فصل في أحكام القضاء

فصل في أحكام القضاء يجب قضاء الصوم ممن فاته بشروط، وهي البلوغ، والعقل، والاسلام فلا يجب على البالغ ما فاته أيام صباه (1). } مفقودة في الفرض المذكور، فكيف تجب في غير مواقيتها؟. وأما الاحتمال الثاني فيمنع عنه: استبعاد سقوط الفرائض المذكورة بالمرة، وإن كان ثبوتها على نحو خاص لادليل عليه. وأما وجوب صلاة يوم وليلة فيمنع عنه - بالنسبة الى الظهرين -: أنه لادلوك في الفرض، كي تجبان عنده. نعم يمكن فرض الفجر، والمغرب، والعشاء في حقه، فتجب عندهما صلواتها. أو يحمل الدلوك على ما يعم الزوال الذي يكون آخر ذلك اليوم الذي يلحقه الغروب بعد ساعات. وأما الاحتمال الاخير فغريب. والاستصحاب لا مجال له بعدما عرفت من انتفاء شرائط الوجوب. مع أنه ينتقض باليقين عند وصوله إلى غيره من الامكنة قبل الوصول إلى المحل المفروض. وبالجملة: الفرض المذكور خارج عن موضوع الادلة، فلا مجال لاعمالها فيه. فانه لاشهر رمضان ولاغيره من الشهور، فكيف تجري فيه أحكام شهر رمضان أو غيره؟ فالاحتمال الثالث أوفق بالادلة. فصل في أحكام القضاء (1) إجماعا، بل ضرورة. وعن ابن أبي عقيل: الافضل القضاء، بل هو أحوط. ولا دليل له ظاهر. وأصل البراءة، بل الاستصحاب ينفيه

 

===============

 

( 481 )

 

{ نعم يجب قضاء اليوم الذي بلغ فيه قبل طلوع فجره (1)، أو بلغ مقارنا لطلوعه إذا فاته صومه. وإما لو بلغ بعد الطلوع في أثناء النهار فلا يجب قضاؤه (2)، وإن كان أحوط. ولو شك في كون البلوغ قبل الفجر أو بعده، فمع الجهل بتاريخهما لم يجب القضاء (3)، وكذا مع الجهل بتاريخ البلوغ (4). وأما مع الجهل بتاريخ الطلوع - بأن علم أنه بلغ قبل ساعة مثلا ولم يعلم أنه كان قد طلع الفجر أم لا - فالاحوط القضاء، ولكن في وجوبه إشكال (5). } وإطلاق وجوب القضاء على من ترك الصوم - لو تم - فغير ظاهر بنحو يشمل مالو كان الترك لعدم الوجوب. (1) لتركه الصوم واجب عليه، الموجب للقضاء بلا خلاف ولا إشكال، كما يستفاد من النصوص المتفرقة في الموارد الكثيرة، مضافا إلى ما يأتي. (2) لعدم وجوب الاداء، فيجري فيه ما تقدم. نعم لو بلغ في الاثناء ولم يتناول المفطر، وقلنا بوجوب الصوم عليه، كان القول بالوجوب في محله، لتركه الصوم الوجب. (3) لاصالة البراءة، بعد الشك في توجه الخطاب بالاداء إليه، والاصل البراءة منه. (4) لاستصحاب الصبا الى ما بعد الفجر، فيدخل في موضوع نفي وجوب القضاء. (5) ينشأ: من أن أصالة عدم طلوع الفجر الى ما بعد البلوغ يثبت البلوغ قبل الفجر، فيقتضى وجوب الصوم عليه. ومن أن المستفاد من مجموع الادلة أن الصوم إنما يجب على البالغ في النهار، وهذا لازم لما يثبته الاصل من حدوث البلوغ قبل الفجر. ولاجل أن الاصل المثبت ليس بحجة يتعين القول بعدم الوجوب.

 

===============

 

( 482 )

 

{ وكذا لا يجب على المجنون ما فات منه أيام جنونه (1)، من غير فرق بين ماكان من الله، أو من فعله على وجه الحرمة (2) أو على وجه الجواز. وكذا لا يجب على المغمى عليه (3)، } (1) بلا خلاف ظاهر، بل عن الروضة: الاجماع عليه. ويشهد له نصوص الاغماء الآتية. (2) كما هو المشهور. وعن الاسكافي: وجوب القضاء إذا كان الجنون بفعله على وجه الحرمة. ودليله غير ظاهر في قبال الاصل. وعموم القضاء لا يشمله. (3) على المشهور. للنصوص، كصحيح أيوب بن نوح: " كتبت الى أبي الحسن (ع) أسأله عن المغمى عليه يوما أو اكثر، هل يقضي ما فاته أم لا؟ فكتب (ع): لا يقضي الصوم، ولا يقضي الصلاة " (* 1) ومثلها مكاتبة علي بن محمد بن سليمان (* 2) وصحيحة علي بن مهزيار (* 3) وفي مكاتبة القاسانى: " لا يقضي الصوم " (* 4). وعن المفيد، والمرتضى، والشيخ في الخلاف: أنه يقضي إن لم تسبق منه النية، وإن سبقت منه لم يقض. وليس لهم دليل ظاهر. نعم عن المختلف: الاستدلال لهم بما دل على قضاء المريض (* 5) وبما دل على وجوب قضاء الصلاة (* 6) وفيه: أنه لو تم صدق المريض، وتمت الملازمة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 24 من أبواب من يصح منه الصوم حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 24 من أبواب من يصح منه الصوم ملحق حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 24 من أبواب من يصح منه الصوم ملحق حديث: 2. (* 4) الوسائل باب: 24 من أبواب من يصح منه الصوم حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 22 من أبواب من يصح منه الصوم حديث: 1. (* 6) راجع أوائل فصل صلاة القضاء من الجزء السابع من هذا الشرح.

 

===============

 

( 483 )

 

{ سواء نوى الصوم قبل الاغماء أم لا. وكذا لا يجب على من آسلم عن كفر (1). إلا إذا أسلم قبل الفجر ولم يصم ذلك اليوم فانه يجب عليه قضاؤه. ولو أسلم في أثناء النهار لم يجب عليه صومه وإن لم يأت بالمفطر (2)، } بين الصلاة والصيام، فالنصوص المتقدمة مقيدة، ونافية لوجوب قضاء الصلاة - كما هو المختار - عملا بما دل على نفي قضائها من النصوص الكثيرة. وكأن منشأ التخصيص بصورة عدم سبق النية بناؤهم على صحة صومه لو سبقت منه النية، لعدم منافاة الاغماء للصوم. و قد سبقت الاشارة الى ذلك. (1) إجماعا. لحديث الجب (* 1) ولصحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " أنه سئل عن رجل أسلم في النصف من رمضان، ما عليه من صيامه؟ قال (ع): ليس عليه إلا ما أسلم فيه " (* 2) وصحيح العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن قوم أسلموا في شهر رمضان وقد مضى منه أيام، هل عليهم أن يقضوا ما مضى منه، أو يومهم الذي اسلموا فيه؟ قال (ع): ليس عليهم قضاء، ولا يومهم الذي أسلموا فيه. إلا أن يكونوا أسلموا قبل طلوع الفجر " (* 3). ونحوهما غيرهما. وأما ما رواه الحلبي قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أسلم بعدما دخل في شهر رمضان أيام. فقال (ع): ليقض ما فاته " (* 4) فلابد أن يكون محمولا على الاستحباب، جمعا عرفيا. (2) على المشهور. لعدم تبعض الصوم، وتأثير النية فيما مضى خلاف

 

 

____________

(* 1) راجع الحديث في أوائل فصل صلاة القضاء من الجزء السابع من هذا الشرح. (* 2) الوسائل باب: 22 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 2. (* 3) الوسائل باب: 22 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 22 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 5.

 

===============

 

( 484 )

 

{ ولا عليه قضاؤه (1). من غير فرق بين مالو أسلم قبل الزوال أو بعده. وإن كان الاحوط القضاء إذا كان قبل الزوال. (مسألة 1): يجب على المرتد قضاء ما فاته أيام ردته (2)، سواء كان عن ملة، أو فطرة. } القاعدة. فتأمل. وقد يشير إليه: مادل على نفي القضاء، كصحيح العيص المتقدم. وتقدم عن المبسوط وغيره: وجوب الصوم إذا أسلم قبل الزوال لبقاء وقت النية. وفيه: أن مصادرة - فتأمل - وخروج عن ظاهر الصحيح المتقدم من غير وجه ظاهر. وقد يستدل له بصحيح الحلبي المتقدم. وفيه: أن الظاهر من: " ما أسلم فيه " النصف الثاني من رمضان. ولما كان الصوم هو الامساك تمام النهار يكون حاصل المراد: ليس عليه الامساك تمام النهار بعد ما أسلم وليس فيه تعرض لامساك بعض النهار، بل هو داخل في عموم النفي المستثنى منه. وقد تقدم في فصل شرائط الوجوب بعض ماله نفع في المقام. فراجع. (1) قد عرفت وجهه. (2) بلا خلاف، كما عن الذخيرة وغيرها، وعن المدارك: أنه قطعي. واستدل له في الجواهر بعموم " من فاتته... " وغيره مما دل على وجوب القضاء لكل تارك للصوم. لكن عموم " من قاتته... " مرسل في بعض كتب الفقه، فليس بحجة. وما دل على وجوب القضاء لكل تارك للصوم غير متحصل. نعم ورد في غير واحد من النصوص: " من أفطر متعمدا فعليه القضاء " (* 1) لكن في شموله للمرتد حتى القاصر تأمل. وعن المدارك: أنه استدل على عموم القضاء لكل تارك للصوم بصحيح الحلبي عن أبي

 

 

____________

(* 1) راجع اول فصل فيما يوجب الكفارة.

 

===============

 

( 485 )

 

عبد الله (ع) قال: " إذا كان على الرجل شئ من صوم شهر رمضان فليقضه في أي الشهور شاء أياما متتابعة، فان لم يستطع فليقضه كيف شاء. وليحص الايام، فان فرق فحسن، وإن تابع فحسن ". (* 1) وبصحيح عبد الله بن المغيرة، عن ابن سنان، عن أبي عبد الله (ع): " قال: من أفطر شيئا من شهر رمضان في عذر، فان قضاه متتابعا فهو أفضل، وان قضاه متفرقا فهو حسن " (* 2) وهو كما ترى، إذ الاول وارد في جواز القضاء في أي شهر بعد الفراغ عن ثبوت القضاء في الذمة. والثاني وارد في استحباب التتابع بعد الفراغ عن أصل القضاء أيضا. نعم قد تستفاد الكلية من مجموع ما ورد في وجوب القضاء على من أفطر متعمدا، وعلى المريض، والحائض، والنفساء، والمسافر، وناسي الجنابة، وغيرهم من المعذورين في الافطار وغيرهم. اللهم إلا أن يعارض ذلك بما دل على نفي القضاء في بعض الموارد. مضافا الى أن الاستقراء المذكور لا يصلح للدلالة على وجوب القضاء على من يصم وإن لم يفطر. اللهم إلا أن يقال: نصوص القضاء ظاهرة في علية الفوت للقضاء وإن كان لمحض ترك الصوم وإن لم يصدق الافطار، فلا ينافي ثبوت التخصيص لها في بعض الموارد. وكيف كان فيدل على عموم القضاء: قوله تعالى: (ولتكملوا العدة...) (* 3) لظهوره في تعليل وجوب القضاء على المريض والمسافر فيؤخذ بعمومه في غير مورده. فلاحظ. والله سبحانه أعلم.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 26 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 26 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 4. (* 3) البقرة: 185.

 

===============

 

( 486 )

 

{ (مسألة 2): يجب القضاء على من فاته لسكر (1)، من غير فرق بين ماكان للتداوي، أو على وجه الحرام. (مسألة 3): يجب على الحائض والنفساء قضاء ما فاتهما حال الحيض والنفاس (2). وأما المستحاضة فيجب عليها الاداء وإذا فات منها فالقضاء (3). (مسألة 4): المخالف إذا استبصر يجب عليه قضاء ما فاته (4). وأما ما أتى به على وفق مذهبه فلا قضاء عليه (5). } (1) على ما عرفت من عموم قضاء الصوم، بناء على منافاة السكر للصوم، وإلا فلو سبقت منه النية، وقلنا بعدم المنافاة كان صومه صحيحا فلا يدخل فيمن فاته الصوم. (2) إجماعا. للنصوص الكثيرة الدالة عليه (* 1). (3) للعموم المتقدم. ولخصوص مكاتبة ابن مهزيار، الواردة فيمن استحاضت في شهر رمضان من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين، قال (ع): " تقضي صومها، ولا تقضي صلاتها " (* 2) (4) للعموم المتقدم. وقد تقدمت في قضاء الصلاة رواية سليمان بن خالد الظاهرة في عدم وجوب القضاء عليه إذا ترك (* 3) وتقدم الكلام فيها. (5) للنصوص الدالة عليه، المتقدمة في قضاء الصلاة (* 4) ومنصرفها ما يكون موافقا لمذهبه، فلو كان مخالفا له موافقا لمذهبنا فلا يبعد عدم

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25، 26 من ابواب من يصح منه الصوم. (* 2) الوسائل باب: 18 من ابواب من يصح منه الصوم حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 31 من ابواب مقدمة العبادات حديث: 4. وتقدمت في الجزء السابع من هذا الشرح صفحة: 59. (* 4) راجع الجزء السابع من هذا الشرح صفحة: 59، 60.

