا. (4) يعني: وإن لم يجز. (5) لعدم الاذن من المالك ولا الاجارة. (6) لانه لم يقصد التبرع فيكون مضمونا على من استوفاه ولو بالعقد

 

===============

 

( 391 )

 

[ لتبين عدم استحقاقه النفقة، أولا، لان المالك سلطه على الانفاق مجانا؟ وجهان أقواهما الاول (1). ولا يضمن التلف والنقص. وكذا الحال إذا كان المالك عالما دون العامل، فانه يستحق الاجرة، ولا يضمن التلف والنقص. وإن كانا عالمين أو كان العامل عالما دون المالك، فلا أجرة له، لاقدامه على العمل مع علمه بعدم صحة المعاملة (2)، وربما يحتمل في ] الفاسد، لان الضمان بالاستيفاء لا يختص بعقد صحيح أو فاسد، لعموم بناء العقلاء عليه. (1) مقتضى قاعدة: مالا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده، عدم الضمان. لو أشكل تطبيق القاعدة: من جهة أنها تختص بمورد العقد، والنفقة في المقام ليست موضوعا للعقد، كفى مستندها في عدم الضمان، وهو التسليط على إتلاف ماله مجانا، والاقدام على عدم ضمانه، المانع من عموم: من أتلف مال غيره فهو له ضامن، للمقام. وكما أن عموم: " على اليد " لا يشمل المضاربة الفاسدة، فلا يضمن العامل للمال مع فساد المضاربة، لعموم مادل على عدم ضمان الامين كذلك عموم: من أتلف... لا يشمل المضاربة الفاسدة، فلا يقتضي الضمان بالاتلاف، لعموم مادل على عدم ضمان المأذون بالاتلاف، المستفاد من بعض نصوص القاعدة. اللهم إلا أن يقال: إنه لاإذن في الاتلاف، لاختصاصها بعامل المضاربة، والمفروض انتفاؤه، فهو نظير مالو أعطى الطعام لزوجته بعنوان كونه نفقة الزوجية فتبين أنها ليست زوجة، فانه لا ينبغي التأمل في الضمان. فلاحظ وتأمل. (2) العلم بعدم صحة المعاملة شرعا لا يقتضي الاقدام على التبرع، الموجب لعدم الاستحقاق. وكذلك الغاصب إذا اشترى بالمال المغصوب إنما يقصد الشراء، ولا يقصد أخذ المال مجانا، والبائع إذا كان عالما

 

===============

 

( 392 )

 

[ صورة علمهما أنه يستحق حصته من الربح من باب الجعالة (1) وفيه: أن المفروض عدم قصدها (2)، كما أنه ربما يحتمل ] بالغصب إنما يقصد البيع ولا يقصد التمليك المجاني. ولذلك يصح البيع بالاجازة من المالك، ولو لم يكونا قد قصدا البيع والشراء لم يصح بالاجازة وقد تقدم في كتاب الاجارة نظير المقام في المسألة السادسة عشرة من فصل تمليك المستأجر المنفعة. فراجع. (1) تفترق الجعالة عن الاجارة والمضاربة والمزارعة والمساقاة ونحوها: بأنها إيقاع لا يقوم إلا بالجاعل، ولا يعطي لغيره لونا ولا حكما، فان من قال لغيره: إن خطت ثوبي فلك علي درهم، فقد جعل شيئا على نفسه ولم يجعل شيئا على غيره، بخلاف العناوين المذكورة فانه فيها يكون العامل ذا لو خاص، يكون به مستحقا عليه العمل ومسؤولا عن العمل ولابد له منه، ولذلك كانت من العقود، لان هذه المسؤولية وكونه مستحقا عليه العمل لا تكون إلا بقبول من عليه المسؤولية، ولا تكون بغير سلطانه، ولا ينافي ذلك جواز الفسخ في المضاربة، فان المسؤولية لولا الفسخ كافية في الاحتياج إلى القبول. ونحو ذلك الفرق بين الاذن والوكالة فان الاذن من الايقاع، فلا يحتاج إلى قبول المأذون، لانه لا يكتسى به عنوانا، ولا مسؤولية، بخلاف الوكالة فانها توجب ثبوت عنوان للوكيل يكون به مسؤولا عن العمل، وقائما مقام الموكل، فالوكيل في البيع والشراء يجب عليه أن يبيع إذا اقتضت مصلحة الموكل ذلك، كما يجب عليه أن يشتري إذا اقتضت مصلحة الموكل ذلك، وإلا كان خائنا وجاريا على خلاف مقتضى عنوان الوكالة، وليس كذلك المأذون في البيع والشراء. (2) قد عرفت اختلاف عنوان الجعالة عن عنوان المضاربة، ولما كانا قصديين فلا يصح أحدهما إلا بقصده.

 

===============

 

( 393 )

 

[ استحقاقه أجرة المثل إذا اعتقد أنه يستحقها مع الفساد. وله وجه (1)، وإن كان الاقوى خلافه. هذا كله إذا حصل ربح ولو قليلا، وأما مع عدم حصوله فاستحقاق العامل الاجرة ولو مع الجهل مشكل، لاقدامه على عدم العوض لعمله مع عدم حصول الربح. وعلى هذا ففي صورة حصوله أيضا يستحق أقل الامرين من مقدار الربح وأجرة المثل. لكن الاقوى خلافه (2)، لان رضاه بذلك كان مقيدا بالمضاربة (3) ومراعاة الاحتياط في هذا وبعض الصور المتقدمة أولى. ] (1) لانه حينئذ لم يقدم على عدم الاستحقاق شرعا، وإنما أقدم على أنه مستحق شرعا لاجرة المثل. (2) يعني: فلا يستحق العامل أيضا في هذه الصورة. لكنه غير ظاهر، لان الموجب لعدم الاستحقاق على هذا المبنى. إقدامه على العمل باعتقاد عدم الاستحقاق شرعا، وهو غير حاصل في الفرض. (3) فمع فسادها يضمن بقيمته، كما في غيره من الموارد، لعدم كونه متبرعا، كما هو المفروض. لكن على هذا يشكل الحكم بعدم الاستحقاق في الصورة السابقة، إذ إقدامه على العمل بلا عوض أيضا يكون مقيدا بالمضاربة ومبنيا عليها، ومع فسادها لاإقدام على العمل بلا عوض. اللهم إلا أن يستند في الصورة السابقة إلى قاعدة: مالا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده، لان العمل في المضاربة الصحيحة غير مضمون، فلا يكون مضمونا في الفاسدة. لكن القاعدة لا تصلح للحجية مع قصور دليلها عن شمول المقام. اللهم إلا أن يقال: إن ضمان المالك لعمل العامل في المقام إن كان فبالاستيفاء، وهو غير حاصل، إذ المالك انما يحث على الاسترباح لا مجرد

 

===============

 

( 394 )

 

[ (مسألة 49): إذا ادعى على أحد أنه أعطاه كذا مقدارا مضاربة وأنكر ولم يكن للمدعي بينة فالقول قول المنكر مع اليمين (1). (مسألة 50): إذا تنازع المالك والعامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل قدم قول العامل بيمينه مع عدم البينه (2)، من غير فرق بين كون المال موجودا أو تالفا مع ضمان العامل (3) لاصالة عدم إعطائه أزيد مما يقوله، وأصالة براءة ذمته إذا كان تالفا بالازيد. هذا إذا لم يرجع نزاعهما ] العمل بلا ربح، والاسترباح مفقود حسب المفروض، والعمل المجرد عن الربح لم يكن بأمر المالك كي يكون ضامنا له بالاستيفاء، فلم يدخل في كيس المالك شئ من عمل العامل حتى يكون مضمونا عليه باستيفائه. ويشكل: بأن الامر بالعمل كان بداعي الربح، لابقيده واقعا، فمع تخلفه لا ينكشف عدم الامر بالعمل، وإلا لزم بطلان العمل، لانتفاء الاذن به فيكون فضوليا. بل لو كان المالك بنفسه يباشر العمل فمع تخلف الداعي لا ينتفي القصد. (1) لموافقته للحجة، وهو أصالة العدم. ولو فرض عدم جريانه كفى الاصل الحكمي، وهو أصالة عدم وجوب شئ على العامل من إرجاع المال أو ضمانه، الذي هو الغرض المقصود من الدعوى، وبدونه لا تسمع فلو فرض أن المالك يعترف بارجاع المال إليه على تقدير صدقه في الدعوى أو يعترف بتلفه من غير ضمان لم يكن أثر لدعواه، فلا تسمع منه. (2) لما عرفت في المسألة السابقة. (3) لما عرفت من أنه مع عدم ضمانه لا تسمع دعوى الزيادة.

 

===============

 

( 395 )

 

[ إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من الربح، كما إذا كان نزاعهما بعد حصول الربح وعلم أن الذي بيده هو مال المضاربة إذ حينئذ النزاع في قلة رأس المال وكثرته يرجع إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من هذا المال الموجود، إذ على تقدير قلة رأس المال يصير مقدار الربح منه أكثر، فيكون نصيب العامل أزيد، وعلى تقدير كثرته بالعكس، ومقتضى الاصل كون جميع هذا المال للمالك إلا بمقدار ما أقر به للعامل (1). وعلى هذا أيضا لا فرق بين كون المال باقيا أو تالفا بضمان العامل، إذ بعد الحكم بكونه للمالك إلا كذا مقدار منه فإذا تلف مع ضمانه لابد أن يغرم المقدار الذي للمالك. (مسألة 51): لو ادعى المالك على العامل أنه خان أو فرط في الحفظ فتلف أو شرط عليه أن لا يشتري الجنس الفلاني، أو لا يبيع من زيد أو نحو ذلك، فالقول قول العامل في عدم الخيانة والتفريط، وعدم شرط المالك عليه الشرط الكذائي، والمفروض أن مع عدم الشرط يكون مختارا في الشراء ] (1) وإن كان مقتضى اليد كون جميعه للعامل إلا ما أقر به للمالك، إلا أن ذا اليد لما أقر بأن أصله للمالك احتاج في اثبات دعوى الاستحقاق إلى بينة، فمع عدمها يقول قول المالك لسقوط يد العامل عن الحجية بهذا الاقرار، حسبما يقتضيه بناء العقلاء، المنزل عليه دليل حجية اليد، إذ الظاهر أن دليل الحجية شرعا من باب الامضاء لما عند العقلاء لامن باب التأسيس. ثم إن الاختلاف بين هذه المسألة وما قبلها مبني على أن المرجع في

 

===============

 

( 396 )

 

[ وفي البيع من أي شخص أراد. نعم لو فعل العامل ما لا يجوز له إلا بإذن من المالك - كما لو سافر أو باع بالنسيئة وادعى الاذن من المالك - فالقول قول المالك في عدم الاذن. والحاصل: أن العامل لو ادعى الاذن فيما لا يجوز الا بالاذن قدم فيه قول المالك المنكر، ولو ادعى المالك المنع فيما يجوز الا مع المنع (1) قدم قول العامل المنكر له. (مسألة 52): لو ادعى العامل التلف وأنكر المالك قدم قول العامل (2)، لانه أمين (3)، سواء كان بأمر ظاهر أو ] تشخيص المدعي والمنكر الغرض المقصود من الدعوى، ولما اختلف الغرض في المسألتين اختلف الحكم، أما بناء على أن المرجع مصب الدعوى فلا فرق بين المسألتين في أن المالك في المقامين مدع والعامل منكر، لاتحاد مصب الدعوى فيهما. لكن التحقيق هو الاول، كما أشرنا إلى ذلك في كتاب الاجارة. (1) بأن كانت الاذن محرزة ولو لاطلاق اللفظ. ويدعي المالك المخصص المنفصل أو المقيد، فان الاصل عدم التخصيص والتقييد. ولو كان النزاع في المقيد أو المخصص المتصل يرجع النزاع إلى إطلاق الاذن وعدمه، فيكون الشك في الاذن والاصل عدمه. وبالجملة: إذا ادعى المالك المنع، فان كانت حجة على الاذن سواء كانت لفظية أم حالية كان المالك مدعيا، وإلا كان منكرا والعامل المدعي للاذن مدعيا. (2) بلا إشكال ولا خلاف. كذا في الجواهر. (3) كذا في الجواهر، وزاد بأنه ذو يد على المال باذن المالك. انتهى. يريد به أنه أمين عند المالك ومستأمن منه وكأنه يشير بذلك إلى النصوص

 

===============

 

( 397 )

 

[ خفي (1). وكذا لو ادعى الخسارة، أو ادعى عدم الربح، أو ادعى عدم حصول المطالبات في النسيئة مع فرض كونه مأذونا في البيع بالدين. ولا فرق في سماع قوله بين أن يكون الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده. نعم لو ادعى بعد الفسخ التلف بعده ففي سماع قوله لبقاء حكم امانته (2)، وعدمه ] الواردة في عدم ضمان الامين (* 1)، وأنه إذا اتهم يستحلف، الظاهرة في أنه لا يكلف بالبينة، وقد تقدمت في مباحث الاجارة، كما تقدمت نسبة القول بأنه يكلف بالبينة إلى المشهور، وأنه يشهد به بعض النصوص. لكن الجمع بين جميع النصوص يقتضي القول الاول. وأما صحيح محمد ابن مسلم عن أبي جعفر (ع): " عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق أعلى صاحبه ضمان؟ قال (ع): ليس على صاحبه غرم بعد أن يكون الرجل أمينا " (* 2) ونحوه غيره. فانما تدل على عدم ضمان الامين، لا على عدم تكليفه بالبينة، فهي حكم في مقام الثبوت، لافي مقام الاثبات. (1) لاطلاق النصوص المتقدمة. (2) إذا تحقق ذلك فلا مجال للوجه الثاني. فكأنه أراد استصحاب بقائه، ويكون الوجه الثاني خروجه عن كونه أمينا، فيرجع إلى عموم: " البينة على المدعي ". لكن الاستصحاب ليس بحجة، لانه تعليقي ولو سلم فالظاهر الرجوع إلى عموم العام في أمثال المقام مما كان ظاهرا في العموم الازماني، على ما هو محقق في بعض مباحث الاستصحاب. نعم مقتضى اطلاق الاخبار الدالة على عدم ضمان الامين العموم للمقام، فيكون الاقوى سماع قوله بيمينه.

 

 

____________

(* 1) راجع صفحة: 350. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب كتاب المضاربة حديث: 3.

 

===============

 

( 398 )

 

[ لخروجه بعده عن كونه أمينا، وجهان. ولو أقر بحصول الربح ثم بعد ذلك ادعى التلف (1) أو الخسارة، وقال: إني اشتبهت في حصوله، لم يسمع منه (2)، لانه رجوع عن إقراره الاول. ولكن لو قال: ربحت ثم تلف، أو ثم حصلت الخسارة، قبل منه. ] (1) يعني: ادعى تلف أصل المال قبل الاتجار به، إذ لو كان المراد أنه ادعى التلف بعد الربح فلا اشكال في سماع قوله، لعدم المنافاة مع إقراره بوجه، كما سيأتي فرضه. (2) قال في الشرائع: " ولو قال العامل ربحت كذا ورجع لم يقبل رجوعه. وكذا لو ادعى الغلط "، وفي التذكرة: " لو قال ربحت ألفا ثم قال: غلطت، وإنما ربحت مائة، أو تبينت أنه لاربح هنا، أو قال: كذبت في الاخبار خوفا من انتزاع المال لم يقبل رجوعه، لانه أقر بحق عليه ثم رجع لم يقبل كسائر الاقارير "، ونحوها كلام غيرهما. وعلله في الجواهر بسبق إقراره الماضي عليه بقاعدة: إقرار العقلاء على أنفسهم جائز، وقاعدة: عدم سماع الانكار بعد الاقرار، السالمين عن معارضة قاعدة: سماع الامين في كل ما يدعيه، بعد عدم ثبوت هذا العموم وانما الثابت المسلم ما لم يسبق باقرار... إلى آخر كلامه. هذا ولا يخفى أن قاعدة: عدم سماع الانكار بعد الاقرار، تختص بما إذا كان الانكار واردا على ما ورد عليه الاقرار، بحيث يكون معارضا له، كما إذا قال: لك علي درهم، ثم قال: ليس لك علي درهم. أما إذا كان الانكار واردا على أمر آخر غير الواقع الذي ورد عليه الاقرار - كما في المقام - لم يكن وجه للرد، فان قوله: اشتبهت، أو غلطت أو ما قصدت الواقع وإنما كان اخباري تورية، أو قصدت الواقع لا بقصد

 

===============

 

( 399 )

 

بيان الواقع، بل بقصد التخلص من الضرر ونحو ذلك مما لا يكون القول الثاني واردا على ما ورد عليه الاول ولا معارضا له. فلا يكون من الانكار بعد الاقرار قال في الشرائع في كتاب الاقرار: " إذا شهد على نفسه بالبيع وقبض الثمن، ثم أنكر فيما بعد وادعى أنه أشهد تبعا للعادة ولم يقبض، قيل: لا يقبل دعواه، لانه مكذب لاقراره، وقيل: تقبل، لانه ادعى ما هو معتاد وهو أشبه " وفي الجواهر حكى الاخير عن الشيخ ومن تأخر عنه، وأما في الاول فقال: " لم نتحقق قائله من العامة فضلا عن الخاصة ". ومن ذلك يظهر إشكال ما في الشرائع وغيرها من عدم قبول قوله الذكر ذكروه هنا، الظاهر في أنه لا يقبل حتى مع البينة، ولا يسمع أصلا كما استظهره أيضا في الجواهر، قال (ره): " ظاهر قول المصنف وغيره " لم يقبل " عدم سماع بينته على ذلك، لكونه مكذبا لها باقراره السابق وعموم: " البينة على المدعي " إنما هو ظاهر في كون الدعوى مسموعة، لا ما أسقطها الشارع بقاعدة الاقرار فتبقى حينئذ شهادة البينة نفسها بلا دعوى ولاريب في تقديم قول المخالف لها عليها، لعدم ثبوت حجيتها في هذا الحال، خصوصا بعد أن كان المشهود به حقا له، فلا ريب في تقديم قوله فيه. فتأمل ". وحمل كلامهم هنا على عدم قبول قوله كما يقبل قول الامين مع اليمين بل يحتاج في قبوله إلى البينة، خلاف الظاهر من كلامهم جدا. والمتحصل: أن الاحتمالات في المقام ثلاثة (الاول): عدم السماع أصلا ولو مع البينة (الثاني): عدم السماع إلا مع البينه، كما في سائر الدعاوى (الثالث): السماع مع اليمين، كما في سائر موارد دعاوى الامين. ووجه الاول: ما اشار إليه في التذكرة - واوضحه في الجواهر -

 

===============

 

( 400 )

 

[ (مسألة 53): إذا اختلفا في مقدار حصة العامل وأنه نصف الربح مثلا أو ثلثه قدم قول المالك (1). ] من أن الدعوى الثانية من قبيل الانكار بعد الاقرار، وهو غير مسموع والبينة لما كانت مكذبة باقراره الاول فهي أيضا غير مسموعة. مع أنها لا تسمع إذا لم تكن لها دعوى مسموعة، وفيه: ما عرفت من أنه ليس من الانكار بعد الاقرار، بل هو من باب شرح حال الاقرار، وإطلاق سماع قول الامين يقتضي قبوله، فيسقط به الاقرار. ودعوى عدم العموم في سماع قول الامين - كما تقدمت عن الجواهر - ضعيفة لاطلاق قولهم (ع): " إن اتهمته فاستحلفه " (* 1) الشامل له من دون قرينة على صرفه عنه. وحينئذ تظهر قوة الاحتمال الثالث. نعم لو فرض عدم العموم لما دل على سماع قول الامين تعين الاحتمال الثاني، عملا بما دل على قبول قول المدعي مع البينة. وما تقدم في الجواهر من عدم سماع دعواه ولا بينته، لانهما مكذبان بالاقرار، كما ترى، إذ الاقرار لا يكذب دعوى الغلط ولا الشهادة به، كما هو ظاهر. (1) في التذكرة: نسبته إلى علمائنا، وفي جامع المقاصد: " هذا واضح إن كان الاختلاف قبل حصول الربح، لان المالك متمكن من منع الربح كله، بفسخ العقد، وأما بعد حصوله فان كلا منهما مدع ومدعى عليه، فان المالك يدعي استحقاق العمل الصادر بالحصة الدنيا، والعامل ينكر ذكر فيجئ القول بالتحالف إن كانت أجرة المثل أزيد مما يدعيه المالك، ولا أعلم لاصحابنا قولا بالتحالف، وإنما القول بالتحالف مع الاختلاف في الربح مطلقا قول الشافعي.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 29 من ابواب كتاب الاجارة حديث: 16، وقريب منه حديث: 11، 17 من نفس الباب.

