ختام فيه مسائل متفرقة

  [ ختام فيه مسائل متفرقة (الاولى): إذا شك في أن ما بيده ظهر أو عصر، فإن كان قد صلى الظهر بطل ما بيده (1)، وإن كان لم يصلها - أو شك في أنه صلاها أو لا - عدل به إليها (2). (الثانية): إذا شك في أن ما بيده مغرب أو عشاء فمع علمه باتيان المغرب بطل (3)، ومع علمه بعدم الاتيان بها ] ختام فيه مسائل متفرقة (1) لأنه لا يصح ظهرا، لأنه قد صلاها، ولا عصرا، لعدم إحراز نيتها. ولا مجال لا حرازها بقاعدة التجاوز، لأن صدق التجاوز يتوقف على إحراز العنوان، وهو موقوف على النية، فلا يمكن إثباتها به. كما لا مجال للعدول بها إلى العصر رجاء، لعدم الدليل عليه، إذ الثابت العدول من العصر إلى الظهر لا العكس، والأصل عدم مشروعيته. (2) يعني: عدولا رجائيا، فإذا أتمها يعلم بصحة الظهر له، لأن الواقع لا يخرج عن أحد محتملات وهي: إما أنه لم يصل الظهر وقد نوى ما بيده ظهرا فتصح. وإما أنه لم يصل الظهر وقد نواها عصرا، فيكون حكمه العدول إلى الظهر وقد فعل فتصح. وإما أنه قد صلى الظهر وقد نوى ما بيده ظهرا، فتبطل هي وتصح الأولى. وإما أنه قد صلى الظهر وقد نوى ما بيده عصرا، فبالعدول به إلى الظهر يبطل وتصح الظهر الأولى فقط. (3) لعين الوجه السابق.

 

===============

( 597 )

[ - أو الشك فيه - عدل بنيته إليها (1) إن لم يدخل في ركوع الرابعة، وإلا بطل أيضا (2). (الثالثة): إذا علم بعد الصلاة أو في أثنائها أنه ترك سجدتين من ركعتين - سواء كانتا من الأولتين أو الأخيرتين - صحت، وعليه قضاؤهما (3) وسجدتا السهو مرتين. وكذا إن لم يدر أنهما من أي الركعات، بعد العلم بأنهما من الركعتين. ] (1) لعين ما سبق. (2) لتعذر العدول حينئذ، فلا يمكن أن تصح مغربا ولا عشاء، لعدم إحراز النية. (3) لعموم ما دل على قضاء السجدة لو نسيها. وهذا ظاهر إذا علم أنهما من ركعتين غير الأخيرة، أما إذا علم أن إحداهما من الاخيرة ففي وجوب قضائهما فقد، أو وجوب تدارك سجدة الاخيرة، ثم التشهد والتسليم بعدها، ثم قضاء الاخرى قولان، مبنيان على مخرجية السلام مطلقا - ولو كان في غير محله وعدمها. وقد تقدم الكلام في ذلك في أواخر الفصل الاول من الخلل. فراجع ولو شك في أن إحداهما من الاخيرة أو كلتيهما من غيرها، وقلنا بعدم مخرجية التسليم الواقع في غير محله - فنظرا إلى أن قاعدة التجاوز الجارية لاثبات سجدتي الاخيرة معارضة بمثلها الجارية لاثبات سجدتي غيرها مما قبلها من الركعات - يكون المرجع: أصالة عدم الاتيان بالسجدة الثانية من الاخيرة ومن غيرها التي هي الطرف الآخر للعلم الاجمالي ومقتضاها الجمع بين الرجوع والتدارك ثم التشهد والتسليم وبين القضاء. نعم يمكن تأدي الاحتياط بالاتيان بالسجدة بقصد ما في الذمة - من دون تعرض للقضاء والاداء - ثم التشهد والتسليم، ثم يقضي السجدة الاخرى.

 

===============

( 598 )

هذا كله إذا ذكر قبل فعل المنافي سهوا وعمدا، كالحدث. أما لو ذكر بعده، فإن قلنا بقدح الفصل به بين الصلاة وقضاء الاجزاء المنسية بطلت الصلاة في جميع الصور، وإن قلنا بجواز الفصل وبالخروج بالتسليم فلا إشكال في صحة الصلاة ووجوب قضاء السجدتين، وإن قلنا بجواز الفصل وبعدم الخروج بالتسليم الواقع في غير محله فقد بطلت الصلاة - ولو علم أن إحداهما من الاخيرة لوقوع المنافي في أثناء الصلاة الموجب لبطلانها. أما إذا احتمل أن تكون إحداهما من الاخيرة فقاعدة التجاوز الجارية لاثبات سجدتي الاخيرة لا معارض لها في سجدتي غيرها التى هي الطرف الآخر للعلم الاجمالي. ووجه عدم المعارضة: هو العلم بأن إحدى سجدتي الركعة الاخرى لم يمتثل أمرها، إما لعدم الاتيان بها، أو للاتيان بها في صلاة باطلة، لأن الاتيان بها يلازم عدم الاتيان بالسجدة الثانية للركعة الاخيرة، فيكون المنافي واقعا في أثناء الصلاة مبطلا، فإذا كانت قاعدة التجاوز الجارية لاثبات السجدة الثانية للركعة الأخيرة لا معارض لها تجري ويكون المقتضي سجدتين لغير الأخيرة، للعلم بفواتهما من غير الاخيرة، إما لعدم الاتيان بهما، أو للاتيان بهما في صلاة باطلة، كما عرفت. فان قلت: الاتيان بهما في صلاة باطلة لا يوجب قضاء السجدة، بل يوجب استئناف الصلاة من رأس، فيكف يحصل اليقين بالفراغ عن السجدتين - المعلوم اشتغال الذمة بهما بمجرد قضائهما؟ قلت: المستفاد من أدلة وجوب قضاء السجدة المنسية أن عدم امتثال أمرها يوجب قضاءها بعد الصلاة، على تقدير صحة الصلاة. فإذا احرز عدم امتثال أمر السجدة بالوجدان، وكون الصلاة صحيحة بالاصل - أعني: قاعدة التجاوز - فقد وجب القضاء، واكتفي به ظاهر، وذلك كاف عقلا في الخروج عن عهدة الاشتغال بالسجدة. هذا كله إذا علم بعد الفراغ. وإن علم ذلك في الأثناء

 

===============

( 599 )

[ (الرابعة): إذا كان في الركعة الرابعة - مثلا - وشك في أن شكه السابق - بين الاثنتين والثلاث - كان قبل إكمال السجدتين أو بعدهما بنى على الثاني (1)، كما أنه كذلك إذا شك ] فاما أن يعلم الركعة التي فاتت منها الثانية أو يجهلها، فعلى الاول فاما أن يكون بعد تجاوز المحل قبل الدخول في الركن، وإما أن يكون بعد الدخول في الركن، فعلى الاول يرجع ويتداركها، ثم يتم صلاتهه ويقضي الأولى، ففي الحقيقة لم تفت منه إلا هي، نظير ما لو كان في المحل قبل التجاوز عنه. وعلى الثاني عليه قضاؤهما معا، لعدم إمكان التدارك في الأثناء. وإن جهل ركعة الثانية واحتمل كونها الركعة التي بيده، فاما أن يكون في المحل أو بعد التجاوز عنه، أو بعد الدخول في الركن، فعلى الأول يسجد سجدة واحدة ويتم صلاته ثم يقضي أخرى. أما وجوب قضاء واحدة فللعلم به. وأما الاكتفاء بالسجدة المأتي بها في المحل وعدم وجوب قضاء ثانية، فلان العلم الاجمالي بترك السجدة الثانية - المرددة بين أن تكون من الركعة التي بيده وأن تكون من غيرها - ينحل بجريان قاعدة الشك في المحل بالنسبة إلى سجدة الركعة التي بيده، فتجري قاعدة التجاوز بالنسبة إلى سجدة الركعة السابقة. وعلى الثاني يرجع فيتدارك السجدة المحتملة الفوت، لأصلاة عدم الاتيان بها، ولا تجري قاعدة التجاوز لاثباتها، لمعارضتها بمثلها بالنسبة إلى سجدة الركعة الاخرى. وعليه قضاء سجدتين، للعلم بوجوب قضاء إحداهما، ولأصالة عدم الاتيان الجارية لنفي السجدة من الركعة السابقة، لما عرفت من عدم جريان قاعدة التجاوز لمعارضتها بمثلها في سجدة الركعة التي بيده. وعلى الثالث عليه قضاؤهما معا، لعدم إمكان التدارك لفرض الدخول في الركن. (1) تقدم الكلام فيه في المسألة العاشرة من فصل الشك في الركعات.

 

===============

( 600 )

[ بعد الصلاة. (الخامسة): إذا شك في الركعة التي بيده آخر الظهر أو أنه أتمها وهذه أول العصر جعلها آخر الظهر (1). (السادسة): إذا شك في العشاء بين الثلاث والأربع وتذكر أنه سها عن المغرب بطلت صلاته (2)، وإن كان ] (1) يعني: سلم عليها برجاء الظهر، لأنه يدور أمره بين أن يبطلها وأن يسلم عليها، وأن يمضي فيها بعنوان العصر. والأول مخالفة قطعية لحرمة إبطال الفريضة، فلو فعله عصى، ووجب عليه استئناف الظهر - لقاعدة الاشتغال - والعصر أيضا - للعلم بعدم الفراغ منها. والأخير وإن جاز تكليفا برجاء كونها العصر، لكنه لا يجدي في حصول الفراغ من الصلاتين لعدم إحراز الترتيب ولا الركعة الأولى من العصر، فلو أتمها عصرا جاز تكليفا، لكن وجب عقلا استئناف الظهر والعصر معا، لقاعدة الاشتغال بكل منهما وعدم ثبوت المفرغ. وهذا بخلاف الثاني، إذ به يحرز فعل الظهر. واحتمال حرمة التسليم - لاحتمال كونها العصر، فيكون التسليم إبطالها لها - لا يؤبه به، لمعارضته باحتمال وجوبه - لاحتمال كونها الظهر - فيكون تركه إبطالا لها. ومن هنا يظهر: أن ما في المتن: من الأمر بجعلها آخر الظهر إرشادي إلى ذلك، وإلا فلا مانع من نيتها عصرا رجاء وإتمامها، ثم إعادة الصلاتين معا إذ ليس فيه مخالفة قطعية بل احتمالية، كما لو جعلها آخر الظهر، فهو مخير بين الأخيرين تكليفا، وإن كان أولهما أولى. واستصحاب عدم تمام الظهر - أو كونه في الظهر - لا يثبت كون الركعة التي بيده ظهرا، حتى يحرم عليه نيتها غيرها. (2) إذ لا يمكن إتمامها عشاء، لفوات الترتيب، ولا العدول بها إلى

 

===============

( 601 )

[ الاحوط إتمامها عشاء، والاتيان بالاحتياط ثم إعادتها بعد الاتيان بالمغرب. ] المغرب، للشك المبطل لها. نعم لو فرض قصور أدلة الترتيب عن شمول المورد، إما بذاتها - إذ لا إطلاق لها يشمل المقام، ولا إجماع على ثبوته فيه - أو لعموم حديث: (لا تعاد...) - حيث إنه يلزم من اعتبار الترتيب وجوب الاعادة فينتفي - كان إتمامها عشاء في محله، ثم الاتيان بالمغرب بعد ذلك. إلا أنه لا وجله دعوى القصور في الروايات المتضمنة أنه: (إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل. إلا أن هذه قبل هذه). وأما عموم حديث: (لا تعاد الصلاة...) فلا مانع من شموله لمثل المقام. ودعوى: أن الظاهر منه خصوص صورة تحقق الفعل المشتمل على الخلل بعنوان الامتثال، فلا يشمل صورة الاضطرار إلى وقوع الخلل قبل تحققه - كالمضطر في الاثناء إلى ترك جزء أو شرط مما بقي عليه من ركعاتها - نظير ما لو نسي الساتر وذكره في الأثناء، فان حديث: (لا تعاد الصلاة...) لا يصلح لرفع شرطية الساتر بالنسبة إلى بقية الصلاة. وكذا الترتيب بالنسبة إلى الركعات اللاحقة. مندفعة بأن ذلك يتم بالنسبة إلى الشرائط المقارنة - كالساتر ونحوه - لا بالنسبة إلى الشرائط المتقدمة - كصلاة الظهر فيما نحن فيه إذا تركت نسيانا - فان شرطية الترتيب راجعة إلى شرطية سبق صلاة الظهر، كما لا يخفى. ولذا يجري الحديث مع الالتفات في الأثناء إلى ترك الجزء السابق نسيانا، مع أن الترتيب المعتبر بين الأجزاء لا يختص بالأجزاء المأتي بها قبل الالتفات، بل يعم الأجزاء اللاحقة له أيضا. والسر فيه: أن الفوت في مثل ذلك قبل الالتفات، بخلاف الفوت في صورة الاضطرار إلى ترك الجزء أو الشرط في الاثناء، فانه بعد الالتفات

 

===============

( 602 )

[ (السابعة): إذا تذكر في أثناء العصر أنه ترك من الظهر ركعة قطعها وأتم الظهر، (1) ] فلا يشمله الحديث، بناء على عدم شموله للخلل الاضطراري. فان قلت: هذا يتم بالنظر إلى أدلة الترتيب الأولية. أما بالنظر إلى أدلة وجوب العدول فلا، إذ المستفاد منها اعتبار الترتيب بعد الالتفات في الأثناء، فلا تسقط شرطيته بالاضافة إلى الأجزاء اللاحقه. وحينئذ تكون الأدلة المذكورة مخصصة لحديث: (لا تعاد...). قلت: إذا كانت أدلة العدول قاصرة عن شمول المورد - لعدم صحة المعدول إليه - كيف يمكن التمسك بها لاعتبار الترتيب بعد الالتفات؟ كي يخرج بها عن عموم حديث: (لا تعاد...). لا يقال: الأدلة المذكورة تتضمن الأمر بالعدول بالمطابقة، وتدل على شرطية الترتيب مع الالتفات في الأثناء بالالتزام، وعدم القدرة على العدول إنما يوجب سقوط الدلالة المطابقية لا الالتزامية، كما هو كذلك في عدم القدرة بالاضافة إلى التكاليف العامة. لأنه يقال: ذلك يتم في عدم القدرة الناشئ من قصور المكلف، لا الناشئ من قصور المحل - كما في المقام - فلاحظ. ومن ذلك كله تعرف: أنه لو نسي المغرب وذكرها في الرابعة من العشاء أتمها عشاء، كما أشرنا إليه في المسائل السابقة، وأفتي به المحققون. (1) إذا قلنا بأن إدخال الصلاة في الصلاة من قبيل الفعل الكثير الماحي - كما هو الظاهر - وقلنا بأن الفعل الكثير الماحي مبطل ولو كان سهوا - كما هو المشهور - فصلاة الظهر في الفرض باطلة وركعة العصر صحيحة، إذ لا موجب لبطلانها، لا من حيث حصول الابطال المحرم بها ولا من حيث فقد الترتيب، لأن المفروض وقوعها سهوا، فلا مانع من التقرب بها، ويسقط اعتبار الترتيب. وحينئذ يتعين عليه العدول بها إلى

 

===============

( 603 )

الظهر. وإن قلنا انه لا يبطل إذا وقع سهوا تكون كل من الصلاتين صحيحة ولأجل أنه لا مجال للعدول - لكون المفروض صحة صلاة الظهر فلا مجال للعدول بركعة العصر إليها - كان جريان حديث: (لا تعاد...) لرفع شرطية الترتيب بالاضافة إلى بقية ركعات العصر في محله. وعليه فمقتضى صحة الظهر وجوب إتمامها، فتبطل ركعة العصر لادخال الظهر فيها عمدا، كما أن مقتضى صحة ركعة العصر وجوب إتمامها، فتبطل الظهر لما سبق. ولما لم يكن ترجيح لأحد الحكمين يتخير بين الأمرين، فان شاء أتم الظهر وإن بطلت العصر، أو أتم العصر وإن بطلت الظهر. اللهم إلا أن يقال: إنه مستنع إتمام العصر، لأنه إن شرع في البقية بطلت الظهر، لأنه أدخل فيها العصر عمدا، وإذا بطلت وجب العدول بالعصر إليها، فدليل قاطعية إدخال الصلاة في الصلاة ودليل العدول حاكمان على دليل وجوب الاتمام ورافعان لموضوعه، لما عرفت: من أنه بلحاظهما لا يكون الاتمام ممكنا، فيتعين حينئذ إتمام الظهر لاغير. وإن قلنا بأن إدخال الصلاة في الصلاة من قبيل ما يوجب فوات الموالاة، فان قلنا بوجوبها عمدا - لا سهوا - كان الكلام في الفرض على نحو ما سبق، إذ حينئذ تكون كلتا الصلاتين صحيحة، لكن إتمام إحداهما مبطل للأخرى لوقوعه عمدا، فيجري فيه ما سبق من الترجيح والتخيير، وان قلنا بعدم وجوب الموالاة - كما استظهرناه سابقا - فاتمام كل من الصلاتين لا يبطل الأخرى. ولأجل أن الترتيت سقط - لأجل أن الدخول في الثانية كان سهوا - فله إتمام كل منهما ثم إتمام الاخرى، من دون حاجة إلى الاستئناف. نعم لا يبعد أن يستفاد مما دل على مخرجية التسليم: أن التسليم لاحدى الصلاتين مخرج عنهما معا، فتبطل الظهر لو كان قد أتم العصر، كما أن تبطل العصر لو كان قد أتم الظهر. فراجع وتأمل.

 

===============

( 604 )

[ ثم أعاد الصلاتين. ويحتمل العدول (1) إلى الظهر، يجعل ما بيده رابعة لها، إذا لم يدخل في ركوع الثانية، ثم إعادة الصلاتين. وكذا إذا تذكر في أثناء العشاء أنه ترك من المغرب ركعة (2). (الثامنة): إذا صلى صلاتين ثم علم نقصان ركعة أو ] (1) هذا الاحتمال لا وجه له ظاهرا، إذ العدول - مع أنه خلاف الاصل - إنما يصح مع اتفاق المعدول عنها والمعدول إليها، لاكما في المقام نعم قد يشهد له التوقيع المروي عن الاحتجاج عن محمد بن عبد الله الحميري عن صاحب الزمان (ع): (كتب إليه يسأله عن رجل صلى الظهر ودخل في صلاة العصر، فلما صلى من صلاة العصر ركعتين استيقن أنه صلى الظهر ركعتين كيف يصنع؟ فأجاب (ع): إن كان أحدث بين الصلاتين حادثة يقطع بها الصلاة أعاد الصلاتين، وإن لم يكن أحدث حادثة جعل الركعتين الاخيرتين تتمة لصلاة الظهر وصلى العصر بعد ذلك) (* 1). لكن يمكن حمله على إرادة جعل الركعتين الأخيرتين للعصر اللتين لم يصلهما للظهر، لا العدول بالركعتين الأولتين للعصر اللتين صلاهما. وأما احتمال أن يكون المراد: أن الظهر باطلة ويعدل بالعصر إليها، ويتم العصر بعنوان الظهر، فينافيه جدا قوله (ع): (إن أحدث...) وكيف كان فمع قرب المعنى الذي ذكرناه لا مجال للاعتماد عليه فيما ذكره. ولاسيما مع ظهور هجره عند الاصحاب، وكونه مرسلا. فتأمل. (2) فانه يجري فيه ما سبق بعينه، حتى احتمال العدول، لامكان دعوى: إلغاء خصوصية مورد التوقيع.

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 12 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 1.