 

===============

 

( 487 )

 

{ (مسألة 5): يجب القضاء على من فاته الصوم للنوم (1) بأن كان نائما قبل الفجر إلى الغروب (2) من غير سبق نية، وكذا من فاته للغفلة كذلك. (مسألة 6): إذا علم أنه فاته أيام من شهر رمضان، ودار بين الاقل والاكثر يجوز له الاكتفاء بالاقل (3). ولكن الاحوط قضاء الاكثر خصوصا إذا كان الفوت لمانع - من } القضاء فيه، للاولوية إذا فرض الاتيان به بنية القربة ولو كان برجاء الواقع. وقد تقدم في قضاء الصلاة ماله نفع في المقام. فراجع. (1) عملا بعمومات القضاء المتقدمة. (2) بل يكفي النوم الى الزوال، لعدم الدليل على صحة تجديد النية بعده. وقد تقدم الكلام في ذلك في مبحث النية. (3) للاصل النافي لوجوب الاكثر. ولا مجال لاستصحاب وجوب الموقت بعد وقته، لانتفاء وجوب الصوم بدخول الليل، فيكون الشك في وجوب صوم النهار شكا في حدوث الوجوب، لافي بقائه. وبذلك افترق المقام عن سائر الموقتات، فانه يمكن إجراء استصحاب بقاء الوجوب بعد الوقت فيها، بناء على أنه خصوصية الوقت من قبيل الخصوصيات غير المقومة لموضوع الاستصحاب، كي يكون انتفاؤها موجبا لتبدل الموضوع المانع من جريان الاستصحاب. بل يفترق صوم رمضان عن غيره من أنواع الصيام، بأنه ينتهي وجوب صومه بدخول العيد الذي يحرم صومه، فلو بني على غض النظر عن الاشكال السابق فحرمة صوم العيد مانعة عن جريان الاستصحاب ليثبت به وجوب القضاء، فإذا شك يكون المرجع أصل البراءة. نعم عموم وجوب القضاء على من لم يصم يقتضي وجوب القضاء مع الشك في الاداء

 

===============

 

( 488 )

 

{ مرض، أو سفر، أو نحو ذلك - وكان شكه في زمان زواله (1) كأن يشك في أنه حضر من سفره بعد أربعة أيام أو بعد خمسة أيام مثلا من شهر رمضان. } لاصالة عدم الصوم في الوقت. نعم يحكم على الاصل المذكور قاعدة الشك بعد خروج الوقت - بناء على عمومها للمقام، كما هو الظاهر - فيتعين الرجوع في وجوب القضاء إلى أصالة البراءة. (1) فانه قد يدعى: أن استصحاب بقاء المانع الى زمان الاكثر يقتضي فوات الاكثر. مثلا: لو تردد السفر بين ثلاثة أيام وأربعة، كان استصحاب بقاء السفر الى اليوم الرابع يقتضي عدم جواز صوم الرابع، فيكون فائتا. وفيه: أنه تارة: يعلم بأنه لم يصم أيام السفر وصام أيام الحضر، ويشك في أن أيام السفر كانت ثلاثة أو أربعة. فاستصحاب بقاء السفر الى اليوم الرابع لا يثبت أنه ما صام اليوم الرابع، إلا بناء على الاصل المثبت، للملازمة الخارجية بين السفر في الرابع وعدم صومه. وأخرى: يعلم بأنه صام أيام السفر صوما غير مشروع، فيشك في أن أيام السفر كانت أربعة ليقضيها، أو ثلاثة. فاستصحاب السفر في اليوم الرابع وإن كان يقتضي حرمة صومه، الموجبة لعدم مشروعيته، إلا أن اصالة الصحة مقدمة على الاستصحاب. مع أن ذلك لايتم في مثل المرض لان في ترتب عدم المشروعية على مجرد ثبوت الحرمة الواقعية إشكالا تقدم. فان قلت: مقتضى قوله تعالى: (فمن كان منكم مريضا..) (* 1) أن من أحكام المسافر والمريض وجوب القضاء، فيكون استصحاب السفر والمرض موجبا لاثبات الاثر المذكور. وكذا الحال في بقية الموانع، من

 

 

____________

(* 1) البقرة: 184.

 

===============

 

( 489 )

 

{ (مسألة 7): لا يجب الفور في القضاء (1) ولا التتابع (2). } الحيض والنفاس ونحوهما. قلت: وجوب القضاء من آثار عدم الصوم الصحيح في أيام الشهر، لا من آثار نفس وجود مثلا، فلابد في إثبات وجوب القضاء من إثباته موضوعه، إما لعدم الصوم ذاتا، أو لعدم كونه صحيحا. وقد عرفت أنه لا يمكن إثبات عدم الصوم أو عدم صحته باستصحاب بقاء المانع في الصورتين المذكورتين، بل يرجع في الاولى إلى قاعدة الشك بعد خروج الوقت، و في الثانية إلى أصالة الصحة. وليس مفاد الآية الشريفة ونحوها مفاد أدلة الاسباب الشرعية، كي يترتب ثبوت المسبب على مجرد ثبوت السبب بالاصل. هذا كله إذا كان الشك في زمان زوال المانع. وأما إذا كان في زمانه حدوثه فلا مجال لهذه التوهمات، لاصالة عدم حدوثه، كما هو واضح. (1) كما هو المعروف. ويشهد له صحيحتا الحلي وابن سنان المتقدمتان في حكم المرتد (* 1)، ومصححة حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع): " قال: كن نساء النبي صلى الله عليه وآله إذا كان عليهم صيام أخرن ذلك إلى شعبان، كراهة أن يمنعن رسول الله صلى الله عليه وآله. فإذا كان شعبان صام وصمن " (* 2) مضافا إلى إطلاقات أدلة القضاء. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن ظاهر أبي الصلاح: من وجوب الفورية. (2) إجماعا، كما عن الناصريات، والخلاف، والمختلف، لاطلاق الادلة. وخصوص صحيحي الحلبي وابن سنان المتقدمين في المرتد (* 3). وفي رواية سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن الرضا (ع): " لا بأس بتفريق

 

 

____________

(* 1) لاحظ الروايتين في أوائل هذا الفصل. (* 2) الوسائل باب: 28 من أبواب الصوم المندوب حديث: 2. (* 3) لاحظ الروايتين في أوائل هذا الفصل.

 

===============

 

( 490 )

 

{ نعم يستحب التتابع فيه (1) وإن كان أكثر من ستة، لا التفريق فيه مطلقا (2)، أو في الزائد على الستة (3). } قضاء شهر رمضان " (* 1)، وموثق سماعة: " سألته عمن يقضي شهر رمضان متقطعا؟ قال (ع): إذا حفظ أيامه فلا بأس " (* 2)، إلى غير ذلك. (1) كما هو المشهور. للتصريح بأفضليته في صحيح ابن سنان (* 3) - ونحوه خبر الاعمش (* 4) - وللامر به في صحيح الحلبي (* 5). وفي رواية غياث: " إن كان لا يقدر على سرده فرقه " (* 6). (2) كما نسب إلى ظاهر المفيد. وقال في محكي المقنعة: " أوجبت السنة الفصل بين الايام بالافطار، ليقع الفرق بين الامرين: الاداء والقضاء " وهو كما ترى مخالف للنصوص. (3) كما هو أحد الاقوال في المسألة - كما حكاه في الشرائع - وعن السرائر. واستدل له بموثق عمار عن أبي عبد الله (ع): قال: " سألته عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان، كيف يقضيها؟ فقال (ع): إن كان عليه يومان فليفطر بينهما يوما، وإن كان عليه خمسة أيام فليفطر بينهما أياما. وليس له أن يصوم أكثر من ستة أيام متوالية. وإن كان عليه ثمانية أيام أو عشرة أيام أفطر بينهما يوما " (* 7). وانطباقه على المدعى - من استحباب المتابعة في الستة والتفريق في الزائد عليه - غير ظاهر. ولاسيما وفي بعض

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 26 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 8. (* 2) الوسائل باب: 26 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 2. (* 3) المراد به هو الصحيح الذي تقدمت الاشارة إليه آنفا. (* 4) الوسائل باب: 26 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 11. (* 5) المراد هو الصحيح المتقدم إليه الاشارة آنفا. (* 6) الوسائل باب: 27 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 3. (* 7) الوسائل باب: 26 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 6.

 

===============

 

( 491 )

 

{ (مسألة 8): لا يجب تعيين الايام (1)، فلو كان عليه أيام فصام بعددها كفى وإن لم يعين الاول والثاني - وهكذا - بل لا يجب الترتيب أيضا، فلو نوى الوسط أو الاخير تعين، ويترتب عليه أثره. } النسخ - بدل (الستة) - (الثمانية) (* 1). فطرحه والعلم بغيره متعين. (1) قد أشرنا في بحث سجود السهو وغيره إلى أن التعيين فرع التعين والتعين تابع لاعتبار خصوصيات في المأمور به، بحيث يكون كل واحد من المتعدد مشتملا على خصوصية غير ما يشتمل عليه الآخر، مثل خصوصية الظهرية والعصرية، ونافلة الفجر وفريضته، فالصلاتان الاولتان - وكذا الاخيرتان - وإن اتحدت صورتهما متغايرتان بلحاظ الخصوصيات المذكورة. وليس في المقام ما يوجب ذلك، فان قضاء الصوم الفائت ماهية واحدة، قد يكون الواجب منها فردا واحدا إذا كان الفائت يوما واحدا، وقد يكون الواجب متعددا، كما إذا كان الفائت متعددا، فإذا وجب صوم يومين لم يكن مائز بين اليومين إلا بمقدار ما يكون به أحدهما مقابل الآخر المحصل ذلك لمفهوم الاثنينية، فإذا فات اليومان كان قضاؤهما - كنفسهما - لا تمايز بينهما ولا تعين لكل واحد إلا بالمعني المتقدم، فالتعين بعدما كان مفقودا لا يكون مجال للتعيين. فان قلت: اليوم الاول من شهر رمضان متعين في نفسه كاليوم الثاني فإذا كان التعين ثابتا في الزمان سرى إلى المقيد به، فله أن ينوي الصوم المقيد باليوم الاول في قبال الصوم المقيد باليوم الثاني، وكذا العكس. وحيث أن الواجب متعين وجب تعيينه، لاعتبار القصد إلى الواجب بماله من الخصوصيات المأخوذة فيه حين ماكان موضوعا للوجوب، ولولا ذلك

 

 

____________

(* 1) رواها بالوجه الاول في التهذيب صفحة: 275 ج: 4. ورواها بالوجه الثاني في الاستبصار صفحة: 118 ج: 2.

 

===============

 

( 492 )

 

{ (مسألة 9): لو كان عليه قضاء من رمضانين فصاعدا يجوز قضاء اللاحق قبل السابق (1). بل إذا تضيق اللاحق، بأن صار قريبا من رمضان آخر، كان الاحوط تقديم اللاحق ولو أطلق في نيته انصرف إلى السابق، وكذا في الايام. (مسألة 10): لا ترتيب بين صوم القضاء وغيره من } لم يكن الفعل عبادة وامتثالا لامره. قلت: الخصوصيات المذكورة لم تؤخذ في موضوع الوجوب، بل تمام موضوعه صوم يوم رمضان، فصوم اليوم الاول لم يجب بما أنه صوم اليوم الاول بخصوصياته التي يتميز بها عن اليوم الثاني، بل بما أنه صوم يوم من رمضان، وصوم اليوم من رمضان مفهوم واحد ينطبق على جميع الايام بنحو واحد، فالصوم الاول هو الصوم الثاني مفهوما وخصوصية إلا بالمقدار الذي يحصل منه التعدد. ومنه يظهر أنه لا معنى للترتيب، فضلا عن وجوبه. كما يظهر الاشكال فيما ذكره أخيرا. كما أنه لم يظهر المراد من قوله (ره): " ويترتب أثره " وأي أثر لواحد في قبال الآخر؟!. نعم ربما تكون بعض الخصوصيات الزمانية دخيلة في زيادة الفضل، مثل يوم القدر، أو أول خميس، أو آخر جمعة. لكن هذه الخصوصيات أجنبية عن الوجوب، ونيتها إنما تكون مؤثرة في ترتب الاثر الخاص لو قام دليل على مشروعية القضاء بنحو ذلك، وهو مفقود. (1) ما سبق يجري في قضاء رمضانين أيضا، وأنه لا مايز بينهما ولا تعين ليمكن التعيين. إلا أنه بناء على وجوب المبادرة إلى القضاء قبل مجئ رمضان الثاني، وعدم وجوب المبادرة بعد ذلك، يستكشف وجود المائز، لامتناع الاختلاف في الحكم مع عدمه. وسيجئ الكلام في وجوب المبادرة إن شاء الله.

