فصل في أركانها

فصل في أركانها، وهى ثلاثة: الاول: الايجاب والقبول، ويكفى فيهما كل لفظ دال على المعنى المذكور. وللصريح منه: آجرتك أو أكريت الدار - مثلا - فيقول: قبلت أو استأجرت أو استكريت. ويجري ] والمناسب حينئذ أن يقال: إنها جعل العين موضوعا للاجر، بنحو يقتضي تمليك المنفعة، لاأنها عين تمليك المنفعة. ويشكل هذا التعريف أيضا: بأن الاجارة قد لا تقتضي تمليك المنفعة، كما في استيجار ولي الزكاة أو ولي الوقف دارا، لان يحرز فيها الغلة المأخوذة من الزكاة أو من نماء الوقف، فان منفعة الدار في الفرض ليس مملوكة لمالك، وإنما هي صدقة يتعين صرفها في مصرف الزكاة أو مصرف الوقف. وكأنه لذلك عدل في القواعد عن جعل ثمرة العقد التمليك، إلى جعلها نقل المنفعة. لكن عرفت الاشكال فيه أيضا. (1) السلطنة من الاحكام المترتبة على الاموال والحقوق التي هي موضوع عقد الاجارة وليست هي نفس حقيقتها. مع أن ما ذكر لا ينعكس في الاجارة على عمل إذا كان الاجير حرا، ولا يطرد في الاذن بالتصرف بشرط العوض، ضرورة أنه ليس من الاجارة ولا تشترط فيه شرائطها.

 

===============

 

( 5 )

 

[ فيها المعاطاة كسائر العقود (1). ويجوز أن يكون الايجاب بالقول والقبول بالفعل، ولا يصح أن يقول في الايجاب: بعتك الدار - مثلا - وإن قصد الاجارة (2)، نعم لو قال: بعتك منفعة للدار أو سكنى الدار - مثلا - بكذا لا يبعد ] (1) كما صرح به غير واحد، بل قيل: لم يعرف متأمل في ذلك. ويقتضيه عموم أدلتها، لعدم الفرق فيها بين البيع والاجارة وغيرهما. نعم خص ذلك بعض الاعاظم (ره) في منافع الاموال لا مطلقا، كما في الاجارة على عمل إذا كان الاجير حرا، فانه لا تعاطي من قبله. اللهم إلا أن يكون نفس إيجاد العمل - كبناء الجدار - إعطاء منه، مع أنه مبني على اعتبار التعاطي من الطرفين، فلو اكتفي في حصول المعاطاة بالاعطاء من طرف والاخذ من الاخر أمكن جريانها مطلقا، إذا كانت الاجرة عينا. (2) هذا مبني على عدم جواز إنشاء مضامين العقود بالمجازات المستنكرة كما في الجواهر، ودليله غير ظاهر. نعم صرح به في الشرائع وغيرها، وعن التذكرة نسبته إلى علمائنا. فان تم إجماعا كان هو الحجة وإلا فاطلاق عمومات الصحة تنفيه. ودعوى انصرافها عن مثله، ممنوعة كدعوى العلم الاجمالي بتقيد العمومات ببعض الخصوصيات في العقد، فيسقط الاطلاق عن المرجعية. فانها مدفوعة بلزوم الاقتصار في الخروج عن الاطلاق على القدر المتيقن، فيتعين الرجوع في غيره إلى الاطلاق. اللهم إلا أن يقال: إذا كان المجاز مستنكرا عند العرف لا يكون آلة لانشاء العنوان الخاص، ولايكون منشأ لاعتباره عندهم، فلا مجال للرجوع إلى الاطلاق، لانه منزل على ما عند العرف، فلاحظ.

 

===============

 

( 6 )

 

[ صحته إذا قصد الاجارة (1). الثاني: المتعاقدان، ويشترط فيهما: البلوغ (2)، والعقل (3) والاختيار (4)، ] (1) ذكر بعض الاعاظم في حاشية المتن مانصه: " صحة هذا وأشباهه مبني على جواز التجوز في صيغ العقود، وصحة إنشاء كل واحد منها بلفظ الاخر وهو في غاية الاشكال، بل لا يبعد بطلانه " وحكي عنه في توجيهه: أن اللفظ إنما يكون آلة عرفا لانشاء معناه الحقيقي، ولايكون آلة لانشاء معنى مجازي. ولكن إشكاله ظاهر، فان إنكار صدق العنوان الانشائي إذا أنشئ بنحو المجاز، كانكار صدق الخبر إذا حكي بنحو المجاز، والفرق ممنوع. (2) لااشكال في ذلك ولا خلاف. ويشهد له بعض النصوص (* 1) لكن المتيقن من دلالته عدم صحة عقد الصبي على وجه الاستقلال، لاعدم الصحة وإن أذن له الولي، ولاجل أن المسألة محررة في كتب القوم على التفصيل، وقد تعرضنا لها في (نهج الفقاهة) على الاجمال، أهملنا ذكرها هنا اعتمادا على ذلك. (3) اعتبار العقل في مقابل الجنون المانع من تحقق القصد واضح. لعدم تحقق العقد، لتقومه بالقصد، والمفروض انتفاؤه. أما الجنون غير المانع من تحقق القصد: فالكلام فيه ينبغي أن يكون هو الكلام في الصبي فانه محجور عليه، كما يظهر من ملاحظة كلماتهم في كتاب الحجر. وعدم صحة عقده باذن الولي غير ظاهر من الادلة. (4) اعتباره مما لاإشكال فيه عندنا. وتفصيل الكلام فيه وفي فروعه مذكور في كتابنا (نهج الفقاهة) فليراجع.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 4 من ابواب المقدمات حديث: 2.

 

===============

 

( 7 )

 

[ وعدم الحجر لفلس أو سفه أو رقية (1). الثالث: العوضان، ويشترط فيهما أمور: الاول: المعلومية، وهى في كل شئ بحسبه، بحيث لا يكون هناك غرر (2)، ] (1) الكلام في ذلك موكول إلى كتاب الحجر. (2) كما هو المشهور. واستدل له بما ورد من نهي النبي صلى الله عليه وآله عن الغرر، (* 1) وبالنبوى: من استأجر أجيرا فليعلمه أجره " (* 2). وفيه: أن الاول غير ثابت بل لعله ثابت العدم. والوارد إنما هو: " نهى النبي صلى الله عليه وآله عن بيع الغرر " (* 3)، وهو مختص بالبيع. والنبوي لو تم حجة فلا يدل على ذلك، بل يكفي في العلم المشاهدة. ولذا اختار في الشرائع الاكتفاء بها، وحكي ذلك عن الشيخ والمرتضى وجماعة من المتأخرين. ويعضده: ما ورد في قبالة الارض بخراجها قل أو كثر، (* 4) وفي بعضها جواز إجارتها بالنصف والثلث أو أقل من ذلك أو أكثر (* 5)، وما في الخبر: " عن أرض يريد رجل أن يتقبلها، فأي وجوه القبالة أحل؟. قال (ع): يتقبل الارض من

 

 

____________

(* 1) راجع التذكرة مسألة: 2 من الركن الثالث من الفصل الثاني من كتاب الاجارة. (* 2) مستدرك الوسائل باب: 3 من أبواب الاجارة حديث: 1 ويوجد ما يقرب منه في الوسائل باب: 3 من أبواب الاجارة حديث: 3. (* 3) الوسائل باب: 40 من أبواب آداب التجارة حديث: 3. كنز العمال الجزء: 2 صفحة 229 حديث، 4920، 4923. صحيح الترمذي الجزء: 5 صفحة 237. الموطأ الجزء: 2 صفحة: 75. (* 4) الوسائل باب: 17 من أبواب المزارعة حديث: 2. (* 5) الوسائل باب: 21 من أبواب الاجارة حديث: 5.

 

===============

 

( 8 )

 

[ فلو أجره دارا أو حمارا من غير مشاهدة ولا وصف رافع للجهالة بطل. وكذا لو جعل العوض شيئا مجهولا. للثاني: أن يكونا مقدورى للتسليم (1)، فلا تصح إجارة للعبد الآبق. وفى كفاية ضم للضميمة هنا - كما في البيع - إشكال (2). ] أربابها بشئ معلوم إلى سنين مسماة، فيعمر ويؤدي الخراج، فان كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في قبالته، فان ذلك لا يحل " (* 1) فالظاهر أن المراد بالمعلوم مقابل المجهول المطلق، لا ما هو مراد المشهور. (1) هذا واضح لو كان المراد تعذر التسليم، لعدم المالية في المنفعة حينئذ لتصح المعاوضة عليها، ولايكون أكل الاجرة أكلا بالباطل. أما مع رجاء حصوله فمشكل وقد عرفت اختصاص النهي عن الغرر بالبيع، مع إمكان المناقشة في صدقه بمجرد ذلك، لاحتمال اختصاصه بالجهل بأحد العوضين لا مجرد الخطر، ولامجرد الجهل ولو بالحصول. لكن الظاهر العموم، وإن حكي الاول عن الشهيد الاول في شرح الارشاد، لكن حكي عنه في قواعده الاختصاص بالجهل بالحصول، كما أشرنا إلى ذلك في (نهج الفقاهة) فراجع، فلا يجري الحديث إلا في ذلك. لكن الاشكال في عموم الحديث للاجارة، فكأن المستند فيه الاجماع المدعى على اشتراط ذلك، لاغيره. (2) عن جماعة: الصحة، منهم الاردبيلي، وعن آخرين: المنع، منهم العلامة والشهيد. وعن آخرين: التردد. واستدل للاول: بأن الاجارة تتحمل من الغرر مالا يتحمله البيع. وفيه: أن هذا المقدار لا يوجب القطع بالصحة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 18 من أبواب المزارعة حديث: 5.