 

===============

 

( 401 )

 

وكأنه مبني على أن المعيار في تشخيص المدعي والمنكر مصب الدعوى فان دعوى المالك أن المجعول في العقد الحصة الدنيا دعوى ايجابية، كما أن دعوى العامل أن المجعول في العقد الحصة العليا دعوى ايجابية، فكل منهما مدع دعوى ايحابية ينكرها الاخر، فيكونا لذلك متداعيين، حكمهما التحالف، وعلى هذا المبنى ذكر في جامع المقاصد في كتاب الاجارة أنه لاريب في قوة التحالف إذا اختلف المؤجر والمستأجر في قدر الاجرة وفي قدر المستأجر (بالفتح) وعلله بما ذكرنا، ونسبه بعض إلى جماعة أيضا، لكن عرفت ضعف المبنى، وأن الميعار في تشخيص ذلك الغرض المقصود من الدعوى، وأما مصب الدعوى بلا غرض فمما لا مجال لوجوب سماعه، فانه غير ملزم، ولا يترتب عليه فائدة ثبت أم لم يثبت فلا يكون معيارا، كما أشرنا إلى ذلك في مباحث التنازع من كتاب الاجارة. وأما ما أشكله في الجواهر على جامع المقاصد بقوله: " لاريب في أن كلا منهما مدع ومنكر، إذا كان نزاعهما في تشخيص ما وقع عليه عقد المضاربة، ضرورة اقتضاء الاصل عدم كل من الشخصين. نعم بعد تعارض الاصول في ذلك يرجع إلى أصل آخر، ولاريب في كونه مع المالك، لان الاصل عدم استحقاق العامل الزائد... ". ففيه: أن الاصل المذكور لا يثبت إحدى الدعويين ولا ينفيهما، وإنما يتعرض لامر آخر، فكيف يكون مرجعا للحاكم في حسم النزاع بين المتداعيين؟!. فالعمدة: ما ذكرنا من ضعف مبنى التحالف في المقام، وان التحقيق أن المعيار الغرض المقصود، وهو في المقام متعلق بالزائد على الاقل، وهو مورد النفي من أحد الخصمين والاثبات من الآخر، لامورد الاثبات من كل منهما. كي يكون المقام من التداعي الذي يكون المرجع فيه التحالف، فالمالك ينفي الزائد، والعامل يثبته، فالاول منكر، والثاني مدع. وإذا لاحظنا

 

===============

 

( 402 )

 

[ (مسألة 54): إذا ادعى المالك أني ضاربتك على كذا مقدار وأعطيتك، فأنكر أصل المضاربة، أو أنكر تسليم المال إليه، فأقام المالك بينة على ذلك، فادعى العامل تلفه لم يسمع منه (1) وأخذ باقراره المستفاد من إنكاره الاصل. ] أن المالك يثبت الاقل فالاخبار عنه ليس دعوى على العامل بل إقرار له بأمر معلوم، فلا يسمع من حيث كونه دعوى. ثم لو بني على الاول وكان المقام من التداعي لم يفرق بين ما قيل العمل وبعده. وكون المالك قبل العمل متمكن من الفسخ لاأثر له في تبديل مصب الدعوى. كما أنه لافرق بين كون أجرة المثل اكثر من الحصة وكونها أقل وكونها مساوية، فان أجرة المثل خارجة عن محل الابتلاء على حال زادت أو نقصت أو ساوت، ولا يتغير الحكم باختلاف الحالات المذكورة. (1) مقتضى الجمود على ما تحت العبارة أنه لا يسمع منه دعوى التلف ويكلف باداء العين ولو أدى ذلك إلى حبسه أو ضربه، وبنحو ذلك عبر في القواعد، فقال: " ولو أنكر القراض ثم ادعى التلف لم يقبل قوله " وعلى هذا يكون المراد من قول المصنف (ره): " وأخذ باقراره المستفاد من انكاره " أن انكاره لاخذ المال يستفاد منه تكذيب دعوى التلف واقرار منه بكذبها فلا تسمع. وعلى هذا لا يكون في هذا الكلام تعرض للضمان بحيث لو تحقق التلف كان المال مضمونا عليه ويجب دفع بدله. وهذا البيان يخالف ما في الشرائع حيث قال: " إذا قال دفعت إليه مالا قراضا فانكر العامل، فاقام المدعي بينة، فادعى العامل التلف قضي عليه بالضمان "، وظاهره سماع دعوى التلف مع الحكم بالضمان. ووجه هذا الضمان: أن دعوى التلف إقرار منه بأن إنكاره لقبض المال خيانة منه

 

===============

 

( 403 )

 

وهي موجبة للضمان. لكن لا يظهر الوجه لسماع دعوى التلف، لما عرفت من أن انكاره لاخذ المال تكذيب منه لدعوى التلف وإقرار منه بكذبها، فكيف تسمع منه؟! بل دعواه التلف إذا كانت موجبة لخيانته بانكار أخذ المال فلا وجه لسماعها، لان الخائن لا يسمع قوله، وإنما يسمع قول الامين. نعم هذا الوجه لايمنع من سماع بينته على التلف لكن الوجه الاول يمنع من ذلك، لان انكاره كما يقتضي تكذيب دعوى التلف يقتضي تكذيب بينة التلف، فلا يصح له إقامتها. وبالجملة: مقتضى عبارة القواعد عدم سماع دعوى التلف من دون تعرض للضمان، ومقتضى عبارة الشرائع الحكم بالضمان وسماع دعوى التلف والاشكال عليها ظاهر. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما في المسالك: " من أن عبارة الشرائع أجود من قول العلامة: " لم يقبل دعواه " لاستلزام عدم القبول حبسه إلى أن يدفع العين، وقد تكون تالفة. إلا أن يتكلف نحو ما تقدم من حبسه مدة يظهر منها اليأس من وجود العين ". وما ذكره من المحذور لا محذور فيه فانه لامانع من حبسه حتى يدفع العين أو يتبين التلف، وحينئذ يكون العمل بالتبين لا بقوله، فاطلاق عدم سماع قوله في محله. وفي الجواهر دفع اشكال المسالك: بأن مراد القواعد من عدم سماع قوله عدم قبول دعوى التلف التى كانت تقبل منه سابقا بيمينه في اسقاط الضمان عنه، وأما التكليف بالعين نفسها فليس مقصودا، ضرورة عدم تصديق مجرد قوله في ذلك من دون استظهار بيمين أو بينة أو حبس أو نحو ذلك. وقريب منه ما في مفتاح الكرامة. ولكنه كما ترى، فانه لادليل على سماع قوله باليمين وقد كذبه، ولا بالبينة وقد كذبها، ولو سلم فهو عمل بالبينة، لا بالقول، مع أن دعوى التلف لا تقتضي سقوط الضمان إلا

 

===============

 

( 404 )

 

[ نعم لو أجاب المالك بأني لست مشغول الذمة لك بشئ، ثم ] إذا كان قبل الخيانة ولم يكن بتعد أو تفريط. هذا ولعل مراد الشرائع من الضمان الضمان حتى مع وجود العين، لا خصوص الضمان حال التلف، حتى يكون الكلام دالا على السماع. لكن هذا المعنى من الضمان يحصل بمجرد قيام البينة على الاخذ لثبوت الخيانة حينئذ، ولا يتوقف على دعوى التلف، فضلا عن تحقق التلف. ثم إن الضمان إذا كان من جهة الخيانة الموجبة لخروج اليد عن الامانة فذلك يختص بالتلف بعد الخيانة، فإذا تحقق أنه كان قبل الانكار فلا ضمان وكذا إذا شك في ذلك، لاصالة البراءة من الضمان حتى لو علم تاريخ الانكار وشك في تاريخ التلف، فان أصالة عدم التلف إلى حين الانكار لا تثبت التلف بعده. ولايجوز التمسك بعموم: " على اليد... " في الشبهة المصداقية بعد تخصيصه بما دل على عدم ضمان الامين. وأصالة عدم الامانة الازلي لا مجال لها، للعلم بتحقق الامانة في الزمان السابق. والذي يتحصل مما ذكرنا أمور: عدم سماع قوله الذي كذبه، وعدم سماع بينته التي كذبها، وأنه خائن، وأنه ضامن إذا تحقق أن التلف بعد الانكار، وأنه غير ضامن إذا كان التلف قبل الانكار، أو كان التلف مجهول التاريخ. وفي بعض الحواشي تعليقا على قول المصنف: " لم يسمع منه "، يعني: يقضي عليه بالضمان، ولا يقبل قوله في التلف كما كان يقبل لولا إنكاره. وفي قبول الغرامة منه بنفس هذه الدعوى، أو مع إقامة البينة على ما ادعاه، أو يحبس حتى يتبين صدقه، وجوه واقوال، أقواها سماع بينته ". ولم نقف على هذه الاقوال غير التعبيرات المذكورة، وقد عرفت ما هو المتحصل. فلاحظ.

 

===============

 

( 405 )

 

[ بعد الاثبات (1) ادعى التلف، قبل منه، لعدم المنافاة بين الانكار من الاول وبين دعوى التلف. (مسألة 55): إذا اختلفا في صحة المضاربة الواقعة بينهما وبطلانها قدم قول مدعي الصحة (2). (مسألة 56): إذا ادعى احدهما الفسخ في الاثناء وأنكر الآخر قدم قول المنكر. وكل من يقدم قوله في المسائل المذكورة لابد له من اليمين (3). (مسألة 57): إذا ادعى العامل الرد وأنكره المالك قدم قول المالك (4). (مسألة 58): لو ادعى العامل في جنس اشتراه أنه اشتراه لنفسه، وادعى المالك أنه اشتراه للمضاربة، قدم قول العامل. وكذا لو ادعى أنه اشتراه للمضاربة، وادعى المالك ] (1) ظاهر العبارة إثبات الاشتغال بالبينة، وحينئذ لا تجدي دعوى التلف في نفي الضمان. فالمراد اثبات الاخذ، لكن إثبات ذلك لا ينافي انكار الاشتغال، فلا تسمع البينة عليه، فكأن مراد المصنف - كغيره من الفقهاء - ذكر فرض آخر في قبال الفرض السابق وإن لم يكن صحيحا. (2) لاصالة الصحة المعول عليها عند العقلاء والمتشرعة والفقهاء. (3) ولابد أيضا أن يكون بعد امتناع المدعي من إثبات دعواه ببينة ونحوها. (4) لمطابقة قوله لاصالة عدم الرد، فيكون منكرا. (ودعوى): أن عموم مادل على قبول قول الامين يقتضي المنع من العمل بالاصل. (مندفعة): بأنه لاعموم لما دل على قبول قول الامين يشمل المقام مما

 

===============

 

( 406 )

 

[ أنه اشتراه لنفسه، لانه أعرف بنيته (1)، ولانه أمين، فيقبل قوله. والظاهر ان الامر كذلك لو علم أنه أدى الثمن من مال المضاربة (2)، بان ادعى. أنه اشتراه في الذمة لنفسه ثم أدى ] كان الفعل مشتركا بينه وبين المالك، ولذا كان المشهور عدم القبول. وعن الشيخ القبول والاستدلال له بالقياس على الودعي، وبأنه إذا لم يقبل قوله كان ضررا عليه. وفي ذلك نظر ظاهر. بل قيل ان ذلك ليس في كلام الشيخ، وأنه (قده) أجل من أن يستدل بمثل ذلك، إذ القياس ليس بحجة. وقبول قوله يوجب الضرر على المالك، ولا وجه للترجيح. نعم في جامع المقاصد والمسالك الاستدلال له: بأنه إذا لم يقبل قوله يلزم تخليده في السجن، لانه إذا كان صادقا امتنع أخذ المال منه، وإذا كان كاذبا فظاهر حاله أنه لا يكذب نفسه، فيلزم تخليد حبسه. إلا أن يحمل كلامهم على أن الواجب حبسه إلى أن يظهر الحال. ولكن الاستدلال بذلك أيضا كما ترى، لما سبق من عدم محذور في ذلك. فإذا لا معدل عن المشهور عملا بالاصل نعم إذا كان المالك قد أمره بالرد إلى موضع معين عند انتهاء المضاربة، فادعى العامل ذلك لم يبعد القبول كغيره من الاعمال المتعلقة به بالنسبة إلى المال لاختصاص الفعل به حينئذ. (1) يشير إلى قاعدة ذكرت في كلام جماعة من الفقهاء من قبول قول من لايعرف المقول إلى من قبله. ولا يبعد بناء العقلاء على القاعدة المذكورة، وإلا لزم تعطيل تشريع الحكم، وهو خلاف دليل جعله. فإذا اشترى الانسان شيئا كان ظاهر الفعل الشراء لنفسه، فيحكم به لذلك. وصريح القول أولى من ظاهر الفعل في القبول. مضافا إلى قاعدة: من ملك شيئا ملك الاقرار به. (2) لا يخلو من إشكال، فان قاعدة قبول قول من لايعرف إلا

 

===============

 

( 407 )

 

[ الثمن من مال المضاربة، ولو كان عاصيا في ذلك. (مسألة 59): لو ادعى المالك أنه أعطاه المال مضاربة وادعى القابض أنه أعطاه قرضا، يتحالفان (1)، ] من قبله لا تخلو من إشكال في المقام، لمخالفتها لظاهر الفعل. وكذلك قاعدة سماع قول الامين، فانه يختص بما إذا لم يكن ظاهر حجة على خلافه، كما في المقام. (1) وهو أقرب - كما عن التحرير - وواضح - كما عن الايضاح - ومحتمل - كما في القواعد - وعلله في جامع المقاصد: بأن كل واحد منهما مدع ومنكر، فان العامل يدعي خروج المال عن ملك المالك، والمالك ينكره، والمالك يدعي استحقاق عمل العامل في مقابل الحصة بالقراض، والعامل ينكره. لكن قال في القواعد: " ولو ادعى المالك القراض والعامل القرض فالقول قول المالك، فيثبت له مع اليمين مدعاه من الحصة " واختاره في التذكرة، لان المال ملكه، والاصل تبعية الربح له، فمدعي خلافه يحتاج إلى بينة. أقول: إذا كان المعيار في تشخيص المدعي والمنكر مصب الدعوى فلا ريب في أن المقام من التداعي، لان كلا منهما يدعي خلاف الاصل. وإذا كان المعيار الغرض المقصود من الدعوى فيختلف باختلاف الموارد، فان كان النزاع بعد انتهاء عمل المضاربة ووجود الربح فدعوى العامل القرض خلاف الاصل، لان الاصل يقتضي بقاء المال على ملك مالكه، فدعوى خروجه عنه بالقرض مخالفة له، ودعوى المالك المضاربة بقصد اثبات استحقاقه لحصة من الربح موافقة له، لان استحقاق حصة من الربح موافقة لاصالة تبعية النماء للاصل. وإن كان النزاع قبل انتهاء عمل المضاربة بأن قلنا بوجوب التصفية على العامل، فدعوى المالك المضاربة وإن كانت

 

===============

 

( 408 )

 

[ فان حلفا أو نكلا للقابض أكثر الامرين من أجرة المثل والحصة ] موافقة لاصالة بقاء المال على ملك مالكه، لكنها مخالفة لاصالة عدم استحقاق المالك التصفية على العامل، فيكون المالك من هذه الجهة مدعيا والعامل النافي للمضاربة منكرا، لموافقته للاصل المذكور. وكأنه إلى ذلك أشار في جامع المقاصد في عبارته المتقدمة. ولو كان النزاع قبل حصول الربح لم يبعد أن يكون الحكم كذلك لان استحقاق العمل على العامل من آثار العقد وإن كان جائزا. لكن في جامع المقاصد: " لو كان الاختلاف قبل حصول الربح لكان القول قول المالك مع يمينه قطعا، لان الاصل بقاء المال له، ولا معارض له هنا ". وإشكاله ظاهر، لما عرفت من أن استحقاق العمل على العامل من آثار عقد المضاربة، يترتب بمجرد حصوله، فمع الشك فيه يكون الاصل عدم الاثر المذكور. هذا والظاهر أن مورد كلامهم هنا الصورة الاولى، بقرينة عدم التعرض لوجوب العمل على العامل وعدمه، والتعرض للربح فقط، وعليه فلا وجه للتحالف. اللهم إلا أن يكون لبنائهم على أن مرجع دعوى المالك المضاربة إلى استحقاق ما سبق من عمل العامل الذي ترتب عليه الربح بالحصة، والاصل عدمه، وفيه: أن دعوى ذلك إنما يقصد منها نفي استحقاق تمام الربح العامل الموافق للاصل، لاإثبات شئ للمالك على العامل، حتى يكون بذلك مدعيا. وهذا نظير ما إذا ادعى المالك أنه آجره الحمار وادعى المستأجر أنه آجره البغل، كما سبق في كتاب الاجارة فالبناء على ذلك رجوع إلى تشخيص المدعي والمنكر بمصب الدعوى، لا الغرض المقصود، وقد عرفت ضعفه.