 

 

 

===============

( 605 )

[ ركعتين من إحداهما من غير تعيين، فان كان قبل الاتيان (1) بالمنافي ضم إلى الثانية ما يحتمل من النقص، ثم أعاد الأولى فقط، بعد الاتيان بسجدتي السهو لأجل السلام احتياطا. وإن كان بعد الاتيان بالمنافي، فان اختلفتا في العدد أعادهما، وإلا أتى بصلاة واحدة بقصد ما في الذمة. ] (1) الصور المتصورة في الفرض أربع، فانه تارة: يقع منه المنافي سهوا بين الصلاتين وبعدهما، وثالثة: يقع بعدهما، لا بينهما، ورابعة: لا بينهما، ولا بعدهما. وفي الجميع يرجع إلى أصالة عدم الاتيان باركعة في كل من الصلاتين، بعد تعارض القواعد المفرغة فيهما كقاعدتي الفراغ والتجاوز. ومقتضاها في الصورة الاولى إعادة الصلاتين، لوقوع المنافي في الاثناء. ومقتضاها في الصورة الثانية في الصلاة الاولى. لزوم الاعادة لوقوع المنافي، وفي الصلاة الثانية ضم ركعة متصلة الذي هو حكم من سلم على النقص. ولا مجال لاحتمال العدول في الثانية إلى الاولى لو كانتا مترتبتين، للعلم بسقوط الترتيب، إما لتمام الاولى فيكون الترتيب حاصلا، أو لتمام الثانية فيسقط اعتباره بعد الفراغ لحديث: (لا تعاد الصلاة...) مع أنه لا مجال للعدول بعد الفراغ. ومقتضاها في الصورة الثالثة: وجوب إعادتهما، أما الصلاة الثانية فلوقوع المنافي في أثنائها وأما الصلاة الاولى فلبطلانها بفعل الثانية في أثنائها - بناء على قدح ذلك في الصحة - أو لوقوع المنافي في أثنائها - بناء على قدح ذلك فيها - فان الأولى إذا بقيت صحيحة إلى ما بعد السلام على الثانية كان المنافي - الواقع بعد الثانية - واقعا في أثنائها فتبطل لذلك. أما مقتضاها في الصورة الرابعة: فهو ضم ركعة متصلة إلى الثانية - الذي هو حكم من سلم على نقص - ووجوب إعادة الاولى، لبطلانها بفعل الثانية في أثنائها. نعم بناء على عدم

 

===============

( 606 )

[ (التاسعة): إذا شك بين الاثنتين والثلاث - أو غيره من الشكوك الصحيحة - ثم شك في أن الركعة التي بيده آخر صلاته أو أولى صلاة الاحتياط جعلها آخر صلاته (1) وأتم، ثم أعاد الصلاة (2) - احتياطا - بعد الاتيان بصلاة الاحتياط. (العاشرة): إذا شك في أن الركعة التي بيده رابعة المغرب أو أنه سلم على الثلاث وهذه أولى العشاء، فان كان بعد الركوع بطلت ووجب عليه إعادة المغرب (3) ]، اقتضاء ذلك البطلان فمقتضى أصالة عدم الركعة - الجاري في كل من الصلاتين - وجوب ركعتين، إحداهما للثانية، وثانيتهما للأولى. وحينئذ إن جاء بها للاولى بطلت الثانية، لانه أدخل صلاة في أخرى عمدا، وإن جاء بها للثانية بطلت الاولى لذلك أيضا، فيتخير بين الامرين عقلا. نعم له أن يكتفي بالاتيان بركعة بقصد ما في الذمة المرددة بين ركعة الاولى والثانية، فيجب عليه ذلك فرارا من لزوم الابطلال المحتمل. كما أنه مهما وجب إعادة الصلاتين في هذه الصور يكفتي بصلاة واحدة بقصد ما في الذمة مع الاتفاق في الكيفية. أما مع الاختلاف فلابد من إعادتهما معا. (1) لعين الوجه المتقدم في المسألة الخامسة. (2) لاحتمال الفصل بينها وبين صلاة الاحتياط بالركعة المشكوكة، الذي قد عرفت: احتمال قدحه في الصلاة الاصلية. لكن مقتضى أصالة عدم الاتيان بالمنافي عدم الاعتناء باحتمال الفصل. (3) أما البطلان فلانه لا يمكن أن يتمها عشاء، لعدم إحراز نيتها - كما تقدم في المسألة الثانية - ولا مغربا، لامتناع الرابعة في المغرب. ولاسيما مع احتمال نيتها عشاء. وأما وجوب إعادة المغرب فلقاعدة الاشتغال

 

===============

( 607 )

[ وإن كان قبله يجعلها من المغرب (1) ويجلس ويتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتي السهو لكل زيادة: من قوله: (بحول الله وللقيام وللتسبيحات احتياطا (2)، وإن كان في وجوبها إشكال ] بالتشهد والتسليم، أو أصالة عدم الاتيان بهما، ولا يمكن تداركهما حينئذ للعلم بأنه لاأثر لفعلهما، إما لفعلهما - أولا قبل الركعة - على تقدير نيتها عشاء - أو لبطلان المغرب بزيادة الركوع، على تقدير نيتها مغربا، ومع العلم بالبطلان لا مجال لتدارك الجزء، والبناء على تصحيح المغرب تامة بقاعدة التجاوز الجارية لاثبات التشهد والتسليم. فيه: أن صدق التجاوز عن محلهما موقوف على الترتب بينهما وبين الركعة الرابعة المذكورة في الفرض وذلك موقوف على نيتها عشاء، إذ لو كان قد نواها مغربا فلا ترتب بينهما وبينها فان الركعة الزائدة لا ترتب بينها وبين الأجزاء الاصلية ومجرد كون الركعة من المنافيات للصلاة لا يقتضي ذلك، كما تقدمت الاشارة إليه في فصل الشك. (1) يعني: يبني على احتمال كونها زيادة في المغرب فيهدم ويجلس ويتشهد، فانه حينئذ يقطع بحصول المغرب تامة له، إما قبل الدخول في الركعة - على تقدير نيتها عشساء - أو بعد التشهد والتسليم، على تقدير نيتها مغربا. ثم إنه حيث يعلم المكلف أنه في حال كونه مشغولا بالركعة هو في صلاة صحيحة - لأنه إما في مغرب أوء في عشاء ويعلم حينئذ بحرمة ابطالها لكن في كل من إتمامها مغربا وإتمامها عشاء موافقة احتمالية ومخالفة احتمالية فيجوز كل منهما، لعدم الترجيح. وحينئذ لزوم جعلها مغربا ليس حكما إلزاميا، بل هو ارشادي إلى ما به تحصيل الموافقة القطعية لأمر صلاة المغرب وإلا فيجوز جعلها عشاء رجاء وإتمامها، ثم إعادة المغرب والعشاء معا احتياطا كما تقدم في المسألة الخامسة. (2) هذا مبني على تحقق زيادات في المقام، وعلى أن فعل الأجزاء

 

===============

( 608 )

[ من حيث عدم علمه بحصول الزيادة في المغرب (1). (الحادية عشرة): إذا شك - وهو جالس بعد السجدتين - بين الاثنتين والثلاث وعلم بعدم إتيان التشهد في هذه الصلاة فلا إشكال في أنه يجب عليه أن يبني على الثلاث (2) لكن هل عليه أن يتشهد أم لا؟ وجهان. لا يبعد عدم الوجوب بل وجوب قضائه بعد الفراغ إما لأنه مقتضى البناء على الثلاث (3) ] المستحبة في غير محلها زيادة. وقد عرفت المناقشة في كل منهما. (1) وقد عرفت: أنه لابد في صدق الزيادة من قصد الجزئية. ومع الشك فيه يشك فيه. فان قلت: يلزم من عدم التشهد والتسليم قصد الجزئية بالركعة الرابعة، فأصالة عدمها يقتضي ثبوته. قلت: اللزوم المذكور ليس شرعيا، فاثبات القصد المذكور بالأصل المزبور موقوف على القول بالأصال المثبت. (2) لما دل على لزوم البناء على الأكثر الشامل للفرض. (3) فان اطلاق دليله يقتضي معاملة الركعة الثالثة البنائية معاملة الركعة الثالثة الواقعية، حتى من حيث عدم كونها محلا للتشهد وأن الدخول فيها تجاوز عن محل التدارك. وتخصيصه بخصوص حيثية العدد لاغير خلاف اطلاق الدليل. مع أنه لو بني عليه كان اللازم الالتزام بوجوب التشهد لو شك بين الاثنتين والثلاث - وعلم أنه على تقدير الثلاث قد تشهد في الثانية، وعلى تقدير الثنتين لم يتشهد - فانه لو اختص نظر دليل البناء على الثنتين بخصوص حيثية العدد، ولم يكن ناظرا إلى إثبات التشهد تعبدا كان مقتضى أصالة عدم الاتيان به - أو قاعدة الاشتغال - وجوب فعله، ولا يظن الالتزام به من أحد. اللهم إلا أن يكون بناؤهم على ذلك إنما هو

 

===============

( 609 )

[ وإما لأنه لم يعلم بقاء محل التشهد من حيث أن محله الركعة الثانية (1) وكونه فيها مشكوك، بل محكوم بالعدم (2). وأما لو شك وهو قائم بين الثلاث والأربع - مع علمه بعدم الاتيان بالتشهد في الثانية - فحكمه المضي والقضاء بعد السلام، لأن الشك بعد تجاوز محله (3) ]. من جهة ما يأتي، لا لبنائهم على إطلاق دليل البناء على الاكثر. (1) قد تقدم - في تقريب أصالة البطلان في الشكوك غير المنصوصة - تقريب كون محل التشهد الثانية والرابعة، وظهور بعض النصوص في ذلك والمناقشة في ما هنالك. (2) يعني: أصالة عدم كون الركعة هي، من قبيل استصحاب العدم الأزلي (3) إن كان المراد أن الشك في التشهد شك بعد التجاوز - فلا يلتفت إليه لقاعدة التجاوز - فالتشهد ليس مشكوكا وإنما هو معلوم الانتفاء. وإن كان المراد أن الشك بين الثلاث والاربع شك بعد تجاوز المحل فليس له معنى محصل - لا صغرى، ولا كبرى - كما هو ظاهر. فالذي ينبغي: هو إلحاق الفرض المذكور بالفرض السابق في أن مقتضى قاعدة البناء على الأكثر هو المضي والقضاء، وأن مقتضى استصحاب المحل هو التدارك ولو بالهدم وأنه لو غض النظر عنهما يكون في التدارك احتمال الزيادة وفي عدمه احتمال النقيصة. نعم يمكن في الأول الاحتياط بالاتيان بالتشهد بنية القربة المطلقة وفي الثاني لا يمكن، إذ ليس القيام مما هو محبوب مطلقا. نعم يمكن الاحتياط فيه أيضا - بناء على أن الاتيان بالجزء لا بقصد الجزئية بل برجاء المطلوبية لا يوجب صدق الزيادة - كما عرفت. وعليه يظهر أنه لافرق بينهما أيضا في أن مقتضى العلم الاجمالي بوجوب التدارك أو القضاء هو الجمع بينهما. نعم بناء على صدق الزيادة بمجرد الاتيان بالفعل - ولو برجاء المطلوبية -

 

===============

( 610 )

[ (الثانية عشرة): إذا شك في أنه بعد الركوع من الثالثة أو قبل الركوع من الرابعة بنى على الثاني، لأنه شاك بين الثلاث والأربع، ويجب عليه الركوع، لأنه شاك فيه مع بقاء محله (1). وأيضا هو مقتضى البناء على الأربع في هذه الصورة. وأما لو انعكس - بأن كان شاكا في أنه قبل الركوع من الثالثة أو بعده من الرابعة - فيحتمل وجوب البناء على ] يشكل الاحتياط بالتدارك، لاحتمال الزيادة. إلا أن يرجع إلى أصالة عدمها فلا مانع من العمل بقاعدة الاشتغال. ولولا ذلك أشكل تصحيح الصلاة من جهة الدوران بين المحذورين المذكورين، فيجب الاستئناف. (1) إلا أن العمل على هذه القاعدة يوجب العلم بعدم الحاجة إلى ركعة الاحتياط، لأن الصلاة إما باطالة بزيادة الركوع - على تقدير كونها ثلاثا، أو تامة على تقدير كونها أربعا. ودعوى: أن تمام موضوع وجوب صلاة الاحتياط هو الشك بين الأقل والاكثر، وإن علم بعدم الاحتياج إليها غير ظاهرة، وإن صدرت من بعض الأعاظم - بحمل ما في النصوص - من كونها متممة للنقص - على أنه من قبيل علة التشريع، التي لا يلزم اطرادها، وأن الواقع بمجرد الشك ينقلب إلى الوظيفة المجعولة للشاك - فان ذلك إن لم يكن خلاف المقطوع به من النصوص، فلا أقل من كونه خلاف الظاهر. مع أن لازمه أن لو شك بين الثلاث والأربع فغفل عن الشك وضم ركعة متصلة بطلت صلاته، وإن علم بعد ذلك أنها ثلاث، وأن ضم الركعة كان في محله. وهو كما ترى. فتأمل جيدا. فإذا امتنع الجمع بين العمل بقاعدة الشك في المحل وصلاة الاحتياط، فقد امتنع الجمع بينها وبين قاعدة البناء على الاكثر، لامتناع التفكيك في قاعدة البناء على الأكثر بين التسليم

 

===============

( 611 )

[ الأربع بعد الركوع، فلا يركع بل يسجد ويتم. وذلك لأن مقتضى البناء على الأكثر البناء عليه من حيث أنه أحد طرفي شكه وطرف الشك الأربع بعد الركوع (1)، لكن لا يبعد ] على الاكثر وصلاة الاحيتاط، إذ لا تفي به الأدلة. كما أنه يمتنع العمل بقاعدة البناء على الأكثر وحدها. اولا: من جهة أنه طرح لدليل قاعدة الشك في المحل بلا وجه. وثانيا: من جهة أن ظاهر أدلة قاعدة البناء على الاكثر كونها حكما في ظرف احتمال الموافقة، وهو غير حاصل في الفرض، للعلم بأن التسليم على الرابعة البنائية غير مشروع، إما لكونه تسليما على الثلاث، أو لكون الصلاة باطلة بترك الركوع. ومجرد الحكم بالاجزاء على تقدير المخالفة لا يوجب ظهور أدلتها فيما يعم الفرض، كما عرفت آنفا. ومن ذلك يظهر ضعف الدعوى المتقدمة التي ادعيت في المقام أيضا. كما أنه يمتنع أيضا العمل بقاعدة الشك وحدها بالبناء على الأقل أولا: من جهة الاشكالات المتقدمة في جواز البناء على الأقل في الشكوك غير المنصوصة. وثانيا: من جهة العلم ببطلان الصلاة، إما لزيادة الركوع على تقدير كونها ثلاثا، أو لزيادة ركعة، على تقدير كونها أربعا. ومن ذلك يظهر: أن الحكم بالبطلان في الفرض أظهر. (1) هذا مسلم. إلا أن ظاهر أدلة البناء على الاكثر هو التعرض لثيوت الأكثر فقد، من دون تعرض لقيده. ولذا لا يظن الالتزام - فيما إذا علم أنه على تقدير الاربع قد فات منه ركوع - أن أدلة البناء على الاكثر تثبت فوت الركوع. وسر ذلك: أن قاعدة البناء على الاكثر من قبيل الأصول الموضوعية التي تقصر عن إثبات اللوازم الاتفاقية، بناء على التحقيق من بطلان الأصل المثبت. والفرق بين المثالين: بأن الاربع في الاول: اخذت مقيدة بما بعد الركوع، وفي الثاني: اخذت مرسلة

 

===============

( 612 )

[ بطلان صلاته، لأنه شاك في الركوع من هذه الركعة، ومحله باق فيجب عليه أن يركع، ومعه يعلم إجمالا أنه إما زاد ركوعا أو نقص ركعة، فلا يمكن إتمام الصلاة (1) مع البناء على الاربع والاتيان بالركوع مع هذا العلم الاجمالي. (الثالثة عشرة): إذا كان قائما - وهو في الركعة الثانية من الصلاة - وعلم أنه أتى في هذه الصلاة بركوعين ولا يدري أنه أتى بكليهما في الركعة الأولى - حتى تكون الصلاة باطلة - أو أتى فيها بواحد وأتى بالآخر في هذه الركعة فالظاهر بطلان الصلاة، لأنه شاك في ركوع هذه الركعة ومحله باق فيجب ] غير ظاهر، لأن التقييد والارسال تابعان لكيفية العلم الاجمالي الوجداني، وكما أن العلم في الأول: قائم بين الثلاث التي لم يركع لها والأربع التي ركع لها، كذلك في الثاني: قائم بين الثلاث التي لم يفت فيها ركوع والأربع التي فات فيها الركوع. وكون الركوع في الفرض من مقومات الرابعة وليس كذلك في المثال لا يجدي فارقا فيما نحن فيه، لأنه لا يخرج فوت الركوع في المثال عن كونه قيدا للاربع أو للرابعة، ولو بلحاظ ما قبلها. مع أنه يمكن التمثيل بالقيود التي في الرابعة - مثل الرابعة التي وفي فيها دينه، أو وكل فيها في طلاق زوجته أو نحو ذلك - وقاعدة البناء على الأكثر لا تثبت ذلك بوجه أصلا ضرورة. (1) لما عرفت آنفا في عكس الفرض. هذا حال الجمع بين القاعدتين. أما الأخذ بواحدة منهما فقط فهو طرح لدليل الأخرى بلا وجه. نعم يمكن أن يقال: إن أدلة البناء على الأكثر لما كانت إرفاقية تسقط، حيث يلزم من إعهمالها البطلان ولو بضميمة قاعدة أخرى، فتسقط في المقام، ويعمل

 

===============

( 613 )

[ عليه أن يركع (1). مع أنه إذا ركع يعلم بزيادة ركوع في صلاته، ولا يجوز له أن لا يركع مع بقاء محله، فلا يمكنه تصحيح الصلاة. (الرابعة عشرة): إذا علم بعد الفراغ من الصلاة أنه ترك سجدتين ولكن لم يدر أنهما من ركعة واحدة أو من ركعتين (2) ] على أصالة الأقل، وقاعدة الشك في المحل. لكنه مبني على إمكان الرجوع إلى أصالة الاقل في الشكوك غير المنصوصة. وقد تقدم الكلام فيه في محله. (1) قد يقال: بأن أصالة الصحة في الصلاة تقتضي ثبوت الركوع لهذه الركعة، وهي مقدمة على قاعدة الشك في المحل، كما في سائر المقامات. وفيه: أن صحة الصلاة عبارة أخرى عن عدم زيادة الركوع في الركعة الاولى، وهو يلازم كون الركوع الثاني في الثانية، فاثباته له يتوقف على القول بالأصل المثبت. أو يقال: بأن مقتضى أصالة صحة الركوع الثاني كونه واقعا في الركعة الثانية، إذ الركوع الثاني في كل صلاة إنما يكون صحيحا إذا وقع في محله، وهو الركعة الثانية. وفيه - أيضا - ما عرفت: من أن وجود الركوع لهذه الركعة لازم لصحة الركوع الثاني، فلا يمكن إثباته بالاصل الجاري فيها. أو يقال: بأن قاعدة الشك في المحل يعلم بسقوطها عن الحجية - إما للاتيان بالركوع، أو لبطلان الصلاة - فإذا بني على عدم الاعتناء باحتمال بطلان الصلاة لقاعدة الصحة لم يكن مانع من وجوب المضي فيها والاتمام. وفيه: أن قاعدة الصحة إنما تجري بالاضافة إلى ما مضى من الافعال ولا تعرض فيها للفعل المكشوك فيه في محله، فلا تصلح للحكومة على قاعدة الاشتغال بالركوع الثاني المأمور به بالامر الضمني لتسقط عن الحجية، ومقتضاها الاستئناف. (2) العلم الاجمالي بفوات سجدتين، تارة: تكون أطرافه ثلاثة - كأن

 

===============

( 614 )

لا يدري أنهما من ركعتين، أو من ركعة سابقة، أو من ركعة لاحقة كما فرض في المتن. واخرى: يكون له طرفان - كأن لا يدري أنهما من الركعة السابقة، أو من الركعة اللاحقة - وكيف كان فاما أن يحصل العلم في المحل بالنسبة إلى بعض أطرافه، أو بعد التجاوز، أو بعد الدخول في ركن، أو بعد الفراغ، فالصور ثمان، نتعرض لحكمها هنا على سبيل الاجمال. الصورة الأولى: أن تكون أطراف العلم ثلاثة وقد حصل من المحل كما لو علم - وهو جالس في الثانية - بالفوات ولم يدر أنهما من الاولى أو من الثانية، أو واحدة من الأولى والأخرى من الثانية، فمقتضى جريان الأصول المفرغة بالنسبة إلى سجدتي الاولى - كقاعدة التجاوز - هو الحكم بتحقق السجدتين فيها. ولا تعارضها مثلها في سجدتي الثانية، لعدم جريانها مع الشك في المحل، بل يمتنع جريانها في الثانية منهما، للعلم بعدم سقوط أمرها - إما للبطلان على تقدير تركهما من الاولى، أو لعدم الاتيان بها على تقدير المحتملين الأخرين - إذ مع العلم يمتنع التعبد بالوجود، بل المرجع - في أولى سجدتي الثانية - قاعدة الشك في المحل الموجبة للتدارك، ومقتضى العلم بعدم سقوط أمر الأخرى هو ذلك أيضا، فيتداركهما معا في المحل، ويتم صلاته ويكفتي بها. الصورة الثانية: أن تكون أطراف العلم ثلاثة وقد حصل بعد تجاوز المحل، كما لو حصل له العلم السابق وهو في التشهد فنقول: أما السجدة الثانية من الركعة الثانية فيعلم بعدم سقوط أمرها - كما سبق - فلا مجال لجريان قاعدة التجاوز فيها. وأما السجدة الأولى من الركعة الأولى فتجري فيها قاعدة التجاوز بلا معارض، لأن مفادها صحة الصلاة. وما يتوهم المعارضة لها هو قاعدة التجاوز في الثانية من الأولى والأولى من الثانية، ومفادها في كل منهما هو التمام لا الصحة - على تقدير جريانها، والأصل المتمم

 

===============

( 615 )

لا يصلح لمعارضة الأصل المصحح، للعلم بمخالفة المتمم للواقع المانع من التعبد به. نعم إذا تعدد مجرى الأصل المتمم - كما في المقام - وكما لو علم إجمالا بفوات الركوع أو السجدة أو التشهد، فان الأصل المتمم الجاري في كل من السجدة والتشهد مما لا يعلم بمخالفته للواقع تفصيلا، إلا أنه يعلم بمخالفته للواقع إجمالا، وهذا العلم الاجمالي مانع من جريانه في مورديه، للتعارض، فيسقط فيهما فقط، ويبقى الأصل المصحح بلا معارض، فان العلم الاجمالي المذكور في المثال وان كان ثلاثي الأطراف - أعني: الركوع والسجدة والتشهد - لكن لما كان الأخيران غير ركنين يكون بينهما علم إجمالي ثنائي الاطراف، إذ يعلم باشتغال الذمة إما بالسجود أو بالتشهد، فينحل العلم الاول به، فيخرج الركوع عن كونه طرفا لعلم إجمالي منجز، فلا مانع من جريان الأصل فيه، ويختص المنع بالاصل الجاري في السجدة والتشهد لا غير، وكذلك الكلام في المقام، فان السجدة الثانية من الأولى والأولى من الثانية ليس تركها موجبا للبطلان، كالسجدة والتشهد في المثال. والسجدة الأولى من الأولى كالركوع، ومن ذلك يظهر: أن الأصل المصحح لا يصلح لمعارضته بالاصل المتمم، سواء اتحد مجراه أم تعدد. غاية الامر أنه مع الاتحاد لا يجري للعلم التفصيلي بالاشتغال بمورده، ومع التعدد لا يجري للعلم الاجمالي بذلك، الموجب لانحلال العلم الاجمالي الواسع الدائرة. هذا هو الكلام في السجدة الاولى من الاولى. وأما الثانية من الاولى والاولى من الثانية. فان قلنا: بتحقق التجاوز بالاضافة إلى الاولى من الثانية بفعل التشهد جرت قاعدة التجاوز لاثباتها، وبعد معارضتها بمثلها في الثانية من الاولى - كما عرفت - تسقطان ويرجع إلى أصالة عدم الاتيان بهما. ولا تتعارضان من جهة العلم الاجمالي بكذب إحداهما، لعدم كونه منجزا،

 

===============

( 616 )

بناء على التحقيق: من أن المانع من جريان الاصول في الاطراف هو نفس العلم المنجز، لا مطلقا. ولازمه تدارك سجدتي الثانية معا، إحداهما لاصالة عدم الاتيان بها، والثانية للعلم بعدم سقوط أمرها، ثم إتمام الصلاة، وقضاء السجدة الثانية من الركعة الاولى لاصالة عدم الاتيان بها. وان لم نقل بتحقق التجاوز بفعل التشهد للعلم بلغويته - إما للبطلان، أو لوجوب الرجوع والتدارك - تعين جريان قاعدة التجاوز في الثانية من الاولى، بلا معارض لها في الاولى من الثانية، لوجوب الرجوع فيها إلى قاعدة الشك في المحل. وحينئذ ليس عليه إلا تدارك سجدتي الثانية والاتمام، فيكون حكم هذه الصورة هو حكم الصوة الاولى. الصورة الثالثة: أن تكون أطراف العلم ثلاثة وقد حصل بعد الدخول في الركن، كما لو حصل له العلم المذكور وهو راكع في الثالثة فنقول: أما السجدة الثانية من كل من الركعتين فيعلم بعدم سقوط أمرها، إما لبطلان الصلاة، أو لعدم الاتيان بها. وأما الاولى من كل منهما فهي مجرى لقاعدة التجاوز بلا معارض، إذ لا علم بكذب إحداهما، لاحتمال فوت الثانية فقط من كل من الركعتين، ولازم ذلك إتمام الصلاة وقضاء سجدتين. فان قلت: وجوب قضاء السجدة حكم لعدم الاتيان بها، لا لمجرد عدم سقوط أمرها ولو لبطلان الصلاة، فكيف يكون العلم بعدم سقوط أمر السجدتين موجبا لقضائها؟ قلت: قد تقدم في المسألة الثالثة: أن المستفاد من أدلة وجوب قضاء السجدة أن مجرد عدم امتثال أمرها في صلاة صحيحة موجبه للقضاء وعدم الامتثال محرز بالوجدان وكون الصلاة صحيحة محرز بالاصل، فيجب العمل على الحكم. ولو سلم كفى أصالة عدم الاتيان في إثبات وجوب القضاء، كما سنشير إليه في المسألة اللاحقة، وإلى بعض ما له نفع في المقام.