 

===============

 

( 493 )

 

{ أقسام الصوم الواجب (1)، كالكفارة، والنذر ونحوهما. نعم لا يجوز التطوع بشئ لمن عليه صوم واجب، كما مر (2). (مسألة 11): إذا اعتقد أن عليه قضاء فنواه، ثم تبين بعد الفراغ ذمته لم يقع لغيره (3). وأما لو ظهر له في الاثناء، فان كان بعد الزوال لا يجوز العدول إلى غيره (4) وإن كان قبله فالاقوى جواز تجديد النية لغيره (5). وإن كان الاحوط عدمه. (مسألة 12): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه بمرض أو حيض أو نفاس ومات فيه لم يجب القضاء عنه (6)، ولكن } (1) بلا خلاف ظاهر. للاطلاق الموافق لاصالة البراءة من شرطية الترتيب. وعن ابن أبي عقيل: المنع من صوم النذر أو الكفارة لمن عليه قضاء عن شهر رمضان. وليس له دليل ظاهر. (2) في أواخر فصل شرائط صحة الصوم، ومر وجهه أيضا. (3) لفقد النية المعتبرة في صحة الصوم، على ما تقدم. نعم لو كانت نيته من باب الاشتباه في التطبيق صح لغيره، لتحققها حينئذ. (4) إلا إذا كان ذلك الغير مندوبا، فقد عرفت أن نيته تمتد اختيارا إلى ما قبل الغروب، فيجوز التجديد قبل الغروب بعد ظهور الخطأ في نية القضاء. (5) لما سبق في مبحث النية: من أنه يمتد وقتها اختيارا إلى الزوال في غير المعين. وكذا مع الجهل والنسيان في المعين. فراجع ما سبق هناك فانه مبنى هذه المسألة. (6) قطعا. للاصل. قيل: ولعدم وجوبه على الميت. فأولى أن

 

===============

 

( 494 )

 

لا يجب على الحي، لانه إن وجب عليه كان عن ميته الذي لا يجب عليه. فتأمل . وللنصوص المستفيضة، كصحيح ابن مسلم عن أحدهما (ع): " سألته عن رجل أدركه رمضان وهو مريض، فتوفي قبل أن يبرأ. قال (ع): ليس عليه شئ، إنما يقضى عن الذي يبرأ ثم يموت قبل أن يقضي " (* 1) والآخر له: " سألته عن الحائض تفطر في شهر رمضان أيام حيضها، فإذا أفطر ماتت. قال (ع): ليس عليها شئ " (* 2)، والآخر له عن أبي عبد الله (ع): " في امرأة مرضت في شهر رمضان، أو طمثت، أو سافرت، فماتت قبل أن يخرج رمضان، هل يقضى عنها؟ قال (ع): أما الطمث والمرض فلا، وأما السفر فنعم " (* 3) وموثق سماعة: في امرأة نفساء دخل عليها شهر رمضان ولم تقدر على الصوم، فماتت في شهر رمضان أو في شوال. فقال (ع): لا يقضي عنها " (* 4) ونحوها غيرها. ثم إن مقتضى صحيح ابن مسلم الثالث وجوب القضاء لو ماتت في السفر. ونحوه صحيح أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) (* 5) ورواية منصور ابن حازم عن أبي عبد الله (ع) (* 6) وهو المحكي عن التهذيب، والمقنع،

 

 

____________

إن اريد عدم الوجوب فعلا فهو مسلم لكنه لا يكفي في امتناع التكليف بالقضاء، إذ يكفي فيه وجود الملاك. كما هو كذلك بالنسبة إلى الاداء. وان اريد عدم الملاك فممنوع، لانه خلاف إطلاق أدلة القضاء. منه قدس سره. (* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 14. (* 3) الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 16. (* 4) الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 10. (* 5) الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 4. (* 6) الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 15.

 

===============

 

( 495 )

 

{ يستحب النيابة عنه (1) في أدائه. والاولى أن يكون بقصد إهداء الثواب. } والجامع، والمدارك، وغيرها. وقيل بالحاق السفر بما سبق. ويشير إليه صحيح أبي بصير الآتي، وما في رواية ابن بكير: من التعليل لوجوب القضاء على الولي بأن الميت صح ولم يقض وقد وجب عليه (* 1) ونسب القول بذلك الى جماعة من المتأخرين، رميا للنصوص الاول بالشذوذ، ولكنه غير ظاهر بنحو تسقط لاجله عن الحجية. وليست النصوص الثانية بنحو تصلح لصرف الاول إلى الاستحباب. فتأمل جيدا. (1) كما عن جماعة، بل عن المنتهى: نسبته الى أصحابنا. وعن جماعة: العدم. لعدم الدليل على مشروعيته. ولصحيح أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: " سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوال، فأوصتني أن أقضي عنها. قال (ع): هل برأت من مرضها؟ قلت: لا، ماتت فيه. قال (ع): لا يقضى عنها، فان الله سبحانه لم يجعله عليها. قلت فاني أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني بذلك. قال (ع): كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله الله تعالى عليها؟، فان اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم " (* 2). اللهم إلا أن تستفاد المشروعية من دليل مشروعية القضاء، بضميمة مادل على مشروعية النيابة فيه. ولا ينافيه النصوص المتقدمة الدالة على نفي القضاء، إذ هي مابين ما يدل على عدم الوجوب على الميت، وما يدل على عدم الوجوب على النائب، ولاتعرض فيها لنفي المشروعية. والصحيح يحتمل أن يكون المراد منه المنع من القضاء بعنوان كونه ثابتا عليها وتفريغا

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 13. (* 2) الوسائل باب: 23 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 12.

 

===============

 

( 496 )

 

{ (مسألة 13): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لعذر واستمر الى رمضان آخر، فان كان العذر هو المرض سقط قضاؤه على الاصح (1)، وكفر عن كل يوم بمد. } لذمتها، حسبما يظهر من وصيتها بذلك، لا مجرد الفعل عنها. بل لعل قوله (ع): " فان اشتهيت... " يراد منه مشروعية ذلك، وأنه لا بأس بأن تصوم عنها لنفسك، لابداعي وصيتها. هذا ولكن الاحتمال المذكور خلاف الظاهر، فان فيه تقييد القضاء الذي أوصت به بكونه بعنوان أداء ما عليها من القضاء - وكذا ما بعده وحمل قوله (ع): " فان اشتهيت... " على أن المراد الصوم عنها بداعي نفسه لا بداعي الوصية، لا أن المراد الصوم عن نفسه، وكل ذلك خلاف الظاهر. فلاحظ. (1) ونسب إلى المشهور. ويشهد له كثير من النصوص، وفي الجواهر: " لا بأس بدعوى تواترها، والخروج بها عن ظاهر قوله تعالى: " فمن كان منكم مريضا أو على سفر... " (* 1) كصحيح ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع): " سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه رمضان آخر. فقالا (ع)، إن كان برئ ثم توانى قبل أن يدركه الرمضان الآخر صام الذي أدركه، وتصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين وعليه قضاؤه. وإن كان لم يزل مريضا حتى أدركه رمضان آخر صام الذي أدركه، وتصدق عن الاول لكل يوم مد على مسكين، وليس عليه قضاؤه " (* 2) وصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع): " في الرجل يمرض فيدركه شهر رمضان ويخرج عنه وهو مريض، ولا يصح حتى يدركه

 

 

____________

(* 1) البقرة: 184. (* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 1.

 

===============

 

( 497 )

 

شهر رمضان آخر. قال (ع): يتصدق عن الاول، ويصوم الثاني " (* 1) ونحوهما غيرهما. وعن ابن أبي عقيل، وابن بابويه، والخلاف، والغنية، والسرائر والحلبي، والتحرير: وجوب القضاء دون الكفارة. ويشهد له خبر الكناني قال: " سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل عليه من شهر رمضان طائفة ثم أدركه شهر رمضان قابل. قال (ع): عليه أن يصوم، وأن يطعم كل يوم مسكينا. فان كان مريضا فيما بين ذلك حتى أدركه شهر رمضان قابل فليس عليه إلا الصيام إن صح. وان تتابع المرض عليه فلم يصح فعليه أن يطعم لكل يوم مسكينا " (* 2). لكنه لا يصلح لمعارضة ما سبق، لانه أصح سندا، واكثر عددا، ولموافقته لفتوى المشهور. وما عن الشيخ (ره): من دعوى الاجماع على القضاء - لو تمت - موهونة بمخالفة الاكثر، بل مخالفته في كتبه الاخر. وموافقة الخبر لظاهر الكتاب لا تجدي في قبال ما سبق. وأضعف منه ماعن ابن الجنيد: من وجوب القضاء والكفارة معا. إذ ليس له وجه ظاهر. واحتمال كونه مقتضى الجمع العرفي بين الطائفتين ساقط، لان الطائفتين كما تشتركان في إثبات كان من الامرين تشتركان أيضا في نفي كل منهما، فلو بني على الجمع بالاثبات كان الجمع بالنفي أولى. وأولى منهما الجمع بالتخيير. لكنه غير عرفي. بل الظاهر أن المقام من التعارض الذي هو موضوع الترجيح، الموجب لتقديم الطائفة الاولى لاغير. نعم قد يظهر من مضمر سماعة ثبوت الامرين، قال: " سألته عن رجل أدركه رمضان وعليه رمضان قبل ذلك لم يصمه. فقال (ع): يتصدق بدل كل يوم من الرمضان الذي كان عليه بمد من طعام، وليصم هذا الذي

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 2. (* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 3.

 

===============

 

( 498 )

 

{ والاحوط مدان (1). ولا يجزئ القضاء عن التكفير (2). نعم الاحوط } أدرك. فان أفطر فليصم رمضان الذي كان عليه، فاني كنت مريضا فمر علي ثلاث رمضانات لم أصح فيهن، ثم أدركت رمضانا فتصدقت بدل كل يوم مما مضى بمد من طعام، ثم عافاني الله تعالى وصمتهن " (* 1) لكن - مع هجره، وعدم العمل به - يمكن حمله على استحباب القضاء، فانه مقتضى الجمع العرفي بينه وبين الطائفة الاولى. ويشير إليه صحيح ابن سنان عن أبي عبد الله (ع): " قال أفطر شيئا من رمضان في عذر، ثم أدرك رمضان آخر وهو مريض: فليتصدق بمد لكل يوم، وأما أنا فاني صمت وتصدقت " (* 2). أما خبر الكناني فقد عرفت سقوطه بالمعارضة فلاحظ. (1) فقد حكي تعينهما عن النهاية، والاقتصاد، والحلبيين. وليس له دليل ظاهر مع تصريح النصوص السابقة بالاكتفاء بالمد. نعم حكي ذلك عن بعض نسخ موثق سماعة المتقدم. لكنه - مع أنه لا يعارض ما سبق مما دل على الاكتفاء بالمد - معارض بما عن النسخ الصحيحة: من أنه مد من طعام (* 3) واستظهر في الجواهر أنه اشتباه من قلم النساخ في لفظة: (من) كما يشهد له الرسم في (طعام) - يعني: حيث رسم بالجر - ولو كان المد مثنى لرسم بالنصب على التمييز. لكن المحكي عن بعض النسخ: ذكر (من) مع المدين. فراجع. وربما يستشهد للمدين بما ورد في ذي العطاش. لكنه - مع أنه معارض بما دل على المد فيه الواجب تقديمه عليه - لا مجال للتعدي عن مورده الى المقام. (2) لظاهر الادلة. وقيل بالاجزاء - كما عن التحرير - حملا للفدية

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 4. (* 3) راجع التهذيب ج 4 صفحة 251 طبع النجف الاشرف، الاستبصار ج 2 صفحة 112 طبع النجف الاشرف.

 

===============

 

( 499 )

 

{ الجمع بينهما (1). وإن كان العذر غير المرض - كالسفر ونحوه - فالاقوى وجوب القضاء (2). وإن كان الاحوط الجمع بينه وبين المد (3). وكذا إن كان سبب الفوت هو المرض، وكان العذر في التأخير غيره (4) مستمرا من حين برئه إلى رمضان } على الرخصة. وهو كما ترى. (1) لما عرفت من نسبته إلى ابن الجنيد. (2) كما عن المختلف، والشهيد الثاني، وسبطه، وغيرهم. لاطلاق أدلة القضاء، المقتصر في تقييدها على خصوص المرض، وربما قيل بالحاق السفر بالمرض في ثبوت الكفارة دون القضاء. ويشهد له مصحح الفضل ابن شاذان عن الرضا (ع) - في حديث - قال: " فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان فلم يخرج من سفره، أو لم يقو من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر، وجب عليه الفداء للاول، وسقط القضاء وإذا أفاق بينهما، أو أقام ولم يقضه وجب عليه القضاء والفداء؟! قيل... " (* 1) لكن الحديث وإن جمع في نفسه شرائط الحجية، ساقط عنها بالهجر، إذ لم يعرف قائل به. وإلحاق السفر بالمرض وان نسب الى ابن أبي عقيل، والخلاف، فليس ذلك عملا منهما به أو بمضمونه، لما عرفت من أن المحكي عنهما في المرض وجوب القضاء دون الكفارة. مضافا الى قرب دعوى معارضته بما دل على وجوب القضاء عن المسافر إذا مات في سفره (* 2) فان وجوبه هنا بطريق أولى. فتأمل. (3) خروجا عن شبهة الخلاف، واحتياطا بالعمل بالدليلين. (4) الكلام فيه هو الكلام في سابقه، فانه أيضا يمكن أن يستفاد حكمه

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 8. (* 2) تقدم ذلك في المسألة: 12 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 500 )

 

{ آخر أو العكس (1)، فانه يجب القضاء أيضا في هاتين الصورتين على الاقوى. والاحوط الجمع، خصوصا في الثانية. (مسألة 14): إذا فاته شهر رمضان أو بعضه لا لعذر بل كان متعمدا في الترك، ولم يأت بالقضاء إلى رمضان آخر وجب عليه الجمع بين الكفارة والقضاء بعد الشهر (2). وكذا إن فاته لعذر ولم يستمر ذلك العذر، بل ارتفع في أثناء السنة ولم يأت به إلى رمضان آخر متعمدا وعازما على الترك، أو متسامحا واتفق العذر عند الضيق، فانه يجب حينئذ أيضا الجمع. } من مصحح الفضل. (1) يمكن أن يستفاد ثبوت الفدية فيه فقط من صحيح ابن سنان المتقدم في آخر مسألة سقوط القضاء عن مستمر المرض (* 1) كما عن ظاهر الخلاف وفي المدارك: أنه أوجه، وحمل العذر على المرض، بقرينة قوله (ع): " ثم أدركه آخر... " - كما عن المختلف - غير ظاهر، كدعواه: عدم صلاحيته لتقييد أدلة القضاء. ومن ذلك يظهر الوجه في أولوية الاحتياط فيه من الاحتياط فيما قبله. (2) كما هو المعروف فيه وفيما بعده مما لم يكن عازما على القضاء، بل لم يعرف فيه مخالف صريح إلا ابن إدريس، على ما حكي عن سرائره قال فيها: " والاجماع غير منعقد على وجوب هذه الكفارة، لان أكثر أصحابنا لا يذهبون إليها، ولا يوردونها في كتبهم، مثل الفقيه، وسلار، والسيد المرتضى، وغيرها. ولا يذهب الى الكفارة في هذه المسألة (يعني: مسألة التواني) إلا شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان - في الجزء الثاني من مقنعته

 

 

____________

(* 1) راجع صفحة: 498.

