فصل في أحكام الاعتكاف

{ فصل في أحكام الاعتكاف يحرم على المعتكف أمور: أحدها: مباشرة النساء، بالجماع في القبل أو الدبر (1) وباللمس والتقبيل (2) } فصل في أحكام الاعتكاف (1) كما نسب إلى الاصحاب، أو قطعهم، وظاهر غير واحد الاتفاق عليه، وفي الجواهر: الاجماع بقسميه عليه. ويشهد له كثير من النصوص كموثق سماعة: " عن معتكف واقع أهله. فقال (ع): هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان " (* 1)، وموثق ابن الجهم: " عن المعتكف يأتي أهله. فقال (ع): لا يأتي امرأته ليلا ولا نهارا وهو معتكف " (* 2)، ونحوهما غيرهما. نعم في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان العشر الاواخر اعتكف في المسجد، وضربت له قبة من شعر، وشمر المئزر، وطوى فراشه. وقال بعضهم: واعتزل النساء، فقال أبو عبد الله (ع): أما اعتزال النساء فلا " (* 3) لكن يجب حمله على ما لا ينافي ما سبق، بأن يراد اعتزال مجالستهن ومخالطتهن ونحو ذلك. (2) كما هو المشهور، وعن المدارك: أنه مما قطع به الاصحاب.

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب الاعتكاف حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب الاعتكاف حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 5 من أبواب الاعتكاف حديث: 2.

 

 

 

===============

( 587 )

{ بشهوة (1). ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة (2)، فيحرم على المعتكفة أيضا: الجماع، واللمس والتقبيل بشهوة. والاقوى عدم حرمة النظر بشهوة إلى من يجوز النظر إليه (3) وإن كان الاحوط اجتنابه أيضا. الثاني: الاستمناء على الاحوط (4)، وإن كان على الوجه الحلال، كالنظر إلى حليلته الموجب له. } ودليله غير ظاهر. وقوله تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد... " (* 1) لو سلم إرادة الاعتكاف الشرعي منه، فالظاهر من المباشرة فيه الجماع. مع أن الحمل على مطلق المباشرة بالمعنى اللغوي غير ممكن. والبناء على إطلاقه وتقييده بما ذكر بالاجماع ليس أولى من حمله على خصوص الجماع. وكأنه لذلك كان ظاهر التهذيب جواز ما عدا الجماع. (1) أما مع عدمها فعن المنتهى: أنه لا يعرف الخلاف في الجواز. (2) بلا خلاف ظاهر. والعمدة فيه: قاعدة الاشتراك. وأما صحيح أبي ولاد - المتقدم في المسألة الاربعين - (* 2) فالظاهر منه كون الكفارة للخروج السابق على الوطء. ومثله في قصور الدلالة: ما في صحيحي الحلبي وابن سرحان - الواردين في جواز الخروج للحاجة أو غيرها - من قوله (ع): " والمرأة مثل ذلك " (* 3)، فان الظاهر من اسم الاشارة خصوص الاحكام المذكورة. (3) للاصل. خلافا عن ابن الجنيد والمختلف، من القول بالحرمة. ودليله غير ظاهر. (4) لما عن الخلاف من الاجماع على حرمته فيه. لكن دليله غير

 

____________ (* 1) البقرة: 187. (* 2) من كتاب الاعتكاف. (* 3) الوسائل باب: 7 من أبواب الاعتكاف حديث: 2، 1.

 

 

 

===============

( 588 )