 

===============

 

( 9 )

 

[ الثالث: أن يكونا مملوكين (1)، فلا تصح إجارة مال للغير، ولا الاجارة بمال الغير الا مع الاجازة من المالك. الرابع: أن تكون العين المستأجرة مما يمكن الانتفاع بها مع بقائها، فلا تصح إجارة الخبز للاكل مثلا، ولا الحطب للاشعال، وهكذا. الخامس: أن تكون المنفعة مباحة (2)، فلا تصح ] نعم يمكن الاستدلال بذيل موثق سماعة (* 1)، الدال على جواز البيع مع الضميمة، حيث علل ذلك بقوله عليه السلام: " فان لم يقدر على العبد كان الذي نقده فيما اشترى معه ". وفيه أيضا: أنه لا يظهر منه أنه تعليل للجواز، بل من المحتمل أن يكون بيانا لحكم تعذر الابق، وأنه لا يرجع المشتري إلى البائع بما قابله من الثمن، بل تكون معاوضة قهرية بين تمام الثمن وبين الضميمة - كما هو أحد الوجوه المحتملة في الرواية - أو غير ذلك من الوجوه، لا أنه تعليل للجواز. نعم إذا كان المستند في المنع الاجماع، فلا بأس بالقول بالصحة مع الضميمة، لعدم الاجماع على المنع فيها. (1) لان الصحة بدون الملك ودون إذن المالك خلاف قاعدة السلطنة. وسيأتي منه التعرض للاجتزاء باذن المالك أو إجازته. (2) وفي حاشية بعض الاعاظم: " إن اشتراط مملوكية المنفعة يغني عن هذا الشرط، فان المنفعة المحرمة غير مملوكة "، لان اضافة الملك بحسب اعتبار العقلاء إنما تكون فيما ترجع مصلحته إلى المالك، ويكون من كماله، ولا يصح اعتبارها فيما يكون مفسدة ومضرة على المالك، فيصح

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 11 من أبواب عقد البيع وشرون حديث: 2.

 

===============

 

( 10 )

 

[ إجارة المساكن لاحراز المحرمات، أو للدكاكين لبيعها، أو للدواب لحملها، أو الجارية للغناء، أو لكتابة الكفر، ونحو ذلك. وتحرم الاجرة عليها. السادس: أن تكون العين مما يمكن استيفاء المنفعة المقصودة بها (1)، فلا تصح إجارة أرض للزارعة إذا لم يمكن إيصال الماء إليها، مع عدم إمكان الزارعة بماء السماء، أو عدم كفايته. السابع: أن يتمكن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة (2) فلا تصح إجارة الحائض لكنس المسجد (3) مثلا. (مسألة 1): لا تصح الاجارة إذا كان المؤجر أو المستأجر مكرها عليها إلا مع الاجازة اللاحقة، بل الاحوط عدم الاكتفاء بها، بل تجديد العقد إذا رضيا. نعم تصح مع ] أن تقول: يملك زيد أن يأخذ درهما من عمرو، ولا يصح أن تقول: يملك زيد أن يأخذ منه عمرو درهما. والمحرمات لما كانت بنظر الشارع مفسدة، لا يصح اعتبارها مملوكة عنده. (1) لانه مع عدمه يكون أخذ الاجرة أكلا للمال بالباطل، ولا تصح معه المعاوضة المأخوذة في حاق الاجارة. (2) لان تعذر المنفعة شرعا بمنزلة تعذرها عقلا، فيرجع الشرط المذكور إلى الذي قبله. (3) في بعض الحواشي: " إن هذا المثال قد خرج باشتراط مملوكية المنفعة وإباحتها " وفيه: أن كنس الحائض للمسجد حلال، وإنما الحرام المكث الموقوف عليه الكنس.

 

===============

 

( 11 )

 

[ الاضطرار، كما إذا طلب منه ظالم مالا فاضطر إلى إجارة دار سكناه لذلك، فانها تصح حينئذ (1). كما انه إذا اضطر إلى بيعها صح. (مسألة 2) لا تصح إجارة المفلس - بعد الحجر عليه - داره أو عقاره. نعم تصح إجارته نفسه لعمل أو خدمة (2) وأما السفيه: فهل هو كذلك - أي تصح إجارة نفسه للاكتساب مع كونه محجورا عن إجارة داره مثلا - أولا؟ وجهان: من كونه من التصرف المالي وهو محجور (3)، ومن أنه ليس تصرفا في ماله الموجود (4) بل هو تحصيل للمال، ولا تعد منافعه من أمواله (5). ] (1) إما لاختصاص دليل مانعية الاكراه بما إذا كان الاكراه على خصوص العقد أو الايقاع، فلا يشمل صورة ما إذا كان الاكراه على الغاية. وإما لان دليل مانعية الاكراه لما كان امتنانيا لم يشمل المقام، لان شموله له خلاف الامتنان، إذ يلزم منه الوقوع في الضرورة. (2) لانه ليس تصرفا في ماله الموجود، بل هو تصرف في نفسه. ومنافعه ليست موضوعا لحق الغرماء كي يمنع عن التصرف فيها، فاجارة نفسه للاحتطاب والاصطياد ونحوهما مما لايمنع المفلس عنه. (3) لانه معقد الاجماع على عدم نفوذ تصرف السفيه. (4) كما هو مورد الادلة اللفظية المانعة من نفوذ تصرفه من الكتاب والسنة. (5) لان منافع الحر وإن كانت أموالا، ويصح بذل المال بأزائها، لكنها ليست مملوكة له، لان الملكية تتوقف على الاثنينية، ولا اثنينية بينه وبين نفسه، فإذا لم يملك نفسه لم يملك منافعه، لانها تابعة للعين،

 

===============

 

( 12 )

 

[ خصوصا إذا لم يكن كسوبا. ومن هنا يظهر للنظر فيما ذكره بعضهم من حجر السفيهة من تزويج نفسها، بدعوى: أن منفعة البضع مال (1)، فانه أيضا محل إشكال. ] إذ لا وجود لها خارجي، وإنما منشأ اعتبارها العين، فإذا لم تكن مملوكة لنفسه لم تكن المنافع مملوكة، ولذا لا تكون من أمواله. مع أنه لو سلم أنها مملوكة ومن أموال السفيه فليست داخلة في عموم الولاية عليه، لاختصاصه بغيرها. نعم لاتبعد استفادة حكمها من دليل الولاية في الاموال الموجودة، لانها كلها أموال. والمستفاد من دليل الولاية أن العلة فيها الاحتفاظ بمصلحة السفيه من حيث المال، ولافرق بين الموردين. وهذا هو الذي يقتضيه مذاق العرف والشرع. مضافا إلى رواية عبد الله بن سنان الاتية. (1) قال في الجواهر - في مبحث السفيه -: " والظاهر دخول تزويجها نفسها في التصرفات المالية، من جهة مقابلة البضع بالمال، فلا يجوز بدون إذن الولي ". وقد يظهر من المفاتيح: عدم الخلاف في ثبوت الولاية على السفيه والسفيهة في النكاح. ولكنه - كما ترى - غير ظاهر، لعدم كون البضع مالا ولا مقابلا بالمال. أقول: إن كان المراد: أن الصداق ليس في مقابل المنفعة المخصوصة، وإلا لم يستحق المهر بالموت، أو الطلاق قبل الدخول مع أن الاستحقاق ضروري، فهو في محله. وإن كان المقصود: أن المهر ليس في مقابل المنفعة أصلا فهو غير ظاهر. لان المهر في مقابل الزوجية، وهي أيضا نوع من المنفعة. ولا ينافي ذلك صحة العقد بلا مهر، لجواز أن يكون من قبيل العارية أو الهبة المجانية. نعم الزوجية ليست ملحوظة عوضا عن المهر، بل لوحظت عنوانا

 

===============

 

( 13 )

 

[ (مسألة 3): لا يجوز للعبد أن يوجر نفسه أو ماله أو مال مولاه إلا باذنه أو إجازته. (مسألة 4): لابد من تعيين العين المستأجرة، فلو آجره أحد هذين العبدين أو إحدى هاتين الدارين لم يصح (1) ] لموضوع المهر. فالمهر من قبيل الهبة للزوجة، لوحظ فيه الزوجية قيدا، فالمقام ليس من باب المعاوضة، إذ لم يدخل في ملك الزوج شئ، لانه لم يملك الزوجية ولا البضع، ولا الانتفاع به، ولا شيئا آخر ليكون عوضا عن مهره. وعلى هذا فالمقام ليس من قبيل المعاملة على منافع السفيه، بل هو نحو آخر. وإجراء الحكم السابق فيه لا يخلو من وجه، لانه هو الذي يقتضيه مذاق العرف والشرع أيضا. مضافا إلى ما يستفاد من رواية عبد الله بن سنان: " إذا بلغ ونبت عليه الشعر جاز أمره، إلا أن يكون سفيها أو ضعيفا " (* 1)، فان إطلاقه يقتضي منع السفيه حتى من النكاح، لانه من أمره. (1) هذا إذا كان على وجه الترديد، لان المردد لا وجود له في الخارج، فلا تصح اجارته. أما إذا كان على وجه الكلي في المعين، فلا بأس باجارته كما لا بأس ببيعه. كما أنه إذا كان أحد العبدين معينا في نفسه، مرددا عندهما أو عند أحدهما - مثل الاكبر أو الاصغر - فالبناء على البطلان فيه مبني على مانعية الجهل، وإلا فلا مانع عنه عقلا ولا عرفا، والادلة المطلقة تقتضي الصحة. وأدلة نفي الغرر قد عرفت

 

 

____________

(* 1) هذا المضمون مروي بتعبيرات مختلفة وأقرب الكل إليه ما رواه في الوسائل في باب: 2 من احكام الحجر حديث: 5 الا أنه نقله عن الخصال عن ابي الحسين الخادم بياع اللؤلؤ من دون توسط ابن سنان لكن الموجود في الخصال الجزء 2 صفحة 89 روايته عن بياع اللؤلؤ عن عبد الله بن سنان. فلاحظ.