 

===============

 

( 501 )

 

{ وأما إن كان عازما على القضاء بعد ارتفاع العذر، فاتفق العذر عند الضيق، فلا يبعد كفاية القضاء (1). لكن لا يترك الاحتياط بالجمع أيضا. ولا فرق فيما ذكر بين كون العذر هو المرض أو غيره. فتحصل مما ذكر في هذه المسألة وسابقتها: أن تأخير القضاء إلى رمضان آخر إما يوجب الكفارة فقط، وهي الصورة الاولى المذكورة في المسألة السابقة، وإما يوجب القضاء فقط } ولم يذكرها في كتاب الصيام ولا في غيرها من كتبه - وشيخنا أبو جعفر ومن تابعهما، وقلد كتبهما، ويتعلق باخبار الآحاد التي ليست عند أهل البيت حجة على ما شرحناه ". ورد عليه جماعة ممن تأخر عنه: بأن رواة الفدية فضلاء السلف، كزرارة، ومحمد بن مسلم، وأبي الصباح الكناني، وأبي بصير، وعبد الله ابن سنان، وليس لروايتهم معارض إلا ما يحتمل رده الى ذلك. والقول بالفدية لا يختص بالشيخين، فقد ذهب إليها ابنا بابويه وابن أبي عقيل. وكيف كان فيظهر وجوب الكفارة في الفروض المذكورة مما سيأتي من النصوص في العازم على القضاء. وأما مرسل سعد بن سعد عن رجل عن أبي الحسن (ع): " عن رجل يكون مريضا في شهر رمضان ثم يصح بعد ذلك، فيؤخر القضاء سنة أو أقل من ذلك أو أكثر، ما عليه في ذلك؟ قال (ع): أحب له تعجيل الصيام، فان كان أخره فليس عليه شئ " (* 1) فساقط بالضعف، والهجر. (1) كما هو المشهور، ولاسيما بين المتأخرين كما قيل. لصحيح محمد

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 7.

 

===============

 

( 502 )

 

{ وهي بقية الصور المذكورة فيها، وإما يوجب الجمع بينهما، وهي الصور المذكورة في هذه المسألة. نعم الاحوط الجمع في الصور المذكورة في السابقة أيضا كما عرفت. } ابن مسلم عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) قال: " سألتهما عن رجل مرض فلم يصم حتى أدركه رمضان آخر. فقالا (ع): إن كان برئ ثم توانى قبل أن يدركه الرمضان الآخر صام الذي أدركه، وتصدق عن كل يوم بمد من طعام على مسكين، وعليه قضاؤه. وان كان لم يزل مريضا... " (* 1) وخبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع): " قال (ع): إذا مرض الرجل من رمضان إلى رمضان ثم صح فانما عليه لكل يوم أفطره فدية طعام، هو مد لكل مسكين. قال: وكذلك أيضا في كفارة اليمين وكفارة الظهار مدا مدا. وإن صح بين الرمضانين فانما عليه أن يقضي الصيام، فان تهاون به وقد صح فعليه الصدقة والصيام جميعا، لكل يوم مد، إذا فرغ من ذلك الرمضان " (* 2) وخبره الآخر المروي عن تفسير العياشي، قال (ع) فيه: " فان صح فيما بين الرمضانين، فتوانى أن يقضيه حتى جاء الرمضان الآخر، فان عليه الصوم والصدقة جميعا، يقضي الصوم ويتصدق من أجل أنه ضيع ذلك الصيام " (* 3) ومصحح الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) - في حديث طويل - قال (ع): " فان أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب عليه الفداء للتضييع، والصوم لاستطاعته " (* 4) فان التواني والتهاون والتضييع - التي جعلت دخيلة في وجوب الكفارة - غير صادقة مع العزم على القضاء.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 25 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 6. (* 3) الوسائل باب: 25 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 11. (* 4) الوسائل باب: 25 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 8.

 

===============

 

( 503 )

 

ومقتضى مفهوم الشرط أو التعليل أو مفهومهما معا: انتفاء الكفارة بانتفائها الحاصل بالعزم على القضاء. وبه يقيد إطلاق مادل على وجوب الكفارة بمجرد ترك الصوم مع التمكن منه فيما بين الرمضانين، كصحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) - في حديث - قال (ع): " فان كان صح فيما بينهما، ولم يصم حتى أدركه شهر رمضان آخر صامهما جميعا، ويتصدق عن الاول " (* 1). وفيه: أن الظاهر من العناوين المذكورة مجرد ترك القضاء وعدم المبادرة إليه في زمان يمكن فيه، كما يشهد له مقابلته في رواية ابن مسلم بقوله (ع): " وإن كان لم يزل مريضا "، وعدم التعرض للقسم الثاني المقابل للتواني من قسمي الصحة بين الرمضانين، مع كثرة التفصيل في النصوص المذكورة في الباب وعدم السؤال عنه مع كونه الغالب. وقوله في مصحح الفضل: " فان أفاق فيما بينهما ولم يصمه وجب على الفداء للتضييع " الظاهر في أن عدم الصوم حال الافاقة هو التضييع. ومن الغريب ماعن الكاشاني: من دعوى ظهور خبر أبي بصير المتقدم في الاقسام الثلاثة، بحمل قوله (ع): " فان صح بين الرمضانين فانما عليه أن يقضي الصيام " على معنى: فان صح بين الرمضانين فلم يقض في أيام صحته، مع عدم تهاونه فيه، فانما عليه أن يقضي الصيام بعد رمضان الثاني، فيكون متضمنا لحكم غير المتهاون من وجوب القضاء لاغير، وأن قوله (ع): " فان تهاون " متعرض لحكم المتهاون - من وجوب القضاء والكفارة - ويكون صدره متعرضا لحكم مستمر المرض من وجوب الكفارة لاغير فان ما ذكره أولا تكلف خلاف الظاهر، بل هو كالصريح في أن المراد منه أنه إن صح بين الرمضانين فانما عليه أن يقضي الصيام حينئذ،

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 2.

 

===============

 

( 504 )

 

{ (مسألة 15): إذا استمر المرض إلى ثلاث سنين (1) - يعني: الرمضان الثالث - وجبت كفارة للاولى، وكفارة أخرى للثانية (2)، ويجب عليه القضاء للثالثة إذا استمر إلى آخرها ثم برئ، وإذا استمر إلى أربع سنين وجبت للثالثة أيضا، ويقضي للرابعة إذا استمر إلى آخرها، أي: الرمضان } فان تهاون ولم يقض فعليه القضاء والكفارة. ويشهد به: الضمير المجرور بالباء في قوله (ع): " تهاون به "، فانه لا مجال للتأمل في رجوعه الى قضاء الصيام، فلو كان المراد القضاء بعد رمضان الثاني كان المراد: فان تهاون بالقضاء بعد رمضان الثاني، وهو كما ترى. ومثلها: دعواه تعرض خبر الكناني - المتقدم في المسألة السابقة - للاقسام الثلاثة أيضا، بأن يكون صدره متعرضا لصورة التهاون، وقوله (ع): " فان كان مريضا فيما بين... " متعرضا لصورة عدم التهاون، وقوله (ع): " وإن تتابع المرض " متعرضا لصورة استمرار المرض. فان قوله (ع): " فان كان مريضا فيما بين ذلك... " ظاهر جدا في استمرار المرض الى رمضان قابل، وصدره ظاهر فيمن صح بين الرمضانين. وقد عرفت أنه لابد من طرحه لمعارضته بما سبق. ومثل هذه التكلفات لا تصلح لتأسيس حكم شرعي. ومجرد الشهرة لا تصلح قرينة صارفة للكلام عن ظاهره الى غيره، وان كان ظاهر الجواهر ذلك. فإذا القول بوجوب القضاء والفدية على العازم على القضاء - كما عن ظاهر الصدوقين، وصريح المعتبر والشهيدين وغيرهم - متعين. فلاحظ. (1) كما يستفاد من مصحح الفضل (* 1). (2) لاطلاق الادلة. وخصوص موثق سماعة المتقدم في المسألة السابقة

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 8.

 

===============

 

( 505 )

 

{ الرابع وأما إذا أخر قضاء السنة الاولى إلى سنين عديدة فلا تتكرر الكفارة بتكررها (1)، بل تكفيه كفارة واحدة. (مسألة 16): يجوز إعطاء كفارة أيام عديدة - من رمضان واحد أو أزيد - لفقير واحد (2)، فلا يجب إعطاء كل فقير مدا واحدا ليوم واحد. (مسألة 17): لا تجب كفارة العبد على سيده (3)، من غير فرق بين كفارة التأخير، وكفارة الافطار. ففي الاولى إن كان له مال وأذن له السيد (4) أعطى من ماله، وإلا استغفر بدلا عنها. وفي كفارة الافطار يجب عليه اختيار صوم } ونحوه صدر خبر أبي بصير المتقدم المروي عن تفسير العياشي. وعن الصدوقين: أنه لو استمر المرض رمضانين وجب الفداء للاول والقضاء للثاني وليس له دليل ظاهر. وحمل كلامهما على ما إذا صح بعد الرمضان الثاني - كما هو مضمون رواية ابن جعفر (ع) (* 1) بل عن الحلي الجزم بذلك. والامر سهل. (1) بلا خلاف أجده فيه إلا من الفاضل في محكي التذكرة - كذا في الجواهر - وحكي أيضا عن المبسوط. ودليله غير ظاهر. وقياس السنة الثانية على الاولى مما يجل مقامهما الاقدس عن العمل به. (2) لاطلاق الادلة. (3) للاصل، وليست هي من النفقة الواجبة عليه، كما لعله ظاهر. (4) لاطلاق أدلة الحجر. إلا أن يقال: إنها مختصة بغير الواجب التعييني، ولذا ليس له المنع عن الصلاة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 9.

 

===============

 

( 506 )

 

{ شهرين مع عدم المال والاذن من السيد، وإن عجز فصوم ثمانية عشر يوما، وإن عجز فالاستغفار. (مسألة 18): الاحوط عدم تأخير القضاء إلى رمضان آخر مع التمكن عمدا (1)، وإن كان لادليل على حرمته. } (1) المصرح به في كلام جماعة: عدم جواز تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني، منهم الفاضلان والشهيد، ويظهر من كلام غير واحد منهم: أنه من المسلمات، وفي محكي غنائم القمي (ره): الظاهر عدم الخلاف فيه ودليله غير ظاهر. نعم قد يستفاد مما دل على وجوب الفدية إذا صح بين الرمضانين فلم يقض. أو من التعبير عن تركه بالتهاون، والتواني، والتضييع، أو من قوله (ع) في رواية أبي بصير المتقدمة: " فان صح بين الرمضانين فانما عليه أن يقضي الصيام، فان تهاون... " (* 1) بناء على ظهوره في ارادة أن عليه أن يقضي الصيام بين الرمضانين، ومصحح الفضل المروي عن العيون والعلل " قال (ع): إن قال: فلم إذا مرض الرجل أو سافر في شهر رمضان، فلم يخرج من سفره، أو لم يقو من مرضه حتى يدخل عليه شهر رمضان آخر، وجب عليه الفداء للاول، وسقط القضاء، وإذا أفاق بينهما أو أقام ولم يقضه وجب القضاء والفداء؟ قيل: لان ذلك الصوم إنما وجب عليه في تلك السنة في هذا الشهر. فأما الذي لم يفق فانه لما مر عليه السنة كلها وقد غلب الله تعالى عليه. فلم يجعل له السبيل إلى أدائها سقط عنه. وكذلك كلما غلب الله تعالى عليه، مثل المغمى الذي يغمى

 

 

____________

(* 1) قد يظهر من مرسل سعد بن سعد - المتقدم في المسألة الرابعة عشرة - جواز التأخير. منه قدس سره. (* 1) لاحظ المسألة: 14 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 507 )

 

{ (مسألة 19): يجب على ولي الميت قضاء ما فاته من الصوم لعذر (1) } عليه في يوم وليلة، فلا يجب عليه قضاء الصلاة، كما قال الصادق (ع): " كلما غلب الله تعالى عليه فهو أعذر له، لانه دخل الشهر وهو مريض، فلم يجب عليه الصوم في شهره، ولافي سنته، للمرض الذي كان فيه، ووجب عليه الفداء... " (* 1). لكن وجوب الفدية أعم من وجوب الفورية. والتعبير بالتواني، والتهاون، والتضييع لا يدل على أكثر من الرجحان. فتأمل. وما في خبر أبي بصير غير ظاهر إلا في أنه إذا صح كان عليه القضاء دون الفدية، فإذا أخره حينئذ كان عليه قضاء مع الفدية، ولا يدل على أنه إذا صح كان عليه القضاء زمان الصحة تعيينا. لاأقل من إجماله من هذه الجهة، الموجب لسقوطه عن الدليلية. وأما مصحح الفضل فدلالته قريبة. واحتمال كون الكلام واردا مورد الاقناع أو الالزام للخصم، لموافقته لمذهبه، ولا يدل على مطابقته لاعتقاده (ع) خلاف الظاهر جدا، كما يظهر بأقل تأمل في فقرات الجواب. فالبناء على وجوب المبادرة اعتمادا عليه في محله. ولاسيما مع تأيده بتطبيق مفهوم التضييع فيه وفي غيره، فان الجمود عليه يقتضي ذلك، بل وجوب الفدية فانه لا يناسب استحباب المفدى. بل استفادة التوقيت للقضاء بما بين الرمضانين من المصحح - كما عن المحقق (ره) - قريبة جدا. (1) كما هو المعروف، بل عن الخلاف والسرائر: الاجماع عليه، وعن المنتهى: نسبته إلى علمائنا. ولم يحك فيه خلاف إلا من ابن أبي عقيل فأوجب التصدق عنه، وادعى تواتر الاخبار به، ونسب القول بقضاء الصوم إلى الشذوذ.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 8.