 

===============

( 617 )

الصورة الرابعة: أن تكون أطراف العلم ثلاثة مع حصوله بعد الفراغ فان كان قبل فعل المنافي وكان احد الطرفين الركعة الاخيرة وقلنا بمخرجيه التسليم فالحكم كما في الصورة الثالثة، لان السلام حينئذ يكون كالركن مانعا من التدارك. وكذا لو لم نقل بمخرجيته وكان الطرفان غير الركعة الاخيرة - بل هو في الحقيقة راجع إلى الصورة الثالثة - ولو لم نقل بمخرجيته وكان أحد الطرفين الركعة الاخيرة فالحكم كما في الصورة الثانية. وإن كان بعد فعل المنافي، فان قلنا بقدح الفصل بالمنافي بين الصلاة وقضاء الأجزاء المنسية فالحكم البطلان - إما لفوات الركن، أو للفصل - وإن لم نقل بالقدح فكما لو كان قبل فعل المنافي. الصورة الخامسة: أن يكون للعلم طرفان وقد حصل في المحل، كما لو علم - وهو جالس في الثانية - بفوات سجدتين لا يدري أنهما من الأولى أو من الثانية. وحكمه تدارك سجدتي الثانية والاتمام فقط، لأنه يعلم بعدم امتثال أمر سجدتي الثانية - إما للبطلان، أو لعدم الاتيان - فلا يمكن جريان الأصول المفرغة فيهما. مضافا إلى قصورها ذاتا، لكون الشك في المحل، لابعد التجاوز، ولا بعد الفراغ. وعليه فتجري في سجدتي الأولى بلا معارض. فان قلت: مجرد عدم سقوط أمر السجدتين من الثانية لا يوجب التدارك، بل الموجب للتدارك هو عدم سقوط أمرهما لعدم الاتيان، أما عدم سقوط أمرهما لأجل البطلان فانما يوجب الاعادة، لا التدارك. قلت: لا ريب في أن عدم سقوط أمر السجدتين يوجب امتثاله بفعلهما، غاية الأمر أنه إن كان عدم سقوط أمرهما ملازما اتفاقا - لعدم سقوط الأمر بما قبلهما من الأجزاء كما في صورة البطلان - اقتضى وجوب فعلهما وفعل ما قبلهما من الأجزاء الذي هو معنى الاعادة، وإن كان عدم سقوط أمرهما ملازما لسقوط الأمر بما قبلهما اكتفي بفعلهما فقط بلا إعادة. فإذا ثبت سقوط الأمر بما قبلهما من

 

===============

( 618 )

الأجزاء بمقتضى الأصول المفرغة الجارية فيما قبلهما اكتفي عقلا بفعلهما فقط كما لو علم بعدم الاتيان بالسجدتين من الثانية وشك في سجدتي الأولى. مع أنه لو فرض أن التدارك من لوازم خصوص عدم الاتيان أمكن إثباته بأصالة العدم، كما أشرنا إلى ذلك آنفا. ويأتي أيضا. الصورة السادسة: أن يحصل له العلم المذكور بعد التشهد في الثانية. والحكم فيها كما في الخامسة، للعلم بعدم امتثال أمر السجدتين من الثانية أيضا فلا مجال لاجراء قاعدة التجاوز فيهما، فتجري في سجدتي الاولى بلا معارض. وهنا شبهات تعرضنا لذكرها ودفعها فيما كتبناه في سالف الزمان شرحا لمسائل هذا الختام، مما استفدناه في مجلس درس، أو تدريس، أو مذاكرة مع إخواننا الفضلاء، أو في عزلة وتفكر. وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت واليه أنيب. وستأتي الاشارة إلى بعض ذلك في المسائل الآتية. الصورة السابعة: أن يحصل له العلم المذكور وقد دخل في ركوع الثالثة. ولا ريب في البطلان حينئذ، لنقص الركن غير الممكن التدارك. الصورة الثامنة: أن يحصل له العلم بعد الفراغ، فان كان طرفاه غير الأخيرة، فالحكم كما في السابعة - بل هو منها - وإن كان أحد طرفيه الأخيرة فان قلنا بمخرجية السلام لحقه حكم السابعة أيضا، لنقص الركن، مع امتناع التدارك. وإن لم نقل بمخرجيته لحقه حكم السادسة - من وجوب الرجوع والتدارك ثم التشهد والتسليم - لما تقدم: من العلم بعدم امتثال أمر سجدتي الأخيرة، وجريان قاعدة التجاوز في سجدتي ما قبلها. هذا إذا كان قبل المنافي، وإن كان بعده بطلت على كل حال، إما لنقص الركن، أو لوقوع المنافي في الأثناء. ثم إنه يمكن تصوير العلم الثنائي الأطراف صورا أخرى: بأن يعلم بفوات سجدتين، إما من ركعة معينة، أو منها ومن غيرها. وصورة ثمان

 

===============

( 619 )

أيضا، لان الركعة المعينة إما اللاحقة أو السابقة، وكل منهما تجئ فيها الصور الأربع السابقة. ولا بأس بالاشارة إلى حكمها إجمالا فنقول: الصورة الأولى: أن يعلم - وهو جالس في الثانية - أنه إما فاتته سجدتا الثانية أو سجدة منها وسجدة من الأولى، فالسجدة الثانية من الثانية يعلم بعدم امتثال أمرها، والسجدة الثانية - المعلوم إجمالا فواتها - مرددة بين السجدة الاولى من الثانية والثانية من الاولى، وينحل العلم الاجمالي المذكور بجريان قاعدة الشك في المحل بالنسبة إلى الأولى من الثانية، ويرجع في الثانية من الاولى إلى قاعدة التجاوز، ومقتضى ذلك وجوب فعل سجدتين للثانية، إحداهما: للعلم، والأخرى: لقاعدة الشك في المحل، ويتم صلاته. الصورة الثانية: أن يحصل له العلم المذكور بعد التشهد والتجاوز عن المحل. وحينئذ فالسجدة الثانية من الثانية لا مجال لجريان قاعدة التجاوز فيها للعلم بعدم امتثال أمرها. وأما السجدة الاولى من الثانية فان قلنا بتحقق التجاوز بالاضافة إليها بمجرد فعل التشهد المحكوم بلغويته جرت قاعدة التجاوز فيها، وتتعارض بمثلها - الجارية في الثانية من الأولى - للعلم بكذب إحداهما للعلم بترك إحدى السجدتين، وبعد تساقط القاعدة فيهما للمعارضة يرجع إلى أصالة عدم الاتيان بهما. ولازم ذلك: وجوب تدارك سجدتي الثانية معا إحداهما: للعلم بعدم امتثال أمرها، والأخرى: لأصالة عدم الاتيان، ثم إتمام الصلاة، وقضاء السجدة الثانية من الاولى لاصالة عدم الاتيان بها وإن لم نقل بتحقق التجاوز به - للعلم بلغويته - فالحكم كما في المسألة الأولى. الصورة الثالثة: أن يحصل العلم المذكور بعد ركوع الثالثه. وحينئذ يعلم بعدم سقوط أمر السجدة الثانية من الركعة الثانية، إما لعدم الاتيان بها على تقدير فوات سجدة من كل من الركعتين، أو لبطلان الصلاة على تقدير فواتهما معا من الثانية، فلا مجال للاصول المفرغة فيها - ومثلها الثانية

 

===============

( 620 )

من الأولى - فينحصر الشك في امتثال أمر السجدة الاولى من الثانية فقط فتجري فيها الاصول المفرغة، فتثبت بذلك صحة الصلاة، لان السجدة الأولى من الركعة الأولى معلومة التحقق وجدانا، ومن الركعة الثانية تعبدا فلم يبق إلا العلم بعدم امتثال أمر كل من السجدتين الثانيتين من الركعتين فيتم صلاته ويقضيهما معا للعلم المذكور، كما سبق. الصورة الرابعة: أن يحصل العلم المذكور بعد الفراغ، فان كان قبل فعل المنافي، وكانت الركعتان غير الأخيرة - أو قلنا بمخرجية التسليم - فالحكم كما في الصورة الثالثة. وان كانت إحدى الركعتين الأخيرة، وقلنا بعدم مخرجية التسليم فالحكم كما في الصورة الثانية. وإن كان بعد فعل المنافي فان قلنا بقدح الفصل بالمنافي بين الصلاة والاجزاء المنسية فالحكم البطلان - اما لنقص الركن، أو للفصل بالمنافي - وإن قلنا بعدم قدح الفصل به فالحكم كما لو كان قبل المنافي، على اختلاف صوره. الصورة الخامسة: أن يعلم - وهو جالس في الثانية - أنه إما ترك سجدتي الأولى أو الثانية منها والثانية من الثانية، فهو يعلم تفصيلا بعدم الاتيان بالثانية من الاولى. كما يعلم أيضا بعدم امتثال أمر الثانية من الثانية إما للبطلان، أو لعدم الاتيان. كما يعلم أيضا بوجود الاولى من الثانية، وإنما يشك في وجود الاولى من الاولى فقط، فتجري فيها قاعدة التجاوز بلا معارض، وتثبت بها صحة الصلاة. وعليه فيسجد سجدة في المحل - لتكون سجدة ثانية للثانية - ويتم صلاته، ثم يقضي السجدة الثانية من الأولى، للعلم بفواتها وجدانا في صلاة صحيحة تعبدا. الصورة السادسة: أن يحصل له العلم المذكور بعد التجاوز عن المحل والدخول في التشهد - مثلا - وحكمه كما سبق، لما سبق من العلم بترك الثانية من الأولى وعدم امتثال أمر الثانية، والعلم بوجود الاولى منها والشك

 

===============

( 621 )

[ وجب عليه الاعادة، ولكن الأحوط قضاء السجدة مرتين، وكذا سجود السهو مرتين - أولا - ثم الاعادة. وكذا يجب الاعادة إذا كان ذلك في أثناء الصلاة. والأحوط إتمام الصلاة وقضاء كل منهما، وسجود السهو مرتين ثم الاعادة. (الخامسة عشرة): إن علم - بعد ما دخل في السجدة الثانية مثلا - أنه اما ترك القراءة أو الركوع أو أنه إما ترك سجدة من الركعة السابقة أو ركوع هذه الركعة وجب عليه الاعادة (1)، ] في وجود الأولى من الأولى - الذي هو مجرى قاعدة التجاوز - فيرجع ويتدارك سجدة واحدة ويتم صلاته، ثم يقضي سجدة أخرى. الصورة السابعة: أن يحصل له العلم بعد الدخول في الركن ويجري فيه ما سبق في الصورتين، ومقتضاه الاتمام وقضاء السجدة الثانية من كل من الركعتين، لعدم إمكان تدارك إحداهما كما أمكن في الصورتين السابقتين. الصورة الثامنة: أن يكون بعد الفراغ، فان قلنا بمخرجية التسليم - أو كانت الركعتان غير الأخيرة - فالحكم كما في السابعة، لعين ما تقدم فيها وإن قلنا بعدم مخرجية التسليم وكانت إحدى الركعتين الأخيرة فالحكم كما في السادسة، لعين ما تقدم فيها. هذا إذا كان قبل فعل المنافي، وان كان بعده فان قلنا بقدح الفصل به بين الأجزاء المنسية والصلاة فالحكم البطلان مطلقا وإن قلنا بعدم قدح الفصل به فان كانت الركعتان غير الأخيرة فكما لو كان العلم قبل المنافي، وإن كانت إحداهما الأخيرة بطلت الصلاة، لأن وجوب الرجوع والتدارك يقتضي وقوع المنافي في الاثناء المبطل لها بالفرض. والله سبحانه أعلم. (1) لتعارض قاعدة التجاوز في الطرفين - فلا مجال للرجوع إليها في

 

===============

( 622 )

إثبات واحد منهما - فيرجع إلى مقتضى العلم الاجمالي، وهو الاحتياط بالجمع بين الاتمام وقضاء السجدة وسجود السهو وبين الاعادة. إلا أن العلم المذكور لما كان منحلا - لجريان قاعدة الاشتغال في خصوص الاعادة - يرجع في الطرف الآخر إلى أصالة البراءة. لكن فيه: أنه لا يتم ذلك، أما في الفرض الثاني فلما عرفت في المسألة السابقة: من أن السجدة من الركعة السابقة يعلم بعدم امتثال أمرها - إما للبطلان، أو لعدم الاتيان بها - فلا مجال لجريان قاعدة التجاوز فيها، بل لا بد من امتثال أمرها، إما بالاعادة - على تقدير البطلان وبقاء الامر بسائر الاجزاء - وإما بالقضاء على تقدير الصحة، فإذا ثبتت الصحة بقاعدة التجاوز - الجارية لاثبات الركوع - تعين القضاء. ومثل ذلك جار في الفرض الأول، فانه أيضا يعلم بعدم امتثال أمر القراءة - إما للبطلان أو لعدم الاتيان بها - فلا مجال لجريان قاعدة التجاوز فيها. إلا أنه على تقدير البطلان لابد من امتثال أمرها في ضمن امتثال الامر ببقية الأجزاء، وعلى تقدير الصحة يسقط أمرها ويجب السجود للسهو للنقص، بناء على وجوبه لكل زيادة ونقيصة، فإذا ثبتت الصحة بقاعدة التجاوز - لاثبات الركن - تعين السجود للسهو فان قلت: كيف يصح جريان قاعدة التجاوز لاثبات وجود الركن مع أنها أصل ناف للتكليف؟ والاصل النافي للتكليف لا يجري في أحد اطراف العلم الاجمالي إذا كان منجزا. قلت: القاعدة المذكورة وإن كانت - بلحاظ وجود الركن - أصلا نافيا للتكليف لكنها - بلحاظ إثبات قضاء السجدة أو سجود السهو - تكون أصلا مثبتا له، ولا مانع من إجراء الأصل المثبت للتكليف في بعض أطراف العلم فيوجب انحلاله. وحينئذ يجوز إجراء الاصل النافي في الطرف الآخر، فيجوز إجراء قاعدة التجاوز في وجود الركن بلحاظ إسقاط أمره والخروج عن عهدته.

 

===============

( 623 )

فان قلت: اللحاظ الثاني الاثباتي مرتب على اللحاظ الأول النفيي، فصحة الأصل باللحاظ الثاني موقوفة على صحته باللحاظ الأول، فإذا توقفت صحته بالحاظ الاولى على الانحلال المتوقف على صحته باللحاظ الثاني كان دورا محالا. قلت: الترتب بين الحكم وموضوعه بحسب الجعل الواقعي لا يقتضي ترتبا بينهما بحسب الجعل الظاهري، لامكان أن يكون دليل الاصل ناظرا إلى المترتبين - أو المترتبات - في رتبة واحدة، فتكون سلسلة الآثار مجعولة ظاهرا في عرض واحد، أو مترتبة على العكس من ترتبها ظاهرا - وقد أشرنا إلى ذلك في الاصول في مبحث الاصل المثبت، ومبحث الملاقي لاحد أطراف الشبهة المحصورة - وعليه لا مانع من جريان قاعدة التجاوز في الركوع لاثبات سقوط أمر القراءة بلحاظ أثره - وهو سجود السهو، أو قضاء الجزء معه - من دون ملاحظة الترخيص كي يلزم الترخيص في مخالفة العلم المنجز. وحينئذ ينحل العلم الاجمالي، فيرجع بعد الانحلال إلى قاعدة التجاوز لاثبات سقوط الامر بلحاظ الترخيص. ونظير المقام: ما لو شك في الاستطاعة - للشك في اشتغال ذمته بدين لزيد - فانه يعلم إجمالا إما بوجوب وفاء دين زيد أو بوجوب السفر إلى الحج، ولا يظن الالتزام من أحد بوجوب الاحتياط عليه، بالجمع بين الوفاء والحج. وسره ما أشرنا إليه: من أن براءة ذمته من الدين لما كانت موضوعا لوجوب الحج - بلحاظ إثباته للاستطاعة - كان أصل البراءة من الدين - بلحاظ إثبات وجوب الحج - من قبيل الاصل المثبت، فإذا جرى بهذا اللحاظ وانحل به العلم الاجمالي صح أن يجري بلحاظ نفي الدين، بل يمكن أن يكون الحكم في المقام أظهر، إذ أن ثبوت الاستطاعة من آثار عدم التكليف بالدين الذي هو بنفسه مجرى أصالة البراءة، وفي المقام يحتمل أن يكون سقوط أمر الركن ووجوب قضاء الجزء أو سجود السهو كلاهما أثرين لوجود الركن في عرض واحد، يترتبان معا

 

===============

( 624 )

على وجود الركن الذي هو مجرى الاصل، لا أن الاول منهما موضوع للثاني. نعم لو كان الاثر الاثباتي من آثار إثبات الاثر النفي أشكل الحال. وأما لو كان أثرا لثبوته في نفسه - أو كان كلاهما أثرين في عرض واحد لموضوع واحد أو لموضوعين - فلا إشكال، إذ لا مانع من إجراء الاصل في الثبوت لاثبات الاثر المذكور. هذا ولو أغمض عما ذكرنا نقول: إنه يمتنع جريان قاعدة التجاوز في السجدة والقراءة لنفي القضاء وسجود السهو في رتبة قاعدة التجاوز في الركوع، لأن الاثرين المذكورين للأولى إنما يترتبان على ثبوت مؤداها في ظرف صحة الصلاة، ولا يترتبان عليه في ظرف فسادها، فما لم تحرز صحة الصلاة في رتبة سابقة لا مجال لاجراء قاعدة التجاوز فيهما لنفي القضاء وسجود السهو، وإذا لم تجر فيهما في رتبة قاعدة التجاوز - الجارية في الركوع - كان المرجع فيهما أصالة عدم الاتيان، ومقتضاها وجوب القضاء وسجود السهو، فينحل العلم الاجمالي، ولا مانع من جريان قاعدة التجاوز في الركوع. فان قلت: قاعدة التجاوز في القراءة والسجدة وإن لم تجر في رتبة قاعدة التجاوز في الركوع، إلا أنها تجري في الرتبة اللاحقة. وحينئذ تعارضها ويسقطان معا للمعارضة، ويكون المرجع قاعدة الاشتغال - الموجبة للاعدة فقط - كما عرفت آنفا. قلت: إذا لم تجر قاعدة التجاوز في السجود والقراءة في رتبة قاعدة التجاوز في الركوع لم تجر في رتبة لاحقة لها، لأنه يلزم من جريانها عدمه، لأنها إذا جرت عارضت قاعدة التجاوز الجارية في الركوع، للعلم الاجمالي بكذب إحداهما، وإذا عارضتها سقطت الأولى فتسقط الثانية، فيعلم تفصيلا بسقوطهما عن الحجية على كل حال، فيتعين الرجوع في موردها إلى أصالة عدم الاتيان لا غير. لكن هذا التقريب

 

===============

( 625 )