 

===============

 

( 14 )

 

[ ولابد أيضا من تعيين نوع المنفعة إذا كانت للعين منافع متعددة (1). نعم تصح إجارتها بجميع منافعها مع التعدد (2) فيكون المستأجر مخيرا بينها. (مسألة 5): معلومية المنفعة (3): إما بتقدير المدة، كسكنى الدار شهرا، والخياطة يوما، أو منفعة ركوب للدابة إلى زمان كذا. وإما بتقدير العمل (4) كخياطة الثوب المعلوم طوله وعرضه ورقته وغلظته، فارسية أو رومية، من غير تعرض للزمان. نعم يلزم تعيين الزمان للواقع فيه هذا للعمل كأن يقول: إلى يوم الجمعة مثلا. وإن أطلق اقتضى التعجيل على الوجه العرفي (5). وفي مثل استئجار الفحل للضراب ] الاشكال فيها. مع أنه قد لا يكون غرر، كما إذا كان العبدان لا يختلفان بالصفات التي تختلف بها الرغبات أو المالية. فالعمدة فوجه البطلان ظهور التسالم عليه. (1) الكلام فيه كالكلام في تعيين العين المستأجرة. (2) يأتي الكلام في جواز ذلك، في مبحث حكم الاجير الخاص، إذ المنافع المتضادة يمتنع أن تكون مملوكة، إذ القدرة عليها بدلية والملكية تابعة لها، فلا تكون الملكية عرضية. (3) " بلا خلاف أجده فيه، بل الاجماع بقسميه عليه، بل حكي عن المخالفين - الذين اكتفوا بالمشاهدة في البيع -: أنهم وافقوا هنا على اشتراط العلم بقدر المنفعة "، كذا في الجواهر. والعمدة فيه الاجماع المذكور، لا الغرر لما عرفت. (4) كما نص عليه الجماعة، لارتفاع الجهالة بذلك. (5) وحينئذ لا حاجة إلى ذكر المدة، لارتفاع الغرر بذلك. نعم

 

===============

 

( 15 )

 

[ يعين بالمرة والمرتين (1). ولو قدر المدة والعمل على وجه التطبيق (2)، فان علم سعة الزمان له صح، وإن علم عدمها بطل، وإن احتمل الامران ففيه قولان. ] إذا كان الاطلاق لا يقتضي التعجيل، لقيام القرينة على عدمه، لزم ذكر المدة بالمعنى المذكور. (1) هذا في غير ضراب الماشية، فانه بقدر بالزمان (2) التقدير بالمدة مع العمل يكون: تارة: على نحو الظرفية، مثل: أن يخبط هذا الثوب في هذا اليوم. وأخرى: على نحو التطبيق وعلى الثاني: تارة: يكون التطبيق ملحوظا عنوانا لموضوع الاجارة، وأخرى: يكون شرطا، فان علمت القدرة، فلا اشكال في الصحة في الجميع. وإن علم عدمها، فلا إشكال في الفساد في الجميع. ومع الاحتمال اختار في الجواهر الصحة في الجميع، لان القدر المعلوم خروجه عن عموم الصحة صورة العلم بالعجز، فلا يشمل صورة احتماله. ونزل القول بالبطلان في فرض التقدير على نحو التطبيق على صورة غلبة عدم حصوله. واستوضح البطلان حينئذ، إلا مع اعتبار التطبيق على نحو الشرطية لا العنوانية. فان احتمال الامكان حينئذ كاف في الصحة، فلو لم يتفق كان له خيار تخلف الشرط. والتحقيق: ابتناء الصحة والبطلان - في جميع الصور - على عموم النهي عن الغرر للاجارة وعدمه. فعلى الاول: لا يصح مع الجهل، إلا أن تجري العادة بحصوله. وعلى الثاني: يصح، إلا أن تجري العادة بعدم حصوله، بحيث يكون ملحقا بالمتعذر الذي تكون المعاملة عليه سفها. وقد تقدم في الشرط الثاني الاشكال في الاول. فراجع. ومن ذلك تعرف الاشكال فيما ذكره في الجواهر مع أنه لا يخلو في نفسه من

 

===============

 

( 16 )

 

[ (مسألة 6): إذا استأجر دابة للحمل عليها، لابد من تعيين ما يحمل عليها بحسب الجنس إن كان يختلف الاغراض باختلافه، وبحسب الوزن ولو بالمشاهدة والتخمين إن ارتفع به للغرر. وكذا بالنسبة إلى الركوب لابد من مشاهدة للراكب أو وصفه، كما لابد من مشاهدة الدابة أو وصفها، حتى الذكورية والانوثية ان اختلفت الاغراض بحسبهما. والحاصل: أنه يعتبر تعيين الحمل والمحمول عليه، والراكب والمركوب عليه، من كل جهة يختلف غرض العقلاء باختلافها. (مسألة 7) إذا استأجر الدابة لحرث جريب معلوم، فلا بد من مشاهدة الارض أو وصفها على وجه يرتفع الغرر. (مسألة 8): إذا استأجر دابة للسفر مسافة، لابد من بيان زمان السير من ليل أو نهار (1)، إلا إذا كان هناك عادة متبعة. (مسألة 9): إذا كانت الاجرة مما يكال أو يوزن، لابد من تعيين كيلها أو وزنها، ولا تكفي المشاهدة (2). وإن ] تدافع يظهر بالتأمل فيما ذكر وذكرناه. ثم إن المراد من قولنا بالصحة على الثاني: الصحة التقديرية، بمعنى الصحة على تقدير التمكن، إذ على تقدير عدمه يمتنع البناء على الصحة، لعدم المنفعة. (1) لاختلاف الاغراض في ذلك غالبا. (2) تقدم الكلام فيه في الشرط الاول.

 

===============

 

( 17 )

 

[ كانت مما يعد، لابد من تعيين عددها. وتكفى المشاهدة فيما يكون اعتباره بها. (مسألة 10): ما كان معلوميته بتقدير المدة، لابد من تعيينها شهرا أو سنة أو نحو ذلك. ولو قال: آجرتك إلى شهر أو شهرين، بطل. ولو قال: آجرتك كل شهر بدرهم مثلا، ففي صحته مطلقا (1)، أو بطلانه مطلقا (2)، أو صحته في شهر وبطلانه في الزيادة (3)، فان سكن فأجرة المثل بالنسبة إلى الزيادة، أو الفرق بين التعبير المذكور وبين أن يقول: آجرتك شهرا بدرهم فان زدت فبحسابه بالبطلان في الاول والصحة في شهر في الثاني (4)، أقوال. أقواها ] (1) حكي عن الشيخ وابن زهرة وابن الجنيد. (2) كما حكي عن جماعة، وفي الجواهر: " لعله المشهور بين المتأخرين ". (3) اختاره في الشرائع، ونسب إلى المقنعة والنهاية. (4) هذا القول ذكره في القواعد، والظاهر منه صورة ما إذا كان المقصود منه الاجارة في الشهر الاول. وقوله: (فان زدت فبحسابه) من قبيل الشرط. وحينئذ فالبناء على البطلان في الجميع مبني على فساد الشرط وإفساده العقد، وكلاهما في المقام محل إشكال أو منع، إذ التحقيق: أن الشرط الفاسد غير مفسد، وأن الغرر في الشرط الواقع في عقد الاجارة غير ظاهر في اقتضائه البطلان في نفسه، كما عرفت. ومن ذلك يظهر ضعف ماعن الايضاح وجامع المقاصد من القول بالبطلان لما ذكر.

 

===============

 

( 18 )

 

[ الثاني، وذلك لعدم تعيين المدة الموجب لجهالة الاجرة. بل جهالة المنفعة أيضا، من غير فرق بين أن يعين المبدأ أولا، بل على فرض عدم تعيين المبدأ يلزم جهالة أخرى، إلا أن يقال: إنه حينئذ ينصرف إلى المتصل بالعقد. هذا إذا كان بعنوان الاجارة، وأما إذا كان بعنوان الجعالة فلا مانع منه (1) لانه يغتفر فيها مثل هذه الجهالة. وكذا إذا كان (2) بعنوان الاباحة بالعوض (3). ] (1) كما صرح به في الجواهر، لكن أشكل عليه في بعض الحواشي على المتن: بأن البذل للجعل في الجعالة في مقابل العمل فالباذل غير العامل وهنا ليس كذلك. (2) كما صرح به في الجواهر. (3) يعني: على تقدير الاستيفاء. ثم إن في بعض الحواشي: " أن الاباحة بالعوض تتوقف على عقد معاوضة صحيحة، وإلا كان ما أباحه المالك بعوضه مضمونا بالمثل أو القيمة، دون المسمى ". وفيه: أنه لامانع من الالتزام بأن الاباحة بالعوض الخاص معاملة خاصة في قبال غيرها من عقود المعاوضات، نظير التمليك بالعوض كالهبة المعوضة والقرض، فتقتضي حينئذ ملك المسمى، بلا حاجة إلى معاوضة أخرى صحيحة. ودعوى: أنها خارجة عن المعاوضات المتعارفة - لو تمت - غير قادحة، كدعوى أنها مع الغرر، إذ هي ممنوعة، وكذا دعوى أنها لا تتعلق بالكلي بل بالعين الخارجية، إذ فيها: أنها لا تقدح إذا كان المباح منفعة الدار، أو كانت الاجرة عينا خارجية. نعم لو كان المقصود باباحة الاجرة التي في الذمة أن تكون المنفعة هي العوض، كان الاشكال

 

===============

 

( 19 )

 