 

===============

 

( 508 )

 

{ - من مرض، أو سفر، أو نحوهما - لاماتركه عمدا، أو أتى به وكان باطلا من جهة التقصير في أخذ المسائل (1). } ودعواه تواتر الاخبار بالتصدق غير ظاهرة، إذ لم تعرف رواية به عدا صحيح ابن بزيع عن أبي جعفر الثاني (ع): " قلت له: رجل مات وعليه صوم، يصام عنه أو يتصدق؟ قال (ع): يتصدق عنه، فانه أفضل " (* 1)، وخبر أبي مريم عن أبي عبد الله (ع): " إذا صام الرجل شيئا من شهر رمضان، ثم لم يزل مريضا حتى مات، فليس عليه قضاء. وإن صح ثم مرض ثم مات، وكان له مال تصدق عنه مكان كل يوم بمد، وإن لم يكن له مال تصدق عنه وليه " (* 2). ولا مجال للعمل بهما بعد مخالفتهما للاجماع، والنصوص الكثيرة، التي هي قريبة من التواتر، كصحيح حفص عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام. قال (ع): يقضي عنه أولى الناس بميراثه. قلت: فان كان أولى الناس به امرأة، قال (ع): لا، إلا الرجال " (* 3) ونحوه غيره مما يأتي. (1) كما عن جماعة، ونسب إلى المحقق في المسائل البغدادية. ولم

 

 

____________

(* 1) الفقيه ج 3 صفحة 236 حديث: 1119 طبع النجف الاشرف، الوافي ج 2 باب: 55 من كتاب الصيام صفحة 51. (* 2) هكذا ورد الحديث في النسخة الخطية وقد اختلف كتب الحديث في نقل متن الحديث المذكور، فقد ورد بهذا المضمون في كل من التهذيب: ج: 4 صفحة: 248. طبع النجف: والاستبصار: ج: 2 صفحة: 109 طبع النجف الاشرف وورد هكذا: وإن لم يكن له مال صام عنه وليه: في كل من التهذيب والاستبصار بطريق آخر وكذا في الفقيه ج: 2 صفحة: 98. طبع النجف وفي الوسائل باب: 23 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 5.

 

===============

 

( 509 )

 

{ وإن كان الاحوط قضاء جميع ما عليه وإن كان من جهة الترك عمدا. نعم يشترط في وجوب قضاء ما فات بالمرض أن يكون قد تمكن في حال حياته من القضاء وأهمل (1)، وإلا فلا يجب، لسقوط القضاء حينئذ، كما عرفت سابقا. ولا فرق في الميت بين الاب والام على الاقوى (2) وكذا } يتضح وجهه مع إطلاق نصوص القضاء. واشتمال بعضها على ذكر العذر - من المرض، والسفر وغيرهما - لا يقتضي حمل المطلق عليه، لعدم التنافي بين المطلق والمقيد. كما لا يخفى. ومثله: دعوى انصراف الاطلاق إلى الغالب، فان الغالب كون الترك لعذر. إذ فيها: أن الغلبة ليست بحيث تصلح للانصراف المسقط للمطلق عن الحجية. (1) الظاهر أنه لاإشكال في اشتراط قدرة الميت على القضاء وإهماله في وجوب القضاء على الولي، فيما عدا السفر من الاعذار، من دون فرق بين المرض، والحيض، والنفاس، وفي الجواهر: " بلا خلاف أجده فيما عدا السفر ". ويشهد له النصوص المتقدمة في المسألة الثانية عشرة والثالثة عشرة. كما تقدم أيضا فيما ذكر - وفي قضاء الصلاة - الاشارة الى الخلاف في إلحاق السفر بغيره وعدمه، وأن الاقرب الثاني. فراجع. (2) كما نسب الى الاكثر تارة، والى المعظم أخرى. ويشهد له صحيح أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) قال: " سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان أو طمثت، أو سافرت، فماتت قبل خروج شهر رمضان هل يقضى عنها؟ قال (ع): أما الطمث والمرض فلا، وأما السفر فنعم " (* 1) ونحوه صحيح ابن مسلم المتقدم (* 2) وما في صحيح أبي بصير

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 4. (* 2) راجع المسألة: 12 من هذا الفصل.

 

===============

 

( 510 )

 

{ لافرق بين ما إذا ترك الميت ما يمكن التصدق به عنه وعدمه (1) } المتقدم - الوارد فيمن مرضت في شهر رمضان فماتت في مرضها - قال (ع): " لا يقضى عنها، فان الله سبحانه لم يجعله عليها " (* 1). لكنها لاتدل على اكثر من مشروعية القضاء عنها في قبال نفي مشروعيته في الطمث والمرض. وعدم القول بالفصل بين المشروعية والوجوب غير ثابت. كما أن دعوى كون السؤال إنما هو عن الوجوب لا المشروعية، للاتفاق على الاستحباب، غير ظاهرة، فان اتفاق العلماء على الاستحباب لا يقتضي وضوحه عند السائل في النصوص المذكورة. نعم ربما يستفاد ذلك من قاعدة الاشتراك. وفيه: أن الثابت من القاعدة هو الحاق النساء بالرجال في الاحكام الموجهة إليهم المخاطبين بها مثل: يجب على الرجل كذا، ويحرم عليه كذا، فالرجل إذا كان موضوعا للخطاب بحكم كانت المرأة مثله، ولا يشمل مثل ما نحن فيه مما كان الرجل قيدا لموضوع الحكم. فلاحظ. وقد تقدمت الاشارة إليه في بعض مباحث الخلل وغيره. (1) كما عن المعظم، كما في الجواهر، وعن السرائر: الاجماع منعقد من أصحابنا على ذلك. وعن السيد (ره): اشتراط عدم تركه ما يمكن التصدق به. ويشهد له خبر أبي مريم السابق على ما رواه الصدوق والكليني هكذا: " وان لم يكن له مال صام عنه وليه " (* 2) وفي محكي المعتبر: نسبة الرواية الى الصراحة، والاشتهار، ومطابقة فتوى الفضلاء من الاصحاب وعن السيد. دعوى إجماع الامامية عليه. وفيه - مع أن الرواية رواها في التهذيب كما سبق: تصدق عنه

 

____________ (* 1) راجع المسألة: 12 من هذا الفصل. (* 2) لاحظ الفقيه ج 2 صفحة 98 طبع النجف الاشرف، الكافي ج 4 صفحة 123 طبع ايران الحديثة.

 

 

 

===============

( 511 )

{ وإن كان الاحوط في الاول الصدقة عنه برضاء الوارث مع القضاء. والمراد بالولي هو الولد الاكبر (1) وان كان طفلا أو مجنونا حين الموت، بل وإن كان حملا. (مسألة 20): لو لم يكن للميت ولد لم يجب القضاء على أحد من الورثة، وإن كان الاحوط قضاء أكبر الذكور من الاقارب عنه. (مسألة 21): لو تعدد الولي اشتركا (2)، وإن تحمل أحدهما كفى عن الآخر. كما أنه لو تبرع أجنبي سقط عن الولي (3). (مسألة 22): يجوز للولي أن يستأجر من يصوم } وليه " (* 1) -: أنه لا يمكن الجمع العرفي بينها وبين ما سبق بتقييد إطلاقه لانه خلاف الغالب. ولا الترجيح عليه، لكونه أصح سندا، وأشهر رواية، ومخالفا للعامة - كما قيل - فالعمل باطلاقه متعين. (1) كما نسب الى المعظم. وتخصيصه به غير ظاهر، كما أشرنا الى ذلك في مبحث قضاء الصلاة. فراجع. (2) تقدم: أن الاقرب في العمل بالدليل الوجوب الكفائي، ولاجل ذلك يسهل الخطب في جملة من الصور التي لا يمكن فيها التوزيع، كما لو لزم الكسر، لكون عدد الايام أقل من عدد الاولياء أو أكثر، أو عجز أحدهما عن الصوم، أو لم يقم عنده طريق على اشتغال ذمة الميت به، أو غير ذلك. (3) لانتفاء موضوع الوجوب عنه.

 

____________ (* 1) التهذيب ج 4 صفحة 248 طبع النجف الاشرف، وهكذا الاستبصار ج 2 صفحة 109 طبع النجف الاشرف.

 

 

 

===============

( 512 )

{ عن الميت (1). وأن يأتي به مباشرة. وإذا استأجر ولم يأت به المؤجر، أو أتى به باطلا لم يسقط عن الولي. (مسألة 23): إذا شك الولي في اشتغال ذمة الميت وعدمه لم يجب عليه شئ (2). ولو علم به اجمالا وتردد بين الاقل والاكثر جاز له الاقتصار على الاقل. (مسألة 24): إذا أوصى الميت باستئجار ما عليه من الصوم أو الصلاة سقط عن الولي، بشرط أداء الاجير صحيحا (3) وإلا وجب عليه. (مسألة 25): إنما يجب على الولي قضاء ما علم اشتغال ذمة الميت به، أو شهدت به البينة، أو أقر به عند موته (4) وأما لو علم أنه كان عليه القضاء، وشك في إتيانه حال حياته أو بقاء شغل ذمته، فالظاهر عدم الوجوب عليه باستصحاب بقائه (5) نعم لو شك هو في حال حياته، وأجرى الاستصحاب } (1) لظهور الدليل في أن المقصود تفريغ ذمة الميت، لا خصوص مباشرته لذلك. (2) لاصالة البراءة. إلا أن تجري أصالة عدم إتيان الميت بالواجب. نعم لو تمت قاعدة الشك بعد الوقت في الصوم - كما أشرنا إليه قريبا - كانت مقدمة على الاستصحاب المذكور. ومن ذلك يعلم الحال في جواز الاقتصار على الاقل مع تردد الواجب بين الاقل والاكثر. (3) قد تقدم القول بالسقوط بمجرد الوصية، بلا اعتبار الشرط المذكور. كما تقدم ضعفه أيضا. (4) قد تقدم الاشكال في اعتبار الاقرار هنا. فراجع. (5) كأن وجهه: أصالة البراءة، للشك في الفوت، ولا أصل يحرزه

 

===============

( 513 )

{ أو قاعدة الشغل، ولم يأت به حتى مات، فالظاهر وجوبه على الولي (1). (مسألة 26): في اختصاص ما وجب على الولي بقضاء شهر رمضان، أو عمومه لكل صوم واجب قولان (2)، مقتضى إطلاق بعض الاخبار الثاني، وهو الاحوط. } لكن عرفت الاشكال فيه، وأن مادل على عدم الاجتزاء بالبينة في وفاء الدين الذي على الميت حتى ينضم إليها اليمين، معللا باحتمال الوفاء يدل على المقام بالاولوية. لكنه لا يخلو من تأمل. (1) لما كان ظاهر الادلة أن موضوع الوجوب على الولي هو الصوم الواقعي الثابت على الميت وإن لم يتنجز عليه، لغفلته وذهوله، أو اعتقاده بالاداء، فلابد في تنجز الوجوب على الولي من علمه بثبوت ذلك على الميت أو قيام طريق عليه، أو أصل محرز له. وحينئذ فعلم الميت وشكله لا أثر لهما في وجوب شئ على الولي، فلو علم الميت أن في ذمته شيئا والولي يعلم بعدمه لم يجب على الولي القضاء، ولو انعكس الفرض وجب، وكذا لو قام الطريق عند الولي على الثبوت ولم يكن طريق عليه عند الميت. وبالجملة: المدار على اعتقاد الولي، أو قيام منجز عنده، لاعلم الميت، أو قيام منجز عنده. نعم لو كان الموضوع الثبوت الواقعي، أو الظاهري عند الميت ولو كان عقليا، وجب في الفرض المذكور. لكنه غير ظاهر من الادلة. فلاحظ. (2) فعن ابن أبي عقيل وابني بابويه. الاختصاص. وعن الشيخين: العموم، واختاره في الشرائع. وصحيح حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع): " في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام. قال (ع):

 

===============

( 514 )

{ (مسألة 27): لا يجوز للصائم قضاء شهر رمضان - إذا كان عن نفسه - الافطار بعد الزوال (1)، بل تجب } يقضي عنه أولى الناس بميراثه " (* 1) ورواية الحسن بن علي الوشا عن أبي الحسن الرضا (ع): " إذا مات رجل وعليه صيام شهرين متتابعين من علة، فعليه أن يتصدق عن الشهر الاول، ويقضي الشهر الثاني " (* 2). ومنع دلالة الجملة الخبرية على الوجوب ضعيف، كما حقق في محله. نعم لا إطلاق في رواية الوشا. فالعمدة في إثبات العموم: هو الصحيح وكون ما عداه من النصوص مختصا بصوم رمضان لا يقتضي تقييده به. (1) فانه مذهب الاصحاب لا أعلم فيه خلافا، كما عن المدارك. ونسب الخلاف فيه إلى ظاهر الشيخ (ره) في التهذيب، حيث حمل رواية عمار الآتية على نفي العقاب. ولكن المحتمل أن يكون مراده مجرد بيان وجه الجمع بين الاخبار، لا إبداء الاعتقاد. ويشهد للمشهور صحيحة جميل عن أبي عبد الله (ع): " أنه قال في الذي يقضي شهر رمضان: إنه بالخيار الى زوال الشمس. فان كان تطوعا فانه الى الليل بالخيار " (* 3)، ونحوه رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) (* 4). وفي رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع): " قال: صوم النافلة لك أن تفطر ما بينك وبين الليل ومتى شئت، وصوم الفريضة لك أن تفطر إلى زوال الشمس. فإذا زالت الشمس فليس لك أن

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 23 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 5. (* 2) الوسائل باب: 24 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 1. (* 3) الوسائل باب: 4 من ابواب وجوب الصوم ونيته حديث: 4. (* 4) الوسائل باب: 4 من ابواب وجوب الصوم حديث: 10.