يتوقف على القول بأن سقوط الأصول في كل من الأطراف للمعارضة. أما لو كان المانع نفس العلم الاجمالي، بحيث يمتنع جريان الأصل النافي في طرف واحد وإن لم يكن له معارض في الآخر امتنع جريان قاعدة التجاوز في الركوع، لأنها أصل ناف. فان قلت: هذا يتم لو لم ينحل العلم الاجمالي بالأصل المثبت للتكليف في الطرف الآخر - كما في المقام - فان أصالة عدم الاتيان - الجارية لنفي السجود والقراءة - حيث أنها تثبت السجود للسهو والقضاء كانت موجبة لانحلال العلم، فلا مانع حينئذ من جريان قاعدة التجاوز في الركوع. قلت: جريان قاعدة التجاوز في الركوع موقوف على انحلال العلم، وهو موقوف على جريان أصالة العلم في الطرف الآخر، وهو موقوف على جريان قاعدة التجاوز في الركوع - لما عرفت من توقف القضاء وسجود السهو على صحة الصلاة - وذلك دور. اللهم الا أن يرجع إلى ما ذكرنا في التقريب الاول فيقال: جريان أصالة العلم في الطرف الآخر وإن كان موقوفا على جريان قاعدة التجاوز في الركوع، لكن بلحاظ الأثر الاثباتي - أعني: القضاء وسجود السهو - لا النفيي أعني: سقوط أمر الركوع، وجريانها بلحاظ الأثر المذكور ليس موقوفا على انحلال العلم الاجمالي، لما عرفت: من أن العلم الاجمالي لا يمنع من جريان الأصل الاثباتي، بل الأصل يوجب انحلاله، فيصح جريان الأصل النفيي في الطرف الآخر. نعم ربما يشكل التقريبان معا: بأن قاعدة التجاوز في الركن إذا كان بلحاظ الأثر النفي مشروطا بالانحلال، المشروط بجريانها بلحاظ الأثر الاثباتي كان جريانها - باللحاظ الاول - متأخرا رتبة عن جريانها باللحاظ الثاني، ففي رتبة جريانها باللحاظ الثاني لا تجري باللحاظ الأول. وحينئذ فتجري أصالة عدم الاتيان، ومقتضاها الاعادة، فينافي جريان

 

===============

( 626 )

[ لكن الأحوط هنا أيضا إتمام الصلاة وسجدتا السهو في الفرض الأول، وقضاء السجدة مع سجدتي السهو في الفرض الثاني، ثم الاعادة، ولو كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة فكذلك. (السادسة عشرة): لو علم بعد الدخول في القنوت قبل ] القاعدة بلحاظ الأثر النفي في الرتبة اللاحقة. وفيه: أن جريان أصالة عدم الاتيان - بلحاظ وجوب الاعادة - إذا كان مشروطا بعدم جريان قاعدة التجاوز بلحاظ الأثر النفيي - كانت متأخرة رتبة عن جريان القاعدة المذكورة، إذ كما أن الشرطية بين الشيئين موجبة للترتب بينهما كذلك المانعية بينهما، فالممنوع متأخر رتبة عن المانع، فلا تشرع أصالة عدم الاتينان إلا في رتبة متأخرة عن عدم القاعدة فإذا فرض عدم المانع من جريان القاعدة في رتبة - نفسها وهي الرتبة اللاحقة للانحلال - امتنع جريان أصالة عدم الاتيان في رتبة لاحقة لها. وإن شئت قلت: دليل اعتبار عدم جريان القاعدة في صحة جريان أصالة عدم الاتيان دال على عدم جريان أصالة عدم الاتيان مطلقا إذا جرت قاعدة التجاوز في رتبة نفسها فإذا فرض جريان القاعدة - في الفرض - في رتبة نفسها امتنع جريان أصالة عدم الاتيان مطلقا. ولأجل ما ذكرنا لا يكاد يستشكل أحد - فيما لو علم - وهو جالس في الثانية - بأنه إما فاتته سجدة من الأولى أو لم يسجد الثانية من الثانية - أنه تجري قاعدة التجاوز في السجدة الثانية للأولى وقاعدة الشك في المحل في السجدة الثانية للثانية، مع جريان الاشكال المذكور فيه حرفا فحرفا. وكذا الكلام في نظائره مما كان أحد طرفي العلم الاجمالي مجري لقاعدة التجاوز والآخر مجرى لقاعدة الشك في المحل. ومما ذكرنا يظهر: أن الاكتفاء في الفرضين بالاتمام والقضاء وسجود السهو من دون حاجة إلى الاعادة في محله.

 

===============

( 627 )

[ أن يدخل في الركوع أنه إما ترك سجدتين من الركعة السابقة أو ترك القراءة (1) وجب عليه العود لتداركهما (2) والاتمام ثم الاعادة. ويحتمل الاكتفاء بالاتيان (3) بالقراءة والاتمام من غير ] (1) يعني: من ركعة اللاحقة. (2) يعنى: تدارك السجدتين والقراءة، لتعارض قاعدة التجاوز فيهما فيرجع إلى أصالة عدم الاتيان المقتضية لتداركهما معا. لكن لو تداركهما معا يعلم بأنه إما زاد سجدتين أو قراءة، فيعلم بوجود الاعادة أو سجود السهو بعد الاتمام. وحينئذ تسقط أصالة عدم الاتيان للمعارضة، لأن العمل على طبقها في الطرفين يوجب العلم بالزيادة المذكورة. وكذا الحال في الرجوع إلى قاعدة الاشتغال في كل منهما. نعم لو بني على كون الزيادة التي تكون موضوعا للأثار - من البطلان أو سجود السهو - عبارة عن الاتيان بالجزء بقصد الجزئية، أمكن الرجوع إلى قاعدة الاشتغال الموجبة لتدارك السجدتين والقراءة برجاء الجزئية. ولا يلزم من ذلك محذور أصلا فيجب ولا يجوز له قطع الفريضة والاستئناف. وبذلك تفترق قاعدة الاشتغال عن أصالة عدم الاتيان، فان مقتضى الثانية جواز الاتيان بالمحتمل بقصد الجزئية، فيلزم المحذور المتقدم. ولو لم يتم المبنى المذكور - فلأجل أنك عرفت: أنه يمتنع الرجوع إلى قاعدة التجاوز في الطرفين، وأصالة عدم الاتيان وقاعدة الاشتغال - فاللازم الحكم بالاعادة لتعذر تصحيح الصلاة. هذا كله مع قطع النظر عما يأتي. كما أن هذا البيان إنما يجري إذا حصل له العلم المذكور وهو في القنوت ونحوه، مما يتحقق به التجاوز عن محل القراءة. أما إذا حصل له العلم وهو في محل القراءة فلا ينبغي التأمل في وجوب القراءة عليه - لقاعدة الشك في المحل - وعدم وجوب السجدتين، لقاعدة التجاوز. (3) هذا الاحتمال هو المتعين، لأنه - بعد العلم التفصيلي بعدم سقوط

 

===============

( 628 )

[ لزوم الاعادة إذا كان ذلك بعد الاتيان بالقنوت بدعوى: أن وجوب القراءة عليه معلوم - لأنه إما تركها أو ترك السجدتين - فعلى التقديرين يجب الاتيان بها، ويكون الشك ] القراءة - لا مجال لجريان قاعدة التجاوز فيها، فتجري القاعدة في السجدتين بلا معارض، ويكون حاله حال من علم بعدم القراءة وشك في السجدتين فانه لا ريب في وجوب القراءة عليه، وعدم وجوب السجدتين لقاعدة التجاوز. ودعوى: الفرق بينهما: بأن العلم في المقام بفوات القراءة تفصيلا إنما نشأ من العلم الاجمالي فيمتنع انحلاله به، لأن تنجز المعلوم بالاجمال في رتبة العلم التفصيلي المذكور فيمتنع استناده إليه، بل لابد أن يستند إلى العلم الاجمالي، ومنع تنجز المعلوم بالاجمال يمتنع جريان الأصل في كل واحد من أطرافه - ولو لم يكن له معارض على ما هو التحقيق - لأنه ترخيص في مخالفة العلم. وكذا الحال فيما تقدم من الموارد التي قلنا فيها إنه يعلم بفوات الجزء إما للبطلان أو لعدم الاتيان، بخلاف العلم التفصيلي في الفرض الثاني فانه ناشئ من سبب آخر غير العلم الاجمالي، فلذا كان موجبا لانحلاله. مندفعة: بأن العلم بفوات الجزء غير الركني وإن كان ناشئا من العلم الاجمالي بفوات أحد الأمرين، إلا أن العلم الاجمالي المذكور ليس منجزا ولو لم يكن العلم التفصيلي ناشئا منه كي يشكل انحلاله بالعلم التفصيلي الناشئ منه - لأن العلم بالموضوع لا يصلح للبعث ولا للزجر، وإنما الصالح لذلك هو العلم بالحكم، فاتنجز إنما يستند إليه. غاية الامر: أن العلم بالحكم. تارة: يتسند إلى العلم بالموضوع، وأخرى: يستند إلى أسباب أخر. والعلم الاجمالي بوجوب الأقل أو الأكثر عين العلم التفصيلي بوجوب الأقل - كما حقق في مبحث الأقل والأكثر - لا أن العلم التفصيلي بالأقل وغيره وناشئ منه ليرد المحذور. نعم لو قلنا بأن الأقل واجب بالوجوب الغيري - كما

 

 

===============

( 629 )

[ بالنسبة إلى السجدتين بعد الدخول في الغير، الذي هو القنوت (1). ] عليه شيخنا الأعظم في (رسائله) وغيره من الأكابر - أشكل انحلال العلم بالوجوب المردد بين الاقل والاكثر بالعلم بوجوب الاقل. لكن التحقيق خلافه، كما ذكرنا ذلك في الأصول في مبحث مقدمة الواجب وفي غيره. ومن أجل ذلك عبر في المتن بقوله: (وجوب القراءة عليه معلوم...). فان قلت: القراءة في المقام وإن علم بوجوبها تفصيلا إلا أنه يعلم اجمالا إما بوجوبها وحدها - على تقدير كون المتروك هو القراءة - لأن فعل السجدتين حينئذ زيادة مبطلة. وإما بوجوبها مع السجدتين - على تقدير كون المتروك هما السجدتان - فيكون العلم الاجمالي مرددا بين المتباينين - كالعلم بوجوب القصر أو التمام - ولا بد فيه من الاحتياط، ولا مجال للانحلال. قلت: مع أن هذا الاشكال جار بعينه في النقض المتقدم - وهو مالو علم بعدم القراءة وشك في السجدتين - وفيما لو كان الشك في القراءة شكا في المحل - كما لو علم قبل الدخول في القنوت إما بترك القراءة أو بترك السجدتين اللذين قد عرفت أنه لا ينبغي التأمل في وجوب القراءة فيهما عليه، وفي الرجوع في السجدتين إلى قاعدة التجاوز - مندفع في الجميع: بأنه بعد العلم بوجوب القراءة فالمتباينان اللذان يعلم إجمالا بوجوب أحدهما هما بشرط لا وبشرط شئ، والعلم الاجمالي بوجوب أحدهما منحل بجريان قاعدة التجاوز في السجدتين لأن مفادها المنع من فعل السجدتين، كما أن مفادها سقوط أمرهما. وقد عرفت فيما سبق: أن الاصل الجاري في أحد طرفي العلم الاجمالي إذا كان له أثران أحدهما إثباتي والآخر نفيي يجري بلحاظ أثريه معا، وينحل العلم الاجمالي. (1) لكن - لاجل العلم بأن القنوت في غير - محله يشكل صدق التجاوز بالدخول فيه، فالاولى تطبيق التجاوز عن محل السجدتين بلحاظ القيام،

 

===============

( 630 )

[ وأما إذا كان قبل الدخول في القنوت فيكفي الاتيان بالقراءة، لأن الشك فيها في محلها، وبالنسبة إلى السجدتين بعد التجاوز وكذا الحال لو علم بعد القيام إلى الثالثة أنه إما ترك السجدتين أو التشهد، أو ترك سجدة واحدة أو التشهد (1). وأما لو ] كما هو مورد صحيح إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (ع): (إن شك في السجود بعد ما قام فليمض) (* 1) (1) يعني: يرجع ويأتي بالتشهد لاغير ويقوم. وهذا مبني على أن لغوية القيام بلحاظ وجوب الرجوع إلى التشهد لا يوجب لغويته بلحاظ صدق التجاوز عن محل السجدتين أو السجدة، إذ حينئذ يمكن الرجوع في الشك في السجود إلى قاعدة التجاوز. أما لو بني على لغويته بهذا اللحاظ أيضا - كما هو الظاهر - فينبغي إلحاق الفرض المذكور بالفرض الآتي - وهو مالو علم قبل القيام - فانه لا مجال حينئذ لاجراء قاعدة التجاوز بالنسبة إلى كل منهما. أما التشهد فللعلم بعدم سقوط أمره. وأما السجود فلعدم تحقق التجاوز عن محله، كما لا مجال لاصالة عدم الاتيان بهما للزوم الزيادة، كما أشرنا إليه في صدر المسألة. وكما أشرنا هناك أيضا: إلى أن الحكم بالبطلان ولزوم الاستئناف والحكم بالصحة ولزوم فعل السجود والتشهد معا مبنيان على توقف صدق الزيادة القادحة على الفعل بقصد الجزئية وعدمه، فعلى الثاني تبطل الصلاة لدوران الامر بين الزيادة والنقيصة القادحتين، فلا يمكن تصحيح الصلاة فيجب الاستئناف. وعلى الاول يرجع إلى قاعدة الاشتغال ويأتي بالجزءين برجاء الجزئية، وتصح الصلاة للعلم بعدم الخلل لا نقيصة ولا زيادة. هذا كله في الفرض الاول. أما الفرض الثاني - وهو مالو احتمل ترك سجدة أو - التشهد فالعمل فيه بأصالة العدم فيهما إنما يقتضي لزوم

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 15 من ابواب السجود حديث: 4.

 

 

 

===============

( 631 )

[ كان قبل القيام فيتعين الاتيان بهما، مع الاحتياط بالاعادة (1). (السابعة عشرة): إذا علم بعد القيام إلى الثالثة أنه ترك التشهد، وشك في أنه ترك السجدة أيضا أم لا، يحتمل أن يقال: يكفي الاتيان بالتشهد (2)، لأن الشك بالنسبة إلى السجدة بعد الدخول في الغير - الذي هو القيام - فلا اعتناء به ] زيادة جزء غير ركني سهوا - وهو أما التشهد قبل العلم، أو السجدة بعد العلم - ومثله غير قادح. نعم يحصل له العلم بوجوب سجود السهو، بناء على وجوبه لكل زيادة سهوية. لكن قد يشكل: بأن الزيادة السهوية إنما لا تقدح إذا لم تكن طرفا للعلم الاجمالي، وهي في المقام أحد طرفي العلم الاجمالي، لانه إن كان سابقا قد ترك سجدة فقد زاد التشهد وعليه سجود السهو، وإن ترك التشهد فقد جاء بالسجود، فيكون فعله ثانيا زيادة، فالمصلي حينئذ يعلم إجمالا بأنه: إما ممنوع من زيادة السجود، أو يجب عليه سجود السهو لزيادة التشهد، فلو تدارك السجود احتمل زيادة السجدة المعلومة إجمالا - بلحاظ كونها أحد طرفي العلم الاجمالي - والزيادة كذلك قادحة، فالفرضان بحكم واحد. (1) لاشبهة - في هذا الفرض - في عدم جريان قاعدة التجاوز بالنسبة إلى السجود، لعدم الدخول فيما بعده ولو بحسب الصورة. وحينئذ فالاشكال السابق على الرجوع إلى أصالة عدم الاتيان - وهو لزوم الزيادة القادحة لكونها طرفا للعلم الاجمالي - جار هنا أيضا، فيشكل تدارك الجزءين، فتتعين الاعادة. (2) هذا الاحتمال استظهره في المسألة التاسعة والخمسين من مسائل هذا الختام، وفاقا منه للجواهر، للشك في شمول أدلة الشك قبل الدخول في الغير لمثل هذا الفرد، مع ظهور ما دل على عدم الالتفات فيه. واستوجه

 

===============

( 632 )

[ والأحوط الاعادة بعد الاتمام، سواء أتى بهما أو بالتشهد فقط (1). (الثامنة عشرة): إذا علم إجمالا أنه أتى بأحد الأمرين - من السجدة والتشهد - من غير تعيين وشك في الآخر، فان كان بعد الدخول في القيام لم يعتن بشكه (2)، وإن كان قبله ] خلافه في المسألة الخامسة والأربعين منها. وهو الوجه، لأن الظاهر من أخبار قاعدة التجاوز اعتبار الدخول في الغير المرتب شرعا على محل المشكوك لولا فواته، والقيام إلى الثالثة في الفرض ليس كذلك، للحكم بلغويته من جهة فوات التشهد. وحينئذ لاشك في شمول أدلة الشك الدخول في الغير له إذ المراد من الغير في المقامين واحد. مع أنه لو سلم الشك كفى أصالة عدم الاتيان - أو قاعدة الاشتغال - في وجوب تدارك المشكوك. ولا فرق بين تقدم الشك على العلم، وتأخره عنه، واقترانه معه. ودعوى: أنه في الصورة الأولى يكون الشك حين حدوثه محكوما بعدم الالتفات إليه، فإذا طرأ العلم بفوات التشهد لم يوجب تبدل حكم الشك. مندفعة: بأنه بطروء العلم ينكشف كونه شكا في المحل لا بعد تجاوزه، فلا وجه لترتيب الحكم الأول عليه بعد انكشاف كونه ليس موضوعا له، فأصالة عدم الاتيان - أو قاعدة الاشتغال - محكمة. وفي هذا الفرض لا يحصل العلم بالزيادة حتى السهوية غير القادحة، بخلاف الفرض السابق. (1) لاحتمال صدق الزيادة العمدية في الأول، وفي الثاني النقيصة كذلك. (2) لجريان قاعدة التجاوز في الطرفين بلا مانع، فان كل واحد من السجدة والتشهد مشكوك بعد التجاوز. وأما إجراء القاعدة في المشكوك المبهم المقابل للمعلوم فلا مجال له، إذ ليس له مطابق خارجي كالمعلوم - نظير المعلوم النجاسة والمعلوم الطهارة في الشبهة المحصورة - إذ الانطباق الخارجي لذات المعلومين لا بوصف كونهما معلومين. ولأجل أنه لا انطباق

 

===============

( 633 )

[ يجب عليه الاتيان بهما (1)، لانه شاك في كل منهما مع بقاء المحل، ولا يجب الاعادة بعد الاتمام، وإن كان أحوط. (التاسعة عشرة): إذا علم أنه إما ترك السجدة من الركعة السابقة أو التشهد من هذه الركعة، فان كان جالسا ولم ] هنا للمشكوك المقابل للمعلوم بوصف كونه مشكوكا لا يمكن إجراء القاعدة فيه لاحراز التشهد والسجدة، لعدم كونهما مصداقا له. ولما كان الشك مأخوذا موضوعا للقاعدة فلابد في إجرائها من ملاحظة نفس السجدة والتشهد المشكوكين. ولأجل ذلك افترق المقام عن باب الشبهة المحصورة، لأن العلم هناك لم يؤخذ موضوعا بل طريقا إلى نفس الموضوع المنطبق واقعا على أحدهما. ولذا وجب الاحتياط. فتأمل جيدا. ثم إن ها هنا إشكالات مبنية على اعتبار التقييد بين أجزاء المركبات في نفس المركب. ولما كان المبنى المذكور في نفسه باطلا - كما هو موضح في محله - فالاشكالات المذكورة ساقطة. ولأجل أن بناءنا في هذا الشرح على الاختصار أهملنا ذكرها. والله سبحانه وتعالى الموفق. (1) هذا يجري فيه نظير ما سبق في صدر المسألة السادسة عشرة وذيلها، لأن المزيد في المقام على كل تقدير لم يكن ركنا، إذ يدور الأمر بين زيادة التشهد، وزيادة السجدة، وزيادتهما معا. وذلك لأن المحتملات ثلاثة: فعلهما معا قبل الشك - فيكون فعل كل منهما ثانيا زيادة - وفعل السجدة أولا دون التشهد - فيكون فعل السجود ثانيا زيادة - وفعل التشهد أولا دون السجود فيكون هو زيادة ويكون فعلهما ثانيا أو فعل أحدهما - وعلى الأخير يجب سجود السهو، فإذا كان العلم الاجمالي منجزا يمتنع عليه فعلهما كما عرفت، فلو فعل بطلت صلاته.