{ الثالث: شم الطيب مع التلذذ (1)، وكذا الريحان. وأما مع عدم التلذذ - كما إذا كان فاقدا لحاسة الشم مثلا - فلا بأس به (2). الرابع: البيع والشراء (3)، } ظاهر، إذ لانص عليه بالخصوص. وأولويته من اللمس والتقبيل بشهوة غير قطعية. مع أنك عرفت الاشكال فيهما. ومجرد خروجه بالجنابة عن قابلية اللبث في المسجد، لحرمة لبث الجنب فيه، غير كاف في حرمته من جهة الاعتكاف، فان ذلك من قبيل شرب المسهل أو المدر الموجب للخروج عن المسجد للبول والغائط. اللهم إلا أن يلتزم بحرمة مثل ذلك في الاعتكاف أيضا، فيلتزم ببطلان الاعتكاف بالتسبيب إلى ما يوجب الخروج عن المسجد. لكن يرده إطلاق مادل على جواز الخروج للحاجة التي لابد منها، فانه شامل للحاجة ولو بالاختيار والتسبيب. فلاحظ. (1) كما عن الاكثر، والاشهر، بل في الجواهر: أنه المشهور، بل عن الخلاف: الاجماع عليه. لصحيح أبي عبيدة: " المعتكف لا يشم الطيب، ولا يتلذذ بالريحان، ولا يماري، ولا يشتري، ولا يبيع " (* 1) فما عن المبسوط: من عدم حرمته غير ظاهر. (2) ووجهه في الجواهر: بأن المنساق من النص صورة التلذذ، وهو غير بعيد. وكأنه منشأ إطلاق النص فيه، وتقييد الريحان بالتلذذ: هو الاختلاف في تأثير التلذذ، فان الطيب أقوى فيه وأكثر تعارفا فيه من الريحان. فتأمل. وأما فاقد حاسة الشم فليس مما نحن فيه. (3) بلا خلاف، بل الاجماع بقسميه عليه، كما في الجواهر. ويشهد

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 10 من أبواب الاعتكاف حديث: 1.

 

 

 

===============

( 589 )

{ بل مطلق التجارة (1)، مع عدم الضرورة على الاحوط. ولا بأس بالاشتغال بالامور الدنيوية من المباحات (2)، حتى الخياطة، والنساجة، ونحوهما، وإن كان الاحوط الترك إلا مع الاضطرار إليها. بل لا بأس بالبيع والشراء إذا مست الحاجة اليهما (3) للاكل والشرب، مع تعذر التوكيل، أو النقل بغير البيع. الخامس: المماراة (4)، أي: المجادلة على أمر دنيوي أو ديني، بقصد الغلبة وإظهار الفضيلة (5). وأما بقصد إظهار الحق ورد } له صيحيح أبي عبيدة المتقدم. (1) كما عن المنتهى، حاكيا له عن السيد المرتضى أيضا. ودليله غير ظاهر. وعلله في المنتهى: بأنه مقتضى مفهوم النهي عن البيع والشراء وهو قريب. لكنه ليس بحيث يجوز التعويل عليه. (2) للاصل. وعن المنتهى: " الوجه تحريم الصنائع المشغلة عن العبادة كالخياطة وشبهها. إلا مالابد منه ". وكأنه لاستفادته من النهي عن البيع والشراء التي قد عرفت حالها. (3) قد استظهر في الجواهر الجواز حينئذ. وكأنه لانصراف النص عن ذلك. ولا يخلو من تأمل. أما أدلة نفي الحرج والاضطرار (* 1) فانما تقتضي نفي الحرمة، وأما عدم القدح في الاعتكاف فيشكل إثباته بها، لان النفي لا يستلزم الاثبات، كما تقدم ذلك في حديث الرفع (* 2). (4) بلا خلاف أجده فيه - كما في الجواهر - لصحيح أبي عبيدة المتقدم. (5) كما عن المسالك تفسيرها بذلك. لكن قيل: إن المراء لا يكون

 

____________ (* 1) راجع الجزء الاول من هذا الشرح المسألة: 10 من فصل ماء البئر. (* 2) راجع الصفحة: 214 من هذا الجزء.

 

 

 

===============

( 590 )