 

 

 

===============

( 515 )

{ عليه الكفارة به (1). وهي - كما مر - (2) إطعام عشرة مساكين } تفطر " (* 1) وقريب منها رواية سماعة عن أبي عبد الله (ع) (* 2) مضافا الى نصوص الكفارة الظاهرة في الحرمة (* 3). نعم قد يعارضها موثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) فيمن عليه أيام من شهر رمضان: " سئل فان نوى الصوم ثم أفطر بعد مازالت الشمس. قال (ع): قد أساء، وليس عليه شئ، إلا قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه " (* 4). وفي ظهورها في نفي الحرمة تأمل، بل لعلها ظاهرة فيها. نعم ظاهرها: نفي الكفارة، فهي معارضة بأدلتها لاغير. ونحوها: ما تضمن أنه لا ينبغي للزوج أن يكره زوجته على الجماع بعد الزوال، وهي تقضي شهر رمضان (* 5) فان قوله (ع): (لا ينبغي) لو سلم ظهوره في الكراهة، أمكن أن يكون ذلك بالنسبة الى الزوج لا الزوجة ومن الصحيح المتقدم وغيره يظهر الجواز قبل الزوال، خلافا للعماني لظاهر بعض النصوص (* 6)، وإطلاق آخر (* 7). والجميع لا يصلح لمعارضة ما سبق، بل هو محمول على الكراهة، أو على ما بعد الزوال جمعا. (1) من غير خلاف ظاهر، إلا من العماني فأنكره. ويشهد للمشهور: نصوص الكفارة. وللعماني: موثقة عمار السابقة، التي لا تصلح للحجية بعد هجرها. (2) مر الكلام فيه.

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 4 من أبواب وجوب الصوم ونيته حديث: 9. (* 2) الوسائل باب: 4 من ابواب وجوب الصوم ونيته حديث: 8. (* 3) الوسائل باب: 29 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 1، 2، 3، 5. (* 4) الوسائل باب: 29 من ابواب أحكام شهر رمضان حديث: 4. (* 5) الوسائل باب: 4 من ابواب وجوب الصوم ونيته حديث: 2. (* 6) الوسائل باب: 4 من ابواب وجوب الصوم ونيته حديث: 6. (* 7) الوسائل باب: 29 من أبواب أحكام شهر رمضان حديث: 3.

 

 

 

===============

( 516 )

{ لكل مسكين مد، ومع العجز عنه صيام ثلاثة أيام. وأما إذا كان عن غيره - باجارة، أو تبرع - فالاقوى جوازه (1)، وإن كان الاحوط الترك. كما أن الاقوى الجواز في سائر أقسام الصوم الواجب الموسع (2)، وإن كان الاحوط الترك فيها أيضا وأما الافطار قبل الزوال فلا مانع منه حتى في قضاء شهر رمضان عن نفسه (3). إلا مع التعيين بالنذر، أو الاجارة (4) أو نحوهما. أو التضيق بمجئ رمضان آخر إن قلنا بعدم جواز التأخير إليه، كما هو المشهور. } (1) لانصراف الدليل السابق الى الصائم عن نفسه. والفرق بين هذا الحكم وسائر الاحكام التي استقر بناؤهم على تسريتها للفعل عن الغير، هو أن مرجعه الى وجوب البقاء على النيابة، فلا يكون من آثار الفعل الوضعية أو التكليفية، بل من آثار النيابة فيه، بخلاف سائر الاحكام. ومثله: حرمه قطع الفريضة، فانه لا يسرى إلى الفريضة التي يؤتى بها بقصد النيابة. (2) كما هو المشهور، الموافق للصأل. وعن الحلبي: الحرمة. وكأنه لقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم...) (* 1). ولكنه قد تكرر مرارا الاشكال فيه. نعم قد يساعده رواية عبد الله بن سنان السابقة (* 2) ونحوها. ولكن لا يبعد أن يكون المراد من صوم الفريضة ما كان فريضة بعنوان كونه صوما لا بعنوان أمر آخر خارج عنه، كالنذر، والاجارة، وأمر الوالد، ونحوها. (3) كما سبق. (4) فان الحرمة حينئذ يقتضيها دليل نفوذ النذر والاجارة والله سبحانه أعلم.

 

____________ (* 1) محمد: 33. (* 2) تقدم ذلك في أوائل المسألة.

 

 

 

===============

( 517 )

{ فصل في صوم الكفارة وهو أقسام: منها: ما يجب فيه الصوم مع غيره، وهي كفارة قتل العمد (1)، وكفارة من أفطر على محرم في شهر رمضان (2) فانه تجب فيها الخصال الثلاث. منها: ما يجب فيه الصوم بعد العجز عن غيره، وهي كفارة الظهار (3)، } فصل في صوم الكفارة (1) إجماعا، كما عن جماعة. ويشهد له جملة من النصوص، كصحيح ابني سنان وبكير عن أبي عبد الله (ع): " سئل: المؤمن يقتل المؤمن متعمدا، هل له توبة؟ فقال (ع): إن كان قتله لايمانه فلا توبة له، وإن كان قتله لغضبه، أو بسبب من أمر الدنيا، فان توبته أن يقاد منه وإن لم يكن علم به أحد انطلق الى أولياء المقتول فأقر عندهم بقتل صاحبهم فان عفوا عنه فلم يقتلوه أعطاهم الدية، وأعتق نسمة، وصام شهرين متتابعين وأطعم ستين مسكينا " (* 1). (2) كما تقدم (* 2). (3) لقوله تعالى: " والذين يظاهرون... إلى قوله تعالى: فمن لم

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب القصاص في النفس حديث: 1. (* 2) لاحظ المسألة: 1 من فصل ما يوجب الكفارة من هذا الجزء.

 

 

 

===============

( 518 )

{ وكفارة قتل الخطأ (1)، فان وجوب الصوم فيهما بعد العجز عن العتق، وكفارة الفطار في قضاء رمضان (2)، فان الصوم فيها بعد العجز عن الاطعام، كما عرفت، وكفارة اليمين (3) وهي عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، وبعد العجز عنها فصيام ثلاثة أيام، وكفارة صيد النعامة، وكفارة صيد البقر الوحشي، وكفارة صيد الغزال، فان الاول تجب فيه بدنة (4)، ومع العجز عنها صيام ثمانية عشر يوما. والثاني يجب فيه ذبح بقرة، ومع العجز عنها صوم تسعة أيام. والثالث يجب فيه شاة، ومع العجز عنها صوم ثلاثة أيام، } يجد فصيام شهرين متتابعين " (* 1). (1) لقوله تعالى: " ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة... إلى قوله تعالى: فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين... " (* 2) وبمضمونها جملة من النصوص (* 3) وعن المفيد وسلار: أنها مخيرة. وما سبق حجة عليهما. (2) كما سبق (* 4). (3) للآية (* 5)، والنصوص (* 6). (4) الكلام في ذلك موكول إلى محله.

 

____________ (* 1) المجادلة: 3 - 4. (* 2) النساء: 92. (* 3) الوسائل باب: 1 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 1، وباب: 10 من ابواب القصاص في النفس حديث: 3. (* 4) لاحظ المسألة: 1 من فصل ما يوجب الكفارة من هذا الجزء. (* 5) المائدة: 89. (* 6) راجع الوسائل باب: 12 من ابواب الكفارات.

 

 

 

===============

( 519 )

{ وكفارة الافاضة من عرفات قبل الغروب عامدا، وهي بدنة، وبعد العجز عنها صيام ثمانية عشر يوما، وكفارة خدش المرأة وجهها في المصاب حتى أدمته، ونتفها رأسها فيه، وكفارة شق الرجل ثوبه على زوجته أو ولده، فانهما ككفارة اليمين (1). ومنها: ما يجب فيه الصوم مخيرا بينه وبين غيره، وهي: كفارة الافطار في شهر رمضان، وكفارة الاعتكاف، وكفارة النذر والعهد، وكفارة جز المرأة شعرها في المصاب، فان كل هذه مخيرة بين الخصال الثلاث على الاقوى، وكفارة حلق الرأس في الاحرام، و هي دم شاة، أو صيام ثلاثة أيام أو التصدق على ستة مساكين (2). لكل واحد مدان. ومنها: ما يجب فيه الصوم مرتبا على غيره مخيرا بينه } (1) ففي رواية خالد بن سدير: " إذا شق زوج على امرأته، أو والد على والده، فكفارته كفارة حنث يمين. ولا صلاة لهما حتى يكفرا، أو يتوبا من ذلك. وإذا خدشت المرأة وجهها، أو جزت شعرها، أو نتفته ففي جزء الشعر عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو اطعام ستين مسكينا. وفي خدش الوجه إذا أدمت، وفي النتف كفارة حنث يمين " (* 1) وعن السرائر والمدارك: الحمل على الاستحباب، لضعف الرواية. وتحقيق الحال في ذلك موكول إلى محله. (2) أما في إفطار شهر رمضان فقد تقدم (* 2) وأما في الاعتكاف فهو الاشهر، لرواية سماعة (* 3). وقيل: مرتبة، لصحيحي زرارة وأبي

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 31 من ابواب الكفارات حديث: 1. (* 2) لاحظ المسألة: 1 من فصل ما يوجب الكفارة من هذا الجزء. (* 3) الوسائل باب: 6 من ابواب الاعتكاف حديث: 5.

 

 

 

===============

( 520 )

{ وبين غيره، وهي كفارة الواطئ أمته المحرمة باذنه (1)، فانها بدنة، أو بقرة. ومع العجز فشاة، أو صيام ثلاثة أيام. (مسألة 1): يجب التتابع في صوم شهرين من كفارة الجمع، أو كفارة التخيير (2). ويكفي في حصول التتابع فيهما صوم الشهر الاول ويوم من الشهر الثاني (3). وكذا } ولاد (* 1) المحمولين على الاستحباب جمعا. وأما كفارة النذر فقيل: مخيرة وقيل: كفارة يمين. وهو الاظهر، لتكثر النصوص بأن كفارته كفارة يمين (* 2) وأما كفارة العهد فلروايتي علي بن جعفر (ع) (* 3) وأبي بصير (* 4) بلا معارض. وأما كفارة جز المرأة فلما تقدم في رواية خالد بن سدير. وأما كفارة الحلق فيشهد للتخيير فيها قوله تعالى: " ولا تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك... " (* 5) المفسر في النصوص بما ذكر في المتن (* 6) (1) الكلام في ذلك موكول الى محله. (2) بلا خلاف ظاهر. للتقييد به في أدلتها، من الكتاب والسنة. فراجع. (3) يعني: فيجوز الافطار حينئذ عمدا، كما عن ظاهر ابني الجنيد وأبي عقيل، وصريح العلامة، والدروس. والعمدة فيه: صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع): " عن قطع صوم كفارة اليمين، وكفارة الظهار

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 6 من ابواب الاعتكاف حديث: 1، 6. (* 2) لاحظ المسألة: 1 من فصل ما يوجب الكفارة من هذا الجزء. (* 3) الوسائل باب: 24 من أبواب الكفارات حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 24 من أبواب الكفارات حديث: 2. (* 5) البقرة: 196. (* 6) الوسائل باب: 14 من أبواب بقية كفارات الاحرام.

 

 

 

===============

( 521 )

{ يجب التتابع في الثمانية عشر بدل الشهرين (1)، بل هو الاحوط في } وكفارة قتل. فقال (ع): إن كان على رجل صام شهرين متتابعين، والتتابع أن يصوم شهرا ويصوم من الآخر شيئا أو أياما منه، فان عرض له شئ يفطر منه أفطر، ثم قضى ما بقي عليه. وإن صام شهرا، ثم عرض له شئ فافطر قبل أن يصوم من الآخر شيئا فلم يتابع، أعاد الصوم كله وقال: صيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين متتابعات، ولا تفصل بينهن " (* 1). فان قوله (ع): " والتتابع... " حاكم على جميع أدلة وجوبه. كما أن قوله (ع): " فان عرض... " يراد منه مالا يكون عذرا، بقرينة قوله (ع): " ثم عرض له شئ... " الذي جعل حكمه الاعادة، وهو مختص بغير العذر. ومنه يظهر ضعف ماعن الشيخين والسيدين والحلي: من الاثم بالعمد عملا بالادلة الاولية الدالة على وجوب التتابع في الشهرين، الظاهرة في التتابع في تمامهما، التي لا مجال للاخذ بها في قبال الصحيح المذكور. ولاسيما أن ظاهر الادلة الاولية الشرطية - التي لا يقولون بها - لا الوجوب التكليفي. وأما النصوص الاخر فتقصر عن إثبات الجواز. (1) كما هو المشهور. واستشكل فيه في محكي المدارك: بأن اعتبار التتابع خلاف إطلاق الدليل. وأجاب في الجواهر: " بأن الظاهر من دليلها أن المراد الاقتصار على هذا المقدار من الشهرين إرفاقا بالمكلف، فتكون متتابعة، لا مطلق الثمانية عشر. مضافا إلى ما أرسله المفيد في المقنعة - بعد تصريحه بالتتابع وغيره - من مجئ الآثار عنهم (ع) بذلك ". والاستظهار لا يخلو من إشكال. والمرسل غير جامع لشرائط الحجية.

 

____________ (* 1) لاحظ صدر الرواية في الوسائل باب: 3 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 9، وذيله في باب: 10 منها حديث: 4.