[ (مسألة 11) إذا قال: إم خصلت هذا الثوب فارسيا - أي: بدرز - فلك درهم، وإن خطته روميا - أي: بدرزين - فلك درهمان، فان كان بعنوان الاجارة بطل، لما مر من الجهالة (1)، وإن كان بعنوان الجعالة - كما هو ظاهر العبارة - ] في محله. مع إمكان دفعه بأنه لامانع من تعلق الاباحة بالكلي، ويكون المقصود إنه يبيح الاجرة بعوض فيه المنفعة، ودليل الصحة شامل للقسمين جميعا. (1) كما في السرائر وجامع المقاصد والمسالك وغيرها. وعن المبسوط والخلاف وجملة من كتب العلامة وغيره: الصحة. واختاره في الشرائع لعمومات الصحة. واشتراط العلم بالمنفعة - على نحو يمنع من مثل هذا الترديد - غير معلوم، بل دعوى الاجماع عليه تقتضي عدم الشمول لمثل المقام، لمخالفة الاعيان في البطلان. وأدلة نفي الغرر (10) قد عرفت الاشكال في شمولها للمقام، بل لو كان الغرر بمعنى الخطر فشموله له ممنوع، لعدم الخطر. وقد استدل أيضا بصحيحة محمد الحلبي المشار إليها في المسألة الاتية، لكن يأتي بيان المراد منها. نعم يمكن الاشكال على الصحة: بأن الاجارة بعد ما لم تكن على كل منهما لتضادهما، ولا على أحدهما المعين لانه خلاف المفروض، فلابد أن تكون على أحدهما المردد. والمردد لا يقبل أن يكون موضوعا للملكية ولا لنظائرها من الوضعيات، إذ لاخارجية له مصححة لذلك. لكن قد يدفع ذلك: أن هذا الاشكال يتم في المردد واقعا، وليس منه المقام فان الخياطة فارسية أو رومية لها تعين في الواقع بفعل العامل الخارجي. ويشكل: بأن هذا المتعين ليس موضوعا للملكية في الاجارة، وإلا كانت

 

 

____________

(* 1) تقدمت الاشارة إليها في صفحة: 7.

 

===============

 

( 20 )

 

[ صح. وكذا الحال إذا قال: إن عملت العمل الفلاني في هذا اليوم فلك درهمان وإن عملته في الغد فلك درهم. والقول بالصحة إجارة في الفرضين ضعيف. وأضعف منه القول بالفرق بينهما بالصحة في الثاني، دون الاول (1). وعلى ما ذكرناه من البطلان: فعلى تقدير العمل يستحق أجرة المثل وكذا في المسألة السابقة إذا سكن الدار شهرا أو أقل أو أكثر. (مسألة 12): إذا استأجره أو دابته ليحمله أو يحمل متاعه إلى مكان معين، في وقت معين، بأجرة معينة، كأن استأجر منه دابة لايصاله إلى كربلاء قبل ليلة النصف من شعبان، ولم يوصله، فان كان ذلك لعدم سعة الوقف وعدم ] الاجارة منوطة به، فإذا لم يفعل الاجير أحد الامرين فالاجارة باطلة من أصلها لعدم الموضوع، وهو - كما ترى - خلاف الضرورة العرفية، فان الاجارة ثابتة، وهي التي تدعو إلى العمل، فلاحظ. (1) هذا القول لم أقف على قائله، بل المعروف في كلماتهم اتحاد المسألتين قولا وقائلا ودليلا، ومن تأمل في إحداهما تأمل في الاخرى. نعم عن المبسوط والتحرير والكفاية: التأمل في الثاني مع الجزم بالصحة في الاول. وفي جامع المقاصد - بعد أن جزم بالصحة في الاول - قال في الثاني: " وفيه تردد... ثم قال: أظهره الجواز "، وهو يدل على أن الصحة في الاول أوضح منها في الثاني. نعم لعل منشأ القول المحكي في المتن: أن الثاني أقرب إلى مورد النصوص، التي يمكن أن يستدل بها على الصحة. لكنه يقتضي أن تكون الصحة في الثاني أظهر لا التفصيل المذكور.

 

===============

 

( 21 )

 

[ إمكان الايصال، فالاجارة باطلة (1)، وإن كان الزمان واسعا ومع هذا قصر ولم يوصله، فان كان ذلك على وجه العنوانية (2) ] (1) هذا الفرض يمكن فيه مجئ الوجهين الاتيين في الفرض الاتي بناء على ذلك. (2) الامور التي تذكر زائدة على موضوع الاجارة: تارة: لا يمكن أن تستقل بالجعل والانشاء، كزمان العمل ومكانه وآلته ونحو ذلك من متعلقاته، فهذه هي التي يتعين كونها ملحوظة على نحو التقييد. مثلا: إذا استأجره على خياطة ثوب، فالخيط والمخيط والزمان والمكان والفاعل - أعني: الخياط - والثوب ونحوها إذا ذكرت في ضمن العقد يتعين كونها قيودا للعمل، ولا يمكن أخذها شرطا مجعولا بجعل زائد على جعل الخياطة. وأخرى: يمكن أن تستقل بالجعل، كما لو كانت عملا آخر، فهذه تارة: تلحظ قيدا، وأخرى: تجعل بجعل زائد على مفاد الاجارة في ضمنه. مثلا: إذا استأجره على الخياطة فتارة: يلحظ قراءة القرآن قيدا للخياطة، فيقول: استأجرتك على خياطة الثوب قارئا للقرآن. وأخرى: تؤخذ شرطا في ضمن العقد، مجعولة بجعل آخر في ضمن جعل الاجارة، بأن يقول: استأجرتك على خياطة هذا الثوب، واشترطت عليك أن تقرأ القرآن في حال الخياطة أو قبلها أو بعدها. ثم إن ما يؤخذ قيدا تارة: يؤخذ على نحو وحدة المطلوب، وأخرى: على نحو تعدد المطلوب. فان كان على النحو الاول لم يستحق الاجير الاجرة لو جاء بالمستأجر عليه بدونه. وعلى النحو الثاني يستحق، لكن للمشترط خيار تخلف الوصف. ولعل ما في المتن إشارة إلى هذه الجهة، فالمقصود من قوله (ره): " على وجه الشرطية ": على نحو تعدد

 

===============

 

( 22 )

 

المطلوب، في قبال القيدية الذي هو على نحو وحدة المطلوب، لا التفصيل بين القيد والشرط، وإلا فقد عرفت أن الزمان لا ينبغي أن يكون ملحوظا بنحو الاشتراط، لانه لا يمكن أن يكون مجعولا بجعل مستقل. نعم الاشكال في تشخيص كون الاشتراط والتقييد على نحو وحدة المطلوب أو على نحو تعدده. والذي ذكروه في مبحث الوكالة: أن الموكل إذا عين السوق أو المكان أو السعر أو غير ذلك - تعين، ولو فعل الوكيل على خلاف ذلك كان تصرفه فضوليا محتاجا إلى إجازة. ومقتضاه أن التقييد على نحو وحدة المطلوب. وكذا في باب الوديعة والعارية وغيرهما من العقود الاذنية. ومقتضى ثبوت خيار الشرط، والوصف، والعيب، وخيار الاشتراط: أن القيد والشرط ملحوظان على نحو تعدد المطلوب، وكذا بناؤهم على أن الشرط الفاسد غير مفسد كما عليه المحققون. والفرق بين البابين غير ظاهر، ولاسيما بملاحظة أن الاذن كما تكون شرطا في صحة فعل الوكيل، كذلك تكون شرطا في صحة العقود، فعدم جواز التصرف في مال أحد الا باذنه شامل للجميع بنحو واحد. فكما أن الاذن في باب الوكالة ونحوها من العقود الاذنية مختصة بصورة وجود القيد ولا تشمل ذات المقيد العارية عن القيد، كذلك في موارد خيار العيب وتخلف الوصف ونحوهما. وإذا كانت الاذن في مورد خيار الوصف والعيب والشرط ملحوظة بنحو تعدد المطلوب، فلم لا تكون كذلك في باب الوكالة والعارية ونحوهما؟!. ولعل التحقيق: أن القيود والشروط في جميع الموارد مبنية على نحو وحدة المطلوب، ولافرق بين الوكالة والعارية والوديعة والاجارة ونحوها مما كان موضوع التصرف فيه عملا، وبين بيع السلف والنسيئة بالنسبة إلى المبيع والثمن ونحوهما مما كان موضوع التصرف فيه عينا ذميا، وبين

 

===============

 

( 23 )

 

بيع العين الخارجية الموصوفة بالوصف المفقود وبيع العين المعيبة، اللذين هما موضوع خيار تخلف الوصف وخيار العيب ونحوهما من موارد الخيار. وكذا في العقود التي لاخيار فيها، كتزويج الزوجة المعيبة بغير العيوب السبعة الموجبة للخيار، فان الاذن المعتبرة في صحة العقد، أو الايقاع، وفي جواز تصرف غير المالك كلها في الجميع على نحو واحد، غير قابل للتحليل والتجزئة بين ذات المقيد والمشروط. فذات المقيد في الجميع - مع قطع النظر عن القيد والشرط - لا إذن فيها ولارضا. ومقتضى ذلك وإن كان بطلان بيع فاقد الوصف، وبيع المعيب وفساد العقد والايقاع المشروطين بالشرط الفاسد، لكن خرجنا عن حكم العام بالدليل المخصص، وهو مادل على الخيار في تخلف الوصف، وفي موارد العيب من الاجماع أو النصوص أو بناء العقلاء. فان ذلك يدل على الاجتزاء بالاذن الضمنية في الصحة، وإن لم تكن قابلة للتحليل، وكانت واردة على المقيد، لا أن الاذن في الموارد المذكورة ملحوظة بنحو تعدد المطلوب، فيكفي في صحة بيع ذات المقيد وقوع البيع على المقيد عن إذن وإن كان القيد منتفيا. ويطرد ذلك حتى في الوكالة، فإذا وكله في شراء العبد الكاتب، فاشترى عبدا يعلم أنه ليس بكاتب، كان العقد فضوليا خارجا عن موضوع الوكالة. وإذا اشترى عبدا على أنه كاتب فتبين أنه ليس بكاتب، كان موضوعا للتوكيل وصح العقد، وكان للمشتري الخيار. فليس الفرق بين الموارد المذكورة سابقا: أن الاذن في بعضها على نحو تعدد المطلوب، وفي آخر على نحو وحدة المطلوب، بل الفرق الاجتزاء في بعضها بالاذن الواردة على المقيد لفقده القيد، وعدم الاجتزاء بها في بعضها الاخر. والمتحصل مما ذكرنا: أن الضابط في القيود هو أنها مبنية على نحو وحدة المطلوب، من دون فرق بين الاعمال والاعيان الذمية والخارجية.