{ الخصم من الخطاء فلا بأس به، بل هو من أفضل الطاعات (1). فالمدار على القصد والنية، فلكل امرئ ما نوى من خير أو شر. والاقوى عدم وجوب اجتناب ما يحرم على المحرم من الصيد، وإزالة الشعر، ولبس المخيط، ونحو ذلك، وإن كان أحوط (2). (مسألة 1): لافرق في حرمة المذكورات على المعتكف بين الليل والنهار. نعم المحرمات من حيث الصوم - كالاكل والشرب، والارتماس، ونحوها - مختصة بالنهار. (مسألة 2): يجوز للمعتكف الخوض في المباح، والنظر في معاشه، مع الحاجة وعدمها (3). } إلا اعتراضا، بخلاف الجدال فانه يكون ابتداء واعتراضا. (1) كما نص على ذلك كله في محكي المسالك. (2) فانه محكي عن الشيخ، وابني البراج وحمزة. وعن المبسوط: " روي: أنه يجتنب ما يجتنبه المحرم " (* 1) لكن في الشرائع وغيرها: أنه لم يثبت، بل عن التذكرة: أنه ليس المراد بذلك العموم، فانه لا يحرم عليه لبس المخيط، ولا إزالة الشعر، ولا أكل الصيد، ولا عقد النكاح. انتهى. وعليه فلا خلاف. وعلى تقديره فهو ضعيف، للاصل بعد عدم الدليل. (3) للاصل. وعن الحلي: المنع عن كل مباح لا يحتاج إليه. وكأنه لدعوى كون الاعتكاف اللبث للعبادة، فينافيه فعل المباح. لكن عرفت الاشكال فيها. ولو سلمت فالعبادة التي هي غاية الاعتكاف العبادة في الجملة، لافي تمام الزمان، ضرورة عدم منافاة النوم وما يحتاج إليه من المباح قطعا.

 

____________ (* 1) راجع المبسوط الفصل الثالث كتاب الاعتكاف.

 

 

 

===============

( 591 )

{ (مسألة 3): كلما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف إذا وقع في النهار، من حيث اشتراط الصوم فيه، فبطلانه يوجب بطلانه. وكذا يفسده الجماع (1)، سواء كان في الليل أو النهار. وكذا اللمس والتقبيل بشهوة (2). بل الاحوط بطلانه بسائر ما ذكر من المحرمات من البيع والشراء، وشم الطيب، وغيرها مما ذكر، بل لا يخلو عن قوة (3) وإن كان لا يخلو من إشكال أيضا (4) وعلى هذا فلو أتمه واستأنفه أو قضاه بعد ذلك، إذا صدر منه أحد المذكورات في الاعتكاف الواجب كان أحسن وأولى (5). (مسألة 4): إذا صدر منه أحد المحرمات المذكورة } (1) كما عن جماعة التصريح به، وعن الغنية: الاجماع عليه. وهو المستفاد من النصوص المتقدمة وغيرها. (2) كما هو ظاهر من بنى على تحريمها في الاعتكاف، فان الظاهر من التحريم الفساد الوضعي لا المنع التكليفي، كما في نظائره. لكن عرفت الاشكال في أصل التحريم، فضلا عن الفساد. (3) فان الظاهر من النهي في أمثال المقام هو الارشاد إلى المانعية الوضعية، لا مجرد المنع التكليفي. ولاسيما إذا كان باداة النفي. وعليه فلو وقع واحد منها في اليومين الاولين بطل الاعتكاف، ولا إثم. بخلاف مالو قيل بالحرمة التكليفية، فانه لو وقع فيهما أو في اليوم الثالث كان معصية وصح الاعتكاف. (4) كأنه للجمود على ظاهر النهي. لكن عرفت إشكاله. ولو تم لم يكن فرق بين لسان دليلها ودليل الجماع. وإجماع الغنية لا يصلح للتعويل عليه. (5) عملا بالوجهين معا.