 

===============

 

( 409 )

 

[ من الربح (1) إلا إذا كانت الاجرة زائدة عن تمام الربح فليس له أخذها، لا عترافه بعدم استحقاق أزيد من الربح. ] (1) كذا في القواعد على تقدير البناء على التحالف، وهو خيرة التحرير والايضاح وجامع المقاصد. وفي التذكرة: اختار أن القول قول المالك، وحكى عن بعض العامة القول بالتحالف، وعلله: بأنه إن كان الاكثر نصيبه من الربح فرب المال يعترف له به وهو يدعي كله، وإن كانت أجرة المثل أكثر فالقول قوله بيمينه في عمله، كما أن القول قول رب المال في ماله، فإذا حلف قبل قوله في أنه ما عمل بهذا الشرط، وإنما عمل بعوض لم يسلم له، فيكون له أجرة المثل. انتهى. وفيه: أن أجرة المثل إنما تكون لمن عمل لغيره، لا لمن عمل لنفسه معترفا بأنه لم يكن بأمر غيره ولا بقصد غيره. وبالجملة: هما معا يعترفان باستحقاق العامل الحصة، ويختلفان في استحقاقه للزائد، فالعامل يدعي ذلك بدعوى كون المالك له، والمالك ينكر ذلك، وحيث أن الاصل عدم خروج المال عن ملك المالك فقول العامل مخالف للاصل، فيكون مدعيا، وقول المالك موافق له، فيكون منكرا، فإذا حلف المالك ثبت قوله، وبطلت دعوى العامل، وأما أجرة المثل فمباينة لكل من دعوى المالك والعامل، فلا وجه لاستحقاق العامل لها وهو لم يقصدها، بل ولم يقصد العمل لغيره، كما عرفت. ومن ذلك يعرف الاشكال فيما في بعض الحواشي: من أن المقام من قبيل المدعي والمنكر، ويختلف الحكم بكون المالك مدعيا أو منكرا باختلاف الصور، فعلى تقدير كون أجرة المثل مساوية لتمام الربح يكون المالك مدعيا على العامل بأنه تنازل عن قيمة عمله إلى الحصة، والعامل ينكر ذلك، فإذا حلف العامل قبل قوله فيكون تمام الربح له، وإذا

 

===============

 

( 410 )

 

[ (مسألة 60): إذا حصل تلف أو خسران، فادعى المالك أنه أقرضه وادعى العامل أنه ضاربه، قدم قول المالك مع اليمين (1). ] كانت مساوية للحصة يكون العامل مدعيا، لانه يدعي استحقاق أكثر من قيمة عمله، وهو تمام الربح والمالك ينكر ذلك، فإذا حلف قبل قوله، ويكون للعامل الحصة لاغير، وإذا كانت أزيد من الحصة ودون تمام الربح يكون العامل منكرا بالنسبة إلى دعوى المالك الحصة، ويكون مدعيا بالنسبة إلى دعواه تمام الربح، ويكون المالك مدعيا في الاولى ومنكرا في الثانية، فيقبل قول المنكر من كل منهما في نفي دعوى خصمه. وتوضيح الاشكال عليه: أن أجرة المثل مباينة لكل من الدعويين حتى لو كانت مساوية للربح أو الحصة، فانها غيرهما، وأنه لاوجه لاستحقاقها مع عدم قصد العامل العمل لغيره ولا بأمر غيره، فكيف تكون معيارا للمدعي والمنكر. (1) كذا في القواعد والتذكرة وعن التحرير، واختاره في جامع المقاصد، وعلله: بأن الاصل في وضع اليد على مال الغير ترتب وجوب الرد عليه، لعموم قوله (ع): " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " (* 1) ولان العامل يدعي على المالك كون ماله في يده على وجه لو تلف لم يجب بدله، والمالك ينكر. فان قيل: المالك أيضا يدعي على العامل شغل ذمته بماله، والاصل البراءة. قلنا: زال هذا الاصل بتحقق إثبات يده على مال المالك، المقتضى لكونه في العهدة، والامر الزائد المقتضي لانتفاء العهدة لم يتحقق، والاصل عدمه. وفيه: أن قوله صلى الله عليه وآله: " على اليد... " يختص بما إذا كان

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب كتاب الوديعة حديث: 12.

 

===============

 

( 411 )

 

المال المأخوذ مال الغير، وهو خلاف دعوى المالك، إذ في القرض لا يكون المال مال الغير، بل يكون مال نفسه، ولذا يكون ضمان المال بالقرض لا باليد، وكذا ضمان المبيع يكون بالبيع لا باليد، ويسمى ضمان المعاوضة. فتقديم قول المالك يتوقف على أصالة احترام مال المسلم على نحو يقتضي ضمانه مطلقا وهي غير ثابتة. وإن كان قد يشهد بها مصحح اسحاق بن عمار قال: " سألت أبا الحسن (ع) عن رجل استودع رجلا الف درهم فضاعت، فقال الرجل كانت عندي وديعة، وقال الآخر: إنما كانت لي عليك قرضا، فقال (ع): المال لازم له إلا أن يقيم البينة انها كانت وديعة ". (* 1) لكن استفادة الكلية من المصحح غير ظاهرة، وإن كان ظاهر المشهور ذلك. فقد ذكر الاكثر أنه إذا اختلف المالك والراكب في أنه عارية أو إجارة، فالقول قول مدعي الاجارة، وعلله في الجواهر بأصالة احترام مال المسلم كدمه وعرضه، بمعنى الحكم بضمانه على من هو عنده. وفيه: أن احترام مال المسلم إنما هو بمعنى عدم جواز التصرف فيه - كما هو معنى احترام دمه وعرضه - لا بمعنى ضمانه على من هذه عنده، فانه لادليل عليه غير عموم: " على اليد... " الذي قد عرفت اختصاصه بمال الغير الذي لا يشمل المقام بعد ادعاء المالك أنه قرض. لكن في الجواهر: " الظاهر أنه مفروغ منه في غير المقام، كما لا يخفى على من أحاط خبرا بافراد المسألة في الابواب المتفرقة ". ولكنه مشكل. وكأنه لذلك كان ماعن الشيخ وابن زهرة وأول الشهيدين والاردبيلي والخراساني القول بقبول قول الراكب بيمينه في المسألة المذكورة. عملا بأصالة البراءة، الموافق لقول الراكب. وإن كان يشكل ذلك: بأن أصالة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب 7 من كتاب الوديعة حديث: 1.

 

===============

 

( 412 )

 

البراءة أصل مسببي، وهو محكوم للاصل السبي، وهو أصالة عدم الاعارة الموجب لكونه قد استوفى منافع العين بلا إذن من المالك، فيرجع إلى أصالة ضمان المنافع بالاستيفاء، الذي عرفت الاشارة إلى أنه من المرتكزات العقلائية التي استقر عليها بناء المتشرعة وعملهم، وحينئذ لا مجال لاصالة البراءة معه. وإلا أن يقال: على تقدير صحة قول المالك فضمان المنافع يكون بالاجارة لا بالاستيفاء، نحو ما ذكرناه في المقام، من أنه على تقدير قول العامل يكون الضمان بالقرض لا باليد. وحينئذ يشكل البناء على ضمان العامل في المقام لاجل دعوى استيفائه منافع غيره، كالاشكال في البناء على ضمان الراكب، على ما عرفت. اللهم إلا أن يدعى الارتكاز العقلائي في أمثال المقام على ضمان العين والمنفعة بالبدل، وإن كان المالك يدعي الضمان الخاص، فيضمن الراكب قيمة المنفعة دون الاجرة التي يدعيها المالك، ويضمن المتهب قيمة العين لا الثمن الذي يدعيه المالك فيما إذا اختلفا في أنه هبة أو بيع وأمثال ذلك فيكون من قبيل الحكم الواقعي جعله الشارع للحاكم لحسم النزاع وفصل الخصوصة مع ثبوت الحكم الواقعي الاولي بحاله، ولاتنافي بين الحكمين فان الاول يدعو إلى العمل به ورفع النزاع، والثاني يدعو إلى العمل به على فرض النزاع، فيحرم أخذ المالك للبدل على تقدير العارية، ويحرم امتناع الراكب من دفع الاجرة على تقدير الاجارة واقعا، فالحكم الواقعي بحاله وإن ثبت في حق الحاكم معه حكم يخالفه في حال النزاع، ويحتمل بعيدا أن يكون من قبيل الصلح القهري. وكيف كان فهذا الارتكاز غير بعيد، فالعمل به لازم. لكن الظاهر اختصاصه بصورة دعوى الاستحلال، مثل دعوى الهبة في مقابل دعوى البيع، أو دعوى العارية في مقابل دعوى الاجارة، أما

 

===============

 

( 413 )

 

[ (مسألة 61): لو ادعى المالك الابضاع والعامل الضاربة يتحالفان (1) ومع الحلف أو النكول منهما يستحق العامل أقل ] إذا لم يكن استحلال - مثل المقام - فلا دليل على الضمان المذكور، بل الارتكاز لا يساعد عليه. وكذلك مورد مصحح اسحاق المتقدم، فان الحكم فيه على خلاف الارتكاز، فيقتصر على مورده لاغير. (1) كما في التذكرة: أنه أقرب، وعن الايضاح: أنه الاصح. وفي القواعد: أن القول قول العامل، لان عمله له، فيكون قوله مقدما فيه. انتهى. لكن التعليل المذكور معارض بمثله بالنسبة إلى المالك، فان المال للمالك، فيكون قوله مقدما فيه أيضا. مع أنه لا يرجع إلى محصل لان من يكون القول قوله يجب أن يكون قوله موافقا للحجة، ومجرد كون العمل للعامل لا يقتضي أن يكون قوله موافقا للحجة، كما أن كون المال للمالك لا يقتضي أن يكون قوله موافقا للحجة. نعم لما كان المالك للمالك فالاصل في نمائه وربحه أن يكون للمالك أيضا لانه تابع له، فدعوى العامل الاستحقاق لحصة من الربح خلاف الاصل المذكور، فيكون قوله مخالفا للحجة فيكون مدعيا، ويكون المالك من هذه الجهة منكرا. كما أن دعوى المالك الايضاع مجانا خلاف الاصل، المقتضي لضمان عمل العامل بالاستيفاء، فيكون المالك من هذه الجهة مدعيا والعامل منكرا، فيكون المقام من التداعي والتناكر من الجانبين، فإذا حلفا بطلت دعوى العامل الاستحقاق للحصة، فيكون الربح كله للمالك، كما بطلت دعوى المالك كون البضاعة مجانية، فيتعين الرجوع إلى قاعدة: ضمان عمل العامل على من استوفاه. وهذا البيان بعينه جار فيما لو اختلف الراكب والمالك في كون الدابة عارية أو مستأجرة، فانه أيضا يرجع إلى أصالة ضمان المنفعة المستوفاة

 

===============

 

( 414 )

 

[ الامرين من الاجرة والحصة من الربح (1)، ولو لم يحصل ربح ] بأجره المثل، لا بالاجرة التي يدعيها المالك. وقد عرفت أنه لا يشكل ذلك في المقام وفي المثال المذكور وامثالهما بأن أجرة المثل غير مدعاة لاحد الخصمين بل ينكرها كلاهما. لما عرفت من أن الحكم بضمان أجرة المثل نظير الصلح القهري في حسم الخصومة ليس مبنيا على إثبات الحق المدعى. هذا بناء على أن المراد من البضاعة التي يدعيها المالك كون العمل بلا أجرة - كما نسب إلى ظاهر الاصحاب، وتقدم ذلك في أول الكتاب - أما إذا كان المراد من البضاعة العمل بأجرة المثل - كما هو ظاهر المصنف بقرينة ما سيأتي في ذيل المسألة - فادعاء المالك البضاعة يقتضي اعترافه باستحقاق العامل الاجرة، فإذا ادعى العامل الحصة وأنكر الاجرة وبطلت دعواه بيمين المالك يكون انكاره منافيا لاعتراف المالك، فيسقط، كما هو الحكم فيما لو أقر بشئ فأنكر المقر له ذلك، للتنافي الموجب للسقوط، نظير الحجتين المتعارضتين. لكن يتعين بعد ذلك الرجوع إلى قاعدة: ضمان عمل العامل على من استوفاه - كما في الفرض السابق - ويكون للعامل أجرة المثل لذلك. وعلى هذا لا يكون المالك مدعيا لانه معترف للعامل باستحقاق الاجرة، لا أنه يدعي عليه شيئا، بل ذكر هذا الاعتراف للتخلص من دعوى العامل استحقاق الحصة، فيكون منكرا لاغير. () كما صرح بذلك في القواعد وغيرها على تقدير القول بالتحالف ووجهه: أن الاجرة إن كانت أقل من الحصة فلان الحصة قد انتفت بيمين المالك، فلا تجب عليه، وإن كانت الحصة أقل فلاقرار العامل بعدم استحقاق غيرها فيجوز للمالك أن يقتصر على دفعها بدلا عن الاجرة إلزاما للعامل باقراره فالحكم الاولي الذي اقتضاه عموم: ضمان العمل بالاجرة، هو الاجرة، لكن يجوز للمالك أن يعطي العامل الحصة التي

 

===============

 

( 415 )

 

يدعيها إلزاما له باقراره، فلا يجب عليه إعطاؤه أجرة المثل. وفي بعض الحواشي في تعليل الحكم فيما لو كانت الحصة أقل من الاجرة. بأن الحصة هو المتفق عليه بينهما، وبالنسبة إلى الزائد عليها يقر المالك للعامل (* 1) بما ينفي استحقاقه له، ويندرج المقام فيما لو تعارض إقرار المقر وإنكار المقر له. وفيه: أن الاجرة مباينة للحصة، وليسا من قبيل الاقل والاكثر، وليس هناك منهما شئ متفق عليه بين العامل والمالك. وأما وجه اندراج المسألة فيما لو تعارض الاقرار بانكار المقر له فهو أن المالك لما نفى الحصة التي يدعيها العامل، فكان حكمه ضمان العمل بالاجرة كان قد أقر بثبوت الاجرة، والعامل لما ادعى الحصة فقد أنكر الاجرة، فالاجرة مورد اقرار المالك وانكار العامل، فالمراد من قوله: " بما ينفي استحقاقه له " بما ينفي العامل استحقاقه له. هذا وما ذكره وإن كان صحيحا، لكن لايدخل فيما لو تعارض الاقرار بالانكار، لاختصاص ذلك بما إذا لم يكن تداع بل كان إقرار وإنكار، كما إذا أقر زيد بأن عليه درهما لعمرو، فأنكر عمرو ذلك، فان التحقيق تعارض الاقرار بالانكار، فيبطل الاقرار ولا يؤخذ به. أما المقام فلما كان بين المقر والمنكر تداع وخصام ولابد من حسم الخصومة تعين الرجوع إلى قاعدة: ضمان عمل المسلم بالاجرة، ويجب البناء على الاجرة لذلك، فلا يسقط إقرار المالك بالاجرة بانكار العامل لها، وإلا لزم سقوط الاجرة والحصة معا - سقوط الاجرة بانكار العامل، وسقوط الحصة بيمين المالك - فلا شئ للعامل حينئذ، وهو خلاف مبنى الكلام من ثبوت شئ على العامل للمالك، والخيار يكون للمالك بين أن يدفع الاجرة

 

 

____________

(* 1) كذا في الحاشية المذكورة، وهي حاشية المرحوم النائيني (قده). والظاهر أن حق العبارة (يقر العامل للمالك...). ولعله من خطأ النسخة المطبوعة (الناشر).

 

===============

 

( 416 )

 

[ فادعى المالك المضاربة لدفع الاجرة (1)، وادعى العامل الابضاع استحق العامل بعد التحالف (2) أجرة المثل لعمله. (مسألة 62): إذا علم مقدار رأس المال ومقدار حصة العامل، واختلفا في مقدار الربح الحاصل، فالقول قول العامل (3). كما أنهما لو اختلفا في حصوله وعدمه كان القول قوله (4). ولو علم مقدار المال الموجود فعلا بيد العامل، واختلفا في مقدار نصيب العامل منه، فان كان من جهة ] وبين أن يدفع الحصة المباينة لها، سواء كانت قيمتها أكثر أم أقل، عملا باقرار العامل باستحقاقها، فلا يختص جواز دفع الاجرة بما إذا كانت أقل قيمة. ولعل هذا هو المراد من قول المصنف: " يستحق العامل... " وليس على ظاهره، فان العامل انما يستحق بحكم الحاكم الاجرة لاغير، ولكن يجوز للمالك أن يدفع له الحصة التي يدعيها عملا باقراره، سواء كانت قيمتها أقل أم أكثر. (1) يعني: للتخلص من الاجرة اللازمة له على تقدير الابضاع. (2) لا يخفى أن دعوى المالك المضاربة إذا كان يقصد بها دفع الاجرة عن نفسه، فيكون العمل بلا عوض، كان حينئذ مدعيا، لمخالفة قوله لاصالة ضمان عمل العامل، وكان العامل المدعي للاجرة منكرا، لموافقة قوله للاصل المذكور، فإذا لم يقم المالك البينة على المضاربة حلف العامل وثبتت له الاجرة، فالمقام من باب المدعي والمنكر عكس المسألة السابقة، التي كان العامل فيها مدعيا والمالك منكرا. (3) لانه أمين. ولاصالة عدم الربح الزائد على ما يدعيه العامل. (4) لما ذكر.