 

===============

( 634 )

[ يدخل في القيام أتى بالتشهد (1) وأتم الصلاة، وليس عليه شئ، وإن كان حال النهوض (2) إلى القيام - أو بعد الدخول فيه - مضى وأتم الصلاة (3) وأتى بقضاء كل منهما مع سجدتي السهو (4). والأحوط إعادة الصلاة أيضا، ويحتمل وجوب العود (5) - لتدارك التشهد - والاتمام، وقضاء السجدة - فقط - مع سجود السهو. وعليه - أيضا - الأحوط الاعادة أيضا. ] (1) لقاعدة الشك في المحل التي عرفت أنه ينحل بها العلم الاجمالي، فتجري قاعدة التجاوز في السجدة بلا مانع. (2) هذا مبني على تحقق التجاوز عن محل التشهد بمجرد النهوض، اقتصارا في النص - الدال على وجوب الرجوع إلى السجود عند الشك فيه في حال النهوض - على مورده، كما استوجهه المصنف (ره). أما لو بني على إلحاق التشهد بالسجود في ذلك فاللازم في المقام إلحاق النهوض بالجلوس لا بالقيام. وقد تقدم الكلام في ذلك في البحث عن قاعدة التجاوز. (3) اعتمادا على قاعدة التجاوز فيهما. وأما قضاء كل منهما فللعلم الاجمالي بوجوب قضاء أحدهما. (4) مرة واحدة، إذ لا موجب لتعددهما مع وحدة السبب. (5) هذا هو المتعين، لامتناع جريان قاعدة التجاوز في كل من الطرفين للمعارضة من أجل العلم الاجمالي بكذب إحداهما، للعلم إما بوجوب قضاء السجدة من السابقة أو بوجوب الرجوع لتدارك التشهد، بل المرجع أصالة عدم الاتيان الموجبة للرجوع إلى التشهد وقضاء السجدة. فان قلت: وجوب الرجوع من آثار العلم بالفوت، فكيف يثبت مع الشك فيه؟ قلت: ذلك ممنوع، فان الرجوع من آثار الفوت إذا

 

===============

( 635 )

[ (العشرون): إذا علم أنه ترك سجدة إما من الركعة السابقة أو من هذه الركعة، فان كان قبل الدخول في التشهد - أو قبل النهوض إلى القيام، أو في أثناء النهوض (1) قبل الدخول فيه - وجب عليه العود إليها لبقاء المحل ولا شئ عليه (2)، لأنه بالنسبة إلى الركعة السابقة شك بعد تجاوز المحل. وإن كان بعد الدخول في التشهد - أو في القيام - مضى ] أمكن التدارك، بأن لا يدخل في ركن بعده، وإنما لا يجب مع عدم العلم بالفوت، لجريان قاعدة التجاوز حينئذ المقتضية لعدم حصول الفوت. ولذا نقول بوجوب التدارك إذا كان الشك قبل التجاوز، لمجرد أصالة عدم الاتيان وإن لم يثبت كون قاعدة الشك في المحل من القواعد التعبدية الشرعية. هذا مع أن المحقق في محله كون المستفاد من دليل حجية الاستصحاب وجوب معاملة الشك في البقاء معاملة اليقين به، فيترتب عليه ما يترتب على اليقين من الاحكام. ولأجل ذلك قلنا بقيامه مقام العلم الموضوعي. فان قلت: هذا يتم إذا جرى، وجريانه يتوقف على كون مجراه ذا أثر شرعي، وهو خلاف البناء على كون وجوب الرجوع من آثار العلم بالفوت. قلت: العلم بالفوات وإن كان دخيلا في الأثر لكنه ليس تمام الموضوع، بل الاثر ثابت لمجموع الفوات الواقعي والعلم به، فيكون الفوات الواقعي موضوعا للأثر الضمني، وهو كاف في جريان الاستصحاب. ولذا تجري الأصول في كل من أجزاء المركبات بلحاظ الآثار الضمنية الثابتة لكل واحد منها. ولعل ما ذكرنا هو الوجه في ترجيح احتمال المضي والاتمام. (1) ألحق النهوض بالجلوس لأنه مورد النص في الشك في السجود، كما عرفت. (2) لما عرفت فيما قبله.

 

===============

( 636 )

[ وأتم الصلاة وأتى بقضاء السجدة وسجدتي السهو. ويحتمل وجوب العود (1) - لتدارك السجدة من هذه الركعة - والاتمام وقضاء السجدة، مع سجود السهو (2). والأحوط - على التقديرين - إعادة الصلاة أيضا. (الحادية والعشرون): إذا علم أنه إما ترك جزءا مستحبا - كالقنوت مثلا - أو جزءا واجبا، سواء كان ركنا أو غيره من الأجزاء التي لها قضاء - كالسجدة والتشهد - أو من الأجزاء التي يجب سجود السهو لأجل نقصها صحت صلاته ولا شئ عليه (3). وكذا لو علم أنه إما ترك الجهر أو الاخفات في موضعهما أو بعض الأفعال الواجبة المذكورة، لعدم الأثر لترك الجهر والاخفات، فيكون الشك بالنسبة إلى الطرف الآخر بحكم الشك البدوي ]. (1) هذا هو المتعين، لما عرفت فيما سبق. (2) مكررا عن نقص السجدة، وعن زيادة التشهد، أو زيادة القيام. (3) لجريان قاعدة التجاوز في الجزء، بلا معارضة لها بمثلها في الجزء المستحب لعدم الأثر العملي لها، إذ على تقدير العلم التفصيلي بفوات الجزء المستحب لا يترتب أثر عملي، فضلا عما لو كان طرفا للعلم الاجمالي. نعم يشكل الحال في التمثيل بالقنوت، لأنه مما يقضى بعد الركوع - كما في بعض النصوص - (* 1) أو بعد الانصراف - كما في بعض آخر - (* 2) إذ حينئذ يكون لفواته أثر عملي، فيمتنع جريان القاعدة فيه إذا

 

____________ (* 1) راجع الوسائل باب: 18 من ابواب القنوت. (* 2) راجع الوسائل باب: 16 من أبواب القنوت.

 

 

 

===============

( 637 )

كان طرفا للعلم الاجمالي، لأن العلم الاجمالي كالتفصيلي حجة يمتنع جريان الحجج النافية عى خلافه، أمارة كانت أو أصلا. ومثله: الأذان والاقامة اللذان يشرع لفواتهما الاستئناف إذا ذكر قبل الركوع (* 1) ولأجل ذلك تضمن صحيح زرارة إجراء القاعدة فيهما مع الشك فيهما بعد تكبير الافتتاح (* 2) فكان اللازم على المصنف (ره) استثناء مثل القنوت عن القاعدة المذكورة في هذا المسألة. وربما يقال: إن مخالفة الحكم الاستحبابي لما لم توجب عصيانا ولا عقابا لم يلزم من إجراء قاعدة التجاوز في الأجزاء المستحبة ترخيص في محتمل المعصية ليقبح فيمتنع، فلا مانع من إجراء القاعدة في الطرفين. وفيه: أن التعبير بأن إجراء الأصل النافي للتكليف في طرف العلم الاجمالي ترخيص في محتمل المعصية جار على ما هو محل الكلام من الشبهة المحصورة، وليس هو المناط في المنع عن جريان الأصل، بل المناط ما عرفت: من كون العلم الاجمالي حجة - كالعلم التفصيلي - مانعا عن جعل الحكم الظاهري على خلافه، للزوم التناقض ونقض الغرض. فان قلت: إذا علم إجمالا: أنه إما يجب الصوم أو تستحب الصدقة فلا إشكال في جواز الرجوع إلى البراءة في وجوب الصوم، مع أن مقتضى ما ذكر هو العدم. قلت: فرق بين الأصول العقلية والأصول الشرعية، فان الاصول العقلية تجري ما لم يكن بيان على خلاف مقتضاها، وهو غير حاصل في الفرض، إذ العلم الاجمالي فيه ليس متعلقا بتكليف إلزامي، فلا يكون حجة على خصوص وجوب الصوم. أما الأصول الشرعية - فلاجل أن مفادها أحكام شرعية طريقية والعلم الجمالي - كالعلم التفصيلي - رافع لموضوع الحكم الطريقي، للزوم

 

____________ (* 1) راجع الوسائل باب: 19 من ابواب الأذان والاقامة. (* 2) الوسائل باب: 23 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 1.

 

 

 

===============

( 638 )

[ (الثانية والعشرون): لا إشكال في بطلان الفريضة إذا علم إجمالا (1): أنه إما زاد فيها ركنا أو نقص ركنا (2) وأما في النافلة فلا تكون باطلة، لأن زيادة الركن فيها مغتفرة (3) والنقصان مشكوك. نعم لو علم أنه إما نقص فيها ركوعا أو سجدتين بطلت. ولو علم إجمالا أنه إما نقص فيها ركوعا - مثلا - أو سجدة واحدة، أو ركوعا، أو تشهدا أو نحو ذلك مما ليس بركن لم يحكم باعادتها، لان نقصان ما عدا الركن فيها لا أثر له - من بطلان، أو قضاء أو سجود سهو (4) - فيكون احتمال نقص الركن كالشك البدوي. (الثالثة والعشرون): إذا تذكر - وهو في السجدة أو بعدها من الركعة الثانية (5) مثلا - أنه ترك سجدة من الركعة ] التناقض، ونقض الغرض وغير ذلك مما ذكر في عدم جواز جعل الحكم الظاهري مع العمل التفصيلي - لا مجال لاعمالها في أطراف العلم الاجمالي. وقد أشرنا إلى ذلك في مباحث الخلل في الوضوء. (1) للعلم التفصيلي ببطلانها. (2) يعني: بنحو لا يمكن تداركه، كما هو ظاهر. (3) يعني: فيجري فيه ما سبق. (4) على ما تقدم الكلام فيه. فراجع. (5) يعني: باعتقاده. وأما بالنظر إلى نفس الواقع فالسجدة المأتي بها تنطبق عليها السجدة الثانية للركعة الاولى قهرا. نعم لو كان قصد الثانية على نحو التقييد بطلت السجدة، ولا تبطل الصلاة، لعدم كونها زيادة عمدية. وحينئذ فلا بد من الاتيان بسجدة ثانية للاولى.

 

===============

( 639 )

[ الاولى وترك أيضا ركوع هذه الركعة جعل السجدة التي أتى بها للركعة الاولى (1)، وقام وقرأ (2) وقنت وأتم صلاته. وكذا لو علم أنه ترك سجدتين من الاولى - وهو في السجدة الثانية من الثانية - فيجعلهما للأولى (3)، ويقوم إلى الركعة الثانية. وإن تذكر بين السجدتين سجد أخرى بقصد الركعة الاولى (4) ويتم. وهكذا بالنسبة إلى سائر الركعات إذا تذكر - بعد الدخول في السجدة من الركعة التالية - أنه ترك السجدة من السابقة وركوع هذه الركعة، ولكن الاحوط في جميع هذه الصور إعادة الصلاة بعد الاتمام (5). ] (1) المراد معاملتها معاملة السجدة الثانية للاولى، إذ قد عرفت: انطباقها عليها قهرا، ولا يتوقف الانطباق المذكور على القصد وإلا فلا دليل عليه، إذ العدول خلاف الاصل، ثبت في بعض الموارد للدليل. (2) ويكون قيامه الاول وقراءته زيادتين في الصلاة، لوقوعهما في غير محلهما، لاعتبار الترتيب بينهما وبين السجدة الثانية للاولى، فما دام لم يسقط أمرها يكونان لغوا وزيادة، ولا بد من سجود السهو لهما - مرة أو مرتين - حسبما تقدم في محله. (3) الكلام فيه كما سبق. (4) لا حاجة إليه - كما عرفت - فكيفي الاتيان بها بقصد الصلاة تقربا (5) هذا الاحتياط استحبابي ضعيف. وكان منشأه: توهم صدق فوت الركوع بالدخول في السجدة. وفيه: أنه يختص ذلك بما إذا كان الركوع مطلوبا، بحيث يكون فعل السجود في غير محله. وليس كذلك في المقام، لكون السجود في محله، وإنما الواقع في غير محله هو القيام والقراءة.

 

===============

( 640 )

[ (الرابعة والعشرون): إذا صلى الظهر والعصر وعلم بعد السلام نقصان إحدى الصلاتين (1) ركعة، فان كان بعد الاتيان بالمنافي - عمدا وسهوا - أتى بصلاة واحدة بقصد ما في الذمة، وإن كان قبل ذلك قام فأضاف إلى الثانية ركعة، ثم سجد للسهو عن السلام في غير المحل، ثم أعاد الاولى، بل الاحوط أن لا ينوي الاولى بل يصلي أربع ركعات بقصد ما في الذمة، لاحتمال كون الثانية - على فرض كونها تامة - محسوبة ظهرا. (الخامسة والعشرون): إذا صلى المغرب والعشاء ثم علم - بعد السلام من العشاء - أنه نقص من إحدى الصلاتين ركعة، فان كان بعد الاتيان بالمنافي - عمدا وسهوا - وجب عليه إعادتهما، وإن كان قبل ذلك قام فأضاف إلى العشاء ركعة (2)، ثم يسجد سجدتي السهو، ثم يعيد المغرب. (السادسة والعشرون): إذا صلى الظهرين وقبل أن يسلم للعصر علم إجمالا: أنه إما ترك ركعة من الظهر - والتي بيده رابعة العصر - أو أن ظهره تامة - وهذه الركعة ثالثة العصر - فبالنسبة إلى الظهر شك بعد الفراغ، ومقتضى القاعدة البناء على كونها تامة. وبالنسبة إلى العصر شك بين الثلاث ] (1) قد تقدم الكلام في هذه المسألة وما بعدها في المسألة الثامنة. فراجع. (2) والأولى أن ينوي ما في ذمته، لاحتمال تمام الثانية ونقص الأولى وعدم بطلانها بفعل الثانية في أثنائها - فتكون الركعة المأتي بها حينئذ متممة للاولى فتأمل.

 

===============

( 641 )

[ والأربع، ومقتضى البناء على الاكثر الحكم بأن ما بيده رابعتها والاتيان بصلاة الاحتياط بعد إتمامها. إلا أنه لا يمكن إعمال القاعدتين معا، لأن الظهر إن كانت تامة فلا يكون ما بيده رابعة، وإن كان ما بيده رابعة فلا يكون الظهر تامة، فيجب إعادة الصلاتين، لعدم الترجيح في إعمال إحدى القاعدتين (1). نعم الأحوط الاتيان بركعة أخرى للعصر ثم إعادة الصلاتين، ] (1) بل يمتنع إعمال قاعدة البناء على الاكثر تفصيلا بعنوان العصر. إما لأن التسليم فيها على الثلاث. أو لفقد شرط الترتيب، فلا يحتمل كون التسليم المأتي به بعنوان العصر مطابقا للواقع. وقد عرفت: أن شرط جريان قاعدة البناء على الاكثر احتمال المطابقة للواقع. كما أنه يمتنع تفصيلا إعمالها بعنوان الظهر بسبب العدول. إما لتمامية الظهر الأولى فيمتنع العدول بالثانية أو لنقصها فتكون الثانية تامة، ولا مجال لصلاة الاحتياط. وإن شئت قلت: لا مجال لاعمال التعارض بين قاعدتي الفراغ في الظهر وقاعدة النباء على الاكثر في العصر، لأن الترتيب بين الظهر وعصر يوجب تأخر صحة الثانية عن صحة الأولى، فالأصل المصحح للاولى متقدم رتبة على الاصل المصحح للثانية، ويمتنع إعمال التعارض بين الاصلين المترتبين، لان جريان الثاني إذا كان مشروطا بجريان الاول، فلو عارضه وأسقطه سقط هو فيلزم من وجود الشئ عدمه. ولا مجال لتقرير ذلك في جريان الاول، لامكان التفكيك بينه وبين الثاني. وقد أشرنا في المسألة الخامسة عشرة إلى أن ذلك موجب للعلم بسقوط الثاني عن الحجية والشك في سقوط الأول عنها، فيؤخذ باطلاق دليله. كما أن قاعدة الفراغ في الصلاة الاولى - المأتي بها بعنوان الظهر - مانعة من إجراء قاعدة البناء على الاكثر في الصلاة الثانية بعنوان الظهر أيضا، فانه لا مجال لها فيها بعد صحتها بقاعدة الفراغ الجارية في الأولى.

 

===============

( 642 )

[ لاحتمال كون قاعدة الفراغ من باب الامارات (1). وكذا ] ويتحصل من ذلك: امتناع الأخذ بقاعدة البناء على الأكثر في الثانية - لا بعنوان العصر ولا بعنوان الظهر - وجواز الاخذ بقاعدة الفراغ في الظهر بلا معارض. وإذا تعين سقوط قاعدة البناء على الاكثر في الثانية فان أمكن الرجوع إلى أصالة الاقل في غير الشكوك المنصوصة رجع إليها هنا - بعد جريان قاعدة الفراغ في الظهر - واكتفي في صحة الصلاتين بضم ركعة متصلة وإن امتنع الرجوع إلى أصالة الاقل بطلت الثانية - لعدم المصحح - واحتاج إلى إعادة العصر فقط. هذا ولو سلم على الثانية برجاء العدول إلى الظهر ثم جاء بالعصر كان موافقا للاحتياط ولم يحتج إلى إعادة الصلاتين. ومنه يظهر الكلام في الفرع الآتي. (1) يعني: فتكون دالة على تمامية الظهر بالمطابقة، وعلى أن العصر ثلاثة بالالتزام. وحينئذ لا مجال لقاعدة البناء على الأكثر، لارتفاع موضوعها - وهو الشك - بسبب قيام الأمارة على خلافه، فيجب العمل بالأمارة لا غير. هذا ولكن لو قلنا: بأن قاعدة الفراغ أمارة فلا نقول بأنها تثبت كل لازم لصحة الفعل، لقصور دليلها عن إثبات ذلك - ولو دل على أنها أمارة - إذ ليس لازم كل أمارة أن تكون حجة في اللازم، فان اليد أمارة على الملكية وليست حجة في إثبات كل لازم للملكية، وظواهر الألفاظ أمارة على المراد وليست حجة في كل لازم له. وبالجملة: الاقتصار في حجية الامارة على خصوص المدلول المطابقي - أو مع الالتزامي في الجملة أو مطلقا - تابع لدليل الحجية، وهو مختلف ولا مجال لاحتمال دلالة دليل قاعدة الفراغ - سواء أكان هو الاخبار المتقدمة (* 1)، أم سيرة العقلاء، أم إجماع العلماء - على حجيتها في لوازم

 

____________ (* 1) راجع الوسائل باب: 16 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 2. وباب: 23 حديث: 3، وباب: 27 حديث: 1، 2، 3، وباب: 42 من ابواب الوضوء حديث: 2، 5، 6 وقد تقدم بعضها في المسألة: 9 من فصل الشك.

 

 

 

===============

( 643 )

[ الحال في العشاءين إذا علم أنه إما صلى المغرب ركعتين - وما بيده رابعة العشاء - أو صلاها ثلاث ركعات، وما بيده ثالثة العشاء. (السابعة والعشرون): لو علم أنه صلى الظهرين ثماني ركعات، ولكن لم يدر أنه صلى كلا منهما أربع ركعات أو أو نقص من إحداهما ركعة وزاد في الاخرى بنى على أنه صلى كلا منهما أربع ركعات، عملا بقاعدة عدم اعتبار الشك بعد السلام. وكذا إذا علم أنه صلى العشاءين سبع ركعات وشك بعد السلام في أنه صلى المغرب ثلاثة والعشاء أربعة، أو نقص من إحداهما وزاد في الاخرى فيبني على صحتهما (1) (الثامنة والعشرون): إذا علم أنه صلى الظهرين ثمان ركعات وقبل السلام من العصر شك في أنه هل صلى الظهر أربع ركعات - فالتي بيده رابعة العصر - أو أنه نقص من الظهر ركعة فسلم على الثلاث - وهذه التي بيده خامسة العصر - فبالنسبة إلى الظهر شك بعد السلام، وبالنسبة إلى العصر شك بين الأربع والخمس فيحكم بصحة الصلاتين، إذ لا مانع من إجراء القاعدتين (2)، فبالنسبة إلى الظهر يجري قاعدة الفراغ والشك بعد السلام - فيبني على أنه سلم على أربع - وبالنسبة ] الصحة، وإن دل على كونها أمارة لا أصلا. (1) الحكم فيها ظاهر. (2) الشك في الفرض راجع إلى الشك في سقوط أمر الظهر، من جهة احتمال نقص الركعة، وفي سقوط أمر العصر بما في يده من جهتين:

 

===============

( 644 )

[ إلى العصر يجري حكم الشك بين الأربع والخمس، فيبني على الأربع - إذا كان بعد إكمال السجدتين - فيتشهد ويسلم، ثم يسجد سجدتي السهو. وكذا الحال في العشاءين إذا علم قبل السلام من العشاء أنه صلى سبع ركعات وشك في أنه سلم من المغرب على ثلاث - فالتي بيده رابعة العشاء - أو سلم على الاثنتين - فالتي بيده خامسة العشاء - فانه يحكم بصحة الصلاتين وإجراء القاعدتين. (التاسعة والعشرون): لو انعكس الفرض السابق، بأن شك - بعد العلم بأنه صلى الظهرين ثمان ركعات - قبل السلام من العصر في أنه صلى الظهر أربع - فالتي بيده رابعة العصر - أو صلاها خمسا - فالتي بيده ثالثة العصر - فبالنسبة إلى الظهر شك بعد السلام، وبالنسبة إلى العصر شك بين الثلاث والأربع. ولا وجه لاعمال قاعدة الشك بين الثلاث ] إحداهما فقد الترتيب بينها وبين الظهر، والثانية: احتمال زيادة ركعة فيها. أما احتمال نقص الركعة في الظهر فملغى بقاعدة الفراغ. وأما الجهة الأولى في العصر فملغاة أيضا بقاعدة الفراغ في الظهر، فانه كما توجب الفراغ عن أمر الظهر توجب الفراغ عن شرطية الترتيب في العصر. وأما الجهة الثانية في العصر فلا تصلح قاعدة الفراغ في الظهر لا لغائها - وإن كان لازم الفراغ من الظهر عدم زيادة ركعة في العصر - إذ لا نقول بالأصل المثبت - كما عرفت قريبا - فالمرجع في إلغائها قاعدة البناء على الأربع عند الشك بين الأربع والخمس. وإذ لا تنافي بين إلغاء الجهات المذكورة كان إعمال الأصول فيه بلا مانع.