 

===============

 

( 24 )

 

[ والتقييد لم يستحق شيئا من الاجرة، لعدم العمل بمقتضى الاجارة أصلا (1)، نظير: ما إذا استأجره ليصوم يوم الجمعة، ] ومقتضاه البطلان مع انتفاء القيد. خرجنا عن ذلك في خصوص الخارجيات العينية فانها تصح فيها العقود والايقاعات مع انتفاء القيد، اجتزاء من العقلاء بالاذن الواردة على المقيد، لا أن الاذن فيها منحلة إلى الاذن بذات المقيد، والاذن المقيد بما هو مقيد. هذا الكلام كله في القيود. وأما الشروط المجعولة بانشاء مستقل. فالظاهر أنها عند العقلاء كالخارجيات العينية، يجري عليها حكم تعدد المطلوب، فيجتزأ بالاذن الواردة على الشرط والمشروط فيها، وإن لم تكن الاذن فيها منحلة حقيقة إلى اذنين: إحداهما: متعلقة بالمشروط ذاته، والاخرى: متعلقة بالمشروط بما هو مشروط. والظاهر أنه لافرق بين الشرط الراجع لبا إلى القيد، مثل: مالو استأجره على أن يصلي عن ميت له واشترط عليه التحنك ولبس اللباس الابيض في صلاته، وبين ما لم يكن كذلك، كما لو استأجره على أن يصلي عن ميت له، واشترط عليه أن يخيط ثوبه. ومن ذلك يظهر: أن القيود في الاجارة إن كانت قيودا للعمل المستأجر عليه فهي على نحو وحدة المطلوب، وإن كانت قيودا للعين المستأجرة فهي على نحو تعدد المطلوب. كما يظهر أن الايصال في الوقت المعين في المثال الذي ذكره في المتن لا يكون إلا على نحو التقييد، ولا يمكن أن يكون على نحو الشرطية، لامتناع إنشائه بانشاء مستقل. فلاحظ. (1) كما هو ظاهر النصوص الواردة في الموارد المختلفة، الظاهرة في أن الاجير إذا لم يأت بالعمل المستأجر عليه لا يترتب أثر على الاجارة. وكذا ظاهر الفقهاء. وإن كان مقتضى القواعد استحقاق الاجير المسمى، وضمانه لقيمة العمل كما لو تعذر تسليم الثمن بعدما كان مقدورا عليه.

 

===============

 

( 25 )

 

[ فاشتبه وصام يوم السبت. وإن كان ذلك على وجه الشرطية، بأن يكون متعلق الاجارة الايصال إلى كربلاء، ولكن اشترط عليه الايصال في ذلك الوقت، فالاجارة صحيحة والاجرة المعينة لازمة، لكن له خيار الفسخ من جهة تخلف الشرط، ومعه يرجع إلى أجرة المثل. ولو قال: وإن لم توصلني في وقت كذا فالاجرة كذا، أقل مما عين أولا، فهذا أيضا قسمان (1). قد يكون ذلك بحيث يكون كلتا الصورتين - من الايصال في ذلك الوقت، وعدم الايصال فيه - موردا للاجارة (2)، ] ثم إن عدم ترتب الاثر على الاجارة يمكن أن يكون على نحو البطلان، وأن يكون على نحو الصحة لكن لا يكون لاحدهما حق المطالبة بالعوض. والظاهر هو الثاني كما عبر به المصنف (ره). والظاهر أنه هو مراد الاصحاب والمستفاد من النصوص، كما يظهر ذلك من كلماتهم في مالو اشترط نقص الاجرة لو جاء بالعمل المستأجر عليه في غير الوقت المعين له بالاجارة. فان الاجارة لو كانت باطلة كان الشرط كذلك، فلا يستحق الاجير الاجرة ناقصة. مع بنائهم على صحة الشرط، فانتظر ما يأتي في ذيل المسألة. (1) الظاهر من الفرض الاختصاص بالقسم الثاني ولا يجئ فيه القسم الاول، وإنما يجئ في الاجارة على المردد بين الايصالين، كما صرح بذلك غير واحد. (2) بنحو لو صح اقتضى اشتغال ذمته بأحدهما تخييرا، بخلاف الصورة الاتية، فان عقد الاجارة إنما يقتضي اشتغال الذمة بالايصال في الوقت تعيينا، فيجب فعله تعيينا.

 

===============

 

( 26 )

 

[ فيرجع إلى قوله: آجرتك بأجرة كذا، إن أوصلتك في الوقت الفلاني، وبأجرة كذا إن لم أوصلك في ذلك الوقت. وهذا باطل للجهالة، نظير ما ذكر في المسألة السابقة من البطلان إن قال: إن عملت في هذا اليوم فلك درهمان... وقد يكون مورد الاجارة هو الايصال في ذلك الوقت، ويشترط عليه أن ينقص من الاجرة (1) كذا على فرض عدم الايصال. والظاهر الصحة في هذه الصورة (2)، لعموم (المؤمنون عند شروطهم) (10) وغيره، مضافا إلى صحيحة محمد الحلبي (3). ] (1) يعنى: بنحو شرط النتيجة، أو أن يتملك منها بنحو شرط الفعل. (2) وعن المحقق الكركي وجماعة: البطلان، طرحا منهم للصحيح، أو حملا له على الجعالة، لمخالفته للقواعد من أجل التعليق والجهالة والابهام. وأنه كالبيع بثمنين. لكن الجميع كما ترى: إذ الاخير مبني على حمله على الصورة الاولى. وما قبله لادليل على قدحه في صحة الشرط، بل المحقق بناؤهم في غير مورد في عدم قدحه، فلاحظ. وحمل الصحيح على الجعالة بعيد جدا، لان الجعالة تقتضي إحداث الداعي إلى العمل بتوسط بذل الجعل، وظاهر الصحيح أن العمل غير مرغوب فيه للباذل، فلا وجه للحث على فعله والترغيب فيه. (3) قال: " كنت قاعدا إلى قاضي، وعنده أبو جعفر عليه السلام جالس، فجاء رجلان، فقال أحدهما: إني تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعا إلى بعض المعادن، فاشترطت عليه أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا، لانها سوق وأخاف أن تفوتني فان احتبست عن ذلك حططت

 

 

____________

(15) الوسائل باب: 20 من أبواب المهور حديث: 4.

 

===============

 

( 27 )

 

[ ولو قال: إن لم توصلني فلا أجرة لك، فان كان على وجه الشرطية، بأن يكون متعلق الاجارة هو الايصال الكذائي فقط، واشترط عليه عدم الاجرة على تقدير المخالفة، صح (1)، ويكون الشرط المذكور مؤكدا لمقتضى العقد. وإن كان على وجه القيدية، بأن جعل كلتا الصورتين موردا للاجارة، إلا أن في الصورة الثانية بلا أجرة، يكون باطلا. ولعل هذه الصورة مراد المشهور (2) ] من الكرى لكل يوم احتبسته كذا وكذا، وأنه حبسني عن ذلك اليوم كذا وكذا يوما. فقال القاضي: هذا شرط فاسد وفه كراه. فلما قام الرجل أقبل إلي أبو جعفر (ع) فقال: شرطه هذا جائز ما لم يحط بجميع كراه " (* 1). (1) كما ذكره الشهيد في اللمعة، حاملا للفرض على هذا القسم لاغير. نعم قد يأبى الصحة الصحيح المتقدم. اللهم إلا أن يحمل على صورة كون الزمان الخاص مأخوذا قيدا على نحو تعدد المطلوب، إذ حينئذ يكون فوات القيد موجبا للخيار، لاعدم وقوع العمل المستأجر عليه، كي لا يستحق الاجرة ويكون الشرط مؤكدا لمقتضى العقد كما هو المفروض في المتن، وعرفت أنه الاصل في القيود. (2) المظنون قويا: أن مورد كلام المشهور هنا وفي المسألة السابقة - أعني: مالو اشترط نقص الاجرة - هو خصوص صورة الشرط في ضمن عقد الاجارة الوارد على الايصال في الوقت المعين، فلا يشمل صورة وقوع الاجارة على المردد. ووجه تفصيلهم بالبناء على الصحة في الاولى والبطلان في الثانية: هو الصحيح لاغير. ولا بأس بالعمل به

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 13 من أبواب أحكام الاجارة: 2.

 

===============

 

( 28 )

 

[ القائلين بالبطلان (1) دون الاولى، حيث قالوا: ولو شرط سقوط الاجرة إن لم يوصله لم يجز. (مسألة 13): إذا استأجر منه دابة لزيارة للنصف من شعبان - مثلا - ولكن لم يشترط على المؤجر ذلك ولم يكن على وجه العنوانية أيضا، واتفق أنه لم يوصله، لم يكن له خيار الفسخ، وعليه تمام المسمى من الاجره. وإن لم يوصله إلى كربلاء أصلا سقط من المسمى بحساب ما بقي واستحق بمقدار ما مضى. وللفرق بين هذه المسألة وما مر في المسألة السابقة: أن الايصال هنا غرض وداع وفيما مر قيد أو شرط. ] بعد اعتباره في نفسه، واعتماد الاصحاب عليه. ومن ذلك يظهر ضعف ما في المتن من كون مراد القائلين بالبطلان صورة وقوع الاجارة على الامرين، فانه بعيد، وموجب التفكيك بين مورد البطلان - في كلامهم - ومورد الصحة، لانها في خصوص صورة وقوع الاجارة على الايصال في الوقت المعين، وجعل نقص الاجرة على تقدير عدمه من قبيل الشرط، فان هذا التفكيك بعيد. وأبعد من ذلك ما في الروضة من جعل مورد الصحة والبطلان معا صورة وقوع الاجارة على الامرين على نحو الترديد. فان ذلك أيضا بعيد عن مذاقهم من اعتبار في الاجارة، وإن تقدم القول بالصحة من جماعة في المسألة الحادية عشر، فلاحظ. (1) بل عن بعض: أنه لا خلاف فيه إلا من أبي علي.