 

===============

 

( 417 )

 

[ الاختلاف في الحصة أنها نصف أو ثلث فالقول قول المالك (1) قطعا، وإن كان من جهة الاختلاف في مقدار رأس المال فالقول قوله أيضا، لان المفروض أن تمام هذا الموجود من مال المضاربة أصلا وربحا، ومقتضى الاصل كونه بتمامه للمالك (2) إلا ما علم جعله للعامل. وأصالة عدم دفع أزيد من مقدار كذا إلى العامل لا تثبت كون البقية ربحا (3). مع أنها معارضة بأصالة عدم حصول الربح أزيد من مقدار كذا (4)، فيبقى كون الربح تابعا للاصل إلا ما خرج. (مسائل: الاولى): إذا كان عنده مال المضاربة فمات فان علم بعينه فلا إشكال (5)، وإلا فان علم بوجوده في التركة الموجودة من غير تعيين فكذلك، ويكون المالك شريكا مع الورثة بالنسبة (6)، ويقدم على الغرماء إن كان الميت مديونا، ] (1) كما سبق، لما سبق. (2) لاصالة تبعية الربح للاصل. (3) لانه من اللوازم العقلية التي لا تثبت إلا بناء على حجية الاصل المثبت. (4) هذا الاصل أيضا لا يثبت كون الربح الموجود للمالك إلا بناء على الاصل المثبت، وحينئذ لا يكون حجة حتى يعارض ويعارض به. ولو بني على حجيته للاكتفاء بالسببية العقلية صحت المعارضة، وبقي أصل تبعية الربح للمال - الذي هو أصل مسببي - بحاله. (5) وفي الجواهر: " بلا خلاف ولا إشكال ". ويقتضيه أصالة بقاء المال على ملك مالكه. (6) قال في الشرائع: " فان علم مال أحدهم بعينه كان أحق به،

 

===============

 

( 418 )

 

وإن جهل كانوا فيه سواء "، وفي الجواهر في شرحه: " بمعنى أنه يقسم بينهم على نسبة أموالهم كما في انقسام غيرهم من الشركاء "، وفي الحدائق: نسب هذا المعنى إلى الاصحاب، وفي جامع المقاصد: " إن علم بقاء المال في جملة الشركة ولم تعلم عينه بخصوصه فصاحبه كالشريك "، ونحوه عبارة غيره. ويظهر من الجيمع أن الاشتباه في المقام يقتضي الاشتراك حتى مع عدم الامتزاج، وهو غير ظاهر، بل يشكل حتى مع العلم بالامتزاج في المثليات، مثل وضع ثوب في أثواب، فانه لا يوجب الاشتراك إذا عرف بعينه، وكذا إذا اشتبه بغيره، فانه لادليل على هذا الاشتراك. وفي الحدائق والرياض وغيرهما: الاستدلال على ذلك بالخبر، وهو رواية السكوني عن جعفر (ع) عن آبائه (ع) عن علي (ع): " أنه كان يقول: من يموت وعنده مال مضاربة، قال (ع): إن سماه بعينه قبل موته، فقال: هذا لفلان، فهو له، وإن مات ولم يذكر فهو أسوة الغرماء ". وظاهره تعلق حق المالك بالتركة تعلق حق الغريم بها، ومن المعلوم أن الغريم إذا أعطى ماله بطل حقه ولم يجز له المطالبة بجزء من عين التركة، فضلا عن كونه شريكا فيها، فالخبر لادلالة فيه على مشاركة المالك للورثة في التركة، فضلا عن مشاركة المالكين بعضهم مع بعض في مجمع أموالهم مع اشتباه بعضها ببعض، كما ذكر الجماعة، وقد عرفت أنه لادليل على حصول الشركة بالاشتباه. بل الخبر الوارد في الدارهم المودعة يقتضي خلاف ذلك، إذ لو كان الامتزاج يقتضي الاشتراك في المثليات حتى مع الاشتباه كان اللازم أن يكون لصاحب الدرهم ثلث الدرهمين الباقيين، لاربعهما، كما ذكر في النص، فدل ذلك على نفي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من كتاب المضاربة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 12 من كتاب الصلح حديث: 1.

 

===============

 

( 419 )

 

[ لوجود عين ماله في التركة. وان علم بعدم وجوده في تركته ولا في يده، ولم يعلم أنه تلف بتفريط أو بغيره أو رده ] الاشتراك. ولعله يأتي في مباحث الشركة ماله نفع في المقام. ويحتمل حمل الخبر على صورة عدم العلم بوجود مال المضاربة في ضمن التركة، فيكون مفاد الخبر ضمان العامل للمال إذا علم أنه في يده في حال الموت. ولعل الوجه في هذا الضمان تقصيره في عدم الوصية به، ولا يشمل صورة ما إذا علم بأنه في ضمن التركة، بل في هذه الصورة يرجع إلى القرعة. وبالجملة هنا صور: (الاولى): أن يموت وعنده أموال متعددة مختلطة لمالكين. وظاهر الاصحاب الحكم بالاشتراك بينهم فيها على نسبة أموالهم. (الثانية): أن يموت وعنده مال لمالك واحد مختلط بالتركة وظاهرهم مشاركة المالك للورثة بالمجموع على النسبة، كما صرح بذلك المصنف (قده). وهذا الحكمان لا يقتضيهما الاصل، ولا الخبر (الثالثة): أن يموت وعنده مال المضاربة ولم يعلم أنه في ضمن التركة. بل يحتمل ذلك ويحتمل خلافه، ولا يبعد أن تكون هذه الصورة هي مورد الخبر، وإن كان إطلاقه يقتضي عموم الحكم لجميع الصور. وحينئذ يكون بناء الجماعة على الاشتراك في الصورتين الاوليين غير ظاهر، وأشكل منه دعوى جماعة أنه مفاد الخبر. نعم في القواعد: " لو مات العامل ولم يعلم بقاء مال المضاربة بعينه صار ثابتا في ذمته، وصار صاحبه أسوة الغرماء، على إشكال " وهو تعبير بمتن الخبر، لكن في مطلق عدم العلم ببقاء مال المضاربة بعينه، والحديث يختص بصورة العلم ببقاء مال المضاربة في يده وعدم معرفته بعينه، فلو اقتصر عليها كان ذلك عملا بالخبر. (1) ولم يخرج عن ملكه، فلا يكون وفاء عن ذمة الميت.

 

===============

 

( 420 )

 

[ على المالك، فالظاهر عدم ضمانة (1) وكون جميع تركته للورثة، وإن كان لا يخلو عن إشكال بمقتضى بعض الوجوه الآتية (2). وأما إذا علم ببقائه في يده إلى ما بعد الموت ولم يعلم أنه موجود في تركته الموجودة أولا - بان كان مدفونا في مكان غير معلوم أو عند شخص آخر أمانة أو نحو ذلك - أو علم بعدم وجوده في تركته مع العلم ببقائه في يده (3) - بحيث لو كان حيا أمكنه الايصال إلى المالك - أو شك في بقائه في يده وعدمه أيضا، ففى ضمانه في هذه الصور الثلاث وعدمه خلاف وإشكال على اختلاف مراتبه، وكلمات العلماء في المقام وأمثاله - كالرهن والوديعة ونحوهما - مختلفة (4). والاقوى الضمان في الصورتين الاوليين. لعموم قوله (ع): " على اليد ما أخذت حتى تؤدى " (* 1) حيث أن الاظهر شموله للامانات أيضا. ودعوى: خروجها لان المفروض عدم الضمان فيها. ] (1) لاصالة البراءة من الضمان. (2) يعني عموم: " على اليد... " إذ لا يعتبر فيه أن يكون حال الموت، ضرورة صدقه مع كونه في بعض آيات الحياة. وعلى هذا كان اللازم على المصنف القول بالضمان فيه، كما في الصورة الاتية. (3) هذا مشترك بين هذه الصورة وما قبلها، والاختلاف بينهما في العلم بعدم الوجود في التركة في الصورة الثانية وعدم العلم بذلك في الصورة الاولى. (4) قال في الشرائع: " إذا اعترف بالوديعة ثم مات وجهلت

 

 

____________

(* 1) مستدرك الوسائل باب: 1 من كتاب الغصب حديث: 4.

 

===============

 

( 421 )

 

[ مدفوعة: بأن غاية ما يكون خروج بعض الصور منها (1)، ] عينها قيل: يخرج من أصل تركته. ولو كان له غرماء وضاقت التركة حاصهم المستودع. وفيه تردد "، وفي المسالك: نسب الاول إلى المشهور واستدل على الضمان بعموم: " على اليد... "، ولانه يترك التعيين مفرط، ولان الاصل بقاؤها في يده إلى الموت، فتكون من جملة تركته فإذا تعذر الوصول إلى عينها وجب البدل فتكون بمنزلة الدين. ثم ذكر أن التردد يحتمل أمرين (الاول): أن يكون في أصل الضمان، فان الاعتراف بها إنما يقتضي وجوب الحفظ، لا الضمان. (الثاني): أن يكون في كيفية الضمان، لان بقاءها بمقتضى الاصل إنما يقتضي كونها من جملة التركة، غايته أن عينها مجهولة، فيكون مالكها بمنزلة الشريك، ثم قال: " والاقوى أنه إن علم بقاء عينها إلى بعد الموت ولم يتميز قدم مالكها على الغرماء، وكان بمنزلة الشريك، وإن علم تلفها بتفريط فهو أسوة الغرماء، وإلا فلا ضمان أصلا "، ونحو ذلك كلامهم في وجوب الاشهاد على الوديعة إذا ظهر للمستودع امارة الموت، أو وجوب الوصية بها حينئذ، وأنه يحصل الضمان بترك الاشهاد، أو بتركه وترك الوصية معا، أولا يحصل حتى مع تركهما معا. فلاحظ كلماتهم في المقامين. (1) من البعيد جدا أن يكون خروج الامانات من باب التخصيص، فان المتعارف في اليد هو يد الامين، كالمرتهن والمستعير، والمستودع، والاجير على عمل في العين، والمستأجر للعين لاستيفاء منافعها، والملتقط والوصي، والولي، والشريك، وعامل المضاربة، والعامل في المزارعة والمساقاة والجعالة... إلى غير ذلك، ويد غير الامين مختصة بالغاصب والقابض بالسوم، فلو أريد من اليد العموم لزم تخصيص الاكثر، لندرة

 

===============

 

( 422 )

 

[ كما إذا تلفت بلا تفريط أو ادعى تلفها كذلك (1) إذا حلف وأما صورة التفريط والاتلاف ودعوى الرد في غير الوديعة (2) ودعوى التلف والنكول عن الحلف (3) فهي باقية تحت العموم (4) ] اليد في الموردين المذكورين. فلا بد أن يكون المراد من اليد في قوله صلى الله عليه وآله " على اليد... " اليد المبنية على الرد، فلا يشمل اليد المبنية على الابقاء وترك الاداء، وحينئذ لا يشمل يد الامين المفروضة في المقام، ويتعين الرجوع إلى أصالة البراءة. (1) هذا راجع إلى ما قبله، والاختلاف بينهما من قبيل الاختلاف بين مقامي الثبوت والاثبات. (2) أما في الوديعة فيظهر منهم التسالم على قبولها باليمين. مثل دعوى التلف، وهذا الاجماع هو العمدة في القبول، أما إذا ادعى الرد في غير الوديعة لم تسمع دعواه على المشهور، لعدم الدليل على سماعها، فيشمله عموم: البينة على المدعي. وما دل على قبول قول الامين أو قول ذي اليد مختص بما كان متعلقا بما في اليد، فلا يشمل ماكان متعلقا بالمالك فإذا لم يقم البينة كان ضامنا للعين. وكأنه للخيانة. ولكنه غير ظاهر كلية لجواز الاشتباه منه في دعوى الرد. (3) ثبوت الضمان في هذه الصورة كأنه لاجل تحقق الخيانة. ولكنه غير ظاهر، لجواز أن يكون التورع عن اليمين. كما يجوز أن يكون اشتباها منه في دعوى التلف، فلم تحرز الخيانة. (4) قد عرفت أن بقاءها تحت العموم يتوقف على تحقق الخيانة، وهو غير ثابت، فالضمان يكون بحكم الحاكم في مقام حسم النزاع، فلا يكون حكما واقعيا، بل ظاهري لحسم النزاع، وليس مما نحن فيه.

 

===============

 

( 423 )

 

[ ودعوى: أن الضمان في صورة التفريط والتعدى من جهة الخروج عن كونها أمانة (1)، أو من جهة الدليل الخارجي كما ترى لا داعى إليها. ويمكن أن يتمسك بعموم ما دل على وجوب رد الامانة (2) بدعوى: أن الرد أعم من رد العين ] (1) لظهور أن ذلك نوع من الخيانة، وهي مقابل الامانة، فان المالك ائتمن الامين على العين، فجعل له ولاية حفظها، فاذن له في إبقائها عنده لاجل حفظها، فإذا خانه في ذلك وصار في مقام تضييعها وضياعها فقد فات الغرض المقصود للمالك، فتفوت معه الاذن في البقاء، فيكون داخلا في عموم: " على اليد... " الذي قد عرفت أن موضوعه اليد غير المأذونة في البقاء. فالضمان بالتعدي والتفريط لاجل ذلك. مضافا إلى النصوص الخاصة الوارد بعضها في التعدي على الوديعة (* 1)، بأن خالف ما أمره به المودع، واكثرها في مخالفة العامل في المضاربة ما أمره به المالك (* 2)، وقد تقدمت. فالخارج من عموم: " على اليد... " الامين غير الخائن، أما الخائن فهو داخل تحت العموم. لكن لالما ذكره المصنف (ره) من عموم على اليد للامانات بل لان الامانات الخارجة موضوعا عن عموم على اليد مختصة بغير الخيانة. ثم إن ما ذكره المصنف من التمسك بعموم " على اليد... " على التفصيل المذكور قد سبقه إليه في الجواهر. (2) قال الله تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها) (* 3) لكن الوجوب المذكور تكليفي محض، لا يقتضى ضمانا ولا اشتغال ذمة بالعين، ليتعلق ذلك الحق بالتركة. ولذا لا يلتزم أحد بأن وجوب رد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من كتاب الوديعة حديث: 1. (* 2) راجع الوسائل باب: 1 من كتاب المضاربة. (* 3) النساء: 58.

 

===============

 

( 424 )

 

[ ورد البدل (1)، واختصاصه بالاول ممنوع ألا ترى أنه يفهم من قوله (ع): " المغصوب مردود " (* 1) وجوب عوضه عند تلفه (2) هذا مضافا إلى خبر السكوني عن على (ع) أنه كان يقول: " من يموت وعنده مال مضاربة قال: إن سماه بعينه قبل موته فقال هذا لفلان فهو له، وإن مات ولم يذكر فهو أسوة الغرماء " (* 2) (3). وأما الصورة الثالثة: فالضمان ] الامانات المتوجه للامين حين المطالبة موجب لضمانه، فإذا تلفت العين حين الرد كان ضامنا لها، فليس هو إلا وجوب تكليفي لاغير. وهذا بخلاف عموم: " على اليد... ". ثم إن من المعلوم أن وجوب رد الامانات يختص بصورة مطالبة المالك وعدم إذنه في بقاء العين، وذلك منتف بالنسبة إلى العامل في حال حياته، وأما بالنسبة إلى الوارث فلعدم كونه مؤتمنا من قبل المالك على العين ولم يتسلمها منه لا يشمله الدليل، فضلا عن أن يقتضي ضمانه. (1) هذه الدعوى لا تجدي في وجوب الرد على الوارث ما لم يثبت الضمان على الموروث، وإلا فهو كالاجنبي خارج عن هذا التكليف. (2) هذا أول الكلام، بل هو ممنوع، كما فيما قبله، وفهم البدل من جهة ضمان المغصوب، لا من جهة وجوب رده. (3) رواه الشيخ عن محمد بن محبوب عن أحمد عن البرقي عن النوفلي عن السكوني عن جعفر (ع) عن آبائه عن علي (ع) والاشكال على التمسك بالحديث من وجهين (الاول): السند، فان النوفلي لم يثبت توثيقه. (الثاني): الدلالة، إذ منصرف الحديث صورة وجود مال

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 1 من كتاب الغصب حديث: 3. (* 2) الوسائل باب: 13 من كتاب المضاربة حديث: 1.

 

===============

 

( 425 )

 

[ فيها أيضا لا يخلو عن قوة، لان الاصل بقاء يده عليه إلى ما بعد الموت (1) واشتغال ذمته بالرد عند المطالبة (2)، وإذا لم يمكنه ذلك لموته يؤخذ من تركته بقيمته. ودعوى: أن ] المالك مشتبها، فيكون الحكم واردا لعلاج المال المشتبه، لا أنه وارد لعلاج خسارة مالك مال المضاربة. (1) يشكل بأن عموم اليد إذا كان يقتضي الضمان في الامانات فلا حاجة إلى أصالة بقاء يده عليه في اثبات الضمان، لتحقق اليد من أول الامر، ولم يثبت ما يوجب الخروج عنه، وهو صورة تلفه بلا تفريط. نعم إذا كان الموجب للضمان اليد حال الموت احتيج إلى اثبات ذلك. لكنه غير ظاهر. وقد أشار إلى ذلك المصنف في صدر المسألة. لكنه لم يعتن به وقوى خلافه هناك. نعم إذا كان المستند في الضمان خبر السكوني فلاجل أن موضوع الضمان فيه أن يموت وعنده مال مضاربة، فإذا شك في بقاء المال عنده حال الموت جرى الاستصحاب في إثباته، لكونه موضوع أثر شرعي، فيترتب بالاصل أثره. (2) إشارة إلى ما تقدم منه من الاستدلال على الضمان بوجوب رد الامانات، فيراد من الاصل عموم الرد المقتضي لاشتغال ذمته. لكن الاصل هنا بمعنى لا يتناسب مع الاصل السابق وهو الاستصحاب، ليصح العطف. مع أنه مشروط بالمطالبة، كما عرفت، وهي منتفية. ويحتمل أن يريد به الاستصحاب، فيكون معطوفا على " يده " لاعلى " بقاء " لكنه بعيد، لان الاشتغال بحدوثه يقتضي الرد لو فرض تحقق المطالبة وإن لم يجر الاستصحاب، لكفاية الاشتغال السابق في حكم العقل بوجوب الرد ولو أريد استصحاب الاشتغال بالرد بعد الموت فاشكاله ظاهر، لانتفاء التكليف بالموت.

 

===============

 

( 426 )

 

[ الاصل المذكور معارض بأصالة براءة ذمته من العوض، والمرجع بعد التعارض قاعدة اليد المقتضية لملكيته. مدفوعة: بأن الاصل الاول حاكم على الثاني (1). هذا مع أنه يمكن الخدشة في قاعدة اليد: بأنها مقتضية للملكية (2) إذا كانت مختصة (3)، وفي المقام كانت مشتركة، والاصل بقاؤها ] (1) لان الاول موضوعي والثاني حكمي. لكن عرفت أن الاول لا مجال له، لعدم الاثر لمورده، وعموم: " على اليد... " لا مجال للعمل به في يد الامين، فالمتعين الرجوع إلى أصالة عدم التعدي والتفريط الموجبين للضمان فينتفي الضمان بها، لاإلى أصالة البراءة لانها أصل مسببي لا مجال له مع الاصل السببي، وإن كان موافقا له. (2) الملكية ليست موضوعا للكلام، بل موضوعه الضمان واللاضمان سواء كانت ملكية أم لم تكن. فقاعدة اليد المتقضية للملكية لا توافق أحد الاصلين ولا تخالفه، فالرجوع إليها بعد المعارضة غير ظاهر. مع أن اليد إذا جرت كانت مقدمة على كل من الاصلين المذكورين، لا أن الرجوع إليها يتوقف على سقوط الاصلين. (3) الظاهر من قوله: " مختصة " أن تختص بمال ذي اليد، في مقابل المشتركة التي يكون فيها ماله ومال غيره، وهو أيضا خلاف عموم: " على اليد... ". مع أن لازمه امتناع التمسك بها غالبا، لان الشك في ملكية ما في اليد مساوق للشك في الاختصاص، لانه إذا كان ما في اليد مملوكا لغير ذي اليد فقد كانت مشتركة، فالشك غالبا يكون في الاختصاص والاشتراك، وإذا لم يحرز الاختصاص لم يجز التمسك بها، للشك في عنوان الدليل. إلا أن يراد من المختصة ما لم تكن معلومة الاشتراك.