 

===============

( 645 )

[ والأربع في العصر، لأنه إن صلى الظهر أربعا فعصره أيضا أربع (1)، فلا محل لصلاة الاحتياط (2). وإن صلى الظهر خمسا فلا وجه للبناء على الأربع في العصر (3) وصلاة الاحتياط، فمقتضى القاعدة إعادة الصلاتين (4). نعم لو عدل بالعصر (5) إلى الظهر، وأتى بركعة أخرى (6) وأتمها يحصل ] (1) ولما تقدم في المسألة السادسة والعشرين: من أن الترتيب بين الصلاتين يوجب الترتب بين قاعدة الفراغ في الأولى وقاعدة البناء على الأكثر في الثانية. وحينئذ يمتنع إعمال التعارض بينهما. (2) وقد عرفت: امتناع التفكيك - في قاعدة البناء على الأكثر - بين التسليم على الأكثر المحتمل وصلاة الاحتياط، فإذا تعذرت الثانية تعذر الأول. (3) بل يجب العدول واقعا وضم ركعة، وإذ يعلم بعدم مطابقة التسليم على الأكثر المحتمل للواقع لم يكن مجال لقاعدة البناء على الأكثر. (4) لم يظهر وجه استنتاج هذه النتيجة مما ذكره أولا، فانه راجع إلى امتناع العمل بقاعدة البناء على الاكثر في العصر. ولازمه عدم المانع من إجراء قاعدة الفراغ في الظهر، إذ ليس ما يحتمل أن يكون مانعا عن ذلك إلا قاعدة البناء على الاكثر من جهة المعارضة، فإذا امتنع العمل بها تعيينا. كانت قاعدة الفراغ في الظهر بلا معارض، ويترتب على ذلك الاكتفاء باعادة العصر فقط. (5) يعنى: عدولا، برجاء كون الظهر خمسا باطلة. ثم إن من الواضح أنه لا ملزم له عقلا بهذا العدول. (6) قد يقال: بأنه يقطع بعدم جواز الاتيان بالركعة المتصلة مع الشك الوجداني في ركعاتها بين الثلاث والاربع. وفيه: المنع من هذا القطع، لما عرفت: من عدم انقلاب الواقع بالشك، غاية الأمر أنه لا يجتزأ به شرعا

 

===============

( 646 )

[ له العلم بتحقق ظهر صحيحة، مرددة بين الأولى - إن كان في الواقع سلم فيها على الأربع - وبين الثانية المعدول بها إليها إن كان سلم فيها على الخمس. وكذا الحال في العشاءين إذا شك - بعد العلم بأنه صلى سبع ركعات قبل السلام من العشاء - في أنه سلم في المغرب على الثلاث - حتى يكون ما بيده رابعة العشاء - أو على الأربع، حتى يكون ما بيده ثالثتها. وهنا أيضا إذا عدل إلى المغرب (1) وأتمها يحصل له العلم بتحقق مغرب صحيحة، إما الأولى أو الثانية المعدول إليها. وكونه شاكا بين الثلاث والأربع - مع أن الشك في المغرب مبطل - ] ظاهرا، لاحتمال الزيادة، فإذا فرض عدم حصول الزيادة واقعا كانت الصلاة صحيحة حينئذ. (1) قد يقال: بأن العدول موجب للبطلان، لعدم اغتفار الشك في ركعات المغرب والصبح. وفيه: أن الشك المبطل للمغرب هو الشك في ركعاتها في ظرف المفروغية عن كونها مغربا. وفي الفرض - على تقدير كونها مغربا مأمورا بها شرعا - لاشك في ركعاتها بل هي ثلاث، لأنه على تقدير صحة المغرب الأولى فهي أربع عشاء تبطل بالعدول بها إلى المغرب وعلى تقدير بطلان المغرب الأولى فبالعدول بها إلى المغرب تكون ثلاثا، فهي على تقدير كونها مغربا مما يعلم كونها ثلاثا ولا شك في ركعاتها، وإنما الشك في أنها مغرب صحيحة أو أربع باطلة. ونظير ذلك: ما لو علم أنه في التشهد الآخر وشك في أنه في تشهد المغرب أو في تشهد العشاء وقد صلى المغرب، فانه يشك في صلاته أنها ثلاث - لكونا مغربا - أو أربع، لكونها عشاء. وكذا لو فاته مغرب

 

===============

( 647 )

[ لا يضر بالعدول، لأن في هذه الصورة يحصل العلم بصحتها مرددة بين هذه والأولى، فلا يكتفي بهذه فقط حتى يقال: إن الشك في ركعاتها يضر بصحتها. (الثلاثون): إذا علم أنه صلى الظهرين تسع ركعات ولا يدري أنه زاد ركعة في الظهر أو في العصر، فان كان بعد السلام من العصر وجب عليه إتيان صلاة أربع ركعات بقصد ما في الذمة (1)، وإن كان قبل السلام فبالنسبة إلى الظهر يكون من الشك بعد السلام. وبالنسبة إلى العصر من الشك ] وعشاء، وبني على عدم الترتيب في القضاء فقضى الصلاتين، وقبل السلام في الثانية علم أنه صلى سبع ركعات وشك في أنه قضى المغرب - أولا - ثلاثا - فهو في رابعة العشاء - أو قضى العشاء - اولا - فهو في ثالثة المغرب، فانه لا ينبغي التأمل في جواز السلام على ما بيده، لعلمه بمشروعيته وإن تردد في أنه سلام على ثلاث أو أربع لتردده بين كون صلاته مغربا أو عشاء. ومن ذلك يظهر: أنه يحصل له بالعدول وإتمام الصلاة في الفرض العلم بتحقق مغرب صحيحة، إما الاولى أو الثانية. ولا مجال لدعوى: امتناع حصول العلم بتحقق مغرب صحيحة من ضم ما يقطع بفساده إلى ما فرضه مشكوك الصحة. فلاحظ ولعل هذا هو المراد مما في المتن، وإن كان ظاهره الابتناء على عدم قدح الشك في المغرب إذا كانت - ثلاثا - واقعا وإنما يقدح فيها ظاهرا. فتأمل. (1) للعلم الاجمالي بفساد إحدى الصلاتين، المانع من الرجوع إلى قاعدتي الفراغ فيهما، أو أصالة عدم الزيادة، فتكون إحداهما صحيحة والأخرى فاسدة. ولأجل أنه لا يعرف الفاسدة منهما يأتي بواحدة مرددة بينهما.

 

===============

( 648 )

[ بين الأربع والخمس، ولا يمكن إعمال الحكمين (1)، لكن لو كان بعد إكمال السجدتين (2) وعدل إلى الظهر وأتم الصلاة وسجد للسهو يحصل له اليقين بظهر صحيحة، إما الاولى أو الثانية. (الحادية والثلاثون): إذا علم أنه صلى العشاءين ثمان ركعات ولا يدري أنه زاد الركعة الزائدة في المغرب أو في العشاء وجب إعادتهما (3)، سواء كان الشك بعد السلام من العشاء أو قبله (4). ] (1) بل المتعين سقوط الثاني، للعلم بعدم مشروعية إتمام الثانية عصرا إما لزيادة الركعة، أو لفقد الترتيب. مضافا إلى ما عرفت: من عدم تعارض الاصول المترتبة - بل يسقط الثاني بعينه - فان أصالة البناء على الأربع عند الشك بينها ويين الخمس في العصر مترتبة على قاعدة الفراغ في الظهر - لترتب الصلاتين - فيتعين الرجوع إلى حكم الشك بعد السلام في الظهر وعليه إعادة العصر بعينها. (2) وكذا لو كان قبل إكمال السجدتين، فانه لو أتم الركعة وسلم عليها برجاء العدول إلى الظهر يحصل له اليقين بظهر صحيحة، إما الاولى أو الثانية، ولا موجب للعدول المذكور، لحصول الفراغ عن الظهر بقاعدة الفراغ (3) لما سبق من العلم بالفساد المانع من الرجوع إلى قاعدة الفراغ أو أصالة عدم الزيادة. (4) بل مقتضى ما تقدم في المسألة السابقة، جريان قاعدة الفراغ في المغرب، للعلم بعدم مشروعية العشاء، إما لفقد الترتيب، أو لزيادة الركعة - إلى آخر ما سبق - نعم في الفرض لا يمكن العدول إلى المغرب رجاء، لأنه لا مجال للعدول بعد فعل الركعة الرابعة، على تقدير كون المغرب أربعا

 

===============

( 649 )

[ (الثانية والثلاثون): لو أتى بالمغرب ثم نسي الاتيان بها - بأن اعتقد عدم الاتيان - أو شك فيه فأتى بها ثانيا وتذكر قبل السلام أنه كان آتيا بها، ولكن علم بزيادة ركعة - إما في الاولى أو الثانية - له أن يتم الثانية (1) ويكتفي بها، لحصول العلم بالاتيان بها إما أولا أو ثانيا. ولا يضره كونه شاكا في الثانية بين الثلاث والاربع - مع أن الشك في ركعات المغرب موجب للبطلان - لما عرفت سابقا: من أن ذلك إذا لم يكن هناك طرف آخر يحصل معه اليقين بالاتيان صحيحا (2). وكذا الحال إذا أتى بالصبح ثم نسي وأتى بها ثانيا وعلم بزيادة إما في الاولى أو الثانية (3). (الثالثة والثلاثون): إذا شك في الركوع وهو قائم ] باطلة. كما أنه - بناء على سقوط الترتيب بين العشاءين بعد الركوع الرابع من العشاء - لابد من إعادة الصلاتين، لتعارض الأصلين فيهما من دون ترجيح لأحدهما، لكون المفروض عدم الترتيب بينهما، فلا تكون القواعد فيهما مترتبة، بل تكون في عرض واحد فتتعارض. (1) وله ابطالها، لقاعدة الفراغ الجارية في الأولى الموجبة للغوية الصلاة الثانية وخروجها عن موضوع قاعدة الفراغ، فتكون قاعدة الفراغ في الاولى من قبيل الأصل الحاكم على قاعدة الفراغ في الثانية، فلا مجال لتوهم المعارضة بينهما. نعم لو أتم الثانية يحصل له العلم الوجداني بمغرب صحيحة. (2) بل لما عرفته: من عدم الشك في ركعات المغرب، وإنما الشك في أنها مغرب ثلاث - لبطلان الأولى - أو هي لغو محض. (3) يعرف الكلام فيه مما سبق.

 

===============

( 650 )

[ وجب عليه الاتيان به، فلو نسي حتى دخل في السجود فهل يجري عليه حكم الشك بعد تجاوز المحل أم لا؟ الظاهر عدم الجريان، لان الشك السابق باق وكان قبل تجاوز المحل (1). وهكذا لو شك في السجود قبل أن يدخل في التشهد ثم دخل فيه نسيانا. وهكذا. (الرابعة والثلاثون): لو علم نسيان شئ قبل فوات محل المنسي ووجب عليه التدارك فنسي حتى دخل في ركن بعده ثم انقلب علمه بالنسيان شكا، يمكن إجراء قاعدة الشك بعد تجاوز المحل (2) والحكم بالصحة - إن كان ذلك الشئ ] هذا واضح إذا كان النسيان إذا كان النسيان متعلقا بنفس الشك، بأن نسي أنه شاك. ووجه وضوحه: ثبوت الشك حقيقة من حين القيام إلى ما بعد الدخول في السجود. أما لو نسي المشكوك نفسه فذهبت صورته بالمرة فيشكل، لارتفاع الشك حقيقة، ويكون شكه بعد ما دخل في السجود شكا حادثا بعد تجاوز المحل، فيجري عليه حكمه بمقتضى عموم دليله. اللهم إلا أن يدعي انصرافه عن مثل ذلك، كما هو الظاهر، ويساعده الارتكاز العرفي. وكأن المراد مما في المتن الصورة الأولى فقط. (2) بل هو الظاهر، فانه شك حادث بعد التجاوز، فيشمله عموم قاعدة التجاوز ومجرد حصول العلم له - أولا - غير مجد بعد زواله. ودعوى: انصراف عموم القاعدة عن مثله، فيرجع فيه إلى أصالة عدم الاتيان. ممنوعة. نعم يختص ذلك بما إذا حدث العلم بالنسيان بعد التجاوز، كما هو ظاهر فرض المسألة. أما إذا كان قد حصل العلم بعدم فعل الجزء - وهو في محله - فنسي حتى دخل في الجزء الذي بعده فتبدل علمه بالشك ففي

 

===============

( 651 )

[ ركنا - والحكم بعدم وجوب القضاء وسجدتي السهو فيما يجب فيه ذلك، لكن الاحوط - مع الاتمام - إعادة الصلاة - إذا كان ركنا - والقضاء، وسجدتا السهو في مثل السجدة والتشهد وسجدتا السهو فيما يجب في تركه السجود. (الخامسة والثلاثون): إذا اعتقد نقصان السجدة أو التشهد مما يجب قضاؤه - أو ترك ما يوجب سجود السهو - في أثناء الصلاة ثم تبدل اعتقاده بالشك في الاثناء - أو بعد الصلاة قبل الاتيان به - سقط وجوبه. وكذا إذا اعتقد بعد السلام نقصان ركعة أو غيرها ثم زال اعتقاده. (السادسة والثلاثون): إذا تيقن بعد السلام - قبل إتيان المنافي عمدا أو سهوا - نقصان الصلاة وشك في أن الناقص ركعة أو ركعتان فالظاهر أنه يجري عليه حكم الشك بين الاثنتين والثلاث (1)، فيبني على الاكثر ويأتي بالقدر ] عموم القاعدة له منع، لانصراف دليلها عن ذلك، نظير ما سبق في المسألة الثالثة والثلاثين. ومنه يظهر وجه الحكم في المسألة الآتية، فان موردها: صورة ما إذا حدث العلم بالنقصان بعد التجاوز. (1) لأن النصوص الواردة فيمن سلم على النقص (* 1) ظاهرة في عدم مخرجية التسليم الواقع منه، فهو في أثناء صلاته، فيجري عليه حكم الشك في الأثناء. واحتمال اختصاص نظر تلك النصوص إلى خصوص حيثية وجوب تدارك المقدار المعلوم فواته، ولا تعرض فيها لحيثية كونه في الأثناء من جميع الجهات ساقط جدا، لا يساعده المتفاهم العرفي منها. وحينئذ

 

____________ (* 1) راجع الوسائل باب: 3 من ابواب الخلل الواقع في الصلاة حديث: 8، 9، 14.

 

 

 

===============

( 652 )

[ المتيقن نقصانه - وهو ركعة أخرى - ويأتي بصلاة احتياطية وكذا إذا تيقن نقصان ركعة وبعد الشروع فيها شك في ركعة أخرى. وعلى هذا فإذا كان مثل ذلك في صلاة المغرب والصبح يحكم ببطلانهما. ويحتمل جريان حكم الشك بعد السلام بالنسبة إلى الركعة المشكوكة، فيأتي بركعة واحدة من دون الاتيان بصلاة الاحتياط. وعليه فلا تبطل الصبح والمغرب أيضا بمثل ذلك، ويكون كمن علم نقصان ركعة فقط. (السابعة والثلاثون): لو تيقن بعد السلام قبل اتيان المنافي نقصان ركعة، ثم شك في أنه أتى بها أم لا ففي وجوب الاتيان (1) بها لاصالة عدمه - أو جريان حكم الشك في ] لا مجال لاجراء قاعدة الفراغ بالاضافة إلى الركعة المشكوكة بدعوى: كون الشك فيها شكا بعد الفراغ. وقد تقدم الكلام في نظيره في المسألة السابعة عشرة. (1) لأجل أنه لا ريب في وجب السلام على الركعة الناقصة المأتي بها، فالشك في إتيانها له صور ثلاث: (الأولى): أن يكون عالما بفعل السلام الموظف بعدها. (الثانية): أن يكون عالما بعدمه. (الثالثة): أن يكون شاكا فيه أيضا، بأن لا يدري أنه ركع وسلم أو لم يركع ولم يسلم، بحيث لو كان راكعا لكان قد سلم، ولو لم يكن قد سلم لم يكن قد ركع. والمتعين في الأولى: الحكم بعدم لزوم الاتيان بالركعة، لقاعدة الفراغ الجارية بلحاظ السلام الثاني - لا الأول - ليرد عليه ما سيذكره المصنف (ره) في ذيل المسألة. والمتعين في الثانية: إجراء حكم الشك في الركعات، لأنه منه، فيجري عليه حكمه لعموم دليله، والمتعين في الثالثة لزوم الاتيان بركعة متصلة والتسليم، لأصالة عدم الاتيان بهما أو قاعدة الاشتغال بهما.

 

===============

( 653 )

[ الركعات عليه وجهان، والأوجه: الثاني. وأما احتمال جريان حكم الشك بعد السلام عليه فلا وجه له، لأن الشك بعد السلام لا يعتني به إذا تعلق بما في الصلاة وبما قبل السلام وهذا متعلق بما وجب بعد السلام. (الثامنة والثلاثون): إذا علم أن ما بيده رابعة ويأتي به بهذا العنوان لكن لا يدري أنها رابعة واقعية أو رابعة بنائية - وأنه شك سابقا بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث فتكون هذه رابعة بعد البناء على الثلاث - فهل يجب عليه صلاة الاحتياط - لأنه وإن كان عالما بأنها رابعة في الظاهر إلا أنه شاك من حيث الواقع فعلا بين الثلاث والأربع - أو لا يجب - لاصالة عدم شك سابق (1)، والمفروض أنه عالم بأنها رابعته فعلا - وجهان، والاوجه: الاول. ] ولا مجال لاجراء قاعدة الفراغ، للشك في تحقق الفراغ، ولا لاجراء حكم الشك في الركعات، لاختصاصه بالشك في الأثناء لا غير. نعم لو كان يشك في التسليم على تقدير فعل الركعة - فيشك في كل من الركعة والتسليم شكا مستقلا - أمكن الرجوع إلى حكم الشك في الركعات، لأنه يمكن أن يثبت كونه في الأثناء بالاستصحاب أو بأصالة عدم السلام. ومن ذلك يظهر إمكان صحة الوجوه المذكورة في المتن بتمامها، بتنزيل كل واحد على صورة من هذه الصور الثلاث. (1) هذا الاصل لا أثر له إلا اثبات كون الركعة التي بيده رابعة واقعية، ولا يصلح لا ثبات ذلك إلا على القول بالأصل المثبت، إذ ليس الترتب بين مؤداه وبين المذكور شرعيا، بل لو قلنا بالأصل المثبت لانقول

 

===============

( 654 )

[ (التاسعة والثلاثون): إذا تيقن بعد القيام إلى الركعة التالية أنه ترك سجدة أو سجدتين أو تشهدا، ثم شك في أنه هل رجع وتدارك ثم قام أو هذا القيام هو القيام الاول فالظاهر وجوب العود إلى التدارك، لاصالة عدم الاتيان بها بعد تحقق الوجوب (1). واحتمال جريان حكم الشك بعد تجاوز - المحل لان المفروض أنه فعلا شاك وتجاوز عن محل الشك - لاوجه له، لان الشك إنما حدث بعد تعلق الوجوب، مع كونه في المحل بالنسبة (2) إلى النسيان، ولم يتحقق التجاوز بالنسبة إلى هذا الواجب. ] به في المقام، لوجوب الخروج عنه بما دل على حكم الشك في عدد الركعات فان مقتضى إطلاقه وجوب العمل عليه وإن كان هناك أصل يثبت كون الركعة رابعة. ولأجل ذلك خرجنا عن عموم دليل أصالة عدم الزيادة، بناء على أنه مرجع لولا عموم قاعدة البناء على الأكثر. وإن شئت قلت: المدار على الحال الفعلي، ولا أثر للحال السابق، فإذا كان فعلا شاكا بين الثلاث والأربع جرى عليه حكمه، سواء أكان شاكا سابقا أم لم يكن. (1) يعني: بعد التفاته إلى وجوب الهدم والتدارك. (2) كونه في المحل بالنسبة إلى النسيان لا يمنع من كونه بعد التجاوز بالنسبة إلى الشك، لأن محل النسيان ما لم يدخل في ركن وإن تجاوز عن محل الفعل فتأمل. فالأولى أن يقال: إن المصلي المفروض يحتمل كونه في القيام الأول الذي يجب عليه فيه الرجوع والتدارك، ويحتمل كونه في قيام آخر - بأن رجع فتدارك وقام بعده - فالقيام الذي هو فيه فعلا لا يدري أنه القيام المعلوم اللغوية - لالتفاته فيه إلى ترك الجزء - أو غيره، فالشك

 

===============

( 655 )

[ (الاربعون): إذا شك بين الثلاث والاربع مثلا فبنى على الاربع، ثم أتى بركعة أخرى سهوا فهل تبطل صلاته - من جهة زيادة الركعة - أم يجري عليه حكم الشك بين الاربع والخمس؟ وجهان، والاوجه: الاول (1). ] في المقام إنما هو في التجاوز وعدمه، لأنه على تقدير التجاوز يكون آتيا بالمشكوك، وعلى تقدير عدمه لا يكون آتيا به وفي مثل ذلك لا تجري قاعدة التجاوز، بل إنما تجري حيث يحرز التجاوز، ويكون الشك في كونه في محله أولا في محله، للشك في وجود الجزء وعدمه. (1) أما بناء على عدم جريان أصالة الاقل فواضح لامتناع الرجوع - بعد فعل الركعة - إلى قاعدة البناء على الأكثر، لأنه جرى على خلافها ولا إلى أصالة الاربع - عند الشك بينها وبين الخمس - لاختصاص أدلتها بالشك الحادث بين الاربع والخمس. ولاجل أنه يحتمل زيادة ركعة ولا مؤمن له يكون مقتضى قاعدة الاشتغال هو الاستئناف. أما بناء على جواز الرجوع إلى أصالة عدم الزيادة فقد يتوهم في المقام الرجوع إليها، بعد فعل الركعة سهوا، إما لان قاعدة البناء على الاكثر ليست عزيمة بل رخصة أو لانها لا تصلح لاثبات كون الركعة المأتي بها زائدة إلا بناء على الاصل المثبت، لكون الترتب بين كون الركعة زائدة وكون ما قبلها رابعة ترتبا عقليا لا شرعيا. وفيه: أما احتمال كون البناء على الاكثر رخصة فمما لا ينبغي الاصغاء إليه، فانه خلاف ظاهر أدلتها جدا، كما أشرنا إلى ذلك في المسألة الحادية والعشرين من فصل الشك في عدد الركعات. وأما كون الترتب بين كون الركعة المشكوكة رابعة وكون المأتي بها زائدة ليس شرعيا فغير ظاهر، إذ الزيادة منتزعة من الوجود المباين للجزء، والوجود المباين محرز بالوجدان، وكون المشكوك جزءا محرز بأصالة البناء على الاكثر.