 

===============

 

( 29 )

 

[ فصل الاجارة من العقود اللازمة (1)، لا تنفسخ إلا بالتقابل أو شرط الخيار لاحدهما أو كليهما إذا اختار الفسخ. نعم الاجارة المعاطاتية جائزة (2)، يجوز لكل منهما للفسخ، ما لم تلزم بتصرفهما، أو تصرف أحدهما فيما انتقل إليه. (مسألة 1): يجوز بيع العين المستأجرة قبل تمام مدة الاجارة، ولا تنفسخ الاجارة به (3)، فتنتقل إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدة الاجارة، نعم للمشتري مع جهله بالاجارة خيار فسخ البيع (4) لان نقص المنفعة عيب (5)، ولكن ] فصل (1) بلا خلاف، بل عليه الاجماع محكي. ويشهد له غير واحد من النصوص (* 1). مضافا إلى عمومات اللزوم. (2) بناء على تمامية الاجماع على عدم لزوم المعاطاة إلا بملزمات مخصوصة مذكورة في محلها. (3) بلا خلاف ولا إشكال. ويشهد له جملة من النصوص (* 2). (4) كما صرح به جمع كثير، بل عن الغنية: الاجماع عليه. (5) لان مبني المعاوضات على التسليم والانتفاع، وهو متعذر بالاجارة.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 7، 15 من أبواب الاجارة حديث: 1. (* 2) الوسائل باب: 24 من أبواب الاجارة.

 

===============

 

( 30 )

 

[ ليس كسائر العيوب مما يكون المشتري معه مخيرا بين الرد والارش، فليس له أن لا يفسخ ويطالب بالارش، فان العيب الموجب للارش ما كان نقصا في الشئ في حد نفسه، مثل العمى والعرج وكونه مقطوع اليد أو نحو ذلك، لامثل المقام الذي العين في حد نفسها لاعيب فيها. وأما لو علم المشتري أنها مستأجرة ومع ذلك أقدم على الشراء، فليس له الفسخ ايظا. نعم لو اعتقدك. ن مدة الايجارة كذا مقدارا، فبان أنها أزيد، له الخيار أيضا (1). ولو فسخ المستأجر الاجارة رجعت المنفعة في بقية المدة إلى البائع، لا إلى المشتري (2). ] أو لان من الشرائط الارتكازية كون العين مستتبعة للمنفعة، فإذا فات الشرط المذكور كان له خيار تخلف الشرط. وبالجملة: نقص المنفعة خلاف الاصل المعول عليه عند العقلاء، كأصالة الصحة، فيكون الخيار من قبيل خيار الرؤية. (1) لفوات الزيادة عليه من دون إقدام. (2) هذا لا يخلو من نظر، لانه خلاف مقتضى تبعية المنفعة للعين. ومجرد كون مقتضى الفسخ رجوع كل من العوضين إلى حاله قبل العقد غير كاف في ذلك، لان المنفعة إنما كانت ملكا للبائع قبل العقد، لانها تابعة للعين فيملكها مالك العين، فإذا تبدل المالك للعين كان مقتضى التبعية رجوعها إلى المشتري. وكأنه لما ذكرنا احتمل في التذكرة - على ما حكي - رجوع المنفعة إلى المشتري وبذلك يظهر الفرق بين المسألة وبين ما إذا آجر العين على شخص، ثم المستأجر اجرها ثانيا على ثالث، ثم باع المالك العين ففسخت الاجارة الثانية، فان فسخها يوجب رجوع المنفعة

 

===============

 

( 31 )

 

[ نعم لو اعتقد البائع والمشتري بقاء مدة الاجارة، وأن العين مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا، وتبين أن المدة منقضية، فهل منفعة تلك المدة للبائع، حيث أنه كأنه شرط كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا (1)، أو للمشتري، لانها تابعة للعين ما لم تفرز بالنقل إلى الغير، أو بالاستثناء، والمفروض عدمها؟ وجهان. والاقوى: الثاني. نعم لو شرطا كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا بعد اعتقد بقاء المدة، كان لما ذكر وجه (2). ثم بناء على ما هو الاقوى من رجوع المنفعة في الصورة السابقة إلى المشتري، فهل للبائع الخيار أو لا؟. وجهان لا يخلوا أو لهما ] إلى المستأجر الاول، لانه ملكها بالعقد لا بالتبعية. وبالجملة: رجوع كل من العوضين إلى محله السابق بالفسخ، ليس لان الفسخ يقتضي ذلك، بل لان الفسخ يبطل العقد، فيرجع كل من العوضين إلى ما يقتضيه السبب السابق. ففي المقام يرجع إلى ما تقضيه التبعية إذا الفسخ، والتبعية إنما تقتضي الرجوع إلى ملك مالك العين، وهو المشتري لا المؤجر. (1) مجرد الاعتقاد لا يقتضي ذلك كما لا يخفى. (2) في بعض الحواشي: " لكنه غير موجه، إذ الشرط في المقام بمنزلة التوصيف لا الاستثناء فلا أثر له " يعني: في جعل المنفعة للبائع. بل محض الاستثناء أيضا بمنزلة التوصيف لا يقتضي ثبوت المنفعة للبائع، وإنما الذي يقتضي ذلك إنشاء كونها للبائع، لكنه لا يتيسر ذلك مع اعتقاد أنها للمستأجر.

 

===============

 

( 32 )

 

[ من قوة (1)، خصوصا إذا أوجب ذلك له الغبن. هذا إذا بيعت المستأجرة على غير المستأجر. أما لو بيعت عليه: فقي انفساخ الاجارة وجهان (2). أقواهما: العدم (3). ويتفرع على ذلك أمور: منها: اجتماع الثمن والاجرة عليه حينئذ. ومنها: بقاء ملكه للمنفعة في مدة تلك الاجارة لو فسخ البيع بأحد أسبابه، بخلاف ما لو قيل بانفساخ الاجارة. ومنها: إرث الزوجة من المنفعة في تلك المدة (4)، لو مات الزوح المستأجر بعد شرائه لتلك العين، وإن كانت مما لا ترث الزوجة منه، بخلاف ما لو قيل بالانفساخ بمجرد البيع (5). ] (1) لماعرفت من أن الخيار في المقام من قبيل خيار الرؤية، ولافرق فيه بين المشتري والبائع. وقد استظهر شيخنا الاعظم في مكاسبه الاتفاق على عدم الفرق في خيار الرؤية بين البائع والمشتري. (2) بل قولان. (3) كما هو المشهور. وعن الارشاد: الانفساخ، لان أثر الاجارة الانتفاع بمال الغير وهذا لا يبقى بعد البيع، ولانه يلزم اجتماع العلتين على معلول واحد، لان المنفعة حينئذ تكون مملوكة بالاجارة والتبعية. وضعفه بالتأمل ظاهر. (4) لانها مملوكة أصالة بالاجارة. (5) فان المنافع تكون مملوكة للموروث بالتبعية للعين، فإذا كانت الزوجة لا ترث من العين لا ترث مما هو تابع لها.

 

===============

 

( 33 )

 

[ ومنها: رجوع المشترى بالاجرة لو تلف العين بعد قبضها وقبل انقضاء مدة الاجارة، فان تعذر استيفاء المنفعة يكشف عن بطلان الاجارة ويوجب الرجوع بالعوض، وإن كان تلف العين عليه. (مسألة 2): لو وقع البيع والاجارة في زمان واحد - كما لو باع العين مالكها على شخص وآجرها وكيله على شخص آخر، واتفق وقوعهما في زمان واحد - فهل يصحان معا ويملكها المشتري مسلوبة المنفعة كما لو سبقت الاجارة، أو يبطلان معا للتزاحم في ملكية المنفعة، أو يبطلان معا بالنسبة إلى تمليك المنفعة فيصح البيع على أنها مسلوبة المنفعة تلك المدة فتبق المنفعة على ملك البائع؟ وجوه. أقواها: الاول، لعدم التزاحم، فان البائع لا يملك المنفعة وإنما يملك العين (1) وملكية العين توجب ملكية المنفعة للتبعية، وهي متأخرة عن الاجارة. (مسألة 3): لا تبطل الاجارة بموت المؤجر ولا بموت المستأجر على الاقوى (2). نعم في إجارة العين الموقوفة، إذا آجر البطن السابق تبطل بموته بعد الانتقال إلى ] (1) بالتشديد، يعني: أن البائع إنما يبيع العين ولا يملك المشتري المنفعة، بل يملكه العين، والمنفعة يملكها المشتري بالتبعية. والملكية بالتبعية إنما تكون حيث لا يكون مقتض لملكية أخرى، فإذا آجر الوكيل فقد ملك المستأجر المنفعة بعقد الاجارة، المانع من تأثير التبعية. (2) كما هو المشهور بين المتأخرين. وفي المسالك: نسبته إليهم أجمع

 

===============

 

( 34 )

 

[ البطن اللاحق، لان الملكية محدودة. ومثله مالو كانت المنفعة موصى بها للمؤجر مادام حيا. بخلاف ما إذا كان المؤجر هو ] والمشهور بين القدماء أنها تبطل بالموت مطلقا. وقيل: لا تبطل بموت المؤجر، وتبطل بموت المستأجر، ونسب إلى أكثر أصحابنا. وقد يستدل للبطلان بموثق إبراهيم بن محمد الهمداني: " قال: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام وسألته: عن امرأة آجرت ضيعتها عشر سنين، على أن تعطى الاجارة (الاجرة خ ل) في كل سنه عند انقضائها، لا يقدم لها شئ من الاجارة (الاجرة خ ل) ما لم يمض الوقت، فماتت قبل ثلاث سنين أو بعدها، هل يجب على ورثتها انفاذ الاجرة إلى الوقت أم تكون الاجارة منتقضة (منقضية خ ل) بموت المرأة؟ فقال عليه السلام: إن كان لها وقت مسمى لم يبلغ فماتت فلورثتها تلك الاجارة، فان لم تبلغ ذلك الوقت وبلغت ثلثه أو نصفه أو شيئا منه، فتعطى ورثتها بقدر ما بلغت من ذلك الوقت إن شاء الله " (* 1). بناء على أن الظاهر أن المراد من قوله عليه السلام: " فلورثتها تلك الاجارة ": أن الاجارة لا تبطل من أصلها، بل من حين الموت، بقرينة ما بعده مما هو ظاهر في توزيع الاجرة، بنسبة زمان الحياة إلى مجموع المدة. وفي مجمع البرهان: ادعى صراحتها في الدلالة على عدم بطلانها بموت المؤجر. وكأنه استند في ذلك إلى ظاهر قوله (ع): " فلورثتها تلك الاجارة " في أن الاجارة صحيحة. وحمل ما بعده على أن الورثة يستحقون الاجرة، على حسب التوقيت الصادر في عقد الاجارة. ولكنه كما ترى وإن وافقه عليه جماعة، فانه غير ظاهر، بل الظاهر ما ذكرنا وإن كان لا يخلو من خفاء.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 25 من أبواب الاجارة حديث: 1.