 

===============

 

( 427 )

 

[ على الاشتراك (1). بل في بعض الصور يمكن أن يقال: إن يده يد المالك من حيث كونه عاملا له، كما إذا لم يكن له شئ أصلا فاخذ رأس المال وسافر للتجارة ولم يكن في يده سوى مال المضاربة، فإذا مات يكون ما في يده بمنزلة ما في يد المالك، وإن احتمل أن يكون قد تلف جميع ما عنده من ذلك المال (2) وأنه استفاد لنفسه ما هو الموجود في يده. وفي بعض الصور يده مشتركة بينه وبين المالك كما إذا سافر وعنده من مال المضاربة مقدار ومن ماله أيضا مقدار. نعم في بعض الصور لا يعد يده مشتركة أيضا (3)، فالتمسك باليد بقول ] (1) يعني: فلا يصح التمسك بها لاثبات الملكية لذي اليد. (2) يعني: فيحكم بأنه مال المالك، فتسقط يده على الحجية على كونه ماله وتكون حجة على كونه للمالك. ولكن ذلك خلاف عموم دليل حجية اليد، وخلاف المرتكزات العقلائية. وأظهر منه مالو علم بتبدل العين التي كانت للمالك بعين أخرى، كما إذا كانت بيده دراهم فمات فوجد بيده دنانير، فانه لا مجال للحكم بأنها ملك المالك، نعم مع وحدة عين المال يحكم بكونه للمالك، لاستصحاب كون اليد أمينة وكون العين لمالكها وكذا في العين المغصوبة، فالغاصب إذا مات وبيده العين التي قد غصبها إذا احتمل أنه قد ملكها بعد الغصب لا يحكم بملكيتها له بل يحكم بملكيتها لمالكها لعدم الدليل على حجية اليد على الملكية في المقام فيتعين الرجوع إلى الاصول. أما في الصورتين السابقتين فيتعين الرجوع إلى عموم دليل حجية اليد. (3) إذا كان المناط في الاشتراك أن يكون بيده ماله ومال

 

===============

 

( 428 )

 

[ مطلق مشكل (1). ثم إن جميع ما ذكر إنما هو إذا لم يكن بترك التعيين عند ظهور امارات الموت مفرطا، وإلا فلا اشكال في ضمانه (2). (الثانية): ذكروا من شروط المضاربة التنجيز (3)، وأنه لو علقها على أمر متوقع بطلت، وكذا لو علقها على أمر ] غيره فهذه الصورة غير ظاهرة. (1) قد عرفت حقيقته. (2) للخيانة. (3) أهمل ذكر هذا الشرط في المضاربة في الشرائع والقواعد. وفي التذكرة: " يجب التنجيز في العقد، فلا يجوز تعليقه على شرط أو صفة مثل: إذا دخلت الدار أو إذا جاء رأس الشهر فقد قارضتك. وكذا لا يجوز تعليق البيع ونحوه. لان الاصل عصمة مال الغير ". وفي جامع المقاصد في المقام: " واعلم أنه يشترط لصحة العقد التنجيز فلو علقه بشرط كدخول الدار أو صفة كطلوع الشمس لم يصح. وبه صرح في التذكرة لانتفاء الجزم المعتبر في العقد ". وعن شرح الارشاد للفخر: أن تعليق الوكالة على الشرط لا يصح عند الامامية. وكذا سائر العقود جائزة كانت أو لازمة. انتهى. وفي المسالك من مبحث اشتراطه التنجيز في الوقف قال: " واشترط تنجيزه مطلقا موضع وفاق، كالبيع وغيره من العقود وليس عليه دليل بخصوصه... (إلى أن قال): ويستثنى من بطلانه بتعليقه على الشرط مالو كان الشرط واقعا والواقف عالما بوقوعه كقوله: وقفت إن كان اليوم يوم الجمعة فلا يضر كغيره ". والذي يستفاد من ملاحظة كلماتهم في أبواب العقود والايقاعات أن إهمال ذكر التنجيز في بعض تلك الابواب مبني على ما ذكروه في باب آخر من عموم شرطية

 

===============

 

( 429 )

 

[ حاصل إذا لم يعلم بحصوله (1). نعم لو علق التصرف على أمر صح (2) وإن كان متوقع الحصول. ولا دليل لهم على ذلك (3) إلا دعوى الاجماع على أن أثر العقد لابد أن يكون حاصلا من حين صدوره (4). ] التنجيز للعقود والايقاعات. (1) كما يفهم من تعليل جامع المقاصد ومن صريح عبارة المسالك. (2) بمقتضى عموم الصحة بعد أن لم يكن فيه تعليق لنفس المضاربة وفي الشرائع في باب الوكالة: " لو نجز الوكالة وشرط تأخير التصرف جاز ". وفي المسالك عن التذكرة: نفي الخلاف فيه، ثم قال في المسالك: " وهذا وإن كان في معنى التعليق، إلا أن العقود لما كانت متلقاة من الشارع نيطت بهذه الضوابط، وبطلت فيما خرج عنها وان أفاد فائدتها ". ويشكل: بأن معنى تعليق الوكالة غير معنى تعليق التصرف مع تنجز الوكالة واشتراكهما في بعض الاحكام لا يوجب الاشتراك في المعنى. ولعل مراد المسالك ما ذكرنا. (3) يعني: اشتراط التنجيز. (4) دعوى الاجماع المتقدمة في عبارتي المسالك وشرح الارشاد إنما هي على اعتبار التنجيز ومانعية التعليق، وكذلك عبارات غيرهما، مثل ما ذكره في التذكرة " لا يصح عقد الوكالة معلقا بشرط أو وصف، فان علقت عليهما بطلت، مثل أن يقول: إن قدم زيد أو إذا جاء رأس الشهر فقد وكلتك، عند علمائنا "، وفي جامع المقاصد: " يجب أن تكون الوكالة منجزة عند جميع علمائنا ". وأما الاجماع على أن أثر العقد يجب أن يكون حاصلا من حين صدوره فلم يدعه أحد في المقام ولا في غيره، وإنما ذكر في كلام بعضهم تعليلا للحكم باشتراط التنجيز كما ذكر غيره من

 

===============

 

( 430 )

 

[ وهو إن صح (1) أنما يتم في التعليق على المتوقع، حيث أن الاثر متأخر، وأما التعليق على ما هو حاصل (2) فلا يستلزم التأخير، بل في المتوقع أيضا إذا أخذ على نحو الكشف (3) بأن يكون المعلق عليه وجوده الاستقبالي - لا يكون الاثر متأخرا (4). نعم لو قام الاجماع على اعتبار العلم بتحقق الاثر حين العقد تم في صورة الجهل (5). لكنه غير معلوم (6). ] الوجوه. مع أنه لو كان المستند في الحكم هو الاجماع على أن أثر العقد يجب أن يكون حاصلا من حين العقد فهذا الاجماع لا يقتضي اشتراط التنجيز ومانعية التعليق، لان أثر العقد مع التعليق أثر تعليقي وهو حاصل حال العقد. (1) لاإشكال أنه صحيح، لامتناع التفكيك بين العلة والمعلول والاثر والمؤثر. لكن عرفت أنه لا يثبت الدعوى. (2) يعني: إذا لم يعلم بحصوله كما تقدم. (3) يعني: بنحو الشرط المتأخر. (4) لكنه خارج عن محل كلامهم في مانعية التعليق على المتأخر، إذ المراد منه ما يكون متأخرا عن العقد ولوحظ بنحو الشرط المقارن للمعنى الانشائي، فلا يشمل ما ذكر. هذا إذا كان الشرط معلوم الحصول، كما إذا قال: بعتك إذا كان يجئ رأس الشهر، فان العقد فيه صحيح، وإذا كان مجهول الحصول فهو عين الاشكال السابق، لانه من التعليق على ما هو حاصل مجهول. (5) يعني: في صورة التعليق على الشرط المقارن في صورة الجهل. (6) وإن أدعي ذلك فيما تقدم عن جامع المقاصد من اعتبار الجزم، وقبله العلامة في التذكرة، قال (ره) في كتاب البيع: " الشرط الخامس

 

===============

 

( 431 )

 

من شرائط العقد الجزم، فلو علق العقد على شرط لم يصح وان كان الشرط المشيئة، للجهل بثبوتها حال العقد وبقائها مدته ". وتبعه على ذلك الشهيد في قواعده، قال (ره): " لان الانتقال بحكم الرضا، ولارضا إلا مع الجزم، والجزم ينافي التعليق ". وهذا أحد الوجوه المذكورة تعليلا لاشتراط التنجيز في العقود، ودليله غير ظاهر، بل مقتضى عمومات الصحة عدم الشرطية، وما ذكره الشهيد في قواعده من أنه لارضا إلا مع الجزم ممنوع، لان الرضا على تقدير مجهول حاصل جزما، فمع العلم بذلك التقدير يحصل العلم بالرضا ويترتب الاثر وهو الانتقال، ولا يتوقف الانتقال على الجزم حال العقد بالرضا، بل يكفي الجزم بعد ذلك بالرضا حال العقد. وهناك وجه ثالث لشرطية التنجيز اشار إليه في التذكرة في عبارته المتقدمة التي ذكرها في كتاب المضاربة من أن الاصل عصمة مال الغير. وسبقه إلى ذلك في المبسوط والخلاف، قال فيهما في مبحث الوكالة: " من أنه لا دليل على الجواز والصحة إذا لم تكن منجزة ". وفيه: أن إطلاق أدلة الصحة شامل للمعلق كالمنجز، وبه يخرج عن الاصل. والذي يتحصل أمور (الاول): أن المذكور في كلام الاصحاب (رض) دعوى الاجماع على اعتبار التنجيز لاعلى شئ آخر. (الثاني): أن المفهوم من كلماتهم في المواضع المختلفة الاستدلال على ذلك تارة: بأنه لابد من ترتب أثر العقد حين وقوعه، كما يقتضيه دليل السببية، والتعليق ينافي ذلك. وأخرى: بأنه يعتبر في ترتب الاثر على العقد الرضا، ولا يحصل الجزم بذلك إلا مع التنجيز. وثالثة: بأنه لادليل على صحة الانشاء المعلق، والاصل يقتضي عدم ترتب الاثر عليه. وقد عرفت الاشكال على هذه الوجوه. (الثالث): أن هذه الوجوه مختلفة المفاد من حيث المطابقة للدعوى والمخالفة لها، فالوجه الاول لا يقتضي المنع من التعليق على أمر حالي، مثل:

 

===============

 

( 432 )

 

إن كان هذا اليوم الجمعة فقد بعتك، ويختص بالمنع من التعليق على الامر الاستقبالي، والثاني لا يقتضي المنع من التعليق على معلوم الحصول مثل: بعتك إذا جاء شهر رمضان، ويختص بالمنع من التعليق على مجهول الحصول حاليا كان إو استقباليا، والثالث يقتضي المنع من التعليق حتى على ما هو معلوم حال العقد مع تصريح غير واحد بصحة التعليق فيه كما تقدم في بعض العبارات (الرابع): أن الوجوه المذكورة بعد أن لم تكن خالية من الاشكال ولم تكن مطابقة للدعوى فليست هي المستند في الحكم، بل المستند الاجماع. هذا وقد يتوهم أن الوجه في اعتبار التنجيز هو عدم قابلية الانشاء للتعليق. وفيه: أن التعليق في العقود والايقاعات ثابت في الشريعة، مثل الوصية التمليكية والعهدية والتدبير والنذر والعهد واليمين إجماعا، بل ضرورة عند أهل العلم. مع أنه راجع إلى تعليق المنشأ، لا تعليق نفس الانشاء، فقول القائل: بعتك إذا جاء رأس الشهر، يراد به تعليق البيع على مجئ رأس الشهر، لا تعليق إنشاء البيع عليه، وكذلك في الخبر، فإذا قلت: إذا كانت الشمس طالعة فالنهار موجود كان المراد تعليق وجود النهار على طلوع الشمس، لا تعليق الاخبار بوجود النهار على طلوع الشمس، فالجزاء المعلق على الشرط في الجملة الشرطية يراد به تعليق مضمونه - أعني: المخبر به إن كان الجزاء خبرا، أو المنشأ إن كان الجزاء إنشاء - لا تعليق نفس الخبر أو الانشاء، وإذا أريد به تعليق الخبر كان اللازم أن يقول: إن كانت الشمس طالعة أخبرتك بأن النهار موجود، وكذا إذا أراد تعليق الانشاء، فانه لابد حينئذ أن يقول: ذا جاء رأس الشهر أنشأت بيعك، فإذا قال في الجزاء: " بعتك " كان المعلق نفس البيع المنشأ، لا إنشاؤه إذ انشاؤه مصداق للانشاء، والمصداق لا يقبل التقييد والاطلاق، وانما الذي يقبلهما هو المفهوم. وكذلك الكلام في الخبر فان المصداق منه

 

===============

 

( 433 )

 

لا يقبل التقييد والاطلاق، وانما الذي يقبلهما المفهوم. هذا مضافا إلى أن مصداقي الخبر والانشاء لم يلحظا لحاظ المعنى الاسمي، فلا يقبلان أن يكونا موضوعا لاضافة التعليق، وانما الملحوظ لحاظ المعنى الاسمي هو نفس المخبر به والمنشأ فيهما اللذان يقبلان إضافة التعليق. ومن ذلك يظهر الاشكال فيما ذكره بعض الاعيان من أن المعلق في الجمل الشرطية هو الاخبار بالجزاء أو انشاء الجزاء. لانفس المخبر به أو المعنى المنشأ، مستدلا على ذلك بأنه يلزم الكذب في قوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) (* 1) لان الاخبار بالفساد إذا كان مطلقا غير مقيد بحال كان بلا مطابق في الخارج، فيكون كذبا - نعوذ بالله تعالى - فلابد أن يكون الشرط قيدا للاخبار، لا للمخبر به، وكذلك الكلام في الانشاء لانهما من باب واحد. وفيه: أن قيود المخبر به ليست على نسق واحد فالقيود التحقيقية يكون الاخبار عن المقيد بها اخبارا عنه وعنها، فتقول: جاء زيد راكبا فرسا، فالاخبار فيه كما يكون عن مجئ زيد يكون عن ركوبه الفرس، أما القيود التعليقية فالاخبار عن المقيد بها لا يكون إخبارا عنها، فإذا قلت: إذا ركب زيد الفرس جاء، لا يكون إخبارا عن مجيئه وعن ركوب الفرس، وإنما يكون إخبارا عن مجيئه على تقدير ركوب الفرس، ويصدق مع عدم ركوبه للفرس وعدم مجيئه، ولذا قيل صدق الشرطية لا يتوقف على صدق طرفيها. فالاية الشريفة إخبار عن الفساد على تقدير تعدد الآلهة لاإخبار عن الفساد وتعدد الالهة كي يلزم الكذب - نعوذ بالله تعالى - فلاحظ وتأمل. ويحتمل أن يكون الوجه في بناء الاصحاب على ذلك بناؤهم على أن العقود الصحيحة خصوص المتعارفة، والتعليق خارج عن المتعارف فيها.

 

 

____________

(* 1) الانبياء: 22.

 

===============

 

( 434 )

 

[ ثم على فرض البطلان لامانع من جواز التصرف ونفوذه من جهة الاذن (1). لكن يستحق حينئذ أجرة المثل لعلمه، إلا ] لكن المبنى ضعيف. ثم إنه لم يعرف متأمل في الحكم المذكور أو راد له، سوى ماعن الكفاية من نسبة الحكم إلى المشهور، وفي الحدائق: في المقام الرجوع إلى أصالة عدم الشرطية وظاهره البناء على العدم. لكن الخروج عن الاجماع وعدم ظهور الخلاف - كما اعترف به في مجمع البرهان - كما ترى. (1) قال في القواعد في مبحث الوكالة: " وإذا فسد العقد لتعليقها على الشرط احتمل تسويغ التصرف بحكم الاذن "، وفي التذكرة: جعله الاقرب، لان الاذن حاصل مع الوكالة، وإذا فسدت الوكالة فلا موجب لارتفاع الاذن، لان التعليق لا يفسد الاذن، بخلاف الوكالة. ودعوى: أن الاذن حاصل في ضمن الوكالة ويمتنع بقاء الضمني مع زوال المتضمن له. مندفعة: بأن المتضمن للاذن الوكالة الباطلة الحاصلة من المالك، وهي باقية، وعدم صحتها شرعا لا يقتضى زوالها. وليس ذلك قولا بصحة الوكالة مع التعليق، لان بقاء الاذن راجع إلى التوكيل. ضرورة أن الوكالة من العقود والاذن من الايقاع، فلا يرجع أحدهما إلى الآخر، فلا مانع من بطلان العقد وصحة الايقاع. قال في التذكرة: " وهذا أحد وجهي الشافعية. والثاني: لا يصح لفساد العقد ولا اعتبار بالاذن الضمني في عقد فاسد. ألا ترى أنه لو باع بيعا فاسدا وسلم إليه المبيع لا يجوز للمشتري التصرف فيه وإن تضمن البيع والتسليم الاذن في التصرف والتسليط عليه. وليس بجيد، لان الاذن في تصرف المشتري باعتبار انتقال الثمن إليه والملك إلى المشتري، وشئ منهما ليس بحاصل، وإنما أذن له في التصرف لنفسه ليسلم له الثمن. وهنا إنما

 

===============

 

( 435 )

 