 

===============

( 592 )

{ سهوا فالظاهر عدم بطلان اعتكافه. إلا الجماع (1) فانه لو جامع سهوا أيضا فالاحوط في الواجب الاستئناف، أو القضاء مع إتمام ما هو مشتغل به، وفي المستحب الاتمام. (مسألة 5): إذا فسد الاعتكاف بأحد المفسدات، فان كان واجبا معينا وجب قضاؤه (2)، وان كان واجبا غير معين وجب استئنافه (3). إلا إذا كان مشروطا فيه، أو في نذره الرجوع، فانه لا يجب قضاؤه أو استئنافه (4). وكذا يجب قضاؤه إذا كان مندوبا، وكان الافساد بعد اليومين (5) } (1) عن المنتهى: أنه صرح بأن الجماع - فضلا عن غيره - إنما يبطل مع العمد دون السهو. وكأنه لانصراف دليل المنع عنها الى صورة العمد. وفيه نظر. إلا أن ينعقد إجماع عليه - كما في الجواهر - إذ لاوجه للانصراف المذكور بنحو يعتد به في رفع اليد عن الاطلاق، كما يظهر من ملاحظة نظائره، إذ لولا حديث: " لا تعاد الصلاة... " ونحوه، لم يكن وجه للحكم بصحة الصلاة مع فقد الشرط، أو وجود المانع، ولو سهوا. وكأن وجه توقف المصنف (ره) في الجماع: كثرة النصوص فيه، من دون إشارة إلى التخصيص بالعمد. فتأمل. (2) بناء على ما سبق: من عموم وجوب قضاء ما فات من الاعتكاف. (3) لوجوب الامتثال، وهو غير حاصل بالفاسد. (4) هذا يتم إذا كان فعل المفسد بقصد الرجوع عن الاعتكاف. أما إذا لم يكن بقصده فيشكل، للفساد الموجب للفوت، الموجب للقضاء أو الاستئناف. اللهم إلا أن يكون قد رجع بعد ذلك. فتأمل جيدا. (5) لانه يكون واجبا حينئذ.

 

===============

( 593 )

{ وأما إذا كان قبلهما فلا شئ عليه، بل في مشروعية قضائه حينئذ إشكال (1). (مسألة 6): لا يجب الفور في القضاء (2)، وإن كان أحوط. (مسألة 7): إذا مات في أثناء الاعتكاف الواجب بنذر أو نحوه لم يجب على وليه القضاء (3)، وإن كان أحوط. نعم لو كان المنذور الصوم معتكفا وجب على الولي قضاؤه، لان الواجب حينئذ عليه هو الصوم، ويكون الاعتكاف واجبا من باب المقدمة. بخلاف مالو نذر الاعتكاف، فان الصوم ليس واجبا فيه، وإنما هو شرط في صحته، والمفروض أن } (1) لعدم الدليل على مشروعية قضائه حينئذ. لكن في مرسل الفقيه: " قال أبو عبد الله (ع): كانت بدر في شهر رمضان، ولم يعتكف رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما كان من قابل اعتكف عشرين، عشرا لعامه، وعشرا قضاء لما فاته " (* 1)، ونحوه مصحح الحلبي المروي عن الكافي (* 2). نعم موردهما خصوص ماكان للمندوب خصوصية زائدة من جهة الزمان. فلاحظ. (2) للاصل بعد عدم الدليل عليه، بل لاطلاق مادل من النصوص على القضاء، بناء على عدم دلالة الامر على الفور، كما حقق في محله. فما عن المبسوط والمنتهى: من وجوب الفورية ضعيف. (3) للاصل بعد عدم الدليل عليه. وعن الشيخ في المبسوط عن بعض الاصحاب: الوجوب، أو يخرج من ماله من ينوب به عنه. لعموم ماروي: " أن من مات وعليه صوم واجب وجب على وليه أن يقضي عنه، أو يتصدق

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 1 من أبواب الاعتكاف حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 1 من ابواب الاعتكاف ملحق حديث: 2.