 

===============

( 656 )

[ (الحادية والاربعون): إذا شك في الركن بعد تجاوز المحل ثم أتى به نسيانا فهل تبطل صلاته - من جهة الزيادة الظاهرية - أولا - من جهة عدم العلم بها بحسب الواقع -؟ وجهان، والاحوط الاتمام والاعادة. (الثانية والاربعون): إذا كان في التشهد فذكر أنه نسي الركوع ومع ذلك شك في السجدتين أيضا ففي بطلان الصلاة - من حيث أنه بمقتضى قاعدة التجاوز محكوم بأنه أتى بالسجدتين فلا محل لتدارك الركوع أو عدمه - إما لعدم شمول (1) قاعدة التجاوز في مورد يلزم من إجرائها بطلان الصلاة، وإما لعدم إحراز الدخول في ركن آخر، ومجرد ] ومنه يظهر الحكم في المألة الآتية، فانهما من واد واحد. وتفكيك المصنف (ره) بينهما - بالميل إلى البطلان في الاولى والتوقف فيه في الثانية - غير ظاهر. (1) لانصراف أدلتها إلى كون مفادها تفريغ ذمة المكلف، لا إشغالها ولكن الأوضح من ذلك التعليل بالعلم بعدم سقوط أمر السجدتين، إما لعدم الاتيان بهما أو لبطلان الصلاة، ولا مجال - مع العلم المذكور - للتعبد بالوجود كما تقدم في نظائره. وحينئذ فان كان البطلان مرتبا على مجرد نسيان الركوع حتى سجد - كما يقتضيه الجمود على متون النصوص المتقدمة (* 1) أمكن الرجوع في إثبات صحة الصلاة إلى أصالة عدم السجود، وإن كان مرتبا على فوات المحل الحاصل بفعل السجود فأصالة عدم السجدتين وإن كانت لا تثبت بقاء المحل إلا على القول بالاصل المثبت. إلا أنه يمكن الرجوع إلى أصالة بقاء المحل فيركع ثم يسجد ثم يتم صلاته.

 

____________ (* 1) راجع المسألة: 14 من فصل الخلل الواقع في الصلاة.

 

 

 

===============

( 657 )

[ الحكم بالمضي (1) لا يثبت الاتيان - وجهان، والأوجه الثاني. ويحتمل الفرق بين (2) سبق تذكر النسيان وبين سبق الشك في السجدتين والأحوط العود إلى التدارك، ثم الاتيان بالسجدتين واتمام الصلاة، ثم الاعادة، بل لا يترك هذا الاحتياط. (الثالثة والأربعون): إذا شك بين الثلاث والأربع مثلا وعلم أنه - على فرض الثلاث - ترك ركنا أو ما يوجب القضاء أو ما يوجب سجود السهو لا إشكال في البناء على الاربع وعدم وجوب شئ عليه. وهو واضح (3). وكذا إذا علم ] (1) هذا ضعيف جدا، لأن ظاهر الأمر بالمضي هو الحكم بوجود المشكوك تعبدا، لأنه كناية عنه. ولذا اشتهر: أن قاعدة التجاوز تثبت الوجود المشكوك. (2) كأن منشأه: أن سبق النسيان يوجب سبق الحكم بالبطلان، فالشك في السجدتين بعد ذلك لا يوجب ارتفاع الحكم بالبطلان. أما لو كان النسيان لا حقا للشك فلا مجال للحكم بالبطلان، للشك في الدخول في ركن، والقاعدة لا تجدي في إثباته، كما سبق. وفيه: ما عرفت قريبا من أن الحكم بالبطلان في النسيان منوط ببقاء صدق نسيان الركوع حتى سجد، فإذا ارتفع ذلك ارتفع حكمه معه، وانكشف عدم الحكم بالبطلان من أول الأمر. (3) لاطلاق مادل على البناء على الأكثر مع الشك في فوات الركن - أو غيره - وعدمه، والمرجع في الركن قاعدة التجاوز. وفيه: إنه إذا علم بأنه على تقدير الثلاث ترك ركنا فقد علم بعدم الحاجة إلى صلاة الاحتياط إما لبطلان الصلاة فلا تصلح صلاة الاحتياط لتدارك خللها، أو لتمامها فلا حاجة إلى صلاة الاحتياط. وإذ عرفت أن ظاهر الادلة التلازم بين البناء

 

===============

( 658 )

[ أنه - على فرض الأربع - ترك ما يوجب القضاء أو ما يوجب سجود السهو، لعدم إحراز ذلك بمجرد التعبد بالبناء على الأربع (1) ] على الأكثر وصلاة الاحتياط فمع انتفاء الثانية ينتفي الأول، وإذ لا يمكن البناء على الاقل - ولو قلنا به في غير المقام - للعلم بعدم مشروعية الركعة المتصلة - إما لبطلان الصلاة أو لا بفوات الركن، أو لكونها زيادة مبطلة فيعلم بعد فعلها ببطلان الصلاة تفصيلا - لابد من الحكم بوجوب الاستئناف وأما لو علم أنه على تقدير الثلاث ترك ما يوجب القضاء أو سجود السهو فلا مانع من إعمال قاعدة البناء على الاكثر، والرجوع في نفي القضاء وسجود السهو إلى قاعدة التجاوز أو أصالة البراءة. (1) تعليل لعدم وجوب شئ عليه من قضاء أو سجود السهو. وأما أصل البناء على الاكثر فلم يتعرض لوجهه لوضوحه. ويمكن أن يقال: بأن قاعدة البناء على الاكثر معارضة بقاعدة التجاوز - النافية للقضاء وسجود السهو - للعلم الاجمالي بكذب إحداهما. وحينئذ فان منعنا من البناء على الاقل بطلت الصلاة، وإن جوزنا البناء عليه كان مقتضى أصالة الأقل وجوب ركعة، فينحل العلم الاجمالي، ويجوز الرجوع - في نفي القضاء وسجود السهو - إلى الاصل الجاري فيه مثبتا كان أو نافيا، فالأول: كما لو قلنا بأن القضاء وسجود السهو مرتبان على ترك الجزء في محله في فرض صحة الصلاة - بأن لا يكون لحيثية السهو دخل فيهما كما هو الظاهر - فانه حينئذ يرجع إلى أصالة عدم الاتيان بالجزء، فيترتب عليها قضاؤه وسجود السهو له. والثاني: كما لو قلنا بأنهما مرتبان على تركه سهوا، فان أصالة العدم لا تصلح لاثبات جهة السهوية، بل يكون المرجع فيهما أصالة البراءة. نعم على الاول أيضا يشكل العمل بأصالة العدم، لأنه بعد فعل الركعة المتصلة يعلم بعدم مشروعية القضاء وسجود السهو، إما لبطلان الصلاة - على تقدير

 

===============

( 659 )

[ وأما إذا علم أنه على فرض الأربع ترك ركنا أو غيره مما يوجب بطلان الصلاة فالأقوى بطلان صلاته (1) لا لاستلزام البناء على الأربع ذلك - لأنه لا يثبت ذلك - بل للعلم الاجمالي بنقصان الركعة أو ترك الركن مثلا، فلا يمكن البناء على الأربع حينئذ (الرابعة والأربعون): إذا تذكر بعد القيام أنه ترك سجدة من الركعة التي قام عنها، فان أتى بالجلوس بين السجدتين ثم نسي السجدة الثانية يجوز له الانحناء إلى السجود من غير جلوس (2)، وإن لم يجلس أصلا وجب عليه الجلوس (3) ثم السجود، وإن جلس بقصد الاستراحة والجلوس بعد السجدتين ففي كفايته عن الجلوس بينهما وعدمها وجهان (4) الأوجه: الأول (5). ولا يضر نية الخلاف، لكن الاحوط ] كونها أربعا - لزيادة ركعة، أو لعدم الفوت الموجب للقضاء أو السجود على تقدير كونها ثلاثا. وعليه يتعين الاقتصار على الركعة المتصلة. نعم لو كان قضاء الجزء بالأمر الأول تعين استئناف الصلاة، لعدم المؤمن منه لاحتمال البطلان، وأصالة الاقل لا تؤمن من الأمر بالجزء المقضي فتأمل جيدا (1) هذا بناء على امتناع الرجوع إلى أصالة الأقل. وإلا رجع إليها وصحت صلاته. (2) لعدم الموجب للامتثال عقيب الامتثال، بل لوجاء به حينئذ بقصد الجزئية كان زيادة يلحقها حكمها في العمد والسهو. (3) لعدم الموجب لسقوطه. (4) مبنيان على كون عنوان جلسة الاستراحة ملحوظا عنوانا تقييديا أو بنحو الداعي. (5) لا يخلو من إشكال، لأن جلسة الاستراحة - بناء على كونها

 

===============

( 660 )

[ الثاني، فيجلس ثم يسجد. (الخامسة والأربعون): إذا علم بعد القيام أو الدخول في التشهد نسيان إحدى السجدتين وشك في الاخرى فهل يجب عليه إتيانهما - لانه إذا رجع إلى تدارك المعلوم يعود محل المشكوك أيضا - أو يجري بالنسبة إلى المشكوك حكم الشك بعد تجاوز المحل؟ وجهان، أوجههما: الاول (1)، والاحوط ] مستحبة - لا تكون من أجزاء الصلاة، بل تكون فعلا مستحبا في الصلاة مباينة لأجزائها - نظير سجدة الشكر المباينة لسجود الصلاة - فعنوانها يكون عنوانا تقييديا يقابل عنوان الصلاة الملحوظ في أجزائها كذلك، فيمتنع الاكتفاء بها عنها، إذ لابد في الأجزاء الصلاتية من الاتيان بها بعنوان الصلاة، وهو ينافي عنوان غيرها. ومن ذلك يظهر الفرق بين السجود بعنوان السجدة الثانية - حيث أنه يمكن القول بالاجتزاء به لو انكشف عدم فعل السجدة الأولى - وبين المقام، فانه لا فرق بين السجدة الاولى والثانية إلا في الأولية والثانوية، وليس التقابل بينهما من جهة تضاد الخصوصيات المأخوذة فيهما حتى يعتبر في امتثالهما القصد، بخلاف المقام، كما عرفت. وما ذكرناه مطرد في جميع الموارد التي يكون التقابل بين الفعلين لخصوصية فيهما، بحيث يتوقف امتثال الأمر على قصدها، كالظهر والعصر، والأداء والقضاء، وسجود الشكر وسجود التلاوة وسجود الصلاة، ونافلة الصبح وفريضته ونحوها، بخلاف ما إذا كان التقابل لا لاعتبار الخصوصيات المتضادة بل كان بمحض الاثنينية، كما لو كان عليه ظهران قضاء فنوى الثانية باعتقاد أنه فعل الاولى ثم تبيين أنه لم يفعلها فانها تصح وتكون أولى وعليه الثانية. وكذا الحكم في أمثال ذلك. (1) تقدم الكلام فيه في شرح المسألة السابعة عشرة.

 

===============

( 661 )

[ إعادة الصلاة أيضا. (السادسة والأربعون): إذا شك بين الثلاث والاربع مثلا وبعد السلام - قبل الشروع في صلاة الاحتياط - علم أنها كانت أربعا ثم عاد شكه، فهل يجب عليه صلاة الاحتياط - لعود الموجب وهو الشك - أولا - لسقوط التكليف عنه حين العلم، والشك بعده شك بعد الفراغ - (1)؟ وجهان، والأحوط: الاول. ] (1) لكن أدلة عدم الاعتناء بالشك بعد الفراغ لا تشمله، لاختصاصها بصورة عدم الشك حين الفراغ منه، فيدور الأمر بين الرجوع إلى قاعدة البناء على الأكثر، فان الشك العائد وإن كان غير الشك الزائل لا عينه لتخلل العدم بينهما، إلا أن المراد من الشك المأخوذ موضوعا للقاعدة ما يعم العائد بعد الزوال، وبين الرجوع إلى قاعدة الاشتغال الموجبة للاكتفاء بضم ركعة متصلة. ولعله الأقرب، لعدم ثبوت الاطلاق للشك بنحو يشمل العائد، ولاسيما إذا كان مستندا إلى السبب السابق. فان قلت: إذا لم يثبت الاطلاق المذكور فمقتضى قاعدة الاشتغال وجوب الاستئناف، لأن إطلاق ما دل على الخروج بالسلام محكم، ومقتضاه البطلان على تقدير نقص الركعة، وحيث لا مؤمن منه فالواجب الاستئناف. قلت: ما دل على صحة الصلاة عند تذكر النقص يمكن دعوى شموله للفرض، لأن التفكيك بين صورة العلم بالنقص وبين الشك فيه مما لا يقبله العرف. كما أن التفكيك بين صورة فعل السلام سهوا - كما هو مورد النصوص - (* 1) وبين صورة فعله عمدا عملا بقاعدة البناء على الأكثر - كما في الفرض أيضا - مما لا يقبله العرف، فيكون حكم المقام حكم من علم

 

____________ (* 1) راجع المسألة: 17 من فصل الخلل الواقع في الصلاة.

 

 

 

===============

( 662 )

[ (السابعة والاربعون): إذا دخل في السجود من الركعة الثانية فشك في ركوع هذه الركعة وفي السجدتين من الاولى ففي البناء على إتيانها - من حيث أنه شك بعد تجاوز المحل - أو الحكم بالبطلان - لاوله إلى الشك بين الواحدة والاثنتين - وجهان؟ والاوجه: الاول (1). وعلى هذا فلو فرض الشك بين الاثنتين والثلاث بعد إكمال السجدتين مع الشك في ركوع الركعة التي بيده وفي السجدتين من السابقة لا يرجع إلى الشك بين الواحدة والاثنتين حتى تبطل الصلاة، بل هو من الشك بين الاثنتين والثلاث بعد الاكمال. نعم لو علم بتركهما مع الشك المذكور يرجع إلى الشك بين الواحدة والاثنتين، لانه عالم حينئذ باحتساب ركعتيه بركعة. (الثامنة والاربعون): لا يجري حكم كثير الشك في صورة العلم الاجمالي (2)، فلو علم ترك أحد الشيئين إجمالا من غير تعيين يجب عليه مراعاته، وإن كان شاكا بالنسبة إلى كل منهما، كما لو علم حال القيام: أنه إما ترك التشهد أو السجدة، أو علم إجمالا: أنه إما ترك الركوع أو القراءة - وهكذا - أو ] بالنقص قبل فعل صلاة الاحتياط. (1) للعلم بفعل القيام والقراءة والسجود من الثانية، وإنما الشك في ركوعها وسجود الاولى، فيجري عليه حكم الشك في الجزء بعد تجاوز المحل، لعموم دليله. (2) إذ العمل في الفرض ليس للشك لينتفي بما دل على أنه لا شك لكثير الشك، وإنما هو لاجل العلم الاجمالي الواجب العمل به عقلا.

 

===============

( 663 )

[ علم بعد الدخول في الركوع: أنه إما ترك سجدة واحدة أو تشهدا فيعمل في كل واحد من هذه الفروض حكم العلم الاجمالي المتعلق به، كما في غير كثير الشك. (التاسعة والاربعون): لو اعتقد أنه قرأ السورة - مثلا - وشك في قراءة الحمد فبنى على أنه قرأها لتجاوز محله، ثم بعد الدخول في القنوت تذكر أنه لم يقرأ (1) السورة فالظاهر وجوب قراءة الحمد أيضا، لان شكه الفعلي (2) وإن كان بعد تجاوز (3) المحل بالنسبة إلى الحمد إلا أنه هو الشك الاول الذي كان في الواقع قبل تجاوز المحل، وحكمه الاعتناء به، والعود إلى الاتيان بما شك فيه. (الخمسون): إذا علم أنه: إما ترك سجدة أو زاد ركوعا فالاحوط قضاء السجدة (4)، وسجدتا السهو، ثم إعادة الصلاة، ولكن لا يبعد جواز الاكتفاء بالقضاء وسجدة ] (1) أما لو شك في قراءة السورة وهو في القنوت لم يبعد جريان قاعدة التجاوز لاثبات السورة، وتكون موجبة لصدق التجاوز بالنسبة إلى الشك في الفاتحة. (2) مضافا إلى أن لغوية القنوت - من جهة وجوب تدارك السورة - مانعة من صدق التجاوز بالنسبة إلى الشك في الفاتحة، لما تقدم في المسألة السابعة عشرة وغيرها. (3) إنما يتم بناء على أن الجزء المحكوم بلغويته يتحقق بفعله التجاوز كالقنوت في المقام، فانه لغو لوقوعه قبل السورة. وقد تقدم الكلام فيه. (4) أخذا بجميع المحتملات للعلم الاجمالي.

 

===============

( 664 )

[ السهو، عملا بأصالة عدم الاتيان بالسجدة وعدم زيادة الركوع (1). ] (1) فانه لا مجال لجريان قاعدة التجاوز لاثبات السجدة، للعلم بعدم امتثال أمرها، إما لعدم الاتيان بها أو لبطلان الصلاة بزيادة الركوع. وحينئذ فان كان العلم المذكور بضميمة أصالة عدم زيادة الركوع كافيا في إثبات وجوب قضاء السجدة - لأن موضوع قضائها عدم امتثال أمرها وكون الصلاة صحيحة، فيكون أحد جزئي الموضوع محرزا بالوجدان والآخر بالأصل، كما أشرنا إلى ذلك في شرح المسألة الرابعة عشرة - فلا مجال لأصالة عدم الاتيان بالسجدة، إذ لا مجرى له مع العلم المذكور. وإن لم يكن موضوع وجوب القضاء ذلك - بل خصوص عدم الاتيان بالسجدة وكون الصلاة صحيحة - كان الرجوع إلى أصالة عدم الاتيان بالسجدة في محله. وقد أشرنا أيضا إلى ذلك في المسألة المذكورة. فراجع. هذا ولو أغمض النظر عن العلم التفصيلي بعدم امتثال أمر السجدة، وبني على تعارض قاعدة التجاوز في السجدة وأصالة عدم زيادة الركوع وتساقطهما، يكون المرجع أصالة عدم السجدة وقاعدة الاشتغال في مانعية الزيادة، ومقتضى ذلك وجوب الاعادة لاغير، إذ قضاء الجزء الفائت - وكذلك سجود السهو - لا يكفي فيهما مجرد الفوت، بل لابد من صحة الصلاة، وقاعدة الاشتغال لا تثبت الصحة، ولا البطلان. ولا فرق في ذلك بين ما قبل الفراغ وما بعده، فان قاعدة الفراغ الجارية بعد الفراغ في رتبة أصالة عدم زيادة الركوع، فتسقط معها بالمعارضة لقاعدة التجاوز. ومن ذلك يعلم: أنه لافرق بين العلم الاجمالي بنقص الجزء أو نقص الركن وبين العلم الاجمالي بنقص الجزء أو زيادة الركن فان اللازم - بناء على الغض عن العلم التفصيلي المتقدم - هو وجوب الاعادة لاغير. نعم في الأول يثبت البطلان بمقتضى أصالة عدم الركن، وفي الثاني لا يثبت البطلان

 

===============

( 665 )

[ (الحادية والخمسون): لو علم أنه إما ترك سجدة من الاولى أو زاد سجدة في الثانية وجب عليه قضاء السجدة (1)، ] ولا الصحة، لأن قاعدة الاشتغال - التي تكون المرجع بعد تساقط الأصول المقدمة عليها - لا تصلح لا ثبات شئ من ذلك، وإن اقتضت الاعادة. ثم إن الاكتفاء بقضاء السجدة إنما هو إذا حصل العلم بعد الدخول في الركوع ولو كان قد حصل قبله رجع وتدارك السجدة في محلها، ويسجد للسهو عن الزيادة، بناء على وجوبه، لها. (1) لأصالة عدم الاتيان بها الجارية بعد سقوط قاعدة التجاوز للمعارضة مع أصالة عدم زيادة السجدة من الثانية. ومنه يظهر: أنه لامانع من أن يقصد في سجود السهو كونه عن النقيصة، إذ كما ان مقتضى أصالة عدم السجدة من الأولى وجوب قضائها كذلك مقتضاها سجود السهو، كما أن مقتضى أصالة البراءة عدم وجوب سجود السهو للزيادة المحتملة. نعم لا مانع من قصده عما في الذمة المردد بين كونه من جهة النقيصة والزيادة. نعم يمكن أن يقال: أصالة عدم الزيادة لا تجري، لأن الغرض من جريانها نفي سجود السهو، لكنه معلوم، إما للنقيصة أو للزيادة، فجريان قاعدة التجاوز بلا معارض. فان قلت: العلم التفصيلي بوجوب سجود السهو ناشئ من العلم الاجمالي بالزيادة أو النقيصة، والعلم التفصيلي إذا كان متولدا من العلم الاجمالي لا يوجب انحلاله. قلت: العلم الاجمالي بالزيادة أو النقيصة ليس هو المنجز لأنه علم بالموضوع، والمنجز إنما هو العلم بالحكم المتولد من العلم بالموضوع وهو في رتبة العلم التفصيلي، لأنه يعلم إما بوجوب قضاء سجدة وسجود السهو أو سجود السهو فقط، فيكون من قبيل الأقل والأكثر ولا مانع فيه من الرجوع إلى الأصل في الزائد على الأقل. نعم لو بني على مباينة السجود للزيادة مع السجود لنقيصة كان العلم المذكور من قبيل العلم الاجمالي

 

===============

( 666 )

[ والاتيان بسجدتي السهو مرة واحدة، بقصد ما في الذمة من كونهما للنقيصة أو للزيادة. (الثانية والخمسون): لو علم أنه إما ترك سجدة أو تشهدا وجب الاتيان بقضائهما (1) وسجدة السهو مرة (2). (الثالثة والخمسون): إذا شك في أنه صلى المغرب والعشاء أم لا قبل أن ينتصف الليل، والمفروض أنه عالم بأنه لم يصل في ذلك اليوم إلا ثلاث صلوات من دون العلم بتعيينها فيحتمل أن يكون الصلاتان الباقيتان المغرب والعشاء، ويحتمل أن يكون آتيا بهما ونسي اثنتين من صلوات النهار وجب عليه الاتيان بالمغرب والعشاء فقط، لان الشك بالنسبة إلى صلوات النهار بعد الوقت، وبالنسبة إليهما في وقتهما (3). ولو علم أنه لم يصل في ذلك اليوم إلا صلاتين أضاف إلى المغرب والعشاء (4) ] بين المتباينين، ويكون احد طرفيه السجود للزيادة والطرف الآخر السجود للنقيصة مع قضاء السجدة. لكن هذا الاحتمال ضعيف، لأن الاختلاف بين النقيصة والزيادة من قبيل الاختلاف في السبب. (1) للعلم الاجمالي الجامع لشرائط التنجيز. (2) للاجتزاء به على كل حال. (3) فيكون المرجع فيهما قاعدة الاشتغال، فينحل بها العلم الاجمالي، فلا مانع من الرجوع في غيرهما إلى أصالة الاتيان الجارية في موارد الشك بعد خروج الوقت. (4) أما وجوبها فلقاعدة الاشتغال التي تقدمت. وأما وجوب ثنائية ورباعية فللعلم الاجمالي بوجوب إحدى الثلاث الباقية ويحصل امتثالهما جزما