[ أن يكون الاذن مقيدا بالصحة (1)، فلا يجوز التصرف أيضا. الثالثة: قد مر اشتراط عدم الحجر بالفلس في المالك، وأما العامل فلا يشترط فيه ذلك (2)، لعدم منافاته لحق الغرماء نعم بعد حصول الربح منع من التصرف إلا بالاذن من الغرماء بناء على تعلق الحجر بالمال الجديد (3). الرابعة: تبطل المضاربة بعروض الموت - كما مر - أو الجنون أو الاغماء - كما مر في ساير العقود الجايزة - ] أذن له في التصرف عن الآذن لا لنفسه " وهو كما ذكر، فانه قياس مع الفارق. وعلى هذا البناء نقول باستحقاق العامل في الاجارة الباطلة أجرة المثل وإن كان عالما بالبطلان، إذ لو لم يكن مأذونا كان تصرفه في العين حراما، فلا يستحق عليه أجرا، وإنما جاء الاذن من الاجارة الباطلة، وهي غير منتفية، وليس آتيا من الاجارة الصحيحة كي ينتفي بانتفائها، وهكذا الكلام في جميع العقود الاذنية - كالعارية والوكالة والوديعة والاجارة على العمل وغيرها - إذا بطلت للتعليق جاز التصرف بعد حصول الشرط، لحصول الاذن من العقد المعلق، وبطلانه شرعا لا يوجب بطلان الاذن ولا انتفاءها. وقد أطال المقدس الاردبيلي في شرح عبارة التذكرة في المقام بما لا يخلو من نظر، وإن كان لا يخلو من فائدة. فليراجع. (1) ومع الشك يرجع إلى اطلاق العقد، الموجب لاطلاق الاذن. (2) الذي تقدم منه في أول كتاب المضاربة اشتراط عدم الحجر بالفلس في المالك والعمل معا، على ما هو ظاهر العبارة. وقد تقدم الاشكال عليه في ذلك. (3) لاتحاد المناط الموجب للحجر بالمال السابق على الحجر. لكن

 

===============

 

( 436 )

 

[ وظاهرهم عدم الفرق بين كون الجنون مطبقا أو أدواريا (1) وكذا في الاغماء بين قصر مدته وطولها، فان كان إجماعا وإلا فيمكن أن يقال بعدم البطلان في الادواري والاغماء القصير المدة، فغاية الامر عدم نفوذ التصرف حال حصولها، وأما بعد الافاقة فيجوز من دون حاجة إلى تجديد العقد، سواء ] المناط غير ظاهر، والمال الجديد - كالدين الجديد - لم يثبت أن له حكم المال القديم في الحجر عليه، فعموم السلطنة بحاله. (1) قال في الشرائع في مبحث الوكالة: " وتبطل الوكالة بالموت والجنون والاغماء من كل واحد منهما "، وفي المسالك في شرحه قال: " هذا موضع وفاق. ولانه من أحكام العقود الجائزة. ولا فرق عندنا بين طول زمان الاغماء وقصره، ولا بين الجنون المطبق والادوار ". وفي الجواهر: نحو ذلك، وفي التذكرة: " ولو جن الوكيل أو الموكل أو أغمي على أحدهما بطلت الوكالة، لخروجه حينئذ عن التكليف، وسقوط اعتبار تصرفه وعباراته في شئ البتة ". ولا يخفى أن الخروج عن التكليف لادخل له في صحة الوكالة ولا في بطلانها. وأما سقوط اعتبار التصرف فان كان في الوكيل فهو صحيح لكن لا يقتضي بطلان الوكالة وعدم صحة التصرف بعد الافاقة. وإن كان في الموكل فهو لا يقتضي بطلان الوكالة وعدم صحة تصرف الوكيل في حاله فضلا عما بعد الافاقة. فالبطلان لا تقتضيه القواعد العامة. ولذا حكى عن جامع الشرائع: عدم البطلان بالجنون. وكذا في الاغماء ساعة. لكن الفرق بين الساعة والاكثر غير ظاهر، كالفرق بين الجنون والاغماء في الاطلاق والتقييد بساعة.

 

===============

 

( 437 )

 

[ كانا في المالك أو العامل. وكذا تبطل بعروض السفه لاحدهما (1) أو الحجر للفلس في المالك أو العامل أيضا (2) إذا كان بعد حصول الربح (3)، إلا مع اجازة الغرماء. الخامسة: إذا ضارب المالك في مرض الموت صح وملك العامل الحصة (4) وإن كانت أزيد من أجرة المثل، على الاقوى من كون منجزات المريض من الاصل. بل وكذلك على القول بأنها من الثلث (5)، لانه ليس مفوتا لشئ على الوارث، إذ الربح أمر معدوم وليس مالا موجودا للمالك، وإنما حصل بسعي العامل (6). ] (1) قال في الشرائع: " وتبطل وكالة الوكيل بالحجر على الموكل فيما يمنع الحجر من التصرف "، ونحوه في القواعد، وحكى عن غيرهما أيضا. ويظهر منهم التسالم عليه. ولولاه لاشكل ذلك بأن الحجر على الموكل لسفه إنما يمنع تصرف الموكل، لاتصرف الوكيل إذا كان توكيله في حال الرشد. (2) لان أموال المفلس تكون تحت ولاية الحاكم، لا يجوز للمالك ولا لفروعه التصرف فيه إلا باذن الحاكم أو الغرماء. (3) إذ الربح من أموال العامل فيحجر عليه فهو الا باذن الغرماء. (4) لعموم الصحة. (5) كما صرح به في القواعد وغيرها، بل يظهر منهم أنه لا خلاف فيه، بل عن صريح مجمع البرهان أو ظاهره أنه لا خلاف فيه، معللين له بما ذكر. (6) لكنه نماء مال المالك، فتمليكه محاباة تضييع على الوارث،

 

===============

 

( 438 )

 

[ السادسة: إذا تبين كون رأس المال لغير المضارب سواء كان غاصبا أو جاهلا بكونه ليس له - فان تلف في يد العامل أو حصل خسران (1) فلمالكه الرجوع على كل منهما (2)، فان رجع على المضارب لم يرجع على العامل (3) وإن رجع على العامل رجع إذا كان جاهلا على المضارب وإن ] كما إذا آخر أملاكه باقل من أجرة المثل، إذ المنافع غير موجودة، وإنما يستوفيها الاجير في ظرف حصولها. وكذا لو ساقى الفلاح باكثر من الحصة المتعارفة أو زارع الفلاح باكثر من الحصة المتعارفة، فان ذلك كله إضرار عرفا بمال الوارث. ومنه يظهر ضعف ما في القواعد، قال رحمه الله: " ولو شرط المريض ما يزيد عن أجرة المثل لم يحسب الزائد من الثلث، إذ المقيد بالثلث التفويت، وليس حاصلا هنا، لانتفاء الربح حينئذ. وهل المساقاة كذلك؟ إشكال ينشأ من كون النخلة مثمرة بنفسها فهي كالحاصل "، ونحوه ما في غيرها، بل قيل: إنه لا خلاف فيه. اللهم إلا أن يدعى قصور الادلة عن شمول مثل ذلك. فلاحظ. (1) لا يمكن فرض الخسران الا في ظرف صحة المعاملة بالاقل، والصحة حينئذ لا تكون الا باجازة المالك، وحينئذ لاوجه لرجوع المالك على أحد فيه، لانه بفعله، ولو وقعت معاملتان في إحداهما ربح وفي الاخرى خسران فاجاز الاولى دون الثانية كان له الربح ولم يكن عليه خسران. (2) لعموم: " على اليد... " المقتضي للرجوع على كل منهما. والظاهر أنه لا خلاف فيه. (3) يعني: إذا رجع المالك على المضارب لم يرجع المضارب على العامل، ونحوه ما في التذكرة، معللا له بأنه أخذه من المضارب على وجه الامانة. انتهى. وكلامه هذا يخالف ما ذكره في كتاب الغصب من

 

===============

 

( 439 )

 

رجوع الاول إلى الثاني إذا كان عالما، قال رحمه الله: " ثم الثاني إن كان عالما بالغصب فهو كالغاصب من الغاصب، للمالك مطالبته بكل ما يطالب به الغاصب، فان تلف المغصوب في يده فاستقرار الضمان عليه فلو غرمه المالك لم يرجع إلى الغاصب الاول بشئ... (إلى أن قال) ولو غرم الاول رجع عليه "، وفي القواعد هنا: " فان طالب الاول رجع على الثاني مع علمه، لاستقرار التلف في يده، وكذا مع عدم علمه، على إشكال ينشأ من الغرور "، وهو يوافق كلامه في كتاب الغصب فانه ذكر ما ذكر في التذكرة، قال: " لكن الثاني إن علم بالغصب طولب بكل ما يطالب به الغاصب ويستقر الضمان عليه إذا تلف عنده، ولا يرجع إلى الاول لو رجع إليه، ويرجع الاول إليه لو رجع إلى الاول ". نعم ما ذكره في الجاهل من الاشكال من جهة الغرور مخالف ما ذكره في القواعد في كتاب الغصب، قال: " ولو جهل الثاني الغصب فان كان وضع يده يد ضمان - كالعارية المضمونة، والمقبوض بالسوم، والبيع الفاسد - فقرار الضمان على الثاني، والا فعلى الاول " فان مقتضى الثاني الجزم بعدم الرجوع ومقتضى الاول الميل إلى الرجوع، وفي جامع المقاصد هنا قال: " لو ظهر استحقاق مال المضاربة وقد تلف في يد العامل بغير تعد فقرار الضمان على الدافع، لانه دخل معه على أن التلف بغير تفريط يكون منه، لان ذلك حكم المضاربة، فيجب الوفاء به، ولاريب أن الجاهل بالغصب أولى بعدم استقرار الضمان من المقدم على العدوان ". وهذا منه يخالف كلامه في كتاب الغصب، فانه وافق القواعد من رجوع الاول إلى الثاني وعدم رجوع الثاني إلى الاول، لامتيازه عليه بوقوع التلف في يده ومثل ذلك في الاشكال دعوى مفتاح الكرامة نفي الخلاف من كل من تعرض له فيما ذكره مصنفه من رجوع المضارب

 

===============

 

( 440 )

 

على العامل إذا كان عالما مع ما عرفت من التذكرة من عدم الرجوع معللا بما ذكر. وكذا الاشكال في تعليلاتهم، فان تعليل التذكرة عدم رجوع المضارب على العامل: بأن العامل أخذه على وجه الامانة، غير ظاهر، فان ذلك حكم من أخذ المال من مالكه باذنه، لامن أخذ من غير المالك بغير إذن المالك عالما بذلك، ولذلك قلنا بجواز رجوع المالك عليه ومثله تعليل جامع المقاصد بقوله: " لانه دخل معه على أن التلف بغير تفريط يكون منه، لان ذلك حكم المضاربة فيجب الوفاء به ". إذ فيه: أن الشرط المذكور لم يكن في عقد لازم ولا جائز، وإنما كان في المضاربة الفاسدة لعدم إذن المالك، فكيف يجب الوفاء به؟ ". وكذلك ما ذكر في القواعد هنا من تعليل رجوع المضارب على العامل إذا كان عالما بقوله: " لاستقرار التلف في يده "، إذ لا يظهر الوجه في اقتضاء ذلك للرجوع عليه، إذ الضمان لم يكن بالتلف، وإنما كان باليد، والجميع في ذلك سواء، فما وجه رجوع الاول إلى الثاني دون العكس في مسألة تعاقب الايدي العادية على العين؟! وقد ذكروا في دفع الاشكال وجوها، كلها موضع نظر، وقد تعرضنا لذلك في كتاب نهج الفقاهة في بعض مباحث الفضولي، وذكرنا فيه ما ذكره شيخنا الاعظم في مكاسبه وشيخ المشايخ في جواهره وغيرهما من وجوه دفع الاشكال. والاقرب في دفعه أن ذلك من الاحكام العرفية التي أمضاها الشارع لعدم الردع عنها. لكن ثبوت ذلك عرفا إذا لم يكن الثاني قد أخذ العين قهرا غير ظاهر. نعم لا يبعد ذلك في خصوص ما إذا كان الثاني قد أخذها قهرا. فلاحظ وتأمل.

 

===============

 

( 441 )

 

[ كان جاهلا أيضا، لانه مغرور من قبله (1). وإن حصل ربح كان للمالك إذا أجاز المعاملات الواقعة على ماله (2)، وللعامل أجرة المثل على الضارب (3) مع جهله (4). والظاهر عدم استحقاقه الاجرة عليه مع عدم حصول الربح، لانه أقدم على عدم شئ له مع عدم حصوله (5). كما أنه لا يرجع عليه إذا كان عالما بأنه ليس له (6)، لكونه متبرعا بعمله (7) حينئذ. ] (1) يشير بذلك إلى قاعدة: " المغرور يرجع على من غره " التي هي مضمون النبوي المشهور. نقلا، وعملا فقد اشتهر نقله في كتب الفقهاء رضي الله عنهم، وعملوا به في باب رجوع المشتري من الفضولي فيما اغترمه للمالك إذا كان المشتري جاهلا، وان ذكروا في وجه الحكم بالرجوع أمورا كثيرة كلها لا تخلو من إشكال، والعمدة هو النبوي المذكور. اللهم إلا أن يقال: لم يتضح اعتماد المشهور على الحديث بعد أن ذكروا تلك الامور، فمن الجائز أن يكون اعتمادهم في الحكم بالرجوع عليها لا عليه. وفيه: أن ذلك بعيد، إذ الامور المذكورة لم تذكر في كلام المشهور، وإنما ذكرت في كلام بعضهم، فلا تكون مستندا للمشهور. (2) والا لم تصح، فلا ربح. كما أن المالك إذا أجاز نفس المضاربة كان الربح بينه وبين العامل على حسب ما قرر في المضاربة. (3) لانه المستوفي لعمل العامل، فيكون عليه ضمانه. (4) قد تقدم في المسألة الثانية والاربعين الاشكال فيه. وسيأتي أيضا. (5) تقدم ذلك في أواخر المسألة الثامنة والاربعين. (6) كذا في القواعد والتذكرة وغيرهما. (7) هذا غير ظاهر، فانه لم يقصد التبرع، وانما قصد الربح ولو تشريعا، فيكون المضارب قد استوفى عمله، فعليه ضمانه، الا إذا كان

 

 

____________

(* 1) تقدم التعرض له في الجزء العاشر صفحة: 144 من هذه الطبيعة.

 

===============

 

( 442 )

 

[ السابعة: يجوز اشتراط المضاربة في ضمن عقد لازم، فيجب على المشروط عليه إيقاع عقدها (1) مع الشارط (2) ولكن لكل منهما فسخه بعده. والظاهر أنه يجوز اشتراط عمل المضاربة على العامل، بأن يشترط عليه أن يتجر بمقدار كذا من ماله إلى زمان كذا على أن يكون الربح بينهما، نظير شرط كونه وكيلا في كذا (3) في عقد لازم، وحينئذ لا يجوز للمشروط عليه فسخها، كما في الوكالة. ] العمل محرما. لكن العمل في المقام هو البيع والشراء، وهما تصرفان اعتباريان لاخارجيان، فلا يكونان محرمين، فيكونان مضمونين، كما في صورة الجهل بعينها. (1) لان الشرط المذكور أخذ بنحو شرط الفعل، وهو إيقاع المضاربة فيجب على المشروط عليه إيقاعها، عملا بالشرط. (2) هذا إذا كان الشرط المضاربة مع الشارط، فإذا كان الشرط المضاربة مع غيره فلابد من إيقاعها معه. (3) الذي هو نظير شرط الوكالة هو شرط المضاربة لا شرط عمل المضاربة، فان شرط الوكالة من قبيل شرط النتيجة، وشرط العمل من قبيل شرط الفعل، وهما متغايران. والثاني لاإشكال في صحته إذا لم يخالف الكتاب والسنة. والاول في صحته إشكال من وجوه (الاول): أن الشرط في ضمن العقد مملوك للمشروط له على المشروط عليه، ولهذا صح للمشروط له المطالبة بالشرط. وهذا لا يتأتى في النتائج، من جهة أنها لاتقبل إضافة المملوكية (والثاني): أن مفاد الشرط حينئذ ملك المشروط له الوكالة مثلا، وملك الوكالة لا يقتضي وقوع الوكالة الذي هو مقصود المشترط، فيكون خلفا. (الثالث): أن بعض النتائج لاتقبل

 

===============

 

( 443 )

 

الانشاء التبعي، فلا يصح أن يبيعه فرسا بدينار بشرط أن تكون بنته زوجة له، لان الزوجية لا تقبل الانشاء التبعي. وكذا لو باعه بشرط أن تكون زوجته مطلقة، لان الطلاق لا يقبل الانشاء التبعي. وهكذا فصحة شرط المضاربة يتوقف على كونها مما تقبل الانشاء التبعي، وهو غير واضح. ويدفع الاشكالين الاولين: أن ملك المشروط له للشرط يختص بشرط الفعل، ولا يكون في شرط النتيجة. نعم لابد في شرط النتيجة من كون المشروط محبوبا للمشروط له وان لم يكن مملوكا له، فشرط النتيجة مجرد إنشاء في ضمن إنشاء على أن يكون قيدا له من دون قصد تمليكه للمشروط له. نعم يبقى الاشكال الثالث، وتوضيحه: أن شرط النتيجة في ضمن العقد راجع إلى تقييد المنشأ بالنتيجة، فإذا قلت: بعتك الدار على أن يكون ثمنها بيدك مضاربة، فقد قيدت البيع المنشأ بقيد، وهو المضاربة بثمنه، وبهذا التقييد كنت قد أنشأت المضاربة، لكونها مأخوذة قيدا للمنشأ، لان إنشاء المقيد إنشاء لقيده، فهذا النحو من الانشاء ربما يترتب عليه الاثر، فيحصل المنشأ، كما في شرط الوكالة في ضمن البيع، فيما لو قال: بعتك داري على أن اكون وكيلا على إجارتها، ومثل شرط الملكية مثل: بعتك داري بالف دينار بشرط أن يكون لي عليك من من السكر أو مثل جميع شرائط الفعل، لما عرفت من رجوع الشرط فيها إلى شرط ملكية الفعل للمشروط له، وربما لا يترتب عليه الاثر، مثل شرط التزويج والطلاق، والمايز بين القسمين المرتكزات العرفية، ومع الشك يبنى على عدم ترتب الاثر، للشك في القابلية، وإطلاقات الصحة لا تثبت القابلية. ولا يبعد في المرتكزات العرفية أن تكون المضاربة من النتائج التي

 

===============

 

( 444 )

 