 

===============

 

( 35 )

 

[ المتولي للوقف وآجر لمصلحة البطون إلى مدة، فانها لا تبطل بموته، ولا بموت البطن الموجود حال الاجارة. وكذا تبطل إذا آجر نفسه للعمل بنفسه (1) من خدمة أو غيرها، فانه إذا مات لا يبقى محل للاجارة. وكذا إذا مات المستأجر الذي هو محل العمل من خدمة أو عمل آخر متعلق به بنفسه. ولو جعل العمل في ذمته لا تبطل الاجارة بموته، بل يستوفى من تركته. وكذا بالنسبة إلى المسأجر إذا لم يكن محلا للعمل، بل كان مالكا له على المؤجر، كما إذا آجره للخدمة من غير تقييد بكونها له، فانه إذا مات تنتقل إلى وارثه، فهم يملكون عليه ذلك العمل. وإذا آجر الدار واشترط على المستأجر سكناه بنفسه لا تبطل بموته (2)، ويكون للمؤجر خيار الفسخ. نعم إذا اعتبر سكناه على وجه القيدية تبطل بموته. (مسألة 4): أذا آجر الولي أو الوصي الصبي المولى عليه مدة تزيد على زمان بلوغه ورشده، بطلت في المتيقن ] (1) في بعض الحواشي: " انه يختص البطلان بما إذا كان متعلق الاجارة هو منفعة نفسه، ولو كان المتعلق هو الخدمة ونحوها كليا، وشرط المباشرة بنفسه فللمستأجر الخيار " وفيه: ما عرفت من أن شرط المباشرة راجع إلى تقييد المنفعة، وعرفت أن التقييد في الكليات على نحو وحدة المطلوب، فلا مجال للخيار. وكذا الحكم في الفرض الآخر. اللهم إلا أن تكون العبارة المؤدية إلى التقييد ظاهرة في كونه على نحو تعدد المطلوب. (2) قد عرفت أن الشرط في المقام راجع إلى القيد، وأن التقييد في المقام على نحو وحدة المطلوب.

 

===============

 

( 36 )

 

[ بلوغه فيه، بمعنى: أنها موقوفة على إجازته، وصحت واقعا وظاهرا بالنسبة إلى المتيقن صغره، وظاهرا بالنسبة إلى المحتمل فإذا بلغ له أن يفسخ على الاقوى، أي: لا يجيز، خلافا لبعضهم (1) فحكم بلزومها عليه لوقوعها من أهلها في محلها، في وقت لم يعلم لها مناف. وهو كما ترى. نعم لو اقتضت المصلحة - الملازمة المراعاة - إجارته مدة زائدة على زمان البلوغ، بحيث تكون إجارت أقل من تلك المدة خلاف مصلحته تكون لازمة ليس له فسخها بعد بلوغه. وكذا الكلام في إجارة أملاكه. (مسألة 5): إذا آجرت امرأة نفسها للخدمة مدة معينة، فتزوجت قبل انقضائها، لم تبطل الاجارة، وإن كانت الخدمة لاستمتاع الزوج (2). ] (1) حكي ذلك عن الخلاف، معللا له بما ذكر. ورده في الجواهر بالمنع. لكن مقتضى ولايته على الطفل في جميع ماله الولاية عليه من ماله ونفسه، صحة ما ذكر، إذ لاريب في أن للانسان السلطنة على منافعه المستقبلة، فتكون لوليه السلطنة عليها. كما أن الحكم في أمواله كذلك. والفرق بينهما غير ظاهر. فالاقوى حينئذ عدم جواز فسخه ونفوذ تصرف الولي. اللهم إلا أن يستشكل في ثبوت اطلاق لدليل الولاية يقتضي ذلك في نفسه. وأما ماله: فاطلاق قوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن...) (* 1). كاف في اثبات نفوذ التصرف. (2) لان حق الاستمتاع يختص بغير صورة المزاحمة للواجب المجعول

 

 

____________

(* 1) الانعام: 152.

 

===============

 

( 37 )

 

[ (مسألة 6): إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ثم أعتقه (1) لا تبطل الاجارة بالعتق، وليس له الرجوع على مولاه بعوض تلك الخدمة في بقية المدة (2)، لانه كان مالكا لمنافعه أبدا وقد استوفاها بالنسبة إلى تلك المدة. فدعوى: أنه فوت على العبد ما كان له حال حريته، كما ترى. نعم يبقى الكلام في نفقته في بقية إن لم يكن شرط كونها على المستأحر. وفي المسألة وجوه: أحدها: كونها على المولى (3) لانه حيث استوفى بالاجارة منافعه فكأنه باق على ملكه (4). ] بالاجارة السابقة، ولا مجال لدعوى العكس، فيقال: الاجارة باطلة لعدم القدرة على التسليم، لان التحقيق في العلل الشرعية، التي يكون بعضها مزاحما للاخر، الترجيح بالسبق واللحوق، فيكون الاثر للسابق دون اللاحق. ومن ذلك يظهر أنه لو نذر أن يزور الحسين عليه السلام يوم عرفة فاستطاع، كان النذر مقدما على الاستطاعة، ولو استطاع ثم نذر كانت الاستطاعة مقدمة على النذر. (1) صح العتق قولا واحدا لعموم أدلته، كما في الجواهر. وكذا ذكر في صحة الاجارة، وعن إيضاح النافع: أنه ربما قيل بالبطلان. وفي الجواهر: ان الظاهر أن القول بذلك لبعض الشافعية. (2) حكي جواز الرجوع عن الشافعي في القديم. وعن الشيخ والحلي حكايته قولا، ولم يعلم أنه لاصحابنا. (3) حكي ذلك عن القواعد. وفي الجواهر: ضعفه واضح، ضرورة أن المقتضي لها الملك، وقد زال. (4) هذا التنزيل غير ظاهر الوجه.

 

===============

 

( 38 )

 

[ الثاني: أنه في كسبه إن أمكن له الاكتساب لنفسه في غير زمان الخدمة (1) وان لم يمكن فمن بيت المال (2) وإن لم يكن فعلى المسلمين (3) كفاية (4). الثالث: أنه إن لم يمكن اكتسابه في غير زمان الخدمة ففي كسبه وان كان منافيا للخدمه (5). الرابع: أنه من كسبه ويتعلق مقدار ما يفوت منه من الخدمة بذمته. الخامس: أنه من بيت المال من الاول. ولا يبعد قوة الوجه الاول. ] (1) الظاهر أن هذه الصورة خارجة عن محل الكلام والخلاف، وعلى هذا يرجع الثاني إلى الخامس. (2) لكن في كون نفقته من مصارف بيت المال إشكال، فان بيت مال الخراج يصرف في المصالح العامة. اللهم إلا أن يكون ترك الانفاق عليه مهانة عامة للمسلمين. (3) المقدار اللازم على المسلمين حفظه عن الهلاك، أما النفقة المتعارفة فلا دليل على وجوبها على أحد. (4) فان لم يمكن ففي كسبه أو غيره، مقتصرا على مقدار الضرورة، نظير أكل مال غيره عند المخمصة. (5) وفيه: أنه تصرف في مال الغير من دون مسوغ ظاهر. مع أنه لافرق بين كسبه وساير أموال المستأجر وغيره. وما في الجواهر: من أن النفقة مقدمة على كل واجب. فيه: أن ذلك يتم لو كان الواجب عليه الخدمة في ذمته، وليس هو مقتضى الاجارة، لانها واقعة على

 

===============

 

( 39 )

 

[ (مسألة 7): إذا وجد المستأجر في العين المستأجرة عيبا سابقا على العقد وكان جاهلا به، فان كان مما تنقص به المنفعة فلا إشكال في ثبوت الخيار له بين الفسخ والابقاء (1) والظاهر عدم جواز مطالبته الارش فله الفسخ أو الرضا بها مجانا (2). نعم لو كان العيب مثل خراب بعض بيوت الدار ] منافعه لاعلى ذمته، ومنافعه بالاجارة مال للمستأجر كسائر أمواله، فإذا جاز له التصرف في كسبه جاز له التصرف في مال المستأجر غير الخدمة، وهو كما ترى. (1) قد نفى الخلاف فيه غير واحد، وتأتي في هذه المسألة الاشارة إلى وجهه، وأنه إما من قبيل خيار تخلف الوصف، أو هو مقتضى حديث لاضرر (* 1). (2) حكي عليه اتفاق الاصحاب إلى زمان الشهيد، فتردد فيه في اللمعة، وتبعه غيره فيه. وعن جامع المقاصد: أن الاصح ثبوته. وهو في محله لو كان الناقص جزءا ملحوظا بالاجارة مقابلا به جزءا من الاجرة فانه يكون من قبيل الخراب لبعض البيوت. أما إذا لم يكن كذلك، بل كان من قبيل الوصف الموجب لنقص المالية، - كبطء السير في الدابة - فلا وجه له ظاهر. وكونه منشأ لنقص المالية غير كاف في لزوم إرجاع بعض الاجرة كما لا يخفى. وثبوت الارش في العيب في المبيع لدليل يخصه، لا يصحح البناء عليه في المقام بعد كونه خلاف القاعدة. بل في الفرض الاول إنما الثابت التقسيط، كما عبر به في المتن في خراب بعض بيوت الدار، لا الارش المصطلح الذي هو تدارك لنقص المالية ولو بمال أجنبي

 

 

____________

(* 1) راجع الوسائل باب: 16 من أبواب الخيار في كتاب البيع، وباب: 5 من كتاب الشفعة، وباب: 7، 12 من كتاب احياء الموات.