 

 

 

===============

( 522 )

{ صيام سائر الكفارات (1)، وإن كان في وجوبه فيها تأمل وإشكال. (مسألة 2): إذا نذر صوم شهر أو أقل أو أزيد لم يجب التتابع (2)، إلا مع الانصراف، أو اشتراط التتابع فيه. } (1) كما هو المعروف. وفي الشرائع: لم يستثن من ذلك إلا كفارة الصيد حتى لو كان نعامة. وعن المفيد والمرتضى وسلار: وجوبه في جزائها بل عن المختلف: أن المشهور أن فيه شهرين متتابعين. والعمدة في وجوب التتابع هو دعوى انصراف الاطلاق إليه. لكن في محكي المدارك - في شرح قول مصنفه (ره): " كل الصوم يلزم فيه التتابع.. " -: " يمكن المناقشة في وجوب المتابعة في صوم كفارة قضاء رمضان، وحلق الرأس، وصوم ثمانية عشر في بدل البدنة، وبدل الشهرين عند العجز عنهما. لاطلاق الامر بالصوم فيها، فيحصل الامتثال مع التتابع وبدونه ". ودعوى انصراف الاطلاق إلى التتابع - كما في الجواهر - غير ظاهرة. والفتوى به لا تصلح قرينة. كما لا يصلح كونها كفارة، لاجل أن الغالب فيها التتابع. وتعليل التتابع في الشهرين: بأنه كي لا يهون عليه الاداء فيستخف به مختص بمورده. ويؤيده: تقييد الشهرين به في أدلة وجوبها وعدم التقييد به في غيرها مضافا الى أن المذكور في خبر عبد الله بن سنان أن الثمانية عشر بدل عن الاطعام (* 1) على أن يكون بدل إطعام كل عشرة مساكين ثلاثة أيام. فالكلية المذكورة غير ظاهرة. ولا سيما وأن في خبر الجعفري: " إنما الصيام الذي لا يفرق: كفارة الظهار، وكفارة الدم وكفارة اليمين " (* 2) وفي صحيح ابن سنان: " كل صوم يفرق إلا ثلاثة أيام في كفارة اليمين " (* 3). (2) كما هو المشهور. للاصل. وعن أبي الصلاح: أنه إن نذر

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 9 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 10 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 10 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 1.

 

 

 

===============

( 523 )

صوم شهر وأطلق، فان ابتدأ بشهر لزمه إكماله. وعن ابن زهرة: أنه إن نذر صوم شهر فان أفطر مضطرا بنى، وإن كان في النصف مختارا استأنف، وإن كان بعد أثم، وجاز له البناء، ونحوه حكي عن المفيد، وابن البراج. ودليلهم غير ظاهر. نعم روى الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله (ع) - كما في بعض الطرق - أو عن أبي جعفر (ع) - كما في بعض آخر -: " في رجل جعل عليه صوم شهر، فصام منه خمسة عشر يوما، ثم عرض له أمر. فقال (ع): إن كان صام خمسة عشر يوما فله أن يقضي ما بقي. وإن كان أقل من خمسة عشر يوما لم يجزه حتى يصوم شهرا تاما " (* 1) وهو لا يوافق واحدا من الاقوال المذكورة. ولعدم ظهور القائل بمضمونه لا مجال للعمل به. فالبناء على عدم وجوب التتابع متعين. إلا أن يكون قيدا في المنذور تفصيلا أو إجمالا، كما لو نذر صوم شهر، بمعنى مابين الهلالين - كما لعله مورد رواية الفضيل - فان التتابع لازم فيه، كلزوم الابتداء به في أول الشهر الهلالي، وجواز الاكتفاء به وإن كان أقل من ثلاثين يوما، بخلاف مالو قصد مقدار الشهر - أعني: الثلاثين - فلا يجب فيه التتابع، كما لا يجب الابتداء به أول الشهر الهلالي، كما لا يكفي صوم مابين الهلالين إذا كان ناقصا. ودعوى: أن منصرف الاطلاق التتابع قد عرفت ما فيها. والاستشهاد عليها بفهم الاصحاب ذلك في أقل الحيض، وأكثره، ومدة الاعتكاف، وعشرة الاقامة وغيرها في غير محله، للفرق بأن المراد هناك التقدير لامر واحد مستمر، فلا يمكن فيه التفريق، وليس الصوم كذلك. نعم لو نذر أن يجلس في المسجد يومين، أو يسبح ساعتين، كان المنصرف إليه التتابع. ولكنه غير ما نحن فيه.

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 1 وملحقه.

 

 

 

===============

( 524 )

{ (مسألة 3): إذا فاته النذر المعين، أو المشروط فيه التتابع، فالاحوط في قضائه التتابع أيضا (1). (مسألة 4): من وجب عليه الصوم اللازم فيه التتابع لا يجوز أن يشرع فيه في زمان يعلم أنه لا يسلم له (2)، بتخلل العيد، أو تخلل يوم يجب فيه صوم آخر، من نذر، أو إجارة أو شهر رمضان. فمن وجب عليه شهران متتابعان لا يجوز له أن يبتدئ بشعبان، بل يجب أن يصوم قبله يوما أو أزيد من رجب. وكذا لا يجوز أن يقتصر على شوال مع يوم من } (1) المحكي عن الدروس: أنه استقرب وجوب التتابع في قضاء ما اشترط فيه ذلك، كنذر ثلاثة أيام متتابعة من رجب. وعن القواعد: التردد فيه للاصل. ومن أن القضاء عين الاداء، فإذا كان الاداء متتابعا فالقضاء كذلك. وقد يشكل ذلك: بأنه لادليل على وجوب قضاء المنذور بما له من القيود التي قيد بها الناذر، وإنما الذي قام عليه الدليل أن الصوم المنذور في وقت معين إذا فات وجب قضاؤه بماله من القيود المأخوذة في مفهومه لا القيود الخارجة عنه المأخوذة في موضوع النذر. والمرسل: " من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته " غير ثابت. ولو سلم فالظاهر منه ماكان فريضة في نفسه، لا بما هو موضوع النذر، ولذا لانقول بوجوب قضاء الصوم المنذور لو لم يقم دليل بالخصوص عليه. وقد عرفت في الفصل السابق الاشكال في إثبات وجوب قضاء الصوم بالاستصحاب، وإن أمكن إثبات وجوب القضاء في غيره. (2) يعني: لا يكتفي به لو شرع كذلك، ولا يكفي في حصول الواجب البناء بعد الافطار على ما مضى قبل الافطار.

 

===============

( 525 )

{ ذي القعدة، أو على ذي الحجة مع يوم من المحرم، لنقصان الشهرين بالعيدين. نعم لو لم يعلم من حين الشروع عدم السلامة فاتفق فلا بأس على الاصح (1). وإن كان الاحوط عدم الاجزاء. ويستثنى مما ذكرنا من عدم الجواز مورد واحد وهو صوم ثلاثة أيام بدل هدي التمتع إذا شرع فيه يوم التروية (2) } (1) كأنه لتعليل جواز البناء في طروء العذر بقوله (ع): " هذا مما غلب الله تعالى عليه، وليس على ما غلب الله عزوجل عليه شئ " (* 1) وقوله (ع): " الله تعالى حبسه " (* 2) لكن في صدق ذلك مع الالتفات والشك إشكال، أو منع. نعم يصدق مع الغفلة، أو اعتقاد عدم اتفاق العيد فاتفق خطأ الاعتقاد. (2) كما هو المشهور، بل عن الحلي: الاجماع عليه. ويشهد له جملة من النصوص، كخبر عبد الرحمن بن الحجاج: " فيمن صام يوم التروية وعرفة. قال (ع): يجزيه أن يصوم يوما آخر " (* 3) وخبر الازرق: " عن رجل قدم يوم التروية متمتعا، وليس له هدي، فصام يوم التروية ويوم عرفة. قال (ع): يصوم يوما آخر بعد أيام التشريق " (* 4) وبها يرفع اليد عن ظاهر مثل صحيح حماد قال " سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: قال علي (ع): صيام ثلاثة أيام في الحج، قبل التروية بيوم، ويوم التروية ويوم عرفة، فمن فاته ذلك فليتسحر ليلة الحصية يعني: ليلة النفر - ويصبح صائما، ويومين بعده، وسبعة إذا رجع " (* 5) ونحوه غيره.

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 12. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 10. (* 3) الوسائل باب: 52 من أبواب الذبح في الهدي حديث: 1. (* 4) الوسائل باب: 52 من أبواب الذبح في الهدي حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 53 من أبواب الذبح في الهدي حديث: 3.

 

 

 

===============

( 526 )

{ فانه يصح وإن تخلل بينها العيد، فيأتي بالثالث بعد العيد بلا فصل (1)، أو بعد أيام التشريق بلا فصل لمن كان بمنى. وأما لو شرع فيه يوم عرفة، أو صام يوم السابع والتروية وتركه في عرفة، لم يصح ووجب الاستئناف (2)، كسائر موارد وجوب التتابع. (مسألة 5): كل صوم يشترط فيه التتابع إذا أفطر في أثنائه - لا لعذر اختيارا - يجب استئنافه (3). وكذا إذا شرع فيه في زمان يتخلل فيه صوم واجب آخر من نذر ونحوه وأما ما لم يشترط فيه التتابع وإن وجب فيه بنذر أو نحوه فلا يجب استئنافه، وإن أثم بالافطار (4)، كما إذا نذر التتابع في } (1) في محكي كشف اللثام: أنه الظاهر. وتنظر فيه في الجواهر، لاطلاق النص، والفتوى. وكذا الكلام فيمن كان بمنى فانه لادليل على وجوب الاتيان به بعد أيام التشريق بلا فصل. (2) لعدم الدليل على سقوط التتابع حينئذ، فيرجع الى عموم مادل على وجوبه. وعن الاقتصاد: أنه لو أفطر الثاني بعد صوم الاول لعذر - من مرض أو حيض أو غيرهما - بنى. وتمام الكلام في ذلك في محله. (3) لفوات شرط الواجب، الموجب لفواته. وتوهم كونه واجبا تعبديا لا شرطا للواجب، نظير المتابعة في صلاة الجماعة عند المشهور، خلاف ظاهر الادلة. وحصر مفسدات الصوم بغير ذلك لا يدل على عدم شرطية التتابع، وعلى كونه واجبا تعبديا، لان التتابع إنما يكون شرطا في الكفارة لافي أصل الصوم، نظير التعدد. (4) أما صحته في نفسه فلموافقته للمأمور به، لعدم كون التتابع شرطا

 

===============

( 527 )

{ قضاء رمضان فانه لو خالف وأتى به متفرقا صح، وإن عصى من جهة خلف النذر. (مسألة 6): إذا أفطر في أثناء ما يشترط فيه التتابع لعذر من الاعذار - كالمرض، والحيض، والنفاس، والسفر الاضطراري دون الاختياري - لم يجب استئنافه، بل يبني على ما مضى (1). } فيه في نفسه. وأما حصول الاثم فلمخالفة النذر بترك التتابع فيه. أقول: قد تقدم في أوائل مباحث القراءة، وفي المسألة الاولى من فصل الجماعة: إن نذر قيد للواجب يوجب بطلان فعل الواجب خاليا عن ذلك القيد، لان نذر القيد يستوجب ثبوت حق لله تعالى على الناذر، وهو فعل المنذور، وفعل الواجب خاليا عن القيد المنذور إعدام لموضوع الحق المذكور وتفويت له فيحرم، فيبطل، لانه لا يصح وقوعه عبادة. لكن التقريب المذكور لا يتأتى في المقام، لان التفويت لا يستند إلى الصوم بل يستند الى ترك وصل اللاحق بالسابق، والترك ليس عبادة، ولاهو موضوع الكلام إذ الكلام في صحة الصوم وبطلانه، وقد عرفت أن الصوم ولو كان بنية عدم وصل ما بعده به مما لا ينافي وجود الحق، بل مما يدعو إليه الحق، فكيف يكون مفوتا للحق، ليكون حراما، فيبطل؟ فتأمل جيدا. (1) إجماعا ظاهرا في الشهرين، وعلى المشهور في غيرهما. ويدل عليه صحيح رفاعة عن أبي عبد الله (ع): " عن رجل عليه صيام شهرين متتابعين، فصام شهرا ومرض. قال (ع): الله حبسه. قلت: امرأة كان عليها صيام شهرين متتابعين، فصامت وأفطرت أيام حيضها. قال (ع): تقضيها. قلت: فانها قضتها ثم يئست من المحيض. قال (ع): لا تعيدها

 

===============

( 528 )

أجزأها ذلك " (* 1) وصحيح سليمان بن خالد: " سألت أبا عبد الله (ع): عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين، فصام خمسة عشر يوما، ثم مرض، فإذا برئ يبني على صومه، أم يعيد صومه كله؟ قال (ع): " بل يبني على ماكان صام. ثم قال (ع): هذا مما غلب الله تعالى عليه وليس على ما غلب الله عزوجل عليه شئ " (* 2) ونحوهما غيرهما. ومن التعليل فيهما يظهر عموم الحكم لكل صوم متتابع، ولكل عذر لا يكون من قبل المكلف. نعم في صحيح جميل ومحمد بن حمران عنه (ع): " في الرجل يلزمه صوم شهرين متتابعين في ظهار، فيصوم شهرا ثم يمرض. قال (ع): يستقبل. فان زاد على الشهر الاول يوما أو يومين بنى على ما بقي " (* 3) ونحوه خبر أبي بصير (* 4) لكنهما لا يصلحان لمعارضة ما سبق، بعد دعوى الاتفاق على جواز البناء في موردهما، ومخالفتهما لما هو صريح في جواز البناء، الموجب لحملهما على الاستحباب، جمعا عرفيا. وأما صحيح الحلبي - المتقدم في أول المسألة الاولى - فيمكن حمل العارض فيه على مالا يكون عذرا، كما سبق. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن القواعد، والدروس، والمسالك، وغيرها: من وجوب الاستئناف في كل ثلاثة يجب تتابعها إذا أفطر بينها لعذر ولغيره إلا ثلاثة الهدي، على ما تقدم في آخر المسألة الرابعة. والاستدلال عليه بقاعدة عدم الاجزاء بالاتيان بالمأمور به على غير وجهه. وبما دل على وجوب التتابع في الثلاثة. وبصحيح الحلبي المتقدم ضعيف، إذ كل ذلك

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 10. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 12. (* 3) الوسائل باب: 3 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 3. (* 4) الوسائل باب: 3 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 6.