يصح إنشاؤها بجعلها قيدا للمنشأ، ومثلها جميع العقود الاذنية، كالعارية والوديعة والوكالة، وكذلك الرهن، فإذا قال: بعتك داري بثمن إلى شهر بشرط أن تكون رهنا على ثمنها، صح البيع وصح الرهن، وليس كذلك البيع والاجارة والوقف والنكاح والطلاق. وقد عرفت أنه مع الشك في المرتكزات العرفية يرجع إلى أصالة عدم ترتب الاثر. والذي يتحصل مما ذكرنا أمور (الاول): أن شرط الفعل مفاده تمليك المشروط له على المشروط عليه الفعل. (الثاني): أن هذا لا يمكن في شرط النتيجة، للاشكالين السابقين. (الثالث): أن شرط النتيجة إنشاء للنتيجة كسائر الانشاءات للعناوين الانشائية، ويختلف عنها بأنه إنشاء تبعي، بخلاف سائر الانشاءات فانه أصلي. (الرابع): أن النتائج في مرتكزات العرف على ثلاثة أقسام، منها ما يقبل الانشاء التبعي، ومنها مالا يقبله، ومنها ما هو مشكوك. والاول يصح أخذه شرطا ويترتب عليه الاثر، والاخيران لا يصح ذلك فيهما. ثم إنه لاإشكال في أنه يجوز الجمع بين عنوانين بعقد واحد، فيقول بعتك هذه الجارية وزوجتك أختها بالف دينار، فإذا قال المخاطب: قبلت صح البيع والنكاح، وليس أحدهما شرطا في الآخر، لان الشرط يجب أن يكون قيدا للمشروط به كما عرفت، وهنا لم يؤخذ أحدهما قيدا للاخر ولا مقيدا به، بل الامران مفترنان في عرض واحد بلا تقييد ولا تقيد. ولذلك لا خلاف بينهم في صحة الجمع من شبهة أو إشكال، وقد تقدم في مبحث ضمان العين المستأجرة ماله نفع في المقام، فليراجع. هذا ولا يبعد أن يكون غرض المصنف من قوله: " عمل المضاربة " نفس المضاربة بقرينة تنظير ذلك بشرط الوكالة وبقرينة قوله بعد ذلك: " فلا يجوز له فسخها ". وإنما لم يجز فسخها لان التوقيت إلى زمان معين

 

===============

 

( 445 )

 

[ الثامنة: يجوز إيقاع المضاربة بعنوان الجعالة (1)، كأن يقول: إذا اتجرت بهذا المال وحصل ربح فلك نصفه، فيكون جعالة تفيد فائدة المضاربة. ولا يلزم أن يكون جامعا لشروط الضاربة (2)، فيجوز مع كون رأس المال من غير النقدين أو دينا أو مجهولا جهالة لا توجب الغرر (3). وكذا في المضاربة المشروطة في ضمن عقد بنحو شرط النتيجة (4)، فيجوز مع كون رأس المال من غير النقدين. ] يقتضي اشتراط عدم فسخها مضافا إلى اشتراط وجودها، وحينئذ يكون فسخها قبل الغاية مخالفة للشرط، فلا يكون تحت قدرة المشروط عليه. (1) قد تقدم في المسألة الثامنة والاربعين الفرق بين الجعالة والمضاربة وأن الاولى من الايقاعات والثانية من العقود. ثم إنه قد أشرنا في بعض المباحث السابقة إلى أن المضاربة مخالفة لقاعدة كون الربح لصاحب الاصل التي هي مقتضى المعاملة، ولكن بني عليها للدليل الخاص. وهذا الدليل لم يكن في الجعالة، وعليه فلا تصح في المقام، لمخالفتها لقاعدة لزوم رجوع الربح إلى المالك. فلاحظ ما ذكرناه في الشرط الاول من شروط المضاربة وغيره. نعم إذا قال له: اتجر بهذا المال فإذا ربحت أعطيتك حصة من الربح، صح جعالة، لعدم مخالفة القاعدة في ذلك. (2) لانه ليس مضاربة. نعم يلزم أن يكون بشروط الجعالة، مثل أن يكون له جعل على العمل على كل حال، ولا يعتبر ذلك في المضاربة، فلو قال: من رد عبدي فله نصف ما في جيبه من المال إن كان، لم يصح جعالة. (3) قد تقدم الاشكال في اعتبار عدم الغرر. فراجع. (4) هذا غير ظاهر، إذ المضاربة مفهوم واحد، ولافرق بين

 

===============

 

( 446 )

 

[ التاسعة: يجوز للاب والجد الاتجار بمال المولى عليه بنحو المضاربة بايقاع عقدها (1). بل مع عدمه أيضا (2)، بأن يكون بمجرد الاذن منهما (3). وكذا يجوز لهما المضاربة بماله مع الغير (4) على أن يكون الربح مشتركا بينه وبين العامل. وكذا يجوز ذلك للوصي في مال الصغير مع ملاحظة الغبطة والمصلحة والامن من هلاك المال (5). العاشرة: يجوز للاب والجد الايصاء بالمضاربة بمال المولى عليه بايقاع الوصي عقدها (6) لنفسه أو لغيره مع تعيين ] جعله بالاصالة وبالتبعية، وكل ما يعتبر في الاول يعتبر في الثاني، فلو شرط في حال فقد الشرائط كان الشرط مخالفا للكتاب، فيكون باطلا. (1) يعني: مع نفسه بحسب الولاية عليه. لكن في القواعد في كتاب الحجر: الاشكال في صحة ايقاع العقد مع نفسه، وعن التحرير: المنع عنه. وهو - كما ترى - غير ظاهر، إلا بدعوى اعتبار تعدد الموجب والقابل في صحة العقد. وهو ممنوع. أو نقول بعدم الحاجة إلى القبول فيترتب الاثر بمجرد الايقاع، كما أشرنا إلى ذلك في مباحث نكاح العبيد. (2) يعني: مع عدم العقد، وحينئذ لا يكون مضاربة. (3) الاذن في الفرض ضرورية مع الالتفات منهما. (4) وكذا بمجرد الاذن بدون عقد المضاربة، نظير ما سبق، إذ لا فرق بينهما. (5) لقوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) (* 1). (6) يعني: تكون الوصية بايقاع الوصي عقدها.

 

 

____________

(* 1) الانعام: 152.

 

===============

 

( 447 )

 

[ الحصة من الربح، أو إيكاله إليه. وكذا يجوز لهما الايصاء بالمضاربة (1) في حصة القصير من تركتهما بأحد الوجهين. كما أنه يجوز ذلك لكا منهما بالنسبة إلى الثلث المعزول لنفسه (2) بأن يتجر الوصي به أو يدفعه إلى غيره مضاربة ويصرف حصة الميت في المصارف المعينة للثلث. بل وكذا يجوز الايصاء منهما بالنسبة إلى حصة الكبار أيضا (3). ] (1) الفرق بين هذا وما قبله: أن ما قبله كان بالنظر إلى مال المولى عليه المملوك حال الوصية، وهذا بالنظر إلى الحصة التي يملكها بعد موت الموصي. وفي بعض الحواشي الاشكال فيه. ولعله لعدم ولايتهما على المال المذكور حال الوصية لعدم الملك. ويشكل: بأنه لا يعتبر في ولاية الولي وجود المال فعلا، بل يكفي وجوده بعد ذلك ولو بهبة أو كونه نماء ملك موجود أو متجدد. اللهم الا أن يقال: إنه لاإطلاق في دليل ولاية الاب يشمل المال الذي يملكه بفقده إلا أن يستفاد ذلك من الخبر الآتي. (2) لاطلاق أدلة نفوذ الوصية. (3) قال في الشرايع: " ولو أوصى إلى إنسان بالمضاربة بتركته أو بعضها على أن الربح بينه وبين ورثته نصفان صح. وربما اشترط كونه قدر الثلث أو أقل. والاول مروي " وفي المسالك: " المصنف وأكثر الجماعة أطلقوا الصحة في الورثة الشامل للمكلفين، ويشمل اطلاقهم واطلاق الروايتين ما إذا كان الربح بقدر أجرة المثل، وما إذا كان زائدا عليها بقدر الثلث واكثر "، وعن الكفاية: أن المشهور لم يعتبروا كون الاولاد صغارا، ونحو ذلك كلام غيرهما. وظاهر الشرايع: أن المستند فيه الرواية والرواية ستأتي، (* 1) وهي مختصة بالصغار، ولا تشمل الكبار. وظاهر

 

 

____________

(* 1) في صفحة: 452.

 

===============

 

( 448 )

 

المصنف وغيره: أن المستند فيه عموم أدلة نفوذ الوصية، إذ الخارج منه ماكان مفوتا للمال على الورثة، وليس منه المقام، كما سيبينه. لكن تقدم ما في الشرايع ما يشير إلى القول بالمنع من الوصية بذلك في مال الصغار والكبار، وتختص الصحة بما كان قدر الثلث، ونسبه في المسالك إلى ابن ادريس. لكن عبارته ظاهرة في المنع من الوصية بالمضاربة مطلقا حتى في قدر الثلث، لان الوصية لا تنفذ إلا في ثلث ماكان يملكه الميت قبل موته، والربح متجدد بعد موته، فكيف تنفذ وصيته وقوله فيه؟! انتهى. وما هو ظاهر عبارته واضح الاشكال، لعموم نفوذ الوصية حتى في نماء المال المتجدد ولو كان من قبيل الربح. مع أن التصرف من الموصي إنما هو في نفس التركة التي هي له، لافي مال لا يملكه، فان الاتجار بها هو مورد الوصية، والنماء لا يعتبر أن يكون مملوكا لاحال المضاربة ولا الوصية بايقاع عندها. فالعمدة في وجه الاشكال في صحة الوصية بالنسبة إلى حصة الكبار: أنه خلاف قاعدة السلطنة في حقهم، قال في القواعد: " ولو أوصى لكل وارث بقدر نصيبه فهو لغو. ولو خصص كل واحد بعين هي قدر نصيبه فالاقرب الافتقار إلى الاجازة، لظهور الغرض في أعيان الاموال. وكذا لو أوصى أن يباع عين ماله من إنسان بنقد بثمن المثل ". وظاهره المنع من صحة التصرف في التركة وإن لم يكن موجبا لنقص القيمة إلا أذا أجاز الوارث، وقال بعد ذلك بقليل: " ولو أوصى ببيع تركته بثمن المثل ففي اشتراط الاجازة اشكال "، وكأنه عدل عن الجزم بالمنع إلى الاشكال فيه. وفي جامع المقاصد: " لاريب في أن الاقوى الصحة " وحكي ذلك عن التذكرة. وهو كما ذكر، فان عموم مادل على نفوذ الوصية شامل لكن تصرف من الموصي، والخارج عنه

 

===============

 

( 449 )

 

[ ولا يضر كونه ضررا عليهم من حيث تعطيل مالهم إلى مدة (1) لانه منجبر بكون الاختيار لهم في فسخ المضاربة وإجازتها (2). ] ماكان زائدا على الثلث. والظاهر منه الزائد من حيث القيمة، وليس منه تخصيص كل واحد من الورثة بعين هي قدر نصيبه، ومثله الوصية ببيع التركة بثمن المثل على واحد من ورثته أو من غيرهم. وتعيين ثلثه في عين من أعيان التركه... إلى غير ذلك مما لا يعد حيفا على الوارث وضررا عليه. والذي تحصل أمران (الاول): أن الاحتمالات في المسألة ثلاثة: جواز الوصية بالمضاربة كما هو المشهور، والجواز في الثلث فقط كما أشار إليه في الشرائع، والمنع مطلقا كما هو ظاهر عبارة السرائر. (الثاني): أن وجه الاول القواعد العامة، لا الرواية - كما قد يظهر من المحقق - ووجه الثاني قاعدة السلطنة، ووجه الثالث ما ذكر في السرائر. وقد عرفت ضعف الاخير، وعموم صحة الوصية مقدم على قاعدة السلطنة. (1) هذا التعطيل ربما لا يكون ضررا بل مصلحة للوارث، كما إذا كان لا يتمكن من الاتجار بماله بنفسه ولا يعرف القادر على التجارة وكانت المدة قليلة، وربما تكون ضررا عرفا، كما إذا كانت المدة طويلة وكان عارفا بالتجارة، أو عارفا بالعمال الذين يتجرون، فان حبس المال عنهم حيف وجور عليهم. (2) إذا كانت الوصية إضرارا بالورثة فهي باطلة بلا حاجة إلى الفسخ، لاأنها صحيحة ويكون للوارث الفسخ. وان شئت قلت: الوصية بالمضاربة (تارة): تكون بمجرد إيقاع العقد على أحد الوجهين، فهذا لاضرر فيه على الوارث (وأخرى): تكون بايقاع العقد المشفوع بالعمل فهذه (تارة): تكون بلا إضرار، لقصر المدة مثلا (وأخرى): تكون ذات إضرار، لطول المدة مثلا. والاولتان صحيحتان، والاخيرة

 

===============

 

( 450 )

 

[ كما أن الحال كذلك بالنسبة إلى ما بعد البلوغ في القصير (1)، فان له أن يفسخ أو يجيز. وكذا يجوز لهما الايصاء بالاتجار بمال القصير على نحو المضاربة، بأن يكون هو الموصى به (2) لا إيقاع عقد المضاربة، لكن إلى زمان البلوغ أو أقل. وأما إذا جعل المدة أزيد فيحتاج إلى الاجازة بالنسبة إلى الزائد (3) ] صحيحة إلى أن يحصل الضرر فتبطل، ولادخل للفسخ وعدمه في الصحة والبطلان، إذ الفسخ في الاولى غير مناف للوصية، وفي الثانية مناف لها فلا يجوز لصحتها، وفي الثالثة يجوز لبطلانها، لا أنه جابر لضررها. لكن الظاهر من الوصية بالمضاربة إحدى الصورتين الاخيرتين، أعني إيقاع العقد مع العمل طالت المدة أو قصرت، لا مجرد إيقاع العقد، وحينئذ فهي صحيحة إذا لم تكن مضرة، ولايجوز الفسخ للوارث، وباطلة إذا كانت مضرة ويجوز له الفسخ. وإذا فرض أنها غير مضرة في أوائل المدة ومضرة في أواخرها صحت في الاوائل ولايجوز الفسخ، وبطلت في الاواخر وجاز الفسخ. (1) الكلام فيه كما هو الكلام في الكبير، فان لم تكن الوصية بالمضاربة في حصته مضرة فهي صحيحة، وإن كانت مضرة فهي باطلة، وإذا كانت في أوائل المدة غير مضرة فهي صحيحة ولايجوز فسخها حتى بعد البلوغ، وإن كانت في أواخرها مضرة بطلت حتى قبل البلوغ، لاأنها تكون صحيحة ويكون الخيار في الفسخ جابرا لضررها. (2) يعني: تكون الوصية إنشاء للمضاربة بعد الموت نظير الوصية التمليكية التي هي إنشاء للتمليك بعد الموت. (3) إن صح هذا الانشاء فلا فرق بين ما يكون بعد البلوغ وما يكون قبله فان كانت الوصية مضرة بمال القصير فهي باطلة وإن كانت بالاضافة

 

===============

 

( 451 )

 

[ ودعوى: عدم صحة هذا النحو من الايصاء، لان الصغير لا مال له حينه (1) وإنما ينتقل إليه بعد الموت، ولا دليل على صحة الوصية العقدية في غير التمليك، فلا يصح أن يكون إيجاب المضاربة على نحو إيجاب التمليك بعد الموت. مدفوعة بالمنع (2). ] إلى ما قبل البلوغ، وإن كانت غير مضرة فهي صحيحة حتى فيما بعد البلوغ، ولا تحتاج إلى الاجازة، لما عرفت من عموم نفوذ الوصية إذا لم تكن مضرة لما بعد البلوغ وما قبله. كما لافرق في العموم بين الوصية بايقاع العقد والوصية بنفس المضاربة. (1) هذا لادخل له في الاشكال، فانه يتوجه وإن كان للصبي مال في حياة والده، إذ وجه الاشكال بطلان تعليق المنشأ على الموت في غير الوصية التمليكية والعهدية، فلا يصح للمالك أن يوصي بالوقف، فيقول: هذا وقف بعد مماتي، أو يوصي بالبيع بأن يقول: بعتك هذا بعد مماتي أو يوصي بالابراء، فيقول: أنت برئ عمالي عليك بعد وفاتي... وهكذا لان التعليق في المنشأ باطل وان كان المعلق عليه الموت، الافي الموردين المذكورين، فلا تصح الوصية بالمضاربة بمال اليتيم معلقا على الموت وإن كان المال ملكا له في حياة الموصي. نعم كون اليتيم لامال له الابعد وفاة الموصي يكون منشأ للاشكال في الوصية بالمضاربة بنحو النتيجة زائدا على الاشكال المتقدم، لما تقدم في أول المضاربة من اعتبار وجود المال وكونه خارجيا، فلا تصح المضاربة على مال سيملكه، كما لا تصح على مال هو دين في ذمة غيره. فيكون في إنشاء المضاربة في المقام إشكالان: اشكال التعليق على الموت، وإشكال عدم المال الخارجي، لااشكال واحد معلل بالآخر، كما يظهر من العبارة. (2) قد عرفت أنه لا مجال للمنع، بل لو فرض التوقف في مانعية

 

===============

 

( 452 )

 

[ مع أنه الظاهر من خبر خالد بن بكر الطويل في قضية ابن أبى ليلى (1) وموثق محمد بن مسلم (2) المذكورين في باب الوصية. وأما بالنسبة إلى الكبار من الورثة فلا يجوز بهذا النحو ] التعليق في العقود فلا توقف في مانعية التعليق على الموت فيها، وقد حصر الاصحاب الوصية الصحيحة في التمليكية والعهدية. لاغير. وكذلك اعتبار وجود المال حال المضاربة، فانه لا مجال لمنعه فكل من الاشكالين لا مجال لمنعه. (1) رواه المشايخ الثلاثة - رضي الله عنهم - عن محمد بن أبي عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن خالد بن بكير الطويل قال: " دعاني أبي حين حضرته الوفاة فقال: يا بني اقبض مال إخوتك الصغار واعمل به، وخذ نصف الربح، وأعطهم النصف، وليس عليك ضمان. فقدمتني أم ولد أبي بعد وفاة أبي إلى ابن أبي ليلى. فقالت: إن هذا يأكل أموال ولدي، قال: فاقتصصت عليه ما أمرني به أبي، فقال لي ابن أبي ليلى: إن كان أبوك أمرك بالباطل لم أجزه. ثم اشهد علي ابن أبي ليلى: إن أنا حركته فانا له ضامن. فدخلت على أبي عبد الله (ع) فقصصت عليه قصتي ثم قلت له: ما ترى؟! فقال: أما قول ابن أبي ليلى فلا أستطيع رده، وأما فيما بينك وبين الله عزوجل فليس عليك ضمان " (* 1). (2) رواه المشايخ الثلاثة رضي الله عنهم - عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع): " أنه سئل عن رجل أوصى إلى رجل بولده وبمال لهم، وأذن له عند الوصية أن يعمل بالمال وأن يكون الربح بينه وبينهم. فقال: لا بأس به من أجل أن أباه قد أذن له في ذلك وهو حي ". وسماه - كغيره - موثقا، لوجود ابن فضال في سنده.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 92 من ابواب كتاب الوصايا حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 92 من كتاب الوصايا حديث: 1.