 

 

 

===============

( 594 )

{ الواجب على الولي قضاء الصلاة والصوم عن الميت، لاجميع ما فاته من العبادات. (مسألة 8): إذا باع أو اشترى في حال الاعتكاف لم يبطل بيعه وشراؤه (1) وإن قلنا ببطلان اعتكافه. (مسألة 9): إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع - ولو ليلا - وجبت الكفارة (2). وفي وجوبها في سائر } عنه " (* 1). وفيه: ما تقدمت إليه الاشارة، من أن الظاهر الرواية وجوب قضاء الواجب بالاصالة، كما أشار إليه في المتن. ولو سلم اختص ذلك بما لو استقر القضاء على الميت، فلو نذر الاعتكاف في أيام معينة، فمات في أثناء اعتكافه فيها، أو اعتكف مندوبا فمات في الثالث، لم يجب القضاء عنه. (1) كما اختاره في الجواهر، حاكيا القول بالبطلان أيضا عن بعض وكأنه مبني على اقتضاء النهي في المعاملة الفساد. لكنه ضعيف، كما حرر في محله. نعم إذا كان ظاهر النهي الارشاد الى المانعية اقتضى ذلك، والمقام ليس منه. (2) بلا إشكال ولا خلاف ظاهر. ويشهد له النصوص المصرحة بثبوت الكفارة، وفي بعضها التصريح بثبوتها ولو كان الجماع ليلا، كرواية عبد الاعلى: " عن رجل وطئ امرأته وهو معتكف ليلا في شهر رمضان قال (ع): عليه الكفارة. قال: قلت: فان وطئها نهارا. قال (ع): عليه كفارتان " (* 2).

 

____________ (* 1) راجع المبسوط الفصل الثالث من كتاب الاعتكاف. وقد سبقت الاشارة إلى نصوص ذلك في المسألة: 26 من فصل أحكام القضاء في هذا الجزء. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب الاعتكاف حديث: 4.

 

 

 

===============

( 595 )

{ المحرمات إشكال. والاقوى عدمه (1)، وإن كان الاحوط ثبوتها. بل الاحوط ذلك حتى في المندوب منه قبل تمام اليومين (2) وكفارته ككفارة شهر رمضان على الاقوى (3)، وإن كان الاحوط كونها مرتبة ككفارة الظهار. } (1) كما في الشرائع، وعن المدارك ناسبا له الى الشيخ وأكثر المتأخرين لاختصاص نصوصها بالجماع، فالحاق غيره به قياس. والمناط غير محرز علما. وعن المفيد والسيدين والعلامة في التذكرة. وجوبها، إلحاقا لها بالجماع. وللاجماع المحكي عن الغنية. وقد عرفت ما فيه. والاجماع ممنوع. (2) كما يقتضيه إطلاق نصوص الكفارة، والندبية لا تنافي ثبوتها، كما سبق. قال في الجواهر: " اللهم إلا أن يقال: إن تعليق الكفارة على عدم الاشتراط في صحيح أبي ولاد المتقدم يومئ الى عدم وجوبها مع عدم تعين الاعتكاف حتى في اليوم الثالث، إذا فرض الاشتراط فيه عى وجه يرفع وجوبه. مضافا إلى أصل البراءة ونحوه، وهو قوي جدا. فيكون المدار حينئذ في وجوبها بالجماع وعدمه تزلزل الاعتكاف وعدمه، فتجب في الثاني، دون الاول ". أقول: قد أشرنا إلى أنه لا يظهر من صحيح أبي ولاد كون الكفارة من جهة الوطء (* 1)، بل لعل الظاهر منه كونها من جهة الخروج عن المسجد عمدا، فانه أسبق العلل في البطلان، فالبناء على إطلاق ثبوت الكفارة غير بعيد. (3) كما نسب الى الاكثر والاشهر، وعن المنتهى والتذكرة: نسبته إلى علمائنا، وعن الغنية: الاجماع عليه. ويشهد له موثق سماعة: " عن معتكف واقع أهله. قال (ع): عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان

 

____________ (* 1) سبقت الاشارة إلى الصحيح المذكور في المسألة: 40 من كتاب الاعتكاف.

 

 

 

===============

( 596 )