 

===============

 

( 40 )

 

[ فالظاهر تقسيط الاجرة (1)، لانه يكون حينئذ من قبيل تبعض الصفقة (2). ولو كان العيب مما لا تنقص معه المنفعة كما إذا تبين كون الدابة مقطوعة الاذن أو الذنب، فربما يستشكل في ثبوت الخيار معه (3). لكن الاقوى ثبوته إذا كان مما يختلف به الرغبات وتتفاوت به الاجرة. وكذا له ] عن الاجرة، مع كون المعاملة باقية على حالها بلا تبعض فيها. فدعوى: عدم جواز مطالبة الارش - كما في المتن - في محله. (1) لما عرفت، وإن كان اطلاق قولهم: عدم ثبوت الارش ولو مع فوات بعض المنفعة، يقتضي عدمه في المقام، إلا أنه منزل على الصورة السابقة. (2) وحينئذ يكون له الخيار في الباقي، كما في سائر موارد تبعض الصفقة. (3) وإن كان يقتضيه اطلاق كلامهم، بل عن غير واحد التصريح به، واستدل له: بأن الصبر على المعيب ضرر. وهو - كما ترى - ممنوع على اطلاقه. وبالجملة: إن كان دليل الخيار في المقام هو: " لاضرر... "، فيقتضي اختصاصه بصورة الضرر. وان كان هو دليل خيار العيب في المبيع، فلو بني على التعدي عن البيع فانما هو فيما لو كان العوض معيبا، والعوض في الاجارة المنفعة والاجرة، لا العين. مع أن تصور العيب بالمعنى المعتبر في عيب المبيع بالنسبة إلى المنافع غير ظاهر، إذ ليس لها خلقة أصلية يكون النقص عنها عيبا. وكذا لو كان دليل خيار تخلف الوصف، من جهة اعتماد المستأجر على أصالة الصحة، فانه أيضا يختص بالاعواض، ولا يجري في غيرها، إذ لاريب في أنه لاخيار للاجير لو استؤجر على خياطة ثوب، وتبين بعد الاجارة أنه معيب. وكذا لو استؤجر على حمل متاع فتبين أنه معيب. وبالجملة: دليل الخيار في المقام

 

===============

 

( 41 )

 

[ الخيار إذا حدث فيها عيب بعد العقد وقبل القبض (1)، بل بعد القبض أيضا، وان كان استوفى بعض المنفعة ومضى بعض المدة (2). هذا إذا كانت العين شخصية. وأما إذا ] إما حديث لاضرر، أو دليل خيار تخلف الشرط، وكلاهما غير مطرد. ولاجل ذلك يتعين التفصيل المذكور في المتن. (1) إما لقاعدة التلف قبل القبض الحاكمة بأنه من مال الناقل، فيكون العقد كأنه وقع على الفاقد. وفيه: أنه لو تم ذلك في تلف وصف المبيع، فالتعدي إلى المقام يحتاج إلى دليل. وإما لان مبنى المعاوضة على التسليم والتسلم للعوضين على ماهما عليه، فكما يثبت الخيار بتعذر تسليم العين، كذلك يثبت الخيار بتعذر تسليمها على ماهي عليه من الوصف ولو لاجل تلف الوصف. وإما لاجل أن تلف الوصف يكشف عن تلفه وانتفائه في نفسه، كما في تلف العين المستأجرة ولو بعد العقد والقبض، كما يأتي في الفصل اللاحق. ولاجله تصح دعوى ثبوت الخيار في مالو حدث العيب بعد القبض، لان الاقدام كان على الانتفاع بالعين وهي على الوصف الخاص لا مطلقا، فالتخلف يستوجب الخيار. (2) كما في محكي التذكرة، واختاره في الجواهر وغيرها. لان تسليم المنفعة تدريجي بتدرج زمانها، فإذا حدث العيب فقد حدث قبل تسليم المعيب، وقد عرفت ثبوت الخيار حينئذ. هذا مضافا إلى الوجه الماضي في صورة حدوث العيب قبل القبض وبعد العقد من أن التلف حينئذ كاشف عن عدم المنفعة الصحيحة. لكن الوجه الاول قد ينافيه بناؤهم على عدم الخيار لو غصبت العين بعد القبض. والوجه الاخير ينافيه بناؤهم على الانفساخ من حين التلف، فيما لو تلفت العين المستأجرة بعد القبض، كما سيأتي في الفصل الآتي. فتأمل.

 

===============

 

( 42 )

 

[ كانت كلية وكان الفرد المقبوض معيبا، فليس له فسخ العقد (1) بل له مطالبة البدل. نعم لو تعذر البدل كان له الخيار في أصل العقد (2). (مسألة 8): إذا وجد المؤجر عيبا سابقا في الاجرة ولم يكن عالما به كان له فسخ العقد، وله الرضا به. وهل له مطالبة الارش معه؟ لا يبعد ذلك، بل ربما يدعى عدم الخلاف فيه (3). لكن هذا إذا لم تكن الاجرة منفعة عين، وإلا فلا أرش فيه (4) مثل ما مر في المسألة السابقة من كون العين المستأجرة معيبا (5). هذا إذا كانت الاجرة عينا شخصية. ] (1) كما صرح به غير واحد من دون خلاف فيه، لعدم المقتضي للخيار في العقد. (2) لتعذر تسليم العوض الذي عليه مبنى المعاوضة، ولذا يستتبع الخيار (3) بل هو المصرح به في كلام جماعة، بل في مفتاح الكرامة وغيره: لاأجد فيه خلافا. فان تم إجماع عليه - كما استظهره غير واحد - فهو الحجة. وإلا ففيه إشكال، لاختصاص دليله بالبيع فالتعدي إلى المقام وغيره من سائر المعاوضات غير ظاهر، والاصل ينفيه، وإن حكي عن المحقق القول به في عوض الخلع. وفي القواعد: القول به فيه، وفي عوض الهلة ومال الكتابة. وعن المسالك: القول به في المهر. وفي محكي الروضة: القول به في الصلح على وجه قوي. إلا أن ثبوت الاجماع بهذا المقدار على ثبوته كليا في المعاوضات ممنوع جدا. ولذا جزم بعدمه بعض في بعضها. لكن كان المناسب عدم الفرق فيها لانها جميعا من واد واحد. (4) كما نص على ذلك في الجواهر. (5) لما مر أيضا.

 

===============

 

( 43 )

 

[ وأما إذا كانت كلية، فله مطالبة البدل لافسخ أصل العقد، إلا مع تعذر البدل على حذو ما مر في المسألة السابقة. (مسألة 9): إذا أفلس المستأجر بالاجرة، كان للمؤجر الخيار بين الفسخ واسترداد العين، وبين الضرب مع الغرماء (1)، نظير ما إذا أفلس المشتري بالثمن، حيث ان للبايع الخيار إذا وجد عين ماله. (مسألة 10): إذا تبين غبن المؤجر أو المستأجر فله الخيار، إذا لم يكن عالما به حال العقد (2) إلا إذا اشترطا سقوطه في ضمن العقد. (مسألة 11): ليس في الاجارة خيار المجلس ولا خيار الحيوان، بل ولا خيار التأخير على الوجه المذكور في ] (1) بلا خلاف، كما عن غير واحد. وصرح به جماعة من القدماء والمتأخرين، إلحاقا للاجارة بالبيع الثابت فيه بالاجماع والنصوص. (* 1) وبعضها وإن لم يكن مختصا بالبيع إلا أنه ظاهر في العين، (* 2) فالحاق المنافع بها يحتاج إلى تنقيح المناط، كما هو ظاهرهم، وإن كان المحكي عن بعض: تكلف إدراج المنفعة في بعض تلك النصوص. (2) بناء على استفادة الخيار في البيع من عموم نفي الضرر، فانه كما يشمل البيع يشمل الاجارة وغيرها من العقود المالية. أما إذا كان المستند الاجماع، فثبوته في الاجارة غير ظاهر، فان كثيرا من الاصحاب أهمل ذكره في المقام.

 

 

____________

(* 1) الوسائل باب: 5 من أبواب احكام الحجر. (* 3) الوسائل باب: 13 من أبواب أحكام المضاربة: 1.

 

===============

 

( 44 )

 

[ البيع (1)، ويجري فيها خيار الشرط حتى للاجنبي، وخيار العيب، والغبن كما ذكرنا، بل يجري فيها سائر الخيارات كخيار الاشتراط، وتبعض الصفقة، وتعذر التسليم، والتفليس والتدليس، والشركة، وما يفسد ليومه، وخيار شرط رد العوض، نظير شرط رد الثمن في البيع (2). (مسألة 12): إذا آجر عبده أو داره مثلا ثم باعه من المستأجر لم تبطل الاجارة، فيكون للمشتري منفعة العبد مثلا، من جهة الاجارة قبل انقضاء مدتها، لامن جهة تبعية للعين. ولو فسخت الاجارة رجعت إلى البايع (3). ولو مات بعد القبض رجع المشتري المستأجر على البايع، بما يقابل بقية المدة من الاجرة، وإن كان تلف العين عليه. والله العالم.