 

===============

 

( 453 )

 

[ لوجوب العمل بالوصية - وهو الاتجار - فيكون ضررا عليهم (1) من حيث تعطيل حقهم من الارث وإن كان لهم حصتهم من ] هذا ولا يبعد وحدة الواقعة المحكبة بالخبرين، ولا يظهر منهما أنه من المضاربة، ولا من الانشاء للمضاربة حال الحياة، بل ما تحت العبارة هو الامر بالعمل والاذن به على أن للعامل نصف الربح، ومن الجائز أن تكون معاملة خاصة بينه وبين وصيه في حال الحياة وإن كان موضوعها بعد الوفاة، تشبه المضاربة من جهة والجعالة من جهة أخرى. أو هي وصية عهدية بالولاية على مال الصغير - كما في الرواية الاولى - أو عليه وعلى ماله - كما في الثانية - ولادخل لهما فيما نحن فيه. (1) لم يتضح الفرق بين هذه المسألة وما تقدم، فقد ذكر هناك أن الضرر منجبر بكون الاختيار لهم في الفسخ، فلم لا يكون الضرر المذكور هنا أيضا منجبر بكون الاختيار لهم في الفسخ؟! وقد عرفت فيما سبق أن الضرر الحاصل من الوصية موجب لبطلانها، ولا ينجبر بالاختيار في الفسخ والاجازة، فهي تصح مع عدم الضرر للعموم، وتبطل معه لقوله تعالى: (فمن خاف من موص جنفا أو إثما فاصلح بينهم فلا إثم عليه) (* 1). فان قلت: لا مجال لفسخ الوارث هنا، لان الفسخ إنما يشرع للعامل والمالك، والوارث هنا ليس واحدا منهما، لان المضاربة كانت بين الموصي والعامل، وقد مات الاول فليس للوارث الفسخ حتى ينجبر الضرر به. وبذلك افترقت هذه المسألة عن سابقتها، فان المضاربة في سابقتها بين الوارث والعامل. قلت: المفروض في المسألة السابقة وقوع المضاربة بين الوصي والعامل والوارث إن تولى العقد فهو من باب كونه الوصي، لامن باب كونه الوارث، والوصي يتصرف بالنيابة عن الميت، والوارث أجنبي عنه، فإذا

 

 

____________

(* 1) البقرة: 82.

 

===============

 

( 454 )

 

[ الربح، خصوصا إذا جعل حصتهم أقل من المتعارف (1). الحادية عشرة: إذا تلف المال في يد إلعامل بعد موت المالك من غير تقصير فالظاهر عدم ضمانه (2)، وكذا إذا تلف بعد انفساخها بوجه آخر (3). الثانية عشرة: إذا كان رأس المال مشتركا بين اثنين فضاربا واحدا ثم فسخ أحد الشريكين (4) هل تبقى بالنسبة ] لم يكن له الفسخ في المسألة الاخيرة لم يكن له الفسخ في سابقتها. مضافا إلى أن الفسخ إنما هو للمالك والعامل لا للموجب والقابل، والوارث هو المالك. وإلا أشكل الامر في فسخ الصغير بعد البلوغ لان تصرف الوصي من باب الوصية كما في الكبير، وحينئذ يكون الصغير أجنبيا عن الطرفين، لامن باب الولاية على الطفل.، فتأمل. (1) في جامع المقاصد دفع هذا الاشكال بما حاصله: أن المضاربة إن صحت كانت حصة العامل من الربح له من دون أن تخرج من ملك مالك المال، وإن بطلت فلا ربح أصلا لاأنه يكون الربح للمالك، وفي كلتا الحالتين لم يخرج من مال المالك شئ إلى العامل حتى تكون المضاربة بالاقل من المتعارف ضرر على المالك بتوسط الوصية. ودفعه في المسالك بما حاصله: أنه يمكن أن تصح المعاملة باجازة المالك وتبطل المضاربة، فيكون تمام الربح للمالك، فتصحيح المضاربة إضرار بالمالك. فراجع. (2) لانه أمين المالك بالمضاربة، ولا يخرج عن حكم الامانة ببطلان المضاربة بموت المالك، للاصل. (3) لعين ما تقدم. (4) قد عرفت في المسألة السابعة والاربعين جواز الفسخ في البعض عقلا وعرفا وشرعا.

 

===============

 

( 455 )

 

[ إلى حصة الاخر أو تنفسخ من الاصل؟ وجهان أقربهما الانفساخ (1). نعم لو كان مال كل منهما متميزا وكان العقد واحدا لا يبعد بقاء العقد بالنسبة إلى الاخر. الثالثة عشرة: إذا أخذ العامل مال المضاربة وترك التجارة به إلى سنة مثلا، فان تلف ضمن (2)، ولا يستحق المالك عليه غير أصل المال (3)، وان كان آثما في تعطيل مال الغير. الرابعة عشرة: إذا اشترط العامل على المالك عدم كون الربح جابرا للخسران مطلقا فكل ربح حصل يكون بينهما، وإن حصل خسران بعده أو قبله، أو اشترط أن لا يكون الربح اللاحق جابرا للخسران السابق أو بالعكس، فالظاهر الصحة. وربما يستشكل بأنه خلاف وضع المضاربة. وهو كما ترى (4). ] (1) لانها مضاربة واحدة، فلا تتبعض بالفسخ. لكن تقدم في المسألة السابعة والاربعين جواز التبعيض في المال الواحد لشخص واحد، فأولى منه التبعيض بالنسبة لشخصين، كما هو ظاهر. (2) للخيانة بحبس المال وعدم الاتجار به، وهو غير مأذون فيه. (3) إذ لا موجب له، والاصل البراءة، وإن كان آثما في حبسه بغير إذن مالكه. (4) هذا غير ظاهر، فان منصرف قوله (ع): " الربح بينهما والوضيعة على المال " (* 1) غير ما ذكر. فتصحيحه لابد أن يكون

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 3 من ابواب كتاب المضاربة حديث: 5.

 

===============

 

( 456 )

 

[ الخامسة عشرة: لو خالف العامل المالك فيما عينه جهلا أو نسيانا أو اشتباها - كما لو قال: لاتشتر الجنس الفلاني، أو من الشخص الفلاني مثلا، فاشتراه جهلا - فالشراء فضولي موقوف على إجازة المالك (1). وكذا لو عمل بما ينصرف إطلاقه إلى غيره، فانه بمنزلة النهي عنه (2). ولعل منه ما ذكرنا سابقا من شراء من ينعتق على المالك مع جهله بكونه كذلك. وكذا الحال إذا كان مخطئا في طريقة التجارة (3)، بأن اشترى ما لا مصلحة في شرائه عند أرباب المعاملة في ذلك الوقت، بحيث لو عرض على التجار حكموا بخطائه. السادسة عشرة: إذا تعدد العامل (4) - كأن ضارب اثنين بمأة مثلا بنصف الربح بينهما متساويا أو متفاضلا - فاما أن يميز حصة كل منهما (5) من رأس المال، كأن يقول: ] بالعمومات الدالة على صحة العقود. لكنها لا تقتضي جريان أحكام المضاربة عليها، كما تقدم في نظائر المقام. (1) لعدم إذن المالك. (2) يكفي عدم الاذن. (3) فان ذلك خارج عن منصرف الاذن، فيكون فضوليا. (4) قد تعرض لذلك الجماعة في كتبهم، قال في الشرائع: " ولو قال لاثنين: لكما نصف الربح، صح وكانا فيه سواء، ولو فضل أحدهما صح أيضا وإن كان عملهما سواء " وفي القواعد: " ولو كان العامل اثنين فساواهما في الربح صح وإن اختلفا في العمل. (5) هذه الصورة خارجة عن كلام الجماعة.

 

===============

 

( 457 )

 

[ على أن يكون لكل منه نصفه، وإما لا يميز، فعلى الاول الظاهر عدم اشتراكهما في الربح والخسران والجبر، إلا مع الشرط (1)، لانه بمنزلة تعدد العقد. وعلى الثاني يشتركان فيها (2) وإن اقتسما بينهما فأخذ كل منهما مقدارا منه، إلا أن يشترطا عدم الاشتراك فيها، فلو عمل أحدهما وربح وعمل الآخر ولم يرجح أو خسر يشتركان في ذلك الربح ويجبر به خسران الآخر. بل لو عمل أحدهما وربح ولم يشرع الآخر بعد في العمل، فانفسخت المضاربة، يكون الآخر شريكا (3) وإن لم يصدر منه عمل، لانه مقتضى الاشتراك في المعاملة. ولا يعد هذا من شركة الاعمال، كما قد يقال (4)، فهو نظير ما إذا آجرا نفسهما لعمل بالشركة، فهو داخل في عنوان المضاربة (5) لا الشركة، كما أن النظير داخل في عنوان الاجارة. السابعة عشرة: إذا أذن المالك للعامل في البيع والشراء نسيئة، فاشترى نسيئة وباع كذلك، فهلك المال، فالدين في ] (1) لكن معه يشكل بقاء عنوان المضاربة، لما تقدم في الشرط الخامس من شروط المضاربة. فراجع. (2) لان ذلك من لوازم وحدة المضاربة عرفا، كما هو المفروض. (3) كما قواه في الجواهر بعد أن ذكر أنه لم يعثر على محرر لذلك. (4) لم يعرف القول لاحد بذلك، وانما حكي عن مالك أنه اشترط التسوية في الربح مع التسوية في العمل، قياسا على شركة الابدان. وفي المسالك: أن الاصل والفرع عندنا باطلان. (5) لكنها قائمة بعاملين. وكذا الحكم في الاجازة، إذ أنها اجارة

 

===============

 

( 458 )

 

[ ذمة المالك. وللديان إذا علم بالحال أو تبين له بعد ذلك الرجوع على كل منهما، فان رجع على العامل وأخذ منه رجع هو على المالك (1). ودعوى: أنه العلم من الاول ليس له الرجوع على العامل (2)، لعلمه بعدم اشتغال ذمته. مدفوعة: بأن مقتضى ] قائمة بأجيرين وليستا من شراكة الابدان في شئ. وعرفت أنه ليس موردا للتوهم. كما أنه تقدم بعض الكلام في هذه المسألة في المسألة السابعة والعشرين. (1) قال في الجواهر: " ويكون دخول الوكيل في هذا التصرف بمنزلة دخول الضامن في الضمان، فان أعطاه كان له الرجوع بما وزن لانه توكل باذنه في الشراء وذلك يتضمن تسليم الثمن وكان الاذن في الشراء إذنا فيه وفيما يتضمنه ". وهو كما ذكر. (2) قال في الشرايع: " إذا اشترى لموكله كان البايع بالخيار إن شاء طالب الوكيل، وإن شاء طالب الموكل. والوجه اختصاص المطالبة بالموكل مع العلم بالوكالة واختصاص الوكيل مع الجهل بذلك ". وقال في الشرايع بعد ذلك: " ولو ظهر في المبيع عيب رده على الوكيل دون الموكل لانه لم يثبت وصول الثمن إليه. ولو قيل برد المبيع على الموكل كان أشبه " ونحوه في المسألة الثانية ما في القواعد، والقول الاول فيها منسوب إلى المبسوط، وما قربه في القواعد وجعله في الشرايع أشبه جعله في الايضاح الاصح، وكذا في غيره. وفي المسالك: " قول الشيخ ضعيف كدليله ". ووجهه: أن وصول الثمن إليه أو إلى الموكل لا يرتبط بوجوب أداء المال إلى مالكه، والوكيل قد انعزل عن الوكالة بالبيع، فلا وجه للرد إليه إلا أن يكون وكيلا أيضا في أخذ المبيع إذا رده إليه المشتري، وحينئذ يجوز الرد إليه والى الموكل، ولاوجه لاختصاص الوكيل به،

 

===============

 

( 459 )

 

فيجوز الرد إلى كل منهما. وأما استرداد الثمن فيجوز الرجوع فيه إلى الموكل إذا اعترف بوصول الثمن إليه أو إلى الوكيل، وإذا أنكر الموكل وصول الثمن إلى أحدهما جاز له الامتناع من دفعه إلى المشتري، ولاوجه لرجوع المشتري على الوكيل، لعدم كونه وكيلا في رد الثمن، سواء اعترف الموكل بوصول الثمن أم لا. هذا ما تقتضيه القواعد الاولية في حكم المسألة الثانية. أما ما تقتضيه القواعد في حكم المسألة الاولى فهو ما ذكر المحقق من أن الموكل هو الذي يستحق عليه الثمن، فيكون هو المطالب به. والقول الاول محكي عن المبسوط أيضا. ووجهه غير ظاهر إلا ما ذكره في الجواهر، من أن ذلك من أحكام ولي العقد، يريد بذلك أن من الاحكام العرفية جواز الرجوع إلى ولي العقد في ما يقتضيه العقد من دفع الثمن حتى مع العلم بالوكالة، ولم يثبت الردع عنه، فدل ذلك على إمضائه شرعا. وهو كما ذكر، ومنه يظهر الوجه في جواز الرد على الوكيل في المسألة الاولى وان لم يكن وكيلا في أخذ المبيع إذا رده إليه المشتري، فان ذلك من الاحكام العرفية. ومثله جواز مطالبته بما دفعه إليه من الثمن وان كان الوكيل قد أخذه ودفعه إلى الموكل، فان ذلك أيضا من الاحكام العرفية التي أمضاها الشارع المقدس، فيجب الاخذ بها. ولافرق في ذلك بين أن يكون الثمن عينا خارجية أو ذمية. وما ذكره الجماعة من أنه في الاول يرجع المشتري إلى خصوص من كانت في يده غير ظاهر من العرف، بل بناؤهم على جواز الرجوع إلى كل من الوكيل والموكل. أما الوكيل فلانه المتولي للعقد، فيكون متوليا لمتقضاه من دفع الثمن وإن كان في يد الموكل. وأما الموكل فلانه الذي دخل المثمن في كيسه، فيكون مطالبا ببدله وان كان بيد وكيله.

 

===============

 

( 460 )

 

[ المعاملة ذلك، خصوصا في المضاربة (1)، وسيما إذا علم أنه عامل يشتري للغير ولكن لم يعرف ذلك الغير (2) أنه من هو ومن أي بلد. ولو لم يتبين للديان أن الشراء للغير يتعين له الرجوع على العامل في الظاهر ويرجع هو على المالك. الثامنة عشرة: يكره المضاربة مع الذمي، خصوصا إذا كان هو العامل. لقوله (ع): " لا ينبغي للرجل المسلم أن يشارك الذمي، ولا يبضعه بضاعة، ولا يودعه وديعة، ولا يصافيه المودة " (3). وقوله (ع): " إن أمير المؤمنين (ع) كره مشاركة اليهودي والنصراني ولا مجوسي، إلا أن تكون تجارة حاضرة لا يغيب عنها المسلم " (4). ويمكن أن يستفاد ] ومن ذلك تعرف الوجه فيما ذكره المصنف رحمه الله من كون الدعوى مدفوعة: بأن مقتضى المعاملة ذلك، يريد أنه مقتضى الوكالة ذلك. إذ المعاملة إنما تقتضي وجوب دفع الثمن على من دخل في كيسه المثمن، وذلك يقتضي الرجوع إلى الاصيل، لكن تقتضي الوكالة ذلك. (1) لما فيها من التفويض إلى العامل وبعد المالك عن المعاملة. (2) فانه لولا جواز الرجوع على العامل لم يقدم على المعاملة معه أحد، لما في ذلك من الخطر العظيم. (3) في صحيح علي بن رئاب: " قال أبو عبد الله (ع): لا ينبغي " رواه في الكافي عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن رئاب، ورواه الشيخ باسناده عن احمد بن محمد، ورواه الصدوق باسناده عن ابن محبوب، ورواه الحميري عن الحسن بن محبوب (* 1). (4) رواه في الكافي عن علي بن ابراهيم عن ابيه عن النوفلي عن

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من ابواب كتاب الشركة حديث: 1.

 

===============

 

( 461 )

 

[ من هذا الخبر كراهة مضاربة من لا يؤمن منه في معاملاته من الاحتراز عن الحرام. التاسعة عشرة: الظاهر صحة المضاربة على مأة دينار مثلا كليا (1) فلا يشترط كون مال المضاربة عينا شخصية، فيجوز إيقاعهما العقد على كلي ثم تعيينه في فرد. والقول بالمنع لان القدر المتيقن العين الخارجي من النقدين. ضعيف (2). وأضعف منه احتمال المنع حتى في الكلي في المعين، إذ يكفي في الصحة العمومات (3). متمم العشرين: لو ضاربه على ألف مثلا فدفع إليه نصفه فعامل به، ثم دفع إليه النصف الآخر، فالظاهر جبران خسارة أحدهما بربح الآخر، لانه مضاربة واحدة. وأما لو ضاربه على خمسمائة فدفعها إليه وعامل بها، وفي أثناء التجارة زاده ودفع خمسمائة أخرى، فالظاهر عدم جبر خسارة ] السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام. ورواه الشيخ باسناده عن علي بن ابراهيم (* 1). (1) لا يخفى أن الكلي إذا لم يكن خارجيا ولا ذميا لم يقبل أن يكون مملوكا، فضلا عن أن يكون موضوعا للمضاربة، لان المضاربة إنما تكون من المالك. (2) هذا غير ظاهر، لاصالة عدم ترتب المضاربة. والعمومات (2) هذا غير ظاهر، لاصالة عدم ترتب المضاربة. والعمومات الدالة على الصحة قاصرة عن اثبات عنوان المضاربة. (3) قد عرفت إشكاله.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 2 من أبواب كتاب الشركة حديث: 2.

 

===============

 

( 462 )

 

[ احداهما بربح الاخرى، لانهما في قوة مضاربتين. نعم بعد المزج والتجارة بالمجموع يكونان واحدة (1). ] (1) المزج لا يستوجب ذلك. كالمزج بمال الغير. نعم إذا كان دفع الزائد بعنوان مضاربة واحدة فكأنه فسخ الاولى وأنشأ غيرها، فيكون مجموع المال مال مضاربة واحدة. وإذا لم يكن الدفع بهذا العنوان فهما مضاربتان لا يشتركان في شئ من الجبر والخسران والربح والفسخ. والله سبحانه ولي التوفيق والحمد لله رب العالمين. انتهى الكلام في شرح كتاب المضاربة في السادس عشر من شهر جمادي الثانية من السنة الخامسة الثمانين بعد الالف والثلثمائة هجرية. (2) هذا غير ظاهر، لاصالة عدم ترتب المضاربة. والعمومات الدالة على الصحة قاصرة عن اثبات عنوان المضاربة. (3) قد عرفت إشكاله.