{ (مسألة 10): إذا كان الاعتكاف واجبا، وكان في شهر رمضان، وأفسده بالجماع في النهار، فعليه كفارتان (1) إحداهما للاعتكاف، والثانية للافطار في نهار رمضان. وكذا إذا كان في صوم قضاء شهر رمضان، وأفطر بالجماع بعد الزوال، فانه يجب عليه كفارة الاعتكاف، وكفارة قضاء شهر رمضان. وإذا نذر الاعتكاف في شهر رمضان، وأفسده بالجماع في النهار وجب عليه ثلاث كفارات، إحداها للاعتكاف والثانية لخلف النذر والثالثة للافطار في شهر رمضان. وإذا جامع امرأته المعتكفة - وهو معتكف - في نهار رمضان، فالاحوط } متعمدا: عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا " (* 1). وفي موثقه الآخر: " هو بمنزلة من أفطر يوما من شهر رمضان " (* 2). وعن المسالك والمدارك: أنها كفارة ظهار، وعن المبسوط: نسبته إلى بعض أصحابنا. ويشهد له صحيح زرارة: " عن المعتكف يجامع أهله قال (ع): إذا فعل فعليه ما على المظاهر " (* 3) ونحوه صحيح أبي ولاد. هذا والاخيران - وإن كان أصح سندا. وأكثر عددا - يجب حملهما على الاستحباب، جمعا عرفيا. (1) بلا خلاف ظاهر ولا إشكال، وعن الانتصار والخلاف والغنية: الاجماع عليه. كما يستفاد من رواية عبد الاعلى المتقدمة (* 4)، المطابقة لمقتضى أصالة عدم التداخل، التي هي الوجه فيما ذكره في المتن.

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب الاعتكاف حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 6 من أبواب الاعتكاف حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 6 من أبواب الاعتكاف حديث: 1. (* 4) راجع المسألة: 9 من هذا الفصل.

 

 

 

===============

( 597 )

{ أربع كفارات (1)، وان كان لا يبعد كفاية الثلاث، إحداها لاعتكافه، واثنتان للافطار في شهر رمضان، إحداهما عن نفسه، والاخرى تحملا عن امرأته (2). ولا دليل على تحمل كفارة الاعتكاف عنها (3). ولذا لو أكرهها على الجماع في الليل لم تجب عليه إلا كفارته، ولا يتحمل عنها. وهذا ولو كانت مطاوعة فعلى كل منهما كفارتان إن كان في النهار، وكفارة واحدة إن كان في الليل. (تم كتاب الاعتكاف، ويليه كتاب الزكاة) } (1) كما عن السيد والشيخ، بل قيل: إنه المشهور، وعن المختلف:، إنه قول مشهور لعلمائنا لم يظهر له مخالف. والوجه فيه: إلحاق الاعتكاف بالصوم في تحمل الكفارة مع الاكراه، فاكراه الزوجة على إفساد اعتكافها يوجب تحمل الكفارة، كاكراهها على إفساد الصوم. وقد أشار في المتن إلى ضعفه. (2) وفي الشرائع: جعل الاشبه لزوم كفارتين لاغير، نافيا لكفارة التحمل في الصوم هنا، لان الدليل عليه ضيعف جدا لكن عمل به جماعة من الاصحاب في الصائم غير المعتكف، فلا يتعدى عن موضع النص. وفيه: أن النص مطلق شامل للمعتكف وغيره، ولا يختص بالصائم غير المعتكف. فالبناء على التحمل من جهة الاكراه على إفساد الصوم في محله (3) لاختصاص دليله بالصوم، وإلحاق المقام به يتوقف على إلغاء خصوصيته عرفا، وهو غير ثابت، بل ممنوع. والله سبحانه أعلم. وله الحمد أولا وآخرا. والصلاة على رسوله الاكرم، وآله الطاهرين أولياء النعم. تم كتاب الاعتكاف على يد مؤلفه الفقير إلى الله (محسن الطباطبائي الحكيم) في النجف الاشرف، في صباح السابع عشر من ربيع الاول، من السنة الرابعة والخمسين بعد الالف والثلاثمائة هجرية. على مهاجرها أفضل الصلاة والسلام وأكمل التحية. والحمد لله رب العالمين.