 

===============

( 667 )

[ قضاء ثنائية ورباعية. وكذا إن علم أنه لم يصل إلا صلاة واحدة (1). (الرابعة والخمسون): إذا صلى الظهر والعصر، ثم علم إجمالا أنه شك في إحداهما بين الاثنتين والثلاث وبنى على الثلاث ولا يدري أن الشك المذكور في أيهما كان يحتاط باتيان صلاة الاحتياط (2)، وإعادة صلاة واحدة بقصد ما في الذمة. (الخامسة والخمسون): إذا علم إجمالا أنه إما زاد قراءة أو نقصها يكفيه سجدتا السهو مرة (3). وكذا إذا علم ] بفعلهما، إذ هي إن كانت الصبح فقد امتثلها، وإن كانت إحدى الظهرين فقد امتثلها بالرباعية. ومنه يظهر: أنه يجب في الرباعية الاتيان بها مرددة بين الظهرين. (1) لكن لابد أن يضيف إلى المغرب ثنائية ورباعيتين، لاحتمال كون الثنتين المعلومتين بالاجمال - غير العشاءين - هما الظهرين، كما يحتمل كونهما الصبح وإحدى الظهرين، فلا بد من فعل الثلاث كلها. (2) وجوب هذا الاحتياط مبني على قدح الفصل بالصلاة بين الصلاة الاصلية وصلاة الاحتياط مطلقا - عمدا وسهوا - إذ عليه يعلم إما بوجوب ركعة الاحتياط للثانية أو بوجوب إعادة الاولى، فيجب الجمع بينهما عقلا فيأتي بركعة الاحتياط برجاء كونها متممة للثانية، ويعيد الاولى برجاء المطلوبية، ولا موجب حينئذ للترديد في ركعة الاحتياط، ولا في المعادة وإن لم نقل بقدح الفصل المذكور سهوا كفي الاتيان بصلاة الاحتياط بقصد ما في الذمة. وقد تقدمت الاشارة إلى المبنى المذكور في صلاة الاحتياط، وفي أوائل مسائل الختام. (3) إذ لا أثر لكل من زيادة القراءة ونقيصتها إلا ذلك. وكذا

 

===============

( 668 )

[ أنه إما زاد التسبيحات الاربع أو نقصها. (السادسة والخمسون): إذا شك في أنه هل ترك الجزء الفلاني عمدا أم لا، فمع بقاء محل الشك (1) لا إشكال في وجوب الاتيان به (2). وأما مع تجاوزه فهل تجري قاعدة الشك بعد التجاوز أم لا - لانصراف أخبارها عن هذه الصورة (3) خصوصا بملاحظة قوله (4): (كان حين العمل أذكر) ] الحال فيما بعده. ثم إن هذا مبني على وجوب سجدتي السهو لكل زيادة ونقيصة، وإلا فلا موجب لسجود السهو. كما أن صحة الفرض مبنية على كون القراءة الزائدة على المقدار الواجب خارجة عن الصلاة، فيكون فعلها بقصد الجزئية زيادة في الصلاة، كما هو الظاهر. أما لو كانت داخلة فيها - بأن تكون القراءة المعتبرة في الصلاة يراد بها ما ينطبق على أقل الواجب وعلى الزائد عليه - فلا يمكن فرض الزيادة في القراءة. وجميع ما ذكرناه جار فيما ذكر في ذيل المسألة. فلا حظ. (1) في صحة فرض الترك حينئذ نظر ظاهر، إذ لا يصدق الترك مع عدم الدخول في الجزء اللاحق. فتأمل. (2) لقاعدة الشك في المحل. (3) واختصاصها بصورة كون المكلف في مقام الاتيان بالواقع على وجهه واسقاط أمره. (4) هذا لايهم، لأن التعليل المذكور إنما يوجب عدم ظهور الرواية (* 1) المتضمنة له في عموم الحكم للفرض، ولا يوجب تقييد غيرها من الأدلة لو كان له إطلاق (* 2) ولا سيما وكون مورد الرواية قاعدة الفراغ لا قاعدة

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 42 من ابواب الوضوء حديث: 7. (* 2) راجع الوسائل باب: 42 من ابواب الوضوء.

 

 

 

===============

( 669 )

[ وجهان، والاحوط الاتيان، ثم الاعادة. (السابعة والخمسون): إذا توضأ وصلى، ثم علم أنه إما ترك جزءا من وضوئه أو ركنا في صلاته فالاحوط إعادة الوضوء ثم الصلاة، ولكن لا يبعد جريان قاعدة الشك بعد الفراغ في الوضوء، لأنها لا تجري في الصلاة حتى يحصل ] التجاوز. فتأمل. فالعمدة: ما تقدم من دعوى الانصراف، وإن كانت ألسنة الأدلة عامة في نفسها. لكن مانع الانصراف مستظهر، لأن الاطلاق هو الموافق للمرتكزات العقلائية من عدم الاعتناء بالشك في الشئ بعد التجاوز عنه، من دون فرق بين احتمال تركه سهوا وعمدا. فان قلت: الاطلاق المذكور مقيد بمفهوم التعليل. قلت: التعليل المذكور من قبيل تطبيق الكبريات الذي لا مفهوم له، كما أشرنا إلى ذلك في مبحث قضاء الصلوات في الاغماء. فراجع. نعم المعتبر إحراز كون المكلف في الجملة في مقام الامتثال، وإن احتمل حصول البداء له في الأثناء ولو سلم فالرجوع إلى أصالة عدم الاتيان بالجزء لا يقتضي الاتيان به، للعلم بعدم كون تداركه امتثالا لأمره، لأنه على تقدير الاتيان به واقعا لا حاجة إلى فعله ثانيا - بل يكون زيادة - وعلى تقدير عدم الاتيان به فالصلاة باطلة لزيادة الجزء اللاحق له عمدا، فالمتعين الاعادة لاغير. نعم لو كان الجزء اللاحق من الاجزاء المستحبة التي لا يقدح فعلها عمدا في غير المحل - بناء على ما عرفت في أول فصل الخلل - فأصالة عدم الاتيان إنما يقتي الاتيان لاغير. وكذا لو كان مثل الهوي إلى السجود الذي ليس من الأجزاء. ولأجل التردد في جريان القاعدة والأصل المذكور يكون الاحتياط بالمضي والاعادة أو بالاتيان والاعادة. ولذا يشكل ما في المتن: من إطلاق الاحتياط بالاتيان والاعادة.

 

===============

( 670 )

[ التعارض. وذلك للعلم ببطلان الصلاة على كل حال (1). ] (1) يعني: فينحل العلم الاجمالي إلى علم تفصيلي وشك بدوي، فيرجع في مورد الشك إلى الأصل الجاري فيه - وهو قاعدة الفراغ في الوضوء - بلا معارض. فان قلت: العلم التفصيلي بالبطلان متولد من العلم الاجمالي بفوات جزء الوضوء أو ركن الصلاة، وقد تقرر في محله. أن العلم التفصيلي المتولد من العلم الاجمالي لا يوجب انحلاله، فكما يمنع العلم الاجمالي عن جريان قاعدة الفراغ في الوضوء لولا العلم التفصيلي ببطلان الصلاة - بناء على التحقيق من كون العلم الاجمالي علة تامة في منع الأصل في كل واحد من اطرافه وإن لم يكن له معارض - كذلك يمنع من جريانها وإن حصل العلم التفصيلي بالبطلان. قلت: قد عرفت الاشارة في بعض المسائل المتقدمة إلى أن ذلك إنما يتم في العلم الاجمالي المنجز الذي يتولد منه العلم التفصيلي، وليس العلم الاجمالي المتولد منه العلم التفصيلي في المقام منجزا، لأن العلم بفوات جزء الوضوء أو جزء الصلاة علم بالموضوع وهو لا ينجز، وإنما المنجز هو العلم بوجوب الوضوء والصلاة أو وجوب الصلاة وحدها الملازم للعلم بالفوات، وهذا العلم مما لم يتولد منه العلم التفصيلي بوجوب الصلاة، بل هو عينه فينحل به. وبالجملة: في الفرض علم إجمالي وتفصيلي متولد منه، وعلم إجمالي وتفصيلي غير متولد منه - بل هو عينه - فالأولان: العلم الاجمالي بترك جزء من الوضوء أو ترك ركن من الصلاة، والعلم التفصيلي ببطلان الصلاة. والأخيران: العلم الاجمالي بوجوب الصلاة مع الوضوء أو وجوب الصلاة وحدها. والعلم التفصيلي بوجوب الصلاة. والأولان وإن تولد أحدهما من الأخر إلا أنهما معا لا أثر لهما، لأنهما علم بالموضوع. والأخيران لهما الأثر لأنهما علم بالحكم، ولم يتولد أحدهما من الاخر فينحل إجمالهما بالتفصيلي،

 

===============

( 671 )

[ (الثامنة والخمسون): لو كان مشغولا بالتشهد - أو بعد الفراغ منه - وشك في أنه صلى ركعتين وأن التشهد في محله أو ثلاث ركعات وانه في غير محله يجري حكم الشك بين الاثنتين والثلاث (1)، وليس عليه سجدتا السهو لزيادة التشهد، لأنها غير معلومة (2) وإن كان الاحوط الاتيان بهما أيضا بعد صلاة الاحتياط. (التاسعة والخمسون): لو شك في شئ وقد دخل في غيره الذي وقع في غير محله - كما لو شك في السجدة من الركعة الأولى أو الثالثة ودخل في التشهد، أو شك في السجدة من الركعة الثانية وقد قام قبل أن يتشهد - فالظاهر البناء على ] كما في سائر موارد الاقل والاكثر الارتباطيين - على التحقيق من كون وجوب الاكثر عين وجوب الاقل - ويرجع في مورد الشك إلى الاصل الجاري فيه وهو في المقام قاعدة الفراغ الجارية في الوضوء. (1) لاطلاق أدلته. (2) إن أراد أنها غير معلومة واقعا فهو مسلم، لكن يكفي في ترتب الاثر كونها معلومة ظاهرا، ولو بالاصل. وإن أراد أنها غير معلومة أصلا لا واقعا ولا ظاهرا - فقد تقدم في المسألة الاربعين: أن قاعدة البناء على الاكثر تصلح لا ثبات زيادة الركعة. ولا فرق بين زيادة الركعة وزيادة التشهد من هذه الجهة، فكما تصلح القاعدة لا ثبات الاولى تصلح لا ثبات الثانية. كما انه لا فرق بين التشهد الذي يفعله بعد الشك والتشهد الذي فعله قبله، نعم بناء على اعتبار السهو في وجوب السجود للسهو يشكل صلاحية القاعدة لاتيانه، لانه من اللوازم غير الشرعية. فتأمل جيدا.

 

===============

( 672 )

[ الاتيان، وأن الغير أعم من الذي وقع في محله أو كان زيادة في غير المحل. ولكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة أيضا (1). (الستون): لو بقي من الوقت أربع ركعات للعصر، وعليه صلاة الاحتياط من جهة الشك في الظهر فلا إشكال في مزاحمتها للعصر ما دام يبقى لها من الوقت ركعة (2)، بل وكذا لو كان عليه قضاء السجدة أو التشهد (3). وأما لو كان عليه ] (1) قد تقدم الكلام فيه، في المسألة السابعة عشرة. (2) فان مقتضى كونها متممة للظهر على تقدير نقصها هو معاملتها، معاملتها، فكما تزاحم الظهر العصر كذلك هي، ولا سيما بناء على ما ذكرنا: من كون المكلف لم يخرج بالتسليم عن الظهر على تقدير نقصها، بل هو من أثنائها حتى يصلي الاحتياط فيخرج. (3) فان مقتضى جزئيتهما للصلاة ذلك أيضا. كسائر الاجزاء. نعم لو لم نقل بوجوب المبادرة اليهما تكليفا ولا وضعا، ولا بالترتيب بينهما وبين العصر كان القول بوجوب تقديم العصر في محله. ولو قلنا بوجوب المبادرة اليهما تكليفا فقط من دون اعتبار لهما في الظهر كان القول بالتخيير في محله لعدم ثبوت أهمية أحد الواجبين المتزاحمين. اللهم إلا أن يحتمل أهمية العصر فتقدم، لوجوب تقديم محتمل الاهمية عقلا، كمعلوم الاهمية. ومن ذلك يظهر الحال في سجود السهو فان مقتضى البناء على عدم اعتباره في صحة الصلاة وجوب تقديم العصر عليه - وإن قلنا - لأهمية الصلاة منه جزما، ومقتضى البناء على دخله في صحة الصلاة وجوب تقديمه على العصر كتقديم الظهر عليها. وقد تقدم التعرض لذلك في آخر فصل قضاء الأجزاء المنسية. فراجع وتأمل.

 

===============

( 673 )

[ سجدتا السهو فهل يكون كذلك أولا، وجهان: من أنهما من متعلقات الظهر، ومن أن وجوبهما إستقلالي وليستا جزءا أو شرطا لصحة الظهر، ومراعاة الوقت للعصر أهم، فتقدم العصر، ثم يؤتى بهما بعدها. ويحتمل التخيير (1). (الحادية والستون): لو قرأ في الصلاة (2) شيئا بتخيل أنه ذكر أو دعاء أو قرآن ثم تبين أنه كلام الآدمي فالأحوط سجدتا السهو، لكن الظاهر عدم وجوبهما، لأنهما إنما تجبان عند السهو وليس المذكور من باب السهو. كما أن الظاهر عدم وجوبهما في سبق اللسان إلى شئ. وكذا إذا قرأ شيئا غلطا من جهة الاعراب أو المادة ومخارج الحروف. (الثانية والستون): لا يجب سجود السهو في ما لو عكس الترتيب الواجب (3) سهوا، - كما إذا قدم السورة على ] (1) هذا مبني على تساويهما في الأهمية. ولكنه كما ترى. (2) قد تقدم في أول مبحث سجود السهو الكلام في هذه المسألة فراجع (3) لأن فوات الترتيب ليس من النقيصة التي يجب لها سجود السهو على تقدير القول به، لظهور النقيصة في نقص الأجزاء المترتبة. لكن عرفت في فصل الخلل: أن فوات الترتيب ليس داخلا في عموم: (لا تعاد الصلاة...). وإلا لوجب تدارك القراءة - المنسية إلى أن دخل في الركوع - بعد الركوع، وتدارك السجدتين - المنسيتين حتى دخل في ركوع الركعة اللاحقة - بعد الركوع أيضا - وهكذا - بل موضوع الحديث ليس إلا خصوص الأجزاء المترتبة، فلو قدم السورة على الفاتحة وذكر قبل الركوع تدارك السورة، ولو ذكر بعد الركوع كان قد نقص السورة وزادها، فلو قيل

 

===============

( 674 )

[ الحمد وتذكر في الركوع - فانه لم يزد شيئا ولم ينقص، وإن كان الاحوط الاتيان معه، لاحتمال كونه من باب نقص السورة، بل مرة أخرى لاحتمال كون السورة المقدمة على الحمد من الزيادة. (الثالثة والستون): إذا وجب عليه قضاء السجدة المنسية أو التشهد المنسي ثم أبطل صلاته أو انكشف بطلانها سقط وجوبه، لانه إنما يجب في الصلاة الصحيحة (1). وأما لو أوجد ما يوجب سجود السهو ثم أبطل صلاته فالاحوط إتيانه، وإن كان الاقوى سقوط (2) وجوبه أيضا. وكذا إذا انكشف بطلان صلاته. وعلى هذا فإذا صلى ثم أعادها احتياطا - وجوبا أو ندبا - وعلم بعد ذلك وجود سبب سجدتي السهو في كل منهما يكفيه إتيانهما مرة واحدة (3). وكذا إذا كان ] بوجوب سجود السهو لكل زيادة ونقيصة وجوب عليه السجود لزيادة السورة ولنقصها في الفرض. (1) لاختصاص أدلة القضاء بذلك. (2) اما بناء على كون وجوب السجود غيريا فظاهر، لان الوجوب الغيرى تابع للوجوب النفسي، فإذا لم تكن الصلاة موضوعا للوجوب النفسي لم يكن السجود موضوعا للوجوب الغيري. وأما بناء على وجوبه نفسيا فيشكل اختصاصه بصورة وجوب الصلاة. لكن الظاهر انصراف المطلق من النصوص إلى خصوص صورة صحة الصلاة، ولا سيما مع كون مورد أكثر تلك النصوص الصلاة الصحيحة (* 1). (3) لكون الصلاة الصحيحة واحدة.

 

____________ (* 1) تقدم ذلك في الامر الاول من موجبات سجود السهو.

 

 

 

===============

( 675 )

[ عليه فائتة مرددة بين صلاتين أو ثلاث - مثلا - فاحتاط باتيان صلاتين أو ثلاث صلوات ثم علم تحقق سبب السجود في كل منها فانه يكفيه الاتيان به مرة بقصد الفائتة الواقعية، وإن كان الاحوط التكرار بعدد الصلوات. (الرابعة والستون): إذا شك في أنه هل سجد سجدة واحدة أو اثنتين أو ثلاث، فان لم يتجاوز محلها بنى على واحدة (1) واتى بأخرى، وإن تجاوز بنى على الاثنتين (2) ولا شئ عليه، عملا بأصالة عدم الزيادة. وأما إن علم أنه إما سجد واحدة أو ثلاثا وجب عليه أخرى ما لم يدخل في الركوع (3) والا قضاها بعد الصلاة، وسجد للسهو. ] (1) للشك في تحقق السجدة الثانية الذي هو موضوع قاعدة الشك في المحل الموجبة للاحتياط. (2) لقاعدة التجاوز. (3) ولا مجال لاجراء قاعدة التجاوز لو حدث الشك بعد التجاوز، لمعارضتها لاصالة عدم الزيادة للعلم بكذب إحداهما، مع كون العلم مما له أثر إلزامي على كل تقدير، إذ على تقدير الزيادة يلزم سجود السهو، وعلى تقدير النقيصة يلزم التدارك، وبعد التساقط يرجع إلى أصالة عدم السجدة الثانية، وأصالة البراءة من سجود السهو، فينحل العلم الاجمالي فيجب تدارك السجدة ولا شئ عليه. نعم قد عرفت في المسألة الحادية والخمسين: أنه يمكن ادعاء انحلال العلم الاجمالي بالعم التفصيلي بوجوب سجود السهو - إما للنقيصة أو للزيادة - فيرجع في نفي التدارك إلى قاعدة التجاوز في إثبات السجدة الثانية فيمضي، وعليه سجود السهو لاغير، لكن لا مجال لهذا الانحلال

 

===============

( 676 )

[ (الخامسة والستون): إذا ترك جزءا من أجزاء الصلاة من جهة الجهل بوجوبه أعاد الصلاة على الاحوط (1)، وإن لم يكن من الاركان. نعم لو كان الترك - مع الجهل بوجوبه - مستندا إلى النسيان - بأن كان بانيا على الاتيان به باعتقاد ] هنا، لأن نقص السجدة قبل الدخول في الركوع لا يوجب سجود السهو، وإنما يوجب التدارك لاغير. نعم قد يقال: إنه على تقدير النقيصة يجب سجود السهو لزيادة القيام، فيكون السجود للسهو معلوما وجوبه على كل تقدير، فلا مانع من الرجوع إلى قاعدة التجاوز لنفي التدارك. قلت: على تقدير جواز المضي - ولو ظاهرا - لا يجب سجود السهو للقيام، فيرتفع العلم التفصيلي بوجوبه. ولذا لو شك في الشبهة البدوية - بعد القيام - في تحقق السجود وجرت قاعدة التجاوز، وبعد تمام الصلاة علم بفوات السجود لا يكون القيام الواقع لغوا، بل يكون صحيحا وقياما صلاتيا، ويكون السجود هو الفائت لاغير، فان كان العلم التفصيلي بوجوب السجود متفرعا على تنجيز العلم الاجمالي امتنع أن يكون مانعا عنه، وإلا لزم من وجوده عدمه. فان قلت: إذا رجع وتدارك يعلم إما بوجوب الاعادة - لبطلان الصلاة بزيادة السجدتين - أو بوجوب سجود السهو للقيام. وإذ أن الأول مقتضى قاعدة الاشتغال تجب الاعادة لاغير. قلت: مقتضى أصالة عدم السجدة الثانية صحة الصلاة وكون القيام في غير محله فيجب لاجله سجود السهو لاغير، وينحل بذلك العلم الاجمالي. نعم لو لم نقل بوجوب سجود السهو لزيادة السجدة كان الرجوع إلى قاعدة التجاوز في محله، لعدم المعارض. (1) قد تقدم الكلام في ذلك في أوائل فصل الخلل.

 

===============

( 677 )

[ استحبابه فنسي وتركه - فالظاهر عدم البطلان (1) وعدم وجوب الاعادة إذا لم يكن من الاركان. ] (1) إذ بعد استناد النقص إلى النسيان لم يكن فرق بينه وبين العالم الناسي في الدخول تحت الأدلة المصححة. والحمد لله رب العالمين، وله الشكر كما هو أهله إلى هنا انتهى ما أردنا إيراده من التعليق على مسائل الخلل في (النجف الاشرف) في ثالث عشر محرم الحرام من السنة التاسعة والاربعين بعد الالف والثلاثمائة هجرية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وأكمل التحية.