 

 

 

===============

( 529 )

غير صالح لمعارضة ما سبق. ولاسيما وقد عرفت أن الصحيح لو حمل على العذر كان مخالفا للاجماع. وما ورد من نفي التفريق في خصوص الثلاثة محمول على نحو التفريق في الشهرين، بمعنى: جوازه اختيارا لو تجاوز النصف، وكون الحصر إضافيا، كما يظهر من ذيل صحيح الحلبي المتقدم. ومثله في الضعف: تخصيص البناء في الشهرين والاستئناف في غيرهما - كما في المدارك - لعدم الدليل على البناء في غيرهما. إذ قد عرفت اقتضاء عموم التعليل عدم الفرق بين الشهرين وغيرهما. وعدم إمكان العمل به غاية ما يقتضي البناء على تخصيصه، لاعلى إجماله والاقتصار به على مورده. وعن الشيخ (ره) في النهاية - فيمن نذر أن يصوم شهرا متتابعا، فصام خمسة عشر يوما، وعرض له ما يفطر فيه -: صام ما بقي وإن صام أقل من خمسة عشر استأنف. والتعليل أيضا حجة عليه. وكذا ما ورد في نذر الشهرين المتتابعين (* 1) أو أيام معلومة (* 2) المتضمن لجواز البناء في العذر، وعدم لزوم الاستئناف. نعم يوافقه خبر الفضيل، المتقدم في مسألة وجوب التتابع في المنذور. غير أن الخبر لم يصرح فيه بنذر التتابع. ولذا لم يحك القول بمضمونه من أحد. فالبناء على ما في المتن متعين. ثم إن المحكي عن الوسيلة، والسرائر، وظاهر الخلاف: أن السفر غير قاطع للتتابع، بل عن السرائر: التصريح بعدم الفرق بين الاضطراري والاختياري، وعن المستند: أنه استظهر منها الاجماع عليه، وجعله الاقوى، لان الظاهر مما (حبسه الله) و (غلب عليه) ما لم يكن فعل العبد. وفيه: منع الظهور المذكور، بل يصدق مع السفر الاضطراري صدقه مع المرض إذ المرض ليس بذاته مفطرا، وإنما يجب معه الافطار، وهذا المقدار من

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 3 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 2.

 

 

 

===============

( 530 )

{ ومن العذر: ما إذا نسي النية حتى فات وقتها (1)، بأن تذكر بعد الزوال، ومنه أيضا: ما إذا نسي فنوى صوما آخر، ولم يتذكر إلا بعد الزوال. ومنه أيضا: ما إذا نذر قبل تعلق الكفارة صوم كل خميس، فان تخلله في أثناء التتابع لا يضر به (2)، ولا يجب عليه انتقال إلى غير الصوم من } الوجوب المستند الى ما لم يكن باختيار العبد إذا كان كافيا في صدق الحبس والغلبة، فلم لا يكون كذلك إذا حدث بغير الاختيار السبب الموجب للسفر الموجب للافطار؟! ومن هنا استحسن المحقق في المعتبر: الفرق بين السفر الاضطراري فلا يقطع التتابع، والاختياري فيقطعه، وعن العلامة (ره): القطع به، وكذا عن الدروس إذا حدث سببه بعد الشروع في الصوم. ولقد بالغ في الجواهر فقوى الصدق مطلقا، باعتبار كونه محبوسا عن الصوم معه. إذ هو كما ترى إذ مجرى الحبس التشريعي - مع عدم استناده الى حبس تكويني - غير كاف في تطبيق التعليل، وإلا جرى في سائر موارد الافطار الاختياري. فتأمل. فالتفصيل - كما في المتن - في محله. وعليه فلا يبعد التفصيل بين الاضطراري من المرض والحيض والاختياري أيضا. (1) كما في المدارك، حاكيا له عن المسالك، واختاره في الجواهر. لصدق حبس الله تعالى. وما عن الحدائق: من أن النسيان من الشيطان، لامن الله تعالى، كما يشير إليه قوله تعالى: (فأنساه الشيطان ذكر ربه...) (* 1). فيه: أنه لو تم في نفسه كلية، فالمراد من التعليل ما يقابل الافطار اختيارا ولو بتوسط المخلوق. فلاحظ. (2) لصدق الحبس. ولا يتوهم انصراف التعليل إلى مالا يعلم به

 

____________ (* 1) يوسف: 42.

 

 

 

===============

( 531 )

{ الخصال في صوم الشهرين لاجل هذا التعذر. نعم لو كان قد نذر صوم الدهر قبل تعلق الكفارة اتجه الانتقال إلى سائر الخصال (1). (مسألة 7): كل من وجب عليه شهران متتابعان - من كفارة معينة أو مخيرة - إذا صام شهرا ويوما متتابعا يجوز له التفريق في البقية، ولو اختيارا لا لعذر (2). وكذا لو } المكلف. فانه خلاف المتعارف في الحيض للمرأة، كما لا يخفى. (1) كما نص عليه في الجواهر. ضرورة عدم التمكن من الصوم حينئذ أصلا ولو غير متتابع. (2) بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه، بل المحكي منه متواتر أو مستفيض - كذا في الجواهر - ويشهد له جملة من النصوص، كصحيح منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع): " في رجل صام في ظهار شعبان ثم أدركه شهر رمضان. قال (ع): يصوم شهر رمضان، ويستأنف الصوم. فان هو صام في الظهار فزاد في النصف يوما قضى بقيته " (* 1) وموثق سماعة عنه (ع): " عن الرجل يكون عليه صوم شهرين متتابعين أيفرق بين الايام؟ فقال (ع): إذا صام أكثر من شهر فوصله، ثم عرض له أمر فأفطر، فلا بأس. فان كان أقل من شهر، أو شهر، فعليه أن يعيد الصيام " (* 2) ونحوها غيرها. ومنها يظهر ضعف ماعن محتمل النهاية: من اختصاص ذلك بحال العجز، ومع الافطار عمدا يجب الاستئناف. كما يظهر أيضا ضعف ماعن المفيد، والسيد، وابني زهرة وادريس: من الاثم في الافطار عمدا - بل حكي أيضا عن التبيان، وكفارات النهاية، وظهار المبسوط - إذ لادليل

 

____________ (* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 3 من ابواب بقية الصوم الواجب حديث: 5.

 

 

 

===============

( 532 )

{ كان من نذر أو عهد لم يشترط فيه تتابع الايام جميعها (1)، ولم يكن المنساق منه ذلك. وألحق المشهور بالشهرين الشهر المنذور فيه التتابع (2)، فقالوا: إذا تابع في خمسة عشر يوما } على الاثم بعد سقوط التتابع بصيام أكثر من النصف، بل بعد ظهور النص في كون المراد من التتابع في المقام التتابع على النحو المذكور، لابين الايام جميعا، كما أشرنا إلى ذلك في أول المسألة الاولى. فراجع. (1) المشهور عدم اعتبار هذا الشرط في ثبوت الحكم السابق. واستشكل فيه غير واحد - فيما لو صرح الناذر بالتتابع في جميع الايام، أو كان منصرف ذهنه ذلك -: بأنه مخالف لقاعدة وجوب الوفاء بالنذر. ووجهه في الجواهر: بأن الشارع الاقدس قد كشف عن كون المراد واقعا بهذا الخطاب ذلك وإن زعم صاحبه خلافه. ولكنه كما ترى، إذ الادلة المتقدمة تقصر عن التعرض للنذر ونحوه، فالاشكال محكم. وعليه فالتقييد بما في المتن في محله. كما أنه على تقدير عدم التقييد لا موجب للتتابع فيما بين أيام الشهر الاول ولا فيما بينه وبين يوم من الشهر الثاني، كما تقدم. نعم لو كان مقصود الناذر نذر التتابع المقصود بأصل الشرع - بماله من الاحكام - تعين القول المشهور. (2) للصحيح عن موسى بن بكر عن الفضيل عن أبي عبد الله (ع): " في رجل جعل عليه صوم شهر، فصام منه خمسة عشر يوما، ثم عرض له أمر. فقال (ع): إن كان صام خمسة عشر يوما فله أن يقضي ما بقي وإن كان أقل من خمسة عشر يوما لم يجز حتى يصوم شهرا تاما " (* 1) ونحوه روايته عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (ع) (* 2) بناء على ظهورهما في نذر التتابع.

 

____________ (* 1)، (* 2) الوسائل باب: 5 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 1، وملحقه.

 

 

 

===============

( 533 )

{ منه يجوز له التفريق في البقية اختيارا. وهو مشكل (1)، فلا يترك الاحتياط فيه بالاستئناف مع تخلل الافطار عمدا وان بقي منه يوم. كما لا إشكال في عدم جواز التفريق اختيارا مع تجاوز النصف في سائر أقسام الصوم المتتابع (2). (مسألة 8): إذا بطل التتابع في الاثناء لا يكشف عن بطلان الايام السابقة، فهي صحيحة وإن لم تكن الامتثالا للامر الوجوبي ولا الندبي، لكونها محبوبة في حد نفسها (3) من حيث أنها صوم. وكذلك الحال في الصلاة إذا بطلت في الاثناء فان الاذكار والقراءة صحيحة في حد نفسها من حيث محبوبيتها لذاتها. } وعن ابن حمزة: اعتبار مجاوزة النصف ولو بيوم. وكأنه قياس على الشهرين، وهو غير ظاهر. وعن ابن زهرة: التفصيل مع اشتراط الموالاة بين الاختيار فيقضي مطلقا، والاضطرار فيبني كذلك. ومع عدم اشتراطها بنى مع الاضطرار مطلقا، ومع الاختيار يستأنف إن أفطر في النصف الاول وإن كان في النصف الثاني بنى وأثم. ودليله غير ظاهر. (1) لضعف سند الروايتين، فلا يخرج بهما عن القاعدة الموجبة للاستئناف، كما عن المدارك. وفيه: أن الضعف مجبور بالعمل. (2) لعدم الدليل على الجواز في غير ما سبق، فيرجع فيه الى مقتضى القواعد المقتضية للاستئناف، لفوات المشروط بفوات شرطه. (3) المحبوبية مسلمة، إلا أن قصدها دخيل في وقوع الفعل على وجه العبادية فلو لم تقصد لم يكن عبادة. نعم لو قلنا بثبوت العبادة الذاتية. وأن الصوم منها، كان الصوم حينئذ في نفسه صحيحا. لكن أشرنا في (حقائق

 

===============

( 534 )

الاصول) - وفي بعض مباحث الطهارة من هذا الشرح - إلى الاشكال في ثبوت ما هو عبادة بالذات بلا ملاحظة كونه محبوبا، وإن كان واجدا لعنوان يكون علة تامة للمحبوبية، فضلا عما إذا لم يكن كذلك، بل كان فيه مقتضى المحبوبية، كما في مثل السجود، والركوع، والذكر، والدعاء، ونحوها من مشاعر التعظيم. ولو سلم فليس الصوم منها، فانه مما لا ينطبق عليه عنوان كذلك أصلا، وليس هو إلا كالنوم، واليقظة، والاكل، والمشي ونحوها مما لا يكون فيه مراسم العبودية، وإنما تكون عباديته لجهات خفية تعبدية. ومما يشهد بما ذكرنا: تحريم جملة مما يكون عندهم من العبادة بالذات، فان الحرمة تنافي ذلك ولو في بعض الاحوال وعلى بعض الكيفيات. نعم يمكن البناء على تصحيح الصوم في المقام، بأن الناذر في مقام الوفاء بنذه إنما يقصد امتثال الامر الندبي المتعلق بالصوم لولا النذر، وهو المقرب له، لا المأر الآتي من قبل النذر، إذ الامر بالوفاء بالنذر - كالامر بالوفاء بالعقود - ليس مقوما لعبادية موضوعه إذا كان عبادة، إذ عباديته أيضا موضوع للنذر، فلابد أن يكون المصحح لها أمرها الاولي، ويمتنع أن يكون المصحح لها أمر النذر. نعم الامر بالوفاء بالنذر من قبيل الداعي الى امتثال ذلك الامر، فصوم كل يوم إنما يؤتى به بقصد امتثال أمره في نفسه، فإذا بطل التتابع لم يرد خلل على الامتثال المذكور، فيكون الصوم عبادة على حاله لولا بطلان التتابع، فيكون صحيحا على كل حال. ولا مجال لهذا التقريب بالنسبة الى القراءة والاذكار، إذ عباديتها إنما كانت بقصد امتثال أمر الصلاة، فإذا بطلت الصلاة بطل الامتثال، ولا تكون عبادة. نعم يترتب الثواب على فعلها، بناء على ترتبه على مطلق الانقياد لحصوله على كل حال. لكن ترتب الثواب أمر آخر لا يرتبط بالصحة، بخلاف الصوم المأتي به بقصد التتابع، فانه صحيح وإن بطل التتابع.

 

===============

( 535 )

اللهم إلا أن يقال: الوفاء بالنذر ليس من قبيل الداعي حتى لا يكون تخلفه موجبا للبطلان، بل من قبيل العنوان التقييدي، فمع بطلانه يبطل الامتثال حقيقة، إلا أن يكون قصد العنوان بنحو تعدد المطلوب. نعم يكون انقيادا، كما ذكرنا في القراءة ونحوها عند بطلان الصلاة، فهما من باب واحد. والحكم فيهما البطلان وإن كان يترتب عليهما الثواب من جهة الانقياد. فتأمل جيدا. والله سبحانه أعلم وله الحمد أولا وآخرا. إلى هنا انتهى المقصود من شرح كتاب الصوم وكان ذلك في أوائل الليلة الثانية من شهر محرم الحرام، من السنة الرابعة والخمسين بعد الالف والثلاثمائة، من الهجرة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وأكمل التحية، على يد مؤلفه الفقير الى الله (محسن) خلف العلامة المرحوم السيد مهدي الطباطبائي الحكيم - قدس سره-.